المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وخامسهافي شيء من الأشعار في ذلك - التماس السعد في الوفاء بالوعد

[السخاوي]

الفصل: ‌وخامسهافي شيء من الأشعار في ذلك

وفيها أيضا من حديث صالح بن كيسان قال خرج علينا الزهري من عند هشام بن عبد الملك فقال لقد تكلم اليوم رجل عند أمير المؤمنين ما سمعت كلاما أحلى منه قال له يا أمير المؤمنين اسمع مني: أربع فيهن صلاح دينك وملكك وآخرتك ودنياك، قال ما هي؟ قال لا تعدن أحد عدة وأنت لا تريد إنجازها، ولا يغرنك مرتفق سهلا إذا كان المنحدر وعرا، واعلم أن الأعمال آخرا فاحذر العواقب، وأن الدهر تارات فكن على حذر.

ومن كلمات السلف: الوعد سحابة، والإنجاز مطر، وأحسن المواعيد ما صدقه الإمطار والله الموفق.

‌وخامسها

في شيء من الأشعار في ذلك

فجاء عن الفضل بن عباس بن عتبة ابن أبي لهب كما أورده ابن أبي الدنيا في الصمت.

ص: 96

إِنّا أُناسٌ مِن سَجِيَتِنا

صِدقُ الحَديثِ وَوَأَينا حَتمُ

شَرُ الإِخاءُ أَخا مزدرد

مزج الإِخاءِ إِخاؤهُ وَهُم

لَبِسوا الحَياءَ فَإِن نَظرَت حِسبتَهُم

سَقَموا وَلَم يمسَسهُموا سَقمُ

زَعَمَ اِبنَ عمي أَن حِلمي ضَرَني

ما ضَرُ قَبلي أَهلَهُ الحِلم

وعن أبي قاموس الحميري يمدح يحيى بن خالد البرمكي في عدم نسيانه الوعد قال:

رَأيتَ يَحيى أَتَمَ اللهُ نِعمَتَهُ

عَليه يَأتي الَّذي لَم يَأتِهِ أَحدُ

يَنسى الَّذي كانَ مِن مِعروفِهِ أَبداً

إِلى الرِجالِ وَلا يَنسى الَّذي يَعُد

ص: 97

وعن الحسن بن علي المخرمي في التحريض على الوفاء بالوعد:

لأَحسنَ مِن ظِبيَةً بِالجَرد

مَقرَطِقة ثَديها قَد نَهِدَ

وَمُبسِمُها واضِحُ نَيرُ

وَفي خَدِها ضوء نارُ تَقِد

وَأحسَن مِنها عَلى حُسنِها

تَقاضى الفَتى نَفسهُ ما وَعَد

وعن شيخنا مما يذكر به شخصا في الوفاء له بوعده:

يا صادِقَ الوَعدِ قولاً

وَصادِق الوُدِ فِعلاً

أَتَيت بابَك أرجو

تَنجيزُ وَعدَكَ فَضلاً

وعن غيره:

يا بنَ الكِرام الغُرِ وَعدُكَ أَنَني

مَديمٌ عَلى مَرِ الزَمانِ لَكَ شُكراً

فَلا زِلتَ بِالمَعروف بَرا لقَصاد

وَصَدرُكَ بِالُعرفانِ بَينَ الملا بَحراً

وعن آخر:

أَهَزَكَ لا أَني وَجَدتُكَ ناسِيا

لَوعَدي وَلا أَني أَريدُ التَقاضِيا

وَلَكِن رَأَيتَ السَيفَ عِندَ اِنتِضائِهِ

إِلى الهَز مُحتاجا وَإن كان ماضِيا

ص: 98

وعن آخر:

لَستُ أَستَقبِحُ اِقتَضاكَ بِوعدٍ

لا وَإِن كُنتَ سَيدَ الكُرَماء

فإِلهُ السَماءِ قَد ضَمِن الر

زقَ عَليهِ وَيُقضى بِالدُعاء

ويقرب منه:

حَثَّ الجوادِ عَلى النَدا وَتُقاضُهُ

بِالوَعدِ واحمِلُهُ عَلى الإِنجازِ

وَدع الوُثوق بِطَبعِهِ فَلَرُبَما

نَشِطَ الجَوادُ بِشَوكَةِ الَهمازِ

وقال أبو جعفر محمد بن علي العدوي:

تَيَمَمت ما أَرجُوهُ مِن حُسن وَعدُكُم

فَكُنتَ كَما يَرجو مَنالَ الفَراقِدَ

هَبوني لَم أَستاهِل العُرفَ مِنكُم

أَما كُنتُموا أهلاً لِصِدقِ المواعِدِ

عدة الكريم نقد وتعجيل وإسعاد وتكميل.

ص: 99

وقال غيره:

كُلُ جُودٍ وَإِن تَعاظَمَ قَدراً

قُل مِن فَرطِ كَثَرَةٍ التَردادَ

إِنما الجُودُ بِالحَياةِ وَلَكِن

يَعتَريها السِقامُ بِالمِيعادِ

ولمهيار الديلمي في استنجاز وعد

أَظَلَت عَلينا مِنكَ يَوماً غِمامَةً

أَضاءَ لَها بَرقٌ وَأَبطا رَشاشُها

فَلا غَيثِها يُجلي فَييأَسُ طامِعٌ

وَلا غَيثها يَأَتي فَتَروى عِطاشُها

ص: 100

وفي ذم الاخلاف بالوعد من الأشعار أيضا قول كعب بن زهير في قصيدته الشهيرة:

كانَت مَواعيدُ عَرقوبَ لَها مَثلاً

وَما مواعيدُها إِلاّ الأَباطِيلَ

قلت وعرقوب كان رجلا من العماليق وهو عرقوب بن معبد بن زهرة أحد بني شمس بن ثعلبة وقيل غير ذلك وكان من خبره أنه أتاه أخ له يسأله شيئا فقال إذا أطلع نخلي فلما أطلع أتاه قال إذا أبلح فلما أبلح أتاه قال إذا أزهى فلما أزهى أتاه قال إذا أرطب فلما أرطب أتاه قال إذا صار تمرا فلما صار تمرا جذه بالليل ولم يعطه شيئا فصار المثل يضرب به في الإخلاف فيقال أخلف من عرقوب.

وأنشد ابن قتيبة كما في ثالث عشر من المجالسة:

ص: 101

لِسانُكَ أَحلى مِن جَنى النَحلِ مَوعِدا

وَكَفُك بِالمَعروفِ أَضيق مِن قُفلِ

تَمنَى الَّذي يَأتِيَكَ حَتى إِذا إِنتَهى

إِلى أجَلٍ ناوَلَتهُ طَرفُ الحَبلِ

وقال آخر:

لَم أَثِق مِنهُ بِوعدِ

وَمواعيدُ كَزورِ

هَكَذا إبليسُ في الدُنيا

أَمانيهِ غُرورُ

وقال غيره:

أَمّا الوَفاءُ فَشيءٌ قَد سَمِعتُ بِهِ

وَما رَأيتُ لَهُ عَينا وَلا أثراً

وَلا أُطالِبُ في الدُنيا بِهِ أَحَداً

وَلا أَلومُ أَخا غَدرٍ إِذا غَدرا

وَمَن يَعولُ في الدُنيا عَلى بَشرٍ

فإِنّهُ بَشرٌ لا يَعرِفُ البَشرا

وهذه آخره، والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وجنده.

ص: 102