المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِبْرَاهِيم على - الدر المنثور في التفسير بالمأثور - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

الفصل: أخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِبْرَاهِيم على

أخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِبْرَاهِيم على ديننَا

وَقَالَت النَّصَارَى: هُوَ على ديننَا

فَأنْزل الله {مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا} الْآيَة

فأكذبهم الله وأدحض حجتهم

وَأخرج عَن الرّبيع

مثله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: قَالَ كَعْب وَأَصْحَابه وَنَفر من النَّصَارَى: إِن إِبْرَاهِيم منا ومُوسَى منا والأنبياء منا

فَقَالَ الله {مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما}

وَأخرج ابْن جرير عَن سَالم بن عبد الله لَا أرَاهُ إِلَّا يحدثه عَن أَبِيه

أَن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل خرج إِلَى الشَّام يسْأَل عَن الدّين ويتبعه فلقي عَالما من الْيَهُود فَسَأَلَهُ عَن دينه وَقَالَ: إِنِّي لعلّي أَن أدين دينكُمْ فَأَخْبرنِي عَن دينكُمْ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ: إِنَّك لن تكون على ديننَا حَتَّى تَأْخُذ بنصيبك من غضب الله قَالَ زيد: مَا أفر إِلَّا من غضب الله وَلَا أحمل من غضب الله شَيْئا أبدا فَهَل تدلني على دين لَيْسَ فِيهِ هَذَا قَالَ: مَا أعلمهُ الا أَن تكون حَنِيفا

قَالَ: وَمَا الحنيف قَالَ: دين إِبْرَاهِيم لم يكن يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَكَانَ لَا يعبد إِلَّا الله

فَخرج من عِنْده فلقي عَالما من النَّصَارَى فَسَأَلَهُ عَن دينه فَقَالَ: إِنِّي لعَلي أَن أدين دينكُمْ فَأَخْبرنِي عَن دينكُمْ قَالَ: إِنَّك لن تكون على ديننَا حَتَّى تَأْخُذ بنصيبك من لعنة الله قَالَ: لَا أحتمل من لعنة الله شَيْئا وَلَا من غضب الله شَيْئا أبدا فَهَل تدلني على دين لَيْسَ فِيهِ هَذَا فَقَالَ لَهُ نَحْو مَا قَالَ الْيَهُودِيّ: لَا أعلمهُ إِلَّا أَن تكون حَنِيفا

فَخرج من عِنْدهم وَقد رَضِي بِالَّذِي أخبراه وَالَّذِي اتفقَا عَلَيْهِ من شَأْن إِبْرَاهِيم

فَلم يزل رَافعا يَدَيْهِ ألى الله وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك إِنِّي على دين إِبْرَاهِيم

ص: 237

الْآيَة‌

‌ 68

أخرج عبد بن حميد من طَرِيق شهر بن حَوْشَب حَدثنِي ابْن غنم أَنه لما أَن خرج أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيّ أدركهم عَمْرو بن الْعَاصِ وَعمارَة بن أبي معيط فأرادوا عنتهمْ وَالْبَغي عَلَيْهِم فقدموا على النَّجَاشِيّ وَأَخْبرُوهُ أَن هَؤُلَاءِ الرَّهْط

ص: 237

الَّذين قدمُوا عَلَيْك من أهل مَكَّة إِنَّمَا يُرِيدُونَ أَن يخبلوا عَلَيْك ملكك ويفسدوا عَلَيْك أَرْضك ويشتموا رَبك

فَأرْسل إِلَيْهِم النَّجَاشِيّ فَلَمَّا أَن أَتَوْهُ قَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُول صاحباكم هَذَانِ لعَمْرو بن الْعَاصِ وَعمارَة بن أبي معيط يزعمان أَنما جئْتُمْ لتخبلوا عليَّ ملكي وتفسدوا عَليّ أرضي

فَقَالَ عُثْمَان بن مَظْعُون وَحَمْزَة: إِن شِئْتُم فَخلوا بَين أَحَدنَا وَبَين النَّجَاشِيّ فلنكلمه فانا أَحْدَثَكُمْ سنا فَإِن كَانَ صَوَابا فَالله يَأْتِي بِهِ وَإِن كَانَ غير ذَلِك قُلْتُمْ رجل شَاب لكم فِي ذَلِك عذر

فَجمع النَّجَاشِيّ قسيسيه ورهبانه وتراجمته ثمَّ سَأَلَهُمْ أَرَأَيْتكُم صَاحبكُم هَذَا الَّذِي من عِنْده جئْتُمْ مَا يَقُول لكم وَمَا يَأْمُركُمْ بِهِ وَمَا يَنْهَاكُم عَنهُ

هَل لَهُ كتاب يقرأه قَالُوا: نعم

هَذَا الرجل يقْرَأ مَا أنزل الله عَلَيْهِ وَمَا قد سمع مِنْهُ وَهُوَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَيَأْمُر بِحسن الْمُجَاورَة وَيَأْمُر باليتيم وَيَأْمُر بِأَن يعبد الله وَحده وَلَا يعبد مَعَه إِلَه أخر

فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَة الرّوم وَسورَة العنكبوت وَأَصْحَاب الْكَهْف وَمَرْيَم

فَلَمَّا ان ذكر عِيسَى فِي الْقُرْآن أَرَادَ عَمْرو أَن يغضبه عَلَيْهِم فَقَالَ: وَالله إِنَّهُم ليشتمون عِيسَى ويسبونه قَالَ النَّجَاشِيّ: مَا يَقُول صَاحبكُم فِي عِيسَى قَالَ: يَقُول أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وروحه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم

فَأخذ النَّجَاشِيّ نفثة من سواكه قدر مَا يقذي الْعين فَحلف مَا زَاد الْمَسِيح على مَا يَقُول صَاحبكُم مَا يزن ذَلِك القذى فِي يَده من نفثة سواكه فابشروا وَلَا تخافوا فَلَا دهونة - يَعْنِي بِلِسَان الْحَبَشَة الْيَوْم على حزب إِبْرَاهِيم - قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: مَا حزب إِبْرَاهِيم قَالَ: هَؤُلَاءِ الرَّهْط وصاحبهم الَّذِي جاؤوا من عِنْده وَمن اتبعهم

فأنزلت ذَلِك الْيَوْم خصومتهم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن لكل نَبِي وُلَاة من النَّبِيين وَإِن وليي مِنْهُم أبي وخليل رَبِّي ثمَّ قَرَأَ {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الحكم بن ميناء أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا معشر قُرَيْش إِن أولى النَّاس بِالنَّبِيِّ المتقون فكونوا أَنْتُم بسبيل ذَلِك فانظروا أَن لَا يلقاني النَّاس يحملون الْأَعْمَال وتلقوني بالدنيا تحملونها فأصدُّ عَنْكُم بوجهي

ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِم

ص: 238

هَذِه الْآيَة {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ} يَقُول الَّذين اتَّبعُوهُ على مِلَّته وسنته ومنهاجه وفطرته {وَهَذَا النَّبِي} وَهُوَ نَبِي الله مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {وَالَّذين آمنُوا مَعَه} وهم الْمُؤْمِنُونَ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كل مُؤمن ولي لإِبْرَاهِيم مِمَّن مضى وَمِمَّنْ بَقِي

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَوْلَاد الْمُؤمنِينَ فِي جبل فِي الْجنَّة يكفلهم إِبْرَاهِيم وَسَارة حَتَّى يردهم إِلَى آبَائِهِم يَوْم الْقِيَامَة

الْآيَات 69 - 74

ص: 239

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: كل شَيْء فِي آل عمرَان من ذكر اهل الْكتاب فَهُوَ فِي النَّصَارَى

ص: 239

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب لمَ تكفرون بآيَات الله وَأَنْتُم تَشْهَدُون} قَالَ: تَشْهَدُون أَن نعت نَبِي الله مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فِي كتابكُمْ ثمَّ تكفرون بِهِ وتنكرونه وَلَا تؤمنون بِهِ وَأَنْتُم تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل

النَّبِي الْأُمِّي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع

مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب لم تكفرون بآيَات الله} قَالَ: مُحَمَّد {وَأَنْتُم تَشْهَدُون} قَالَ: تَشْهَدُون أَنه الْحق تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {لم تكفرون بآيَات الله} قَالَ: بالحجج {وَأَنْتُم تَشْهَدُون} ان الْقُرْآن حق وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله تجدونه مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة والإِنجيل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {لمَ تكفرون بآيَات الله وَأَنْتُم تَشْهَدُون} على أَن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام لَيْسَ لله دين غَيره

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {لمَ تلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ} يَقُول: لمَ تخلطون الْيَهُودِيَّة والنصرانية بِالْإِسْلَامِ وَقد علمْتُم أَن دين الله الَّذِي لَا يقبل من أحد غَيره الْإِسْلَام {وتكتمون الْحق} يَقُول: تكتمون شَأْن مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُم تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة والإِنجيل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة

مثله

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عبد الله بن الضَّيْف وعدي بن زيد والحرث بن عَوْف بَعضهم لبَعض: تَعَالَوْا نؤمن بِمَا أنزل الله على مُحَمَّد وَأَصْحَابه غدْوَة ونكفر بِهِ عَشِيَّة حَتَّى نلبس عَلَيْهِم دينهم لَعَلَّهُم يصنعون كَمَا نصْنَع فيرجعون عَن دينهم

فَأنْزل الله فيهم {يَا أهل الْكتاب لمَ تلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ} إِلَى قَوْله {وَالله وَاسع عليم}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك قَالَ: قَالَت الْيَهُود بَعضهم لبَعض: آمنُوا مَعَهم بِمَا يَقُولُونَ أول النَّهَار وَارْتَدوا آخِره لَعَلَّهُم يرجعُونَ مَعكُمْ

فَاطلع الله على سرهم فَأنْزل الله تَعَالَى {وَقَالَت طَائِفَة من أهل الْكتاب آمنُوا بِالَّذِي أنزل} الْآيَة

ص: 240

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَقَالَت طَائِفَة من أهل الْكتاب} الْآيَة

قَالَ: كَانَ أَحْبَار قرى عَرَبِيَّة إثنى عشر حبرًا فَقَالُوا لبَعْضهِم: أدخلُوا فِي دين مُحَمَّد أول النَّهَار وَقُولُوا: نشْهد أَن مُحَمَّدًا حق صَادِق فَإِذا كَانَ آخر النَّهَار فاكفروا وَقُولُوا: إِنَّا رَجعْنَا إِلَى عُلَمَائِنَا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا: أَن مُحَمَّدًا كَاذِب وَإِنَّكُمْ لَسْتُم على شَيْء وَقد رَجعْنَا إِلَى ديننَا فَهُوَ أعجب إِلَيْنَا من دينكُمْ لَعَلَّهُم يَشكونَ فَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا مَعنا أول النَّهَار فَمَا بالهم فَأخْبر الله رَسُوله بذلك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَالَت طَائِفَة} الْآيَة

قَالَ: أَن طَائِفَة من الْيَهُود قَالَت: إِذا لَقِيتُم أَصْحَاب مُحَمَّد أول النَّهَار فآمنوا وَإِذا كَانَ آخِره فصلوا صَلَاتكُمْ لَعَلَّهُم يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أهل الْكتاب وهم أعلم منا لَعَلَّهُم يَنْقَلِبُون عَن دينهم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَالَت طَائِفَة} الْآيَة

قَالَ: كَانُوا يكونُونَ مَعَهم أول النَّهَار ويجالسونهم ويكلمونهم فَإِذا أَمْسوا وَحَضَرت الصَّلَاة كفرُوا بِهِ وتركوه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {آمنُوا بِالَّذِي أنزل على الَّذين آمنُوا وَجه النَّهَار} يهود تَقوله صلت مَعَ مُحَمَّد صَلَاة الْفجْر وَكَفرُوا آخر النَّهَار مكراً مِنْهُم ليروا النَّاس أَن قد بَدَت لَهُم مِنْهُ الضَّلَالَة بعد إِذْ كَانُوا اتَّبعُوهُ

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع فِي قَوْله {وَجه النَّهَار} قَالَا: أول النَّهَار

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} قَالَ: هَذَا قَول بَعضهم لبَعض

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع

مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} قَالَ: لَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع الْيَهُودِيَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَت الْيَهُود تَقول أحبارها للَّذين من دينهم: ائْتُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه أول النَّهَار فَقولُوا نَحن على دينكُمْ فَإِذا كَانَ بالْعَشي فأتوهم فَقولُوا لَهُم: إِنَّا كفرنا بدينكم وَنحن على ديننَا

ص: 241

الأول إِنَّا قد سَأَلنَا علماءنا فأخبرونا أَنكُمْ لَسْتُم على شَيْء

وَقَالُوا لَعَلَّ الْمُسلمين يرجعُونَ إِلَى دينكُمْ فيكفرون بِمُحَمد {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} فَأنْزل الله {قل إِن الْهدى هدى الله}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} حسداً من يهود أَن تكون النبوّة فِي غَيرهم وَإِرَادَة أَن يتابعوا على دينهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك وَسَعِيد بن جُبَير {أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} قَالَا: أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ الله لمُحَمد {قل إِن الْهدى هدى الله}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَ الله لمُحَمد {قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} يَا أمة مُحَمَّد {أَو يحاجوكم عِنْد ربكُم} يَقُول الْيَهُود: فعل الله بِنَا كَذَا وَكَذَا من الْكَرَامَة حَتَّى أنزل علينا الْمَنّ والسلوى فَإِن الَّذِي أَعْطَاكُم أفضل فَقولُوا {إِن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} يَقُول: لما أنزل الله كتابا مثل كتابكُمْ وَبعث نَبيا كنبيكم حسدتموه على ذَلِك {قل إِن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء}

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع

مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} يَقُول: هَذَا الْأَمر الَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ مثل مَا أُوتِيتُمْ {أَو يحاجُّوكم عِنْد ربكُم} قَالَ: قَالَ بَعضهم لبَعض: لَا تخبروهم بِمَا بينَّ الله لكم فِي كِتَابه {ليحاجُّوكم} قَالَ: ليخاصموكم بِهِ عِنْد ربكُم فَتكون لَهُم حجَّة عَلَيْكُم {قل إِن الْفضل بيد الله} قَالَ: الْإِسْلَام {يخْتَص برحمته من يَشَاء} قَالَ: الْقُرْآن وَالْإِسْلَام

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {يخْتَص برحمته من يَشَاء} قَالَ: النبوّة يخْتَص بهَا من يَشَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {يخْتَص برحمته من يَشَاء} قَالَ: رَحمته الْإِسْلَام

يخْتَص بهَا من يَشَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {ذُو الْفضل الْعَظِيم} يَعْنِي الوافر

ص: 242

الْآيَتَانِ 75 - 76

ص: 243

أخرح عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَمن أهل الْكتاب من إِن تأمنه بقنطار يؤده إِلَيْك} قَالَ: هَذَا من النَّصَارَى {وَمِنْهُم من أَن تأمنه بِدِينَار لَا يؤدِّه إِلَيْك} قَالَ: هَذَا من الْيَهُود {إِلَّا مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} قَالَ: إِلَّا مَا طلبته واتبعته

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمِنْهُم من إِن تأمنه بِدِينَار لَا يؤدِّه إِلَيْك} قَالَ: كَانَت تكون دُيُون لأَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِم فَقَالُوا: لَيْسَ علينا سَبِيل فِي أَمْوَال أَصْحَاب مُحَمَّد إِن أمسكناها

وهم أهل الْكتاب أمروا أَن يؤدوا إِلَى كل مُسلم عَهده

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: إِنَّمَا سمي الدِّينَار لِأَنَّهُ دين ونار قَالَ: مَعْنَاهُ أَن من أَخذه بِحقِّهِ فَهُوَ دينه وَمن أَخذه بِغَيْر حَقه فَلهُ النَّار

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن الدِّرْهَم لمَ سمي درهما وَعَن الدِّينَار لمَ سمي دِينَارا قَالَ: أما الدِّرْهَم فَكَانَ يُسمى دَارهم وَإِمَّا الدِّينَار فضربته الْمَجُوس فَسُمي دِينَارا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِلَّا مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} قَالَ: مواظباً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {إِلَّا مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} يَقُول: يعْتَرف بأمانته مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما على رَأسه فَإِذا قُمْت ثمَّ جِئْت تطلبه كافرك الَّذِي يُؤَدِّي وَالَّذِي يجْحَد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} قَالَ: قَالَت الْيَهُود: لَيْسَ علينا فِيمَا أصبْنَا من أَمْوَال الْعَرَب سَبِيل

ص: 243

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: يُقَال لَهُ مَا بالك لَا تُؤدِّي أمانتك فَيَقُول: لَيْسَ علينا حرج فِي أَمْوَال الْعَرَب قد أحلَّها الله لنا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت {وَمن أهل الْكتاب} إِلَى قَوْله {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: كذب أَعدَاء الله مَا من شَيْء كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا وَهُوَ تَحت قدمي هَاتين إِلَّا الْأَمَانَة فَإِنَّهَا مؤدَّاة إِلَى الْبر والفاجر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن صعصة أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنَّا نصيب فِي الْغَزْو من أَمْوَال أهل الذِّمَّة الدَّجَاجَة وَالشَّاة

قَالَ ابْن عَبَّاس: فتقولون مَاذَا قَالَ: نقُول لَيْسَ علينا فِي ذَلِك من بَأْس

قَالَ: هَذَا كَمَا قَالَ أهل الْكتاب {لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} إِنَّهُم إِذا أدُّوا الْجِزْيَة لم تحلَّ لكم أَمْوَالهم إِلَّا بِطيب أنفسهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: بَايع اليهودَ رجالٌ من الْمُسلمين فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا أَسْلمُوا تقاضوهم ثمن بيوعهم فَقَالُوا: لَيْسَ علينا أَمَانَة وَلَا قَضَاء لكم عندنَا لأنكم تركْتُم دينكُمْ الَّذِي كُنْتُم عَلَيْهِ وَادعوا أَنهم وجدوا ذَلِك فِي كِتَابهمْ فَقَالَ الله {وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب وهم يعلمُونَ}

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {بلَى من أوفى بعهده وَاتَّقَى} يَقُول: اتَّقى الشّرك {فَإِن الله يحب الْمُتَّقِينَ} يَقُول الَّذين يَتَّقُونَ الشّرك

الْآيَة 77

ص: 244

أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يَمِين هُوَ فِيهَا فَاجر ليقتطع بهَا مَال امرىء مُسلم لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان

فَقَالَ الْأَشْعَث بن قيس:

ص: 244

فيَّ - وَالله - كَانَ ذَلِك كَانَ بيني وَبَين رجل من الْيَهُود أَرض فجحدني فقدمته إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لي رَسُول اله صلى الله عليه وسلم: أَلَك بيَّنة

قلت: لَا

فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِف

فَقلت: يَا رَسُول الله إِذن يحلف فَيذْهب مَالِي

فَأنْزل الله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَإِيمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن أبي أوفى أَن رجلا أَقَامَ سلْعَة لَهُ فِي السُّوق فَحلف بِاللَّه لقد أعْطى بهَا مَا لم يُعْطه ليوقع فِيهَا رجلا من الْمُسلمين

فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن عدي بن بحيرة قَالَ كَانَ بَين امرىء الْقَيْس وَرجل من حَضرمَوْت خُصُومَة فارتفعا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ للحضرمي: بينتك وَإِلَّا فيمينة قَالَ: يَا رَسُول الله إِن حلف ذهب بأرضي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يَمِين كَاذِبَة ليقتطع بهَا حق أَخِيه لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان

فَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: يَا رَسُول الله فَمَا لمن تَركهَا وَهُوَ يعلم أَنَّهَا حق قَالَ: الْجنَّة

فَقَالَ: أشهدك إِنِّي قد تركتهَا

فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} إِلَى آخر الْآيَة

لفظ ابْن جرير

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج أَن الْأَشْعَث بن قيس اخْتصم هُوَ وَرجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أَرض كَانَت فِي يَده لذَلِك الرجل أَخذهَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أقِم بينتك قَالَ الرجل: لَيْسَ يشْهد لي أحد على الْأَشْعَث قَالَ: فلك يَمِينه فَقَالَ الْأَشْعَث: نحلف

فَأنْزل الله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله} الْآيَة

فنكل الْأَشْعَث وَقَالَ: إِنِّي أشهد الله وأشهدكم أَن خصمي صَادِق فَرد إِلَيْهِ أرضه وزاده من أَرض نَفسه زِيَادَة كَثِيرَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ أَن رجلا أَقَامَ سلْعَته من أول النَّهَار فَلَمَّا كَانَ آخِره جَاءَ رجل يساومه فَحلف لقد منعهَا أول النَّهَار من كَذَا وَلَوْلَا الْمسَاء مَا بَاعهَا بِهِ

فَأنْزل الله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا}

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد

نَحوه

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَإِيمَانهمْ ثمنا قَلِيلا}

ص: 245

فِي أبي رَافع وكنانة بن أبي الْحقيق وَكَعب بن الْأَشْرَف وحيي بن أَخطب

وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق ابْن عون عَن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد وَالْحسن فِي قَوْله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَإِيمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} قَالُوا: هُوَ الرجل يقتطع مَال الرجل بِيَمِينِهِ

وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن وَائِل بن حجر قَالَ جَاءَ رجل من حَضرمَوْت وَرجل من كِنْدَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ: يَا رَسُول الله إِن هَذَا قد غلبني على أَرض كَانَت لأبي

قَالَ الْكِنْدِيّ: هِيَ أَرض كَانَت فِي يَدي أزرعها لَيْسَ لَهُ فِيهَا حق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم للحضرمي: أَلَك بَيِّنَة قَالَ: لَا

قَالَ: فلك يَمِينه فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن الرجل فَاجر لَا يُبَالِي مَا حلف عَلَيْهِ وَلَيْسَ يتورع عَن شَيْء فَقَالَ: لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك فَانْطَلق ليحلف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما أدبر: لَئِن حلف على مَال ليأكله ظلما ليلقين الله وَهُوَ عَنهُ معرض

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن الْأَشْعَث بن قيس أَن رجلا من كِنْدَة وَآخر من حَضرمَوْت اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أَرض من الْيمن فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ: يَا رَسُول الله إِن أرضي اغتصبها أَبُو هَذَا وَهِي فِي يَده فَقَالَ: هَل لَك بَيِّنَة قَالَ: لَا وَلَكِن أحلفه وَالله مَا يعلم أَنَّهَا أرضي اغتصبها أَبوهُ

فتهيأ الْكِنْدِيّ للْيَمِين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يقتطع أحد مَالا بِيَمِين إِلَّا لَقِي الله وَهُوَ أَجْذم فَقَالَ الْكِنْدِيّ: هِيَ أرضه

وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي مُوسَى قَالَ: اخْتصم رجلَانِ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي أَرض أَحدهمَا من حَضرمَوْت فَجعل يَمِين أَحدهمَا فَضَجَّ الآخر وَقَالَ: إِذن يذهب بأرضي فَقَالَ: إِن هُوَ اقتطعها بِيَمِينِهِ ظلما كَانَ مِمَّن لَا ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يُزَكِّيه وَله عَذَاب أَلِيم قَالَ: وورع الآخر فَردهَا

وَأخرج أَحْمد بن منيع فِي مُسْنده وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نعد من الذَّنب الَّذِي لَيْسَ لَهُ كَفَّارَة الْيَمين الْغمُوس قيل: وَمَا الْيَمين الْغمُوس فَقَالَ: الرجل يقتطع بِيَمِينِهِ مَال الرجل

وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن الْحَرْث بن البرصاء: سَمِعت

ص: 246

رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْحَج بَين الْجَمْرَتَيْن وَهُوَ يَقُول: من اقتطع مَال أَخِيه بِيَمِين فاجرة فليتبوّأ مَقْعَده من النَّار ليبلِّغ شاهدكم غائبكم مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا

وَأخرج الْبَزَّار عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْيَمين الْفَاجِرَة تذْهب بِالْمَالِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِمَّا عُصِيَ الله بِهِ هُوَ أعجل عقَابا من الْبَغي وَمَا من شَيْء أُطيع الله فِيهِ أسْرع ثَوابًا من الصِّلَة

وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تدع الديار بَلَاقِع

وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن كَعْب بن مَالك سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من اقتطع مَال امرىء مُسلم بِيَمِين كَاذِبَة كَانَت نُكْتَة سَوْدَاء فِي قلبه لَا يغيرها شَيْء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن عتِيك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتطع مَال مُسلم بِيَمِينِهِ حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة وَأوجب لَهُ النَّار

فَقيل: يَا رَسُول الله وَإِن شَيْئا يَسِيرا قَالَ: وَإِن سواكاً

وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَأحمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي أُمَامَة إِيَاس ابْن ثَعْلَبَة الْحَارِثِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من اقتطع حق امرىء مُسلم بِيَمِينِهِ فقد أوجب الله لَهُ النَّار وَحرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة

قَالُوا: وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا يَا رَسُول الله قَالَ: وَإِن كَانَ قَضِيبًا من أَرَاك ثَلَاثًا

وَأخرج ابْن ماجة بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يحلف عِنْد هَذَا الْمِنْبَر عبد وَلَا أمة على يَمِين آثمة وَلَو على سواك رطبَة إِلَّا وَجَبت لَهُ النَّار

وَأخرج ابْن ماجة وَابْن حبَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يَمِين آثمة عِنْد منبري هَذَا فليتبوّأ مَقْعَده من النَّار وَلَو على سواك أَخْضَر

قَالَ أَبُو عبيد والخطابي: كَانَت الْيَمين على عَهده صلى الله عليه وسلم عِنْد الْمِنْبَر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الْيَمين الكاذبة تنْفق السّلْعَة وتمحق الْكسْب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي سُوَيْد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الْيَمين الْفَاجِرَة تعقم الرَّحِم وتقل الْعدَد وَتَدَع الديار بَلَاقِع

ص: 247

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: رجل حلف يَمِينا على مَال مُسلم فاقتطعه وَرجل حلف على يَمِين بعد الْعَصْر أَنه أعطي بسلعته أَكثر مِمَّا أعطي وَهُوَ كَاذِب وَرجل منع فضل مَاء فَإِن الله سُبْحَانَهُ يَقُول: الْيَوْم أمنعك فضلي كَمَا منعت فضل مَا لم تعْمل يداك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه كَانَ يَقُول: من حلف على يَمِين فاجرة يقتطع بهَا مَال أَخِيه فليتبوّأ مقعدة من النَّار

فَقَالَ لَهُ قَائِل: شَيْء سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُم: إِنَّكُم لتجدون ذَلِك ثمَّ قَرَأَ {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ} الْآيَة

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن أبي مليكَة أَن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان فِي بَيت فَخرجت إِحْدَاهمَا وَقد أنفذ بإشفاء فِي كفها فادعت على الْأُخْرَى فَرفع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو يُعطي النَّاس بدعواهم لذهب دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ ذكروها بِاللَّه واقرووا عَلَيْهَا {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله} الْآيَة

فذكروها فَاعْترفت

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: إِن الْيَمين الْفَاجِرَة من الْكَبَائِر

ثمَّ تَلا {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نرى وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن من الذَّنب الَّذِي لَا يغْفر يَمِين فجر فِيهَا صَاحبهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن يتأكل النَّاس بِهِ أَتَى الله يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه بَين كَتفيهِ وَذَلِكَ بِأَن الله يَقُول {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن زَاذَان قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن يَأْخُذ بِهِ جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه عظم عَلَيْهِ لحم

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: المسبل إزَاره والمنفق سلْعَته بِالْحلف الْكَاذِب والمنان

ص: 248

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: رجل منِّع ابْن السَّبِيل فضل مَاء عِنْده وَرجل حلف على سلْعَة بعد الْعَصْر كَاذِبًا فصدَّقه فاشتراها بقوله وَرجل بَايع إِمَامًا فَإِن أعطَاهُ وفى لَهُ وَإِن لم يُعْطه لم يَفِ لَهُ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سلمَان: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: أشمط زانٍ وعائل مستكبر وَرجل جعل الله لَهُ بضَاعَة فَلَا يَبِيع إِلَّا بِيَمِينِهِ وَلَا يَشْتَرِي إِلَّا بِيَمِينِهِ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله أذن لي أَن أحدث عَن ديك قد مرقت رِجْلَاهُ الأَرْض وعنقه منثن تَحت الْعَرْش وَهُوَ يَقُول: سُبْحَانَكَ مَا أعظمك رَبنَا فَيرد عَلَيْهِ مَا علم ذَلِك من حلف بِي كَاذِبًا

الْآيَة 78

ص: 249

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن مِنْهُم لفريقاً يلوون ألسنتهم بِالْكتاب} قَالَ: هم الْيَهُود كَانُوا يزِيدُونَ فِي كتاب الله مَا لم ينزل الله

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {يلوون ألسنتهم بِالْكتاب} قَالَ: يحرِّفونه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل كَمَا أنزلهَا الله لم يُغير مِنْهَا حرف وَلَكنهُمْ يضلون بالتحريف والتأويل وَكتب كَانُوا يكتبونها من عِنْد أنفسهم {وَيَقُولُونَ هُوَ من عِنْد الله وَمَا هُوَ من عِنْد الله} فَأَما كتب الله فَهِيَ مَحْفُوظَة لَا تحول

ص: 249

الْآيَتَانِ 79 - 80

ص: 250

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أَبُو رَافع الْقرظِيّ حِين اجْتمعت الْأَحْبَار من الْيَهُود وَالنَّصَارَى من أهل نَجْرَان عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إِلَى الْإِسْلَام: أَتُرِيدُ يَا مُحَمَّد أَن نعبدك كَمَا تعبد النَّصَارَى عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ رجل من أهل نَجْرَان نَصْرَانِيّ يُقَال لَهُ الرئيس: أَو ذَاك تريده منا يَا مُحَمَّد فَقَالَ رَسُول اللله صلى الله عليه وسلم: معَاذ الله

أَن نعْبد غير الله أَو نأمر بِعبَادة غَيره

مَا بذلك بَعَثَنِي وَلَا بذلك أَمرنِي

فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهمَا {مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب} إِلَى قَوْله {بعد إِذْ أَنْتُم مُسلمُونَ}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ نَاس من يهود يتعبدون النَّاس من دون رَبهم بتحريفهم كتاب الله عَن مَوْضِعه

فَقَالَ الله {مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب وَالْحكم والنبوّة ثمَّ يَقُول للنَّاس كونُوا عباداً لي من دون الله} ثمَّ يَأْمر النَّاس بِغَيْر مَا أنزل الله فِي كِتَابه

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله نسلِّم عَلَيْك كَمَا يسلم بَعْضنَا على بعض أَفلا نسجد لَك قَالَ: لَا

وَلَكِن أكْرمُوا نَبِيكُم واعرفوا الْحق لأَهله فانه لَا يَنْبَغِي أَن يسْجد لأحد من دون الله

فَأنْزل الله {مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب} إِلَى قَوْله {بعد إِذْ أَنْتُم مُسلمُونَ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربانيين} قَالَ: فُقَهَاء معلمين

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربانيين} قَالَ: حلماء عُلَمَاء حكماء

ص: 250

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {ربانيين} قَالَ: عُلَمَاء فُقَهَاء

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {ربانيين} قَالَ: حكماء فُقَهَاء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود {ربانيين} قَالَ: حكماء عُلَمَاء

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ الربانيون الْفُقَهَاء الْعلمَاء

وهم فَوق الْأَحْبَار

وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير {ربانيين} قَالَ: حكماء أتقياء

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ الربانيون الَّذين يربون النَّاس وُلَاة هَذَا الْأَمر

يَلُونَهُمْ وَقَرَأَ (لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار)(الْمَائِدَة الْآيَة 63) قَالَ (الربانيون) الْوُلَاة (والأحبار) الْعلمَاء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {كونُوا ربانيين بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب} قَالَ: حق على كل من تعلم الْقُرْآن أَن يكون فَقِيها

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ}

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ} مثقلة بِرَفْع التَّاء وَكسر اللَّام

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد

أَنه قَرَأَ {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب} خَفِيفَة بِنصب التَّاء قَالَ ابْن عُيَيْنَة: مَا علموه حَتَّى علموه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي بكر قَالَ: كَانَ عَاصِم يقْرؤهَا {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب} مثقلة بِرَفْع التَّاء وَكسر اللَّام

قَالَ: الْقُرْآن {وَبِمَا كُنْتُم تدرسون} قَالَ: الْفِقْه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: لَا يعْذر أحد حر وَلَا عبد وَلَا رجل وَلَا امْرَأَة

لَا يتَعَلَّم من الْقُرْآن جهده مَا بلغ مِنْهُ فَإِن الله يَقُول: {كونُوا ربانيين بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب وَبِمَا كُنْتُم تدرسون} يَقُول: كونُوا فُقَهَاء كونُوا عُلَمَاء

ص: 251

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي رزين فِي قَوْله {وَبِمَا كُنْتُم تدرسون} قَالَ: مذاكرة الْفِقْه كَانُوا يتذاكرون الْفِقْه كَمَا نتذاكره نَحن

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَلَا يَأْمُركُمْ أَن تَتَّخِذُوا} قَالَ: وَلَا يَأْمُركُمْ النَّبِي

الْآيَتَانِ 81 - 82

ص: 252

أخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة} قَالَ: هِيَ خطأ من الْكتاب

وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب}

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع أَنه قَرَأَ {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَ يقْرؤهَا أبي كَعْب بن كَعْب

قَالَ الرّبيع: أَلا ترى أَنه يَقُول {ثمَّ جَاءَكُم رَسُول مُصدق لما مَعكُمْ لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه} يَقُول: لتؤمنن بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم ولتنصرنه

قَالَ: هم أهل الْكتاب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: إِن أَصْحَاب عبد الله يقرؤون / وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة / وَنحن نَقْرَأ {مِيثَاق النَّبِيين} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين على قَومهمْ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين أَن يصدق بَعضهم بَعْضًا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن طَاوس فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ الله مِيثَاق الأول من الْأَنْبِيَاء ليصدقن وليؤمنن بِمَا جَاءَ بِهِ الآخر مِنْهُم

وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ: لم يبْعَث الله نَبيا

ص: 252

آدم فَمن بعده إِلَّا أَخذ عَلَيْهِ الْعَهْد فِي مُحَمَّد لَئِن بعث وَهُوَ حَيّ ليُؤْمِنن بِهِ ولينصرنه

ويأمره فَيَأْخُذ الْعَهْد على قومه

ثمَّ تَلا {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مِيثَاق أَخذه الله على النَّبِيين أَن يصدق بَعضهم بَعْضًا وَأَن يبلِّغوا كتاب الله ورسالاته فبلغت الْأَنْبِيَاء كتاب الله ورسالاته إِلَى قَومهمْ وَأخذ عَلَيْهِم فِيمَا بلغتهم رسلهم أَن يُؤمنُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه وينصروه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: لم يبْعَث الله نَبيا قطّ من لدن نوح إِلَّا أَخذ الله ميثاقه

ليُؤْمِنن بِمُحَمد ولينصرنه إِن خرج وَهُوَ حَيّ وَإِلَّا أَخذ على قومه أَن يُؤمنُوا بِهِ وينصروه إِن خرج وهم أَحيَاء

وَأخرج ابْن جريج عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين ليبلغن آخركم أوّلكم وَلَا تختلفوا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ثمَّ ذكر مَا أَخذ عَلَيْهِم - يَعْنِي على أهل الْكتاب - وعَلى أَنْبِيَائهمْ من الْمِيثَاق بتصديقه - يَعْنِي بِتَصْدِيق مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُم وإقرارهم بِهِ على أنفسهم

وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن ثَابت قَالَ: جَاءَ عمر إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي مَرَرْت بِأَخ لي من قُرَيْظَة فَكتب لي جَوَامِع من التَّوْرَاة أَلا أعرضها عَلَيْك فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عمر: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا

فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو أصبح فِيكُم مُوسَى ثمَّ اتبعتموه لَضَلَلْتُمْ

إِنَّكُم حظي من الأ وَأَنا حظكم من النَّبِيين

وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تسألوا أهل الْكتاب عَن شَيْء فَإِنَّهُم لن يهدوكم وَقد ضلوا

إِنَّكُم أما أَن تصدقوا بباطل وَإِمَّا أَن تكذبوا بِحَق وَأَنه - وَالله - لَو كَانَ مُوسَى حَيا بَين أظْهركُم مَا حل لَهُ إِلَّا أَن يَتبعني

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ {لما آتيتكم} ثقل لما

وَأخرج عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لما} مُخَفّفَة {آتيتكم} بِالتَّاءِ على وَاحِدَة يَعْنِي أَعطيتكُم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إصري} قَالَ: عهدي

ص: 253

وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {قَالَ فَاشْهَدُوا} يَقُول: فَاشْهَدُوا على أممكم بذلك {وَأَنا مَعكُمْ من الشَّاهِدين} عَلَيْكُم وَعَلَيْهِم {فَمن تولى} عَنْك يَا مُحَمَّد بعد هَذَا الْعَهْد من جَمِيع الْأُمَم {فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} هم العاصون فِي الْكفْر

الْآيَتَانِ 83 - 84

ص: 254

أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} أما من فِي السَّمَوَات فالملائكة وَأما من فِي الأَرْض فَمن ولد على الْإِسْلَام وَأما كرها فَمن أَتَى بِهِ من سَبَايَا الْأُمَم فِي السلَاسِل والأغلال يقادون إِلَى الْجنَّة وهم كَارِهُون

وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} قَالَ: الْمَلَائِكَة أطاعوه فِي السَّمَاء وَالْأَنْصَار وَعبد الْقَيْس أطاعوه فِي الأَرْض

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} قَالَ: حِين أَخذ الْمِيثَاق

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: عِبَادَتهم لي أَجْمَعِينَ {طَوْعًا وَكرها} وَهُوَ قَوْله (وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها)(الرَّعْد الْآيَة 15)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات} قَالَ: هَذِه مفصولة {من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها}

ص: 254

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {وَله أسلم} قَالَ: الْمعرفَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه (وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ليَقُولن الله)(لُقْمَان الْآيَة 25) فَذَلِك إسْلَامهمْ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: كل آدَمِيّ أقرّ على نَفسه بِأَن الله رَبِّي وَأَنا عَبده

فَمن أشرك فِي عِبَادَته فَهَذَا الَّذِي أسلم كرها وَمن أخْلص لله الْعُبُودِيَّة فَهُوَ الَّذِي أسلم طَوْعًا

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: أكره أَقوام على الْإِسْلَام وَجَاء أَقوام طائعين

وَأخرج عَن مطر الْوراق فِي الْآيَة قَالَ: الْمَلَائِكَة طَوْعًا وَالْأَنْصَار طَوْعًا وَبَنُو سليم وَعبد الْقَيْس طَوْعًا وَالنَّاس كلهم كرها

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أما الْمُؤمن فَأسلم طَائِعا فنفعه ذَلِك وَقبل مِنْهُ وَأما الْكَافِر فَأسلم حِين رأى بَأْس الله فَلم يَنْفَعهُ ذَلِك وَلم يقبل مِنْهُم (فَلم يَك يَنْفَعهُمْ إِيمَانهم لما رَأَوْا بأسنا)(غَافِر الْآيَة 85)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: فِي السَّمَاء الْمَلَائِكَة طَوْعًا وَفِي الأَرْض الْأَنْصَار وَعبد الْقَيْس طَوْعًا

وَأخرج عَن الشّعبِيّ {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات} قَالَ: استقادتهم لَهُ

وَأخرج عَن أبي سِنَان {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: الْمعرفَة

لَيْسَ أحد تسأله إِلَّا عرفه

وَأخرج عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَكرها} قَالَ: من أسلم من مُشْركي الْعَرَب والسبايا: وَمن دخل فِي الْإِسْلَام كرها

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من سَاءَ خلقه من الرَّقِيق وَالدَّوَاب وَالصبيان فاقرأوا فِي أُذُنه {أفغير دين الله يَبْغُونَ}

وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: لَيْسَ رجل

ص: 255

يكون على دَابَّة صعبة فَيقْرَأ فِي أذنها {أفغير دين الله يَبْغُونَ وَله أسلم} الْآيَة

إِلَّا ذلت لَهُ بِإِذن الله عز وجل

الْآيَة 85

ص: 256

أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تَجِيء الْأَعْمَال يَوْم الْقِيَامَة فتجيء الصَّلَاة فَتَقول: يَا رب أَنا الصَّلَاة فَيَقُول: إِنَّك على خير وتجيء الصَّدَقَة فَتَقول: يَا رب أَنا الصَّدَقَة فَيَقُول: إِنَّك على خير ثمَّ يَجِيء الصّيام فَيَقُول: أَنا الصّيام فَيَقُول إِنَّك على خير ثمَّ تَجِيء الْأَعْمَال كل ذَلِك يَقُول الله: إِنَّك على خير ثمَّ يَجِيء الْإِسْلَام فَيَقُول: يَا رب أَنْت السَّلَام وَأَنا الْإِسْلَام فَيَقُول الله: إِنَّك على خير

بك الْيَوْم آخذ وَبِك أعطي

قَالَ الله فِي كِتَابه {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين}

الْآيَات 86 - 89

ص: 256

أخرج النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رجل من الْأَنْصَار فَأسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بالمشركين ثمَّ نَدم فَأرْسل إِلَى قومه: أرْسلُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَل لي من تَوْبَة فَنزلت {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} إِلَى قَوْله {فَإِن الله غَفُور رَحِيم} فَأرْسل إِلَيْهِ قومه فَأسلم

ص: 256

وَأخرج عبد الرَّزَّاق ومسدد فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والباوردي فِي مَعْرُوفَة الصَّحَابَة قَالَ: جَاءَ الْحَارِث بن سُوَيْد فَأسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ كفر فَرجع إِلَى قومه فَأنْزل الله فِيهِ الْقُرْآن {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا} إِلَى قَوْله {رَحِيم} فحملها إِلَيْهِ رجل من قومه فقرأها عَلَيْهِ فَقَالَ الْحَارِث: إِنَّك - وَالله - مَا علمت لصدوق وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق مِنْك وَأَن الله عز وجل لأصدق الثَّلَاثَة

فَرجع الْحَارِث فَأسلم فَحسن إِسْلَامه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {كَيفَ يهدي الله قوما} الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي الْحَارِث بن سُوَيْد الْأنْصَارِيّ كفر بعد إيمَانه

فأنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَات ثمَّ نزلت {إِلَّا الَّذين تَابُوا} الْآيَة

فَتَابَ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَيفَ يهدي الله قوما} الْآيَة

قَالَ: نزلت فِي رجل من بني عَمْرو بن عَوْف كفر بعد إيمَانه فجَاء الشَّام

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ رجل من بني عَمْرو بن عَوْف كفر بعد إيمَانه قَالَ: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي عبد الله بن كثير عَن مُجَاهِد قَالَ: لحق بِأَرْض الرّوم فتنصَّر ثمَّ كتب إِلَى قومه: أرْسلُوا هَل لي من تَوْبَة فَنزلت {إِلَّا الَّذين تَابُوا} فَآمن ثمَّ رَجَعَ

قَالَ ابْن جريج: قَالَ عِكْرِمَة: نزلت فِي أبي عَامر الراهب والْحَارث بن سُوَيْد بن الصَّامِت ووحوح بن الأسلت فِي اثْنَي عشر رجلا رجعُوا عَن الْإِسْلَام وَلَحِقُوا بِقُرَيْش

ثمَّ كتبُوا إِلَى أهلهم هَل لنا من تَوْبَة فَنزلت {إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك} الْآيَات

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن الْحَارِث بن سُوَيْد قتل المجدر بن زِيَاد وقْيس بن زيد أحد بني ضبيعة يَوْم أحد ثمَّ لحق بِقُرَيْش فَكَانَ بِمَكَّة ثمَّ بعث إِلَى أَخِيه الْجلاس يطْلب التَّوْبَة ليرْجع إِلَى قومه

فَأنْزل الله فِيهِ {كَيفَ يهدي الله قوما} إِلَى أخر الْقِصَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح مولى أم هانىء أَن الْحَرْث بن سُوَيْد بَايع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ لحق بِأَهْل مَكَّة وَشهد أحدا فقاتل الْمُسلمين ثمَّ سقط فِي يَده فَرجع إِلَى مَكَّة فَكتب إِلَى أَخِيه جلاس بن سُوَيْد: يَا أخي إِنِّي نَدِمت على مَا كَانَ مني فأتوب إِلَى الله وأرجع إِلَى الْإِسْلَام فاذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِن

ص: 257

طمعت لي فِي تَوْبَة فَاكْتُبْ إِلَيّ

فَذكر لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم

فَأنْزل الله {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} فَقَالَ قوم من أَصْحَابه مِمَّن كَانَ عَلَيْهِ يتمنع ثمَّ يُرَاجع الْإِسْلَام فَأنْزل الله (إِن الَّذين كفرُوا بعد إِيمَانهم ثمَّ ازدادوا كفرا لن تقبل تَوْبَتهمْ وَأُولَئِكَ هم الضالون) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} قَالَ: هم أهل الْكتاب عرفُوا مُحَمَّدًا ثمَّ كفرُوا بِهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى رَأَوْا نعت مُحَمَّد فِي كِتَابهمْ وأقرُّوا بِهِ وشهدوا أَنه حق

فَلَمَّا بعث من غَيرهم حسدوا الْعَرَب على ذَلِك فأنكروه وَكَفرُوا بعد اقرارهم حسداً للْعَرَب حِين بعث من غَيرهم

الْآيَة 90

ص: 258

أخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن قوما أَسْلمُوا ثمَّ ارْتَدُّوا ثمَّ أَسْلمُوا ثمَّ ارْتَدُّوا

فأرسلوا إِلَى قَومهمْ يسْأَلُون لَهُم

فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم

فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين كفرُوا بعد إِيمَانهم ثمَّ ازدادوا كفرا} الْآيَة

هَذَا خطأ من الْبَزَّار

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى لن تقبل تَوْبَتهمْ عِنْد الْمَوْت

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود كفرُوا بالإنجيل وَعِيسَى ثمَّ ازدادوا كفرا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّهَا نزلت فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى كفرُوا بعد إِيمَانهم ثمَّ ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ثمَّ ذَهَبُوا يتوبون من تِلْكَ الذُّنُوب فِي كفرهم وَلَو كَانُوا على الْهدى قبلت تَوْبَتهمْ وَلَكنهُمْ على ضَلَالَة

ص: 258

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {لن تقبل تَوْبَتهمْ} قَالَ: تَابُوا من الذُّنُوب وَلم يتوبوا من الأَصْل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ ازدادوا كفرا} قَالَ: تَمُّوا على كفرهم

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {ثمَّ ازدادوا كفرا} قَالَ: مَاتُوا وهم كفار {لن تقبل تَوْبَتهمْ} قَالَ: إِذا تَابَ عِنْد مَوته لم تقبل تَوْبَته

الْآيَة 91

ص: 259

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا وماتوا وهم كفار فَلَنْ يقبل من أحدهم ملْء الأَرْض ذَهَبا} قَالَ: هُوَ كل كَافِر

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يجاء بالكافر يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ملْء الأَرْض ذَهَبا أَكنت مفتدياً بِهِ فَيَقُول: نعم

فَيُقَال: لقد سُئِلت مَا هُوَ أيسر من ذَلِك

فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين كفرُوا وماتوا وهم كفار} الْآيَة

لفظ ابْن جرير

الْآيَة 92

ص: 259

أخرج مَالك وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَة أَكثر أَنْصَارِي بِالْمَدِينَةِ نخلا وَكَانَ أحب أَمْوَاله إِلَيْهِ بيرحاء وَكَانَت مُسْتَقْبلَة الْمَسْجِد وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يدخلهَا وَيشْرب من مَاء فِيهَا طيب فَلَمَّا نزلت {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله إِن الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وان أحب أَمْوَالِي إليَّ بيرحاء وَإِنَّهَا صَدَقَة لله أَرْجُو برهَا وَذُخْرهَا عِنْد الله فضعها يَا

ص: 259

رَسُول الله حَيْثُ أَرَاك الله

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ذَاك مَال رابح ذَلِك مَال رابح وَقد سَمِعت مَا قلت وَإِنِّي أرى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين

فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: أفعل يَا رَسُول الله فَقَسمهَا أَبُو طَلْحَة فِي أَقَاربه وَبني عَمه

وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن أنس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله إِن الله يسألنا من أَمْوَالنَا أشهد أَنِّي قد جعلت أرضي بأريحا لله

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اجْعَلْهَا فِي قرابتك

فَجَعلهَا فِي حسان بن ثَابت وَأبي بن كَعْب

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} أَو هَذِه الْآيَة (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا) قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله حائطي الَّذِي بِكَذَا وَكَذَا صَدَقَة وَلَو اسْتَطَعْت أَن أسره لم أعلنه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اجْعَلْهُ فِي فُقَرَاء أهلك

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ: حضرتني هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} فَذكرت مَا أَعْطَانِي الله فَلم أجد شَيْئا أحب إليَّ من مرْجَانَة جَارِيَة لي رُومِية فَقلت هِيَ حرَّة لوجه الله فَلَو أَنِّي أَعُود فِي شَيْء جعلته لله لنكحتها فَأَنْكحهَا نَافِعًا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن يبْتَاع لَهُ جَارِيَة من سبي جَلُولَاء

فَدَعَا بهَا عمر فَقَالَ: إِن الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} فَأعْتقهَا عمر

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} جَاءَ زيد بن حَارِثَة بفرس لَهُ يُقَال لَهَا شبلة لم يكن لَهُ مَال أحب إِلَيْهِ مِنْهَا فَقَالَ: هِيَ صَدَقَة

فقبلها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَحمل عَلَيْهَا ابْنه أُسَامَة فَرَأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَلِك فِي وَجه زيد فَقَالَ: إِن الله قد قبلهَا مِنْك

وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن دِينَار

مثله

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق معمر عَن أَيُّوب وَغَيره أَنَّهَا حِين نزلت {لن تنالوا الْبر} الْآيَة جَاءَ زيد بن حَارِثَة بفرس لَهُ كَانَ يُحِبهَا فَقَالَ: يَا رَسُول

ص: 260

الله هَذِه فِي سَبِيل الله فَحمل عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسامة بن زيد فَكَأَن زيدا وجد فِي نَفسه

فَلَمَّا رأى ذَلِك مِنْهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أما إِن الله قد قبلهَا

وَأخرج عبد بن جميد عَن ثَابت بن الْحجَّاج قَالَ: بَلغنِي أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} قَالَ زيد: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنه لَيْسَ لي مَال أحب إِلَيّ من فرسي هَذِه فَتصدق بهَا على الْمَسَاكِين فأقاموها تبَاع وَكَانَت تعجبه

فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَنَهَاهُ أَن يَشْتَرِيهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن مَيْمُون بن مهْرَان أَن رجلا سَأَلَ أَبَا ذَر أيُّ الْأَعْمَال أفضل قَالَ: الصَّلَاة عماد الْإِسْلَام وَالْجهَاد سَنَام الْعَمَل وَالصَّدَََقَة شَيْء عَجِيب

فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر لقد تركت شَيْئا هُوَ أوثق عَمَلي فِي نَفسِي لَا أَرَاك ذكرته قَالَ: مَا هُوَ قَالَ: الصّيام فَقَالَ: قربَة وَلَيْسَ هُنَا

وتلا هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}

وَأخرج عبد بن حميد عَن رجل من بني سليم قَالَ: جَاوَرت أَبَا ذَر بالربذة وَله فِيهَا قطيع إبل

لَهُ فِيهَا رَاع ضَعِيف فَقلت: يَا أَبَا ذَر الا أكون لَك صاحباً أكنف راعيك واقتبس مِنْك بعض مَا عنْدك لَعَلَّ الله أَن يَنْفَعنِي بِهِ فَقَالَ أَبُو ذَر: إِن صَاحِبي من أَطَاعَنِي فَأَما أَنْت مطيعي فَأَنت لي صَاحب وَإِلَّا فَلَا

قلت: مَا الَّذِي تَسْأَلنِي فِيهِ الطَّاعَة قَالَ: لَا أَدْعُوك بِشَيْء من مَالِي إِلَّا توخيت أفضله

قَالَ: فَلَبثت مَعَه مَا شَاءَ الله ثمَّ ذكر لَهُ فِي المَاء حَاجَة فَقَالَ: ائْتِنِي بِبَعِير من الْإِبِل فتصفحت الْإِبِل فَإِذا أفضلهَا فَحلهَا ذَلُول فهممت بِأَخْذِهِ ثمَّ ذكرت حَاجتهم إِلَيْهِ فتركته وَأخذت نَاقَة لَيْسَ فِي الْإِبِل بعد الْفَحْل أفضل مِنْهَا فَجئْت بهَا فحانت مِنْهُ نظرة فَقَالَ: يَا أَخا بني سليم خُنْتنِي

فَلَمَّا فهمتها مِنْهُ خليت سَبِيل النَّاقة وَرجعت إِلَى الْإِبِل فاخذت الْفَحْل فَجئْت بِهِ فَقَالَ لجلسائه: من رجلَانِ يحتسبان عملهما قَالَ رجلَانِ: نَحن

قَالَ: اما لَا فأنيخاه ثمَّ اعقلاه ثمَّ انحراه ثمَّ عدوا بيُوت المَاء فجزئوا لَحْمه على عَددهمْ وَاجْعَلُوا بَيت أبي ذَر بَيْتا مِنْهَا فَفَعَلُوا

فَلَمَّا فرق اللَّحْم دَعَاني فَقَالَ: مَا أَدْرِي أحفظت وصيتي فظهرت بهَا أم نسيت فاعذرك قلت: مَا نسيت وصيتك وَلَكِن لما تصفحت الْإِبِل وجدت فَحلهَا أفضلهَا فهممت بِأَخْذِهِ فَذكرت حَاجَتكُمْ إِلَيْهِ فتركته فَقَالَ: مَا تركته إِلَّا لحاجتي

ص: 261

إِلَيْهِ قلت: مَا تركته إِلَّا لذَلِك قَالَ: أَفلا أخْبرك بِيَوْم حَاجَتي إِن يَوْم حَاجَتي يَوْم أوضع فِي حفرتي فَذَلِك يَوْم حَاجَتي

إِن فِي المَال ثَلَاثَة شُرَكَاء: الْقدر لَا ينْتَظر أَن يذهب بخيرها أَو شَرها وَالْوَارِث ينْتَظر مَتى تضع رَأسك ثمَّ يستفيئها وَأَنت ذميم وَأَنت الثَّالِث فَإِن اسْتَطَعْت أَن لَا تكونن أعجز الثَّلَاثَة فَلَا تكونن مَعَ أَن الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَأَن هَذَا المَال مِمَّا أحب من مَالِي فَأَحْبَبْت أَن أقدمه لنَفْسي

وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بضب فَلم يَأْكُلهُ وَلم ينهَ عَنهُ قلت: يَا رَسُول الله أَفلا نطعمه الْمَسَاكِين قَالَ: لَا تطعموهم مِمَّا لَا تَأْكُلُونَ

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عمر أَنه لما نزلت {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} دَعَا بِجَارِيَة لَهُ فاعتقها

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: قَرَأَ ابْن عمر وَهُوَ يُصَلِّي فَأتى على هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} فاعتق جَارِيَة لَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَشَارَ إِلَيْهَا بِيَدِهِ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يَشْتَرِي السكر فَيتَصَدَّق بِهِ فَنَقُول لَهُ: لَو اشْتريت لَهُم بِثمنِهِ طَعَاما كَانَ أَنْفَع لَهُم من هَذَا فَيَقُول: إِنِّي أعرف الَّذِي تَقولُونَ وَلَكِن سَمِعت الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَابْن عمر يحب السكر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {لن تنالوا الْبر} قَالَ: الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون وَالسُّديّ

مثله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق

مثله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لن تنالوا بركم حَتَّى تنفقوا مِمَّا يعجبكم وَمِمَّا تهوون من أَمْوَالكُم {وَمَا تنفقوا من شَيْء فَإِن الله بِهِ عليم} يَقُول مَحْفُوظ: ذَلِك لكم وَالله بِهِ عليم شَاكر لَهُ

ص: 262

الْآيَات 93 - 95

ص: 263

أخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه} قَالَ: الْعرق

أَخذه عرق النسا فَكَانَ يبيت لَهُ زقاء يَعْنِي صياح فَجعل لله عَلَيْهِ إِن شفَاه أَن لَا يَأْكُل لَحْمًا فِيهِ عروق فحرمته الْيَهُود

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق يُوسُف بن مَاهك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَل تَدْرِي مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه ان إِسْرَائِيل أَخَذته الأنساء فاضنته فَجعل لله عَلَيْهِ إِن عافاه الله أَن لَا يَأْكُل عرقاً أبدا

فَلذَلِك تسل الْيَهُود الْعُرُوق فَلَا يأكلونها

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: حرم على نَفسه الْعُرُوق وَذَلِكَ أَنه كَانَ يشتكي عرق النسا فَكَانَ لَا ينَام اللَّيْل فَقَالَ: وَالله لَئِن عافاني الله مِنْهُ لَا يَأْكُلهُ لي ولد وَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة

وَسَأَلَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نَفرا من أهل الْكتاب فَقَالَ: مَا شَأْن هَذَا حَرَامًا فَقَالُوا: هُوَ حرَام علينا من قبل الْكتاب فَقَالَ الله {كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل} إِلَى {إِن كُنْتُم صَادِقين}

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ الْيَهُود فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم أخبرنَا عَمَّا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه قَالَ: كَانَ يسكن البدو فاشتكى عرق النسا فَلم يجد شَيْئا يداويه إِلَّا لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا فَلذَلِك حرمهَا قَالُوا: صدقت

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه}

ص: 263

قَالَ: حرم الْعُرُوق وَلُحُوم الْإِبِل كَانَ بِهِ عرق النسا فَأكل من لحومها فَبَاتَ بليلة يزقو فَحلف أَن لَا يَأْكُلهُ أبدا

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز فِي قَوْله {إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه} قَالَ: إِن إِسْرَائِيل هُوَ يَعْقُوب وَكَانَ رجلا بطيشاً فلقي ملكا فعالجه فصرعه الْملك ثمَّ ضرب على فَخذه فَلَمَّا رأى يَعْقُوب مَا صنع بِهِ بَطش بِهِ فَقَالَ: مَا أَنا بتاركك حَتَّى تسميني اسْما

فَسَماهُ إِسْرَائِيل فَلم يزل يوجعه ذَلِك الْعرق حَتَّى حرمه من كل دَابَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: حرم على نَفسه لُحُوم الْأَنْعَام

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: الَّذِي حرم إِسْرَائِيل على نَفسه زائدتا الكبد والكليتين والشحم إِلَّا مَا كَانَ على الظّهْر

فَإِن ذَلِك كَانَ يقرب للقربان فتأكله النَّار

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء {إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل} قَالَ: لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت الْيَهُود للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: نزلت التَّوْرَاة بِتَحْرِيم الَّذِي حرم إِسْرَائِيل فَقَالَ الله لمُحَمد صلى الله عليه وسلم {قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين} وكذبوا لَيْسَ فِي التَّوْرَاة وَإِنَّمَا لم يحرم ذَلِك إِلَّا تَغْلِيظًا لمعصية بني إِسْرَائِيل بعد نزُول التَّوْرَاة {قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين} وَقَالَت الْيَهُود لمُحَمد صلى الله عليه وسلم: كَانَ مُوسَى يَهُودِيّا على ديننَا وجاءنا فِي التَّوْرَاة تَحْرِيم الشحوم وَذي الظفر والسبت

فَقَالَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: كَذبْتُمْ لم يكن مُوسَى يَهُودِيّا وَلَيْسَ فِي التَّوْرَاة إِلَّا الْإِسْلَام

يَقُول الله {قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين} أفيه ذَلِك وَمَا جَاءَهُم بهَا أنبياؤهم بعد مُوسَى فَنزلت فِي الألواح جملَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر أَن عليا رضي الله عنه قَالَ فِي رجل جعل امْرَأَته عَلَيْهِ حَرَامًا قَالَ: حرمت عَلَيْهِ كَمَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه لُحُوم الْجمل فَحرم عَلَيْهِ

قَالَ مَسْرُوق: إِن إِسْرَائِيل كَانَ حرم على نَفسه شَيْئا كَانَ فِي علم الله أَن سيحرمه إِذا نزل الْكتاب فَوَافَقَ تَحْرِيم إِسْرَائِيل مَا قد علم الله أَنه سيحرمه إِذا نزل

ص: 264

الْكتاب وَأَنْتُم تعمدون إِلَى الشَّيْء قد أحله الله فَتُحَرِّمُونَهُ على أَنفسكُم مَا أُبَالِي إِيَّاهَا حرمت أَو قَصْعَة من ثريد

الْآيَة 96

ص: 265

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الشّعبِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {إِن أول بَيت وضع للنَّاس للَّذي ببكة} قَالَ: كَانَت الْبيُوت قبله وَلكنه كَانَ أول بَيت وضع لعبادة الله

وَأخرج ابْن جرير عَن مطر

مثله

وَأخرج ابْن جريج عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ {إِن أول بَيت وضع للنَّاس} يُعْبَدُ الله فِيهِ {للَّذي ببكة}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أَي مَسْجِد وضع أول قَالَ: الْمَسْجِد الْحَرَام

قلت: ثمَّ أَي قَالَ: الْمَسْجِد الْأَقْصَى قلت: كم بَينهمَا قَالَ: أَرْبَعُونَ سنة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو قَالَ: خلق الله الْبَيْت قبل الأَرْض بألفي سنة وَكَانَ إِذْ كَانَ عَرْشه على المَاء زبدة بَيْضَاء وَكَانَت الأَرْض تَحْتَهُ كَأَنَّهَا حَشَفَة فدحيت الأَرْض من تَحْتَهُ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن الْكَعْبَة خلقت قبل الأَرْض بألفي سنة وَهِي من الأَرْض إِنَّمَا كَانَت حَشَفَة على المَاء عَلَيْهَا ملكان من الْمَلَائِكَة يسبحان فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يخلق الأَرْض دحاها مِنْهَا فَجَعلهَا فِي وسط الأَرْض

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير والأزرقي عَن مُجَاهِد قَوْله {إِن أول بَيت وضع للنَّاس} كَقَوْلِه (كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس)(آل عمرَان الْآيَة 110)

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أما أول بَيت فَإِنَّهُ يَوْم كَانَت الأَرْض مَاء كَانَ زبدة على الأَرْض فَلَمَّا خلق الله الأَرْض خلق الْبَيْت مَعهَا

فَهُوَ أول بَيت وضع فِي الأَرْض

ص: 265

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: أول قبْلَة أعملت للنَّاس الْمَسْجِد الْحَرَام

وَأخرج ابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن ابْن جريج قَالَ: بلغنَا أَن الْيَهُود قَالَت: بَيت الْمُقَدّس أعظم من الْكَعْبَة لِأَنَّهَا مهَاجر الْأَنْبِيَاء وَلِأَنَّهُ فِي الأَرْض المقدسة

فَقَالَ الْمُسلمُونَ: بل الْكَعْبَة أعظم

فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم

فَنزلت {إِن أول بَيت وضع للنَّاس للَّذي ببكة مُبَارَكًا} إِلَى قَوْله {فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم} وَلَيْسَ ذَلِك فِي بَيت الْمُقَدّس {وَمن دخله كَانَ آمنا} وَلَيْسَ ذَلِك فِي بَيت الْمُقَدّس {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} وَلَيْسَ ذَلِك لبيت الْمُقَدّس

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أول بقْعَة وضعت فِي الأَرْض مَوضِع الْبَيْت ثمَّ مهدت مِنْهَا الأَرْض

وَإِن أول جبل وَضعه الله على وَجه الأَرْض أَبُو قبيس ثمَّ مدت مِنْهُ الْجبَال

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَن النَّاس يجيئون إِلَيْهَا من كل جَانب حجاجاً

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَن النَّاس يتباكون فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء

يَعْنِي يزدحمون

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَن النَّاس يبك بَعضهم بَعْضًا فِيهَا وانه يحل فِيهَا مَا لَا يحل فِي غَيرهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة قَالَ: سميت بكة لِأَن الله بك بهَا النَّاس جَمِيعًا فَيصَلي النِّسَاء قُدَّام الرِّجَال وَلَا يصلح ذَلِك بِبَلَد غَيره

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عتبَة بن قيس قَالَ: إِن مَكَّة بَكت بكاء الذّكر فِيهَا كالأنثى

قيل: عَمَّن تروي هَذَا قَالَ: عَن ابْن عمر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن زيد بن مهَاجر قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَنَّهَا كَانَت تبك الظلمَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْبَيْت وَمَا حوله بكة وَمَا وَرَاء ذَلِك مَكَّة

ص: 266

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ قَالَ: بكة مَوضِع الْبَيْت وَمَكَّة مَا سوى ذَلِك

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب قَالَ: بكة الْبَيْت وَالْمَسْجِد وَمَكَّة الْحرم كُله

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: بكة هِيَ مَكَّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَكَّة من الْفَج إِلَى التَّنْعِيم وبكة من الْبَيْت إِلَى الْبَطْحَاء

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: بكة الْكَعْبَة وَمَكَّة مَا حولهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {مُبَارَكًا} جعل فِيهِ الْخَيْر وَالْبركَة {وَهدى للْعَالمين} يَعْنِي بِالْهدى قبلتهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنهم وجدوا فِي مقَام إِبْرَاهِيم ثَلَاثَة صفوح فِي كل صفح مِنْهَا كتاب

فِي الصفح الأول: أَنا الله ذُو بكة صغتها يَوْم صغت الشَّمْس وَالْقَمَر وحففتها بسبعة أَمْلَاك حنفَاء وباركت لأَهْلهَا فِي اللَّحْم وَاللَّبن

وَفِي الصفح الثَّانِي: أَنا الله ذُو بكة خلقت الرَّحِم وشققت لَهَا من اسْمِي وَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا بتته

وَفِي الثَّالِث: أَنا الله ذُو بكة خلقت الْخَيْر وَالشَّر فطوبى لمن كَانَ الْخَيْر على يَدَيْهِ وويل لمن كَانَ الشَّرّ على يَدَيْهِ

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وجد فِي الْمقَام كتاب فِيهِ: هَذَا بَيت الله الْحَرَام بكة توكل الله برزق أَهله من ثَلَاثَة سبل: يُبَارك لأَهْلهَا فِي اللَّحْم وَالْمَاء وَاللَّبن لَا يحله أول من أَهله وَوجد فِي حجر من الْحجر كتاب من خلقَة الْحجر: أَنا الله ذُو بكة الْحَرَام صغتها يَوْم صغت الشَّمْس وَالْقَمَر وحففتها بسبعة أَمْلَاك حنفَاء لَا تَزُول حَتَّى يَزُول أخشباها مبارك لأَهْلهَا فِي اللَّحْم وَالْمَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك نَحوه

وَأخرج الجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله مَكَّة فوضعها على المكروهات والدرجات قيل لسَعِيد بن جُبَير: مَا الدَّرَجَات قَالَ: الدَّرَجَات الْجنَّة

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن عَائِشَة قَالَت: مَا رَأَيْت السَّمَاء فِي مَوضِع أقرب مِنْهَا إِلَى الأَرْض من مَكَّة

ص: 267

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَطاء بن كثير رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم: الْمقَام بِمَكَّة سَعَادَة وَخُرُوج مِنْهَا شقوة

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أدْركهُ شهر رَمَضَان بِمَكَّة فصامه كُله وَقَامَ مِنْهُ مَا تيَسّر كتب الله لَهُ مائَة ألف شهر رَمَضَان بِغَيْر مَكَّة وَكتب لَهُ كل يَوْم حَسَنَة وكل لَيْلَة حَسَنَة وكل يَوْم عتق رَقَبَة وكل لَيْلَة عتق رَقَبَة وكل يَوْم حملان فرس فِي سَبِيل الله وكل لَيْلَة حملان فرس فِي سَبِيل الله وَله بِكُل يَوْم دَعْوَة مستجابة

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَذَا الْبَيْت دعامة الْإِسْلَام من خرج يؤم هَذَا الْبَيْت من حَاج أَو مُعْتَمر كَانَ مَضْمُونا على الله ان قَبضه أَن يدْخلهُ الْجنَّة وَإِن رده أَن يردهُ بِأَجْر أَو غنيمَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الصَّلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْجُمُعَة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف جُمُعَة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَشهر رَمَضَان فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف شهر رَمَضَان فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فضل الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام على غَيره مائَة ألف صَلَاة وَفِي مَسْجِدي ألف صَلَاة وَفِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس بِخَمْسِمِائَة صَلَاة

وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: صَلَاة الرجل فِي بَيته بِصَلَاة وَصلَاته فِي مَسْجِد الْقَبَائِل بِخمْس وَعشْرين صَلَاة وَصلَاته فِي فِي الْمَسْجِد الَّذِي يجمع فِيهِ بِخَمْسِمِائَة صَلَاة وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ ألف صَلَاة وَصلَاته فِي مَسْجِدي بِخَمْسِينَ ألف صَلَاة وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة ألف صَلَاة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبَزَّار وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف

ص: 268

صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة ألف صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا قيل لعطاء: هَذَا الْفضل الَّذِي يذكر فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَحده أَو فِي الْحرم قَالَ: لَا

بل فِي الْحرم فَإِن الْحرم كُله مَسْجِد

وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة ألف صَلَاة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام

وَأخرج الْبَزَّار عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَنا خَاتم الْأَنْبِيَاء ومسجدي خَاتم مَسَاجِد الْأَنْبِيَاء أَحَق الْمَسَاجِد أَن يزار وتشد إِلَيْهِ الرَّوَاحِل

الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدي

صَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن منيع وَالرُّويَانِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام

الْآيَة 97

ص: 269

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ فِيهِ آيَة بَيِّنَة مقَام إِبْرَاهِيم

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ ((فِيهِ آيَات بَيِّنَة))

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} على الْجمع

ص: 269

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} مِنْهُنَّ مقَام إِبْرَاهِيم والمشعر

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة فِي الْآيَة قَالَا: مقَام إِبْرَاهِيم من الْآيَات الْبَينَات

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} قَالَ: {مقَام إِبْرَاهِيم وَمن دخله كَانَ آمنا وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والأزرقي عَن مُجَاهِد {فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم} قَالَ: أثر قَدَمَيْهِ فِي الْمقَام آيَة بَيِّنَة {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: هَذَا شَيْء آخر

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن زيد بن أسلم {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} قَالَ: الْآيَات الْبَينَات هنَّ مقَام إِبْرَاهِيم {وَمن دخله كَانَ آمنا وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} وَقَالَ (يَأْتِين من كل فج عميق)(الْحَج الْآيَة 27)

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْكَلْبِيّ {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} قَالَ {الْآيَات} الْكَعْبَة والصفا والمروة ومقام إِبْرَاهِيم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: هَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرجل لَو جر كل جريرة على نَفسه ثمَّ لَجأ إِلَى حرم الله لم يتَنَاوَل وَلم يطْلب فاما فِي الْإِسْلَام فَإِنَّهُ لَا يمْنَع من حُدُود الله وَمن سرق فِيهِ قطع وَمن زنى فِيهِ أقيم عَلَيْهِ الْحَد وَمن قتل فِيهِ قتل

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد

مثله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن حويطب بن عبد الْعُزَّى قَالَ: أدْركْت فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْكَعْبَة حلقا أَمْثَال لُجَمِ البُهْمِ لَا يُدخل خَائِف يَده فِيهَا ويهيجه أحد فجَاء خَائِف ذَات يَوْم فَادْخُلْ يَده فِيهَا فَجَاءَهُ آخر من وَرَائه فاجتذبه فشلت يَده فَلقد رَأَيْته أدْرك الْإِسْلَام وَأَنه لأشل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَو وجدت فِيهِ قَاتل الْخطاب مَا مَسسْته حَتَّى يخرج مِنْهُ

ص: 270

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: من عاذ بِالْبَيْتِ أَعَاذَهُ الْبَيْت وَلَكِن لَا يُؤْذِي وَلَا يطعم وَلَا يسقى وَلَا يرْعَى

فَإِذا خرج أَخذ بِذَنبِهِ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر والأزرقي من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: من قتل أَو سرق فِي الْحل ثمَّ دخل الْحرم فَإِنَّهُ لَا يُجَالس وَلَا يكلم وَلَا يؤوى وَلكنه يناشد حَتَّى يخرج فَيُؤْخَذ فيقام عَلَيْهِ فَإِن قتل أَو سرق فِي الْحل فَادْخُلْ الْحرم فارادوا أَن يقيموا عَلَيْهِ مَا أصَاب اخرجوه من الْحرم إِلَى الْحل فأقيم عَلَيْهِ وَإِن قتل فِي الْحرم أَو سرق أقيم عَلَيْهِ فِي الْحرم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أصَاب الرجل الْحَد قتل أَو سرق فَدخل الْحرم لم يُبَايع وَلم يؤْوَ حَتَّى يتبرم فَيخرج من الْحرم فيقام عَلَيْهِ الْحَد

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوس قَالَ: عَابَ ابْن عَبَّاس على ابْن الزبير فِي رجل أَخذ فِي الْحل ثمَّ أدخلهُ الْحرم ثمَّ أخرجه إِلَى الْحل فَقتله

وَأخرج عَن الشّعبِيّ قَالَ: من أحدث حَدثا ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم فقد أمِنَ وَلَا يعرض لَهُ وَإِذا أحدث فِي الْحرم أقيم عَلَيْهِ

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من أحدث حَدثا ثمَّ استجار بِالْبَيْتِ فَهُوَ آمن وَلَيْسَ للْمُسلمين أَن يعاقبوه على شَيْء إِلَى أَن يخرج فَإِذا خرج أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من أحدث حَدثا فِي غير الْحرم ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم لم يعرض لَهُ وَلم يُبَايع وَلم يؤوَ حَتَّى يخرج من الْحرم فَإِذا خرج من الْحرم أُخِذَ فأقيم عَلَيْهِ الْحَد وَمن أحدث فِي الْحرم حَدثا أقيم عَلَيْهِ الْحَد

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: لَو أخذت قَاتل عمر فِي الْحرم مَا هجته

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو وجدت قَاتل أبي فِي الْحرم لم أعرض لَهُ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يقتل الرجل ثمَّ يدْخل الْحرم فيلقاه ابْن الْمَقْتُول أَو أَبوهُ فَلَا يحركه

ص: 271

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي شُرَيْح الْعَدوي قَالَ: قَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْغَد من يَوْم الْفَتْح فَقَالَ: إِن مَكَّة حرَّمها الله وَلم يحرمها النَّاس فَلَا يحل لامرىء يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسفك بهَا دَمًا وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة فَإِن أحد ترخص لقِتَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقولُوا: إِن الله قد أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لكم وَإِنَّمَا أذن لي سَاعَة من نَهَار ثمَّ عَادَتْ حرمتهَا الْيَوْم كحرمتها بالْأَمْس

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَمْرو قَالَ: مرَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بناس من قُرَيْش جُلُوس فِي ظلّ الْكَعْبَة فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِم سلَّم ثمَّ قَالَ: اعلموا أَنَّهَا مسؤولة عَمَّا يعْمل فِيهَا وَإِن ساكنها لَا يسفك دَمًا وَلَا يمشي بالنميمة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن جعدة بن هُبَيْرَة فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: آمنا من النَّار

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل الْبَيْت دخل فِي حَسَنَة وَخرج من سَيِّئَة مغفوراً لَهُ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: من مَاتَ فِي الْحرم بعث آمنا

يَقُول الله {وَمن دخله كَانَ آمنا}

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث أمنا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ اسْتوْجبَ شَفَاعَتِي وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة من الْآمنينَ

وَأخرج الجندي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث من الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة وَمن زارني محتسباً إِلَى الْمَدِينَة كَانَ فِي جواري يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الجندي عَن مخرم بن قيس بن مخرمَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث من الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الجندي عَن ابْن عمر قَالَ: من قُبِرَ بمَكة مُسلما بُعِثَ آمنا يَوْم الْقِيَامَة

أما قَوْله تَعَالَى: {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} الْآيَة

ص: 272

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ: لما نزلت {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالُوا: يَا رَسُول الله فِي كل عَام فَسكت

قَالُوا: يَا رَسُول الله فِي كل عَام قَالَ: لَا

وَلَو قلت نعم لَوَجَبَتْ

فَأنْزل الله (لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ)(الْمَائِدَة الْآيَة 101)

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام فَقَالَ: حج حجَّة الْإِسْلَام الَّتِي عَلَيْك

وَلَو قلت نعم وَجَبت عَلَيْكُم

وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله كتب عَلَيْكُم الْحَج

فَقَامَ الْأَقْرَع بن حَابِس فَقَالَ: أَفِي كل عَام يَا رَسُول الله قَالَ: لَو قلتهَا لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت لم تعملوا بهَا وَلم تستطيعوا أَن تعملو بهَا

الْحَج مرّة فَمن زَاد فتطوّع

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا قُمْتُم بهَا وَلَو تَرَكْتُمُوهَا لكَفَرْتُمْ

فذروني فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ أَنْبِيَائهمْ وَاخْتِلَافهمْ عَلَيْهِم فَإِذا أَمرتكُم بِأَمْر فأتمروه مَا اسْتَطَعْتُم وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن أَمر فَاجْتَنبُوهُ

وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ: قَامَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: من الْحَاج يَا رَسُول الله قَالَ: الشعث التفل

فَقَامَ آخر فَقَالَ: أَي الْحَج أفضل يَا رَسُول الله قَالَ: العج والثج

فَقَامَ آخر فَقَالَ: مَا السَّبِيل يَا رَسُول الله قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رَسُول صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن قَول الله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فَقيل مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا عَن الْحسن قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}

ص: 273

قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا من طَرِيق الْحسن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا السَّبِيل إِلَى الْحَج قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: قيل يَا رَسُول الله مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: السَّبِيل إِلَى الْبَيْت

الزَّاد والراحله

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: تَجِد ظهر بعير

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: الزَّاد وَالْبَعِير

وَفِي لفظ الرَّاحِلَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: السَّبِيل أَن يَصح بدن العَبْد وَيكون لَهُ ثمن زَاد وراحلة من غير أَن يجحف بِهِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {السَّبِيل} من وجد إِلَيْهِ سَعَة وَلم يحل بَينه وَبَينه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الزبير {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: الِاسْتِطَاعَة الْقُوَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: زاداً وراحلة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن وَعَطَاء

مثله

ص: 274

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: إِن الْمحرم للْمَرْأَة من السَّبِيل الَّذِي قَالَ الله

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تُسَافِر امْرَأَة مسيرَة لَيْلَة

وَفِي لفظ: لَا تُسَافِر الْمَرْأَة بريداً إِلَّا مَعَ ذِي محرم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخْطب يَقُول: لَا تُسَافِر امْرَأَة إِلَّا مَعَ ذِي محرم

فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن امْرَأَتي خرجت حَاجَة وَإِنِّي كنت فِي غَزْوَة كَذَا وَكَذَا

فَقَالَ: انْطلق فحُجَّ مَعَ امْرَأَتك

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من ملك زاداً وراحلة تبلغه إِلَى بَيت الله وَلم يحجَّ بَيت الله فَلَا عَلَيْهِ أَن يَمُوت يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَذَلِكَ بِأَن الله يَقُول {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي كتاب الْإِيمَان وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من مَاتَ وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام لم يمنعهُ مرض حَابِس أَو سُلْطَان جَائِر أَو حَاجَة ظَاهِرَة فليمت على أَي حَال شَاءَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط مَرْفُوعا مُرْسلا

مثله

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور بِسَنَد صَحِيح عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لقد هَمَمْت أَن أبْعث رجَالًا إِلَى هَذِه الْأَمْصَار فلينظروا كل من كَانَ لَهُ جدة وَلم يحجّ فيضربوا عَلَيْهِم الْجِزْيَة

مَا هم بمسلمين مَا هم بمسلمين

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: من مَاتَ وَهُوَ مُوسر لم يحجّ

فليمت إِن شَاءَ يَهُودِيّا وَإِن شَاءَ نَصْرَانِيّا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عمر قَالَ: من كَانَ يجد وَهُوَ مُوسر صَحِيح لم يحجّ كَانَ سيماه بَين عَيْنَيْهِ كَافِرًا

ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} وَلَفظ ابْن أبي شيبَة: من مَاتَ وَهُوَ مُوسر وَلم يحجّ جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَبَين عَيْنَيْهِ مَكْتُوب كَافِرًا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: من وجد إِلَى الْحَج سَبِيلا سنة ثمَّ سنة ثمَّ مَاتَ وَلم يحجّ لم يصل عَلَيْهِ

لَا يدْرِي مَاتَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا

ص: 275

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَو ترك النَّاس الْحَج لقاتلتهم عَلَيْهِ كَمَا نقاتلهم على الصَّلَاة وَالزَّكَاة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أَن النَّاس تركُوا الْحَج عَاما وَاحِدًا لَا يحجّ أحد مَا نُوظِرُوا بعده

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن كفر} قَالَ: من زعم أَنه لَيْسَ بِفَرْض عَلَيْهِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: من كفر بِالْحَجِّ فَلم ير حجه برا وَلَا تَركه مأثماً

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت (وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا

) (آل عمرَان الْآيَة 85) الْآيَة

قَالَت الْيَهُود: فَنحْن مُسلمُونَ

فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن الله فرض على الْمُسلمين حج الْبَيْت فَقَالُوا: لم يكْتب علينا

وأبوا أَن يحجوا قَالَ الله {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت ( {وَمن يبتغ غير الإِسلام دينا} الْآيَة

قَالَت الْملَل: نَحن الْمُسلمُونَ

فَأنْزل الله {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} فحج الْمُسلمُونَ وَقعد الْكفَّار

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا) الْآيَة

قَالَ أهل الْملَل كلهم: نَحن مُسلمُونَ

فَأنْزل الله {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} قَالَ: يَعْنِي على الْمُسلمين

حج الْمُسلمُونَ وَترك الْمُشْركُونَ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما نزلت آيَة الْحَج {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} الْآيَة جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أهل الْملَل

مُشْركي الْعَرَب وَالنَّصَارَى وَالْيَهُود وَالْمَجُوس وَالصَّابِئِينَ فَقَالَ: إِن الله فرض عَلَيْكُم الْحَج فحجوا الْبَيْت

فَلم يقبله إِلَّا الْمُسلمُونَ وكفرت بِهِ خمس

ص: 276

ملل

قَالُوا: لَا نؤمن بِهِ وَلَا نصلي إِلَيْهِ وَلَا نستقبله

فَأنْزل الله {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي دَاوُد نفيع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} فَقَامَ رجل من هُذَيْل فَقَالَ: يَا رَسُول الله من تَركه كفر قَالَ: من تَركه لَا يخَاف عُقُوبَته وَمن حج لَا يَرْجُو ثَوَابه فَهُوَ ذَاك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَول الله {وَمن كفر} قَالَ: من كفر بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه سُئِلَ عَن قَول الله {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} مَا هَذَا الْكفْر قَالَ: من كفر بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي الْآيَة قَالَ: من كفر بِالْبَيْتِ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَرَأَ {إِن أول بَيت وضع للنَّاس} إِلَى قَوْله {سَبِيلا} ثمَّ قَالَ: من كفر بِهَذِهِ الْآيَات

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: وَمن كفر فَلم يُؤمن فَهُوَ الْكَافِر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لَو كَانَ لي جَار مُوسر ثمَّ مَاتَ وَلم يحجَّ لم أصلِّ عَلَيْهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} بِكَسْر الْحَاء

وَأخرج عَن عَاصِم بن أبي النجُود {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} بِنصب الْحَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن الْأَقْرَع بن حَابِس سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْحَج فِي كل سنة

أَو مرّة وَاحِدَة قَالَ: لَا

بل مرّة وَاحِدَة فَمن زَاد فتطوّع

ص: 277

الْآيَات 98 - 101

ص: 278

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: مر شَاس بن قيس وَكَانَ شَيخا قد عسا فِي الْجَاهِلِيَّة عَظِيم الْكفْر شَدِيد الضغن على الْمُسلمين شَدِيد الْحَسَد لَهُم على نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْأَوْس والخزرج فِي مجْلِس قد جمعهم يتحدثون فِيهِ فَغَاظَهُ مَا رأى من ألفتهم وجماعتهم وَصَلَاح ذَات بَينهم على الْإِسْلَام بعد الَّذِي كَانَ بَينهم من الْعَدَاوَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ: قد اجْتمع مَلأ بني قيلة بِهَذِهِ الْبِلَاد

وَالله مَا لنا مَعَهم إِذا اجْتمع ملؤهم بهَا من قَرَار فَأمر فَتى شَابًّا مَعَه من يهود فَقَالَ: اعمد إِلَيْهِم فاجلس مَعَهم ثمَّ ذكرهم يَوْم بُعَاث وَمَا كَانَ قبله وأنشدهم بعض مَا كَانُوا تقاولوا فِيهِ من الْأَشْعَار

وَكَانَ يَوْم بُعَاث يَوْمًا اقْتتلَتْ فِيهِ الْأَوْس والخزرج وَكَانَ الظفر فِيهِ لِلْأَوْسِ على الْخَزْرَج

فَفعل فَتكلم الْقَوْم عِنْد ذَلِك وَتَنَازَعُوا وَتَفَاخَرُوا حَتَّى توَاثب رجلَانِ من الْحَيَّيْنِ على الركب أَوْس بن قيظي أحد بني حَارِثَة من الْأَوْس وجبار بن صَخْر أحد بني سَلمَة من الْخَزْرَج فَتَقَاوَلَا ثمَّ قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِن شِئْتُم - وَالله - رددناها الْآن جَذَعَة

وَغَضب الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا وَقَالُوا: قد فعلنَا

