الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في السلام على أهل المقابر ورد الجواب
23-
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الميت ليعلم بزائره ويستأنس به ما دام وهو عنده)) .
24-
وروي عنه أيضاً: ((من زار قبر والديه أو أحدهما فقرأ عندهما (يس) غفر الله له بكل حرف من الذي قرأ سبعين مغفرة)) .
25-
أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ببغداد، ثنا علي بن محمد بن بشران قال: ثنا علي بن محمد المصري، ثنا بكر بن سهل، ثنا محمد ابن مخلدة الرعيني، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عامر ابن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا وسلم إلا عرفه ورد عليه)) .
26-
أخبرنا أبو علي بن بردين بن سليمان البشنوي، قال: ثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ، أنبأ عبد الله ابن محمد بن حيان الحافظ، ثنا إسحاق بن إسماعيل (..) ، ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، ثنا محمد بن بشر، ثنا محمد بن عمرو، ثنا أبو قرصافة
⦗ص: 193⦘
جندرة بن خيشنة وكان له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من آوى إلى فراشه ثم قرأ سورة {تبارك الذي بيده الملك} ثم قال: اللهم رب الحل والحرام والبلد الحرام والركن والمقام والمشعر الحرام، بلغ روح محمد مني التحية والسلام، أربع مراتٍ، وكل الله به ملكين حتى يأتيا محمداً صلى الله عليه وسلم فيقولان له: يا محمد إن فلان ابن فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله، فيقول: على فلان ابن فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته)) .
27-
أبو الحسين محمد بن الحسين بن علي الترجماني قال: ثنا أبو بكر محمد بن أحمد الحيدري المقري، قال: ثنا أبو محمد عبد الله بن أبان بن شداد، ثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد الأنصاري، ثنا عتبة بن السكن عن أبي زكريا عن عمار بن سعيد الأودي قال: دخلت على أبي أمامة الباهلي وهو في النزع فقال: يا أبا سعيد، إذا مت أنا فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا فإنه قال: ((إذا مات الرجل منكم فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه فليقل: يا فلان ابن فلان ابن فلانة، فإنه سيقول: أرشدني رحمك الله، فليقل له: اذكر ما خرجت عليه من زاد الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبداً ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه
⦗ص: 194⦘
فيقول له ما نصنع برجل قد لقن حجته، فيكون الله حجيجهما دونه)) .
ففي هذه الأخبار أدلة واضحة أن جميع ما يقرأ وما يتصدق به عن الموتى، والدعاء والاستغفار لهم، وما يهدى من أنواع البر والخير يصل إليهم ثوابه وينفعهم، ومن أنكر ذلك فقد قطع الطريق عليهم، ورد على الكتاب والسنة، قال الله تعالى في نص كتابه: {والذين جاءوا من
⦗ص: 195⦘
بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوفٌ رحيمٌ} ، وقوله تعالى:{الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء ٍرحمةً وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك} .
ولو لم تكن الصلاة والاستغفار والدعاء نافعاً لهم كما أخبر الله عنهم بذلك، وكذلك الصدقة وقراءة القرآن إذا أهدي ثوابه إلى الموتى من المؤمنين في شرق الأرض وغربها ينفعهم ويصل إليهم، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه على النجاشي وهو غائب والبحر بينهم معترض، فلو لم يصل ثواب صلاته وصلاتهم إليهم لما صلوا عليه وهم بالمدينة، وكذلك خبيب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما صلب بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة صلوا عليه، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى فنعوذ بالله من متابعة الهوى ومخالفة الكتاب والسنة والإجماع.
28-
سمعت أبا طاهر إبراهيم بن محمد بن سلامة بن طوس الموصلي يقول بعض الصالحين من شيوخ الرحبة: أنه رأى في منامه كأنه اجتاز بمقبرة الرحبة فرأى أهل المقبرة جلوسٌ في أكنافهم يقتسمون
⦗ص: 196⦘
شيئاً فسألهم عن ذلك، فقالوا: نعم، اجتاز بنا بالأمس فلان، سماه شيخاً من الصالحين من أهل الرحبة ممن يجلس في السوق، فتعثرت رجله فأنقلع ظفر أصبعه الإبهام، فأغمي عليه، ووجد لذلك ألماً شديدا، فقال: اللهم إن كان بي من هذه العثرة، وهذا الألم ثواب، فقد أهديته لأهل هذه المقبرة، فلنا من الأمس نقتسم بثواب ذلك، ما فني بعد، قال: فلما أصبحت أتيت إليه وهو في دكانه بالسوق فسلمت عليه، وسألته أن يريني رجله، فأبى وقال: هي مثل أرجل الناس، ما عليك منها؟ فقلت: لي في هذا غرض، فكشف لي عن رجله الصحيحة، فقلت: أريد أن تكشف لي عن الأخرى؟! فقال: هي مثلها، وأقسمت عليه حتى كشف لي عنها، وأصبعه الإبهام مشدودة بخرقةٍ، فقلت: هذا كان قصدي، فسألني عن ذلك، فحدثته بما رأيته في منامي، فأقسم علي أن لا أحدث به في حياته، فما حدثت به حتى مات.
