الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَن نبيط وَقد ذكرهَا السُّيُوطِيّ فِي أَوَاخِر الذيل". اهـ.
وَأورد الشَّيْخ الْفَاضِل نَاصِر الدّين الألباني الحَدِيث فِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة والموضوعة كَمَا أورد كل هَذِه الرِّوَايَات الْمُتَقَدّمَة إِنَّمَا أَحْبَبْت أَن أُعِيد الْقَارئ الْكَرِيم إِلَى أصل مرجع أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل فِي مثل هَذِه الْأَحْوَال وَأَشَارَ الشَّيْخ الألباني فِي هَذِه الرِّوَايَة إِلَى الْفرق بَين نبيط الصَّحَابِيّ ونبيط الْكذَّاب، وَقَالَ:"وَقد وقفت على نُسْخَة أَحْمد بن نبيط الْكذَّاب وَهِي من رِوَايَة أبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْحسن أَحْمد بن الْقَاسِم بن الريان الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بـ (اللكي) بِالْبَصْرَةِ فِي نهر دبيس قِرَاءَة عَلَيْهِ فِي صفر سنة سبع وَخمسين وثلاثمائة فَأقر بِهِ قَالَ: أَنبأَنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن نبيط بن شريط أَبُو جعر الْأَشْجَعِيّ بِمصْر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ قَالَ: حَدثنِي أبي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نبيط قَالَ: حَدثنِي أبي إِبْرَاهِيم بن نبيط عَن جده نبيط بن شَرط مَرْفُوعا فَذكر أَحَادِيث كَثِيرَة هَذَا مِنْهَا" اهـ.
قَالَ الذَّهَبِيّ: "فِي نُسْخَة أَحْمد بن نبيط هَذَا فِيهَا بلايا وَأحمد بن إِسْحَاق لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ فَإِنَّهُ كَذَّاب وَأقرهُ الْحَافِظ فِي اللِّسَان، والراوي أَحْمد بن الْقَاسِم ضَعِيف"، وَأحمد ابْن الْقَاسِم هَذَا قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان1 أَحْمد بن الْقَاسِم بن الريان (اللكي) لَهُ جُزْء عَال رَوَاهُ عَنهُ أَبُو نعيم الْحَافِظ لينه الْأَمِير ابْن مَاكُولَا.
وَقَالَ الْحسن بن عَليّ بن عَمْرو الزُّهْرِيّ: "لَيْسَ بالمرضي وَضَعفه الدَّارقطني فِي المؤتلف والمختلف". اهـ.
2 ج1 ص90.
3 ج1 ص606.
6-
الرِّوَايَة السَّادِسَة:
" إِنَّمَا أَصْحَابِي مثل النُّجُوم فَأَيهمْ أَخَذْتُم بقوله اهْتَدَيْتُمْ" الحَدِيث رَوَاهُ ابْن عبد الْبر فِي كِتَابه (جَامع بَيَان الْعلم وفضله) 2 من طَرِيق أبي شهَاب الحناط عَن حَمْزَة الْجَزرِي عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا ثمَّ قَالَ ابْن عبد الْبر: "وَهَذَا إِسْنَاد لَا يَصح وَلَا يرويهِ عَن نَافِع من يحْتَج بِهِ"، قلت وَآفَة هَذِه الرِّوَايَة حَمْزَة بن أبي حَمْزَة الْجَزرِي النصيبي، قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان3 قَالَ
2 ج1 ص90.
3 ج1 ص606.
ابْن معِين: "لَا يُسَاوِي فلسًا". وَقَالَ الإِمَام البُخَارِيّ: "مُنكر الحَدِيث"، وَقَالَ الدَّارقطني:"مَتْرُوك"، وَقَالَ ابْن عدي:"عَامَّة مَا يرويهِ مَوْضُوع"، ثمَّ سرد الذَّهَبِيّ بَعْضًا من مروياته الْمَوْضُوعَة مِنْهَا هَذِه الرِّوَايَة: "أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ
…
".
وَقَالَ الْحَافِظ فِي التَّقْرِيب: "حَمْزَة بن أبي جَعْفَر الْجعْفِيّ مَتْرُوك مُتَّهم بِالْوَضْعِ"، وَقَالَ ابْن حبَان:"ينْفَرد عَن الثِّقَات بالموضوعات حَتَّى كَأَنَّهُ الْمُعْتَمد لَهَا وَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ".اهـ.