السِّلَاح السِّلَاح

مَوْعدكُمْ الظَّاهِرَة وَالظَّاهِرَة الْحرَّة

فَخَرجُوا إِلَيْهَا وانضمت الْأَوْس بَعْضهَا إِلَى بعض والخزرج بَعْضهَا إِلَى بعض على دَعوَاهُم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة

فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَخرج إِلَيْهِم فِيمَن مَعَه من الْمُهَاجِرين من

ص: 278

أَصْحَابه حَتَّى جَاءَهُم فَقَالَ: يَا معشر الْمُسلمين الله الله

أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة وَأَنا بَين أظْهركُم بعد إِذْ هدَاكُمْ الله إِلَى الْإِسْلَام وأكرمكم بِهِ وَقطع بِهِ عَنْكُم أَمر الْجَاهِلِيَّة واستنقذكم بِهِ من الْكفْر وَألف بِهِ بَيْنكُم ترجعون إِلَى مَا كُنْتُم عَلَيْهِ كفَّارًا فَعرف الْقَوْم أَنَّهَا نزغة من الشَّيْطَان وَكيد من عدوه لَهُم

فَألْقوا السِّلَاح وَبكوا وَعَانَقَ الرِّجَال بَعضهم بَعْضًا ثمَّ انصرفوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَامِعين مُطِيعِينَ قد أطفأ الله عَنْهُم كيد عَدو الله شَاس وَأنزل الله فِي شَأْن شَاس بن قيس وَمَا صنع {قل يَا أهل الْكتاب لمَ تكفرون بآيَات الله وَالله شَهِيد على مَا تَعْمَلُونَ} إِلَى قَوْله {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} وَأنزل فِي أَوْس بن قيظي وجبار ابْن صَخْر وَمن كَانَ مَعَهُمَا من قومهما الَّذين صَنَعُوا مَا صَنَعُوا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب يردوكم بعد إيمَانكُمْ كَافِرين} إِلَى قَوْله {وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم}

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْأَوْس والخزرج فِي الْجَاهِلِيَّة بَينهم شَرّ فَبَيْنَمَا هم يَوْمًا جُلُوس ذكرُوا مَا بَينهم حَتَّى غضبوا وَقَامَ بَعضهم إِلَى بعض بِالسِّلَاحِ فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكر لَهُ ذَلِك فَركب إِلَيْهِم

فَنزلت {وَكَيف تكفرون} الْآيَة

والآيتان بعْدهَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ بَين هذَيْن الْحَيَّيْنِ من الْأَوْس والخزرج قتال فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام اصْطَلحُوا وَألف الله بَين قُلُوبهم فَجَلَسَ يَهُودِيّ فِي مجْلِس فِيهِ نفر من الْأَوْس والخزرج فَأَنْشد شعرًا قَالَه أحد الْحَيَّيْنِ فِي حربهم فكأنهم دخلهم من ذَلِك فَقَالَ الْآخرُونَ: قد قَالَ شَاعِرنَا كَذَا وَكَذَا

فَاجْتمعُوا وَأخذُوا السِّلَاح وَاصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} إِلَى قَوْله {لَعَلَّكُمْ تهتدون} فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ بَين الصفين فقرأهن وَرفع صَوته فَلَمَّا سمعُوا صَوت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْقُرْآنِ أَنْصتُوا لَهُ وَجعلُوا يَسْتَمِعُون فَلَمَّا فرغ ألقوا السِّلَاح وَعَانَقَ بَعضهم بَعْضًا وجثوا يَبْكُونَ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ جماع قبائل الْأَنْصَار بطنين: الْأَوْس والخزرج وَكَانَ بَينهمَا فِي الْجَاهِلِيَّة حَرْب وَدِمَاء وَشَنَآن حَتَّى منّ الله عَلَيْهِم بِالْإِسْلَامِ وبالنبي صلى الله عليه وسلم فأطفأ الله الْحَرْب الَّتِي كَانَت بَينهم وألَّف بَينهم

ص: 279

بِالْإِسْلَامِ

فَبينا رجل من الْأَوْس وَرجل من الْخَزْرَج قاعدان يتحادثان ومعهما يَهُودِيّ جَالس فَلم يزل يذكرهما بأيامهم والعداوة الَّتِي كَانَت بَينهم حَتَّى اسْتَبَّا ثمَّ اقتتلا فَنَادَى هَذَا قومه وَهَذَا قومه فَخَرجُوا بِالسِّلَاحِ وصفَّ بَعضهم لبَعض فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلم يزل يمشي بَينهم إِلَى هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء ليسكنهم حَتَّى رجعُوا

فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب يردوكم بعد إيمَانكُمْ كَافِرين}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي ثَعْلَبَة بن غنمة الْأنْصَارِيّ وَكَانَ بَينه وَبَين أنَاس من الْأَنْصَار كَلَام فَمشى بَينهم يَهُودِيّ من قينقاع فَحمل بَعضهم على بعض حَتَّى هَمت الطائفتان من الْأَوْس والخزرج أَن يحملوا السِّلَاح فيقاتلوا

فَأنْزل الله {إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب يردوكم بعد إيمَانكُمْ كَافِرين} يَقُول: إِن حملتم السِّلَاح فاقتتلتم كَفرْتُمْ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لمَ تصدُّونَ عَن سَبِيل الله} الْآيَة

قَالَ: كَانُوا إِذا سَأَلَهُمْ أحد هَل تَجِدُونَ مُحَمَّدًا قَالُوا: لَا

فصدوا النَّاس عَنهُ وبغوا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة يَقُول: لم تصدُّونَ عَن الْإِسْلَام وَعَن نَبِي الله من آمن بِاللَّه وَأَنْتُم شُهَدَاء فِيمَا تقرأون من كتاب الله: أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَن الْإِسْلَام دين الله الَّذِي لَا يقبل غَيره وَلَا يَجْزِي إِلَّا بِهِ يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب لم تصدُّونَ} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى

نَهَاهُم أَن يصدوا الْمُسلمين عَن سَبِيل الله ويريدون أَن يعدلُوا النَّاس إِلَى الضَّلَالَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً} الْآيَة

قد تقدم الله إِلَيْكُم فيهم كَمَا تَسْمَعُونَ وحذروكموهم وأنبأكم بضلالتهم فَلَا تَأْمَنُوهُمْ على دينكُمْ وَلَا تنصحوهم على أَنفسكُم فَإِنَّهُم الْأَعْدَاء الحسدة الضلال

كَيفَ تأمنون قوما كفرُوا بِكِتَابِهِمْ وَقتلُوا رسلهم وتحيروا فِي دينهم وعجزوا عَن أنفسهم أُولَئِكَ - وَالله - أهل التُّهْمَة والعداوة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكَيف تكفرون وَأَنْتُم تتلى عَلَيْكُم آيَات الله وَفِيكُمْ رَسُوله}

ص: 280

قَالَ: علمَان بينان: نَبِي الله وَكتاب الله فَأَما نَبِي الله فَمضى عليه الصلاة والسلام

وَأما كتاب الله فأبقاه الله بَين أظْهركُم رَحْمَة من الله ونعمة

فِيهِ حَلَاله وَحَرَامه ومعصيته

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن يعتصم بِاللَّه} قَالَ: يُؤمن بِاللَّه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الِاعْتِصَام بِاللَّه الثِّقَة بِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: إِن الله قضى على نَفسه أَنه من آمن بِهِ هداه وَمن وثق بِهِ أَنْجَاهُ

قَالَ الرّبيع: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {وَمن يعتصم بِاللَّه فقد هدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم}

وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الرّبيع عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إِن الله قضى على نَفسه أَنه من آمن بِهِ هداه وَمن توكل عَلَيْهِ كَفاهُ وَمن أقْرضهُ جزاه وَمن وثق بِهِ أَنْجَاهُ وَمن دَعَاهُ اسْتَجَابَ لَهُ بعد أَن يستجيب لله

قَالَ الرّبيع: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله (وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه)(التغابن الْآيَة 11)(وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه إِن الله بَالغ أمره)(الطَّلَاق الْآيَة 3)(وَمن يقْرض الله قرضا حسنا يضاعفه لَهُ){وَمن يعتصم بِاللَّه فقد هدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان فليستجيبوا لي} الْبَقَرَة الْآيَة 186

وَأخرج تَمام فِي فَوَائده عَن كَعْب بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أوحى الله إِلَى دَاوُد: يَا دَاوُد مَا من عبد يعتصم بِي دون خلقي أعرف ذَلِك من نِيَّته فتكيده السَّمَوَات بِمن فِيهَا إِلَّا جعلت لَهُ من بَين ذَلِك مخرجا وَمَا من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف مِنْهُ نِيَّته إِلَّا قطعت أَسبَاب السَّمَاء من بَين يَدَيْهِ وأسخت الْهَوَاء من تَحت قَدَمَيْهِ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب مَا عِنْد الله كَانَت السَّمَاء ظلاله وَالْأَرْض فرَاشه لم يهتم بِشَيْء

ص: 281

من أَمر الدُّنْيَا فَهُوَ لَا يزرع الزَّرْع وَهُوَ يَأْكُل الْخبز وَلَا يغْرس الشّجر وَيَأْكُل الثِّمَار توكّلاً على الله وَطلب مرضاته فضمن الله السَّمَوَات وَالْأَرْض رزقه فهم يتعبون فِيهِ ويأتون بِهِ حَلَالا ويستوفي هُوَ رزقه بِغَيْر حِسَاب حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِين

قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح

قَالَ الذَّهَبِيّ: بل مُنكر أَو مَوْضُوع فِيهِ عَمْرو بن بكر السكْسكِي مُتَّهم عِنْد ابْن حبَان وَابْنه إِبْرَاهِيم

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مَتْرُوك

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معقل بن يسَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَقُول ربكُم: يَا ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قَلْبك غنى وَأَمْلَأُ يَديك رزقا

يَا ابْن أَدَم لَا تبَاعد مني فأملأ قَلْبك فَقَرَأَ واملأ يَديك شغلا

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد: مَا من عبد يعتصم بِي دون خلقي وتكيده السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا جعلت لَهُ من ذَلِك مخرجا وَمَا من عبد يعتصم بمخلوق دوني إِلَّا قطعت أَسبَاب السَّمَاء بَين يَدَيْهِ وأسخت الأَرْض من تَحت قَدَمَيْهِ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من جعل الهموم هما وَاحِدًا كَفاهُ الله مَا أهمه من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن تشاعبت بِهِ الهموم لم يبالِ الله فِي أَي أَوديَة الدُّنْيَا هلك

الْآيَة 102

ص: 282

أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي النَّاسِخ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: أَن يطاع فَلَا

ص: 282

يعْصى وَيذكر فَلَا ينسى ويشكر فَلَا يكفر

واخرج الحكم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {اتَّقوا الله حق تُقَاته} أَن يطاع فَلَا يعْصى وَيذكر فَلَا ينسى

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: أَن يطاع فَلَا يعْصى وان يذكر فَلَا ينسى

قَالَ عِكْرِمَة: قَالَ ابْن عَبَّاس: فشق ذَلِك على الْمُسلمين فَأنْزل الله بعد ذَلِك (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم)(التغابن الْآيَة 16)

وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} أَن يطاع فَلَا يعْصى

فَلم يستطيعوا قَالَ الله (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة اشْتَدَّ على الْقَوْم الْعَمَل فَقَامُوا حَتَّى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فَأنْزل الله تَخْفِيفًا على الْمُسلمين (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) فنسخت الْآيَة الأولى

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: نسختها (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: لم تنسخ وَلَكِن {حق تُقَاته} أَن يجاهدوا فِي الله حق جهاده وَلَا تأخذهم فِي الله لومة لائم ويقوموا لله بِالْقِسْطِ وَلَو على أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: لما نزلت {اتَّقوا الله حق تُقَاته} ثمَّ نزل بعْدهَا (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) نسخت هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي آل عمرَان

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: نسختها الْآيَة الَّتِي فِي التغابن (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم واسمعوا وَأَطيعُوا) وَعَلَيْهَا بَايع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على السّمع وَالطَّاعَة فِيمَا اسْتَطَاعُوا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَوْس والخزرج وَكَانَ بَينهم قتال يَوْم بُعَاث قبيل مقدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأصْلح بَينهم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَات

ص: 283

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: لَا يَتَّقِي اللَّهَ العبدُ حق تُقَاته حَتَّى يخزن من لِسَانه

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وصححاه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} وَلَو أَن قَطْرَة من الزقوم قطرت لأمرت على أهل الأَرْض عيشهم فَكيف مِمَّن لَيْسَ لَهُ طَعَام إِلَّا الزقوم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته} وَهُوَ أَن يطاع فَلَا يعْصى فَإِن لم تَفعلُوا وَلم تستطيعوا {فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} قَالَ: على الْإِسْلَام وعَلى حُرْمَة الْإِسْلَام

وَأخرج الْخَطِيب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَتَّقِي الله عبد {حق تُقَاته} حَتَّى يعلم أَن مَا أَصَابَهُ لم يكن ليخطئه وَمَا أخطأه لم يكن ليصيبه

الْآيَة 103

ص: 284

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود فِي قَول الله {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: حَبل الله الْقُرْآن

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذَا الصِّرَاط محتضر تحضره الشَّيَاطِين ينادون يَا عبد الله هلمَّ هَذَا هُوَ الطَّرِيق ليصدوا عَن سَبِيل الله فَاعْتَصمُوا بِحَبل الله فَإِن حَبل الله الْقُرْآن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كتاب الله هُوَ حَبل الله الْمَمْدُود من السَّمَاء إِلَى الأَرْض

ص: 284

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن هَذَا الْقُرْآن سَبَب

طرفه بيد الله وطرفه بِأَيْدِيكُمْ فَتمسكُوا بِهِ فَإِنَّكُم لن تضلوا بعده أبدا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي تَارِك فِيكُم كتاب الله هُوَ حَبل الله من اتبعهُ كَانَ على الْهدى وَمن تَركه كَانَ على الضَّلَالَة

وَأخرج أَحْمد عَن زيد بن ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي تَارِك فِيكُم خليفتين: كتاب الله عز وجل حَبل مَمْدُود مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وعترتي أهل بَيْتِي وأنهما لن يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عليّ الْحَوْض

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لكم فرط وَإِنَّكُمْ وَارِدُونَ عليّ الْحَوْض فانظروا كَيفَ تخلفوني فِي الثقلَيْن قيل: وَمَا الثَّقَلَان يَا رَسُول الله قَالَ: الْأَكْبَر كتاب الله عز وجل

سَبَب طرفه بيد الله وطرفه بِأَيْدِيكُمْ فَتمسكُوا بِهِ لن تزالوا وَلَا تضلوا والأصغر عِتْرَتِي وأنهما لن يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عليّ الْحَوْض وَسَأَلت لَهما ذَاك رَبِّي فَلَا تقدموهما لتهلكوا وَلَا تعلموهما فَإِنَّهُمَا أعلم مِنْكُم

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَيهَا النَّاس إِنِّي تَارِك فِيكُم مَا إِن أَخَذْتُم بِهِ لن تضلوا بعدِي أَمريْن أَحدهمَا أكبر من الآخر كتاب الله حَبل مَمْدُود مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وعترتي أهل بَيْتِي وأنهما لن يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عليّ الْحَوْض

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن مَسْعُود {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا} قَالَ: حَبل الله الْجَمَاعَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ثَابت بن فطنة الْمُزنِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن مَسْعُود يخْطب وَهُوَ يَقُول: أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُمَا حَبل الله الَّذِي أَمر بِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سماك بن الْوَلِيد الْحَنَفِيّ أَنه لَقِي ابْن عَبَّاس فَقَالَ: مَا تَقول فِي سلاطين علينا يظلموننا ويشتموننا ويعتدون علينا فِي صَدَقَاتنَا أَلا

ص: 285

نمنعهم قَالَ: لَا أعطهم الْجَمَاعَة الْجَمَاعَة إِنَّمَا هَلَكت الْأُمَم الخالية بتفرقها أما سَمِعت قَول الله {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا}

وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: افْتَرَقت بَنو إِسْرَائِيل على إِحْدَى وَسبعين فرقة وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على إثنتين وَسبعين فرقة كلهم فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة

قَالُوا: يَا رَسُول وَمن هَذِه الْوَاحِدَة قَالَ: الْجَمَاعَة

ثمَّ قَالَ {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا}

(فِي الْكتاب الحَدِيث مُكَرر) وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: افْتَرَقت بَنو إِسْرَائِيل على إِحْدَى وَسبعين فرقة وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على إثنتين وَسبعين فرقة كلهم فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمن هَذِه الْوَاحِدَة قَالَ: الْجَمَاعَة ثمَّ قَالَ {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا}

وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَن الله يرضى لكم ثَلَاثًا ويسخط لكم ثَلَاثًا: يرضى لكم أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن تعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا وَإِن تناصحوا من ولاه الله أَمركُم

ويسخط لكم: قيل وَقَالَ وَكَثْرَة السُّؤَال وإضاعة المَال

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن أهل الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دينهم على إثنتين وَسبعين مِلَّة وَإِن هَذِه الْأمة سَتَفْتَرِقُ على ثَلَاث وَسبعين مِلَّة - يَعْنِي الْأَهْوَاء - كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة

وَهِي الْجَمَاعَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من خرج من الْجَمَاعَة قيد شبر فقد خلع ربقة الْإِسْلَام عَن عُنُقه حَتَّى يُرَاجِعهُ وَمن مَاتَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِمَام جمَاعَة فَإِن موتته ميتَة جَاهِلِيَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: بالإخلاص لله وَحده {وَلَا تفَرقُوا} يَقُول: لَا تعادوا عَلَيْهِ - يَقُول على الْإِخْلَاص - وَكُونُوا عَلَيْهِ إخْوَانًا

ص: 286

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: بِطَاعَتِهِ

وَأخرج عَن قَتَادَة {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: بِعَهْد الله وبأمره

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: الإِسلام

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء} يقتل بَعْضكُم بَعْضًا وَيَأْكُل شديدكم ضعيفكم حَتَّى جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ فألف بِهِ بَيْنكُم وَجمع جمعكم عَلَيْهِ وجعلكم عَلَيْهِ إخْوَانًا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَقِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم نَفرا من الْأَنْصَار فآمنوا بِهِ وَصَدقُوا وَأَرَادَ أَن يذهب مَعَهم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِن بَين قَومنَا حَربًا وَإِنَّا نَخَاف إِن جِئْت على حالك هَذِه أَن لَا يتهيأ الَّذِي تُرِيدُ

فوادوه الْعَام الْمقبل فَقَالُوا: نَذْهَب برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَعَلَّ الله أَن يصلح تِلْكَ الْحَرْب

وَكَانُوا يرَوْنَ أَنَّهَا لَا تصلح - وَهِي يَوْم بُعَاث - فَلَقوهُ من الْعَام الْمقبل سبعين رجلا قد آمنُوا بِهِ فَأخذ مِنْهُم النُّقَبَاء إثني عشر رجلا

فَذَلِك حِين يَقُول {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ} وَفِي لفظ لِابْنِ جرير فَلَمَّا كَانَ من أَمر عَائِشَة مَا كَانَ فتشاور الْحَيَّانِ قَالَ بَعضهم لبَعض: مَوْعدكُمْ الْحرَّة فَخَرجُوا إِلَيْهَا

فَنزلت هَذِه الْآيَة {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جريج فِي قَوْله {إِذْ كُنْتُم أَعدَاء} قَالَ: مَا كَانَ بَين الْأَوْس والخزرج فِي شَأْن عَائِشَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: كَانَت الْحَرْب بَين الْأَوْس والخزرج عشْرين وَمِائَة سنة حَتَّى قَامَ الْإِسْلَام فأطفأ الله ذَلِك وَألف بَينهم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: بَلغنِي أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي قبيلتين من قبائل الْأَنْصَار فِي رجلَيْنِ

أَحدهمَا من الْخَزْرَج وَالْآخر من الْأَوْس اقْتَتَلُوا فِي الْجَاهِلِيَّة زَمَانا طَويلا فَقدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة فَأصْلح بَينهم فَجرى الحَدِيث بَينهمَا فِي الْمجْلس فتفاخروا واستبوا حَتَّى أشرع بَعضهم الرماح إِلَى بعض

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا} إِذْ كُنْتُم تذابحون فِيهَا يَأْكُل شديدكم ضعيفكم حَتَّى جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ فآخى بِهِ بَيْنكُم وَألف بِهِ بَيْنكُم

أما وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَن الألفة لرحمة وَأَن الْفرْقَة لعذاب ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يتواد رجلَانِ فِي الْإِسْلَام فَيُفَرق بَينهمَا من أول ذَنْب يحدثه أَحدهمَا وَإِن أرادهما الْمُحدث

ص: 287

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا معشر الْأَنْصَار بمَ تمنون عليَّ أَلَيْسَ جِئتُكُمْ ضلالا فَهدَاكُم الله بِي وجئتكم أَعدَاء فألف الله بَين قُلُوبكُمْ بِي قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار} يَقُول كُنْتُم على طرف النَّار من مَاتَ مِنْكُم وَقع فِي النَّار

فَبعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فاستنقذكم بِهِ من تِلْكَ الحفرة

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار فأنقذكم مِنْهَا} قَالَ: أنقذنا مِنْهَا فأرجو أَن لَا يعيدنا فِيهَا

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وجل {وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار فأنقذكم مِنْهَا} قَالَ: أنقذكم الله بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت عَبَّاس بن مرداس وَهُوَ يَقُول: يكب على شفا الأذقان كبا كَمَا زلق التحتم عَن جفاف

الْآيَتَانِ 104 - 105

ص: 288

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَمْرو بن دِينَار أَنه سمع ابْن الزبير يقْرَأ {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} ويستعينون بِاللَّه على مَا أَصَابَهُم

فَمَا أَدْرِي أَكَانَت قِرَاءَته أَو فسَّر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عُثْمَان أَنه قَرَأَ ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويستعينون الله على مَا أَصَابَهُم وَأُولَئِكَ هم المفلحون

ص: 288

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي جَعْفَر الباقر قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر} ثمَّ قَالَ: الْخَيْر أَتبَاع الْقُرْآن وسُنَّتي

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كل آيَة ذكرهَا الله فِي الْقُرْآن فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ الْإِسْلَام وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَهُوَ عبَادَة الشَّيْطَان

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {ولتكن مِنْكُم أمة} يَقُول: ليكن مِنْكُم قوم

يَعْنِي وَاحِدًا أَو إثنين أَو ثَلَاثَة نفر فَمَا فَوق ذَلِك أمة يَقُول: إِمَامًا يقْتَدى بِهِ يدعونَ إِلَى الْخَيْر قَالَ: إِلَى الْخَيْر قَالَ: إِلَى الْإِسْلَام ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ بِطَاعَة رَبهم وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر عَن مَعْصِيّة رَبهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر} قَالَ: هم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَاصَّة

وهم الروَاة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا} قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ بِالْجَمَاعَة ونهاهم عَن الِاخْتِلَاف والفرقة وَأخْبرهمْ إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالمراء والخصومات فِي دين الله

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا} قَالَ: هم أهل الْكتاب

نهى الله أهل الْإِسْلَام أَن يتفرقوا ويختلفوا كَمَا تفرق وَاخْتلف أهل الْكتاب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا} قَالَ: من الْيَهُود وَالنَّصَارَى

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: افْتَرَقت الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين فرقة وَتَفَرَّقَتْ النَّصَارَى على إثنتين وَسبعين فرقة وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: كَيفَ يصنع أهل هَذِه الْأَهْوَاء الخبيثة بِهَذِهِ الْآيَة فِي آل عمرَان {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات} قَالَ: نبذوها وَرب الْكَعْبَة وَرَاء ظُهُورهمْ

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أهل الْكتاب تفَرقُوا فِي دينهم على إثنتين وَسبعين مِلَّة وتفترق هَذِه الْأمة على ثَلَاث

ص: 289

وَسبعين مِلَّة كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة وَهِي الْجَمَاعَة وَيخرج فِي أمتِي أَقوام تتجارى تِلْكَ الْأَهْوَاء بهم كَمَا يتجارى الْكَلْب بِصَاحِبِهِ فَلَا يبْقى مِنْهُ عرق وَلَا مفصل إِلَّا دخله

وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَأْتِي على أمتِي مَا أَتَى على بني إِسْرَائِيل حَذْو النَّعْل بالنعل حَتَّى لَو كَانَ فيهم من نكح أمة عَلَانيَة كَانَ فِي أمتِي مثله إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقُوا على إِحْدَى وَسبعين مِلَّة وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين مِلَّة كلهَا فِي النَّار إِلَّا مِلَّة وَاحِدَة فَقيل لَهُ: مَا الْوَاحِدَة قَالَ: مَا أَنا عَلَيْهِ الْيَوْم وأصحابي

وَأخرج الْحَاكِم عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لتسلكن سنَن من قبلكُمْ إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقت

الحَدِيث

وَأخرج ابْن ماجة عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: افْتَرَقت الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين فرقة فَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَسَبْعُونَ فِي النَّار وافترقت النَّصَارَى على اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة فإحدى وَسبعين فِي النَّار وَوَاحِدَة فِي الْجنَّة

وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لتفترقن أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة فَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّار

قيل: يَا رَسُول الله من هم قَالَ: الْجَمَاعَة

وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل تَفَرَّقت إِحْدَى وَسبعين فرقة فَهَلَكت سَبْعُونَ فرقة وخلصت فرقة وَاحِدَة وَأَن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على إثنتين وَسبعين فرقة تهْلك إِحْدَى وَسَبْعُونَ فرقة وتخلص فرقة قيل: يَا رَسُول الله من تِلْكَ الْفرْقَة قَالَ: الْجَمَاعَة الْجَمَاعَة

وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إثنان خير من وَاحِد وَثَلَاثَة خير من إثنين وَأَرْبَعَة خير من ثَلَاثَة فَعَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن الله لم يجمع أمتِي إِلَّا على هدى

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ادخُلُوا عليَّ وَلَا يدْخل عليَّ إِلَّا قرشي فَقَالَ: يَا معشر قُرَيْش أَنْتُم الْوُلَاة بعدِي لهَذَا الدّين فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات}

ص: 290

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن أبي غَالب قَالَ: رأى أَبُو أُمَامَة رُؤُوس الْأزَارِقَة مَنْصُوبَة على درج مَسْجِد دمشق فَقَالَ أَبُو أُمَامَة: كلاب النَّار شَرّ قَتْلَى تَحت أَدِيم السَّمَاء خير قَتْلَى من قَتَلُوهُ

ثمَّ قَرَأَ {يَوْم تبيضُّ وُجُوه وتسودُّ وُجُوه} الْآيَة

قلت لأبي أُمَامَة: أَنْت سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَو لم أسمعهُ إِلَّا مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا حَتَّى عدَّ سبعا مَا حَدَّثتكُمُوهُ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نصر فِي الْإِبَانَة والخطيب فِي تَارِيخه واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ {تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ تبيض وُجُوه أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَتسود وُجُوه أهل الْبدع والضلالة

وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك والديلمي عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله تَعَالَى {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ: تبيض وُجُوه أهل السّنة وَتسود وُجُوه أهل الْبدع

وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ: تبيض وُجُوه أهل الْجَمَاعَات وَالسّنة وَتسود وُجُوه أهل الْبدع والأهواء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ:

ص: 291

صَارُوا فرْقَتَيْن يَوْم الْقِيَامَة يُقَال لمن اسود وَجهه {أكفرتم بعد إيمَانكُمْ} فَهُوَ الْإِيمَان الَّذِي كَانَ فِي صلب آدم حَيْثُ كَانُوا أمة وَاحِدَة وَأما الَّذين ابْيَضَّتْ وُجُوههم فهم الَّذين استقاموا على إِيمَانهم وَأَخْلصُوا لَهُ الدّين فبيَّض الله وُجُوههم وأدخلهم فِي رضوانه وجنته

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب كَانُوا مُصدقين بِأَنْبِيَائِهِمْ مُصدقين بِمُحَمد فَلَمَّا بَعثه الله كفرُوا

فَذَلِك قَوْله {أكفرتم بعد أَيْمَانكُم}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله {فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم} قَالَ: هم الْخَوَارِج

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير فِي الْآيَة عَن قَتَادَة قَالَ: لقد كفر أَقوام بعد إِيمَانهم كَمَا تَسْمَعُونَ {فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم} فَأهل طَاعَة الله وَالْوَفَاء بِعَهْد الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {فَأَما الَّذين اسودّت وُجُوههم} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ كَانُوا أعْطوا كلمة الْإِيمَان بألسنتهم وأنكروها بقلوبهم وأعمالهم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَتسود وُجُوه} قَالَ: هم الْيَهُود

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ: هَذَا لأهل الْقبْلَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ بِسَنَد فِيهِ من لَا يعرف {يَوْم تبيض وُجُوه وتسودُّ وُجُوه} قَالَ: بِالْأَعْمَالِ والأحداث

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد فِيهِ من لَا يعرف عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَل تَأتي عَلَيْك سَاعَة لَا تملك فِيهَا لأحد شَفَاعَة قَالَ: نعم {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} حَتَّى انْظُر مَا يفعل بِي

أَو قَالَ: بوجهي

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْمُصِيبَة تبيض وَجه صَاحبهَا يَوْم تسود الْوُجُوه

وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْغُبَار فِي سَبِيل الله إسفار الْوُجُوه يَوْم الْقِيَامَة

ص: 292

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ من عبد يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله مائَة مرّة إِلَّا بَعثه الله يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر

وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَ كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور} بِنصب التَّاء وَكسر الْجِيم

الْآيَات 110 - 112

ص: 293

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: هم الَّذين هَاجرُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: لَو شَاءَ الله لقَالَ: أَنْتُم

فَكُنَّا كلنا وَلَكِن قَالَ {كُنْتُم} فِي خَاصَّة أَصْحَاب مُحَمَّد وَمن صنع مثل صنيعهم كَانُوا {خير أمة أخرجت للنَّاس}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ عَمَّن حَدثهُ عَن عمر فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة} قَالَ: تكون لأوّلنا وَلَا تكون لآخرنا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي ابْن مَسْعُود وعمار بن يسَار وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَأبي بن كَعْب ومعاذ بن جبل

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ هَذِه الْآيَة

ص: 293

{كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} الْآيَة

ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس من سرَّه أَن يكون من تلكم الْأمة فليؤدِّ شَرط الله مِنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} يَقُول: على هَذَا الشَّرْط

أَن تأمروا بِالْمَعْرُوفِ وتنهوا عَن الْمُنكر وتؤمنوا بِاللَّه

يَقُول: لمن أَنْتُم بَين ظهرانيه كَقَوْلِه (وَلَقَد اخترناهم على علم على الْعَالمين)(الدُّخان الْآيَة 32)

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن المنذرو ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: خير النَّاس للنَّاس تأتون بهم فِي السلَاسِل فِي أَعْنَاقهم حَتَّى يدخلُوا فِي الإِسلام

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: خير النَّاس للنَّاس

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لم تكن أمة أَكثر استجابة فِي الْإِسْلَام من هَذِه الْأمة فَمن ثمَّ قَالَ {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة بن حيدة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: إِنَّكُم تتمون سبعين أمة أَنْتُم خَيرهَا وَأَكْرمهَا على الله

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَات يَوْم وَهُوَ مُسْند ظَهره إِلَى الْكَعْبَة: نَحن نكمل يَوْم الْقِيَامَة سبعين أمة نَحن آخرهَا وَخَيرهَا

وَأخرج أَحْمد بِسَنَد حسن عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء: نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض وَسميت أَحْمد وَجعل التُّرَاب لي طهُورا وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: أهل بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 294

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي الْآيَة قَالَ: خير النَّاس للنَّاس

شهدتم لِلنَّبِيِّينَ الَّذين كذبهمْ قَومهمْ بالبلاغ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: لم تكن أمة دخل فِيهَا من أَصْنَاف النَّاس غير هَذِه الْأمة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ} يَقُول: تأمرونهم أَن يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله والإِقرار بِمَا أنزل الله ويقاتلونهم عَلَيْهِ

وَلَا إِلَه إِلَّا الله هُوَ أعظم الْمَعْرُوف وتنهونهم عَن الْمُنكر وَالْمُنكر هُوَ التَّكْذِيب وَهُوَ أنكر الْمُنكر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مِنْهُم الْمُؤْمِنُونَ} قَالَ: اسْتثْنى الله مِنْهُم ثَلَاثَة كَانُوا على الْهدى وَالْحق

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَكْثَرهم الْفَاسِقُونَ} قَالَ: ذمّ الله أَكثر النَّاس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لن يضروكم إِلَّا أَذَى} قَالَ: تسمعونه مِنْهُم

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {لن يضروكم إِلَّا أَذَى} قَالَ: إشراكهم فِي عُزَيْر وَعِيسَى والصليب

وَأخرج عَن الْحسن {لن يضروكم إِلَّا أَذَى} قَالَ: تَسْمَعُونَ مِنْهُم كذبا على الله يدعونكم إِلَى الضَّلَالَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: هم أَصْحَاب القبالات

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: أذلّهم الله فَلَا مَنْعَة لَهُم وجعلهم الله تَحت أَقْدَام الْمُسلمين

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: أدركتهم هَذِه الْأمة وَأَن الْمَجُوس لتجتنيهم الْجِزْيَة

ص: 295

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن وَقَتَادَة {ضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: يُعْطون الْجِزْيَة عَن يَد وهم ضاغرون

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: الْجِزْيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيقين عَن ابْن عَبَّاس {إِلَّا بِحَبل من الله وحبل من النَّاس} قَالَ: بِعَهْد من الله وعهد من النَّاس

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون} قَالَ: اجتنبوا الْمعْصِيَة والعدوان فَإِن بهما هلك من هلك قبلكُمْ من النَّاس

الْآيَات 113 - 116

ص: 296

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أسلم عبد الله بن سَلام وثعلبة بن سعية وَأسيد بن سعية وَأسد بن عبيد وَمن أسلم من يهود مَعَهم

فآمنوا وَصَدقُوا وَرَغبُوا فِي الْإِسْلَام قَالَت أَحْبَار يهود وَأهل الْكفْر مِنْهُم: مَا آمن بِمُحَمد وَتَبعهُ إلاّ شرارنا وَلَو كَانُوا خيارنا مَا تركُوا دين آبَائِهِم وذهبوا إِلَى غَيره

فَأنْزل الله فِي ذَلِك {لَيْسُوا سَوَاء} إِلَى قَوْله {وَأُولَئِكَ من الصَّالِحين}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَيْسُوا سَوَاء} الْآيَة

يَقُول: لَيْسَ كل الْقَوْم هلك قد كَانَ لله فيهم بَقِيَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أمة قَائِمَة} قَالَ: عبد الله بن سَلام وثعلبة بن سَلام أَخُوهُ وسعية ومبشر وَأسيد وَأسد ابْنا كَعْب

ص: 296

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: هَؤُلَاءِ الْيَهُود لَيْسُوا كَمثل هَذِه الْأمة الَّتِي هِيَ قانتة لله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أمة قَائِمَة} يَقُول: مهتدية قَائِمَة على أَمر الله لم تنْزع عَنهُ وتتركه كَمَا تَركه الْآخرُونَ وضيعوه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أمة قَائِمَة} قَالَ: عادلة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {أمة قَائِمَة} يَقُول: قَائِمَة على كتاب الله وحدوده وفرائضه

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {آنَاء اللَّيْل} قَالَ: سَاعَات اللَّيْل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آنَاء اللَّيْل} قَالَ: جَوف اللَّيْل

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {لَيْسُوا سَوَاء من أهل الْكتاب أمة قَائِمَة} قَالَ: لَا يَسْتَوِي أهل الْكتاب وَأمة مُحَمَّد {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل} قَالَ: صَلَاة الْعَتَمَة هم يصلونها وَمن سواهُم من أهل الْكتاب لَا يصلونها

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أخر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة صَلَاة الْعشَاء ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينتظرون الصَّلَاة فَقَالَ: أما أَنه لَيْسَ من أهل هَذِه الْأَدْيَان أحد يذكر الله هَذِه السَّاعَة غَيْركُمْ

وَلَفظ ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَقَالَ: إِنَّه لَا يُصَلِّي هَذِه الصَّلَاة أحد من أهل الْكتاب

قَالَ: وأنزلت هَذِه الْآيَة {لَيْسُوا سَوَاء من أهل الْكتاب أمة قَائِمَة} حَتَّى بلغ {وَالله عليم بالمتقين}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل} قَالَ: قَالَ بَعضهم: صَلَاة الْعَتَمَة يُصليهَا أمة مُحَمَّد وَلَا يُصليهَا غَيرهم من أهل الْكتاب

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: أخر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْعَتَمَة لَيْلَة حَتَّى ظن الظَّان أَن قد صلى ثمَّ خرج فَقَالَ: اعتموا بِهَذِهِ الصَّلَاة فَإِنَّكُم فضلْتُمْ بهَا على سَائِر الْأُمَم وَلم تصلها أمة قبلكُمْ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن الْمُنْكَدر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه خرج ذَات لَيْلَة

ص: 297

وَقد أخر صَلَاة الْعشَاء حَتَّى ذهب من الَّيْلِ هنيهة أَو سَاعَة وَالنَّاس ينتظرون فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: أما أَنكُمْ لن تزالوا فِي صَلَاة مَا انتظرتموها ثمَّ قَالَ: أما إِنَّهَا صَلَاة لم يصلها أحد مِمَّن كَانَ قبلم من الْأُمَم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أعتم لَيْلَة بالعشاء

فناداه عمر: نَام النِّسَاء وَالصبيان فَقَالَ: مَا ينْتَظر هَذِه الصَّلَاة أحد من أهل الأَرْض غَيْركُمْ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أخر صَلَاة الْعشَاء ثمَّ خرج فَقَالَ: مَا يحبسكم هَذِه السَّاعَة قَالُوا: يَا نَبِي الله انتظرناك لنشهد الصَّلَاة مَعَك فَقَالَ لَهُم: مَا صلى صَلَاتكُمْ هَذِه أمة قطّ قبلكُمْ وَمَا زلتم فِي صَلَاة بعد

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن الْمُسْتَوْرد قَالَ: احْتبسَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة حَتَّى لم يبْق فِي الْمَسْجِد إِلَّا بضعَة عشر رجلا فَخرج إِلَيْهِم فَقَالَ: مَا أَمْسَى أحد ينْتَظر الصَّلَاة غَيْركُمْ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَنْصُور قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا نزلت {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل وهم يَسْجُدُونَ} فِيمَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل} قَالَ: هِيَ صَلَاة الْغَفْلَة

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء فِي قَوْله {وَمَا يَفْعَلُوا من خير فَلَنْ يكفروه} قَالَ: بَلغنِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقرؤهما جَمِيعًا بِالتَّاءِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَلَنْ يكفروه} قَالَ: لن يضل عَنْكُم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَلَنْ يكفروه} قَالَ: لن تظلموه

الْآيَة 117

ص: 298

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مثل مَا يُنْفقُونَ فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: مثل نَفَقَة الْكَافِر فِي الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: مثل مَا ينْفق الْمُشْركُونَ وَلَا يتَقَبَّل مِنْهُم كَمثل هَذَا الزَّرْع إِذا زرعه الْقَوْم الظَّالِمُونَ

فأصابته ريح فِيهَا صر فأهلكته فَكَذَلِك أَنْفقُوا فأهلكهم شركهم

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس {فِيهَا صر} قَالَ: برد شَدِيد

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فِيهَا صر} قَالَ: برد

قَالَ: فَهَل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول نَابِغَة بني ذبيان: لَا يبردون إِذا مَا الأَرْض جللها صر الشتَاء من الأمحال كالأدم

الْآيَات 118 - 120

ص: 299

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رجال من الْمُسلمين يواصلون رجَالًا من يهود لما كَانَ بَينهم من الْجوَار وَالْحلف فِي الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله فيهم ينهاهم عَن مباطنتهم تخوف الْفِتْنَة عَلَيْهِم مِنْهُم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} الْآيَة

ص: 299

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الْمُنَافِقين من أهل الْمَدِينَة

نهى الْمُؤمنِينَ أَن يتولَّوهم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن حميد بن مهْرَان الْمَالِكِي الْخياط قَالَ: سَأَلت أَبَا غَالب عَن قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} الْآيَة

قَالَ: حَدثنِي أَبُو أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَنه قَالَ: هم الْخَوَارِج

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تنقشوا فِي خواتيمكم عَرَبيا وَلَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين

فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: نعم

لَا تنقشوا فِي خواتيمكم مُحَمَّدًا وَلَا تستشيروا الْمُشْركين فِي شَيْء من أُمُوركُم قَالَ الْحسن: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب

أَنه قيل لَهُ: إِن هُنَا غُلَاما من أهل الْحيرَة حَافِظًا كَاتبا فَلَو اتخذته كَاتبا قَالَ: قد اتَّخذت إِذن بطانة من دون الْمُؤمنِينَ

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {لَا تَتَّخِذُوا بطانة} يَقُول: لَا تستدخلوا الْمُنَافِقين تتولوهم دون الْمُؤمنِينَ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ودوا مَا عنتم} يَقُول: مَا ضللتم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {ودوا مَا عنتم} يَقُول: ودّ المُنَافِقُونَ مَا عنت الْمُؤْمِنُونَ فِي دينهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {قد بَدَت الْبغضَاء من أَفْوَاههم} يَقُول: من أَفْوَاه الْمُنَافِقين إِلَى إخْوَانهمْ من الْكفَّار من غشهم لِلْإِسْلَامِ وَأَهله وبغضهم إيَّاهُم {وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر} يَقُول: مَا تكنُّ صُدُورهمْ أكبر مِمَّا قد أبدوا بألسنتهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {هَا أَنْتُم أولاء تحبونهم وَلَا يحبونكم}

ص: 300

قَالَ الْمُؤمن خير لِلْمُنَافِقِ من الْمُنَافِق لِلْمُؤمنِ يرحمه فِي الدُّنْيَا

لَو يقدر الْمُنَافِق من الْمُؤمن على مثل مَا يقدر عَلَيْهِ مِنْهُ لأباد خضراءه

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة

مثله

وَأخرج إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وتؤمنون بِالْكتاب كُله} أَي بِكِتَابِكُمْ وكتابهم وَبِمَا مضى من الْكتب قبل ذَلِك وهم يكفرون بِكِتَابِكُمْ فَأنْتم أَحَق بالبغضاء لَهُم مِنْهُم لكم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود {وَإِذا خلوا عضوا عَلَيْكُم الأنامل} قَالَ: هَكَذَا وَوضع أَطْرَاف أَصَابِعه فِي فِيهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذا لقوكم} الْآيَة

قَالَ: إِذا لقوا الْمُؤمنِينَ {قَالُوا آمنا} لَيْسَ بهم إِلَّا مَخَافَة على دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ فصانعوهم بذلك {وَإِذا خلوا عضوا عَلَيْكُم الأنامل من الغيظ} يَقُول: مِمَّا يَجدونَ فِي قُلُوبهم من الغيظ وَالْكَرَاهَة لما هم عَلَيْهِ لَو يَجدونَ ريحًا لكانوا على الْمُؤمنِينَ

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {عضوا عَلَيْكُم الأنامل} قَالَ: الْأَصَابِع

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الجوزاء قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الأباضية

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {إِن تمسسكم حَسَنَة} يَعْنِي النَّصْر على العدوّ والرزق وَالْخَيْر يسؤهم ذَلِك {وَإِن تصبكم سَيِّئَة} يَعْنِي الْقَتْل والهزيمة والجهد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: إِذا رَأَوْا من أهل الْإِسْلَام إلفة وَجَمَاعَة وظهورا على عدوهم غاظهم ذَلِك وساءهم وَإِذا رَأَوْا من أهل الْإِسْلَام فرقة واختلافاً أَو أُصِيب طرف من أَطْرَاف الْمُسلمين سرهم ذَلِك وابتهجوا بِهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَإِن تصبروا وتتقوا لَا يضركم} مُشَدّدَة بِرَفْع الضَّاد وَالرَّاء

الْآيَة 121

ص: 301

أخرج ابْن اسحق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَمُحَمّد بن يحيى بن حبَان وَالْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن معَاذ قَالُوا: كَانَ يَوْم أحد يَوْم بلَاء وتمحيص اختبر الله بِهِ الْمُؤمنِينَ ومحق بِهِ الْكَافرين مِمَّن كَانَ يظْهر الْإِسْلَام بِلِسَانِهِ وَهُوَ مستخفٍ بالْكفْر وَيَوْم أكْرم الله فِيهِ من أَرَادَ كرامته بِالشَّهَادَةِ من أهل ولَايَته فَكَانَ مِمَّا نزل من الْقُرْآن فِي يَوْم أحد سِتُّونَ آيَة من آل عمرَان فِيهَا صفة مَا كَانَ فِي يَوْمه ذَلِك ومعاتبة من عَاتب مِنْهُم

يَقُول الله لنَبيه {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ وَالله سميع عليم}

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب قَالَ: قَاتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم بدر فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ ثمَّ قَاتل يَوْم أحد فِي شوّال سنة ثَلَاث ثمَّ قَاتل يَوْم الخَنْدَق وَهُوَ يَوْم الْأَحْزَاب وَبني قُرَيْظَة فِي شوّال سنة أَربع

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَت وقْعَة أحد فِي شوّال على رَأس سنة من وقْعَة بدر وَلَفظ عبد الرَّزَّاق: على رَأس سِتَّة أشهر من وقْعَة بني النَّضِير وَرَئِيس الْمُشْركين يَوْمئِذٍ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت وقْعَة أحد فِي شوّال يَوْم السبت لإحدى عشرَة لَيْلَة مَضَت من شوّال وَكَانَ أَصْحَابه يَوْمئِذٍ سَبْعمِائة وَالْمُشْرِكُونَ الفين أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: قلت لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف يَا خَال أَخْبرنِي عَن قصتكم يَوْم أحد قَالَ: اقْرَأ بعد الْعشْرين وَمِائَة من آل عمرَان تَجِد قصتنا {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} إِلَى قَوْله (إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا) قَالَ: هم الَّذين طلبُوا الْأمان من الْمُشْركين إِلَى قَوْله (وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت من قبل أَن تلقوهُ فقد رَأَيْتُمُوهُ) قَالَ: هُوَ تمني الْمُؤمنِينَ لِقَاء الْعَدو إِلَى قَوْله (أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم) قَالَ: هُوَ صياح الشَّيْطَان يَوْم أحد: قتل مُحَمَّد إِلَى قَوْله (أَمَنَة نعاسا) قَالَ: ألقِي عَلَيْهِم النّوم

ص: 302

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَإِذ {غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} قَالَ: يَوْم أحد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {تبوّئ الْمُؤمنِينَ} قَالَ: توطىء

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {تبوّئ الْمُؤمنِينَ} قَالَ: توطن الْمُؤمنِينَ لتسكن قُلُوبهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الْأَعْشَى الشَّاعِر: وَمَا بوّأ الرَّحْمَن بَيْتك منزلا بأجياد غربي الفنا وَالْمحرم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} قَالَ: مَشى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمئِذٍ على رجلَيْهِ يبوىء الْمُؤمنِينَ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَإِذ غَدَوْت من أهلك} قَالَ: يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يبوىء الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ يَوْم الْأَحْزَاب

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن شهَاب وَمُحَمّد ابْن يحيى بن حبَان وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَالْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سعد بن معَاذ وَغَيرهم

كل حدث بعض الحَدِيث عَن يَوْم أحد قَالُوا: لما أُصِيبَت قُرَيْش أَو من ناله مِنْهُم يَوْم بدر من كفار قُرَيْش وَرجع قلهم إِلَى مَكَّة وَرجع أَبُو سُفْيَان بعيره

مَشى عبد الله بن أبي ربيعَة وَعِكْرِمَة بن أبي جهل وَصَفوَان بن أُميَّة فِي رجال من قُرَيْش مِمَّن أُصِيب آباؤهم واخوانهم ببدر فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَان ابْن حَرْب وَمن كَانَت لَهُ فِي تِلْكَ العير من قُرَيْش تِجَارَة فَقَالُوا: يَا معشر قُرَيْش إِن مُحَمَّدًا قد وتركم وَقتل خياركم فأعينوننا بِهَذَا المَال على حربه لَعَلَّنَا ندرك مِنْهُ ثأراً بِمن أصَاب فَفَعَلُوا فأجمعت قُرَيْش لِحَرْب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَخرجت بجدتها وجديدها وَخَرجُوا مَعَهم بالظعن التمَاس الحفيظة وَلِئَلَّا يقرُّوا

وَخرج أَبُو سُفْيَان وَهُوَ قَائِد النَّاس فَأَقْبَلُوا حَتَّى نزلُوا بعينين جبل بِبَطن السبخة من قناة على شَفير الْوَادي مِمَّا يَلِي الْمَدِينَة

فَلَمَّا سمع بهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وَأَنَّهُمْ قد نزلُوا حَيْثُ نزلُوا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي رَأَيْت بقرًا تنحر وَرَأَيْت فِي ذُبَاب سَيفي ثلمًا وَرَأَيْت أَنِّي أدخلت يَدي فِي درع حَصِينَة فَأَوَّلتهَا الْمَدِينَة فَإِن رَأَيْتُمْ أَن تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ

ص: 303

حَيْثُ نزلُوا فَإِن أَقَامُوا أَقَامُوا بشر مقَام وَإِن هم دخلُوا علينا قاتلناهم فِيهَا

وَنزلت قُرَيْش منزلهَا أحدا يَوْم الْأَرْبَعَاء فأقاموا ذَلِك الْيَوْم وَيَوْم الْخَمِيس وَيَوْم الْجُمُعَة وَرَاح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين صلى الْجُمُعَة فَأصْبح بِالشعبِ من أحد فَالْتَقوا يَوْم السبت لِلنِّصْفِ من شوّال سنة ثَلَاث وَكَانَ رَأْي عبد الله بن أبي مَعَ رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرى رَأْيه فِي ذَلِك

أَن لَا يخرج إِلَيْهِم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكره الْخُرُوج من الْمَدِينَة فَقَالَ رجال من الْمُسلمين مِمَّن أكْرم الله بِالشَّهَادَةِ يَوْم أحد وَغَيرهم مِمَّن كَانَ فَاتَهُ يَوْم بدر وحضروه: يَا رَسُول الله اخْرُج بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا لَا يرَوْنَ أنَّا جبنا عَنْهُم وضعفنا فَقَالَ عبد الله بن أبي: يَا رَسُول الله أقِم بِالْمَدِينَةِ فَلَا تخرج إِلَيْهِم فوَاللَّه مَا خرجنَا مِنْهَا إِلَى عدوّ لنا قطّ إِلَّا أصَاب منا وَلَا دَخلهَا علينا إِلَّا أصبْنَا مِنْهُم فَدَعْهُمْ يَا رَسُول الله فَإِن أَقَامُوا أَقَامُوا بشر وَإِن دخلُوا قَاتلهم النِّسَاء وَالصبيان وَالرِّجَال بِالْحِجَارَةِ من فَوْقهم وَإِن رجعُوا رجعُوا خائبين كَمَا جاؤوا

فَلم يزل النَّاس برَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّذين كَانَ من أَمرهم حب لِقَاء الْقَوْم حَتَّى دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلبس لامته - وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة حِين فرغ من الصَّلَاة - ثمَّ خرج عَلَيْهِم وَقد نَدم النَّاس وَقَالُوا: استكرهنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يكن لنا ذَلِك فَإِن شِئْت فَاقْعُدْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا يَنْبَغِي لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل

فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي ألف رجل من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالشَّوْطِ بَين الْمَدِينَة وَأحد تحول عَنهُ عبد الله بن أُبَيَّ بِثلث النَّاس وَمضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى سلك فِي حرَّة بني حَارِثَة فذب فرس بِذَنبِهِ فَأصَاب ذُبَاب سَيْفه فاستلَّه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يحب الفأل وَلَا يعتاف - لصَاحب السَّيْف شمَّ سَيْفك فَإِنِّي أرى السوف ستستل الْيَوْم

وَمضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى نزل بِالشعبِ من أحد من عدوة الْوَادي إِلَى الْجَبَل فَجعل ظَهره وَعَسْكَره إِلَى أحد وتعبأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِلْقِتَالِ وَهُوَ فِي سَبْعمِائة رجل وَأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الرُّمَاة عبد الله بن جُبَير وَالرُّمَاة خَمْسُونَ رجلا فَقَالَ: انْضَحْ عَنَّا الْجَبَل بِالنَّبلِ لَا يَأْتُونَا من خلفنا إِن كَانَ علينا أَو لنا فَأَنت مَكَانك لنؤتين من قبلك وَظَاهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين درعين

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَصْحَابه يَوْم أحد: أَشِيرُوا

ص: 304

عليّ مَا أصنع فَقَالُوا: يَا رَسُول الله اخْرُج إِلَى هَذِه الْأَكْلُب فَقَالَت الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله مَا غلبنا عدوّ لنا أَتَانَا فِي دِيَارنَا فَكيف وَأَنت فِينَا

فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُبي بن سلول - وَلم يَدعه قطّ قبلهَا - فَاسْتَشَارَهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اخْرُج بِنَا إِلَى هَذِه الْأَكْلُب وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُعجبهُ أَن يدخلُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَة فيقاتلوا فِي الْأَزِقَّة فَأتى النُّعْمَان بن مَالك الْأنْصَارِيّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله لَا تحرمني الْجنَّة قَالَ لَهُ: بِمَ قَالَ: بِأَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله واني لَا أفر من الزَّحْف قَالَ: صدقت

فَقتل يَوْمئِذٍ

ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دَعَا بدرعه فلبسها فَلَمَّا رَأَوْهُ وَقد لبس السِّلَاح ندموا وَقَالُوا: بئْسَمَا صنعنَا نشِير على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْوَحي يَأْتِيهِ فَقَامُوا وَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا: اصْنَع مَا رَأَيْت فَقَالَ: رَأَيْت الْقِتَال وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ أَن يلبس لامته فَيَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل

وَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أحد فِي ألف رجل وَقد وعدهم الْفَتْح أَن يصبروا

فَرجع عبد الله بن أبي فِي ثَلَاثمِائَة فَتَبِعهُمْ أَبُو جَابر السّلمِيّ يَدعُوهُم فأعيوه وَقَالُوا لَهُ: مَا نعلم قتالاً وَلَئِن أطعتنا لترجعن مَعنا وَقَالَ {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا} وهم بَنو سَلمَة وَبَنُو حَارِثَة هموا بِالرُّجُوعِ حِين رَجَعَ عبد الله بن أبي فَعَصَمَهُمْ الله وَبَقِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سَبْعمِائة

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ} قَالَ: ذَاك يَوْم أحد غَدا نَبِي الله صلى الله عليه وسلم من أَهله إِلَى أحد {تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} وَأحد بِنَاحِيَة الْمَدِينَة

الْآيَة 122

ص: 305

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: فِينَا نزلت فِي بني حَارِثَة وَبني سَلمَة {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا} وَمَا يسرني أَنَّهَا لم تنزل لقَوْل الله {وَالله وليهما}

ص: 305

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ} قَالَ: بَنو حَارِثَة كَانُوا نَحْو أحد وَبَنُو سَلمَة نَحْو سلع

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِذْ همَّت طَائِفَتَانِ} قَالَ: ذَلِك يَوْم أحد والطائفتان بَنو سَلمَة وَبَنُو حَارِثَة حَيَّان من الْأَنْصَار هموا بِأَمْر فَعَصَمَهُمْ الله من ذَلِك وَقد ذكر لنا أَنه لما أنزلت هَذِه الْآيَة قَالُوا: مَا يسرنَا أنَّا لم نهم بِالَّذِي هممنا بِهِ وَقد أخبرنَا الله أَنه ولينا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ همَّت طَائِفَتَانِ} قَالَ: هم بَنو حَارِثَة وَبَنُو سَلمَة

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: نزلت فِي بني سَلمَة من الْخَزْرَج وَبني حَارِثَة من الْأَوْس {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج قَالَ ابْن عَبَّاس: الفشل الْجُبْن وَالله أعلم

الْآيَة 123

ص: 306

أخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن عِيَاض الْأَشْعَرِيّ قَالَ: شهِدت اليرموك وعلينا خَمْسَة أُمَرَاء: أَبُو عُبَيْدَة وَيزِيد بن أبي سُفْيَان وَابْن حَسَنَة وخَالِد بن الْوَلِيد وعياض وَلَيْسَ عِيَاض هَذَا قَالَ: وَقَالَ عمر: إِذا كَانَ قتال فَعَلَيْكُم أَبُو عُبَيْدَة

فكتبنا إِلَيْهِ أَنه قد حاس إِلَيْنَا الْمَوْت واستمددناه

فَكتب ألينا أَنه قد جَاءَنِي كتابكُمْ تستمدونني وَإِنِّي أدلكم على من هُوَ أعز نصرا وأحضر جندا الله عز وجل فاستنصروه فَإِن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد نصر يَوْم بدر فِي أقل من عدتكم فَإِذا جَاءَكُم كتابي هَذَا فقاتلوهم وَلَا تراجعوني

فقاتلناهم فهزمناهم أَرْبَعَة فراسخ

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَلَقَد نصركم الله ببدر} إِلَى (ثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة منزلين)(آل عمرَان الْآيَة 124) فِي قصَّة بدر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: بدر بِئْر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَت بدر بِئْرا لرجل من جُهَيْنَة يُقَال لَهُ بدر فسميت بِهِ

ص: 306

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: بدر مَاء عَن يَمِين طَرِيق مَكَّة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: بدر مَاء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة التقى عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْمُشْرِكُونَ وَكَانَ أوّل قتال قَاتله النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَذكر لنا أَنه قَالَ لأَصْحَابه يَوْمئِذٍ: إِنَّهُم الْيَوْم بعدة أَصْحَاب طالوت يَوْم لَقِي جالوت وَكَانُوا ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا وَألف الْمُشْركُونَ يَوْمئِذٍ أَو راهقوا ذَلِك

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت بدر متجراً فِي الْجَاهِلِيَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَأَنْتُم أذلَّة} يَقُول: وَأَنْتُم قَلِيل وهم يَوْمئِذٍ بضعَة عشر وثلاثمائة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن رَافع بن خديج قَالَ: قَالَ جِبْرِيل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا تَعدونَ من شهد بَدْرًا فِيكُم قَالَ: خيارنا قَالَ: وَكَذَلِكَ نعد من شهد بَدْرًا من الْمَلَائِكَة فِينَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: على كل مُسلم أَن يشْكر الله فِي نَصره ببدر

يَقُول الله {وَلَقَد نصركم الله ببدر وَأَنْتُم أَذِلَّة فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تشكرون}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن الْمسيب يَقُول: غزا النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثَمَانِي عشرَة غَزْوَة قَالَ: وسمعته مرّة أُخْرَى يَقُول أَرْبعا وَعشْرين غَزْوَة فَلَا أَدْرِي أَكَانَ وهما مِنْهُ أَو شَيْئا سَمعه بعد ذَلِك قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكَانَ الَّذِي قَاتل فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كل شَيْء ذكر فِي الْقُرْآن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرَة قَاتل فِي ثَمَان: يَوْم بدر وَيَوْم أحد وَيَوْم الْأَحْزَاب وَيَوْم قديد وَيَوْم خَيْبَر وَيَوْم فتح مَكَّة وَيَوْم مَاء لبني المصطلق وَيَوْم حنين

الْآيَات 124 - 127

ص: 307

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ أَن الْمُسلمين بَلغهُمْ يَوْم بدر أَن كرز بن جَابر الْمحَاربي يمد الْمُشْركين فشق ذَلِك عَلَيْهِم فَانْزِل الله {ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف} إِلَى قَوْله {مسوّمين} قَالَ: فبلغت كرزاً الْهَزِيمَة فَلم يمد الْمُشْركين وَلم يمد الْمُسلمُونَ بالخمسة

وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر بلغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ ذكر نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ {ويأتوكم من فورهم هَذَا} يَعْنِي كرزاً وَأَصْحَابه {يمددكم ربكُم بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسوّمين} فَبلغ كرزاً وَأَصْحَابه الْهَزِيمَة فَلم يمدهُمْ وَلم تنزل الْخَمْسَة وأمدوا بعد ذَلِك بِأَلف فهم أَرْبَعَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مَعَ الْمُسلمين

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِذْ تَقول للْمُؤْمِنين} الْآيَة

قَالَ: هَذَا يَوْم بدر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أمدوا بِأَلف ثمَّ صَارُوا ثَلَاثَة آلَاف ثمَّ صَارُوا خَمْسَة آلَاف

وَذَلِكَ يَوْم بدر

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {بلَى إِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة

قَالَ هَذَا يَوْم أحد فَلم يصبروا وَلم يتقوا فَلم يمدوا يَوْم أحد وَلَو مدوا لم يهزموا يَوْمئِذٍ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لم يمد النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد وَلَا بِملك وَاحِد لقَوْل الله {وَإِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة

قَالَ: كَانَ هَذَا موعداً من الله يَوْم أحد عرضه على نبيه صلى الله عليه وسلم إِن الْمُؤمنِينَ إِن اتَّقوا وصبروا أَيّدهُم بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسوّمين ففر الْمُسلمُونَ يَوْم أحد وولوا مُدبرين فَلم يمدهُمْ الله

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: قَالُوا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهم ينتظرون الْمُشْركين: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ يمدنا الله كَمَا أمدنا يَوْم بدر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 308

{ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة منزلين} فَإِنَّمَا أمدكم يَوْم بدر بِأَلف قَالَ: فَجَاءَت الزِّيَادَة من الله على أَن يصبروا ويتقوا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويأتوكم من فورهم هَذَا} يَقُول: من سفرهم هَذَا

وَأخرج عبد بن حميد وان جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ {من فورهم} من وجههم

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَالربيع وَقَتَادَة وَالسُّديّ

مثله

وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة {من فورهم} قَالَ: فورهم ذَلِك كَانَ يَوْم أحد غضبوا ليَوْم بدر مِمَّا لقوا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {من فورهم} قَالَ: من غضبهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح مولى أم هانىء

مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {ويأتوكم من فورهم} يَقُول: من وجههم وغضبهم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: معلمين وَكَانَت سِيمَا الْمَلَائِكَة يَوْم بدر عمائمَ سُودًا وَيَوْم أحد عمائمَ حمراً

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير أَن الزبير كَانَ عَلَيْهِ يَوْم بدر عِمَامَة صفراء مُعْتَمِرًا أَو مُعْتَماً بهَا فَنزلت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم عمائم صفر

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت سِيمَا الْمَلَائِكَة يَوْم بدر عمائم بيضًا قد أرسلوها فِي ظُهُورهمْ

وَيَوْم حنين عمائم حمراً وَلم تضرب الْمَلَائِكَة فِي يَوْم سوى يَوْم بدر وَكَانُوا يكونُونَ عددا ومدداً لَا يضْربُونَ

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {مسوّمين} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم عمائم بيض مسوّمة فَتلك سِيمَا الْمَلَائِكَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: وَلَقَد حميت الْخَيل تحمل شكة جرداء صَافِيَة الْأَدِيم مسوّمة

ص: 309

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي أسيد وَكَانَ بَدْرِيًّا أَنه كَانَ يَقُول: لَو أَن بَصرِي معي ثمَّ ذهبتم معي إِلَى أحد لأخبرتكم بِالشعبِ الَّذِي خرجت مِنْهُ الْمَلَائِكَة فِي عمائم صفر قد طرحوها بَين أكتافهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عُرْوَة قَالَ: نزلت الْمَلَائِكَة يَوْم بدر على خيل بلق وَكَانَ على الزبير يَوْمئِذٍ عِمَامَة صفراء

وَأخرج أَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن عُرْوَة قَالَ: نزل جِبْرِيل يَوْم بدر على سِيمَا الزبير وَهُوَ معتم بعمامة صفراء

وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عباد بن عبد الله بن الزبير أَنه بلغه أَن الْمَلَائِكَة نزلت يَوْم بدر وهم طير بيض عَلَيْهِم عمائم صفر وَكَانَ على رَأس الزبير يَوْمئِذٍ عِمَامَة صفراء من بَين النَّاس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: نزلت الْمَلَائِكَة على سِيمَا أبي عبد الله

وَجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعَلِيهِ عِمَامَة صفراء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عُمَيْر بن إِسْحَق قَالَ: إِن أول مَا كَانَ الصُّوف ليَوْم بدر

قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تسوّموا فَإِن الْمَلَائِكَة قد تسوّمت

فَهُوَ أول يَوْم وضع الصُّوف

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ سِيمَا الْمَلَائِكَة يَوْم بدر الصُّوف الْأَبْيَض فِي نواصي الْخَيل وأذنابها

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: بالعهن الْأَحْمَر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: أَتَوا مسومين بالصوف فسوم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه أنفسهم وخيلهم على سِيمَاهُمْ بالصوف

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: معلمين مجزوزة أَذْنَاب خيولهم ونواصيها فِيهَا الصُّوف والعهن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: ذكر لنا أَن سِيمَاهُمْ يَوْمئِذٍ الصُّوف بنواصي خيلهم وأذنابهم وَأَنَّهُمْ على خيل بلق

ص: 310

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة {مسوّمين} قَالَ: عَلَيْهِم سِيمَا الْقِتَال

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: كَانُوا يَوْمئِذٍ على خيل بلق

وَأخرج عبد بن حميد عَن عُمَيْر بن إِسْحَق قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد أجلى الله النَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَقِي سعد بن مَالك يَرْمِي وفتى شَاب ينبل لَهُ كلما فني النبل أَتَاهُ بِهِ فنثره فَقَالَ: ارْمِ أَبَا إِسْحَق ارْمِ أَبَا إِسْحَق

فَلَمَّا انجلت المعركة سُئِلَ عَن ذَلِك الرجل فَلم يعرف

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا جعله الله إِلَّا بشرى لكم} يَقُول: إِنَّمَا جعلهم لتستبشروا بهم ولتطمئنوا إِلَيْهِم وَلم يقاتلوا مَعَهم يَوْمئِذٍ لَا قبله وَلَا بعده إِلَّا يَوْم بدر

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله} قَالَ: لَو شَاءَ أَن ينصركم بِغَيْر الْمَلَائِكَة فعِّل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ليقطع طرفا من الَّذين كفرُوا} قَالَ: قطع الله يَوْم بدر طرفا من الْكفَّار وَقتل صَنَادِيدهمْ ورؤوسهم وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ليقطع طرفا} قَالَ: هَذَا يَوْم بدر قطع الله طَائِفَة مِنْهُم وَبقيت طَائِفَة

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: ذكر الله قَتْلَى الْمُشْركين بِأحد وَكَانُوا ثَمَانِيَة عشر رجلا فَقَالَ {ليقطع طرفا من الَّذين كفرُوا} ثمَّ ذكر الشُّهَدَاء فَقَالَ (وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا) الْآيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {أَو يكبتهم} قَالَ: يخزيهم

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع

مثله

الْآيَتَانِ 128 - 129

ص: 311

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن

ص: 311

أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يَوْم أحد وشج فِي وَجهه حَتَّى سَالَ الدَّم على وَجهه فَقَالَ: كَيفَ يفلح قوم فعلوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ}

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد وَقد جرح فِي وحهه وَأُصِيب بعض رباعيته وَفَوق حَاجِبه فَقَالَ وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة يغسل الدَّم عَن وَجهه: كَيفَ يفلح قوم خضبوا وَجه نَبِيّهم بِالدَّمِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد وَقد شج فِي وَجهه وَأُصِيبَتْ رباعيته فهمَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يَدْعُو عَلَيْهِم فَقَالَ: كَيفَ يفلح قوم أدموا وَجه نَبِيّهم وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله ويدعونه إِلَى الشَّيْطَان ويدعوهم إِلَى الْهدى ويدعونه إِلَى الضَّلَالَة ويدعوهم إِلَى الْجنَّة ويدعونه إِلَى النَّار فهمَّ أَن يَدْعُو عَلَيْهِم

فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة فَكف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الدُّعَاء عَلَيْهِم

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما انْكَشَفَ عَنهُ أَصْحَابه يَوْم أحد كسرت رباعيته وجرح وَجهه فَقَالَ وَهُوَ يصعد على أحد: كَيفَ يفلح قوم خضبوا وَجه نَبِيّهم بِالدَّمِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم فَأنْزل الله مَكَانَهُ {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة أَن ربَاعِية رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أُصِيبَت يَوْم أحد أَصَابَهَا عتبَة بن أبي وَقاص وَشَجه فِي وَجهه فَكَانَ سَالم مولى أبي حُذَيْفَة يغسل الدَّم وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: كَيفَ يفلح قوم صَنَعُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ فَانْزِل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد: اللَّهُمَّ الْعَن أَبَا سُفْيَان اللَّهُمَّ الْعَن الْحَرْث بن هِشَام الْهم الْعَن سُهَيْل بن عَمْرو اللَّهُمَّ الْعَن صَفْوَان بن أُميَّة

فَنزلت هَذِه الْآيَة {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} فتيب عَلَيْهِم كلهم

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ

ص: 312

النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَدْعُو على أَرْبَعَة نفر

فَانْزِل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة

فهداهم الله لِلْإِسْلَامِ

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَدْعُو على أحد أَو يَدْعُو لأحد قنت بعد الرُّكُوع: اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد وَسَلَمَة بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ

اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كَسِنِي يُوسُف - يجْهر بذلك - وَكَانَ يَقُول فِي بعض صلَاته - فِي صَلَاة الْفجْر - اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا

لأحياء من أَحيَاء الْعَرَب - يجْهر بذلك - حَتَّى أنزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} وَفِي لفظ اللَّهُمَّ الْعَن لحيان وَرِعْلًا وذكوان وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله

ثمَّ بلغنَا أَنه ترك ذَلِك لما نزل قَوْله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لعن فِي صَلَاة الْفجْر بعد الرُّكُوع - فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة - فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا - نَاسا من الْمُنَافِقين دَعَا عَلَيْهِم - فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة

وَأخرج ابْن إِسْحَق والنحاس فِي ناسخه عَن سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: جَاءَ رجل من قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّك تنْهى عَن السَّبي يَقُول: قد سبى الْعَرَب

ثمَّ تحول قَفاهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وكشف استه فلعنه ودعا عَلَيْهِ

فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة

ثمَّ أسلم الرجل فَحسن إِسْلَامه

الْآيَات 130 - 132

ص: 313

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يتبايعون إِلَى الْأَجَل

فَإِذا حل الْأَجَل زادوا عَلَيْهِم وَزَادُوا فِي الْأَجَل فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافاً مضاعفة}

ص: 313

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: كَانَت ثَقِيف تداين بني الْمُغيرَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِذا حل الْأَجَل قَالُوا: نَزِيدكُمْ وتؤخرون عَنَّا

فَنزلت {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافاً مضاعفة}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن الرجل كَانَ يكون لَهُ على الرجل المَال فَإِذا حل الْأَجَل طلبه من صَاحبه فَيَقُول الْمَطْلُوب: أخِّر عني وَأَزِيدك فِي مَالك فيفعلان ذَلِك

فَذَلِك {الرِّبَا أضعافاً مضاعفة} فوعظهم الله {وَاتَّقوا الله} فِي أَمر الرِّبَا فَلَا تَأْكُلُوا {لَعَلَّكُمْ تفلحون} لكَي تُفْلِحُوا {وَاتَّقوا النَّار الَّتِي أعدَّت للْكَافِرِينَ} فخوف آكل الرِّبَا من الْمُؤمنِينَ بالنَّار الَّتِي أعدت للْكَافِرِينَ {وَأَطيعُوا الله وَالرَّسُول} يَعْنِي فِي تَحْرِيم الرِّبَا {لَعَلَّكُمْ ترحمون} يَعْنِي لكَي ترحموا فَلَا تعذبون

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: كَانَ النَّاس يتأولون هَذِه الْآيَة {وَاتَّقوا النَّار الَّتِي أعدَّت للْكَافِرِينَ} اتَّقوا لَا أعذبكم بذنوبكم فِي النَّار الَّتِي أعددتها للْكَافِرِينَ

الْآيَة 133

ص: 314

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: قَالَ الْمُسلمُونَ يَا رَسُول الله بَنو إِسْرَائِيل كَانُوا أكْرم على الله منا

كَانُوا إِذا أذْنب أحدهم ذَنبا أصبح وَكَفَّارَة ذَنبه مَكْتُوبَة فِي عتبَة بَابه

أجدع أَنْفك اجدع أُذُنك افْعَل كَذَا وَكَذَا

فَسكت

فَنزلت هَذِه الْآيَات {وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم} إِلَى قَوْله {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَلا أخْبركُم بِخَير من ذَلِكُم ثمَّ تَلا هَؤُلَاءِ الْآيَات عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله {وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم} قَالَ: التَّكْبِيرَة الأولى

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وسارعوا} يَقُول: سارعوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة {إِلَى مغْفرَة من ربكُم} قَالَ: لذنوبكم {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض}

ص: 314

يَعْنِي عرض سبع سموات وَسبع أَرضين لَو لصق بَعضهم إِلَى بعض فالجنة فِي عرضهن

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: تقرن السَّمَوَات السَّبع والأرضون السَّبع كَمَا تقرن الثِّيَاب بَعْضهَا إِلَى بعض

فَذَاك عرض الْجنَّة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كريب قَالَ: أَرْسلنِي ابْن عَبَّاس إِلَى رجل من أهل الْكتاب أسأله عَن هَذِه الْآيَة {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَأخْرج أسفار مُوسَى فَجعل ينظر قَالَ: سبع سموات وَسبع أَرضين تلفق كَمَا تلفق الثِّيَاب بَعْضهَا إِلَى بعض هَذَا عرضهَا وَأما طولهَا فَلَا يقدر قدره إِلَّا الله

وَأخرج ابْن جرير عَن التنوخي رَسُول هِرقل قَالَ: قدمت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِكِتَاب هِرقل وَفِيه: إِنَّك كتبت تَدعُونِي إِلَى {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين} فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سُبْحَانَ الله

فَأَيْنَ اللَّيْل إِذا جَاءَ النَّهَار

وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت قَوْله {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَأَيْنَ النَّار قَالَ: أَرَأَيْت اللَّيْل إِذا لبس كل شَيْء فَأَيْنَ النَّهَار قَالَ: حَيْثُ شَاءَ الله قَالَ: فَكَذَلِك حَيْثُ شَاءَ الله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن طَارق بن شهَاب أَن اناسا من الْيَهُود سَأَلُوا عمر بن الْخطاب عَن جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ عمر: إِذا جَاءَ اللَّيْل فَأَيْنَ النَّهَار وَإِذا جَاءَ النَّهَار أَيْن اللَّيْل فَقَالُوا: لقد نزعت مثلهَا من التَّوْرَاة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن يزِيد بن الْأَصَم أَن رجلا من أهل الْأَدْيَان قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: تَقولُونَ {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِذا جَاءَ اللَّيْل فَأَيْنَ النَّهَار وَإِذا جَاءَ النَّهَار فَأَيْنَ اللَّيْل

وَأخرج مُسلم وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْم بدر: قومُوا إِلَى جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَالَ عُمَيْر بن الْحمام الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض قَالَ: نعم

قَالَ: بخ بخٍ

لَا وَالله

ص: 315

يَا رَسُول الله لَا بُد أَن أكون من أَهلهَا قَالَ: فَإنَّك من أَهلهَا

فَأخْرج تُمَيْرَات من قرنه فَجعل يَأْكُل مِنْهُنَّ ثمَّ قَالَ: لَئِن حييت حَتَّى آكل تمراتي هَذِه إِنَّهَا لحياة طَوِيلَة

فَرمى بِمَا كَانَ مَعَه من التَّمْر ثمَّ قَاتلهم حَتَّى قتل

الْآيَة 134

ص: 316

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء} يَقُول: فِي الْعسر واليسر {والكاظمين الغيظ} يَقُول: كاظمون على الغيظ كَقَوْلِه (وَإِذا مَا غضبوا هم يغفرون)(الشورى الْآيَة 37) يغضبون فِي الْأَمر لَو وَقَعُوا فِيهِ كَانَ حَرَامًا فيغفرون ويعفون يَلْتَمِسُونَ وَجه الله بذلك {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} كَقَوْلِه (وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة

) (النورالآية 22) الْآيَة

يَقُول: لَا تقسموا على أَن لَا تعطوهم من النَّفَقَة وَاعْفُوا واصفحوا

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله والكاظمين الغيظ مَا الكاظمون قَالَ: الحابسون الغيظ قَالَ عبد الْمطلب بن هَاشم: فَخَشِيت قومِي واحتسبت قِتَالهمْ وَالْقَوْم من خوف قِتَالهمْ كظم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} قَالَ: عَن المملوكين

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} قَالَ: يغيظون فِي الْأَمر فيغفرون ويعفون عَن النَّاس وَمن فعل ذَلِك فَهُوَ محسن {وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ عِنْد ذَلِك: هَؤُلَاءِ فِي أمتِي قَلِيل إِلَّا من عصمه الله وَقد كَانُوا كثيرا فِي الْأُمَم الَّتِي مَضَت

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {والكاظمين الغيظ} أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من كظم غيظاً وَهُوَ يقدر على انفاذه ملأَهُ الله أمنا وإيماناً

ص: 316

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا من جرعة أحب إِلَى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد مَا كظم عبد لله إِلَّا مَلأ الله جوفة إِيمَانًا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر

مثله

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من كظم غيظاً وَهُوَ قَادر على أَن ينفذهُ دَعَاهُ الله على رُؤُوس الْخَلَائق حَتَّى يخيره من أَي الحوَّر شَاءَ

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الشَّديد بالصرعة وَلَكِن الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَامر بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مرَّ بناس يتحادون مهراساً فَقَالَ: أتحسبون الشدَّة فِي حمل الْحِجَارَة إِنَّمَا الشدَّة أَن يمتلىء الرجل غيظاً ثمَّ يغلبه

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: يُقَال يَوْم الْقِيَامَة ليقمْ من كَانَ لَهُ على الله أجر فَمَا يقوم إِلَّا إِنْسَان عَفا

وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي بن كَعْب: إِن رَسُول اله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من سره أَن يشرف لَهُ الْبُنيان وترفع لَهُ الدَّرَجَات فليعف عَمَّن ظلمه ويعطِ من حرمه ويصل من قطعه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن إِن جَارِيَة جعلت تسكب عَلَيْهِ المَاء يتهيأ للصَّلَاة فَسقط الإبريق من يَدهَا على وَجهه فَشَجَّهُ فَرفع رَأسه إِلَيْهَا فَقَالَت: إِن الله يَقُول {والكاظمين الغيظ} قَالَ: قد كظمت غيظي قَالَت {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} قَالَ: قد عَفا الله عَنْك قَالَت {وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: اذهبي فَأَنت حرَّة

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن عَائِشَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: وَجَبت محبَّة الله على من أغضب فحلم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَمْرو بن عبسة أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا الْإِيمَان فَقَالَ: الصَّبْر والسماحة وَخلق حسن

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب بن مَالك أَن رجلا من بني سَلمَة سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 317

عَن الْإِسْلَام فَقَالَ: حسن الْخلق

ثمَّ رَاجعه الرجل فَلم يزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: حسن الْخلق

حَتَّى بلغ خمس مَرَّات

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن جَابر قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا الشؤم قَالَ: سوء الْخلق

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا قَالَ: الشؤم سوء الْخلق

وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن حسن الْخلق ليذيب الْخَطِيئَة كَمَا تذيب الشَّمْس الجليد

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم: الْخلق السوء يفْسد الْإِيمَان كَمَا يفْسد الصَّبْر الطَّعَام قَالَ أنس: وَكَانَ يُقَال: إِن الْمُؤمن أحسن شَيْء خلقا

وَأخرج ابْن عدي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: حسن الْخلق يذيب الْخَطَايَا كَمَا تذيب الشَّمْس الجليد وان الْخلق السيء يفْسد الْعَمَل كَمَا يفْسد الْخلّ الْعَسَل

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَن حسن الْخلق يذيب الْخَطِيئَة كَمَا تذيب الشَّمْس الجليد وان سوء الْخلق يفْسد الْعَمَل كَمَا يفْسد الصَّبْر الْعَسَل

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن طَرِيق سعيد بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: حسن الْخلق زِمَام من رَحْمَة الله فِي أنف صَاحبه والزمام بيد الْملك وَالْملك يجره إِلَى الْخَيْر وَالْخَيْر يجره إِلَى الْجنَّة

وَسُوء الْخلق زِمَام من عَذَاب الله فِي أنف صَاحبه والزمام بيد الشَّيْطَان والشيطان يجره إِلَى الشَّرّ وَالشَّر يجره إِلَى النَّار

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: وَالله مَا حسن الله خلق رجل وَلَا خلقه فتطعمه النَّار

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من سَعَادَة ابْن آدم حسن الْخلق وَمن شقوته سوء الْخلق

وَأخرج الخرائطي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الدُّعَاء يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الصِّحَّة والعفة وَالْأَمَانَة وَحسن الْخلق وَالرِّضَا بِالْقدرِ

ص: 318

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد جيد عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ من دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اللَّهم كَمَا حسنت خلقي فاحسن خلقي

وَأخرج الخرائطي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَسْعُود البدري قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: اللَّهم حسنت خلقي فاحسن خلقي

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُم لَا تسعون النَّاس بأموالكم فليسعهم مِنْكُم بسط الْوَجْه وَحسن الْخلق

وَأخرج ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: كرم الْمَرْء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من كَانَ هيناً قَرِيبا حرمه الله على النَّار

وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مرني وَلَا تكْثر فلعلي أعقله فَقَالَ: لَا تغْضب

فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا تغْضب

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَارِيَة بن قدامَة قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله قل لي قولا يَنْفَعنِي واقلل لعَلي أعقله قَالَ: لَا تغْضب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا يبعدني عَن غضب الله قَالَ: لَا تغْضب

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطْبَة إِلَى مغيربان الشَّمْس حفظهَا من حفظهَا ونسيها من نَسِيَهَا وَأخْبر مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد فَإِن الدُّنْيَا خضرَة حلوة وان الله مستخلفكم فِيهَا فناظر كَيفَ تَعْمَلُونَ

أَلا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقوا النِّسَاء

أَلا إِن بني آدم خلقُوا على طَبَقَات شَتَّى فَمنهمْ من يُولد مُؤمنا ويحيا مُؤمنا وَيَمُوت مُؤمنا وَمِنْهُم من يُولد كَافِرًا ويحيا كَافِرًا وَيَمُوت كَافِرًا وَمِنْهُم من يُولد مُؤمنا ويحيا مُؤمنا وَيَمُوت كَافِرًا وَمِنْهُم من يُولد كَافِرًا ويحيا كَافِرًا وَيَمُوت مُؤمنا

ص: 319

أَلا إِن الْغَضَب جَمْرَة توقد فِي جَوف ابْن آدم

ألم تروا إِلَى حمرَة عَيْنَيْهِ وانتفاخ أوداجه فَإِذا وجد أحدكُم من ذَلِك شَيْئا فليلزق بِالْأَرْضِ

أَلا إِن خير الرِّجَال من كَانَ بطيء الْغَضَب سريع الْفَيْء

وَشر الرِّجَال من كَانَ بطيء الْفَيْء سريع الْغَضَب

فَإِذا كَانَ الرجل سريع الْغَضَب سريع الْفَيْء فانها بهَا وَإِذا كَانَ بطيء الْغَضَب بطيء الْفَيْء فَإِنَّهَا بهَا

أَلا وَإِن خير التُّجَّار من كَانَ حسن الْقَضَاء حسن الطّلب وَشر التُّجَّار من كَانَ سيء الْقَضَاء سيء الطّلب

فَإِذا كَانَ الرجل حسن الْقَضَاء سيء الطّلب فَإِنَّهَا بهَا وَإِذا كَانَ الرجل سيء الْقَضَاء حسن الطّلب فَإِنَّهَا بهَا

أَلا لَا يمنعن رجلا مهابة النَّاس أَن يَقُول بِالْحَقِّ إِذا علمه

أَلا إِن لكل غادر لِوَاء بِقدر غدرته يَوْم الْقِيَامَة

أَلا وَإِن أكبر الْغدر غدر أَمِير الْعَامَّة

أَلا وَإِن أفضل الْجِهَاد من قَالَ كلمة الْحق عِنْد سُلْطَان جَائِر

فَلَمَّا كَانَ عِنْد مغرب الشَّمْس قَالَ: أَلا إِن مَا بَقِي من الدُّنْيَا فِيمَا مضى مِنْهُ كَمثل مَا بَقِي من يومكم هَذَا فِيمَا مضى

وَأخرج الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِوَصِيَّة قَصِيرَة فألزمها قَالَ: لَا تغْضب يَا مُعَاوِيَة بن حيدة ان الْغَضَب ليفسد الْإِيمَان كَمَا يفْسد الصَّبْر الْعَسَل

وَأخرج الْحَكِيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الْغَضَب ميسم من نَار جَهَنَّم يَضَعهُ الله على نِيَاط أحدهم

أَلا ترى أَنه إِذا غضب احْمَرَّتْ عَيناهُ واربَدَّ وَجهه وَانْتَفَخَتْ أوداجه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الْغَضَب جَمْرَة فِي قلب ابْن آدم

ألم تروا إِلَى انتفاخ أوداجه وَحُمرَة عَيْنَيْهِ فَمن حس من ذَلِك شَيْئا فَإِن كَانَ قَائِما فليقعد وان كَانَ قَاعِدا فليضطجع

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من جرعة أحب إِلَى الله من جرعة غيظ كظمها رجل أَو جرعة صَبر عِنْد مُصِيبَة

وَمَا قَطْرَة أحب إِلَى الله من قَطْرَة دمع من خشيَة الله أَو قَطْرَة دم فِي سَبِيل الله

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي بكر: ثَلَاث كُلهنَّ حق: مَا من أحد يظلم مظْلمَة فيغض عَنْهَا إِلَّا زَاده الله بهَا عزا وَمَا من أحد يفتح بَاب مَسْأَلَة لِيَزْدَادَ بهَا كَثْرَة إِلَّا زَاده الله بهَا قلَّة وَمَا من أحد يفتح بَاب عَطِيَّة أَو صلَة إِلَّا زَاده الله بهَا كَثْرَة