وهذا صحيح لأنه:
29-
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يكتب للمؤمن بالشوكة يصيبه وبالعثرة يعثرها وبالصداع والحمى يومٌ، كفارة سنة)) ، ونحو هذا.
30-
وسمعت الشيخ أبا سعيد عبد العزيز بن محمد الإسترآباذي المعروف بكثرة الصلاة بمكة وأنا معه في الحديث بباب الندوة، زرت مقبرة المعلى في بمكة؟ قلت: لا، قال لي: زرها، فقد روي في كتاب ((فضائل مكة)) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان يوم القيامة يقوم من مقبرة المعلى بمكة سبعين ألفاً، وجوههم كالقمر ليلة البدر، يشفع كل واحد
⦗ص: 197⦘
منهم في سبعين ألفاً)) ، قيل: يا رسول الله! كلهم من أهل مكة؟ قال: ((لا من الغرباء)) ، وذلك أن تلك المقبرة هم برسم الغرباء واقرأ:{قل هو الله أحد} أحد عشر مرة، واهد لهم ثوابها، فقد روي أن من قرأ {قل هو الله أحد} أحد عشر مرة وأهدى ثوابها لأهل المقابر من أهل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال لي: وترجع إلي حتى أحدثك بحديث أحسن من هذا، فمضيت وزرتها وقرأت، ورجعت إليه، وقلت يا شيخ، الوعد الذي وعدتني به، قال: نعم، حدثني بعض شيوخ الحرم من المجاورين بها أنه زار تلك المقبرة، لأجل هذه الفضيلة وقرأ:{قل هو الله أحد} أحد عشر مرة وأهدى إليهم ثوابها، ثم إنه رأى حفارين يحفرون قبراً، فسألهم: لمن هذا؟ فقالوا: لرجل غريب، فقلت في نفسي: أقف حتى يأتون بجنازته وأصلي عليه، وأغتنم الثواب في ذلك، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من صلى على جنازة كتب له قيراط من الأجر، فإن شيعها كتب له قيراطان من الأجر، فإن انتظر دفنها كتب له قنطار من الأجر، والقنطار بألف أوقية، والوقية مثل جبل أحد)) فاستندت إلى قبر من تلك المقبرة، فنمت فرأيت في منامي أهل المقبرة جلوسٌ بأكفانهم وهم يتشاجرون أصواتهم كأنهم يقتسمون فيما بينهم، ورأيت صاحب هذا القبر الذي كنت مستنداً إليه،
⦗ص: 198⦘
فإذا هو شيخ بهيٌ، منور الوجه وهو يكلمني ويقول: يا أخي! ما يكفينا ثقل التراب حتى تتكأ علي، فقلت: وأنتم تحسون بثقلنا عليكم؟ قال: نعم، أما سمعت الخبر:((يألم الميت، ما يألم الحي)) ، أما سمعت الخبر:((لو أن أحدكم جلس على جمرة فتحرق ثوبه حتى يصل إلى جلده لكان أهون عليه من أن يطأ على قبر أو يجلس عليه)) ، فقلت: إنا لله، اجعلني في حل، فقال لي: أنت في حل أو كما قال، قال: فسألت عن مشاجرة أهل المقبرة، فقال: إنهم يقتسمون ثواب قراءة: {قل هو الله أحد} أحد عشر مرة التي قرأتها، فقلت: وكم أصاب كل واحد من ثوابها؟ قال: خير كثير، فقلت: فما الذي أصابك؟ فقال: أنا آثرتهم بسهمي حتى تتوفر عليهم، لأن هؤلاء ليس لهم أحد يهدي إليهم بشيء، أنا لي ولد صالح خياط بباب الندوة، يتصدق عني كل يوم بدانقين فضة، ويهدي إلي كل ليلة قبل أن ينام أحد عشر مرة {قل هو الله أحد} فقلت: وما اسمه؟ قال: محمد، فقلت: أتأذن لي أن أبشره عنك بهذا؟ قال: إن فعلت ذلك فلك علي منة كثيرة، قال: أقرئه عني السلام، وقل له: فعلامته أنك نسيت البارحة أن تقرأ: {قل هو الله أحد} فلما نمت جئت إليك فقلت: ولدي لم تركتني الليلة بلا عشاء ونسيتني، فانتبهت وقرأت، وبكيت وأهديت لي، فرضي الله عنك برضاي، قال: فلما انتبهت، أتيت باب الندوة ولقيته، وقلت يا محمد! أبوك يقرأ عليك السلام ويقول: بعلامة كيت وكيت رضي الله عنك، فقال لي: ومن أين رأيت والدي وله مذ مات عشرون سنة؟ فحدثته بما رأيت، وقلت: الساعة جئت من عند قبره، فقال: صدق
⦗ص: 199⦘
(..) وفرح بذلك. وقال الشيخ عبد العزيز: فلما حدثني بهذا الحديث أتيت أيضاً باب الندوة ولقيت محمد الخياط، وسلمت عليه وصافحته أو نحو هذا والسلام.
تمت بحمد الله ومنه وصلواته على محمد وآله، على يد الفقير إلى الله يوسف بن محمد بن يوسف قرأ علي هذه الصورة (..) الإمام محمد (..)
وكتب الفقير إلى الله محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف الهكاري في سابع عشر من شوال/سنة سبع وستين وستمائة