المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌معنى التربية

- ‌التغيير والأثر الدائم:

- ‌الفارق بين التعليم والتربية:

- ‌حاجة الإنسان إلى التربية

- ‌ضرورة التربية الصحيحة:

- ‌الحياة السعيدة:

- ‌حاجة الأمة الماسة إلى التربية

- ‌الخير المخبوء:

- ‌أهمية الجهاد:

- ‌ماذا لو فرطنا

- ‌لماذا نعاقب

- ‌إصلاح الداخل أولاً:

- ‌لا بديل عن التربية:

- ‌هل من الضروري تربية الأمة كلها

- ‌الجمرة المشتعلة:

- ‌المحور الأولالعقل والتربية (المعرفية)

- ‌الكل يعمل من أجلك

- ‌الوسيلة المتفردة

- ‌العرض المتحرك:

- ‌هيا أبصر واعتبر:

- ‌الذنب الأكبر:

- ‌العلم الحقيقي:

- ‌العلم النافع:

- ‌غاية العلم:

- ‌الباب الأعظم:

- ‌العقل المُعطَّل:

- ‌فلننتبه قبل فوات الأوان:

- ‌فضيلة التفكر:

- ‌علم اليقين:

- ‌مستهدف التربية المعرفية:

- ‌المحور الثانيالقلب والتربية الإيمانية

- ‌مركز الإرادة:

- ‌المعرفة وحدها لا تكفي:

- ‌أفلا تتقون

- ‌عندما يضعف الإيمان:

- ‌الإيمان يصنع المعجزات:

- ‌الحارس الأمين:

- ‌الإيمان وحل المشكلات:

- ‌اليقظة الدائمة:

- ‌هكذا كان حال الصحابة:

- ‌مستهدف التربية الإيمانية:

- ‌المحور الثالثالنفس وضرورة تزكيتها

- ‌ما هي النفس

- ‌أقسام هوى النفس:

- ‌ الشهوة الخفية:

- ‌خطورة الرضا عن النفس والإعجاب بها:

- ‌ما هو العُجب

- ‌لماذا يحبط العُجب العمل

- ‌وأن أعمل صالحًا ترضاه:

- ‌ماذا لو أهملت التربية النفسية

- ‌نماذج مضيئة:

- ‌مستهدف التربية النفسية:

- ‌المحور الرابعبذل الجهد في سبيل الله(التربية الحركية)

- ‌لا مصادمة للفطرة:

- ‌المحور الأول: العمل الصالح

- ‌المحور الثاني: دعوة الخلق إلى الله:

- ‌واإسلاماه:

- ‌مستهدف التربية الحركية:

- ‌التكامل التربوي

- ‌إحسان العمل أولاً:

- ‌احذر نفسك:

- ‌الحركة المباركة:

- ‌ماذا لو أُهملت التربية

- ‌أعلم ولكن لا أستطيع:

- ‌عبادة الذات:

- ‌تفريغ الطاقة وبذل الجهد:

- ‌خطورة الحركة بدون زاد:

- ‌لا استثناء لأحد:

- ‌هكذا كانوا:

- ‌بأي الجوانب نبدأ

- ‌من فوائد البدء بالتربية الإيمانية:

- ‌الرؤية التربوية

- ‌ضوابط لا بد منها:

- ‌استمرارية التربية

- ‌إلى متي التربية

- ‌عتاب للصفوة:

- ‌لماذا لا تظهر ثمرة التربية

- ‌السن الصغيرة والاستعداد الكبير:

- ‌اليقين الراسخ وصعوبة تغييره:

- ‌هل نترك التربية

- ‌الخطوة الأولى…عزم وتوكل

- ‌الإمداد على قدر الاستعداد:

- ‌العزيمة على الرشد:

- ‌اعزم وتوكل وانطلق:

الفصل: ‌لا استثناء لأحد:

‌لا استثناء لأحد:

لو جاز لأحد أن يترك نفسه بدون زاد، لجاز لسيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، فمع انشغاله الشديد بتبليغ دعوة ربه، نجد الخطاب الإلهي الموجه إليه:"فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ"[الشرح: 7]، أي إذا فرغت من الجهاد، ودعوة الناس، فانصب للعبادة (1).