ص: 320

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاحِشا وَلَا متفحشاً وَكَانَ يَقُول: إِن من خياركم أحاسنكم أَخْلَاقًا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَزَّار وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الدَّرْدَاء أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من أعطيَ حَظه من الرِّفْق أعطي حَظه من الْخَيْر وَمن حرم حَظه من الرِّفْق فقد حرم حَظه من الْخَيْر وَقَالَ: مَا من شَيْء أثقل فِي ميزَان الْمُؤمن يَوْم الْقِيَامَة من خلق حسن وَإِن الله يبغض الْفَاحِش الْبَذِيء وَإِن صَاحب حسن الْخلق ليبلغ بِهِ دَرَجَة صَاحب الصَّوْم وَالصَّلَاة

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس الْجنَّة فَقَالَ: تقوى الله وَحسن الْخلق

وَسُئِلَ عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار فَقَالَ: الأجوفان: الْفَم والفرج

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن من أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وألطفهم بأَهْله

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الْمُؤمن ليدرك بِحسن الْخلق دَرَجَات الْقَائِم اللَّيْل الصَّائِم النَّهَار

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله ليبلغ العَبْد بِحسن خلقه دَرَجَة الصَّوْم وَالصَّلَاة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخرئطي عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن العَبْد ليبلغ بِحسن خلقه عَظِيم دَرَجَات الْآخِرَة وشرفات الْمنَازل وَأَنه لضعيف الْعِبَادَة وَأَنه ليبلغ بِسوء خلقه أَسْفَل دَرَجَة فِي جَهَنَّم

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي عَن ابْن عَمْرو: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: أَن الْمُسلم المسدد ليدرك دَرَجَة الصوّام القوّام بآيَات الله بِحسن خلقه وكرم ضريبته

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا أخْبركُم بأيسر الْعِبَادَة وأهونها على الْبدن الصمت وَحسن الْخلق

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة عَن الْعَلَاء بن الشخير أَن رجلا

ص: 321

أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم من قبل وَجهه فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: حسن الْخلق

ثمَّ أَتَاهُ عَن يَمِينه فَقَالَ: أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ عَن شِمَاله فَقَالَ: أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ من بعده - يَعْنِي من خَلفه - فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل فَالْتَفت إِلَيْهِ رَسُول اله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَالك لَا تفقه حسن الْخلق أفضل

لَا تغْضب إِن اسْتَطَعْت

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن أبي أُمامة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَنا زعيم بِبَيْت فِي ربض الْجنَّة لمن ترك المراء وَإِن كَانَ محقاً وببيت فِي وسط الْجنَّة لمن ترك الْكَذِب وَإِن كَانَ مازحاً وببيت فِي أَعلَى الْجنَّة لمن حسن خلقه

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن من أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة أحسنكم أَخْلَاقًا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمار بن يَاسر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: حسن الْخلق خلق الله الْأَعْظَم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم عليه السلام: يَا خليلي حسن خلقك وَلَو مَعَ الْكفَّار تدخل مَعَ الْأَبْرَار فَإِن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أَن أظلهُ تَحت عَرْشِي وَأَن أسقيه من حَظِيرَة قدسي وَأَن أدنيه من جواري

وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن ابْن عَمْرو أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: أَلا أخْبركُم بأحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: أحسنكم خلقا

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وأبويعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن أنس قَالَ: لَقِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا ذَر فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر أَلا أدلُّك على خَصْلَتَيْنِ هما أخف على الظّهْر وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: عَلَيْك بِحسن الخُلق وَطول الصمت فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بِمِثْلِهَا

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حَيَّان فِي الثَّوَاب بِسَنَد رَوَاهُ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا ذَر أَلا أدلك على أفضل الْعِبَادَة وأخفها على الْبدن وأثقلها فِي الْمِيزَان وأهونها على اللِّسَان قلت: بلَى فدَاك أبي وَأمي قَالَ: عَلَيْك بطول الصمت وَحسن الْخلق فَإنَّك لست بعامل بِمِثْلِهَا

ص: 322

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا الدَّرْدَاء أَلا أنبئك بأمرين خفيفةٍ مؤنتُهما عَظِيم أجرُهما لم تلق الله عز وجل بمثلهما طول الصمت وَحسن الْخلق

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا أخْبركُم بخياركم قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: اطولكم اعماراً وَأَحْسَنُكُمْ اخلاقاً

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان عَن اسامة بن شريك قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا خير مَا أُعطي الْإِنْسَان قَالَ: خلق حسن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الْفُحْش والتفحش ليسَا من الْإِسْلَام فِي شَيْء وَإِن أحسن النَّاس إسلاماً أحْسنهم خلقا

وَأخرج ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَمْرو أَن معَاذ بن جبل أَرَادَ سفرا فَقَالَ: يَا نَبِي الله أوصني قَالَ: اعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا قَالَ: يَا نَبِي الله زِدْنِي قَالَ: إِذا أَسَأْت فَأحْسن

قَالَ: يَا نَبِي الله زِدْنِي قَالَ: اسْتَقِم ولتحسن خلقك

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه والخرائطي عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اتقِ الله حَيْثُمَا كنت وأتبعِ السَّيئَة الْحَسَنَة تمحُها وخالقِ النَّاس بِخلق حسن

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن هَذِه الْأَخْلَاق من الله فَمن أَرَادَ بِهِ خيرا منحه خلقا حسنا وَمن أَرَادَ بِهِ سوءا منحه خلقا سَيِّئًا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أحبكم إليَّ وأقربكم مني فِي الْآخِرَة أحاسنكم أَخْلَاقًا وَإِن أبغضكم إِلَيّ وأبعدكم مني فِي الْآخِرَة أسوأكم أَخْلَاقًا الثرثارون المتشدقون المتفيقهون

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي عَن أنس قَالَ: قَالَت أم حَبِيبَة: يَا رَسُول الله الْمَرْأَة يكون لَهَا زوجان ثمَّ تَمُوت فَتدخل الْجنَّة هِيَ وزوجاها لأيهما تكون للأوّل أَو للْآخر قَالَ: تخير فتختار أحسنهما خلقا كَانَ مَعهَا فِي الدُّنْيَا يكون زَوجهَا فِي الْجنَّة يَا أم حَبِيبَة ذهب حسن الْخلق بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

ص: 323

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا من شَيْء إِلَّا لَهُ تَوْبَة إِلَّا صَاحب سوء الْخلق فَإِنَّهُ لَا يَتُوب من ذَنْب إِلَّا عَاد فِي شَرّ مِنْهُ

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو: اللهمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشقاق والنفاق وَسُوء الْأَخْلَاق

وَأخرج الخرائطي عَن جرير بن عبد الله قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّك امْرُؤ قد حسن الله خلقك فَحسن خلقك

وَأخرج الخرائطي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: خياركم أحاسنكم أَخْلَاقًا

وَأخرج الخرائطي عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول اله صلى الله عليه وسلم: لَو كَانَ حسن الْخلق رجلا يمشي فِي النَّاس لَكَانَ رجلا صَالحا

وَأخرج الخرائطي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاث من لم تكن فِيهِ أَو وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَلَا يعتدن بِشَيْء من عمله

تقوى تحجزه عَن معاصي الله عز وجل أَو حلم يكف بِهِ السَّفِيه أَو خلق يعِيش بِهِ فِي النَّاس

وَأخرج الخرائطي عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْيمن حسن الْخلق

وَأخرج الخرائطي عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من سَعَادَة ابْن آدم حسن الْخلق

وَأخرج الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب عَن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أحسن الْحسن الْخلق الْحسن

وَأخرج الخرائطي عَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ: إِذا خالطت النَّاس فخالط الْحسن الْخلق فَإِنَّهُ لَا يَدْعُو إِلَّا إِلَى خير

وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: إِنَّه من أعطي حَظه من الرِّفْق فقد أعطي حَظه من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن حرم حَظه من الرِّفْق فقد حرم حَظه من الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وصلَة الرَّحِم وَحسن الْخلق وَحسن الْجوَار يعمرَانِ الديار وَيَزِيدَانِ فِي الاعمار

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: الرِّفْق يمن والخرق شُؤْم وَإِذا أَرَادَ الله بِأَهْل بَيت خيرا أَدخل عَلَيْهِم بَاب الرِّفْق

إِن الرِّفْق لم يكن فِي شَيْء قطّ إِلَّا زانه وَإِن الْخرق لم يكن فِي شَيْء قطّ إِلَّا شَأْنه وَإِن

ص: 324

الْحيَاء من الْإِيمَان وَإِن الْإِيمَان فِي الْجنَّة

وَلَو كَانَ الْحيَاء رجلا كَانَ رجلا صَالحا وَإِن الْفُحْش من الْفُجُور وَإِن الْفُجُور فِي النَّار وَلَو كَانَ الْفُحْش رجلا يمشي فِي النَّاس لَكَانَ رجلا سوءا

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت: بَات أَبُو الدَّرْدَاء لَيْلَة يُصَلِّي فَجعل يبكي وَيَقُول: اللهمَّ أَحْسَنت خلقي فاحسن خلقي

حَتَّى إِذا أصبح فَقلت: يَا أَبَا الدَّرْدَاء أما كَانَ دعاؤك مُنْذُ اليلة إِلَّا فِي حسن الْخلق فَقَالَ: يَا أم الدَّرْدَاء إِن العَبْد الْمُسلم يحسن خلقه حَتَّى يدْخلهُ حسن خلقه الْجنَّة ويسوء خلقه حَتَّى يدْخلهُ سوء خلقه النَّار

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أكمل النَّاس إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وَأفضل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم

وَأخرج تَمام فِي فَوَائده وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: خِيَار أمتِي خَمْسمِائَة والابدال أَرْبَعُونَ فَلَا الْخَمْسمِائَةِ ينقصُونَ وَلَا الْأَرْبَعُونَ ينقصُونَ وَكلما مَاتَ بدل أَدخل الله عز وجل من الْخَمْسمِائَةِ مَكَانَهُ وادخل فِي الْأَرْبَعين مكانهم فَلَا الْخَمْسمِائَةِ ينقصُونَ وَلَا الْأَرْبَعُونَ ينقصُونَ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله دلنا على أَعمال هَؤُلَاءِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ يعفون عَمَّن ظلمهم ويحسنون إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِم ويواسون مِمَّا آتَاهُم الله

قَالَ: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {والكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ}

وَأخرج ابْن لال والديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي قصوراً مستوية على الْجنَّة فَقلت: يَا جِبْرِيل لمن هَذَا فَقَالَ {والكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ}

الْآيَتَانِ 135 - 136

ص: 325

أخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه قَرَأَ (الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء

) (آل عمرَان الْآيَة 134) الْآيَة

ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة فَقَالَ: إِن هذَيْن النعتين لنعت رجل وَاحِد

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هَذَانِ ذنبان

فعلوا فَاحِشَة ذَنْب وظلموا أنفسهم ذَنْب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن زيد فِي قَوْله {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} قَالَ: زنا الْقَوْم وَرب الْكَعْبَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فعلوا فَاحِشَة} قَالَ: الزِّنَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود أَنه ذكر عِنْده بَنو إِسْرَائِيل وَمَا فَضلهمْ الله بِهِ فَقَالَ: كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أذْنب أحدهم ذَنبا أصبح وَقد كتبت كَفَّارَته على أُسْكُفَّة بَابه وَجعلت كَفَّارَة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله فَيغْفر لكم

وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد أَعْطَانَا الله آيَة لهي أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن فِي كتاب الله لآيتين مَا أذْنب عبد ذَنبا فَقَرَأَهُمَا فَاسْتَغْفر الله إِلَّا غفر لَهُ {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة

وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه

) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: بَلغنِي أَن إِبْلِيس حِين نزلت هَذِه الْآيَة بَكَى {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عطاف بن خَالِد قَالَ: بَلغنِي أَنه لما نزل قَوْله {وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله وَلم يصروا على مَا فعلوا} صَاح إِبْلِيس بجُنُوده وحثا على رَأسه التُّرَاب ودعا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور حَتَّى جَاءَتْهُ جُنُوده من كل بر وبحر

فَقَالُوا: مَا لَك يَا سيدنَا قَالَ: آيَة نزلت فِي كتاب الله لَا يضر بعْدهَا أحدا من بني آدم ذَنْب قَالُوا: وَمَا هِيَ فاخبرهم قَالُوا: نفتح لَهُم بَاب الْأَهْوَاء فَلَا يتوبون وَلَا يَسْتَغْفِرُونَ وَلَا يرَوْنَ إِلَّا أَنهم على الْحق فَرضِي مِنْهُم ذَلِك

ص: 326

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالدَّارقطني وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر الصّديق: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَا من رجل يُذنب ذَنبا ثمَّ يقوم فيذكر ذَنبه فيتطهر ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَغْفر الله من ذَنبه ذَلِك إِلَّا غفر الله لَهُ

ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا أذْنب عبد ذَنبا ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ خرج إِلَى برَاز من الأَرْض فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ واستغفر الله من ذَلِك الذَّنب إِلَّا غفر الله لَهُ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: كل شَيْء يتَكَلَّم بِهِ ابْن آدم فانه مَكْتُوب عَلَيْهِ فَإِذا أَخطَأ خَطِيئَة وَأحب أَن يَتُوب إِلَى الله فليأت بقْعَة رفيعة فليمدد يَدَيْهِ إِلَى الله ثمَّ ليقل: إِنِّي أَتُوب إِلَيْك فِيهَا لَا أرجع إِلَيْهَا أبدا فانه يغْفر لَهُ مَا لم يرجع فِي عمله ذَلِك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: اللهمَّ اجْعَلنِي من الَّذين إِذا أَحْسنُوا اسْتَبْشَرُوا وَإِذا أساؤوا اسْتَغْفرُوا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَرْبَعَة فِي حديقة قدس فِي الْجنَّة: المعتصم بِلَا إِلَه إِلَّا اله لَا يشك فِيهَا وَمن إِذا عمل حَسَنَة سرته وَحمد الله عَلَيْهَا وَمن إِذا عمل سَيِّئَة ساءته واستغفر الله مِنْهَا وَمن إِذا أَصَابَته مُصِيبَة قَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن رجلا أذْنب ذَنبا فَقَالَ: رب إِنِّي أذنبت ذَنبا فاغفره فَقَالَ الله: عَبدِي عمل ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ قد غفرت لعبدي ثمَّ عمل ذَنبا آخر فَقَالَ: رب إِنِّي عملت ذَنبا فاغفره فَقَالَ تبارك وتعالى: علم عَبدِي أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ قد غفرت لعبدي ثمَّ عمل ذَنبا آخر فَقَالَ: رب إِنِّي عملت ذَنبا فاغفره فَقَالَ الله: علم عَبدِي أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ أشهدكم إِنِّي غفرت لعبدي فليعمل مَا شَاءَ

ص: 327

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو لم تذنبوا لجاء الله بِقوم يذنبون كي يغْفر لَهُم

وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: يَا رب - وَعزَّتك - لَا أَزَال أغوي بني آدم مَا كَانَت أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم

فَقَالَ الله: وَعِزَّتِي لَا أَزَال أَغفر لَهُم مَا استغفروني

وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي بكر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: عَلَيْكُم بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَأَكْثرُوا مِنْهُمَا فَإِن إِبْلِيس قَالَ: أهلكت النَّاس بِالذنُوبِ وأهلكوني بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك اهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أَنهم مهتدون

وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ: جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أذنبت

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا أذنبت فَاسْتَغْفر رَبك قَالَ: فَإِنِّي اسْتغْفر ثمَّ أَعُود فأذنب

فَقَالَ: إِذا أذنبت فَاسْتَغْفر رَبك ثمَّ عَاد فَقَالَ فِي الرَّابِعَة: اسْتغْفر رَبك حَتَّى يكون الشَّيْطَان هُوَ المحسور

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أَحَدنَا يُذنب قَالَ: يكْتب عَلَيْهِ قَالَ: ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ: يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ قَالَ: فَيَعُود ويذنب قَالَ: يكْتب عَلَيْهِ قَالَ: ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ: يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ قَالَ: فَيَعُود ويذنب قَالَ: يكْتب عَلَيْهِ قَالَ: ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ: يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ وَلَا يمل الله حَتَّى تملوا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلم يصروا على مَا فعلوا} قَالَ: لم يقيموا على ذَنْب وهم يعلمُونَ أَنه يغْفر لمن اسْتغْفر وَيَتُوب على من تَابَ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إيَّاكُمْ والإصرار فَإِنَّمَا هلك المصرون الماضون قدماً لَا ينهاهم مَخَافَة الله عَن حرَام حرمه الله عَلَيْهِم وَلَا يتوبون من ذَنْب أَصَابُوهُ حَتَّى أَتَاهُم الْمَوْت وهم على ذَلِك

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ارحموا تُرحموا واغفروا يُغفر لكم ويل لأقماع القَوْل - يَعْنِي الآذان - ويل للمصِّرين الَّذين يصرون على مَا فعلوا وهم يعلمُونَ

ص: 328

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل ذَنْب أصر عَلَيْهِ العَبْد كبر وَلَيْسَ بكبير مَا تَابَ مِنْهُ العَبْد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إتْيَان الذَّنب عمدا إِصْرَار حَتَّى يَتُوب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: الْإِصْرَار أَن يعْمل الرجل الذَّنب فيحتقره

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَلم يصروا على مَا فعلوا} فينكبوا وَلَا يَسْتَغْفِرُوا وهم يعلمُونَ أَنهم قد أذنبوا ثمَّ أَقَامُوا وَلم يَسْتَغْفِرُوا

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا أصر من اسْتغْفر وَإِن عَاد فِي الْيَوْم سبعين مرّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَنعم أجر العاملين} بِطَاعَة الله الْجنَّة

الْآيَة 137

ص: 329

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {قد خلت} يَعْنِي مَضَت

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قد خلت من قبلكُمْ سنَن} يَعْنِي تداول من الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ فِي الْخَيْر وَالشَّر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين} قَالَ: عَاقِبَة الْأَوَّلين والأمم قبلكُمْ كَانَ سوء عاقبتهم متعهم الله قَلِيلا ثمَّ صَارُوا إِلَى النَّار

الْآيَة 138

ص: 329

أخرج ابْن أبي شيبَة فِي كتاب الْمَصَاحِف عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أول مَا نزل من آل عمرَان {هَذَا بَيَان للنَّاس وَهدى وموعظة لِلْمُتقين} ثمَّ أنزل بقيتها يَوْم أحد

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {هَذَا بَيَان للنَّاس} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَذَا بَيَان} الْآيَة

ص: 329

قَالَ: هُوَ هَذَا الْقُرْآن جعله الله بَيَانا للنَّاس عَامَّة {وَهدى وموعظة لِلْمُتقين} خُصُوصا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي الْآيَة قَالَ {بَيَان} من الْعَمى {وَهدى} من الضَّلَالَة {وموعظة} من الْجَهْل

الْآيَة 139

ص: 330

أخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كثر فِي أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم الْقَتْل والجراح حَتَّى خلص إِلَى كل امرىء مِنْهُم الْبَأْس

فَأنْزل الله الْقُرْآن فآسى فِيهِ بَين الْمُؤمنِينَ بِأَحْسَن مَا آسى بِهِ قوما كَانُوا قبلهم من الْأُمَم الْمَاضِيَة فَقَالَ {وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا} إِلَى قَوْله {لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل إِلَى مضاجعهم}

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل خَالِد بن الْوَلِيد يُرِيد أَن يَعْلُو عَلَيْهِم الْجَبَل

فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اللهمَّ لَا يعلون علينا

فَأنْزل الله {وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا وَأَنْتُم الأعلون إِن كُنْتُم مُؤمنين}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: انهزم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الشّعب يَوْم أحد فسألوا مَا فعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَا فعل فلَان فنعى بَعضهم لبَعض وتحدثوا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قتل فَكَانُوا فِي هم وحزن

فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك علا خَالِد بن الْوَلِيد بخيل الْمُشْركين فَوْقهم على الْجَبَل وَكَانَ على أحد مجنبتي الْمُشْركين وهم أَسْفَل من الشّعب فَلَمَّا رَأَوْا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فرحوا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ لَا قوّة لنا إِلَّا بك وَلَيْسَ أحد يعبدك بِهَذَا الْبَلَد غير هَؤُلَاءِ النَّفر فَلَا تهلكهم

وثاب نفر من الْمُسلمين رُمَاة فَصَعِدُوا فرموا خيل الْمُشْركين حَتَّى هَزَمَهُمْ الله وَعلا الْمُسلمُونَ الْجَبَل

فَذَلِك قَوْله {وَأَنْتُم الأعْلَوْنَ إِن كُنْتُم مُؤمنين}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَلَا تهنوا} قَالَ: لَا تضعفوا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَأَنْتُم الأعلون} قَالَ: وَأَنْتُم الغالبون

ص: 330

الْآيَات 140 - 142

ص: 331

أخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {أَن يمسسكم} قَالَ: أَن يصبكم

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِن يمسسكم قرح فقد مس الْقَوْم قرح مثله} بِرَفْع الْقَاف فيهمَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِن يمسسكم قرح} قَالَ: جراح وَقتل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن يمسسكم قرح فقد مس الْقَوْم قرح مثله} قَالَ: إِن يقتل مِنْكُم يَوْم أحد فقد قتلتم مِنْهُم يَوْم بدر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نَام الْمُسلمُونَ وبهم الكلوم - يَعْنِي يَوْم أحد - قَالَ عِكْرِمَة: وَفِيهِمْ أنزلت {إِن يمسسكم قرح فقد مس الْقَوْم قرح مثله وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} وَفِيهِمْ أنزلت (إِن تَكُونُوا تألمون فَإِنَّهُم يألمون كَمَا تألمون)(النِّسَاء الْآيَة 104)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} فانه كَانَ يَوْم أحد بِيَوْم بدر

قتل الْمُؤْمِنُونَ يَوْم أحد اتخذ الله مِنْهُم شُهَدَاء وَغلب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمُشْركين يَوْم بدر فَجعل لَهُ الدولة عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} قَالَ: فانه أدال الْمُشْركين على النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد وَبَلغنِي أَن الْمُشْركين قتلوا من الْمُسلمين يَوْم أحد بضعَة وَسبعين رجلا عدد الْأُسَارَى الَّذين أَسرُّوا يَوْم بدر من الْمُشْركين وَكَانَ عدد الْأُسَارَى ثَلَاثَة وَسبعين رجلا

ص: 331

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} قَالَ: جعل الله الْأَيَّام دولاً

مرّة لهَؤُلَاء وَمرَّة لهَؤُلَاء

أدال الْكفَّار يَوْم أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: وَالله لَوْلَا الدول مَا أودى الْمُؤْمِنُونَ وَلَكِن قد يدال للْكَافِرِ من الْمُؤمن ويُبْتَلى الْمُؤمن بالكافر ليعلم الله من يطيعه مِمَّن يعصيه وَيعلم الصَّادِق من الْكَاذِب

وَأخرج عَن السّديّ {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} يَوْمًا لكم وَيَوْما عَلَيْكُم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} يَعْنِي الْأُمَرَاء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي جَعْفَر قَالَ: إِن للحق دولة وَإِن للباطل دولة من دولة الْحق

إِن إِبْلِيس أَمر بِالسُّجُود لأدم فأديل آدم على إِبْلِيس وابتلي ادم بِالشَّجَرَةِ فَأكل مِنْهَا فأديل إِبْلِيس على آدم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وليعلم الله الَّذين آمنُوا ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء} قَالَ: إِن الْمُسلمين كَانُوا يسْأَلُون رَبهم: اللَّهُمَّ رَبنَا أرنا يَوْمًا كَيَوْم بدر نُقَاتِل فِيهِ الْمُشْركين ونبليك فِيهِ خيرا ونلتمس فِيهِ الشَّهَادَة

فَلَقوا الْمُشْركين يَوْم أحد فَاتخذ مِنْهُم شُهَدَاء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يسْأَلُون رَبهم أَن يُرِيهم يَوْمًا كَيَوْم بدر يبلون فِيهِ خيرا وَيُرْزَقُونَ فِيهِ الشَّهَادَة وَيُرْزَقُونَ الْجنَّة والحياة والرزق

فَلَقوا يَوْم أحد فَاتخذ الله مِنْهُم شُهَدَاء وهم الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فَقَالَ (وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا)(الْبَقَرَة الْآيَة 154) الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وليعلم الله الَّذين آمنُوا ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء} قَالَ: يكرم الله أولياءه بِالشَّهَادَةِ بأيدي عدوهم ثمَّ تصير حواصل الْأُمُور وعواقبها لأهل طَاعَة الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة {وليعلم الله الَّذين آمنُوا ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء} يَقُول: أَن لَا تقتلُوا لَا تَكُونُوا شُهَدَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الضُّحَى قَالَ: نزلت {ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء}

ص: 332

فَقتل مِنْهُم يَوْمئِذٍ سَبْعُونَ مِنْهُم أَرْبَعَة من الْمُهَاجِرين: مِنْهُم حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَمصْعَب بن عُمَيْر أَخُو بني عبد الدَّار والشماس بن عُثْمَان المَخْزُومِي وَعبد الله بن جحش الْأَسدي وسائرهم من الْأَنْصَار

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أَبْطَأَ على النِّسَاء الْخَبَر خرجن يستخبرن فَإِذا رجلَانِ مقتولان على دَابَّة أوعلى بعير فَقَالَت امْرَأَة من الْأَنْصَار: من هَذَانِ قَالُوا: فلَان وَفُلَان

أَخُوهَا وَزوجهَا

أَو زَوجهَا وَابْنهَا فَقَالَت: مَا فعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا: حَيّ

قَالَت: فَلَا أُبَالِي يتَّخذ الله من عباده الشُّهَدَاء

وَنزل الْقُرْآن على مَا قَالَت {ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وليمحص الله الَّذين آمنُوا} قَالَ: يبتليهم {ويمحق الْكَافرين} قَالَ: ينقصهم

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين

أَنه كَانَ إِذا تَلا هَذِه الْآيَة قَالَ: اللهمَّ مُحصنا وَلَا تجعلنا كَافِرين

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة} وتصيبوا من ثوابي الْكَرَامَة {ولمَّا يعلم الله الَّذين جاهدوا مِنْكُم} يَقُول: ولمَ اختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره حَتَّى أعلم صدق ذَلِك مِنْكُم

الْإِيمَان بِي وَالصَّبْر على مَا أَصَابَكُم فِي

الْآيَة 143

ص: 333

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَقُولُونَ: ليتنا نقْتل كَمَا قتل أَصْحَاب بدر ونستشهد

أَو لَيْت لنا يَوْمًا كَيَوْم بدر نُقَاتِل فِيهِ الْمُشْركين ونبلى فِيهِ خيرا ونلتمس الشَّهَادَة وَالْجنَّة والحياة والرزق

فأشهدهم الله أحدا فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا من شَاءَ الله مِنْهُم فَقَالَ الله {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت من قبل أَن تلقوهُ فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: غَابَ

ص: 333

رجال عَن بدر فَكَانُوا يتمنون مثل بدر أَن يلقوه فيصيبوا من الْأجر وَالْخَيْر مَا أصَاب أهل بدر فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحدٍ ولَّى من وَلَّى فعاتبهم الله على ذَلِك

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع وَقَتَادَة قَالَا: أَن أُنَاسًا من الْمُؤمنِينَ لم يشْهدُوا يَوْم بدر وَالَّذِي أَعْطَاهُم الله من الْفضل فَكَانُوا يتمنون أَن يرَوا قتالاً فيقاتلوا فسيق إِلَيْهِم الْقِتَال حَتَّى إِذا كَانَ بِنَاحِيَة الْمَدِينَة يَوْم أحد فَأنْزل الله {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَقُولُونَ: لَئِن لَقينَا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لنفعلن ولنفعلن

فابتلوا بذلك فَلَا وَالله مَا كلهم صدق الله

فَأنْزل الله {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت} الْآيَة

وَأخرج عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس من الصَّحَابَة لم يشْهدُوا بَدْرًا فَلَمَّا رَأَوْا فَضِيلَة أهل بدر قَالُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك أَن ترينا يَوْمًا كَيَوْم بدر نبليك فِيهِ خيرا

فَرَأَوْا أُحُداً فَقَالَ لَهُم {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت} الْآيَة

وَالله أعلم

الْآيَتَانِ 144 - 145

ص: 334

أخرح ابْن الْمُنْذر عَن كُلَيْب قَالَ: خَطَبنَا عمر فَكَانَ يقْرَأ على الْمِنْبَر آل عمرَان وَيَقُول: إِنَّهَا أُحُدِيَّة ثمَّ قَالَ: تفرقنا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد فَصَعدت الْجَبَل فَسمِعت يَهُودِيّا يَقُول: قتل مُحَمَّد فَقلت لَا أسمع أحدا يَقُول: قتل مُحَمَّد إِلَّا ضربت عُنُقه فَنَظَرت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالنَّاس يتراجعون إِلَيْهِ فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل}

ص: 334

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل هُوَ وعصابة مَعَه يَوْمئِذٍ على أكمة وَالنَّاس يفرون وَرجل قَائِم على الطَّرِيق يسألهم: مَا فعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجعل كلما مروا عَلَيْهِ يسألهم فَيَقُولُونَ: وَالله مَا نَدْرِي مَا فعل فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن كَانَ قتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم لنعطينهم بِأَيْدِينَا أَنهم لعشائرنا وإخواننا وَقَالُوا: لَو أَن مُحَمَّدًا كَانَ حَيا لم يهْزم وَلكنه قد قتل فترخصوا فِي الْفِرَار حِينَئِذٍ

فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة كلهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك يَوْم أحد حِين أَصَابَهُم مَا أَصَابَهُم من الْقَتْل والقرح وتداعوا نَبِي الله

قَالُوا: قد قتل

وَقَالَ أنَاس مِنْهُم: لَو كَانَ نَبيا مَا قتل

وَقَالَ أنَاس من علية أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم: قَاتلُوا على مَا قتل عَلَيْهِ نَبِيكُم حَتَّى يفتح الله عَلَيْكُم أَو تلحقوا بِهِ وَذكر لنا أَن رجلا من الْمُهَاجِرين مر على رجل من الْأَنْصَار وَهُوَ يتخبَّط فِي دَمه فَقَالَ: يَا فلَان أشعرت أَن مُحَمَّدًا قد قتل فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: إِن كَانَ مُحَمَّدًا قد قتل فقد بلغ فَقَاتلُوا عَن دينكُمْ

فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} يَقُول: ارتددتم كفَّارًا بعد أَيْمَانكُم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة نَحوه

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: نَادَى مُنَاد يَوْم أحد حِين هزم أَصْحَاب مُحَمَّد: أَن مُحَمَّدًا قد قتل فَارْجِعُوا إِلَى دينكُمْ الأول فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ أهل الْمَرَض والإرتياب والنفاق حِين فر النَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم: قد قتل مُحَمَّد فالحقوا بدينكم الأول

فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: فَشَا فِي النَّاس يَوْم أحد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فَقَالَ بعض أَصْحَاب الصَّخْرَة: لَيْت لنا رَسُولا إِلَى عبد الله بن أبيّ فَيَأْخُذ لنا أَمَانًا من أبي سُفْيَان

يَا قوم إِن مُحَمَّدًا قد قتل فَارْجِعُوا إِلَى قومكم قبل أَن يأتوكم فيقتلونكم

قَالَ أنس بن النَّضر: يَا قوم إِن كَانَ مُحَمَّد قد قتل فَإِن رب مُحَمَّد لم يقتل فَقَاتلُوا على مَا قَاتل عَلَيْهِ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أعْتَذر إِلَيْك ممَّا يَقُول

ص: 335

هَؤُلَاءِ وَأَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ

فَشد بِسَيْفِهِ فقاتل حَتَّى قتل

فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع أخي بني عدي بن النجار قَالَ: انْتهى أنس بن النَّضر عَم أنس بن مَالك إِلَى عمر وَطَلْحَة بن عبيد الله فِي رجال من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَقد ألقوا بِأَيْدِيهِم فَقَالَ: مَا يجلسكم قَالُوا: قتل مُحَمَّد رَسُول الله قَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بعده قومُوا فموتوا على مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُول الله

واستقبل الْقَوْم فقاتل حَتَّى قتل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد وانهزموا قَالَ بعض النَّاس: إِن كَانَ مُحَمَّد قد أُصِيب فأعطوهم بِأَيْدِيكُمْ إِنَّمَا هم إخْوَانكُمْ

وَقَالَ بَعضهم: إِن كَانَ مُحَمَّد قد أُصِيب أَلا تمضون على مَا مضى عَلَيْهِ نَبِيكُم حَتَّى تلحقوا بِهِ

فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا}

وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل الْعَبدَرِي قَالَ: حمل مُصعب بن عُمَيْر اللِّوَاء يَوْم أحد فَقطعت يَده الْيُمْنَى فَأخذ اللِّوَاء بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} ثمَّ قطعت يَده الْيُسْرَى فَجَثَا على اللِّوَاء وضمه بعضديه إِلَى صَدره وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة

وَمَا نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} يَوْمئِذٍ حَتَّى نزلت بعد ذَلِك

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ} قَالَ: يرْتَد

وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر أقبل على فرس من مَسْكَنه بالسنح حَتَّى نزل فَدخل الْمَسْجِد فَلم يكلم النَّاس حَتَّى دخل على عَائِشَة فَتَيَمم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مغشى بِثَوْب حبرَة فكشف عَن وَجهه ثمَّ أكب عَلَيْهِ وَقَبله وَبكى ثمَّ قَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي وَالله لَا يجمع الله عَلَيْك موتتين وَأما الموتة الَّتِي كتبت عَلَيْك فقد متها

قَالَ الزُّهْرِيّ: وحَدثني أَبُو سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَا بكر خرج وَعمر يكلم النَّاس فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عمر

وَقَالَ أَبُو بكر: أما بعد من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله

ص: 336

حَيّ لَا يَمُوت

قَالَ الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} فَقَالَ: فوَاللَّه لَكَانَ النَّاس لم يعلمُوا أَن الله أنزل هَذِه الْآيَة حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر فَتَلَاهَا النَّاس مِنْهُ كلهم

فَمَا أسمع بشرا من النَّاس إِلَّا يتلوها

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: إِن رجَالًا من الْمُنَافِقين يَزْعمُونَ أَن رَسُول اله صلى الله عليه وسلم توفّي وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالله - مَا مَاتَ وَلَكِن ذهب إِلَى ربه كَمَا ذهب مُوسَى بن عمرَان فقد غَابَ عَن قومه أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِم بعد أَن قيل قد مَاتَ

وَالله ليرجعن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا رَجَعَ مُوسَى فليقطعن أَيدي رجال وأرجلهم زَعَمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَاتَ

فَخرج أَبُو بكر فَقَالَ: على رسلك يَا عمر انصت

فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس أَنه من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت

ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة

فوَاللَّه لَكَانَ النَّاس لم يعلمُوا أَن هَذِه الْآيَة نزلت حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر يَوْمئِذٍ وَأخذ النَّاس عَن أبي بكر فَإِنَّمَا هِيَ فِي أَفْوَاههم

قَالَ عمر: فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن سَمِعت أَبَا بكر تَلَاهَا فعقرت حَتَّى وَقعت إِلَى الأَرْض مَا تحملنِي رجلاي وَعرفت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد مَاتَ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: لما توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَامَ عمر بن الْخطاب فتوعد من قَالَ قد مَاتَ بِالْقَتْلِ وَالْقطع فجَاء أَبُو بكر فَقَامَ إِلَى جَانب الْمِنْبَر وَقَالَ: إِن الله نعى نَبِيكُم إِلَى نَفسه وَهُوَ حَيّ بَين أظْهركُم ونعاكم إِلَى أَنفسكُم فَهُوَ الْمَوْت حَتَّى لَا يبْقى أحد إِلَّا الله

قَالَ الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} فَقَالَ عمر: هَذِه الْآيَة فِي الْقُرْآن وَالله مَا علمت أَن هَذِه الْآيَة أنزلت قبل الْيَوْم وَقَالَ: قَالَ الله لمُحَمد صلى الله عليه وسلم (إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون)(الزمر الْآيَة 30)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن عَبَّاس إِن عمر بن الْخطاب قَالَ: كنت أتأوّل هَذِه الْآيَة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا)(الْبَقَرَة الْآيَة 143) فوَاللَّه إِن كنت لأَظُن أَنه سَيبقى فِي أمته حَتَّى يشْهد عَلَيْهَا بآخر أَعمالهَا وَأَنه هُوَ الَّذِي حَملَنِي على أَن قلت مَا قلت

ص: 337

وأخرح ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {وسيجزي الله الشَّاكِرِينَ} قَالَ: الثابتين على دينهم

أَبَا بكر وَأَصْحَابه فَكَانَ عَليّ يَقُول: كَانَ أَبُو بكر أَمِين الشَّاكِرِينَ

وأخرح الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ عمر: دَعْنِي يَا رَسُول الله أنزع ثنيتي سُهَيْل بن عَمْرو فَلَا يقوم خَطِيبًا فِي قومه أبدا فَقَالَ: دعها فلعلها أَن تسرك يَوْمًا

فَلَمَّا مَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم نفر أهل مَكَّة فَقَامَ سُهَيْل عِنْد الْكَعْبَة فَقَالَ: من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَالله حَيّ لَا يَمُوت

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن عليا كَانَ يَقُول فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَن الله يَقُول {أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} وَالله لَا ننقلب على أعقابنا بعد إِذْ هدَانَا الله وَالله لَئِن مَاتَ أَو قتل لأقاتلن على مَا قَاتل عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوت

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم)(الْفَتْح الْآيَة 4) قَالُوا: يَا رَسُول الله قد علمنَا أَن الْإِيمَان يزْدَاد فَهَل ينقص قَالَ: أَي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّه لينقص قَالُوا: يَا رَسُول الله فَهَل لذَلِك دلَالَة فِي كتاب الله قَالَ: نعم

ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} فالإنقلاب نُقْصَان وَلَا كفر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق {وَمَا كَانَ لنَفس} الْآيَة أَي لمُحَمد صلى الله عليه وسلم أجل هُوَ بالغه فَإِذا أذن الله فِي ذَلِك كَانَ {وَمن يرد ثَوَاب الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا} أَي من كَانَ مِنْكُم يُرِيد الدُّنْيَا لَيست لَهُ رَغْبَة فِي الْآخِرَة نؤته مَا قسم لَهُ فِيهَا من رزق وَلَا حَظّ لَهُ فِي الْآخِرَة {وَمن يرد ثَوَاب الْآخِرَة} مِنْكُم {نؤته مِنْهَا} مَا وعده مَعَ مَا يجْرِي عَلَيْهِ من رزقه فِي دُنْيَاهُ وَذَلِكَ جَزَاء الشَّاكِرِينَ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز فِي الْآيَة قَالَ: لَا تَمُوت نفس وَلها فِي الدُّنْيَا عمر سَاعَة إِلَّا بلغته

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وسنجزي الشَّاكِرِينَ} قَالَ: يُعْطي الله العَبْد بنيته الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

ص: 338

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ أَبُو بكر: لومنعوني وَلَو عقَالًا أعْطوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم

ثمَّ تَلا {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم}

وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن إِبْرَاهِيم بن حَنْظَلَة عَن أَبِيه أَن سالما مولى أبي حُذَيْفَة كَانَ مَعَه اللِّوَاء يَوْم الْيَمَامَة فَقطعت يَمِينه فَأخذ اللِّوَاء بيساره فَقطعت يسَاره فاعتنق اللِّوَاء وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} الْآيَتَيْنِ

الْآيَات 146 - 148

ص: 339

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد من طَرِيق أبي عُبَيْدَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {وكأين من نَبِي قَاتل مَعَه ربيون} وَيَقُول أَلا ترى أَنه يَقُول {فَمَا وهنوا لما أَصَابَهُم فِي سَبِيل الله}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يَقُول: مَا سمعنَا قطّ أَن نَبيا قتل فِي الْقِتَال

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن {قَاتل مَعَه}

وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ {وكأين من نَبِي قَاتل مَعَه ربيون} بِغَيْر ألف

وَأخرج عَن عَطِيَّة

مثله

وَأخرج من طَرِيق زر عَن ابْن مَسْعُود مثله

أَنه كَانَ يَقْرَأها بِغَيْر ألف

ص: 339

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة أَنه قَرَأَ وكأيِّن من نَبِي قتل مَعَه ربيون بِغَيْر ألف

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {ربيون} قَالَ: أُلُوف

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ربيون} قَالَ: الربة الْوَاحِدَة ألف

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {ربيون} يَقُول: جموع

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن فِي قَوْله {ربيون} قَالَ: فُقَهَاء عُلَمَاء قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الجموع الْكَثِيرَة

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {ربيون} قَالَ: جموع قَالَ: وَهل يعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول حسان: وَإِذا معشر تجافوا الْقَصْد أملنا عَلَيْهِم ريبا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربيون كثير} قَالَ: عُلَمَاء كثير

وَأخرج من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربيون كثير} قَالَ الربيون هم الجموع الْكَثِيرَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ربيون} قَالَ: عُلَمَاء كثير

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ الربيون الأتباع والربانيون الْوُلَاة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وكأين من نَبِي قَاتل} الْآيَة

قَالَ: هم قوم قتل نَبِيّهم فَلم يضعفوا وَلم يستكينوا لقتل نَبِيّهم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {فَمَا وهنوا لما أَصَابَهُم فِي سَبِيل الله} لقتل أَنْبِيَائهمْ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {فَمَا وهنوا لما أَصَابَهُم فِي سَبِيل الله} يَعْنِي فَمَا عجزوا عَن عدوهم

ص: 340

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمَا وهنوا} الْآيَة

يَقُول: فَمَا عجزوا وَمَا تضعضعوا لقتل نَبِيّهم {وَمَا اسْتَكَانُوا} يَقُول: مَا ارْتَدُّوا عَن بصيرتهم وَلَا عَن دينهم إِن قَاتلُوا على مَا قَاتل عَلَيْهِ نَبِي الله حَتَّى لَحِقُوا بِاللَّه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ: تخشعوا

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَمَا اسْتَكَانُوا} يَقُول: مَا ذلوا

وَأخرج عَن ابْن زيد {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ: مَا اسْتَكَانُوا لعدوهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وإسرافنا فِي أمرنَا} قَالَ: خطايانا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وإسرافنا فِي أمرنَا} قَالَ: خطايانا وظلمنا أَنْفُسنَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وإسرافنا فِي أمرنَا} يَعْنِي الْخَطَايَا الْكِبَار

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا} قَالَ: النَّصْر وَالْغنيمَة {وَحسن ثَوَاب الْآخِرَة} قَالَ: رضوَان الله وَرَحمته

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا} الْفَلاح والظهور والتمكن والنصر على عدوهم فِي الدُّنْيَا {وَحسن ثَوَاب الأخرة} هِيَ الْجنَّة

الْآيَتَانِ 149 - 150

ص: 341

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا}

ص: 341

الْآيَة

لَا تنتصحوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى عَن دينكُمْ وَلَا تُصَدِّقُوهُمْ بِشَيْء فِي دينكُمْ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا} الْآيَة

يَقُول: إِن تطيعوا أَبَا سُفْيَان بن حَرْب يردوكم كفَّارًا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا يردوكم على أعقابكم} التَّعَرُّب فَقَالَ عَليّ: بل هُوَ الزَّرْع

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: أَلا أخْبركُم بالمرتد على عَقِبَيْهِ الَّذِي يَأْخُذ الْعَطاء ويغزو فِي سَبِيل الله ثمَّ يدع ذَلِك وَيَأْخُذ الأَرْض بالجزية والرزق فَذَلِك الَّذِي يرْتَد على عَقِبَيْهِ

الْآيَة 151

ص: 342

أخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما ارتحل أَبُو سُفْيَان وَالْمُشْرِكُونَ يَوْم أحد متوجهين نَحْو مَكَّة انْطلق أَبُو سُفْيَان حَتَّى بلغ بعض الطَّرِيق

ثمَّ إِنَّهُم ندموا فَقَالُوا: بئْسَمَا صَنَعْتُم إِنَّكُم قَتَلْتُمُوهُمْ حَتَّى لم يبْق إِلَّا الشريد تركتموهم

إرجعوا فاستأصلوا

فقذف الله فِي قُلُوبهم الرعب فَانْهَزَمُوا فَلَقوا أَعْرَابِيًا فَجعلُوا لَهُ عجلا فَقَالُوا لَهُ: إِن لقِيت مُحَمَّدًا فَأخْبرهُم بِمَا قد جَمعنَا لَهُم

فاخبر الله رَسُوله صلى الله عليه وسلم فطلبهم حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد

فَأنْزل الله فِي ذَلِك فَذكر أَبَا سُفْيَان حِين أَرَادَ أَن يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَا قذف فِي قلبه من الرعب فَقَالَ {سنلقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ قذف الله فِي قلب أبي سُفْيَان الرعب فَرجع إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد أصَاب مِنْكُم طرفا وَقد رَجَعَ وَقذف الله فِي قلبه الرعب

ص: 342

وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: نصرت بِالرُّعْبِ على العدوّ

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: فضلت على الْأَنْبِيَاء بِأَرْبَع: أرْسلت إِلَى النَّاس كَافَّة وَجعلت لي الأَرْض كلهَا ولأمتي مَسْجِدا وَطهُورًا فأينما رجل أدْركهُ من أمتِي الصَّلَاة فَعنده مَسْجده وَعِنْده طهوره ونُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر يقذفه فِي قُلُوب أعدائي وَأحل لنا الْغَنَائِم

الْآيَة 152

ص: 343

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَ الله وعدهم على الصَّبْر وَالتَّقوى أَن يمدهُمْ بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسوّمين وَكَانَ قد فعل فَلَمَّا عصوا أَمر الرَّسُول وَتركُوا مَصَافهمْ وَتركت الرُّمَاة عهد الرَّسُول إِلَيْهِم أَن لَا يبرحوا مَنَازِلهمْ وَأَرَادُوا الدُّنْيَا رفع عَنْهُم مدد الْمَلَائِكَة وَأنزل الله {وَلَقَد صدقكُم الله وعده إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} فَصدق الله وعده وأراهم الْفَتْح فَلَمَّا عصوا أعقبهم الْبلَاء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} الْآيَة

قَالَ إِن أَبَا سُفْيَان أقبل فِي ثَلَاث لَيَال خلون من شَوَّال حَتَّى نزل أحدا وَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأذن فِي النَّاس فَاجْتمعُوا وَأمر على الْخَيل الزبير بن العوّام وَمَعَهُ يَوْمئِذٍ الْمِقْدَاد بن الْأسود الْكِنْدِيّ وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللِّوَاء رجلا من قُرَيْش يُقَال لَهُ مُصعب بن عُمَيْر وَخرج حَمْزَة بن عبد الْمطلب بالجيش وَبعث حَمْزَة بَين يَدَيْهِ وَأَقْبل خَالِد بن الْوَلِيد على خيل الْمُشْركين وَمَعَهُ عِكْرِمَة بن أبي جهل فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الزبير وَقَالَ: اسْتقْبل خَالِد بن الْوَلِيد

ص: 343

فَكُن بإزائه حَتَّى أوذنك وَأمر بخيل أُخْرَى فَكَانُوا من جَانب آخر فَقَالَ: لَا تَبْرَحُوا حَتَّى أوذنكم وَأَقْبل أَبُو سُفْيَان يحمل اللات والعزى فَأرْسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الزبير أَن يحمل فَحمل على خَالِد بن الْوَلِيد فَهَزَمَهُ وَمن مَعَه فَقَالَ {وَلَقَد صدقكُم الله وعده إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ}

وَأَن الله وعدالمؤمنين أَن ينصرهم وَأَنه مَعَهم وَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث بَعْضًا من النَّاس فَكَانُوا من ورائهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كونُوا هَهُنَا فَردُّوا وَجه من نَدَّ مِنَّّا وَكُونُوا حرساً لنا من قبل ظُهُورنَا

وَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما هزم الْقَوْم هُوَ وَأَصْحَابه الَّذين كَانُوا جعلُوا من ورائهم فَقَالَ بَعضهم لبَعض لما رَأَوْا النِّسَاء مصعدات فِي الْجَبَل وَرَأَوا الْغَنَائِم: انْطَلقُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوا الْغَنِيمَة قبل أَن تستبقوا إِلَيْهَا وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى: بل نطيع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فنثبت مَكَاننَا

فَذَلِك قَوْله {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا} للَّذين أَرَادوا الْغَنِيمَة {ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} للَّذين قَالُوا: نطيع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنثْبت مَكَاننَا

فاتوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَكَانَ فشلاً حِين تنازعوا بَينهم يَقُول {وعصيتم من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} كَانُوا قد رَأَوْا الْفَتْح وَالْغنيمَة

وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ مَا نصر الله نبيه فِي موطن كَمَا نصر يَوْم أحد فانكروا

فَقَالَ ابْن عَبَّاس: بيني وَبَين من أنكر ذَلِك كتاب الله إِن الله يَقُول فِي يَوْم أحد {وَلَقَد صدقكُم الله وعده إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} يَقُول ابْن عَبَّاس: والْحس: الْقَتْل

{حَتَّى إِذا فشلتم} إِلَى قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم وَالله ذُو فضل على الْمُؤمنِينَ} وَإِنَّمَا عَنى هَذَا الرُّمَاة وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أقامهم فِي مَوضِع ثمَّ قَالَ: احموا ظُهُورنَا فَإِن رَأَيْتُمُونَا نقْتل فَلَا تنصرونا وَإِن رَأَيْتُمُونَا قد غنمنا فَلَا تشركونا

فَلَمَّا غنم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأباحوا عَسْكَر الْمُشْركين انكفأت الرُّمَاة جَمِيعًا فَدَخَلُوا فِي الْعَسْكَر ينتهبون والتفت صُفُوف الْمُسلمين فهم هَكَذَا - وَشَبك بَين يَدَيْهِ - والتبسوا فَلَمَّا أخل الرُّمَاة تِلْكَ الْخلَّة الَّتِي كَانُوا فِيهَا دخل الْخَيل من ذَلِك الْموضع على الصَّحَابَة فَضرب بَعضهم بَعْضًا والتبسوا وَقتل من الْمُسلمين نَاس كثير وَقد كَانَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه أول النَّهَار حَتَّى قتل من أَصْحَاب لِوَاء الْمُشْركين سَبْعَة أَو تِسْعَة وجال

ص: 344

الْمُسلمُونَ جَوْلَة نَحْو الْجَبَل وَلم يبلغُوا حَيْثُ يَقُول النَّاس: الغاب

إِنَّمَا كَانُوا تَحت المهراس وَصَاح الشَّيْطَان قتل مُحَمَّد فَلم يشك فِيهِ أَنه حق

فَمَا زلنا كَذَلِك مَا نشك أَنه قتل حَتَّى طلع بَين السعدين نعرفه بتكفؤه إِذا مَشى ففرحنا حَتَّى كَأَنَّهُ لم يصبنا مَا أَصَابَنَا فَرَقِيَ نحونا وَهُوَ يَقُول: اشْتَدَّ غضب الله على قوم دموا وَجه نَبِيّهم وَيَقُول مرّة أُخْرَى: اللَّهُمَّ إِنَّه لَيْسَ لَهُم أَن يعلونا حَتَّى انْتهى إِلَيْنَا فَمَكثَ سَاعَة فَإِذا أَبُو سُفْيَان يَصِيح فِي أَسْفَل الْجَبَل: أعل هُبل أعل هُبل

أَيْن ابْن أبي كَبْشَة أَيْن ابْن أبي قُحَافَة أَيْن ابْن الْخطاب فَقَالَ عمر: أَلا أجيبة يَا رَسُول الله قل: بلَى

فَلَمَّا قَالَ: أعل هُبل

قَالَ عمر: الله أَعلَى وَأجل

فَعَاد فَقَالَ: أَيْن ابْن أبي كَبْشَة أَيْن ابْن أبي قُحَافَة فَقَالَ عمر: هَذَا رَسُول الله وَهَذَا أَبُو بكر وَهَا أَنا عمر

فَقَالَ: يَوْم بِيَوْم بدر الْأَيَّام دوَل وَالْحَرب سِجَال فَقَالَ عمر: لَا سَوَاء

قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار قَالَ: إِنَّكُم لَتَزْعُمُونَ ذَلِك لقد خبْنا إِذن وَخَسِرْنَا

ثمَّ أَدْرَكته حمية الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ: أما انه كَانَ ذَلِك وَلم نكرهه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن النِّسَاء كن يَوْم أحد خلف الْمُسلمين يجهزن على جرحى الْمُشْركين فَلَو حَلَفت يَوْمئِذٍ رَجَوْت أَن أبرَّ أَنه لَيْسَ أحد منا يُرِيد الدُّنْيَا حَتَّى أنزل الله {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} فَلَمَّا خَالف أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعصوا مَا أمروا بِهِ أفرد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي تِسْعَة

سَبْعَة من الْأَنْصَار وَرجلَيْنِ من قُرَيْش

وَهُوَ عَاشر فَلَمَّا رهقوه قَالَ: رحم الله رجلا ردهم عَنَّا فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار فقاتل سَاعَة حَتَّى قتل فَلَمَّا رهقوه أَيْضا قَالَ: رحم الله رجلا ردهم عَنَّا فَلم يزل يَقُول ذَا حَتَّى قتل السَّبْعَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه: مَا أنصفنا أَصْحَابنَا

فجَاء أبوسفيان فَقَالَ: أعل هُبل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قُولُوا الله أَعلَى وَأجل

فَقَالُوا: الله أَعلَى وَأجل

فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: لنا الْعُزَّى وَلَا عُزّى لكم

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قُولُوا اللَّهُمَّ مَوْلَانَا والكافرون لَا مولى لَهُم

ثمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَان: يَوْم بِيَوْم بدر يَوْم لنا وَيَوْم علينا وَيَوْم نسَاء وَيَوْم نسر حَنْظَلَة بحنظلة وَفُلَان بفلان

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا سَوَاء

أما قَتْلَانَا فأحياء يرْزقُونَ وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار يُعَذبُونَ

قَالَ أَبُو سُفْيَان: قد كَانَ فِي الْقَوْم مثلَة وَإِن كَانَت على غير تَوْجِيه منا مَا

ص: 345

أمرت وَلَا نهيت وَلَا أَحْبَبْت وَلَا كرهت وَلَا سَاءَنِي وَلَا سرني

قَالَ: فنظروا فَإِذا حَمْزَة قد بقر بَطْنه وَأخذت هِنْد كبده فلاكتها فَلم تستطع أَن تأكلها

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أكلت شَيْئا قَالُوا: لَا

قَالَ: مَا كَانَ الله ليدْخل شَيْئا من حَمْزَة النَّار

فَوضع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَمْزَة فصلى عَلَيْهِ وَجِيء بِرَجُل من الْأَنْصَار فَوضع إِلَى جنبه فصلى عَلَيْهِ فَرفع الْأنْصَارِيّ وَترك حَمْزَة ثمَّ جِيءَ بآخر فَوَضعه إِلَى جنب حَمْزَة فصلى عَلَيْهِ ثمَّ رفع وَترك حَمْزَة حَتَّى صلى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ سَبْعُونَ صَلَاة

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ جعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الرُّمَاة يَوْم أحد - وَكَانُوا خمسين رجلا - عبد الله بن جُبَير ووضعهم موضعا وَقَالَ: ان رَأَيْتُمُونَا تخطفنا الطير فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أرسل إِلَيْكُم فهزموهم قَالَ: فَأَنا - وَالله - رَأَيْت النِّسَاء يشتددن على الْجَبَل وَقد بَدَت أسوقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن

فَقَالَ أَصْحَاب عبد الله: الْغَنِيمَة أَي قوم الْغَنِيمَة

ظهر أصحابكم فَمَا تنتظرون قَالَ عبد الله بن جُبَير: أفنسيتم مَا قَالَ لكم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّا وَالله لَنَاْتِيَنَّ النَّاس فَلْنصِيبَنَّ من الْغَنِيمَة

فَلَمَّا أتوهم صرفت وُجُوههم فاقبلوا منهزمين فَذَلِك الَّذِي يَدعُوهُم الرَّسُول فِي أخراهم فَلم يبْق مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غير اثْنَي عشر رجلا

فَأَصَابُوا منا سبعين وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه أصَاب من الْمُشْركين يَوْم بدر أَرْبَعِينَ وَمِائَة

سبعين أَسِيرًا وَسبعين قَتِيلا

قَالَ أَبُو سُفْيَان: أَفِي الْقَوْم مُحَمَّد ثَلَاثًا فنهاهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُجِيبُوهُ ثمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْم ابْن أبي قُحَافَة مرَّتَيْنِ أَفِي الْقَوْم ابْن الْخطاب مرَّتَيْنِ ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ: أما هَؤُلَاءِ فقد قتلوا وَقد كفيتموهم

فَمَا ملك عمر نَفسه أَن قَالَ: كذبت - وَالله - يَا عَدو الله إِن الَّذين عددت أَحيَاء كلهم وَقد بَقِي لَك مَا يسوءك

قَالَ: يَوْم بِيَوْم بدر وَالْحَرب سِجَال إِنَّكُم سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْم مثلَة لم آمُر بهَا وَلم تسؤني

ثمَّ أَخذ يرتجز: أعل هُبل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا تجيبونه قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا نقُول قَالَ قُولُوا: الله أَعلَى وَأجل

قَالَ: إِن لنا الْعُزَّى وَلَا عزى لكم

قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا تجيبونه قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا نقُول قَالَ: قُولُوا: الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم

ص: 346

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر قَالَ انهزم النَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد وَبَقِي مَعَه أحد عشر رجلا من الْأَنْصَار وَطَلْحَة بن عبيد الله وَهُوَ يصعد فِي الْجَبَل فلحقهم الْمُشْركُونَ فَقَالَ: الا أحد لهَؤُلَاء فَقَالَ طَلْحَة: أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ: كَمَا أَنْت يَا طَلْحَة فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: فَأَنا يَا رَسُول الله فقاتل عَنهُ وَصعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمن بَقِي مَعَه ثمَّ قتل الْأنْصَارِيّ فلحقوه فَقَالَ: أَلا رجل لهَؤُلَاء فَقَالَ طَلْحَة مثل قَوْله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مثل قَوْله فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: فَأَنا يَا رَسُول الله وَأَصْحَابه يصعدون ثمَّ قتل

فلحقوه فَلم يزل يَقُول مثل قَوْله الأول وَيَقُول طَلْحَة أَنا يَا رَسُول الله فيحبسه فيستأذنه رجل من الْأَنْصَار لِلْقِتَالِ فَيَأْذَن لَهُ فَيُقَاتل مثل من كَانَ قبله حَتَّى لم يبْق مَعَه إِلَّا طَلْحَة فغشوهما فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من لهَؤُلَاء فَقَالَ طَلْحَة: أَنا

فقاتل مثل قتال جَمِيع من كَانَ قبله وَأُصِيبَتْ أنامله فَقَالَ: حس

فَقَالَ: لَو قلت بِسم الله أَو ذكرت اسْم الله لَرَفَعَتْك الْمَلَائِكَة وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْك فِي جوّ السَّمَاء ثمَّ صعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابه وهم مجتمعون

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي قَوْله {إِذْ تحسُّونهم بِإِذْنِهِ} قَالَ: الْحس الْقَتْل

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس

مثله

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ تحسونهم} قَالَ: تقتلونهم

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {إِذْ تحسُّونهم} قَالَ: تقتلونهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَمنا الَّذِي لَاقَى بِسيف مُحَمَّد فحس بِهِ الْأَعْدَاء عرض العساكر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} قَالَ: تقتلونهم قَالَ: وَهل كَانَت الْعَرَب تعرف ذَلِك قبل أَن ينزل الْكتاب على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول عتبَة اللَّيْثِيّ: نحسهم بالبيض حَتَّى كأننا نفلق مِنْهُم بالجماجم حنظلا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {حَتَّى إِذا فشلتم} قَالَ: الفشل الْجُبْن

ص: 347

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {حَتَّى إِذا فشلتم} يَقُول: جبنتم عَن عَدوكُمْ {وتنازعتم فِي الْأَمر} يَقُول: اختلفتم وعصيتم {من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} وَذَلِكَ يَوْم أُحُد قَالَ لَهُم: إِنَّكُم ستظهرون فَلَا أعرِفَنَّ مَا أصبْتُم من غنائمهم شَيْئا حَتَّى تفرغوا

فتركوا أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعصوا ووقعوا فِي الْغَنَائِم ونسوا عَهده الَّذِي عَهده إِلَيْهِم وخالفوا إِلَى غير مَا أَمرهم بِهِ فنصر عَلَيْهِم عدوّهم من بعد مَا أَرَاهُم فيهم مَا يحبونَ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن ابزى فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فشلتم} قَالَ: كَانَ وضع خمسين رجلا من أَصْحَابه عَلَيْهِم عبيد الله بن خَوات فجعلهم بِإِزَاءِ خَالِد بن الْوَلِيد على خيل الْمُشْركين فَلَمَّا هزم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس قَالَ نصف أُولَئِكَ: نَذْهَب حَتَّى نلحق بِالنَّاسِ وَلَا تفوتنا الْغَنَائِم وَقَالَ بَعضهم: قد عهد إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن لَا نريم حَتَّى يحدث إِلَيْنَا

فَلَمَّا رأى خَالِد بن الْوَلِيد رقتهم حمل عَلَيْهِم فَقَاتلُوا خَالِدا حَتَّى مَاتُوا ربضة فَأنْزل الله فيهم {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} إِلَى قَوْله {وعصيتم} فَجعل أُولَئِكَ الَّذين انصرفوا عصاة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْبَراء بن عَازِب {من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} الْغَنَائِم وهزيمة الْقَوْم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} قَالَ: نصر الله الْمُؤمنِينَ على الْمُشْركين حَتَّى ركب نسَاء الْمُشْركين على كل صَعب وَذَلُول ثمَّ أديل عَلَيْهِم الْمُشْركُونَ بعصيتهم للنَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم أَمر يَوْم أحد طَائِفَة من الْمُسلمين فَقَالَ: كونُوا مسلحة للنَّاس بِمَنْزِلَة أَمرهم أَن يثبتوا بهَا وَأمرهمْ أَن لَا يبرحوا مكانهم حَتَّى يَأْذَن لَهُم

فَلَمَّا لَقِي نَبِي الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد أَبَا سُفْيَان وَمن مَعَه من الْمُشْركين هَزَمَهُمْ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رأى المسلحة أَن الله هزم الْمُشْركين انْطلق بَعضهم يتنادون الْغَنِيمَة الْغَنِيمَة

لَا تفتكم وَثَبت بَعضهم مكانهم وَقَالُوا لَا نريم موضعنا حَتَّى يَأْذَن لنا نَبِي الله صلى الله عليه وسلم

فَفِي ذَلِك نزل {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} فَكَانَ ابْن مَسْعُود يَقُول: مَا شَعرت أَن أحدا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا وعرضها حَتَّى كَانَ يَوْم أحد

ص: 348

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما هزم الله الْمُشْركين يَوْم أحد قَالَ الرُّمَاة: أدركوا النَّاس وَنَبِي الله صلى الله عليه وسلم لَا يسبقونا إِلَى الْغَنَائِم فَتكون لَهُم دونكم

وَقَالَ بَعضهم: لَا نريم حَتَّى يَأْذَن لنا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَنزلت {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} قَالَ ابْن جريج: قَالَ ابْن مَسْعُود: مَا علمنَا أَن أحدا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا وعرضها حَتَّى كَانَ يَوْمئِذٍ

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا كنت أرى أَن أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُرِيد الدُّنْيَا حَتَّى نزلت فِينَا يَوْم أحد {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة}

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {ثمَّ صرفكم عَنْهُم} قَالَ: صرف الْقَوْم عَنْهُم فَقتل من الْمُسلمين بعدة من أَسرُّوا يَوْم بدر وَقتل عَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكسرت رباعيته وشج فِي وَجهه فَقَالُوا: أَلَيْسَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعدنا النَّصْر فَأنْزل الله {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} إِلَى قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم}

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم} قَالَ: يَقُول الله: قد عَفَوْت عَنْكُم إِذْ عصيتموني أَن لَا أكون استأصلتكم ثمَّ يَقُول الْحسن: هَؤُلَاءِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي سَبِيل الله غضاب لله يُقَاتلُون أَعدَاء الله نهوا عَن شَيْء فضيعوه فوَاللَّه مَا تركُوا حَتَّى غموا بِهَذَا الْغم قتل مِنْهُم سَبْعُونَ وَقتل عَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكسرت رباعيته وشج فِي وَجهه فأفسق الْفَاسِقين الْيَوْم يتجرأ على كل كَبِيرَة ويركب كل داهية ويسحب عَلَيْهَا ثِيَابه وَيَزْعُم أَن لَا بَأْس عَلَيْهِ فَسَوف يعلم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم} قَالَ: إِذْ لم يستأصلكم

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عُثْمَان بن موهب قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ: إِنِّي سَائِلك عَن شَيْء فَحَدثني أنْشدك بِحرْمَة هَذَا الْبَيْت

أتعلم أَن عُثْمَان بن عَفَّان فر يَوْم أحد قَالَ: نعم

قَالَ: فتعلمه تغيب عَن بدر فَلم يشهدها قَالَ: نعم

قَالَ: فتعلم أَنه تخلف عَن بيعَة الرضْوَان فَلم يشهدها قَالَ: نعم

فَكبر فَقَالَ ابْن عمر:

ص: 349

تعال لأخبرك ولأبين لَك عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ

أما فراره يَوْم أحد فاشهد أَن الله عَفا عَنهُ

وَأما تغيبه عَن بدر فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بنت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَت مَرِيضَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن لَك أجر رجل وسهمه

وَأما تغيبه عَن بيعَة الرضْوَان فَلَو كَانَ أحد أعز بِبَطن مَكَّة من عُثْمَان لبعثه مَكَانَهُ فَبعث عُثْمَان فَكَانَت بيعَة الرضْوَان بَعْدَمَا ذهب عُثْمَان إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَضرب بهَا على يَده فَقَالَ هَذِه يَد عُثْمَان اذْهَبْ بهَا الْآن مَعَك

الْآيَة 153

ص: 350

أخرج ابْن جرير عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَرَأَ {تصعدون} بِفَتْح التَّاء وَالْعين

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {تصعدون} بِرَفْع التَّاء وَكسر الْعين

وَأخرج ابْن جرير عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي كَعْب إِذْ تصعدون فِي الْوَادي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ تصعدون} قَالَ: صعدوا فِي أحد فِرَارًا يَدعُوهُم فِي اخراهم: إِلَيّ عباد الله ارْجعُوا إليّ عباد الله ارْجعُوا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد وَانْهَزَمَ النَّاس صعدوا الْجَبَل وَالرَّسُول يَدعُوهُم فِي أخراهم فَقَالَ الله {إِذْ تصعدون وَلَا تلوون على أحد وَالرَّسُول يدعوكم فِي أخراكم}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {إِذْ تصعدون} الْآيَة

قَالَ: فروا منهزمين فِي شعب شَدِيد لَا يلوون على أحد وَالرَّسُول يَدعُوهُم فِي أخراهم: إليّ عباد الله إليّ عباد الله

وَلَا يلوي عَلَيْهِ أحد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِذْ تصعدون} الْآيَة

قَالَ: ذاكم يَوْم أحد صعدوا فِي الْوَادي فِرَارًا وَنَبِي الله صلى الله عليه وسلم يَدعُوهُم فِي اخراهم: إِلَيّ عباد الله إليّ عباد الله

ص: 350

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ تصعدون وَلَا تلوون على أحد وَالرَّسُول يدعوكم فِي أخراكم} فَرَجَعُوا وَقَالُوا: وَالله لنأتينهم ثمَّ لنقتلهم

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا فَإِنَّمَا أَصَابَكُم الَّذِي أَصَابَكُم من أجل أَنكُمْ عصيتموني فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ أَتَاهُم الْقَوْم وَقد أيسوا وَقد اخترطوا سيوفهم {فأثابكم غماً بغمٍّ} فَكَانَ غمُّ الْهَزِيمَة وغمُّهم حِين أتوهم {لكيلا تحزنوا على مَا فاتكم} من الْغَنِيمَة {وَمَا أَصَابَكُم} من الْقَتْل والجراحة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف {فأثابكم غما بغم} قَالَ: الْغم الأول بِسَبَب الْهَزِيمَة وَالثَّانِي حِين قيل قتل مُحَمَّد

وَكَانَ ذَلِك عِنْدهم أعظم من الْهَزِيمَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فأثابكم غماً بغم} قَالَ: فرة بعد الفرة الأولى حِين سمعُوا الصَّوْت أَن مُحَمَّدًا قد قتل فَرجع الْكفَّار فضربوهم مُدبرين حَتَّى قتلوا مِنْهُم سبعين رجلا ثمَّ انحازوا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَجعلُوا يصعدون فِي الْجَبَل وَالرَّسُول يَدعُوهُم فِي أخراهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فأثابكم غماً بغم} قَالَ: الْغم الأوّل الْجراح وَالْقَتْل وَالْغَم الآخر حِين سمعُوا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد قتل

فأنساهم الْغم الآخر مَا أَصَابَهُم من الْجراح وَالْقَتْل وَمَا كَانُوا يرجون من الْغَنِيمَة

وَذَلِكَ قَوْله {لكيلا تحزنوا على مَا فاتكم وَلَا مَا أَصَابَكُم}

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع

مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمئِذٍ يَدْعُو النَّاس حَتَّى انْتهى إِلَى أَصْحَاب الصَّخْرَة فَلَمَّا رَأَوْهُ وضع رجل سَهْما فِي قوسه فَأَرَادَ أَن يرميه فَقَالَ: أَنا رَسُول الله

فَفَرِحُوا بذلك حِين وجدوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَيا وَفَرح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين رأى أَن فِي أَصْحَابه من يمْتَنع

فَلَمَّا اجْتَمعُوا وَفِيهِمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين ذهب عَنْهُم الْحزن فَأَقْبَلُوا يذكرُونَ الْفَتْح وَمَا فاتهم مِنْهُ ويذكرون أَصْحَابهم الَّذين قتلوا فَأقبل أَبُو سُفْيَان حَتَّى أشرف عَلَيْهِم فَلَمَّا نظرُوا إِلَيْهِ نسوا ذَلِك الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ وهمهم أَبُو سُفْيَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَهُم أَن يعلونا اللَّهُمَّ إِن تقتل هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد

ثمَّ ندب أَصْحَابه فَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أنزلوهم فَذَلِك قَوْله {فأثابكم غماً بغم} الْغم الأوّل مَا فاتهم من الْغَنِيمَة

ص: 351

وَالْفَتْح وَالْغَم الثَّانِي اشراف العدوّ عَلَيْهِم {لكيلا تحزنوا على مَا فاتكم} من الْغَنِيمَة {وَلَا مَا أَصَابَكُم} من الْقَتْل حِين تذكرُونَ فشغلهم أَبُو سُفْيَان

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: أصَاب النَّاس حزن وغم على مَا أَصَابَهُم فِي أَصْحَابهم الَّذين قتلوا فَلَمَّا تولجوا فِي الشّعب وقف أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه بِبَاب الشّعب فَظن الْمُؤْمِنُونَ أَنهم سَوف يميلون عَلَيْهِم فيقتلونهم أَيْضا فَأَصَابَهُمْ حزن من ذَلِك أنساهم حزنهمْ فِي أَصْحَابهم

فَذَلِك قَوْله سُبْحَانَهُ {فأثابكم غماً بغم}

الْآيَة 154

ص: 352

أخرج ابْن جرير عَن السّديّ

أَن الْمُشْركين انصرفوا يَوْم أحد بعد الَّذِي كَانَ من أَمرهم وَأمر الْمُسلمين فواعدوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَدْرًا من قَابل فَقَالَ لَهُم: نعم

فتخوّف الْمُسلمُونَ أَن ينزلُوا الْمَدِينَة فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فَقَالَ: انْظُر فَإِن رَأَيْتهمْ قد قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم فَإِن الْقَوْم ذاهبون

وَإِن رَأَيْتهمْ قد قعدوا على خيولهم وجنبوا على أثقالهم فَإِن الْقَوْم ينزلون الْمَدِينَة

فَاتَّقُوا الله واصبروا ووطنهم على الْقِتَال

فَلَمَّا أبصرهم الرَّسُول قعدوا على الأثقال سرَاعًا عجالاً نَادَى بِأَعْلَى صَوته بذهابهم فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك صدقُوا نَبِي الله صلى الله عليه وسلم فَنَامُوا وَبَقِي أنَاس من الْمُنَافِقين يظنون أَن الْقَوْم يأتونهم فَقَالَ الله يذكر حِين أخْبرهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً يغشى طَائِفَة مِنْكُم وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أَمنهم الله يَوْمئِذٍ بنعاس غشاهم وَإِنَّمَا يَنْعس من يَأْمَن

ص: 352

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: سَأَلت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن قَول الله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} قَالَ: ألقِي علينا النّوم يَوْم أحد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن أنس أَن أَبَا طَلْحَة قَالَ: غشينا وَنحن فِي مَصَافنَا يَوْم أحد حدث أَنه كَانَ مِمَّن غشيه النعاس يَوْمئِذٍ قَالَ: فَجعل سَيفي يسْقط من يَدي وَآخذه وَيسْقط وَآخذه

فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً يغشى طَائِفَة مِنْكُم} والطائفة الْأُخْرَى المُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُم هم إِلَّا أنفسهم أجبن قوم وأرعبه

وأخذله للحق يظنون بِاللَّه غير الْحق ظن الْجَاهِلِيَّة كذبهمْ إِنَّمَا هم أهل شكّ وريبة فِي الله

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن الزبير ابْن العوّام قَالَ: رفعت رَأْسِي يَوْم أحد فَجعلت أنظر وَمَا مِنْهُم من أحد إِلَّا وَهُوَ مميد تَحت حجفته من النعاس

فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} وتلا هَذِه الْآيَة {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً}

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزبير ابْن العوّام قَالَ: رفعت رَأْسِي يَوْم أحد فَجعلت أنظر وَمَا مِنْهُم أحد إِلَّا وَهُوَ مميد تَحت حجفته من النعاس

وتلا هَذِه الْآيَة {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} الْآيَة

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزبير قَالَ: لقد رَأَيْتنِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين اشْتَدَّ الْخَوْف علينا أرسل الله علينا النّوم فَمَا منا من رجل إِلَّا ذقنه فِي صَدره فوَاللَّه إِنِّي لأسْمع قَول معتب بن قُشَيْر مَا أسمعهُ إِلَّا كَالْحلمِ {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا}

ص: 353

فحفظتها مِنْهُ وَفِي ذَلِك أنزل الله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} إِلَى قَوْله {مَا قتلنَا هَا هُنَا} لقَوْل معتب بن قُشَيْر

وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَرَأَ فِي آل عمرَان ((أَمَنَة نعاسا تغشى)) بِالتَّاءِ

وأخرح عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ النعاس عِنْد الْقِتَال أَمَنَة من الله وَالنُّعَاس فِي الصَّلَاة من الشَّيْطَان

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: إِن الْمُنَافِقين قَالُوا لعبد الله بن أبي - وَكَانَ سيد الْمُنَافِقين - فِي أنفسهم قتل الْيَوْم بَنو الْخَزْرَج

فَقَالَ: وَهل لنا من الْأَمر شَيْء أما وَالله (لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل)(المُنَافِقُونَ الْآيَة 8) وَقَالَ {لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل}

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع فِي قَوْله {ظن الْجَاهِلِيَّة} قَالَا: ظن أهل الشّرك

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ معتب: الَّذِي قَالَ يَوْم أحد {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا} فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْله {وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بِاللَّه} إِلَى أخر الْقِصَّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {يخفون فِي أنفسهم مَا لَا يبدون لَك} كَانَ مِمَّا أخفوا فِي أنفسهم أَن قَالُوا {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: لما قتل من قتل من أَصْحَاب مُحَمَّد أَتَوْ عبد الله بن أبي فَقَالُوا لَهُ: مَا ترى فَقَالَ: إِنَّا - وَالله - مَا نؤامر {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا}

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {قل لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل إِلَى مضاجعهم} قَالَ: كتب الله على الْمُؤمنِينَ أَن يقاتلوا فِي سَبيله وَلَيْسَ كل من يُقَاتل يقتل وَلَكِن يقتل من كتب الله عَلَيْهِ الْقَتْل

الْآيَة 155

ص: 354

أخرج ابْن جرير عَن كُلَيْب قَالَ: خطب عمر يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ آل عمرَان وَكَانَ يُعجبهُ إِذا خطب أَن يَقْرَأها فَلَمَّا انْتهى إِلَى قَوْله {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد هَزَمْنَا ففررت حَتَّى صعدت الْجَبَل فَلَقَد رَأَيْتنِي أنزو كأنني أروى (أروى: ضَأْن الْجَبَل ضد الماعز) وَالنَّاس يَقُولُونَ: قتل مُحَمَّد فَقلت: لَا أجد أحد يَقُول قتل مُحَمَّد إِلَّا قتلته حَتَّى اجْتَمَعنَا على الْجَبَل

فَنزلت {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} الْآيَة

كلهَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: هم ثَلَاثَة

وَاحِد من الْمُهَاجِرين وَاثْنَانِ من الْأَنْصَار

وأخرح ابْن مَنْدَه فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} الْآيَة

نزلت فِي عُثْمَان وَرَافِع بن الْمُعَلَّى وحارثة بن زيد

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: نزلت فِي رَافع بن الْمُعَلَّى وَغَيره من الْأَنْصَار وَأبي حُذَيْفَة بن عتبَة وَرجل آخر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {أَن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: عُثْمَان والوليد بن عقبَة وخارجة بن زيد وَرِفَاعَة بن مُعلى

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الَّذين ولوا الدبر يَوْمئِذٍ: عُثْمَان بن عَفَّان وَسعد بن عُثْمَان وَعقبَة بن عُثْمَان أَخَوان من الْأَنْصَار من بني زُرَيْق

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن اسحق {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} فلَان وَسعد بن عُثْمَان وَعقبَة بن عُثْمَان الأنصاريان ثمَّ الزرقيان

وَقد كَانَ النَّاس انْهَزمُوا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتهى بَعضهم إِلَى المنقى دون الأغوص وفر عقبَة بن عَفَّان وَسعد بن عُثْمَان حَتَّى بلغُوا الجلعب - جبل

ص: 355

بِنَاحِيَة الْمَدِينَة مِمَّا يَلِي الأغوص - فأقاموا بِهِ ثَلَاثًا ثمَّ رجعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فزعموا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لقد ذهبتم فِيهَا عريضة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} ذَلِك يَوْم أحد نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم توَلّوا عَن الْقِتَال وَعَن نَبِي الله يَوْمئِذٍ وَكَانَ ذَلِك من أَمر الشَّيْطَان وتخويفه فَأنْزل الله مَا تَسْمَعُونَ أَنه قد تجَاوز لَهُم عَن ذَلِك وَعَفا عَنْهُم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم} يَعْنِي انصرفوا عَن الْقِتَال منهزمين {يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} يَوْم أحد حِين التقى الْجَمْعَانِ: جمع الْمُسلمين وَجمع الْمُشْركين فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَقِي فِي ثَمَانِيَة عشر رجلا {إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا} يَعْنِي حِين تركُوا المركز وعصوا أَمر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم حِين قَالَ للرماة يَوْم أحد لَا تَبْرَحُوا مَكَانكُمْ فَترك بَعضهم المركز {وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم} حِين لم يعاقبهم فيستأصلهم جَمِيعًا {إِن الله غَفُور حَلِيم} فَلم يَجْعَل لمن انهزم يَوْم أحد بعد قتال بدر النَّار كَمَا جعل يَوْم بدر

فَهَذِهِ رخصَة بعد التَّشْدِيد

وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن شَقِيق قَالَ: لَقِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْوَلِيد بن عقبَة فَقَالَ لَهُ الْوَلِيد: مَا لي أَرَاك جفوت أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن: أخبرهُ أَنِّي لم أفر يَوْم عينين يَقُول يَوْم أحد وَلم أَتَخَلَّف عَن بدر وَلم أترك سنة عمر فَانْطَلق فخبر بذلك عُثْمَان فَقَالَ: أما قَوْله أَنِّي لم أفر يَوْم عينين فَكيف يعيرني بذلك وَقد عَفا الله عني فَقَالَ {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم}

وَأما قَوْله: إِنِّي تخلفت يَوْم بدر فَإِنِّي كنت أمرض رقية بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَت وَقد ضرب لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِسَهْم وَمن ضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِسَهْم فقد شهد

وَأما قَوْله: إِنِّي لم أترك سنة عمر فَإِنِّي لَا أطيقها وَلَا هُوَ فَأَتَاهُ فحدثه بذلك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن رَجَاء بن أبي سَلمَة قَالَ: الْحلم ارْفَعْ من الْعقل لِأَن الله عز وجل تسمى بِهِ

ص: 356

الْآيَات 156 - 158

ص: 357

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالُوا لإخوانهم إِذا ضربوا فِي الأَرْض} الْآيَة

قَالَ: هَذَا قَول عبد الله بن أُبي بن سلول وَالْمُنَافِقِينَ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا تَكُونُوا كَالَّذِين كفرُوا وَقَالُوا لإخوانهم} الْآيَة

قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ أَصْحَاب عبد الله بن أبي {إِذا ضربوا فِي الأَرْض} وَهِي التِّجَارَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {لَو كَانُوا عندنَا مَا مَاتُوا وَمَا قتلوا} قَالَ: هَذَا قَول الْكفَّار إِذا مَاتَ الرجل يَقُولُونَ: لَو كَانَ عندنَا مَا مَاتَ فَلَا تَقولُوا كَمَا قَالَ الْكفَّار

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ليجعل الله ذَلِك حسرة فِي قُلُوبهم} قَالَ: يحزنهم قَوْلهم لَا يَنْفَعهُمْ شَيْئا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن اسحق {ليجعل الله ذَلِك حسرة فِي قُلُوبهم} لقلَّة الْيَقِين برَبهمْ {وَالله يحيي وَيُمِيت} أَي يُعَجِّلُ مَا يَشَاء وَيُؤَخر مَا يَشَاء من آجالهم بقدرته {وَلَئِن قتلتم فِي سَبِيل الله} الْآيَة

أَي إِن الْمَوْت كَائِن لَا بُد مِنْهُ فموت فِي سَبِيل الله أَو قتل {خير} لَو علمُوا وَاتَّقوا {مِمَّا يجمعُونَ} من الدُّنْيَا الَّتِي لَهَا يتأخرون عَن الْجِهَاد تخوف الْمَوْت وَالْقَتْل لما جمعُوا من زهيد الدُّنْيَا زهادة فِي الْآخِرَة {وَلَئِن متم أَو قتلتم لإلى الله تحشرون} أَي ذَلِك كَائِن إِذْ إِلَى الله الْمرجع فَلَا تَغُرَنَّكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا تغتروا بهَا وَليكن الْجِهَاد وَمَا رغبكم الله فِيهِ مِنْهُ آثر عنْدكُمْ مِنْهَا

ص: 357

وَأخرج عبد بن حميد عَن العمش أَنه قَرَأَ {متم} و (إِذا متْنا)

كل شَيْء فِي الْقُرْآن بِكَسْر الْمِيم

الْآيَة 159

ص: 358

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فبمَا رَحْمَة من الله} يَقُول: فبرحمة من الله {لنت لَهُم وَلَو كنت فظّاً غليظ الْقلب لانفضوا من حولك} أَي وَالله طهره من الفظاظة والغلظة وَجعله قَرِيبا رحِيما رؤوفاً بِالْمُؤْمِنِينَ

وَذكر لنا أَن نعت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخوب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يجزىء بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هَذَا خلق مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نَعته الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لانفضوا من حولك} قَالَ: لانصرفوا عَنْك

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن عدي بِسَنَد فِيهِ مَتْرُوك عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله أَمرنِي بمداراة النَّاس كَمَا أَمرنِي بِإِقَامَة الْفَرَائِض

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن فِي قَوْله {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ: قد علم الله أَنه مَا بِهِ إِلَيْهِم من حَاجَة وَلَكِن أَرَادَ أَن يستن بِهِ من بعده

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ: أَمر الله نبيه أَن يشاور أَصْحَابه فِي الْأُمُور وَهُوَ يَأْتِيهِ وَحي السَّمَاء لِأَنَّهُ أطيب لأنفس الْقَوْم وَإِن الْقَوْم إِذا شاور بَعضهم بَعْضًا وَأَرَادُوا بذلك وَجه الله عزم لَهُم على رشده

ص: 358

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: مَا أَمر الله نبيه بالمشاورة إِلَّا لما علم مَا فِيهَا من الْفضل وَالْبركَة

قَالَ سُفْيَان: وَبَلغنِي أَنَّهَا نصف الْعقل

وَكَانَ عمربن الْخطاب يشاور حَتَّى الْمَرْأَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: مَا شاور قوم قطّ إِلَّا هُدُوا لأَرْشَد أُمُورهم

وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أما ان الله وَرَسُوله لَغَنِيَّانِ عَنْهَا وَلَكِن جعلهَا الله رَحْمَة لأمتي فَمن اسْتَشَارَ مِنْهُم لم يعْدم رشدا وَمن تَركهَا لم يعْدم غياً

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا خَابَ من استخار وَلَا نَدم من اسْتَشَارَ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر

وَأخرج من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي بكر وَعمر

وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي بكر وَعمر: لَو اجتمعتما فِي مشورة مَا خالفتكما

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا من النَّاس أَكثر مشورة لأَصْحَابه من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن ابْن عَمْرو قَالَ: كتب أَبُو بكر الصّديق إِلَى عَمْرو: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يشاور فِي الْحَرْب فَعَلَيْك بِهِ

وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لم كنت مستخلفاً أحدا عَن غير مشورة لاستخلفت ابْن أم عبد

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ وشاورهم فِي بعض الْأَمر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِذا عزمت فتوكل على الله} قَالَ: أَمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إِذا عزم على أَمر أَن يمْضِي فِيهِ ويستقيم على أَمر الله ويتوكل على الله

ص: 359

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن زيد وَأبي نهيك أَنَّهُمَا قرآ فَإِذا عزمت يَا مُحَمَّد على أَمر فتوكل على الله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْعَزْم فَقَالَ: مُشَاورَة أهل الرَّأْي ثمَّ أتباعهم

وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحباب بن الْمُنْذر قَالَ أَشرت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم بدر بخصلتين فقبلهما مني

خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَعَسْكَرَ خلف المَاء فَقلت يَا رَسُول الله أبوحي فعلت أَو بِرَأْي قَالَ: بِرَأْي يَا حباب

قلت: فَإِن الرَّأْي أَن تجْعَل المَاء خَلفك فَإِن لجأت لجأت إِلَيْهِ فَقبل ذَلِك مني

قَالَ: وَنزل جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَي الْأَمريْنِ أحب إِلَيْك تكون فِي دنياك مَعَ أَصْحَابك أَو ترد على رَبك فِيمَا وَعدك من جنَّات النَّعيم فَاسْتَشَارَ أَصْحَابه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله تكون مَعنا أحب إِلَيْنَا وتخبرنا بعورات عدونا وَتَدْعُو الله لينصرنا عَلَيْهِم وتخبرنا من خبر السَّمَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا لَك لَا تَتَكَلَّم يَا حباب فَقلت: يَا رَسُول الله اختر حَيْثُ اخْتَار لَك رَبك

فَقبل ذَلِك مني قَالَ الذَّهَبِيّ: حَدِيث مُنكر

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نزل منزلا يَوْم بدر فَقَالَ الْحباب بن الْمُنْذر: لَيْسَ هَذَا بمنزل انْطلق بِنَا إِلَى أدنى مَاء إِلَى الْقَوْم ثمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حوضاً ونقذف فِيهِ الْآنِية فنشرب ونقاتل ونغور مَا سواهَا من الْقلب

فَنزل جِبْرِيل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الرَّأْي مَا أَشَارَ بِهِ الْحباب بن الْمُنْذر

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا حباب أَشرت بِالرَّأْيِ فَنَهَضَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَفعل ذَلِك

وَأخرج ابْن سعد بن يحيى بن سعيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اسْتَشَارَ النَّاس يَوْم بدر فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ: نَحن أهل الْحَرْب أرى أَن تغور الْمِيَاه إِلَّا مَاء وَاحِدًا نلقاهم عَلَيْهِ

قَالَ: واستشارهم يَوْم قُرَيْظَة وَالنضير فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ: أرى أَن ننزل بَين الْقُصُور فنقطع خبر هَؤُلَاءِ عَن هَؤُلَاءِ وَخبر هَؤُلَاءِ عَن هَؤُلَاءِ فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بقوله

الْآيَة 160

ص: 360

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن اسحق فِي الْآيَة قَالَ: أَي أَن ينصرك الله فَلَا غَالب لَك من النَّاس لن يَضرك خذلان من خذلك وَإِن يخذلك فَلَنْ يَضرك النَّاس {فَمن ذَا الَّذِي ينصركم من بعده} أَي لَا تتْرك أَمْرِي للنَّاس وَارْفض النَّاس لأمري {وعَلى الله} لَا على النَّاس {فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ}

الْآيَات 161 - 163

ص: 361

أخرج أَبُو دَاوُد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} فِي قطيفة حَمْرَاء افتقدت يَوْم بدر فَقَالَ بعض النَّاس: لَعَلَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَخذهَا

فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل}

وَأخرج ابْن جرير عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ ابْن مَسْعُود يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: بلَى

وَيقتل إِنَّمَا كَانَت فِي قطيفة قَالُوا: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غلها يَوْم بدر

فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} فِي قطيفة حَمْرَاء فقدت يَوْم بدر من الْغَنِيمَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَيْشًا فَردَّتْ رايته ثمَّ بعث فَردَّتْ بغلول رَأس غزالة من ذهب

فَنزلت {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل}

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: مَا كَانَ للنَّبِي أَن يتهمه أَصْحَابه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فقدت قطيفة حَمْرَاء يَوْم بدر مِمَّا أُصِيب من الْمُشْركين فَقَالَ بعض النَّاس: لَعَلَّ النَّبِي

ص: 361

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذهَا

فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: خصيف فَقلت لسَعِيد بن جُبَير {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} يَقُول: ليخان قَالَ: بل يغل فقد كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالله يغل وَيقتل أَيْضا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} بِنصب الْيَاء وَرفع الْغَيْن

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَأبي رَجَاء وَمُجاهد وَعِكْرِمَة

مثله

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} بِفَتْح الْيَاء

وَأخرج ابْن منيع فِي مُسْنده عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس أَن ابْن مَسْعُود يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} يَعْنِي بِفَتْح الْغَيْن فَقَالَ لي: قد كَانَ لَهُ أَن يغل وَأَن يقتل إِنَّمَا هِيَ {أَن يغل} يَعْنِي بِضَم الْغَيْن

مَا كَانَ الله ليجعل نَبيا غالاً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: أَن يقسم لطائفة من الْمُسلمين وَيتْرك طَائِفَة ويجور فِي الْقِسْمَة وَلَكِن يقسم بِالْعَدْلِ وَيَأْخُذ فِيهِ بِأَمْر الله وَيحكم فِيهِ بِمَا أنزل الله يَقُول: مَا كَانَ الله ليجعل نَبيا يغل من أَصْحَابه فَإِذا فعل ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم استسنوا بِهِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق سَلمَة بن نبيط عَن الضَّحَّاك قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم طلائع فغنم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فقسم بَين النَّاس وَلم يقسم للطلائع شَيْئا فَلَمَّا قدمت الطَّلَائِع فَقَالُوا: قسم الْفَيْء وَلم يقسم لنا فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: أَن يقسم لطائفة وَلَا يقسم لطائفة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ أَن يخون

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} بِنصب الْغَيْن قَالَ: أَن يخان

ص: 362

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} يَقُول: مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغله أَصْحَابه الَّذين مَعَه

وَذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم بدر وَقد غل طوائف من أَصْحَابه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي تَارِيخه عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يُنكر على من يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} وَيَقُول: كَيفَ لَا يكون لَهُ أَن يغل وَقد كَانَ لَهُ أَن يقتل قَالَ الله (ويقتلُون الْأَنْبِيَاء بِغَيْر حق)(الْبَقَرَة الْآيَة 61) وَلَكِن الْمُنَافِقين اتهموا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي شَيْء من الْغَنِيمَة فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن رجلا توفّي يَوْم حنين فَذكرُوا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: صلوا عَلَيْهِ

فتغيرت وُجُوه النَّاس لذَلِك فَقَالَ: إِن صَاحبكُم غل فِي سَبِيل الله ففتشنا مَتَاعه فَوَجَدنَا خرزاً من خرز الْيَهُود لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أصَاب غنيمَة أَمر بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّار فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجَاء رجل بعد ذَلِك بزمام شعر فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذَا فِيمَا كُنَّا أصبناه من الْغَنِيمَة فَقَالَ: أسمعت بِلَالًا ثَلَاثًا قَالَ: نعم

قَالَ: فا مَنعك أَن تَجِيء بِهِ قَالَ: يَا رَسُول الله أعْتَذر

قَالَ: كن أَنْت تَجِيء بِهِ يَوْم الْقِيَامَة فَلَنْ أقبله عَنْك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن صَالح بن مُحَمَّد بن زَائِدَة قَالَ: دخل مسلمة أَرض الرّوم فَأتي بِرَجُل قد غل فَسَأَلَ سالما عَنهُ فَقَالَ: سَمِعت أبي يحدث عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا وجدْتُم الرجل قد غل فاحرقوا مَتَاعه واضربوه

قَالَ: فَوَجَدنَا فِي مَتَاعه مُصحفا فَسئلَ سَالم عَنهُ فَقَالَ: بِعْهُ وَتصدق بِثمنِهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ أَخْبرنِي من سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بوادي الْقرى وجاءه رجل فَقَالَ: اسْتشْهد مَوْلَاك فلَان

قَالَ: بل هُوَ الْآن يُجَرُّ إِلَى النَّار فِي عباءة غلَّ بهَا الله وَرَسُوله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ عَليّ ثقل النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجل يُقَال لَهُ كركرة فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هُوَ فِي النَّار

فَذَهَبُوا ينظرُونَ فوجدوا عَلَيْهِ عباءة قد غلها

ص: 363

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس بن مَالك قَالَ قيل يَا رَسُول الله اسْتشْهد مَوْلَاك فلَان قَالَ: كلا

إِنِّي رَأَيْت عَلَيْهِ عباءة قد غلها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أهْدى رِفَاعَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غُلَاما فَخرج بِهِ مَعَه إِلَى خَيْبَر فَنزل بَين الْعَصْر وَالْمغْرب فَأتى الْغُلَام سهم غائر فَقتله

فَقُلْنَا هَنِيئًا لَك الْجنَّة فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن شملته لُتحْرَقَ عَلَيْهِ الْآن فِي النَّار غلها من الْمُسلمين

فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله أصبت يَوْمئِذٍ شراكين فَقَالَ: يقدمنك مثلهمَا من نَار جَهَنَّم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن سَالم قَالَ: كَانَ أَصْحَابنَا يَقُولُونَ: عُقُوبَة صَاحب الْغلُول أَن يحرق فسطاطه ومتاعه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن كثير بن عبد الله عَن أَبِيه عَن جده

أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا إِسْلَال وَلَا غلُول {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة}

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيمن فَلَمَّا سرت أرسل فِي أثري فَرددت فَقَالَ: أَتَدْرِي لمَ بعثت إِلَيْك لَا تصيبن شَيْئا بِغَيْر إذني فَإِنَّهُ غلُول {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} لهَذَا دعوتك فامضِ لذَلِك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا غنم مغنماً بعث مناديه يَقُول: أَلا لَا يغلن رجل مخيطاً فَمَا فَوْقه أَلا لَا أَعرفن رجلا يغل بَعِيرًا يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة حامله على عُنُقه لَهُ رُغَاء أَلا لَا أَعرفن رجلا يغل فرسا يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة حامله على عُنُقه لَهُ حَمْحَمَة أَلا لَا أَعرفن رجلا يغل شَاة يَأْتِي بهَا يَوْم الْقِيَامَة حاملها على عُنُقه لَهَا ثُغَاء يتتبع من ذَلِك مَا شَاءَ الله أَن يتتبع

ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: اجتنبوا الْغلُول فَإِنَّهُ عَار وشنار ونار

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَذكر الْغلُول فَعَظمهُ وَعظم أمره ثمَّ قَالَ: أَلا لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته بعير لَهُ رُغَاء يَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك

ص: 364

من الله شَيْئا قد أبلغتك لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته فرس لَهَا حَمْحَمَة فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد أبلغتك لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته رقاع تخفق فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد أبلغتك

لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته صَامت فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد أبلغتك

وَأخرج هناد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ لَهُ: أَرَأَيْت قَول الله {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} هَذَا يغل ألف دِرْهَم وَألْفي دِرْهَم يَأْتِي بهَا أَرَأَيْت من يغل مائَة بعير ومائتي بعير كَيفَ يصنع بهَا قَالَ: أَرَأَيْت من كَانَ ضرسه مثل أحد وَفَخذه مثل ورقان وَسَاقه مثل بَيْضَاء ومجلسه مَا بَين الربذَة إِلَى الْمَدِينَة أَلا يحمل هَذَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الْحجر ليزن سبع خلفات ليلقى فِي جَهَنَّم فيهوى فِيهَا سبعين خَرِيفًا وَيُؤْتى بالغلول فَيلقى مَعَه ثمَّ يُكَلف صَاحبه أَن يَأْتِي بِهِ وَهُوَ قَول الله {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن عدي بن عميرَة الْكِنْدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أَيهَا النَّاس من عمل مِنْكُم لنا فِي عمل فكتمنا مِنْهُ مخيطاً فَمَا فَوْقه فَهُوَ غل - وَفِي لفظ - فَإِنَّهُ غلُول يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن أنيس

أَنه تَذَاكر هُوَ وَعمر يَوْمًا الصَّدَقَة فَقَالَ: ألم تسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين ذكر غلُول الصَّدَقَة من غل مِنْهَا بَعِيرًا أَو شَاة فَإِنَّهُ يحملهُ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ عبد الله بن أنيس: بلَى

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} يَعْنِي يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ على عُنُقه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لَو كنت مستحلاً من الْغلُول الْقَلِيل لاستحللت مِنْهُ الْكثير مَا من أحد يغل غلولاً إِلَّا كلف أَن يَأْتِي بِهِ من أَسْفَل دَرك جَهَنَّم

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن خمير بن مَالك قَالَ: لما أَمر بالمصاحف أَن تغير فَقَالَ ابْن مَسْعُود: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يغل مصحفه فليغله فَإِنَّهُ من غل شَيْئا جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَنعم الغل الْمُصحف يَأْتِي بِهِ أحدكُم يَوْم الْقِيَامَة

ص: 365

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} يَعْنِي رضَا الله فَلم يغلل من الْغَنِيمَة {كمن بَاء بسخط من الله} يَعْنِي كمن استجوب سخطاً من الله فِي الْغلُول فَلَيْسَ هُوَ بِسَوَاء ثمَّ بَين مستقرهما فَقَالَ للَّذي يغل {ومأواه جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير} يَعْنِي مصير أهل الْغلُول ثمَّ ذكر مُسْتَقر من لَا يغل فَقَالَ {هم دَرَجَات} يَعْنِي فَضَائِل {عِنْد الله وَالله بَصِير بِمَا يعْملُونَ} يَعْنِي بَصِير بِمن غل مِنْكُم وَمن لم يغل

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} قَالَ: من لم يغل {كمن بَاء بسخط من الله} كمن غل

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} قَالَ: أَمر الله فِي أَدَاء الْخمس {كمن بَاء بسخط من الله} فاستوجب سخطاً من الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} قَالَ: من أدّى الْخمس

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} يَقُول: من أَخذ الْحَلَال خير لَهُ مِمَّن أَخذ الْحَرَام وَهَذَا فِي الْغلُول وَفِي الْمَظَالِم كلهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {هم دَرَجَات عِنْد الله} يَقُول: بأعمالهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {هم دَرَجَات عِنْد الله} قَالَ: هِيَ كَقَوْلِه (لَهُم دَرَجَات عِنْد الله)(الْأَنْفَال الْآيَة 4)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {هم دَرَجَات} يَقُول: لَهُم دَرَجَات

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {هم دَرَجَات} قَالَ: للنَّاس دَرَجَات بأعمالهم فِي الْخَيْر وَالشَّر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {هم دَرَجَات عِنْد الله} قَالَ: أهل الْجنَّة بَعضهم فَوق بعض فَيرى الَّذِي فاق فَضله على الَّذِي أَسْفَل مِنْهُ وَلَا يرى الَّذِي أَسْفَل مِنْهُ أَنه فضل عَلَيْهِ أحد

ص: 366

الْآيَة 164

ص: 367

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة فِي هَذِه الْآيَة {لقد منّ الله على الْمُؤمنِينَ إِذْ بعث فيهم رَسُولا من أنفسهم} قَالَت: هَذِه للْعَرَب خَاصَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: منّ من الله عَظِيم من غير دَعْوَة وَلَا رَغْبَة من هَذِه الْأمة جعله الله رَحْمَة لَهُم يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور ويهديهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم بَعثه الله إِلَى قوم لَا يعلمُونَ فعلمهم وَإِلَى قوم لَا أدب لَهُم فأدبهم

الْآيَات 165 - 168

ص: 367

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة} الْآيَة

يَقُول: إِنَّكُم قد أصبْتُم من الْمُشْركين يَوْم بدر مثلي مَا أَصَابُوا مِنْكُم يَوْم أحد

ص: 367

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: قتل الْمُسلمُونَ من الْمُشْركين يَوْم بدر سبعين واسروا سبعين وَقتل الْمُشْركُونَ يَوْم أحد من الْمُسلمين سبعين

فَذَلِك قَوْله {قد أصبْتُم مثليها قُلْتُمْ أَنى هَذَا} وَنحن مُسلمُونَ نُقَاتِل غَضبا لله وَهَؤُلَاء مشركون {قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} عُقُوبَة لكم بمعصيتكم النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين قَالَ مَا قَالَ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: لما رَأَوْا من قتل مِنْهُم يَوْم أحد قَالُوا: من أَيْن هَذَا مَا كَانَ للْكفَّار أَن يقتلُوا منا فَلَمَّا رأى الله مَا قَالُوا من ذَلِك قَالَ الله: هم بالأسرى الَّذين أَخَذْتُم يَوْم بدر فردهم الله بذلك وَعجل لَهُم عُقُوبَة ذَلِك فِي الدُّنْيَا ليسلموا مِنْهَا فِي الْآخِرَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عليّ قَالَ جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله قد كره مَا صنع قَوْمك فِي أَخذهم الْأُسَارَى وَقد أَمرك أَن تخيرهم بَين أَمريْن

إِمَّا أَن يقدموا فَتضْرب أَعْنَاقهم وَبَين أَن يَأْخُذُوا الْفِدَاء على أَن يقتل مِنْهُم عدتهمْ فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس فَذكر ذَلِك لَهُم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله عشائرنا واخواننا نَأْخُذ فداءهم فنقوى بِهِ على قتال عدونا وَيسْتَشْهد منا بِعدَّتِهِمْ فَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا نكره

فَقتل مِنْهُم يَوْم أحد سَبْعُونَ رجلا عدَّة أُسَارَى أهل بدر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن وَابْن جريج {قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} عُقُوبَة لكم بمعصيتكم النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين قَالَ: لَا تتبعوهم يَوْم أحد فاتبعوهم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {قُلْتُمْ أَنى هَذَا} وَنحن مُسلمُونَ نُقَاتِل غَضبا لله وَهَؤُلَاء مشركون

فَقَالَ {قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} عُقُوبَة بمعصيتكم النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين قَالَ: لَا تتبعوهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها} قَالَ: أصيبوا يَوْم أحد قتل مِنْهُم سَبْعُونَ يَوْمئِذٍ وَأَصَابُوا مثليها يَوْم بدر قتلوا من الْمُشْركين سبعين وأسروا سبعين {قُلْتُمْ أَنى هَذَا قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَصْحَابه يَوْم أحد حِين قدم أَبُو سُفْيَان وَالْمُشْرِكُونَ: إِنَّا فِي جنَّة حَصِينَة - يَعْنِي بذلك الْمَدِينَة - فدعوا الْقَوْم يدخلُوا علينا نقاتلهم فَقَالَ لَهُ أنَاس من الْأَنْصَار: إِنَّا نكره أَن نقْتل فِي طرق الْمَدِينَة وَقد كُنَّا نمْنَع

ص: 368

من الْغَزْو فِي الْجَاهِلِيَّة فبالإسلام أَحَق أَن يمْتَنع مِنْهُ فأبرز بِنَا إِلَى الْقَوْم

فَانْطَلق فَلبس لأمته فتلاوم الْقَوْم فَقَالُوا: عرض نَبِي الله صلى الله عليه وسلم بِأَمْر وعرضتم بِغَيْرِهِ اذْهَبْ يَا حَمْزَة فَقل لَهُ امرنا لأمرك تبع

فَأتى حَمْزَة فَقَالَ لَهُ

فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يناجز وَإنَّهُ سَتَكُون فِيكُم مُصِيبَة

قَالُوا: يَا نَبِي الله خَاصَّة أَو عَامَّة قَالَ: سترونها

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق فِي قَوْله {وليعلم الْمُؤمنِينَ وليعلم الَّذين نافقوا} فَقَالَ: ليميز بَين الْمُؤمنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ {وَقيل لَهُم تَعَالَوْا قَاتلُوا} يَعْنِي عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو ادفعوا} قَالَ: كَثُرُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَإِن لم تقاتلوا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَازِم قَالَ: سَمِعت سهل بن سعيد يَقُول: لَو بِعْت دَاري فلحقت بثغر من ثغور الْمُسلمين فَكنت بَين الْمُسلمين وَبَين عدوّهم

فَقلت: كَيفَ وَقد ذهب بَصرك قَالَ: ألم تسمع إِلَى قَول الله {تَعَالَوْا قَاتلُوا فِي سَبِيل الله أَو ادفعوا} أسوّد مَعَ النَّاس فَفعل

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {أَو ادفعوا} قَالَ: كونُوا سواداً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عون الْأنْصَارِيّ فِي قَوْله {أَو ادفعوا} قَالَ: رابطوا

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن المنذرعن ابْن شهَاب وَغَيره قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أحد فِي ألف رجل من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالشّرطِ بَين أحد وَالْمَدينَة انْخَذَلَ عَنْهُم عبد الله بن أُبَيَّ بِثلث النَّاس وَقَالَ: أطاعهم وعصاني وَالله مَا نَدْرِي علام نقْتل أَنْفُسنَا هَهُنَا فَرجع بِمن اتبعهُ من أهل النِّفَاق وَأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عَمْرو بن حرَام من بني سَلمَة يَقُول: يَا قوم أذكركم الله أَن تخذلوا نَبِيكُم وقومكم عِنْدَمَا حضرهم عدوهم

قَالُوا: لَو نعلم أَنكُمْ تقاتلون مَا أسلمناكم وَلَكِن لَا نرى أَن يكون قتال

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَو نعلم قتالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ} قَالَ: لَو نعلم انا واجدون مَعكُمْ مَكَان قتال لَاتَّبَعْنَاكُمْ

ص: 369

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالُوا: {لَو نعلم قتالاً لأتَّبعناكم} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد فِي ألف رجل وَقد وعدهم الْفَتْح إِن صَبَرُوا فَلَمَّا خَرجُوا رَجَعَ عبد الله بن أبي فِي ثَلَاثمِائَة فَتَبِعهُمْ أَبُو جَابر السّلمِيّ يَدعُوهُم فَلَمَّا غلبوه وَقَالُوا لَهُ: مَا نعلم قتالاً وَلَئِن أطعتنا لترجعن مَعنا

فَذكر الله

فَهُوَ قَوْلهم: وَلَئِن أطعتنا لترجعن {الَّذين قَالُوا لإخوانهم وقعدوا لَو أطاعونا مَا قتلوا} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا لإخوانهم} الْآيَة

قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا نزلت فِي عدوّ الله عبد الله بن أبي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {الَّذين قَالُوا لإخوانهم وقعدوا} قَالَ: نزلت فِي عدوّ الله عبد الله بن أبي

وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا لإخوانهم} قَالَ: هُوَ عبد الله بن أبي

وَأخرج عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هم عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ عبد الله بن أبي الَّذين قعدوا وَقَالُوا لإخوانهم الَّذين خَرجُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق {قل فادرؤوا عَن أَنفسكُم الْمَوْت} أَي أَنه لَا بُد من الْمَوْت فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن تدفعوه عَن أَنفسكُم فافعلوا وَذَلِكَ أَنهم إِنَّمَا نافقوا وَتركُوا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله حرصاً على الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا وفراراً من الْمَوْت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: إِن الله أنزل على نبيه فِي الْقَدَرِيَّة {الَّذين قَالُوا لإخوانهم وقعدوا لَو أطاعونا مَا قتلوا}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم الْكفَّار يَقُولُونَ لاخوانهم لَو كَانُوا عندنَا مَا قتلوا يحسبون أَن حضورهم لِلْقِتَالِ هُوَ يقدمهم إِلَى الْأَجَل

ص: 370

الْآيَتَانِ 169 - 170

ص: 371

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي حَمْزَة وَأَصْحَابه {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الضُّحَى فِي قَوْله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} قَالَ: نزلت فِي قَتْلَى أحد اسْتشْهد مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا: أَرْبَعَة من الْمُهَاجِرين حَمْزَة بن عبد الْمطلب من بني هَاشم وَمصْعَب بن عُمَيْر من بني عبد الدَّار وَعُثْمَان بن شماس من بني مَخْزُوم وَعبد الله بن جحش من بني أَسد

وسائرهم من الْأَنْصَار

وَأخرج أَحْمد وهناد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر ترد أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها وتأوي إِلَى قناديل من ذهب معلقَة فِي ظلّ الْعَرْش

فَلَمَّا وجدوا طيب مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ وَحسن مقبلهم

قَالُوا: يَا لَيْت إِخْوَاننَا يعلمُونَ مَا صنع الله لنا - وَفِي لفظ - قَالُوا: إِنَّا أَحيَاء فِي الْجنَّة نرْزق لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَاد وَلَا ينكلُوا عَن الْحَرْب فَقَالَ الله: أَنا أبلغهم عَنْكُم

فَأنْزل الله هَؤُلَاءِ الْآيَات {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة

وَمَا بعْدهَا

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن ماجة وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله قَالَ لَقِيَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا جَابر مَا لي أَرَاك منكسراً قلت: يَا رَسُول الله اسْتشْهد أبي وَترك عيالاً وديناً فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرك بِمَا لَقِي الله بِهِ أَبَاك قَالَ: بلَى

قَالَ: مَا كلم الله أحدا قطّ إِلَّا من وَرَاء حجاب وَأَحْيَا أَبَاك فَكَلمهُ كفاحاً وَقَالَ: يَا عَبدِي تمن عليّ أعطك قَالَ: يَا رب تحييني فأقتل فِيك ثَانِيَة قَالَ الرب تَعَالَى: قد

ص: 371

سبق مني أَنهم لَا يرجعُونَ

قَالَ: أَي رب فأبلغ من ورائي

فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} الْآيَة

وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لجَابِر: أَلا أُبَشِّرك

قَالَ: بلَى

قَالَ: شَعرت أَن الله أَحْيَا أَبَاك فأقعده بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: تمنَّ عليَّ مَا شِئْت أعطيكه قَالَ: يَا رب مَا عبدتك حق عبادتك أَتَمَنَّى أَن تردني إِلَى الدُّنْيَا فأقتل مَعَ نبيك مرّة أُخْرَى

قَالَ: سبق مني أَنَّك إِلَيْهَا لَا ترجع

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا ليتنا نعلم مَا فعل إِخْوَاننَا الَّذين قتلوا يَوْم أحد فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: ذكر لنا عَن بَعضهم فِي قَوْله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة

قَالَ: هم قَتْلَى بدر وَأحد زَعَمُوا أَن الله تَعَالَى لما قبض أَرْوَاحهم وأدخلهم الْجنَّة جعلت أَرْوَاحهم فِي طير خضر ترعى فِي الْجنَّة وتأوي إِلَى قناديل من ذهب تَحت الْعَرْش فَلَمَّا رَأَوْا مَا أَعْطَاهُم الله من الْكَرَامَة قَالُوا: لَيْت إِخْوَاننَا الَّذين بَعدنَا يعلمُونَ مَا نَحن فِيهِ فَإِذا شهدُوا قتالاً تعجلوا إِلَى مَا نَحن فِيهِ فَقَالَ الله: إِنِّي منزل على نَبِيكُم ومخبر إخْوَانكُمْ بِالَّذِي أَنْتُم فِيهِ

فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا وَقَالُوا: يخبر الله إخْوَانكُمْ ونبيكم بِالَّذِي أَنْتُم فِيهِ

فَإِذا شهدُوا قتالاً أَتَوْكُم

فَذَلِك قَوْله {فرحين} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة قَالَ: قَالُوا يَا رب أَلا رَسُول لنا يخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنَّا بِمَا أَعطيتنَا فَقَالَ الله تَعَالَى: أَنا رَسُولكُم فَأمر جِبْرِيل أَن يَأْتِي بِهَذِهِ الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله} الْآيَتَيْنِ

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما أُصِيب الَّذين أصيبوا يَوْم أحد لقوا رَبهم فأكرمهم فَأَصَابُوا الْحَيَاة وَالشَّهَادَة والرزق الطّيب قَالُوا: يَا لَيْت بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا من يبلغهم أَنا لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا وأرضانا فَقَالَ الله: أَنا رَسُولكُم إِلَى نَبِيكُم وَإِخْوَانكُمْ فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} إِلَى قَوْله {وَلَا هم يَحْزَنُونَ}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِسْحَق بن أبي طَلْحَة حَدثنِي أنس بن مَالك فِي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّذين أرسلهم إِلَى بِئْر مَعُونَة قَالَ: لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ أَو سبعين وعَلى ذَلِك المَاء عَامر بن الطُّفَيْل فَخرج أُولَئِكَ النَّفر حَتَّى أَتَوا غاراً مشرفاً

ص: 372

على المَاء قعدوا فِيهِ ثمَّ قَالَ بَعضهم لبَعض: أَيّكُم يبلغ رِسَالَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أهل هَذَا المَاء فَقَالَ أَبُو ملْحَان الْأنْصَارِيّ: أَنا

فَخرج حَتَّى أَتَى خواءهم فَاخْتَبَأَ أَمَام الْبيُوت ثمَّ قَالَ: يَا أهل بِئْر مَعُونَة إِنِّي رَسُول رَسُول الله إِلَيْكُم أَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فآمنوا بِاللَّه وَرَسُوله

فَخرج إِلَيْهِ رجل من كسر الْبَيْت بِرُمْح فَضرب بِهِ فِي جنبه حَتَّى خرج من الشق الآخر

فَقَالَ: الله أكبر فزت وَرب الْكَعْبَة فاتبعوا أَثَره حَتَّى أَتَوا أَصْحَابه فِي الْغَار فَقَتلهُمْ عَامر بن الطُّفَيْل

فَحَدثني أنس أَن الله أنزل فيهم قُرْآنًا: بلغُوا عَنَّا قَومنَا أَنا قد لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا ورضينا عَنهُ

ثمَّ نسخت فَرفعت بَعْدَمَا قرأناه زَمَانا وَأنزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء} الْآيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق طَلْحَة بن نَافِع عَن أنس قَالَ: لما قتل حَمْزَة وَأَصْحَابه يَوْم أحد قَالُوا: يَا لَيْت لنا مخبرا يخبر إِخْوَاننَا بِالَّذِي صرنا إِلَيْهِ من الْكَرَامَة لنا

فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم أَنا رَسُولكُم إِلَى إخْوَانكُمْ

فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} إِلَى قَوْله {لَا يضيع أجر الْمُؤمنِينَ}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما أُصِيب حَمْزَة وَأَصْحَابه بِأحد قَالُوا: لَيْت من خلفنا علمُوا مَا أَعْطَانَا الله من الثَّوَاب ليَكُون أَحْرَى لَهُم فَقَالَ الله: إِنَّا أعلمهم فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مَسْرُوق قَالَ: سَأَلنَا عبد الله بن مَسْعُود عَن هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} فَقَالَ: أما انا قد سَأَلنَا عَن ذَلِك أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر - وَلَفظ عبد الرَّزَّاق - أَرْوَاح الشُّهَدَاء عِنْد الله كطير خضر لَهَا قناديل معلقَة بالعرش تسرح من الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ثمَّ تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَاطلع إِلَيْهِم رَبهم إِطْلَاعَة فَقَالَ: هَل تشتهون شَيْئا قَالُوا: أَي شَيْء نشتهي وَنحن نَسْرَح من الْجنَّة حَيْثُ شِئْنَا

فَفعل ذَلِك بهم ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا رَأَوْا أَنهم لم يتْركُوا من أَن يسْأَلُوا قَالُوا: يَا رب نُرِيد أَن ترد أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَادنَا حَتَّى نقْتل فِي سَبِيلك مرّة أُخْرَى

فَلَمَّا رأى أَن لَيْسَ لَهُم حَاجَة تركُوا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله أَنه قَالَ فِي الثَّالِثَة حِين قَالَ لَهُم:

ص: 373

هَل تشتهون من شَيْء قَالُوا: تقرىء نَبينَا السَّلَام وتبلغه أَنا قد رَضِينَا وَرَضي عَنَّا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} قَالَ: يرْزقُونَ من ثَمَر الْجنَّة ويجدون رِيحهَا وَلَيْسوا فِيهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء تعارف فِي طير بيض تَأْكُل من ثمار الْجنَّة وَأَن مساكنهم سِدْرَة الْمُنْتَهى وَأَن للمجاهد فِي سَبِيل الله ثَلَاث خِصَال: من قتل فِي سَبِيل الله مِنْهُم صَار حَيا مرزوقاً وَمن غلب آتَاهُ الله أجرا عَظِيما وَمن مَاتَ رزقه الله رزقا حسنا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {بل أَحيَاء} قَالَ: فِي صور طير خضر يطيرون فِي الْجنَّة حَيْثُ شاؤوا مِنْهَا يَأْكُلُون من حَيْثُ شاؤوا

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير بيض فِي الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الإفْرِيقِي عَن ابْن بشار الْأَسْلَمِيّ أَو أبي بشار قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي قباب بيض من قباب الْجنَّة فِي كل قبَّة زوجتان رزقهم فِي كل يَوْم ثَوْر وحوت

فَأَما الثور فَفِيهِ طعم كل ثَمَرَة فِي الْجنَّة وَأما الْحُوت فَفِيهِ طعم كل شراب فِي الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر فِي قناديل من ذهب معلقَة بالعرش فَهِيَ ترعى بكرَة وَعَشِيَّة فِي الْجنَّة وتبيت فِي الْقَنَادِيل

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء تجول فِي أَجْوَاف طير خضر تعلق فِي ثَمَر الْجنَّة

وَأخرج هناد بن السّري فِي كتاب الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير خضر ترعى فِي رياض الْجنَّة ثمَّ يكون مأواها إِلَى قناديل معلقَة بالعرش فَيَقُول الرب: هَل تعلمُونَ كَرَامَة أكْرم من كَرَامَة أكْرَمْتُكُموها فَيَقُولُونَ: لَا

إِلَّا أَنا وَدَدْنا أَنَّك أعدت أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَادنَا حَتَّى نُقَاتِل فنقتل مرّة أُخْرَى فِي سَبِيلك

وَأخرج هناد فِي الزّهْد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: الشُّهَدَاء فِي قباب من رياض بِفنَاء الْجنَّة يبْعَث إِلَيْهِم ثَوْر وحوت فيعتركان فيلهون بهما فَإِذا احتاجوا إِلَى شَيْء عقر أَحدهمَا صَاحبه فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ فيجدون فِيهِ طعم كل شَيْء فِي الْجنَّة

ص: 374

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الشُّهَدَاء على بارق نهر بِبَاب الْجنَّة فِي قبَّة خضراء يخرج إِلَيْهِم رزقهم من الْجنَّة غدْوَة وَعَشِيَّة

وَأخرج هناد فِي الزّهْد من طَرِيق ابْن إِسْحَق عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة قَالَ: حَدثنَا بعض أهل الْعلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الشُّهَدَاء ثَلَاثَة فأدنى الشُّهَدَاء عِنْد الله منزلَة رجل خرج مَنْبُوذًا بِنَفسِهِ وَمَاله لَا يُرِيد أَن يقتل وَلَا يقتل أَتَاهُ سهم غرب فَأَصَابَهُ فَأول قَطْرَة تقطر من دَمه يغْفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ثمَّ يهْبط الله جسداً من السَّمَاء يَجْعَل فِيهِ روحه ثمَّ يصعد بِهِ إِلَى الله فَمَا يمر بسماء من السَّمَوَات إِلَّا شيَّعته الْمَلَائِكَة حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الله فَإِذا انْتهى الى الله وَقع سَاجِدا ثمَّ يُؤمر بِهِ فيكسى سبعين حلَّة من الاستبرق ثمَّ يُقَال: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى إخوانه من الشُّهَدَاء فَاجْعَلُوهُ مَعَهم فَيُؤتى بِهِ إِلَيْهِم وهم فِي قبَّة خضراء عِنْد بَاب الْجنَّة يخرج عَلَيْهِم غداؤهم من الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: مَا زَالَ ابْن آدم يتحمد حَتَّى صَار حَيا مَا يَمُوت ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {فرحين بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: بِمَا هم فِيهِ من الْخَيْر والكرامة والرزق

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم} قَالَ: لما دخلُوا الْجنَّة وَرَأَوا مَا فِيهَا من الْكَرَامَة للشهداء قَالُوا: يَا لَيْت إِخْوَاننَا الَّذين فِي الدُّنْيَا يعلمُونَ مَا صرنا فِيهِ من الْكَرَامَة فَإِذا شهدُوا الْقِتَال باشروها بِأَنْفسِهِم حَتَّى يستشهدوا فيصيبون مَا أَصَابَنَا من الْخَيْر فَأخْبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بأمرهم وَمَا هم فِيهِ من الْكَرَامَة وَأخْبرهمْ أَنِّي قد أنزلت على نَبِيكُم وأخبرته بأمركم وَمَا أَنْتُم فِيهِ من الْكَرَامَة فاستبشروا بذلك

فَذَلِك قَوْله {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم من خَلفهم} يَعْنِي إخْوَانهمْ من أهل الدُّنْيَا أَنهم سيحرصون على الْجِهَاد ويلحقون بهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم من خَلفهم} قَالَ: إِن الشَّهِيد يُؤْتى بِكِتَاب فِيهِ من يقدم عَلَيْهِ من إخوانه

ص: 375

وَأَهله يُقَال: يقدم عَلَيْك فلَان يَوْم كَذَا وَكَذَا يقدم عَلَيْك فلَان يَوْم كَذَا وَكَذَا

فيستبشر حِين يقدم عَلَيْهِ كَمَا يستبشر أهل الْغَائِب بقدومه فِي الدُّنْيَا

الْآيَة 171

ص: 376

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {يستبشرون بِنِعْمَة من الله وَفضل} الْآيَة

قَالَ: هَذِه الْآيَة جمعت الْمُؤمنِينَ كلهم سوى الشُّهَدَاء وقلما ذكر الله فضلا ذكر بِهِ الْأَنْبِيَاء وثواباً أَعْطَاهُم إِلَّا ذكر مَا أعْطى الْمُؤمنِينَ من بعدهمْ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر عَن أَبِيه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول إِذا ذكر أَصْحَاب أحد: وَالله لَوَدِدْت أَنِّي غودرت مَعَ أَصْحَابِي بنحص الْجَبَل نحص الْجَبَل: أَصله

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ فقد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَمْزَة حِين فَاء النَّاس من الْقِتَال فَقَالَ رجل: رَأَيْته عِنْد تِلْكَ الشجيرات وَهُوَ يَقُول: أَنا أَسد الله وَأسد رَسُوله اللَّهُمَّ ابرأ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ

أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه وَاعْتذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ بانهزامهم

فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَحوه فَلَمَّا رأى جثته بَكَى وَلما رأى مَا مثل بِهِ شهق ثمَّ قَالَ: أَلا كفن فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار فَرمى بِثَوْب عَلَيْهِ ثمَّ قَامَ آخر فَرمى بِثَوْب عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ جَابر: هَذَا الثَّوْب لأَبِيك وَهَذَا لِعَمِّي ثمَّ جِيءَ بِحَمْزَة فصلى عَلَيْهِ ثمَّ يجاء بِالشُّهَدَاءِ فتوضع إِلَى جَانب حَمْزَة فَيصَلي عَلَيْهِم يرفع وَيتْرك حَمْزَة حَتَّى صلى على الشُّهَدَاء كلهم قَالَ: فَرَجَعت وَأَنا مثقل قد ترك أبي عليَّ دينا وعيالاً فَلَمَّا كَانَ عِنْد اللَّيْل أرسل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا جَابر إِن الله أَحْيَا أَبَاك وَكَلمه قلت: وَكَلمه كلَاما قَالَ: قَالَ لَهُ: تمن

فَقَالَ: أَتَمَنَّى أَن ترد روحي وتنشىء خلقي كَمَا كَانَ وترجعني إِلَى نبيك فأقاتل فِي سَبِيلك فأقتل مرّة أُخْرَى

قَالَ: إِنِّي قضيت أَنهم لَا يرجعُونَ وَقَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: سيد الشُّهَدَاء عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة حَمْزَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ كفن حَمْزَة فِي نمرة كَانُوا إِذا مدوها على رَأسه خرجت رِجْلَاهُ فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يمدوها على رَأسه

ص: 376

ويجعلوا على رجلَيْهِ من الْإِذْخر وَقَالَ: لَوْلَا أَن تجزع صَفِيَّة لتركنا حَمْزَة فَلم ندفنه حَتَّى يحْشر من بطُون الطير وَالسِّبَاع

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْم أحد: من رأى مقتل حَمْزَة فَقَالَ رجل: أَنا

قَالَ: فَانْطَلق فأرناه

فَخرج حَتَّى وقف على حَمْزَة فَرَآهُ قد بقر بَطْنه وَقد مُثِّل بِهِ فكره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن ينظر إِلَيْهِ ووقف بَين ظهراني الْقَتْلَى وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ الْقَوْم لفوهم فِي دِمَائِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ جريح يجرح إِلَّا جرحه يَوْم الْقِيَامَة يدمى لَونه لون الدَّم وريحه ريح الْمسك قدمُوا أَكثر الْقَوْم قُرْآنًا فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْد

وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رجلا جَاءَ إِلَى الصَّلَاة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا فَقَالَ حِين انْتهى إِلَى الصَّفّ: اللَّهُمَّ آتني أفضل مَا تؤتي عِبَادك الصَّالِحين فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة قَالَ: من الْمُتَكَلّم آنِفا فَقَالَ: أَنا

فَقَالَ: إِذن يعقر جوادك وتستشهد فِي سَبِيل الله

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يُؤْتى بِالرجلِ من أهل الْجنَّة فَيَقُول الله لَهُ: يَا ابْن آدم كَيفَ وجدت مَنْزِلك فَيَقُول: أَي رب خير منزل فَيَقُول: سل وتمن فَيَقُول: أَسأَلك أَن تردني إِلَى الدُّنْيَا فَاقْتُلْ فِي سَبِيلك عشر مَرَّات لما رأى من فضل الشَّهَادَة

قَالَ: وَيُؤْتى بِالرجلِ من أهل النَّار فَيَقُول الله: يَا ابْن آدم كَيفَ وجدت مَنْزِلك فَيَقُول: أَي رب شَرّ منزل فَيَقُول: فتفتدى مِنْهُ بطلاع الأَرْض ذَهَبا فَيَقُول: نعم

فَيَقُول: كذبت قد سَأَلتك دون ذَلِك فَلم تفعل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عرض عليَّ أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ الْجنَّة وَأول ثَلَاثَة يدْخلُونَ النَّار فَأَما أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ الْجنَّة فالشهيد وَعبد مَمْلُوك أحسن عبَادَة ربه ونصح لسَيِّده وعفيف متعفف ذُو عِيَال

وَأما أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ النَّار فأمير مسلط وَذُو ثروة من مَال لَا يُؤَدِّي حق الله فِي مَاله وفقير فخور

وَأخرج الْحَاكِم عَن سهل بن أبي أُمَامَة بن سهل عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أول مَا يهراق من دم الشَّهِيد يغْفر لَهُ ذنُوبه

ص: 377

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من صَبر حَتَّى يقتل أَو يغلب لم يفتن فِي قَبره

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ عَن أنس

أَن حَارِثَة بن سراقَة خرج نظاراً فَأَتَاهُ سهم فَقتله فَقَالَت أمه: يَا رَسُول الله قد عرفت مَوضِع حَارِثَة مني فَإِن كَانَ فِي الْجنَّة صبرت وَإِلَّا رَأَيْت مَا أصنع قَالَ: يَا أم حَارِثَة أَنَّهَا لَيست بجنة وَلكنهَا جنان كَثِيرَة وَأَن حَارِثَة لفي أفضلهَا

أَو قَالَ: فِي أَعلَى الفردوس

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا على الأَرْض من نفس تَمُوت وَلها عِنْد الله خير تحب أَن ترجع إِلَيْكُم إِلَّا الْقَتِيل فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يحب أَن يرجع فَيقْتل مرّة أُخْرَى

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من أهل الْجنَّة أحد يسره أَن يرجع إِلَى الدُّنْيَا وَله عشر أَمْثَالهَا إِلَّا الشَّهِيد فَإِنَّهُ ود أَنه لَو رد إِلَى الدُّنْيَا عشر مَرَّات فاستشهد لما يرى من فضل الشَّهَادَة

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن قيس الجذامي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن للقتيل عِنْد الله سِتّ خِصَال: تغْفر لَهُ خطيئته فِي أول دفْعَة من دَمه ويجار من عَذَاب الْقَبْر ويحلى حلَّة الْكَرَامَة وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة ويؤمن من الْفَزع الْأَكْبَر ويزوج من الْحور الْعين

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَام بن معديكرب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن للشهيد عِنْد الله خِصَالًا

يغْفر لَهُ فِي أول دفْعَة من دَمه وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة ويحلى عَلَيْهِ حلية الْإِيمَان ويجار من عَذَاب الْقَبْر ويأمن يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار الياقوتة مِنْهُ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ويزوج اثْنَتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة من الْحور الْعين ويشفع فِي سبعين إنْسَانا من أَقَاربه

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت

مثله

وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي ترغيبه بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس بن مَالك قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الشُّهَدَاء ثَلَاثَة: رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله محتسباً فِي سَبِيل الله

ص: 378

يُرِيد أَن لَا يقتل وَلَا يقتل وَلَا يُقَاتل يكثر سَواد الْمُؤمنِينَ فَإِن مَاتَ وَقتل غفرت لَهُ ذنُوبه كلهَا وأجير من عَذَاب الْقَبْر وأومن من الْفَزع الْأَكْبَر وزوّج من الْحور الْعين وحلت عَلَيْهِ حلَّة الْكَرَامَة وَوضع على رَأسه تَاج الْوَقار والخلد

وَالثَّانِي رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله محتسباً يُرِيد أَن يقتل وَلَا يقتل فَإِن مَاتَ أَو قتل كَانَت ركبته مَعَ ركبة خَلِيل الرَّحْمَن بَين يَدي الله فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر

وَالثَّالِث رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله محتسباً يُرِيد أَن يقتل وَيقتل فَإِن مَاتَ أَو قتل جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة شاهراً سَيْفه وَاضعه على عَاتِقه وَالنَّاس جاثون على الركب يَقُول: أَلا أفسحوا لنا مرَّتَيْنِ

فَإنَّا قد بذلنا دماءنا وَأَمْوَالنَا لله قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ ذَلِك لإِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن أَو لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء لتنحى لَهُم عَن الطَّرِيق لما يرى من وَاجِب حَقهم حَتَّى يَأْتُوا مَنَابِر من نور عَن يَمِين الْعَرْش فَيَجْلِسُونَ فَيَنْظُرُونَ كَيفَ يقْضى بَين النَّاس لَا يَجدونَ غم الْمَوْت وَلَا يغتمون فِي البرزخ وَلَا تفزعهم الصَّيْحَة وَلَا يهمهم الْحساب وَلَا الْمِيزَان وَلَا الصِّرَاط ينظرُونَ كَيفَ يقْضِي بَين النَّاس وَلَا يسْأَلُون شَيْئا إِلَّا أعْطوا وَلَا يشفعون فِي شَيْء إِلَّا شفعوا ويعطون من الْجنَّة مَا أَحبُّوا وينزلون من الْجنَّة حَيْثُ أَحبُّوا

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عتبَة بن عبد السّلمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْقَتْلَى ثَلَاثَة: رجل مُؤمن جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا لَقِي العدوّ قَاتلهم حَتَّى يقتل فَذَاك الشَّهِيد الممتحن فِي خيمة الله تَحت عَرْشه لَا يفضله النَّبِيُّونَ إِلَّا بِدَرَجَة النُّبُوَّة

وَرجل مُؤمن قرف على نَفسه من الذُّنُوب والخطايا جَاهد بِمَالِه وَنَفسه فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا لَقِي الْعَدو قَاتل حَتَّى يقتل فَتلك ممصمصة تحط ذنُوبه وخطاياه

إِن السَّيْف مَحَّاءٌ للخطايا وَأدْخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ فَإِن لَهَا ثَمَانِيَة أَبْوَاب ولجهنم سَبْعَة أَبْوَاب وَبَعضهَا أفضل من بعض

وَرجل مُنَافِق جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله حَتَّى إِذا لَقِي الْعد قَاتل فِي سَبِيل الله حَتَّى يقتل فَإِن ذَلِك فِي النَّار إِن السَّيْف لَا يمحو النِّفَاق

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يغْفر للشهيد كل ذَنْب إِلَّا الدّين

وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن جحش أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا لي إِن قتلت فِي سَبِيل الله قَالَ: الْجنَّة

فَلَمَّا ولى قَالَ: إِلَّا الدّين سَارَّنِي بِهِ جِبْرِيل آنِفا

ص: 379

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن أبي عميرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا من نفس مسلمة يقبضهَا رَبهَا تحب أَن ترجع إِلَيْكُم وَإِن لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا غير الشَّهِيد

وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لِأَن أقتل فِي سَبِيل الله أحب إليَّ من أَن يكون لي أهل الْوَبر والمدر

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا يجد الشَّهِيد من مس الْقَتْل إِلَّا كَمَا يجد أحدكُم من مس القرصة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذا وقف الْعباد لِلْحسابِ جَاءَ قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دَمًا فازدحموا على بَاب الْجنَّة فَقيل: من هَؤُلَاءِ قيل: الشُّهَدَاء كَانُوا مرزوقين

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن نعيم بن همار أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي الشُّهَدَاء أفضل قَالَ: الَّذين أَن يلْقوا فِي الصَّفّ لَا يلفتوا وُجُوههم حَتَّى يقتلُوا أُولَئِكَ ينطلقون فِي الْعرف العالي من الْجنَّة ويضحك إِلَيْهِم رَبهم

وَإِذا ضحك رَبك إِلَى عبد فِي الدُّنْيَا فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الْجِهَاد عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يلتقون فِي الصَّفّ الأول فَلَا يلفتون وُجُوههم حَتَّى يقتلُوا أُولَئِكَ يتلبطون فِي الغرف من الْجنَّة يضْحك إِلَيْهِم رَبك وَإِذا ضحك إِلَى قوم فَلَا حِسَاب عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ذكر الشَّهِيد عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا تَجف الأَرْض من دم الشَّهِيد حَتَّى تبتدره زوجتاه كَأَنَّهُمَا ظئران أضلتا فصيلهما فِي براح من الأَرْض وَفِي يَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا حلَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

وَأخرج النَّسَائِيّ عَن رَاشد بن سعد عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا بَال الْمُؤمنِينَ يفتنون فِي قُبُورهم إِلَّا الشَّهِيد قَالَ: كفى ببارقة السيوف على رَأسه فتْنَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رجلا أسود أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل أسود منتن الرّيح قَبِيح الْوَجْه لَا مَال لي فَإِن أَنا قَاتَلت هَؤُلَاءِ حَتَّى أقتل فَأَيْنَ أَنا قَالَ: فِي الْجنَّة

فقاتل حَتَّى قتل

فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 380

فَقَالَ: قد بيض الله وَجهك وَطيب رِيحك وَأكْثر مَالك

وَقَالَ لهَذَا أَو لغيره: لقد رَأَيْت زَوجته من الْحور الْعين نازعته جُبَّة لَهُ صُوفًا تدخل بَينه وَبَين جبته

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مر بخباء أَعْرَابِي وَهُوَ فِي أَصْحَابه يُرِيدُونَ الْغَزْو فَرفع الْأَعرَابِي نَاحيَة من الخباء فَقَالَ: من الْقَوْم فَقيل: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه يُرِيدُونَ الْغَزْو فَسَار مَعَهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَنه لمن مُلُوك الْجنَّة

فَلَقوا الْعَدو فاستشهدوا خبر بذلك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ فَقعدَ عِنْد رَأسه مُسْتَبْشِرًا يضْحك ثمَّ أعرض عَنهُ

فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله رَأَيْنَاك مُسْتَبْشِرًا تضحك ثمَّ أَعرَضت عَنهُ فَقَالَ: أما مَا رَأَيْتُمْ من استبشاري فَلَمَّا رَأَيْت من كَرَامَة روحه على الله وَأما إعراضي عَنهُ فَإِن زَوجته من الْحور الْعين الْآن عِنْد رَأسه

وَأخرج عناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ أَن أوّل قَطْرَة تقطر من دم الشَّهِيد يغْفر لَهُ بهَا مَا تقدم من ذَنبه ثمَّ يبْعَث الله ملكَيْنِ بريحان من الْجنَّة وريطة من الْجنَّة وعَلى أرجاء السَّمَاء مَلَائِكَة يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله قد جَاءَ من الأَرْض الْيَوْم ريح طيبَة ونسمة طيبَة

فَلَا يمر بِبَاب إِلَّا فتح لَهُ وَلَا يمر بِملك إِلَّا صلى عَلَيْهِ وشيعه حَتَّى يُؤْتى بِهِ إِلَى الرَّحْمَن فَيسْجد لَهُ قبل الْمَلَائِكَة وتسجد الْمَلَائِكَة بعده ثمَّ يَأْمر بِهِ إِلَى الشُّهَدَاء فيجدهم فِي رياض خضر وقباب من حَرِير عِنْد ثَوْر وحوت يلعبان لَهُم كل يَوْم لعبة لم يلعبا بالْأَمْس مثلهَا فيظل الْحُوت فِي أَنهَار الْجنَّة فَإِذا أَمْسَى وكزه الثور بقرنه فذكاه لَهُم فَأَكَلُوا من لَحْمه فوجدوا من لَحْمه طعم كل رَائِحَة من أَنهَار الْجنَّة ويبيت الثور نافشاً فِي الْجنَّة فَإِذا أصبح غَدا عَلَيْهِ الْحُوت فوكزه بِذَنبِهِ فَأَكَلُوا من لَحْمه فوجدوا فِي لَحْمه طعم كل ثَمَرَة من ثمار الْجنَّة ينظرُونَ إِلَى مَنَازِلهمْ بكرَة وَعَشِيَّة يدعونَ الله أَن تقوم السَّاعَة

وَإِذا توفى الْمُؤمن بعث الله ملكَيْنِ بريحان من ريحَان الْجنَّة وخرقة من الْجنَّة تقبض فِيهَا نَفسه وَيُقَال: اخْرُجِي أيتها النَّفس المطمئنة إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب عَلَيْك غير غَضْبَان

فَتخرج كأطيب رَائِحَة وجدهَا أحد قطّ بِأَنْفِهِ وعَلى أرجاء السَّمَاء مَلَائِكَة يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله قد جَاءَ الْيَوْم من الأَرْض ريح طيبَة ونسمة طيبَة

فَلَا يمر بِبَاب إِلَّا فتح لَهُ وَلَا بِملك إِلَّا صلى عَلَيْهِ وشيعه حَتَّى يُؤْتى بِهِ إِلَى

ص: 381

الرَّحْمَن

فتسجد الْمَلَائِكَة قبله وَيسْجد بعدهمْ ثمَّ يدعى بميكائيل فَيَقُول: اذْهَبْ بِهَذِهِ النَّفس فاجعلها مَعَ أنفس الْمُؤمنِينَ حَتَّى أَسأَلك عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة وَيُؤمر بِهِ إِلَى قبر ويوسع سبعين طوله وَسبعين عرضه وينبذ لَهُ فِيهِ ريحَان ويشيد بالحرير فَإِن كَانَ مَعَه شَيْء من الْقُرْآن كسى نوره وَإِن لم يكن مَعَه شَيْء من الْقُرْآن جعل لَهُ نور مثل الشَّمْس فَمثله كَمثل الْعَرُوس لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ

وَإِن الكافرإذا توفّي بعث الله إِلَيْهِ ملكَيْنِ بِخرقَة من بجاد أنتن من كل نَتن وأخشن من كل خشن فَيُقَال: اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة ولبئس مَا قدمت لنَفسك

فَتخرج كأنتن رَائِحَة وجدهَا أحد قطّ ثمَّ يُؤمر بِهِ فِي قَبره فيضيق عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه وَيُرْسل عَلَيْهِ حيات كأعناق البخت يأكلن لَحْمه وتقبض لَهُ مَلَائِكَة صم بكم عمي لَا يسمعُونَ لَهُ صَوتا وَلَا يرونه فيرحمونه وَلَا يملون إِذا ضربوا يدعونَ الله أَن يديم ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى يخلص إِلَى النَّار

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: الشُّهَدَاء أَرْبَعَة: فمؤمن جيد الْإِيمَان لَقِي الْعَدو فَصدق الله فقاتل حَتَّى يقتل فَذَلِك الَّذِي يرفع النَّاس إِلَيْهِ أَعينهم وَرفع رَأسه حَتَّى وَقعت قلنسوة كَانَت على رَأسه أَو رَأس عمر فَهَذَا فِي الدرجَة الأولى وَرجل مُؤمن جيد الْإِيمَان إِذا لَقِي الْعَدو فَكَأَنَّمَا يضْرب جلده بشوك الطلح من الْجُبْن أَتَاهُ سهم غرب فَقتله فَهَذَا فِي الدرجَة الثَّانِيَة وَرجل مُؤمن خلط عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا لَقِي الْعَدو فَصدق الله فَقُتِلَ فَهَذَا فِي الدرجَة الثَّالِثَة وَرجل أسرف على نَفسه فلقي الْعَدو فقاتل حَتَّى يُقتل فَهَذَا فِي الدرجَة الرَّابِعَة

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: الشَّهِيد يشفع فِي سبعين من أهل بَيته

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن يزِيد بن شَجَرَة أَنه كَانَ يَقُول: إِذا صف النَّاس للصَّلَاة وصفوا لِلْقِتَالِ فتحت أَبْوَاب السَّمَاء وأبواب الْجنَّة وأبواب النَّار وزين الْحور الْعين وأطلقن فَإِذا أقبل الرجل قُلْنَ اللَّهُمَّ انصره وَإِذا أدبر احْتَجِبْنَ عَنهُ وقلن اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ

فانهكوا وُجُوه الْقَوْم وَلَا تخزوا الْحور الْعين فَإِن أوّل قَطْرَة تقطر من دم أحدكُم يكفر عَنهُ كل شَيْء عمله وَينزل إِلَيْهِ زوجتان من الْحور الْعين يمسحان التُّرَاب عَن وَجهه ويقولان: قد أنالك وَيَقُول: قد أنالكما

ص: 382

ثمَّ يكسى مائَة حلَّة لَيْسَ من نسج بني آدم وَلَكِن من نبت الْجنَّة لَو وضعن بَين أصبعين لوسعن

وَكَانَ يَقُول: إِن السيوف مَفَاتِيح الْجنَّة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد التَّمِيمِي قَالَ: سَمِعت قَاسم بن عُثْمَان الجوعي يَقُول: رَأَيْت فِي الطّواف حول الْبَيْت رجلا لَا يزِيد على قَوْله: اللَّهُمَّ قضيت حَاجَة المحتاجين وحاجتي لم تقض فَقلت لَهُ: مَا لَك لَا تزيد على هَذَا الْكَلَام فَقَالَ: أحَدثك

كُنَّا سَبْعَة رُفَقَاء من بلدان شَتَّى غزونا أَرض الْعَدو فاستؤسرنا كلنا فاعتزل بِنَا لتضرب أعناقنا فَنَظَرت إِلَى السَّمَاء فَإِذا سَبْعَة أَبْوَاب مفتحة عَلَيْهَا سبع جوَار من الْحور الْعين على كل بَاب جَارِيَة فَقدم رجل منا فَضربت عُنُقه فَرَأَيْت الْجَارِيَة فِي يَدهَا منديل قد هَبَطت إِلَى الأَرْض حَتَّى ضربت أَعْنَاق سِتَّة وَبقيت أَنا وَبَقِي بَاب وَجَارِيَة

فَلَمَّا قدمت لتضرب عنقِي استوهبني بعض رِجَاله فوهبني لَهُ فسمعتها تَقول: أَي شَيْء فاتك يَا محروم وأغلقت الْبَاب وَأَنا يَا أخي متحسر على مَا فَاتَنِي

قَالَ قَاسم بن عُثْمَان: أرَاهُ أفضلهم لِأَنَّهُ رأى مَا لم يرَوا وَترك يعْمل على الشوق

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَاللَّفْظ لَهُ عَن ابْن مَسْعُود: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: عجب رَبنَا من رجلَيْنِ: رجل ثار عَن وطائه ولحافه من بَين حبه وَأَهله إِلَى صلَاته رَغْبَة فِيمَا عِنْدِي وشفقة مِمَّا عِنْدِي وَرجل غزا فِي سَبِيل الله فَانْهَزَمَ أَصْحَابه فَعلم مَا عَلَيْهِ فِي الإنهزام وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوع فَرجع حَتَّى أهريق دَمه

فَيَقُول الله لملائكته: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي رَجَعَ رَغْبَة فِيمَا عِنْدِي وشفقة مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أهريق دَمه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله ويضحك إِلَيْهِم ويستبشر بهم: الَّذِي إِذا انْكَشَفَ فِئَة قَاتل وَرَاءَهَا بِنَفسِهِ لله عز وجل فإمَّا أَن يقتل وَإِمَّا أَن ينصره الله تَعَالَى ويكفيه فَيَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي كَيفَ صَبر لي نَفسه

وَالَّذِي لَهُ امْرَأَة حسناء وفراش لين حسن فَيقوم من اللَّيْل فيذر شَهْوَته فيذكرني ويناجيني وَلَو شَاءَ رقد وَالَّذِي إِذا كَانَ فِي سفر وَكَانَ مَعَه ركب فسهروا ونصبوا ثمَّ هجعوا فَقَامَ من السحر فِي سراء أَو ضراء

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من سَأَلَ الله الْقَتْل فِي سَبِيل الله صَادِقا ثمَّ مَاتَ أعطَاهُ الله أجر شَهِيد

ص: 383

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن سهل ابْن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من سَأَلَ الله الشَّهَادَة بِصدق بلَّغه الله منَازِل الشُّهَدَاء وَإِن مَاتَ على فرَاشه

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب الشَّهَادَة صَادِقا أعطيها وَلَو لم تصبه

الْآيَات 172 - 175

ص: 384

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لحمراء الْأسد وَقد أجمع أَبُو سُفْيَان بالرجعة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وَقَالُوا: رَجعْنَا قبل أَن نَسْتَأْصِلهُمْ لَنَكُرَّنَّ على بَقِيَّتهمْ

فَبَلغهُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج فِي أَصْحَابه يطلبهم فَثنى ذَلِك أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه وَمر ركب من عبد الْقَيْس فَقَالَ لَهُم أَبُو سُفْيَان: بلغُوا مُحَمَّدًا أَنا قد أجمعنا الرّجْعَة الى أَصْحَابه لنستأصلهم

فَلَمَّا مر الركب برَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِحَمْرَاء الْأسد أَخْبرُوهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون مَعَه {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله فِي ذَلِك {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَات

وَأخرج مُوسَى بن عقبَة فِي مغازيه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْتنْفرَ الْمُسلمين لموعد أبي سُفْيَان بَدْرًا فَاحْتمل الشَّيْطَان أولياءه من النَّاس فَمَشَوْا فِي النَّاس يخوفونهم وَقَالُوا: قد أخبرنَا أَن قد جمعُوا لكم من النَّاس

ص: 384

مثل اللَّيْل يرجون أَن يواقعوكم فينتهبوكم فالحذر الحذر

فعصم الله الْمُسلمين من تخويف الشَّيْطَان فاستجابوا لله وَرَسُوله وَخَرجُوا بِبَضَائِع لَهُم وَقَالُوا: إِن لَقينَا أَبَا سُفْيَان فَهُوَ الَّذِي خرجنَا لَهُ وَإِن لم نلقه ابتعنا بضائعنا

فَكَانَ بَدْرًا متحجرا يوافي كل عَام فَانْطَلقُوا حَتَّى أَتَوا موسم بدر فقضوا مِنْهُ حَاجتهم وأخلف أَبُو سُفْيَان الْموعد فَلم يخرج هُوَ وَلَا أَصْحَابه وَمر عَلَيْهِم ابْن حمام فَقَالَ: من هَؤُلَاءِ قَالُوا: رَسُول الله وَأَصْحَابه ينتظرون أَبَا سُفْيَان وَمن مَعَه من قُرَيْش

فَقدم على قُرَيْش فَأخْبرهُم فأرعب أَبُو سُفْيَان وَرجع إِلَى مَكَّة وَانْصَرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة بِنِعْمَة من الله وَفضل فَكَانَت تِلْكَ الْغَزْوَة تدعى غَزْوَة جَيش السويق وَكَانَت فِي شعْبَان سنة ثَلَاث

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله قذف فِي قلب أبي سُفْيَان الرعب يَوْم أحد بعد الَّذِي كَانَ مِنْهُ فَرجع إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد أصَاب مِنْكُم طرفا وَقد رَجَعَ وَقذف الله فِي قلبه الرعب وَكَانَت وقْعَة أحد فِي شوّال وَكَانَ التُّجَّار يقدمُونَ الْمَدِينَة فِي ذِي الْقعدَة فينزلون ببدر الصُّغْرَى فِي كل سنة مرّة وَأَنَّهُمْ قدمُوا بعد وقْعَة أحد وَكَانَ أصَاب الْمُؤمنِينَ الْقرح واشتكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الَّذِي أَصَابَهُم وَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ندب النَّاس لِيَنْطَلِقُوا مَعَه وَقَالَ: إِنَّمَا ترتحلون الْآن فَتَأْتُونَ الْحَج وَلَا تقدرون على مثلهَا حَتَّى عَام مقبل

فجَاء الشَّيْطَان فخوف أولياءه فَقَالَ {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم} فَأبى النَّاس أَن يتبعوه فَقَالَ: إِنِّي ذَاهِب وَإِن لم يَتبعني أحد

فَانْتدبَ مَعَه أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَسعد وَطَلْحَة وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الله بن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح

فِي سبعين رجلا فَسَارُوا فِي طلب أبي سُفْيَان فطلبوه حَتَّى بلغُوا الصَّفْرَاء فَأنْزل الله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة

وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما رَجَعَ الْمُشْركُونَ عَن أحد قَالُوا: لَا مُحَمَّدًا قتلتم وَلَا الكواعب أردفتم

بئْسَمَا صَنَعْتُم ارْجعُوا

فَسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فندب الْمُسلمين فانتدبوا حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد

أَو بِئْر أبي عنبة شكّ سُفْيَان فَقَالَ الْمُشْركُونَ: نرْجِع قَابل

فَرجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَانَت تعد غَزْوَة

فَأنْزل الله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول}

ص: 385

الْآيَة

وَقد كَانَ أَبُو سُفْيَان قَالَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَوْعدكُمْ موسم بدر حَيْثُ قتلتم أَصْحَابنَا فَأَما الجبان فَرجع وَأما الشجاع فَأخذ أهبة الْقِتَال وَالتِّجَارَة

فَأتوهُ فَلم يَجدوا بِهِ أحدا وتسوقوا

فَأنْزل الله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى بدر الصُّغْرَى وبهم الكلوم خَرجُوا لموعد أبي سُفْيَان فَمر بهم أَعْرَابِي ثمَّ مر بِأبي سُفْيَان وَأَصْحَابه وَهُوَ يَقُول: ونفرت من رفقتي مُحَمَّد وعجوة منثورة كالعنجد فَتَلقاهُ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: وَيلك مَا تَقول

فَقَالَ: مُحَمَّد وَأَصْحَابه تَركتهم ببدر الصُّغْرَى فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: يَقُولُونَ ويصدقون ونقول وَلَا نصدق وَأصَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَيْئا من الْأَعْرَاب وانقلبوا قَالَ عِكْرِمَة: ففيهم أنزلت هَذِه الْآيَة {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} إِلَى قَوْله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ إِن أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه أَصَابُوا من الْمُسلمين مَا أَصَابُوا وَرَجَعُوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد رَجَعَ وَقد قذف الله فِي قلبه الرعب فَمن ينتدب فِي طلبه فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وأناس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم

فتبعوهم فَبلغ أَبَا سُفْيَان أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَطْلُبهُ فلقي عيرًا من التُّجَّار فَقَالَ: ردوا مُحَمَّدًا وَلكم من الْجعل كَذَا وَكَذَا

وأخبروهم أَنِّي قد جمعت لَهُم جموعاً وَإِنِّي رَاجع إِلَيْهِم

فجَاء التُّجَّار فَأخْبرُوا بذلك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: حَسبنَا الله

فَأنْزل الله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ أخْبرت أَن أَبَا سُفْيَان لما رَاح هُوَ وَأَصْحَابه يَوْم أحد منقلبين قَالَ الْمُسلمُونَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُم عامدون إِلَى الْمَدِينَة يَا رَسُول الله

فَقَالَ: إِن ركبُوا الْخَيل وَتركُوا الأثقال فهم عامدوها وَإِن جَلَسُوا على الأثقال وَتركُوا الْخَيل فقد أرعبهم الله فليسوا بعامديها

فَرَكبُوا الأثقال

ثمَّ ندب أُنَاسًا يتبعونهم ليروا أَن بهم قوّة فاتبعوهم لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَنزلت {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن

ص: 386

جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة فِي قَوْله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة

قَالَت لعروة: يَا ابْن أُخْتِي كَانَ أَبَوَاك مِنْهُم: الزبير وَأَبُو بكر لما أصَاب نَبِي الله صلى الله عليه وسلم مَا أصَاب يَوْم أحد انْصَرف عَنهُ الْمُشْركُونَ خَافَ أَن يرجِعوا فَقَالَ: من يرجع فِي أَثَرهم فَانْتدبَ مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا

فيهم أَبُو بكر وَالزُّبَيْر فَخَرجُوا فِي آثَار الْقَوْم فَسَمِعُوا بهم فانصرفوا بِنِعْمَة من الله وَفضل

قَالَ: لم يلْقوا عدوّاً

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِينَا ثَمَانِيَة عشر رجلا {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ يَوْم أحد السبت لِلنِّصْفِ من شوّال فَلَمَّا كَانَ الْغَد من يَوْم الْأَحَد لست عشرَة لَيْلَة مَضَت من شوّال أذن مُؤذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي النَّاس بِطَلَب الْعَدو وَأذن مؤذنه أَن لَا يخْرجن مَعنا أحدا إِلَّا من حضر يَوْمنَا بالْأَمْس فَكَلمهُ جَابر عَن عبد الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن أبي كَانَ خلفني على أَخَوَات لي سبع وَقَالَ: يَا بني أَنه لَا يَنْبَغِي لي وَلَا لَك أَن نَتْرُك هَؤُلَاءِ النسْوَة لَا رجل فِيهِنَّ وَلست بِالَّذِي أوثرك بِالْجِهَادِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على نَفسِي فَتخلف على أخواتك فتخلفت عَلَيْهِنَّ

فَأذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَخرج مَعَه

وَإِنَّمَا خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ترعيباً للعدوّ ليبلغهم أَنه خرج فِي طَلَبهمْ لِيَظُنُّوا بِهِ قوّة وَأَن الَّذِي أَصَابَهُم لم يُوهِنهُمْ من عدوهم

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي السَّائِب مولى عَائِشَة بنت عُثْمَان أَن رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الْأَشْهَل كَانَ شهد أحدا قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحدا أَنا وَأَخ لي فرجعنا جريحين فَلَمَّا أذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْخرُوجِ فِي طلب الْعَدو قلت لأخي أَو قَالَ لي: تفوتنا غَزْوَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا لنا من دَابَّة نركبها وَمَا منا إِلَّا جريح ثقيل

فخرجنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكنت أيسر جرحا مِنْهُ فَكنت إِذا غلب حَملته عقبَة وَمَشى عقبَة حَتَّى انتهينا إِلَى مَا انْتهى إِلَيْهِ الْمُسلمُونَ فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتهى إِلَى حَمْرَاء الْأسد

وَهِي من الْمَدِينَة على ثَمَانِيَة أَمْيَال فَأَقَامَ بهَا ثَلَاثًا

الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة

فَنزل {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة

ص: 387

وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ عبد الله من {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح} قَالَ: الْجِرَاحَات

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ {من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: افصلوا بَينهمَا قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا مِنْهُم وَاتَّقوا أجر عَظِيم الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس}

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما نَدم أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه على الرُّجُوع عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وَقَالُوا: ارْجعُوا فاستأصلوهم

فقذف الله فِي قُلُوبهم الرعب فهزموا فَلَقوا أَعْرَابِيًا فَجعلُوا لَهُ جعلا فَقَالُوا لَهُ: إِن لقِيت مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَأخْبرهُم أَنا قد جَمعنَا لَهُم

فَأخْبر الله رَسُوله صلى الله عليه وسلم فطلبهم حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد فَلَقوا الْأَعرَابِي فِي الطَّرِيق فَأخْبرهُم الْخَبَر فَقَالُوا: {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} ثمَّ رجعُوا من حَمْرَاء الْأسد

فَأنْزل الله فيهم وَفِي الْأَعرَابِي الَّذِي لَقِيَهُمْ {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ} الْآيَة

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أَبْزَى {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} قَالَ: أَبُو سُفْيَان

قَالَ لقوم: إِن لَقِيتُم أَصْحَاب مُحَمَّد فَأَخْبرُوهُمْ أَنا قد جَمعنَا لَهُم جموعاً

فَأَخْبرُوهُمْ فَقَالُوا {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل}

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْتقْبل أَبُو سُفْيَان فِي مُنْصَرفه من أحد عيرًا وَارِدَة الْمَدِينَة ببضاعة لَهُم وَبينهمْ وَبَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم جبال فَقَالَ: إِن لكم عليّ رضاكم إِن أَنْتُم رددتم عني مُحَمَّدًا وَمن مَعَه إِن أَنْتُم وجدتموه فِي طلبي أخبرتموه أَنِّي قد جمعت لَهُ جموعاً كَثِيرَة فاستقبلت العير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّد انا نخبرك أَن أَبَا سُفْيَان قد جمع لَك جموعاً كَثِيرَة وَأَنه مقبل إِلَى الْمَدِينَة وَإِن شِئْت أَن ترجع فافعل

فَلم يزده ذَلِك وَمن مَعَه إِلَّا يَقِينا {وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ انْطلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعصابة

ص: 388

من أَصْحَابه بَعْدَمَا انْصَرف أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه من أحد خَلفهم حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة فَجعل الْأَعْرَاب وَالنَّاس يأْتونَ عَلَيْهِم فَيَقُولُونَ لَهُم: هَذَا أَبُو سُفْيَان مائل عَلَيْكُم بِالنَّاسِ فَقَالُوا {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} الْآيَة

قَالَ: إِن أَبَا سُفْيَان كَانَ أرسل يَوْم أحد أَو يَوْم الْأَحْزَاب إِلَى قُرَيْش وغَطَفَان وهوازن يستجيشهم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمن مَعَه فَقيل: لَو ذهب نفر من الْمُسلمين فأتوكم بالْخبر فَذهب نفر حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذكر لَهُم أَنهم فِيهِ لم يرَوا أحدا فَرَجَعُوا

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَتَى يَوْم أحد فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ} فَقَالَ {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} الْآيَة

وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي رَافع أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَجه عليا فِي نفر مَعَه فِي طلب أبي سُفْيَان فَلَقِيَهُمْ أَعْرَابِي من خُزَاعَة فَقَالَ: إِن الْقَوْم قد جمعُوا لكم {وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم} قَالَ: هَذَا أَبُو سُفْيَان قَالَ لمُحَمد يَوْم أحد: مَوْعدكُمْ بدر حَيْثُ قتلتم أَصْحَابنَا

فَقَالَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: عَسى

فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حَتَّى نزل بَدْرًا فوافوا السُّوق فابتاعوا فَذَلِك قَوْله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء} وَهِي غَزْوَة بدر الصُّغْرَى

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت بَدْرًا متجراً فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَاعد أَبَا سُفْيَان أَن يلقاه بهَا فَلَقِيَهُمْ رجل فَقَالَ لَهُ: إِن بهما جمعا عَظِيما من الْمُشْركين

فَأَما الجبان فَرجع

وَأما الشجاع فَأخذ أهبة التِّجَارَة وأهبة الْقِتَال

{وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} ثمَّ خَرجُوا حَتَّى جاؤوها فتسوّقوا بهَا وَلم يلْقوا أحدا فَنزلت {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} إِلَى قَوْله {بِنِعْمَة من الله وَفضل}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَزَادَهُم إِيمَانًا} قَالَ: الإِيمان يزِيد وَينْقص

ص: 389

وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار وَقَالَهَا مُحَمَّد حِين قَالُوا {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل}

وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ آخر قَول إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَقَالَ نَبِيكُم مثلهَا {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَهِي الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا نَبِيكُم وَأَصْحَابه إِذْ قيل لَهُم {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا وَقَعْتُمْ فِي الْأَمر الْعَظِيم فَقولُوا {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل}

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الذّكر عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا اشتدّ غمه مسح بِيَدِهِ على رَأسه ولحيته ثمَّ تنفس الصعداء وَقَالَ: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل

وَأخرج أَبُو نعيم عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل أَمَان كل خَائِف

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قَالَ عشر كَلِمَات عِنْد كل صَلَاة غَدَاة وجد الله عِنْدهن مكفياً مجزياً: خمس للدنيا وَخمْس للآخرة: حسبي الله لديني حسبي الله لما أهمني حسبي الله لمن بغى عليّ حسبي الله لمن حسدني حسبي الله لمن كادني بِسوء حسبي الله عِنْد الْمَوْت حسبي الله عِنْد الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر حسبي الله عِنْد الْمِيزَان حسبي الله عِنْد الصِّرَاط حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل} قَالَ {النِّعْمَة} أَنهم سلمُوا و {الْفضل} إِن عيرًا مرَّت وَكَانَ فِي أَيَّام الْمَوْسِم فاشتراها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فربح مَالا فَقَسمهُ بَين أَصْحَابه

ص: 390

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ الْفضل مَا أَصَابُوا من التِّجَارَة وَالْأَجْر

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أعْطى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين خرج إِلَى غَزْوَة بدر الصُّغْرَى ببدر دَرَاهِم ابتاعوا بهَا من موسم بدر فَأَصَابُوا تِجَارَة فَذَلِك قَول الله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء} قَالَ: أما النِّعْمَة فَهِيَ الْعَافِيَة وَأما الْفضل فالتجارة وَالسوء الْقَتْل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لم يمسسهم سوء} قَالَ: لم يؤذهم أحد {وَاتبعُوا رضوَان الله} قَالَ: أطاعوا الله وَرَسُوله

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّفكم أولياءه

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّف أولياءه} يَقُول: الشَّيْطَان يخوّف الْمُؤمنِينَ بأوليائه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّف أولياءه} قَالَ: يخوّف الْمُؤمنِينَ بالكفار

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {يخوّف أولياءه} قَالَ: يعظم أولياءه فِي أعينكُم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: تَفْسِيرهَا يخوّفكم بأوليائه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: يخوّف النَّاس أولياءه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك تخويف الشَّيْطَان وَلَا يخَاف الشَّيْطَان إِلَّا ولي الشَّيْطَان

الْآيَتَانِ 176 - 177

ص: 391

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} قَالَ: هم الْكفَّار

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِن الَّذين اشْتَروا الْكفْر بالإِيمان} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ

وَالله أعلم

الْآيَة 178

ص: 392

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو بكر الْمروزِي فِي الْجَنَائِز وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا من نفس برة وَلَا فاجرة إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهَا من الْحَيَاة إِن كَانَ برا فقد قَالَ الله {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} وَإِن كَانَ فَاجِرًا فقد قَالَ الله {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: مَا من مُؤمن إِلَّا الْمَوْت خير لَهُ وَمَا من كَافِر إِلَّا الْمَوْت خير لَهُ

فَمن لم يصدقني فَإِن الله يَقُول (ومَا عِنْد الله خير للأبرار)(آل عمرَان الْآيَة 198){وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا وَلَهُم عَذَاب مهين}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الْمَوْت خير للْكَافِرِ وَالْمُؤمن ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ثمَّ قَالَ: إِن الْكَافِر مَا عَاشَ كَانَ أَشد لعذابه يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بَرزَة قَالَ: مَا أحد إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهُ من الْحَيَاة فالمؤمن يَمُوت فيستريح وَأما الْكَافِر فقد قَالَ الله {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير} الْآيَة

الْآيَة 179

ص: 392

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالُوا إِن كَانَ مُحَمَّد صَادِقا فليخبرنا بِمن يُؤمن بِهِ منا وَمن يكفر فَأنْزل الله {مَا كَانَ الله ليذر الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يَقُول للْكفَّار {مَا كَانَ الله ليذر الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} من الْكفْر {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب} فيميز أهل السَّعَادَة من أهل الشقاوة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: يَقُول للْكفَّار لم يكن ليَدع الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من الضَّلَالَة حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب فميز بَينهم فِي الْجِهَاد وَالْهجْرَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: ميز بَينهم يَوْم أحد

الْمُنَافِق من الْمُؤمن

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَالك بن دِينَار أَنه قَرَأَ {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب}

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب} مُخَفّفَة مَنْصُوبَة الْيَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليطلعكم على الْغَيْب} قَالَ: وَلَا يَّطلع على الْغَيْب إِلَّا رَسُول

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَكِن الله يجتبي من رسله من يَشَاء} قَالَ: يختصهم لنَفسِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {يَجْتَبي} قَالَ: يستخلص

الْآيَة 180

ص: 393

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب أَنهم بخلوا بِالْكتاب أَن يبينوه للنَّاس {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة} ألم تسمع أَنه قَالَ (يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل)(النِّسَاء الْآيَة 37) يَعْنِي أهل الْكتاب يَقُول: يكتمون ويأمرون النَّاس بِالْكِتْمَانِ

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: هم يهود

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: بخلوا أَن ينفقوها فِي سَبِيل الله وَلم يُؤدوا زَكَاتهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم كَافِر وَمُؤمن بخل أَن ينْفق فِي سَبِيل الله

وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من آتَاهُ الله مَالا فَلم يؤد زَكَاته مثل لَهُ شُجَاع أَقرع لَهُ زَبِيبَتَانِ يطوّقه يَوْم الْقِيَامَة فَيَأْخُذ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي شدقيه - فَيَقُول: أَنا مَالك

أَنا كَنْزك

ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} الْآيَة

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا من رجل لَا يُؤَدِّي زَكَاة مَاله إِلَّا مثل لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شُجَاع أَقرع يفر مِنْهُ وَهُوَ يتبعهُ فَيَقُول: أَنا كَنْزك حَتَّى يطوّق فِي عُنُقه

ثمَّ قَرَأَ علينا النَّبِي صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} الْآيَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن

ص: 394

مَسْعُود فِي قَوْله {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: من كَانَ لَهُ مَال لم يؤد زَكَاته طوقه الله يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع بِفِيهِ زَبِيبَتَانِ ينقر رَأسه حَتَّى يخلص إِلَى دماغه

وَلَفظ الْحَاكِم ينهسه فِي قَبره فَيَقُول: مَا لي وَلَك فَيَقُول: أَنا مَالك الَّذِي بخلت بِي

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: يكون المَال على صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع إِذا لم يُعْط حق الله مِنْهُ فيتبعه وَهُوَ يلوذ مِنْهُ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَابْن جرير عَن حجر بن بَيَان عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا من ذِي رحم يَأْتِي ذَا رَحمَه فيسأله من فضل مَا أعطَاهُ الله إِيَّاه فيبخل عَلَيْهِ إِلَّا خرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة من جَهَنَّم شُجَاع يتلمظ حَتَّى يطوقه

ثمَّ قَرَأَ {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُعَاوِيَة بن حيدة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَأْتِي الرجل مَوْلَاهُ فيسأله من فضل مَال عِنْده فيمنعه إِيَّاه إِلَّا دعى لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شُجَاع يتلمظ فَضله الَّذِي منع

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا من ذِي رحم يَأْتِي ذَا رَحمَه فيسأله فضلا أعطَاهُ الله إِيَّاه فيبخل عَلَيْهِ إِلَّا أخرج الله لَهُ حَيَّة من جَهَنَّم يُقَال لَهَا شُجَاع يتلمظ فيطوّق بِهِ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يُؤْتى بِصَاحِب المَال الَّذِي أطَاع الله فِيهِ وَمَاله بَين يَدَيْهِ كلما تكفأ بِهِ الصِّرَاط قَالَ لَهُ مَاله: أمض فقد أدّيت حق الله فيّ

ثمَّ يُجاء بِصَاحِب المَال الَّذِي لم يطع الله فِيهِ وَمَاله بَين كَتفيهِ كلما تكفأ بِهِ الصِّرَاط قَالَ لَهُ مَاله: وَيلك أَلا أدّيت حق الله فيّ فَمَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يرزقه الله المَال فَيمْنَع قرَابَته الْحق الَّذِي جعله الله لَهُم فِي مَاله فَيجْعَل حَيَّة فيطوقها فَيَقُول للحية: مَا لي وَلَك فَتَقول: أَنا مَالك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: طوقاً من نَار

ص: 395

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ} قَالَ: سيكلفون أَن يَأْتُوا بِمثل مَا بخلوا بِهِ من أَمْوَالهم يَوْم الْقِيَامَة

الْآيَتَانِ 181 - 182

ص: 396

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخل أَبُو بكر بَيت الْمِدْرَاس فَوجدَ يهود قد اجْتَمعُوا إِلَى رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ فنحَاص وَكَانَ من عُلَمَائهمْ وَأَحْبَارهمْ فَقَالَ أَبُو بكر: وَيلك يَا فنحَاص

اتَّقِ الله وَأسلم فوَاللَّه أَنَّك لتعلم أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة فَقَالَ فنخاص: وَالله يَا أَبَا بكر مَا بِنَا إِلَى الله من فقر وَإنَّهُ إِلَيْنَا لفقير وَمَا نَتَضَرَّع إِلَيْهِ كَمَا يتَضَرَّع إِلَيْنَا وَإِنَّا عَنهُ لأغنياء وَلَو كَانَ غَنِيا عَنَّا مَا اسْتقْرض منا كَمَا يزْعم صَاحبكُم يَنْهَاكُم عَن الرِّبَا وَيُعْطِينَا وَلَو كَانَ غَنِيا عَنَّا مَا أَعْطَانَا الرِّبَا

