المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ما يلحق آخر الشطر

‌ما يلحق آخر الشطر

وكما يلزم الناظر في علم القوافي المعرفة بأحكام الطرفين الأخيرين من مصراعي البيت، تلزمه المعرفة بأحكام الطرفين الأولين. وقد استعمل في الجزء الأول من النصفين ضروات كثيرة، ولكل منها اسم تختص به.

وذلك مستقصى في كتب العروض، وإنما نذكر هنا ما يكثر استعماله ووجوده، وما علقت به الألسن.

فصل: فالخرم: يقوهم العامة أن كل نقص يوجد في أول كل بيت خرم، وليس الأمر كذلك، إنما الخرم إسقاط الحرف الأول من الجزء الأول فيما هو مبني على الأوتاد المجموعة.

وذلك يكون في خمسة أوزان من العروض، الطويل والوافر والهزج والمضارع والمتقارب. مثل ذلك في الطويل:

لا تَعْتَرِضْ في الأمْرِ تُكْفَ شُئُونَهُ

وَلا تَنْصَحَنَّ إلا لِمَنْ هُوَ قَابِلُهُ

ص: 85

وذكر ابن دريد، الخرم ومثله بقول عنترة:

وَلَقَدْ نَزَلْتِ فلا تَظنِّي غَيْرَهُ

مِنِّي بِمَنْزِلَةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ

وهذا عيب في حكم العروض يقال له الوقص، لأن متفاعلن إذا أعيدت إلى مفاعلن سمى الجزء موقوصا. وقد عيب ذلك من ابن دريد لما تقدم من أن الخزم لا يكون إلا في تلك الأوزان الخمسة، وبيت عنترة من الكامل.

وقد يكون الخرم في النصف الأول وأول النصف الثاني. قال الشاعر.

خَرَجْتُ بِهَا مِنْ بَطْنِ بَبْرِينَ بَعْدَمَانَادَى المُنَادِي بالصَّلاةِ فأَعْتَمَا

قيل ولا يوجد بيت مصرع مخروم النصف الثاني إلا هذا البيت وبيت لأوس بن حجر وهو:

ص: 86

غَشِيْتُ دِيَارَ الحَيِّ بالسَّبُعَانِ

كالبُرُدِ بالعَيْنَيْنِ يَبْتَدِرَانِ

فصل: وأما الخزم بالزاي المعجمة فهو زيادة تلحق أوائل الأبيات ولا يختص بذلك وزن دون وزن، ولا يعتد بتلك الزيادة في تقطيع العروض. فيزاد البيت حرفاً واحداً كقول طرفة:

أَتَذْكُرُونَ إذْ نُقاتِلُكُمْ

إذْ لا يَضُرُّ مُعْدِماً عَدَمُهْ

وقد يجزم بحرفين، كقول طرفة أيضاً:

إذْ أنْتُمْ نَخْلٌ نَظِيفُ بِهِ

فإِذَا مَا جُزَّ نَضْطَرِمُهْ

وقد يخزم بثلاثة أحرف كقول الشاعر.

ص: 87

نَحْنُ جَلَبْنَا عِتَاقَ الخَيْلِ مِنْ كلِّ بَلْدَةٍوَسِرْنَا عليها للرَّدَى يومَ ذِي قار

وربما خزموا بأربعة أحرف، ويروى عن أمير المؤمنين عليه السلام:

أَشْدَدْ حَيَازِيْمَكَ لِلمَوْتِ

فإِنَّ الموتَ لاقيكا

ولا تَجْزَعْ مِنَ المَوتِ

إذا حَلَّ بِنَادِيكا

وقال آخر:

ص: 88

كُنَّا رَضينا بِمَا كانَتْ مَعَدُّ لَنَا بِهِ

تَراضَتْ وَلمْ تَرْضوا بِهِ لقَبِيلِ

وقد خزموا بستة أحرف، وينشد للوالبي:

وَإلا فَتَعَالَوا نَجْتَلِدْ بِمُهَنَّدَاتٍ

نَفُض بهَا الحَواجِبَ والشُّئُونَا

وما زاد عن الحرفين في الخزم فهو شاذ، وقبحه على قدر زيادته.

وقد يخزم الأول بالنصف الثاني كالنصف الأول كقول طرفة:

إذ لا يَضُرُّ مُعْدِماً عَدَمُه

فقوله إذ خزم. وقال آخر - فخزم في الموضعين -

وَإن تَعَدَّيْتُ طَوْرِي كُنْتُ أَوَّلَ هَالِكِمِنْ جَمَاعَتِكُم، والمُعْتَدِي الطَّورِ هَالِك

فخزم في الموضعين أيضاً.

فصل: وقد يجوز قطع ألف الوصل في أول النصف الثاني لتمام الكلام قبله، كقول الشاعر:

ص: 89

ولا يُبَادِرُ في الشِّتَاءِ وَلِيْدُنَا

أَلْقِدْرُ يُنْزِلُهَا بِغَيِرِ جِعَالِ

الجعال خرقة تنزل بها القدر، وهي الجعالة أيضاً. وقال آخر:

هَذِي مَشَابِهُ مِنْ مَيِّ مُصَادِقَةٌ

أَلْعَيْن وَاللَّون وَاللَّبَّاتُ والجِيْدُ

ورأيت في غير نسخة العنق واللون وهذا كثير شائع.

ص: 90