الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على العقل في كل الأمور المعول
…
ولولاه لم ينحل للمرء مشكل
وما العقل في الإنسان إلا ابن رأيه
…
تولد فيه آخر وهو أول
وللعقل أنوار بها يهتدي الفتى
…
وأبهج بأنوار لها العقل يرسل (1)
ويقول:
خضعت لعقلي في حياتي كلها
…
وما كنت يوماً خاضعاً لعواطفي (2)
وأيضاً:
دع المحال وكلم
…
بلهجة المستدل
ما كنت أقبل إلا
…
ما ليس يأباه عقلي (3)
وأيضاً:
قالوا اترك العقل لا تعمل به
…
حتى يؤيد حكمه المنقول
قلت اترك المنقول لا تعمل به
…
حتى يؤيد حكمه المعقول (4)
المدرسة العقلية الحديثة:
وفي عصر الزهاوي بدأت تتكامل ملامح مدرسة التجديد الديني التي غرس بذرها جمال الدين الأفغاني وتلاميذه في مصر. وهي المدرسة الوحيدة التي استطاعت مع بعض الاختلافات الطفيفة أن تشكل تياراً عقلانياً كتيار المعتزلة، فهو القاسم المشترك بين أعضائها وإن اختلفت وجهات كل واحد منهم في الأصول الدينية الأخرى.
والحديث عن هذه المدرسة العقلانية الحديثة –أعني مدرسة الأفغاني ومحمد عبده وتلاميذهما- مما يطول مداه وتكثر كلماته، حيث أن هذه المدرسة بحق قد خرَّجت كثيراً من العقلانيين المعاصرين الذي تتلمذوا على شيوخها مباشرة، أو عن طريق تراثهم، فأصبحوا يشكلون تياراً ضخماً في فترة من الفترات، فكان لهم رجالهم في السياسة وفي المجتمع وفي علوم الشريعة.. وهكذا في خليط عجيب لا يجمعهم سوى الالتقاء على مبادئ هذه العقلانية الجديدة التي زاحمت النصوص الشرعية وردت أو تأولت كثيراً منها بدعوى معارضتها للعقل أو للحضارة المادية المعاصرة.
فكان منهم: سعد زغلول وقاسم أمين وعبد العزيز جاويش وأحمد أمين ومحمود شلتوت..... الخ.
ثم تبع آثارهم من بعدهم كالغزالي والقرضاوي ومحمد عمارة وحسين أحمد أمين.
(1) الزهاوي وديوانه المفقود – هلال ناجي (83) .
(2)
المصدر السابق (84) .
(3)
المصدر السابق (84) .
(4)
المصدر السابق (84) .
ثم من بعدهم كفهمي هويدي .... وهكذا في سلسلة يطول الحديث عنها. وفي ظني أن هذه المدرسة لم تحظ إلى الآن بدراسة شاملة عن أفكارها وأفرادها المنتمين إليها.. إنما هي أشتات دراسات (1) .
فلعل نابتها يقوم بهذه المهمة المفيدة (لتستبين سبيل) هذه المدرسة الغامضة التي احتفى بها الغرب كثيراً.
بعد هذه المدرسة القريبة العهد بنا، أصبحنا نسمع ونرى بين الحين والآخر رجالاً قد طالتهم أيدي هذا التيار فتمذهبوا بمذهبه في الرفع من شأن العقل والعقلانية على تفاوت في جرعات العقل فيما بينهم. فاسمع لأحدهم يقول ((أكاد واقطع بأننا لو سرنا في طريق التقليد مئات السنوات وانحرفنا عن نهر العقل فلن نستطيع التقدم خطوة واحدة في سبيل إرساء دعائم فلسفتنا العربية وكشف ما فيها من مواطن القوة والضعف)) (2) . ويعني بالتقليد
…
اتباع النصوص الشرعية! لا التقليد المتعارف عليه عند الفقهاء وأهل الأصول. لأنه جاهل لا شك بذلك!.
لا تثريب على فلاسفة اليونان وفلاسفة الغرب أن يقدسوا عقولهم ويرجعوا إليها في كل شاردة وواردة من أمور الغيب ونظم الحياة لأنهم قد ضلوا وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل. فقد حرموا نعمة الوحي الإلهي الذي يكشف للإنسان عن تلك العوالم المجهولة التي تخفى عليه ولا تطولها حواسه ولا عقله مهما عَظُم أو كبر وتكشف له قبل ذلك عن صفات الإله المعبود وذاته المقدسة وتريحه من عناء البحث المضني في ذلك والذي لن يأتِ بأي نتيجة لهذا الإنسان تكشف له عن أشياء كثيرة غائبة بل وحاضرة ولكن تخفى حكمتها عليه.
(1) من أهمها دراسة الدكتور فهد الرومي عن منهج هذه المدرسة في التفسير – كما سبق -،
(2)
ثورة العقل في الفلسفة العربية – د. محمد العراقي (13) .