المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إذا طابت المكسبة، زكت النفقة، وسترد فترى - أخبار الشيوخ وأخلاقهم

[أبو بكر المروذي]

فهرس الكتاب

- ‌ إِذَا طَابَتِ الْمَكْسَبَةُ، زَكَتِ النَّفَقَةُ، وَسَتُرَدُّ فَتَرَى

- ‌«مَنْ وَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ سُلْطَانًا أُوقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ يَتَزَلْزَلُ بِهِ الْجِسْرُ، فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَجَا

- ‌«مَا مِنْ وَالٍ وَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ سُلْطَانًا إِلا أُوقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فَيَتَزَلْزَلُ بِهِ الْجِسْرُ، حَتَّى

- ‌«مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أُقِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرٍ فِي النَّارِ، يَنْتَفِضُ بِهِ ذَلِكَ الْجِسْرُ حَتَّى يَزُولَ

- ‌«مَا مِنْ وَالٍ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَلَمْ يُحِطْ مِنْ وَرَائِهِمْ بِالنَّصِيحَةِ إِلا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي

- ‌ إِنَّكَ بَيْنَ هَؤُلاءِ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَلَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ أَحَدٌ، انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ، انْظُرْ بَيْنَ يَدَيْكَ

- ‌ اخْشَ اللَّهَ فِي النَّاسِ، وَلا تَخْشَ النَّاسَ فِي اللَّهِ، وَأَحِبَّ لأَهْلِ الإِسْلامِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ، وَأَقِمْ

- ‌«لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا رَآهُ» ، فَذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي أَنْ دَخَلْتُ إِلَى فُلانٍ فَمَلأْتُ

- ‌ مَا مِنْ حَاكِمٍ حَكَمَ إِلا جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ، حَتَّى يُوقِفَهُ عَلَى جَهَنَّمَ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ

- ‌«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَانَ مُعَلَّقًا بِالثُّرَيَّا، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ

- ‌«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِهِمْ يَوْمَ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا وَدَّ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالنَّجْمِ مُتَذَبْذِبٌ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَأَمَّرْ عَلَى

- ‌«لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالثُّرَيَّا، يَتَذَبْذَبُونَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ

- ‌ الْقَاضِي لَيَزِلُّ فِي مَزْلَقَةٍ أَبْعَدَ مِنْ عَدَنٍ أَبْيَنَ فِي جَهَنَّمَ»

- ‌«مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِجَوْرٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَهْلِ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ

- ‌ سَيَكُونُ قَوْمٌ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، يَأْتِيهِمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: لَوْ أَتَيْتُمُ السُّلْطَانَ فَأَصَبْتُمْ

- ‌ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَصِيرُ نَدَامَةً وَحَسْرَةً، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ»

- ‌ السُّلْطَانَ عَلَى بَابِ عَنَتٍ، إِلا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ» ، قَالَ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَاكَ: وَاللَّهِ، لا أَعْمَلُ وَلا لِغَيْرِكَ

- ‌«كَانَتْ أَنْبِيَاءُ، وَسَيَكُونُ بَعْدَهُمْ أُمَرَاءُ، يَتْرُكُونَ بَعْضَ مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ، فَمَنْ نَاوَأَهُمْ نَجَا، وَمَنِ اعْتَزَلَهُمْ

- ‌ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنْصُورَ، قَالَ: قِيلَ: وَمَا الْمَنْصُورُ؟ قَالَ: الْكَاتِبُ يُصَانِعُ الْعَرِيفِ

- ‌ اللَّهَ عز وجل جَزَّأَ الْخَلْقَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ الْمَلائِكَةَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ، وَجَزَّأَ سَائِرَ الْخَلْقِ، وَجَزَّأَ

- ‌«اثْبُتْ حِرَاءُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ فَارُوقٌ، أَوْ شَهِيدٌ مُؤْمِنٌ، يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ

- ‌ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، وَعُمَرُ الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ

- ‌ الْمُعَلِّمُ الَّذِي يَأْخُذُ عَلَى التَّعْلِيمِ أَجْرًا يُعَجِّلُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ أَخَذَ وَلَمْ يُعَلِّمْ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ يَوْمَ

- ‌ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ

الفصل: ‌ إذا طابت المكسبة، زكت النفقة، وسترد فترى

صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ يُحَدِّثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ: أَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنَ ابْنِكَ الْمَهْدِيِّ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَبِمَا حَلَّ لَكَ أَنْ تَقُولَ: الْمَهْدِيُّ؟ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كُلُّنَا مَهْدِيٌّ هَدَاهُ اللَّهُ.

