المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة … بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، - أدب الموعظة

[محمد بن إبراهيم الحمد]

الفصل: ‌ ‌مقدمة … بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،

‌مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن الإسلام دين يدعو إلى أقوم محجة، ويرمي إلى أشرف غاية. وما دعوته إلا هداية الناس إلى سبيل الحق، وتنبيههم إلى مكان الفضيلة.

وما غايته إلا أن يحيا الناس حياة طيبة في العاجل، ثم يفوزوا في الآخرة بسعادة خالدة، وعطاء غير مجذوذ في الآجل.

وللحق نور باهر، وللفضيلة جمال ساحر، ولكن النفوس الناشئة في بيئة خاسرة، أو الغارقة في أهواء سافلة يقف أمامها الحق فتخاله باطلا، وتتعرض لها الفضيلة فتحسبها شيئا منكر؛ فلا يكفي في دعوة الحق أن يطرق الداعي بها المجالس، ويصدع بكلمة الحق من غير أن يشد أزرها بالحجة، ويتخير لها الأسلوب الذي يجعلها مألوفة للعقول، خفيفة الوقع على الأسماء.

وفي القرآن الكريم ما يدل على أن الدعوة الصادقة لا يثبت أصلها، وتمتد فروعها، وتؤتي ثمرها – إلا أن يقوم بناؤها على أساس الحجة، ويذهب بها الداعي كل مذهب حكيم، ويأخذ فيها بكل أدب جميل.

وشواهد ذلك في القرآن كثيرة، قال الله- تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] .

وكذلك دعوة النبي- صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام؛ فإنها كانت محفوفة بما يقرب العقول إلى قبولها، وتألف النفوس إلى سماعها؛ فكان- صلى الله عليه وسلم يراعي في إبلاغها

ص: 3

الطرق الكفيلة بنجاحها؛ فيورد لكل مقام مقالا يناسبه، ويكسو كل معنى من المعاني ثوبا يليق به، ويخاطب كل طائفة على قدر عقولهم، ويلا قيهم بالسيرة التي هي أدعى إلى إقبالهم، وأسرع أثرا في صرفهم عن غوايتهم.

ولا ريب أن الوعظ عمل جليل، وله- في نظر الشارع- مقام رفيع.

فلوعظ هو الدعوة إلى ما فيه خير وصلاح، والتحذير مما فيه شر وفساد.

والواعظ هو الذي يرشد الجاهلين، وينبه الغافلين، ويعالج النفوس الطائشة مع أهوائها؛ ليعيدها إلى فطرتها السليمة من الإقبال على الفضائل، والترفع عن الرذائل.

ولكن القيام بهذا العمل جهاد يحتاج إلى المعية مهذبة، ودراية بالطرق الحكيمة، علاوة على العلم الذي يميز به بين الحق الباطل، ويفرق به بين المعروف والمنكر.

ثم إن العلم والنباهة، وحكمة الأسلوب لا تأتي بثمرتها المنشودة إلا أن يكون الواعظ طيب السريرة، مستقيم السيرة.

هذه هي آداب الموعظة، وأدواتها على سبيل الإجمال.1

أما تفصيل ذلك فسيأتي في ثنايا الصفحات التالية- إن شاء الله-.

وسيلحظ القارئ الكريم أن بعض تلك الآداب داخل في بعض، وأن بعض الآثار يصلح إيراده في أكثر من موضع؛ فلهذا قد يجمل الكلام في موضع، ويفصل في موضع آخر.

ثم إن تلك الآداب شاملة لأدب الواعظ في نفسه، وأدبه في موعظته،

1 - انظر إلى كتاب: محمد رسول الله وخاتم النبيين ص110 –111، وكتاب الدعوة إلى الإصلاح ص 64-65 ، وكلاهما للشيخ محمد الخضر حسين.

ص: 4

وطريقة عرضه.

وقبل الدخول في تفصيل تلك الآداب يحسن الوقوف على تعريف الموعظة، وورودها في القرآن، وبيان مقاصدها وحكمها.

فعسى أن تكون تلك الصفحات نافعة مباركة، وأن يكتب الله لها القبول، ولصاحبها الإصابة والإخلاص؛ إنه سميع قريب، والله مستعان وعليه التكلان، والحمد لله رب العالمين.

محمد بن إبراهيم الحمد

5/8/1423

الزلفي 11932

ص. ب:460

www.toislam.org

ص: 5