والذي يتأمل واقعه صلى الله عليه وسلم يجده حريصا على دوام ذكر الله، وقراءة القرآن، وقيام الليل، لدرجة أنه لم يترك القيام في سفر أو حضر كما أخبرت بذلك السيدة عائشة رضي الله عنها (2).

ولك أن تتأكد أكثر وأكثر بضرورة عدم التهاون في التزود اليومي بالزاد النافع إذا ما قرأت هذا الحديث:

عن أوس بن حذيفة الثقفي أنه كان في الوفد الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني مالك فأنزلهم في قبة في المسجد، قال: فكان يأتينا فيحدثنا بعد العشاء، وهو قائم حتى يراوح بين قدميه من طول القيام .. فاحتبس عنا ليلة،

فقلنا: يا رسول الله لبثت عنا الليلة أكثر مما كنت تلبث! فقال: «نعم طَرَأ

علىّ حزبي من القرآن، فكرهت أن أخرج من المسجد حتى أقضيه» (3).

وعلى هذا النهج كان الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا دوما يوازنون بين الزاد والحركة، ويدركون خطورة إهمال التزود؛ فهذا عبد الرحمن بن عبد القاري يقص علينا قصة عجيبة حدثت له مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: استأذنت على عمر بالهاجرة، فحبسني طويلا، ثم أذن لي وقال: إني كنت في قضاء وردي (4).

وإن تعجب فعجبٌ فعل الأوائل في المعارك .. فعلى الرغم من الجهد العظيم الذي يُبذل في ساحات القتال إلا أننا نجدهم يحرصون على قيام الليل، وتلاوة القرآن، والتضرع إلى الله عز وجل!! ولك أن تتأكد من هذا المعنى بقراءة هذا الخبر:

بعد معركة القادسية؛ والتي استمرت بضعة أيام، وانتهت بانتصار جيش المسلمين على جيش الفرس أرسل قائد الجيش سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسالة يبشره فيها بالفتح، فكان مما جاء فيها:

«وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ، وفلان، وفلان، ورجال من

المسلمين لا يعلمهم إلا الله، فإنه بهم عالم .. كانوا يدوون بالقرآن إذا جن

عليهم الليل كدوى النحل، وهم آساد في النهار لا تشبههم الأسود» (5).

‌هكذا كانوا:

وعندما ننظر إلى حال المصلحين الذين كان لهم أثر إيجابي في تاريخ

الأمة، نجدهم قد حققوا التوازن بين الاهتمام بتحصيل الزاد وبين الحركة وبذل الجهد في سبيل الله.

يقول القاضي ابن شداد عن القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي:

وأما الصلاة، فكان رحمه الله شديد المواظبة عليها، حتى إنه ذكر يوما أنه من سنين ما صلى إلا جماعة، وكان يواظب على السنن الرواتب، وكان له صلوات يصليها إذا استيقظ من الليل، وإلا أتى بها قبل قيام الفجر، وكان رحمه الله يحب سماع القرآن العظيم، وكان خاشع القلب، غزير الدمع، إذا سمع القرآن يخشع قلبه وتدمع عينه في معظم أوقاته (6).

وعندما نقرأ في رسائل الإمام المجدد حسن البنا، نجد أن هذا المعنى واضح تمام الوضوح في كلامه.

يقول رحمه الله في رسالة إلى أي شيء ندعو الناس:

(1) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/ 479.

(2)

رواه أبو داود.

(3)

رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد.

(4)

فضائل القرآن لأبي عبيد الهروي.

(5)

البداية والنهاية لابن كثير 7/ 50.

(6)

رهبان الليل لسيد حسن العفاني 1/ 435، 436.

ص: 36