108 -

سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، قَالَ: دَخَلَ يَعْنِي مَيْمُونًا، مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَنَفرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَشَكَى إِلَى الْقَوْمِ مَا كَانَ فِيهِ، فَقَالُوا: لَقَدْ وَصَلْتَ الرَّحِمَ، وَبَنَيْتَ الْمَنَارَاتِ وَاتَّخَذْتَ الْمَصَانِعَ، وَحَفَرْتَ الآبَارَ وَحَمَلْتَ ابْنَ السَّبِيلِ، وَذَيْتَ وَذَيْتَ، وَعَيْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عَامِرٍ أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:

‌ إِذَا طَابَتِ الْمَكْسَبَةُ، زَكَتِ النَّفَقَةُ، وَسَتُرَدُّ فَتَرَى

قَالَ جَعْفَرٌ: وَحَدَّثَنِي مَيْمُونٌ قَالَ: لَمَّا صِرْنَا بِالْبَابِ، أَوْ خَرَجْنَا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَاللَّهِ، لَئِنْ كَانَ لَيْسَ لَكُمْ تَبِعَةٌ فِيمَا أَخَذْتُمْ، وَأُجِرْتُمْ فِيمَا أَنْفَقْتُمْ، لَقَدْ سَبَقْتُمُ النَّاسَ سَبْقًا بَعِيدًا

ص: 87

109 -

وَأُخْبِرْتُ عَنْ يَعْمُرَ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَنْعُمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَسْقَلَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى طَاوُسٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَانْصَرَفَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَسُلَيْمَانُ يَوْمَئِذٍ وَلِيُّ عَهْدٍ، فَقَالَ رَجَاءٌ لِسُلَيْمَانَ: رَأَيْتُ طَاوُسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ رَجَاءٌ لِسُلَيْمَانَ: لا تَسَلْهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئُ.

فَلَمَّا قَعَدَ طَاوُسٌ مَكَثَ طَوِيلا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عز وجل؟ فَقُلْنَا: لا نَدْرِي، قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، قَالَ: تَعْلَمُونَ آخِرُ مَنْ يَمُوتُ؟ قُلْنَا: لا، قَالَ: آخِرُ مَنْ يَمُوتُ الْمَوْتُ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَبْغَضُ خَلْقِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَقُلْنَا: لا، قَالَ: إِنَّ أَبْغَضَ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْدٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ سُلْطَانًا، فَعَمِلَ لِمَعْصِيَتِهِ.

ثُمَّ قَامَ فَارْتَفَعَ.

قَالَ: فَرَأَيْتُ سُلَيْمَانُ يَحُكُّ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَجْرَحَ أَظْفَارُهُ رَأْسَهُ.

110 -

وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُصْعَبٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَى

ص: 88

الْخَلِيفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثَهُ، فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثَيْنِ، أَحَدُهُمَا مِنْ حَدِيثِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالآخَرُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَحْرِ.

قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ الْخَلِيفَةُ لأَصْحَابِهِ: أَتَدْرُونَ لِمَ حَدَّثَنَا بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ؟ قَالَ: فَقَالُوا: لا نَدْرِي، قَالَ: فَقَالَ: إِنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِ الْبَحْرِ وَلا حَرَجَ، فَأَحَبَّ أَنْ يُحَدِّثَنَا بِحَدِيَثْيِن لا يَحْرَجُ فِيهِمَا.

111 -

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٌ يَحْضُرَانِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فَيَسْكُتُ مَالِكٌ وَيَتَكَلَّمُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَلَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَصَدَقَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَفَرَضَ لِوَلَدِهِ، هَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ.

