المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌رابعا: العصمة: العصمة هي الحصانة التي يحيط بها الله تعالى أنبياءه - الحاجة إلى الرسل

[-]

الفصل: ‌ ‌رابعا: العصمة: العصمة هي الحصانة التي يحيط بها الله تعالى أنبياءه

‌رابعا: العصمة:

العصمة هي الحصانة التي يحيط بها الله تعالى أنبياءه حتى يكونوا بمأمن عن الانزلاق إلى الخطيئة وحتى لا تجد الشرور والآثام سبيلا إلى نفوسهم وحتى يظلوا منذ بعثتهم وحتى وفاتهم مبرأين من النقائص والعيوب.

أولا: العصمة في التحمل عن الله تعالى والتبليغ إلى الناس: إن الرسل اتفاقا - معصومون من النسيان في تحمل الرسالة فهم لا ينسون شيئا مما أرسلهم الله تعالى به كما قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} وقال: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} وقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} كما أن الرسل معصومون في تبليغ ما أمرهم الله تعالى بتبليغه وسبب عصمتهم في ذلك ما يلي:

1-

لأن الأمر لا يستقيم إذا أخطأ الرسول في التبليغ عن الله تعالى إذ يترتب على ذلك أحد أمرين:

ص: 28

أ- إما أن يسكت الوحي عن تصحيح الخطأ الذي وقع من النبي مما يعني أن الله تعالى أراد أن يبلغ الناس أمرا معينا ثم رضي تعالى أن يبلغ عنه النبي غير ما أمره وهذا لا يجوز على الله تعالى.

ب- وإما أن ينزل الوحي بالتصحيح فيعود الرسول ويقول: إن الله أمرني أن أبلغكم كذا ولكني أخطأت في التبليغ وهذا هو تصحيح البلاغ فينتج عن ذلك لا محالة أن يفقد الناس الثقة به وكلا الأمرين غير مُتَصَوّر عن النبي لما سبق أن بيناه.

2-

أن الأمر لا يستقيم كذلك إذا أخطأ النبي في تنفيذ ما أوحى الله به إليه؛ لأن القدوة تنتفي حينئذ ويضطرب الأمر في نفوس الأتباع الذين اتبعوا الرسل فلا يعرفون أي طريق يسلكون.

ص: 29

ثانيا: العصمة من الذنوب: لقد عصم الله تعالى أنبياءه من ارتكاب الذنوب والمعاصي وطهرهم من ذلك فلا تقع منهم كبيرة مطلقا عمدا ولا سهوا كما أنهم لا يتعمدون ارتكاب صغيرة ذلك أن الناس مأمورون باتباع الرسل والاقتداء بهم كما قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} فلو جازت المعصية الكبيرة في حقهم لانتفت عنهم القدوة. فكل ما ينسب إلى الأنبياء من المعاصي والآثام والقبائح إنما هو كذب وافتراء عليهم؛ لأن الله تعالى قد عصمهم من ذلك فلا يقع منهم لا اختيارا ولا اضطرارا وكيف ينسب إلى أنبياء الله تعالى شرب الخمر والزنا بل وزنا المحارم والخيانة وغير ذلك من المنكرات وقد زكّاهم الله تعالى ومدحهم وهو الخبير بأحوالهم.

ص: 30

قال الله تعالى بعد أن ذكر قصة إبراهيم مع قومه ومحاولاتهم تحريقه قال: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} أما ما قد يصدر منهم من الصغائر فإنهم لا يُقَرُّونَ عليها بل إن الله تعالى يبين لهم ذلك ويوفقهم للتوبة منها بدون تأخير لذلك لما أكل آدم وحواء من الشجرة التي منعهما الله تعالى منها حين أغراهما الشيطان فإنهما بادرا بالتوبة: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وقد بين الله تعالى في سورة أخرى كيف أغرى الشيطان آدم عليه السلام بعد أن حذره الله تعالى وبين له أن الشيطان عدو له قال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى

ص: 31