فَغَضب أَبُو بكر فَضرب وَجه فنحَاص ضَرْبَة شَدِيدَة وَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبَيْنك لضَرَبْت عُنُقك يَا عدوّ الله

فَذهب فنحَاص إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد انْظُر مَا صنع صَاحبك بِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر مَا حملك على مَا صنعت قَالَ: يَا رَسُول الله قَالَ قولا عَظِيما: يزْعم أَن الله فَقير وَأَنَّهُمْ عَنهُ أَغْنِيَاء

فَلَمَّا قَالَ ذَلِك غضِبت لله مِمَّا قَالَ فَضربت وَجهه

فَجحد فنحَاص فَقَالَ: مَا قلت ذَلِك

فَأنْزل الله فِيمَا قَالَ فنحَاص تَصْدِيقًا لأبي بكر {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير} الْآيَة

وَنزل فِي أبي بكر وَمَا بلغه فِي ذَلِك من الْغَضَب (ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا

) (آل عمرَان الْآيَة 186) الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعث أَبَا

ص: 396

بكر إِلَى فنحَاص الْيَهُودِيّ يستمده وَكتب إِلَيْهِ وَقَالَ لأبي بكر: لَا تفتت عليّ بِشَيْء حَتَّى ترجع إليَّ

فَلَمَّا قَرَأَ فنحَاص الْكتاب قَالَ: قد احْتَاجَ ربكُم

قَالَ أَبُو بكر فهممت أَن أمده بِالسَّيْفِ ثمَّ ذكرت قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تفتت عليّ بِشَيْء

فَنزلت {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا} الْآيَة

وَقَوله (ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ)(آل عمرَان الْآيَة 186) وَمَا بَين ذَلِك فِي يهود بني قينقاع

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير} قَالَهَا فنحَاص الْيَهُودِيّ من بني مرْثَد لقِيه أَبُو بكر فَكَلمهُ فَقَالَ لَهُ: يَا فنحَاص اتَّقِ الله وآمن وَصدق وأقرض الله قرضا حسنا

فَقَالَ فنحَاص: يَا أَبَا بكر تزْعم أَن رَبنَا غَنِي وتستقرضنا لأموالنا وَمَا يستقرض إِلَّا الْفَقِير من الْغَنِيّ إِن كَانَ مَا تَقول حَقًا فَإِن الله إِذن لفقير

فَأنْزل الله هَذَا فَقَالَ أَبُو بكر: فلولا هدنة كَانَت بَين بني مرْثَد وَبَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم لقتلته

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: صك أَبُو بكر رجلا مِنْهُم {الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير وَنحن أَغْنِيَاء} لم يستقرضنا وَهُوَ غَنِي

وهم يهود

وَأخرج ابْن جرير عَن شبْل فِي الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَنه فنحَاص الْيَهُودِيّ وَهُوَ الَّذِي قَالَ (إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة)(الْمَائِدَة الْآيَة 73) و (يَد الله مغلولة)(الْمَائِدَة الْآيَة 64)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَت الْيَهُود مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم حِين أنزل الله (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا)(الْبَقَرَة الْآيَة 245) فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أفقير رَبنَا يسْأَل عباده الْقَرْض فَأنْزل الله {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لقد سمع الله} الْآيَة

قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا نزلت فِي حييّ بن أَخطب لما نزلت (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة)(الْبَقَرَة الْآيَة 245) قَالَ: يستقرضنا رَبنَا إِنَّمَا يستقرض الْفَقِير الْغَنِيّ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْعَلَاء بن بدر أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وقتلهم الْأَنْبِيَاء بِغَيْر حق} وهم لم يدركوا ذَلِك قَالَ: بِمُوَالَاتِهِمْ من قتل أَنْبيَاء الله

ص: 397

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ونقول ذوقوا عَذَاب الْحَرِيق} قَالَ: بَلغنِي أَنه يحرق أحدهم فِي الْيَوْم سبعين ألف مرّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن الله لَيْسَ بظلام للعبيد} قَالَ: مَا أَنا بمعذب من لم يجترم

الْآيَات 183 - 185

ص: 398

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى يأتينا بقربان تَأْكُله النَّار} قَالَ: يتَصَدَّق الرجل منا فَإِذا تقبل مِنْهُ أنزلت عَلَيْهِ نَار من السَّمَاء فأكلته

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ من قبلنَا من الْأُمَم يقرب أحدهم القربان فَتخرج النَّاس فَيَنْظُرُونَ أيتقبل مِنْهُم أم لَا فَإِن تقبل مِنْهُم جَاءَت نَار بَيْضَاء من السَّمَاء فَأكلت مَا قرب وَإِن لم يتَقَبَّل لم تأت النَّار فَعرف النَّاس أَن لم يقبل مِنْهُم فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا سَأَلَهُ أهل الْكتاب أَن يَأْتِيهم بقربان {قل قد جَاءَكُم رسل من قبلي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} القربان {فلمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} يعيرهم بكفرهم قبل الْيَوْم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا إِن الله عهد} الْآيَة

قَالَ هم الْيَهُود قَالُوا لمُحَمد صلى الله عليه وسلم: إِن أَتَيْتنَا بقربان تَأْكُله النَّار صدقناك وَإِلَّا فلست بِنَبِي

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن الرجل يشْتَرك فِي

ص: 398

دم الرجل وَقد قتل قبل أَن يُولد

ثمَّ قَرَأَ الشّعبِيّ {قل قد جَاءَكُم رسل من قبلي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلم قَتَلْتُمُوهُمْ} فجعلهم هم الَّذين قتلوهم وَلَقَد قتلوا قبل أَن يولدوا بسبعمائة عَام

وَلَكِن قَالُوا قتلوا بِحَق وَسنة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا إِن الله عهد إِلَيْنَا} الْآيَة

قَالَ: كذبُوا على الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَلَاء بن بدر قَالَ: كَانَت رسل تَجِيء بِالْبَيِّنَاتِ ورسل عَلامَة نبوتهم أَن يضع أحدهم لحم الْبَقر على يَده فتجيء نَار من السَّمَاء فتأكله

فَأنْزل الله {قد جَاءَكُم رسل من قبلي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِن كَذبُوك} قَالَ: الْيَهُود

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فقد كذبت رسل من قبلك} قَالَ: يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ عَن أَصْحَابه فِي قَوْله {بِالْبَيِّنَاتِ} قَالَ: الْحَرَام والحلال {والزبر} قَالَ: كتب الْأَنْبِيَاء {وَالْكتاب الْمُنِير} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والزبر وَالْكتاب الْمُنِير} قَالَ: يُضَاعف الشَّيْء وَهُوَ وَاحِد

قَوْله تَعَالَى: {كل نفس ذائقة الْمَوْت} الْآيَة

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لما توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَجَاءَت التَّعْزِيَة

جَاءَهُم آتٍ يسمعُونَ حسه وَلَا يرَوْنَ شخصه فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته {كل نفس ذائقة الْمَوْت وَإِنَّمَا توفون أجوركم يَوْم الْقِيَامَة} إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة وخلفاً من كل هَالك ودركاً من كل مَا فَاتَ فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب

فَقَالَ عَليّ: هَذَا الْخضر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَابْن حبَان وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن مَوضِع سَوط فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا واقرؤوا إِن شِئْتُم {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لموْضِع سَوط

ص: 399

أحدكُم فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ}

وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لغدوة أَو رَوْحَة فِي سَبِيل الله خير من الدُّنْيَا بِمَا عَلَيْهَا وَلَقَاب قَوس أحدهم فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا بِمَا عَلَيْهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: إِن آخر من يدْخل الْجنَّة يعْطى من النُّور بِقدر مَا دَامَ يحبو فَهُوَ فِي النُّور حَتَّى تجَاوز الصِّرَاط

فَذَلِك قَوْله {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ}

وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أَن يزحزح عَن النَّار وَأَن يدْخل الْجنَّة فلتدركه منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وليأت إِلَى النَّاس مَا يحب أَن يُؤْتى إِلَيْهِ

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فقد فَازَ} قَالَ سعد: وَنَجَا

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول عبد الله بن رَوَاحَة: وَعَسَى أَن أفوز ثمت ألْقى حجَّة اتَّقى بهَا الفتانا وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط فِي قَوْله {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} قَالَ: كزاد الرَّاعِي يزوده الْكَفّ من التَّمْر أَو الشَّيْء من الدَّقِيق يشرب عَلَيْهِ اللَّبن

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} قَالَ: هِيَ مَتَاع مَتْرُوك أوشكت وَالله أَن تضمحل عَن أَهلهَا فَخُذُوا من هَذَا الْمَتَاع طَاعَة الله إِن اسْتَطَعْتُم

وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه

الْآيَة 186

ص: 400

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {لتبلون} الْآيَة قَالَ: أعلم الله الْمُؤمنِينَ أَنه سيبتليهم فَينْظر كَيفَ صبرهم على دينهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله {ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ: هُوَ كَعْب بن الْأَشْرَف وَكَانَ يحرض الْمُشْركين على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه فِي شعره ويهجو النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك

مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَكَانَ الْمُسلمُونَ يسمعُونَ من الْيَهُود قَوْلهم: عُزَيْر ابْن الله

وَمن النَّصَارَى قَوْلهم: الْمَسِيح ابْن الله

وَكَانَ الْمُسلمُونَ ينصبون لَهُم الْحَرْب ويسمعون إشراكهم بِاللَّه {وَإِن تصبروا وتتقوا فَإِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} قَالَ: من القوّة مِمَّا عزم الله عَلَيْهِ وأمركم بِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَإِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة

قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن يصبروا على من آذاهم رغم أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَصْحَاب مُحَمَّد لَسْتُم على شَيْء نَحن أولى مِنْكُم أَنْتُم ضلال

فَأمروا أَن يمضوا ويصبروا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} يَعْنِي هَذَا الصَّبْر على الْأَذَى فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر {من عزم الْأُمُور} يَعْنِي من حق الْأُمُور الَّتِي أَمر الله تَعَالَى

الْآيَة 187

ص: 401

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس} إِلَى قَوْله {عَذَاب أَلِيم} يَعْنِي فنحَاص وَأشيع وإشباههما من الْأَحْبَار

ص: 401

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس} قَالَ: كَانَ أَمرهم أَن يتبعوا النَّبِي الْأُمِّي الَّذِي يُؤمن بِاللَّه وكلماته وَقَالَ: واتبعوه لَعَلَّكُمْ تهتدون

فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا قَالَ (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم)(الْبَقَرَة الْآيَة 40) عاهدهم على ذَلِك فَقَالَ حِين بعث مُحَمَّدًا: صدقوه وتلقون عِنْدِي الَّذِي أَحْبَبْتُم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَلْقَمَة بن وَقاص عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل أَن الإِسلام دين الله الَّذِي افترضه على عباده وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل فينبذونه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: الْيَهُود {لتبيننه للنَّاس} قَالَ: مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله أَخذ مِيثَاق الْيَهُود لتبينن للنَّاس مُحَمَّدًا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مِيثَاق أَخذه الله على أهل الْعلم فَمن علم علما فليعلمه للنَّاس وَإِيَّاكُم وكتمان الْعلم فَإِن كتمان الْعلم هلكة وَلَا يتكلفن رجل مَا لَا علم لَهُ بِهِ فَيخرج من دين الله فَيكون من المتكلفين

كَانَ يَقُول مثل علم لَا يُقَال بِهِ كَمثل كنز لَا ينْتَفع بِهِ وَمثل حِكْمَة لَا تخرج كَمثل صنم قَائِم لَا يَأْكُل وَلَا يشرب

وَكَانَ يُقَال فِي الْحِكْمَة: طُوبَى لعالم نَاطِق وطوبى لمستمع واع

هَذَا رجل عَلِمَ عِلماً فَعَلَّمَه وبذله ودعا إِلَيْهِ وَرجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع بِهِ

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى قوم فِي الْمَسْجِد وَفِيه عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ: إِن أَخَاكُم كَعْبًا يقرؤكم السَّلَام ويبشركم أَن هَذِه الْآيَة لَيست فِيكُم {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه} فَقَالَ لَهُ عبد الله: وَأَنت فاقرئه السَّلَام أَنَّهَا نزلت وَهُوَ يَهُودِيّ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن أَصْحَاب عبد الله يقرؤون وَإِذ أَخذ رَبك من الَّذين أُوتُوا الْكتاب ميثاقهم

ص: 402

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه كَانَ يُفَسر قَوْله {لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه} ليتكلمن بِالْحَقِّ وليصدقنه بِالْعَمَلِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {فنبذوه وَرَاء ظُهُورهمْ} قَالَ إِنَّهُم قد كَانُوا يقرؤونه وَلَكنهُمْ نبذوا الْعَمَل بِهِ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {فنبذوه} قَالَ: نبذوا الْمِيثَاق

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {واشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا} أخذُوا طعما وكتموا اسْم مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ: كتموا وَبَاعُوا فَلم يبدوا شَيْئا إِلَّا بِثمن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فبئس مَا يشْتَرونَ} قَالَ: تَبْدِيل يهود التَّوْرَاة

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَوْلَا مَا أَخذ الله على أهل الْكتاب مَا حدثتكم

وتلا {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه}

وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ لَوْلَا الْمِيثَاق الَّذِي أَخذه الله على أهل الْعلم مَا حدثتكم بِكَثِير مِمَّا تسْأَلُون عَنهُ

الْآيَتَانِ 188 - 189

ص: 403

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن مَرْوَان قَالَ لبوّابه: اذْهَبْ يَا رَافع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقل لَهُ: لَئِن كَانَ كل امرىء منا فَرح بِمَا أَتَى وَأحب أَن يحمد بِمَا لم يفعل معذباً لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ

فَقَالَ ابْن عَبَّاس مَا لكم ولهذه الْآيَة إِنَّمَا أنزلت هَذِه فِي أهل الْكتاب ثمَّ تَلا ابْن عَبَّاس {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس} آل عمرَان الْآيَة 187 الْآيَة وتلا {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} الْآيَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: سَأَلَهُمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن

ص: 403

شَيْء فَكَتَمُوهُ إِيَّاه وَأَخْبرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرجُوا وَقد أروه أَن قد أَخْبرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنهُ وَاسْتحْمدُوا بذلك إِلَيْهِ وفرحوا بِمَا أَتَوا من كتمان مَا سَأَلَهُمْ عَنهُ

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجَالًا من الْمُنَافِقين كَانُوا إِذا خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْغَزْو تخلفوا عَنهُ وفرحوا بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْغَزْو اعتذروا إِلَيْهِ وحلفوا وأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا

فَنزلت {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن أسلم أَن رَافع بن خديج وَزيد بن ثَابت كَانَا عِنْد مَرْوَان وَهُوَ أَمِير بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ مَرْوَان: يَا رَافع فِي أَي شَيْء نزلت هَذِه الْآيَة {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} قَالَ رَافع: أنزلت فِي نَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا إِذا خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم اعتذروا وَقَالُوا: مَا حبسنا عَنْكُم إِلَّا الشّغل فلوددنا أَنا كُنَّا مَعكُمْ فَأنْزل الله فيهم هَذِه الْآيَة فَكَأَن مَرْوَان أنكر ذَلِك فجزع رَافع من ذَلِك فَقَالَ لزيد ين ثَابت: أنْشدك بِاللَّه هَل تعلم مَا أَقُول قَالَ: نعم

فَلَمَّا خرجا من عِنْد مَرْوَان قَالَ لَهُ زيد: أَلا تحمدني شهِدت لَك قَالَ: أحمدك أَن تشهد بِالْحَقِّ قَالَ: نعم

قد حمد الله على الْحق أَهله

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم لَو قد خرجت لخرجنا مَعَك فَإِذا خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم تخلفوا وكذبوا ويفرحون بذلك ويرون أَنَّهَا حِيلَة احْتَالُوا بهَا

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي فنحَاص وَأشيع وأشباههما من الْأَحْبَار الَّذين يفرحون بِمَا يصيبون من الدُّنْيَا على مَا زَينُوا للنَّاس من الضَّلَالَة {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} أَن يَقُول لَهُم النَّاس عُلَمَاء وَلَيْسوا بِأَهْل علم لم يحملوهم على هدى وَلَا خير وَيُحِبُّونَ أَن يَقُول لَهُم النَّاس قد فعلوا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب أنزل الله عَلَيْهِم الْكتاب فحكموا بِغَيْر الْحق وحرفوا الْكَلم عَن موَاضعه وفرحوا بذلك وأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا

فرحوا أَنهم كفرُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَمَا أنزل الله إِلَيْهِ وهم يَزْعمُونَ أَنهم يعْبدُونَ الله وَيَصُومُونَ وَيصلونَ

ص: 404

ويطيعون الله فَقَالَ الله لمُحَمد {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} كفرُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَكَفرُوا بِاللَّه وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا من الصَّلَاة وَالصَّوْم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود كتب بَعضهم إِلَى بعض: أَن مُحَمَّدًا لَيْسَ بِنَبِي فَأَجْمعُوا كلمتكم وتمسكوا بدينكم وَكِتَابكُمْ الَّذِي مَعكُمْ فَفَعَلُوا فَفَرِحُوا بذلك وفرحوا باجتماعهم على الْكفْر بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كتموا اسْم مُحَمَّد فَفَرِحُوا بذلك حِين اجْتَمعُوا عَلَيْهِ وَكَانُوا يزكون أنفسهم فَيَقُولُونَ: نَحن أهل الصّيام وَأهل الصَّلَاة وَأهل الزَّكَاة وَنحن على دين إِبْرَاهِيم

فَأنْزل الله فيهم {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} من كتمان مُحَمَّد {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} أَحبُّوا أَن تحمدهم الْعَرَب بِمَا يزكون بِهِ أنفسهم وَلَيْسوا كَذَلِك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} قَالَ: بكتمانهم مُحَمَّدًا {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} قَالَ: هُوَ قَوْلهم نَحن على دين إِبْرَاهِيم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: يهود فرحوا بإعجاب النَّاس بتبديلهم الْكتاب وحمدهم إيَّاهُم عَلَيْهِ

وَلَا تملك يهود ذَلِك وَلنْ تَفْعَلهُ

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود يفرحون بِمَا آتى الله إِبْرَاهِيم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن يهود خَيْبَر أَتَوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فزعموا أَنهم راضون بِالَّذِي جَاءَ بِهِ وَأَنَّهُمْ متابعوه وهم متمسكون بضلالتهم وَأَرَادُوا أَن يحمدهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَا لم يَفْعَلُوا

فَأنْزل الله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون} الْآيَة

وَأخرج عبد الزراق وَابْن جرير من وَجه آخر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: إِن أهل خَيْبَر أَتَوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه فَقَالُوا: إِنَّا على رَأْيكُمْ وَإِنَّا لكم ردء

فأكذبهم الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود من أهل خَيْبَر قدمُوا

ص: 405

على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: قد قبلنَا الدّين ورضينا بِهِ فأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا

وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن ثَابت أَن ثَابت بن قيس قَالَ: يَا رَسُول الله لقد خشيت أَن أكون قد هَلَكت قَالَ: لمَ

قَالَ: نَهَانَا الله أَن نحب أَن نحمد بِمَا لم نَفْعل وأجدني أحب الْحَمد

ونهانا عَن الْخُيَلَاء وأجدني أحب الْجمال

ونهانا أَن نرفع صوتنا فَوق صَوْتك وَأَنا رجل جهير الصَّوْت

فَقَالَ: يَا ثَابت أَلا ترْضى أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة

فَعَاشَ حميدا وَقتل شَهِيدا يَوْم مسليمة الْكذَّاب

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد بن ثَابت قَالَ: حَدثنِي ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ قلت: يَا رَسُول الله لقد خشيت فَذكره

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجال عباد فُقَهَاء فأدخلتهم الْمُلُوك فرخصوا لَهُم وأعطواهم فَخَرجُوا وهم فَرِحُونَ بِمَا أخذت الْمُلُوك من قَوْلهم وَمَا أعْطوا

فَأنْزل الله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} قَالَ: نَاس من الْيَهُود جهزوا جَيْشًا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَحْنَف بن قيس أَن رجلا قَالَ لَهُ: أَلا تميل فنحملك على ظهر قَالَ: لَعَلَّك من العراضين قَالَ: وَمَا العراضون قَالَ: الَّذين {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} إِذا عرض لَك الْحق فاقصد لَهُ واله عَمَّا سواهُ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يعمر فَلَا يحسبنهم يَعْنِي أنفسهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ فَلَا يحسبنهم على الْجِمَاع بِكَسْر السِّين وَرفع الْبَاء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {بمفازة} قَالَ بمنجاة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد مثله

الْآيَة 190

ص: 406

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَت قُرَيْش الْيَهُود فَقَالُوا: مَا جَاءَكُم مُوسَى من الْآيَات قَالُوا: عَصَاهُ وَيَده بَيْضَاء للناظرين

وَأتوا النَّصَارَى فَقَالُوا: كَيفَ كَانَ عِيسَى فِيكُم قَالُوا: كَانَ يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى

فَأتوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ادْع لنا رَبك يَجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا

فَدَعَا ربه فَنزلت {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} فليتفكروا فِيهَا

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بتّ عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى انتصف اللَّيْل أَو قبله بِقَلِيل أَو بعده بِقَلِيل ثمَّ اسْتَيْقَظَ فَجعل يمسح النّوم عَن وَجهه بِيَدِهِ

ثمَّ قَرَأَ الْعشْر آيَات الْأَوَاخِر من سُورَة آل عمرَان حَتَّى ختم

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجم الصَّحَابَة عَن صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سفر فرهقت صلَاته لَيْلَة فصلى الْعشَاء الْآخِرَة ثمَّ نَام فَلَمَّا كَانَ نصف اللَّيْل اسْتَيْقَظَ فَتلا الْآيَات الْعشْر

آخر سُورَة آل عمرَان ثمَّ تسوّك ثمَّ تَوَضَّأ فصلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة

الْآيَة 191

ص: 407

أخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة أَيْن أولُوا الْأَلْبَاب قَالُوا: أَي أولُوا الْأَلْبَاب تُرِيدُ قَالَ {الَّذين يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم ويتفكرون فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض رَبنَا مَا خلقت هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فقنا عَذَاب النَّار} عقد لَهُم لِوَاء فَاتبع الْقَوْم لواءهم وَقَالَ لَهُم: ادخلوها خَالِدين

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن

ص: 407

ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {الَّذين يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم} قَالَ: إِنَّمَا هَذَا فِي الصَّلَاة إِذا لم يسْتَطع قَائِما فقاعدا وَإِن لم يسْتَطع قَاعِدا فعلى جنبه

وَأخرج الْحَاكِم عَن عمرَان بن حُصَيْن

أَنه كَانَ بِهِ البواسير فَأمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يُصَلِّي على جنب

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: كَانَت بِي بواسير فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الصَّلَاة فَقَالَ صل قَائِما فَإِن لم تستطع فقاعداً فَإِن لم تستطع فعلى جنب

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن صَلَاة الرجل وَهُوَ قَاعد فَقَالَ من صلى قَائِما فَهُوَ أفضل وَمن صلى قَاعِدا فَلهُ نصف أجر الْقَائِم وَمن صلى نَائِما فَلهُ نصف أجر الْقَاعِد

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ ذكر الله فِي الصَّلَاة وَفِي غير الصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {الَّذين يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم} قَالَ: هَذِه حالاتك كلهَا يَا ابْن آدم

اذكر الله وَأَنت قَائِم فَإِن لم تستطع فاذكره جَالِسا فَإِن لم تستطع فاذكره وَأَنت على جَنْبك

يسر من الله وَتَخْفِيف

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يكون عبد من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا حَتَّى يذكر الله قَائِما وَقَاعِدا ومضطجعاً

قَوْله تَعَالَى {ويتفكرون} الْآيَة

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن عبد الله ابْن سَلام قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَليّ أَصْحَابه وهم يتفكرون فَقَالَ: لَا تَفَكَّرُوا فِي الله وَلَكِن تَفَكَّرُوا فِيمَا خلق

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التفكر والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ مر النَّبِي صلى الله عليه وسلم على قوم يتفكرون فَقَالَ: تَفَكَّرُوا فِي الْخلق وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الْخَالِق

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عُثْمَان بن أبي دهرين قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انْتهى إِلَى أَصْحَابه وهم سكُوت لَا يَتَكَلَّمُونَ فَقَالَ: مَا لكم لَا تتكلمون قَالُوا: نتفكر فِي خلق الله قَالَ: كَذَلِك فافعلوا تَفَكَّرُوا فِي خلقه وَلَا تَفَكَّرُوا فِيهِ

ص: 408

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تَفَكَّرُوا فِي آلَاء الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تَفَكَّرُوا فِي خلق الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تَفَكَّرُوا فِي كل شَيْء وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذَات الله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التفكر وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب وَابْن عَسَاكِر عَن عَطاء قَالَ قلت لعَائِشَة أَخْبِرِينِي بِأَعْجَب مَا رَأَيْت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَت: وَأي شَأْنه لم يكن عجبا إِنَّه أَتَانِي لَيْلَة فَدخل معي فِي لِحَافِي ثمَّ قَالَ: ذَرِينِي أَتَعبد لرَبي

فَقَامَ فَتَوَضَّأ ثمَّ قَامَ يُصَلِّي فَبكى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعه على صَدره ثمَّ ركع فَبكى ثمَّ سجد فَبكى ثمَّ رفع رَأسه فَبكى

فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى جَاءَ بِلَال فآذنه بِالصَّلَاةِ فَقلت: يَا رَسُول الله مَا يبكيك وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَلم لَا أفعل وَقد أنزل عَليّ هَذِه اللَّيْلَة {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} إِلَى قَوْله {سُبْحَانَكَ فقنا عَذَاب النَّار} ثمَّ قَالَ: ويل لمن قَرَأَهَا وَلم يتفكر فِيهَا

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي التفكر عَن سُفْيَان رفْعَة قَالَ من قَرَأَ سُورَة آل عمرَان فَلم يتفكر فِيهَا ويله

فعد بأصابعه عشرا

قيل للأوزاعي: مَا غَايَة التفكر فِيهِنَّ قَالَ: يقرؤهن وَهُوَ يعقلهن

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَامر بن عبد قيس قَالَ: سَمِعت غير وَاحِد وَلَا اثْنَيْنِ وَلَا ثَلَاثَة من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: إِن ضِيَاء الْإِيمَان أَو نور الْإِيمَان التفكر

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عون قَالَ: سَأَلت أم الدَّرْدَاء مَا كَانَ أفضل عبَادَة أبي الدَّرْدَاء قَالَت: التفكر والإعتبار

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تفكر سَاعَة خير من قيام لَيْلَة

وَأخرج ابْن سعد عَن أبي الدَّرْدَاء

مثله

وَأخرج الديلمي عَن أنس مَرْفُوعا

مثله

ص: 409

وَأخرج الديلمي من وَجه آخر مَرْفُوعا عَن أنس تفكر سَاعَة فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار خير من عبَادَة ثَمَانِينَ سنة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فكرة سَاعَة خير من عبَادَة سِتِّينَ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بَيْنَمَا رجل مستلق ينظر إِلَى السَّمَاء وَإِلَى النُّجُوم فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم أَن لَك خَالِقًا وَربا

اللَّهُمَّ اغْفِر لي

فَنظر الله إِلَيْهِ فغفر لَهُ

الْآيَات 192 - 194

ص: 410

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: اسْم الله الْأَكْبَر رب رب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس فِي قَوْله {من تدخل النَّار فقد أخزيته} قَالَ: من تخلد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {رَبنَا إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} قَالَ: هَذِه خَاصَّة لمن لَا يخرج مِنْهَا

وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: قدم علينا جَابر بن عبد الله فِي عمْرَة فانتهيت إِلَيْهِ أَنا وَعَطَاء فَقلت (وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار)(الْبَقَرَة الْآيَة 167) قَالَ: أَخْبرنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنهم الْكفَّار

قلت لجَابِر: فَقَوله {إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} قَالَ: وَمَا أَخْزَاهُ حِين أحرقه بالنَّار وَإِن دون ذَلِك خزياً

ص: 410

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {منادياً يُنَادي للْإيمَان} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد

مثله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ {سمعنَا منادياً يُنَادي للْإيمَان} قَالَ: هوالقرآن لَيْسَ كل النَّاس يسمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: سمعُوا دَعْوَة من الله فأجابوها وأحسنوا فِيهَا: وصبروا عَلَيْهَا

ينبئكم الله عَن مُؤمن الْأنس كَيفَ قَالَ وَعَن مُؤمن الْجِنّ كَيفَ قَالَ

فَأَما مُؤمن الْجِنّ فَقَالَ (إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا)(الْجِنّ الْآيَة 1)

وَأما مُؤمن الْأنس فَقَالَ {رَبنَا إننا سمعنَا منادياً يُنَادي للْإيمَان أَن آمنُوا بربكم فَآمَنا رَبنَا فَاغْفِر لنا ذنوبنا وكفِّر عَنَّا سيئاتنا وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك} قَالَ: ستنجزون موعد الله على رسله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: لَا تفضحنا {إِنَّك لَا تخلف الميعاد} قَالَ: ميعاد من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم} قَالَ: أهل لَا إِلَه إِلَّا الله أهل التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص لَا أخزيهم يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْعَار والتخزية يبلغ من ابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة فِي الْمقَام بَين يَدي الله مَا يتَمَنَّى العَبْد أَن يُؤمر بِهِ إِلَى النَّار

وَأخرج أَبُو بكر الشَّافِعِي فِي رباعيته عَن أبي قرصافة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: اللَّهُمَّ لَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة وَلَا تفضحنا يَوْم اللِّقَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير مَا سَأَلَك عِبَادك الصالحون وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا عاذ مِنْهُ عِبَادك الصالحون (رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا

ص: 411

حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار) (الْبَقَرَة الْآيَة 201) رَبنَا إننا آمنا {فَاغْفِر لنا ذنوبنا وكفِّر عَنَّا سيئاتنا وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار} إِلَى قَوْله {إِنَّك لَا تخلف الميعاد}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ يسْتَحبّ أَن يَدْعُو فِي الْمَكْتُوبَة بِدُعَاء الْقُرْآن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن الدُّعَاء فِي الصَّلَاة فَقَالَ: كَانَ أحب دُعَائِهِمْ مَا وَافق الْقُرْآن

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عسقلان أحد العروسين يبْعَث الله مِنْهَا يَوْم الْقِيَامَة سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَيبْعَث مِنْهَا خَمْسُونَ ألفا شُهَدَاء وفوداً إِلَى الله وَبهَا صُفُوف الشُّهَدَاء رؤوسهم تقطر فِي أَيْديهم تثج أوداجهم دَمًا يَقُولُونَ {رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك وَلَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك لَا تخلف الميعاد} فَيَقُول: صدق عَبِيدِي

اغسلوهم بنهر الْبَيْضَة فَيخْرجُونَ مِنْهُ بيضًا فَيسرحُونَ فِي الْجنَّة حَيْثُ شاؤوا

الْآيَة 195

ص: 412

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أم سَلمَة قَالَت يَا رَسُول الله لَا أسمع الله ذكر النِّسَاء فِي الْهِجْرَة بِشَيْء فَأنْزل الله {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى} إِلَى آخر الْآيَة قَالَت الْأَنْصَار: هِيَ أول ظَعِينَة قدمت علينا

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت: آخر آيَة نزلت هَذِه الْآيَة {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم} إِلَى آخرهَا

ص: 412

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: مَا من عبد يَقُول: يَا رب يَا رب يَا رب ثَلَاث مَرَّات إِلَّا نظر الله إِلَيْهِ

فَذكر لِلْحسنِ فَقَالَ: أما تقْرَأ الْقُرْآن (رَبنَا إننا سمعنَا منادياً)(آل عمرَان الْآيَة 193) إِلَى قَوْله {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم}

قَوْله تَعَالَى: {فَالَّذِينَ هَاجرُوا} الْآيَة

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم الْمُهَاجِرُونَ أخرجُوا من كل وَجه

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن أول ثلة الْجنَّة الْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين تتقى بهم المكاره

إِذا أُمِروا سمعُوا وأطاعوا وَإِن كَانَت لرجل مِنْهُم حَاجَة إِلَى السُّلْطَان لم تقض حَتَّى يَمُوت وَهِي فِي صَدره وَأَن الله يَدْعُو يَوْم الْقِيَامَة الْجنَّة فتأتي بزخرفها وَزينتهَا فَيَقُول: أَيْن عبَادي الَّذين قَاتلُوا فِي سبيلي وقُتِلوا وأوذوا فِي سبيلي وَجَاهدُوا فِي سبيلي أدخلُوا الْجنَّة فيدخلونه بِغَيْر عَذَاب وَلَا حِسَاب وَيَأْتِي الْمَلَائِكَة فيسجدون وَيَقُولُونَ: رَبنَا نَحن نُسَبِّح لَك اللَّيْل وَالنَّهَار ونقدس لَك من هَؤُلَاءِ الَّذين آثرتهم علينا فَيَقُول: هَؤُلَاءِ عبَادي الَّذين قَاتلُوا فِي سبيلي وأوذوا فِي سبيلي

فَتدخل الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم من كل بَاب (سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار)(الرَّعْد الْآيَة 24)

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أتعلم أول زمرة تدخل الْجنَّة من أمتِي قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: الْمُهَاجِرُونَ يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى بَاب الْجنَّة ويستفتحون فَتَقول لَهُم الخزنة: أوقد حوسبتم قَالُوا: بِأَيّ شَيْء نحاسب وَإِنَّمَا كَانَت أسيافنا على عواتقنا فِي سَبِيل الله حَتَّى متْنا على ذَلِك قَالَ: فَيفتح لَهُم فيقيلون فِيهِ أَرْبَعِينَ عَاما قبل أَن يدْخل النَّاس

وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: دخلت الْجنَّة فَسمِعت فِيهَا حَشَفَة بَين يَدي فَقلت: مَا هَذَا قَالَ: بِلَال فمضيت فَإِذا أَكثر أهل الْجنَّة فُقَرَاء الْمُهَاجِرين وذراري الْمُسلمين وَلم أر أحدا أقل من الْأَغْنِيَاء وَالنِّسَاء

قيل لي: أما الْأَغْنِيَاء فهم بِالْبَابِ يحاسبون ويمحصون وَأما النِّسَاء فألهاهن الأحمران: الذَّهَب وَالْحَرِير

ص: 413

وَأخرج أَحْمد عَن أبي الصّديق عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يدْخل فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ الْجنَّة قبل أغنيائهم بأربعمائة عَام حَتَّى يَقُول الْمُؤمن الْغَنِيّ: يَا لَيْتَني كنت نحيلاً

قيل: يَا رَسُول الله صفهم لنا قَالَ: هم الَّذين إِذا كَانَ مَكْرُوه بعثوا لَهُ وَإِذا كَانَ مغنم بعث إِلَيْهِ سواهُم وهم الَّذين يحجبون عَن الْأَبْوَاب

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سعيد بن عَامر بن حزم قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يدْخل فُقَرَاء الْمُسلمين قبل الْأَغْنِيَاء الْجنَّة بِخَمْسِينَ سنة حَتَّى إِن الرجل من الْأَغْنِيَاء ليدْخل فِي غمارهم فَيُؤْخَذ بِيَدِهِ فيستخرج

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يجمعُونَ فَيَقُول أَيْن فُقَرَاء هَذِه الْأمة ومساكينها فيبرزون

فَيُقَال: مَا عنْدكُمْ فَيَقُولُونَ: يَا رب ابتلينا فصبرنا وَأَنت أعلم وَوَلَّيْتَ الْأَمْوَال وَالسُّلْطَان غَيرنَا

فَيُقَال: صَدقْتُمْ

فَيدْخلُونَ الْجنَّة قبل سَائِر النَّاس بِزَمن وَتبقى شدَّة الْحساب على ذَوي الْأَمْوَال وَالسُّلْطَان

قيل: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ قَالَ: يوضع لَهُم كراسي من نور ويظلل عَلَيْهِم الْغَمَام وَيكون ذَلِك الْيَوْم أقصر عَلَيْهِم من سَاعَة من نَهَار

وَالله أعلم

قَوْله تَعَالَى: {وَالله عِنْده حسن الثَّوَاب}

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تتهموا الله فِي قَضَائِهِ فَإِن الله لَا يَبْغِي على مُؤمن فَإِذا نزل بأحدكم شَيْء مِمَّا يحب فليحمد الله وَإِذا نزل بِهِ شَيْء يكره فليصبر وليحتسب فَإِن الله عِنْده حسن الثَّوَاب

الْآيَات 196 - 198

ص: 414

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {لَا يغرنك تقلب الَّذين كفرُوا} تقلب ليلهم ونهارهم وَمَا يجْرِي عَلَيْهِم من النعم {مَتَاع قَلِيل ثمَّ مأواهم جَهَنَّم وَبئسَ المهاد} قَالَ عِكْرِمَة: قَالَ ابْن عَبَّاس: أَي بئس الْمنزل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {لَا يغرنك تقلب الَّذين كفرُوا فِي الْبِلَاد} يَقُول ضَربهمْ فِي الْبِلَاد

ص: 414

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: وَالله مَا غروا نَبِي الله وَلَا وكل إِلَيْهِم شَيْئا من أَمر الله حَتَّى قَبضه الله على ذَلِك

قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار}

أخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: إِنَّمَا سماهم الله أبراراً لأَنهم بروا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء كَمَا أَن لوالدك عَلَيْك حَقًا كَذَلِك لولدك عَلَيْك حق

وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر مَرْفُوعا

وَالْأول أصح

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ {الْأَبْرَار} الَّذين لَا يُؤْذونَ الذَّر

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} قَالَ: لمن يُطِيع الله عز وجل

الْآيَة 199

ص: 415

أخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لما مَاتَ النَّجَاشِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا رَسُول الله نصلي على عبد حبشِي

فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْكُم} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ اخْرُجُوا فصلوا على أَخ لكم فصلى بِنَا فَكبر أَربع تَكْبِيرَات فَقَالَ: هَذَا النَّجَاشِيّ أَصْحَمَة فَقَالَ المُنَافِقُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي على علج نَصْرَانِيّ لم نره قطّ

فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي النَّجَاشِيّ وَفِي نَاس من أَصْحَابه آمنُوا بِنَبِي الله وَصَدقُوا بِهِ

وَذكر لنا: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اسْتغْفر للنجاشي وَصلى عَلَيْهِ حِين بلغه مَوته قَالَ لأَصْحَابه: صلوا على أَخ لكم

ص: 415

قد مَاتَ بِغَيْر بِلَادكُمْ

فَقَالَ أنَاس من أهل النِّفَاق: يُصَلِّي على رجل مَاتَ لَيْسَ من أهل دينه فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما مَاتَ النَّجَاشِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفرُوا لأخيكم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أنستغفر لذَلِك العلج فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْكُم} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ لما صلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم على النَّجَاشِيّ طعن فِي ذَلِك المُنَافِقُونَ فَقَالُوا: صلى عَلَيْهِ وَمَا كَانَ على دينه فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة

قَالُوا: مَا كَانَ يسْتَقْبل قبلته وَإِن بَينهمَا الْبحار

فَنزلت (فأينما توَلّوا فثم وَجه الله)(الْبَقَرَة الْآيَة 115) قَالَ ابْن جريج: وَقَالَ آخَرُونَ: نزلت فِي النَّفر الَّذين كَانُوا من يهود فأسلموا

عبد الله بن سَلام وَمن مَعَه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن وَحشِي بن حَرْب قَالَ: لما مَاتَ النَّجَاشِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه إِن أَخَاكُم النَّجَاشِيّ قد مَاتَ قومُوا فصلوا عَلَيْهِ

فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْهِ وَقد مَاتَ فِي كفره قَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ قَول الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة

قَالَ: هم مسلمة أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ يهود

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب الَّذين كَانُوا قبل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَالَّذين اتبعُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم

الْآيَة 200

ص: 416

أخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق دَاوُد بن صَالح قَالَ: قَالَ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن: تَدْرِي فِي أَي شَيْء نزلت هَذِه الْآيَة {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا} قلت: لَا

قَالَ

سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: لم يكن فِي زمَان النَّبِي صلى الله عليه وسلم غَزْو يرابط فِيهِ وَلَكِن انْتِظَار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة

ص: 416

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: أقبل عليَّ أَبُو هُرَيْرَة يَوْمًا فَقَالَ: أَتَدْرِي يَا ابْن أخي فيمَ أنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا} قلت: لَا

قَالَ: أما إِنَّه لم يكن فِي زمَان النَّبِي صلى الله عليه وسلم غَزْو يرابطون فِيهِ وَلكنهَا نزلت فِي قوم يعمرون الْمَسَاجِد يصلونَ الصَّلَاة فِي مواقيتها ثمَّ يذكرُونَ الله فِيهَا فَعَلَيْهِم أنزلت {اصْبِرُوا} أَي على الصَّلَوَات الْخمس {وَصَابِرُوا} أَنفسكُم وهواكم {وَرَابطُوا} فِي مَسَاجِدكُمْ {وَاتَّقوا الله} فِيمَا علمكُم {لَعَلَّكُمْ تفلحون}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب قَالَ: وقف علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ هَل لكم إِلَى مَا يمحو الله تَعَالَى بِهِ الذُّنُوب ويعظم الْأجر فَقُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: إسباغ الْوضُوء على المكاره وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة

قَالَ: وَهُوَ قَول الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا} فذلكم هُوَ الرِّبَاط فِي الْمَسَاجِد

وَأخرج ابْن جرير وَابْن حبَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا أدلكم على مَا يمحو الله بِهِ الذُّنُوب قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله

قَالَ: إسباغ الْوضُوء على المكاره وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة فذلكم الرِّبَاط

وَأخرج ابْن جرير من حَدِيث عَليّ

مثله

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَلا أخْبركُم بِمَا يمحو الله بِهِ الْخَطَايَا وَيرْفَع بِهِ الدَّرَجَات إسباغ الْوضُوء على المكاره وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة فذلكم الرِّبَاط

فذلكم الرِّبَاط

فذلكم الرِّبَاط

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي غَسَّان قَالَ: إِن هَذِه الْآيَة إِنَّمَا أنزلت فِي لُزُوم الْمَسَاجِد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي الْآيَة قَالَ: أَمرهم أَن يصبروا على دينهم وَلَا يَدعُوهُ لشدَّة وَلَا رخاء وَلَا سراء وَلَا ضراء

وَأمرهمْ أَن يصابروا الْكفَّار وَأَن يرابطوا الْمُشْركين

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي الْآيَة

ص: 417

قَالَ: اصْبِرُوا على دينكُمْ وَصَابِرُوا الْوَعْد الَّذِي وعدتكم وَرَابطُوا عدوّي وَعَدُوكُمْ حَتَّى يتْرك دينه لدينكم وَاتَّقوا الله فِيمَا بيني وَبَيْنكُم لَعَلَّكُمْ تفلحون غَدا إِذا لقيتموني

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على طَاعَة الله وَصَابِرُوا أهل الضَّلَالَة وَرَابطُوا فِي سَبِيل الله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على الْجِهَاد وَصَابِرُوا عَدوكُمْ وَرَابطُوا على دينكُمْ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا عِنْد الْمُصِيبَة وَصَابِرُوا على الصَّلَوَات وَرَابطُوا: جاهدوا فِي سَبِيل الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على الْفَرَائِض وَصَابِرُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الموطن وَرَابطُوا فِيمَا أَمركُم ونهاكم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على طَاعَة الله وَصَابِرُوا أَعدَاء الله وَرَابطُوا فِي سَبِيل الله

وَأخرج أَبُو النَّعيم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا} على الصَّلَوَات الْخمس وَصَابِرُوا على قتال عدوّكم بِالسَّيْفِ وَرَابطُوا فِي سَبِيل الله لَعَلَّكُمْ تفلحون

وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن زيد بن أسلم قَالَ: كتب أَبُو عُبَيْدَة إِلَى عمر بن الْخطاب يذكر لَهُ جموعاً من الرّوم وَمَا يتخوّف مِنْهُم فَكتب إِلَيْهِ عمر: أما بعد فَإِنَّهُ مهما ينزل بِعَبْد مُؤمن من شدَّة يَجْعَل الله بعْدهَا فرجا وَإنَّهُ لن يغلب عسر يسرين وَإِن الله يَقُول فِي كِتَابه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون}

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سهل بن سعد

أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله خير من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن فضَالة بن عبيد: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول كل ميت يخْتم على عمله إِلَّا الَّذِي مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عمله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ويأمن فتْنَة الْقَبْر

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان: سَمِعت رَسُول

ص: 418

الله صلى الله عليه وسلم: يَقُول رِبَاط يَوْم وَلَيْلَة خير من صِيَام شهر وقيامه وَإِن مَاتَ فِيهِ جرى عَلَيْهِ عمله الَّذِي كَانَ يعْمل وأجرى عَلَيْهِ رزقه فأمن الفتان

زَاد الطَّبَرَانِيّ: وَبعث يَوْم الْقِيَامَة شَهِيدا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن أبي الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قَالَ رِبَاط شهر خير من صِيَام دهر وَمن مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله أَمنه من الْفَزع الْأَكْبَر وغدى عَلَيْهِ برزقه وريح من الْجنَّة وَيجْرِي عَلَيْهِ أجر المرابط حَتَّى يَبْعَثهُ الله عز وجل

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كل عمل يَنْقَطِع عَن صَاحبه إِذا مَاتَ إِلَّا المرابط فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ ينمي لَهُ عمله وَيجْرِي عَلَيْهِ رزقه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن أبي الدَّرْدَاء يرفع الحَدِيث قَالَ: من رابط فِي شَيْء من سواحل الْمُسلمين ثَلَاثَة أَيَّام أَجْزَأت عَنهُ رِبَاط سنة

وَأخرج ابْن ماجة بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله أجْرى عَلَيْهِ أجر عمله الصَّالح الَّذِي كَانَ يعْمل وأجرى عَلَيْهِ رزقه وَأمن من الفتان وَبَعثه الله يَوْم الْقِيَامَة آمنا من الْفَزع

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مثله

وَزَاد: والمرابط إِذا مَاتَ فِي رباطه كتب لَهُ أجر عمله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وغدى عَلَيْهِ وريح برزقه ويزوّج سبعين حوراء وَقيل لَهُ قف اشفع إِلَى أَن يفرغ من الْحساب

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا مَا عمل بهَا فِي حَيَاته وَبعد مماته حَتَّى تتْرك وَمن سنّ سنة سَيِّئَة فَعَلَيهِ إثمها حَتَّى تتْرك وَمن مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله جرى عَلَيْهِ عمل المرابط حَتَّى يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد جيد عَن أنس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أجر المرابط فَقَالَ: من رابط لَيْلَة حارساً من وَرَاء الْمُسلمين كَانَ لَهُ أجر من خَلفه مِمَّن صَامَ وَصلى

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن جَابر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من رابط يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار سبع خنادق كل خَنْدَق كسبع سموات وَسبع أَرضين

ص: 419

وَأخرج ابْن ماجة بسندٍ واهٍ عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لرباط يَوْم فِي سَبِيل الله من وَرَاء عَورَة الْمُسلمين محتسباً من غير شهر رَمَضَان أفضل عِنْد الله وَأعظم أجرا من عبَادَة مائَة سنة صيامها وقيامها ورباط يَوْم فِي سَبِيل الله من وَرَاء عَورَة الْمُسلمين محتسباً من شهر رَمَضَان أفضل عِنْد الله وَأعظم أجرا من عبَادَة ألفي سنة صيامها وقيامها فَإِن رده الله الى أَهله سالما لم تكْتب لَهُ سَيِّئَة وتكتب لَهُ الْحَسَنَات وَيجْرِي لَهُ أجر الرِّبَاط إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة

أَنه كَانَ فِي المرابطة ففزعوا وَخَرجُوا إِلَى السَّاحِل ثمَّ قيل لَا بَأْس فَانْصَرف النَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَاقِف فَمر بِهِ إِنْسَان فَقَالَ: مَا يوقفك يَا أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول موقف سَاعَة فِي سَبِيل الله خير من قيام لَيْلَة الْقدر عِنْد الْحجر الْأسود

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عُثْمَان بن عَفَّان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله خير من ألف يَوْم فِيمَا سواهُ من الْمنَازل

وَلَفظ ابْن ماجة: من رابط لَيْلَة فِي سَبِيل الله كَانَت كألف لَيْلَة صيامها وقيامها

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن صَلَاة المرابط تعدل خَمْسمِائَة صَلَاة وَنَفَقَة الدِّينَار وَالدِّرْهَم مِنْهُ أفضل من سَبْعمِائة دِينَار يُنْفِقهُ فِي غَيره

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب عَن أنس مَرْفُوعا الصَّلَاة بِأَرْض الرِّبَاط بألفي ألف صَلَاة

وَأخرج ابْن حبَان عَن عتبَة بن الندر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذا انتاط غزوكم وَكَثُرت الغرائم واستحلت الْغَنَائِم فَخير جهادكم الرِّبَاط

وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: تعس عبد الدِّينَار وَعبد الدِّرْهَم وَعبد الخميصة وَعبد القطيفة

إِن أعطي رَضِي وَإِن لم يُعْط سخط تعس وانتكس وَإِذا شيك فَلَا انتقش طُوبَى لعبد آخذ بعنان فرسه فِي سَبِيل الله أَشْعَث رَأسه مغبرة قدماه إِن كَانَ فِي الحراسة كَانَ فِي الحراسة وَإِن كَانَ فِي السَّاقَة كَانَ فِي السَّاقَة

إِن اسْتَأْذن لم يُؤذن لَهُ وَإِن شفع لم يشفع

وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من خير معاش النَّاس لَهُم رجل مُمْسك بعنان فرسه فِي سَبِيل الله يطير على مَتنه كلما سمع هيعة أَو قزعة طَار على مَتنه يَبْتَغِي الْقَتْل وَالْمَوْت من مظانه

وَرجل فِي غنيمَة فِي رَأس شعفة من هَذِه الشعف أَو بطن وادٍ من هَذِه الأودية يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة

ص: 420

ويعبد ربه حَتَّى يَأْتِيهِ الْيَقِين لَيْسَ من النَّاس إِلَّا فِي خير

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم مُبشر تبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ خير النَّاس منزلَة رجل على متن فرسه يخيف الْعَدو ويخيفونه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لِأَن أحرس ثَلَاث لَيَال مرابطاً من وَرَاء بَيْضَة الْمُسلمين أحب إليّ من أَن تصيبني لَيْلَة الْقدر فِي أحد المسجدين: الْمَدِينَة أَو بَيت الْمُقَدّس

وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله آمنهُ الله من فتْنَة الْقَبْر

وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن المرابط فِي سَبِيل الله أعظم أجرا من رجل جمع كعبيه رياد شهر صِيَامه وقيامه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَابِد قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَة رجل فَلَمَّا وضع قَالَ عمر بن الْخطاب: لَا تصلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُول الله فَإِنَّهُ رجل فَاجر

فَالْتَفت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّاس قَالَ: هَل رَآهُ أحد مِنْكُم على الْإِسْلَام فَقَالَ رجل: نعم يَا رَسُول الله حرس لَيْلَة فِي سَبِيل الله

فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وحثى عَلَيْهِ التُّرَاب وَقَالَ: أَصْحَابك يظنون أَنَّك من أهل النَّار وَأَنا أشهد أَنَّك من أهل الْجنَّة

وَقَالَ: يَا عمر إِنَّك لَا تسْأَل عَن أَعمال النَّاس وَلَكِن تسْأَل عَن الْفطْرَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر

أَن عمر كَانَ يَقُول: إِن الله بَدَأَ هَذَا الْأَمر حِين بَدَأَ بنبوّة وَرَحْمَة ثمَّ يعود إِلَى ملك وَرَحْمَة ثمَّ يعود جبرية يتكادمون تكادم الْحمير

أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بالغزو وَالْجهَاد مَا كَانَ حلواً خضرًا قبل أَن يكون مرا عسراً وَيكون عَاما قبل أَن يكون حطاماً فَإِذا انتاطت الْمَغَازِي وأكلت الْغَنَائِم واستحل الْحَرَام فَعَلَيْكُم بالرباط فَإِنَّهُ خير جهادكم

وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: أَرْبَعَة تجْرِي عَلَيْهِم أُجُورهم بعد الْمَوْت: رجل مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله وَرجل علم علما فَأَجره يجْرِي عَلَيْهِ ماعمل بِهِ وَرجل أجْرى صَدَقَة فأجرها يجْرِي عَلَيْهِ مَا جرت عَلَيْهِم وَرجل ترك ولدا صَالحا يَدْعُو لَهُ

وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ عشر آيَات من آخر سُورَة آل عمرَان كل لَيْلَة

وَأخرج الدِّرَامِي عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ: من قَرَأَ آخر آل عمرَان فِي لَيْلَة كتب لَهُ قيام لَيْلَة

ص: 421

مُقَدّمَة سُورَة النِّسَاء

أخرج ابْن الضريس فِي فضائله والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة النِّسَاء بِالْمَدِينَةِ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: نزل بِالْمَدِينَةِ النِّسَاء

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: مَا نزلت سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء إِلَّا وَأَنا عِنْده

وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَمُحَمّد بن نصر فِي الصَّلَاة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَخذ السَّبع فَهُوَ حبر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطول والمئين كل سُورَة بلغت مائَة فَصَاعِدا

والمثاني كل سُورَة دون المئين وَفَوق الْمفصل

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ: وجد رَسُول الله ذَات لَيْلَة شَيْئا فَلَمَّا أصبح قيل: يَا رَسُول الله إِن أثر الوجع عَلَيْك لبين: قَالَ: أما أَنِّي على مَا ترَوْنَ بِحَمْد الله قد قَرَأت السَّبع الطوَال

وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة قَالَ: قُمْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة فَقَرَأَ السَّبع الطوَال فِي سبع رَكْعَات

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن بعض أهل النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه بَات مَعَه فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من اللَّيْل فَقضى حَاجته ثمَّ جَاءَ الْقرْبَة فاستكب مَاء فَغسل كفيه ثَلَاثًا ثمَّ تَوَضَّأ وَقَرَأَ بالطوال السَّبع فِي رَكْعَة وَاحِدَة

وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي مليكَة سمع ابْن عَبَّاس يَقُول: سلوني عَن سُورَة النِّسَاء فَإِنِّي قَرَأت الْقُرْآن وَأَنا صَغِير

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من قَرَأَ سُورَة النِّسَاء فَعلم مَا يحجب مِمَّا لَا يحجب علم الْفَرَائِض

وَالله أعلم

ص: 422

سُورَة النِّسَاء

مَدَنِيَّة وآياتها سِتّ وَسَبْعُونَ وَمِائَة

الْآيَة 1

ص: 423

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} قَالَ: من آدم {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} قَالَ: خلق حوّاء من قصيراء أضلاعه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} قَالَ: آدم {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} قَالَ: حوّاء من قصيراء آدم وَهُوَ نَائِم فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أأنا

بالنبطية امْرَأَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ خلقت حوّاء من خلف آدم الْأَيْسَر وخلقت امْرَأَة إِبْلِيس من خَلفه الْأَيْسَر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} قَالَ: خلق حَوَّاء من آدم من ضلع الْخلف وَهُوَ أَسْفَل الأضلاع

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلقت الْمَرْأَة من الرجل فَجعلت نهمتها فِي الرِّجَال فاحبسوا نساءكم

وَخلق الرجل من الأَرْض فَجعل نهمته فِي الأَرْض

قَوْله تَعَالَى: {وَبث مِنْهُمَا رجَالًا} الْآيَة

وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد لآدَم أَرْبَعُونَ ولدا: عشرُون غُلَاما وَعِشْرُونَ جَارِيَة

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أَرْطَاة بن الْمُنْذر قَالَ: بَلغنِي أَن حوّاء حملت بشيث حَتَّى نَبتَت أَسْنَانه وَكَانَت تنظر إِلَى وَجهه من صفاء فِي بَطنهَا وَهُوَ الثَّالِث من وِلْد آدم وَإنَّهُ لما حضرها الطلق أَخذهَا عَلَيْهِ شدَّة شَدِيدَة فَلَمَّا وَضعته أَخَذته الْمَلَائِكَة فَمَكثَ مَعهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فعلموه الرَّمْز ثمَّ رد إِلَيْهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ} قَالَ: تعاطون بِهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة يَقُول: اتَّقوا الله الَّذِي بِهِ تعاقدون وتعاهدون

ص: 423

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ: يَقُول: أَسأَلك بِاللَّه وبالرحم

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ قَول الرجل: أنْشدك بِاللَّه وَالرحم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم {تساءلون بِهِ والأرحام} خفض

قَالَ: هُوَ قَول الرجل: أَسأَلك بِاللَّه وبالرحم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه تَلا هَذِه الْآيَة قَالَ: إِذا سُئِلت بِاللَّه فأعطه وَإِذا سُئِلت بالرحم فأعطه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} يَقُول: اتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ وَاتَّقوا الْأَرْحَام وصلوها

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَقُول الله تَعَالَى: صلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَخير لكم فِي آخرتكم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: اتَّقوا الله وصلوا الْأَرْحَام

فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الدُّنْيَا وَخير لكم فِي الْآخِرَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: اتَّقوا الله وصلوا الْأَرْحَام

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك إِن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ {والأرحام} يَقُول: اتَّقوا الله لَا تقطعوها

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: اتَّقوا الْأَرْحَام

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ: اتَّقوا الله وَاتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها نصب الْأَرْحَام

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {والأرحام} قَالَ: اتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيباً} قَالَ: حفيظاً

ص: 424

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: رقيباً على أَعمالكُم يعلمهَا ويعرفها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: علمنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطْبَة الصَّلَاة وخطبة الْحَاجة

فَأَما خطْبَة الصَّلَاة فالتشهد

وَأما خطْبَة الْحَاجة فَإِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا من يهد الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله

ثمَّ يقْرَأ ثَلَاث آيَات من كتاب الله (اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ)(آل عمرَان الْآيَة 102){وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيباً} {اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم} الْأَحْزَاب الآيه 70 ثمَّ تعمد حَاجَتك

الْآيَة 2

ص: 425

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان رجلا من غطفان كَانَ مَعَه مَال كثير لِابْنِ أَخ لَهُ يَتِيم فَلَمَّا بلغ الْيَتِيم طلب مَاله فَمَنعه عَنهُ فخاصمه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

فَنزلت {وَآتوا الْيَتَامَى أَمْوَالهم} يَعْنِي الأوصياء يَقُول: أعْطوا الْيَتَامَى أَمْوَالهم {وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب} يَقُول: لَا تتبدلوا الْحَرَام من أَمْوَال النَّاس بالحلال من أَمْوَالكُم

يَقُول: لَا تبذروا أَمْوَالكُم الْحَلَال وتأكلوا أَمْوَالهم الْحَرَام

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد {وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب} قَالَ: الْحَرَام بالحلال

لَا تعجل بالرزق الْحَرَام قبل أَن يَأْتِيك الْحَلَال الَّذِي قدر لَك {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} قَالَ: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم مَعَ أَمْوَالكُم تخلطونها فتأكلونها جَمِيعًا {إِنَّه كَانَ حوباً كَبِيرا} قَالَ: إِثْمًا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب {وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب} قَالَ: لَا تعط مهزولاً وَتَأْخُذ سميناً

وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ

مثله

ص: 425

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: لَا تُعْطِ زائفاً وَتَأْخُذ جيدا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أحدهم يَأْخُذ الشَّاة السمينة من غنم الْيَتِيم وَيجْعَل فِيهَا مَكَانهَا الشَّاة المهزولة وَيَقُول: شَاة بِشَاة

وَيَأْخُذ الدِّرْهَم الْجيد ويطرح مَكَانَهُ الزيف وَيَقُول: دِرْهَم بدرهم

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون النِّسَاء وَلَا يورثون الصغار

يَأْخُذهُ الْأَكْبَر فَنصِيبه من الْخيرَات طيب وَهَذَا الَّذِي يَأْخُذهُ خَبِيث

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} قَالَ: مَعَ أَمْوَالكُم

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَمْوَال الْيَتَامَى كَرهُوا أَن يخالطوهم وَجعل ولي الْيَتِيم يعْزل مَال الْيَتِيم عَن مَاله

فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْيَتَامَى قل إصْلَاح لَهُم خير وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} قَالَ: فخالطوهم وَاتَّقوا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حوباً كَبِيرا} قَالَ: إِثْمًا عَظِيما

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس حوباً قَالَ: ظلما

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {حوباً} قَالَ: إِثْمًا بلغَة الْحَبَشَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الْأَعْشَى الشَّاعِر: فَإِنِّي وَمَا كلفتموني من أَمركُم ليعلم من أَمْسَى أعق وأحوبا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرَأ حوباً بِرَفْع الْحَاء

وَأخرج عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرؤهَا {حوبا} بِنصب الْحَاء

الْآيَة 3

ص: 426

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن قَول الله {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} قَالَت: يَا ابْن أُخْتِي هَذِه الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا تشركه فِي مَالهَا وَيُعْجِبهُ مَالهَا وجمالها فيريد وَليهَا أَن يتزوّجها بِغَيْر أَن يقسط فِي صَدَاقهَا فيعطيها مثل مَا يُعْطِيهَا غَيره

فنهوا عَن أَن ينكحوهن إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ ويبلغوا بِهن أَعلَى سنتهن فِي الصَدَاق وَأمرُوا أَن ينكحوا مَا طَابَ لَهُم من النِّسَاء سواهن وَإِن النَّاس استفتوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد هَذِه الْآيَة

فَأنْزل الله (ويستفتونك فِي النِّسَاء)(الْبَقَرَة الْآيَة 220) قَالَت عَائِشَة: وَقَول الله فِي الْآيَة الْأُخْرَى (وترغبون أَن تنكحوهن)(النِّسَاء الْآيَة 127) رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته حِين تكون قَليلَة المَال وَالْجمال

فنهوا أَن ينكحوا من رَغِبُوا فِي مَاله وجماله من بَاقِي النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ من أجل رغبتهم عَنْهُن إِذا كن قليلات المَال وَالْجمال

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن رجلا كَانَت لَهُ يتيمة فنكحها وَكَانَ لَهَا عذق فَكَانَ يمْسِكهَا عَلَيْهِ وَلم يكن لَهَا من نَفسه شَيْء

فَنزلت فِيهِ {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} أَحْسبهُ قَالَ كَانَت شريكته فِي ذَلِك العذق وَفِي مَاله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْيَتِيمَة تكون عِنْد الرجل وَهِي ذَات مَال فَلَعَلَّهُ ينْكِحهَا لمالها وَهِي لَا تعجبه ثمَّ يضْربهَا ويسيء صحبتهَا

فوعظ فِي ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الرجل من قُرَيْش يكون عِنْد النسْوَة وَيكون عِنْد الْأَيْتَام فَيذْهب مَاله فيميل على مَال الْأَيْتَام

فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتزوّج الْأَرْبَع وَالْخمس والست وَالْعشر فَيَقُول الرجل: مَا يَمْنعنِي أَن أتزوّج كَمَا تزوّج فلَان فَيَأْخُذ مَال يتيمة فيتزوّج بِهِ فنهوا أَن يتزوّجوا فَوق الْأَرْبَع

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتَزَوَّج بِمَال الْيَتِيم مَا شَاءَ الله تَعَالَى فَنهى الله عَن ذَلِك

ص: 427

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قصر الرِّجَال على أَربع نسْوَة من أجل أَمْوَال الْيَتَامَى

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَالنَّاس على أَمر جاهليتهم إِلَّا أَن يؤمروا بِشَيْء وينهوا عَنهُ فَكَانُوا يسْأَلُون عَن الْيَتَامَى وَلم يكن للنِّسَاء عدد وَلَا ذكر فَأنْزل الله {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم} الْآيَة

وَكَانَ الرجل يتَزَوَّج مَا شَاءَ فَقَالَ: كَمَا تخافون أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا فِي النِّسَاء أَن لَا تعدلوا فِيهِنَّ

فقصرهم على الْأَرْبَع

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء الْأَيَامَى وَكَانُوا يعظمون شَأْن الْيَتِيم فتفقدوا من دينهم شَأْن الْيَتَامَى وَتركُوا مَا كَانُوا ينْكحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَمَا خِفْتُمْ أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا أَن لَا تعدلوا فِي النِّسَاء إِذا جمعتموهن عنْدكُمْ

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يرزؤن من مَال الْيَتِيم شَيْئا وهم ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء وَيَنْكِحُونَ نسَاء آبَائِهِم فتفقدوا من دينهم شَأْن النِّسَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: فَإِن خِفْتُمْ الزِّنَا فانكحوهن يَقُول: كَمَا خِفْتُمْ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى أَن لَا تقسطوا فِيهَا كَذَلِك فخافوا على أَنفسكُم مَا لم تنْكِحُوا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة يَقُول: إِن تحرجتم فِي ولَايَة الْيَتَامَى وَأكل أَمْوَالهم إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا فَكَذَلِك فتحرجوا من الزِّنَا وَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحا طيبا مثنى وَثَلَاث وَربَاع

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن إِدْرِيس قَالَ أَعْطَانِي الْأسود بن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود مصحف عَلْقَمَة فَقَرَأت {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} بِالْألف فَحدثت بِهِ الْأَعْمَش فأعجبه وَكَانَ الْأَعْمَش لَا يكسرها

لَا يقْرَأ طيب بِمَال وَهِي فِي بعض الْمَصَاحِف بِالْيَاءِ / طيب لكم /

ص: 428

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {مَا طَابَ لكم} قَالَ: مَا أحل لكم

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير {مَا طَابَ لكم} قَالَ: مَا حل لكم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة {مَا طَابَ لكم} يَقُول: مَا أحللت لكم

قَوْله تَعَالَى: {مثنى وَثَلَاث وَربَاع}

أخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة والنحاس فِي ناسخه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ أسلم وَتَحْته عشر نسْوَة فال لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اختر مِنْهُنَّ - وَفِي لفظ - أمسك أَرْبعا وَفَارق سائرهن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه عَن قيس بن الْحَارِث قَالَ: أسلمت وَكَانَ تحتي ثَمَان نسْوَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: اختر مِنْهُنَّ أَرْبعا وخل سائرهن فَفعلت

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قَالَ عمر: من يعلم مَا يحل للمملوك من النِّسَاء قَالَ رجل: أَنا

امْرَأتَيْنِ فَسكت

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الحكم قَالَ: أجمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَليّ أَن الْمَمْلُوك لَا يجمع من النِّسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا} الْآيَة يَقُول إِن خفت أَن لَا تعدل فِي أَربع فَثَلَاث وَإِلَّا فاثنتين وَإِلَّا فَوَاحِدَة فَإِن خفت أَن لَا تعدل فِي وَاحِدَة فَمَا ملكت يَمِينك

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع

مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا} قَالَ: فِي المجامعة وَالْحب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: السراري

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} فَكَانُوا فِي حَلَال مِمَّا

ص: 429

ملكت أَيْمَانكُم من الْإِمَاء كُلهنَّ

ثمَّ أنزل الله بعد هَذَا تَحْرِيم نِكَاح الْمَرْأَة وَأمّهَا وَنِكَاح مَا نكح الْآبَاء وَالْأَبْنَاء وَأَن يجمع بَين الْأُخْت وَالْأُخْت من الرضَاعَة وَالأُم من الرضَاعَة وَالْمَرْأَة لَهَا زوج حرم الله ذَلِك حر من حرةٍ أَو أمة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تَجُورُوا قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أبي: هَذَا حَدِيث خطأ وَالصَّحِيح عَن عَائِشَة مَوْقُوف

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تميلوا

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} قَالَ: أَجْدَر أَن لَا تميلوا

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: إِنَّا تبعنا رَسُول الله واطرحوا قَول النَّبِي وعالوا فِي الموازين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تميلوا

ثمَّ قَالَ: أما سَمِعت قَول أبي طَالب: بميزان قسط لَا تخيس سعيرة ووازن صدق وَزنه غير عائل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق الْكُوفِي قَالَ: كتب عُثْمَان بن عَفَّان إِلَى أهل الْكُوفَة فِي شَيْء عاتبوه فِيهِ: إِنِّي لست بميزان لَا أعول

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّحْمَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تميلوا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين وَأبي مَالك وَالضَّحَّاك

مثله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: {ذَلِك أدنى} أَن لَا يكثر من تعولُوا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك أقل لنفقتك

الْوَاحِدَة أقل من عدد وجاريتك أَهْون نَفَقَة من حرَّة أَهْون عَلَيْك فِي الْعِيَال

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تفتقروا

وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 430

الْآيَة 4

ص: 431

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح قَالَ: كَانَ الرجل إِذا زوّج أيمة أَخذ صَدَاقهَا دونهَا فنهاهم الله عَن ذَلِك وَنزلت {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة}

وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن نَاسا كَانُوا يُعْطي هَذَا الرجل أُخْته وَيَأْخُذ أُخْت الرجل وَلَا يَأْخُذُونَ كَبِير مهر

فَقَالَ الله {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَآتوا النِّسَاء} يَقُول: أعْطوا النِّسَاء {صدقاتهن} يَقُول: مهورهن

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {نحلة} قَالَ: يَعْنِي بالنحلة الْمهْر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة {نحلة} قَالَت وَاجِبَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} قَالَ: فَرِيضَة مُسَمَّاة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ النحلة فِي كَلَام الْوَاجِب يَقُول: لَا تنكحها إِلَّا بِشَيْء وَاجِب لَهَا وَلَيْسَ يَنْبَغِي لأحد أَن ينْكح امْرَأَة بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِصَدَاق وَاجِب

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {نحلة} قَالَ: فَرِيضَة

وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَو أَن رجلا أعْطى امْرَأَة صَدَاقهَا ملْء يَدَيْهِ طَعَاما كَانَت لَهُ حَلَالا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن أبي لَبِيبَة عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من اسْتحلَّ بدرهم فقد اسْتحلَّ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر بن ربيعَة أَن رجلا تزوج على نَعْلَيْنِ فَأجَاز النَّبِي صلى الله عليه وسلم نِكَاحه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من نكح امْرَأَة وَهُوَ يُرِيد أَن يذهب بمهرها فَهُوَ عِنْد الله زَان يَوْم الْقِيَامَة

ص: 431

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة قَالَتَا: لَيْسَ شَيْء أَشد من مهر امْرَأَة وَأجر أجِير

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جيبر {فَإِن طبن لكم} قَالَ: هِيَ للأزواج

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ} قَالَ: من الصَدَاق

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً} يَقُول: إِذا كَانَ من غير إِضْرَار وَلَا خديعة فَهُوَ هنيء مريء كَمَا قَالَ الله

وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن نَاسا كَانُوا يتأثمون أَن يُرَاجع أحدهم فِي شَيْء مِمَّا سَاق إِلَى امْرَأَته فَقَالَ الله {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا اشْتَكَى أحدكُم فليسأل امْرَأَته ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو نَحْوهَا فليشتر بهَا عسلاً وليأخذ من مَاء السَّمَاء فَيجمع هَنِيئًا مريئاً وشفاء ومباركاً

وَأخرج ابْن سعد عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يَقُول لامْرَأَته: أطعمينا من ذَلِك الهنيء المريء يتأوّل هَذِه الْآيَة

الْآيَة 5

ص: 432

أخرج ابْن جرير عَن حضرمي

أَن رجلا عمد فَدفع مَاله إِلَى امْرَأَته فَوَضَعته فِي غير الْحق فَقَالَ الله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} الْآيَة

يَقُول: لَا تعمد إِلَى مَالك وَمَا خولك الله وَجعله لَك معيشة فتعطيه امْرَأَتك أَو بنيك ثمَّ تضطر إِلَى مَا فِي أَيْديهم وَلَكِن أمسك مَالك وَأَصْلحهُ وَكن أَنْت الَّذِي تنْفق عَلَيْهِم فِي كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم

قَالَ: وَقَوله {قيَاما} يَعْنِي قوامكم من معائشكم

ص: 432

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: لَا تسلط السَّفِيه من ولدك على مَالك وَأمره أَن يرزقه مِنْهُ ويكسوه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: هم بنوك وَالنِّسَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن النِّسَاء السُّفَهَاء إِلَّا الَّتِي أطاعت قيمها

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: الخدم وهم شياطين الْأنس

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عنابن مسعد {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: النِّسَاء وَالصبيان

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: الصغار وَالنِّسَاء هم السُّفَهَاء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نهى الرِّجَال أَن يُعْطوا النِّسَاء أَمْوَالهم وَهن سُفَهَاء من كن أَزْوَاجًا أَو بَنَات أَو أُمَّهَات وَأمرُوا أَن يرزقوهن فِيهِ ويقولوا لَهُنَّ قولا مَعْرُوفا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: الْيَتَامَى وَالنِّسَاء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} قَالَ: هُوَ مَال الْيَتِيم يكون عنْدك يَقُول: لَا تؤته إِيَّاه وَأنْفق عَلَيْهِ حَتَّى يبلغ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: هم الْيَتَامَى {أَمْوَالكُم} قَالَ: أَمْوَالهم بِمَنْزِلَة قَوْله (وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم)(النِّسَاء الْآيَة 127)

وَأخرج ابْن جرير عَن مُورق قَالَ: مرت امْرَأَة بِعَبْد الله بن عمر لَهَا شارة وهيئة فَقَالَ لَهَا ابْن عمر {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما}

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاثَة يدعونَ الله فَلَا يستجيب لَهُم: رجل كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق فَلم

ص: 433

يطلقهَا وَرجل كَانَ لَهُ على رجل مَال فَلم يشْهد وَرجل أَتَى سَفِيها مَاله وَقد قَالَ الله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} وَأخرجه ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مُوسَى مَوْقُوفا

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: أَمر الله بِهَذَا المَال أَن يخزن فتحسن خزانته وَلَا تملكه الْمَرْأَة السفيهة والغلام

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {قيَاما} قَالَ: قيام عيشك

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد

أَنه قَرَأَ {الَّتِي جعل الله لكم قيَاما} بِالْألف يَقُول: قيام عيشك

وَأخرج ابْن أبي حام عَن الضَّحَّاك {جعل الله لكم قيَاما} قَالَ: عصمَة لدينكم وقياماً لكم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وارزقوهم} يَقُول: أَنْفقُوا عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} قَالَ: أمروا أَن يَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا فِي الْبر والصلة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} قَالَ: عدَّة تعدونهم

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} قَالَ: إِن كَانَ لَيْسَ من ولدك وَلَا مِمَّن يجب عَلَيْك أَن تنْفق عَلَيْهِ فَقل لَهُ قولا مَعْرُوفا قل لَهُ عَافَانَا الله وَإِيَّاك وَبَارك الله فِيك

الْآيَة 6

ص: 434

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وابتلوا الْيَتَامَى} يَعْنِي اختبروا الْيَتَامَى عِنْد الْحلم {فَإِن آنستم} عَرَفْتُمْ {مِنْهُم رشدا} فِي حَالهم والإصلاح فِي أَمْوَالهم {فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً وبداراً} يَعْنِي تَأْكُل مَال الْيَتِيم مبادرة قبل أَن يبلغ فتحول بَينه وَبَين مَاله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وابتلوا الْيَتَامَى} قَالَ: عُقُولهمْ {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} يَقُول: الْحلم {فَإِن آنستم} قَالَ: أحسستم {مِنْهُم رشدا} قَالَ: الْعقل

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وابتلوا الْيَتَامَى} قَالَ: جربوا عُقُولهمْ {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} قَالَ: عقولاً وصلاحاً

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل {وابتلوا الْيَتَامَى} يَعْنِي الْأَوْلِيَاء والأوصياء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن قيس {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} قَالَ: خمس عشرَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} قَالَ: صلاحاً فِي دينه وحفظاً لمَاله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} قَالَ: صلاحاً فِي دينهم وحفظا لأموالهم

وَخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أدْرك الْيَتِيم بحلم وعقل ووقار دفع إِلَيْهِ مَاله

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا تدفع إِلَى الْيَتِيم مَاله وَإِن شمط مَا لم يؤنس مِنْهُ رشد

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً وبداراً} وَيَقُول: لَا تسرف فِيهَا وَلَا تبادر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً} يَعْنِي فِي غير حق {وبداراً أَن يكبروا} قَالَ: خشيَة أَن يبلغ الْحلم فَيَأْخُذ مَاله

وَأخرج البُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي ولي الْيَتِيم {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} بِقدر قِيَامه عَلَيْهِ

ص: 435

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف} قَالَ: بغناه من مَاله حَتَّى يَسْتَغْنِي عَن مَال الْيَتِيم لَا يُصِيب مِنْهُ شَيْئا {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: يَأْكُل من مَاله يقوت على نَفسه حَتَّى لَا يحْتَاج إِلَى مَال الْيَتِيم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي يحيى عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف} قَالَ: يستعف بِمَالِه حَتَّى لَا يُفْضِي إِلَى مَال الْيَتِيم

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: هُوَ الْقَرْض

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي الْقَرْض

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ولي الْيَتِيم إِن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَإِن كَانَ فَقِيرا أَخذ من فضل اللَّبن وَأخذ بالقوت لَا يُجَاوِزهُ وَمَا يستر عَوْرَته من الثِّيَاب فَإِن أيسر قَضَاهُ وَإِن أعْسر فَهُوَ فِي حل

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: إِن كَانَ غَنِيا فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْكُل من مَال الْيَتِيم شَيْئا وَإِن كَانَ فَقِيرا فليستقرض مِنْهُ فَإِذا وجد ميسرَة فليعطه مَا اسْتقْرض مِنْهُ فَذَلِك أكله بِالْمَعْرُوفِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِنِّي أنزلت نَفسِي من مَال الله بِمَنْزِلَة ولي الْيَتِيم إِن اسْتَغْنَيْت اسْتَعْفَفْت وَإِن احتجت أخذت مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ

فَإِذا أَيسَرت قضيت

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: إِذا احْتَاجَ ولي الْيَتِيم وضع يَده فَأكل من طعامهم وَلَا يلبس مِنْهُ ثوبا وَلَا عِمَامَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ:

ص: 436

بأطراف أَصَابِعه الثَّلَاث

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَأْكُل الْفَقِير إِذا ولي مَال الْيَتِيم بِقدر قِيَامه على مَاله ومنفعته لَهُ وَمَا لم يسرف أَو يبذر

وَأخرج مَالك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِن فِي حجري أيتاماً وَإِن لَهُم إبِلا فَمَاذَا يحل لي من أَلْبَانهَا فَقَالَ: إِن كنت تبغي ضَالَّتهَا وتهنا جَرْبَاهَا وَتَلوط حَوْضهَا وتسعى عَلَيْهَا فَاشْرَبْ غير مُضر بِنَسْل وَلَا نَاهِك فِي الْحَلب

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَمْرو أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَيْسَ لي مَال ولي يَتِيم فَقَالَ كل من مَال يَتِيمك غير مُسْرِف وَلَا مبذر وَلَا متأثل مَالا وَمن غير أَن تَقِيّ مَالك بِمَالِه

وَأخرج ابْن حبَان عَن جَابر أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مِم أضْرب يَتِيمِي قَالَ: مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك غير واق مَالك بِمَالِه وَلَا متأثل مِنْهُ مَالا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه عَن الْحسن العرني أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مِم أضْرب يَتِيمِي قَالَ: مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك قَالَ: فأصيب من مَاله قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ غير متأثل مَالا وَلَا واق مَالك بِمَالِه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن عَم ثَابت بن ودَاعَة - وثابت يَوْمئِذٍ يَتِيم فِي حجره من الْأَنْصَار - أَتَى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِن ابْن أخي يَتِيم فِي حجري فَمَاذَا يحل لي من مَاله قَالَ: أَن تَأْكُل من مَاله بِالْمَعْرُوفِ من غير أَن تَقِيّ مَالك بِمَالِه وَلَا تَأْخُذ من مَاله وفراً

قَالَ: وَكَانَ الْيَتِيم يكون لَهُ الْحَائِط من النّخل فَيقوم وليه على صَلَاحه وسقيه فَيُصِيب من ثمره وَيكون لَهُ الْمَاشِيَة فَيقوم وليه على صَلَاحهَا ومؤنتها وعلاجها فَيُصِيب من جزارها ورسلها وعوارضها فَأَما رِقَاب المَال فَلَيْسَ لَهُم أَن يَأْكُلُوا وَلَا يستهلكوه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: خمس فِي كتاب الله رخصَة وَلَيْسَت بعزيمة قَوْله {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} إِن شَاءَ أكل وَإِن شَاءَ لم يَأْكُل

وَأخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن

ص: 437

عَبَّاس {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: نسختها (إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما

) (النِّسَاء الْآيَة 10) الْآيَة

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن الضَّحَّاك

مثله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي الزِّنَاد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أَبُو الزِّنَاد يَقُول: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي أهل البدو وأشباههم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نَافِع بن أبي نعيم الْقَارِي قَالَ: سَأَلت يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة عَن قَوْله {فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَا: ذَلِك فِي الْيَتِيم إِن كَانَ فَقِيرا أنْفق عَلَيْهِ بِقدر فقره وَلم يكن للْوَلِيّ مِنْهُ شَيْء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} يَقُول: إِذا دفع إِلَى الْيَتِيم مَاله فليدفعه إِلَيْهِ بالشهود كَمَا أمره الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة يَقُول للأوصياء: إِذا دفعتم إِلَى الْيَتَامَى أَمْوَالهم إِذا بلغُوا الْحلم فأشهدوا عَلَيْهِم بِالدفع إِلَيْهِم أَمْوَالهم {وَكفى بِاللَّه حسيباً} يَعْنِي لَا شَاهد أفضل من الله فِيمَا بَيْنكُم وَبينهمْ

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَكفى بِاللَّه حسيبا} يَقُول: شَهِيدا

الْآيَة 7

ص: 438

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْبَنَات وَلَا الصغار الذُّكُور حَتَّى يدركوا

فَمَاتَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَوْس بن ثَابت وَترك ابْنَتَيْن وابناً صَغِيرا فجَاء ابْنا عَمه وهما عصبته فأخذا مِيرَاثه كُله فَقَالَت امْرَأَته لَهما: تزوجا بهما وَكَانَ بهما دمامة فأبيا

فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله توفّي أَوْس وَترك ابْنا صَغِيرا وابنتين فجَاء ابْنا عَمه خَالِد وَعرْفطَة فأخذا مِيرَاثه فَقلت لَهما: تزوّجا ابْنَتَيْهِ فأبيا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا أَدْرِي مَا أَقُول فَنزلت {للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} الْآيَة

فَأرْسل إِلَى خَالِد وَعرْفطَة

ص: 438

فَقَالَ: لَا تحركا من الْمِيرَاث شَيْئا فَإِنَّهُ قد أنزل عليَّ فِيهِ شَيْء أخْبرت فِيهِ أَن للذّكر وَالْأُنْثَى نَصِيبا ثمَّ نزل بعد ذَلِك (ويستفتونك فِي النِّسَاء)(النِّسَاء الْآيَة 127) إِلَى قَوْله (عليماً) ثمَّ نزل (يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم)(النِّسَاء الْآيَة 11) إِلَى قَوْله (وَالله عليم حَلِيم) فَدَعَا بِالْمِيرَاثِ فَأعْطى الْمَرْأَة الثّمن وَقسم مَا بَقِي للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أم كُلْثُوم وَابْنَة أم كحلة أَو أم كحة وثعلبة بن أَوْس وسُويد وهم من الْأَنْصَار

كَانَ أحدهم زَوجهَا وَالْآخر عَم وَلَدهَا فَقَالَت: يَا رَسُول الله توفّي زَوجي وَتَرَكَنِي وَابْنَته فَلم نورث من مَاله فَقَالَ عَم وَلَدهَا: يَا رَسُول الله لَا تركب فرسا وَلَا تنكأ عدوا ويكسب عَلَيْهَا وَلَا تكتسب

فَنزلت {للرِّجَال نصيب} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الْولدَان الصغار شَيْئا يجْعَلُونَ الْمِيرَاث لذِي الْأَسْنَان من الرِّجَال

فَنزلت {للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} إِلَى قَوْله {مِمَّا قلَّ مِنْهُ أَو كثر} يَعْنِي من الْمِيرَاث {نَصِيبا} يَعْنِي حظاً {مَفْرُوضًا} يَعْنِي مَعْلُوما

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {نَصِيبا مَفْرُوضًا} قَالَ: وَقفا مَعْلُوما

الْآيَة 8

ص: 439

أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين} قَالَ: هِيَ محكمَة وَلَيْسَت بمنسوخة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة

قَالَ: هِيَ قَائِمَة يعْمل بهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حطَّان بن عبد الله فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: قضى بهَا أَبُو مُوسَى

ص: 439

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن يعمر قَالَ: ثَلَاث آيَات مدنيات محكمات ضيعهن كثير من النَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة وَآيَة الاسْتِئْذَان (وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم)(النُّور الْآيَة 58) وَقَوله (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى

) (الحجرات الْآيَة 13) الْآيَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن هَذِه الْآيَة نسخت {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة

وَلَا وَالله مَا نسخت وَلكنه مِمَّا تهاون بِهِ النَّاس هما واليان: وَال يَرث فَذَاك الَّذِي يرْزق ويكسو ووال لَيْسَ بوارث فَذَاك الَّذِي يَقُول قولا مَعْرُوفا

يَقُول: إِنَّه مَال يَتِيم وَمَاله فِيهِ شَيْء

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق من عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى} قَالَ: يرْضخ لَهُم فَإِن كَانَ فِي المَال تَقْصِير اعتذر إِلَيْهِم فَهُوَ قولا مَعْرُوفا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عمْرَة ابْنة عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر حِين قسم مِيرَاث أَبِيه أَمر بِشَاة فاشتريت من المَال وبطعام فَصنعَ