112 -

وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمَّادًا الْخَيَّاطَ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يُشَبَّهُ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الصَّرَامَةِ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ضَرَبُوهُ، قَالَ: نَعَمْ، وَلَقَدْ أُعْطِيَ مَرَّةً عَطَاءً فَقَالَ: لا أَقْبَلُ حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُمْ جَبُّوهُ فِي حَقِّهِ، وَأَنْفَذُوهُ فِي حَقِّهِ، فَسَاعَدَهُ عَلَى تَرْكِ الْعَطَاءِ: سَالِمٌ، وَالْقَاسِمُ.

وَقَالَ: لَمْ تَبْقَ فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ حَلْقَةٌ فِي الْمَسْجِدِ إِلا حَلْقَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.

ص: 89

113 -

وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ، وَذَكَرَ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: كَانُوا مُتَعَبِّدِينَ لا يَأْتُونَ السُّلْطَانَ، وَذَكَرَ طَاوُسًا فَقَالَ: كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِمْ، لَقَدِ افْتَعَلَ ابْنُهُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَعْطَاهُ ثَلاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَبَلَغَ طَاوُسًا، فَبَاعَ ضَيْعَتَهُ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى عُمَرَ، فَأُرِيدَ طَاوُسٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى ابْنِهِ فَأَبَى، أَوْ قَالَ: مَا دَخَلَ إِلا فِي وَقْتِ الْمَوْتِ.

114 -

وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَتَبْتُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَهُ افْتَعَلَ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ.

115 -

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، فَدَخَلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَابْنَتُهُ عَلَى عُنُقِهِ

116 -

وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: دَخَلَ الإِفْرِيقِيُّ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَوَعَظَهُ وَكَلَّمَهُ، وَقَالَ حَجَّ مِنْ مِصْرَ بِأَهْلِ مِصْرَ مَعَهُ النِّسَاءُ وَغَيْرُهُمْ.

117 -

وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُسْلِمٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدِّمٍ قَالَ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ مَعَ أَخِي، قَالَ: فَكَانَ ثَمَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الإِفْرِيقِيُّ، قَالَ:

ص: 90

فَدَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ: يَابْنَ أَنْعُمٍ، أَمَا تَحْمَدُ رَبًّا أَرَاحَكَ مِنْ بَابِ هِشَامٍ، وَذَوِي هِشَامٍ، وَمَا كُنْتَ تَرَى بِأَبْوَابِهِمْ؟ قَالَ: فَقَالَ، قَلَّ شَيْءٌ كُنْتُ أَرَاهُ بِبَابِ هِشَامٍ إِلا وَأَنَا أَرَى مِنْهُ الْيَوْمَ طَرَفًا، قَالَ: فَغَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ فَسَكَتُّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا منَعَكَ أَنْ تَرْفَعَ ذَاكَ إِلَيْنَا، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَكَ عِنْدَنَا مَقْبُولٌ؟ ! قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ السُّلْطَانَ سُوقًا، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إِلَى كُلِّ سُوقٍ مَا يَجُوزُ فِيهَا.

قَالَ: فَغَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَأَنَّكَ قَدْ كَرِهْتَ صُحْبَتَنَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ، مَا يُصَابُ الْمَالُ وَالشَّرَفُ إِلا مِنْ صُحْبَتِكَ وَصُحْبَةِ مَنْ هُوَ مِثْلُكَ، وَلَقَدْ تَرَكْتُ عَجُوزًا لِي كَبِيرَةً وَإِنِّي أُحِبُّ الرُّجُوعَ إِلَيْهَا، قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ أَذِنَّا لَكَ، فَقَامَ فَخَرَجَ.

118 -

وَسَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَقُلْتُ: احْمِلْ للَّهِ مَا أُكَلِّمُكَ بِهِ، فَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِكَلامِهِ أَحْمَلُهُمْ لِغِلْظَةِ النَّصِيحَةِ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَجَدِيرٌ مَنْ لَهُ قَرَابَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرِثَ أَخْلاقَهُ، وَيَأْتَمَّ بِهَدْيِهِ، وَقَدْ وَرَّثَكَ اللَّهُ مِنْ فَهْمِ الْعِلْمِ، وَإِنَارَةِ الْحُجَّةِ مِيرَاثًا قَطَعَ بِهِ عُذْرَكَ، فَمَهْمَا أَوْعَيْتَ مِنْ حُجَّةٍ، أَوْ رَكِبْتَ مِنْ شُبْهَةٍ لَمْ

ص: 91

يَصِحَّ لَكَ بِهِمَا بُرْهَانٌ مِنَ اللَّهِ، حَلَّ بِهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ بِقَدْرِ مَا تَجَاهَلْتَ مِنَ الْحَقِّ، أَوْ أَقْدَمْتَ فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الْبَاطِلِ، وَبِقَدْرِ مَا تَقَلَّدْتَ مِمَّا عَمِدْتَ السَّلامَةَ مِنْ تَقَلُّدِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خَصْمُ مَنْ خَالَفَهُ فِي أُمَّتِهِ يَبْتَزُّ أَحْكَامَهَا، وَمَنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم خَصْمَهُ كَانَ اللَّهُ لَهُ خَصْمًا، فَاعْدُدْ لِمُخَاصَمَةِ اللَّهِ، وَمُخَاصَمَةِ رَسُولِهِ حُجُجًا تَضْمَنُ لَكَ النَّجَاةَ، أَوِ اسْتَسْلِمْ لِلْهَلَكَةِ.

وَإِيَّاكَ وَخُدَعَ الشَّهَوَاتِ، فَإِنَّ أَبْطَأَ الصَّرْعَى نَهْضَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرِيعُ هَوًى يَدَّعِيهِ إِلَى اللَّهِ عز وجل قُرْبَةً.

وَإِنَّ أَثْبَتَ النَّاسِ قَدَمًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذُهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ بِالْيَقِينِ، فَمَثَلُكَ لا يُكَابَرُ بِتَجْرِيدِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَكِنْ تُمَثَّلُ لَهُ الإِسَاءَةُ إِحْسَانًا، وَيَشْهَدُ لَهُ عَلَيْهَا خَوَنَةُ الْعُلَمَاءُ، وَبِهَذِهِ الْحِبَالَةُ تَصَيَّدَتِ الدُّنْيَا نُظَرَاءَكَ، فَأَحْسِنْ حَمْلَ النَّصِيحَةِ، فَإِنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ الأَدَاءَ، وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، قَالَ: فَبَكَى وَبَكَى مَنْ حَوْلَهُ.

119 -

سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ حَرَمِيَّ بْنَ يُونُسَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ أَبُو يَعْقُوبَ قَالَ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَلَى الْمَهْدِيِّ قَالَ: وَأَنَا شَاهِدٌ يَرْفَعُ فِي مَظْلَمَةٍ لَهُ فَأَقَامُوهُ فِي الدَّارِ، قَالَ: وَكَانَتِ السَّمَاءُ

ص: 92

تَجِيءُ بِمَطَرٍ خَفِيفٍ، قَالَ: وَكَانَ مَحْلُولَ الإِزَارِ، وَكِسَاؤُهُ كَذَا مَائِلٌ عَلَى شِقِّهِ، قَالَ: فَنَادَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ لِلْمَهْدِيِّ: أَوَ فِي الْحَقِّ هَذَا أَنْ تَكُونَ فِي الْكِنِّ وَنَحْنُ فِي الْمَطَرِ؟ قَالَ: فَضَحِكَ الْمَهْدِيُّ.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا تَعْرِفُ مَنْ هَذَا؟ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: ادْخُلْ يَا عَمُّ، ادْخُلْ، قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْبَابَ وَصَارَ فِي الْبَيْتِ جَلَسَ مَكَانَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ الْمَهْدِيُّ يَقُولُ: ارْتَفِعْ إِلَيْنَا هَاهُنَا يَا عَمُّ، إِنَّا لَمْ نُثْبِتُكَ، قَالَ: فَقَالَ: مَكَانِي صَالِحٌ، لَسْتُ أُرِيدُ الْكَرَامَةَ بِالْمَعْرِفَةِ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أُخِذَ لَهُ طَعَامٌ، فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: إِنَّ طَعَامَكَ أُخِذَ وَالطَّعَامُ رَخِيصٌ، وَالطَّعَامُ الْيَوْمَ قَدِ ارْتَفَعَ، قَالَ: مَا أَنْتَ مِنْ غَلائِهِ وَمِنْ رُخْصِهِ، أَعْطِنِي طَعَامًا مِثْلَ طَعَامِي، قَالَ: وَجَعَلَ الْمَهْدِيُّ يَضْحَكُ، إِذْ جَاءَ مِنْهُ مِثْلُ هَذَا.

فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: أَلا تُعِينُنَا عَلَى أَخِيكَ؟ قَالَ: أَيُّ إِخْوَانِي؟ قَالَ: سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ فَيَصْنَعُ مَاذَا؟ قَالَ: نَبْعَثُ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنَّا نَسْتَشِيرُهُ فِي الأَمْرِ، وَنَقْبَلُ مَا يُشِيرُ عَلَيْنَا، قَالَ: إِذًا تَكُونُ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيَّ.

قَالَ الْمَهْدِيُّ: كَيْفَ تَكُونُ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ قَالَ: إِنْ عَمِلُوا بِمَا عَلِمُوا فَجَاءَهُمْ مَا لا يَعْلَمُونَ فَاحْتَاجُوا إِلَيَّ فِيهِ، مَاذَا كُنْتَ قَائِلا لَهُ؟ !

ص: 93

قَالَ: فَقَالَ: فَأَشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ، قَالَ: فَجَعَل يُشِيرُ عَلَيْهِ: افْعَلْ كَذَا، وَتَفْعَلْ كَذَا، قَالَ: فَعَرَفْتُ مِنْهُ فَضْلا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَوَ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: تُنَادِي فِي النَّاسِ الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا أَخَذْتُ بِيَدِكَ، فَصَعِدْنَا الْمِنْبَرَ، فَسَأَلْتَ النَّاسَ أَنْ يُسَوِّغُوكَ مَا أَغْلَقْتَ عَلَيْهِ بَابَكَ، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الْغَدَ وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ، قَالَ: فَسَكَتَ الآخَرُ عَنْهُ، فَمَا زَادَهُ فِي الْكَلامِ، وَكَانَ آخِرَ مَا كَلَّمَهُ بَعْدُ.

قَالَ إِسْحَاقُ: فَخَرَجَ وَيَدُهُ فِي يَدِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَيُّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ فَعَلَ، أَيَّ شَيْءٍ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ؟ قَالَ: تَقُولُ لِي: أَيَّ شَيْءٍ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ؟ ! يَبِيعُ قَمْشَةً، وَيُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ.

120 -

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِسُيُوفٍ ثَلاثَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، أَحَدُهَا مُحَلًّى، فَسَأَلَهُ السَّيْفَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:

ص: 94

فَبَسَطَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ إِلَيْهِ لِيُعْطِيَهِ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بَلْ إِيَّايَ فَاعْطِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ قَالَ: فَانْصَرَفَ بِهِ عُمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَنَزَعَ حِلْيَتَهُ، فَجَعَلَهَا فِي ظَبْيَةٍ، وَرَاحَ بِهِ وَبِالظَّبْيَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ: اسْتَعِنْ بِهَا عَلَى بَعْضِ مَا يَعْرُوكَ، فَدَفَعَ النَّصْلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا دَعَانِي إِلَى مَا فَعَلْتُ النَّفَاسَةُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنِ النَّظَرُ لَكَ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ

121 -

قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَعْرِفُ فِي الرَّجُلِ يُنَبِّهُ الرَّجُلَ عَلَى الشَّيْءِ؟ وَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ.

فَقَالَ: قَدْ كَتَبْتُهُ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْوَلِيدِ.

122 -

سَمِعْتُ فَتْحَ بْنَ أَبِي الْفَتْحِ الْعَابِدَ يَقُولُ: كُنَّا عَلَى بَابِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، فَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي خدوَيْهِ، يَعْنِي سَهْلا، يَقُولُ: عَرَفْتُ النَّقْصَ فِي الْقُرَّاءِ، أَنِّي دَخَلْتُ لِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ فِي شَيْءٍ فَلَمْ يَنْفَضَّ عَنِّي أَحَدٌ.

ص: 95