قَالَ الْحَافِظ ابْن حزم الأندلسي1 وَكتب إِلَيّ أَبُو عمر يُوسُف بن عبد الْبر النمري إِن هَذَا الحَدِيث رُوِيَ أَيْضا من طَرِيق عبد الرَّحِيم بن زيد الْعمي وَمن طَرِيق حَمْزَة الْجَزرِي قَالَ: "وَعبد الرَّحِيم بن زيد وَأَبوهُ مَتْرُوكَانِ وَحَمْزَة الْجَزرِي مَجْهُول"، وَقد عرفنَا حَالَة كل وَاحِد مِنْهُم.
قَالَ ابْن حزم: "فقد ظهر أَن هَذِه الرِّوَايَة لَا تثبت أصلا بل لَا شكّ أَنَّهَا مكذوبة لِأَن الله تَعَالَى يَقُول فِي صفة نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} فَإِذا كَانَ كَلَامه عليه السلام فِي الشَّرِيعَة حَقًا كُله ووحياً فَهُوَ من الله تَعَالَى بِلَا شكّ، وَمَا كَانَ من الله تَعَالَى فَلَا اخْتِلَاف فِيهِ بقوله تَعَالَى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} ".
إِلَى أَن قَالَ: "فَمن الْمحَال أَن يَأْمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاع كل قَائِل من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَفِيهِمْ من يحلل الشَّيْء وَغَيره يحرمه وَلَو كَانَ ذَلِك لَكَانَ بيع الْخمر حَلَالا اقْتِدَاء بسمرة بن جُنْدُب رضي الله عنه، ولكان أكل الْبرد للصَّائِم حَلَالا بِأبي طَلْحَة وحراماً بِغَيْرِهِ مِنْهُم، ولكان ترك الْغسْل من الإكسال جَائِزا اقْتِدَاء بعلي وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَأبي أَيُّوب وَأبي بن كَعْب وحراماً اقْتِدَاء بعائشة وَابْن عمر ولكان بيع التَّمْر قبل ظُهُور الطّيب فِيهَا حَلَالا اقْتِدَاء بعمر حَرَامًا اقْتِدَاء بِغَيْرِهِ مِنْهُم، ثمَّ استطرد ابْن حزم فِي ضرب الْأَمْثِلَة، وَقَالَ: وكل هَذَا مَرْوِيّ عندنَا بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة تركناها خوف التَّطْوِيل وَقد كَانَ الصَّحَابَة يَقُولُونَ بآرائهم فِي عصره عليه الصلاة والسلام فيبلغه ذَلِك فيصوب الْمُصِيب ويخطئ الْمُخطئ، فَذَلِك بعد مَوته عليه السلام أفشى
1 الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام ج6 ص810.
وأكره." اهـ1مُلَخصا من كَلَام ابْن حزم رحمه الله وَمن أَرَادَ التَّفْصِيل فَعَلَيهِ بِالْكتاب الْمشَار إِلَيْهِ.
بعد هَذَا لَيْسَ على الباحث الْمنصف وطالب الْحق إِذا قَالَ بعد اطِّلَاعه على هَذِه الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة المكذوبة لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِذا قَالَ: لَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث وَاحِد بِهَذِهِ الرِّوَايَات، وَبِهَذَا نتبين أَن الله حفظ هَذِه الشَّرِيعَة الغراء من كيد الدساسين الوضاعين والكذابين الآثمين، وَإِن الله قيض لهَذَا الدّين جهابذة يدافعون فِي سَبيله وينافحون عَمَّا علق بِهِ من الْكَذِب والأباطيل {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .
وَالله من وَرَاء الْقَصْد وَهُوَ الْهَادِي إِلَى سَوَاء السَّبِيل.
1 وَلَا يغتر الْقَارئ بِتَعَدُّد رِوَايَات هَذَا الحَدِيث لِأَن المتعدد لَا يجدي نفعا إِذا كَانَ مدَار كل رِوَايَة على كَذَّاب أَو مُتَّهم أَو فَاحش الْغَلَط فَمثل هَذَا النَّوْع لَا يُقَوي بعضه بَعْضًا لِأَنَّهُ يكون من (مثقل اسْتَعَانَ بذقنه) .