فَذكرت ذَلِك لعَائِشَة فَقَالَت: عمل بِالْكتاب هِيَ لم تنسخ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ عِنْد قسْمَة مواريثهم أَن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكينهم من الْوَصِيَّة إِن كَانَ أوصى لَهُم فَإِن لم يكن لَهُم وَصِيَّة وصل إِلَيْهِم من مواريثهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك قبل أَن تنزل الْفَرَائِض فَأنْزل الله بعد ذَلِك الْفَرَائِض فَأعْطى كل ذِي حق حَقه فَجعلت الصَّدَقَة فِيمَا سمى الْمُتَوفَّى

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة

قَالَ: نسختها آيَة الْمِيرَاث فَجعل لكل إِنْسَان نصِيبه مِمَّا ترك مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر

ص: 440

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي مليكَة أَن أَسمَاء بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر أخبراه أَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قسم مِيرَاث أَبِيه عبد الرَّحْمَن وَعَائِشَة حَيَّة

قَالَا: فَلم يدع فِي الدَّار مِسْكينا وَلَا ذَا قرَابَة إِلَّا أعطَاهُ من مِيرَاث أَبِيه

وتلا {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة

قَالَ الْقَاسِم: فَذكرت ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ: مَا أصَاب لَيْسَ ذَلِك لَهُ إِنَّمَا ذَلِك للْوَصِيَّة وَإِنَّمَا هَذِه الْآيَة فِي الْوَصِيَّة يُرِيد الْمَيِّت أَن يُوصي لَهُم

وَأخرج النّحاس فِي ناسخه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة

قَالَ: نسختها (يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم

) (النِّسَاء الْآيَة 11) الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة كَانَت قبل الْفَرَائِض كَانَ مَا ترك الرجل من مَال أعْطى مِنْهُ الْيَتِيم وَالْفَقِير والمسكين وذوو الْقُرْبَى إِذا حَضَرُوا الْقِسْمَة ثمَّ نسخ بعد ذَلِك نسختها الْمَوَارِيث فَألْحق الله بِكُل ذِي حق حَقه وَصَارَت الْوَصِيَّة من مَاله يُوصي بهَا لِذَوي قرَابَته حَيْثُ يَشَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن كَانُوا كبارًا يرضخوا وَإِن كَانُوا صغَارًا اعتذروا إِلَيْهِم

فَذَلِك قَوْله {قولا مَعْرُوفا}

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يرضخون لِذَوي الْقَرَابَة حَتَّى نزلت الْفَرَائِض

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مَالك قَالَ: نسختها آيَة الْمِيرَاث

الْآيَة 9

ص: 441

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وليخش الَّذين لَو تركُوا} الْآيَة

قَالَ: هَذَا فِي الرجل يحضر الرجل عِنْد مَوته فيسمعه يُوصي وَصِيَّة يضر بورثته فَأمر الله الَّذِي يسمعهُ أَن يَتَّقِي الله ويوفقه ويسدده للصَّوَاب ولينظر لوَرثَته كَمَا يحب أَن يصنع بورثته إِذا خشِي عَلَيْهِم الضَّيْعَة

ص: 441

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي الرجل يحضرهُ الْمَوْت فَيُقَال لَهُ: تصدق من مَالك وَأعْتق وَأعْطِ مِنْهُ فِي سَبِيل الله فنهوا أَن يأمروا بذلك

يَعْنِي أَن من حضر مِنْكُم مَرِيضا عِنْد الْمَوْت فَلَا يَأْمُرهُ أَن ينْفق مَاله فِي الْعتْق أَو فِي الصَّدَقَة أَو فِي سَبِيل الله وَلَكِن يَأْمُرهُ أَن يبين مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ من دين ويوصي من مَاله لِذَوي قرَابَته الَّذين لَا يَرِثُونَ يُوصي لَهُم بالخمس أَو الرّبع

يَقُول: لَيْسَ لأحدكم إِذا مَاتَ وَله ولد ضِعَاف - يَعْنِي صغَارًا - أَن يتركهم بِغَيْر مَال فيكونون عيالاً على النَّاس وَلَا يَنْبَغِي لكم أَن تأمروه بِمَا لَا ترْضونَ بِهِ لأنفسكم ولأولادكم وَلَكِن قُولُوا الْحق فِي ذَلِك

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَعْنِي بذلك الرجل يَمُوت وَله أَوْلَاد صغَار ضِعَاف يخَاف عَلَيْهِم الْعيلَة والضيعة وَيخَاف بعده أَن لَا يحسن إِلَيْهِم من يليهم يَقُول: فَإِن ولي مثل ذُريَّته ضعافاً يتامى فليحسن إِلَيْهِم وَلَا يَأْكُل أَمْوَالهم إسرافاً وبداراً أَن يكبروا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِذا حضر الرجل عِنْد الْوَصِيَّة فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: أوص بِمَالك فَإِن الله رَازِق ولدك وَلَكِن يُقَال لَهُ: قدم لنَفسك واترك لولدك

فَذَلِك القَوْل السديد فَإِن الَّذِي يَأْمر بِهَذَا يخَاف على نَفسه الْعيلَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وآدَم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا حضر يُقَال لَهُ: أوص لفُلَان أوص لفُلَان وَافْعل كَذَا وَافْعل كَذَا حَتَّى يضر ذَلِك بورثته

فَقَالَ الله {وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً خَافُوا عَلَيْهِم} قَالَ: لينظروا لوَرَثَة هَذَا كَمَا ينظر هَذَا لوَرَثَة نَفسه فليتقوا الله وليأمروه بِالْعَدْلِ وَالْحق

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم} يَعْنِي من بعد مَوْتهمْ {ذُرِّيَّة ضعافاً} يَعْنِي عجزة لَا حِيلَة لَهُم {خَافُوا عَلَيْهِم} يَعْنِي على ولد الْمَيِّت الضَّيْعَة كَمَا يخَافُونَ على ولد أنفسهم {فليتقوا الله وليقولوا} للْمَيت إِذا جَلَسُوا إِلَيْهِ {قولا سديداً} يَعْنِي عدلا فِي وَصيته فَلَا يجور

وَأخرج ابْن جرير عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَيَّام مسلمة بن عبد الْملك وَفينَا ابْن محيريز وَابْن الديلمي وهانىء بن كُلْثُوم فَجعلنَا نتذاكر مَا يكون

ص: 442

فِي آخر الزَّمَان فضقت ذرعاً بِمَا سَمِعت فَقلت لِابْنِ الديلمي: يَا أَبَا بشر يودّني أَنه لَا يُولد لي ولد أبدا

فَضرب بِيَدِهِ على مَنْكِبي وَقَالَ: يَا ابْن أخي لَا تفعل فَإِنَّهُ لَيست من نسمَة كتب الله لَهَا أَن تخرج من صلب رجل وَهِي خَارِجَة إِن شَاءَ وَإِن أَبى

قَالَ: أَلا أدلك على أَمر إِن أَنْت أَدْرَكته نجاك الله مِنْهُ وَإِن تركت ولدك من بعْدك حفظهم الله فِيك قلت: بلَى

فَتلا عليّ هَذِه الْآيَة {وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: اتَّقوا الله فِي الضعيفين: الْيَتِيم وَالْمَرْأَة أيتمه ثمَّ أوصى بِهِ وابتلاه وابتلى بِهِ

الْآيَة 10

ص: 443

أخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بَرزَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة قوم من قُبُورهم تأجج أَفْوَاههم نَارا

فَقيل: يَا رَسُول الله من هم قَالَ: ألم تَرَ إِن الله يَقُول {إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ حَدثنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ قَالَ: نظرت فَإِذا أَنا بِقوم لَهُم مشافر كمشافر الْإِبِل وَقد وكِّل بهم من يَأْخُذ بمشافرهم ثمَّ يَجْعَل فِي أَفْوَاههم صخرا من نَار فتقذف فِي فِي أحدهم حَتَّى تخرج من أسافلهم وَلَهُم خوار وصراخ فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ {الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيراً}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِذا قَامَ الرجل يَأْكُل مَال الْيَتِيم ظلما يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَلَهَب النَّار يخرج من فِيهِ وَمن مسامعه وَمن أُذُنَيْهِ وَأَنْفه وَعَيْنَيْهِ يعرفهُ من رَآهُ بآكل مَال الْيَتِيم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر قَالَ: من أكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ

ص: 443

يُؤْخَذ بمشفره يَوْم الْقِيَامَة فَيمْلَأ فوه جمراً فَيُقَال لَهُ: كل كَمَا أَكلته فِي الدُّنْيَا ثمَّ يدْخل السعير الْكُبْرَى

وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه لأهل الشّرك حِين كَانُوا لَا يورثونهم ويأكلون أَمْوَالهم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {سعيراً} يَعْنِي وقوداً

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ السعير وَاد من فيح فِي جَهَنَّم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَربع حق على الله أَن لَا يدخلهم الْجنَّة وَلَا يذيقهم نعيماً: مدمن الْخمر وآكل رَبًّا وآكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق والعاق لوَالِديهِ

الْآيَة 11

ص: 444

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن جَابر بن عبد الله قَالَ عادني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر فِي بني سَلمَة ماشيين فوجدني النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا أَعقل شَيْئا فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ مِنْهُ ثمَّ رش عليَّ فَأَفَقْت فَقلت: مَا تَأْمُرنِي أَن أصنع فِي مَالِي يَا رَسُول الله فَنزلت {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ}

وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم عَن جَابر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعودنِي وَأَنا

ص: 444

مَرِيض فَقلت: كَيفَ أقسم مَالِي بَين وَلَدي فَلم يرد عَليّ شَيْئا وَنزلت {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم}

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة ومسدد وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي عمر وَابْن منيع وَابْن أبي أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر قَالَ جَاءَت امْرَأَة سعد بن الرّبيع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله هَاتَانِ ابنتا سعد بن الرّبيع قتل أَبوهُمَا مَعَك فِي أحد شَهِيدا وَأَن عَمهمَا أَخذ مَالهمَا فَلم يدع لَهما مَالا وَلَا ينكحان إِلَّا وَلَهُمَا مَال فَقَالَ: يقْضِي الله فِي ذَلِك

فَنزلت آيَة الْمِيرَاث {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} الْآيَة

فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى عَمهمَا فَقَالَ: أعْط ابْنَتي سعد الثُّلثَيْنِ وأمهما الثّمن وَمَا بَقِي فَهُوَ لَك

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ المَال للْوَلَد وَكَانَت الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين فنسخ الله من ذَلِك مَا أحب فَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَجعل لِلْأَبَوَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مَعَ الْوَلَد وَجعل للزَّوْجَة الثّمن وَالرّبع وَللزَّوْج الشّطْر وَالرّبع

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت آيَة الْفَرَائِض الَّتِي فرض الله فِيهَا مَا فرض للْوَلَد الذّكر وَالْأُنْثَى والأبوين كرهها النَّاس أَو بَعضهم وَقَالُوا: نعطي الْمَرْأَة الرّبع أَو الثّمن ونعطي الإبنة النّصْف ونعطي الْغُلَام الصَّغِير وَلَيْسَ من هَؤُلَاءِ أحد يُقَاتل الْقَوْم وَلَا يحوز الْغَنِيمَة وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يُعْطون الْمِيرَاث إِلَّا لمن قَاتل الْقَوْم ويعطونه الْأَكْبَر فالأكبر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} قَالَ: صَغِيرا أَو كَبِيرا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْجَوَارِي وَلَا الضُّعَفَاء من الغلمان لَا يَرث الرجل من وَالِده إِلَّا من أطَاق الْقِتَال

فَمَاتَ عبد الرَّحْمَن أَخُو حسان الشَّاعِر وَترك امْرَأَة لَهُ يُقَال لَهَا أم كحة

وَترك خمس جوَار فَجَاءَت الْوَرَثَة فَأخذُوا مَاله فشكت أم كحة ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف}

ص: 445

ثمَّ قَالَ: فِي أم كحة (ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن)(النِّسَاء الْآيَة 12)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَإِن كن نسَاء} يَعْنِي بَنَات {فَوق اثْنَتَيْنِ} يَعْنِي أَكثر من اثْنَتَيْنِ أَو كن اثْنَتَيْنِ لَيْسَ مَعَهُنَّ ذكر {فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك} الْمَيِّت والبقية للْعصبَةِ {وَإِن كَانَت وَاحِدَة} يَعْنِي ابْنة وَاحِدَة فلهَا النّصْف {ولأبويه} يَعْنِي أَبَوي الْمَيِّت {لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد} يَعْنِي ذكرا كَانَ أوكانتا اثْنَتَيْنِ فَوق ذَلِك وَلم يكن مَعَهُنَّ ذكر فَإِن كَانَ الْوَلَد ابْنة وَاحِدَة فلهَا نصف المَال ثَلَاثَة أَسْدَاس وَللْأَب سدس وَيبقى سدس وَاحِد فَيرد ذَلِك على الْأَب لِأَنَّهُ هُوَ الْعصبَة {فَإِن لم يكن لَهُ ولد} قَالَ: ذكر وَلَا أُنْثَى {وورَّثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث} وَبَقِيَّة المَال للْأَب {فَإِن كَانَ لَهُ} يَعْنِي للْمَيت {إخْوَة} قَالَ: أَخَوان فَصَاعِدا أَو أختَان أَو أَخ أَو أُخْت {فلأمه السُّدس} وَمَا بَقِي فللأب وَلَيْسَ للإخوة مَعَ الْأَب شَيْء وَلَكنهُمْ حجبوا الْأُم عَن الثُّلُث {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا} فِيمَا بَينه وَبَين الثُّلُث لغير الْوَرَثَة وَلَا تجوز وَصِيَّة لوَارث {أَو دين} يَعْنِي يحم الْمِيرَاث للْوَرَثَة من بعد دين على الْمَيِّت {فَرِيضَة من الله} يَعْنِي مَا ذكر من قسْمَة الْمِيرَاث {إِن الله كَانَ عليماً حكيماً} حكم قسمه

وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت قَالَ: توفّي الرجل أَو الْمَرْأَة وَترك بِنْتا فلهَا النّصْف فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَأكْثر فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَإِن كَانَ مَعَهُنَّ ذكر فَلَا فَرِيضَة لأحد مِنْهُم وَيبدأ بِأحد إِن شركهن بفريضة فَيعْطى فريضته

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب إِذا سلك بِنَا طَرِيقا فاتبعناه وَجَدْنَاهُ سهلاً وَإنَّهُ سُئِلَ عَن امْرَأَة وأبوين فَقَالَ: للْمَرْأَة الرّبع وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَمَا بَقِي فللأب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَرْسلنِي ابْن عَبَّاس إِلَى زيد بن ثَابت أسأله عَن زوج وأبوين فَقَالَ زيد: للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَللْأَب بَقِيَّة المَال

فَأرْسل إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس: أَفِي كتاب الله تَجِد هَذَا قَالَ: لَا

وَلَكِن أكره أَن أفضل أما على أَب

قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يُعْطي الْأُم الثُّلُث من جَمِيع المَال

ص: 446

وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه دخل على عُثْمَان فَقَالَ: إِن الْأَخَوَيْنِ لَا يردان الْأُم عَن الثُّلُث قَالَ الله {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة} فالأخوان ليسَا بِلِسَان قَوْمك إخْوَة فَقَالَ عُثْمَان: لَا أَسْتَطِيع أَن أرد مَا كَانَ قبلي وَمضى فِي الْأَمْصَار وتوارث بِهِ النَّاس

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت أَنه كَانَ يحجب الْأُم بالأخوين فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا سعيد إِن الله يَقُول {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة} وَأَنت تحجبها بأخوين فَقَالَ: إِن الْعَرَب تسمي الْأَخَوَيْنِ إخْوَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس} قَالَ: أضروا بِالْأُمِّ وَلَا يَرِثُونَ وَلَا يحجبها الْأَخ الْوَاحِد من الثُّلُث ويحجبها مَا فَوق ذَلِك وَكَانَ أهل الْعلم يرَوْنَ أَنهم إِنَّمَا حجبوا أمّهم من الثُّلُث لِأَن أباهم يَلِي نكاحهم وَالنَّفقَة عَلَيْهِم دون أمّهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السُّدس الَّذِي حَجَبته الْإِخْوَة الْأُم لَهُم إِنَّمَا حجبوا أمّهم عَنهُ ليَكُون لَهُم دون أمّهم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ قَالَ: إِنَّكُم تقرؤون هَذِه الْآيَة {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قضى بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة وَإِن أَعْيَان بني الْأُم يتوارثون دون بني العلات

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} قَالَ: يبْدَأ بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آباؤكم وأبناؤكم لَا تَدْرُونَ أَيهمْ أقرب لكم نفعا} يَقُول: أطوعكم لله من الْآبَاء وَالْأَبْنَاء أرفعكم دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة لِأَن الله شفع الْمُؤمنِينَ بَعضهم فِي بعض

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَيهمْ أقرب لكم نفعا} قَالَ: فِي الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {أَيهمْ أقرب لكم نفعا} قَالَ بَعضهم: فِي نفع الْآخِرَة

وَقَالَ بَعضهم: فِي نفع الدُّنْيَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمِيرَاث للْوَلَد فَانْتزع الله مِنْهُ للزَّوْج وَالْوَالِد

ص: 447

الْآيَة 12

ص: 448

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم} الْآيَة

يَقُول: للرجل نصف مَا تركت امْرَأَته إِذا مَاتَت إِن لم يكن لَهَا ولد من زَوجهَا الَّذِي مَاتَت عَنهُ أَو من غَيره فَإِن كَانَ لَهَا ولد ذكر أَو أُنْثَى فَللزَّوْج الرّبع مِمَّا تركت من المَال من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا النِّسَاء أَو دين عَلَيْهِنَّ - والدّين قبل الْوَصِيَّة فِيهَا تَقْدِيم - {ولهن الرّبع} الْآيَة

يَعْنِي للْمَرْأَة الرّبع مِمَّا ترك زَوجهَا من الْمِيرَاث إِن لم يكن لزَوجهَا الَّذِي مَاتَ عَنْهَا ولد مِنْهَا وَلَا من غَيرهَا فَإِن كَانَ للرجل ولد ذكر أَو أُنْثَى فلهَا الثّمن مِمَّا ترك الزَّوْج من المَال وَإِن كَانَ رجل أَو امْرَأَة يُورث كَلَالَة - والكلالة الْمَيِّت الَّذِي لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد - {فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك} يَعْنِي أَكثر من وَاحِد إثنين إِلَى عشرَة فَصَاعِدا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد والدرامي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه كَانَ يقْرَأ / وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة وَله أَخ أَو أُخْت من أم /

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: مَا ورث أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْإِخْوَة من الْأُم مَعَ الْجد شَيْئا قطّ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَله أَخ أَو أُخْت} قَالَ:

ص: 448

هَؤُلَاءِ الْإِخْوَة من الْأُم فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث قَالَ: ذكرهم وأنثاهم فِيهِ سَوَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: قضى عمر بن الْخطاب أَن مِيرَاث الْإِخْوَة من الْأُم بَينهم الذّكر فِيهِ مثل الْأُنْثَى

قَالَ: وَلَا أرى عمر بن الْخطاب قضى بذلك حَتَّى علمه من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ولهذه الْآيَة الَّتِي قَالَ الله {فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث}

وَأخرج الْحَاكِم عَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَزيد فِي أم وَزوج وإخوة لأَب وَأم وإخوة لأم إِن الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم شُرَكَاء الْإِخْوَة من الْأُم فِي ثلثهم وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: هم بَنو أم كلهم وَلم تزدهم الْأُم إِلَّا قرباً فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث

وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت فِي المشركة قَالَ: هبوا أَن أباهم كَانَ حمارا مَا زادهم الْأَب إِلَّا قرباً وأشرك بَينهم فِي الثُّلُث

ذكر الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْفَرَائِض أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموه النَّاس فَإِنَّهُ نصف الْعلم وَإنَّهُ ينسى وَهُوَ أول مَا ينْزع من أمتِي

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموها النَّاس فَإِنِّي امْرُؤ مَقْبُوض وَإِن الْعلم سيقبض وَتظهر الْفِتَن حَتَّى يخْتَلف الإثنان فِي الْفَرَائِض لَا يجدان من يقْضِي بهَا

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن الْمسيب قَالَ: كتب عمر إِلَى أبي مُوسَى: إِذا لهوتم فالهوا بِالرَّمْي وَإِذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض واللحن وَالسّنة كَمَا تعلمُونَ الْقُرْآن

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض فَإِنَّهَا من دينكُمْ

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ مِنْكُم الْقُرْآن فليتعلم الْفَرَائِض فَإِن لقِيه أَعْرَابِي قَالَ: يَا مهَاجر أَتَقْرَأُ الْقُرْآن فَيَقُول: نعم

فَيَقُول: وَأَنا أَقرَأ

فَيَقُول الْأَعرَابِي: أتفرض يَا مهَاجر فَإِن قَالَ: نعم

قَالَ: زِيَادَة خير

وَإِن قَالَ: لَا

قَالَ: فَمَا فضلك عليَّ يَا مهَاجر

ص: 449

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض وَالْحج وَالطَّلَاق فَإِنَّهُ من دينكُمْ

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَفْرَضُ أمتِي زيد بن ثَابت

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَوْلَا أَن زيد بن ثَابت كتب الْفَرَائِض لرأيت أَنَّهَا ستذهب من النَّاس

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ركب إِلَى قبَاء يستخير فِي مِيرَاث الْعمة وَالْخَالَة

فَأنْزل الله عَلَيْهِ لَا مِيرَاث لَهما

وَأخرجه الْحَاكِم مَوْصُولا من طَرِيق عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ يَقُول: عجبا للعمة تورِث وَلَا تَرث

وَأخرج الْحَاكِم عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ: جَاءَت الْجدّة إِلَى أبي بكر فَقَالَت: إِن لي حَقًا فِي ابْن ابْن

أَو ابْن ابْنة لي مَاتَ

قَالَ: مَا علمت لَك حَقًا فِي كتاب الله وَلَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهِ شَيْئا وسأسأل

فَشهد الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السُّدس قَالَ: من شهد ذَلِك مَعَك فَشهد مُحَمَّد بن مسلمة فَأَعْطَاهَا أَبُو بكر السُّدس

وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت أَن عمر لما استشارهم فِي مِيرَاث الْجد وَالإِخْوَة قَالَ زيد: كَانَ رَأْيِي أَن الْإِخْوَة أولى بِالْمِيرَاثِ وَكَانَ عمر يرى يَوْمئِذٍ أَن الْجد أولى من الْإِخْوَة فحاورته وَضربت لَهُ مثلا وَضرب عَليّ وَابْن عَبَّاس لَهُ مثلا يَوْمئِذٍ

السَّيْل يَضْرِبَانِهِ ويصرفانه على نَحْو تصريف زيد

وَأخرج الْحَاكِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: إِن من قَضَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للجدتين من الْمِيرَاث السُّدس بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول من أعال الْفَرَائِض عمر تدافعت عَلَيْهِ وَركب بَعْضهَا بَعْضًا قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع بكم وَالله مَا أَدْرِي أَيّكُم قدَّم الله وَلَا أَيّكُم أخَّر وَمَا أجد فِي هَذَا المَال شَيْئا أحسن من أَن أقسمه عَلَيْكُم بِالْحِصَصِ

ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس: وأيم الله لَو قدَّم من قدَّم الله وأخَّر من أخر الله مَا عالت فريضته

فَقيل لَهُ: وأيها قدَّم الله قَالَ: كل فَرِيضَة لم يهبطها الله من

ص: 450

فَرِيضَة إِلَّا إِلَى فَرِيضَة: فَهَذَا مَا قدَّم الله وكل فَرِيضَة إِذا زَالَت عَن فَرضهَا لم يكن لَهَا إِلَّا مَا بَقِي فَتلك الَّتِي أخَّر الله فَالَّذِي قدَّم كالزوجين وَالأُم وَالَّذِي أخَّر كالأخوات وَالْبَنَات

فَإِذا اجْتمع من قدم الله وَأخر بدىء بِمن قدَّم فَأعْطى حَقه كَامِلا فَإِن بَقِي شَيْء كَانَ لَهُنَّ وَإِن لم يبْق شَيْء فَلَا شَيْء لَهُنَّ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَرَوْنَ الَّذِي أحصى رمل عالج عددا جعل فِي المَال نصفا وَثلثا وربعاً إِنَّمَا هُوَ نِصْفَانِ وَثَلَاثَة أَثلَاث وَأَرْبَعَة أَربَاع

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَطاء قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن النَّاس لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِي وَلَا بِقَوْلِك وَلَو متُّ أَنا وَأَنت مَا اقتسموا مِيرَاثا على مَا تَقول: قَالَ: فليجتمعوا فلنضع أَيْدِينَا على الرُّكْن ثمَّ نبتهل فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين

مَا حكم الله بِمَا قَالُوا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت

أَنه أول من أعال الْفَرَائِض وَأكْثر مَا بلغ الْعَوْل مثل ثُلثي رَأس الْفَرِيضَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: من شَاءَ لَاعَنته عِنْد الْحجر الْأسود إِن الله لم يذكر فِي الْقُرْآن جدا وَلَا جدة إِن هم إِلَّا الْآبَاء ثمَّ تَلا (وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب)(يُوسُف الْآيَة 38)

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أجرؤكم على قسم الْجد أجرؤكم على النَّار

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر قَالَ: أجرؤكم على جراثيم جَهَنَّم أجرؤكم على الْجد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن عَليّ قَالَ: من سرَّه أَن يتقحَّم جراثيم جَهَنَّم فليقض بَين الْجد وَالإِخْوَة

وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم وَلَا الْمُسلم الْكَافِر

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: مَا أحدث فِي الْإِسْلَام قَضَاء بعد قَضَاء أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هُوَ أعجب إليَّ من قَضَاء مُعَاوِيَة إِنَّا نرثهم وَلَا يرثونا كَمَا أَن النِّكَاح يحل لنا فيهم وَلَا يحلُّ لَهُم فِينَا

ص: 451

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ للْقَاتِل من الْمِيرَاث شَيْء

قَوْله تَعَالَى: {غير مضار} الْآيَة

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين غير مضار} يَعْنِي من غير ضرار لَا يقر بِحَق لَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا يُوصي بِأَكْثَرَ من الثُّلُث مضار للْوَرَثَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {غير مضار} قَالَ: فِي الْمِيرَاث لأَهله

وَأخرج النَّسَائِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر ثمَّ قَرَأَ {غير مضار}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الأضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر

وَأخرج مَالك وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْجَارُود وَابْن حبَان عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه مرض مَرضا أشفي مِنْهُ فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يعودهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا كثيرا وَلَيْسَ يَرِثنِي إِلَّا ابْنة أفأتصدق بالثلثين قَالَ: لَا

قَالَ: فَالشَّطْر

قَالَ: لَا

قَالَ: فَالثُّلُث

قَالَ: الثُّلُث وَالثلث إِنَّك أَن تذر وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تذرهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: إِن الله تصدق عَلَيْكُم بِثلث أَمْوَالكُم زِيَادَة فِي حَيَاتكُم يَعْنِي الْوَصِيَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وددت أَن النَّاس غضوا من الثُّلُث إِلَى الرّبع لِأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الثُّلُث كثير

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: ذكر عِنْد عمر الثُّلُث فِي الْوَصِيَّة قَالَ: الثُّلُث وسط لَا بخس وَلَا شطط

ص: 452

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لِأَن أوصِي بالخمس أحبُّ إليَّ من أَن أوصِي بِالربعِ وَلِأَن أوصِي بِالربعِ أحب إِلَيّ من أَن أوصِي بِالثُّلثِ وَمن أوصِي بِالثُّلثِ لم يتْرك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الَّذِي يُوصي بالخمس أفضل من الَّذِي يُوصي بِالربعِ وَالَّذِي يُوصي بِالربعِ أفضل من الَّذِي يُوصي بِالثُّلثِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ يُقَال: السُّدس خير من الثُّلُث فِي الْوَصِيَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: من أوصى بِوَصِيَّة لم يحف فِيهَا وَلم يضار أحدا كَانَ لَهُ من الْأجر مَا لَو تصدق فِي حَيَاته فِي صِحَّته

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يَمُوت الرجل قبل أَن يُوصي قبل أَن تنزل الْمَوَارِيث

آيَة 13 - 14

ص: 453

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {تِلْكَ حُدُود الله} يَعْنِي طَاعَة الله يَعْنِي الْمَوَارِيث الَّتِي سمى

وَقَوله {ويتعدَّ حُدُوده} يَعْنِي من لم يرض بقسم الله وتعدَّى مَا قَالَ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {تِلْكَ حُدُود الله} بقول: شُرُوط الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {تِلْكَ حُدُود الله} يَعْنِي سنة الله وَأمره فِي قسْمَة الْمِيرَاث {وَمن يطع الله وَرَسُوله} فَيقسم الْمِيرَاث كَمَا أمره الله {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} قَالَ: يُخَالف أمره فِي قسْمَة الْمَوَارِيث {يدْخلهُ نَارا خَالِدا فِيهَا}

ص: 453

يَعْنِي من يكفر بقسمة الْمَوَارِيث وهم المُنَافِقُونَ كَانُوا لَا يعدون أَن للنِّسَاء وَالصبيان الصغار من الْمِيرَاث نَصِيبا

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَمن يطع الله وَرَسُوله} قَالَ: فِي شَأْن الْمَوَارِيث الَّتِي ذكر قبل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {تِلْكَ حُدُود الله} الَّتِي حد لخلقه وفرائضه بَينهم فِي الْمِيرَاث وَالْقِسْمَة فَانْتَهوا إِلَيْهَا وَلَا تعدوها إِلَى غَيرهَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن يطع الله وَرَسُوله} قَالَ: من يُؤمن بِهَذِهِ الْفَرَائِض

وَفِي قَوْله {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} قَالَ من لَا يُؤمن بهَا

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الْخَيْر سبعين سنة فَإِذا أوصى حاف فِي وَصيته فيختم لَهُ بشر عمله فَيدْخل النَّار وَإِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الشَّرّ سبعين سنة فيعدل فِي وَصيته فيختم لَهُ بِخَير عمله فَيدْخل الْجنَّة

ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقرأوا إِن شِئْتُم {تِلْكَ حُدُود الله} إِلَى قَوْله {عَذَاب مهين}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قطع مِيرَاثا فَرْضه الله قطع الله مِيرَاثه من الْجنَّة

وَأخرج ابْن مَاجَه من وَجه آخر عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قطع مِيرَاث وَارثه قطع الله مِيرَاثه من الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من وَجه ثَالِث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قطع مِيرَاثا فَرْضه الله وَرَسُوله قطع الله بِهِ مِيرَاثه من الْجنَّة

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى لَا يقسم مِيرَاث وَلَا يفرح بغنيمة عَدو

الْآيَة 15

ص: 454

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} الْآيَة

قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا فجرت حبست فِي الْبيُوت فَإِن مَاتَت مَاتَت وَإِن عاشت عاشت حَتَّى نزلت الْآيَة فِي سُورَة النُّور (الزَّانِيَة وَالزَّانِي)(النُّور الْآيَة 2) فَجعل الله لهنَّ سَبِيلا فَمن عمل شَيْئا جلد وَأرْسل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا زنت حبست فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت ثمَّ أنزل الله بعد ذَلِك (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة)(النُّور الْآيَة 2) فَإِن كَانَا محصنين رجما

فَهَذَا السَّبِيل الَّذِي جعله الله لَهما

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم} وَقَوله {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} الطَّلَاق الْآيَة 1 وَقَوله {وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} النِّسَاء الْآيَة 19 قَالَ: كَانَ ذكر الْفَاحِشَة فِي هَؤُلَاءِ الْآيَات قبل أَن تنزل سُورَة النُّور بِالْجلدِ وَالرَّجم فَإِن جَاءَت الْيَوْم بِفَاحِشَة مبينَة فَإِنَّهَا تخرج فترجم فنسختها هَذِه الْآيَة {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة} النُّور الْآيَة 2 والسبيل الَّذِي جعل الله لَهُنَّ الْجلد وَالرَّجم

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم} إِلَى قَوْله {سَبِيلا} وَذكر الرجل بعد الْمَرْأَة ثمَّ جَمعهمَا جَمِيعًا فَقَالَ (واللذان يأتيانهما مِنْكُم فآذوهما

) (النِّسَاء الْآيَة 16) الْآيَة

ثمَّ نسخ ذَلِك بِآيَة الْجلد فَقَالَ: (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة)(النُّور الْآيَة 2)

وَأخرج آدم الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم}

ص: 455

يَعْنِي الزِّنَا كَانَ أَمر أَن يحبس ثمَّ نسختها (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا)(النُّور الْآيَة 2)

وَأخرج آدم وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ السَّبِيل الْحَد

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} الْآيَة

قَالَ: كَانَ هَذَا بَدْء عُقُوبَة الزِّنَا كَانَت الْمَرْأَة تحبس ويؤذيان جَمِيعًا ويعيران بالْقَوْل وبالسب

ثمَّ إِن الله أنزل بعد ذَلِك فِي سُورَة النُّور جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا فَصَارَت السّنة فِيمَن أحصن بِالرَّجمِ بِالْحِجَارَةِ وفيمن لم يحصن جلد مائَة وَنفي سنة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والنحاس عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نسختها الْحُدُود

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} الْآيَة

قَالَ: كَانَ أول حُدُود النِّسَاء أَن يحبسن فِي بيُوت لَهُنَّ حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي النُّور

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} يَعْنِي الزِّنَا {من نِسَائِكُم} يَعْنِي الْمَرْأَة الثّيّب من الْمُسلمين {فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُم} يَعْنِي من الْمُسلمين الْأَحْرَار {فَإِن شهدُوا} يَعْنِي بِالزِّنَا {فأمسكوهن} يَعْنِي احبسوهن {فِي الْبيُوت} يَعْنِي فِي السجون

وَكَانَ هَذَا فِي أول الْإِسْلَام كَانَت الْمَرْأَة إِذا شهد عَلَيْهَا أَرْبَعَة من الْمُسلمين عدُول بِالزِّنَا حبست فِي السجْن فَإِن كَانَ لَهَا زوج أَخذ الْمهْر مِنْهَا وَلكنه ينْفق عَلَيْهَا من غير طَلَاق وَلَيْسَ عَلَيْهَا حد وَلَا يُجَامِعهَا وَلَكِن يحبسها فِي السجْن {حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت} يَعْنِي حَتَّى تَمُوت الْمَرْأَة وَهِي على تِلْكَ الْحَال {أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} يَعْنِي مخرجا من الْحَبْس والمخرج الْحَد

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ اللَّاتِي قد أنكحن وَأحْصن إِذا زنت الْمَرْأَة كَانَت تحبس فِي الْبيُوت وَيَأْخُذ زَوجهَا مهرهَا فَهُوَ لَهُ

وَذَلِكَ قَوْله (وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا أتيتموهن شَيْئا)(الْبَقَرَة الْآيَة 229)(إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة) الزِّنَا حَتَّى جَاءَت الْحُدُود فنسختها فجلدت ورجمت وَكَانَ مهرهَا مِيرَاثا فَكَانَ السَّبِيل هُوَ الْحَد

ص: 456

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالشَّافِعِيّ وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد والدرامي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْجَارُود والطَّحَاوِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن حبَان عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي كرب لذَلِك وَتَربد وَجهه

وَفِي لفظ لِابْنِ جرير: يَأْخُذهُ كَهَيئَةِ الغشي لما يجد من ثقل ذَلِك

فَأنْزل الله عَلَيْهِ ذَات يَوْم فَلَمَّا سري عَنهُ قَالَ: خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الثّيّب جلد مائَة ورجم بِالْحِجَارَةِ وَالْبكْر جلد مائَة ثمَّ نفي سنة

وَأخرج أَحْمد عَن سَلمَة بن المحبق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: خُذُوا عني خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد مائَة وَنفي سنة وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت الْفَرَائِض فِي سُورَة النِّسَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا حبس بعد سُورَة النِّسَاء

الْآيَة 16

ص: 457

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واللذان يأتيانها مِنْكُم} الْآيَة

قَالَ: كَانَ الرجل إِذا زنى أوذي بالتعيير وَضرب بالنعال

فَأنْزل الله بعد هَذِه الْآيَة (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة)(النُّور الْآيَة 2) وَإِن كَانَا غير محصنين رجما فِي سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {واللذان يأتيانها مِنْكُم} قَالَ: الرّجلَانِ الفاعلان

وَأخرج آدم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فآذوهما} يَعْنِي سبأ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {واللذان} يَعْنِي البكرين اللَّذين لم يحصنا {يأتيانها} يَعْنِي الْفَاحِشَة وَهِي الزِّنَا {مِنْكُم} يَعْنِي من الْمُسلمين {فآذوهما} يَعْنِي بِاللِّسَانِ بالتعيير وَالْكَلَام الْقَبِيح لَهما بِمَا عملا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا

ص: 457

حبس لِأَنَّهُمَا بكران وَلَكِن يعيران ليتوبا ويندما {فَإِن تابا} يَعْنِي من الْفَاحِشَة {وأصلحا} يَعْنِي الْعَمَل {فأعرضوا عَنْهُمَا} يَعْنِي لَا تسمعوهما الْأَذَى بعد التَّوْبَة {إِن الله كَانَ تَوَّابًا رحِيما} فَكَانَ هَذَا يفعل بالبكر وَالثَّيِّب فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نزل حد الزَّانِي فَصَارَ الْحَبْس والأذى مَنْسُوخا نسخته الْآيَة الَّتِي فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا النُّور (الزَّانِيَة وَالزَّانِي

) (النُّور الْآيَة 2)

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء {واللذان يأتيانها مِنْكُم} قَالَ: الرجل وَالْمَرْأَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: ثمَّ ذكر الْجَوَارِي والفتيان الَّذين لم ينكحوا فَقَالَ {واللذان يأتيانها مِنْكُم} الْآيَة

فَكَانَت الْجَارِيَة والفتى إِذا زَنَيَا يعنفان ويعيران حَتَّى يتركا ذَلِك

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {فَإِن تابا وأصلحا فأعرضوا عَنْهُمَا} قَالَ: عَن تعييرهما

الْآيَة 17 - 18

ص: 458

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِنَّمَا التَّوْبَة على الله} الْآيَة

قَالَ: هَذِه للْمُؤْمِنين

وَفِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات} قَالَ: هَذِه لأهل النِّفَاق {وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار} قَالَ: هَذِه لأهل الشّرك

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: نزلت الأولى فِي الْمُؤمنِينَ وَنزلت الْوُسْطَى فِي الْمُنَافِقين وَالْأُخْرَى فِي الْكفَّار

ص: 458

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن أبي الْعَالِيَة أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَقُولُونَ: كل ذَنْب أَصَابَهُ عبد فَهُوَ جَهَالَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَرَأَوْا أَن كل شَيْء عصي بِهِ فَهُوَ جَهَالَة عمدا كَانَ أَو غَيره

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد فِي قَوْله جَهَالَة قَالَ: كل من عصى ربه فَهُوَ جَاهِل حَتَّى ينْزع عَن مَعْصِيَته

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا التَّوْبَة على الله} الْآيَة

قَالَ: من عمل السوء فَهُوَ جَاهِل من جهالته عمل السوء {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ: فِي الْحَيَاة وَالصِّحَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ الْقَرِيب مَا بَينه وَبَين أَن ينظر إِلَى ملك الْمَوْت

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مجلز قَالَ: لَا يزَال الرجل فِي تَوْبَة حَتَّى يعاين الْمَلَائِكَة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ الْقَرِيب مَا لم تنزل بِهِ آيَة من آيَات الله أَو ينزل بِهِ الْمَوْت

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كل شَيْء قبل الْمَوْت فَهُوَ قريب لَهُ التَّوْبَة مَا بَينه وَبَين أَن يعاين ملك الْمَوْت فَإِذا تَابَ حِين ينظر إِلَى ملك الْمَوْت فَلَيْسَ لَهُ ذَاك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: الدُّنْيَا كلهَا قريب والمعاصي كلهَا جَهَالَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ: مَا لم يُغَرْغر

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر فِي الْآيَة قَالَ: لَو غرغر بهَا - يَعْنِي الْمُشرك بِالْإِسْلَامِ - لرجوت لَهُ خيرا كثيرا

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن إِبْلِيس لما رأى آدم أجوف قَالَ: وَعزَّتك لَا أخرج من جَوْفه مَا دَامَ فِيهِ الرّوح

فَقَالَ الله تبارك وتعالى: وَعِزَّتِي لَا أَحول بَينه وَبَين التَّوْبَة مَا دَامَ الرّوح فِيهِ

ص: 459

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا عِنْد أنس بن مَالك وَثمّ أَبُو قلَابَة فَحدث أَبُو قلَابَة قَالَ: إِن الله تَعَالَى لما لعن إِبْلِيس سَأَلَهُ النظرة

فأنظره إِلَى يَوْم الدّين فَقَالَ: وَعزَّتك لَا أخرج من قلب ابْن آدم مَا دَامَ فِيهِ الرّوح

قَالَ: وَعِزَّتِي لَا أحجب عَنهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرّوح

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لَا أخْبركُم إِلَّا مَا سَمِعت من فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سمعته أذناي ووعاه قلبِي أَن عبدا قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا ثمَّ عرضت لَهُ التَّوْبَة فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض فَدلَّ على رجل فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قتلت تِسْعَة وَتِسْعين نفسا فَهَل لي من تَوْبَة قَالَ بعد قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا

قَالَ: فانتضى سَيْفه فَقتله فأكمل بِهِ مائَة

ثمَّ عرضت لَهُ التَّوْبَة فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض فَدلَّ على رجل فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قتلت مائَة نفس فَهَل لي من تَوْبَة فَقَالَ: وَمن يحول بَيْنك وَبَين التَّوْبَة أخرج من الْقرْيَة الخبيثة الَّتِي أَنْت فِيهَا إِلَى الْقرْيَة الصَّالِحَة قَرْيَة كَذَا وَكَذَا

فاعبد رَبك فِيهَا

فَخرج يُرِيد الْقرْيَة الصَّالِحَة فَعرض لَهُ أَجله فِي الطَّرِيق فاختصم فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب فَقَالَ إِبْلِيس أَنا أولى بِهِ إِنَّه لم يعصيني سَاعَة قطّ

فَقَالَت الْمَلَائِكَة: إِنَّه خرج تَائِبًا

فَبعث الله ملكا فاختصموا إِلَيْهِ فَقَالَ: انْظُرُوا أَي القريتين كَانَت أقرب إِلَيْهِ فألحقوه بهَا

فَقرب الله مِنْهُ الْقرْيَة الصَّالِحَة وباعد مِنْهُ الْقرْيَة الخبيثة فألحقه بِأَهْل الْقرْيَة الصَّالِحَة

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن رجل من الصَّحَابَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَا مَا إِنْسَان يَتُوب إِلَى الله عز وجل قبل أَن تغرغر نَفسه فِي شدقه إِلَّا قبل الله تَوْبَته

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: التَّوْبَة مبسوطة للْعَبد مَا لم يسق

ثمَّ قَرَأَ {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} ثمَّ قَالَ: وَهل الْحُضُور إِلَّا السُّوق

ص: 460

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} قَالَ: لَا يقبل ذَلِك مِنْهُ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات} الْآيَة

قَالَ هم أهل الشّرك

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات} الْآيَة

قَالَ هم أهل الشّرك

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} فَلَيْسَ لهَذَا عِنْد الله تَوْبَة {وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار} أُولَئِكَ أبعد من التَّوْبَة

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة} الْآيَة

قَالَ: فَأنْزل الله بعد ذَلِك (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء)(النِّسَاء الْآيَة 48) فَحرم الله الْمَغْفِرَة على من مَاتَ وَهُوَ كَافِر وأرجأ أهل التَّوْحِيد إِلَى مَشِيئَته فَلم يؤيسهم من الْمَغْفِرَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: مَا من ذَنْب مِمَّا يعْمل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يَتُوب مِنْهُ العَبْد قبل أَن يَمُوت إِلَّا تَابَ الله عَلَيْهِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: التَّوْبَة مبسوطة مَا لم يُؤْخَذ بكظمه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو قَالَ: من تَابَ قبل مَوته بفواق تيب عَلَيْهِ

قيل: ألم يقل الله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} فَقَالَ: إِنَّمَا أحَدثك مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله يقبل تَوْبَة عَبده

أَو يغْفر لعَبْدِهِ مَا لم يَقع الْحجاب

قيل: وَمَا وُقُوع الْحجاب قَالَ: تخرج النَّفس وَهِي مُشركَة

ص: 461

الْآيَة 19

ص: 462

أخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها} قَالَ: كَانُوا إِذا مَاتَ الرجل كَانَ أولياؤه أَحَق بامرأته إِن شَاءَ بَعضهم تزوّجها وَإِن شاؤوا زوجوها وَإِن شاؤوا لم يزوّجوها فهم أَحَق بهَا من أَهلهَا

فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي ذَلِك

وَأخرج أَبُو دَاوُد من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يَرث امْرَأَة ذِي قرَابَته فيعضلها حَتَّى تَمُوت أَو ترد إِلَيْهِ صَدَاقهَا فاحكم الله عَن ذَلِك

أَي نهى عَن ذَلِك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا مَاتَ وَترك جَارِيَة ألْقى عَلَيْهَا حميمه ثَوْبه فَمنعهَا من النَّاس فَإِن كَانَت جميلَة تزَوجهَا وَإِن كَانَت دَمِيمَة حَبسهَا حَتَّى تَمُوت فيرثها

وَهِي قَوْله {وَلَا تعضلوهن} يَعْنِي لَا تقهروهن {لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} يَعْنِي الرجل تكون لَهُ الْمَرْأَة وَهُوَ كَارِه لصحبتها وَلها عَلَيْهِ مهر فَيضر بهَا لتفتدي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل إِذا مَاتَ أَبوهُ أَو حميمه كَانَ أَحَق بِامْرَأَة الْمَيِّت إِن شَاءَ أمْسكهَا أَو يحبسها حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بصداقها أَو تَمُوت فَيذْهب بمالها

قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح: وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا هلك الرجل فَترك امْرَأَة يحبسها أَهله على الصَّبِي تكون فيهم فَنزلت {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها}

وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: لما توفّي أَبُو قيس بن الأسلت أَرَادَ ابْنه أَن يتزوّج امْرَأَته - وَكَانَ لَهُم ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة - فَأنْزل الله {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها}

ص: 462

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي كَبْشَة ابْنة معن بن عَاصِم أبي الْأَوْس كَانَت عِنْد أبي قيس بن الأسلت فَتوفي عَنْهَا فجنح عَلَيْهَا ابْنه فَجَاءَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: لَا أَنا ورثت زَوجي وَلَا أَنا تُرِكْتُ فَأُنْكَحَ

فَنزلت هَذِه الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجَالًا من أهل الْمَدِينَة كَانَ إِذا مَاتَ حميم أحدهم ألْقى ثَوْبه على امْرَأَته فورث نِكَاحهَا فَلم ينْكِحهَا أحد غَيره وحبسها عِنْده لتفتدي مِنْهُ بفدية

فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا مَاتَ زَوجهَا جَاءَ وليُّه فَألْقى عَلَيْهَا ثوبا فَإِن كَانَ لَهُ ابْن صَغِير أَو أَخ حَبسهَا عَلَيْهِ حَتَّى يشب أَو تَمُوت فيرثها فَإِن هِيَ انفلتت فَأَتَت أَهلهَا وَلم يلق عَلَيْهَا ثوبا نجت

فَأنْزل الله {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي نَاس من الْأَنْصَار كَانُوا إِذا مَاتَ الرجل مِنْهُم فأملك النَّاس بامرأته وليه فيمسكها حَتَّى تَمُوت فيرثها

فَنزلت فيهم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل يثرب إِذا مَاتَ الرجل مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة ورث امْرَأَته من يَرث مَاله فَكَانَ يعضلها حَتَّى يتزوّجها أَو يُزَوّجهَا من أَرَادَ وَكَانَ أهل تهَامَة يسيء الرجل صُحْبَة الْمَرْأَة حَتَّى يطلقهَا وَيشْتَرط عَلَيْهَا أَن لَا تنْكح إِلَّا من أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بِبَعْض مَا أَعْطَاهَا

فَنهى الله الْمُؤمنِينَ عَن ذَلِك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن السَّلمَانِي فِي قَوْله {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها وَلَا تعضلوهن} قَالَ: نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ إِحْدَاهمَا فِي أَمر الْجَاهِلِيَّة وَالْأُخْرَى فِي أَمر الْإِسْلَام قَالَ ابْن الْمُبَارك {أَن ترثوا النِّسَاء كرها} فِي الْجَاهِلِيَّة {وَلَا تعضلوهن} فِي الإِسلام

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَلَا تعضلوهن} قَالَ: لَا تضر بامرأتك لتفتدي مِنْك

ص: 463

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا تعضلوهن} يَعْنِي أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ كالعضل فِي سُورَة الْبَقَرَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ العضل فِي قُرَيْش بِمَكَّة ينْكح الرجل الْمَرْأَة الشَّرِيفَة فلعلها لَا توافقه فيفارقها على أَن لَا تتَزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهِ فَيَأْتِي بالشهود فَيكْتب ذَلِك عَلَيْهَا وَيشْهد فَإِذا خطبهَا خَاطب فَإِن أَعطَتْهُ وأرضته أذن لَهَا وَإِلَّا عضلها

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبيِّنة} قَالَ: البغض والنشوز

فَإِذا فعلت ذَلِك فقد حلَّ لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن مقسم وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يفحشن فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَقَالَ: إِذا آذتك فقد حل لَك أَخذ مَا أخذت مِنْك

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبيِّنة} يَقُول: إِلَّا أَن ينشزن

وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب إِلَّا أَن يفحشن

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْفَاحِشَة هُنَا النُّشُوز

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي الرجل إِذا أَصَابَت امْرَأَته فَاحِشَة أَخذ مَا سَاق إِلَيْهَا وأخرجها فنسخ ذَلِك الْحُدُود

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة} قَالَ: الزِّنَا

فَإِذا فعلت حلَّ لزَوجهَا أَن يكون هُوَ يسْأَلهَا الْخلْع

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي أُمَامَة قلَابَة وَابْن سِيرِين قَالَا: لَا يحل الْخلْع حَتَّى يُوجد رجل على بَطنهَا لِأَن الله يَقُول {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة}

وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَإِن لكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فَإِن فعلن ذَلِك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن النِّسَاء عنْدكُمْ عوان أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَلكم عَلَيْهِنَّ حق وَمن حقكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا وَلَا يعصينكم فِي مَعْرُوف وَإِذا فعلن ذَلِك فَلَهُنَّ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ

ص: 464

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وعاشروهن} قَالَ: خالطوهن

قَالَ ابْن جرير: صحفه بعض الروَاة

وَإِنَّمَا هُوَ خالقوهن

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: حَقّهَا عَلَيْك الصُّحْبَة الْحَسَنَة وَالْكِسْوَة والرزق الْمَعْرُوف

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي صحبتهن بِالْمَعْرُوفِ {فَإِن كرهتموهن فَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا} فيطلقها فتتزوج من بعده رجلا فَيجْعَل الله لَهُ مِنْهَا ولدا وَيجْعَل الله فِي تَزْوِيجهَا خيرا كثيرا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا} قَالَ: الْخَيْر الْكثير

أَن يعْطف عَلَيْهَا فيرزق الرجل وَلَدهَا وَيجْعَل الله فِي وَلَدهَا خيرا كثيرا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: فَعَسَى الله أَن يَجْعَل فِي الْكَرَاهِيَة خيرا كثيرا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا} قَالَ: الْوَلَد

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِذا وَقع بَين الرجل وَبَين امْرَأَته كَلَام فَلَا يعجل بِطَلَاقِهَا وليتأن بهَا وليصبر فَلَعَلَّ الله سيريه مِنْهَا مَا يحب

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: عَسى أَن يمْسِكهَا وَهُوَ لَهَا كَارِه فَيجْعَل الله فِيهَا خيرا كثيرا قَالَ: وَكَانَ الْحسن يَقُول: عَسى أَن يطلقهَا فتتزوج غَيره فَيجْعَل الله لَهُ فِيهَا خيرا كثيرا

الْآيَة 20 - 21

ص: 465

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج}

ص: 465

قَالَ: إِن كرهت امْرَأَتك وَأَعْجَبَك غَيرهَا فَطلقت هَذِه وَتَزَوَّجت تِلْكَ فأعط هَذِه مهرهَا وَإِن كَانَ قِنْطَارًا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج} قَالَ: طَلَاق امْرَأَة وَنِكَاح أُخْرَى فَلَا يحل لَهُ من مَال الْمُطلقَة شَيْء وَإِن كثر

وَأخرج ابْن جرير عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} قَالَ: ألفا وَمِائَتَيْنِ يَعْنِي أَلفَيْنِ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى بِسَنَد جيد عَن مَسْرُوق قَالَ: ركب عمر بن الْخطاب الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس مَا إكْثَاركُمْ فِي صدَاق النِّسَاء وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وَإِنَّمَا الصَّدقَات فِيمَا بَينهم أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمَا دون ذَلِك وَلَو كَانَ الْإِكْثَار فِي ذَلِك تقوى عِنْد الله أَو مكرمَة لم تَسْبِقُوهُمْ إِلَيْهَا فَلَا أَعرفن مَا زَاد رجل فِي صدَاق امْرَأَة على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم

ثمَّ نزل فاعترضه امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَت لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نهيت النَّاس أَن يزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم قَالَ: نعم

فَقَالَت أما سَمِعت مَا أنزل الله يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فَقَالَ: اللَّهُمَّ غفرانك

كل النَّاس أفقه من عمر

ثمَّ رَجَعَ فَركب الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ أَن تَزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمن شَاءَ أَن يُعْطي من مَاله مَا أحب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: لَا تغَالوا فِي مُهُور النِّسَاء

فَقَالَت امْرَأَة لَيْسَ ذَلِك لَك يَا عمر إِن يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} من ذهب

قَالَ: وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود فَقَالَ عمر: إِن امْرَأَة خَاصَمت عمر فَخَصمته

وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عبد الله بن مُصعب قَالَ: قَالَ عمر: لَا تَزِيدُوا فِي مُهُور النِّسَاء على أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة فَمن زَاد ألقيت الزِّيَادَة فِي بَيت المَال

فَقَالَت امْرَأَة: مَا ذَاك لَك

قَالَ: وَلم

قَالَت: لِأَن الله يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} الْآيَة

فَقَالَ عمر: امْرَأَة أَصَابَت وَرجل أَخطَأ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: قَالَ

ص: 466

عمر: خرجت وَأَنا أُرِيد أَن أنهاكم عَن كَثْرَة الصَدَاق فعرضت لي آيَة من كتاب الله {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بهتاناً} قَالَ: إِثْمًا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {مُبينًا} قَالَ: الْبَين

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْإِفْضَاء الْجِمَاع وَلَكِن الله يكني

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض} قَالَ: مجامعة النِّسَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: الْمِيثَاق الغليظ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أوتسريح بِإِحْسَان)(الْبَقَرَة الْآيَة 229)

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ميثاقاً غليظاً} قَالَ: هُوَ مَا أَخذ الله تَعَالَى للنِّسَاء على الرِّجَال فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان قَالَ: وَقد كَانَ ذَلِك يُؤْخَذ عِنْد عقد النِّكَاح آللَّهُ عَلَيْك لتمسكن بِمَعْرُوف أَو لتسرحن بِإِحْسَان

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي ملكية أَن ابْن عمر كَانَ إِذا أنكح قَالَ: أنكحك على مَا أَمر الله بِهِ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان)

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَوْف قَالَ: كَانَ أنس بن مَالك إِذا زوّج امْرَأَة من بَنَاته أَو امْرَأَة من بعض أَهله قَالَ لزَوجهَا: أُزَوِّجُك تمْسِكْ بِمَعْرُوف أَو تُسَرِّحَ بِإِحْسَان

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبيب بن أبي ثَابت أَن ابْن عَبَّاس كَانَ إِذا زَوَّجَ اشتَرط (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان)

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان)

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن أبي كثير

مثله

ص: 467

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: عقدَة النِّكَاح

قَالَ: قد أنكحتك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة وَمُجاهد {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: هُوَ قَول الرجل ملَّكت

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ميثاقاً غليظاً} قَالَ: كلمة النِّكَاح الَّتِي تستحل بهَا فروجهن

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {ميثاقاً غليظاً} يَعْنِي شَدِيدا

وَأخرج ابْن جرير عَن بكير أَنه سُئِلَ عَن المختلعة أنأخذ مِنْهَا شَيْئا قَالَ: لَا {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً}

وَأخرج عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: ثمَّ رخص بعد (فَإِن خِفْتُمْ أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ)(الْبَقَرَة الْآيَة 229) قَالَ: فنسخت هَذِه تِلْكَ

الْآيَة 22

ص: 468

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عدي بن ثَابت الْأنْصَارِيّ قَالَ توفّي أَبُو قيس بن الأسلت وَكَانَ من صالحي الْأَنْصَار فَخَطب ابْنه قيس امْرَأَته فَقَالَت: إِنَّمَا أعدك ولدا وَأَنت من صالحي قَوْمك وَلَكِن آتِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره

فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِن أَبَا قيس توفّي فَقَالَ لَهَا: خيرا

قَالَت وَإِن ابْنه قيسا خطبني وَهُوَ من صالحي قومه وَإِنَّمَا كنت أعدُّه ولدا فَمَا ترى قَالَ: ارجعي إِلَى بَيْتك

فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قَالَ: الْبَيْهَقِيّ مُرْسل

قلت: فَمن رِوَايَة ابْن أبي حَاتِم عَن عدي بن ثَابت عَن رجل من الْأَنْصَار

ص: 468

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قَالَ: نزلت فِي أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد بنت ضَمرَة كَانَت تَحت الأسلت أَبِيه وَفِي الْأسود بن خلف وَكَانَ خلف على بنت أبي طَلْحَة بن عبد الْعُزَّى بن عُثْمَان بن عبد الدَّار وَكَانَت عِنْد أَبِيه خلف وَفِي فَاخِتَة ابْنة الْأسود بن الْمطلب بن أَسد كَانَت عِنْد أُميَّة بن خلف فخلف عَلَيْهَا صَفْوَان بن أُميَّة وَفِي مَنْظُور بن ربَاب وَكَانَ خلف على مليكَة ابْنة خَارِجَة وَكَانَت عِنْد أَبِيه ربَاب بن سيار

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ إِذا توفّي الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة عمد حميم الْمَيِّت إِلَى امْرَأَته فَألْقى عَلَيْهَا ثوبا فيرث نِكَاحهَا فَلَمَّا توفّي أَبُو قيس بن الأسلت عمد ابْنه قيس إِلَى امْرَأَته فتزوّجها وَلم يدْخل بهَا

فَأَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله فِي قيس {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف} قبل التَّحْرِيم حَتَّى ذكر تَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات حَتَّى ذكر {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف} قبل التَّحْرِيم (إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما)(النِّسَاء الْآيَة 23) فِيمَا مضى قبل التَّحْرِيم

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ الرجل إِذا توفّي عَن امْرَأَته كَانَ ابْنه أَحَق بهَا أَن ينْكِحهَا إِن شَاءَ إِن لم تكن أمه أَو ينْكِحهَا من شَاءَ

فَلَمَّا مَاتَ أَبُو قيس بن الأسلت قَامَ ابْنه مُحصن فورث نِكَاح امْرَأَته وَلم ينْفق عَلَيْهَا وَلم يُورثهَا من المَال شَيْئا

فَأَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: ارجعي لَعَلَّ الله ينزل فِيك شَيْئا

فَنزلت {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} الْآيَة

وَنزلت (لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها)(النِّسَاء الْآيَة 19)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قل: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ مَا حرم الله إِلَّا امْرَأَة الْأَب وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ

فَأنْزل الله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء}

{وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} النِّسَاء الْآيَة 23

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن

ص: 469

ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} يَقُول: كل امْرَأَة تزَوجهَا أَبوك أَو ابْنك دخل أَو لم يدْخل بهَا فَهِيَ عَلَيْك حرَام

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء بن أبي رَبَاح: الرجل ينْكح الْمَرْأَة ثمَّ لَا يَرَاهَا حَتَّى يطلقهَا أتحل لِابْنِهِ قَالَ: لَا

هِيَ مُرْسلَة قَالَ الله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قلت لعطاء: مَا قَوْله {إِلَّا مَا قد سلف} قَالَ: كَانَ الْأَبْنَاء ينْكحُونَ نسَاء آبَائِهِم فِي الْجَاهِلِيَّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قَالَ: هُوَ أَن يملك عقدَة النِّكَاح وَلَيْسَ بِالدُّخُولِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن مشيخة قَالَ: لَا ينْكح الرجل امْرَأَة جده أبي أمه لِأَنَّهُ من الْآبَاء يَقُول الله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {إِلَّا مَا قد سلف} إِلَّا مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا مَا قد سلف} قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة ينْكح امْرَأَة أَبِيه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب أَنه كَانَ يقْرؤهَا وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف إِلَّا من مَاتَ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح {أَنه كَانَ فَاحِشَة ومقتاً} قَالَ: يمقت الله عَلَيْهِ {وساء سَبِيلا} قَالَ: طَرِيقا لمن عمل بِهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء قَالَ: لقِيت خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَة قلت: أَيْن تُرِيدُ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه من بعده فَأمرنِي أَن أضْرب عُنُقه وآخذ مَاله

الْآيَة 23

ص: 470

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حُرِّم من النّسَب سبع وَمن الصهر سبع ثمَّ قَرَأَ {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} إِلَى قَوْله {وَبَنَات الْأُخْت} هَذَا من النّسَب وَبَاقِي الْآيَة من الصهر

وَالسَّابِعَة (وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء)

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سبع صهر وَسبع نسب وَيحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب

أما قَوْله تَعَالَى {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة}

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرضَاعَة تحرم مَا تحرم الْولادَة

وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ فِيمَا أنزل من الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات فَنُسِخْنَ بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهن فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة قَالَت: لقد كَانَت فِي كتاب الله عشر رَضعَات ثمَّ رُدَّ ذَلِك إِلَى خمس وَلَكِن من كتاب الله مَا قبض مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن مَاجَه وَابْن الضريس عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ مِمَّا نزل من الْقُرْآن سقط لَا يحرم إِلَّا عشر رَضعَات أَو خمس مَعْلُومَات

وَأخرج ابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَت: لقد نزلت آيَة الرَّجْم ورضاعة الْكَبِير

ص: 471

عشرا وَلَقَد كَانَ فِي صحيفَة تَحت سَرِيرِي

فَلَمَّا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بِمَوْتِهِ دخل دَاجِن فَأكلهَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر أَنه بلغه عَن ابْن الزبير أَنه يأثر عَن عَائِشَة فِي الرضَاعَة لَا يحرم مِنْهَا دون سبع رَضعَات

قَالَ: الله خير من عَائِشَة إِنَّمَا قَالَ الله تَعَالَى {وأخواتكم من الرضَاعَة} وَلم يقل رضعة وَلَا رضعتين

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس أَنه قيل لَهُ: إِنَّهُم يَزْعمُونَ أَنه لَا يحرم من الرضَاعَة دون سبع رَضعَات ثمَّ صَار ذَلِك إِلَى خمس

قَالَ: قد كَانَ ذَلِك فَحدث بعد ذَلِك أَمر جَاءَ التَّحْرِيم الْمرة الْوَاحِدَة تحرم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمرة الْوَاحِدَة تحرم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: المصة الْوَاحِدَة تحرم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم أَنه سُئِلَ عَن الرَّضَاع فَقَالَ: إِن عليا وَعبد الله بن مَسْعُود كَانَا يَقُولَانِ: قَلِيله وَكَثِيره حرَام

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: اشْترط عشر رَضعَات

ثمَّ قيل: إِن الرضعة الْوَاحِدَة تحرم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة مثله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة

أما قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم}

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيقين عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذا نكح الرجل الْمَرْأَة فَلَا يحل لَهُ أَن يتزوّج أمهَا دخل بالإبنة أم لم يدْخل وَإِذا تزوج الْأُم فَلم يدْخل بهَا ثمَّ طَلقهَا فَإِن شَاءَ تزوج الإبنة

وَأخرج مَالك عَن زيد بن ثَابت أَنه سُئِلَ عَن رجل تزوج امْرَأَة ففارقها قبل أَن يَمَسهَا هَل تحل لَهُ أمهَا فَقَالَ: لَا

الْأُم مُبْهمَة لَيْسَ فِيهَا شَرط إِنَّمَا الشَّرْط فِي الربائب

ص: 472

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: الرجل ينْكح الْمَرْأَة وَلم يُجَامِعهَا حَتَّى يطلقهَا أتحل لَهُ أمهَا قَالَ: لَا هِيَ مُرْسلَة قلت: أَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ وَأُمَّهَات نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن قَالَ: لَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} قَالَ: هِيَ مُبْهمَة إِذا طلق الرجل امْرَأَته قبل أَن يدْخل بهَا أَو مَاتَت لم تحل لَهُ أمهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن فِي ((أُمَّهَات نِسَائِكُم)) قَالَ: هِيَ مُبْهمَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَن رجلا من بني شمخ تزوج امْرَأَة وَلم يدْخل بهَا ثمَّ رأى أمهَا فَأَعْجَبتهُ فاستفتى ابْن مَسْعُود فَأمره أَن يفارقها ثمَّ يتَزَوَّج أمهَا فَفعل وَولدت لَهُ أَوْلَادًا ثمَّ أَتَى ابْن مَسْعُود الْمَدِينَة فَسَأَلَ عمر وَفِي لفظ فَسَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: لَا تصلح

فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة قَالَ للرجل: إِنَّهَا عَلَيْك حرَام ففارقها

وَأخرج مَالك عَن ابْن مَسْعُود أَنه استفتي وَهُوَ بِالْكُوفَةِ عَن نِكَاح الْأُم بعد الْبِنْت إِذا لم تكن الْبِنْت مُسَّتْ فارخص ابْن مَسْعُود فِي ذَلِك ثمَّ إِن ابْن مَسْعُود قدم الْمَدِينَة فَسَأَلَ عَن ذَلِك فَأخْبر أَنه لَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِن الشَّرْط فِي الربائب فَرجع ابْن مَسْعُود إِلَى الْكُوفَة قلم يصل إِلَى بَيته حَتَّى أَتَى الرجل الَّذِي أفتاه بذلك فَأمره أَن يفارقها

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَسْرُوق أَنه سُئِلَ عَن أُمَّهَات نِسَائِكُم قَالَ هِيَ مُبْهمَة فأرسلوا مَا أرسل الله وَاتبعُوا مَا بَين ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة ثمَّ يطلقهَا أَو مَاتَت قبل أَن يدْخل بهَا هَل تحل لَهُ أمهَا قَالَ هِيَ بِمَنْزِلَة الربيبة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت

ص: 473

أَنه كَانَ يَقُول: إِذا مَاتَت عِنْده فَأخذ مِيرَاثهَا كره أَن يخلف على أمهَا وَإِذا طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَلَا بَأْس أَن يتزوّج أمهَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد

أَنه قَالَ: فِي قَوْله {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم} أُرِيد بهما الدُّخُول جَمِيعًا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُسلم بن عُوَيْمِر الأجدع قَالَ: نكحت امْرَأَة فَلم أَدخل بهَا حَتَّى توفّي عمي عَن أمهَا فَسَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أنكح أمهَا

فَسَأَلت ابْن عمر فَقَالَ: لَا تنكحها

فَكتب أبي إِلَى مُعَاوِيَة فَلم يمنعي وَلم يَأْذَن لي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير فَقَالَ: الربيبة وَالأُم سَوَاء لَا بَأْس بهما إِذا لم يدْخل بِالْمَرْأَةِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هانىء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من نظر إِلَى فرج امْرَأَة لم تحل لَهُ أمهَا وَلَا ابْنَتهَا

قَوْله تَعَالَى: {وربائبكم} : أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن دَاوُد أَنه قَرَأَ فِي مصحف ابْن مَسْعُود وربائبكم اللَّاتِي دخلتن بأمهاتهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد صَحِيح عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: قَالَ كَانَت عِنْدِي امْرَأَة فَتُوُفِّيَتْ وَقد ولدت لي فَوجدت عَلَيْهَا فلقيني عليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: مَا لَك

فَقلت توفيت الْمَرْأَة فَقَالَ عَليّ: لَهَا ابْنة قلت نعم وَهِي بِالطَّائِف

قَالَ: كَانَت فِي حجرك قلت: لَا

قَالَ: فَأَنْكحهَا

قلت: فَأَيْنَ قَول الله {وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم} قَالَ: إِنَّهَا لم تكن فِي حجرك إِنَّمَا ذَلِك إِذا كَانَت فِي حجرك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الدُّخُول: الْجِمَاع

وَأخرج عبد لرزاق وَعبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: الدُّخُول: الْجِمَاع

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: بنت الربيبة وَبنت ابْنَتهَا لَا تصلح وَإِن كَانَت أَسْفَل لسَبْعين بَطنا

ص: 474

قَوْله تَعَالَى {وحلائل أَبْنَائِكُم} : أخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وحلائل أَبْنَائِكُم} قَالَ: كُنَّا نتحدث أَن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لما نكح امْرَأَة زيد قَالَ الْمُشْركُونَ بِمَكَّة فِي ذَلِك فَأنْزل الله {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم} وَنزلت (وَمَا مجعل أدعياءكم أبناءكم)(الْأَحْزَاب الْآيَة 4) وَنزلت (مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم)(الْأَحْزَاب الْآيَة 40)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نكح النَّبِي صلى الله عليه وسلم امْرَأَة زيد قَالَت قُرَيْش: نكح امْرَأَة ابْنه فَنزلت {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ئبي حَاتِم عَن الْحسن وَمُحَمّد قَالَا: إِن هَؤُلَاءِ الْآيَات مبهمات {وحلائل أَبْنَائِكُم} و (مَا نكح آباؤكم)(النِّسَاء الْآيَة 22){وَأُمَّهَات نِسَائِكُم}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: الرجل ينْكح الْمَرْأَة لَا يَرَاهَا حَتَّى يطلقهَا تحل لِأَبِيهِ قَالَ: هِيَ مُرْسلَة {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم}

أما قَوْله تَعَالَى: {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن فَيْرُوز الديلمي أَنه أدْركهُ الْإِسْلَام وَتَحْته أختَان فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم طلق أَيَّتهمَا شِئْت

وَأخرج عَن قيس قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أيقع الرجل على الْمَرْأَة وابنتها مملوكتين لَهُ فَقَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَلم أكن لأفعله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} قَالَ: يَعْنِي فِي النِّكَاح

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يجمع بَين الْأُخْتَيْنِ المملوكتين

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} قَالَ: ذَلِك فِي الْحَرَائِر فَأَما فِي المماليك فَلَا بَأْس

ص: 475

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق ابْن شهَاب عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب أَن رجلا سَالَ عُثْمَان بن عَفَّان عَن الْأُخْتَيْنِ فِي ملك الْيَمين هَل يجمع بَينهمَا فَقَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَمَا كنت لأصنع ذَلِك

فَخرج من عِنْده فلقي رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أرَاهُ عَليّ بن أبي طَالب فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: لَو كَانَ لي من الْأَمر شَيْء ثمَّ وجدت أحدا فعل ذَلِك لجعلته نكالاً

وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي الاستذكار عَن اياس بن عَامر قَالَ: سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب فَقلت: إِن لي أُخْتَيْنِ مِمَّا ملكت يَمِيني اتَّخذت إِحْدَاهمَا سَرِيَّة وَولدت لي أَوْلَادًا ثمَّ رغبت فِي الْأُخْرَى فَمَا أصنع قَالَ: تعْتق الَّتِي كنت تطَأ ثمَّ تطَأ الْأُخْرَى ثمَّ قَالَ: إِنَّه يحرم عَلَيْك مِمَّا ملكت يَمِينك مَا يحرم عَلَيْك فِي كتاب الله من الْحَرَائِر إِلَّا الْعدَد

أَو قَالَ إِلَّا الْأَرْبَع وَيحرم عَلَيْك من الرَّضَاع مَا يحرم عَلَيْك فِي كتاب الله من النّسَب

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن رجل لَهُ أمتان أختَان وطىء إِحْدَاهمَا ثمَّ أَرَادَ أَن يطَأ الْأُخْرَى

قَالَ: لَا

حَتَّى يُخرجهَا من ملكه قيل فَإِن زَوجهَا عَبده قَالَ: لَا

حَتَّى يُخرجهَا من ملكه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الرجل يجمع بَين الْأُخْتَيْنِ الأمتين فكرهه

فَقيل: يَقُول الله (إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم)(النِّسَاء الْآيَة 24) فَقَالَ: وبعيرك أَيْضا مِمَّا ملكت يَمِينك

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ يحرم من الْإِمَاء مَا يحرم من الْحَرَائِر إِلَّا الْعدَد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن عمار بن يَاسر قَالَ: مَا حرم الله من الْحَرَائِر شَيْئا إِلَّا قد حرمه من الْإِمَاء إِلَّا الْعدَد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي صَالح عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ فِي الْأُخْتَيْنِ المملوكتين: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَلَا آمُر وَلَا أنهى وَلَا أحل وَلَا أحرم وَلَا أَفعلهُ أَنا وَلَا أهل بَيْتِي

ص: 476

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: ذكر عِنْد ابْن عَبَّاس قَول عَليّ فِي الْأُخْتَيْنِ من ملك الْيَمين فَقَالُوا: إِن عليا قَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة

قَالَ ابْن عَبَّاس عِنْد ذَلِك: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة إِنَّمَا يحرمهن عَليّ قَرَابَتي مِنْهُنَّ وَلَا يحرمهن عليّ قرَابَة بَعضهنَّ من بعض لقَوْل الله (وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم)(النِّسَاء الْآيَة 24)

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا كَانَ للرجل جاريتان أختَان فَغشيَ إِحْدَاهمَا فَلَا يقرب الْأُخْرَى حَتَّى يخرج الَّذِي غشي عَن ملكه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن حَيا سَأَلُوا مُعَاوِيَة عَن الْأُخْتَيْنِ مِمَّا ملكت الْيَمين يكونَانِ عِنْد الرجل يطؤهما قَالَ: لَيْسَ بذلك بَأْس

فَسمع بذلك النُّعْمَان بن بشير فَقَالَ: أَفْتيت بِكَذَا وَكَذَا

قَالَ: نعم

قَالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ عِنْد الرجل أُخْته مَمْلُوكَة يجوز لَهُ أَن يَطَأهَا قَالَ: أما وَالله لربما وددتني أدْرك فَقل لَهُم اجتنبوا ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُم فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ الرَّحِم من الْعتَاقَة وَغَيرهَا

وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَلَا بَين الْمَرْأَة وخالتها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْم فتح مَكَّة: لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وَلَا على خَالَتهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله فِي نسَاء الْآبَاء {إِلَّا مَا قد سلف} لِأَن الْعَرَب كَانُوا ينْكحُونَ نسَاء الْآبَاء ثمَّ حرَّم النّسَب والصهر فَلم يقل {إِلَّا مَا قد سلف} لِأَن الْعَرَب كَانَت لَا تنْكح النّسَب والصهر

وَقَالَ فِي الْأُخْتَيْنِ {إِلَّا مَا قد سلف} لأَنهم كَانُوا يجمعُونَ بَينهمَا فَحرم جَمعهمَا جَمِيعًا إِلَّا مَا قد سلف قبل التَّحْرِيم {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} لما كَانَ من جماع الْأُخْتَيْنِ قبل التَّحْرِيم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن وَطْء الْأُخْتَيْنِ الأمتين فَقَالَ: أشهد أَنه فِيمَا أنزل الله على مُوسَى عليه السلام أَنه مَلْعُون من جمع بَين الْأُخْتَيْنِ

ص: 477

وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عمر بن الْخطاب أَنه سُئِلَ عَن الْمَرْأَة وابنتها من ملك الْيَمين هَل تُوطأ إِحْدَاهمَا بعد الْأُخْرَى فَقَالَ عمر: مَا أحب أَن أجيزهما جَمِيعًا وَنَهَاهُ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَقع على الْجَارِيَة وابنتها يكونَانِ عِنْده مملوكتين فَقَالَ: حرمتهما آيَة وأحلتهما آيَة وَلم أكن لأفعله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: إِذا أحلّت لَك آيَة وَحرمت عَلَيْك أُخْرَى فَإِن أملكهما آيَة الْحَرَام مَا فصل لنا حرتين وَلَا مملوكتين

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: فِي التَّوْرَاة مَلْعُون من نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها مَا فصل لنا حرَّة وَلَا مَمْلُوكَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: من نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَا ينظر الله إِلَى رجل نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها

الْآيَة 24

ص: 478

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والطَّحَاوِي وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث يَوْم حنين جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس فَلَقوا عدوّاً فقاتلوهم فظهروا عَلَيْهِم وَأَصَابُوا لَهُم سَبَايَا فَكَانَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تحرَّجوا من غشيانهن من أجل

ص: 478

أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَقُول: إِلَّا مَا أَفَاء الله عَلَيْكُم فاستحللنا بذلك فروجهن

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نزلت يَوْم حنين لما فتح الله حنيناً أصَاب الْمُسلمُونَ نسَاء لَهُنَّ أَزوَاج وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي الْمَرْأَة قَالَت: إِن لي زوجا فَسئلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك

فأنزلت هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَعْنِي السبية من الْمُشْركين تصاب لَا بَأْس فِي ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي نسَاء أهل حنين لما افْتتح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً أصَاب الْمُسلمُونَ سَبَايَا فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي الْمَرْأَة مِنْهُنَّ قَالَت: إِن لي زوجا

فَأتوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: السبايا من ذَوَات الْأزْوَاج

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: كل ذَات زوج إتيانها زنا إِلَّا مَا سبيت

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: كل امْرَأَة لَهَا زوج فَهِيَ عَلَيْك حرَام إِلَّا أمة ملكتها وَلها زوج بِأَرْض الْحَرْب فَهِيَ لَك حَلَال إِذا استبرأتها

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ عَليّ: المشركات إِذا سبين حلت لَهُ وَقَالَ ابْن مَسْعُود: المشركات وَالْمُسلمَات

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: كل ذَات زوج عَلَيْك حرَام إِلَّا مَا اشْتريت بِمَالك وَكَانَ يَقُول بيع الْأمة طَلاقهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ طَلَاق الْأمة سِتّ بيعهَا طَلاقهَا وعتقها طَلاقهَا وهبتها طَلاقهَا وبراءتها طَلاقهَا وَطَلَاق زَوجهَا طَلاقهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا بِيعَتْ الْأمة وَلها زوج فسيدها أَحَق ببضعها

ص: 479

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج الْحَرَائِر حرَام إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج

وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: هن ذَوَات الْأزْوَاج ومرجع ذَلِك إِلَى أَن حرَّم الله الزِّنَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: نهين عَن الزِّنَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت يَوْم أَوْطَاس

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ النِّسَاء يأتيننا ثمَّ يُهَاجر أَزوَاجهنَّ فمنعناهن بقوله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} يَعْنِي بذلك ذَوَات الْأزْوَاج من النِّسَاء لَا يحل نِكَاحهنَّ يَقُول: لَا تحلب وَلَا تعد فتنشز على بَعْلهَا وكل امْرَأَة لَا تنْكح إِلَّا بِبَيِّنَة وَمهر فَهِيَ من الْمُحْصنَات الَّتِي حرم {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَعْنِي الَّتِي أحل الله من النِّسَاء وَهُوَ مَا أحلَّ من حرائر النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: لَا يحل لَهُ أَن يتزوّج فَوق أَربع فَمَا زَاد فَهُوَ عَلَيْهِ حرَام كَأُمِّهِ وَأُخْته

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: يَقُول (فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع)(النِّسَاء الْآيَة 3) ثمَّ حرَّم مَا حرَّم من النّسَب والصهر ثمَّ قَالَ {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} فَرجع إِلَى أول السُّورَة إِلَى أَربع فَقَالَ: هن حرَام أَيْضا إِلَّا لمن نكح بِصَدَاق وسنَّة وشهود

ص: 480

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عُبَيْدَة قَالَ: أحل الله لَك أَرْبعا فِي أول السُّورَة وَحرم نِكَاح كل مُحصنَة بعد الْأَرْبَع إِلَّا مَا ملكت يَمِينك

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} فَقَالَ: حرم مَا فرق الْأَرْبَع مِنْهُنَّ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات} قَالَ: العفيفة الْعَاقِلَة من مسلمة أَو من أهل الْكتاب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: إِلَّا الْأَرْبَع اللَّاتِي ينكحن بِالْبَيِّنَةِ وَالْمهْر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: ينْزع الرجل وليدته امْرَأَة عَبده

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ هِيَ حل للرجل إِلَّا مَا أنكح مِمَّا ملكت يَمِينه فَإِنَّهَا لَا تحل لَهُ

وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: قَالَ رجل لسَعِيد بن جُبَير: أما رَأَيْت ابْن عَبَّاس حِين سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} فَلم يقل فِيهَا شَيْئا فَقَالَ: كَانَ لَا يعلمهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لَو أعلم من يُفَسر لي هَذِه الْآيَة لضَرَبْت إِلَيْهِ أكباد الْإِبِل قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي السَّوْدَاء قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة عَن هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} فَقَالَ: لَا أَدْرِي

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْأَزْهَرِي عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْإِحْصَان إحصانان إِحْصَان نِكَاح وإحصان عفاف قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أبي: هَذَا حَدِيث مُنكر

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: نرى أَنه حرم فِي هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} ذَوَات الْأزْوَاج أَن ينكحن مَعَ أَزوَاجهنَّ وَالْمُحصنَات العفائف وَلَا يحللن إِلَّا بِنِكَاح أوملك يَمِين والإحصان إحصانان: إِحْصَان تَزْوِيج وإحصان عفاف فِي الْحَرَائِر والمملوكات كل ذَلِك حرم الله إِلَّا بِنِكَاح أوملك يَمِين

ص: 481

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ كل شَيْء فِي الْقُرْآن (وَالْمُحصنَات)(الْمَائِدَة الْآيَة 5) بِكَسْر الصَّاد إِلَّا الَّتِي فِي النِّسَاء {وَالْمُحصنَات} من النِّسَاء بِالنّصب

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} بِنصب الصَّاد وَكَانَ يحيى بن وثاب يقْرَأ {وَالْمُحصنَات} بِكَسْر الصَّاد

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأسود أَنه كَانَ رُبمَا قَرَأَ {وَالْمُحصنَات} وَالْمُحصنَات

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} نزلت فِي امْرَأَة يُقَال لَهَا: معَاذَة وَكَانَت تَحت شيخ من بني سدوس يُقَال لَهُ: شُجَاع بن الْحَرْث

وَكَانَ مَعهَا ضرَّة لَهَا قد ولدت لشجاع أَوْلَادًا رجَالًا وَإِن شجاعاً انْطلق يُمَيّز أَهله من هجر فَمر بمعاذة ابْن عَم لَهَا فَقَالَت لَهُ: احملني إِلَى أَهلِي فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْد هَذَا الشَّيْخ خير

فاحتملها فَانْطَلق بهَا فَوَافَقَ ذَلِك جيئة الشَّيْخ فَانْطَلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَأفضل الْعَرَب إِنِّي خرجت أبغيها الطَّعَام فِي رَجَب فتولت والطت بالذنب وَهِي شَرّ غَالب لمن غلب رَأَتْ غُلَاما واركاً على قتب لَهَا وَله أرب

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ عليّ فَإِن كَانَ الرجل كشف بهَا ثوبا فارجموها وَإِلَّا فَردُّوا على الشَّيْخ امْرَأَته فَانْطَلق مَالك بن شُجَاع وَابْن ضَرَّتهَا فطلبها فجَاء بهَا وَنزلت بَيتهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي قَوْله {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: الْأَرْبَع

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عُبَيْدَة عَن عمر بن الْخطاب

مثله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: وَاحِدَة إِلَى أَربع فِي النِّكَاح

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: مَا حرم عَلَيْكُم

ص: 482

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وَأحل لكم} بِضَم الْألف وَكسر الْحَاء

وَأخرج عَن عَاصِم

أَنه قَرَأَ {وَأحل لكم} بِالنّصب

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ {وَرَاء} أَمَام فِي الْقُرْآن كُله غير حرفين {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} يَعْنِي سوى ذَلِكُم (فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك) يَعْنِي سوى ذَلِك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا دون الْأَرْبَع

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: هَذَا النّسَب {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا وَرَاء هَذَا النّسَب

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا وَرَاء ذَات الْقَرَابَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا ملكت أَيْمَانكُم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: من الْإِمَاء يَعْنِي السراري

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {محصنين} قَالَ: متناكحين {غير مسافحين} قَالَ: غير زانين بِكُل زَانِيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن السفاح قَالَ: الزِّنَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} يَقُول: إِذا تزوّج الرجل مِنْكُم الْمَرْأَة ثمَّ نَكَحَهَا مرّة وَاحِدَة فقد وَجب صَدَاقهَا كُله والاستمتاع هُوَ النِّكَاح

وَهُوَ قَوْله (وآتو النِّسَاء صدقاتهن نحلة)(النِّسَاء الْآيَة 4)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ مُتْعَة النِّسَاء فِي أوّل الْإِسْلَام

ص: 483

كَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ مَعَه من يصلح لَهُ ضيعته وَلَا يحفظ مَتَاعه فيتزوّج الْمَرْأَة إِلَى قدر مَا يرى أَنه يفرغ من حَاجته فتنظر لَهُ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ ضيعته وَكَانَ يقْرَأ / فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى / نسختها {محصنين غير مسافحين} وَكَانَ الْإِحْصَان بيد الرجل يمسك مَتى شَاءَ وَيُطلق مَتى شَاءَ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْمُتْعَة فِي أول الْإِسْلَام وَكَانُوا يقرأون هَذِه الْآيَة ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى

)) الْآيَة

فَكَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ لَهُ بهَا معرفَة فَيَتَزَوَّج بِقدر مَا يرى أَنه يفرغ من حَاجته لتحفظ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ شَأْنه حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة (حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم)(النِّسَاء الْآيَة 23) إِلَى آخر الْآيَة فنسخ الأولى فَحرمت الْمُتْعَة وتصديقها من الْقُرْآن (إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم)(الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 6) وَمَا سوى هَذَا الْفرج فَهُوَ حرَام

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن أبي نَضرة قَالَ: قَرَأت على ابْن عَبَّاس {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} قَالَ ابْن عَبَّاس: (فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى)

فَقلت مَا نقرؤها كَذَلِك فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لأنزلها الله كَذَلِك

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى))

وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى))

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء أَنه سمع ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ وَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِي حرف أبي ((إِلَى أجل مُسَمّى))

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ} قَالَ: يَعْنِي نِكَاح الْمُتْعَة

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه الْمُتْعَة الرجل ينْكح الْمَرْأَة بِشَرْط إِلَى أجل مُسَمّى فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل وَهِي مِنْهُ بريئة

ص: 484

وَعَلَيْهَا أَن تستبرىء مَا فِي رَحمهَا وَلَيْسَ بَينهمَا مِيرَاث

لَيْسَ يَرث وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ مَعنا نساؤنا فَقُلْنَا أَلا نستخصي فنهانا عَن ذَلِك وَرخّص لنا أَن نتزوّج الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أجل ثمَّ قَرَأَ عبد الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم)(الْمَائِدَة الْآيَة 87)

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم عَن سُبْرَة الْجُهَنِيّ قَالَ: أذن لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام فتح مَكَّة فِي مُتْعَة النِّسَاء فَخرجت أَنا وَرجل من قومِي - ولي عَلَيْهِ فضل فِي الْجمال وَهُوَ قريب من الدمامة - مَعَ كل وَاحِد منا برد أما بردي فخلق وَأما برد ابْن عمي فبرد جَدِيد غض حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فَقُلْنَا: هَل لَك أَن يسْتَمْتع مِنْك أَحَدنَا قَالَت وَمَا تبذلان فنشر كل وَاحِد منا برده فَجعلت تنظر إِلَى الرجلَيْن فَإِذا رَآهَا صَاحِبي قَالَ: إِن برد هَذَا خلق وبردي جَدِيد غض

فَتَقول: وَبرد هَذَا لَا بَأْس بِهِ

ثمَّ استمتعت مِنْهَا فَلم تخرج حَتَّى حرمهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن سُبْرَة قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَائِما بَين الرُّكْن وَالْبَاب وَهُوَ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت أَذِنت لكم فِي الِاسْتِمْتَاع أَلا وَإِن الله حرمهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء فَلْيخل سَبِيلهَا وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: رخص لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مُتْعَة النِّسَاء عَام أَوْطَاس ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ نهى عَنْهَا بعْدهَا

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر والنحاس من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} قَالَ: نسختها (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن)(الطَّلَاق الْآيَة 1)

(والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء)(الْبَقَرَة الْآيَة 228)

(واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر)(الطَّلَاق الْآيَة 4)

ص: 485

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: نسخت آيَة الْمِيرَاث الْمُتْعَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْمُتْعَة مَنْسُوخَة نسخهَا الطَّلَاق وَالصَّدَََقَة وَالْعدة وَالْمِيرَاث

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: نسخ رَمَضَان كل صَوْم وَنسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة وَنسخ الْمُتْعَة الطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث وَنسخت الضحية كل ذَبِيحَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن الحكم أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة أمنسوخة قَالَ: لَا

وَقَالَ عليّ: لَوْلَا أَن عمر نهى عَن الْمُتْعَة مَا زنا إِلَّا شقي

وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي جَمْرَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن مُتْعَة النِّسَاء فَرخص فِيهَا

فَقَالَ لَهُ مولى لَهُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك وَفِي النِّسَاء قلَّة وَالْحَال شَدِيد فَقَالَ ابْن عَبَّاس: نعم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْمُتْعَة وَإِنَّمَا كَانَت لمن لم يجد

فَلَمَّا نزل النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث بَين الزَّوْج وَالْمَرْأَة نسخت

وَأخرج النّحاس عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: إِنَّك رجل تائه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن الْمُتْعَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: إِنَّمَا أحلّت لأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُتْعَة النِّسَاء ثَلَاثَة أَيَّام نهى عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر أَنه خطب فَقَالَ: مَا بَال رجال ينْكحُونَ هَذِه الْمُتْعَة وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنْهَا لَا أُوتِيَ بِأحد نَكَحَهَا إِلَّا رَجَمْته

وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن مُتْعَة النِّسَاء يَوْم خَيْبَر وَعَن أكل لُحُوم الْحمر الإنسية

وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن عُرْوَة بن الزبير أَن خَوْلَة بنت حَكِيم دخلت على عمر بن الْخطاب فَقَالَت: إِن ربيعَة بن أُميَّة استمتع بِامْرَأَة مولدة فَحملت مِنْهُ

فَخرج عمر بن الْخطاب يجر رِدَاءَهُ فَزعًا فَقَالَ: هَذِه الْمُتْعَة وَلَو كنت تقدّمت فِيهَا لرجمت

ص: 486

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن خَالِد بن المُهَاجر قَالَ: أرخص ابْن عَبَّاس للنَّاس فِي الْمُتْعَة فَقَالَ لَهُ ابْن عمْرَة الْأنْصَارِيّ: مَا هَذَا يَا ابْن عَبَّاس

فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فعلت مَعَ إِمَام الْمُتَّقِينَ فَقَالَ ابْن أبي عمْرَة: اللَّهُمَّ غفرا

إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة رخصَة كالضرورة إِلَى الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير ثمَّ أحكم الله الدّين بعد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: وَالله مَا كَانَت الْمُتْعَة إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام أذن لَهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهَا مَا كَانَت قبل ذَلِك وَلَا بعد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: نهى عمر عَن متعتين: مُتْعَة النِّسَاء ومتعة الْحَج

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن نَافِع أَن عمر سُئِلَ عَن الْمُتْعَة فَقَالَ: حرَام

فَقيل لَهُ: إِن ابْن عَبَّاس يُفْتِي بهَا قَالَ: فَهَلا ترمرم بهَا فِي زمَان عمر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يحل لرجل أَن ينْكح امْرَأَة إِلَّا نِكَاح الْإِسْلَام بمهرها ويرثها وترثه وَلَا يقاضيها على أجل إِنَّهَا امْرَأَته فَإِن مَاتَ أَحدهمَا لم يتوارثا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: مَاذَا صنعت ذهب الركاب بفتياك وَقَالَت فِيهِ الشُّعَرَاء قَالَ: وَمَا قَالُوا قلت: قَالُوا: أَقُول للشَّيْخ لما طَال مَجْلِسه يَا صَاح هَل لَك فِي فتيا ابْن عَبَّاس هَل لَك رخصَة الْأَطْرَاف آنسة تكون مثواك حَتَّى مصدر النَّاس

فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون لَا وَالله مَا بِهَذَا أَفْتيت وَلَا هَذَا أردْت وَلَا أحللتها إِلَّا للْمُضْطَر وَلَا أحللت مِنْهَا إِلَّا مَا أحل الله من الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يرحم الله عمر مَا كَانَت الْمُتْعَة إِلَّا رَحْمَة من الله رحم بهَا أمة مُحَمَّد وَلَوْلَا نَهْيه عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا إِلَّا شقي قَالَ: وَهِي الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ} إِلَى كَذَا وَكَذَا من الْأَجَل على كَذَا وَكَذَا

قَالَ: وَلَيْسَ بَينهمَا وراثة فَإِن بدا لَهما أَن يتراضيا بعد الْأَجَل فَنعم وَإِن تفَرقا فَنعم

وَلَيْسَ بَينهمَا نِكَاح

وَأخْبر أَنه سمع ابْن عَبَّاس يَرَاهَا الْآن حَلَالا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عمار مولى الشريد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْمُتْعَة

ص: 487

أسفاح هِيَ أم نِكَاح فَقَالَ: لَا سفاح وَلَا نِكَاح

قلت: فَمَا هِيَ قَالَ: هِيَ الْمُتْعَة كَمَا قَالَ الله

قلت هَل لَهَا من عدَّة قَالَ: نعم

عدتهَا حَيْضَة

قلت: هَل يتوارثان قَالَ: لَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} قَالَ: مَا تراضوا عَلَيْهِ من قَلِيل أَو كثير

وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن رجَالًا كَانُوا يفرضون الْمهْر ثمَّ عَسى أَن يدْرك أحدهم الْعسرَة فَقَالَ الله {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا تراضيتم بِهِ من بعد الْفَرِيضَة}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا تراضيتم بِهِ من بعد الْفَرِيضَة} قَالَ: التَّرَاضِي أَن يُوفي لَهَا صَدَاقهَا ثمَّ يخيرها

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن شهَاب فِي الْآيَة قَالَ: نزل ذَلِك فِي النِّكَاح فَإِذا فرض الصَدَاق فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا تَرَاضيا بِهِ من بعد الْفَرِيضَة من إنجاز صَدَاقهَا قَلِيل أَو كثير

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن ربيعَة فِي الْآيَة قَالَ: إِن أَعْطَتْ زَوجهَا من بعد الْفَرِيضَة أَو وضعت إِلَيْهِ فَذَلِك الَّذِي قَالَ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: إِن وضعت لَك مِنْهُ شَيْئا فَهُوَ سَائِغ

وَأخرج عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن شَاءَ أرضاها من بعد الْفَرِيضَة الأولى الَّتِي تمتّع بهَا فَقَالَ: أتمتع مِنْك أَيْضا بِكَذَا وَكَذَا

قبل أَن يستبرىء رَحمهَا وَالله أعلم

الْآيَة 25

ص: 488

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا} يَقُول: من لم يكن لَهُ سَعَة أَن ينْكح الْمُحْصنَات يَقُول: الْحَرَائِر {فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} فَلْيَنْكِح من إِمَاء الْمُؤمنِينَ {محصنات غير مسافحات} يَعْنِي عفائف غير زوان فِي سر وَلَا عَلَانيَة {وَلَا متخذات أخدان} يَعْنِي أخلاء {فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة} يَعْنِي إِذا تزوجت حرا ثمَّ زنت {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} قَالَ: من الْجلد {ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت} هُوَ الزِّنَا فَلَيْسَ لأحد من الْأَحْرَار أَن ينْكح أمة إِلَّا أَن لَا يقدر على حرَّة وَهُوَ يخْشَى الْعَنَت {وَأَن تصبروا} عَن نِكَاح الْإِمَاء {فَهُوَ خير لكم}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى أَن تنْكح الْأمة على الْحرَّة وَتنْكح الْحرَّة على الْأمة وَمن وجد طولا لحرة فَلَا ينْكح أمة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا} يَعْنِي من لم يجد مِنْكُم غنى {أَن ينْكح الْمُحْصنَات} يَعْنِي الْحَرَائِر فَلْيَنْكِح الْأمة المؤمنة {وَأَن تصبروا} عَن نِكَاح الْإِمَاء {خير لكم} وَهُوَ حَلَال

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله أَنه سُئِلَ عَن الْحر يتزوّج الْأمة فَقَالَ إِذا كَانَ ذَا طول فَلَا

قيل إِن وَقع حب الْأمة فِي نَفسه قَالَ: إِن خشِي الْعَنَت فليتزوجها

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنَّمَا أحل الله نِكَاح الْإِمَاء إِن لم يسْتَطع طولا وخشي الْعَنَت على نَفسه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مِمَّا وسع الله بِهِ على هَذِه الْأمة نِكَاح الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَإِن كَانَ مُوسِرًا

ص: 489

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {من فَتَيَاتكُم} قَالَ: من إمائكم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يصلح نِكَاح إِمَاء أهل الْكتاب إِن الله يَقُول {من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا رخص فِي الْأمة الْمسلمَة لمن لم يجد طولا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا رخص لهَذِهِ الْأمة فِي نِكَاح نسَاء أهل الْكتاب وَلم يرخص لَهُم فِي الْإِمَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يتَزَوَّج الْحر من الْإِمَاء إِلَّا وَاحِدَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا أحل الله وَاحِدَة لمن خشِي الْعَنَت على نَفسه وَلَا يجد طولا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ثمَّ قَالَ فِي التَّقْدِيم: {وَالله أعلم بإيمانكم بَعْضكُم من بعض}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ {فانكحوهن بِإِذن أهلهن} قَالَ: بِإِذن مواليهن {وآتوهن أُجُورهنَّ} قَالَ: مهورهن

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المسافحات: المعلنات بِالزِّنَا والمتخذات أخدان ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ مَا ظهر من الزِّنَا ويستحلون مَا خَفِي يَقُولُونَ: أما مَا ظهر مِنْهُ فَهُوَ لؤم وَأما مَا خَفِي فَلَا بَأْس بذلك

فَأنْزل الله (وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن)(الْأَنْعَام الْآيَة 151)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {فَإِذا أحصن} قَالَ: إحصانها إسْلَامهَا

وَقَالَ عَليّ: اجلدوهن

قَالَ ابْن أبي حَاتِم حَدِيث مُنكر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن أمة زنت وَلَيْسَ لَهَا زوج فَقَالَ: اجلدوها خمسين جلدَة قَالَ: إِنَّهَا لم تحصن

قَالَ: إسْلَامهَا إحصانها

ص: 490

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ: فِي الْأمة إِذا كَانَت لَيست بِذَات زوج فزنت جلدت {نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب}

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَرَأَ {فَإِذا أَحْصَنَّ} بِفَتْح الْألف وَقَالَ: إحصانها إسْلَامهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم {فَإِذا أحصن} قَالَ: إِذا أسلمن

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يقْرَأ {فَإِذا أحصن} قَالَ: إِذا أسلمن وَكَانَ مُجَاهِد يقْرَأ {فَإِذا أحصن} يَقُول: إِذا تَزَوَّجن مَا لم تزوّج فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا {فَإِذا أحصن} يَعْنِي بِرَفْع الْألف يَقُول: أحصن بالأزواج

يَقُول: لَا تجلد أمة حَتَّى تزوّج

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله {فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة فعليهن} فَلَيْسَ يكون عَلَيْهَا حد حَتَّى تحصن

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ على الْأمة حد حَتَّى تحصن بِزَوْج فَإِذا أحصنت بِزَوْج فعلَيْهَا نصف مَا على الْمُحْصنَات

قَالَ ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ: رَفعه خطأ

وَالصَّوَاب وَقفه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {فَإِذا أحصنَّ} يَقُول: فَإِذا تَزَوَّجن

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى على الْأمة حدا حَتَّى تُزوَّج زوجا حرا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت وَلم تحصن قَالَ اجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ بيعوها وَلَو بضفير

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ يضْرب إماءَهُ الْحَد إِذا زنين تزوّجن أَو لم يتزوجن

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة فَإِن أَتَوا أَو أتين بِفَاحِشَة

ص: 491

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} قَالَ: خَمْسُونَ جلدَة وَلَا نفي وَلَا رجم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حد العَبْد يفتري على الْحر أَرْبَعُونَ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعَنَت الزِّنَا

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن الْعَنَت قَالَ: الْإِثْم

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: رَأَيْتُك تبتغي عنتي وتسعى على السَّاعِي عليّ بِغَيْر دخل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَأَن تصبروا خير لكم} قَالَ: عَن نِكَاح الْإِمَاء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود {وَأَن تصبروا خير لكم} قَالَ: عَن نِكَاح الْإِمَاء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَأَن تصبروا} عَن نِكَاح الْأمة خير وَهُوَ حل لكم إسترقاق أَوْلَادهنَّ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أَن تصبر وَلَا تنْكح الْأمة فَيكون أولادك مملوكين فَهُوَ خير لَك

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا تزحف ناكح الْإِمَاء عَن الزِّنَا إِلَّا قَلِيلا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن سعيد بن جُبَير

مثله

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِذا نكح العَبْد الْحرَّة فقد أعتق نصفه وَإِذا نكح الْحر الْأمة فقد أرق نصفه

وأخرد ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ نِكَاح الْأمة كالميتة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير لَا يحل إِلَّا للْمُضْطَر

الْآيَات 26 - 28

ص: 492

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ثَمَانِي آيَات نزلت فِي سُورَة النِّسَاء هن خير لهَذِهِ الْأمة مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وغربت أوّلهن {يُرِيد الله ليبيِّن لكم وَيهْدِيكُمْ سنَن الَّذين من قبلكُمْ وَيَتُوب عَلَيْكُم وَالله عليم حَكِيم} وَالثَّانيَِة {وَالله يُرِيد أَن يَتُوب عَلَيْكُم وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات أَن تميلوا ميلًا عَظِيما} وَالثَّالِثَة {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} وَالرَّابِعَة (أَن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا)(النِّسَاء الْآيَة 31) وَالْخَامِسَة (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة

) (النِّسَاء الْآيَة 40) الْآيَة

وَالسَّادِسَة (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله

) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة

وَالسَّابِعَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر

) (النِّسَاء الْآيَة 48) الْآيَة

وَالثَّامِنَة (وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَلم يفرقُوا بَين أحد مِنْهُم أُولَئِكَ سَوف يؤيتهم أُجُورهم وَكَانَ الله) للَّذين عمِلُوا من الذُّنُوب (غَفُورًا رحِيما)(النِّسَاء الْآيَة 152)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {يُرِيد الله ليبين لكم وَيهْدِيكُمْ سنَن الَّذين من قبلكُمْ} من تَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات كَذَلِك كَانَ سنة الَّذين من قبلكُمْ وَفِي قَوْله {أَن تميلوا ميلًا عَظِيما} قَالَ: الْميل الْعَظِيم أَن الْيَهُود يَزْعمُونَ أَن نِكَاح الْأُخْت من الْأَب حَلَال من الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات} قَالَ: الزِّنَا {أَن تميلوا ميلًا عَظِيما} قَالَ: يُرِيدُونَ أَن تَكُونُوا مثلهم تزنون كَمَا يزنون

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات} قَالَ: الزِّنَا

ص: 493

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم} يَقُول: فِي نِكَاح الْأمة وَفِي كل شَيْء فِيهِ يسر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس {وَخلق الإِنسان ضَعِيفا} قَالَ: فِي أَمر النِّسَاء لَيْسَ يكون الْإِنْسَان فِي شَيْء أَضْعَف مِنْهُ فِي النِّسَاء

قَالَ وَكِيع: يذهب عقله عِنْدهن

وَأخرج الخرائطي فِي اعتلال الْقُلُوب عَن طَاوس فِي قَوْله {وَخلق الإِنسان ضَعِيفا} قَالَ: إِذا نظر إِلَى النِّسَاء لم يصبر

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم} قَالَ: رخص لكم فِي نِكَاح الْإِمَاء حِين تضطرون إلَيْهِنَّ {وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} قَالَ: لَو لم يرخص لَهُ فِيهَا لم يكن إِلَّا الْأَمر الأول إِذا لم يجد حرَّة

الْآيَتَانِ 29 - 30

ص: 494

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} قَالَ: إِنَّهَا محكمَة مَا نسخت وَلَا تنسخ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أما أكلهم أَمْوَالهم بَينهم بِالْبَاطِلِ فالزنا والقمار والبخس وَالظُّلم {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة} فليرب الدِّرْهَم ألفا إِن اسْتَطَاعَ

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتحرَّج أَن يَأْكُل عِنْد أحد من النَّاس بعد مَا نزلت هَذِه الْآيَة فنسخ ذَلِك بِالْآيَةِ الَّتِي فِي النُّور (وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ

) (النورالآية 61) الْآيَة

ص: 494

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله (إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم) قَالَ: عَن ترَاض فِي تِجَارَة بيع أَو عَطاء يُعْطِيهِ أحد أحدا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: التِّجَارَة رزق من رزق الله وحلال من حَلَال الله لمن طلبَهَا بصدقها وبرها وَقد كُنَّا نُحدث أَن التَّاجِر الْأمين الصدوق مَعَ السَّبْعَة فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه الْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: التَّاجِر الصدوق الْأمين مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء

وَأخرج ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا قَالَ: التَّاجِر الصدوق الْأمين الْمُسلم مَعَ الشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْحَاكِم عَن رَافع بن خديج قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله أَي الْكسْب أطيب قَالَ: كسب الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بردة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي الْكسْب أطيب أوأفضل قَالَ: عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن نعيم بن عبد الرَّحْمَن الْأَزْدِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تِسْعَة أعشار الرزق فِي التِّجَارَة وَالْعشر فِي الْمَوَاشِي

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن صَفْوَان بن أُميَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أعلم أَن عون الله مَعَ صالحي التُّجَّار

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: التَّاجِر الصدوق فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أطيب الْكسْب كسب التُّجَّار الَّذين إِذا حدثوا لم يكذبوا وَإِذا وعدوا لم يخلفوا وَإِذا ائتمنوا لم يخونوا وَإِذا اشْتَروا لم يذموا وَإِذا باعوا لم يمدحوا وَإِذا كَانَ عَلَيْهِم لم يمطلوا وَإِذا كَانَ لَهُم لم يعسروا

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا أَن التَّاجِر إِذا كَانَ فِيهِ أَربع خِصَال طَابَ كَسبه: إِذا اشْترى لم يذم وَإِذا بَاعَ لم يمدح وَلم يُدَلس فِي البيع وَلم يحلف فِيمَا بَين ذَلِك

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن

ص: 495

التُّجَّار يبعثون يَوْم الْقِيَامَة فجاراً إِلَّا من اتَّقى الله وبرَّ وَصدق

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن التُّجَّار هم الْفجار

قَالُوا: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ قد أحل الله البيع قَالَ: بلَى وَلَكنهُمْ يحلفُونَ فيأثمون ويحدثون فيكذبون

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن تغلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يفِيض المَال وَيكثر الْجَهْل وَتظهر الْفِتَن وتفشو التِّجَارَة

أخرج ابْن مَاجَه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سعيد فِي قَوْله تَعَالَى {عَن تراضٍ مِنْكُم} قَالَ: قَالَ رَسُول الله: إِنَّمَا البيع عَن ترَاض

وَأخرج ابْن جرير عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: البيع عَن ترَاض وَالْخيَار بعد الصَّفْقَة وَلَا يحل لمُسلم أَن يغش مُسلما

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي زرْعَة أَنه بَاعَ فرسا لَهُ فَقَالَ لصَاحبه: اختر فخيره ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَهُ: خيرني

فخيره ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: هَذَا البيع عَن ترَاض

وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: اشْترى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الْأَعْرَاب حمل خبط فَلَمَّا وَجب البيع قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اختر

فَقَالَ الْأَعرَابِي: عمرك الله بيعا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَاعَ رجلا ثمَّ قَالَ لَهُ: اختر

فَقَالَ: قد اخْتَرْت

فَقَالَ: هَكَذَا البيع

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زرْعَة أَنه كَانَ إِذا بَايع رجلا يَقُول لَهُ: خيرني

ثمَّ يَقُول: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يفْتَرق اثْنَان إِلَّا عَن رضَا

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي قلَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا أهل البقيع لَا يتفرقن بيعان إِلَّا عَن رضَا

وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا أَو يَقُول أَحدهمَا للْآخر: اختر

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح وَعِكْرِمَة {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} قَالَا: نَهَاهُم عَن قتل بَعضهم بَعْضًا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} لَا يقتل بَعْضكُم قَالَ: بَعْضًا

ص: 496

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح

مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} قَالَ: أهل دينكُمْ

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام ذَات السلَاسِل احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد فَأَشْفَقت إِن اغْتَسَلت أَن أهلك فَتَيَمَّمت بِهِ ثمَّ صليت بِأَصْحَابِي صَلَاة الصُّبْح فَلَمَّا قدمت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: يَا عَمْرو صليت بِأَصْحَابِك وَأَنت جنب قلت: نعم يَا رَسُول الله إِنِّي احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد فَأَشْفَقت إِن اغستلت أَن أهلك وَذكرت قَول الله {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} فَتَيَمَّمت ثمَّ صليت

فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يقل شَيْئا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن عَمْرو بن الْعَاصِ صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكرُوا ذَلِك لَهُ فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: يَا رَسُول الله خشيت أَن يقتلني الْبرد وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} فَسكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة أَن مسروقاً أَتَى صفّين فَقَامَ بَين الصفين فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَنْصتُوا أَرَأَيْتُم لَو أَن منادياً ناداكم من السَّمَاء فرأيتموه وسمعتم كَلَامه فَقَالَ: إِن الله يَنْهَاكُم عَمَّا أَنْتُم فِيهِ أَكُنْتُم منتهين قَالُوا: سُبْحَانَ الله

قَالَ: فوَاللَّه لقد نزل بذلك جِبْرِيل على مُحَمَّد وَمَا ذَاك بأبين عِنْدِي مِنْهُ إِن الله قَالَ {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمن يفعل ذَلِك} يَعْنِي الْأَمْوَال والدماء جَمِيعًا {عُدْوانًا وظلماً} يَعْنِي مُتَعَمدا إعتداء بِغَيْر حق {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا} يَقُول: كَانَ عَذَابه على الله هيناً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى {وَمن يفعل ذَلِك عُدْوانًا وظلماً فَسَوف نصليه نَارا} فِي كل ذَلِك أم فِي قَوْله تَعَالَى

الْآيَة 31

ص: 497

{وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} قَالَ: بل فِي قَوْله {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم}

أخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن فِي سُورَة النِّسَاء خمس آيَات مَا يسرني أَن لي بهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَد علمت أَن الْعلمَاء إِذا مروا بهَا يعرفونها قَوْله تَعَالَى {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} الْآيَة

وَقَوله (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة

) (النِّسَاء الْآيَة 40) الْآيَة

وَقَوله (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ

) (النِّسَاء الْآيَة 48) الْآيَة

وَقَوله (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك

) (النِّسَاء الْآيَة 64) الْآيَة

وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه

) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أنس بن مَالك قَالَ: لم نر مثل الَّذِي بلغنَا عَن رَبنَا عز وجل ثمَّ لم نخرج لَهُ عَن كل أهل وَمَال أَن تجَاوز لنا عَمَّا دون الْكَبَائِر فَمَا لنا وَلها

يَقُول الله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا}

وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: هان مَا سألكم ربكُم {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ}

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أنس سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: أَلا إِن شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} الْآيَة

وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم جلس على الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من عبد يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخمس ويصوم رَمَضَان وَيُؤَدِّي الزَّكَاة ويجتنب الْكَبَائِر السَّبع إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى أَنَّهَا لتصطفق ثمَّ تَلا {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} الْآيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس قَالَ: مَا لكم والكبائر وَقد وعدتم الْمَغْفِرَة فِيمَا دون الْكَبَائِر

وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد حسن عَن الْحسن أَن نَاسا لقوا عبد الله بن عَمْرو بِمصْر

ص: 498

فَقَالُوا: نرى أَشْيَاء من كتاب الله أَمر أَن يعْمل بهَا لَا يعْمل بهَا فأردنا أَن نلقى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي ذَلِك فَقدم وَقدمُوا مَعَه فلقي عمر فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن نَاسا لقوني بِمصْر فَقَالُوا: إِنَّا نرى أَشْيَاء من كتاب الله أَمر أَن يعْمل بهَا لَا يعْمل بهَا فأحبوا أَن يلقوك فِي ذَلِك فَقَالَ: اجمعهم لي

فَجَمعهُمْ لَهُ فَأخذ أَدْنَاهُم رجلا فَقَالَ: أنْشدك بِاللَّه وبحق الْإِسْلَام عَلَيْك أَقرَأت الْقُرْآن كُله قَالَ: نعم

قَالَ: فَهَل أحصيته فِي نَفسك قَالَ: لَا

قَالَ: فَهَل أحصيته فِي بَصرك هَل أحصيته فِي لفظك هَل أحصيته فِي أثرك ثمَّ تتبعهم حَتَّى أَتَى على آخِرهم قَالَ: فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أَن يُقيم النَّاس على كتاب الله قد علم رَبنَا أَنه سَتَكُون لنا سيئات وتلا {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا} هَل علم أهل الْمَدِينَة فِيمَا قدمتم قَالَ: لَا

قَالَ: لَو علمُوا لوعظت بكم

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا وعد الله الْمَغْفِرَة لمن اجْتنب الْكَبَائِر وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: اجتنبوا الْكَبَائِر وسددوا وابشروا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا نهى الله عَنهُ فَهُوَ كَبِيرَة وَقد ذكرت الطرفة يَعْنِي النظرة

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْوَلِيد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: كل شَيْء عُصِيَ الله فِيهِ فَهُوَ كَبِيرَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا وعد الله عَلَيْهِ النَّار كَبِيرَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَبَائِر كل ذَنْب خَتمه الله بِنَار أَو غضب أَو لعنة أَو عَذَاب

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كل ذَنْب نسبه الله إِلَى النَّار فَهُوَ من الْكَبَائِر

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْكَبَائِر كل مُوجبَة أوجب الله لأَهْلهَا النَّار وكل عمل يُقَام بِهِ الحدُّ فَهُوَ من الْكَبَائِر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر أَسَبْعٌ هِيَ قَالَ: هِيَ إِلَى السّبْعين أقرب

ص: 499

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير أَن رجلا سَأَلَ ابْن عَبَّاس كم الْكَبَائِر سبع هِيَ قَالَ إِلَى سَبْعمِائة أقرب مِنْهَا إِلَى سبع غير أَنه لَا كَبِيرَة مَعَ اسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة مَعَ إِصْرَار

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق قيس بن سعد قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: كل ذَنْب أصر عَلَيْهِ العَبْد كَبِير وَلَيْسَ بكبير مَا تَابَ مِنْهُ العَبْد

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السَّبع الموبقات

قَالُوا: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَالسحر وَأكل الرِّبَا وَمَال الْيَتِيم والتولي يَوْم الزَّحْف وَقذف الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْكَبَائِر سبع: أَولهَا الْإِشْرَاك بِاللَّه ثمَّ قتل النَّفس بِغَيْر حَقّهَا وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم إِلَى أَن يكبر والفرار من الزَّحْف وَرمي الْمُحْصنَات والإنقلاب على الْأَعْرَاب بعد الْهِجْرَة

وَأخرج عَليّ بن الْجَعْد فِي الجعديات عَن طَيْسَلَة قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: هن تسع: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقذف المحصنة وَقتل النَّفس المؤمنة والفرار من الزَّحْف وَالسحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وعقوق الْوَالِدين والإلحاد بِالْبَيْتِ الْحَرَام قبلتكم أَحيَاء وأمواتاً

وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد حسن من طَرِيق طَيْسَلَة عَن ابْن عمر قَالَ: الْكَبَائِر تسع: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّسمَة يَعْنِي بِغَيْر حق وَقذف المحصنة والفرار من الزَّحْف وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وَالَّذِي يستسحر وإلحاد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وإنكاء الْوَالِدين من العقوق

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أَوْلِيَاء الله المصلون وَمن يُقيم الصَّلَوَات الْخمس الَّتِي كتبهَا الله على عباده وَمن يُؤَدِّي زَكَاة مَاله طيبَة بهَا نَفسه وَمن يَصُوم رَمَضَان يحْتَسب صَوْمه ويجتنب الْكَبَائِر

فَقَالَ رجل من الصَّحَابَة: يَا رَسُول الله وَكم الْكَبَائِر قَالَ: هن تسع: أعظمهن الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل الْمُؤمن بِغَيْر

ص: 500

الْحق والفرار يَوْم الزَّحْف وَقذف المحصنة وَالسحر وَأكل مَال الْيَتِيم وَأكل الرِّبَا وعقوق الْوَالِدين الْمُسلمين وَاسْتِحْلَال الْبَيْت الْحَرَام قبلتكم أَحيَاء وأمواتاً

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من صلى الصَّلَوَات الْخمس واجتنب الْكَبَائِر السَّبع نُودي من أَبْوَاب الْجنَّة ادخل بِسَلام

قيل أسمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهن قَالَ: نعم عقوق الْوَالِدين والإشراك بِاللَّه وَقتل النَّفس وَقذف الْمُحْصنَات وَأكل مَال الْيَتِيم والفرار من الزَّحْف وَأكل الرِّبَا

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من عبد الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَصَامَ رَمَضَان واجتنب الْكَبَائِر فَلهُ الْجنَّة

فَسَأَلَهُ رجل مَا الْكَبَائِر قَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل نفس مسلمة والفرار يَوْم الزَّحْف

وَأخرج ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كتب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل الْيمن كتابا فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث بِهِ مَعَ عَمْرو بن حزم قَالَ: وَكَانَ فِي الْكتاب: إِن أكبر الْكَبَائِر عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس المؤمنة بِغَيْر حق والفرار يَوْم الزَّحْف وعقوق الْوَالِدين وَرمي المحصنة وَتعلم السحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْكَبَائِر فَقَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس وعقوق الْوَالِدين وَقَالَ: أَلا أنبئكم بأكبرالكبائر قَول الزُّور أَو شَهَادَة الزُّور

وَأخرج الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله

قَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَكَانَ مُتكئا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور

أَلا وَشَهَادَة الزُّور فَمَا زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا ليته سكت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو أَنه سُئِلَ عَن الْخمر فَقَالَ: سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هِيَ أكبر الْكَبَائِر وَأم الْفَوَاحِش من شرب الْخمر ترك الصَّلَاة وَوَقع على أمه وخالته وَعَمَّته

ص: 501

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يعد الْخمر أكبر الْكَبَائِر

وَأخرج عبد بن حميد فِي كتاب الْإِيمَان عَن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن الْحسن بن عَليّ سُئِلَ عَن الْخمر أَمن الْكَبَائِر هِيَ فَقَالَ: لَا

فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قد قَالَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِذا شرب سكر وزنى وَترك الصَّلَاة فَهِيَ من الْكَبَائِر

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْكَبَائِر: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين أَو قتل النَّفس - شكّ شُعْبَة - وَالْيَمِين الْغمُوس

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَن من أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَالْيَمِين الْغمُوس وَمَا حلف حَالف بِاللَّه يَمِين صَبر فَأدْخل فِيهَا مثل جنَاح بعوضة إِلَّا جعلت نُكْتَة فِي قلبه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أكبر الْكَبَائِر أَن يلعن الرجل وَالِديهِ

قَالُوا: وَكَيف يلعن الرجل وَالِديهِ قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ ويَسُبُّ أمه فيسب أمه

وَأخرج أَو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من أكبر الْكَبَائِر استطالة الْمَرْء فِي عرض رجل مُسلم بِغَيْر حق وَمن الْكَبَائِر السبتان بالسبة

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من غير عذر فقد أَتَى بَابا من أَبْوَاب الْكَبَائِر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من غير عذر من الْكَبَائِر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قَتَادَة الْعَدوي قَالَ: قرىء علينا كتاب عمر من الْكَبَائِر جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ

يَعْنِي بِغَيْر عذر والفرار من الزَّحْف والنميمة

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن

ص: 502

عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا الْكَبَائِر فَقَالَ: الشّرك بِاللَّه واليأس من روح الله والآمن من مكر الله

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه والإياس من روح الله والقنوط من رَحْمَة الله والآمن من مكر الله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ أَنه سُئِلَ مَا أكبر الْكَبَائِر فَقَالَ: الْأَمْن لمكر الله والإياس من روح الله والقنوط من رَحْمَة الله

وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكرُوا الْكَبَائِر وَهُوَ متكىء فَقَالُوا: الشّرك بِاللَّه وَأكل مَال الْيَتِيم وفرار يَوْم الزَّحْف وَقذف المحصنة وعقوق الْوَالِدين وَقَول الزُّور والغلول وَالسحر وَأكل الرِّبَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا)(آل عمرَان الْآيَة 77) إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: الْكَبَائِر: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس وَأكل مَال الْيَتِيم وَقذف المحصنة والفرار من الزَّحْف وَالتَّعَرُّب بعد الْهِجْرَة وَالسحر وعقوق الْوَالِدين وَأكل الرِّبَا وفراق الْجَمَاعَة ونكث الصَّفْقَة

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد ضَعِيف عَن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَن أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَمنع فضل المَاء وَمنع الْفَحْل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بُرَيْدَة قَالَ: إِن أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَمنع فضول المَاء بعد الرّيّ وَمنع طروق الْفَحْل إِلَّا بِجعْل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: مَا أَخذ على النِّسَاء فَمن الْكَبَائِر

يَعْنِي قَوْله (أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين

) (المتحنة الْآيَة 12) الْآيَة

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتُم الزَّانِي وَالسَّارِق وشارب الْخمر مَا تَقولُونَ فيهم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم

قَالَ: هن فواحش وفيهن عُقُوبَة أَلا أنبئكم

ص: 503

بأكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه ثمَّ قَرَأَ (وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد افترى إِثْمًا عَظِيما)(النِّسَاء الْآيَة 48) وعقوق الْوَالِدين ثمَّ قَرَأَ (أَن اشكر لي ولوالديك إِلَيّ الْمصير)(لُقْمَان الْآيَة 14) وَكَانَ مُتكئا فاحتفز فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور

وَأخرج عبدُ بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن من أكبر الذَّنب عِنْد الله أَن يَقُول لصَاحبه اتَّقِ الله فَيَقُول: عَلَيْك نَفسك من أَنْت تَأْمُرنِي

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سَالم بن عبد الله التمار عَن أَبِيه أَن أَبَا بكر وَعمر وأناساً من الصَّحَابَة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكرُوا أعظم الْكَبَائِر فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا علم ينتهون إِلَيْهِ فأرسلوني إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أسأله عَن ذَلِك فَأَخْبرنِي أَن أعظم الْكَبَائِر شرب الْخمر فأتيتهم فَأَخْبَرتهمْ فأنكروا ذَلِك وتواثبوا إِلَيْهِ جَمِيعًا حَتَّى أَتَوْهُ فِي دَاره فَأخْبرهُم أَنهم تحدثُوا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَن ملكا من بني إِسْرَائِيل أَخذ رجلا فخيره أَن يشرب الْخمر أَو يقتل نفسا أَو يَزْنِي أَو يَأْكُل لحم خِنْزِير أَو يقْتله إِن أَبى

فَاخْتَارَ شرب الْخمر وَإنَّهُ لما شربهَا لم يمْتَنع من شَيْء أَرَادَهُ مِنْهُ وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا أحد يشْربهَا فَيقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلَا يَمُوت وَفِي مثانته مِنْهَا شَيْء إِلَّا حرمت عَلَيْهِ الْجنَّة وَإِن مَاتَ فِي الْأَرْبَعين مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه لِأَن الله يَقُول (لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ)(يُوسُف الْآيَة 87) والأمن لمكر الله لِأَن الله يَقُول (فَلَا يَأْمَن مكر الله إِلَّا الْقَوْم الخاسرون)(الْأَعْرَاف الْآيَة 99) وعقوق الْوَالِدين لِأَن الله جعل الْعَاق جباراً عصياً وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله لِأَن الله يَقُول (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم

) (النِّسَاء الْآيَة 93) إِلَى آخر الْآيَة وَقذف الْمُحْصنَات لِأَن الله يَقُول (لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم)(النُّور الْآيَة 23) وَأكل

ص: 504

مَال الْيَتِيم لِأَن الله يَقُول (إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيرا)(النِّسَاء الْآيَة 10) والفرار من الزَّحْف لِأَن الله يَقُول (وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره

) إِلَى قَوْله (وَبئسَ الْمصير)(الْأَنْفَال الْآيَة 16) وَأكل الرِّبَا لِأَن الله يَقُول (الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ

) (الْبَقَرَة الْآيَة 275) الْآيَة وَالسحر لِأَن الله يَقُول (وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق)(الْبَقَرَة الْآيَة 102) وَالزِّنَا لِأَن الله يَقُول (يلق أثاما)(الْفرْقَان الْآيَة 68) الْآيَة وَالْيَمِين الْغمُوس الْفَاجِرَة لِأَن الله يَقُول (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ

) (آل عمرَان الْآيَة 77) الْآيَة والغلول لِأَن الله يَقُول (وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة)(آل عمرَان الْآيَة 161) وَمنع الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة لِأَن الله يَقُول (فتكوى بهَا جباههم

) (التَّوْبَة الْآيَة 35) الْآيَة وَشَهَادَة الزُّور وكتمان الشَّهَادَة لِأَن الله يَقُول (وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه)(الْبَقَرَة الْآيَة 283) وَشرب الْخمر لِأَن الله عدل بهَا الْأَوْثَان وَترك الصَّلَاة مُتَعَمدا لِأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد برىء من ذمَّة الله وَرَسُوله وَنقض الْعَهْد وَقَطِيعَة الرَّحِم لِأَن الله يَقُول (لَهُم اللَّعْنَة وَلَهُم سوء الدَّار)(الرَّعْد الْآيَة 25)

وأخرد عبد بن حميد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر قَالَ: مَا بَين أول سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأس ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْكَبَائِر من أول سُورَة النِّسَاء إِلَى قَوْله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ}

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: افتتحوا سُورَة النِّسَاء فَكل شَيْء نهى الله عَنهُ حَتَّى تَأْتُوا ثَلَاثِينَ آيَة فَهُوَ كَبِيرَة ثمَّ قَرَأَ مصداق ذَلِك {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} الْآيَة

ص: 505

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ من النِّسَاء حَتَّى بلغ ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا ثمَّ قَرَأَ {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} مِمَّا فِي أول السُّورَة إِلَى حَيْثُ بلغ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْكَبَائِر فِيمَا بَين أول هَذِه السُّورَة سُورَة النِّسَاء إِلَى هَذِه الْموضع {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله بِغَيْر حَقّهَا وفرار يَوْم الزَّحْف وَأكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حَقه وَأكل الرِّبَا والبهتان وَيَقُولُونَ اعرابية بعد الْهِجْرَة

قيل لِابْنِ سِيرِين: فالسحر

قَالَ: إِن الْبُهْتَان يجمع شرا كثيرا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُغيرَة قَالَ: كَانَ يُقَال: شتم أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما من الْكَبَائِر

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: من الْكَبَائِر أَن يعْمل الرجل الذَّنب فيحتقره

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا كَبِيرَة بكبيرة مَعَ الاسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة بصغيرة مَعَ الْإِصْرَار

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس

أَنه قَرَأَ تكفر بِالتَّاءِ وَنصب الْفَاء

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} قَالَ: إِنَّمَا وعد الله الْمَغْفِرَة لمن اجْتنب الْكَبَائِر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} قَالَ: الصغار {وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا} قَالَ: الْكَرِيم: هُوَ الْحسن فِي الْجنَّة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يَقُول: الْمدْخل الْكَرِيم

هُوَ الْجنَّة

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {مدخلًا} بِضَم الْمِيم

الْآيَة 32

ص: 506

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله تغزو الرِّجَال وَلَا نغزو وَلَا نُقَاتِل فَنُسْتَشْهَد وَإِنَّمَا لنا نصف الْمِيرَاث

فَأنْزل الله {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} وَأنزل فِيهَا (إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات)(الْأَحْزَاب الْآيَة 35)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا نَبِي الله للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَشَهَادَة امْرَأتَيْنِ بِرَجُل أفنحن فِي الْعَمَل هَكَذَا إِن عملت امْرَأَة حَسَنَة كتبت لَهَا نصف حَسَنَة فَأنْزل الله {وَلَا تَتَمَنَّوْا} فَإِنَّهُ عدل مني وَإِن صَنعته

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن النِّسَاء سألن الْجِهَاد فَقُلْنَ وَدِدْنَا أَن الله جعل لنا الْغَزْو فنصيب من الْأجر مَا يُصِيب الرِّجَال

فَأنْزل الله {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض}

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَا: نزلت فِي أم سَلمَة بنت أبي أُميَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ أَن الرِّجَال قَالُوا: نُرِيد أَن يكون لنا من الْأجر الضعْف على أجر النِّسَاء كَمَا لنا فِي السِّهَام سَهْمَان فنريد أَن يكون لنا فِي الْأجر أَجْرَانِ

وَقَالَت النِّسَاء: نُرِيد أَن يكون لنا أجر مثل أجر الرِّجَال الشُّهَدَاء فَإنَّا لَا نستطيع أَن نُقَاتِل وَلَو كتب علينا الْقِتَال لقاتلنا

فَأنْزل الله الْآيَة وَقَالَ لَهُم سلوا الله من فَضله يرزقكم الْأَعْمَال وَهُوَ خير لكم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} يَقُول: لَا يتمنّ الرجل فَيَقُول لَيْت لي مَال فلَان وَأَهله

فَنهى الله سُبْحَانَهُ عَن ذَلِك وَلَكِن ليسأل الله من فَضله {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا} يَعْنِي مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: لَا تتمن مَال فلَان وَلَا مَال فلَان وَمَا يدْريك لَعَلَّ هَلَاكه فِي ذَلِك المَال

ص: 507

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْمَرْأَة شَيْئا وَلَا الصَّبِي شَيْئا وَإِنَّمَا يجْعَلُونَ الْمِيرَاث لمن يحترف وينفع وَيدْفَع

فَلَمَّا لحق للْمَرْأَة نصِيبهَا وللصبي نصِيبه وَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَت النِّسَاء لَو كَانَ جعل أنصباءنا فِي الْمِيرَاث كأنصباء الرِّجَال

وَقَالَ الرِّجَال: إِنَّا لنَرْجُو أَن نفضل على النِّسَاء بحسنات فِي الْآخِرَة كَمَا فضلنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاث

فَأنْزل الله {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مِمَّا اكتسبن} يَقُول: الْمَرْأَة تجزى بحسنتها عشر أَمْثَالهَا كَمَا يجزى الرجل

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي حريز قَالَ: لما نزل (للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ)(النِّسَاء الْآيَة 11) قَالَت النِّسَاء: كَذَلِك عَلَيْهِم نصيبان من الذُّنُوب كَمَا لَهُم نصيبان من الْمِيرَاث

فَأنْزل الله {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مِمَّا اكتسبن} يَعْنِي الذُّنُوب

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا} قَالَ: من الْإِثْم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا سمع الرجل يتَمَنَّى فِي الدُّنْيَا قَالَ: قد نهاكم الله عَن هَذَا {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} ودلكم على خير مِنْهُ {واسألوا الله من فَضله}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {واسألوا الله من فَضله} قَالَ: لَيْسَ بِعرْض الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {واسألوا الله من فَضله} قَالَ: الْعِبَادَة لَيْسَ من أَمر الدُّنْيَا

وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله من فَضله فَإِن الله يحب أَن يسْأَل

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق حَكِيم بن جُبَير عَن رجل لم يسمه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله من فَضله فَإِن الله يحب أَن يسْأَل وَإِن من أفضل الْعِبَادَة انْتِظَار الْفرج

وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا سَأَلَ رجل مُسلم الله

ص: 508

الْجنَّة ثَلَاثًا إِلَّا قَالَت الْجنَّة: اللَّهُمَّ أدخلهُ وَلَا استجار رجل مُسلم من النَّار ثَلَاثًا إِلَّا قَالَت النَّار: اللَّهُمَّ أجره

الْآيَة 33

ص: 509

أخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: وَرَثَة {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لما قدمُوا الْمَدِينَة يَرث المُهَاجر الْأنْصَارِيّ دون ذَوي رَحمَه للأخوة الَّتِي آخى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَينهم فَلَمَّا نزلت {وَلكُل جعلنَا موَالِي} نسخت ثمَّ قَالَ {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} من النَّصْر والرفادة والنصيحة وَقد ذهب الْمِيرَاث ويوصى لَهُ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: عصبَة {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل أَيهمَا مَاتَ وَرثهُ الآخر فَأنْزل الله (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا)(الْأَحْزَاب الْآيَة 6) يَقُول: إِلَّا أَن يوصوا إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ الَّذين عقدوا وَصِيَّة فَهُوَ لَهُم جَائِز من ثلث مَال الْمَيِّت وَهُوَ الْمَعْرُوف

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: الموَالِي

الْعصبَة هم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة الموَالِي فَلَمَّا دخلت الْعَجم على الْعَرَب لم يَجدوا لَهُم اسْما

فَقَالَ الله (فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم)(الْأَحْزَاب الْآيَة 5) فسموا الموَالِي

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الرجل قبل الْإِسْلَام يعاقد الرجل يَقُول: ترثني وأرثك

ص: 509

وَكَانَ الْأَحْيَاء يتحالفون

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كل حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة أَو عقد أدْركهُ الْإِسْلَام فَلَا يزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا عقد وَلَا حلف فِي الْإِسْلَام نسختها هَذِه الْآيَة (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض)(الْأَحْزَاب الْآيَة 6)

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل فيرث كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَكَانَ أَبُو يكر عَاقد رجلا فورثه

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الرجل يحالف الرجل لَيْسَ بَينهمَا نسب فيرث أَحدهمَا الآخر فنسخ فِي ذَلِك فِي الْأَنْفَال فَقَالَ: (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله)(الْأَحْزَاب الْآيَة 6)

وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة فَيَقُول: دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بِي وأطلب بك

فَجعل لَهُ السُّدس من جَمِيع المَال فِي الْإِسْلَام ثمَّ يقسم أهل الْمِيرَاث ميراثهم

فنسخ ذَلِك بعد فِي سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ: (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض) فقذف مَا كَانَ من عهد يتوارث بِهِ وَصَارَت الْمَوَارِيث لِذَوي الْأَرْحَام

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة قد كَانَ يلْحق بِهِ الرجل فَيكون تَابعه فَإِذا مَاتَ الرجل صَار لأَهله وأقاربه الْمِيرَاث وَبَقِي تَابعا لَيْسَ لَهُ شَيْء

فَأنْزل الله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} فَكَانَ يُعْطي من مِيرَاثه فَأنْزل الله بعد ذَلِك (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله)

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} الَّذين عقد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {فآتوهم نصِيبهم} إِذا لم يَأْتِ رحم يحول بَينهم

قَالَ: وَهُوَ لَا يكون

ص: 510

الْيَوْم إِنَّمَا كَانَ نفر آخى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَينهم وَانْقطع ذَلِك وَهَذَا لَا يكون لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يؤاخى بَين أحد

وَأخرج ابْن جرير والنحاس عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الحلفاء وَالَّذين كَانُوا يتبنون رجَالًا غير أبنائهم ويورثونهم

فَأنْزل الله فيهم فَجعل لَهُم نَصِيبا فِي الْوَصِيَّة ورد الْمِيرَاث إِلَى الموَالِي فِي ذِي الرَّحِم والعصبة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس عَن مُجَاهِد {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: الْعصبَة {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: الحلفاء {فآتوهم نصِيبهم} قَالَ: من الْعقل والنصر والرفادة

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم عَن دَاوُد بن الْحصين قَالَ: كنت أَقرَأ على أم سعد ابْنة الرّبيع وَكَانَت يتيمة فِي حجر أبي فَقَرَأت عَلَيْهَا {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} فَقَالَت: لَا وَلَكِن {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} إِنَّمَا نزلت فِي أبي بكر وَابْنه عبد الرَّحْمَن حِين أَبى أَن يسلم فَحلف أَبُو بكر أَن لَا يورثه فَلَمَّا أسلم أمره الله أَن يورثه نصِيبه

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ عقدت أَيْمَانكُم

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم

أَنه قَرَأَ {وَالَّذين عقدت} خَفِيفَة بِغَيْر ألف

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يَأْتِي الْقَوْم فيعقدون لَهُ أَنه مِنْهُم إِن كَانَ ضراً أَو نفعا أَو دَمًا فَإِنَّهُ فيهم مثلهم وَيَأْخُذُونَ لَهُ من أنفسهم مثل الَّذِي يَأْخُذُونَ مِنْهُ فَكَانُوا إِذا كَانَ قتال قَالُوا: يَا فلَان أَنْت منا فَانْصُرْنَا وَإِن كَانَت مَنْفَعَة قَالُوا: أعطنا أَنْت منا وَلم ينصروه كنصرة بَعضهم بَعْضًا إِن اسنتصر وَإِن نزل بِهِ أَمر أعطَاهُ بَعضهم وَمنعه بَعضهم وَلم يعطوه مثل الَّذين يَأْخُذُونَ مِنْهُ

فَأتوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ وتحرجوا من ذَلِك وَقَالُوا: قد عاقدناهم فِي الْجَاهِلِيَّة

فَأنْزل الله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} قَالَ: أعطوهم مثل الَّذِي تأخذون مِنْهُم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي مَالك {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} قَالَ: هُوَ حَلِيف الْقَوْم يَقُول: أشهدوه أَمركُم ومشورتكم

ص: 511

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بعد الْفَتْح: فوا بِحلف الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ لَا يزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا تحدثُوا حلفا فِي الْإِسْلَام

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن جرير والنحاس عَن جُبَير بن مطعم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا حلف فِي الْإِسْلَام وَأَيّمَا حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا حلف فِي الْإِسْلَام وتمسكوا بِحلف الْجَاهِلِيَّة

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَفعه كل حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لم يزده الْإِسْلَام إِلَّا جدة وَشدَّة

الْآيَة 34

ص: 512

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أَشْعَث بن عبد الْملك عَن الْحسن قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم تستعدي على زَوجهَا أَنه لطمها

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْقصاص

فَأنْزل الله {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} الْآيَة

فَرَجَعت بِغَيْر قصاص

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن أَن رجلا لطم امْرَأَته فَأَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَ أَن يقصها مِنْهُ

فَنزلت {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} فَدَعَاهُ فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَقَالَ أردْت أمرا وَأَرَادَ الله غَيره

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن

ص: 512

مرْدَوَيْه من طَرِيق جرير بن حَازِم عَن الْحسن أَن رجلا من الْأَنْصَار لطم امْرَأَته فَجَاءَت تلتمس الْقصاص فَجعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَينهمَا الْقصاص

فَنزلت (وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه)(طه الْآيَة 114) فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنزل الْقُرْآن {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أردنَا أمرا وَأَرَادَ الله غَيره

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجل من الْأَنْصَار بِامْرَأَة لَهُ فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن زَوجهَا فلَان بن فلَان الْأنْصَارِيّ وَأَنه ضربهَا فأثر فِي وَجههَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ ذَلِك لَهُ

فَأنْزل الله {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض} أَي قوامون على النِّسَاء فِي الْأَدَب

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أردْت أمرا وَأَرَادَ الله غَيره

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: لطم رجل امْرَأَته فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْقصاص فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك نزلت الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ

نَحوه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء} قَالَ: بالتأديب والتعليم {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} قَالَ: بِالْمهْرِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَا تقص الْمَرْأَة من زَوجهَا إِلَّا فِي النَّفس

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان قَالَ: نَحن نقص مِنْهُ إِلَّا فِي الْأَدَب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء} يَعْنِي أُمَرَاء عَلَيْهِنَّ أَن تُطِيعهُ فِيمَا أمرهَا الله بِهِ من طَاعَته وطاعته أَن تكون محسنة إِلَى أَهله حافظة لمَاله {بِمَا فضل الله} وفضله عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وسعيه {فالصالحات قانتات} قَالَ: مطعيات {حافظات للغيب} يَعْنِي إِذا كن كَذَا فَأحْسنُوا إلَيْهِنَّ

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الرجل قَائِم على الْمَرْأَة يأمرها بِطَاعَة الله فَإِن أَبَت فَلهُ أَن يضْربهَا ضربا غير مبرح وَله عَلَيْهَا الْفضل بِنَفَقَتِهِ وسعيه

ص: 513

وَأخرج عَن السّديّ {الرِّجَال قوَّامون على النِّسَاء} يَأْخُذُونَ على أَيْدِيهنَّ ويؤدبونهن

وَأخرج عَن سُفْيَان {بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض} قَالَ: بتفضيل الله الرِّجَال على النِّسَاء {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} بِمَا ساقوا من الْمهْر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} قَالَ: الصَدَاق الَّذِي أَعْطَاهَا أَلا ترى أَنه لَو قَذفهَا لاعنها وَلَو قَذَفته جُلِدَتْ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فالصالحات قانتات} أَي مطيعات لله ولأزواجهن {حافظات للغيب} قَالَ: حافظات لما استودعهن الله من حَقه وحافظات لغيب أَزوَاجهنَّ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {حافظات للغيب} للأزواج

وأخرح ابْن جرير عَن السّديّ {حافظات للغيب بِمَا حفظ الله} يَقُول تحفظ على زَوجهَا مَاله وفرجها حَتَّى يرجع كَمَا أمرهَا الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: حافظات لِأَزْوَاجِهِنَّ فِي أَنْفسهنَّ بِمَا استحفظهن الله

وَأخرج عَن مقَاتل قَالَ: حافظات لفروجهن لغيب أَزوَاجهنَّ حافظات بِحِفْظ الله لَا يخن أَزوَاجهنَّ بِالْغَيْبِ

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: حافظات للأزواج بِمَا حفظ الله يَقُول: حفظهن الله

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {حافظات للغيب} قَالَ: يحفظن على أَزوَاجهنَّ مَا غَابُوا عَنْهُن من شأنهن {بِمَا حفظ الله} قَالَ: بِحِفْظ الله إِيَّاهَا أَن يَجْعَلهَا كَذَلِك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: خير النِّسَاء الَّتِي إِذا نظرت إِلَيْهَا سرتك وَإِذا أَمَرتهَا أَطَاعَتك وَإِذا غبت عَنْهَا حفظتك فِي مَالك ونفسها

ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} إِلَى قَوْله {قانتات حافظات للغيب}

وَأخرج ابْن جرير عَن طَلْحَة بن مصرف قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله فالصالحات قانتات حافظات للغيب بِمَا حفظ الله فأصلحوا إلَيْهِنَّ واللاتي تخافون

ص: 514

وَأخرج عَن السّديّ {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بِمَا حفظ الله} فَأحْسنُوا إلَيْهِنَّ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن جعدة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: خير فَائِدَة أفادها الْمُسلم بعد الْإِسْلَام امْرَأَة جميلَة تسرهُ إِذا نظر إِلَيْهَا وَتُطِيعهُ إِذا أمرهَا وَتَحفظه إِذا غَابَ فِي مَاله ونفسها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: مَا اسْتَفَادَ رجل بعد إِيمَان بِاللَّه خيرا من امْرَأَة حَسَنَة الْخلق ودود ولود وَمَا اسْتَفَادَ رجل بعد الْكفْر بِاللَّه شرا من امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق حَدِيدَة السان

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: مثل الْمَرْأَة الصَّالِحَة عِنْد الرجل الصَّالح مثل التَّاج المخوص بِالذَّهَب على رَأس الْملك وَمثل الْمَرْأَة السوء عِنْد الرجل الصَّالح مثل الْحمل الثقيل على الرجل الْكَبِير

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أَلا أخْبركُم بِالثلَاثِ الفواقر قيل: وَمَا هن قَالَ: إِمَام جَائِر إِن أَحْسَنت لم يشْكر وَإِن أَسَأْت لم يغْفر وجار سوء إِن رأى حَسَنَة غطاها وَإِن رأى سَيِّئَة أفشاها وَامْرَأَة السوء إِن شهدتها غاظتك وَإِن غبت عَنْهَا خانتك

وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاث من السَّعَادَة: الْمَرْأَة ترَاهَا فتعجبك وتغيب فتأمنها على نَفسهَا وَمَالك وَالدَّابَّة تكون وطيئة فلتحقك بِأَصْحَابِك وَالدَّار تكون وَاسِعَة كَثِيرَة الْمرَافِق

وَثَلَاث من الشَّقَاء: الْمَرْأَة ترَاهَا فتسوءك وَتحمل لسانها عَلَيْك وَإِن غبت عَنْهَا لم تأمنها على نَفسهَا وَمَالك وَالدَّابَّة تكون قطوفاً فَإِن ضربتها أتعبتك وَإِن تركتهَا لم تلحقك بِأَصْحَابِك وَالدَّار تكون ضيقَة قَليلَة الْمرَافِق

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حُصَيْن بن مُحصن قَالَ: حَدَّثتنِي عَمَّتي قَالَت: أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي بعض الْحَاجة فَقَالَ: أَي هَذِه أذات بعل أَنْت قلت: نعم

قَالَ: كَيفَ أَنْت لَهُ قَالَت: مَا آلوه إِلَّا مَا عجزت عَنهُ

قَالَ: انظري أَيْن أَنْت مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جنتك ونارك

وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة قَالَ: من

ص: 515

حق الزَّوْج على الزَّوْجَة أَن لَو سَالَ منخراه دَمًا وقيحاً وصديداً فلحسته بلسانها مَا أدَّت حَقه لَو كَانَ يَنْبَغِي لبشر أَن يسْجد لبشر أمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا إِذا دخل عَلَيْهَا لما فَضله الله عَلَيْهَا

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه أَن تَأذن فِي بَيت زَوجهَا وَهُوَ كَارِه وَلَا تخرج وَهُوَ كَارِه وَلَا تطيع فِيهِ أحدا وَلَا تخشن بصدره وَلَا تَعْتَزِل فرَاشه وَلَا تضر بِهِ فَإِن كَانَ هُوَ أظلم فلتأته حَتَّى ترضيه فَإِن قبل مِنْهَا فبها ونعمت وَقبل الله عذرها وَإِن هُوَ لم يرض فقد أبلغت عِنْد الله عذرها

وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا ينظر الله إِلَى امْرَأَة لَا تشكر لزَوجهَا وَهِي لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ

وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الْفُسَّاق أهل النَّار

قيل: يَا رَسُول الله وَمن الْفُسَّاق قَالَ: النِّسَاء

قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وَأَزْوَاجنَا قَالَ: بلَى

ولكنهن إِذا أعطين لم يشكرن وَإِذا ابتلين لم يصبرن

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَصُوم الْمَرْأَة وبعلها شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأذن فِي بَيته وَهُوَ شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَنا وافدة النِّسَاء إِلَيْك هَذَا الْجِهَاد كتبه الله على الرِّجَال فَإِن يُصِيبُوا أُجرُوا وَإِن قتلوا كَانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَنحن معشر النِّسَاء نقوم عَلَيْهِم فَمَا لنا من ذَلِك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقِيت من النِّسَاء أَن طَاعَة الزَّوْج واعترافها بِحقِّهِ تعدل ذَلِك وَقَلِيل مِنْكُن من يَفْعَله

وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجهَا وأطاعت زَوجهَا دخلت الْجنَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة من خثعم أَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة فَإِنِّي امْرَأَة أيم فَإِن اسْتَطَعْت وَإِلَّا جَلَست أَيّمَا قَالَ: فَإِن حق الزَّوْج على زَوجته إِن سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر بعير أَن لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَمن حق الزَّوْج على زَوجته أَن لَا تَصُوم تَطَوّعا إِلَّا

ص: 516

بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت جاعت وعطشت وَلَا يقبل مِنْهَا وَلَا تخرج من بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت لعنتها مَلَائِكَة السَّمَاء وملائكة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب حَتَّى ترجع

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي النَّاس أعظم حَقًا على الْمَرْأَة قَالَ: زَوجهَا

قلت: فَأَي النَّاس أعظم حَقًا على الرجل قَالَ: أمه

وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا معشر النِّسَاء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فَإِن الْمَرْأَة لَو تعلم مَا حق زَوجهَا لم تزل قَائِمَة مَا حضر غداؤه وعشاؤه

وَأخرج الْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو تعلم الْمَرْأَة حق لزوج مَا قعدت مَا حضر غداؤه وعشاؤه حَتَّى يفرغ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو كنت آمراً بشرا يَسجدُ لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا تصعد لَهُم حَسَنَة: العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع إِلَى موَالِيه وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا والسكران حَتَّى يصحو

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا أخْبركُم برجالكم من أهل الْجنَّة

النَّبِي فِي الْجنَّة وَالصديق فِي الْجنَّة والشهيد فِي الْجنَّة والمولود فِي الْجنَّة وَرجل زار أَخَاهُ فِي نَاحيَة الْمصر يزوره الله فِي الْجنَّة وَنِسَاؤُكُمْ من أهل الْجنَّة الْوَدُود العدود على زَوجهَا الَّتِي إِذا غضب جَاءَت حَتَّى تضع يَدهَا فِي يَده ثمَّ تَقول: لَا أَذُوق غمضاً حَتَّى ترْضى

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لابنته: إِنِّي أبْغض أَن تكون الْمَرْأَة تَشْكُو زَوجهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لامْرَأَة عُثْمَان: أَي بنية أَنه لَا امْرَأَة لرجل لم تأت مَا يهوى وذمته فِي وَجهه وَإِن أمرهَا أَن تنْتَقل من جبل أسود إِلَى جبل أَحْمَر أَو من جبل أَحْمَر إِلَى جبل أسود فاستصلحي زَوجك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: النِّسَاء على ثَلَاثَة

ص: 517

أَصْنَاف: صنف كالوعاء تحمل وتضع وصنف كالبعير الجرب وصنف ودود ولود تعين زَوجهَا على إيمَانه خير لَهُ من الْكَنْز

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: النِّسَاء ثَلَاث: امْرَأَة عفيفة مسلمة هينة لينَة ودود ولود تعين أَهلهَا على الدَّهْر وَلَا تعين الدَّهْر على أَهلهَا وَقَلِيل مَا تجدها وَامْرَأَة وعَاء لم تزد على أَن تَلد الْوَلَد وثالثة غل قمل يَجْعَلهَا الله فِي عنق من يَشَاء وَإِذا أَرَادَ أَن يَنْزعهُ نَزعه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت يزِيد الْأَنْصَارِيَّة أَنَّهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بَين أَصْحَابه فَقَالَت: بِأبي أَنْت وَأمي إِنِّي وافدة النِّسَاء إِلَيْك وَأعلم نَفسِي - لَك الْفِدَاء - أَنه مَا من امْرَأَة كائنة فِي شَرق وَلَا غرب سَمِعت بمخرجي هَذَا إِلَّا وَهِي على مثل رَأْيِي إِن الله بَعثك بِالْحَقِّ إِلَى الرِّجَال وَالنِّسَاء فَآمَنا بك وبإلهك الَّذِي أرسلك وَإِنَّا معشر النِّسَاء محصورات مقصورات قَوَاعِد بُيُوتكُمْ ومقضى شهواتكم وحاملات أَوْلَادكُم وَإِنَّكُمْ معاشر الرِّجَال فضلْتُمْ علينا بِالْجمعَةِ وَالْجَمَاعَات وعيادة المرضى وشهود الْجَنَائِز وَالْحج بعد الْحَج وَأفضل من ذَلِك الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَإِن الرجل مِنْكُم إِذا خرج حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو مرابطاً حفظنا لكم أَمْوَالكُم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أَمْوَالكُم فَمَا نشارككم فِي الْأجر يَا رَسُول الله فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابه بِوَجْهِهِ كُله ثمَّ قَالَ: هَل سَمِعْتُمْ مقَالَة امْرَأَة قطّ أحسن من مسساءلتها فِي أَمر دينهَا من هَذِه فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا ظننا أَن امْرَأَة تهتدي إِلَى مثل هَذَا فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا ثمَّ قَالَ لَهَا: انصرفي أيتها الْمَرْأَة وأعلمي من خَلفك من النِّسَاء إِن حسن تبعل إحداكن لزَوجهَا وطلبها مرضاته واتباعها مُوَافَقَته يعدل ذَلِك كُله

فأدبرت الْمَرْأَة وَهِي تهلل وتكبر استبشاراً

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: جَاءَ النِّسَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله ذهب الرِّجَال بِالْفَضْلِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل الله أفما لنا عمل ندرك بِهِ عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مهنة إحداكن فِي بَيتهَا تدْرك عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَيّمَا امْرَأَة باتت وَزوجهَا عَنْهَا رَاض دخلت الْجنَّة

وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: مر بِنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنحن فِي نسْوَة

ص: 518

فَسلم علينا فَقَالَ: إياكن وكفران المنعمين

قُلْنَا يَا رَسُول الله وَمَا كفران المنعمين قَالَ: لَعَلَّ إحداكن تطول أيمتها بَين أَبَوَيْهَا وتعنس فيرزقها الله زوجا ويزرقها مِنْهُ مَالا وَولدا فتغضب الغضبة فَتَقول: مَا رَأَيْت مِنْهُ خيرا قطّ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد مُنْقَطع عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُفٍّ للحمام حجاب لَا يستر وَمَاء لَا يطهر وَلَا يحل لرجل أَن يدْخلهُ إِلَّا بمنديل مر الْمُسلمين لَا يفتنوا نِسَاءَهُمْ {الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء} علموهن ومروهن بالتسبيح

وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْن لَهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: حاملات والدات رحيمات لَوْلَا مَا يَأْتِين إِلَى أَزوَاجهنَّ لدخل مصلياتهن الْجنَّة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت امْرَأَة: يَا رَسُول الله مَا جَزَاء غَزْوَة الْمَرْأَة قَالَ: طَاعَة الزَّوْج واعتراف بِحقِّهِ

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي النِّسَاء خير قَالَ: الَّتِي تسرهُ إِذا نظر وَلَا تعصيه إِذا أَمر وَلَا تخَالفه بِمَا يكره فِي نَفسهَا وَمَاله

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ أَنه أَتَى الشَّام فَرَأى النَّصَارَى يَسْجُدُونَ لأساقفتهم وَرُهْبَانهمْ وَرَأى الْيَهُود يَسْجُدُونَ لأحبارهم وربانهم فَقَالَ: لأي شَيْء تَفْعَلُونَ هَذَا قَالُوا: هَذَا تَحِيَّة الْأَنْبِيَاء

قلت: فَنحْن أَحَق أَن نصْنَع بنبينا فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُم كذبُوا على أَنْبِيَائهمْ كَمَا حرَّفوا كِتَابهمْ لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا وَلَا تَجِد امْرَأَة حلاوة الْإِيمَان حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا وَلَو سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا أزداد بِهِ يَقِينا فَقَالَ: ادْع تِلْكَ الشَّجَرَة فَدَعَا بهَا فَجَاءَت حَتَّى سلمت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَالَ لَهَا: ارجعي فَرَجَعت

قَالَ: ثمَّ أذن لَهُ فَقبل رَأسه وَرجلَيْهِ وَقَالَ: لَو كنت آمراً أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اثْنَان لَا تجَاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من موَالِيه حَتَّى يرجع وَامْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا حَتَّى ترجع

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول

ص: 519

الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَة لَا تجَاوز صلَاتهم آذانهم: العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَنْهَا ساخط وَإِمَام قوم وهم لَهُ كَارِهُون

وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل أَنه قدم الْيمن فَسَأَلته امْرَأَة مَا حق الْمَرْء على زَوجته فَإِنِّي تركته فِي الْبَيْت شَيخا كَبِيرا فَقَالَ: وَالَّذِي نفس معَاذ بِيَدِهِ لَو أَنَّك ترجعين إِذا رجعت إِلَيْهِ فَوجدت الجذام قد خرق لَحْمه وخرق مَنْخرَيْهِ فَوجدت مَنْخرَيْهِ يسيلان قَيْحا ودماً ثمَّ ألقمتيهما فَاك لكيما تبلغي حَقه مَا بلغت ذَاك أبدا

وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يصلح لبشر أَن يسْجد لبشر وَلَو صلح أَن يسْجد بشر لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا

وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن من قدمه إِلَى مفرق رَأسه قرحَة تنبجس بالقيح والصديد ثمَّ أَقبلت تلحسه مَا أدَّت حَقه

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس أَن رجلا انْطلق غازياً وَأوصى امْرَأَته لَا تنزل من فَوق الْبَيْت فَكَانَ والدها فِي أَسْفَل الْبَيْت فاشتكى أَبوهَا فَأرْسلت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تخبره وتستأمره فَأرْسل إِلَيْهَا إتقي الله وأطيعي زَوجك

ثمَّ إِن والدها توفّي فَأرْسل إِلَيْهِ تستأمره فَأرْسل إِلَيْهَا مثل ذَلِك

وَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَصلى عَلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهَا أَن الله قد غفر لأَبِيك بطواعيتك لزوجك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن المصطلق قَالَ: كَانَ يُقَال أَشد النَّاس عذَابا اثْنَان: امْرَأَة تَعْصِي زَوجهَا وَإِمَام قوم وهم لَهُ كَارِهُون

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا أَتَى بابنته إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن ابْنَتي هَذِه أَبَت أَن تتزوّج فَقَالَ لَهَا: أطيعي أَبَاك

فَقَالَت: لَا

حَتَّى تُخبرنِي مَا حق الزَّوْج على زَوجته

فَقَالَ: حق الزَّوْج على زَوجته إِن لَو كَانَ بِهِ قرحَة فلحستها أَو ابتدر منخراه صديدا ودماً ثمَّ لحسته مَا أدَّت حَقه

فَقَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَتزوّج أبدا

فَقَالَ: لَا تنكحوهن إِلَّا بإذنهن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَنْبَغِي لشَيْء أَن يسْجد لشَيْء وَلَو كَانَ ذَلِك لَكَانَ النِّسَاء يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو كنت آمرا أحدا لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَلَو أَن رجلا أَمر

ص: 520

امْرَأَته أَن تنْتَقل من جبل أَحْمَر إِلَى جبل أسود أَو من جبل أسود إِلَى جبل أَحْمَر كَانَ نولها أَن تفعل

وَأخرج ابْن شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: يَا معشر النِّسَاء لَو تعلمن حق أزواجكن عليكن لجعلت الْمَرْأَة مِنْكُن تمسح الْغُبَار عَن وَجهه بَحر وَجههَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: لَو أَن امْرَأَة مصت أنف زَوجهَا من الجذام حَتَّى تَمُوت مَا أدَّت حَقه

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {واللاتي تخافون نشوزهن} قَالَ: تِلْكَ الْمَرْأَة تنشز وتستخف بِحَق زَوجهَا وَلَا تطيع أمره فَأمره الله أَن يعظها ويذكرها بِاللَّه ويعظم حَقه عَلَيْهَا فَإِن قبلت وَإِلَّا هجرها فِي المضجع وَلَا يكلمها من غير أَن يذر نِكَاحهَا وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيد

فَإِن رجعت وَإِلَّا ضربهَا ضربا غير مبرح وَلَا يكسر لَهَا عظما وَلَا يجرح بهَا جرحا {فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} يَقُول: إِذا أَطَاعَتك فَلَا تتجن عَلَيْهَا الْعِلَل

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ نشوزهم قَالَ: بغضهن

وَأخرج عَن ابْن زيد قَالَ: النُّشُوز: مَعْصِيَته وخلافه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن} قَالَ: إِذا نشزت الْمَرْأَة عَن فرَاش زَوجهَا يَقُول لَهَا: اتقِي الله وارجعي إِلَى فراشك فَإِن أَطَاعَته فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {واللاتي تخافون نشوزهن} قَالَ: الْعِصْيَان {فعظوهن} قَالَ: بِاللِّسَانِ {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا يكلمها {واضربوهن} ضربا غير مبرح {فَإِن أطعنكم} قَالَ: إِن جَاءَت إِلَى الْفراش {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} قَالَ: لَا تلمها ببغضها إياك فَإِن البغض أَنا جعلته فِي قَلبهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فعظوهن} قَالَ: بِاللِّسَانِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن لَقِيط بن صبرَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِن لي امْرَأَة فِي لسانها شَيْء - يَعْنِي الْبذاء - قَالَ طَلقهَا

قلت: إِن لي مِنْهَا ولدا وَلها صُحْبَة

قَالَ: فَمُرْهَا - يَقُول عظها - فَإِن يَك فِيهَا خير فستقبل وَلَا تضربن ظعينتك ضربك أمتك

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي حرَّة الرقاشِي عَن عَمه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 521

قَالَ: فَإِن خِفْتُمْ نشوزهن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع - قَالَ حَمَّاد: يَعْنِي النِّكَاح

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا يُجَامِعهَا

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} يَعْنِي بالهجران أَن يكون الرجل وَالْمَرْأَة على فرَاش وَاحِد لَا يُجَامِعهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا يقربهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا تضاجعها فِي فراشك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: يهجرها بِلِسَانِهِ ويغلظ لَهَا بالْقَوْل وَلَا يدع جِمَاعهَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: الْكَلَام والْحَدِيث وَلَيْسَ بِالْجِمَاعِ

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: يرقد عِنْدهَا ويوليها ظَهره ويطؤها وَلَا يكلمها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن} قَالَ: يفعل بهَا ذَاك ويضربها حَتَّى تُطِيعهُ فِي الْمضَاجِع فَإِن أَطَاعَته فِي المضجع فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذا ضاجعته

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الهجران حَتَّى تضاجعه فَإِذا فعلت فَلَا يكلفها أَن تحبه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَوْله {واضربوهن} قَالَ: ضربا غير مبرح

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اضربوهن إِذا عصينكم فِي الْمَعْرُوف ضربا غير مبرح

وَأخرج ابْن جرير عَن حجاج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تهجروا النِّسَاء إِلَّا فِي الْمضَاجِع واضربوهن إِذا عصينكم فِي الْمَعْرُوف ضربا غير مبرح

يَقُول: غير مؤثِّر

ص: 522

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: مَا الضَّرْب غير المبرح قَالَ: بِالسِّوَاكِ وَنَحْوه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِيَاس بن عبد الله ابْن أبي ذئاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تضربوا إِمَاء الله

فَقَالَ عمر: ذئر النِّسَاء على أَزوَاجهنَّ فَرخص فِي ضربهن

فأطاف بآل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نسَاء كثير يشكين أَزوَاجهنَّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ أُولَئِكَ خياركم

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم كُلْثُوم بنت أبي بكر قَالَت: كَانَ الرِّجَال نهوا عَن ضرب النِّسَاء ثمَّ شكوهن إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فخلى بَينهم وَبَين ضربهن ثمَّ قَالَ: وَلنْ يضْرب خياركم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن زَمعَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أيضرب أحدكُم امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد ثمَّ يُجَامِعهَا فِي آخر الْيَوْم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أما يستحي أحدكُم أَن يضْرب امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد يضْربهَا أول النَّهَار ثمَّ يضاجعها آخِره

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَنه شهد حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ ثمَّ قَالَ: أَي يَوْم أحرم أَي يَوْم أحرم أَي يَوْم أحرم

فَقَالَ النَّاس: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَا رَسُول الله

قَالَ: فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ واعراضكم عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا فِي شهركم هَذَا أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه أَلا وَلَا يجني وَالِد على وَلَده وَلَا ولد على وَالِده إِلَّا إِن الْمُسلم أَخُو الْمُسلم فَلَيْسَ يحل لمُسلم من أَخِيه شَيْء إِلَّا مَا أحل من نَفسه أَلا وَإِن كل رَبًّا فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع لكم رُؤُوس أَمْوَالكُم لَا تظْلمُونَ وَلَا تظْلمُونَ غير رَبًّا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَإِنَّهُ مَوْضُوع كُله وَإِن كل دم فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع وَأول دم أَضَع من دم الْجَاهِلِيَّة دم الْحَارِث بن عبد الْمطلب كَانَ مسترضعاً فِي بني لَيْث فَقتلته هُذَيْل أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّمَا هن عوان عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح {فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} أَلا وَإِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا

فَأَما حقكم على

ص: 523

نِسَائِكُم فَلَا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ لمن تَكْرَهُونَ وَإِن من حقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يسْأَل الرجل فيمَ ضرب امْرَأَته وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} قَالَ: لَا تلمها ببغضها إياك فَإِن البغض أَنا جعلته فِي قَلبهَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن سُفْيَان {فَإِن أطعنكم} قَالَ: إِن أَتَت الْفراش وَهِي تبْغضهُ {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} لَا يكلفها أَن تحبه لِأَن قَلبهَا لَيْسَ فِي يَديهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَأَبت فَبَاتَ غَضْبَان لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن طلق بن عَليّ سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته لِحَاجَتِهِ فلتجبه وَإِن كَانَت على التَّنور

وَأخرج ابْن سعد عَن طلق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تمنع امْرَأَة زَوجهَا وَلَو كَانَت على ظهر قتب

الْآيَة 35

ص: 524

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا} هَذَا الرجل وَالْمَرْأَة إِذا تفاسد الَّذِي بَينهمَا أَمر الله أَن يبعثوا رجلا صَالحا من أهل الرجل ورجلاً مثله من أهل الْمَرْأَة فينظران أَيهمَا الْمُسِيء فَإِن كَانَ الرجل هُوَ الْمُسِيء حجبوا عَنهُ امْرَأَته وقصروه على النَّفَقَة وَإِن كَانَت الْمَرْأَة هِيَ المسيئة قصروها على زَوجهَا ومنعوها النَّفَقَة فَإِن اجْتمع رأيهما على أَن يفرقا أَو يجمعا فَأَمرهمَا جَائِز فَإِن رَأيا أَن يجمعا فَرضِي أحد الزَّوْجَيْنِ وَكره ذَلِك الآخر ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا فَإِن الَّذِي رَضِي يَرث الَّذِي كره وَلَا يَرث الكاره الراضي

ص: 524

{إِن يريدآ إصلاحا} قَالَ: هما الحكمان {يوفق الله بَينهمَا} وَكَذَلِكَ كل مصلح يوفقه الله للحق وَالصَّوَاب

وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: جَاءَ رجل وَامْرَأَة إِلَى عَليّ وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام من النَّاس فَأَمرهمْ عَليّ فبعثوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا ثمَّ قَالَ لِلْحكمَيْنِ: تدريان مَا عَلَيْكُمَا عَلَيْكُمَا إِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا أَن تجمعَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا أَن تفَرقا

قَالَت الْمَرْأَة: رضيت بِكِتَاب الله بِمَا عليَّ فِيهِ ولي

وَقَالَ الرجل: أما الْفرْقَة فَلَا

فَقَالَ عَليّ: كذبت وَالله حَتَّى تقر بِمثل الَّذِي أقرَّت بِهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يعظها فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا هجرها فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا ضربهَا فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا رفع أمرهَا إِلَى السُّلْطَان فيبعث حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا فَيَقُول الحكم الَّذِي من أَهلهَا: تفعل بهَا كَذَا

وَيَقُول الحكم الَّذِي من أَهله: تفعل بِهِ كَذَا

فَأَيّهمَا كَانَ الظَّالِم رده السُّلْطَان وَأخذ فَوق يَدَيْهِ وَإِن كَانَت الْمَرْأَة أمره أَن يخلع

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن الْحكمَيْنِ اللَّذين فِي الْقُرْآن فَقَالَ: يبْعَث حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا يكلمون أَحدهمَا ويعظونه فَإِن رَجَعَ وَإِلَّا كلموا الآخر ووعظوه فَإِن رَجَعَ وَإِلَّا حكما فَمَا حكما من شَيْء فَهُوَ جَائِز

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعثت أَنا وَمُعَاوِيَة حكمين فَقيل لنا: إِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا جَمعْتُمَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا فَرَّقْتُمَا

وَالَّذِي بعثهما عُثْمَان

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا يبْعَث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظَّالِم بظلمه وَأما الْفرْقَة فَلَيْسَتْ بأيديهما

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة

نَحوه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {واللاتي تخافون نشوزهن} قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تنشز على زَوجهَا فلزوجها أَن يخلعها حِين

ص: 525

يَأْمر الحكمان بذلك وَهُوَ بَعْدَمَا تَقول لزَوجهَا: وَالله لَا أبر لَك قسما وَلَا أدبر فِي بَيْتك بِغَيْر أَمرك

وَيَقُول السُّلْطَان: لَا نجيز لَك خلعاً حَتَّى تَقول الْمَرْأَة لزَوجهَا: وَالله لَا أَغْتَسِل لَك من جَنَابَة وَلَا أقيم لله صَلَاة فَعِنْدَ ذَلِك يُجِيز السُّلْطَان خلع الْمَرْأَة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب يبْعَث الْحكمَيْنِ حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا فَيَقُول الحكم من أَهلهَا: يَا فلَان مَا تنقم من زَوجتك فَيَقُول أَنْقم مِنْهَا كَذَا وَكَذَا

فَيَقُول أَرَأَيْت إِن نزعت عَمَّا تكره إِلَى مَا تحب هَل أَنْت متقي الله فِيهَا ومعاشرها بِالَّذِي يحِق عَلَيْك فِي نَفَقَتهَا وكسوتها فَإِذا قَالَ: نعم

قَالَ الحكم من أَهله: يَا فُلَانَة مَا تنقمين من زَوجك فَتَقول مثل ذَلِك

فَإِن قَالَت: نعم

جمع بَينهمَا

وَقَالَ عَليّ: الحكمان بهما يجمع الله وَبِهِمَا يفرق

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: إِذا حكم أحد الْحكمَيْنِ وَلم يحكم الآخر فَلَيْسَ حكمه بِشَيْء حَتَّى يجتمعا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {إِن يريدا إصلاحاً يوفق الله بَينهمَا} قَالَ: هما الحكمان

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِن يريدا إصلاحاً} قَالَ: أما أَنه لَيْسَ بِالرجلِ وَالْمَرْأَة وَلكنه الحكمان {يوفق الله بَينهمَا} قَالَ: بَين الْحكمَيْنِ

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {إِن يريدا إصلاحاً} قَالَ: هما الحكمان إِذا نصحا الْمَرْأَة وَالرجل جَمِيعًا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِن الله كَانَ عليماً خَبِيرا} قَالَ: بمكانهما

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَت: مَا حق الزَّوْج على امْرَأَته فَقَالَ: لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَإِن كَانَت على ظهر قتب وَلَا تُعْطِي من بَيته شَيْئا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت ذَلِك كَانَ لَهُ الْأجر وَعَلَيْهَا الْوزر

وَلَا تَصُوم يَوْمًا تَطَوّعا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت أثمت وَلم تؤجر وَلَا تخرج من بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت لعنتها الْمَلَائِكَة مَلَائِكَة الْغَضَب وملائكة الرَّحْمَة حَتَّى تتوب أَو تراجع

قيل فَإِن كَانَ ظَالِما قَالَ: وَإِن كَانَ ظَالِما

ص: 526

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: لما اعتزلت الحرورية فَكَانُوا فِي وَاد على حدتهم قلت لعَلي: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أبرد عَن الصَّلَاة لعلِّي آتِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم فأكلمهم فأتيتهم ولبست أحسن مَا يكون من الْحلَل فَقَالُوا: مرْحَبًا بك يَا ابْن عَبَّاس فَمَا هَذِه الْحلَّة قَالَ: مَا تعيبون عليّ

لقد رَأَيْت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الْحلَل وَنزل (قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق)(الْأَعْرَاف الْآيَة 32) قَالُوا فَمَا جَاءَ بك قلت: أخبروني مَا تَنْقِمُونَ على ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَخَتنه وأوّل من آمن بِهِ وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَه قَالُوا: ننقم عَلَيْهِ ثَلَاثًا: قلت مَا هن قَالُوا أولهنَّ أَنه حكم الرِّجَال فِي دين الله وَقد قَالَ الله تَعَالَى (إِن الحكم إِلَّا لله)(الْأَنْعَام الْآيَة 57) قلت: وماذا قَالُوا: وَقَاتل وَلم يسب وَلم يغنم لَئِن كَانُوا كفَّارًا لقد حلت لَهُ أَمْوَالهم وَلَئِن كَانُوا مُؤمنين لقد حرمت عَلَيْهِ دِمَائِهِمْ

قلت: وماذا قَالُوا: ومحا اسْمه من أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن لم يكن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَهُوَ أَمِير الْكَافرين

قلت: أَرَأَيْتُم إِن قَرَأت عَلَيْكُم من كتاب الله الْمُحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم مَا لَا تشكون أترجعون قَالُوا: نعم

قلت: أما قَوْلكُم أَنه حكم للرِّجَال فِي دين الله فَإِن الله تَعَالَى يَقُول (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم) إِلَى قَوْله (يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم)(الْمَائِدَة الْآيَة 95) وَقَالَ فِي الْمَرْأَة وَزوجهَا {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا} أنْشدكُمْ الله أَفَحكم الرِّجَال فِي حقن دِمَائِهِمْ وأنفسهم وَصَلَاح ذَات بَينهم أَحَق أم فِي أرنب فِيهَا ربع دِرْهَم قَالُوا اللَّهُمَّ فِي حقن دِمَائِهِمْ وَصَلَاح ذَات بَينهم

قَالَ: أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ

ص: 527

نعم

وَأما قَوْلكُم أَنه قَاتل وَلم يسب وَلم يغنم أتسبون أمكُم أم تستحلون مِنْهَا مَا تستحلون من غَيرهَا فقد كَفرْتُمْ وخرجتم من الْإِسْلَام إِن الله تَعَالَى يَقُول (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم)(الْأَحْزَاب الْآيَة 6) وَأَنْتُم تترددون بَين ضلالتين فَاخْتَارُوا أَيَّتهمَا شِئْتُم أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم

وَأما قَوْلكُم محا اسْمه من أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دَعَا قُريْشًا يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن يكْتب بَينه وَبينهمْ كتابا فَقَالَ: اكْتُبْ: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالُوا: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت وَلَا قَاتَلْنَاك وَلَكِن اكْتُبْ مُحَمَّد بن عبد الله فَقَالَ: وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَإِن كذبتموني اكْتُبْ يَا عَليّ مُحَمَّد بن عبد الله وَرَسُول الله كَانَ أفضل من عَليّ أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم

فَرجع مِنْهُم عشرُون ألفا وَبَقِي مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف فَقتلُوا

الْآيَة 36

ص: 528

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَنا وكافل الْيَتِيم فِي الْجنَّة كهاتين

وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى

وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من مسح رَأس يَتِيم لم يمسحه إِلَّا لله كَانَ لَهُ بِكُل شَعْرَة مرت عَلَيْهَا يَده حَسَنَات وَمن أحسن إِلَى يتيمة أَو يَتِيم عِنْده كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين

وَقرن بَين إصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن عَمْرو بن مَالك الْقشيرِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَقُول من أعتق رَقَبَة مسلمة فَهِيَ فداؤه من النَّار مَكَان كل عظم محرره بِعظم من عِظَامه وَمن أدْرك أحد وَالِديهِ ثمَّ لم يغْفر لَهُ فَأَبْعَده الله وَمن ضم يَتِيما من أبوين مُسلمين إِلَى طَعَامه وَشَرَابه حَتَّى يُغْنِيه الله وَجَبت لَهُ الْجنَّة

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أحسن إِلَى يَتِيم أَو يتيمة كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين

وَقرن بَين إصبعيه

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أم سعد بنت مرّة الفهرية عَن أَبِيهَا قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: أَنا وكافل الْيَتِيم لَهُ أَو لغيره إِذا اتَّقى الله فِي الْجنَّة كهاتين أَو كهذه من هَذِه

ص: 528

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى} يَعْنِي الَّذِي بَيْنك وَبَينه قرَابَة {وَالْجَار الْجنب} يَعْنِي الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَينه قرَابَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن نوف الشَّامي فِي قَوْله {وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى} قَالَ: الْمُسلم {وَالْجَار الْجنب} قَالَ: الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فليحسن إِلَى جَاره

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عمر: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: كم من جَار مُتَعَلق بجاره يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: يَا رب هَذَا أغلق بَابه دوني فَمنع معروفه

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن فُلَانَة تقوم اللَّيْل وتصوم النَّهَار وَتفعل وَتصدق وتؤذي جِيرَانهَا بلسانها

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا خير فِيهَا هِيَ من أهل النَّار

قَالُوا: وفلانة تصلي الْمَكْتُوبَة وتصوم رَمَضَان وَتصدق بأثوار وَلَا تؤذي أحدا

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هِيَ من أهل الْجنَّة

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله إِن لي جارين فَإلَى أَيهمَا أهدي قَالَ: إِلَى أقربهما مِنْك بَابا

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَا يبْدَأ بجاره الْأَقْصَى قبل الْأَدْنَى وَلَكِن يبْدَأ بالأدنى قبل الْأَقْصَى

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن الْجَار فَقَالَ: أَرْبَعِينَ دَارا أَمَامه وَأَرْبَعين خَلفه وَأَرْبَعين عَن يَمِينه وَأَرْبَعين عَن يسَاره

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِن لي جاراً يُؤْذِينِي

فَقَالَ: انْطلق فَأخْرج متاعك إِلَى الطَّرِيق

فَانْطَلق فَأخْرج مَتَاعه فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فَقَالُوا: مَا شَأْنك قَالَ: لي

ص: 529

جَار يُؤْذِينِي

فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: انْطلق فَأخْرج متاعك إِلَى الطَّرِيق فَجعلُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ العنه اللَّهُمَّ أخزه فَبَلغهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: ارْجع إِلَى مَنْزِلك فوَاللَّه لَا أؤذيك أبدا

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: شكا رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَاره فَقَالَ: احْمِلْ متاعك فضعه على الطَّرِيق فَمن مر بِهِ يلعنه

فَجعل كل من يمر بِهِ يلعنه فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا لقِيت من لعنة النَّاس فَقَالَ: إِن لعنة الله فَوق لعنتهم وَقَالَ للَّذي شكا: كفيت أَو نَحوه

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ثَوْبَان قَالَ: مَا من جَار يظلم جَاره ويقهره حَتَّى يحملهُ ذَلِك على أَن يخرج من منزله إِلَّا هلك

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَالله لَا يُؤمن وَالله لَا يُؤمن وَالله لَا يُؤمن

قَالُوا: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: جَار لَا يَأْمَن جَاره بوائقه

قَالُوا فَمَا بوائقه قَالَ: شَره

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ بؤمن من لَا يَأْمَن جَاره غوائله

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا إِن الله قسم بَيْنكُم أخلاقكم كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم وَإِن الله يُعْطي المَال من يحب وَمن لَا يحب وَلَا يُعْطي الْإِيمَان إِلَّا من يحب فَمن أعطَاهُ الْإِيمَان فقد أحبه وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يسلم عبد حَتَّى يسلم قلبه وَلَا يُؤمن حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا يشْبع الرجل دون جَاره

وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُوصي بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه

وَأخرج أَحْمد من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: خرجت من أَهلِي أُرِيد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَإِذا بِهِ قَائِم وَرجل مَعَه مقبل عَلَيْهِ فَظَنَنْت أَن لَهما حَاجَة

فَلَمَّا انْصَرف قلت: يَا رَسُول الله لقد قَامَ بك هَذِه الرجل حَتَّى جعلت أرثي لَك من طول الْقيام

قَالَ: أوقد رَأَيْته قلت: نعم

قَالَ: أَتَدْرِي من هُوَ قلت: لَا

قَالَ:

ص: 530

ذَاك جِبْرِيل مَا زَالَ يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه ثمَّ قَالَ: أما أَنَّك لَو سلمت رد عَلَيْك السَّلَام

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَوْصَانِي جِبْرِيل بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَار سوء فِي دَار المقامة فَإِن جَار الْبَادِيَة يتَحَوَّل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي لبَابَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا قَلِيل من أَذَى جَاره

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه: مَا تَقولُونَ فِي الزِّنَا قَالُوا: حرمه الله وَرَسُوله فَهُوَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لِأَن يَزْنِي الرجل بِعشر نسْوَة أيسر عَلَيْهِ من أَن يَزْنِي بِامْرَأَة جَاره وَقَالَ مَا تَقولُونَ فِي السّرقَة قَالُوا: حرمهَا الله وَرَسُوله فَهِيَ حرَام

قَالَ: لِأَن يسرق الرجل من عشرَة أَبْيَات أيسر عَلَيْهِ من أَن يسرق من جَاره

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {والصاحب بالجنب} قَالَ: الرفيق فِي السّفر

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد

مثله

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {والصاحب بالجنب} قَالَ: هُوَ جليسك فِي الْحَضَر ورفيقك فِي السّفر وامرأتك الَّتِي تضاجعك

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن أبي فديك عَن فلَان بن عبد الله عَن الثِّقَة عِنْده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعَه رجل من أَصْحَابه وهما على راحلتين فَدخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي غيضة طرفاء فَقطع نصلين أَحدهمَا معوج وَالْآخر معتدل فَخرج بهما فَأعْطى صَاحبه المعتدل وَأخذ لنَفسِهِ المعوج فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله أَنْت

ص: 531

أَحَق بالمعتدل مني فَقَالَ: كلا يَا فلَان إِن كل صَاحب يصحب صاحباً مسؤول عَن صحابته وَلَو سَاعَة من نَهَار

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: خير الْأَصْحَاب عِنْد الله خير هم لصَاحبه وَخير الْجِيرَان عِنْد الله خَيرهمْ لجاره

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ فِي قَوْله {والصاحب بالجنب} قَالَ: الْمَرْأَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود

مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس

مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: مِمَّا خوّلك الله فَأحْسن صحبته كل هَذَا أوصى الله بِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} يَعْنِي من عبيدكم وَإِمَائِكُمْ يُوصي الله بهم خيرا أَن تُؤَدُّوا إِلَيْهِم حُقُوقهم الَّتِي جعل الله لَهُم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن إخْوَانكُمْ خولكم جعلهم الله تَحت أَيْدِيكُم فَمن كَانَ أَخُوهُ تَحت يَدَيْهِ فليطعمه مِمَّا يَأْكُل وليلبسه مِمَّا يلبس وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ فَإِن كلفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ فَأَعِينُوهُمْ

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُوصي بالمملوكين خيرا وَيَقُول: أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم من لبوسكم وَلَا تعذبوا خلق الله

وَأخرج ابْن سعد عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه رؤى عَلَيْهِ برد وثوب أَبيض وعَلى غُلَامه برد وثوب أَبيض

فَقيل لَهُ

فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: اكسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ قَالَ: كَانَ آخر كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم: الصَّلَاة الصَّلَاة اتَّقوا الله فِيمَا ملكت أَيْمَانكُم

وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي رَافع قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول: الله الله وَمَا

ص: 532

ملكت أَيْمَانكُم وَالصَّلَاة

فَكَانَ ذَلِك آخر مَا تكلم بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أم سَلمَة قَالَت: كَانَت عَامَّة وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد مَوته: الصَّلَاة الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم حَتَّى يلجلجها فِي صَدره وَمَا يفِيض بهَا لِسَانه

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن أنس قَالَ: كَانَت عَامَّة وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين حَضَره الْمَوْت: الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم حَتَّى جعل يغرغرها فِي صَدره وَمَا يفِيض بهَا لِسَانه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: للمملوك طَعَامه وَكسوته وَلَا يُكَلف من الْعَمَل إِلَّا مَا يُطيق

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الْفَقِير عِنْد الْغَنِيّ فتْنَة وَإِن الضَّعِيف عِنْد الْقوي فتْنَة وَإِن الْمَمْلُوك عِنْد المليك فتْنَة فليتق الله وليكلفه مَا يَسْتَطِيع فَإِن أمره أَن يعْمل بِمَا لَا يَسْتَطِيع فليعنه عَلَيْهِ فَإِن لم يفعل فَلَا يعذبه

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من لاءمكم من خدمكم فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَمن لَا يلائمكم مِنْهُم فبيعوهم وَلَا تعذبوا خلق الله

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن رَافع بن مكيث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سوء الْخلق شُؤْم وَحسن الملكة نَمَاء وَالْبر زِيَادَة فِي الْعُمر وَالصَّدَََقَة تدفع ميتَة السوء

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة سيء الملكة

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله كم نعفو عَن العَبْد فِي الْيَوْم قَالَ: سبعين مرّة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا ضرب أحدكُم خادمه فَذكر الله فليمسك

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تضربوا الرَّقِيق فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ مَا توافقون

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا حق

ص: 533

امْرَأَتي عليّ قَالَ: تطعمها مِمَّا تَأْكُل وتكسوها مِمَّا تكتسي قَالَ: فَمَا حق جاري عليّ قَالَ: تنوسه مَعْرُوفك وتكف عَنهُ أذاك

قَالَ: فَمَا حق خادمي عليّ قَالَ: هُوَ أَشد الثَّلَاثَة عَلَيْك يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن سعد وَأحمد عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع: أَرِقَّاءَكُم أَرِقَّاءَكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ وَإِن جاؤوا بذنب لَا تُرِيدُونَ أَن تغفروه فبيعوا عباد الله وَلَا تعذبوهم كَذَا قَالَ ابْن سعد عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب وَقَالَ عبد الرَّزَّاق وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن دَاوُد بن أبي عَاصِم قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: صه اطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط مَا فِي السَّمَاء مَوضِع كف - أَو قَالَ شبر - إِلَّا عَلَيْهِ ملك ساجد فَاتَّقُوا الله وأحسنوا إِلَى مَا ملكت أَيْمَانكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَإِن جاؤوا بِشَيْء من أَخْلَاقهم يُخَالف شَيْئا من أخلاقكم فَوَلوا شرهم غَيْركُمْ وَلَا تعذبوا عباد الله

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَهُوَ يضْرب خادمه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالله لله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا

قَالَ: وَنهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يمثل الرجل بِعَبْدِهِ فيعور أَو يجدع

قَالَ: أشبعوهم وَلَا تجيعوهم وَاكْسُوهُمْ وَلَا تعروهم

وَلَا وَلَا تكثروا ضَربهمْ فَإِنَّكُم مسؤولون عَنْهُم وَلَا تعذبوهم بِالْعَمَلِ فَمن كره عَبده فليبعه وَلَا يَجْعَل رزق الله عَلَيْهِ عناء

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم عَن زَاذَان قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد ابْن عمر فَدَعَا بِعَبْد لَهُ فَأعْتقهُ ثمَّ قَالَ: مَا لي من أجره مَا يزن هَذَا - وَأخذ شَيْئا بِيَدِهِ - إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من ضرب عبدا لَهُ حدا لم يَأْته أَو لطمه فَإِن كَفَّارَته أَن يعتقهُ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن سُوَيْد بن مقرن قَالَ: كُنَّا بني مقرن سَبْعَة على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلنَا خادمة لَيْسَ لنا غَيرهَا فلطمها أَحَدنَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أعتقوها

فَقُلْنَا: لَيْسَ لنا خَادِم غَيرهَا يَا رَسُول الله

فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: تخدمكم حَتَّى تستغنواعنها ثمَّ خلوا سَبِيلهَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن عمار بن يَاسر قَالَ: لَا يضْرب أحد عبدا لَهُ وَهُوَ ظَالِم لَهُ إِلَّا أقيد مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة

ص: 534

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَشد النَّاس على الرجل يَوْم الْقِيَامَة مَمْلُوكه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: بَينا أَنا أضْرب غُلَاما لي إِذْ سَمِعت صَوتا من ورائي فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَالله لله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا

فَحَلَفت أَن لَا أضْرب مَمْلُوكا لي أبدا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: بَينا رجل يضْرب غُلَاما لَهُ وَهُوَ يَقُول: أعوذ بِاللَّه وَهُوَ يضْرب إِذْ بصر برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أعوذ برَسُول الله

فَألْقى مَا كَانَ فِي يَده وخلى عَن العَبْد

فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أما وَالله لله أَحَق أَن يعاذ من استعاذ بِهِ مني فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله فَهُوَ لوجه الله

قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو لم تفعل لدافع وَجهك سفع النَّار

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن التَّيْمِيّ قَالَ: حَلَفت أَن أضْرب مَمْلُوكَة لي فَقَالَ لي أبي: إِنَّه قد بَلغنِي أَن النَّفس تَدور فِي الْبدن فَرُبمَا كَانَ قَرَارهَا الرَّأْس وَرُبمَا كَانَ قَرَارهَا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا - حَتَّى عدد مَوَاضِع - فَتَقَع الضَّرْبَة عَلَيْهَا فتتلف فَلَا تفعل

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي أَن أَبَا الدَّرْدَاء كَانَت لَهُم وليدة فلطمها ابْنه يَوْمًا لطمة فأقعده لَهَا وَقَالَ: اقتصي

فَقَالَت: قد عَفَوْت

فَقَالَ: إِن كنت عَفَوْت فاذهبي فادعي من هُنَاكَ من حرَام فأشهديهم أَنَّك قد عَفَوْت

فَذَهَبت فدعتهم فأشهدتهم أَنَّهَا قد عفت

فَقَالَ: اذهبي فَأَنت لله وليت آل أبي الدَّرْدَاء يَنْقَلِبُون كفافاً

وَأخرج أَحْمد عَن أبي قلَابَة قَالَ: دَخَلنَا على سلمَان وَهُوَ يعجن قُلْنَا: مَا هَذَا قَالَ: بعثنَا الْخَادِم فِي عمل فكرهنا أَن نجمع عَلَيْهَا عملين

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً} قَالَ: متكبراً {فخوراً} قَالَ: بَعْدَمَا أعطي وَهُوَ لَا يشْكر الله

وَأخرج أَبُو يعلى والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذا جمع الله النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد يَوْم الْقِيَامَة أَقبلت النَّار يركب بَعْضهَا بَعْضًا وخزنتها يكفونها وَهِي تَقول: وَعزة رَبِّي لتخلن بيني وَبَين أزواجي أَو لأغشين النَّاس عنقًا وَاحِدًا

فَيَقُولُونَ: وَمن أَزوَاجك

ص: 535

فَتَقول كل متكبر جَبَّار فَتخرج لسانها فتلقطهم بِهِ من بَين ظهراني النَّاس فتقذفهم فِي جوفها ثمَّ تستأخر ثمَّ تقبل يركب بَعْضهَا بَعْضًا وخزنتها يكفونها وَهِي تَقول: وَعزة رَبِّي لتخلن بيني وَبَين أزواجي أَو لأغشين النَّاس عنقًا وَاحِدًا

فَيَقُولُونَ وَمن أَزوَاجك فَتَقول كل مختال فخور فلتقطهم بلسانها من بَين ظهراني النَّاس فتقذفهم فِي جوفها ثمَّ تستأخر وَيَقْضِي الله بَين الْعباد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عتِيك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن من الْغيرَة مَا يحب الله وَمِنْهَا مَا يبغض الله وَإِن من الْخُيَلَاء مَا يحب الله وَمِنْهَا مَا يبغض الله

فَأَما الْغيرَة الَّتِي يجب الله فالغيرة فِي الرِّيبَة وَأما الْغيرَة الَّتِي يبغض الله فالغيرة فِي غير رِيبَة

وَأما الْخُيَلَاء الَّتِي يُحِبهَا الله فاختيال الرجل بِنَفسِهِ عِنْد الْقِتَال واختياله عِنْد الصَّدَقَة وَالْخُيَلَاء الَّتِي يبغض الله فاختيال الرجل بِنَفسِهِ فِي الْفَخر وَالْبَغي

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سليم الهُجَيْمِي قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض طرق الْمَدِينَة قلت: عَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول الله فَقَالَ: عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَيِّت سَلام عَلَيْكُم سَلام عَلَيْكُم سَلام عَلَيْكُم أَي هَكَذَا فَقل

قَالَ فَسَأَلته عَن الْإِزَار فأقنع ظَهره وَأخذ بمعظم سَاقه فَقَالَ: هَهُنَا ائتزر فَإِن أَبيت فههنا أَسْفَل من ذَلِك فَإِن أَبيت فههنا فَوق الْكَعْبَيْنِ فَإِن أَبيت فَإِن الله لَا يحب كل مختالٍ فخور

فَسَأَلته عَن الْمَعْرُوف فَقَالَ: لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا وَلَو أَن تُعْطِي صلَة الْحَبل وَلَو أَن تُعْطِي شسع النَّعْل وَلَو أَن تفرغ من دلوك فِي إِنَاء المستقي وَلَو أَن تنحي الشَّيْء من طَرِيق النَّاس يؤذيهم وَلَو أَن تلقى أَخَاك ووجهك إِلَيْهِ منطلق وَلَو أَن تلقى أَخَاك فتسلم عَلَيْهِ وَلَو أَن تؤنس الوحشان فِي الأَرْض وَإِن سبك رجل بِشَيْء يُعلمهُ فِيك وَأَنت تعلم فِيهِ نَحوه فَلَا تسبه فَيكون أجره لَك ووزره عَلَيْهِ وَمَا سَرَّ أُذُنك أَن تسمعه فاعمل بِهِ وَمَا سَاءَ أُذُنك أَن تسمعه فاجتنبه

وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مطرف بن عبد الله قَالَ: قلت لأبي ذَر: بَلغنِي أَنَّك تزْعم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدثكُمْ أَن الله يحب ثَلَاثَة وَيبغض ثَلَاثَة

قَالَ: أجل

قلت: من الثَّلَاثَة الَّذين يُحِبهُمْ الله قَالَ: رجل غزا فِي سَبِيل الله صَابِرًا محتسباً مُجَاهدًا فلقي الْعَدو فقاتل حَتَّى

ص: 536

قتل وَأَنْتُم تجدونه عنْدكُمْ فِي كتاب الله الْمنزل

ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة (إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بينان مرصوص)(الصَّفّ الْآيَة 4) وَرجل لَهُ جَار سوء يُؤْذِيه فَصَبر على آذاه حَتَّى يَكْفِيهِ الله إِمَّا بحياة وَإِمَّا بِمَوْت وَرجل سَافر مَعَ قوم فأدلجوا حَتَّى إِذا كَانُوا من آخر اللَّيْل وَقع عَلَيْهِم الْكرَى فَضربُوا رؤوسهم ثمَّ قَامَ فَتطهر رهبة لله ورغبة فِيمَا عِنْده

قلت: فَمن الثَّلَاثَة الَّذين يبغضهم الله قَالَ: المختال الفخور وَأَنْتُم تجدونه فِي كتاب الله الْمنزل ثمَّ تَلا {إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً} قلت: وَمن قَالَ: الْبَخِيل المنان

قلت: وَمن قَالَ: البَائِع الحلاف

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي رَجَاء الْهَرَوِيّ قَالَ: لَا تَجِد سيء الملكة إِلَّا وجدته مختالاً فخوراً وتلا {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً} وَلَا عاقاً إِلَّا وجدته جباراً شقياً وتلا (وَبرا بوالدتي وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً)(مَرْيَم الْآيَة 32)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَوام بن حَوْشَب

مثله

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ والباوردي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن رجل من بلجيم قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أوصني

قَالَ: إياك وإسبال الْإِزَار فَإِن إسبال الْإِزَار من المخيلة وَإِن الله لَا يحب المخيلة

وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً} فَذكر الْكبر فَعَظمهُ فَبكى ثَابت فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا يبكيك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لأحب الْجمال حَتَّى إِنَّه ليعجبني أَن يحسن شِرَاك نَعْلي

قَالَ: فَأَنت من أهل الْجنَّة إِنَّه لَيْسَ بِالْكبرِ أَن تحسن راحلتك ورحلك وَلَكِن الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس

وَأخرج أَحْمد عَن سَمُرَة بن فاتك أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: نعم الْفَتى سَمُرَة لَو أَخذ من لمنة وشمر من مِئْزَره

الْآيَات 37 - 39

ص: 537

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ كردم بن يزِيد حَلِيف كَعْب بن الْأَشْرَف وَأُسَامَة بن حبيب وَنَافِع بن أبي نَافِع وبحري بن عَمْرو وحيي بن أَخطب وَرِفَاعَة بن زيد بن التابوت يأْتونَ رجَالًا من الْأَنْصَار يتنصحون لَهُم فَيَقُولُونَ لَهُم: لَا تنفقوا أَمْوَالكُم فَإنَّا نخشى عَلَيْكُم الْفقر فِي ذهابها وَلَا تسارعوا فِي النَّفَقَة فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ مَا يكون

فَأنْزل الله فيهم {الَّذين يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل} إِلَى قَوْله {وَكَانَ الله بهم عليماً}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {الَّذين يَبْخلُونَ} قَالَ: هِيَ فِي أهل الْكتاب يَقُول: يكتمون ويأمرون النَّاس بِالْكِتْمَانِ

وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود بخلوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم وكتموا ذَلِك

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الَّذين يَبْخلُونَ} الْآيَة

قَالَ: نزلت فِي يهود

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {الَّذين يَبْخلُونَ} الْآيَة

قَالَ هَؤُلَاءِ يهود يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من الرزق ويكتمون مَا آتَاهُم الله من الْكتب إِذا سئلوا عَن الشَّيْء

وَأخرج ابْن أبي سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل يَبْخلُونَ بِمَا عِنْدهم من الْعلم وَينْهَوْنَ الْعلمَاء أَن يعلمُوا النَّاس شَيْئا فعيرهم الله بذلك فَأنْزل الله {الَّذين يَبْخلُونَ} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {الَّذين يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل} قَالَ: هَذَا فِي الْعلم لَيْسَ للدنيا مِنْهُ شَيْء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة

ص: 538

قَالَ: هم أَعدَاء الله أهل الْكتاب بخلوا بِحَق الله عَلَيْهِم وكتموا الْإِسْلَام ومحمداً وهم (يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل)(الْأَعْرَاف الْآيَة 157)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس قَالَ: الْبُخْل

أَن يبخل الإِنسان بِمَا فِي يَدَيْهِ وَالشح

أَن يشح على مَا فِي أَيدي النَّاس يحب أَن يكون لَهُ مَا فِي أَيدي النَّاس بِالْحلِّ وَالْحرَام لَا يقنع

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَمْرو بن عبيد أَنه قَرَأَ {ويأمرون النَّاس بالبخل}

وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن يعمر أَنه قَرَأَهَا {ويأمرون النَّاس بالبخل} بِنصب الْبَاء وَالْخَاء

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار أَن ابْن الزبير كَانَ يَقْرَأها {ويأمرون النَّاس بالبخل} بِنصب الْبَاء وَالْخَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم رئاء النَّاس} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود

الْآيَة 40

ص: 539

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} قَالَ: رَأس نملة خضراء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مِثْقَال ذرة} قَالَ: نملة

وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق عَطاء عَن عبد الله أَنه قَرَأَ إِن الله لَا يظلم مِثْقَال نملة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} قَالَ: وزن ذرة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَعْرَاب من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا

فَقَالَ

ص: 539

رجل: وَمَا للمهاجرين قَالَ {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} وَإِذا قَالَ الله لشَيْء عَظِيم فَهُوَ عَظِيم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة أَنه تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: لِأَن تفضل حسناتي على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَمُسلم وَابْن جرير عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله لَا يظلم الْمُؤمن حَسَنَة يُثَاب عَلَيْهَا الرزق فِي الدُّنْيَا ويجزى بهَا فِي الْآخِرَة وَأما الْكَافِر فيطعم بهَا فِي الدُّنْيَا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة لم تكن لَهُ حَسَنَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يخرج من النَّار من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْإِيمَان

قَالَ أَبُو سعيد: فَمن شكّ فليقرأ {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يُؤْتى بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة فينادي مُنَاد على رُؤُوس الْأَوَّلين والآخرين: هَذَا فلَان بن فلَان من كَانَ لَهُ حق فليأت إِلَى حَقه

فيفرح وَالله الْمَرْء أَن يَدُور لَهُ الْحق على وَالِده أَو وَلَده أَو زَوجته فَيَأْخذهُ مِنْهُ وَإِن كَانَ صَغِيرا ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله (فَإِذا نفخ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتسألون)(الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 101) فَيُقَال لَهُ: ائْتِ هَؤُلَاءِ حُقُوقهم فَيَقُول: أَي رب وَمن أَيْن وَقد ذهبت الدُّنْيَا فَيَقُول الله لملائكته: انْظُرُوا أَعماله الصَّالِحَة وأعطوهم مِنْهَا

فَإِن بَقِي مِثْقَال ذرة من حَسَنَة قَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا أعطينا كل ذِي حق حَقه وَبَقِي لَهُ مِثْقَال ذرة من حَسَنَة

فَيَقُول للْمَلَائكَة: ضعفوها لعبدي وأدخلوه بِفضل رَحْمَتي الْجنَّة ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} أَي الْجنَّة يُعْطِيهَا

وَإِن فنيت حَسَنَاته وَبقيت سيئاته قَالَت الْمَلَائِكَة: إلهنا فنيت حَسَنَاته وَبَقِي طالبون كثير

فَيَقُول الله: ضَعُوا عَلَيْهِ من أوزارهم واكتبوا لَهُ كتابا إِلَى النَّار

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِن تَكُ حَسَنَة} وزن ذرة زَادَت على سيئاته {يُضَاعِفهَا} فَأَما الْمُشرك فيخفف بِهِ عَنهُ الْعَذَاب وَلَا يخرج من النَّار أبدا

ص: 540

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي رَجَاء أَنه قَرَأَ: وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا بتثقيل الْعين

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان قَالَ: بَلغنِي عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: إِن الله يَجْزِي الْمُؤمن بِالْحَسَنَة ألف ألف حَسَنَة

فَأَتَيْته فَسَأَلته

قَالَ: نعم

وَألْفي ألف حَسَنَة وَفِي الْقُرْآن من ذَلِك {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا} فَمن يدْرِي مَا ذَلِك الإضعاف

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: لقِيت أَبَا هُرَيْرَة فَقلت لَهُ: بَلغنِي أَنَّك تَقول أَن الْحَسَنَة لتضاعف ألف ألف حَسَنَة قَالَ: وَمَا أعْجبك من ذَلِك فوَاللَّه لقد سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الله ليضاعف الْحَسَنَة ألفي ألف حَسَنَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة {وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} قَالَ: الْجنَّة

الْآيَة 41

ص: 541

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اقْرَأ عليَّ قلت: يَا رَسُول الله اقْرَأ عَلَيْك وَعَلَيْك أنزل قَالَ: نعم

إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي

فَقَرَأت سُورَة النِّسَاء حَتَّى أتيت على هَذِه الْآيَة {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} فَقَالَ: حَسبك الْآن

فَإِذا عَيناهُ تَذْرِفَانِ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن حُرَيْث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مَسْعُود: اقْرَأ

قَالَ: أَقرَأ وَعَلَيْك أنزل قَالَ: إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي

فَافْتتحَ سُورَة النِّسَاء حَتَّى بلغ {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد} الْآيَة

فاستعبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وكف عبد الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن مُحَمَّد بن فضَالة الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ مِمَّن صحب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَتَاهُم فِي نَبِي ظفر وَمَعَهُ ابْن مَسْعُود ومعاذ بن جبل وناس من أَصْحَابه فَأمر قَارِئًا فَقَرَأَ

ص: 541

فَأتى على هَذِه الْآيَة {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} فَبكى حَتَّى اضْطربَ لحياه وجنباه وَقَالَ: يَا رب هَذَا شهِدت على من أَنا بَين ظهريه فَكيف بِمن لم أره

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن لَبِيبَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} بَكَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: يَا رب هَذَا شهِدت على من أَنا بَين ظهريه فَكيف بِمن لم أره

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد} قَالَ: رسولها يشْهد عَلَيْهَا أَن قد أبلغهم مَا أرْسلهُ الله بِهِ إِلَيْهِم {وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا أَتَى عَلَيْهَا فاضت عَيناهُ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: شَهِيدا عَلَيْهِم مَا دمت فيهم فَإِذا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم وَالله تَعَالَى أعلم

الْآيَة 42

ص: 542

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَو تسوّى بهم الأَرْض} يَعْنِي أَن تستوي الأَرْض الْجبَال عَلَيْهِم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة يَقُول: ودوا لَو انخرقت بهم الأَرْض فساخوا فِيهَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {لَو تسوّى بهم الأَرْض} تَنْشَق لَهُم فَيدْخلُونَ فِيهَا فتسوي عَلَيْهِم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أَرَأَيْت أَشْيَاء تخْتَلف على من فِي الْقُرْآن فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا هُوَ أَشك فِي الْقُرْآن قَالَ: لَيْسَ شكّ وَلكنه

ص: 542

اخْتِلَاف

قَالَ: هَات مَا اخْتلف عَلَيْك من ذَلِك

قَالَ: اسْمَع الله يَقُول (ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين)(الْأَنْعَام الْآيَة 23) وَقَالَ {وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} فقد كتموا واسمعه يَقُول (فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون)(الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 101) ثمَّ قَالَ (وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون)(الصافات الْآيَة 27) وَقَالَ (أئنكم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ)(فصلت الْآيَة 9) حَتَّى بلغ (طائعين) فَبَدَأَ بِخلق الأَرْض فِي هَذِه الْآيَة قبل خلق السَّمَاء ثمَّ قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى (أم السَّمَاء بناها)(النازعات الْآيَة 27) ثمَّ قَالَ (وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها)(النازعات الْآيَة 30) فَبَدَأَ بِخلق السَّمَاء فِي هَذِه الْآيَة قبل خلق الأَرْض واسمعه يَقُول (وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيماً)(وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما)(وَكَانَ الله سميعاً بَصيرًا) فَكَأَنَّهُ كَانَ ثمَّ مضى

وَفِي لفظ مَا شَأْنه يَقُول (وَكَانَ الله)

فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أما قَوْله (ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين)(الْأَنْعَام الْآيَة 23) فَإِنَّهُم لما رَأَوْا يَوْم الْقِيَامَة وَأَن الله يغْفر لأهل الْإِسْلَام وَيغْفر الذُّنُوب وَلَا يغْفر شركا وَلَا يتعاظمه ذَنْب أَن يغفره جَحده الْمُشْركُونَ رَجَاء أَن يغْفر لَهُم فَقَالُوا: وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فختم الله على أَفْوَاههم وتكلمت أَيْديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ فَعِنْدَ ذَلِك يود الَّذين كفرُوا لَو تسوّى بهم الأَرْض وَلَا يكتمون الله حَدِيثا

وَأما قَوْله (فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون)(الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 101) فَهَذَا فِي النفخة الأولى (وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله)(الزمر الْآيَة 68) فَلَا أَنْسَاب بَينهم عِنْد ذَلِك وَلَا يتساءلون (ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ)(الزمر الْآيَة 68)(وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون)(الصافات الْآيَة 27)

وَأما قَوْله (خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ)(فصلت الْآيَة 9) فَإِن الأَرْض خلقت قبل

ص: 543

السَّمَاء وَكَانَت السَّمَاء دخاناً فسوّاهن سبع سموات فِي يَوْمَيْنِ بعد خلق الأَرْض

وَأما قَوْله (وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها)(النازعات الْآيَة 6) يَقُول: جعل فِيهَا جبلا جعل فِيهَا نَهرا جعل فِيهَا شَجرا وَجعل فِيهَا بحوراً

وَأما قَوْله (وَكَانَ الله) فَإِن الله كَانَ وَلم يزل كَذَلِك وَهُوَ كَذَلِك (عَزِيز حَكِيم)(عليم قدير) ثمَّ لم يزل كَذَلِك فَمَا اخْتلف عَلَيْك من الْقُرْآن فَهُوَ يشبه مَا ذكرت لَك وَأَن الله لم ينزل شَيْئا إِلَّا وَقد أصَاب بِهِ الَّذِي أَرَادَ وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك أَن نَافِع بن الْأَزْرَق أَتَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: يَا ابْن عَبَّاس قَول الله {يَوْمئِذٍ يود الَّذين كفرُوا وعصوا الرَّسُول لَو تسوّى بهم الأَرْض وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} وَقَوله (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين)(الْأَنْعَام الْآيَة 23) فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِنِّي أحسبك قُمْت من عِنْد أَصْحَابك فَقلت: ألقِي على ابْن عَبَّاس متشابه الْقُرْآن فَإِذا رجعت إِلَيْهِم فَأخْبرهُم أَن الله جَامع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي بَقِيع وَاحِد

فَيَقُول الْمُشْركُونَ: إِن الله لَا يقبل من أحد شَيْئا إِلَّا مِمَّن وَحَّدَهُ

فَيَقُولُونَ: تَعَالَوْا نقل

فيسألهم فَيَقُولُونَ (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين)(الْأَنْعَام الْآيَة 23) فيختم على أَفْوَاههم وتستنطق بِهِ جوارحهم فَتشهد عَلَيْهِم أَنهم كَانُوا مُشْرِكين فَعِنْدَ ذَلِك تمنوا لَو أَن الأَرْض سوّيت بهم وَلَا يكتمون الله حدثياً

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن حُذَيْفَة قَالَ: أُتِي بِعَبْد آتَاهُ الله مَالا فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عملت فِي الدُّنْيَا - وَلَا يكتمون الله حَدِيثا - فَقَالَ: مَا عملت من شَيْء يَا رب إِلَّا أَنَّك آتيتني مَالا فَكنت أبايع النَّاس وَكَانَ من خلقي أَن أنظر الْمُعسر قَالَ الله: أَنا أَحَق بذلك مِنْك تجاوزوا عَن عَبدِي

فَقَالَ أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ: هَكَذَا سَمِعت من فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} قَالَ: بجوارحهم

ص: 544

الْآيَة 43

ص: 545

أخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: صنع لنا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طَعَاما فَدَعَانَا وَسَقَانَا من الْخمر فَأخذت الْخمر منا وَحَضَرت الصَّلَاة فقدموني فَقَرَأت: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَنحن نعْبد مَا تَعْبدُونَ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ أَنه كَانَ هُوَ وَعبد الرَّحْمَن وَرجل آخر شربوا الْخمر فصلى بهم عبد الرَّحْمَن فَقَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)(الْكَافِرُونَ الْآيَة 1) فخلط فِيهَا فَنزلت {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أبي بكر وَعمر وَعلي وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد صنع عَليّ لَهُم طَعَاما وَشَرَابًا فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا ثمَّ صلى عَليّ بهم الْمغرب فَقَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)(الْكَافِرُونَ الْآيَة 1) حَتَّى خاتمتها فَقَالَ: لَيْسَ لي دين وَلَيْسَ لكم دين

فَنزلت {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى}

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نسخهَا (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر

) (المائده الْآيَة 90) الْآيَة

ص: 545

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ قبل أَن تُحَرَّمُ الْخمر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نهوا أَن يصلوا وهم سكارى ثمَّ نسخهَا تَحْرِيم الْخمر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نسختها (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ)(الْمِائَة الْآيَة 6)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نسخهَا (إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ)(الْمَائِدَة الْآيَة 6)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نشاوى من الشَّرَاب {حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} يَعْنِي مَا تقرؤون فِي صَلَاتكُمْ

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: لم يعن بهَا الْخمر إِنَّمَا عَنى بهَا سكر النّوم

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: النعاس

وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا نعس أحدكُم وَهُوَ يُصَلِّي فلينصرف فلينم حَتَّى يعلم مَا يَقُول

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُسَافِر تصيبه الْجَنَابَة فيتيمم وَيُصلي

وَفِي لفظ قَالَ: لَا يقرب الصَّلَاة إِلَّا أَن يكون مُسَافِرًا تصيبه الْجَنَابَة فَلَا يجد المَاء فيتيمم وَيُصلي حَتَّى يجد المَاء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} يَقُول: لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم جنب إِذا وجدْتُم المَاء فَإِن لم تَجدوا المَاء فقد أحللت لكم أَن تَمسحُوا بِالْأَرْضِ

ص: 546

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي لَا يجد مَاء فيتيمم وَيُصلي

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يمر الْجنب وَلَا الْحَائِض فِي الْمَسْجِد إِنَّمَا نزلت {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} للْمُسَافِر يتَيَمَّم ثمَّ يُصَلِّي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: مسافرين لَا تَجِدُونَ مَاء

وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل فِي الْأَحْكَام والطَّحَاوِي فِي مُشكل الْآثَار والباوردي فِي الصَّحَابَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن الأسلع بن شريك قَالَ: كنت أرحل نَاقَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فأصابتني جَنَابَة فِي لَيْلَة بَارِدَة وَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الرحلة فَكرِهت أَن أرحل نَاقَته وَأَنا جنب وخشيت أَن أَغْتَسِل بِالْمَاءِ الْبَارِد فأموت أَو أمرض فَأمرت رجلا من الْأَنْصَار فرحلها ثمَّ رضفت أحجاراً فأسخنت بهَا مَاء فاغتسلت بِهِ

فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} إِلَى {إِن الله كَانَ عفوا غَفُورًا}

وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن جُبَير وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي سنَنه من وَجه آخر عَن الأسلع قَالَ: كنت أخدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأرحل لَهُ فَقَالَ لي ذَات لَيْلَة: يَا أسلع قُم فارحل لي

قلت: يَا رَسُول الله أصابتني جَنَابَة

فَسكت عني سَاعَة حَتَّى جَاءَ جِبْرِيل بِآيَة الصَّعِيد فَقَالَ: قُم يَا أسلع فَتَيَمم ثمَّ أَرَانِي الأسلع كَيفَ علمه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم التَّيَمُّم قَالَ: ضرب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بكفيه الأَرْض فَمسح وَجهه ثمَّ ثمَّ ضرب فدلك إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى ثمَّ نفضهما ثمَّ مسح بهما ذِرَاعَيْهِ ظاهرهما وباطنهما

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس {لَا تقربُوا الصَّلَاة} قَالَ: الْمَسَاجِد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: لَا تدْخلُوا الْمَسْجِد وَأَنْتُم جنب إِلَّا عابري سَبِيل

قَالَ: تمر بِهِ مرا وَلَا تجْلِس

ص: 547

وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن أبي حبيب فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: إِن رجَالًا من الْأَنْصَار كَانَت أَبْوَابهم فِي الْمَسْجِد فَكَانَت تصيبهم جَنَابَة وَلَا مَاء عِنْدهم فيريدون المَاء وَلَا يَجدونَ ممراً إِلَّا فِي الْمَسْجِد فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: هُوَ الْمَمَر فِي الْمَسْجِد

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا بَأْس للحائض وَالْجنب أَن يمرا فِي الْمَسْجِد مَا لم يجلسا فِيهِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد وَلَا يجلس فِيهِ ثمَّ قَرَأَ {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يرخص للْجنب أَن يمر فِي الْمَسْجِد مجتازاً وَقَالَ {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل}

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: يجتاز وَلَا يجلس

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: كَانَ أَحَدنَا يمر فِي الْمَسْجِد وَهُوَ جنب مجتازاً

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار كَانَ مَرِيضا فَلم يسْتَطع أَن يقوم فيتوضأ وَلم يكن لَهُ خَادِم فِينَا فَأتى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: هُوَ الرجل المجدور أَو بِهِ الْجراح أَو الْقرح يجنب فيخاف إِن اغْتسل أَن يَمُوت فيتيمم

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن ابْن عَبَّاس رَفعه فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: إِذا كَانَت بِالرجلِ الْجراحَة فِي سَبِيل الله أَو القروح أوالجدري فيجنب فيخاف إِن اغْتسل أَن يَمُوت فليتيمم

ص: 548

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: هِيَ للْمَرِيض تصيبه الْجَنَابَة إِذا خَافَ على نَفسه الرُّخْصَة فِي التَّيَمُّم مثل الْمُسَافِر إِذا لم يجد المَاء

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: للْمَرِيض المجدور وَشبهه رخصَة فِي أَن لَا يتَوَضَّأ وتلا {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر} ثمَّ يَقُول: هِيَ مِمَّا خَفِي من تَأْوِيل الْقُرْآن

وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: نَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جِرَاحَة ففشت فيهم ثمَّ ابتلوا بالجنابة فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَنزلت {وَإِن كُنْتُم مرضى} الْآيَة كلهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: الْمَرِيض الَّذِي قد أرخص لَهُ فِي التَّيَمُّم هُوَ الكسير والجريح فَإِذا أَصَابَت الْجَنَابَة لَا يحل جراحته إِلَّا جِرَاحَة لَا يخْشَى عَلَيْهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد قَالَا فِي الْمَرِيض تصيبه الْجَنَابَة فيخاف على نَفسه: هُوَ بِمَنْزِلَة الْمُسَافِر الَّذِي لَا يجد المَاء يتَيَمَّم

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الْمَرِيض الَّذِي لَا يجد أحدا يَأْتِيهِ بِالْمَاءِ وَلَا يقدر عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ خَادِم وَلَا عون يتَيَمَّم وَيُصلي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط} قَالَ: الْغَائِط الْوَادي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: اللَّمْس

مَا دون الْجِمَاع والقبلة مِنْهُ وفيهَا الْوضُوء

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود

أَنه كَانَ يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {أَو لامستم النِّسَاء} هُوَ الغمز

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يتَوَضَّأ من قبْلَة الْمَرْأَة وَيَقُول: هِيَ اللماس

وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قبْلَة

ص: 549

الرجل امْرَأَته وجسها بِيَدِهِ من الْمُلَامسَة فَمن قبل امْرَأَته أَو جسها بِيَدِهِ فَعَلَيهِ الْوضُوء

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر قَالَ: إِن الْقبْلَة من اللَّمْس فَتَوَضَّأ مِنْهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: اللَّمْس هُوَ الْجِمَاع وَلَكِن الله كنى عَنهُ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: هُوَ الْجِمَاع

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كُنَّا فِي حجرَة ابْن عَبَّاس ومعنا عَطاء بن أبي رَبَاح وَنَفر من الموَالِي وَعبيد بن عُمَيْر وَنَفر من الْعَرَب فتذاكرنا اللماس فَقلت أَنا وَعَطَاء والموالي: اللَّمْس بِالْيَدِ

وَقَالَ عبيد بن عُمَيْر وَالْعرب: هُوَ الْجِمَاع

فَدخلت على ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ: غُلِبَتْ الموَالِي وأصابت الْعَرَب

ثمَّ قَالَ: إِن اللَّمْس والمس والمباشرة إِلَى الْجِمَاع مَا هُوَ وَلَكِن الله يكني بِمَا شَاءَ

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: أَو جامعتم النِّسَاء وهذيل تَقول: اللَّمْس بِالْيَدِ

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

قَالَ أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة حَيْثُ يَقُول: يلمس الاحلاس فِي منزله بيدَيْهِ كاليهودي المصل

وَقَالَ الْأَعْشَى: ورادعة صفراء بالطيب عندنَا للمس الندامى من يَد الدرْع مفتق

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ ((أَو لمستم النِّسَاء)) قَالَ: يَعْنِي مَا دون الْجِمَاع

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن قَوْله {أَو لامستم النِّسَاء} فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَضم أَصَابِعه كَأَنَّهُ يتَنَاوَل شَيْئا يقبض عَلَيْهِ

قَالَ مُحَمَّد: ونبئت عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا مس مخرجه تَوَضَّأ فَظَنَنْت أَن قَول ابْن عمر وَعبيدَة شَيْئا وَاحِدًا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان قَالَ: اللَّمْس بِالْيَدِ

ص: 550

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: مَا دون الْجِمَاع

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: الْمُلَامسَة دون الْجِمَاع

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: الْمُلَامسَة الْجِمَاع

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} قَالَ: تحروا تعمدوا صَعِيدا طيبا

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {صَعِيدا طيبا} قَالَ: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شجر وَلَا نَبَات

وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي قَالَ: الصَّعِيد التُّرَاب

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن بشير فِي الْآيَة قَالَ: الطّيب: مَا أَتَت عَلَيْهِ الأمطار وطهرته

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {صَعِيدا طيبا} قَالَ: حَلَالا لكم

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أطيب الصَّعِيد أَرض الْحَرْث

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حَمَّاد قَالَ: كل شَيْء وضعت يدك عَلَيْهِ فَهُوَ صَعِيد حَتَّى غُبَار لبدك فَتَيَمم بِهِ

وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَي الصَّعِيد أطيب قَالَ: أَرض الْحَرْث

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت آيَة التَّيَمُّم لم أدر كَيفَ أصنع فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلم أَجِدهُ فَانْطَلَقت أطلبه فاستقبلته فَلَمَّا رَآنِي عرف الَّذِي جِئْت لَهُ فَبَال ثمَّ ضرب بيدَيْهِ الأَرْض فَمسح بهما وَجهه وكفيه

وَأخرج ابْن عدي عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت آيَة التَّيَمُّم ضرب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ على الأَرْض فَمسح بهما وَجهه وَضرب بِيَدِهِ الْأُخْرَى ضَرْبَة فَمسح بهما كفيه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عمار بن يَاسر قَالَ: كنت فِي سفر فاجنبت فتمعكت فَصليت ثمَّ ذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تَقول هَكَذَا ثمَّ ضرب بيدَيْهِ الأَرْض فَمسح بهَا وَجهه وكفيه

ص: 551

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: التَّيَمُّم ضربتان: ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: تيممنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فضربنا بِأَيْدِينَا على الصَّعِيد الطّيب ثمَّ نفضنا أَيْدِينَا فمحسنا بهَا وُجُوهنَا ثمَّ ضربنا ضَرْبَة أُخْرَى ثمَّ نفضنا أَيْدِينَا فمحسنا بِأَيْدِينَا من الْمرَافِق إِلَى الأكف على منابت الشّعْر من ظَاهر وباطن

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك قَالَ: تيَمّم عمار فَمسح وَجهه وَيَديه وَلم يمسح الذِّرَاع

وَأخرج عَن مَكْحُول قَالَ: التَّيَمُّم ضَرْبَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوع فَإِن الله قَالَ فِي الْوضُوء (وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق)(الْمَائِدَة الْآيَة 6) وَقَالَ فِي التَّيَمُّم {وَأَيْدِيكُمْ} وَلم يسْتَثْن فِيهِ كَمَا اسْتثْنى فِي الْوضُوء إِلَى الْمرَافِق وَقَالَ الله (وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا)(الْمَائِدَة الْآيَة 38) فَإِنَّمَا تقطع يَد السَّارِق من مفصل الْكُوع

وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: التَّيَمُّم إِلَى الآباط

وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهَلَك عقد لعَائِشَة فَأَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَضَاء الصُّبْح فتغيظ أَبُو بكر على عَائِشَة فَنزلت عَلَيْهِ رخصَة الْمسْح بالصعيد فَدخل أَبُو بكر فَقَالَ لَهَا: إِنَّك لمباركة نزل فِيك رخصَة

فضربنا بِأَيْدِينَا ضَرْبَة لوجهنا وضربة بِأَيْدِينَا إِلَى المناكب والآباط

قَالَ الشَّافِعِي: هَذَا مَنْسُوخ لِأَنَّهُ أول تيَمّم كَانَ حِين نزلت آيَة التَّيَمُّم فَكل تيَمّم جَاءَ بعده يُخَالِفهُ فَهُوَ لَهُ نَاسخ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: اجْتمعت غنيمَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر ابْدُ فِيهَا فبدوت فِيهَا إِلَى الربذَة وَكَانَت تصيبني الْجَنَابَة فامكث الْخَمْسَة والستة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَلَو إِلَى عشر سِنِين فَإِذا وجدت المَاء فأمسه جِلْدك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: جعلت تربَتهَا لنا طهُورا إِذا لم نجد المَاء

ص: 552

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: جعلت تربَتهَا لنا طهُورا إِذا لم نجد المَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان الْهِنْدِيّ قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: تَمسحُوا بهَا فَإِنَّهَا بكم بَرَّةٌ يَعْنِي الأَرْض

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من السّنة أَن لَا يُصَلِّي الرجلُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاة وَاحِدَة ثمَّ يتَيَمَّم لِلْأُخْرَى

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: يُتَيَمَّمُ لكل صَلَاة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: يتَيَمَّم لكل صَلَاة

الْآيَات 44 - 46

ص: 553

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رِفَاعَة بن زيد بن التابوت من عُظَمَاء الْيَهُود إِذا كلم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لوى لِسَانه وَقَالَ: ارعنا سَمعك يَا مُحَمَّد حَتَّى نفهمك ثمَّ طعن فِي الْإِسْلَام وعابه

فَأنْزل الله فِيهِ {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يشْتَرونَ الضَّلَالَة} إِلَى قَوْله {فَلَا يُؤمنُونَ إِلَّا قَلِيلا}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب} إِلَى قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} قَالَ: نزلت فِي رِفَاعَة بن زيد بن التابوت الْيَهُودِيّ وَالله أعلم

ص: 553

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وهيب بن الْورْد قَالَ: قَالَ الله يَا ابْن آدم اذْكُرْنِي إِذا غضِبت أذكرك إِذا غضِبت فَلَا أمحقك فِيمَن أمحق وَإِذا ظلمت فاصبر وَارْضَ بنصرتي فَإِن نصرتي لَك خير من نصرتك لنَفسك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} يَعْنِي يحرفُونَ حُدُود الله فِي التَّوْرَاة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} قَالَ: تَبْدِيل الْيَهُود التَّوْرَاة {وَيَقُولُونَ سمعنَا وعصينا} قَالُوا: سمعنَا مَا تَقول وَلَا نطعيك {واسمع غير مسمع} قَالَ: غير مَقْبُول مَا تَقول {لياً بألسنتهم} قَالَ: خلافًا يلوون بِهِ ألسنتهم {واسمع وانظرنا} قَالَ: أفهمنا لَا تعجل علينا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} قَالَ: لَا يضعونه على مَا أنزلهُ الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واسمع غير مسمع} يَقُولُونَ: اسْمَع لَا سَمِعت

وَفِي قَوْله {وراعنا} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: رَاعنا سَمعك وَإِنَّمَا رَاعنا كَقَوْلِك عاطنا

وَفِي قَوْله {لياً بألسنتهم} قَالَ: تحريفاً بِالْكَذِبِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس مِنْهُم يَقُولُونَ: اسْمَع غير مسمع كَقَوْلِك: اسْمَع غير صاغر

وَفِي قَوْله {لياً بألسنتهم} قَالَ: بالْكلَام شبه الِاسْتِهْزَاء {وطعنا فِي الدّين} قَالَ: فِي دين مُحَمَّد عليه السلام

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك

الْآيَة 47

ص: 554

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جريروابن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كلم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رُؤَسَاء من أَحْبَار يهود مِنْهُم عبد الله بن صوريا وَكَعب بن أَسد فَقَالَ لَهُم: يَا معشر يهود اتَّقوا الله واسلموا فوَاللَّه إِنَّكُم لتعلمون أَن الَّذِي جِئتُكُمْ بِهِ لحق

فَقَالُوا: مَا نَعْرِف ذَلِك يَا مُحَمَّد

فَأنْزل الله فيهم {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب} الْآيَة

قَالَ: نزلت فِي مَالك بن الصَّيف وَرِفَاعَة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} قَالَ: طمسها أَن تعمى {فنردها على أدبارها} يَقُول: نجْعَل وُجُوههم من قبل أقفيتهم فيمشون الْقَهْقَرَى وَيجْعَل لأَحَدهم عينين فِي قَفاهُ

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وجل {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} قَالَ: من قبل أَن نمسخها على غير خلقهَا

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: من يطمس الله عَيْنَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ نور يبين بِهِ شمساً وَلَا قمراً

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي ادريس الْخَولَانِيّ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسلم الخليلي معلم كَعْب وَكَانَ يلومه فِي ابطائه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَعثه لينْظر أهوَ هُوَ قَالَ كَعْب: حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فَإِذا تالٍ يقْرَأ الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} فبادرت المَاء اغْتسل وَإِنِّي لأمس وَجْهي مَخَافَة أَن أطمس ثمَّ أسلمت

وَأخرج ابْن جرير عَن عِيسَى بن الْمُغيرَة قَالَ: تَذَاكرنَا عِنْد إِبْرَاهِيم اسلام كَعْب فَقَالَ: اسْلَمْ كَعْب فِي زمَان عمر أقبل وَهُوَ يُرِيد بَيت الْمُقَدّس فَمر على الْمَدِينَة فَخرج إِلَيْهِ عمر فَقَالَ: يَا كَعْب أسلم

قَالَ: ألستم تقرأون فِي كتابكُمْ (مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها كَمثل الْحمار يحمل أسفارا)(الْجُمُعَة الْآيَة 5) وَأَنا قد حملت التَّوْرَاة

ص: 555

فَتَركه ثمَّ خرج حَتَّى انْتهى إِلَى حمص فَسمع رجلا من أَهلهَا يقْرَأ هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} قَالَ كَعْب: يَا رب آمَنت يَا رب أسلمت مَخَافَة أَن تصيبه هَذِه الْآيَة

ثمَّ رَجَعَ فَأتى أَهله بِالْيمن ثمَّ جَاءَ بهم مُسلمين

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} يَقُول: عَن صِرَاط الْحق {فنردها على أدبارها} قَالَ: فِي الضَّلَالَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الطمس: أَن يرتدوا كفَّارًا فَلَا يهتدوا أبدا {أَو نلعنهم كَمَا لعنا أَصْحَاب السبت} أَن نجعلهم قردة وَخَنَازِير

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {فنردها على أدبارها} قَالَ: كَانَ أبي يَقُول إِلَى الشَّام أَي رجعت إِلَى الشَّام من حَيْثُ جَاءَت ردوا إِلَيْهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: نطمسها عَن الْحق {فنردها على أدبارها} على ضلالتها {أَو نلعنهم} يَقُول سبحانه وتعالى: أَو نجعلهم قردة

الْآيَة 48

ص: 556

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن لي ابْن أَخ لَا يَنْتَهِي عَن الْحَرَام قَالَ: وَمَا دينه قَالَ: يُصَلِّي ويوحد الله

قَالَ: استوهب مِنْهُ دينه فَإِن أَبى فابتعه مِنْهُ

فَطلب الرجل ذَلِك مِنْهُ فَأبى عَلَيْهِ فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: وجدته شحيحاً على دينه

فَنزلت {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار من طرق عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا معشر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا نشك فِي قَاتل النَّفس وآكل مَال الْيَتِيم وَشَاهد الزُّور وقاطع الرَّحِم حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فامسكنا عَن الشَّهَادَة

ص: 556

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا لَا نشك فِيمَن أوجب الله لَهُ النَّار فِي كتاب الله حَتَّى نزلت علينا هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فَلَمَّا سمعنَا هَذَا كففنا عَن الشَّهَادَة وأرجأنا الْأُمُور إِلَى الله

وَأخرج ابْن الضريس وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن عدي بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا نمسك عَن الاسْتِغْفَار لأهل الْكَبَائِر حَتَّى سمعنَا من نَبينَا صلى الله عليه وسلم {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَقَالَ: إِنِّي ادخرت شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي فأمسكنا عَن كثير مِمَّا كَانَ فِي أَنْفُسنَا ثمَّ نطقنا بعد ورَجَوْنا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن سُلَيْمَان بن عتبَة الْبَارِقي قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن ثَوْبَان قَالَ: شهِدت فِي الْمَسْجِد قبل الدَّاء الْأَعْظَم فَسَمِعتهمْ يَقُولُونَ (من قتل مُؤمنا)(الْمَائِدَة الْآيَة 32) إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار: قد أوجب لَهُ النَّار

فَلَمَّا نزلت {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} قَالُوا: مَا شَاءَ الله يصنع الله مَا يَشَاء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: لما نزلت (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم

الزمر الْآيَة 53 الْآيَة

فَقَامَ رجل فَقَالَ: والشرك يَا نَبِي الله فكره ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} الْآيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على

) (الزمر الْآيَة 53) الْآيَة

قَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَر فَتَلَاهَا على النَّاس فَقَامَ إِلَيْهِ رجل قَالَ: والشرك بِاللَّه فَسكت مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فاثبتت هَذِه فِي الزمر وأثبتت هَذِه فِي النِّسَاء

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: إِن الله حرَّم الْمَغْفِرَة على من مَاتَ وَهُوَ كَافِر وأرجأ أهل التَّوْحِيد إِلَى مشئيته فَلم يؤيسهم من الْمَغْفِرَة

ص: 557

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ {وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} قَالَ: ثنيا من رَبنَا على جَمِيع الْقُرْآن

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن عَليّ قَالَ: أحب آيَة إِلَيّ فِي الْقُرْآن {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء}

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الجوزاء قَالَ: اخْتلفت إِلَى ابْن عَبَّاس ثَلَاث عشرَة سنة فَمَا من شَيْء من الْقُرْآن إِلَّا سَأَلته عَنهُ ورسولي يخْتَلف إِلَى عَائِشَة فَمَا سمعته وَلَا سَمِعت أحدا من الْعلمَاء يَقُول: إِن الله يَقُول لذنب لَا أغفره

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا من عبد يَمُوت لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا حلت لَهُ الْمَغْفِرَة إِن شَاءَ غفر لَهُ وَإِن شَاءَ عذبه إِن الله اسْتثْنى فَقَالَ {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء}

وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من وعده الله على عمل ثَوابًا فَهُوَ منجزه لَهُ وَمن وعده على عمل عقَابا فَهُوَ بِالْخِيَارِ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ذَنْب لَا يغْفر وذنب لَا يتْرك وذنب يغْفر

فَأَما الَّذِي لَا يغْفر فالشرك بِاللَّه وَأما الَّذِي يغْفر فذنب بَينه وَبَين الله عز وجل وَأما الَّذِي لَا يتْرك فظلم الْعباد بَعضهم بَعْضًا

وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الدَّوَاوِين عِنْد الله ثَلَاثَة: ديوَان لَا يعبأ الله بِهِ شَيْئا وديوان لَا يتْرك الله مِنْهُ شَيْئا وديوان لَا يغفره الله

فَأَما الدِّيوَان الَّذِي لَا يغفره الله فالشرك قَالَ الله (وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة)(الْمَائِدَة الْآيَة 72) وَقَالَ الله {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرَكَ بِهِ} وَأما الدِّيوَان الَّذِي لَا يعبأ الله بِهِ فظلم العَبْد نَفسه فِيمَا بَينه وَبَين ربه من صَوْم تَركه أَو صَلَاة تَركهَا فَإِن الله يغْفر ذَلِك ويتجاوز عَنهُ إِن شَاءَ وَأما الدِّيوَان الَّذِي لَا يتْرك الله مِنْهُ شَيْئا فظلم الْعباد بَعضهم بَعْضًا الْقصاص لَا محَالة

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا من عبد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك

ص: 558

إِلَّا دخل الْجنَّة

قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق

قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة: على رغم أنف أبي ذَر

وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله يَقُول: يَا عَبدِي مَا عبدتني ورجوتني فَإِنِّي غَافِر لَك على مَا كَانَ فِيك وَيَا عَبدِي لَو لقيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا مَا لم تشرك بِي شَيْئا لقيتك بقرابها مغْفرَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من مَاتَ لَا يعدل بِاللَّه شَيْئا ثمَّ كَانَت عَلَيْهِ من الذُّنُوب مثل الرمال غفر لَهُ

وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ الله عز وجل: من علم أَنِّي ذُو قدرَة على مغْفرَة الذُّنُوب غفرت لَهُ وَلَا أُبَالِي مَا لم يُشْرك بِي شَيْئا

وَأخرج أَحْمد عَن سَلمَة بن نعيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة وَإِن زنى وَإِن سرق

وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ دخل الْجنَّة

قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق

قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق

قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق على رغم أنف أبي الدَّرْدَاء

قَالَ فَخرجت لأنادي بهَا فِي النَّاس فلقيني عمر فَقَالَ: ارْجع فَإِن النَّاس إِن علمُوا بِهَذِهِ اتكلوا عَلَيْهَا

فَرَجَعت فَأَخْبَرته صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: صدق عمر

وَأخرج هناد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَربع آيَات فِي كتاب الله عز وجل أحب إليّ من حُمُرِ النِعَمْ وسودها فِي سُورَة النِّسَاء قَوْله (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة

) (النِّسَاء الْآيَة 40) الْآيَة

وَقَوله {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} الْآيَة

وَقَوله (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا

ص: 559

أنفسهم جاؤوك

) (النِّسَاء الْآيَة 64) الْآيَة وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه)(النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة

الْآيَتَانِ 49 - 50

ص: 560

أخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الْيَهُود قَالُوا: إِن أبناءنا قد توفوا وهم لنا قربَة عِنْد الله وسيشفعون لنا ويزكوننا فَقَالَ الله لمُحَمد {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْيَهُود يقدمُونَ صبيانهم يصلونَ بهم ويقربون قُرْبَانهمْ ويزعمون أَنهم لَا خَطَايَا لَهُم وَلَا ذنُوب وكذبوا قَالَ الله: إِنِّي لَا أطهر ذَا ذَنْب بآخر لَا ذَنْب لَهُ ثمَّ أنزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكُّون أنفسهم}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: يَعْنِي يهود كَانُوا يقدمُونَ صبياناً لَهُم أمامهم فِي الصَّلَاة فيؤمونهم يَزْعمُونَ أَنهم لَا ذنُوب لَهُم قَالَ: فَتلك التَّزْكِيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود كَانُوا يقدمُونَ صبيانهم يَقُولُونَ: لَيست لَهُم ذنُوب

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يقدمُونَ الغلمان الَّذين لم يبلغُوا الْحِنْث يصلونَ بهم يَقُولُونَ: لَيْسَ لَهُم ذنُوب

فَأنْزل الله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى (قَالُوا نَحن أَبنَاء الله واحباؤه)(الْمَائِدَة الْآيَة 18)

(وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هوداً أَو نَصَارَى)(الْبَقَرَة الْآيَة 111)

ص: 560

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود قَالُوا: إِنَّا نعلم أبناءنا التَّوْرَاة صغَارًا فَلَا يكون لَهُم ذنُوب وذنوبنا مثل ذنُوب أبناءنا مَا عَملنَا بِالنَّهَارِ كفر عَنَّا بِاللَّيْلِ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الرجل ليغدر بِدِينِهِ ثمَّ يرجع وَمَا مَعَه مِنْهُ شَيْء يلقى الرجل لَيْسَ يملك لَهُ نفعا وَلَا ضراً فَيَقُول: وَالله إِنَّك لذيت وذيت وَلَعَلَّه أَن يرجع وَلم يَجُدْ من حَاجته بِشَيْء وَقد أَسخط الله عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ {ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يظْلمُونَ فتيلاً} قَالَ: الفتيل: مَا خرج من بَين الأصبعين

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفتيل

هم أَن تدلك بَين أصبعيك فَمَا خرج مِنْهُمَا فَهُوَ ذَلِك

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النقير: النقرة تكون فِي النواة الَّتِي تنْبت مِنْهَا النَّخْلَة والفتيل: الَّذِي يكون على شقّ النواة والقطمير: القشر الَّذِي يكون على النواة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفتيل: الَّذِي فِي الشق الَّذِي فِي بطن النواة

وَأخرج الطستي وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وجل {وَلَا يظْلمُونَ فتيلاً} قَالَ: لَا ينقصُونَ من الْخَيْر وَالشَّر مثل الفتيل هُوَ الَّذِي يكون فِي شقّ النواة

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان يَقُول: يجمع الْجَيْش ذَا الألوف ويغزو ثمَّ لَا يرزأ الأعادي فتيلا وَقَالَ الأول أَيْضا: أعاذل بعض لومك لَا تلحي فَإِن اللوم لَا يُغني فتيلا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: النقير: الَّذِي يكون فِي وسط النواة فِي ظهرهَا والفتيل: الَّذِي يكون فِي جَوف النواة وَيَقُولُونَ: مَا يدلك فَيخرج من وسخها والقطمير: لفافة النواة أَو سحاة الْبَيْضَة أَو سحاة القصبة

ص: 561

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة الجدلي: هِيَ ثَلَاث فِي النواة: القطمير وَهِي قشرة النواة والنقير الَّذِي غَابَتْ فِي وَسطهَا والفتيل الَّذِي رَأَيْت فِي وَسطهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَالَت يهود: لَيْسَ لنا ذنُوب إِلَّا كذنوب أَوْلَادنَا يَوْم يولدون فَإِن كَانَت لَهُم ذنُوب فَإِن لنا ذنوباً فَإِنَّمَا نَحن مثلهم

قَالَ الله {انْظُر كَيفَ يفترون على الله الْكَذِب وَكفى بِهِ إِثْمًا مُبينًا}

الْآيَات 51 - 53

ص: 562

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم حييّ بن أَخطب وَكَعب بن الْأَشْرَف مَكَّة على قُرَيْش فحالفوهم على قتال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لَهُم: أَنْتُم أهل الْعلم الْقَدِيم وَأهل الْكتاب فأخبرونا عَنَّا وَعَن مُحَمَّد قَالُوا: مَا أَنْتُم وَمَا مُحَمَّد قَالُوا: نَنْحَر الكوماء ونسقس اللَّبن على المَاء ونفك العناة ونسقي الحجيج ونصل الْأَرْحَام

قَالُوا: فَمَا مُحَمَّد قَالُوا صنبور قطع أرحامنا وَاتبعهُ سراق الحجيج بَنو غفار

قَالُوا: لَا بل أَنْتُم خير مِنْهُم واهدى سَبِيلا

فَأنْزل الله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مُرْسلا

وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم كَعْب بن الْأَشْرَف مَكَّة قَالَت لَهُ قُرَيْش: أَنْت خير أهل الْمَدِينَة وسيدهم قَالَ: نعم

قَالُوا: أَلا ترى إِلَى هَذَا المنصبر المنبتر من قومه يزْعم أَنه خير منا وَنحن أهل الحجيج وَأهل السدَانَة وَأهل السِّقَايَة قَالَ: أَنْتُم خير مِنْهُ

فانزلت (إِن شائنك هُوَ الأبتر)(الْكَوْثَر الْآيَة 3) وأنزلت {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} إِلَى قَوْله {نَصِيرًا}

ص: 562

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن كَعْب بن الْأَشْرَف انْطلق إِلَى الْمُشْركين من كفار قُرَيْش فاستجاشهم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأمرهمْ أَن يغزوه وَقَالَ: إِنَّا مَعكُمْ نقاتله

فَقَالُوا: إِنَّكُم أهل كتاب وَهُوَ صَاحب كتاب وَلَا نَأْمَن أَن يكون هَذَا مكراً مِنْكُم فَإِن أردْت أَن تخرج مَعَك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما فَفعل

ثمَّ قَالُوا: نَحن اهدى أم مُحَمَّد فَنحْن نَنْحَر الكوماء ونسقي اللَّبن على المَاء ونصل الرَّحِم ونقري الضَّيْف ونطوف بِهَذَا الْبَيْت وَمُحَمّد قطع رَحمَه وَخرج من بَلَده

قَالَ: بل أَنْتُم خير وَأهْدى

فَنزلت فِيهِ {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف قَالَ: كفار قُرَيْش أهْدى من مُحَمَّد عليه السلام

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ عَن أبي مَالك قَالَ: لما كَانَ من أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْيَهُود من النَّضِير مَا كَانَ حِين أَتَاهُم يَسْتَعِينهُمْ فِي دِيَة الْعَامِرِيين فَهموا بِهِ وبأصحابه فَاطلع الله رَسُوله على مَا هموا بِهِ من ذَلِك وَرجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة هرب كَعْب بن الْأَشْرَف حَتَّى أَتَى مَكَّة فعاهدهم على مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: يَا أَبَا سعيد إِنَّكُم قوم تقرأون الْكتاب وتعلمون وَنحن قوم لَا نعلم فاخبرنا ديننَا خير أم دين مُحَمَّد قَالَ كَعْب: اعرضوا عليَّ دينكُمْ

فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: نَحن قوم نَنْحَر الكوماء ونسقي الحجيج المَاء ونقري الضَّيْف ونحمي بَيت رَبنَا ونعبد آلِهَتنَا الَّتِي كَانَ يعبد آبَاؤُنَا وَمُحَمّد يَأْمُرنَا أَن نَتْرُك هَذَا ونتبعه

قَالَ: دينكُمْ خير من دين مُحَمَّد فاثبتوا عَلَيْهِ أَلا ترَوْنَ أَن مُحَمَّدًا يزْعم أَنه بعث بالتواضع وَهُوَ ينْكح من النِّسَاء مَا شَاءَ وَمَا نعلم ملكا أعظم من ملك النِّسَاء

فَذَلِك حِين يَقُول {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا} الْآيَة

وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الَّذين حزبوا الْأَحْزَاب من قُرَيْش وغَطَفَان وَبني قُرَيْظَة حييّ بن أَخطب وَسَلام بن أبي الْحقيق وَأَبُو رَافع وَالربيع بن أبي الْحقيق وَعمارَة ووحوح بن عَارِم وهودة بن قيس

فَأَما وحوح بن عَامر وهودة فَمن بني وَائِل وَكَانَ سَائِرهمْ من بني النَّضِير فَلَمَّا قدمُوا على قُرَيْش قَالُوا: هَؤُلَاءِ أَحْبَار يهود وَأهل الْعلم بِالْكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين مُحَمَّد فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا: بل دينكُمْ خير من دينه وَأَنْتُم أهْدى مِنْهُ وَمن

ص: 563

اتبعهُ

فَأنْزل الله فيهم {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب} إِلَى قَوْله {ملكا عَظِيما}

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما كَانَ من أَن أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ اعتزل كَعْب بن الْأَشْرَف وَلحق بِمَكَّة وَكَانَ بهَا وَقَالَ: لَا أعين عَلَيْهِ وَلَا أقاتله

فَقيل لَهُ بِمَكَّة: يَا كَعْب أديننا خير أم دين مُحَمَّد وَأَصْحَابه قَالَ: دينكُمْ خير وأقدم وَدين مُحَمَّد حَدِيث

فَنزلت فِيهِ {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف وحيي بن أَخطب رجلَيْنِ من الْيَهُود من بني النَّضِير أَتَيَا قُريْشًا بِالْمَوْسِمِ فَقَالَ لَهُم الْمُشْركُونَ: أَنَحْنُ أهْدى أم مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَإنَّا أهل السدَانَة والسقاية وَأهل الْحرم فَقَالَا: بل أَنْتُم أهْدى من مُحَمَّد وَأَصْحَابه وهما يعلمَانِ أَنَّهُمَا كاذبان إِنَّمَا حملهما على ذَلِك حسد مُحَمَّد وَأَصْحَابه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: الجبت والطاغوت: صنمان

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم ورستة فِي الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ: الجبت السَّاحر والطاغوت الشَّيْطَان

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن مُجَاهِد

مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت حييّ بن أَخطب والطاغوت كَعْب بن الْأَشْرَف

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك

مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت الْأَصْنَام والطاغوت الَّذِي يكون بَين يَدي الْأَصْنَام يعبرون عَنْهَا الْكَذِب ليضلوا النَّاس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت اسْم الشَّيْطَان بالحبشية والطاغوت كهان الْعَرَب

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الجبت الشَّيْطَان بِلِسَان الْحَبَش والطاغوت الكاهن

ص: 564

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الجبت السَّاحر بِلِسَان الْحَبَشَة والطاغوت الكاهن

وَأخرج عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الطاغوت السَّاحر والجبت الكاهن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن الجبت شَيْطَان والطاغوت الكاهن

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق لَيْث عَن مُجَاهِد قَالَ: الجبت كَعْب بن الْأَشْرَف والطاغوت الشَّيْطَان كَانَ فِي صُورَة إِنْسَان

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن قبيصَة بن مُخَارق أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن العيافة والطرق والطيرة من الجبت

وَأخرج رستة فِي الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ للَّذين كفرُوا هَؤُلَاءِ أهْدى من الَّذين آمنُوا سَبِيلا} قَالَ: الْيَهُود تَقول ذَاك يَقُولُونَ: قُرَيْش أهْدى من مُحَمَّد وَأَصْحَابه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أم لَهُم نصيب من الْملك} قَالَ: فَلَيْسَ لَهُم نصيب وَلَو كَانَ لَهُم نصيب لم يؤتوا النَّاس نقيرا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: لَو كَانَ لَهُم نصيب من ملك إِذن لم يؤتوا مُحَمَّدًا نقيراً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق خَمْسَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النقير: النقطة الَّتِي فِي ظهر النواة

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن النقير قَالَ: مَا فِي شقّ ظهر النواة وَمِنْه تنْبت النَّخْلَة

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَلَيْسَ النَّاس بعْدك فِي نقير وَلَيْسوا غير أصداء وهامِ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {فَإِذا لَا يُؤْتونَ النَّاس نقيراً} مَا النقير قَالَ: مَا فِي ظهر النواة قَالَ فِيهِ الشَّاعِر: لقد رزحت كلاب بني زبير فَمَا يُعْطون سائلهم نقيرا

ص: 565

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَذَا النقير وَوضع طرف الْإِبْهَام على بَاطِن السبابَة ثمَّ نقرها

الْآيَتَانِ 54 - 55

ص: 566

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: هم يهود

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أهل الْكتاب: زعم مُحَمَّد أَنه أُوتِيَ مَا أُوتِيَ فِي تواضع وَله تسع نسْوَة وَلَيْسَ همه إِلَّا النِّكَاح فَأَي ملك أفضل من هَذَا

فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {أم يحسدون النَّاس} إِلَى قَوْله {ملكا عَظِيما} يَعْنِي ملك سُلَيْمَان

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة قَالَ: قَالَت الْيَهُود للْمُسلمين: تَزْعُمُونَ أَن مُحَمَّدًا أُوتِيَ الدّين فِي تواضع وَعِنْده تسع نسْوَة أَي ملك أعظم من هَذَا فَأنْزل الله {أم يحسدون النَّاس} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك

نَحوه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: نَحن النَّاس دون النَّاس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: النَّاس فِي هَذَا الْموضع النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: مُحَمَّد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: أعْطى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بضع وَسبعين شَابًّا فحسدته الْيَهُود فَقَالَ الله {أم يحسدون النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: يحسدون مُحَمَّدًا حِين لم يكن مِنْهُم وَكَفرُوا بِهِ

ص: 566

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: أُولَئِكَ الْيَهُود حسدوا هَذَا الْحَيّ من الْعَرَب {على مَا آتَاهُم الله من فَضله} بعث الله مِنْهُم نَبيا فحسدوهم على ذَلِك

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {على مَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: النُّبُوَّة

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إيَّاكُمْ والحسد فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يجْتَمع فِي جَوف عبد الْإِيمَان والحسد

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم} سُلَيْمَان وَدَاوُد {الْكتاب وَالْحكمَة} يَعْنِي النُّبُوَّة {وآتيناهم ملكا عَظِيما} فِي النِّسَاء فَمَا باله حل لأولئك الْأَنْبِيَاء وهم أَنْبيَاء أَن ينْكح دَاوُد تسعا وَتِسْعين امْرَأَة وينكح سُلَيْمَان مائَة امْرَأَة لَا يحل لمُحَمد أَن ينْكح كَمَا نكحوا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ فِي ظهر سُلَيْمَان مئة رجل وَكَانَ لَهُ ثلثمِائة امْرَأَة وثلثمائة سَرِيَّة

وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ لسيلمان ثلثمِائة امْرَأَة وَسَبْعمائة سَرِيَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن همام بن الْحَارِث {وآتيناهم ملكا عَظِيما} قَالَ: ايدوا بِالْمَلَائِكَةِ والجنود

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وآتيناهم ملكا عَظِيما} قَالَ: النُّبُوَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وآتيناهم ملكا عَظِيما} قَالَ: النبوّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن

مثله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فَمنهمْ من آمن بِهِ قَالَ بِمَا أنزل على مُحَمَّد من يهود

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَمنهمْ من آمن بِهِ} اتبعهُ {وَمِنْهُم من صد عَنهُ} يَقُول: تَركه فَلم يتبعهُ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: زرع إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن وَزرع النَّاس فِي تِلْكَ السّنة فَهَلَك زرع النَّاس وزكا زرع إِبْرَاهِيم وَاحْتَاجَ النَّاس

ص: 567

إِلَيْهِ فَكَانَ النَّاس يأْتونَ إِبْرَاهِيم فيسألونه مِنْهُ فَقَالَ لَهُم: من آمن أَعْطيته وَمن أَبى منعته

فَمنهمْ من آمن بِهِ فَأعْطَاهُ من الزَّرْع وَمِنْهُم من أَبى فَلم يَأْخُذ مِنْهُ

فَذَلِك قَوْله {فَمنهمْ من آمن بِهِ وَمِنْهُم من صد عَنهُ وَكفى بجهنم سعيراً}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة} وَمُحَمّد من آل إِبْرَاهِيم

وَأخرج ابْن الزبير بن بكار فِي الموقفيات عَن ابْن عَبَّاس أَن مُعَاوِيَة قَالَ: يَا بني هَاشم إِنَّكُم تُرِيدُونَ أَن تستحقوا الْخلَافَة كَمَا استحقيتم النُّبُوَّة وَلَا يَجْتَمِعَانِ لأحد وتزعمون أَن لكم ملكا

فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: أما قَوْلك أَنا نستحق الْخلَافَة بالنبوّة فَإِن لم نستحقها بالنبوّة فَبِمَ نستحقها وَأما قَوْلك أَن النُّبُوَّة والخلافة لَا يَجْتَمِعَانِ لأحد فَأَيْنَ قَول الله {فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة وآتيناهم ملكا عَظِيما} فالكتاب النبوّة وَالْحكمَة السّنة وَالْملك الْخلَافَة نَحن آل إِبْرَاهِيم أَمر الله فِينَا وَفِيهِمْ وَاحِد وَالسّنة لنا وَلَهُم جَارِيَة وَأما قَوْلك زَعمنَا أَن لنا ملكا فالزعم فِي كتاب الله شكّ وكل يشْهد أَن لنا ملكا لَا تَمْلِكُونَ يَوْمًا إِلَّا ملكنا يَوْمَيْنِ وَلَا شهرا إِلَّا ملكنا شَهْرَيْن وَلَا حولا إِلَّا ملكنا حَوْلَيْنِ

وَالله أعلم

الْآيَتَانِ 56 - 57

ص: 568

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ثوبر عَن ابْن عمر فِي قَوْله {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} قَالَ: إِذا احترقت جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا بَيْضَاء أَمْثَال الْقَرَاطِيس

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قرىء عِنْد عمر {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب}

ص: 568

فَقَالَ معَاذ: عِنْدِي تَفْسِيرهَا تبدل فِي سَاعَة مائَة مرّة

فَقَالَ عمر: هَكَذَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر قَالَ: تَلا رجل عِنْد عمر {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} فَقَالَ كَعْب عِنْدِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة قرأتها قبل الْإِسْلَام

فَقَالَ: هَاتِهَا يَا كَعْب فَإِن جِئْت بهَا كَمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صدقناك

قَالَ: إِنِّي قرأتها قبل الْإِسْلَام {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة عشْرين وَمِائَة مرّة

فَقَالَ عمر: هَكَذَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَنه يحرق أحدهم فِي الْيَوْم سبعين ألف مرّة {كلما نَضِجَتْ} وأكلت لحومهم قيل لَهُم عودوا فعادوا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: تَأْخُذ النَّار فتأكل جُلُودهمْ حَتَّى تكشطها عَن اللَّحْم حَتَّى تُفْضِي النَّار إِلَى الْعِظَام ويبدلون جُلُودًا غَيرهَا يذيقهم الله شَدِيد الْعَذَاب فَذَلِك دَائِم لَهُم أبدا بتكذيبهم رَسُول الله وكفرهم بآيَات الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ أَنه بلغه فِي قَول الله {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} قَالَ: يَجْعَل للْكَافِرِ مائَة جلد بَين كل جلدين لون من الْعَذَاب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: سمعنَا أَنه مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول: أَن جلد أحدهم أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وسنه سَبْعُونَ ذِرَاعا وبطنه لَو وضع فِيهِ جبل لوسعه فَإِذا أكلت النَّار جُلُودهمْ بدلُوا جُلُودًا غَيرهَا

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: أسر إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة إِن فِي جَهَنَّم لسباعاً من نَار وكلاباً من نَار وكلاليب من نَار وسيوفاً من نَار وَإنَّهُ تبْعَث مَلَائِكَة يعلقون أهل النَّار بِتِلْكَ الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بِتِلْكَ السيوف عضوا عضوا ويلقونهم إِلَى تِلْكَ السبَاع وَالْكلاب كلما قطعُوا عضوا عَاد مَكَانَهُ غضا جَدِيدا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُود لأبي هُرَيْرَة: أَتَدْرِي كم غلظ جلد الْكَافِر قَالَ: لَا

قَالَ: غلظ جلد الْكَافِر اثْنَان وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا

ص: 569