الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فطف أنت ومن معك.. الخ" فيتسامح معه ومع أمثاله ما لا يتسامح مع غيرهم، فلا يطالبون بالجمع بين الليل والنهار.
أما من يعرفون المكان والزمان وحضروا في متسع من الزمن وليس هناك ضرورة ملحة تحملهم على ترك الجمع بين الليل والنهار فلا ينبغي التساهل في ترك هدي رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.
وبعد فإن هذا الاستنتاج هو مجرد فهم فهمته من دراسة النصوص المذكورة والمشار إليها في مطلع البحث فإن كان صواباً فمن فضل الله وتوفيقه ولله وحده الحمد والمنة وإن كان غير ذلك فمن نفسي وراجع إلى قصور فهمي وهو أمر معترف به فأسأله تعالى العفو والعافية.
الأحكام الفقهية
وفي ختام هذا البحث تذكر الأحكام الفقهية التي تتعلق بالوقوف بعرفة ونوجزها في الأرقام التالية:
1) أجمع أهل العلم على أن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج بل من أهم أركانه ومن فاته الوقوف فلا حج له، فعليه أن يتحلل بعمل العمرة أي يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه. وعليه الحج من العام المقبل سواء كان حجه واجباً أو تطوعاً لأن تمام الحج واجب على كل حال عملاً بقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} .
2) أما صفة أو كيفية أن يصل الحاج إلى عرفة صباح يوم عرفة بأن يغادر (منى) بعد طلوع الشمس وإذا وصل منطقة عرفة لا يدخلها بل ينزل بنمرة غربي المسجد المعروف ويبقى بها إلى الزوال فإذا زالت الشمس ينتقل إلى عرفة حيث المسجد فيصلى بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً مع الإمام إن تيسر بعد أن يحضر الخطبة التي يشرح فيها الإمام أعمال يوم عرفة وما بعده ثم يذهب إلى الموقف فيرتفع من وادي عرفة ويتجاوز العلامات المنصوبة هناك التي تبين ابتداء الموقف فإذا تجاوزها فيقف
حيث يتيسر له الوقوف راكباً أو راجلاً، جالساً أو مضطجعاً إن دعت الحاجة إلى الاضطجاع فيبقى بعرفة حتى تغرب الشمس ثم يفيض إلى مزدلفة ويؤخر صلاة المغرب ليجمع مع العشاء في مزدلفة ودليل ذلك فعله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كما يدل على ذلك حديث جابر بن عبد الله وغيره ثم قوله عليه الصلاة والسلام "خذوا عنى مناسككم" هذا ولو مرض الحاج فنام في مستشفى عرفة وقد نوى الوقوف بعرفة فقد تم حجه إذا كان عاقلاً أما لو كان مجنوناً أو سكراناً فلا يصح وقوفهما وبالتالي لا يصح حجهما، وهذا الذي ذكرناه من الجمع بين الليل والنهار هو الذي عليه جمهور أهل العلم لكونه موافقاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وظاهر مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن زمن الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفه إلى طلوع الفجر يوم النحر فمن وجد بعرفة في شيء من هذا الزمن وهو عاقل فقد تم حجه وقد ناقشنا هذه المسألة في صلب البحث بما فتح الله وذكرنا كيفية التوفيق بين أقوال أهل العلم في هذه المسألة والله ولي التوفيق.
3) وجوب الجمع بين الليل والنهار في حالة السعة والاختيار ومن ترك الجمع بين الليل والنهار فعليه الدم عند جمهور العلماء لتركه الواجب عملاً بحديث ابن عباس "من ترك نسكاً فعليه الدم" أما الإمام مالك فيرى أن من أفاض قبل الليل فلم يرجع فلا حج له. ودليله فعله عليه الصلاة والسلام مع قوله "خذوا عنى مناسككم".
4) لا يتقيد الحاج بموضع معين بجبل الرحمة أو غيره بل يقف حيث تيسر له الوقوف عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام: " وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف" وقد قال الرسول هذا القول رفعاً للحرج وتوسعة على الأمة فعلى الحجاج أن يتمتعوا بهذه التوسعة وهذه الرحمة.
5) أن يقف الحاج زمناً يصدق عليه الوقوف الشرعي بنية الوقوف وهو عاقل غير مجنون ولا سكران (لأن الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى) .
6) لا يشترط للوقوف بعرفة الطهارة الكبرى ولا الصغرى، ودليل ذلك قصة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين حاضت في حجة الوداع وهي محرمة بالعمرة فأمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تدخل الحج على العمرة ثم تفعل كل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت فوقفت رضي الله عنها وهي حائضة فإذا صح الوقوف مع الحديث الأكبر فصحته مع الحدث الأصغر أولى والله أعلم.
7) وجوب المحافظة على عبادة المسلمين وعقيدتهم بإزالة كل ما يدعو إلى تعلق القلب بغير الله من بناء أو حجر أو شجر كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قطع شجرة البيعة التي كانت بالحديبية وفعله رضي الله عنه عند حجه مع إضافة عموم أدلة وجوب إزالة المنكر وأدلة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المراتب المعروفة.
وما من شك إن الجهات المسئولة عن الحجاج وشئونهم وتوعيتهم وتوجيههم تملك يداً قوية تستطيع إزالة كل ما أشرنا إليه بعد توفيق الله تعالى والله ولي التوفيق..
محمد أمان بن علي الجامي
عميد كلية الحديث الشريف
والدراسات الإسلامية
بالجامعة الإسلامية- المدينة المنورة