الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[محمد خاتم النبيين]
محمد خاتم النبيين ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين، لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته، ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته، ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته صاحب لواء الحمد والمقام المحمود والحوض المورود، وهو إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم، أمته خير الأمم وأصحابه خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام وأفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ثم علي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين، لما «روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نقول والنبي صلى الله عليه وسلم حي: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره» (1)
(1) رواه أبو داود في " سننه " عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر، ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم أجمعين - ورواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال: " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ولو شئت سميت الثالث "، وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر» ، وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وسابقته، وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته، ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة ثم من بعده عمر رضي الله عنه لفضله وعهد أبي بكر إليه، ثم عثمان رضي الله عنه، لتقديم أهل الشورى له، ثم علي رضي الله عنه، لفضله وإجماع أهل عصره عليه.
هؤلاء الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها
بالنواجذ» (1) وقال صلى الله عليه وسلم: «الخلافة من بعدي ثلاثون سنة» (2) فكان آخرها خلافة علي رضي الله عنه.
ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة» (3) وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها كقوله: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» (4) وقوله
(1) رواه أبو داود في " سننه " والترمذي في " جامعه " عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
رواه أبو داود والترمذي، عن سفينة رضي الله عنه، وقال الترمذي: حديث حسن، وقد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان، ولا نعرفه إلا من حديثه.
(3)
رواه الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وشهد لغيرهم أيضا.
(4)
رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري، وقال: حديث حسن صحيح، وهو كما قال لشواهده وطرقه.
لثابت بن قيس: «إنه من أهل الجنة» (1) .
ولا نجزم لأحد من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من جزم له الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء. ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل، ونرى الحج والجهاد ماضيا مع طاعة كل إمام، برا كان أو فاجرا، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة. قال أنس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله عز وجل حتى يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار» ، رواه أبو داود (2) .
(1) رواه أحمد ومسلم عن أنس بن مالك.
(2)
رواه أبو داود، وفي سنده: يزيد ابن أبي نشة، لم يخرج له أحد من الستة غير أبي داود وهو مجهول. كما قال الحافظ المزي، ولكن له شواهد.
ومن السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبتهم وذكر محاسنهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم. واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم (1) قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: 10] وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد (2) ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (3) .
(1) انظر: رسالة " نقد النصائح الكافية " للعلامة القاسمي.
(2)
أحد: جبل بالمدينة.
(3)
النصيف: لغة في النصف: والمعنى أن الواحد من غير الصحابة لو أنفق في سبيل الله مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ من الثواب، ثواب من أنفق من الصحابة مدا أو نصيفه، والمد ملء الكفين من الرجل المعتدل والحديث مروي في " الصحيحين " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ومن السنة: الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء، أفضلهن خديجة بنت خويلد، وعائشة الصديقة بنت الصديق، التي برأها الله في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم.
ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، أحد خلفاء المسلمين رضي الله عنهم.
ومن السنة: السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين - برهم وفاجرهم - ما لم يأمروا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة، وسمي أمير المؤمنين، وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه وشق عصا المسلمين.
ومن السنة: هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في
كتب المبتدعة، والإصغاء إلى كلامهم، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع، كالرافضة (1) والجهمية (2) والخوارج (3) والقدرية (4) والمرجئة (5) والمعتزلة (6)
(1) سبب تسميتهم بهذا الاسم أن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عندما جاءوا إليه وطلبوا منه أن يتبرأ من أبي بكر وعمر حتى يكونوا معه فقال: بل أتولاهما وأتبرأ ممن تبرأ منهما، فقالوا: إذا نرفضك، فرفضوه، وارفضوا عنه، فسموا: الرافضة.
(2)
الجهمية: نسبة إلى جهم بن صفوان، وهم من الجبرية الخالصة، وافقوا المعتزلة في نفي الصفات الأزلية، وزادوا عليهم، انظر كتاب " الرد على الجهمية " طبع المكتب الإسلامي.
(3)
الخوارج: هم الذين نزعوا أيديهم عن طاعة ذي السلطان من أئمة المسلمين، وأصلهم الخارجون على علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(4)
القدرية: لقبوا بذلك لإسنادهم أفعال العباد إلى قدرتهم وإنكارهم القدر فيها، وهذا يقتضي إثبات خالق لأفعال العباد غير الله.
(5)
المرجئة: وهم أصناف، صنف منهم يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم المراد هنا.
(6)
المعتزلة: وهم الذين نشأوا من فريق في جيش علي رضي الله عنه اعتزل السياسة. وقيل: سموا بذلك لأنهم اعتزلوا مجلس الحسن البصري وعلى رأسهم واصل بن عطاء، وكان غالب بدعتهم وضلالهم من الكلام والفلسفة.
والكرامية (1) والكلابية (2) ونظائرهم، فهذه فرق الضلال، وطوائف البدع، أعاذنا الله منها.
وأما بالنسبة إلى إمام في فروع الدين، كالطوائف الأربع (3) فليس بمذموم، فإن الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم واختلافهم رحمة واسعة واتفاقهم حجة قاطعة (4) .
(1) الكرامية: وهم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، وكان ممن يثبت الصفات إلا أنه ينتهي إلى التجسيم والتشبيه.
(2)
الكلابية نسبة إلى عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري، متكلم، وهو رأس الطائفة الكلابية، كانت بينه وبين المعتزلة مناظرات.
(3)
يريد المذاهب الأربعة في الفقه، وهم: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
(4)
أما إن اتفافهم فصحيح على التغليب، أما إن الاختلاف رحمة!! فليس لهذا مستند، واختلاف أمة محمد صلى الله عليه وسلم نقمة وعذاب، والخلاف لا يكون إلا باتباع الدليل وبذل الجهد في ذلك.
نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة، ويحيينا على الإسلام والسنة، ويجعلنا ممن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات برحمته وفضله آمين.
وهذا آخر المعتقد والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.