الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، مَوْلًى لآلِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: " إِنَّ
الْكَعْبَةَ خُلِقَتْ قَبْلَ الأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ وَهِيَ مِنَ الأَرْضِ.
قَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ حَشَفَةً عَلَى الْمَاءِ، يَعْنِي زَبَدًا
عَلَى الْمَاءِ، عَلَيْهَا مَلَكَانِ مِنَ الْمَلائِكَةِ يُسَبِّحَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَلْفَيْ سَنَةٍ.
قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تبارك وتعالى أَنْ يَخْلُقَ الأَرْضَ دَحَاهَا مِنْهَا فَجَعَلَهَا فِي وَسَطِ الأَرْضِ.
قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بَعَثَ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ يَأْتِي بِتُرَابٍ مِنَ الأَرْضِ فَلَمَّا أَهْوَى لِيَأْخُذَ مِنْهَا ، قَالَتْ لَهُ الأَرْضُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ إِلَيَّ أَنْ لا تْأَخُذَ مِنِّي الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا.
قَالَ: فَتَرَكَهَا فَلَمَّا رَجِعَ إِلَى رَبِّهِ ، قَالَ: مَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْتِينِي بِمَا أَمَرْتُكِ؟ قَالَ: يَا رَبِّ سَأَلْتَنِي بِكَ أَنْ لا آخُذَ مْنِهَا شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا ، فَأَعْظَمْتُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا سَأَلَنِي بِكَ.
قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ آخَرَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ فَلَمَّا أَهْوَى لِيَأْخُذَ مِنْهَا ، قَالَتْ لَهُ الأَرْضُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ إِلَيَّ أَنْ لا تَأْخُذَ مِنِّي الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ ، قَالَ: فَتَرَكَهَا فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ؟ قَالَ: يَا رَبِّ سَأَلْتَنِي بِكَ أَنْ لا آخُذَ مِنْهَا شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا ، فَأَعْظَمْتُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا سَأَلَنِي بِكَ.
قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَ آخَرَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ فَلَمَّا أَهْوَى لِيَأْخُذَ مِنْهَا ، قَالَتْ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لِلأَوَّلِ فَتَرَكَهَا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ.
قَالَ: حَتَّى أَرْسَلَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ كُلَّهُمْ ، كُلُّ ذَلِكَ تَقُولُ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى رَبِّهِمْ فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ: حَتَّى أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ ، قَالَ: فَلَمَّا أَهْوَى لَيَأْخُذَ مِنْهَا ، قَالَتْ لَهُ الأَرْضُ: إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ أَنْ لا تَأْخُذَ مِنِّي الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا.
قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ: الَّذِي أَرْسَلَنِي أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنْكِ.
قَالَ: فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ طَيِّبِهَا وَخَبِيثِهَا حَتَّى كَانَتْ قَبْضَتُهُ عِنْدَ مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى رَبِّهِ فَصَبَّ عَلَيْهَا مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ حَتَّى كَانَتْ حَمَأً مَسْنُونًا فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ بِيَدِهِ ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] .
قَالَ: ثُمَّ تَرَكَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لا يَنْفُخُ فِيهِ ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ.
قَالَ: فَجَرَى فِيهِ الرُّوحُ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى صَدْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَدِبَّ.
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37] .
قَالَ: فَلَمَّا جَرَى فِيهِ الرُّوحُ جَلَسَ جَالِسًا فَعَطَسَ ، فَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ.
فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.
قَالَ: رَحِمَكَ رَبُّكَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا آدَمُ انْطَلِقْ إِلَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ مِنَ الْمَلائِكَةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَقَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَقَالَ: يَا آدَمُ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ.
قَالَ: يَا رَبِّ وَمَنْ ذُرِّيَّتِي؟ قَالَ: يَا آدَمُ فِي أَيِّ يَدَيَّ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُرِيَكَ ذُرِّيَّتَكَ فِيهَا.
قَالَ: يَمِينُ رَبِّيِ ، وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ ، قَالَ: فَبَسَطَ يَمِينُهُ فَإِذَا ذُرِّيَّةُ آدَمَ كُلُّهُمْ ، مَا هُوَ خَالِقٌ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّحِيحُ عَلَى هَيْئَتِهِ ، وَالْمُبْتَلَى عَلَى هَيْئَتِهِ ، وَالأَنْبِيَاءُ عَلَى هَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَ آدَمُ: رَبِّ هَؤُلَاءِ أَعْطَيْتَهُمْ لَوْ أَعْطَيْتَهُمْ جَمِيعًا كُلَّهُمْ.
قَالَ: يَا آدَمُ إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ.
قَالَ: فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلا سَاطِعًا نُورُهُ ، قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: ابْنُكَ دَاوُدُ.
قَالَ: كَمْ عُمْرُهُ يَا رَبِّ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً.
قَالَ: فَكَمْ عُمْرِي؟ قَالَ: أَلْفٌ.
قَالَ: انْقُصْ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً فَزِدْهُ فِي عُمْرِهِ.
ثُمَّ رَأَى آخَرَ سَاطِعًا نُورُهُ لَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنَ الأَتْبَاعِ مِثْلُ مَا مَعَهُ ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا أَيْ رَبِّ؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ.
قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يَسْبِقُنِي إِلَى الْجَنَّةِ وَلا أَحْسِدُهُ.
قَالَ: فَلَمَّا مَضَى لآدَمَ عليه السلام أَلْفُ سَنَةٍ إِلا أَرْبَعِينَ سَنَةً جَاءَهُ الْمَلَكُ يَتَوَفَّوْنَهُ عَيَانًا ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ نَتَوَفَّاكَ بِعِيٍّ.
قَالَ: قَدْ بَقِيَ لِي حَتَّى الآنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً.
فَقَالُوا: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: مَا أَعْطَيْتُ أَحَدًا شَيْئًا.
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتَهُ ، وَنَسِيَ آدَمُ صَلَوَاتِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتَهُ "
بَاقِي نُبَوَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا كَانَ مِنْ ذِكْرِهِ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ.