الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم -
سُورَة الرّوم
مَكِّيَّة وآياتها سِتُّونَ
- مُقَدّمَة سُورَة الرّوم أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت سُورَة الرّوم بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد بِسَنَد حسن عَن رجل من الصَّحَابَة
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصُّبْح فَقَرَأَ فِيهَا سُورَة الرّوم
وَأخرج الْبَزَّار عَن الاغر الْمُزنِيّ رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي صَلَاة الصُّبْح بِسُورَة الرّوم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن معمر بن عبد الْملك بن عُمَيْر
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الْفجْر يَوْم الْجُمُعَة بِسُورَة الرّوم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد وَابْن قَانِع من طَرِيق عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي روح رضي الله عنه قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الصُّبْح فَقَرَأَ سُورَة الرّوم فتردد فِيهَا فَلَمَّا انْصَرف قَالَ انما يلبس علينا صَلَاتنَا قوم يحْضرُون الصَّلَاة بِغَيْر طهُور من شهد الصَّلَاة فليحسن الطّهُور
- الم غلبت
الرّوم
فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين لله الْأَمر من قبل وَمن بعد ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله ينصر من يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم وعد الله لَا يخلف الله وعده وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ
أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {الم غلبت الرّوم} قَالَ: غلبت
وغلبت قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يحبونَ أَن تظهر فَارس على الرّوم لأَنهم أَصْحَاب أوثان وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ أَن تظهر الرّوم على فَارس لأَنهم أَصْحَاب كتاب فذكروه لأبي بكر رضي الله عنه فَذكره أَبُو بكر لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أما أَنهم سيغلبون فَذكره أَبُو بكر رضي الله عنه لَهُم فَقَالُوا: اجْعَل بَيْننَا وَبَيْنك أَََجَلًا فَإِن ظهرنا كَانَ لنا كَذَا وَكَذَا وَإِن ظهرتم كَانَ لكم كَذَا وَكَذَا
فَجعل بَينهم أَََجَلًا خمس سِنِين فَلم يظهروا فَذكر ذَلِك أَبُو بكر لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الا جعلته أرَاهُ قَالَ: دون الْعشْر فظهرت الرّوم بعد ذَلِك فَذَلِك قَوْله {الم غلبت الرّوم} فَغلبَتْ ثمَّ غلبت بعد
يَقُول الله {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} قَالَ سُفْيَان: سَمِعت أَنهم قد ظَهَرُوا عَلَيْهِم يَوْم بدر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: كَانَ فَارس ظَاهِرين على الرّوم وَكَانَ الْمُشْركُونَ يحبونَ أَن تظهر فَارس على الرّوم وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ أَن تظهر الرّوم على فَارس لأَنهم أهل كتاب وهم أقرب إِلَى دينهم
فَلَمَّا نزلت {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} قَالُوا: يَا أَبَا بكر إِن صَاحبك يَقُول إِن الرّوم تظهر على فَارس فِي بضع سِنِين
قَالَ: صدق قَالُوا: هَل لَك إِلَى أَن نقامرك فَبَايعُوهُ على أَرْبَعَة قَلَائِص إِلَى سبع سِنِين فَمضى السَّبع سِنِين وَلم يكن شَيْء
ففرح الْمُشْركُونَ بذلك وشق على الْمُسلمين
وَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بضع سِنِين قَالَ: فَمَا مَضَت السنتان حَتَّى جَاءَت الركْبَان بِظُهُور الرّوم على فَارس ففرح الممؤمنون بذلك وَأنزل الله {الم غلبت الرّوم} إِلَى قَوْله {وعد الله لَا يخلف الله وعده}
وَأخرج أيو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه قَالَ: لما أنزلت {الم غلبت الرّوم} قَالَ الْمُشْركُونَ لأبي بكر
رَضِي الله عَنهُ: أَلا ترى إِلَى مَا يَقُول صَاحبك
يزْعم أَن الرّوم تغلب فَارس قَالَ: صدق صَاحِبي
قَالُوا: هَل لَك أَن نخاطرك فَجعل بَينه وَبينهمْ أَََجَلًا فَحل الْأَجَل قبل أَن يبلغ الرّوم فَارس فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فساءه وَكَرِهَهُ وَقَالَ لأبي بكر مَا دعَاك إِلَى هَذَا قَالَ: تَصْدِيقًا لله وَرَسُوله فَقَالَ: تعرض لَهُم وَأعظم الْخطر واجعله إِلَى بضع سِنِين
فَأَتَاهُم أَبُو بكر رضي الله عنه فَقَالَ: هَل لكم فِي الْعود فَإِن الْعود أَحْمد قَالُوا: نعم
ثمَّ لم تمض تِلْكَ السنون حَتَّى غلبت الرّوم فَارس وربطوا خيولهم بِالْمَدَائِنِ وبنوا الرومية فقمر أَبُو بكر فجَاء بِهِ أَبُو بكر يحملهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَذَا السُّحت تصدق بِهِ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالدَّارقطني فِي الافراد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن يسَار بن مكرم السّلمِيّ قَالَ: لما نزلت {الم غلبت الرّوم}
كَانَت فَارس يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة قاهرين الرّوم وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ ظُهُور الرّوم عَلَيْهِم لِأَنَّهُمَا وإياهم أهل كتاب وَفِي ذَلِك يَقُول الله {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} وَكَانَت قُرَيْش تحب ظُهُور فَارس لأَنهم وإياهم لَيْسُوا أهل كتاب وَلَا إِيمَان ببعث فَلَمَّا أنزل الله هَذِه الْآيَة خرج أَبُو بكر رضي الله عنه يَصِيح فِي نواحي مَكَّة {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} فَقَالَ نَاس من قُرَيْش لأبي بكر: ذَاك بَيْننَا وَبَيْنكُم يزْعم صَاحبك إِن الرّوم ستغلب فَارس فِي بضع سِنِين أَفلا نراهنك على ذَاك قَالَ: بلَى - وَذَلِكَ قبل تَحْرِيم الرِّهَان - فارتهن أَبُو بكر رضي الله عنه الْمُشْركُونَ وتواضعوا الرِّهَان وَقَالُوا لأبي بكر: لم تجْعَل الْبضْع ثَلَاث سِنِين إِلَى تسع سِنِين فسم بَيْننَا وَبَيْنك وسطا تَنْتَهِي إِلَيْهِ قَالَ: فسموا بَينهم سِتّ سِنِين فمضت السِّت قبل أَن يظهروا فَأخذ الْمُشْركُونَ رهن أبي بكر رضي الله عنه فَلَمَّا دخلت السّنة السابعه ظَهرت الرّوم على فَارس فعاب الْمُسلمُونَ على أبي بكر رضي الله عنه بتسميته سِتّ سِنِين قَالَ: لِأَن الله قَالَ {فِي بضع سِنِين} فَأسلم عِنْد ذَلِك نَاس كثير
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي بكر رضي الله عنه: لما نزلت {الم غلبت الرّوم} أَلا يغالب الْبضْع دون الْعشْر
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن أبي حَاتِم وة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن شهَاب رضي الله عنه قَالَ: بلغنَا أَن الْمُشْركين كَانُوا يجادلون الْمُسلمين وهم بِمَكَّة يَقُولُونَ: الرّوم أهل كتاب وَقد غلبتهم الْفرس وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ ستغلبون بِالْكتاب الَّذِي أنزل على نَبِيكُم وسنغلبكم كَمَا غلبت فَارس الرّوم فَأنْزل الله {الم غلبت الرّوم} قَالَ ابْن شهابك فاخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود قَالَ: إِنَّه لما نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ فَأمر أَبُو بكر بعض الْمُشْركين - قبل أَن يحرم الْقمَار - على شَيْء إِن لم تغلب الرّوم فَارس فِي بضع سِنِين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم فعلت فَكل مَا دون الْعشْر بضع فَكَانَ ظُهُور فَارس على الرّوم فِي سبع سِنِين ثمَّ أظهر الله الرّوم على فَارس زمن الْحُدَيْبِيَة ففرح الْمُسلمُونَ بِظُهُور أهل الْكتاب
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ يَوْم بدر ظَهرت الرّوم على قارس فأعجب ذَلِك الْمُؤمنِينَ فَنزلت {الم غلبت الرّوم} قَرَأَهَا بِالنّصب إِلَى قَوْله {يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} قَالَ: ففرح المؤمنو بِظُهُور الرّوم على فَارس قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَكَذَا قَرَأَ {غلبت}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الم غلبت الرّوم} قَالَ: قد مضى
كَانَ ذَلِك فِي أهل فَارس وَالروم وَكَانَت فَارس قد غلبتهم ثمَّ غلبت الرّوم بعد ذَلِك والتقى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ مُشْركي الْعَرَب وَنصر أهل الْكتاب على الْعَجم
قَالَ عَطِيَّة: وَسَأَلت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ عَن ذَلِك عَن ذَلِك فَقَالَ: الْتَقَيْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ومشركي الْعَرَب والتقت الرّوم وَفَارِس فنصرنا على مُشْركي الْعَرَب وَنصر أهل الْكتاب على الْمَجُوس ففرحنا بنصر الله إيانا على الْمُشْركين وفرحنا بنصر أهل الْكتاب على الْمَجُوس فَذَلِك قَوْله {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض} قَالَ: غلبتهم أهل فَارس على أدنى أَرْضك الشَّام
{وهم من بعد غلبهم سيغلبون} قَالَ: لما أنزل الله هَؤُلَاءِ الْآيَات صدق الْمُسلمُونَ رَبهم وَعرفُوا أَن الرّوم
ستظهر على أهل فَارس فاقتمروا هم وَالْمُشْرِكُونَ خمس قَلَائِص وأجلوا بَينهم خمس سِنِين فولي قمار الْمُسلمين أَبُو بكر وَولي قمار الْمُشْركين أبي بن خلف - وَذَلِكَ قبل أَن ينْهَى عَن الْقمَار - فجَاء الْأَجَل وَلم تظهر الرّوم على فَارس فَسَأَلَ الْمُشْركُونَ قمارهم فَذكر ذَلِك أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ألم تَكُونُوا أَحِقَّاءَ أَن تؤجلوا أَََجَلًا دون الْعشْر فَإِن الْبضْع مَا بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْر فزايدوهم وَمَا دوهم فِي الْأَجَل فأظهر الله الرّوم على فَارس عِنْد رَأس السَّبع من قمارهم الأول فَكَانَ ذَلِك مرجعهم من الحديبيه وَكَانَ مِمَّا شدّ الله بِهِ الإِسلام فَهُوَ قَوْله {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزبير الْكلابِي قَالَ: رَأَيْت غَلَبَة فَارس الرّوم ثمَّ رَأَيْت غَلَبَة الرّوم فَارس ثمَّ رَأَيْت غَلَبَة الْمُسلمين فَارس وَالروم وظهورهم على الشَّام وَالْعراق
كل ذَلِك فِي خمس عشرَة سنة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ: سَيَجِيءُ أَقوام يقرأون {غلبت الرّوم} وَإِنَّمَا هِيَ {غُلبت}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ: سَأَلت معَاذ بن جبل رضي الله عنه عَن قَول الله {الم غلبت الرّوم} أَو {غلبت} فَقَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {الم غلبت الرّوم}
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {الم غلبت الرّوم} قَالَ: غلبتهم فَارس ثمَّ غلبت الرّوم فَارس
وَفِي قَوْله {فِي أدنى الأَرْض} قَالَ: فِي طرف الأَرْض: الشَّام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبضْع مَا بَين السَّبع إِلَى الْعشْرَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن نيار بن مكرم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْبضْع: مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر من طَرِيق ابراهيم بن سعد عَن أبي الْحُوَيْرِث رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ {بضع سِنِين} مَا بَين خمس إِلَى سبع
وَأخرج ابْن عبد الحكم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ الْبضْع سبع سِنِين
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {الم غلبت الرّوم} إِلَى قَوْله {أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ} قَالَ: ذكر غَلَبَة فَارس اياهم وادالة الرّوم على فَارس وَفَرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله أهل الْكتاب على فَارس من أهل الْأَوْثَان
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن الرّوم وَفَارِس اقْتَتَلُوا فِي أدنى الأَرْض قَالَ: وَأدنى الأَرْض يَوْمئِذٍ أَذْرُعَات
بهَا الْتَقَوْا فهزمت الرّوم فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وهم بِمَكَّة فشق ذَلِك عَلَيْهِم وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يكره أَن يظْهر الأميون من الْمَجُوس على أهل الْكتاب من الرّوم وَفَرح الْكفَّار بِمَكَّة وشمتوا فَلَقوا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: انكم أهل الْكتاب وَإِنَّكُمْ إِن قَاتَلْتُمُونَا لَنَظْهَرَنَّ عَلَيْكُم
فَأنْزل الله {الم غلبت الرّوم}
فَخرج أَبُو بكر رضي الله عنه إِلَى الْكفَّار فَقَالَ: فرحتم بِظُهُور إخْوَانكُمْ على اخواننا فَلَا تفرحوا وَلَا يقرن الله عينكم فوَاللَّه لَتظْهرنَّ الرّوم على فَارس أخبرنَا بذلك نَبينَا صلى الله عليه وسلم فَقَامَ إِلَيْهِ أبي بن خلف فَقَالَ: كذبت
فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر رضي الله عنه: أَنْت أكذب يَا عَدو الله
قَالَ: إِنَّا أحبك عشر قَلَائِص مني وَعشر فلائص مِنْك فَإِن ظَهرت الرّوم على فَارس غرمت وَإِن ظَهرت فَارس غرمت إِلَى ثَلَاث سِنِين فجَاء أَبُو بكر رضي الله عنه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ مَا هَكَذَا ذكرت إِنَّمَا الْبضْع من الثَّلَاث إِلَى التسع فَزَايِدْهُ فِي الْخطر وَمَاده فِي الْأَجَل فَخرج أَبُو بكر رضي الله عنه فلقي أَبَيَا فَقَالَ: لَعَلَّك نَدِمت قَالَ: لَا
قَالَ: تعال أُزَايِدك فِي الْخطر وَأُمَادّك فِي الْأَجَل فاجعلها مائَة قلُوص إِلَى تسع سِنِين قَالَ: قد فعلت
وَأخرج ابْن جرير عَن سليط قَالَ: سَمِعت ابْن عمر رضي الله عنهما يقْرَأ {الم غلبت الرّوم} قيل لَهُ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن على أَي شَيْء غلبوا قَالَ: على ريف الشَّام
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {لله الْأَمر من قبل} دولة فَارس على الرّوم {وَمن بعد} دولة الرّوم على فَارس
- قَوْله تَعَالَى: يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم عَن الْآخِرَة هم غافلون أولم يتفكروا فِي أنفسهم مَا خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأجل مُسَمّى وَإِن كثيرا من النَّاس بلقاء رَبهم لكافرون أولم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم كَانُوا أَشد مِنْهُم قُوَّة وأثاروا الأَرْض وعمروها أَكثر مِمَّا عمروها وجاءتهم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ الله ليظلمهم وَلَكِن كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ ثمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذين أساؤوا السوء أَن كذبُوا بآيَات الله وَكَانُوا بهَا يستهزؤون الله يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون وَيَوْم تقوم السَّاعَة يبلس المجرمون وَلم يكن لَهُم من شركائهم شُفَعَاء وَكَانُوا بشركائهم كَافِرين
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} يَعْنِي مَعَايشهمْ
مَتى يغرسون وَمَتى يزرعون وَمَتى يحصدون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} يعْرفُونَ عمرَان الدُّنْيَا
وهم فِي أَمر الْآخِرَة جهال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاردة رضي الله عنه فِي قَوْله {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: يعلمُونَ تجارتها وحرفتها وَبَيْعهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: مَعَايشهمْ وَمَا يصلحهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: ليبلغ من حذق أحدهم بِأَمْر دُنْيَاهُ أَنه يقلب الدِّرْهَم على ظفره فيخبرك بوزنة وَمَا يحسن يُصَلِّي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو فِي قَوْله {كَانُوا هم أَشد مِنْهُم قُوَّة} قَالَ:
كَانَ الرجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ بَين مَنْكِبَيْه ميل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وأثاروا الأَرْض} قَالَ: حرثوا الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وأثاروا الأَرْض} يَقُول: جنانها وأنهارها وزروعها {وعمروها أَكثر مِمَّا عمروها} يَقُول: عاشوا فِيهَا أَكثر من عيشكم فِيهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {ثمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذين أساؤوا السوأى} قَالَ: الَّذين كفرُوا جزاؤهم الْعَذَاب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ {السوأى} الاساءة جَزَاء المسيئين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {يبلس} قَالَ: ييأس
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {يبلس} قَالَ: يكتئب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ {يبلس} قَالَ: يكتئب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: الابلاس الفضيحة
- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم تقوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يتفرقون فَأَما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فهم فِي رَوْضَة يحبرون وَأما الَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا ولقاء الْآخِرَة فَأُولَئِك فِي الْعَذَاب محضرون
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يتفرقون} قَالَ: فرقة لَا اجْتِمَاع بعْدهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {يَوْمئِذٍ يتفرقون} قَالَ: هَؤُلَاءِ فِي عليين وَهَؤُلَاء فِي أَسف سافلين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {فِي رَوْضَة} يَعْنِي بساتين الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {فِي رَوْضَة يحبرون} قَالَ: فِي جنَّة يكرمون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {يحبرون} قَالَ: يكرمون
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {يحبرون} قَالَ: ينعمون
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والخطيب فِي تَارِيخه عَن يحيى بن أبي كثير {فِي رَوْضَة يحبرون} قَالَ: لَذَّة السماع فِي الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن أبي كثير فِي قَوْله (يحبرون) قيل: يَا رَسُول الله مَا الحبر قَالَ اللَّذَّة وَالسَّمَاع
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْأَوْزَاعِيّ فِي قَوْله {فِي رَوْضَة يحبرون} قَالَ: هوالسماع إِذا أَرَادَ أهل الْجنَّة أَن يطربوا أوحى الله إِلَى ريَاح يُقَال لَهَا: الهفافة
فَدخلت فِي آجام قصب اللُّؤْلُؤ الرطب فحركته فَضرب بعضه بَعْضًا فتطرب الْجنَّة فَإِذا طربت لم يبْق فِي الْجنَّة شَجَرَة إِلَّا وَردت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رضي الله عنه
أَنه سُئِلَ هَل فِي الْجنَّة سَماع فَقَالَ: إِن فِيهَا لشَجَرَة يُقَال لَهَا القيض لَهَا سَماع لم يسمع السامعون إِلَى مثله
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي والاصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُنَادي مُنَاد أَيْن الَّذين ينزعون أنفسهم عَن اللَّهْو مَزَامِير الشَّيْطَان أسكنوهم رياض الْمسك ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة: أسمعوهم حمدي وثنائي وأعلموهم أَن لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ
وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: يُنَادي مُنَاد يَوْم
الْقِيَامَة أَيْن الَّذين كَانُوا ينزهون أَصْوَاتهم وأسماعهم عَن اللَّهْو وَمَزَامِير الشَّيْطَان فيحملهم الله فِي رياض الْجنَّة من مسك فَيَقُول للْمَلَائكَة اسمعوا عبَادي تحميدي وتمجيدي وأخبروهم أَن لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ
وَأخرج الديلمي عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الله: أَيْن الَّذين كَانُوا ينزهون اسماعهم وأبصارهم عَن مَزَامِير الشَّيْطَان ميزوهم فيميزون فِي كتب الْمسك والعنبر ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة: أسمعوهم من تسبيحي وتحميدي وتهليلي قَالَ: فيسبحون بِأَصْوَات لم يسمع السامعون بِمِثْلِهَا قطّ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والضياء الْمَقْدِسِي كِلَاهُمَا فِي صفة الْجنَّة بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: فِي الْجنَّة شَجَرَة على سَاق قدر مَا يسير الرَّاكِب الْمجد فِي ظلها مائَة عَام فَيخرج أهل الْجنَّة أهل الغرف وَغَيرهم فيتحدثون فِي ظلها فيشتهي بَعضهم وَيذكر لَهو الدُّنْيَا فَيُرْسل الله ريحًا من الْجنَّة فَتحَرك تِلْكَ الشَّجَرَة بِكُل لَهو كَانَ فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط قَالَ: إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة لم يخلق الله من صَوت حسن إِلَّا وَهُوَ فِي جرمها يلذذهم وينعمهم
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل حبب إليّ الصَّوْت الْحسن فَهَل فِي الْجنَّة صَوت حسن فَقَالَ أَي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الله يوحي إِلَى شَجَرَة فِي الْجنَّة: أَن أسمعي عبَادي الَّذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عَن عزف البرابط والمزامير فَترفع بِصَوْت لم يسمع الْخَلَائق بِمثلِهِ من تَسْبِيح الرب وتقديسه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي مُوسَى الاشعري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من اسْتمع إِلَى صَوت غناء لم يُؤذن لَهُ أَن يسمع الروحانيين فِي الْجنَّة
قيل: وَمن الروحانيون يَا رَسُول الله قَالَ: قراء أهل الْجنَّة
وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن سعيد بن أبي سعيد الْحَارِثِيّ رضي الله عنه قَالَ: إِن فِي الْجنَّة آجاما من قصب من ذهب حملهَا اللُّؤْلُؤ اذا اشتها أهل الْجنَّة صَوتا بعث الله ريحًا على تِلْكَ الآجام فأتتهم بِكُل صَوت حسن يشتهونه
وَالله أعلم
- قَوْله تَعَالَى: فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وعشياً وَحين تظْهرُونَ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ويحيي الأَرْض بعد مَوتهَا وَكَذَلِكَ تخرجُونَ
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أدنى مَا يكون من الْحِين بكرَة وعشيا ثمَّ قَرَأَ {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي رزين رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَافِع بن الْأَزْرَق إِلَى ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: هَل تَجِد الصَّلَوَات الْخمس فِي الْقُرْآن قَالَ: نعم
فَقَرَأَ {فسبحان الله حِين تمسون} صَلَاة الْمغرب {وَحين تُصبحُونَ} صَلَاة الصُّبْح {وعشيا} صَلَاة الْعَصْر {وَحين تظْهرُونَ} صَلَاة الظّهْر وَقَرَأَ (وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: جمعت هَذِه الْآيَة مَوَاقِيت الصلوة {فسبحان الله حِين تمسون} قَالَ: الْمغرب وَالْعشَاء {وَحين تُصبحُونَ} الْفجْر {وعشيا} الْعَصْر {وَحين تظْهرُونَ} الظّهْر
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن معَاذ بن أنس رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أخْبركُم لم سمّى الله إِبْرَاهِيم خَلِيله الَّذِي وفى لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول كلما أصبح وَأمسى {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وعشياً وَحين تظْهرُونَ}
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ حِين يصبح {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وعشياً وَحين تظْهرُونَ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ويحيي الأَرْض بعد مَوتهَا وَكَذَلِكَ تخرجُونَ} أدْرك مَا
فَاتَهُ فِي يَوْمه وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي أدْرك مَا فَاتَهُ من ليلته
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ حِين أصبح سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ألف مرّة فقد اشْترى نَفسه من الله وَكَانَ آخر يَوْمه عتيقاً من النَّار
وَأخرج ابْن ماجة فِي تَفْسِيره وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ عمر رضي الله عنه: أما الْحَمد فقد عَرفْنَاهُ فقد يحمد الْخَلَائق بَعضهم بَعْضًا وَأما لَا إِلَه إِلَّا الله فقد عرفناها فقد عبدت الْآلهَة من دون الله وَأما الله أكبر فقد يكبر الْمُصَلِّي وَأما سُبْحَانَ الله فَمَا هُوَ فَقَالَ رجل من الْقَوْم: الله أعلم فَقَالَ عمر رضي الله عنه: قد شقي عمر إِن لم يكن يعلم أَن الله يعلم فَقَالَ عَليّ رضي الله عنه: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْم مَمْنُوع أَن يَنْتَحِلهُ أحد من الْخَلَائق وَإِلَيْهِ يفزع الْخلق واحب أَن يُقَال لَهُ فَقَالَ: هُوَ كَذَاك
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم والضياء عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة رضي الله عنهما
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله اصْطفى من الْكَلَام أَرْبعا
سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر
فَمن قَالَ سُبْحَانَ الله
كتبت لَهُ عشرُون حَسَنَة وحطت عَنهُ عشرُون سَيِّئَة وَمن قَالَ الله أكبر
مثل ذَلِك وَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله
مثل ذَلِك وَمن قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين
من قبل نَفسه لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة وحطت عَنهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: من قَرَأَ الْآيَات {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} إِلَى آخرهَا
لم يفته شَيْء فِي يَوْمه وَلَيْلَته وَأدْركَ مَا فَاتَهُ من يَوْمه وَلَيْلَته
- قَوْله تَعَالَى: وَمن آيَاته أَن خَلقكُم من تُرَاب ثمَّ إِذا أَنْتُم بشرتنتشرون وَمن آيَاته إِن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون وَمن آيَاته خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وإختلاف أَلْسِنَتكُم وألوانكم إِن فِي ذَلِك لآيَات
للْعَالمين وَمن آيَاته منامكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وابتغاؤكم من فَضله إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يسمعُونَ وَمن آيَاته يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا وَينزل من السَّمَاء مَاء فيحيي بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يعْقلُونَ وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ وَله من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض كل لَهُ قانتون
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن آيَاته} قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن آيَات
بذلك تعرفُون الله
إِنَّكُم لن تروه فتعرفونه على رُؤْيَة وَلَكِن تعرفُون بآياته وخلقه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن آيَاته أَن خَلقكُم من تُرَاب} قَالَ: آدم من تُرَاب {ثمَّ إِذا أَنْتُم بشر تنتشرون} يَعْنِي ذُريَّته {وَمن آيَاته إِن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} قَالَ: حَوَّاء
خلقهَا الله من ضلع من أضلاع آدم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة} قَالَ: الْجِمَاع {وَرَحْمَة} قَالَ: الْوَلَد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره} قَالَ: قامتا بأَمْره بِغَيْر عمد ثمَّ {إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ} قَالَ: دعاهم من السَّمَاء فَخَرجُوا من الأَرْض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {إِذا أَنْتُم تخرجُونَ} قَالَ: من قبوركم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَزْهَر بن عبد الله الجزاري قَالَ: يقْرَأ على الْمُصَاب إِذا أَخذ {وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله (كل لَهُ قانتون) يَقُول: مطيعون يَعْنِي الْحَيَاة والنشور وَالْمَوْت
وهم عاصون لَهُ فِيمَا سوى ذَلِك من الْعِبَادَة
وَالله تَعَالَى أعلم
- قَوْله تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ وَله الْمثل الْأَعْلَى فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عِكْرِمَة قَالَ: تعجب الْكفَّار من احياء الله الْمَوْتَى فَنزلت {وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} قَالَ: اعادة الْخلق أَهْون عَلَيْهِ من ابْتِدَائه
وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} قَالَ: الاعادة أَهْون عَلَيْهِ من الْبدَاءَة والبداءة عَلَيْهِ هَين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} قَالَ: أيسر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: فِي عقولكم اعادة شَيْء إِلَى شَيْء كَانَ أَهْون من ابْتِدَائه إِلَى شَيْء لم يكن
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ قَالَ: الاعادة أَهْون على الْمَخْلُوق لِأَنَّهُ يَقُول لَهُ يَوْم الْقِيَامَة {كن فَيكون} وَابْتِدَاء الْخلق من نطقة ثمَّ من علقَة ثمَّ من مُضْغَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: كل عَلَيْهِ هَين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَله الْمثل الْأَعْلَى} يَقُول {لَيْسَ كمثله شَيْء} الشورى الْآيَة 11 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَله الْمثل الْأَعْلَى} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَله الْمثل الْأَعْلَى} قَالَ: مثله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَلَا معبود غَيره
- قَوْله تَعَالَى: ضرب لكم مثلا من أَنفسكُم هَل لكم من مَا ملكت إيمَانكُمْ من شُرَكَاء فِي مَا رزقناكم فَأنْتم فِيهِ سَوَاء تخافونهم كخيفتكم أَنفسكُم كَذَلِك نفصل الْآيَات لقوم يعْقلُونَ بل اتبع الَّذين ظلمُوا أهواءهم بِغَيْر علم فَمن يهدي من أضلّ الله وَمَا لَهُم من ناصرين
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ يُلَبِّي أهل الشّرك لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك إِلَّا شريك هُوَ لَك تملكه ملك فَأنْزل الله {هَل لكم من مَا ملكت أَيْمَانكُم من شُرَكَاء}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {هَل لكم من مَا ملكت أَيْمَانكُم} الْآيَة
قَالَ: هِيَ فِي الْآلهَة وَفِيه يَقُول: تخافونهم أَن يرثوكم كَمَا يَرث بَعْضكُم بَعْضًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {ضرب لكم} الْآيَة
قَالَ هَذَا مثل ضربه الله لمن عدل بِهِ شَيْئا من خلقه يَقُول: أَكَانَ أحد مِنْكُم مشاركاً مَمْلُوكه فِي مَاله وَنَفسه وَزَوجته فَكَذَلِك لَا يرضى الله تَعَالَى أَن يعدل بِهِ أحد من خلقه
- قَوْله تَعَالَى: فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطرت الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: الدّين الإِسلام {لَا تَبْدِيل لخلق الله} قَالَ: لدين الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: الإِسلام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: دين الله الَّذِي فطر خلقه عَلَيْهِ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن مَكْحُول رضي الله عنه
أَن الْفطْرَة معرفَة الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لَا تَبْدِيل لخلق الله} قَالَ: دين الله {ذَلِك الدّين الْقيم} قَالَ: الْقَضَاء الْقيم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حَمَّاد بن عمر الصفار قَالَ: سَأَلت قَتَادَة رضي الله عنه عَن قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} فَقَالَ: حَدثنِي أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: دين الله
وَأخرج ابْن جرير عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه
ان عمر رضي الله عنه قَالَ لَهُ: مَا قوام هَذِه الْأمة قَالَ: ثَلَاث وَهِي المنجيات
الاخلاص: وَهِي الْفطْرَة الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا
وَالصَّلَاة: وَهِي الْملَّة
وَالطَّاعَة: وَهِي الْعِصْمَة
فَقَالَ عمر رضي الله عنه: صدقت
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {لَا تَبْدِيل لخلق الله} قَالَ: لدين الله
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَإِبْرَاهِيم وَابْن زيد
مثله
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه: اقرأوا ان شِئْتُم {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم}
وَأخرج مَالك وَأَبُو دَاوُد وَابْن مردوية عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا تنْتج الابل من بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تحس من جَدْعَاء) قَالُوا: يَا رَسُول الله أَفَرَأَيْت من يَمُوت وَهُوَ صَغِير قَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْأسود بن سريع رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث سَرِيَّة إِلَى خَيْبَر فَقَاتلُوا الْمُشْركين فَانْتهى بهم الْقَتْل إِلَى الذُّرِّيَّة فَلَمَّا جاؤا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: ماحملكم على قتل الذُّرِّيَّة قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّمَا كَانُوا أَوْلَاد الْمُشْركين قَالَ: وَهل خياركم إِلَّا أَوْلَاد الْمُشْركين وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من نسمَة تولد إِلَّا على الْفطْرَة حَتَّى يعرب عَنْهَا لسانها
- قَوْله تَعَالَى: منيبين إِلَيْهِ واتقوه وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَلَا تَكُونُوا من الْمُشْركين من الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ وَإِذا مس النَّاس ضرّ دعوا رَبهم منيبين إِلَيْهِ ثمَّ إِذا أذاقهم مِنْهُ رَحْمَة إِذا فريق مِنْهُم برَبهمْ يشركُونَ ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم فتمتعوا فَسَوف تعلمُونَ أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا فَهُوَ يتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يشركُونَ وَإِذا أذقنا النَّاس رَحْمَة فرحوا بهَا وَإِن تصبهم سَيِّئَة بِمَا قدمت أَيْديهم إِذا هم يقنطون أولم يرَوا أَن الله يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يُؤمنُونَ فَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل ذَلِك خير للَّذين يُرِيدُونَ وَجه الله وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربوا فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يربوا عِنْد الله وماأتيتم من زَكَاة تُرِيدُونَ وَجه الله فَأُولَئِك هم المضعفون الله الَّذِي خَلقكُم ثمَّ رزقكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ هَل من شركائكم من يفعل من ذَلِكُم من شَيْء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {منيبين إِلَيْهِ} قَالَ: تَائِبين إِلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {من الَّذين فرقوا دينهم} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى
وَفِي قَوْله {أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا} قَالَ: يَأْمُرهُم بذلك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا فَهُوَ يتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يشركُونَ} يَقُول: أم أنزلنَا عَلَيْهِم كتابا فَهُوَ ينْطق بشركهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل} قَالَ: الضَّيْف {ذَلِك خير للَّذين يُرِيدُونَ وَجه الله وَأُولَئِكَ هم المفلحون} قَالَ: هَذَا الَّذِي يقبله الله ويضاعفه لَهُم عشر أَمْثَالهَا وَأكْثر من ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا} قَالَ: الرِّبَا رباآن
رَبًّا لَا بَأْس بِهِ
وَربا لَا يصلح فَأَما الرِّبَا الَّذِي لَا بَأْس بِهِ
فهدية الرجل إِلَى الرجل يُرِيد فَضلهَا أَو اضعافها
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَمَا آتيتم من رَبًّا}
قَالَ هُوَ مَا يُعْطي النَّاس بَعضهم بَعْضًا يُعْطي الرجل الرجل الْعَطِيَّة يُرِيد أَن يعْطى أَكثر مِنْهَا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} قَالَ: هِيَ الْهَدَايَا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} قَالَ: يُعْطي مَا لَهُ يَبْتَغِي أفضل مِنْهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} قَالَ: مَا أعطيتم من عَطِيَّة لتثابوا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا فَلَيْسَ فِيهَا أجر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن
الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا} قَالَ: هُوَ الرِّبَا الْحَلَال
أَن تهدي أَكثر مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أجر وَلَا وزر وَنهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة فَقَالَ {وَلَا تمنن تستكثر}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه {وَمَا آتيتم من رَبًّا} قَالَ: الرجل يُعْطي الشَّيْء ليكافئه بِهِ ويزداد عَلَيْهِ {فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} وَالْآخر الَّذِي يُعْطي الشَّيْء لوجه الله وَلَا يُرِيد من صَاحبه جَزَاء وَلَا مُكَافَأَة فَذَلِك الَّذِي يضعف عِنْد الله تَعَالَى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من زَكَاة} قَالَ: هِيَ الصَّدَقَة
- قَوْله تَعَالَى: ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس ليذيقهم بعض الَّذِي عمِلُوا لَعَلَّهُم يرجعُونَ قل سِيرُوا فِي الأَرْض فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبل كَانَ أَكْثَرهم مُشْرِكين
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ {الْبر} الْبَريَّة الَّتِي لَيْسَ عِنْدهَا نهر
و {الْبَحْر} مَكَان من الْمَدَائِن والقرى على شط نهر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس} الْآيَة
قَالَ: نُقْصَان الْبركَة بأعمال الْعباد كي يتوبوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: قُحُوط الْمَطَر
قيل لَهُ: قُحُوط الْمَطَر لن يضر الْبَحْر
قَالَ: إِذا قل الْمَطَر قل الغوص
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رضي الله عنه فِي الْآيَة
أَنه قيل لَهُ: هَذَا الْبر وَالْبَحْر أَي فَسَاد فِيهِ قَالَ: إِذا قل الْمَطَر قل الغوص
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن رفيع رضي الله عنه فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر}
قَالَ: انْقِطَاع الْمَطَر
قيل: فالبحر قَالَ: إِذا لم يمطر عميت دَوَاب الْبَحْر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ {الْبر} الفيافي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْء
و {الْبَحْر} الْقرى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: الْبر قد عَرفْنَاهُ فَمَا بَال الْبَحْر قَالَ: إِن الْعَرَب تسمي الْأَمْصَار الْبَحْر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: فَسَاد الْبر: قَتْلُ ابنُ آدمَ أَخَاهُ
وَالْبَحْر: أَخْذُ الملكِ السفنَ غصبا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: هَذَا قبل أَن يبْعَث مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم رَجَعَ رَاجِعُون من النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ {الْبر} كل قَرْيَة نائية عَن الْبَحْر
مثل مَكَّة وَالْمَدينَة و {الْبَحْر} كل قَرْيَة على الْبَحْر
مثل كوفة وَالْبَصْرَة وَالشَّام وَفِي قَوْله {بِمَا كسبت أَيدي النَّاس} قَالَ: بِمَا عمِلُوا من الْمعاصِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: الْبَحْر الجزائر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: عَن الذُّنُوب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن رضي الله عنهما فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس} قَالَ: أفسدهم الله بِذُنُوبِهِمْ فِي بر الأَرْض وبحرها بأعمالهم الخبيثة {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يرجع من بعدهمْ
- قَوْله تَعَالَى: فأقم وَجهك للدّين الْقيم من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا مردّ لَهُ من الله يَوْمئِذٍ يصدعون من كفر فَعَلَيهِ كفره وَمن عمل صَالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات من فَضله إِنَّه لَا يحب الْكَافرين وَمن آيَاته أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات وليذيقكم من رَحمته ولتجري الْفلك بأَمْره ولتبتغوا من فَضله ولعلكم تشكرون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فأقم وَجهك للدّين الْقيم} قَالَ: الإِسلام {من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا مردّ لَهُ من الله} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {يَوْمئِذٍ يصدعون} قَالَ: فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {يَوْمئِذٍ يصدعون} قَالَ: يتفرقون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {يَوْمئِذٍ يصدعون} يَوْمئِذٍ يتفرقون
وَقَرَأَ {فَأَما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فهم فِي رَوْضَة يحبرون وَأما الَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا ولقاء الْآخِرَة فَأُولَئِك فِي الْعَذَاب محضرون} قَالَ: هَذَا حِين يصدعون يتفرقون إِلَى الْجنَّة وَالنَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فلأنفسهم يمهدون} قَالَ: يسوّون الْمضَاجِع فِي الْقَبْر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن آيَاته أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات} قَالَ: بالمطر {وليذيقكم من رَحمته} قَالَ: الْمَطَر {ولتجري الْفلك بأَمْره} قَالَ: السفن فِي الْبحار {ولتبتغوا من فَضله} قَالَ: التِّجَارَة فِي السفن
- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أرسلنَا من قبلك رسلًا إِلَى قَومهمْ فجاؤوهم بِالْبَيِّنَاتِ فانتقمنا من الَّذين أجرموا وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ
أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا من امرىء مُسلم يرد عَن عرض أَخِيه إِلَّا كَانَ حَقًا على الله أَن يرد عَنهُ نَار جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة
ثمَّ تَلا {وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ}
- قَوْله تَعَالَى: الله الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح فتثير سحابا فيبسطه فِي السَّمَاء كَيفَ يَشَاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فَإِذا أصَاب بِهِ من يَشَاء من عباده إِذا هم يستبشرون وَإِن كَانُوا من قبل أَن ينزل عَلَيْهِم من قبله لمبلسين فَانْظُر إِلَى آثَار رَحْمَة الله كَيفَ يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا إِن ذَلِك لمحيي الْمَوْتَى وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَلَئِن أرسلنَا ريحًا فرؤوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون
أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن السّديّ رضي الله عنه قَالَ: يُرْسل الله الرّيح فتأتي بالسحاب من بَين الْخَافِقين - طرف السَّمَاء حِين يَلْتَقِيَانِ - فتخرجه ثمَّ تنشره فيبسطه فِي السَّمَاء كَيفَ يَشَاء فيسيل المَاء على السَّحَاب ثمَّ يمطر السَّحَاب بعد ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: يُرْسل الله الرّيح فَتحمل المَاء من السَّحَاب فتمر بِهِ السَّحَاب فتدر كَمَا تدر النَّاقة وثجاج مثل العزالي غير أَنه متفرق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فيبسطه فِي السَّمَاء} قَالَ: يجمعه ويجعله {كسفا} قَالَ: قطعا
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {ويجعله كسفاً} قَالَ: قطعا يَجْعَل بَعْضهَا فَوق بعض {فترى الودق} قَالَ: الْمَطَر {يخرج من خلاله} قَالَ: من بَينه
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {فترى الودق} قَالَ: الْقطر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {ويجعله كسفاً} قَالَ: سَمَاء دون سَمَاء وَفِي قَوْله {لمبلسين} قَالَ: القنطين
- قَوْله تَعَالَى: فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا ولوا مُدبرين وَمَا أَنْت بهاد الْعمي عَن ضلالتهم إِن تسمع إِلَّا من يُؤمن بِآيَاتِنَا فهم مُسلمُونَ
أخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ترك قَتْلَى بدر أَيَّامًا حَتَّى جيفوا ثمَّ أَتَاهُم فَقَامَ يناديهم فَقَالَ: يَا أُميَّة بن خلف يَا أَبَا جهل بن هِشَام يَا عتبَة بن ربيعَة
هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَسمع عمر رضي الله عنه صَوته فجَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله تناديهم بعد ثَلَاث وَهل يسمعُونَ يَقُول الله {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم وَلَكنهُمْ لَا يُطِيقُونَ أَن يجيبوا
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: وقف النَّبِي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فَقَالَ هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا ثمَّ قَالَ: إِنَّهُم الْآن يسمعُونَ مَا أَقُول
فَذكر لعَائِشَة رضي الله عنها فَقَالَت: انما قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُم الْآن ليعلمون أَن الَّذِي كنت أَقُول لَهُم هُوَ الْحق ثمَّ قَرَأت {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} حَتَّى قَرَأت الْآيَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أنس بن مَالك عَن أبي طَلْحَة رضي الله عنهما أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم أَمر يَوْم بدر بأَرْبعَة وَعشْرين رجلا من صَنَادِيد قُرَيْش فقذفوا فِي طوى من أطواء بدر خَبِيث مخبث وَكَانَ إِذا ظهر على قوم أَقَامَ بالْعَرَصَةِ ثَلَاث لَيَال فَلَمَّا كَانَ ببدر الْيَوْم الثَّالِث أَمر براحلته فَشد عَلَيْهَا رَحلهَا ثمَّ مَشى وَاتبعهُ أَصْحَابه قَالُوا: مَا ترى ينْطَلق
إِلَّا لبَعض حَاجته حَتَّى قَامَ على شفة الركى فَجعل يناديهم بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِم
يَا فلَان بن فلَان وَيَا فلَان بن فلَان أيسركم أَنكُمْ أطعتم الله وَرَسُوله فَإنَّا قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَقَالَ عمر رضي الله عنه: يَا رَسُول الله مَا تكلم من أجساد لَا أَرْوَاح فِيهَا: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُم لأسْمع لما أَقُول مِنْكُم قَالَ قَتَادَة: أحياهم الله حَتَّى أسمعهم قَوْله توبيخاً وتصغيراً ونقمة وحسرة وندماً
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأهل بدر {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا ولوا مُدبرين}
- قَوْله تَعَالَى: الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف ثمَّ جعل من بعد ضعف قوّة ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا وَشَيْبَة يخلق مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيم الْقَدِير
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ والشيرازي فِي الألقاب وَالدَّارقطني فِي الافراد وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَرَأت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف} فَقَالَ من ضعف يَا بني
وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ (الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف) بِالضَّمِّ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف فِي الرّوم {خَلقكُم من ضعف ثمَّ جعل من بعد ضعف قوّة ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف} قَالَ: من نُطْفَة {ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا} قَالَ: الْهَرم {وَشَيْبَة} قَالَ: الشمط
- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم تقوم السَّاعَة يقسم المجرمون مَا لَبِثُوا غير سَاعَة كَذَلِك كَانُوا يؤفكون وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم وَالْإِيمَان لقد لبثتم فِي كتاب الله إِلَى يَوْم الْبَعْث فَهَذَا يَوْم الْبَعْث وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُم لَا تعلمُونَ فَيَوْمئِذٍ لَا ينفع الَّذين ظلمُوا معذرتهم وَلَا هم يستعتبون وَلَقَد ضربنا للنَّاس فِي هَذَا الْقُرْآن من كل مثل وَلَئِن جئتهم بِآيَة ليَقُولن الَّذين كفرُوا إِن أَنْتُم إِلَّا مبطلون كَذَلِك يطبع الله على قُلُوب الَّذين لَا يعلمُونَ فاصبر إِن وعد الله حق وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذين لَا يوقنون
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة يقسم المجرمون مَا لَبِثُوا غير سَاعَة} قَالَ: يعنون فِي الدُّنْيَا اسْتَقل الْقَوْم أجل الدُّنْيَا لما عاينوا الْآخِرَة {كَذَلِك كَانُوا يؤفكون} قَالَ: كَذَلِك كَانُوا يكذبُون فِي الدُّنْيَا {وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم} الْآيَة
قَالَ: هَذَا من تقاديم الْكَلَام وتأويلها: وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الإِيمان وَالْعلم فِي كتاب الله لقد لبثتم إِلَى يَوْم الْبَعْث
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رضي الله عنه فِي قَوْله {لقد لبثتم فِي كتاب الله إِلَى يَوْم الْبَعْث} قَالَ: لَبِثُوا فِي علم الله فِي البرزخ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يعلم مَتى علم وَقت السَّاعَة إِلَّا الله وَفِي ذَلِك أنزل الله {وَأجل مُسَمّى عِنْده} طه الْآيَة 129
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ رضي الله عنه أَن رجلا من الْخَوَارِج ناداه وَهُوَ فِي صَلَاة الْفجْر فَقَالَ {وَلَقَد أُوحِي إِلَيْك وَإِلَى الَّذين من قبلك لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك ولتكونن من الخاسرين} فَأَجَابَهُ عَليّ رضي الله عنه وَهُوَ فِي الصَّلَاة {فاصبر إِن وعد الله حق وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذين لَا يوقنون}
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم -
سُورَة لُقْمَان
مَكِّيَّة وآياتها ارْبَعْ وَثَلَاثُونَ
- مُقَدّمَة سُورَة لُقْمَان أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أنزلت سُورَة لُقْمَان بِمَكَّة
وَأخرج النّحاس فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: سُورَة لُقْمَان نزلت بِمَكَّة سوى ثَلَاث آيَات مِنْهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} لُقْمَان الْآيَة 27 إِلَى تَمام الْآيَات الثَّلَاث
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن الْبَراء رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نصلي خلف النَّبِي صلى الله عليه وسلم الظّهْر ونسمع مِنْهُ الْآيَة بعد الْآيَة من سُورَة لُقْمَان والذاريات
- الم تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم هدى وَرَحْمَة للمحسنين الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم بِالآخِرَة هم يوقنون أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل الله بِغَيْر علم ويتخذها هزوا أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب مهين
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} يَعْنِي بَاطِل الحَدِيث
وَهُوَ النَّضر بن الْحَارِث بن عَلْقَمَة
اشْترى أَحَادِيث الْعَجم وصنيعهم فِي دهرهم وَكَانَ يكْتب الْكتب من الْحيرَة وَالشَّام ويكذب بِالْقُرْآنِ فَأَعْرض عَنهُ فَلم يُؤمن بِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: شِرَاؤُهُ اسْتِحْبَابه
وبحسب الْمَرْء من الضَّلَالَة أَن يخْتَار حَدِيث الْبَاطِل على حَدِيث الْحق
وَفِي قَوْله {ويتخذها هزوا} قَالَ: يستهزىء بهَا ويكذبها
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {ويتخذها هزوا} قَالَ: سَبِيل الله يتَّخذ السَّبِيل هزوا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: بَاطِل الحَدِيث
وَهُوَ الْغناء وَنَحْوه {ليضل عَن سَبِيل الله} قَالَ: قِرَاءَة الْقُرْآن وَذكر الله
نزلت فِي رجل من قُرَيْش اشْترى جَارِيَة مغنية
وَأخرج جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: أنزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث
اشْترى قينة فَكَانَ لَا يسمع بِأحد يُرِيد الإِسلام إِلَّا انْطلق بِهِ إِلَى قَيْنَته فَيَقُول: أطعميه واسقيه وغنيه هَذَا خير مِمَّا يَدْعُوك إِلَيْهِ مُحَمَّد من الصَّلَاة وَالصِّيَام وَأَن تقَاتل بَين يَدَيْهِ فَنزلت
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَات وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ وَلَا خير فِي تِجَارَة فِيهِنَّ وَثَمَنهنَّ حرَام
فِي مثل هَذَا أنزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان الله حرم الْقَيْنَة وَبَيْعهَا وَثمنهَا وَتَعْلِيمهَا وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهَا
ثمَّ قَرَأَ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث}
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وأشباهه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث}
قَالَ: هُوَ شِرَاء الْمُغنيَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: الْجَوَارِي الضاربات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الصَّهْبَاء قَالَ: سَأَلت عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن قَوْله تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ - وَالله - الْغناء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير عَن شُعَيْب بن يسَار قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة رضي الله عنه عَن {لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وكل لعب لَهو
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق حبيب بن أبي ثَابت عَن إِبْرَاهِيم رضي الله عنه {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وَقَالَ مُجَاهِد رضي الله عنه: هُوَ لَهو الحَدِيث
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رضي الله عنه {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: الْغناء وَالْبَاطِل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} فِي الْغناء والمزامير
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء الزَّرْع وَالذكر ينْبت الإِيمان فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء الزَّرْع
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء البقل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: إِذا ركب الرجل الدَّابَّة وَلم يسم ردفه شَيْطَان فَقَالَ: تغنه فَإِن كَانَ لَا يحسن قَالَ لَهُ: تمنه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا رفع أحد صَوته بغناء إِلَّا بعث الله إِلَيْهِ شَيْطَانَيْنِ يجلسان على مَنْكِبَيْه يضربان باعقابهما على صَدره حَتَّى يمسك
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد رضي الله عنه أَنه سُئِلَ عَن الْغناء فَقَالَ: أَنهَاك عَنهُ وأكرهه لَك
قَالَ السَّائِل: احرام هُوَ قَالَ: انْظُر يَا ابْن أخي
إِذا ميز الله الْحق من الْبَاطِل فِي أَيهمَا يَجْعَل الْغناء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لعن الْمُغنِي والمغنى لَهُ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ: الْغناء رقية الزِّنَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عُثْمَان اللَّيْثِيّ قَالَ: قَالَ يزِيد بن الْوَلِيد النَّاقِص: يَا بني أُميَّة إيَّاكُمْ والغناء فَإِنَّهُ ينقص الْحيَاء وَيزِيد فِي الشَّهْوَة ويهدم الْمُرُوءَة وَإنَّهُ لينوب عَن الْخمر وَيفْعل مَا يفعل السكر فَإِن كُنْتُم لابد فاعلين فجنبوه النِّسَاء فَإِن الْغناء دَاعِيَة الزِّنَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جَعْفَر الْأمَوِي عمر بن عبد الله قَالَ: كتب عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه إِلَى مؤدب وِلْدِهِ: من عبد الله عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى سهل مَوْلَاهُ
أما بعد فَإِنِّي اخْتَرْتُك على علم مني لتأديب وِلْدِي وصرفتهم إِلَيْك عَن غَيْرك من مواليَّ وَذَوي الْخَاصَّة بِي فخذهم بالجفاء فَهُوَ أمكن لاقدامهم وَترك الصُّحْبَة فَإِن عَادَتهَا تكسب الْغَفْلَة وَكَثْرَة الضحك فَإِن كثرته تميت الْقلب وَليكن أول مَا يَعْتَقِدُونَ من أدبك بغض الملاهي الَّتِي بدؤها من الشَّيْطَان وعاقبتها سخط الرَّحْمَن فَإِنَّهُ بَلغنِي عَن الثِّقَات من حَملَة الْعلم إِن حُضُور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء العشب ولعمري ولتوقي ذَلِك بترك حُضُور تِلْكَ المواطن أيسر على ذَوي الذِّهْن من الثُّبُوت على النِّفَاق فِي قلبهن وَهُوَ حِين يفارقها لَا يعْتَقد مِمَّا سَمِعت أذنَاهُ على شَيْء ينْتَفع بِهِ وليفتح كل غُلَام مِنْهُم بجزئه من الْقُرْآن يثبت فِي قِرَاءَته فَإِذا فرغ مِنْهُ تنَاول قوسه وكنانته
وَخرج إِلَى الْغَرَض حافياً فَرمى سَبْعَة ارشاق ثمَّ انْصَرف إِلَى القائلة فان ابْن مَسْعُود رضي الله عنه كَانَ يَقُول: يَا بني قيلوا فَإِن الشَّيَاطِين لَا تقيل وَالسَّلَام
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن رَافع بن حَفْص الْمدنِي قَالَ: أَربع لَا ينظر الله إلَيْهِنَّ يَوْم الْقِيَامَة
الساحرة
والنائحة
والمغنية
وَالْمَرْأَة مَعَ الْمَرْأَة
وَقَالَ: من أدْرك ذَلِك الزَّمَان فَأولى بِهِ طول الْحزن
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رضي الله عنه قَالَ: مَا قدّست أمة فِيهَا البربط
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّمَا نهيت عَن صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فاجرين
صَوت عِنْد نَغمَة لَهو وَلعب وَمَزَامِير شَيْطَان وَصَوت عِنْد مُصِيبَة
خدش وُجُوه وشق جُيُوب وَرَنَّة شَيْطَان
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: صوتان ملعونان
مزمار عِنْد نَغمَة
وَرَنَّة عِنْد مُصِيبَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: أَخبث الْكسْب كسب الزمارة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: كنت أَسِير مَعَ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فِي طَرِيق فَسمع زمارة رَاع فَوضع أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ ثمَّ عدل عَن الطَّرِيق فَلم يزل يَقُول: يَا نَافِع أتسمع قلت: لَا
فَأخْرج أصبعيه من أُذُنَيْهِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صنع
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} إِنَّمَا ذَلِك شِرَاء الرجل اللّعب وَالْبَاطِل
وَأخرج الْحَاكِم فِي الكنى عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رضي الله عنه قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} فِي الْغناء وَالْبَاطِل والمزامير
وَأخرج آدم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ اشتراؤه الْمُغنِي والمغنية بِالْمَالِ الْكثير وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهِ وَإِلَى مثله من الْبَاطِل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ رجل يَشْتَرِي جَارِيَة تغنيه لَيْلًا أَو نَهَارا
- قَوْله تَعَالَى: وَإِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا ولى مستكبرا كَأَن لم يسْمعهَا كَأَن فِي أُذُنَيْهِ وقرا فبشره بِعَذَاب أَلِيم
أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَإِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا ولى مستكبراً} قَالَ: مُكَذبا بهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وقرا} قَالَ: ثقلا
- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم جنَّات النَّعيم خَالِدين فِيهَا وعد الله حَقًا وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم خلق السَّمَوَات بِغَيْر عمد ترونها وَألقى فِي الأَرْض رواسي أَن تميد بكم وَبث فِيهَا من كل دَابَّة وأنزلنا من السَّمَاء مَاء فَأَنْبَتْنَا فِيهَا من كل زوج كريم
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دينا رضي الله عنه قَالَ: {جنَّات النَّعيم} بَين جنَّات الفردوس وَبَين جنَّات عدن وفيهَا جوَار خُلِقْنَ من ورد الْجنَّة
قيل: وَمن يسكنهَا قَالَ: الَّذين هموا بِالْمَعَاصِي فَلَمَّا ذكرُوا عظمتي راقبوني وَالَّذين انْثَنَتْ أصلابهم فِي خَشْيَتِي
- قَوْله تَعَالَى: هَذَا خلق الله فأروني مَاذَا خلق الَّذين من دونه بل الظَّالِمُونَ فِي ضلال مُبين
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {هَذَا خلق الله} أَي مَا ذكر من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَث فِيهَا من الدَّوَابّ وَمَا أنبت من كل زوج {فأروني مَاذَا خلق الَّذين من دونه} يَعْنِي الْأَصْنَام
وَالله أعلم
- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة أَن اشكر لله وَمن يشْكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ وَمن كفر فَإِن الله غَنِي حميد وَإِذ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَتَدْرُونَ مَا كَانَ لُقْمَان قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: كَانَ حَبَشِيًّا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي الزّهْد وَأحمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المملوكين وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ لُقْمَان عليه السلام عبدا حَبَشِيًّا نجاراً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قَالَ: قلت لجَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما: مَا انْتهى إِلَيْكُم من شَأْن لُقْمَان عليه السلام قَالَ: كَانَ قَصِيرا أفطس من النّوبَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اتَّخذُوا السودَان فَإِن ثَلَاثَة مِنْهُم سَادَات أهل الْجنَّة
لُقْمَان الْحَكِيم
وَالنَّجَاشِي
وبلال الْمُؤَذّن قَالَ الطَّبَرَانِيّ: أَرَادَ الْحَبَشَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَادَات السودَان أَرْبَعَة
لُقْمَان الحبشي
وَالنَّجَاشِي
وبلال
وَمهجع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه أَن لُقْمَان عليه السلام كَانَ أسود من سودان مصر ذَا مشافر
أعطَاهُ الله الْحِكْمَة وَمنعه النُّبُوَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن ابْن حَرْمَلَة قَالَ: جَاءَ أسود إِلَى سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه يسْأَله فَقَالَ لَهُ سعيد رضي الله عنه: لَا تحزن من أجل أَنَّك أسود فَإِنَّهُ كَانَ من أخير النَّاس ثَلَاثَة من السودَان: بِلَال
وَمهجع مولى عمر بن الْخطاب
ولقمان الْحَكِيم كَانَ أسود نوبياً ذَا مشافر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ لُقْمَان عليه السلام عبد أسود
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لُقْمَان عليه السلام عبدا حَبَشِيًّا غليظ الشفتين مصفح الْقَدَمَيْنِ قَاضِيا لبني إِسْرَائِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
أَن لُقْمَان عليه السلام كَانَ خياطاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لُقْمَان عليه السلام من أَهْون مملوكيه على سَيّده وَإِن أول مَا رُؤِيَ من حكمته أَنه بَيْنَمَا هُوَ مَعَ مَوْلَاهُ إِذْ دخل الْمخْرج فَأطَال فِيهِ الْجُلُوس فناداه لُقْمَان أَن طول الْجُلُوس على الْحَاجة ينجع مِنْهُ الكبد وَيكون مِنْهُ الْبَاسُور ويصعد الْحر إِلَى الرَّأْس فأجلس هوينا وَأخرج فَخرج فَكتب حكمته على بَاب الحش قَالَ: وسكر مَوْلَاهُ فخاطر قوما على أَن يشرب مَاء بحيرة فَلَمَّا أَفَاق عرف مَا وَقع مِنْهُ فَدَعَا لُقْمَان فَقَالَ: لمثل هَذَا كنت أخبؤك
فَقَالَ: اجمعهم فَلَمَّا اجْتَمعُوا قَالَ: على أَي شَيْء خاطرتموه قَالُوا: على أَن يشرب مَاء هَذِه الْبحيرَة قَالَ: فَإِن لَهَا مواد فاحبسوا موادها عَنْهَا قَالُوا: كَيفَ نستطيع أَن نحبس موادها قَالَ: وَكَيف يَسْتَطِيع أَن يشْربهَا وَلها مواد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة} قَالَ: يَعْنِي الْعقل والفهم والفطنة
من غير نبوّة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن لُقْمَان كَانَ عبدا كثير التفكر حسن الظَّن كثير الصمت أحب الله فَأَحبهُ الله تَعَالَى فَمن عَلَيْهِ بالحكمة نُودي بالخلافة قبل دَاوُد عليه السلام فَقيل لَهُ: يَا لُقْمَان هَل لَك أَن يجعلك الله خَليفَة تحكم بَين النَّاس
بِالْحَقِّ قَالَ لُقْمَان: إِن أجبرني رَبِّي عز وجل قبلت فَإِنِّي أعلم أَنه إِن فعل ذَلِك أعانني
وَعَلمنِي
وعصمني
وَإِن خيرني رَبِّي قبلت الْعَافِيَة وَلم أسأَل الْبلَاء فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا لُقْمَان لم قَالَ: لِأَن الْحَاكِم بأشد الْمنَازل وأكدرها يَغْشَاهُ الظُّلم من كل مَكَان فيخذل أَو يعان فَإِن أصَاب فبالحري أَن ينجو وَإِن أَخطَأ أَخطَأ طَرِيق الْجنَّة وَمن يكون فِي الدُّنْيَا ذليلاً خير من أَن يكون شريفا ضائعا وَمن يخْتَار الدُّنْيَا على الْآخِرَة فَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَلَا يصير إِلَى ملك الْآخِرَة
فَعجب الْمَلَائِكَة من حسن مَنْطِقه فَنَامَ نومَة فغط بالحكمة غطاً فانتبه فَتكلم بهَا ثمَّ نُودي دَاوُد عليه السلام بعده بالخلافة فقبلها وَلم يشْتَرط شَرط لُقْمَان فَأَهوى فِي الْخَطِيئَة فصفح عَنهُ وَتجَاوز
وَكَانَ لُقْمَان يؤازره بِعِلْمِهِ وحكمته فَقَالَ دَاوُد عليه السلام: طُوبَى لَك يَا لُقْمَان أُوتيت الْحِكْمَة فصرفت عَنْك البلية وأوتي دَاوُد الْخلَافَة فَابْتلى بالذنب والفتنة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة} قَالَ: الْعقل
وَالْفِقْه
والاصابة فِي القَوْل فِي نبوّه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة} قَالَ: الْفِقْه فِي الإِسلام وَلم يكن نَبيا وَلم يُوح إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: خير الله تَعَالَى لُقْمَان بَين الْحِكْمَة والنبوّة
فَاخْتَارَ الْحِكْمَة على النبوّة فَأَتَاهُ جِبْرِيل عليه السلام وَهُوَ نَائِم فذر عَلَيْهِ الْحِكْمَة فاصبح ينْطق بهَا فَقيل لَهُ: كَيفَ اخْتَرْت الْحِكْمَة على النبوّة وَقد خيرك رَبك فَقَالَ: لَو أَنه أرسل إِلَيّ بالنبوّة عَزمَة لرجوت فِيهَا الْفَوْز مِنْهُ ولكنت أَرْجُو أَن أقوم بهَا وَلكنه خيرني فَخفت أَن أَضْعَف عَن النبوّة فَكَانَت الْحِكْمَة أحب إليَّ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه سُئِلَ أَكَانَ لُقْمَان عليه السلام نَبيا قَالَ: لَا
لم يُوح إِلَيْهِ وَكَانَ رجلا صَالحا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عليه السلام نَبيا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن لَيْث رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَت حِكْمَة لُقْمَان عليه السلام نبوّة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عليه السلام رجلا صَالحا وَلم يكن نَبيا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والرامهرمزي فِي الْأَمْثَال بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني عَلَيْك بمجالس الْعلمَاء واستمع كَلَام الْحُكَمَاء فَإِن الله يحي الْقلب الْمَيِّت بِنور الْحِكْمَة كَمَا تحيا الأَرْض الْميتَة بوابل الْمَطَر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه أَنه ذكر لُقْمَان الْحَكِيم فَقَالَ: مَا أُوتِيَ مَا أُوتِيَ عَن أهل وَلَا مَال
وَلَا حسب
وَلَا خِصَال
وَلكنه كَانَ رجلا صمصامة سكيتاً طَوِيل التفكر عميق النّظر لم ينم نَهَارا قطّ وَلم يره أحد يبزق وَلَا يتنحخ وَلَا يَبُول وَلَا يتغوّط وَلَا يغْتَسل وَلَا يعبث وَلَا يضْحك كَانَ لَا يُعِيد منطقاً نطقه إِلَّا أَن يَقُول: حِكْمَة يستعيدها إِيَّاه وَكَانَ قد تزوج وَولد لَهُ أَوْلَاد فماتوا فَلم يبك عَلَيْهِم وَكَانَ يغشى السُّلْطَان وَيَأْتِي الْحُكَمَاء لينْظر ويتفكر وَيعْتَبر
فبذلك أُوتِيَ مَا أُوتِيَ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الصمت وَابْن جرير عَن عمر بن قيس رضي الله عنه قَالَ: مر رجل بلقمان عليه السلام وَالنَّاس عِنْده فَقَالَ: أَلَسْت عبد بني فلَان قَالَ: بلَى
قَالَ: أَلَسْت الَّذِي كنت ترعى عِنْد جبل كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى
قَالَ: فَمَا الَّذِي بلغ بك مَا أرى قَالَ: تقوى الله وَصدق الحَدِيث وَأَدَاء الْأَمَانَة وَطول السُّكُوت عَمَّا لَا يعنيني
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُحَمَّد بن جحادة رضي الله عنه
مثله
وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن لُقْمَان الْحَكِيم كَانَ يَقُول: إِن الله إِذا استودع شَيْئا حفظه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي نعت الْخَائِفِينَ عَن الْفضل الرقاشِي قَالَ: مَا زَالَ لُقْمَان يعظ ابْنه حَتَّى انشقت مرارته فَمَاتَ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن حَفْص بن عمر الْكِنْدِيّ قَالَ: وضع لُقْمَان عليه السلام جراباً من خَرْدَل إِلَى جنبه وَجعل يعظ ابْنه موعظة وَيخرج خردلة فنفذ الْخَرْدَل فَقَالَ: يَا بني لقد وعظتك موعظة لَو وعظتها جبلا لتفطر
فتفطر ابْنه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه: يَا بني إياك والتقنع فَإِنَّهَا مخوفة بِاللَّيْلِ ومذلة بِالنَّهَارِ
وَأخرج العسكري فِي الْأَمْثَال وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس
أَن لُقْمَان عليه السلام كَانَ عبدا لداود وَهُوَ يسْرد الدرْع فَجعل يفتله هَكَذَا بِيَدِهِ فَجعل لُقْمَان عليه السلام يتعجب وَيُرِيد أَن يسْأَله وتمنعه حكمته أَن يسْأَله فَلَمَّا فرغ مِنْهَا صبها على نَفسه وَقَالَ: نعم درع الْحَرْب هَذِه
فَقَالَ لُقْمَان: الصمت من الْحِكْمَة وَقَلِيل فَاعله كنت أردْت أَن أَسأَلك فَسكت حَتَّى كفيتني
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عون بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني ارج الله رَجَاء لَا تأمن فِيهِ مكره وخف الله مَخَافَة لَا تيأس بهَا من رَحمته فَقَالَ: يَا أبتاه وَكَيف أَسْتَطِيع ذَلِك وَإِنَّمَا لي قلب وَاحِد قَالَ: الْمُؤمن كَذَا لَهُ قلبان
قلب يَرْجُو بِهِ
وقلب يخَاف بِهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني أَكثر من قَول: رب اغْفِر لي
فَإِن لله سَاعَة لَا يرد فِيهَا سَائل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ عَن عمرَان بن سليم رضي الله عنه قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني حملت الْحِجَارَة وَالْحَدِيد وَالْحمل الثقيل فَلم أحمل شَيْئا أثقل من جَار السوء يَا بني إِنِّي قد ذقت المر كُله فَلم أذق شَيْئا أَمر من الْفقر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْيَقِين عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إِن الْعَمَل لَا يُسْتَطَاع إِلَّا بِالْيَقِينِ وَمن يضعف يقينه يضعف عمله يَا بني إِذا جَاءَك الشَّيْطَان من قبل الشَّك والريبة فاغلبه بِالْيَقِينِ والنصيحة وَإِذا جَاءَك
من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بِذكر الْقَبْر وَالْقِيَامَة وَإِذا جَاءَك من قبل الرَّغْبَة والرهبة فاخبره أَن الدُّنْيَا مُفَارقَة متروكة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن وهب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني اتخذ تقوى الله تِجَارَة يأتك الرِّبْح من غير بضَاعَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الرِّضَا عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني لَا ينزلن بك أَمر رضيته أَو كرهته إِلَّا جعلت فِي الضَّمِير مِنْك أَن ذَلِك خير لَك
قَالَ: أهذه فَلَا أقدر أعطيكها دون أَن أعلم مَا قلت كَمَا قلت قَالَ: يَا بني فَإِن الله قد بعث نَبيا
هَلُمَّ حَتَّى تَأتيه فَصدقهُ
قَالَ: اذْهَبْ يَا أَبَت
فَخرج على حمَار وَابْنه على حمَار وتزودا ثمَّ سارا أَيَّامًا وليالي حَتَّى تلقتهما مفازة فأخذا أهبتهما لَهَا فدخلاها فسارا مَا شَاءَ الله حَتَّى ظهرا وَقد تَعَالَى النَّهَار وَاشْتَدَّ الْحر ونفد المَاء والزاد واستبطاآ حماريهما فَنزلَا فَجعلَا يَشْتَدَّانِ على سَوْقِهِما فَبَيْنَمَا هما كَذَلِك إِذْ نظر لُقْمَان أَمَامه فَإِذا هم بسواد ودخان فَقَالَ فِي نَفسه: السوَاد: الشّجر
وَالدُّخَان: الْعمرَان وَالنَّاس
فَبَيْنَمَا هما كَذَلِك يَشْتَدَّانِ إِذْ وطىء ابْن لُقْمَان على عظم فِي الطَّرِيق فَخر مغشياً عَلَيْهِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ لُقْمَان عليه السلام فضمه إِلَى صَدره واستخرج الْعظم بِأَسْنَانِهِ ثمَّ نظر إِلَيْهِ فذرفت عَيناهُ فَقَالَ: يَا أَبَت أَنْت تبْكي وَأَنت تَقول: هَذَا خير لي كَيفَ يكون هَذَا خير لي وَقد نفذ الطَّعَام وَالْمَاء وَبقيت أَنا وَأَنت فِي هَذَا الْمَكَان فَإِن ذهبت وتركتني على حَالي ذهبت بهم وغم مَا بقيت وان أَقمت معي متْنا جَمِيعًا فَقَالَ: يَا بني
أما بُكَائِي فرقة الْوَالِدين وَأما مَا قلت كَيفَ يكون هَذَا خير لي فَلَعَلَّ مَا صرف عَنْك أعظم مِمَّا ابْتليت بِهِ وَلَعَلَّ مَا ابْتليت بِهِ أيسر مِمَّا صرف عَنْك ثمَّ نظر لُقْمَان أَمَامه فَلم يَرَ ذَلِك الدُّخان والسواد
وَإِذا بشخص أقبل على فرس أبلق عَلَيْهِ ثِيَاب بيض وعمامة بَيْضَاء يمسح الْهَوَاء مسحاً فَلم يزل يرمقه بِعَيْنِه حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَرِيبا قتوارى عَنهُ ثمَّ صَاح بِهِ: أَنْت لُقْمَان قَالَ: نعم
قَالَ: أَنْت الْحَكِيم قَالَ: كَذَلِك
فَقَالَ: مَا قَالَ لَك ابْنك قَالَ: يَا عبد الله من أَنْت اسْمَع كلامك وَلَا أرى وَجهك قَالَ: أَنا جِبْرِيل
أَمرنِي رَبِّي
بخسف هَذِه الْمَدِينَة وَمن فِيهَا فاخبرت انكما تريدانها فدعوت رَبِّي أَن يحبسكما عَنْهَا بِمَا شَاءَ فحبسكما بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ ابْنك وَلَوْلَا ذَلِك لخسف بكما مَعَ من خسفت ثمَّ مسح جِبْرِيل عليه السلام يَده على قدم الْغُلَام فَاسْتَوَى قائمان وَمسح يَده على الَّذِي كَانَ فِيهِ الطَّعَام فَامْتَلَأَ طَعَاما وعَلى الَّذين كَانَ فِيهِ المَاء فَامْتَلَأَ مَاء ثمَّ حملهَا وحماريهما فزجل بهما كَمَا يزجل الطير فَإِذا هما فِي الدَّار الَّذِي خرجا بعد أَيَّام وليال
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ
أَنه لما وعظ لُقْمَان عليه السلام ابْنه قَالَ: {إِنَّهَا إِن تَكُ}
أَخذ حَبَّة من خَرْدَل فَأتى بهَا إِلَى اليرموك فألقاها فِي عرضه ثمَّ مكث مَا شَاءَ الله ثمَّ ذكرهَا وَبسط يَده فَأقبل بهَا ذُبَاب حَتَّى وَضعهَا فِي رَاحَته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَالك رضي الله عنه قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: لَيْسَ غنى كصحة وَلَا نعيم كطيب نفس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: من كذب ذهب مَاء وَجهه وَمن سَاءَ خلقه كثر غمه وَنقل الصخور من موَاضعهَا أيسر من إفهام من لَا يفهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن لُقْمَان قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني حملت الجندل
وَالْحَدِيد
وكل شَيْء ثقيل
فَلم أحمل شَيْئا هُوَ أثقل من جَار السوء وذقت المر فَلم أذق شَيْئا هُوَ أَمر من الْفقر يَا بني لَا ترسل رَسُولك جَاهِلا فَإِن لم تَجِد حكيماً فَكُن رَسُول نَفسك يَا بني إياك وَالْكذب فَإِنَّهُ شهي كلحم العصفور عَمَّا قَلِيل يقلي صَاحبه يَا بني احضر الْجَنَائِز وَلَا تحضر الْعرس فَإِن الْجَنَائِز تذكرك الْآخِرَة والعرس تشهيك الدُّنْيَا يَا بني لَا تَأْكُل شبعاً على شبع فَإنَّك إِن تلقه للكلب خير من أَن تَأْكُله يَا بني لَا تكن حلواً فتبلع وَلَا مرا فتلفظ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني لَا تكونن أعجز من هَذَا الديك الَّذِي يصوّت بالأسحار وَأَنت نَائِم على فراشك
وَأخرج عبد الله فِي زوائده وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن زَائِدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني لَا تُؤخر التَّوْبَة فَإِن الْمَوْت يَأْتِي بَغْتَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سيار بن الحكم قَالَ: قيل للقمان عليه السلام: مَا حكمتك قَالَ: لَا أسأَل عَمَّا قد كفيت وَلَا أتكلف مَا لَا يعنيني
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي عُثْمَان الْجَعْدِي رجل من أهل الْبَصْرَة قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني لَا ترغب فِي ود الْجَاهِل فَيرى أَنَّك ترْضى عمله وَلَا تهاون بمقت الْحَكِيم فيزهد فِيك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عِكْرِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ: لَا تنْكح أمة غَيْرك فتورث بنيك حزنا طَويلا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن مُحَمَّد بن وَاسع رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لُقْمَان عليه السلام يَقُول لِابْنِهِ: يَا بني اتَّقِ الله وَلَا تَرَ النَّاس أَنَّك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فَاجر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن جرير عَن خَالِد الربعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عبدا حَبَشِيًّا نجاراً فَقَالَ لَهُ سَيّده: اذْبَحْ لي شَاة
فذبح لَهُ شَاة فَقَالَ لَهُ: ائْتِنِي بأطيب مضغتين فِيهَا
فَأَتَاهُ بِاللِّسَانِ وَالْقلب فَقَالَ: أما كَانَ شَيْء أطيب من هذَيْن قَالَ: لَا
فَسكت عَنهُ مَا سكت ثمَّ قَالَ لَهُ: اذْبَحْ لي شَاة
فذبح لَهُ شَاة فَقَالَ لَهُ: ألق أخبثها مضغتين
فَرمى بِاللِّسَانِ وَالْقلب فَقَالَ أَمرتك بِأَن تَأتي بأطيبها مضغتين فأتيني بِاللِّسَانِ وَالْقلب وأمرتك أَن تلقي أخبثها مضغتين فألقيت اللِّسَان وَالْقلب فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ شَيْء بأطيب مِنْهَا إِذا طابا وَلَا بأخبث مِنْهُمَا إِذا خبثا
وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام: أَلا أَن يَد الله على أَفْوَاه الْحُكَمَاء
لَا يتَكَلَّم أحدهم إِلَّا مَا هيأ الله لَهُ
وَأخرج عبد الله عَن سُفْيَان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني مَا نَدِمت على الصمت قطّ وَإِن كَانَ الْكَلَام من فضَّة كَانَ السُّكُوت من ذهب
وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة رضي الله عنه أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني
اعتزل الشَّرّ كَيْمَا يعتزلك فَإِن الشَّرّ للشر خلق
وَأخرج عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة - يَعْنِي حِكْمَة لُقْمَان عليه السلام يَا بني إياك والرغب كل الرغب فَإِن الرغب كل الرغب [] ينفذ الْقرب من الْقرب وَيتْرك الْحلم مثل [] الرطب يَا بني إياك وَشدَّة الْغَضَب فَإِن شدَّة الْغَضَب ممحقة لفؤاد الْحَكِيم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبيد بن عُمَيْر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه: يَا بني اختر الْمجَالِس على عَيْنك فَإِذا رَأَيْت الْمجْلس يذكر الله عز وجل فِيهِ فاجلس مَعَهم فَإنَّك إِن تَكُ عَالما ينفعك علمك وَإِن تَكُ غبياً يعلموك وان يطلع الله عز وجل إِلَيْهِم برحمة تصبك مَعَهم يَا بني لَا تجْلِس فِي الْمجْلس الَّذِي لَا يذكر فِيهِ الله فَإنَّك إِن تَكُ عَالما لَا ينفعك علمك وَإِن تَكُ عَيِياً يزيدوك عياً وان يطلع الله إِلَيْهِم بعد ذَلِك بسخط يصبك مَعَهم وَيَا بني لَا يغيظنك امْرُؤ رحب الذراعين يسفك دِمَاء الْمُؤمنِينَ فَإِن لَهُ عِنْد الله قَاتلا لَا يَمُوت
وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: لَا يَأْكُل طَعَامك إِلَّا الأتقياء وشاور فِي أَمرك الْعلمَاء
وَأخرج أَحْمد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة - يَعْنِي حِكْمَة لُقْمَان - لتكن كلمتك طيبَة وَليكن وهجك بسيطاً تكن أحب إِلَى النَّاس مِمَّن يعطيهم الْعَطاء وَقَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة كَمَا تَرحمون تُرحمون
وَقَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة: كَمَا تَزْرَعُونَ تَحْصِدُون
وَقَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة: أحب خَلِيلك وخليل أَبِيك
وَأخرج أَحْمد عَن أبي قلَابَة رضي الله عنه قَالَ: قيل للقمان عليه السلام: أَي النَّاس أَصْبِر قَالَ: صَبر لَا مَعَه أَذَى
قيل: فَأَي النَّاس أعلم قَالَ: من ازْدَادَ من علم النَّاس إِلَى علمه
قيل فَأَي النَّاس خير قَالَ: الْغَنِيّ
قيل: الْغَنِيّ من المَال قَالَ: لَا
وَلَكِن الْغَنِيّ إِذا التمس عِنْده خير وجدوا لَا أغْنى نَفسه عَن النَّاس
وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان رضي الله عنه قَالَ: قيل للقمان عليه السلام: أَي النَّاس شَرّ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي أَن يرَاهُ النَّاس مسيئاً
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رضي الله عنه قَالَ: وجدت فِي بعض
الْحِكْمَة
يبرد الله عِظَام الَّذين يَتَكَلَّمُونَ باهواء النَّاس وَوجدت فِي الْحِكْمَة: لَا خير لَك فِي أَن تتعلم مَا لم تعلم إِذا لم تعْمل بِمَا قد علمت فَإِن مثل ذَلِك رجل احتطب حطباً فَحمل حزمة فَذهب يحملهَا فعجز عَنْهَا فضم إِلَيْهَا أُخْرَى
وَأخرج أَحْمد عَن مُحَمَّد بن جحادة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا تقر فِيهِ عين حَكِيم
وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان رضي الله عنه عَمَّن أخبرهُ أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: أَي بني إِن الدُّنْيَا بَحر عميق وَقد غرق فِيهَا نَاس كثير فَاجْعَلْ سفينتك فِيهَا تقوى الله وحشوها الإِيمان بِاللَّه وشراعها التَّوَكُّل على الله لَعَلَّك أَن تنجو وَلَا أَرَاك ناجياً
وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عَوْف بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إِنِّي حملت الجندل وَالْحَدِيد فَلم أحمل شَيْئا أثقل من جَار السوء وذقت المرارة كلهَا فَلم أذق أَشد من الْفقر
وَأخرج أَحْمد عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم رضي الله عنه أَن لُقْمَان قَالَ: أقصر من اللجاجة وَلَا أنطق فِيمَا لَا يعنيني وَلَا أكون مضحاكاً من غير عجب وَلَا مشاء إِلَى غير أرب
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد رضي الله عنه قَالَ: قَرَأت فِي الْحِكْمَة: من كَانَ لَهُ من نَفسه واعظاً كَانَ لَهُ من الله حَافِظًا وَمن أنصف النَّاس من نَفسه زَاده الله بذلك عزا والذل فِي طَاعَة الله أقرب من التعزز بالمعصية
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن دِينَار رضي الله عنه أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني انْزِلْ نَفسك منزلَة من لَا حَاجَة لَهُ بك ولَا بُد لَك مِنْهُ يَا بني كن كمن لَا يَبْتَغِي محمدة النَّاس وَلَا يكْسب ذمهم فنفسه مِنْهُ فِي عناء وَالنَّاس مِنْهُ فِي رَاحَة
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن أبي يحيى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: أَي بني أَن الْحِكْمَة أجلست الْمَسَاكِين مجَالِس الْمُلُوك
وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني جَالس الصَّالِحين من عباد الله فَإنَّك تصيب بمجالستهم خيرا وَلَعَلَّه أَن يكون آخر
ذَلِك تنزل عَلَيْهِم الرَّحْمَة فتصيبك مَعَهم يَا بني لَا تجَالس الأشرار فانك لَا يصيبك من مجالستهم خير وَلَعَلَّه أَن يكوه فِي آخر ذَلِك أَن تنزل عَلَيْهِم عُقُوبَة فتصيبك مَعَهم
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن أبي نجيح رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام: الصمت حكم وَقَلِيل فَاعله فَقَالَ طَاوس رضي الله عنه: أَي أَبَا نجيح من قَالَ وَاتَّقَى الله خير مِمَّن صمت وَاتَّقَى الله
وَأخرج أَحْمد عَن عون رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني إِذا انْتَهَيْت إِلَى نَادِي قوم فَارْمِهِمْ بِسَهْم الإِسلام ثمَّ اجْلِسْ فِي ناحيتهم فَإِن أفاضوا فِي ذكر الله فاجلس مَعَهم وَإِن أفاضوا فِي غير ذَلِك فتحول عَنْهُم
وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عبد الله بن دِينَار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن لُقْمَان قدم من سفر فَلَقِيَهُ غُلَام فِي الطَّرِيق فَقَالَ: مَا فعل أبي قَالَ: مَاتَ
قَالَ: الْحَمد لله ملكت أَمْرِي قَالَ: مَا فعلت أُمِّي قَالَ: مَاتَت
قَالَ: ذهب همي قَالَ: مَا فعلت امْرَأَتي قَالَ: مَاتَت قَالَ: جدد فِرَاشِي قَالَ: مَا فعلت أُخْتِي قَالَ: مَاتَت قَالَ: سترت عورتي قَالَ: مَا فعل أخي قَالَ: مَاتَ قَالَ: انْقَطع ظَهْري
وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عبد الْوَهَّاب بن بخت الْمَكِّيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني جَالس الْعلمَاء وزاحمهم بركبتيك فَإِن الله ليحيي الْقُلُوب الْميتَة بِنور الْحِكْمَة كَمَا يحيي الأَرْض الْميتَة بوابل السَّمَاء
وَأخرج عَن عبد الله بن قيس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني امْتنع مِمَّا يخرج من فِيك فَإنَّك مَا سكت سَالم وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَك من القَوْل مَا ينفعك
وَأخرج أَحْمد عَن مُحَمَّد بن وَاسع رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني لَا تتعلم مَا لَا تعلم حَتَّى تعْمل بِمَا تعلم
وَأخرج أَحْمد عَن بكر الْمُزنِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام: ضرب الْوَالِد لوَلَده كَالْمَاءِ للزَّرْع
وَأخرج القالي فِي أَمَالِيهِ عَن الْعُتْبِي قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عليه السلام كَانَ
يَقُول: ثَلَاثَة لَا يعْرفُونَ إِلَّا ثَلَاثَة مَوَاطِن
الْحَلِيم عِنْد الْغَضَب
والشجاع عِنْد الْحَرْب
وأخوك عِنْد حَاجَتك إِلَيْهِ
وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن الْحَنْظَلِي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إِذا أردْت أَن تؤاخي رجلا فاغضبه قبل ذَلِك فَإِن أنصفك عِنْد غَضَبه وَإِلَّا فاحذره
وَأخرج الدَّارقطني عَن مَالك بن أنس رضي الله عنه قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني إِنَّك مُنْذُ نزلت إِلَى الدُّنْيَا استدبرتها واستقبلت الْأُخْرَى فَدَارٌ أَنْت إِلَيْهَا تسير أقرب من دَار أَنْت عَنْهَا تُبَاعِد
وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن ابْن أبي مليكَة رضي الله عنه أَن لُقْمَان عليه السلام كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل أَصْحَابِي الغافلين
إِذا ذكرتك لم يعينوني وَإِذا نسيتك لم يذكروني وَإِذا أمرت لم يطيعوني وَإِن صمت أحزنوني
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مُعْتَمر عَن أَبِيه أَن لُقْمَان عليه السلام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني عود لسَانك أَن يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي
فَإِن لله سَاعَة لَا يرد فِيهَا الدُّعَاء
وَأخرج الْخَطِيب عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام لِابْنِهِ: يَا بني إياك والدَيْن فَإِنَّهُ ذُلُّ النهارِ هَمُّ الليلِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني ارج الله رَجَاء لَا يجرئك على مَعْصِيَته وخف الله خوفًا لَا يؤيسك من رَحمته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لُقْمَان عليه السلام: إِذا جَاءَك الرجل وَقد سَقَطت عَيناهُ فَلَا تقض لَهُ حَتَّى يَأْتِي خَصمه قَالَ: يَقُول لَعَلَّه أَن يَأْتِي وَقد نزع أَرْبَعَة أعين
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ الله عز وجل يَا ابْن آدم خلقتك وَتعبد غَيْرِي وَتَدْعُو إِلَيّ وتفر مني وتذكرني وتنساني هَذَا أظلم ظلم فِي الأَرْض ثمَّ يَتْلُو الْحسن {إِن الشّرك لظلم عَظِيم}
- قَوْله تَعَالَى: وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حماته أمه وَهنا على وَهن وفصاله فِي عَاميْنِ أَن اشكر لي ولوالديك إِلَيّ الْمصير وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا وَاتبع سَبِيل من أناب إليَّ ثمَّ إِلَيّ مرجعكم فأنبئكم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ يَا بني إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل فتكن فِي صَخْرَة أَو فِي السَّمَوَات أَو فِي الأَرْض يَأْتِ بهَا الله إِن الله لطيف خَبِير يَا بني أقِم الصَّلَاة وام بِالْمَعْرُوفِ وانه عَن الْمُنكر واصبر على مَا أَصَابَك إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور وَلَا تصعر خدك للنَّاس وَلَا تمش فِي الآرض مرحاً إِن الله لَا يحب كل مختال فخور واقصد فِي مشيك واغضض من صَوْتك إِن أنكر الْأَصْوَات لصوت الْحمير
أخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: إِن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} كنت رجلا برا بأمي فَلَمَّا أسلمت قَالَت: يَا سعد وَمَا هَذَا الَّذِي أَرَاك قد أحدَثْتَ لتَدَعَنَّ دينَك هَذَا أَو لَا آكل وَلَا أشْرب حَتَّى أَمُوت فَتُعَيَّرَ بِي فيُقال يَا قَاتل أمه قلت: يَا أمه لَا تفعلي فَإِنِّي لَا أدع ديني هَذَا لشَيْء فَمَكثت يَوْمًا وَلَيْلَة لَا تَأْكُل فاصبحت قد جهدت فَمَكثت يَوْمًا آخر وَلَيْلَة وَقد اشْتَدَّ جهدها فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قلتك يَا أمه تعلمين وَالله لَو كَانَت لَك مائَة نفس فَخرجت نفسا نفسا مَا تركت ديني هَذَا لشَيْء فَإِن شِئْت فكلي وَإِن شِئْت فَلَا تأكلي فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك أكلت
فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعد قَالَ: نزلت فيَّ أَربع آيَات الْأَنْفَال {وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} وَالْوَصِيَّة وَالْخمر
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي سعد بن أبي
وَقاص رضي الله عنه {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي}
وَأخرج ابْن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: جِئْت من الرَّمْي فَإِذا النَّاس مجتمعون على أُمِّي حمْنَة بنت سُفْيَان بن أُميَّة بن عبد شمس وعَلى أخي عَامر حِين أسلم فَقلت: مَا شَأْن النَّاس فَقَالُوا: هَذِه أمك قد أخذت أَخَاك عَامِرًا تُعْطِي الله عهدا: أَن لَا يُظِلّهَا ظلّ وَلَا تَأْكُل طَعَاما وَلَا تشرب شرابًا حَتَّى يدع الصباوة
فَأقبل سعد رضي الله عنه حَتَّى تخلص إِلَيْهَا فَقَالَ: عَليّ يَا أمه فاحلفي قَالَت: لم قَالَ: أَن لَا تستظلي فِي ظلّ وَلَا تأكلي طَعَاما وَلَا تشربي شرابًا حَتَّى تريْ مَقْعَدك من النَّار فَقَالَت: إِنَّمَا أَحْلف على ابْني الْبر
فَأنْزل الله {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: شدَّة بعد شدَّة وخلقاً بعد خلق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: ضعفا على ضعف
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: مشقة وَهُوَ الْوَلَد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: الْوَلَد على وَهن قَالَ: الوالدة وضعفها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} قَالَ: تعودهما إِذا مَرضا وتتبعهما إِذا مَاتَا وتواسيهما مِمَّا أَعْطَاك الله {وَاتبع سَبِيل من أناب إليَّ}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {وَاتبع سَبِيل من أناب إِلَيّ} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل} قَالَ: من خير أَو شَرّ {فتكن فِي صَخْرَة} قَالَ: فِي جبل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: الأَرْض على نون
وَالنُّون على بَحر وَالْبَحْر على صَخْرَة خضراء فخضرة المَاء من تِلْكَ الصَّخْرَة قَالَ: والصخرة على قرن ثَوْر وَذَلِكَ الثور على الثرى وَلَا يعلم مَا تَحت الثرى إِلَّا الله
فَذَلِك قَوْله: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض وَمَا بَينهمَا وَمَا تَحت الثرى} طه الْآيَة 6 فَجَمِيع مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَمَا بَينهمَا وَمَا تَحت الثرى فِي حرم الرَّحْمَن فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة لم يبْق شَيْء من خلقه قَالَ: {لمن الْملك الْيَوْم} فيهتز مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض فيجيب هُوَ نَفسه فَيَقُول: {لله الْوَاحِد القهار}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن أبي مَالك رضي الله عنه {يَأْتِ بهَا الله} قَالَ: يعلمهَا الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن الله لطيف} قَالَ: باستخراجها
قَالَ: بمستقرها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {وَأمر بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي بِالتَّوْحِيدِ {وانه عَن الْمُنكر} يَعْنِي عَن الشّرك {واصبر على مَا أَصَابَك} فِي أَمرهمَا يَقُول: إِذا أمرت بِمَعْرُوف أَو نهيت عَن مُنكر وأصابك فِي ذَلِك أَذَى وَشدَّة فاصبر عَلَيْهِ {إِن ذَلِك} يَعْنِي هَذَا الصَّبْر على الْأَذَى فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر {من عزم الْأُمُور} يَعْنِي من حق الْأُمُور الَّتِي أَمر الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {واصبر على مَا أَصَابَك} من الْأَذَى فِي ذَلِك {إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} يَقُول: مِمَّا عزم الله عَلَيْهِ من الْأُمُور وَمِمَّا أَمر الله بِهِ من الْأُمُور
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن أبي جَعْفَر الخطمي رضي الله عنه أَن جده عُمَيْر بن حبيب وَكَانَت لَهُ صُحْبَة أوصى بنيه قَالَ: يَا بني إيَّاكُمْ ومجالسة السُّفَهَاء فَإِن مجالستهم دَاء إِنَّه من يحلم عَن السَّفِيه يسر بحلمه وَمن يُحِبهُ ينْدَم وَمن لَا يقر بِقَلِيل مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيه يقر بالكثير وَمن يصبر على مَا يكره يدْرك مَا يحب وَإِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَأْمر النَّاس بِالْمَعْرُوفِ وينهاهم عَن الْمُنكر فليوطن نَفسه على الصَّبْر على الْأَذَى وليثق بالثواب من الله وَمن يَثِق بالثواب من الله لَا يجد مس الْأَذَى
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله
عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن قَول الله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: ليّ الشدق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} يَقُول: لَا تتكبر
فتحقر عباد الله وَتعرض عَنْهُم بِوَجْهِك إِذا كلموك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: هُوَ الَّذِي إِذا سلم عَلَيْهِ لوى عُنُقه كالمستكبر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: الصدود والإِعراض بِالْوَجْهِ عَن النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} يَقُول: لَا تعرض وَجهك عَن فُقَرَاء النَّاس تكبراً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الرّبيع بن أنس رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: ليكن الْفَقِير والغني عنْدك فِي الْعلم سَوَاء وَقد عوتب النَّبِي صلى الله عليه وسلم {عبس وَتَوَلَّى}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} قَالَ: تواضع
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد ابْن أبي حبيب رضي الله عنه فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} قَالَ: يَعْنِي السرعة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} يَقُول: لَا تختال: {واغضض من صَوْتك} قَالَ: اخْفِضْ من صَوْتك عَن الْمَلأ {إِن أنكر الْأَصْوَات} قَالَ: أقبح الْأَصْوَات {لصوت الْحمير}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} قَالَ: نَهَاهُ عَن الْخُيَلَاء {واغضض من صَوْتك} قَالَ: أمره بالاقتصاد فِي صَوته {إِن أنكر الْأَصْوَات} قَالَ: أقبح الْأَصْوَات {لصوت الْحمير} قَالَ: أوّله زفير وَآخره شهيق
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله
{إِن أنكر الْأَصْوَات لصوت الْحمير} قالك أنكرها على السّمع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ رضي الله عنه قالك صياح كل شَيْء تسبيحه إِلَّا الْحمار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه قَالَ: لَو كَانَ رفع الصَّوْت خيرا مَا جعله الله للحمير
- قَوْله تَعَالَى: ألم تروا أَن الله سخر لكم مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة وَمن النَّاس من يُجَادِل فِي الله بِغَيْر علم وَلَا هدى وَلَا كتاب مُنِير وَإِذا قيل لَهُم اتبعُوا مَا أنزل الله قَالُوا بل نتبع مَا وجدنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أولو كَانَ الشَّيْطَان يَدعُوهُم إِلَى عَذَاب السعير وَمن يسلم وَجهه إِلَى الله وَهُوَ محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وَإِلَى الله عَاقِبَة الْأُمُور وَمن كفر فَلَا يحزنك كفره إِلَيْنَا مرجعهم فننبئهم بِمَا عمِلُوا إِن الله عليم بِذَات الصُّدُور نمتعهم قَلِيلا ثمَّ نضطرهم إِلَى عَذَاب غليظ وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ليَقُولن الله قل الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِن الله هُوَ الْغَنِيّ الحميد
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: هَذِه من كنوز عَليّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أما الظَّاهِرَة فَمَا سوى من خلقك وَأما الْبَاطِنَة فَمَا ستر من عورتك وَلَو أبداها لقلاك أهلك فَمن سواهُم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ والديلمي وَابْن النجار عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن قَول {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: أما الظَّاهِرَة
فالإِسلام وَمَا سوى من خلقك وَمَا أَسْبغ عَلَيْك من رزقه وَأما
الْبَاطِنَة فَمَا ستر من مساوىء عَمَلك يَا ابْن عَبَّاس إِن الله تَعَالَى يَقُول: ثَلَاث جعلتهن لِلْمُؤمنِ: صَلَاة الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ من بعده
وَجعلت لَهُ ثلث مَاله أكفر عَنهُ من خطاياه
وسترت عَلَيْهِ من مساوىء عمله فَلم أفضحه بِشَيْء مِنْهَا وَلَو أبديتها لنبذه أَهله فَمن سواهُم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: النِّعْمَة الظَّاهِرَة: الإِسلام
وَالنعْمَة الْبَاطِنَة: كل مَا ستر عَلَيْكُم من الذُّنُوب والعيوب وَالْحُدُود
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَرَأَ {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: هِيَ لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه كَانَ يقرأوها {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه} قَالَ: لَو كَانَت نعْمَة كَانَت نعْمَة دون نعْمَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ظَاهِرَة قَالَ: على اللِّسَان {وباطنة} قَالَ: فِي الْقلب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل رضي الله عنه فِي قَوْله {نعمه ظَاهِرَة} قَالَ: الإِسلام {وباطنة} قَالَ: ستره عَلَيْكُم الْمعاصِي
وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: أما الظَّاهِرَة ك فالإِسلام
وَالْقُرْآن وَأما الْبَاطِنَة: فَمَا ستر من الْعُيُوب
- قَوْله تَعَالَى: وَلَو أَن مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يمده من بعده سَبْعَة أبحر مَا نفذت كَلِمَات الله إِن الله عَزِيز حَكِيم
أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن
أَحْبَار يهود قَالُوا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ ك يَا مُحَمَّد أَرَأَيْت قَوْلك وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا ايانا تُرِيدُ أم قَوْمك فَقَالَ: كلا
فَقَالُوا: أَلَسْت تتلو فِيمَا جَاءَك أَنا قد أوتينا التَّوْرَاة وفيهَا تبيان كل شَيْء فَقَالَ: إِنَّهَا فِي علم الله قَلِيل
فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ اجْتمعت الْيَهُود فِي بَيت فارسلوا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن ائتنا
فجَاء فَدخل عَلَيْهِم فَسَأَلُوهُ عَن الرَّجْم فَقَالَ: أخبروني بأعلمكم
فأشاروا إِلَى ابْن صوريا الْأَعْوَر قَالَ: أَنْت أعلمهم قَالَ: إِنَّهُم يَزْعمُونَ ذَاك قَالَ: فنشدتك بالمواثيق الَّتِي أخذت عَلَيْكُم وبالتوراة الَّتِي أنزلت على مُوسَى
مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة قَالَ: لَوْلَا أَنَّك نشدتني بِمَا نشدتني بِهِ مَا أَخْبَرتك أجد فِيهَا الرَّجْم قَالَ: فَقضى عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: صدقت يَا مُحَمَّد عندنَا التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله فَكَانُوا قبل ذَلِك لَا يظفرون من النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِشَيْء قَالَ: فَنزل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} الاسلااء الْآيَة 85
فَاجْتمعُوا فِي ذَلِك الْبَيْت فَقَالَ رئيسهم: يَا معشر الْيَهُود لقد ظفرتم بِمُحَمد فأرسلوا إِلَيْهِ
فجَاء فَدخل عَلَيْهِم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أَلَسْت أَنْت أخبرتنا أَنه أنزل عَلَيْك {وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله} ثمَّ تخبرنا أَنه أنزل عَلَيْك {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَهَذَا مُخْتَلف
فَسكت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يرد عَلَيْهِم قَلِيلا وَلَا كثيرا قَالَ: وَنزل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَجَمِيع خلق الله كتاب وَهَذَا الْبَحْر يمد فِيهِ سَبْعَة أبحر مثله فَمَاتَ هَؤُلَاءِ الْكتاب كلهم وَكسرت هَذِه الأقلام كلهَا ويبست هَذِه البحور الثَّمَانِية وَكَلَام الله كَمَا هُوَ لَا ينقص وَلَكِنَّكُمْ أُوتِيتُمْ التَّوْرَاة فِيهَا شَيْء من حكم الله وَذَلِكَ فِي حكم الله قَلِيل
فَأرْسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأتوهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة قَالَ: فَرَجَعُوا مخصومين بشر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ الله أَن يَقُول
فَقَالَ رجل: يَا مُحَمَّد تزْعم أَنَّك أُوتيت الْحِكْمَة وَأُوتِيت الْقُرْآن وأوتيتنا التَّوْرَاة فَأنْزل الله {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يمده من بعده سَبْعَة أبحر مَا نفدت كَلِمَات الله} وَفِيه يَقُول: علم الله أَكثر من ذَلِك
{وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم} فَهُوَ كثير لكم لقولكم قَلِيل عِنْدِي
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ أهل الْكتاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الرّوح
فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَقَالُوا: تزْعم أَنا لم نُؤْت من الْعلم إِلَّا قَلِيلا وَقد أوتينا التَّوْرَاة: وَهِي الْحِكْمَة {وَمن يُؤْت الْحِكْمَة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا} فَنزلت {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّمَا هَذَا كَلَام يُوشك أَن ينْفد فَنزلت {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} يَقُول: لَو كَانَ شجر الأَرْض أقلاماً وَمَعَ الْبَحْر سَبْعَة أبحر مداد لتكسرت الأقلام ونفد مَاء البحور قبل أَن تنفد عجائب ربين وحكمته وَعلمه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه قَالَ: قَالَ حَيّ بن أَخطب: يَا مُحَمَّد تزْعم أَنَّك أُوتيت الْحِكْمَة {وَمن يُؤْت الْحِكْمَة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا} وتزعم أَنا لم نُؤْت من الْعلم إِلَّا قَلِيلا فَكيف يجْتَمع هَاتَانِ فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَنزلت الَّتِي فِي الْكَهْف {قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن أبي الجوزاء رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} يَقُول: لَو كَانَ كل شَجَرَة فِي الأَرْض أقلاما والبحرا مداد لنفد المَاء وتكسرت الأقلام قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَرَأَ (وَالْبَحْر يمده) رفع
- قَوْله تَعَالَى: مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة إِن الله سميع بَصِير ألم تَرَ أَن الله يولج اللَّيْل فِي النَّهَار ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر كل يجْرِي إِلَى أجل مُسَمّى وَأَن الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق وَإِن مَا يدعونَ
من دونه الْبَاطِل وَأَن الله هُوَ الْعلي الْكَبِير ألم تَرَ أَن الْفلك تجْرِي فِي الْبَحْر بِنِعْمَة الله ليريكم من آيَاته إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور وأذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر فَمنهمْ مقتصد وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كل ختار كفور يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم واخشوا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِد عَن وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازَ عَن وَالِده شَيْئا إِن وعد الله حق فَلَا تَغُرَنَّكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة} قَالَ: يَقُول لَهُ كن فَيكون
الْقَلِيل وَالْكثير
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة} يَقُوله إِنَّمَا خلق الله النَّاس كلهم وبعثهم كخلق نفس وَاحِدَة وبعثها
وَفِي قَوْله {ألم تَرَ أَن الله يولج اللَّيْل فِي النَّهَار} قَالَ: نُقْصَان اللَّيْل زِيَادَة النَّهَار {ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل} نُقْصَان النَّهَار زِيَادَة فِي اللَّيْل {كل يجْرِي إِلَى أجل مُسَمّى} لذَلِك كُله وَقت وَاحِد مَعْلُوم لَا يعدوه وَلَا يقصر دونه
وَفِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} قَالَ: إِن أحب عباد الله إِلَيْهِ الصبار الشكُور الَّذِي إِذا أعطي شكر وَإِذا ابْتُلِيَ صَبر
وَفِي قَوْله {وَإِذا غشيهم موج كالظلل} قَالَ: كالسحاب وَفِي قَوْله {وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كل ختار كفور} قَالَ: غدار بِذِمَّتِهِ كفور بربه
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {فَمنهمْ مقتصد} قَالَ: فِي القَوْل وَهُوَ كَافِر {وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كل ختار} قَالَ: غدار {كفور} قَالَ: كَافِر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {ختار} قَالَ: جحاد
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {كل ختار كفور} قَالَ: الْجَبَّار
الغدار
الظلوم
الغشوم
{الكفور} الَّذِي يُغطي النِّعْمَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لقد علمت واستيقنت ذَات نَفسهَا بِأَن لَا تخَاف الدَّهْر صرمي وَلَا ختري وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {كل ختار} قَالَ: الَّذِي يغدر بعهده {كفور} قَالَ: بربه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ورَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: هُوَ الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: أَن تعْمل بالمعصية وتتمنى الْمَغْفِرَة
- قَوْله تَعَالَى: إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رجل من أهل الْبَادِيَة فَقَالَ: إِن امْرَأَتي حُبْلَى فاخبرني مَا تَلد وبلادنا مُجْدِبَة فَأَخْبرنِي مَتى ينزل الْغَيْث وَقد علمت مَتى ولدت فَأَخْبرنِي مَتى أَمُوت فَأنْزل الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه أَن رجلا يُقَال لَهُ: الوراث
من بني مَازِن بن حَفْصَة بن قيس غيلَان
جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَتى قيام
السَّاعَة وَقد أجدبت بِلَادنَا فَمَتَى تخصب وَقد تركت امْرَأَتي حُبْلَى فَمَتَى تَلد وَقد علمت مَا كسبت الْيَوْم فَمَاذَا أكسب غَدا وَقد علمت بِأَيّ أَرض ولدت فَبِأَي أَرض أَمُوت فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} قَالَ: خمس من الْغَيْب اسْتَأْثر بِهن الله فَلم يطلع عَلَيْهِنَّ ملكا مقرباً وَلَا نَبيا مُرْسلا {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} فَلَا يدْرِي أحد من النَّاس مَتى تقوم السَّاعَة فِي أَي سنة وَلَا فِي أَي شهر أليلاً أم نَهَارا {وَينزل الْغَيْث} فَلَا يعلم أحد مَتى ينزل الْغَيْث أليلاً أم نَهَار {وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام} فَلَا يعلم أحد مَا فِي الْأَرْحَام أذكر أم أُنْثَى أَحْمَر أَو أسود {وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا} أخير أم شرا {وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت} لَيْسَ أحد من النَّاس يدْرِي أَيْن مضجعه من الأَرْض أَفِي بَحر أم بر فِي سهل أم فِي جبل
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَفَاتِيح الْغَيْب خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله
لَا يعلم مَا فِي غَد إِلَّا الله
وَلَا مَتى تقوم السَّاعَة إِلَّا الله
وَلَا يعلم مَا فِي الْأَرْحَام إِلَّا الله
وَلَا مَتى ينزل الْغَيْث إِلَّا الله
وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه ان رجلا يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة قَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وَلَكِن سأحدثكم بأشراطها: إِذا ولدت الْأمة ربتها فَذَاك من أشراطها وَإِذا كَانَت الحفاة العراة رُؤُوس النَّاس فَذَاك من أشراطها وَإِذا تطاول رعاء الْغنم فِي الْبُنيان فَذَاك من أشراطها فِي خمس من الْغَيْب لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله ثمَّ تَلا {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالرُّويَانِيّ والضياء بِسَنَد صَحِيح عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي امامة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن أَعْرَابِيًا وقف على
النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم بدر على نَاقَة لَهُ عشراء فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَا فِي بطن نَاقَتي هَذِه فَقَالَ: لَهُ رجل من الْأَنْصَار: دع عَنْك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهلم إِلَيّ حَتَّى أخْبرك: وَقعت أَنْت عَلَيْهَا وَفِي بَطنهَا ولد مِنْك فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَالَ: إِن الله يحب كل حَيّ كريم متكره وَيبغض كل لئيم متفحش ثمَّ أقبل على الْأَعرَابِي فَقَالَ: خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي قبَّة حَمْرَاء إِذْ جَاءَ رجل على فرس فَقَالَ: من أَنْت قَالَ أَنا رَسُول الله قَالَ: مَتى السَّاعَة قَالَ: غيب وَمَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ: مَا فِي بطن فرسي قَالَ: غيب وَمَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله: فَمَتَى تمطر قَالَ: غيب وَمَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أُوتيت مَفَاتِيح كل شَيْء إِلَّا الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة}
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: أُوتِيَ نَبِيكُم صلى الله عليه وسلم مَفَاتِيح كل شَيْء غير الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ لم يعم على نَبِيكُم صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْخمس من سرائر الْغَيْب هَذِه الْآيَة
فِي آخر لُقْمَان إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ربعي بن حِرَاش رضي الله عنه قَالَ: حَدثنِي رجل من بني عَامر أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله هَل بَقِي من الْعلم شَيْء لَا تعلمه فَقَالَ: لقد عَلمنِي الله خيرا وَإِن من الْعلم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله
الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة}
وَأخرج ابْن ماجة عَن الرّبيع بنت معوذ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَبِيحَة عرسي وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ وَتَقُولَانِ: وَفينَا نَبِي يعلم مَا فِي غَد
فَقَالَ: أما هَذَا فَلَا تقولاه لَا يعلم مَا فِي غَد إِلَّا الله
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي غرَّة الْهُذلِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ الله
قبض عبد بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة فَلم ينْتَه حَتَّى يقدمهَا ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت}
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن مرْدَوَيْه عَن مطر بن عكامس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا قضى الله لرجل أَن يَمُوت بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة
وَأخرج أَحْمد عَن عَامر أَو أبي مَالك أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالس فِي مَجْلِسه فِيهِ أَصْحَابه جَاءَهُ جِبْرِيل عليه السلام فِي غير صورته فحسبه رجلا من الْمُسلمين فَسلم فَرد عليه السلام ثمَّ وضع يَده على ركبتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله مَا الإِسلام قَالَ: أَن تسلم وَجهك لله وَتشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد أسلمت قَالَ: نعم
قَالَ: مَا الإِيمان قَالَ: أَن تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالْمَلَائِكَة وَالْكتاب والنبيين وَالْمَوْت والحياة بعد الْمَوْت وَالْجنَّة وَالنَّار والحساب وَالْمِيزَان وَالْقدر خَيره وشره
قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد آمَنت قَالَ: نعم
ثمَّ قَالَ: مَا الإِحسان قَالَ: أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن كنت لَا ترَاهُ فَهُوَ يراك قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد أَحْسَنت قَالَ: نعم
قَالَ: فَمَتَى السَّاعَة يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ك سُبْحَانَ الله
خمس لَا يعلمهَا إِلَّا الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير}
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم -
سُورَة السَّجْدَة
مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاثُونَ
- مُقَدّمَة سُورَة السَّجْدَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت (الم) السَّجْدَة بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير
مثله
وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت سُورَة السَّجْدَة بِمَكَّة سوى ثَلَاث آيَات {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا} إِلَى تَمام الْآيَات الثَّلَاث
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ فِي الْفجْر يَوْم الْجُمُعَة {ألم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {هَل أَتَى على الإِنسان}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر يَوْم الْجُمُعَة ب {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {هَل أَتَى على الإِنسان}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث ابْن مَسْعُود
مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى الظّهْر فَسجدَ فظنا انه قَرَأَ {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة
وَأخرج أَبُو يعلى عَن الْبَراء رضي الله عنه قَالَ: سجدنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الظّهْر فظننا انه قَرَأَ {تَنْزِيل} السَّجْدَة
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَأحمد وَعبد بن حميد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك}
وَأخرج ابْن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ:
من صلى أَربع رَكْعَات خلف الْعشَاء الْآخِرَة قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأولتين {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة كتبت لَهُ كأربع رَكْعَات من لَيْلَة الْقدر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَرَأَ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} و {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة بَين الْمغرب وَالْعشَاء الْآخِرَة فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَة الْقدر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قَرَأَ فِي لَيْلَة {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {يس} و {اقْتَرَبت السَّاعَة} و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كن لَهُ نورا وحرزاً من الشَّيْطَان وَرفع فِي الدَّرَجَات إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن الضريس عَن الْمسيب بن رَافع رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: {الم تَنْزِيل} تَجِيء لَهَا جَنَاحَانِ يَوْم الْقِيَامَة تظل صَاحبهَا وَتقول لَا سَبِيل عَلَيْهِ لَا سَبِيل عَلَيْهِ
وَأخرج الدَّارمِيّ عَن خَالِد بن معدان رضي الله عنه قَالَ: اقرأوا المنجية وَهِي {الم تَنْزِيل} فانه بَلغنِي أَن رجلا كَانَ يقرأوها وَمَا هوى شَيْئا غَيرهَا وَكَانَ كثير الْخَطَايَا فنشرت جناحها عَلَيْهِ وَقَالَت: رب اغْفِر لَهُ فانه كَانَ يكثر قراءتي فشفعها الرب فِيهِ وَقَالَ اكتبوا لَهُ بِكُل خَطِيئَة حَسَنَة وَارْفَعُوا لَهُ دَرَجَة
وَأخرج الدَّارمِيّ عَن خَالِد بن معدان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: ان {الم تَنْزِيل} تجَادل عَن صَاحبهَا فِي الْقَبْر تَقول: اللَّهُمَّ ان كنت من كتابك فشفعني فِيهِ وان لم أكن من كتابك فامحني مِنْهُ وانها تكون كالطير تجْعَل جناحها عَلَيْهِ فتشفع لَهُ فتمنعه من عَذَاب الْقَبْر وَفِي {تبَارك} مثله
فَكَانَ خَالِد رضي الله عنه لَا يبيت حَتَّى يقْرَأ بهما
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن ضريس عَن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: من قَرَأَ فِي لَيْلَة {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كتب لَهُ سَبْعُونَ حَسَنَة وَحط عَنهُ سَبْعُونَ سَيِّئَة وَرفع لَهُ سَبْعُونَ دَرَجَة
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس رضي الله عنه قَالَ {الم تَنْزِيل} و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} تفضلان على كل سُورَة فِي الْقُرْآن بستين حَسَنَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {ألم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} فِي صَلَاة الْعشَاء وَصَلَاة الْفجْر كل يَوْم وَلَيْلَة فِي السّفر والحضر وَيَقُول: من قرأهما كتب لَهُ بِكُل آيَة سَبْعُونَ حَسَنَة فضلا عَن سَائِر الْقُرْآن ومحيت عَنهُ سَبْعُونَ سَيِّئَة وَرفعت لَهُ سَبْعُونَ دَرَجَة
وَأخرج ابْن الضريس عَن يحي بن أبي كثير قَالَ: كَانَ طَاوس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ هَاتين السورتين {تَنْزِيل} و {تبَارك} وَكَانَ يَقُول: كل آيَة مِنْهُمَا تشفع سِتِّينَ آيَة يَعْنِي تعدل سِتِّينَ آيَة
وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق من طَرِيق حَاتِم بن مُحَمَّد عَن طَاوس رضي الله عنه قَالَ: مَا على الأَرْض رجل يقْرَأ {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} فِي لَيْلَة إِلَّا كتب الله لَهُ مثل أجر لَيْلَة الْقدر قَالَ حَاتِم رضي الله عنه: فَذكرت ذَلِك لعطاء رضي الله عنه فَقَالَ: صدق طَاوس وَالله مَا تركتهن مُنْذُ سَمِعت بِهن إِلَّا أَن أكون مَرِيضا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: عزائم سُجُود الْقُرْآن {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {والنجم} و {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق}
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو يعلى عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: حزرنا قيام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الظّهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأولتين قدر ثَلَاثِينَ آيَة
قدر قِرَاءَة {تَنْزِيل} السَّجْدَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رمقوه فِي الظّهْر فحزروا قِرَاءَته فِي الرَّكْعَة الأولى من الظّهْر {تَنْزِيل} السَّجْدَة
- الم تَنْزِيل الْكتاب لَا ريب فِيهِ من رب الْعَالمين أم يَقُولُونَ افتراه بل هُوَ الْحق من رَبك لتنذر قوما مَا أَتَاهُم من نَذِير من قبلك لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي
سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش مَا لكم من دونه من ولي وَلَا شَفِيع أَفلا تذكرُونَ
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {لتنذر قوما} قَالَ: قُرَيْش {مَا أَتَاهُم من نَذِير من قبلك} قَالَ: لم يَأْتهمْ وَلَا آياءهم لم يَأْتِ الْعَرَب رَسُول من الله عز وَجل
- قَوْله تَعَالَى: يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ ذَلِك عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الْعَزِيز الرَّحِيم
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} قَالَ: ينحدر الْأَمر {من السَّمَاء إِلَى الأَرْض} ويصعد من الأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد مِقْدَاره ألف سنة فِي السّير خَمْسمِائَة حِين ينزل وَخَمْسمِائة حِين يعرج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} الْآيَة
قَالَ: ينزل الْأَمر من السَّمَاء الدُّنْيَا إِلَى الأَرْض الْعليا ثمَّ يعرج إِلَى مِقْدَار يَوْم لَو ساره النَّاس ذَاهِبين وجائين لساروا ألف سنة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا
تعرج الْمَلَائِكَة فِي يَوْم مِقْدَاره ألف سنة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك رضي الله عنه فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} الْآيَة
قَالَ: تعرج الْمَلَائِكَة وتهبط فِي يَوْم مِقْدَاره ألف سنة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} قَالَ: من الْأَيَّام السِّتَّة الَّتِي خلق الله فِيهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي
فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن أبي مليكَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: دخلت على ابْن عَبَّاس أَنا وَعبد الله بن فَيْرُوز مولى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فَيْرُوز: يَا أَبَا عَبَّاس قَوْله {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} فَكَأَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا اتهمه فَقَالَ: مَا يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة فَقَالَ: إِنَّمَا سَأَلتك لتخبرني فَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: هما يَوْمَانِ ذكرهمَا الله فِي كِتَابه الله أعلم بهما وأكره أَن أَقُول فِي كتاب الله مَا لَا أعلم فَضرب الدَّهْر من ضرباته حَتَّى جَلَست إِلَى ابْن الْمسيب رضي الله عنه فَسَأَلَهُ عَنْهَا انسان فَلم يخبر وَلم يدر فَقلت: أَلا أخْبرك بِمَا أحضرت من ابْن عَبَّاس قَالَ: بلَى
فَأَخْبَرته فَقَالَ للسَّائِل: هَذَا ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَبى أَن يَقُول فِيهَا وَهُوَ أعلم مني
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} قَالَ: لَا ينتصف النَّهَار فِي مِقْدَار يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يقْضِي بَين الْعباد فَينزل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار وَلَو كَانَ إِلَى غَيره لم يفرغ من ذَلِك خمسين ألف سنة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} يَعْنِي بذلك نزُول الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وَمن الأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد وَذَلِكَ مِقْدَار ألف سنة لِأَن مَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة عَام
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْآيَة يَقُول: مِقْدَار مسيرَة فِي ذَلِك الْيَوْم {ألف سنة مِمَّا تَعدونَ} وَمن أيامكم من أَيَّام الدُّنْيَا بِخَمْسِمِائَة نُزُوله وَخَمْسمِائة صُعُوده فَذَلِك ألف سنة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم} من أيامكم هَذِه ومسيرة مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض خَمْسمِائَة عَام
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه {ألف سنة مِمَّا تَعدونَ} قَالَ: من أَيَّام الدُّنْيَا
وَالله أعلم
- قَوْله تَعَالَى: الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه وَبَدَأَ خلق الإِنسان من طين ثمَّ جعل نَسْله من سلالة من مَاء مهين ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قَلِيلا مَا تشكرون وَقَالُوا أإذا ضللنا فِي الأَرْض أإنا لفي خلق جَدِيد بل هم بلقاء رَبهم كافرون
أخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما كَانَ يَقْرَأها {الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: أما رَأَيْت القردة لَيست بحسنة وَلكنه أحكم خلقهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: اما إِن آست القردة لَيْسَ بحسنة وَلكنه أحكم خلقهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: صورته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} فَجعله الْكَلْب فِي خلقه حسنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: أحسن بِخلق كل شَيْء الْقَبِيح وَالْحسن والحيات والعقارب وكل شَيْء مِمَّا خلق وَغَيره لَا يحسن شَيْئا من ذَلِك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: اتقن
لم يركب الإِنسان فِي صُورَة الْحمار وَلَا الْحمار فِي صُورَة الإِنسان
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ لحقنا عَمْرو بن زُرَارَة الْأنْصَارِيّ فِي حلَّة قد أسبل فَأخذ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِنَاحِيَة ثَوْبه فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أخمش السَّاقَيْن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا عَمْرو بن زُرَارَة إِن الله أحسن كل شَيْء خلقه يَا عَمْرو بن زُرَارَة إِن الله لَا يحب المسبلين
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن الشريد بن سُوَيْد رضي الله عنه قَالَ أبْصر النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجلا قد أسبل ازاره فَقَالَ لَهُ: ارْفَعْ ازارك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أحنف: تصطك ركبتاي قَالَ: ارْفَعْ ازارك كل خلق الله حسن
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَبَدَأَ خلق الإِنسان من طين} قَالَ: آدم {ثمَّ جعل نَسْله} قَالَ: وَلَده {من سلالة} من بني آدم {من مَاء مهين} قَالَ: ضَعِيف نُطْفَة الرجل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {جعل نَسْله} قَالَ: ذُريَّته {من سلالة} هِيَ المَاء {ثمَّ سواهُ} يَعْنِي ذُريَّته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {من سلالة} قَالَ: مَاء يسل من الإِنسان {من مَاء مهين} قَالَ: ضَعِيف
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {أئذا ضللنا} قَالَ: هلكنا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سمع ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما يَقُول {أئذا ضللنا فِي الأَرْض أئنا لفي خلق جَدِيد} كَيفَ نعاد وَنَرْجِع كَمَا كُنَّا وأخبرت أَن الَّذِي قَالَ {أئذا ضللنا} أبي بن خلف
- قَوْله تَعَالَى: قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون
أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه سُئِلَ عَن نفسين اتّفق مَوْتهمَا فِي طرفَة عين
وَاحِد فِي الْمشرق وَوَاحِد فِي الْمغرب
كَيفَ قدره ملك الْمَوْت عَلَيْهِمَا
قَالَ: مَا قدرَة ملك الْمَوْت على أهل الْمَشَارِق والمغارب والظلمات والهواء والبحور إِلَّا كَرجل بَين يَدَيْهِ مائدة يتَنَاوَل من أَيهَا شَاءَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد رضي الله عنه قَالَ: قيل يَا رَسُول الله ملك الْمَوْت وَاحِد والزحفان يَلْتَقِيَانِ من الْمشرق وَالْمغْرب وَمَا بَينهمَا من السقط
والهلاك فَقَالَ: إِن الله حوى الدُّنْيَا لملك الْمَوْت حَتَّى جعلهَا كالطست بَين يَدي أحدكُم فَهَل يفوتهُ مِنْهَا شَيْء
وَأخرج ابْن جرير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه قَالَ: ملك الْمَوْت الَّذِي يتوفى الْأَنْفس كلهَا وَقد سلط على مَا فِي الأَرْض كَمَا سلط أحدكُم على مَا فِي رَاحَته مَعَه مَلَائِكَة من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة من مَلَائِكَة الْعَذَاب فَإِذا توفى نفسا طيبَة دَفعهَا إِلَى الْمَلَائِكَة الرَّحْمَة وَإِذا توفّي خبيثة دَفعهَا إِلَى مَلَائِكَة الْعَذَاب
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَا: لما اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا سَأَلَ ملك الْمَوْت ربه أَن يَأْذَن لَهُ فيبشر إِبْرَاهِيم عليه السلام بذلك فَأذن لَهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم عليه السلام: يَا ملك الْمَوْت أَرِنِي كَيفَ تقبض أنفاس الْكفَّار قَالَ: يَا إِبْرَاهِيم لَا تطِيق ذَلِك قَالَ: بلَى
قَالَ: فاعرض إِبْرَهِيمُ ثمَّ نظر إِلَيْهِ فَإِذا بِرَجُل أسود ينَال رَأسه السَّمَاء يخرج من فِيهِ لَهب النَّار لَيْسَ من شَعْرَة فِي جسده إِلَّا فِي صُورَة رجل يخرج من فِيهِ ومسامعه لَهب النَّار فَغشيَ على إِبْرَاهِيم عليه السلام ثمَّ أَفَاق وَقد تحوّل ملك الْمَوْت فِي الصُّورَة الأولى فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت لَو لم يلق الْكَافِر من الْبلَاء والحزن إِلَّا صُورَتك لكفاه فأرني كَيفَ تقبض أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ قَالَ: أعرض فَأَعْرض ثمَّ الْتفت فَإِذا هُوَ بِرَجُل شَاب أحسن النَّاس وَجها وأطيبه فِي ثِيَاب بيض فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت لَو لم ير الْمُؤمن عِنْد مَوته من قُرَّة الْعين والكرامة إِلَّا صُورَتك هَذِه لَكَانَ يَكْفِيهِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن مَنْدَه كِلَاهُمَا فِي الصَّحَابَة عَن الْخَزْرَج سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: وَنظر إِلَى ملك الْمَوْت عِنْد رَأس رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت أرْفق بصاحبي فَإِنَّهُ مُؤمن فَقَالَ ملك الْمَوْت عليه السلام: طب نفسا وقر عينا واعمل بِأَنِّي بِكُل مُؤمن رَفِيق وَاعْلَم يَا مُحَمَّد إِنِّي لأقبض روح ابْن آدم فَإِذا صرخَ صارخ قُمْت فِي الدَّار وَمَعِي روحه فَقلت: مَا هَذَا الصَّارِخ وَالله مَا ظلمناه وَلَا سبقنَا أَجله وَلَا استعجلنا قدره ومالنا فِي قَبضه من ذَنْب فَإِن ترضوا بِمَا صنع الله تؤجروا وَأَن تسخطوا تأثموا وتؤزروا وَإِن لنا عنْدكُمْ عودة بعد عودة فالحذر فالحذر وَمَا من أهل بَيت شعر وَلَا مدر بر وَلَا فَاجر سهل وَلَا
جبل إِلَّا أَنا أتصفحهم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة حَتَّى أَنا لاعرف بصغيرهم وَكَبِيرهمْ مِنْهُم بِأَنْفسِهِم وَالله لَو أردْت أَن أَقبض روح بعوضة مَا قدرت على ذَلِك حَتَّى يكون الله هُوَ يَأْذَن بقبضها
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أَشْعَث بن شُعَيْب رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيم عليه السلام ملك الْمَوْت واسْمه عزرائيل وَله عينان فِي وَجهه وَعين فِي قَفاهُ فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت مَا تصنع إِذا كَانَت نفس بالمشرق وَنَفس بالمغرب وَوضع الوباء بِأَرْض والتقى الزحفان كَيفَ تصنع قَالَ أَدْعُو الْأَرْوَاح بِإِذن الله فَتكون بَين أُصْبُعِي هَاتين
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِيلَة عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله تعلى عَنهُ قَالَ: ملك الْمَوْت جَالس وَالدُّنْيَا بَين رُكْبَتَيْهِ واللوح الَّذِي آجال بني آدم بَين يَدَيْهِ وَبَين يَدَيْهِ مَلَائِكَة قيام وَهُوَ يعرض اللَّوْح لَا يطرف فَإِذا أَتَى على أجل عبد قَالَ: اقبضوا هَذَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن خَيْثَمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: اتى ملك الْمَوْت عليه السلام سُلَيْمَان بن دَاوُد عليه السلام وَكَانَ لَهُ صديقا فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان عليه السلام: مَا لَك تَأتي أهل الْبَيْت فتقبضهم جَمِيعًا وَتَدَع أهل الْبَيْت إِلَى جنبهم لَا تقبض مِنْهُم أحد قَالَ: لَا أعلم بِمَا أَقبض مِنْهَا إِثْمًا أكون تَحت الْعَرْش فَيلقى إليّ صكاك فِيهَا أَسمَاء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن جريج رضي الله عنه قَالَ: بلغنَا أَنه يُقَال لملك الْمَوْت اقبض فلَانا فِي وَقت كَذَا فِي يَوْم كَذَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء بن يسَار رضي الله عنه قَالَ: مَا من أهل بَيت الا يتصفحهم ملك الْمَوْت عليه السلام فِي كل يَوْم خمس مَرَّات هَل مِنْهُم أحد أَمر بِقَبْضِهِ
وَأخرج جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: وكل ملك الْمَوْت عليه السلام بِقَبض أَرْوَاح الْآدَمِيّين فَهُوَ الَّذِي يَلِي قبض أَرْوَاحهم وَملك فِي الْجِنّ وَملك فِي الشَّيَاطِين وَملك فِي الطير والوحش وَالسِّبَاع وَالْحِيتَان والنمل فهم أَرْبَعَة أَمْلَاك وَالْمَلَائِكَة عليهم السلام يموتون فِي
الصعقة الأولى وَإِن ملك الْمَوْت يَلِي قبض أَرْوَاحهم ثمَّ يَمُوت
فَأَما الشُّهَدَاء فِي الْبَحْر فَإِن الله يَلِي قبض أَرْوَاحهم لَا يكل ذَلِك إِلَى ملك الْمَوْت لكرامتهم عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الله وكل ملك الْمَوْت عليه السلام بِقَبض الْأَرْوَاح إِلَّا شُهَدَاء الْبَحْر فَإِنَّهُ يتَوَلَّى قبض أَرْوَاحهم
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والمروزي فِي الْجَنَائِز وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الشعْثَاء جَابر بن زيد رضي الله عنه
أَن ملك الْمَوْت كَانَ يقبض الْأَرْوَاح بِغَيْر وجع فَسَبهُ النَّاس ولعنوه فَشَكا إِلَى ربه فَوضع الله الأوجاع وَنسي ملك الْمَوْت
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْأَعْمَش رضي الله عنه قَالَ: كَانَ ملك الْمَوْت عليه السلام يظْهر للنَّاس
فَيَأْتِي للرجل فَيَقُول: اقْضِ حَاجَتك فَإِنِّي أُرِيد أَن أَقبض روحك فَشَكا فَأنْزل الدَّاء وَجعل الْمَوْت خُفْيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: خطْوَة ملك الْمَوْت عليه السلام مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من الْأَنْصَار يعودهُ فَإِذا ملك الْمَوْت عليه السلام عِنْد رَأسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا ملك الْمَوْت أرْفق بصاحبي فَإِنَّهُ مُؤمن آدم فيصرخ أَهله فأقوم فِي جَانب من الدَّار فَأَقُول: وَالله مَا لي من ذَنْب وَإِن لي لعودة وعودة الحذر الحذر وَمَا خلق الله من أهل بَيت وَلَا مدر وَلَا شعر وَلَا وبر فِي بر وَلَا بَحر إِلَّا وَأَنا أتصفحهم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة خمس مَرَّات حَتَّى أَنِّي لأعرف بصغيرهم وَكَبِيرهمْ مِنْهُم بِأَنْفسِهِم وَالله يَا مُحَمَّد إِنِّي لَا أقدر أَقبض روح بعوضة حَتَّى يكون الله تبارك وتعالى هُوَ الَّذِي يَأْمر بِقَبْضِهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} قَالَ: ملك الْمَوْت يتوفاكم وَله أعوان من الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} قَالَ: حويت لَهُ الأَرْض فَجعلت لَهُ مثل طست يتَنَاوَل مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء
- قَوْله تَعَالَى: وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عِنْد رَبهم رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا فارجعنا نعمل صَالحا انا موقنون وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ فَذُوقُوا بِمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا إِنَّا نسيناكم وذوقوا عَذَاب الْخلد بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا وسبحوا بِحَمْد رَبهم وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسو رؤوسهم عِنْد رَبهم رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا} قَالَ: أبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر وسمعوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع
وَفِي قَوْله {وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها} قَالَ: لَو شَاءَ الله لهدى النَّاس جَمِيعًا وَلَو شَاءَ الله أنزل عَلَيْهِمَا من السَّمَاء آيَة {فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} الشُّعَرَاء الْآيَة 4
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله يعْتَذر إِلَى آدم يَوْم الْقِيَامَة بِثَلَاثَة معاذير
يَقُول: يَا آدم لَوْلَا أَنِّي لعنت الْكَذَّابين وَأبْغض الْكَذِب وَالْخلف وأعذب عَلَيْهِ لرحمت الْيَوْم ذريتك أَجْمَعِينَ من شدَّة مَا أَعدَدْت لَهُم من الْعَذَاب وَلَكِن حق القَوْل مني لمن كذب رُسُلِي وَعصى أَمْرِي {لأملأن جَهَنَّم مِنْكُم أَجْمَعِينَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 18 وَيَقُول: يَا آدم إِنِّي لَا أَدخل أحدا من ذريتك النَّار وَلَا أعذب أحدا مِنْهُم بالنَّار إِلَّا من قد علمت فِي سَابق علمي أَنِّي لَو رَددته إِلَى الدُّنْيَا لعاد إِلَى شَرّ مِمَّا كَانَ فِيهِ لم يُرَاجع وَلم يعتب وَيَقُول لَهُ: يَا آدم قد جعلتك الْيَوْم حكما بيني وَبَين ذريتك قُم عِنْد الْمِيزَان فَانْظُر مَا يرفع إِلَيْك من أَعْمَالهم فَمن رجح مِنْهُم خَيره على شَره مِثْقَال ذرة فَلهُ الْجنَّة حَتَّى تعلم أَنِّي لَا أَدخل النَّار الْيَوْم مِنْهُم إِلَّا ظَالِما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {فَذُوقُوا بِمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا} قَالَ: تركْتُم أَن تعملوا للقاء يومكم هَذَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه {فَذُوقُوا بِمَا نسيتم} قَالَ: الْيَوْم نترككم فِي النَّار كَمَا تركْتُم أَمْرِي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {إِنَّا نسيناكم} قَالَ: تركناكم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي شَأْن الصَّلَوَات الْخمس {إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا} أَي أتوها {وسبحوا} أَي صلوا بِأَمْر رَبهم {وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ} عَن اتيان الصَّلَوَات فِي الْجَمَاعَات
- قَوْله تَعَالَى: تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ
أخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن هَذِه الْآيَة {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} نزلت فِي انْتِظَار الصَّلَاة الَّتِي تدعى الْعَتَمَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: كَانُوا لَا ينامون حَتَّى يصلوا الْعشَاء
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ نزلت {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} فِي صَلَاة الْعشَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نجتنب الْفرش قبل صَلَاة الْعشَاء
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير عَن أبي سَلمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} فِي صَلَاة الْعَتَمَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَاقِدًا قبل الْعشَاء وَلَا متحدثاً بعْدهَا فَإِن هَذِه الْآيَة نزلت فِي ذَلِك {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: نزلت فِينَا معاشر الْأَنْصَار كُنَّا نصلي الْمغرب فَلَا نرْجِع إِلَى رحالنا حَتَّى نصلي الْعشَاء مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَنزلت فِينَا {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: هم الَّذِي لَا ينامون قبل الْعشَاء فَأثْنى عَلَيْهِم فَلَمَّا ذكر ذَلِك جعل الرجل يعتزل فرَاشه مَخَافَة أَن تغلبه عينه فوقتها قبل أَن ينَام الصَّغِير ويكسل الْكَبِير
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: أنزلت فِي صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا ينامون حَتَّى يصلوها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رضي الله عنه فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: كَانُوا ينتظرون مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء يصلونَ
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَالك بن دِينَار رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك رضي الله عنه عَن هَذِه الْآيَة {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: كَانَ قوم من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين يصلونَ الْمغرب وَيصلونَ بعْدهَا إِلَى عشَاء الْآخِرَة فَنزلت هَذِه الْآيَة فيهم
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن بِلَال رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نجلس فِي الْمجْلس وناس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يصلونَ الْمغرب إِلَى الْعشَاء فَنزلت {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن الْمُنْكَدر وَأبي حَازِم فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَا: هِيَ مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء صَلَاة الْأَوَّابِينَ
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عبد الله بن عِيسَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ نَاس من الْأَنْصَار يصلونَ مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَنزلت فيهم {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ قيام العَبْد من اللَّيْل
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سفر فاصبحت يَوْمًا قَرِيبا مِنْهُ وَنحن نسير فَقلت: يَا نَبِي الله اخبرني بِعَمَل يدخلني الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي عَن النَّار قَالَ لقد سَأَلت عَن عَظِيم وانه الْيَسِير على من يسره الله عَلَيْهِ
تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان وتحج الْبَيْت ثمَّ قَالَ: أَلا أدلك على أَبْوَاب الْخَيْر الصَّوْم جنَّة وَالصَّدَََقَة تطفىء الْخَطِيئَة وَصَلَاة الرجل فِي جَوف اللَّيْل ثمَّ قَرَأَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} حَتَّى بلغ {يعْملُونَ} ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك بِرَأْس الْأَمر وعموده وذروة سنامه فَقلت: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: رَأس الْأَمر الإِسلام وعموده الصَّلَاة وذروة سنامه الْجِهَاد ثمَّ قَالَ أَلا أخْبرك بملاك ذَلِك كُله فَقلت: بلَى يَا نَبِي الله فَأخذ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: كف عَنْك هَذَا فَقلت: يَا رَسُول الله وانا لمؤاخذون بِمَا نتكلم بِهِ فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا معَاذ
وَهل يُكِبُّ النَّاس فِي النَّار على وُجُوههم إِلَّا حصائد ألسنتهم
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: ذكر لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قيام اللَّيْل فَفَاضَتْ عَيناهُ حَتَّى تحادرت دُمُوعه فَقَالَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِعَمَل أهل الْجنَّة قَالَ: قد سَأَلت عَن عَظِيم وَإنَّهُ ليسير على من يسره الله عَلَيْهِ
تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا وَتُؤَدِّي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة - وَلَا أَدْرِي ذكر الزَّكَاة أم لَا - وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بِرَأْس هَذَا الْأَمر وعموده وذروة سنامه رَأسه الإِسلام من أسلم سلم وعموده الصَّلَاة وذروة سنامه الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَالصِّيَام جنَّة وَالصَّدَََقَة تمحو الْخَطِيئَة وَصَلَاة الرجل فِي جَوف اللَّيْل ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}
قَالَ: كَانَت لَا تمر عَلَيْهَا لَيْلَة إِلَّا أخذُوا مِنْهَا بحظ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: يقومُونَ فيصلون بِاللَّيْلِ
وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: قيام اللَّيْل
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد من طَرِيق أبي عبد الله الجدلي عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: إِذا حشر النَّاس نَادَى مُنَاد: هَذَا يَوْم الْفَصْل أَيْن الَّذين {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} أَيْن الَّذين {يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم} آل عمرَان الْآيَة 191 ثمَّ يخرج عنق من النَّار فَيَقُول: أمرت بِثَلَاث
بِمن جعل مَعَ الله إِلَهًا آخر
وَبِكُل جَبَّار عنيد
وَبِكُل مُعْتَد لأَنا أعرف بِالرجلِ من الْوَالِد بولده والمولود بوالده وَيُؤمر بفقراء الْمُسلمين إِلَى الْجنَّة فيحسبون فَيَقُولُونَ: تحسبونا مَا كَانَ لنا أَمْوَال وَلَا كُنَّا أُمَرَاء
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا} قَالَ: هم قوم لَا يزالوان يذكرُونَ الله إِمَّا فِي الصَّلَاة وَإِمَّا قيَاما واما قعُودا وَإِمَّا إِذا استيقظوا من منامهم
هم قوم لَا يزالون يذكرُونَ الله تَعَالَى
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ربيعَة الجرشِي رضي الله عنه قَالَ: يجمع الله الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد فيكونون مَا شَاءَ الله أَن يَكُونُوا فينادي مُنَاد
سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْعِزّ الْيَوْم وَالْكَرم ليقمْ الَّذين {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا} فَيقومُونَ وَفِيهِمْ قلَّة ثمَّ يلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ يعود فينادي سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْعِزّ وَالْكَرم ليقمْ الَّذين {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} النُّور الْآيَة 37 فَيقومُونَ وهم أَكثر من الْأَوَّلين ثمَّ يلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ يعود وينادي: سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْعِزّ الْيَوْم وَالْكَرم ليقمْ الْحَمَّادُونَ لله على كل حَال فَيقومُونَ وهم أَكثر من الْأَوَّلين
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} يَقُول: تَتَجَافَى لذكر الله كلما استيقظوا ذكرُوا الله
اما فِي الصَّلَاة
وَإِمَّا فِي قيام أَو قعُود أَو على جنُوبهم فهم لَا يزالون يذكرُونَ الله
- قَوْله تَعَالَى: فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ عرش الله على المَاء فَاتخذ جنَّة لنَفسِهِ ثمَّ اتخذ دونهَا أُخْرَى ثمَّ أطبقهما لؤلؤة وَاحِدَة ثمَّ قَالَ: وَمن دونهمَا جنتان لم يعلم الْخلق مَا فيهمَا وَهِي الَّتِي قَالَ الله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} يَأْتِيهم فِيهَا كل يَوْم تحفة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والطبراين وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: إِنَّه لمكتوب فِي التَّوْرَاة (لقد أعد الله للَّذين تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع مَا لم ترَ عين وَلم تسمع أذن وَلم يخْطر على قلب بشر وَلَا يعلم ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَإنَّهُ لفي الْقُرْآن {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} )
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وهناد كِلَاهُمَا فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ الله تَعَالَى: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشرن قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه: اقرؤا إِن شِئْتُم {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر بن عبد الْوَاحِد رضي الله عنه قَالَ: بَلغنِي إِن
الرجل من أهل الْجنَّة يمْكث فِي مَكَانَهُ سبعين سنة ثمَّ يلْتَفت فَإِذا هُوَ بِامْرَأَة أحسن مِمَّا كَانَ فِيهِ فَتَقول لَهُ: قد آن لَك أَن يكون لنا مِنْك نصيب
فَيَقُول: من أَنْت فَتَقول: أَنا مزِيد فيمكث مَعهَا سبعين سنة ويلتفت فَإِذا هُوَ بِامْرَأَة أحسن مِمَّا كَانَ فِيهِ فَتَقول: قد آن لَك أَن يكون لنا مِنْك نصيب فَيَقُول: من أَنْت فَتَقول: أَنا الَّذِي قَالَ الله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رضي الله عنه قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليجيء فيشرف عَلَيْهِ النِّسَاء فيقلن: يَا فلَان بن فلَان مَا أَنْت حِين خرجت من عندنَا بِأولى بك منا فَيَقُول: من أنتن فيقلن: نَحن من اللَّاتِي قَالَ الله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه قَالَ: يدْخلُونَ عَلَيْهِم على مِقْدَار كل يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا ثَلَاث مَرَّات مَعَهم التحف من الله من جنَّات عدن مِمَّا لَيْسَ فِي جناتهم
وَذَلِكَ قَوْله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: سأصف لكم منزل الرجل من أهل الْجنَّة كَانَ يطْلب فِي الدُّنْيَا حَلَالا وَيَأْكُل حَلَالا حَتَّى لَقِي الله على ذَلِك فَإِنَّهُ يعْطى يَوْم الْقِيَامَة قصراً من لؤلؤة وَاحِدَة لَيْسَ فِيهَا صدع وَلَا وصل فِيهَا سَبْعُونَ ألف غرفَة وأسفل الغرف سَبْعُونَ ألف بَيت فِي كل بَيت سقفه صَفَائِح الذَّهَب وَالْفِضَّة لَيْسَ بموصول وَلَوْلَا أَن الله سخر لَهُ النّظر إِلَيْهِ لذهب بَصَره من نوره عرض الْحَائِط اثْنَا عشر ميلًا وَطوله فِي السَّمَاء سَبْعُونَ ميلًا فِي كل بَيت سَبْعُونَ ألف بَاب يدْخل عَلَيْهِ فِي كل بَيت من كل بَاب سَبْعُونَ ألف خَادِم لَا يراهم من فِي هَذَا الْبَيْت وَلَا من فِي هَذَا الْبَيْت فَإِذا خرج فِي قصره صَار فِي ملكه مثل عمر الدُّنْيَا يسير فِي ملكه عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَمن وَرَائه وأزواجه مَعَه وَلَيْسَ مَعَه ذكر غَيره وَمن بَين يَدَيْهِ مَلَائِكَة قد سخروا لَهُ بَينه وَبَين أَزوَاجه ستر وَبَين يَدَيْهِ ستر ووصفاء ووصائف قد أفهموا مَا يَشْتَهِي أَزوَاجه وَلَا يَمُوت هُوَ وَلَا أَزوَاجه وَلَا خُدَّامه أبدا نعيمهم يزْدَاد كل يَوْم من غير أَن يبْلى الأول وقرة عين لَا تَنْقَطِع أبدا لَا يدْخل عَلَيْهِ فِيهِ روعة أبدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن آخر أهل الْجنَّة رجلا أضَاف آدم فَمن دونه وَوضع لَهُم طَعَاما وَشَرَابًا حَتَّى يخرجُوا من عِنْده لَا ينقصهُ ذَلِك مِمَّا أعطَاهُ الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة من طَرِيق أبي صَخْر عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يصف الْجنَّة حَتَّى انْتهى ثمَّ قَالَ فيهمَا مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر ثمَّ قَرَأَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ أَبُو صَخْر: فَذَكرته للقرظي فَقَالَ: إِنَّهُم أخفوا عملا وأخفى الله لَهُم ثَوابًا فقدموا على الله فقرت تِلْكَ الْأَعْين
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْيَمَان الْهُذلِيّ قَالَ: الْجنَّة مائَة دَرَجَة
أَولهَا دَرَجَة فضَّة وأرضها فضَّة وآنيتها فضَّة وترابها الْمسك
وَالثَّانيَِة ذهب ومساكنها ذهب وآنيتها ذهب وترابها الْمسك
وَالثَّالِثَة لُؤْلُؤ وأرضها لُؤْلُؤ ومساكنها لُؤْلُؤ وآنيتها لُؤْلُؤ وترابها الْمسك
وَسبع وَتسْعُونَ بعد ذَلِك مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر وتلا هَذِه الْآيَة {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الْحَاكِم بن أبان عَن الغطريف عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الرّوح الْأمين قَالَ يُؤْتى بحسنات العَبْد وسيئاته فيقتص بَعْضهَا من بعض فَإِن بقيت حَسَنَة وَاحِدَة أدخلهُ الله الْجنَّة قَالَ: فَدخلت على يَزْدَان فَحدث بِمثل هَذَا فَقلت: فَإِن ذهبت الْحَسَنَة قَالَ: {أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا ونتجاوز عَن سيئاتهم} الْأَحْقَاف الْآيَة 16 قلت: أَفَرَأَيْت قَوْله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} قَالَ: هُوَ العَبْد يعْمل سرا أسره إِلَى الله لم يعلم بِهِ النَّاس فَأسر الله لَهُ يَوْم الْقِيَامَة {قُرَّة أعين}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أدنى أهل الْجنَّة حظاً قوم يخرجهم الله من النَّار برحمته بعد أَن يحترقوا يرتاح لَهُم الرب أَنهم كَانُوا لَا يشركُونَ بِاللَّه شَيْئا فينبذون بالعراء فينبتون كَمَا ينْبت البقل حَتَّى
إِذا رجعت الْأَرْوَاح إِلَى أجسادها قَالُوا: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار وَرجعت الْأَرْوَاح إِلَى أَجْسَادنَا فاصرف وُجُوهنَا عَن النَّار فَيصْرف وُجُوههم عَن النَّار وَيضْرب لَهُم شَجَرَة ذَات ظلّ وفيء فَيَقُولُونَ: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار فانقلنا إِلَى ظلّ هَذِه الشَّجَرَة فينقلهم إِلَيْهَا فيرون أَبْوَاب الْجنَّة فيقولن: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار فانقلنا إِلَى أَبْوَاب الْجنَّة فيفعل فَإِذا نظرُوا إِلَى مَا فِيهَا من الْخيرَات والبركات قَالَ: وَقَرَأَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} قَالُوا: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار فادخلنا الْجنَّة قَالَ: فَيدْخلُونَ الْجنَّة ثمَّ يُقَال لَهُم: تمنوا فَيَقُولُونَ: يَا رب اعطنا حَتَّى إِذا قَالُوا: يَا رَبنَا حَسبنَا قَالَ: هَذَا لكم وَعشرَة أَمْثَاله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة رضي الله عنه يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن مُوسَى عليه السلام سَأَلَ ربه فَقَالَ: رب أَي أهل الْجنَّة أدنى منزلَة فَقَالَ: رجل يَجِيء بَعْدَمَا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة فَيُقَال لَهُ: ادخل
فَيَقُول: كَيفَ ادخل وَقد نزلُوا مَنَازِلهمْ وَأخذُوا أخذاتهم فَيُقَال لَهُ: اترضى أَن يكون لَك مثل مَا كَانَ لملك من مُلُوك الدُّنْيَا فَيَقُول: نعم
أَي رب قد رضيت فَيُقَال لَهُ: فَإِن لَك هَذَا وَعشرَة أَمْثَاله مَعَه فَيَقُول: أَي رب رضيت فَيُقَال لَهُ: فَإِن لَك من هَذَا مَا اشتهت نَفسك ولذت عَيْنك فَقَالَ مُوسَى عليه السلام: أَي رب فَأَي أهل الْجنَّة ارْفَعْ منزله قَالَ: إِيَّاهَا أردْت وسأحدثك عَنْهُم إِنِّي غرست كرامتهم بيَدي وختمت عَلَيْهَا فَلَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشرن قَالَ: ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}
- قَوْله تَعَالَى: أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون أما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم جنَّات المأوى نزلا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ وَأما الَّذين فسقوا فمأواهم النَّار كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا وَقيل لَهُم ذوقوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون
أخرج أَبُو الْفرج الْأَصْفَهَانِي فِي كتاب الأغاني والواحدي وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة لعَلي بن أبي طَالب رضي الله عنه: أَنا أحد مِنْك سِنَانًا وأبسط مِنْك لِسَانا واملاء للكتيبة مِنْك فَقَالَ لَهُ عَليّ رضي الله عنه: اسْكُتْ فَإِنَّمَا أَنْت فَاسق
فَنزلت {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} يَعْنِي بِالْمُؤمنِ: عليا
وَبِالْفَاسِقِ: الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي عَليّ بن أبي طَالب والوليد بن عقبَة بن أبي معيط قَالَ: كَانَ بَين الْوَلِيد وَبَين عَليّ كَلَام فَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة: أَنا أبسط مِنْك لِسَانا وَأحد مِنْك سِنَانًا وأرد مِنْك للكتيبة فَقَالَ عَليّ رضي الله عنه: اسْكُتْ فانك فَاسق
فَانْزِل {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رضي الله عنه فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه والوليد بن عقبَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا} قَالَ: أما الْمُؤمن
فعلي بن أبي طَالب رضي الله عنه وَأما الْفَاسِق
فعقبة بن أبي معيط وَذَلِكَ لسباب كَانَ بَينهمَا فَأنْزل الله ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} قَالَ: لَا فِي الدُّنْيَا لَا عِنْد الْمَوْت وَلَا فِي الْآخِرَة
وَفِي قَوْله {وَأما الَّذين فسقوا} قَالَ: هم الَّذين أشركوا وَفِي قَوْله {كُنْتُم بِهِ تكذبون} قَالَ: هم يكذبُون كَمَا ترَوْنَ
- قَوْله تَعَالَى: ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر لَعَلَّهُم يرجعُونَ
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن منيع وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: يَوْم بدر {دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: لَعَلَّ من بَقِي مِنْهُم يرجع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: سنُون اصابتهم {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون
وَأخرج مُسلم وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَأَبُو عوانه فِي صَحِيحه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي بن كَعْب رضي الله عنه فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: مصائب الدُّنْيَا واللزوم وَالْبَطْشَة وَالدُّخَان
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه عَن قَول الله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} فَقَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ هِيَ المصائب والاسقام والانصاب عَذَاب للمسرف فِي الدُّنْيَا دون عَذَاب الْآخِرَة قلت: يَا رَسُول الله فَمَا هِيَ لنا قَالَ: زَكَاة وطهور
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: مصائب الدُّنْيَا وأسقامها وبلاياها يَبْتَلِي الله بهَا الْعباد كي يتوبوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم رضي الله عنه {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} قَالَ: أَشْيَاء يصابون بهَا فِي الدُّنْيَا {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} قَالَ: الْحُدُود {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْقَبْر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: الْقَتْل والجوع لقريش فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَاب الْأَكْبَر يَوْم الْقِيَامَة فِي الْآخِرَة
وَأخرج هناد عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر
- قَوْله تَعَالَى: وَمن أظلم مِمَّن ذكر بآيَات ربه ثمَّ أعرض عَنْهَا إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون
أخرج ابْن منيع وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول ثَلَاث من فعلهن فقد أجرم
من عقد لِوَاء فِي غير حق
أَو عق وَالِديهِ
أَو مَشى مَعَ ظَالِم لِيَنْصُرهُ فقد أجرم يَقُول الله عز وجل {إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون}
- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون إِن رَبك هُوَ يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أولم يهد لَهُم كم أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ
أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي مُوسَى بن عمرَان رجلا طوَالًا جَعدًا كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَرَأَيْت عِيسَى بن مَرْيَم عليه السلام مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض سبط الرَّأْس وَرَأَيْت مَالِكًا خَازِن جَهَنَّم والدجال فِي آيَات أراهن الله
إِيَّاه قَالَ {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} فَكَانَ قَتَادَة يُفَسِّرهَا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد لَقِي مُوسَى {وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل} قَالَ: جعل الله مُوسَى هدى لبني إِسْرَائِيل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} من لِقَاء مُوسَى ربه {وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل} قَالَ: جعل مُوسَى هدى لبني إِسْرَائِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} قَالَ: من لِقَاء مُوسَى قيل: أَو لَقِي مُوسَى قَالَ: نعم
أَلا ترى إِلَى قَوْله {واسأل من أرسلنَا من قبلك من رسلنَا} الزخرف الْآيَة 45
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} قَالَ: من أَن تلقى مُوسَى
وَأخرج الْحَاكِم عَن مَالك أَنه تَلا {وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا} فَقَالَ: حَدثنِي الزُّهْرِيّ أَن عَطاء بن يزِيد حَدثهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا رزق عبد خيرا لَهُ أوسع من الصَّبْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة} قَالَ: رُؤَسَاء فِي الْخَيْر سوى الْأَنْبِيَاء {يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا} قَالَ: على ترك الدُّنْيَا
وَالله أعلم
- قَوْله تَعَالَى: أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم وأنفسهم أَفلا يبصرون
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: الجرز الَّتِي لَا تمطر إِلَّا قطراً لَا يُغني عَنْهَا شَيْئا إِلَّا مَا يَأْتِيهَا من السُّيُول
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: أَرض بِالْيمن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: هِيَ الَّتِي لَا تنْبت هن أبين وَنَحْوهَا من الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: السمطاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: إِلَى الأَرْض الْميتَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: قرى فِيمَا بَين الْيمن وَالشَّام
وَأخرج أَبُو بكر وَابْن حبَان فِي كتاب الْغرَر عَن الرّبيع بن سيرة قَالَ: الْأَمْثَال أقرب إِلَى الْعُقُول من الْمعَانِي ألم تسمع إِلَى قَوْله {أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} ألم تَرَ {ألم يرَوا}
- قَوْله تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين قل يَوْم الْفَتْح لَا ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم وَلَا هم ينظرُونَ فَأَعْرض عَنْهُم وانتظر إِنَّهُم منتظرون
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ الصَّحَابَة أَن لنا يَوْم يُوشك أَن نستريح فِيهِ ونتنعم فِيهِ
فَقَالَ الْمُشْركُونَ {مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين} فَنزلت
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين} قَالَ: يَوْم بدر فتح النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلم {ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم} بعد الْمَوْت
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل يَوْم الْفَتْح} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل يَوْم الْفَتْح} قَالَ: يَوْم الْقَضَاء
وَفِي قَوْله {وانتظر إِنَّهُم منتظرون} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم -
سُورَة الاحزاب
مَدَنِيَّة وآياتها ثَلَاث وَسَبْعُونَ
- مُقَدّمَة سُورَة الاحزاب أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الاحزاب بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالطَّيَالِسِي وَسَعِيد ابْن مَنْصُور وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن منيع وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالدَّارقطني فِي الإِفراد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن زر قَالَ: قَالَ لي أبي بن كَعْب: كَيفَ تقْرَأ سُورَة الاحزاب أَو كم تعدها قلت ثَلَاثًا وَسبعين آيَة فَقَالَ أبي: قد رَأَيْتهَا وانها لتعادل سُورَة الْبَقَرَة وَأكْثر من سُورَة الْبَقَرَة وَلَقَد قَرَأنَا فِيهَا (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّة نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم) فَرفع مِنْهَا مَا رفع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ قَالَ: بلغنَا أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانُوا يقرأون الْقُرْآن أصيبوا يَوْم مُسَيْلمَة فَذَهَبت حُرُوف من الْقُرْآن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر عمر بن الْخطاب مناديا فَنَادَى أَن الصَّلَاة جَامِعَة ثمَّ صعد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تجزعن من آيَة الرَّجْم فانها آيَة نزلت فِي كتاب الله وقرأناها وَلكنهَا ذهبت فِي قُرْآن كثير ذهب مَعَ مُحَمَّد وَآيَة ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد رجم وان أَبَا بكر قد رجم ورجمت بعْدهَا وَابْنه سَيَجِيءُ قوم من هَذِه الْأمة يكذبُون بِالرَّجمِ
وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ضريس عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر قَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد أَيهَا النَّاس إِن الله بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ
وَأنزل عَلَيْهِ الْكتاب فَكَانَ فِيمَا أنزل عَلَيْهِ آيَة الرَّجْم فقرأناها ووعيناها (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ) ورجم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فاخشى ان يطول بِالنَّاسِ زمَان فَيَقُول قَائِل: لَا نجد آيَة الرَّجْم فِي كتاب الله
فيضلوا بترك فَرِيضَة أنزلهَا الله
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن عمر بن الْخطاب خطب النَّاس فَسَمعته يَقُول: إِلَّا وان نَاس يَقُولُونَ: مَا بَال الرَّجْم
وَفِي كتاب الله الْجلد وَقد رجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده وَلَوْلَا ان يَقُول قَائِلُونَ وَيتَكَلَّم متكلمون: ان عمر زَاد فِي كتاب الله مَا لَيْسَ مِنْهُ لاثبتها كَمَا نزلت
وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى عَن كثير بن الصَّلْت قَالَ: كُنَّا عِنْد مَرْوَان وَفينَا زيد بن ثَابت فَقَالَ زيد: مَا تقْرَأ (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ) قَالَ مَرْوَان: إِلَّا كتبتها فِي الْمُصحف قَالَ: ذكرنَا ذَلِك وَفينَا عمر بن الْخطاب فَقَالَ: اشفيكم من ذَلِك قُلْنَا: فَكيف قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله انبئني آيَة الرَّجْم قَالَ: لَا أَسْتَطِيع الْآن
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ لي عمر بن الْخطاب: كم تَعدونَ سُورَة الاحزاب قلت: اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَسبعين قَالَ: إِن كَانَت لتقارب سُورَة الْبَقَرَة وان كَانَ فِيهَا لآيَة الرَّجْم
وَأخرج ابْن الضريس عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت سُورَة الاحزاب مثل سُورَة الْبَقَرَة أَو اطول وَكَانَ فِيهَا آيَة الرَّجْم
وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر قَالَ: اياكم أَن تهلكوا عَن آيَة الرَّجْم وان يَقُول قَائِل: لَا نجد حَدَّيْنِ فِي كتاب الله فقد رجم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فلولا ان يَقُول النَّاس: أحدث عمر فِي كتاب الله لكتبتها فِي الْمُصحف لقد قرأناها (الشَّيْخ والشيخه إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا البته قَالَ سعيد فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحجَّة حَتَّى طعن
وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف ان خَالَته أخْبرته قَالَت: لقد أقرأنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم آيَة الرَّجْم (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ بِمَا قضيا من اللَّذَّة)
وَأخرج ابْن الضريس عَن عمر قَالَ قلت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت آيَة الرَّجْم: اكتمها يَا رَسُول الله قَالَ: لَا أَسْتَطِيع ذَلِك
وَأخرج ابْن الضريس عَن زيد بن أسلم أَن عمر بن الْخطاب خطب النَّاس فَقَالَ: لَا تَشكوا فِي الرَّجْم فانه حق قد رجم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أَبُو بكر ورجمت وَلَقَد هَمَمْت أَن أكتب فِي الْمُصحف فَسَأَلَ أبي بن كَعْب عَن آيَة الرَّجْم فَقَالَ أبي: أَلَسْت أتيتني وانا أستقرئها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَدفعت فِي صَدْرِي وَقلت: أتستقرئه آيه الرَّجْم وهم يتسافدون تسافد الْحمر
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخ عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَرَأت سُورَة الاحزاب على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فنسيت مِنْهَا سبعين آيَة مَا وَجدتهَا
وَأخرج أَبُو عبيد فِي الْفَضَائِل وَابْن الْأَنْبَارِي وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت سُورَة الاحزاب تقْرَأ فِي زمَان النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِائَتي آيَة فَلَمَّا كتب عُثْمَان الْمَصَاحِف لم يقدر مِنْهَا إِلَّا على مَا هُوَ الْآن
- يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ إِن الله كَانَ عليماً حكيماً وَاتبع مَا يُوحى إِلَيْك من رَبك إِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا وتوكل على الله وَكفى بِاللَّه وَكيلا
أخرج ابْن جرير من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أهل مَكَّة مِنْهُم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَشَيْبَة بن ربيعَة دعوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى أَن يرجع عَن قَوْله على أَن يعطوه شطرا أَمْوَالهم وخوفه المُنَافِقُونَ وَالْيَهُود بِالْمَدِينَةِ إِن لم يرجع قَتَلُوهُ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَلَا تُطِع الْكَافرين} أبي بن خلف {وَالْمُنَافِقِينَ} أَبُو عَامر الراهب وَعبد الله بن أُبي بن سلول وَالْحَد بن قيس
- قَوْله تَعَالَى: مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه وَمَا جعل أزواجكم الائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم ذَلِكُم قَوْلكُم بأفواهكم وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل
أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يُصَلِّي فخطر خطرة فَقَالَ المُنَافِقُونَ الَّذين يصلونَ مَعَه: أَلا ترى أَن لَهُ قلبين قلباً مَعكُمْ
وَقَلْبًا مَعَهم
فَأنْزل الله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} ابْن عَبَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق خصيف عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَعِكْرِمَة قَالُوا: كَانَ رجل يدعى ذَا القلبين فَأنْزل الله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رجل من قُرَيْش يُسمى من دهائه ذَا القلبين فَأنْزل الله هَذَا فِي شَأْنه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُسمى ذَا القلبين
كَانَ يَقُول: لي نفس تَأْمُرنِي وَنَفس تنهاني فَأنْزل الله فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: إِن رجلا من بني فهر قَالَ: إِن فِي جوفي قلبين اعقل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أفضل من عقل مُحَمَّد فَنزلت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ: أَنَّهَا نزلت فِي رجل من قُرَيْش من بني جمح يُقَال لَهُ: جميل بن معمر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة فَسَهَا فِيهَا فخطرت مِنْهُ كلمة فَسَمعَهَا المُنَافِقُونَ فَأَكْثرُوا فَقَالُوا: إِن لَهُ قلبين
ألم تسمعوا إِلَى قَوْله وَكَلَامه فِي الصَّلَاة إِن لَهُ قلباً مَعكُمْ وَقَلْبًا مَعَ أَصْحَابه فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ}
إِلَى قَوْله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} قَالَ: بلغنَا أَن ذَلِك كَانَ فِي زيد بن حَارِثَة ضرب لَهُ مثلا يَقُول: لَيْسَ ابْن رجل آخر ابْنك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ الرجل يَقُول لامْرَأَته: أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي
فَقَالَ الله {وَمَا جعل أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم} وَكَانَ يُقَال: زيد بن مُحَمَّد
فَقَالَ الله {وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا جعل أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم} أَي مَا جعلهَا أمك وَإِذا ظَاهر الرجل من امْرَأَته فَإِن الله لم يَجْعَلهَا أمه وَلَكِن جعل فِيهَا الْكَفَّارَة {وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم} يَقُول: مَا جعل دعيك ابْنك
يَقُول: إِن ادّعى رجل رجلا فَلَيْسَ بِابْنِهِ
ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول من ادّعى إِلَى غير أَبِيه مُتَعَمدا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم} قَالَ: نزلت فِي زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ
- قَوْله تَعَالَى: ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فاخوانكم فِي الدّين ومواليكم وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ وَلكم مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما
أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر: أَن زيد بن حَارِثَة مولى رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زيد بن مُحَمَّد
حَتَّى نزل الْقُرْآن {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَنْت زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن أَبَا حُذَيْفَة بن عتبَة بن ربيعَة بن عتبَة بن عبد شمس وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا تبنى سالما وأنكحه بنت أَخِيه هِنْد بنت الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة وَهُوَ مولى لَا مرأة من الْأَنْصَار كَمَا تبنى النَّبِي صلى الله عليه وسلم زيدا وَكَانَ من تبنى رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة دَعَاهُ النَّاس إِلَيْهِ وَورثه من مِيرَاثه حَتَّى أنزل الله فِي ذَلِك {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} فَردُّوا إِلَى آبَائِهِم فَمن لم يعلم لَهُ أَب كَانَ مولى وأخاً فِي الدّين فَجَاءَت سهلة بنت سُهَيْل بن عَمْرو إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِن سالما كَانَ يدعى لأبي حُذَيْفَة رضي الله عنه وَإِن الله قد أنزل فِي كِتَابه {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} وَكَانَ يدْخل عليَّ وَأَنا وحدي وَنحن فِي منزل ضيق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: ارضعي سالما تحرمي عَلَيْهِ)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ من أَمر زيد بن حَارِثَة رضي الله عنه أَنه كَانَ فِي أَخْوَاله بني معن من بني ثعل من طَيء فأصيب فِي غلمة من طَيء فَقدم بِهِ سوق عكاظ وَانْطَلق حَكِيم بن حزَام بن خويلد إِلَى عكاظ يتسوق بهَا فأوصته عمته خَدِيجَة رضي الله عنها أَي يبْتَاع لَهَا غُلَاما ظريفاً عَرَبيا ان قدر عَلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ وجد زيدا يُبَاع فِيهَا فأعجبه ظرفه فابتاعه فَقدم بِهِ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا: إِنِّي قد ابتعت لَك غُلَاما ظريفاً عَرَبيا فَإِن أعْجبك فَخذيهِ وَإِلَّا فدعيه فَإِنَّهُ قد أعجبني فَلَمَّا رَأَتْهُ خَدِيجَة اعجبها فَأَخَذته فتزوّجها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عِنْدهَا فأعجب النَّبِي صلى الله عليه وسلم ظرفه فاستوهبه مِنْهَا فَقَالَت: هُوَ لَك فَإِن أردْت عتقه فَالْولَاء لي فَأبى عَلَيْهَا فَوَهَبته لَهُ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ أمسك قَالَ: فشب عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم
ثمَّ إِنَّه خرج فِي إبل طَالب إِلَى الشَّام فَمر بِأَرْض قومه
فَعرفهُ عَمه فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: من أَنْت يَا غُلَام قَالَ: غُلَام من أهل مَكَّة
قَالَ: من أنفسهم قَالَ: لَا
فحر أَنْت أم مَمْلُوك قَالَ: بل مَمْلُوك قَالَ: لمن قَالَ: لمُحَمد بن عبد الله بن عبد الْمطلب فَقَالَ لَهُ: أعربي أَنْت أم عجمي قَالَ:
بل عَرَبِيّ قَالَ: مِمَّن أهلك قَالَ: من كلب قَالَ: من أَي كلب قَالَ: من بني عبدود قَالَ: وَيحك
ابْن من أَنْت قَالَ: ابْن حَارِثَة بن شرَاحِيل قَالَ: وَأَيْنَ أصبت قَالَ: فِي أخوالي قَالَ: وَمن أخوالك قَالَ: طي قَالَ: مَا اسْم أمك قَالَ: سعدي
فَالْتَزمهُ وَقَالَ ابْن حَارِثَة: ودعا أَبَاهُ وَقَالَ: يَا حَارِثَة هَذَا ابْنك
فَأَتَاهُ حَارِثَة فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ عرفه قَالَ: كَيفَ صنع مَوْلَاك إِلَيْك قَالَ: يؤثرني على أَهله وَولده وَرزقت مِنْهُ حبا فَلَا أصنع إِلَّا مَا شِئْت
فَركب مَعَه وَأَبوهُ وَعَمه وَأَخُوهُ حَتَّى قدمُوا مَكَّة فَلَقوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ حَارِثَة: يَا مُحَمَّد أَنْتُم أهل حرم الله وجيرانه وَعند بَيته
تفكون العاني وتطعمون الاسير
ابْني عَبدك فامتن علينا وَأحسن إِلَيْنَا فِي فدائه فَإنَّك ابْن سيد قومه فَإنَّا سنرفع لَك فِي الْفِدَاء مَا أَحْبَبْت
فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أُعْطِيكُم خيرا من ذَلِك قَالُوا: وَمَا هُوَ قَالَ: أخيره فَإِن اختاركم فَخُذُوهُ بِغَيْر فدَاء وَإِن اختارني فكفوا عَنهُ قَالُوا: جَزَاك الله خيرا فقد أَحْسَنت فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا زيد اتعرف هَؤُلَاءِ قَالَ: نعم
هَذَا أبي وَعمي وَأخي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَأَنا من قد عَرفته فَإِن اخترتهم فَأذْهب مَعَهم وَإِن اخترتني فَأَنا من تعلم فَقَالَ زيد: مَا أَنا بمختار عَلَيْك أحدا أبدا أَنْت مني بمَكَان الْوَالِد وَالْعم قَالَ لَهُ أَبوهُ وَعَمه: يَا زيد تخْتَار الْعُبُودِيَّة على الربوبية قَالَ: مَا أَنا بمفارق هَذَا الرجل
فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حرصه عَلَيْهِ قَالَ: اشْهَدُوا أَنه حر وَإنَّهُ ابْني يَرِثنِي وَأَرِثهُ فطلبت نفس أَبِيه وَعَمه لما رَأَوْا من كرامته عَلَيْهِ فَلم يزل فِي الْجَاهِلِيَّة يدعى: زيد بن مُحَمَّد
حَتَّى نزل الْقُرْآن {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} فدعي زيد بن حَارِثَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق زيد ابْن شيبَة عَن الْحسن بن عُثْمَان رضي الله عنه قَالَ: حَدثنِي عدَّة من الْفُقَهَاء وَأهل الْعلم قَالُوا: كَانَ عَامر بن ربيعَة يُقَال لَهُ: عَامر بن الْخطاب وَإِلَيْهِ كَانَ ينْسب فَأنْزل الله فِيهِ وَفِي زيد بن حَارِثَة وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة والمقداد بن عَمْرو {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ}
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بكرَة رضي الله عنه أَنه قَالَ: قَالَ الله {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} فَإنَّا
مِمَّن لَا يعلم أَبوهُ وَأَنا من اخوانكم فِي الدّين
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} أعدل عِنْد الله {فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} فَإِذا لم تعلم من أَبوهُ فَإِنَّمَا هُوَ أَخُوك فِي الدّين ومولاك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} قَالَ: إِن لم تعرف أَبَاهُ فأخوك فِي الدّين ومولاك مولى فلَان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي الْآيَة يَقُول: إِن لم تعلمُوا لَهُم آياء تدعوهم إِلَيْهِم فانسبوهم اخوانكم فِي الدّين إِذْ تَقول: عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَعبيد الله وأشباههم من الْأَسْمَاء وَأَن يدعى إِلَى اسْم مَوْلَاهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} يَقُول: أَخُوك فِي الدّين ومولاك مولى بني فلَان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: لما نزلت {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} لم يعرفوا لسالم أَبَا وَلَكِن مولى أبي حُذَيْفَة إِنَّمَا كَانَ حليفاً لَهُم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ} قَالَ: هَذَا من قبل النَّهْي فِي هَذَا وَغَيره {وَلَكِن مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ} بعد مَا أمرْتُم وَبعد النَّهْي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ} قَالَ: لَو دَعَوْت رجلا لغير أَبِيه وَأَنت ترى أَنه أَبوهُ لم يكن عَلَيْك بَأْس وَلَكِن مَا أردْت بِهِ الْعمد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ وَالله مَا أخْشَى عَلَيْك الْخَطَأ وَلَكِن أخْشَى عَلَيْك الْعمد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنِّي لست أَخَاف عَلَيْكُم الْخَطَأ وَلَكِن أَخَاف عَلَيْكُم الْعمد
- قَوْله تَعَالَى: النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطوراً
أخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا من مُؤمن إِلَّا وَأَنا أولى النَّاس بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اقرأوا إِن شِئْتُم {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} فأيما مُؤمن ترك مَالا فليرثه عصبته من كَانُوا فَإِن ترك دينا أَو ضيَاعًا فَليَأْتِنِي فَأَنا مَوْلَاهُ
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ الْمُؤمن إِذا توفّي فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأتي بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَأَلَ هَل عَلَيْهِ دين فَإِن قَالُوا: نعم
قَالَ: هَل ترك وَفَاء لدينِهِ فَإِن قَالُوا: نعم
صلى عَلَيْهِ وَإِن قَالُوا: لَا
قَالَ: صلوا على صَاحبكُم فَلَمَّا فتح الله علينا الْفتُوح قَالَ: أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَمن ترك دينا فإليّ وَمن ترك مَالا فللوارث
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم انه كَانَ يَقُول: أَنا أولى بِكُل مُؤمن من نَفسه
فأيما رجل مَاتَ وَترك دينا فإليّ وَمن ترك مَالا فَهُوَ لوَرثَته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ: غزوت مَعَ عَليّ الْيمن فَرَأَيْت مِنْهُ جفوة فَلَمَّا قدمت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته فَرَأَيْت وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تغير وَقَالَ: يَا بُرَيْدَة أَلَسْت أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم قلت: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: من كنت ملاه فعلي مَوْلَاهُ
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وأزواجه أمهاتهم} قَالَ: يعظم بذلك حقهن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وأزواجه أمهاتهم} يَقُول: أمهاتهم فِي الْحُرْمَة لَا يحل لمُؤْمِن أَن ينْكح امْرَأَة من نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاته ان طلق وَلَا بعد مَوته
هِيَ حرَام على كل مُؤمن مثل حُرْمَة أمه
وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت لَهَا: يَا أُمِّي فَقَالَت: أَنا أم رجالكم وَلست أم نِسَائِكُم
وَأخرج ابْن سعد عَن أم سَلمَة قَالَت: أَنا أم الرِّجَال مِنْكُم وَالنِّسَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور واسحق بن رَاهَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن بجالة قَالَ: مر عمر بن الْخطاب رضي الله عنه بِغُلَام وَهُوَ يقْرَأ فِي الْمُصحف (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وَهُوَ أَب لَهُم) فَقَالَ: يَا غُلَام حكها فَقَالَ: هَذَا مصحف أبي فَذهب إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِنَّه كَانَ يلهيني الْقُرْآن ويلهيك الصفق بالأسواق
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَهُوَ أَب لَهُم وأزواجه أمهاتهم)
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَهُوَ أَب لَهُم)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ فِي الْحَرْف الأول (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسه وَهُوَ أَب لَهُم)
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: فِي الْقِرَاءَة (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَهُوَ أَب لَهُم)
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين} قَالَ: لبث الْمُسلمُونَ زَمَانا يتوارثون بِالْهِجْرَةِ الاعرابي الْمُسلم لَا يَرث من المُهَاجر شَيْئا
فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فخلط الْمُؤمنِينَ بَعضهم بِبَعْض فَصَارَت الْمَوَارِيث بالملل
وَأخرج الْفرْيَابِيّ ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا} قَالَ: توصون لحلفائكم الَّذين والى بَينهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَنَفِيَّة رَضِي
الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي جَوَاز وَصِيَّة الْمُسلم لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيّ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم} قَالَ: القرابه من أهل الشّرك {مَعْرُوفا} قَالَ: وَصِيَّة وَلَا مِيرَاث لَهُم {كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطوراً} قَالَ: وَفِي بعض الْقرَاءَات (كَانَ ذَلِك عِنْد الله مَكْتُوبًا) أَن لَا يَرث الْمُشرك الْمُؤمن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة وَالْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا} قَالَا: إِلَّا أَن يكون لَك ذُو قرَابَة على دينك فتوصي لَهُ بالشَّيْء وَهُوَ وليك فِي النّسَب وَلَيْسَ وليك فِي الدّين
- قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى بن مَرْيَم وأخذنا مِنْهُم ميثاقاً غليظاً ليسأل الصَّادِقين عَن صدقهم وَأعد للْكَافِرِينَ عذَابا أَلِيمًا
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} قَالَ: فِي ظهر آدم {وأخذنا مِنْهُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: أغْلظ مِمَّا أَخذه من النَّاس {ليسأل الصَّادِقين عَن صدقهم} قَالَ: المبلغين من الرُّسُل المؤدين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} الْآيَة
قَالَ: أَخذ الله على النَّبِيين خُصُوصا أَن يصدق بَعضهم بَعْضًا وَأَن يتبع بَعضهم بَعْضًا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي مَرْيَم الغساني رضي الله عنه: أَن أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا أول نبوّتك قَالَ: أَخذ الله مني الْمِيثَاق كَمَا أَخذ من النَّبِيين ميثاقهم ثمَّ تَلا {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وأخذنا مِنْهُم ميثاقاً غليظاً} ودعوة أبي إِبْرَاهِيم قَالَ
{وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} الْبَقَرَة الْآيَة 129 وَبشَارَة الْمَسِيح بن مَرْيَم وَرَأَتْ أم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي منامها: أَنه خرج من بَين رِجْلَيْهَا سراج أَضَاءَت لَهُ قُصُور الشَّام
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْعَالِيَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله الْخلق وَقضى الْقَضِيَّة وَأخذ مِيثَاق النَّبِيين وعرشه على المَاء فَأخذ أهل الْيَمين بِيَمِينِهِ وَأخذ أهل الشمَال بِيَدِهِ الْأُخْرَى وكلتا يَدي الرَّحْمَن يَمِين فَأَما أَصْحَاب الْيَمين فاستجابوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك قَالَ {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} الْأَعْرَاف الْآيَة 172 فخلط بَعضهم بِبَعْض فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: يَا رب لم خلطت بَيْننَا فان {وَلَهُم أَعمال من دون ذَلِك هم لَهَا عاملون} قَالَ: أَن يَقُولُوا يَوْم الْقِيَامَة {إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين} ثمَّ ردهم فِي صلب آدم عليه السلام فَأهل الْجنَّة أَهلهَا وَأهل النَّار أَهلهَا فَقَالَ قَائِل: فَمَا الْعَمَل إِذا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يعْمل كل قوم لمنزلتهم فَقَالَ: ابْن الْخطاب رضي الله عنه: إِذن نجتهد يَا رَسُول الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قيل يَا رَسُول الله مَتى أَخذ مِيثَاقك قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد
وَأخرج ابْن سعد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رجل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَتى استنبئت قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد حِين أَخذ مني الْمِيثَاق
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قيل يَا رَسُول الله مَتى كنت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ميسرَة الْفَخر رضي الله عنه قَالَ: قلت يَا رَسُول الله مَتى كنت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد
وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم مَتى وَجَبت لَك النبوّة قَالَ: بَين خلق آدم وَنفخ الرّوح فِيهِ
وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم مَتى وَجَبت لَك النبوّة قَالَ: بَين خلق آدم وَنفخ الرّوح فِيهِ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن الصنَابحِي قَالَ: قَالَ عمر رضي الله عنه: مَتى جعلت نَبيا قَالَ وآدَم منجدل فِي الطين
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي الجدعاء رضي الله عنه قَالَ: قلت يَا رَسُول الله
مَتى جعلت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد
وَأخرج ابْن سعد عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَتى كنت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والطين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا قَرَأَ {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول كنت أول الْأَنْبِيَاء فِي الْخلق وَآخرهمْ فِي الْبَعْث
وَأخرج ابْن أبي عَاصِم والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَوَّلهمْ نوح ثمَّ الأول فَالْأول
وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والديلمي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله الله {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} قَالَ كنت أول النَّبِيين فِي الْخلق وَآخرهمْ فِي الْبَعْث فبدىء بِهِ قبلهم
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: خِيَار ولد آدم خَمْسَة
نوح
وَإِبْرَاهِيم
ومُوسَى
وَعِيسَى
وَمُحَمّد وَخَيرهمْ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {ميثاقهم} عَهدهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} قَالَ: إِنَّمَا أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين على قَومهمْ
وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ من عَالم إِلَّا وَقد أَخذ الله ميثاقه يَوْم أَخذ مِيثَاق النَّبِيين يدْفع عَنهُ مساوىء عمله لمحاسن عمله إِلَّا أَنه لَا يُوحى اليه
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرًا إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم وَإِذ زاغت الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتظنون بِاللَّه الظنونا هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وزلزلوا زلزالاً شَدِيدا وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل من طرق عَن حُذَيْفَة قَالَ لقد رَأَيْتنَا لَيْلَة الْأَحْزَاب وَنحن صافون قعُود وَأَبُو سُفْيَان وَمن مَعَه من الْأَحْزَاب فَوْقنَا وَقُرَيْظَة الْيَهُود أَسْفَل نخافهم على ذرارينا وَمَا أَتَت علينا لَيْلَة قطّ أَشد ظلمَة وَلَا أَشد ريحًا مِنْهَا أصوات رِيحهَا أَمْثَال الصَّوَاعِق وَهِي ظلمَة مَا يرى أحد منا اصبعه فَجعل المُنَافِقُونَ يستأذنون النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُونَ {إِن بُيُوتنَا عَورَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَة} فَمَا يَسْتَأْذِنهُ أحد مِنْهُم إِلَّا أذن لَهُ يَتَسَلَّلُونَ وَنحن ثلثمِائة أَو نَحْو ذَلِك اذ استقبلنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا حَتَّى مر عَليّ وَمَا عَليّ جنَّة من الْعَدو وَلَا من الْبرد إِلَّا مرط لامرأتي مَا يُجَاوز ركبتي فَأَتَانِي وَأَنا جاث على ركبتي فَقَالَ: من هَذَا قلت: حُذَيْفَة فتقاصرت إِلَى الأَرْض فَقلت: بلَى يَا رَسُول الله كَرَاهِيَة أَن أقوم فَقَالَ: قُم
فَقُمْت فَقَالَ: إِنَّه كَانَ فِي الْقَوْم خبر فأتني بِخَبَر الْقَوْم قَالَ: وَأَنا من أَشد النَّاس فَزعًا وأشدهم قراً فَخرجت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ احفظه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن فَوْقه وَمن تَحْتَهُ قَالَ: فو الله مَا خلق الله فَزعًا وَلَا قراً فِي جَوف إِلَّا خرج من جوفي فَمَا أجد مِنْهُ شَيْئا فَلَمَّا وليت قَالَ: يَا حُذَيْفَة لَا تحدث فِي الْقَوْم شَيْئا حَتَّى تَأتِينِي فَخرجت حَتَّى إِذا دَنَوْت من عَسْكَر الْقَوْم نظرت فِي ضوء نَار لَهُم توقد واذا بِرَجُل أدهم ضخم يَقُول بِيَدِهِ على النَّار وَيمْسَح خاصرته وَيَقُول: الرحيل
الرحيل
ثمَّ دخل الْعَسْكَر فَإِذا فِي النَّاس رجال من بني عَامر يَقُولُونَ: الرحيل
الرحيل يَا آل عَامر لَا مقَام لكم وَإِذا الرحيل فِي عَسْكَرهمْ مَا يُجَاوز
عَسْكَرهمْ شبْرًا فوَاللَّه أَنِّي لأسْمع صَوت الْحِجَارَة فِي رحالهم وَمن بَينهم الرّيح يَضْرِبهُمْ بهَا ثمَّ خرجت نَحْو النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا انتصفت فِي الطَّرِيق أَو نَحْو ذَلِك إِذا أَنا بِنَحْوِ من عشْرين فَارِسًا متعممين فَقَالُوا: اخبر صَاحبك أَن الله كَفاهُ الْقَوْم فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يشْتَمل فِي شملة يُصَلِّي وَكَانَ إِذا حز بِهِ أَمر صلى فَأَخْبَرته خبر الْقَوْم أَنِّي تَركتهم يرتحلون
فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رجل: لَو أدْركْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لحملته ولفعلت
فَقَالَ حُذَيْفَة: لقد رَأَيْتنِي لَيْلَة الْأَحْزَاب وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل فِي لَيْلَة بَارِدَة مَا قبله وَلَا بعده برد كَانَ أَشد مِنْهُ فحانت مني التفاتة فَقَالَ أَلا رجل يذهب إِلَى هَؤُلَاءِ فَيَأْتِينَا بخبرهم - جعله الله معي يَوْم الْقِيَامَة - قَالَ: فَمَا قَامَ مِنْهُ انسان قَالَ: فَسَكَتُوا ثمَّ عَاد
فَسَكَتُوا ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا بكر ثمَّ قَالَ: اسْتغْفر الله رَسُوله ثمَّ قَالَ: إِن شِئْت ذهبت فَقَالَ: يَا عمر فَقَالَ: اسْتغْفر الله رَسُوله ثمَّ قَالَ: يَا حُذَيْفَة فَقلت: لبيْك
فَقُمْت حَتَّى أتيت وَإِن جَنْبي ليضربان من الْبرد فَمسح رَأْسِي ووجهي ثمَّ قَالَ: ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم حَتَّى تَأْتِينَا بخبرهم وَلَا تحدث حَدثا حَتَّى ترجع ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ احفظه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن فَوْقه وَمن تَحْتَهُ حَتَّى يرجع
قَالَ فلَان: يكون أرسلها كَانَ أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
قَالَ: فَانْطَلَقت فَأخذت أَمْشِي نحوهم كَأَنِّي أَمْشِي فِي حمام قَالَ: فوجدتهم قد أرسل الله عَلَيْهِم ريحًا فَقطعت أطنابهم وَذَهَبت بخيولهم وَلم تدع شَيْئا إِلَّا أهلكته قَالَ: وَأَبُو سُفْيَان قَاعد يصطلي عِنْد نَار لَهُ قَالَ فَنَظَرت إِلَيْهِ فَأخذت سَهْما فَوَضَعته فِي كبد قوسي قَالَ: - وَكَانَ حُذَيْفَة رامياً - فَذكرت قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تحدثن حَدثا حَتَّى ترجع قَالَ: فَرددت سهمي فِي كِنَانَتِي قَالَ: فَقَالَ رجل من القو: الا فِيكُم عين للْقَوْم فَأخذ كل بيد جليسه فَأخذت بِيَدِهِ جليسي فَقلت: من أَنْت قَالَ: سُبْحَانَ الله أما تعرفنِي أَنا فلَان بن فلَان فَإِذا رجل من هوَازن فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته الْخَبَر فَلَمَّا أخْبرته فَضَحِك حَتَّى بَدَت أنيابه فِي سَواد اللَّيْل وَذهب عني
الدفء فأدناني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأنامني عِنْد رجلَيْهِ وَألقى عَليّ طرف ثَوْبه فَإِن كنت لألزق بَطْني وصدري بِبَطن قَدَمَيْهِ فَلَمَّا أَصْبحُوا هزم الله الْأَحْزَاب وَهُوَ قَول {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود} قَالَ: كَانَ يَوْم أبي سُفْيَان يَوْم الْأَحْزَاب
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا يَوْم الخَنْدَق: يَا رَسُول الله هَل من شَيْء نقُول: فقد بلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر قَالَ: نعم
قُولُوا: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا وآمن روعاتنا قَالَ: فَضرب الله وُجُوه أعدائه بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمْ الله بِالرِّيحِ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {إِذْ جاءتكم جنود} قَالَ: الْأَحْزَاب
عُيَيْنَة بن بدر وَأَبُو سُفْيَان وَقُرَيْظَة {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا} قَالَ: يَعْنِي ريح الصِّبَا أرْسلت على الْأَحْزَاب يَوْم الخَنْدَق حَتَّى كفأت قدورهم على أفواهها ونزعت فساطيطهم حَتَّى اظعنتهم {وجنوداً لم تَرَوْهَا} يَعْنِي الْمَلَائِكَة قَالَ: وَلم تقَاتل الْمَلَائِكَة يَوْمئِذٍ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لما كَانَت لَيْلَة الْأَحْزَاب جَاءَت الشمَال إِلَى الْجنُوب قَالَت: انطلقي فانصري الله وَرَسُوله فَقَالَت الْجنُوب: إِن الْحرَّة لَا تسري بِاللَّيْلِ فَغَضب الله عَلَيْهَا وَجعلهَا عقيماً فَأرْسل الله عَلَيْهِم الصِّبَا فأطفأت نيرانهم وَقطعت أطنابهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور فَذَلِك قَوْله {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا}
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا لم يُقَاتل من أول النَّهَار أخر الْقِتَال حَتَّى تَزُول الشَّمْس وتهب الرِّيَاح
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن
مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَت: كَانَ ذَلِك يَوْم الخَنْدَق
وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل منطريق كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: خطّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الخَنْدَق عَام الْأَحْزَاب فَخرجت لنا من الخَنْدَق صَخْرَة بَيْضَاء مدوّرة فَكسرت حَدِيدَنَا وَشقت علينا فشكونا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخذ الْمعول من سلمَان فَضرب الصخر ضَرْبَة صَدعهَا وَبَرقَتْ مِنْهَا برقة أَضَاءَت مَا بَين لَا بتي الْمَدِينَة حَتَّى لكأن مصباحاً فِي جَوف ليل مظلم فَكبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكبر الْمُسلمُونَ ثمَّ ضربهَا الثَّانِيَة فَصَدَعَهَا وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لَا بتيها فَكبر وَكبر الْمُسلمُونَ ثمَّ ضربهَا الثَّالِثَة فَصَدَعَهَا وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لَا بتيها وَكبر وَكبر الْمُسلمُونَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: أَضَاء لي فِي الأولى قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب فَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّانِيَة قُصُور الْحمر من أَرض الرّوم كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّالِثَة قُصُور صنعاء كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا فابشروا بالنصر
فَاسْتَبْشَرَ الْمُسلمُونَ وَقَالُوا: الْحَمد لله موعد صَادِق بِأَن وعدنا النَّصْر بعد الْحصْر فطلعت الْأَحْزَاب فَقَالَ الْمُسلمُونَ {هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله وَرَسُوله وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليماً} وَقَالَ المُنَافِقُونَ: الا تعْجبُونَ يُحَدثكُمْ وَيَعدكُمْ وَيُمَنِّيكُمْ الْبَاطِل يخبر أَنه يبصر من يثرب قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى وَإِنَّهَا تفتح لكم وَإِنَّكُمْ تَحْفِرُونَ الخَنْدَق وَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَن تبْرزُوا وَأنزل الْقُرْآن مردويهن {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا}
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل الله فِي شَأْن الخَنْدَق وَذكر نعمه عَلَيْهِم وكفايته إيَّاهُم عدوهم بعد سوء الظَّن ومقالة من تكلم من أهل النِّفَاق {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} وَكَانَت الْجنُود الَّتِي أَتَت الْمُسلمين
أَسد
وغَطَفَان
وسليما
وَكَانَت الْجنُود الَّتِي بعث الله عَلَيْهِم من الرّيح الْمَلَائِكَة فَقَالَ {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم}
فَكَانَ الَّذين جاؤهم من فَوْقهم بني قُرَيْظَة وَالَّذين جاؤهم من أَسْفَل مِنْهُم قُريْشًا وأسداً وغَطَفَان فَقَالَ: {هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وزلزلوا زلزالاً شَدِيدا وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا} يَقُول: معتب بن قُشَيْر وَمن كَانَ مَعَه على رَأْيه {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي} يَقُول أَوْس بن قيظي وَمن كَانَ مَعَه على مثل رَأْيه {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} إِلَى {وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا} ثمَّ ذكر يَقِين أهل الايمان حِين أَتَاهُم الْأَحْزَاب فحصروهم وظاهرهم بَنو قُرَيْظَة فَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الْبلَاء فَقَالَ: {وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب} إِلَى {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} قَالَ: وَذكر الله هزيمَة الْمُشْركين وكفايته الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم}
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة بن الزبير وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَا: قَالَ معتب بن قُشَيْر: كَانَ مُحَمَّدًا يرى أَن يَأْكُل من كنز كسْرَى وَقَيْصَر وأحدنا لَا يَأْمَن ان يذهب إِلَى الغائطن وَقَالَ أَوْس بن قيظي فِي مَلأ من قومه من بني حَارِثَة {إِن بُيُوتنَا عَورَة} وَهِي خَارِجَة من الْمَدِينَة: إئذن لنا فنرجع إِلَى نسائنا وأبنائنا وذرارينا فَأنْزل الله على رَسُوله حِين فرغ مِنْهُم مَا كَانُوا فِيهِ من الْبلَاء يذكر نعْمَته عَلَيْهِم وكفايته إيَّاهُم بعد سوء الظَّن مِنْهُم ومقالة من قَالَ من أهل النِّفَاق {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} فَكَانَت الْجنُود قُريْشًا وغَطَفَان وَبني قُرَيْظَة وَكَانَت الْجنُود الَّتِي أرسل عَلَيْهِم مَعَ الرّيح الْمَلَائِكَة {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم} بَنو قُرَيْظَة {وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قُرَيْش
وغَطَفَان
إِلَى قَوْله {مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا} يَقُول: معتب بن قُشَيْر وَأَصْحَابه {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب} يَقُول: أَوْس بن قيظي وَمن كَانَ مَعَه على ذَلِك من قومه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: لما كَانَ حَيْثُ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن نحفر الخَنْدَق عرض لنا فِي بعض الْجَبَل عَظِيمَة شَدِيدَة لَا تدخل فِيهَا المعاول فاشتكينا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهَا أَخذ الْمعول وَألقى ثَوْبه وَقَالَ: بِسم الله ثمَّ ضرب ضَرْبَة فَكسر ثلثهَا وَقَالَ:
الله أكبر
أَعْطَيْت مَفَاتِيح الشَّام وَالله إِنِّي لَأبْصر قُصُورهَا الْحمر السَّاعَة ثمَّ ضرب الثَّانِيَة فَقطع ثلثا آخر فَقَالَ: الله أكبر
أَعْطَيْت مَفَاتِيح فَارس وَالله إِنِّي لَأبْصر قُصُور الْمَدَائِن الْبيض ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَقَالَ: بِسم الله
فَقطع بَقِيَّة الْحجر وَقَالَ: الله أكبر
أَعْطَيْت مَفَاتِيح الْيمن وَالله إِنِّي لَأبْصر أَبْوَاب صنعاء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم ورفعنا فَوْقكُم} قَالَ عُيَيْنَة بن حصن {وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: سُفْيَان بن حَرْب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: كَانَ ذَلِك يَوْم الخَنْدَق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة يَوْم الْأَحْزَاب وَقد حصر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شهرا فَخَنْدَق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَقْبل أَبُو سُفْيَان بِقُرَيْش وَمن مَعَه من النَّاس حَتَّى نزلُوا [] بعفوة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَقْبل عُيَيْنَة بن حصن أَخُو بني بدر بغطفان وَمن تبعه حَتَّى نزلُوا بعفوة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وكاتبت الْيَهُود أَبَا سُفْيَان فظاهروه فَبعث الله عَلَيْهِم الرعب وَالرِّيح
فَذكر أَنهم كَانُوا كلما بنوا بِنَاء قطع الله أطنابه وَكلما ربطوا دَابَّة قطع الله رباطها وَكلما أوقدوا نَارا أطفأها الله حَتَّى لقد ذكر لنا أَن سيد كل حَيّ يَقُول: يَا بني فلَان هَلُمَّ إِلَيّ
حَتَّى إِذا اجْتَمعُوا عِنْده قَالَ: النجَاة
النجَاة
أتيتم لما بعث الله عَلَيْهِم الرعب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم} قَالَ: عُيَيْنَة بن حصن فِي أهل نجد {وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: أَبُو سُفْيَان بن حَرْب فِي أهل تهَامَة ومواجهتهم قُرَيْظَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ زاغت الْأَبْصَار} قَالَ: شخصت الْأَبْصَار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر} قَالَ: شخصت من مَكَانهَا فلولا أَنه ضَاقَ الْحُلْقُوم عَنْهَا أَن تخرج لَخَرَجت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر}
قَالَ: فزعها وَلَفظ ابْن أبي شيبَة قَالَ: إِن الْقُلُوب لَو تحركت أَو زَالَت خرجت نَفسه وَلَكِن إِنَّمَا هُوَ الْفَزع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وتظنون بِاللَّه الظنونا} قَالَ: ظنون مُخْتَلفَة ظن المُنَافِقُونَ أَن مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه يستأصلون وأيقن الْمُؤْمِنُونَ أَن مَا وعدهم الله وَرَسُوله حق أَنه سَيظْهر على الدّين كُله
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتظنون بِاللَّه الظنونا} قَالَ: هم النافقون يظنون بِاللَّه ظنوناً مُخْتَلفَة
وَفِي قَوْله {هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} قَالَ: محصوا
وَفِي قَوْله {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ} تكلمُوا بِمَا فِي أنفسهم من النِّفَاق وَتكلم الْمُؤْمِنُونَ بِالْحَقِّ والإِيمان {قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما حفر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه الخَنْدَق وَأصَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمين جهد شَدِيد فَمَكَثُوا ثَلَاثًا لَا يَجدونَ طَعَاما حَتَّى ربط النَّبِي صلى الله عليه وسلم على بَطْنه حجرا من الْجُوع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ المُنَافِقُونَ يَوْم الْأَحْزَاب حِين رَأَوْا الْأَحْزَاب قد اكتنفوهم من كل جَانب فَكَانُوا فِي شكّ وريبة من أَمر الله قَالُوا: إِن مُحَمَّدًا كَانَ يعدنا فتح فَارس وَالروم وَقد حصرنا هَهُنَا حَتَّى مَا يَسْتَطِيع يبرز أَحَدنَا لِحَاجَتِهِ
فَأنْزل الله {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: حفر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الخَنْدَق وَاجْتمعت قُرَيْش وكنانة وغَطَفَان فاستأجرهم أَبُو سُفْيَان بلطيمة قُرَيْش فاقبلوا حَتَّى نزلُوا بفنائه فَنزلت قُرَيْش أَسْفَل الْوَادي وَنزلت غطفان عَن يَمِين ذَلِك وطليحة الْأَسدي فِي بني أَسد يسَار ذَلِك وظاهرهم بَنو قُرَيْظَة من الْيَهُود على قتال النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نزلُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تحصن بِالْمَدِينَةِ وحفر النَّبِي صلى الله عليه وسلم الخَنْدَق فَبَيْنَمَا هُوَ يضْرب فِيهِ بمعوله إِذْ وَقع الْمعول فِي صفا فطارت مِنْهُ كَهَيئَةِ الشهَاب من النَّار فِي السَّمَاء وَضرب الثَّانِي فَخرج مثل ذَلِك فَرَأى ذَلِك سلمَان رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد رَأَيْت خرج من كل ضَرْبَة كَهَيئَةِ الشهَاب فسطع إِلَى السَّمَاء
فَقَالَ لقد رَأَيْت ذَلِك فَقَالَ نعم يَا رَسُول الله قَالَ تفتح لكم أَبْوَاب الْمَدَائِن وقصور الرّوم وَمَدَائِن الْيمن فَفَشَا ذَلِك فِي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فتحدثوا بِهِ فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار يدعى قُشَيْر بن معتب يعدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم إِن يفتح لنا مَدَائِن الْيمن وبيض الْمَدَائِن وقصور الرّوم وأحدنا لَا يَسْتَطِيع أَن يقْضِي حَاجته إِلَّا قتل هَذَا وَالله الْغرُور فَأنْزل الله تَعَالَى فِي هَذَا {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا}
قَوْله تَعَالَى {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي يَقُولُونَ إِن بُيُوتنَا عَورَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَة إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم} مقَال من الْمُنَافِقين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طريبق ابْن الْمُبَارك عَن هَارُون بن مُوسَى قَالَ أمرت رجلا فَسَأَلَ الْحسن رضي الله عنه لَا مُقام لكم أَو لَا مقَام لكم قَالَ كلتهما عَرَبِيَّة قَالَ بن الْمُبَارك رضي الله عنه الْمقَام الْمنزل حَيْثُ هُوَ قَائِم وَالْمقَام الاقامة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {لَا مقَام لكم} قَالَ لَا مقَاتل لكم هَهُنَا فَفرُّوا ودعوا هَذَا الرجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا فروا ودعوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَأخرج مَالك وَأحمد وَعبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم أمرت بقرية تَأْكُل الْقرى يَقُولُونَ يثرب وَهِي الْمَدِينَة تَنْفِي النَّاس كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سمى الْمَدِينَة يثرب فليستغفر الله هِيَ طابة هِيَ طابة هِيَ طابة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تدعونها يثرب فَإِنَّهَا طيبَة يَعْنِي الْمَدِينَة وَمن قَالَ يثرب فليستغفر الله ثَلَاث مَرَّات هِيَ طيبَة هِيَ طيبَة هِيَ طيبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا قَالَ إِلَى الْمَدِينَة عَن قتال أبي سُفْيَان ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي قَالَ جَاءَهُ رجلَانِ من الْأَنْصَار وَمن بَين حَارِثَة أَحدهمَا يدعى أَبَا عرابة بن أَوْس وَالْآخر يدعى أَوْس بن قيظي فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن بُيُوتنَا عَورَة يعنون أَنَّهَا ذليلة الْحِيطَان وَهِي فِي أقْصَى الْمَدِينَة وَنحن نَخَاف السرق فائذن لنا فَقَالَ الله مَا هِيَ بِعَوْرَة إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه والبهقي فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي} قَالَ هم بَنو حَارِثَة قَالُوا بيتنا مخلية نخشى عَلَيْهَا السرق وأخرجد ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ إِن الَّذين قَالُوا بيتنا عَورَة يَوْم الخنذق بَنو حَارِثَة بن الْحَارِث وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله فِي قَوْله {إِن بُيُوتنَا عَورَة} نَخَاف عَلَيْهَا السرق
قَوْله تَعَالَى
- وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها وَمَا تلبثوا بهَا إِلَّا يَسِيرا وَلَقَد كَانُوا عَاهَدُوا الله من قبل لَا يولون الأدبار وَكَانَ عهد الله مسؤلا قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم من الْمَوْت أَو الْقَتْل وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا قل من ذاالذي يعصمكم مِمَّن الله إِن أَرَادَ بكم سوء أَو أَرَادَ بكم رَحْمَة وَلَا يَجدونَ لَهُم من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا قد يعلم الله الموقين مِنْكُم والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يأْتونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ تَأْوِيل هَذِه الْآيَة على رَأس سِتِّينَ سنة {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها} قَالَ: لأعطوها يَعْنِي إِدْخَال بني حَارِثَة أهل الشَّام على الْمَدِينَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} قَالَ: من نَوَاحِيهَا {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها} قَالَ: لَو دعوا إِلَى الشّرك لأجابوا
وخ ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} قَالَ: من أطرافها {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة} يَعْنِي الشّرك
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} أَي لَو دخل عَلَيْهِم من نواحي الْمَدِينَة {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة} قَالَ: الشّرك {لآتوها وَمَا تلبثوا بهَا إِلَّا يَسِيرا} يَقُول: لأعطوه طيبَة بِهِ أنفسهم {وَمَا تلبثوا بهَا إِلَّا يَسِيرا} {وَلَقَد كَانُوا عَاهَدُوا الله من قبل} قَالَ: كَانَ نَاس غَابُوا عَن وقْعَة بدر وَرَأَوا مَا أعْطى الله سُبْحَانَهُ أهل بدر من الْفَضِيلَة والكرامة قَالُوا: لَئِن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن فساق الله إِلَيْهِم ذَلِك حَتَّى كَانَ فِي نَاحيَة الْمَدِينَة فصنعوا مَا قصّ الله عَلَيْكُم
وَفِي قَوْله {قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم} قَالَ: لن تزدادوا على آجالكم الَّتِي أجلكم الله وَذَلِكَ قَلِيل وَإِنَّمَا الدُّنْيَا كلهَا قَلِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن خثيم رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا} قَالَ: مَا بَينهم وَبَين الْأَجَل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم} قَالَ: الْمُنَافِقين يعوقون النَّاس عَن مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم} قَالَ: هَذَا يَوْم الْأَحْزَاب انْصَرف رجل من عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَوجدَ أَخَاهُ بَين يَدَيْهِ شواء ورغيف فَقَالَ لَهُ: أَنْت هَهُنَا فِي الشواء والرغيف والنبيذ وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين الرماح وَالسُّيُوف
قَالَ: هَلُمَّ الي لقد بلغ بك وبصاحبك - وَالَّذِي يحلف بِهِ - لَا يَسْتَقِي لَهَا مُحَمَّد أبدا قَالَ: كذبت - وَالَّذِي يحلف بِهِ - وَكَانَ أَخَاهُ من أَبِيه وَأمه وَالله لأخبرن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأَمْرك وَذَهَبت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُخبرهُ
فَوَجَدَهُ قد نزل جِبْرِيل عليه السلام بِخَبَرِهِ {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يأْتونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلا}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم} قَالَ: هَؤُلَاءِ أنَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا يَقُولُونَ: لاخوانهم: مَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه إِلَّا أَكلَة رَأس وَلَو كَانُوا لَحْمًا لالتهمهم أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه دعوا هَذَا الرجل فَإِنَّهُ هَالك {والقائلين لإخوانهم} أَي من الْمُؤمنِينَ {هَلُمَّ إِلَيْنَا} أَي دعوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَإِنَّهُ هَالك ومقتول {وَلَا يأْتونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلا} قَالَ: لَا يحْضرُون الْقِتَال إِلَّا كارهين
وان حَضَرُوهُ كَانَت أَيْديهم من الْمُسلمين وَقُلُوبهمْ من الْمُشْركين
- قَوْله تَعَالَى: أشحة عَلَيْكُم فَإِذا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك تَدور أَعينهم كَالَّذي يغشى عَلَيْهِ من الْمَوْت فَإِذا ذهب الْخَوْف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الْخَيْر أُولَئِكَ لم يُؤمنُوا فأحبط الله أَعْمَالهم وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {أشحة عَلَيْكُم} بِالْخَيرِ المُنَافِقُونَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {أشحة عَلَيْكُم} قَالَ: فيالغنائم إِذا أَصَابَهَا المسملون شاحوهم عَلَيْهَا قَالُوا بألسنتهم: لَسْتُم باحق بهَا منا قد شَهِدنَا وقاتلنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فَإِذا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك} قَالَ: إِذا حَضَرُوا الْقِتَال والعدو {رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك} أجبن قوم وأخذله للحق {تَدور أَعينهم} قَالَ: من الْخَوْف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {تَدور أَعينهم} قَالَ: فرقا من الْمَوْت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {سلقوكم} قَالَ: استقبلوكم
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الأرزق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وجل {سلقوكم بألسنة حداد} قَالَ الطعْن بِاللِّسَانِ قَالَ وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول فيهم الْخطب والسماحة والنجدة فيهم والخاطب المسلاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فَإِذا ذهب الْخَوْف سلقوكم بألسنة حداد} قَالَ أما عِنْد الْغَنِيمَة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة أعطونا أعطونا إِنَّا قد شَهِدنَا مَعكُمْ وَأما عِنْد الْبَأْس فأجبن قوم وأخذله للحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله أشحة على الْخَيْر قَالَ على المَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا} يَعْنِي هيناً وَالله أعلم
قَوْله تَعَالَى
- يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب يسئلون عَن أنبائكم وَلَو كَانُوا فِيكُم مَا قَاتلُوا إِلَّا قَلِيلا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا قَالَ يحسبونهم قَرِيبا لم يبعدوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا قَالَ كَانُوا يتحدثون بمجيء أبي سُفْيَان وَأَصْحَابه وَإِنَّمَا سموا الْأَحْزَاب لأَنهم حزبوا من قبائل الْأَعْرَاب على النَّبِي صلى الله علييه وَسلم {وَإِن يَأْتِي الْأَحْزَاب} قَالَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه {يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب} يَقُول يود المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه قي قَوْله {وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب} قَالَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه {يودوا لَو أَنهم بادون} يَقُول يود المنافقيون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب {يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب} قَالَ هم المُنَافِقُونَ بِنَاحِيَة الْمَدِينَة كَانُوا يتحدثون بِنَبِي
الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وَيَقُولُونَ أما هلكون بعد وَلم يعلمُوا بذهبا الْأَحْزَاب قد سرهم أَن جَاءَهُم الْأَحْزَاب أهم بادون فِي الاعراب مَخَافَة الْقِتَال وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {يسْأَلُون عَن أنبائكم} قَالَ عَن أَخْبَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وَمَا فعلوا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن أَسد بن يزِيد أَن فِي مصحف عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه يسلون عَن أنبائكم السُّؤَال بِغَيْر ألف
قَوْله تَعَالَى
- لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ يرجوا الله وَالْيَوْم الآخر وَذكر الله كثير أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة قَالَ مواساة عِنْد الْقِتَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب قَالَ فِي جوع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن سعيد بن يسَار قَالَ كنت مَعَ ابْن عمر رضي الله عنهما فِي طَرِيق مَكَّة فَلَمَّا خشيت الصُّبْح نزلت فأوترت فَقَالَ ابْن عمر رضي الله عنه أَلَيْسَ لَك فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة قلت بلَى قَالَ فَإِنَّهُ كَانَ يُوتر على الْبَعِير وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن حَفْص بن عَاصِم رضي الله عنه قَالَ قلت لعبد الله بن عمر ضي الله عَنْهُمَا رَأَيْتُك فِي السّفر لَا تصلي قبل الصَّلَاة وَلَا بعْدهَا فَقَالَ يَا ابْن أخي صَحِبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَذَا وَكَذَا فَلم أره يُصَلِّي قبل الصَّلَاة وَلَا بعْدهَا وَقَول الله تَعَالَى لقد كَانَ لكم فِي رَسُول اله أُسْوَة حَسَنَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن
ابْن عمر رضي الله عنهما
أَنه سُئِلَ عَن رجل مُعْتَمر طَاف بِالْبَيْتِ: أيقع على امْرَأَته قبل أَن يطوف بالصفا والمروة فَقَالَ: قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ وسعى بَين الصَّفَا والمروة ثمَّ قَرَأَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حسنه}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رضي الله عنه أَن رجلا أَتَى ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فَقَالَ: إِنِّي نذرت أَن أنحر نَفسِي
فَقَالَ ابْن عَبَّاس {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} {وفديناه بِذبح عَظِيم} فَأمره بكبش
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: إِذا حرم الرجل عَلَيْهِ امْرَأَته فَهُوَ يَمِين يكفرهَا وَقَالَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه أهلّ وَقَالَ: إِن حيل بيني وَبَينه فعلت كَمَا فعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنا مَعَه ثمَّ تَلا {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: هم عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَن يُنْهِي عَن الْحبرَة من صباغ الْبَوْل فَقَالَ لَهُ رجل: أَلَيْسَ قد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يلبسهَا قَالَ عمر رضي الله عنه: بلَى
قَالَ الرجل: ألم يقل الله {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} فَتَركهَا عمر
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما ان عمر رضي الله عنه أكب على الرُّكْن فَقَالَ: إِنِّي لَا علم أَنَّك حجر وَلَو لم أر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبلك واستلمك مَا استلمتك
وَلَا قبلتك {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة}
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن يعلى بن أُميَّة رضي الله عنه قَالَ: طفت مَعَ عمر رضي الله عنه فَلَمَّا كنت عِنْد الرُّكْن الَّذِي يَلِي الْبَاب مِمَّا يَلِي الْحجر أخذت بِيَدِهِ ليستلم فَقَالَ: مَا طفت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قلت: بلَى
قَالَ: فَهَل رَأَيْته يستلمه قلت: لاز قَالَ: مَا بعد عَنْك فَإِن لَك فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِيسَى بن عَاصِم عَن أَبِيه قَالَ: صلى ابْن عمر رضي الله عنهما صَلَاة من صَلَاة النَّهَار فِي السّفر فَرَأى بَعضهم يسبح فَقَالَ ابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُمَا: لَو كنت مسبحاً لأتممت الصَّلَاة حججْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ وَحَجَجْت مَعَ أبي بكر فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ وَحَجَجْت مَعَ عمر فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ وَحَجَجْت مَعَ عُثْمَان رضي الله عنه فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ ثمَّ قَالَ ابْن عمر رضي الله عنه {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله اسوة حَسَنَة}
- قَوْله تَعَالَى: وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله وَرَسُوله وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليما
أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الطلائل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ إِن الله تَعَالَى قَالَ لَهُم فِي سُورَة الْبَقَرَة {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ مستهم البأساء وَالضَّرَّاء} الْبَقَرَة الْآيَة 214 فَلَمَّا مسهم الْبلَاء حَيْثُ رابطوا الْأَحْزَاب فِي الخَنْدَق {قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله} فتأول الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك فَلم يزدهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليماً
وَأخرج جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة قبل [] تحوّل {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ}
وَصدق الله ورصوله فِيمَا أخبرا بِهِ من الْوَحْي قبل أَن يكون
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: أنزل الله فِي سُورَة الْبَقَرَة {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليماً} قَالَ: مَا زادهم الْبلَاء إِلَّا إِيمَانًا بالرب وتسليماً للْقَضَاء
- قَوْله تَعَالَى: من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر وَمَا بدلُوا تبديلا ليجزي الله الصَّادِقين بصدقهم ويعذب الْمُنَافِقين إِن شَاءَ أَو يَتُوب عَلَيْهِم إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما
أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَالْبَغوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت رضي الله عنه قَالَ لما نسخنا الْمُصحف فِي الْمَصَاحِف فقدت آيَة من سُورَة الْأَحْزَاب كنت أسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقْرَأها لم أَجدهَا مَعَ أحد إِلَّا مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت الْأنْصَارِيّ الَّذِي جعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} فَأَلْحَقْتهَا فِي سورتها فِي الْمُصحف وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس رضي الله عنه قَالَ نرى هَذِه الْآيَة نزلت فِي أنس بن النَّضر رضي الله عنه {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والبيقي فِي الدَّلَائِل عَن أنس رضي الله عنه قَالَ غَابَ عمي أنس بن النَّضر عَن بدر فشق عَلَيْهِ وَقَالَ أول مشْهد شهده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غبت عَنهُ لَئِن أَرَانِي الله مشهدا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا بعد ليرين الله مَا أصنع فَشهد يَوْم أحد فَاسْتَقْبلهُ سعد بن معَاذ رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَبَا عَمْرو إِلَى لَا أَيْن قَالَ واهاً لريح الْجنَّة أَجدهَا دون أحد فقاتل حَتَّى قتل فَوجدَ فِي جسده بضع وَثَمَانُونَ من بَين ضَرْبَة بِسيف وطعنة بِرُمْح ورمية بِسَهْم وَنزلت هَذِه الْآيَة {رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} وَكَانُوا يرَوْنَ أَنَّهَا نزلت فِيهِ وَفِي أَصْحَابه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس رضي الله عنه أَن عَمه غَابَ عَن قتال بدر فَقَالَ غبت عَن أول قتال قَاتله النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمُشْركين لَئِن أشهدني الله تَعَالَى قتالاً للْمُشْرِكين ليرين الله كَيفَ أصنع فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد انْكَشَفَ الْمُشْركُونَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي ابرأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُشْركُونَ وَاعْتذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ عَنى أَصْحَابه ثمَّ تقدم فَلَقِيَهُ سعد رضي الله عنه فَقَالَ يَا أخي مَا فعلق فَأَنا مَعَك فَلم أستطع أَن أصنع مَا صنع فَوجدَ فِيهِ بضعاً وَثَمَانِينَ من ضَرْبَة بِسيف وطعنة بِرُمْح ورمية
بِسَهْم فَكُنَّا نقُول فِيهِ وَفِي أَصْحَابه نزلت {فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين انْصَرف من أحد مر على مُصعب بن عُمَيْر رضي الله عنه وَهُوَ مقتول فَوقف عَلَيْهِ ودعا لَهُ ثمَّ قَرَأَ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} ثمَّ قَالَ أشهد أَن هَؤُلَاءِ شُهَدَاء عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة فائتوهم وزوروهم فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يسلم عَلَيْهِم أحد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا ردوا عَلَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ لما فرغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أحد مر على مُصعب بن عُمَيْر رضي الله عنه مقتولاً على طَرِيقه فَقَرَأَ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق خباب رضي الله عنه مثله وَأخرج ابْن أبي عَاصِم وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة رضي الله عنه أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالُوا لَا عرابي جَاهِل سَله عَمَّن قضى نحبه من هُوَ وَكَانُوا لَا يجترؤن على مَسْأَلته يوقرونه ويهابونه فَسَأَلَهُ الْأَعرَابِي فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ إِنِّي انْطَلَقت من بَاب الْمَسْجِد فَقَالَ أَيْن السَّائِل عَمَّن قضى نحبه قَالَ الْأَعرَابِي أَنا قَالَ هَذَا مِمَّن قضى نحبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة بن عبيد الله رضي الله عنه قَالَ لما رَجَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من أَحْمد صعد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} كلهَا فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله من هَؤُلَاءِ فَأَقْبَلت فَقَالَ أيا السَّائِل هَذَا مِنْهُم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول طَلْحَة مِمَّن قضى نحبه وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت دخل طَلْحَة رضي الله عنه على
النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا طَلْحَة أَنْت مِمَّن قضى نحبه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من سره أَن ينظر إِلَى رجل يمشي على الأَرْض قد قضى نحبه فَلْينْظر إِلَى طَلْحَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث جَابر بن عبد الله عَنهُ
مثله
وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن عَسَاكِر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رضي الله عنها قَالَت دخل طَلْحَة بن عبيد الله على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا طَلْحَة
أَنْت مِمَّن قضى نحبه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه أَنهم قَالُوا: حَدثنَا عَن طَلْحَة قَالَ: ذَاك امروء نزل فِيهِ آيَة من كتاب الله {فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر} طَلْحَة مِمَّن قضى نحبه لَا حِسَاب عَلَيْهِ فِيمَا يسْتَقْبل
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر} وَآخَرُونَ {وَمَا بدلُوا تبديلاً}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: الْمَوْت على مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ {وَمِنْهُم من ينْتَظر} على ذَلِك
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {قضى نحبه} قَالَ: أَجله الَّذِي قدر لَهُ
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول لبيد: أَلا تَسْأَلَانِ الْمَرْء مَاذَا يحاول أنحب فَيقْضى أم ضلال وباطل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: عَهده {وَمِنْهُم من ينْتَظر} يَوْمًا فِيهِ جِهَاد فَيَقْضِي نحبه يَعْنِي عَهده بِقِتَال أَو صدق فِي لِقَاء
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سُلَيْمَان بن صرد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْأَحْزَاب الْآن نغزوهم وَلَا يغزونا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ حبسنا يَوْم الخَنْدَق عَن الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء حَتَّى كَانَ بعد الْعشَاء بهك كفينا ذَلِك
فَأنْزل الله {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال وَكَانَ الله قَوِيا عَزِيزًا} فَأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَأَقَامَ ثمَّ صلى الظّهْر كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك ثمَّ أَقَامَ فصلى الْعَصْر كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك ثمَّ أَقَامَ الْمغرب فَصلاهَا كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك ثمَّ أَقَامَ الْعشَاء فَصلاهَا كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك
وَذَلِكَ قبل أَن تنزل صَلَاة الْخَوْف {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} الْبَقَرَة الْآيَة 239
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عِيسَى بن طَلْحَة قَالَ: دخلت على أم الْمُؤمنِينَ وَعَائِشَة بنت طَلْحَة وَهِي تَقول لأمها أَسمَاء: أَنا خير مِنْك وَأبي خير من أَبِيك فَجعلت أَسمَاء تشتمها وَتقول: أَنْت خير مني فَقَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: أَلا أقضين بَيْنكُمَا قَالَت: بلَى
قَالَت: فان أَبَا بكر رضي الله عنه دخل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: أَنْت عَتيق من النَّار قَالَت: فَمن يَوْمئِذٍ سمى عتيقا ثمَّ دخل طَلْحَة رضي الله عنه فَقَالَ: أَنْت يَا طَلْحَة مِمَّن قضى نحبه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الله بن اللهف عَن أَبِيه رضي الله عنه فِي قَوْله {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: نَذره وَقَالَ الشَّاعِر: قَضَت من يثرب نحبها فاستمرت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رضي الله عنهما فِي قَوْله {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: مَاتَ على مَا هُوَ عَلَيْهِ من التَّصْدِيق والإِيمان {وَمِنْهُم من ينْتَظر} ذَلِك {وَمَا بدلُوا تبديلاً} وَلم يُغيرُوا كَمَا غير المُنَافِقُونَ
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه} على الصدْق وَالْوَفَاء {وَمِنْهُم من ينْتَظر} من نَفسه الصدْق وَالْوَفَاء {وَمَا بدلُوا تبديلاً} يَقُول: مَا شكوا وَلَا ترددوا فِي دينهم وَلَا استبدلوا بِهِ غَيره {ويعذب الْمُنَافِقين إِن شَاءَ أَو يَتُوب عَلَيْهِم} قَالَ: يميتهم على نفاقهم فَيُوجب لَهُم الْعَذَاب أَو يَتُوب عَلَيْهِم قَالَ: يخرجهم من النِّفَاق بِالتَّوْبَةِ حَتَّى يموتوا وهم تائبون من النِّفَاق فَيغْفر لَهُم
قَوْله تَعَالَى
- ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم لم ينالوا خيرا وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال وَكَانَ الله قَوِيا عزيا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم} قَالَ الْأَحْزَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قي قَوْله {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم} قَالَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه {لم ينالوا خيرا} قَالَ لم يُصِيبُوا من مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه ظفراً وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال انْهَزمُوا بِالرِّيحِ من غير قتال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله وَكفى {الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} قَالَ بالجنود من عِنْده وَالرِّيح الَّتِي بعث عَلَيْهِ {وَكَانَ الله قَوِيا} فِي أمره {عَزِيزًا} فِي نقمته وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه قَالَ لما كَانَ يَوْم الْأَحْزَاب حصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَأَصْحَابه بضعَة عشرَة لَيْلَة حَتَّى خلص إِلَى كل امرىء مِنْهُم الكرب وَحَتَّى قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أنْشدك عَهْدك وَوَعدك الله أَنَّك إِن تشأ لَا تعبد فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ جَاءَهُم نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ وَكَانَ يأمنه الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا فخذل بَين النَّاس فَانْطَلق الْأَحْزَاب منهزمين من غير قتال فَذَلِك قَوْله {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ} الْقِتَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ لما كَانَ يَوْم الْأَحْزَاب ردهم الله {بغيظهم لم ينالوا خيرا} فَقَالَ النَّبِي من يحمي أَعْرَاض الْمُسلمين قَالَ كَعْب رضي الله عنه أَنا يَا رَسُول الله قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة رضي الله عنه أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ إِنَّك تحسن الشّعْر فَقَالَ حسان أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ نعم اهجهم أَنْت فَإِنَّهُ سيعينك عَلَيْهِم روح الْقُدس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} بعلي بن أبي طَالب
قَوْله تَعَالَى
- وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب من صياصيهم وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريق وأورثكم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ وأرضا لم تطؤها وَكَانَ الله على كل شَيْء قَدِيرًا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب} قَالَ قُرَيْظَة {من صياصيهم} قَالَ قصورهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ضي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من صياصيهم} قَالَ حصونهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب} قَالَ هم بَنو قُرَيْظَة ظاهروا أَبَا سُفْيَان وراسلوه وَنَكَثُوا الْعَهْد الَّذِي بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد زَيْنَب بنت جحش يغسل رَأسه وَقد غسلت شقَّه إِذْ أَتَاهُ جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ عَفا الله عَنْك مَا وضعت الْمَلَائِكَة عليهم السلام سلاحها مُنْذُ أَرْبَعِينَ لَيْلَة فانهض إِلَى بني قُرَيْظَة فَإِنِّي قد قطعت أوتادهم وَفتحت أَبْوَابهم وتركتهم فِي زلزال وبلبال فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَحَاصَرَهُمْ وناداهم يَا اخوة القردة فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كنت فحاشاً فنزلوا على حكم سعد بن معَاذ وَكَانَ بَينهم وَبَين قومه حلف فَرجوا أَن تَأْخُذهُ فيهم مَوَدَّة فَأَوْمأ إِلَيْهِم أَبُو لبَابَة فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول} فَحكم فيهم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وَأَن تسبى ذَرَارِيهمْ وَأَن عقارهم للمهاجرين دون الْأَنْصَار فَقَالَ قومه وعشيرته آثر الْمُهَاجِرين بالأعقار علينا فَقَالَ إِنَّكُم كُنْتُم ذَوي أعقار وَأَن الْمُهَاجِرين كَانُوا لَا أعقار لَهُم فَذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ كبر وَقَالَ مضى فِيكُم بِحكم الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب} قَالَ بصنيع جِبْرِيل عليه السلام {فريقاً تقتلون} قَالَ الَّذين ضربت
أَعْنَاقهم وَكَانُوا أَرْبَعمِائَة مقَاتل فَقتلُوا حَتَّى أَتَوا على آخِرهم {وتأسرون فريقاً} قَالَ: الَّذين سبوا وَكَانُوا فِيهَا سَبْعمِائة سبي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {وأورثكم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ} قَالَ: قُرَيْظَة وَالنضير أهل الْكتاب {وأرضا لم تطؤوها} قَالَ: خَيْبَر
فتحت بعد قُرَيْظَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وأرضا لم تطؤوها} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنَّهَا مَكَّة وَقَالَ الْحسن رضي الله عنه: هِيَ أَرض الرّوم وَفَارِس وَمَا فتح عَلَيْهِم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وأرضا لم تطؤوها} قَالَ: يَزْعمُونَ أَنَّهَا خَيْبَر وَلَا أحسبها إِلَّا كل أَرض فتحهَا الله على الْمُسلمين أَو هُوَ فاتحها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ يَوْم الخَنْدَق بِالْمَدِينَةِ فجَاء أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَمن تبعه من قُرَيْش وَمن تبعه من كنَانَة وعيينة بن حصن وَمن تبعه من غطفان وطليحة وَمن تبعه من بني أَسد وَأَبُو الْأَعْوَر وَمن تبعه من بني سليم وَقُرَيْظَة كَانَ بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عهد فنقضوا ذَلِك وظاهروا الْمُشْركين فَأنْزل الله فيهم {وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب من صياصيهم} فَأتى جِبْرِيل عليه السلام وَمَعَهُ الرّيح فَقَالَ حِين سرى جِبْرِيل عليه السلام: أَلا أَبْشِرُوا ثَلَاثًا
فَأرْسل الله عَلَيْهِم فهتكت القباب وكفأت الْقُدُور ودفنت الرِّجَال وَقطعت الْأَوْتَاد فَانْطَلقُوا لَا يلوي أحد على أحد فَأنْزل الله {إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: خرجت يَوْم الخَنْدَق أقفو النَّاس فَإِذا أَنا بِسَعْد بن معَاذ ورماه رجل من قُرَيْش يُقَال لَهُ ابْن العرقة بِسَهْم فَأصَاب أكحله فَقَطعه فَدَعَا الله سعد فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تمتني حَتَّى تقرعيني من قُرَيْظَة وَبعث الله الرّيح على الْمُشْركين {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} وَلحق أَبُو سُفْيَان وَمن مَعَه بتهامة وَلحق عُيَيْنَة بن بدر وَمن مَعَه بِنَجْد وَرجعت بَنو قُرَيْظَة فَتَحَصَّنُوا فِي صياصيهم وَرجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة وَأمر
بقبة من أَدَم فَضربت على سعد رضي الله عنه فِي الْمَسْجِد قَالَت: فجَاء جِبْرِيل عليه السلام وَإِن على ثناياه نقع الْغُبَار - فَقَالَ: أوقد وضعت السِّلَاح لَا وَالله مَا وضعت الْمَلَائِكَة السِّلَاح بعد أخرج إِلَى بني قُرَيْظَة فَقَاتلهُمْ فَلبس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لامته وَأذن فِي النَّاس بالرحيل: أَن يخرجُوا فَأَتَاهُم فَحَاصَرَهُمْ خمْسا وَعشْرين لَيْلَة فَلَمَّا اشْتَدَّ حصرهم وَاشْتَدَّ الْبلَاء عَلَيْهِم فَقيل لَهُم: انزلوا على حكم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا: ننزل على حكم سعد بن معَاذ فنزلوا وَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى سعد بن معَاذ فَأتي بِهِ على حمَار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: احكم فيهم فَقَالَ: إِنِّي أحكم فيهم
أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وتسبى ذَرَارِيهمْ وتقسم أَمْوَالهم قَالَ: فَلَقَد حكمت فيهم بِحكم الله وَحكم رَسُوله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُوسَى بن عقبَة رضي الله عنه قَالَ: أنزل الله فِي قصَّة الخَنْدَق وَبني قُرَيْظَة تسعا وَعشْرين آيَة فاتختها {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود} وَالله تَعَالَى أعلم
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا
أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: أقبل أَبُو بكر رضي الله عنه يسْتَأْذن على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالنَّاس بِبَابِهِ جُلُوس وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جَالس فَلم يُؤذن لَهُ ثمَّ أذن لأبي بكر وَعمر رضي الله عنهما فدخلا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جَالس وَحَوله نساؤه وَهُوَ سَاكِت فَقَالَ عمر رضي الله عنه: لأُكلمَن
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَعَلَّه يضْحك فَقَالَ عمر رضي الله عنه: يَا رَسُول الله لَو رَأَيْت ابْنة زيد امْرَأَة عمر سَأَلتنِي النَّفَقَة آنِفا فَوَجَأْت عُنُقهَا فَضَحِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى بدا ناجذه وَقَالَ: هن حَولي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَة
فَقَامَ أَبُو بكر رضي الله عنه إِلَى عَائِشَة رضي الله عنها ليضربها وَقَامَ عمر إِلَى حَفْصَة كِلَاهُمَا يَقُولَانِ: تَسْأَلَانِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا لَيْسَ عِنْده
فَنَهَاهُمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن هَذَا فَقُلْنَ نساؤه: وَالله لَا نسْأَل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد هَذَا الْمجْلس مَا لَيْسَ عِنْده
وَأنزل الله الْخِيَار فَبَدَأَ بعائشة رضي الله عنها فَقَالَ إِنِّي ذَاكر لَك أمرا مَا أحب أَن تعجلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك
قَالَت: مَا هُوَ فَتلا عَلَيْهَا {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك}
قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: أفيك استأمر أَبَوي بل اخْتَار الله وَرَسُوله وَأَسْأَلك أَن لَا تذكر إِلَى امْرَأَة من نِسَائِك امْرَأَة مَا اخْتَرْت فَقَالَ: إِن الله لم يَبْعَثنِي مُتَعَنتًا وَإِنَّمَا بَعَثَنِي معلما مبشراً لَا تَسْأَلنِي امْرَأَة مِنْهُنَّ عَمَّا اخْتَرْت إِلَّا أخْبرتهَا
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي سَلمَة الْحَضْرَمِيّ قَالَ جَلَست مَعَ أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَجَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما وهما يتحدثان وَقد ذهب بصر جَابر رضي الله عنه فجَاء رجل فَجَلَسَ ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا عبد الله أَرْسلنِي إِلَيْك عُرْوَة بن الزبير أَسأَلك فيمَ هجر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ فَقَالَ جَابر رضي الله عنه: تركنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة لم يخرج إِلَى الصَّلَاة فأخذنا مَا تقدم وَمَا تَأَخّر فَاجْتَمَعْنَا بِبَابِهِ يسمع كلامنا وَيعلم مَكَاننَا فأطلنا الْوُقُوف فَلم يَأْذَن لنا وَلم يخرج إِلَيْنَا فَقُلْنَا: قد علم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَكَانكُمْ وَلَو أَرَادَ أَن يَأْذَن لكم لأذن فَتَفَرَّقُوا لَا تؤذوه فَتَفَرَّقُوا غير عمر بن الْخطاب رضي الله عنه يَتَنَحْنَح وَيتَكَلَّم ويستأذن حَتَّى أذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ عمر رضي الله عنه: فَدخلت عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضع يَده على خَدّه أعرف بِهِ الكآبة فَقلت لَهُ: أَي نَبِي الله - بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله - مَا الَّذِي رَابَك وَمَا الَّذِي لَقِي النَّاس بعدكم من فقدهم لرؤيتك فَقَالَ: يَا عمر سَأَلتنِي الاماء مَا لَيْسَ عِنْدِي - يَعْنِي نِسَاءَهُ - فَذَاك الَّذِي بلغ بِي مَا ترى
فَقلت: يَا نَبِي الله قد صككت جميلَة بنت ثَابت صَكَّة ألصقت خدها مِنْهَا بِالْأَرْضِ لِأَنَّهَا سَأَلتنِي مَا لَيْسَ عِنْدِي وَأَنت يَا رَسُول الله على موعد من رَبك وَهُوَ جَاعل بعد الْعسر يسرا
قَالَ: فَلم أزل ُأكَلِّمهُ حَتَّى رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد تحلل
عَنهُ بعض ذَلِك فَخرجت فَلَقِيت أَبَا بكر الصّديق رضي الله عنه فَحَدَّثته الحَدِيث فَدخل أَبُو بكر على عَائِشَة رضي الله عنها قد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يدّخر عنكن شَيْئا فَلَا تسأليه مَا لَا يجد انظري حَاجَتك فاطلبيها إِلَيّ وَانْطَلق عمر رضي الله عنه إِلَى حَفْصَة فَذكر لَهَا مثل ذَلِك ثمَّ اتبعا أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَجعلَا يذكران لَهُنَّ مثل ذلكن فَأنْزل الله تَعَالَى فِي ذَلِك {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً} يَعْنِي مُتْعَة الطَّلَاق وَيَعْنِي بتسريحهن: تطليقهن طَلَاقا جميلاً {وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما}
فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبَدَأَ بعائشة رضي الله عنها فَقَالَ: إِن الله قد أَمرنِي أَن أخيركن بَين أَن تخترن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَبَين أَن تخترن الدُّنْيَا وَزينتهَا وَقد بدأت بك وَأَنا أخيرك قَالَت: وَهل بدأت بِأحد قبلي مِنْهُنَّ قَالَ: لَا
قَالَت: فَإِنِّي أخْتَار الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فاكتم عَليّ وَلَا تخبر بِذَاكَ نِسَاءَك قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بل أخبرهن بِهن فأخبرهن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَمِيعًا فاخترن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَكَانَ خِيَاره بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
اتخترن الْآخِرَة أَو الدُّنْيَا قَالَ {وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} فاخترن أَن لَا يتزوجن بعده ثمَّ قَالَ {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة} يَعْنِي الزِّنَا {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} يَعْنِي فِي الْآخِرَة {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله} يَعْنِي تطيع الله وَرَسُوله {وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ} مضاعفاً لَهَا فِي الْآخِرَة {وأعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا} {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء إِن اتقيتن فَلَا تخضعن بالْقَوْل فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} يَقُول فجور {وقلن قولا مَعْرُوفا وَقرن فِي بيوتكن} يَقُول لَا تخرجن من بيوتكن {وَلَا تبرجن} يَعْنِي إِلْقَاء القناع فعل الْجَاهِلِيَّة الأولى ثمَّ قَالَ جَابر رضي الله عنه: ألم يكن الحَدِيث هَكَذَا قَالَ: بلَى
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حِين أمره الله أَن يُخَيّر أَزوَاجه قَالَت: فَبَدَأَ بِي فَقَالَ: إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَلَا عَلَيْك أَن
تستعجلي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك قد علم أَن أَبَوي لم يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ فَقَالَ: إِن الله قَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} إِلَى تَمام الْآيَتَيْنِ
فَقلت لَهُ: فَفِي أَي هَذَا استأمر أَبَوي فَإِنِّي أُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَفعل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم مثل مَا فعلت
وَأخرج ابْن سعد عَن عَمْرو بن سعيد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ لما خير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ بَدَأَ بعائشة رضي الله عنها قَالَ: إِن الله خيرك فَقَالَت: اخْتَرْت الله وَرَسُوله ثمَّ خير حَفْصَة رضي الله عنها فَقُلْنَ جَمِيعًا: اخترنا الله وَرَسُوله غير العامرية اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت بعد تَقول: أَنا الشقية ن وَكَانَت تلقط البعر وتبيعه وتستأذن على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَتقول: أَنا الشقية
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي جَعْفَر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا نسَاء أغْلى مهوراً منا فغار الله لنَبيه صلى الله عليه وسلم فَأمره أَن يعتزلهن فاعتزلهن تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ أمره أَن يُخَيِّرهُنَّ فخيرهن
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي صَالح قَالَ: اخترنه صلى الله عليه وسلم جَمِيعًا غير العامرية كَانَت ذَاهِبَة الْعقل حَتَّى مَاتَت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت حلف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليهجرنا شهرا فَدخل عليَّ صَبِيحَة تِسْعَة وَعشْرين فَقلت: يَا رَسُول الله ألم تكن حَلَفت لتهجرنا شهرا قَالَ: إِن الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا
وَضرب بِيَدِهِ جَمِيعًا وخنس يقبض أصبعاً فِي الثَّالِثَة ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَلَا عَلَيْك أَن تعجلِي حَتَّى تستشيري أَبَوَيْك وخشي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدَاثَة سني قلت: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: إِنِّي أمرت أَن أخيركن ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} إِلَى قَوْله {أجرا عَظِيما} قَالَت: فيمَ استشير أَبَوي يَا رَسُول الله بل اخْتَار الله وَرَسُوله فسر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وَسمع نساؤه فتواترن عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّمَا خير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَزوَاجه بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة وَالْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَا: أمره الله أَن يُخَيِّرهُنَّ بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْجنَّة وَالنَّار قَالَ الْحسن رضي الله عنه: فِي شَيْء كن أردنه من الدُّنْيَا
وَقَالَ قَتَادَة رضي الله عنه: فِي غيرَة كَانَت غارتها عَائِشَة رضي الله عنها وَكَانَ تَحْتَهُ يَوْمئِذٍ تسع نسْوَة خمس من قُرَيْش
عَائِشَة
وَحَفْصَة
وَأمر حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان
وَسَوْدَة بنت زَمعَة
وَأم سَلمَة بنت أبي أُميَّة
وَكَانَت تَحْتَهُ صَفِيَّة بنت حَيّ الْخَيْبَرِية
ومَيْمُونَة بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة
وَزَيْنَب بنت جحش الأَسدِية
وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث من بني المصطلق
وَبَدَأَ بعائشة رضي الله عنها فَلَمَّا اخْتَارَتْ الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة رُؤِيَ الْفَرح فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَتَتَابَعْنَ كُلهنَّ على ذَلِك فَلَمَّا خيرهن واخترن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة شكرهن الله تَعَالَى على ذَلِك ان قَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ} فَقَصره الله تَعَالَى عَلَيْهِنَّ وَهن التسع اللَّاتِي اخْترْنَ الله وَرَسُوله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك}
قَالَ أَمر الله تَعَالَى نبيه صلى الله عليه وسلم إِن يخبر نِسَاءَهُ فِي هَذِه الْآيَة فَلم تختر وَاحِدَة مِنْهُنَّ نفسا غير الحميرية
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة} يَعْنِي الْعِصْيَان للنَّبِي صلى الله عليه وسلم {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} فِي الْآخِرَة {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا} يَقُول: وَكَانَ عَذَابهَا عِنْد الله هيناً {وَمن يقنت} يَعْنِي من يطع مِنْكُن الله وَرَسُوله {وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ} فِي الْآخِرَة بِكُل صَلَاة أَو صِيَام أَو صَدَقَة أَو تَكْبِيرَة أَو تَسْبِيحَة بِاللِّسَانِ مَكَان كل حَسَنَة تكْتب عشْرين حَسَنَة {واعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا} يَعْنِي حسنا
وَهِي الْجنَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} قَالَ: عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} قَالَ: يَجْعَل عذابهن ضعفين وَيجْعَل على من قذفهن الْحَد ضعفين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا نسَاء النَّبِي}
قَالَ: إِن الْحجَّة على الْأَنْبِيَاء أَشد مِنْهَا على الأتباع فِي الْخَطِيئَة وَإِن الْحجَّة على الْعلمَاء أَشد مِنْهَا على غَيرهم فَإِن الْحجَّة على نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَشد مِنْهَا على غَيْرهنَّ فَقَالَ: إِنَّه من عصى مِنْكُن فَإِنَّهُ يكون عَلَيْهَا الْعَذَاب الضعْف مِنْهُ على سَائِر نسَاء الْمُؤمنِينَ وَمن عمل صَالحا فَإِن الْأجر لَهَا الضعْف على سَائِر نسَاء الْمُسلمين
- قَوْله تَعَالَى: وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ وأعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء إِن اتقيتن فَلَا تخضعن بالْقَوْل فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض وقلن قولا مَعْرُوفا
أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا} قَالَ: يَقُول من يطع الله مِنْكُن وتعمل صَالحا لله وَرَسُوله بِطَاعَتِهِ
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله} يَعْنِي تطيع الله وَرَسُوله {وتعمل صَالحا} تَصُوم وَتصلي
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ
مِنْهُم أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد رضي الله عنه يجْرِي أَزوَاجه مجرانا فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {لستن كَأحد من النِّسَاء} قَالَ: كَأحد من نسَاء هَذِه الْأمة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا نسَاء النَّبِي لَسْتُنَّ كَأحد} الْآيَة
يَقُول: أنتن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ تنظرن إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِلَى الْوَحْي الَّذِي يَأْتِيهِ من السَّمَاء وأنتن أَحَق بالتقوى من سَائِر النِّسَاء {فَلَا تخضعن بالْقَوْل} يَعْنِي الرَّفَث من الْكَلَام
أمرهن أَن لَا يَرْفِثْنَ بالْكلَام {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} يَعْنِي الزِّنَا
قَالَ: مقاربة الرجل فِي القَوْل حَتَّى {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {فَلَا تخضعن بالْقَوْل} قَالَ: لَا ترفثن بالْقَوْل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {فَلَا تخضعن بالْقَوْل} يَقُول: لَا ترخصن بالْقَوْل وَلَا تخضعن بالْكلَام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} قَالَ: شَهْوَة الزِّنَا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} قَالَ: الْفُجُور وَالزِّنَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: حَافظ لِلْفَرجِ راضٍ بالتقى لَيْسَ مِمَّن قلبه فِيهِ مرض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: الْمَرَض مرضان
فَمَرض زنا وَمرض نفاق
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار رضي الله عنه فِي قَوْله {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} يَعْنِي الزِّنَا {وقلن قولا مَعْرُوفا} يَعْنِي كلَاما ظَاهرا لَيْسَ فِيهِ طمع لأحد
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رضي الله عنه فِي قَوْله {وقلن قولا مَعْرُوفا} يَعْنِي كلَاما لَيْسَ فِيهِ طمع لأحد
- قَوْله تَعَالَى: وَقرن فِي بيوتكن وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى وأقمن الصَّلَاة وآتين الزَّكَاة وأطعن الله وَرَسُوله إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: نبئت أَنه قيل لسودة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها: مَالك لَا تَحُجِّين وَلَا تعتمرين كَمَا يفعل أخواتك فَقَالَت: قد حججْت واعتمرت وَأَمرَنِي الله أَن أقرّ فِي بَيْتِي فول الله
لَا أخرج من بَيْتِي حَتَّى أَمُوت قَالَ: فوَاللَّه مَا خرجت من بَاب حُجْرَتهَا حَتَّى أخرجت بجنازتها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن سعد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رضي الله عنه قَالَ: كَانَت عَائِشَة رضي الله عنها إِذا قَرَأت {وَقرن فِي بيوتكن} بَكت حَتَّى تبل خمارها
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لنسائه عَام حجَّة الْوَدَاع هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر قَالَ: فَكَانَ كُلهنَّ يَحُجن إِلَّا زَيْنَب بنت جحش وَسَوْدَة بنت زَمعَة وكانتا تقولان: وَالله لَا تحركنا دَابَّة بعد أَن سمعنَا ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أم نائلة رضي الله عنها قَالَت: جَاءَ أَبُو بَرزَة فَلم يجد أم وَلَده فِي الْبَيْت وَقَالُوا ذهبت إِلَى الْمَسْجِد فَلَمَّا جَاءَت صَاح بهَا فَقَالَ: ان الله نهى النِّسَاء أَن يخْرجن وأمرهن يقرن فِي بُيُوتهنَّ وَلَا يتبعن جَنَازَة وَلَا يَأْتِين مَسْجِدا وَلَا يشهدن جُمُعَة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْمَرْأَة عَورَة فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان وَأقرب مَا تكون من رَحْمَة رَبهَا وَهِي فِي قَعْر بَيتهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: احْبِسُوا النِّسَاء فِي الْبيُوت فَإِن النِّسَاء عَورَة وَإِن الْمَرْأَة إِذا خرجت من بَيتهَا استشرفها الشَّيْطَان وَقَالَ لَهَا: إِنَّك لَا تمرين بِأحد إِلَّا أعجب بك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر رضي الله عنه قَالَ: اسْتَعِينُوا على النِّسَاء بالعري أَن أحداهن إِذا كثرت ثِيَابهَا وَحسنت زينتا أعجبها الْخُرُوج
وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: جئن النِّسَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله ذهب الرِّجَال بِالْفَضْلِ وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله فَمَا لنا عمل ندرك فضل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله فَقَالَ من قعدت مِنْكُن فِي بَيتهَا فَإِنَّهَا تدْرك عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله
أما قَوْله تَعَالَى: وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَت الْجَاهِلِيَّة الأولى فِيمَا بَين نوح وادريس عليهما السلام وَكَانَت ألف سنة وَإِن بطنين من ولد آدم كَانَ أَحدهمَا يسكن السهل وَالْآخر يسكن الْجبَال فَكَانَ رجال الْجبَال صباحاً وَفِي النِّسَاء دمامة وَكَانَ نسَاء السهل صباحاً وَفِي الرِّجَال دمامة وَإِن إِبْلِيس أَتَى رجلا من أهل السهل فِي صُورَة غُلَام فأجر نَفسه فَكَانَ يَخْدمه وَاتخذ إِبْلِيس شَبابَة مثل الَّذِي يزمر فِيهِ الرعاء فجَاء بِصَوْت لم يسمع النَّاس مثله فَبلغ ذَلِك من حوله فانتابوهم يسمعُونَ إِلَيْهِ وَاتَّخذُوا عيداً يَجْتَمعُونَ إِلَيْهِ فِي السّنة فتتبرج النِّسَاء للرِّجَال وتتبرج الرِّجَال لَهُنَّ وَإِن رجلا من أهل الْجَبَل هجم عَلَيْهِم فِي عيدهم ذَلِك فَرَأى النِّسَاء وصباحتهن فَأتى أَصْحَابه فَأخْبرهُم بذلك فتحوّلوا إلَيْهِنَّ فنزلوا مَعَهُنَّ وَظَهَرت الْفَاحِشَة فِيهِنَّ فَهُوَ قَول الله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى}
وَأخرج ابْن جرير عَن الحكم رضي الله عنه {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} قَالَ: كَانَ بَين آدم ونوح عليهما السلام ثَمَانمِائَة سنة فَكَانَ نِسَاؤُهُم من أقبح مَا يكون من النِّسَاء ورجالهما حسان وَكَانَت الْمَرْأَة تُرِيدُ الرجل على نَفسه فأنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه سَأَلَهُ فَقَالَ: أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} هَل كَانَت الْجَاهِلِيَّة غير وَاحِدَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: مَا سَمِعت بِأولى إِلَّا وَلها آخِرَة
فَقَالَ: لَهُ عمر رضي الله عنه: فأنبئني من كتاب الله مَا يصدق ذَلِك قَالَ: إِن الله يَقُول {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} كَمَا جاهدتم أول مرّة (الْحَج الْآيَة 78) فَقَالَ عمر رضي الله عنه: من أمرنَا أَن نجاهد قَالَ: بني مَخْزُوم وَعبد شمس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة} قَالَ: تكون جَاهِلِيَّة أُخْرَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا تلت هَذِه الْآيَة فَقَالَت: الْجَاهِلِيَّة الأولى كَانَت على عهد إِبْرَاهِيم عليه السلام
وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: {الْجَاهِلِيَّة الأولى} الَّتِي ولد فِيهَا إِبْرَاهِيم عليه السلام والجاهلية الْآخِرَة: الَّتِي ولد فِيهَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ {الْجَاهِلِيَّة الأولى} بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه
مثله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة تخرج فتمشي بَين الرِّجَال فَذَلِك {تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أذينة الصَّدَفِي رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ شَرّ النِّسَاء المتبرجات وَهن المنافقات لَا يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ إِلَّا مثل الْغُرَاب الأعصم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة} يَقُول: إِذا خرجتن من بيوتكن وَكَانَت لَهُنَّ مشْيَة فِيهَا تكسير وتغنج فنهاهن الله عَن ذَلِك
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي نجيح رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} قَالَ: التَّبَخْتُر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا تبرجن} قَالَ: التبرج إِنَّهَا تلقي الْخمار على رَأسهَا وَلَا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذَلِك كُله مِنْهَا وَذَلِكَ التبرج ثمَّ عَمت نسَاء الْمُؤمنِينَ فِي التبرج
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لما بَايع النَّبِي صلى الله عليه وسلم النِّسَاء قَالَ {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} قَالَت امْرَأَة: يَا رَسُول الله أَرَاك تشْتَرط علينا أَن لَا نتبرج وَأَن فُلَانَة قد أسعدتني وَقد مَاتَ أَخُوهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبي فاسعديها ثمَّ تعالي فبايعيني
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة رضي الله عنه عَن ابْن
عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} قَالَ: نزلت فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة
وَقَالَ عِكْرِمَة رضي الله عنه: من شَاءَ بأهلته أَنَّهَا نزلت فِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير رضي الله عنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} قَالَ: لَيْسَ بِالَّذِي تذهبون إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن عُرْوَة رضي الله عنه {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} قَالَ: يَعْنِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم نزلت فِي بَيت عَائِشَة رضي الله عنها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة رضي الله عنها زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ ببيتها على منامة لَهُ عَلَيْهِ كسَاء خيبري فَجَاءَت فَاطِمَة رضي الله عنها ببرمة فِيهَا خزيرة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ادعِي زَوجك وابنيك حسنا وَحسَيْنا فدعتهم فَبَيْنَمَا هم يَأْكُلُون إِذْ نزلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} فَأخذ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بفضلة ازاره فغشاهم إِيَّاهَا ثمَّ أخرج يَده من الكساء وَأَوْمَأَ بهَا إِلَى السَّمَاء ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي وخاصتي فَاذْهَبْ عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات
قَالَت أم سَلمَة رضي الله عنها: فادخلت رَأْسِي فِي السّتْر فَقلت: يَا رَسُول الله وَأَنا مَعكُمْ فَقَالَ: إِنَّك إِلَى خير مرَّتَيْنِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: جَاءَت فَاطِمَة رضي الله عنها إِلَى أَبِيهَا بثريدة لَهَا تحملهَا فِي طبق لَهَا حَتَّى وَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ
فَقَالَ لَهَا أَيْن ابْن عمك قَالَت: هُوَ فِي الْبَيْت
قَالَ: اذهبي فادعيه وابنيك فَجَاءَت تقود ابنيها كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي يَد وَعلي رضي الله عنه يمشي فِي أثرهما حَتَّى دخلُوا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسهما فِي حجره وَجلسَ عَليّ رضي الله عنه عَن يَمِينه وَجَلَست فَاطِمَة رضي الله عنها عَن يسَاره قَالَت أم سَلمَة رضي الله عنها: فَأخذت من تحتي كسَاء كَانَ بساطنا على المنامة فِي الْبَيْت
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لفاطمة رضي الله عنها ائْتِنِي بزوجك وابنيه فَجَاءَت بهم فالقى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِم كسَاء فدكيا ثمَّ وضع يَده عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن هَؤُلَاءِ أهل مُحَمَّد - وَفِي لفظ آل مُحَمَّد - فَاجْعَلْ صلواتك وبركاتك على آل مُحَمَّد كَمَا جَعلتهَا على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
قَالَت أم سَلمَة رضي الله عنها: فَرفعت الكساء لأدخل مَعَهم فَجَذَبَهُ من يَدي وَقَالَ إِنَّك على خير
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت نزلت هَذِه الْآيَة فِي بَيْتِي {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَفِي الْبَيْت سَبْعَة
جِبْرِيل وَمِيكَائِيل عليهما السلام وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن رضي الله عنهم وَأَنا على بَاب الْبَيْت قلت: يَا رَسُول الله أَلَسْت من أهل الْبَيْت قَالَ: إِنَّك إِلَى خير إِنَّك من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ يَوْم أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ رضي الله عنها فَنزل جِبْرِيل عليه السلام على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ الْآيَة {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِحسن وحسين وَفَاطِمَة وَعلي فضمهم إِلَيْهِ وَنشر عَلَيْهِم الثَّوْب
والحجاب على أم سَلمَة مَضْرُوب ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي الله اذْهَبْ عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا
قَالَت أم سَلمَة رضي الله عنها: فانا مَعَهم يَا نَبِي الله قَالَ: أَنْت على مَكَانك وَإنَّك على خير
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: فِي بَيْتِي نزلت {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} وَفِي الْبَيْت فَاطِمَة وَعلي وَالْحسن وَالْحُسَيْن
فجللهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كَانَ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي فَاذْهَبْ عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نزلت هَذِه الْآيَة فِي خَمْسَة
فيّ وَفِي عَليّ وَفَاطِمَة وَحسن وحسين {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غَدَاة وَعَلِيهِ مرط مرجل من شعر أسود فجَاء الْحسن وَالْحُسَيْن رضي الله عنهما فأدخلهما مَعَه ثمَّ جَاءَ عَليّ فَادْخُلْهُ مَعَه ثمَّ قَالَ {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}
وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد قَالَ نزل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْوَحْي فَادْخُلْ عليا وَفَاطِمَة وابنيهما تَحت ثَوْبه ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهلِي وَأهل بَيْتِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى فَاطِمَة وَمَعَهُ حسن وحسين وَعلي حَتَّى دخل فأدنى عليا وَفَاطِمَة
فاجلسهما بَين يَدَيْهِ وأجلس حسنا وَحسَيْنا
كل وَاحِد مِنْهُمَا على فَخذه ثمَّ لف عَلَيْهِم ثَوْبه وَأَنا مستدبرهم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يمر بِبَاب فَاطِمَة رضي الله عنها إِذا خرج إِلَى صَلَاة الْفجْر وَيَقُول الصَّلَاة يَا أهل الْبَيْت الصَّلَاة {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}
وَأخرج مُسلم عَن زيد بن أَرقم رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أذكركم الله فِي أهل بَيْتِي فَقيل: لزيد رضي الله عنه: وَمن أهل بَيته أَلَيْسَ نساؤه من أهل بَيته قَالَ: نساؤه من أهل بَيته وَلَكِن أهل بَيته من حرم الصَّدَقَة بعده آل عَليّ وَآل عقيل وَآل جَعْفَر وَآل عَبَّاس
وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله قسم الْخلق قسمَيْنِ فجعلني فِي خيرهما قسما
فَذَلِك قَوْله {وَأَصْحَاب الْيَمين} الْوَاقِعَة الْآيَة 27 و {أَصْحَاب الشمَال} الْوَاقِعَة الْآيَة 41 فَأَنا من أَصْحَاب الْيَمين وَأَنا خير أَصْحَاب الْيَمين ثمَّ جعل الْقسمَيْنِ
أَثلَاثًا فجعلني فِي خَيرهَا ثلثا فَذَلِك قَوْله وَأَصْحَاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (الْوَاقِعَة الْآيَة 8 - 10) فَأَنا من السَّابِقين وَأَنا خير من السَّابِقين ثمَّ جعل الأثلاث قبائل فجعلني فِي خَيرهَا قَبيلَة وَذَلِكَ قَوْله {وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} الحجرات الْآيَة 13 وَأَنا أتقى ولد آدم وَأكْرمهمْ على الله تَعَالَى وَلَا فَخر
ثمَّ جعل الْقَبَائِل بُيُوتًا فجعلني فِي خَيرهَا بَيْتا فَذَلِك قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} فَأَنا وَأهل بَيْتِي مطهرون من الذُّنُوب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} قَالَ: هم أهل بَيت طهرهم الله من السوء واختصم برحمته قَالَ: وَحدث الضَّحَّاك بن مُزَاحم رضي الله عنه
أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول نَحن أهل بَيت طهرهم الله من شَجَرَة النُّبُوَّة وَمَوْضِع الرسَالَة ومختلف الْمَلَائِكَة وَبَيت الرَّحْمَة ومعدن الْعلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: لما دخل عَليّ رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها
جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ صباحاً إِلَى بَابهَا يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته الصَّلَاة رحمكم الله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} انا حَرْب لمن حَارَبْتُمْ أَنا سلم لمن سَالَمْتُمْ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْحَمْرَاء رضي الله عنه قَالَ حفظت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَة أشهر بِالْمَدِينَةِ
لَيْسَ من مرّة يخرج إِلَى صَلَاة الْغَدَاة إِلَّا أَتَى إِلَى بَاب عَليّ رضي الله عنه فَوضع يَده على جنبتي الْبَاب ثمَّ قَالَ: الصَّلَاة
الصَّلَاة
{إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ شَهِدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تِسْعَة أشهر يَأْتِي كل يَوْم بَاب عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه عِنْد وَقت كل صَلَاة فَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته أهل الْبَيْت {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} الصَّلَاة رحمكم الله كل يَوْم خمس مَرَّات
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الْحَمْرَاء رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْتِي بَاب عَليّ وَفَاطِمَة سِتَّة أشهر فَيَقُول {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}
- قَوْله تَعَالَى: واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة إِن الله كَانَ لطيفا خَبِيرا
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة} قَالَ: الْقُرْآن وَالسّنة عتب عَلَيْهِنَّ بذلك
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي أُمَامَة بن سهل رضي الله عنه فِي قَوْله {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة} قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْد بيُوت أَزوَاجه النَّوَافِل بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار
- قَوْله تَعَالَى: إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات وَالصَّابِرِينَ والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظون فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات أعد الله لَهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما
أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن ام سَلمَة رضي الله عنها قَالَت قلت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَا لنا لَا نذْكر فِي الْقُرْآن كَمَا يذكر الرِّجَال فَلم يرعني مِنْهُ ذَات يَوْم إِلَّا نداؤه على الْمِنْبَر وَهُوَ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله يَقُول {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة
رضي الله عنها انها قَالَت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَا لي أسمع الرِّجَال يذكرُونَ فِي الْقُرْآن وَالنِّسَاء لَا يُذْكَرْنَ فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم عمَارَة الانصارية رضي الله عنها: انها أَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: مَا أرى كل شَيْء إِلَّا للرِّجَال وَمَا أرى النِّسَاء يذكرن بِشَيْء فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات}
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَت النِّسَاء: يَا رَسُول الله مَا باله يذكر الْمُؤْمِنُونَ وَلم يذكر الْمُؤْمِنَات فَنزل {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات}
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: دخل نسَاء على نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَ: قد ذَكَرَكُنَّ الله فِي الْقُرْآن وَلم نذْكر بِشَيْء أما فِينَا مَا يذكر فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات}
وَأخرج ابْن سعيد عَن عِكْرِمَة وَمن وَجه آخر عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: لما ذكر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ النِّسَاء: لَو كَانَ فِينَا خير لذكرن
فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات}
وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النِّسَاء للرِّجَال: أسلمنَا أسلمتم وَفعلنَا كَمَا فَعلْتُمْ فتذكرون فِي الْقُرْآن وَلَا نذْكر وَكَانَ النَّاس يسمون الْمُسلمين فَلَمَّا هَاجرُوا سموا الْمُؤمنِينَ فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات والقانتين والقانتات} يَعْنِي المطيعين والمطيعات {والصادقين والصادقات وَالصَّابِرِينَ والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات} شهر رَمَضَان {والحافظين فروجهم والحافظات} يَعْنِي من النِّسَاء {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات} يَعْنِي ذكر الله وَذكر نعمه {أعد الله لَهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات}
يَعْنِي المخلصين لله من الرِّجَال والمخلصات من النِّسَاء {وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} يَعْنِي المصدقين والمصدقات {والقانتين والقانتات} يَعْنِي المطيعين والمطيعات {والصادقين والصادقات} يَعْنِي الصَّادِقين فِي ايمانهم {وَالصَّابِرِينَ والصابرات} يَعْنِي على أَمر الله {والخاشعين} يَعْنِي المتواضعين لله فِي الصَّلَاة من لَا يعرف عَن يَمِينه وَلَا من عَن يسَاره وَلَا يلْتَفت من الْخُشُوع لله {والخاشعات} يَعْنِي المتواضعات من النِّسَاء {والصائمين والصائمات} قَالَ: من صَامَ شهر رَمَضَان وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فَهُوَ من أهل هَذِه الْآيَة {والحافظين فروجهم والحافظات} قَالَ: يَعْنِي فروجهم عَن الْفَوَاحِش ثمَّ أخبر بثوابهم فَقَالَ {أعد الله لَهُم مغْفرَة} يَعْنِي لذنوبهم و {أجرا عَظِيما} يَعْنِي جَزَاء وافر فِي الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذا أيقظ الرجل امْرَأَته من اللَّيْل فَصَليَا رَكْعَتَيْنِ كَانَا تِلْكَ اللَّيْلَة من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: لَا يكْتب الرجل من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا حَتَّى يذكر الله قَائِما وَقَاعِدا ومضطجعاً
- قَوْله تَعَالَى: وَمَا كَانَ لمُؤْمِن إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم وَمن يَعْصِ الله وَرَسُوله فقد ضل ضلال مُبينًا
أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انْطلق ليخطب على فتاة زيد بن حَارِثَة فَدخل على زَيْنَب بنت جحش الأَسدِية فَخَطَبَهَا قَالَت: لست بناكحته قَالَ: بلَى
فانكحيه قَالَت: يَا رَسُول الله أوَامِر فِي نَفسِي
فَبَيْنَمَا هما يتحدثان أنزل الله هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا
الْآيَة
قَالَت: قد رضيته لي يَا رَسُول الله منكحاً قَالَ: نعم
قَالَت: إِذن لَا أعصي رَسُول الله قد أنكحته نَفسِي
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زَيْنَب بنت جحش لزيد بن حَارِثَة فاستنكفت مِنْهُ وَقَالَت: أَنا خير مِنْهُ حسباً وَكَانَت امْرَأَة فِيهَا حِدة
فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: خطب النَّبِي صلى الله عليه وسلم زَيْنَب وَهُوَ يريدها لزيد رضي الله عنه فظنت أَنه يريدها لنَفسِهِ فَلَمَّا علمت أَنه يريدها لزيد أَبَت فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا}
فرضيت وسلمت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا} قَالَ: زَيْنَب بنت جحش وكراهتها زيد بن حَارِثَة حِين أمرهَا بِهِ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِزَيْنَب رضي الله عنها اني أَن أزَوجك زيد بن حَارِثَة فَإِنِّي قد رضيته لَك
قَالَت: يَا رَسُول الله لكني لَا أرضاه لنَفْسي وَأَنا أيم قومِي وَبنت عَمَّتك فَلم أكن لأَفْعَل
فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن} يَعْنِي زيدا {وَلَا مُؤمنَة} يَعْنِي زَيْنَب {إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا} يَعْنِي النِّكَاح فِي هَذَا الْموضع {أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} يَقُول: لَيْسَ لَهُم الْخيرَة من أَمرهم خلاف مَا أَمر الله بِهِ {وَمن يَعْصِ الله وَرَسُوله فقد ضل ضلالا مُبينًا} قَالَت: قد أطعتك فَاصْنَعْ مَا شِئْت فَزَوجهَا زيدا وَدخل عَلَيْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه قَالَ: نزلت فِي أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط وَكَانَت أول امْرَأَة هَاجَرت من النِّسَاء فَوهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَزَوجهَا زيد بن حَارِثَة فَسَخِطَتْ هِيَ وأخوها وَقَالَت: إِنَّمَا أردنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَزَوجهَا عَبده فَنزلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طَاوس أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَنَهَاهُ
وَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم}
- قَوْله تَعَالَى: وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم إِذا قضوا مِنْهُنَّ وطرا وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا الَّذين يبلغون رسالات الله ويخشونه وَلَا يَخْشونَ أحدا إِلَّا الله وَكفى بِاللَّه حسيبا مَا كَانَ مُحَمَّدًا أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين وَكَانَ الله بِكُل شَيْء عليما
أخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُسَامَة بن زيد رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ الْعَبَّاس وَعلي بن أبي طَالب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَا يَا رَسُول الله جئْنَاك لتخبرنا أَي أهلك أحب إِلَيْك قَالَ: أحب أَهلِي إليَّ فَاطِمَة
قَالَا: مَا نَسْأَلك عَن فَاطِمَة قَالَ: فاسامة بن زيد الَّذِي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ
قَالَ عَليّ رضي الله عنه: ثمَّ من يَا رَسُول الله قَالَ: ثمَّ أَنْت ثمَّ الْعَبَّاس رضي الله عنه: يَا رَسُول الله جعلت عمك آخرا قَالَ: إِن عليا سَبَقَك بِالْهِجْرَةِ
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه
أَن هَذِه الْآيَة {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} نزلت فِي شَأْن زَيْنَب بنت جحش وَزيد بن حَارِثَة
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ جَاءَ زيد بن حَارِثَة رضي الله عنه يشكو زَيْنَب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: اتَّقِ الله وامسك عَلَيْك زَوجك فَنزلت {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} قَالَ: أنس رَضِي الله عَنهُ
فَلَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَاتِما شَيْئا لكَتم هَذِه الْآيَة
فَتَزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمَا أولم على امْرَأَة من نِسَائِهِ مَا أولم عَلَيْهَا
ذبح شَاة {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زوّجناكها} فَكَانَت تَفْخَر على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَقول: زوّجكن أهاليكن وزوّجني الله من فَوق سبع سموات
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لزيد اذْهَبْ فاذكرها عليَّ فَانْطَلق قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتهَا عظمت فِي صَدْرِي فَقلت: يَا زَيْنَب أَبْشِرِي أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك قَالَت: مَا أَنا بِصَانِعَةٍ شَيْئا حَتَّى أوَامِر رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدهَا وَنزل الْقُرْآن وَجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَدخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن وَلَقَد رَأَيْتنَا حِين دخلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنَا عَلَيْهَا الْخبز وَاللَّحم فَخرج النَّاس وَبَقِي رجال يتحدثون فِي الْبَيْت بعد الطَّعَام فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته فَجعل يتبع حُجَرَ نِسَائِهِ يسلم عَلَيْهِنَّ وَيَقُلْنَ: يَا رَسُول الله كَيفَ وجدت أهلك فَمَا أَدْرِي أَنا أخْبرته أَن الْقَوْم قد خَرجُوا أَو أخبر فَانْطَلق حَتَّى دخل الْبَيْت فَذَهَبت ادخل مَعَه فَألْقى السّتْر بيني وَبَينه فَنزل الْحجاب وَوعظ الْقَوْم بِمَا وعظو بِهِ {لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم}
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حَيَّان رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيت زيد بن حَارِثَة يَطْلُبهُ وَكَانَ زيد إِنَّمَا يُقَال لَهُ زيد بن مُحَمَّد فَرُبمَا فَقده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَيَجِيء لبيت زيد بن حَارِثَة يَطْلُبهُ فَلم يجده وَتقوم إِلَيْهِ زَيْنَب بنت جحش زَوجته فاعرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَت: لَيْسَ هُوَ هَهُنَا يَا رَسُول الله فَادْخُلْ فَأبى أَن يدْخل فأعجبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فولى وَهُوَ يهمهم بِشَيْء لَا يكَاد يفهم مِنْهُ إِلَّا رُبمَا أعلن سُبْحَانَ الله الْعَظِيم سُبْحَانَ مصرف الْقُلُوب فجَاء زيد رضي الله عنه إِلَى منزله فَأَخْبَرته امْرَأَته أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَتَى منزله فَقَالَ زيد رضي الله عنه: إِلَّا قلت لَهُ أَن يدْخل قَالَت: قد عرضت ذَلِك عَلَيْهِ فَأبى قَالَ: فَسمِعت شَيْئا قَالَت: سمعته حِين ولى تكلم بِكَلَام وَلَا أفهمهُ وسمعته يَقُول: سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ مصرف الْقُلُوب فجَاء زيد رضي الله عنه حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله بَلغنِي أَنَّك جِئْت منزلي فَهَلا دخلت
يَا رَسُول الله لَعَلَّ زَيْنَب أعجبتك فأفارقها فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {أمسك عَلَيْك زَوجك} فَمَا اسْتَطَاعَ زيد إِلَيْهَا سَبِيلا بعد ذَلِك الْيَوْم فَيَأْتِي لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره فَيَقُول {أمسك عَلَيْك زَوجك} ففارقها زيد واعتزلها وَانْقَضَت عدتهَا فَبينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَالس يتحدث مَعَ عَائِشَة رضي الله عنها إِذْ أَخَذته غشية فسرى عَنهُ وَهُوَ يبتسم وَيَقُول: من يذهب إِلَى زَيْنَب فيبشرها أَن الله زوجنيها من السَّمَاء وتلا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك} الْقِصَّة كلهَا قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: فأخذني مَا قرب وَمَا بعد لما يبلغنَا من جمَالهَا
وَأُخْرَى هِيَ أعظم الْأُمُور وَأَشْرَفهَا زَوجهَا الله من السَّمَاء وَقلت: هِيَ تَفْخَر علينا بِهَذَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: لَو كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَاتِما شَيْئا من الْوَحْي لكَتم هَذِه الْآيَة {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي بالإِسلام {وأنعمت عَلَيْهِ} بِالْعِتْقِ {أمسك عَلَيْك زَوجك} إِلَى قَوْله {وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} وَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما تزَوجهَا قَالُوا: تزوج خَلِيلَة ابْنه
فَأنْزل الله تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تبناه وَهُوَ صَغِير فَلبث حَتَّى صَار رجلا يُقَال لَهُ: زيد بن مُحَمَّد
فَأنْزل الله {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} يَعْنِي أعدل عِنْد الله
وَأخرج الْحَاكِم عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَت زَيْنَب رضي الله عنها تَقول للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِنَّا أعظم نِسَائِك عَلَيْك حَقًا أَنا خيرهن منكحاً وأكرمهن سترا وأقربهن رحما وزوّجنيك الرَّحْمَن من فَوق عَرْشه وَكَانَ جِبْرِيل عليه السلام هُوَ السفير بذلك وَأَنا بنت عَمَّتك لَيْسَ لَك من نِسَائِك قريبَة غَيْرِي
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَت زَيْنَب تَقول للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لأدل عَلَيْك بِثَلَاث مَا من نِسَائِك امْرَأَة تدل بِهن
إِن جدي وَجدك وَاحِد
وَإِنِّي أنكحينك الله من السَّمَاء
وان السفير لجبريل عليه السلام
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة رضي الله عنها عَن زَيْنَب رضي الله عنها قَالَت: إِنِّي وَالله مَا أَنا كَأحد من نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إنَّهُنَّ زوّجن بالمهور
وزوّجهن الْأَوْلِيَاء وزوّجني الله وَرَسُوله وَأنزل فِي الْكتاب يقرأه الْمُسلمُونَ لَا يُغير وَلَا يُبدل {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ}
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: يرحم الله زَيْنَب بنت جحش لقد نَالَتْ فِي هَذِه الدُّنْيَا الشّرف الَّذِي لَا يبلغهُ شرِيف
ان الله زَوجهَا نبيه صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا ونطق بِهِ الْقُرْآن
وَأخرج ابْن سعد عَن عَاصِم الْأَحول أَن رجلا من بني أَسد فاخر رجلا فَقَالَ الْأَسدي: هَل مِنْكُم امْرَأَة زَوجهَا الله من فَوق سبع سموات يَعْنِي زَيْنَب بنت جحش
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} قَالَ: زيد بن حَارِثَة أنعم الله عَلَيْهِ بالإِسلام {وأنعمت عَلَيْهِ} أعْتقهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله} يَا زيد بن حَارِثَة قَالَ: جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِن زَيْنَب قد اشْتَدَّ عليّ لسانها وَأَنا أُرِيد أَن أطلقها فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اتَّقِ الله وامسك عَلَيْك زَوجك قَالَ: وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يحب أَن يطلقهَا ويخشى قالة النَّاس إِن أمره بِطَلَاقِهَا
فَأنْزل الله {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} قَالَ: كَانَ يخفي فِي نَفسه وذاته طَلاقهَا قَالَ: قَالَ الْحسن رضي الله عنه: مَا أنزلت عَلَيْهِ آيَة كَانَت أَشد عَلَيْهِ مِنْهَا وَلَو كَانَ كَاتِما شَيْئا من الْوَحْي لكتمها {وتخشى النَّاس} قَالَ: خشِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم قالة النَّاس {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطراً} قَالَ: طَلقهَا زيد {زوّجناكها} فَكَانَت تَفْخَر على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَقول: أما أنتن زوّجكن آباؤكن وَأما أَنا فزوّجني ذُو الْعَرْش {لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم إِذا قضوا مِنْهُنَّ وطراً} قَالَ: إِذا طلقوهن وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تبنى زيد بن حَارِثَة رضي الله عنه {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} يَقُول: كَمَا هوى دَاوُد النَّبِي عليه السلام الْمَرْأَة الَّتِي نظر اليها فهويها فتزوّجها فَكَذَلِك قضى الله لمُحَمد صلى الله عليه وسلم فتزوّج زَيْنَب كَمَا كَانَ سنة الله فِي دَاوُد أَن يزوّجه تِلْكَ الْمَرْأَة {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} فِي أَمر زَيْنَب
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ
بن زيد بن جدعَان قَالَ: قَالَ لي عَليّ بن الْحُسَيْن: مَا يَقُول الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} فَقلت لَهُ
فَقَالَ: لَا
وَلَكِن الله أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم إِن زَيْنَب رضي الله عنها سَتَكُون من أَزوَاجه قبل أَن يتزوّجها فَلَمَّا أَتَاهُ زيد يشكو إِلَيْهِ قَالَ: اتَّقِ الله وامسك عَلَيْك زَوجك فَقَالَ: قد أَخْبَرتك أَنِّي مزوّجكها {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه}
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه فِي قَوْله {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} قَالَ: يَعْنِي يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ هَذَا فَرِيضَة وَكَانَ من كَانَ من الْأَنْبِيَاء عليهم السلام هَذَا سنتهمْ قد كَانَ لِسُلَيْمَان عليه السلام ألف امْرَأَة وَكَانَ لداود عليه السلام مائَة امْرَأَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} قَالَ: دَاوُد وَالْمَرْأَة الَّتِي نَكَحَهَا وَاسْمهَا اليسعية فَذَلِك سنة الله فِي مُحَمَّد وَزَيْنَب {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} كَذَلِك فِي سنته فِي دَاوُد وَالْمَرْأَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَزَيْنَب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: لَا نِكَاح إِلَّا بوليّ وشهود وَمهر إِلَّا مَا كَانَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكُمَيْت بن يزِيد الْأَسدي قَالَ: حَدثنِي مَذْكُور مولى زَيْنَب بنت جحش قَالَت خطبني عدَّة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأرْسلت إِلَيْهِ أخي يشاوره فِي ذَلِك قَالَ: زيد بن حَارِثَة
فَغضِبت وَقَالَت: تزوّج بنت عَمَّتك مَوْلَاك ثمَّ أَتَتْنِي فأخبرتني بذلك فَقلت: أَشد من قَوْلهَا وغضبت أَشد من غَضَبهَا فَأنْزل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} فَأرْسلت إِلَيْهِ زَوجنِي من شِئْت فزوّجني مِنْهُ فَأَخَذته بلساني فَشَكَانِي إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: اذن طَلقهَا فطلقني فَبت طَلَاقي فَلَمَّا انْقَضتْ عدتي لم أشعر إِلَّا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَنا مكشوفة الشّعْر فَقلت: هَذَا أَمر من السَّمَاء دخلت يَا رَسُول الله بِلَا خطْبَة وَلَا شَهَادَة قَالَ: الله المزوّج وَجِبْرِيل الشَّاهِد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت} قَالَ: بلغنَا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي زَيْنَب بنت جحش رضي الله عنها وَكَانَت امها أُمَيْمَة بنت عبد الْمطلب عمَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَ أَن يزوّجها زيد بن حَارِثَة رضي الله عنه فَكرِهت ذَلِك ثمَّ إِنَّهَا رضيت بِمَا صنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فزوّجها إِيَّاه ثمَّ أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أَنَّهَا من أَزوَاجه فَكَانَ يستحي أَن يَأْمر زيد بن حَارِثَة بِطَلَاقِهَا وَكَانَ لَا يزَال يكون بَين زيد وَزَيْنَب بعض مَا يكون بَين النَّاس فيأمره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يمسك عَلَيْهِ زوجه وَأَن يَتَّقِي الله وَكَانَ يخْشَى النَّاس أَن يعيبوا عَلَيْهِ
أَن يَقُولُوا: تزوّج امْرَأَة ابْنه وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيدا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اشْترى زيد بن حَارِثَة فِي الْجَاهِلِيَّة من عكاظ بحلى امْرَأَته خَدِيجَة فاتخذه ولدان فَلَمَّا بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم مكث مَا شَاءَ الله أَن يمكثن ثمَّ أَرَادَ أَن يزوّجه زَيْنَب بنت جحش فَكرِهت ذَلِك فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} فَقيل لَهَا: إِن شِئْت الله وَرَسُوله وان شِئْت ضلالا مُبينًا فقالتك بل الله وَرَسُول
فزوّجه رَسُول الله إِيَّاهَا فَمَكثت مَا شَاءَ الله أَن تمكث ثمَّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل يَوْمًا بَيت زيد فرآها وَهِي بنت عمته فَكَأَنَّهَا وَقعت فِي نَفسه قَالَ عِكْرِمَة: رضي الله عنه فَأنْزل الله {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي زيدا بالإِسلام {وأنعمت عَلَيْهِ} يَا مُحَمَّد بِالْعِتْقِ {أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه} قَالَ: عِكْرِمَة رضي الله عنه فَكَانَ النِّسَاء يَقُولُونَ: من شدَّة مَا يرَوْنَ من حب النَّبِي صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه أَنه ابْنه فَأَرَادَ الله أمرا قَالَ الله {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطراً زوَّجناكها} يَا مُحَمَّد {لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم} وَأنزل الله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} فَلَمَّا طَلقهَا زيد تزَوجهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فعذرها قَالُوا: لَو كَانَ زيد بن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا تزوّج امْرَأَة ابْنه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش قَالَ:
تفاخرت زَيْنَب وَعَائِشَة رضي الله عنهما فَقَالَت زَيْنَب رضي الله عنها: أَنا الَّذِي نزل تزويجي من السَّمَاء
وَقَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: أَنا نزل عُذْري من السَّمَاء فِي كِتَابه حِين حَملَنِي ابْن الْمُعَطل على الرَّاحِلَة
فَقَالَت لَهَا زَيْنَب رضي الله عنها: مَا قلت حِين ركبتيها قَالَت: قلت حسبي الله وَنعم الْوَكِيل قَالَ: قلت كلمة الْمُؤمنِينَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ورَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} قَالَ: نزلت فِي زيد بن حَارِثَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رضي الله عنه فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله} قَالَ: نزلت فِي زيد بن حَارِثَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} قَالَ: نزلت فِي زيد رضي الله عنه أَي أَنه لم يكن بِابْنِهِ ولعمري لقد ولد لَهُ ذُكُور وَإنَّهُ لأبو الْقَاسِم وَإِبْرَاهِيم وَالطّيب والمطهر
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} قَالَ: مَا كَانَ ليعيش لَهُ فِيكُم ولد ذكر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} قَالَ: آخر نَبِي
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله {وَخَاتم النَّبِيين} قَالَ: ختم الله النَّبِيين بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَكَانَ آخر من بعث
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مثلي وَمثل النَّبِيين كَمثل رجل بنى دَارا فأتمها إِلَّا لبنة وَاحِدَة فَجئْت أَنا فأتممت تِلْكَ اللبنة
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء كَمثل رجل ابتنى دَارا فأكملها وأحسنها إِلَّا مَوضِع لبنة فَكَانَ من دَخلهَا فَنظر إِلَيْهَا قَالَ: مَا أحْسنهَا إِلَّا مَوضِع اللبنة فَأَنا مَوضِع اللبنة فختم بِي الْأَنْبِيَاء
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء من قبلي كَمثل رجل بنى دَارا بِنَاء فأحسنه وأجمله إِلَّا مَوضِع لبنة من زَاوِيَة من زواياها فَجعل النَّاس يطوفون بِهِ ويتعجبون لَهُ وَيَقُولُونَ: هلا وضعت هَذِه اللبنة فَأَنا اللبنة وَأَنا خَاتم النَّبِيين
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبيّ بن كَعْب رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مثلي فِي النَّبِيين كَمثل رجل بنى دَارا فأحسنها وأكملها وأجملها وَترك فِيهَا مَوضِع هَذِه اللبنة لم يَضَعهَا فَجعل النَّاس يطوفون بالبنيان ويعجبون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: لَو تمّ موشع هَذِه اللبنة فَأَنا فِي النَّبِيين مَوضِع تِلْكَ اللبنة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّه سَيكون فِي أمتِي كذابون ثَلَاثُونَ كلهم يزْعم أَنه نَبِي وَأَنا خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي
وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أمتِي كذابون ودجالون سَبْعَة وَعِشْرُونَ مِنْهُم أَربع نسْوَة وَإِنِّي خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قُولُوا خَاتم النَّبِيين وَلَا تَقولُوا لَا نَبِي بعده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رجل عِنْد الْمُغيرَة بن أبي شُعْبَة صلى الله على مُحَمَّد خَاتم الْأَنْبِيَاء لَا نَبِي بعده فَقَالَ الْمُغيرَة: حَسبك إِذا قلت خَاتم الْأَنْبِيَاء فَإنَّا كُنَّا نُحدث أَن عِيسَى عليه السلام خَارج فَإِن هُوَ خرج فقد كَانَ قبله وَبعده
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: كنت اقرىء الْحسن وَالْحُسَيْن فَمر بِي عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وَأَنا اقرئهما فَقَالَ لي: اقرئهما وَخَاتم النَّبِيين بِفَتْح التَّاء
وَالله الْمُوفق
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا الله ذكرا كثيرا
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي
قَوْله {اذْكروا الله ذكرا كثيرا} يَقُول: لَا يفْرض على عبَادَة فَرِيضَة إِلَّا جعل لَهَا حدا مَعْلُوما ثمَّ عذر أَهلهَا فِي حَال عذر غير الذّكر فَإِن الله تَعَالَى لم يَجْعَل لَهُ حدا يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَلم يعْذر أحدا فِي تَركه إِلَّا مَغْلُوبًا على عقله فَقَالَ: اذْكروا الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنوبكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فِي الْبر وَالْبَحْر فِي السّفر والحضر فِي الْغنى والفقر وَالصِّحَّة والسقم والسر وَالْعَلَانِيَة وعَلى كل حَال وَقد سبحوه بكرَة وَأَصِيلا فَإِذا فَعلْتُمْ ذَلِك صلى عَلَيْكُم وَهُوَ وَمَلَائِكَته
قَالَ الله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {اذْكروا الله ذكرا كثيرا} قَالَ: بِاللِّسَانِ بالتسبيح وَالتَّكْبِير والتهليل والتحميد واذكروه على كل حَال {وسبحوه بكرَة وَأَصِيلا} يَقُول: صلوا لله بكرَة بِالْغَدَاةِ وَأَصِيلا بالْعَشي
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَي الْعباد أفضل دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: الذاكرون الله كثيرا قلت يَا رَسُول الله: وَمن الْغَازِي فِي سَبِيل الله قَالَ: لَو ضرب بِسَيْفِهِ فِي الْكفَّار وَالْمُشْرِكين حَتَّى ينكسر ويختضب دَمًا لَكَانَ الذاكرون الله أفضل مِنْهُ دَرَجَة
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سبق المفردون قَالُوا: وَمَا المفردون يَا رَسُول الله قَالَ: الذاكرون الله كثيرا
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن رجلا سَأَلَهُ فَقَالَ: أَي الْمُجَاهدين أعظم أجرا قَالَ: أَكْثَرهم لله ذكرا قَالَ: فَأَي الصائمين أعظم أجرا قَالَ: أَكْثَرهم لله ذكرا
الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالصَّدَََقَة
كل ذَلِك وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: أَكْثَرهم لله ذكرا فَقَالَ أَبُو بكر لعمر رضي الله عنهما: يَا أَبَا حَفْص ذهب الذاكرون بِكُل خير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أجل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالدف بَين حمدَان قَالَ يَا معَاذ أَيْن السَّابِقُونَ قلت
مضى نَاس قَالَ: أَيْن السَّابِقُونَ الَّذين يستهترون بِذكر الله من أحب أَن يرتع فِي رياض الْجنَّة فليكثر ذكر الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم أنس رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله أوصني قَالَ: اهجري الْمعاصِي فَإِنَّهَا أفضل الْهِجْرَة وحافظي على الْفَرَائِض فَإِنَّهَا أفضل الْجِهَاد واكثري من ذكر الله فَإنَّك لَا تأتين الله بِشَيْء أحب الله بِشَيْء أحب إِلَيْهِ من كَثْرَة ذكره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكثر ذكر الله فقد برىء من الايمان
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَكْثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُولُوا: مَجْنُون
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اذْكروا الله حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ: انكم مراؤون
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي الجوزاء رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اكثروا من ذكر الله حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ: انكم مراؤون
- قَوْله تَعَالَى: وسبحوه بكرَة واصيلا
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وسبحوه بكرَة وَأَصِيلا} قَالَ: صَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة الْعَصْر
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا يذكر عَن ربه تبارك وتعالى اذْكُرْنِي بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر سَاعَة أكفك مَا بَينهمَا
وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حَتَّى تطلع الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق رقبتين أَو أَكثر من ولد اسمعيل وَمن بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَربع رِقَاب من ولد إِسْمَعِيل
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يدع رجل مِنْكُم أَن يعْمل لله ألف حَسَنَة حِين يصبح يَقُول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة فَإِنَّهَا ألف حَسَنَة فَإِنَّهُ لن يعْمل إِن شَاءَ الله مثل ذَلِك فِي يَوْمه من الذُّنُوب وَيكون مَا عمل من خير سوى ذَلِك وافراً
وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن أنس رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم نبت لَهُ غرس فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم نبت لَهُ غرس فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَيْكُم يَقُول سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ انهما القريبتان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم غرس لَهُ نَخْلَة أَو سجرة فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ فِي يَوْم مائَة مرّة سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ حطت خطاياه وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هِلَال بن يسَار رضي الله عنه قَالَ: كَانَت امْرَأَة من هَمدَان تسبح وتحصيه بالحصى أَو النَّوَى فَقَالَ لَهَا عبد الله: أَلا أدلك على خير من ذَلِك تَقُولِينَ: الله أكبر كَبِيرا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لنا يعجز أحدكُم أَن يكْسب فِي الْيَوْم ألف حَسَنَة فَقَالَ رجل كَيفَ يكْسب أَحَدنَا ألف حَسَنَة قَالَ: يسبح الله مائَة تَسْبِيحَة فتكتب لَهُ ألف حَسَنَة وتحط عَنهُ ألف خَطِيئَة
- قَوْله تَعَالَى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته ليخرجكم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رحِيما
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه: يَا رَسُول الله مَا أنزل الله عَلَيْك خيرا إِلَّا أشركنا فِيهِ فَنزلت {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته}
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سليم بن عَامر رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي أُمَامَة فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت فِي مَنَامِي أَن الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْك كلما دخلت وَكلما خرجت وَكلما قُمْت وَكلما جَلَست قَالَ: وَأَنْتُم لَو شِئْتُم صلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة ثمَّ قَرَأَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرَة وَأَصِيلا}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رضي الله عنه فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} قَالَ: صَلَاة الله: ثَنَاؤُهُ
وَصَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم: الصلام الدُّعَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: صَلَاة الرب: الرَّحْمَة
وَصَلَاة الْمَلَائِكَة: الاسْتِغْفَار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} قَالَ: الله يغْفر لكم وَتَسْتَغْفِر لكم مَلَائكَته
وخ ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رضي الله عنه أَنه سُئِلَ عَن قَوْله اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم قَالَ: أكْرم الله أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فصلى عَلَيْهِم كَمَا صلى على الْأَنْبِيَاء فَقَالَ {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم} قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل سَأَلُوا مُوسَى عليه السلام هَل يُصَلِّي رَبك فَكَانَ ذَلِك كبر فِي صدر مُوسَى عليه السلام فَأوحى الله إِلَيْهِ أخْبرهُم اني أُصَلِّي وَأَن صَلَاتي ان رَحْمَتي سبقت غَضَبي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُصعب بن سعد رضي الله عنه قَالَ: إِذا قَالَ العَبْد: سُبْحَانَ الله
قَالَت الْمَلَائِكَة: وَبِحَمْدِهِ
وَإِذ قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ
صلوا عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ بَنو اسرائيل: يَا مُوسَى سل لنا رَبك هَل يُصَلِّي فتعاظم عَلَيْهِ ذَلِك فَقَالَ يَا مُوسَى مَا يَسْأَلك قَوْمك فَأخْبرهُ قَالَ: نعم
أخْبرهُم اني أُصَلِّي وَأَن صَلَاتي ان رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَلَوْلَا ذَلِك لهلكوا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رضي الله عنه فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} قَالَ: صلَاته على عباده سبوح قدوس تغلب رَحْمَتي غَضَبي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قلت لجبريل عليه السلام: هَل يُصَلِّي رَبك قَالَ: نعم
قلت: وَمَا صلَاته قَالَ: سبوح قدوس سبقت رَحْمَتي غَضَبي
- قَوْله تَعَالَى: تحيتهم يَوْم يلقونه سَلام وَأعد لَهُم أجرا كَرِيمًا
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {تحيتهم يَوْم يلقونه سَلام} تَحِيَّة أهل الْجنَّة: السَّلَام {وَأعد لَهُم أجرا كَرِيمًا} أَي الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه فِي قَوْله {تحيتهم يَوْم يلقونه سَلام} قَالَ: يَوْم يلقون ملك الْمَوْت لَيْسَ من مُؤمن يقبض روحه إِلَّا سلم عَلَيْهِ
وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: إِذا جَاءَ ملك الْمَوْت ليقْبض روح الْمُؤمن قَالَ: رَبك يُقْرِئك السَّلَام
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ ودع أذاهم وتوكل على الله وَكفى بِاللَّه وَكيلا
أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} وَقد كَانَ أَمر عليا ومعاذ أَن يَسِيرا إِلَى الْيمن فَقَالَ انْطَلقَا فَبَشِّرا وَلَا تُنَفِّرا ويَسِّرا وَلَا تُعَسِّرا فَإِنَّهُ قد أنزل عليَّ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} قَالَ: شَاهدا على أمتك وَمُبشرا بِالْجنَّةِ وَنَذِيرا من النَّار وداعياً إِلَى شَهَادَة لَا إِلَه إِلَّا الله {بِإِذْنِهِ وسراجاً منيراً} بِالْقُرْآنِ
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَطاء بن يسَار رضي الله عنه قَالَ: لقِيت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَقلت: أَخْبرنِي عَن صفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاة قَالَ: أجل وَالله انه لموصوف فِي التَّوْرَاة بِبَعْض صفته فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} وحرزاً للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا تجزىء بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن تَعْفُو وتصفح
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول اني عبد الله وَخَاتم النَّبِيين وَأبي منجدل فِي طينته وأخبركم عَن ذَلِك أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وَبشَارَة عِيسَى ورؤيا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيين يرين وَإِن أم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَأَتْ حِين وَضعته نورا أَضَاءَت لَهَا قُصُور السام
ثمَّ تَلا {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} إِلَى قَوْله {منيراً}
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ قَالَا: لما نزلت ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر (الْفَتْح الْآيَة 2) قَالُوا: يَا رَسُول الله قد علمنَا مَا يفعل بك فَمَاذَا
يفعل بِنَا فَأنْزل الله {وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا} قَالَ: الْفضل الْكَبِير: الْجنَّة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: اجْتمع عتبَة
وَشَيْبَة
وَأَبُو جهل
وَغَيرهم فَقَالُوا: أسقط السَّمَاء علينا كسفا أَو ائتنا بِعَذَاب أَو امطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا ذَاك إِلَيّ
إِنَّمَا بعثت إِلَيْكُم دَاعيا وَمُبشرا وَنَذِيرا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا} قَالَ: على أمتك بالبلاغ {وَمُبشرا} بِالْجنَّةِ {وَنَذِيرا} من النَّار {وداعياً إِلَى الله} إِلَى الشَّهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {بِإِذْنِهِ} قَالَ: بأَمْره {وسراجاً منيراً} قَالَ: كتاب الله يَدعُوهُم إِلَيْهِ {وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا} وَهِي الْجنَّة {وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ ودع أذاهم} قَالَ: اصبر على أذاهم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {ودع أذاهم} قَالَ: اعْرِض عَنْهُم
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} الْآيَة
قَالَ: هَذَا فِي الرجل
يتَزَوَّج الْمَرْأَة ثمَّ يطلقهَا من قبل أَن يَمَسهَا فَإِذا طَلقهَا وَاحِدَة بَانَتْ مِنْهُ لَا عدَّة عَلَيْهَا تتَزَوَّج من شَاءَت ثمَّ قَالَ {فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً} يَقُول: ان كَانَ سمي لَهَا صَدَاقا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النّصْف وَإِن لم يكن سمي لَهَا صَدَاقا مَتعهَا على قدر عسره ويسره وَهُوَ السراح الْجَمِيل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: الَّتِي نكحت وَلم
يَبْنِ بهَا وَلم يفْرض لَهَا فَلَيْسَ لَهَا صدَاق وَلَيْسَ عَلَيْهَا عدَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رضي الله عنهما فِي قَوْله {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن} قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة {فَنصف مَا فرضتم} الْبَقَرَة الْآيَة 237
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} إِلَى قَوْله {فمتعوهن} قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة
نسختها الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} الْبَقَرَة ن الْآيَة 237 فَصَارَ لَهَا نصف الصَدَاق وَلَا مَتَاع لَهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رضي الله عنه عَن أبي الْعَالِيَة رضي الله عنه قَالَا: لَيست بمنسوخة لَهَا نصف الصَدَاق وَلها الْمَتَاع
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: لكل مُطلقَة مَتَاع
دخل أَو لم يدْخل بهَا فرض لَهَا أَو لم يفْرض لَهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن حُسَيْن بن ثَابت رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عَليّ بن حُسَيْن فَسَأَلَهُ عَن رجل قَالَ: ان تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء
بَدَأَ الله بِالنِّكَاحِ قبل الطَّلَاق فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن}
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رجل يَقُول: ان تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق
قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء
إِنَّمَا الطَّلَاق لمن يملك
قَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: كَانَ يَقُول: إِذا وَقت وقتا فَهُوَ كَمَا قَالَ
قَالَ: رحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن لَو كَانَ كَمَا قَالَ: لقَالَ الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا طلّقْتُم النِّسَاء ثمَّ نكحتموهن} وَلَكِن إِنَّمَا قَالَ {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن جريج رضي الله عنه قَالَ: بلغ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: أَن ابْن مَسْعُود يَقُول: إِن طلق مَا لم ينْكح فَهُوَ جَائِز فَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: أَخطَأ فِي هَذَا
إِن الله تَعَالَى يَقُول {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} وَلم يقل {إِذا طلّقْتُم الْمُؤْمِنَات ثمَّ نكحتموهن}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه تَلا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} قَالَ: فَلَا يكون طَلَاق حَتَّى يكون نِكَاح
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ: إِذا قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق أَو ان تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَلَيْسَ لشَيْء إِنَّمَا الطَّلَاق لمن يملك من أجل أَن الله يَقُول {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق عِكْرِمَة رضي الله عنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: مَا قَالَهَا ابْن مَسْعُود وَإِن يكن قَالَهَا فزلة من عَالم فِي الرجل يَقُول: إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} وَلم يقل {إِذا طلّقْتُم الْمُؤْمِنَات ثمَّ نكحتموهن}
وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ {لَا طَلَاق إِلَّا بعد نِكَاح وَلَا عتق إِلَّا بعد ملك}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا طَلَاق فِيمَا لَا تملك وَلَا بيع فِيمَا لَا تملك وَلَا وَفَاء نذر فِيمَا لَا تملكن وَلَا نذر إِلَّا فِيمَا ابْتغى وَجه الله تَعَالَى وَمن حلف على مَعْصِيّة فَلَا يَمِين لَهُ وَمن حلف على قطيعة رحم فَلَا يَمِين لَهُ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا طَلَاق فِيمَا لَا تملك وَلَا عتق فِيمَا لَا تملك
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْمسور بن مُحرمَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا طَلَاق قبل نِكَاح وَلَا عتق قبل ملك
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك الَّاتِي أتيت أُجُورهنَّ وَمَا ملكت يَمِينك مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك وَبَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن
أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم وَمَا ملكت أَيْمَانهم لكيلا يكون عَلَيْك حرج وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما
أخرج ابْن سعد وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم هانىء بنت أبي طَالب رضي الله عنها قَالَت: خطبني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إِلَيْهِ فعذرني فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى قَوْله {هَاجَرْنَ مَعَك} قَالَت: فَلم أكن أحل لَهُ لِأَنِّي لم أُهَاجِر مَعَه كنت من الطُّلَقَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أم هانىء رضي الله عنها قَالَت نزلت فيَّ هَذِه الْآيَة {وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يَتَزَوَّجنِي فَنهى عني إِذْ لم أُهَاجِر
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي صَالح مولى أم هانىء قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أم هانىء بنت أبي طَالب فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنِّي مؤتمة وَبني صغَار فَلَمَّا أدْرك بنوها عرضت عَلَيْهِ نَفسهَا فَقَالَ: الْآن فَلَا
إِن الله تَعَالَى أنزل عليَّ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى {هَاجَرْنَ مَعَك} وَلم تكن من الْمُهَاجِرَات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَ: فَحرم الله عَلَيْهِ سوى ذَلِك من النِّسَاء وَكَانَ قبل ذَلِك ينْكح فِي أَي النِّسَاء شَاءَ لم يحرم ذَلِك عَلَيْهِ وَكَانَ نساؤه يجدن من ذَلِك وجدا شَدِيدا أَن ينْكح فِي أَي النِّسَاء أحب فَلَمَّا أنزل الله عَلَيْهِ
إِنِّي قد حرمت عَلَيْك من النِّسَاء سوى مَا قصصت عَلَيْك أعجب ذَلِك نِسَاءَهُ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} قَالَ: هن أَزوَاجه الأول اللَّاتِي كن قبل أَن تنزل هَذِه الْآيَة فِي قَوْله {اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ} قَالَ: صدقاتهن
{وَمَا ملكت يَمِينك} قَالَ: هِيَ الاماء الَّتِي أَفَاء الله عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: رخص لَهُ فِي بَنَات عَمه وَبَنَات عماته وَبَنَات خَاله وَبَنَات خالاته اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَه أَن يتزوّج مِنْهُنَّ وَلَا يتَزَوَّج من غَيْرهنَّ وَرخّص لَهُ فِي امْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} قَالَ: بِغَيْر صدَاق أحل لَهُ ذَلِك وَلم يكن ذَلِك أحل لَهُ إِلَّا {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَ: خَاصَّة للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
خَوْلَة بنت حَكِيم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة رضي الله عنه: أَن خَوْلَة بنت حَكِيم بن الأقوص كَانَت من اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} قَالَ: نزلت فِي أم شريك الدوسية
وَأخرج ابْن سعد عَن مُنِير بن عبد الله الدوسي
أَن أم شريك غزيَّة بنت جَابر بن حَكِيم الدوسية عرضت نَفسهَا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَت جميلَة فقبلها فَقَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: مَا فِي امْرَأَة حِين وهبت نَفسهَا لرجل خير قَالَت أم شريك رضي الله عنها: فَأَنا تِلْكَ فسماها الله تَعَالَى {مُؤمنَة} فَقَالَ {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: إِن الله يُسَارع لَك فِي هَوَاك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب وَعمر بن الحكم وَعبد الله بن عُبَيْدَة قَالُوا: تزوج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثَلَاث عشرَة امْرَأَة
سِتّ من قُرَيْش خَدِيجَة
وَعَائِشَة
وَحَفْصَة
وَأم حَبِيبَة
وَسَوْدَة
وَأم سَلمَة وَثَلَاث من بني عَامر بن صعصعة وَامْرَأَتَيْنِ من بني هِلَال
مَيْمُونَة بنت الْحَرْث وَهِي الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَزَيْنَب أم الْمَسَاكِين وَهِي الَّتِي اخْتَارَتْ الدُّنْيَا
وَامْرَأَة من بني
الْحَارِث وَهِي الَّتِي اتسعاذت مِنْهُ
وَزَيْنَب بنت جحش الأَسدِية
والسبيتين صَفِيَّة بنت حييّ
وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث الْخُزَاعِيَّة
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رضي الله عنه فِي قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} هِيَ أم شريك الْأَزْدِيَّة الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
وخ ابْن سعد عَن ابْن أبي عون: ان ليلى بنت الْحطيم وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم ووهبن نسَاء أَنْفسهنَّ فَلم نسْمع أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل مِنْهُنَّ أحدا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ: إِنَّهَا امْرَأَة من الْأَنْصَار وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي مِمَّا أرجا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لم يكن عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم امْرَأَة وهبت نَفسهَا لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه قَالَ: لَا تحل الْهِبَة لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ وابراهيم النَّخعِيّ رضي الله عنهما فِي قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَا: لَا تحل الْهِبَة لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس رضي الله عنه قَالَ: لَا يحل لأحد أَن يهب ابْنَته بِغَيْر مهر إِلَّا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَكْحُول وَالزهْرِيّ قَالَا: لم تحل الْمَوْهُوبَة لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن شهَاب رضي الله عنه قَالَ: لَا يحل لرجل أَن يهب ابْنَته بِغَيْر صدَاق قد جعل الله ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة دون الْمُؤمنِينَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عَطاء رضي الله عنه فِي امْرَأَة وهبت نَفسهَا لرجل قَالَ: لَا يصلح إِلَّا بِالصَّدَاقِ لم يكن ذَلِك إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا نَبِي الله هَل لَك فِي حَاجَة فَقَالَت ابْنة أنس: مَا كَانَ أقل حياءها فَقَالَ هِيَ خير مِنْك رغبت فِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نتحدث أَن أم شريك رضي الله عنهما كَانَت مِمَّن وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} قَالَ: هِيَ مَيْمُونَة بنت الْحَرْث
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: وهبت مَيْمُونَة بنت الْحَرْث نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَأحمد والخباري وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ: ان امْرَأَة جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَوهبت نَفسهَا لَهُ فَصمت فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله زوجنيها إِن لم يكن لَك بهَا حَاجَة قَالَ مَا عنْدك تعطيها قَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا ازاري قَالَ: ان أعطيتهَا ازارك جَلَست لَا ازار لَك فالتمس شَيْئا قَالَ: مَا أجد شَيْئا فَقَالَ: قد زوّجناكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} قَالَ: فعلت وَلم يفعل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَ: لَا تحل الْمَوْهُوبَة لغيرك وَلَو ان امْرَأَة وهبت نَفسهَا لرجل لم تحل لَهُ حَتَّى يُعْطِيهَا شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} يَقُول: لَيْسَ لامْرَأَة أَن تهب نَفسهَا لرجل بِغَيْر ولي وَلَا مهر إِلَّا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَت خَاصَّة لَهُ صلى الله عليه وسلم من دون النَّاس يَزْعمُونَ أَنَّهَا نزلت فِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث
هِيَ الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم} قَالَ: فرض الله أَن لَا تنْكح امْرَأَة إِلَّا بولِي وصداق وشهداء وَلَا ينْكح الرجل إِلَّا أَرْبعا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} قَالَ: لَا يُجَاوز الرجل أَربع نسْوَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رضي الله عنهما فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} قَالَ: فرض عَلَيْهِم أَنه لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} قَالَ: فرض عَلَيْهِم أَن لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين وَمهر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {لكيلا يكون عَلَيْك حرج} قَالَ: جعله الله تَعَالَى فِي حل من ذَلِك وَكَانَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم يقسم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ أَنه قيل لَهُ: ان أَبَا مُوسَى نهى حِين فتح تستر أَن لَا تُوطأ الحبالى وَلَا يُشَارك الْمُشْركُونَ فِي أَوْلَادهم فَإِن المَاء يزِيد فِي الْوَلَد أَشَيْء قَالَه بِرَأْيهِ أَو شَيْء رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أَوْطَاس أَن تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع أَو حَائِل حَتَّى تستبرأ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ منا من وطئ حُبْلَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارقطني وَأَبُو دَاوُد وَابْن منيع وَالْبَغوِيّ والباوردي وَابْن قَانِع وَالْبَيْهَقِيّ والضياء عَن أبي مُورق مولى نجيب قَالَ: غزونا مَعَ رويفع بن ثَابت الْأنْصَارِيّ نَحْو الْمغرب ففتحنا قَرْيَة يُقَال لَهَا: جربة
فَقَامَ فِينَا خَطِيبًا فَقَالَ: إِنِّي لَا أَقُول لكم إِلَّا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا يَوْم خَيْبَر قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يسقين مَاءَهُ زرع غَيره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: لما فتح تستر أصَاب أَبُو مُوسَى سَبَايَا فَكتب إِلَيْهِ عمر رضي الله عنه: أَن لَا يَقع أحد على امْرَأَة حُبْلَى حَتَّى تضع وَلَا تشاركوا الْمُشْركين فِي أَوْلَادهم فَإِن المَاء تَمام الْوَلَد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن تُوطأ الْحَامِل حَتَّى تضع والحائل حَتَّى تستبرأ بِحَيْضَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر منادياً فِي غَزْوَة غَزَاهَا: لَا يطَأ الرجل حَامِلا حَتَّى تضع وَلَا حَائِلا حَتَّى تحيض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى يَوْم خَيْبَر أَن لَا تُوطأ الحبالى حَتَّى يَضعن
- قَوْله تَعَالَى: ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن وَلَا يحزن ويرضين بِمَا آتيناهن كُلهنَّ وَالله يعلم مَا فِي قُلُوبكُمْ وَكَانَ الله عليما حكيما
أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {ترجي من تشَاء} يَقُول: تُؤخر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قَالَ: أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ {وَتُؤْوِي} يَعْنِي نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيَعْنِي بالارجاء يَقُول: من شِئْت خليت سَبيله مِنْهُنَّ وَيَعْنِي بالايواء يَقُول: من أَحْبَبْت أَمْسَكت مِنْهُنَّ
وَقَوله {وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن وَلَا يحزن ويرضين بِمَا آتيتهن كُلهنَّ} يَعْنِي بذلك النِّسَاء اللَّاتِي أحلهن الله لَهُ من بَنَات الْعمة وَالْخَال وَالْخَالَة وَقَوله {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} يَقُول: إِن مَاتَ من نِسَائِك الَّتِي عنْدك أحد أَو خليت سَبِيلهَا قد أحللت لَك مَكَان من مَاتَ من نِسَائِك اللَّاتِي كن عنْدك أَو خليت سَبِيلهَا فقد أحللت لَك أَن تستبدل من اللَّاتِي أحللت لَك وَلَا يصلح لَك ان تزد على عدَّة نِسَائِك اللَّاتِي عنْدك شَيْئا
وخ ابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم تسع نسْوَة فَخَشِينَا أَن يُطَلِّقهُنَّ فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله اقْسمْ لنا من نَفسك وَمَالك وَمَا شِئْت وَلَا تطلقنا فَأنْزل الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} إِلَى آخر الْآيَة
قَالَ: وَكَانَ المؤويات خَمْسَة: عَائِشَة
وَحَفْصَة
وَأم سَلمَة
وَزَيْنَب
وَأم حَبِيبَة
والمرجآت أَرْبَعَة: جوَيْرِية
ومَيْمُونَة
وَسَوْدَة
وَصفِيَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن الْمسيب عَن خَوْلَة بنت حَكِيم قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تزوّجها فارجأها فِيمَن أرجا من نِسَائِهِ
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عَلَيْهِ فِي قسم أَزوَاجه يقسم بَينهُنَّ كَيفَ شَاءَ وَذَلِكَ قَوْله الله {ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن} إِذا علِمْنَ أَن ذَلِك من الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عَلَيْهِ فِي قسم أَزوَاجه أَن يقسم بَينهُنَّ كَيفَ شَاءَ فَلذَلِك قَالَ الله {ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن} إِذا علِمْنَ أَن ذَلِك من الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ
أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَت فِيمَن ارجىء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا خطب امْرَأَة لم يكن لرجل أَن يخطبها حَتَّى يتزوّجها أَو يَتْرُكهَا
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير عَن الْحسن وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أغار من اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَقُول: كَيفَ تهب نَفسهَا فَلَمَّا أنزل الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك} قلت: مَا أرى رَبك الا يُسَارع فِي هَوَاك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَت تَقول: أما تَسْتَحي الْمَرْأَة أَن تهب نَفسهَا للرجل فَأنْزل الله فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} فَقَالَ عَائِشَة رضي الله عنها: أرى رَبك يُسَارع فِي هَوَاك
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: لما نزلت {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قلت: إِن الله يُسَارع لَك فِيمَا تُرِيدُ
وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه قَالَ: كن وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَدخل ببعضهن وارجأ بَعضهنَّ فَلم يقربن حَتَّى توفّي وَلم ينكحن بعده
مِنْهُنَّ أم شريك فَذَلِك قَوْله
{ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء}
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي زيد رضي الله عنه قَالَ: هم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُطلق من نِسَائِهِ فَلَمَّا رأين ذَلِك أتينه فَقُلْنَ: لَا تخل سبيلنا وَأَنت فِي حل فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك افْرِضْ لنا من نَفسك وَمَالك مَا شئتن فَأنْزل الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} نسْوَة يَقُول: تعزل من تشَاء فارجأ مِنْهُنَّ واوى نسْوَة وَكَانَ مِمَّن أَرْجَى مَيْمُونَة
وَجُوَيْرِية
وَأم حَبِيبَة
وَصفِيَّة
وَسَوْدَة
وَكَانَ يقسم بَينهُنَّ من نَفسه وَمَاله مَا شَاءَ وَكَانَ مِمَّن آوى عَائِشَة
وَحَفْصَة
وَأم سَلمَة
وَزَيْنَب
فَكَانَت قسمته من نَفسه وَمَاله بَينهُنَّ سَوَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب رضي الله عنه فِي قَوْله {ترجي من تشَاء} قَالَ: هَذَا أَمر جعله الله إِلَى نبيه صلى الله عليه وسلم فِي تأديبه نِسَاءَهُ لكَي يكون ذَلِك أقرّ لأعينهن وأرضى فِي عيشتهن وَلم نعلم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ مِنْهُنَّ شَيْئا وَلَا عَزله بعد أَن خيرهن فاخترنه
وَأخرج ابْن سعد عَن ثَعْلَبَة بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: هم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان يُطلق بعض نسائهن فجعلنه فِي حل فَنزلت {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قَالَ: تَعْتَزِل من تشَاء مِنْهُنَّ لَا تَأتيه بِغَيْر طَلَاق {وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} قَالَ: ترده إِلَيْك {وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت} أَن تؤويه إِلَيْك إِن شِئْت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {ترجي} قَالَ: تُؤخر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: لم يكن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُطلق كَانَ يعتزل
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يسْتَأْذن فِي يَوْم الْمَرْأَة منا بعد أَن أنزلت هَذِه الْآيَة {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} فَقلت لَهَا: مَا كنت تَقُولِينَ
قَالَت: كنت أَقُول لَهُ: إِن كَانَ ذَاك إِلَيّ فَإِنِّي لَا أُرِيد ان أوثر عَلَيْك أحدا
- قَوْله تَعَالَى: لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك وَكَانَ الله على كل شَيْء رقيبا
أخرج الْفرْيَابِيّ والدارمي وَابْن سعد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن زِيَاد رضي الله عنه قَالَ: قلت لأبي رضي الله عنه: أَرَأَيْت لَو أَن ازواج النَّبِي صلى الله عليه وسلم متن أما يحل لَهُ أَن يتَزَوَّج قَالَ: وَمَا يمنعهُ من ذَلِك قلت: قَوْله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} فَقَالَ: إِنَّمَا أحل لَهُ ضربا من النِّسَاء وَوصف لَهُ صفة فَقَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْأَحْزَاب الْآيَة 50 إِلَى قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} ثمَّ قَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} هَذِه الصّفة
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أَصْنَاف النِّسَاء إِلَّا مَا كَانَ من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات قَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} فأحل لَهُ الفتيات الْمُؤْمِنَات {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} الْأَحْزَاب الْآيَة 50 وَحرم كل ذَات دين إِلَّا الإِسلام وَقَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْأَحْزَاب الْآيَة 50 إِلَى قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} وَحرم مَا سوى ذَلِك من أَصْنَاف النِّسَاء
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ عِكْرِمَة رضي الله عنه يَقُول {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} هَؤُلَاءِ الَّتِي سمى الله تَعَالَى لَهُ إِلَّا بَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} مَا بيّنت لَك من هَذِه الْأَصْنَاف بَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي فأحل لَهُ من هَذِه الْأَصْنَاف أَن ينْكح مَا شَاءَ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} يهوديات وَلَا نصرانيات لَا يَنْبَغِي أَن يكن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ {إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} قَالَ: هِيَ اليهوديات والنصرانيات لَا بَأْس أَن يَشْتَرِيهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: يَهُودِيَّة وَلَا نصرانيه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: نهي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يتزوّج بعد نِسَائِهِ الأول شَيْئا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: حَبسه الله عَلَيْهِنَّ كَمَا حبسهن عَلَيْهِ
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: لما خيرهن الله فاخترن الله وَرَسُوله قصره عَلَيْهِنَّ فَقَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد}
وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما خير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَزوَاجه اخْترْنَ الله وَرَسُوله فَأنْزل الله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} هَؤُلَاءِ التسع الَّتِي اخترنك فقد حرم عَلَيْك تَزْوِيج غَيْرهنَّ
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن ام سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: لم يمت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أحل الله لَهُ أَن يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ إِلَّا ذَات محرم وَذَلِكَ قَول الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَطاء عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: لم يمت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أحل الله لَهُ أَن يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ إِلَّا ذَات محرم لقَوْله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء}
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس
مثله
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام فِي قَوْله
{لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: حبس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على نِسَائِهِ فَلم يتَزَوَّج بعدهن
وَأخرج ابْن سعد عَن سُلَيْمَان بن يسَار رضي الله عنه قَالَ: لما تزوج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الكندية وَبعث فِي العامريات ووهبت لَهُ أم شريك رضي الله عنها نَفسهَا قَالَت أَزوَاجه: لَئِن تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم الغرائب مَاله فِينَا من حَاجَة فَأنْزل الله تَعَالَى حبس النَّبِي صلى الله عليه وسلم على أَزوَاجه وَأحل لَهُ من بَنَات الْعم والعمة وَالْخَال وَالْخَالَة مِمَّن هَاجر مَا شَاءَ وَحرم عَلَيْهِ مَا سوى ذَلِك إِلَّا مَا ملكت الْيَمين غير الْمَرْأَة المؤمنة الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي أم شريك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ذَر رضي الله عنه {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: من المشركات إِلَّا مَا سبيت فملكته يَمِينك
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ الْبَدَل فِي الْجَاهِلِيَّة أَن يَقُول الرجل: تنزل لي عَن امْرَأَتك وَأنزل لَك من امْرَأَتي فَأنْزل الله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ} قَالَ: فَدخل عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعِنْده عَائِشَة بِلَا اذن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَيْن الاسْتِئْذَان قَالَ: يَا رَسُول الله مَا اسْتَأْذَنت على رجل من الْأَنْصَار مُنْذُ أدْركْت ثمَّ قَالَ: من هَذِه الْحُمَيْرَاء إِلَى جَنْبك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَذِه عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَ: أَفلا أنزل لَك عَن أحسن الْخلق قَالَ: يَا عُيَيْنَة إِن الله حرم ذَلِك
فَلَمَّا ان خرج قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: من هَذَا قَالَ: أَحمَق مُطَاع وَأَنه على مَا تَرين لسَيِّد فِي قومه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُول الرجل للرجل الآخر وَله امْرَأَة جميلَة: تبادل امْرَأَتي بامرأتك وَأَزِيدك إِلَى مَا ملكت يَمِينك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن شَدَّاد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: ذَلِك لَو طلقهن لم
يحل لَهُ أَن يسْتَبْدل وَقد كَانَ ينْكح بعد مَا نزلت هَذِه الْآيَة مَا شَاءَ قَالَ: وَنزلت وَتَحْته تسع نسْوَة ثمَّ تزوج بعد أم حَبِيبَة رضي الله عنها بنت أبي سُفْيَان وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن زيد عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: قصره الله على نِسَائِهِ التسع اللَّاتِي مَاتَ عَنْهُن قَالَ عَليّ: فاخبرت عَليّ بن الْحُسَيْن رضي الله عنه فَقَالَ: لَو شَاءَ تزوج غَيْرهنَّ وَلَفظ عبد بن حميد فَقَالَ: بل كَانَ لَهُ أَيْضا أَن يتَزَوَّج غَيْرهنَّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: كَانَ يَوْمئِذٍ يتَزَوَّج مَا شَاءَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَكَانَ الله على كل شَيْء رقيبا} أَي حفيظا
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم إِلَى طَعَام غير ناظرين إناه وَلَكِن إِذا دعيتم فادخلوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشرُوا وَلَا مستأنسين لحَدِيث إِن ذَلِكُم كَانَ يُؤْذِي النَّبِي فيستحي مِنْكُم وَالله لَا يستحي من الْحق وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب ذَلِكُم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله وَلَا أَن تنْكِحُوا أَزوَاجه من بعده أبدا إِن ذَلِكُم كَانَ عِنْد الله عَظِيما إِن تبدوا شَيْئا أَو تُخْفُوهُ فَإِن الله بِكُل شَيْء عليما
أخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه: يَا رَسُول الله يدْخل عَلَيْك الْبر والفاجر فَلَو أمرت أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بالحجاب فَأنْزل الله آيَة الْحجاب
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: لما تزوج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زَيْنَب بنت جحش رضي الله عنها دَعَا الْقَوْم فطعموا ثمَّ جَلَسُوا يتحدثون وَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ يتهيأ للْقِيَام فَلم يقومُوا فَلَمَّا رأى ذَلِك قَامَ فَلَمَّا قَامَ قَامَ من قَامَ وَقعد ثَلَاثَة نفر فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم ليدْخل فَإِذا الْقَوْم جُلُوس ثمَّ إِنَّهُم قَامُوا فَانْطَلَقت فَجئْت فاخبرت النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنهم قد انْطَلقُوا فجَاء حَتَّى دخل فَذَهَبت أَدخل فَألْقى الْحجاب بيني وَبَينه فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي}
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأتى بَاب امْرَأَة عرس بهَا فَإِذا عِنْدهَا قوم فَانْطَلق فَقضى حَاجته فَرجع وَقد خَرجُوا فَدخل وَقد أرْخى بيني وَبَينه سترا فَذَكرته لأبي طَلْحَة فَقَالَ: لَئِن كَانَ كَمَا تَقول لينزلن فِي هَذَا شَيْء
فَنزلت آيَة الْحجاب
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس رضي الله عنه قَالَ كنت أَدخل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِغَيْر إِذن فَجئْت يَوْمًا لأدخل فَقَالَ عَليّ: مَكَانك يَا بني إِنَّه قد حدث بعْدك أَمر لَا تدخل علينا إِلَّا بِإِذن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ دخل رجل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فاطال الْجُلُوس فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مرَارًا كي يتبعهُ وَيقوم فَلم يفعل فَدخل عمر رضي الله عنه فَرَأى الرجل وَعرف الْكَرَاهِيَة فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَنظر إِلَى الرجل المقعد فَقَالَ: لَعَلَّك آذيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَفطن الرجل فَقَامَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لقد قُمْت مرَارًا كي يَتبعني فَلم يفعل فَقَالَ عمر رضي الله عنه: لَو اتَّخذت حِجَابا فَإِن نِسَاءَك لسن كَسَائِر النِّسَاء وَهُوَ أطهر لقلوبهن
فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي}
فَأرْسل إِلَى عمر رضي الله عنه فَأخْبرهُ بذلك
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة
رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كنت آكل مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم طَعَاما فِي قَعْب فَمر عمر فَدَعَاهُ فَأكل فاصابت أُصْبُعه أُصْبُعِي فَقَالَ عمر: أوه لَو أطَاع فيكُن مَا رَأَتْكُنَّ عين
فَنزلت آيَة الْحجاب
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل حجاب رَسُول الله فِي عمر
أكل مَعَ النَّبِي طَعَاما فاصاب يَده بعض أَيدي نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأمر بالحجاب
وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: مَا بَقِي أحد أعلم بالحجاب مني وَلَقَد سَأَلَني أبي بن كَعْب رضي الله عنه فَقلت: نزل فِي زَيْنَب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} إِلَى قَوْله {غير ناظرين إناه} قَالَ: غير متحينين طَعَامه {وَلَكِن إِذا دعيتم فادخلوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشرُوا} قَالَ: كَانَ هَذَا فِي بَيت أم سَلمَة رضي الله عنها أكلُوا ثمَّ أطالوا الحَدِيث فَجعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخرج وَيدخل
ويستحي مِنْهُم وَالله لَا يستحي من الْحق {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب} قَالَ: بلغنَا انهم أمرو بالحجاب عِنْد ذَلِك {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن} قَالَ: فَرخص لَهُنَّ أَن لَا يحتجبن من هَؤُلَاءِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا يجيئون فَيدْخلُونَ بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَيَجْلِسُونَ فيتحدثون ليدرك الطَّعَام فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم إِلَى طَعَام غير ناظرين إناه} ليدرك الطَّعَام {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} وَلَا تجلسوا فتحدثوا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {غير ناظرين إناه} قَالَ: الانا: النضيج
يَعْنِي إِذا أدْرك الطَّعَام قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: ينعم ذَاك الانا الغبيك كَمَا ينعم غرب المحالة الْجمل وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يطعم وَمَعَهُ بعض أَصْحَابه فاصابت يَد رجل مِنْهُم يَد عَائِشَة رضي الله عنها فكره ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَنزلت آيَة الْحجاب
وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة رضي الله عنها
ان أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم كن يخْرجن بِاللَّيْلِ إِذا برزن إِلَى المناصع وَهُوَ صَعِيد فيح
وَكَانَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه يَقُول للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: أحجب نِسَاءَك فَلم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فَخرجت سَوْدَة رضي الله عنها بنت زَمعَة لَيْلَة من اللَّيَالِي عشَاء وَكَانَت امْرَأَة طَوِيلَة فناداها عمر رضي الله عنه بِصَوْتِهِ أَلا قد عرفناك يَا سَوْدَة حرصاً على أَن ينزل الْحجاب فَأنْزل الله تَعَالَى الْحجاب
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {غير ناظرين إناه} قَالَ: غير متحينين نضجه {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} بعد أَن تَأْكُلُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {إناه} قَالَ: نضجه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُلَيْمَان بن أَرقم رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} قَالَ: نزلت فِي الثُّقَلَاء
وَأخرج الْخَطِيب عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا إِذا طعموا جَلَسُوا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَجَاء أَن يَجِيء شَيْء فَنزلت {فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشرُوا وَلَا مستأنسين لحَدِيث}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا} قَالَ: أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِنَّ الْحجاب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا} قَالَ: حَاجَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: فضل النَّاس عمر بن الْخطاب رضي الله عنه بِأَرْبَع
بِذكرِهِ الاسارى يَوْم بدر أَمر بِقَتْلِهِم فَأنْزل الله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} الْأَنْفَال الْآيَة 68
وبذكره الْحجاب أَمر نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن
يحتجبن فَقَالَت لَهُ زَيْنَب رضي الله عنها: وانك لَتَغَار علينا يَا ابْن الْخطاب وَالْوَحي ينزل فِي بُيُوتنَا
فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا}
وبدعوة النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أيد الإِسلام بعمر
وبرأيه فِي أبي بكر كَانَ أول النَّاس بَايعه
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا نَهَضَ إِلَى بَيته بادروه فَأخذُوا الْمجَالِس فَلَا يعرف بذلك فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا ببسط يَده إِلَى الطَّعَام مستحياً مِنْهُم فعوتبوا فِي ذَلِك فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي}
وَأخرج ابْن سعد عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: نزل الْحجاب مبتنى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِزَيْنَب بنت جحش رضي الله عنها وَذَلِكَ سنة خمس من الْهِجْرَة وحجب نساؤه من يَوْمئِذٍ وَأَنا ابْن خمس عشرَة
وَأخرج ابْن سعد عَن صَالح بن كيسَان قَالَ: نزل حجاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على نِسَائِهِ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس من الْهِجْرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} قَالَ: نزلت فِي رجل هم أَن يتزوّج بعض نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعده قَالَ سُفْيَان: ذكرُوا أَنَّهَا عَائِشَة رضي الله عنها
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رجل: لَئِن مَاتَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لأَتَزَوَّجَن عَائِشَة
فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ: بلغ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن رجلا يَقُول: إِن توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت فُلَانَة من بعده فَكَانَ ذَلِك يُؤْذِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَنزل الْقُرْآن {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه قَالَ: بلغنَا أَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ: أيحجبنا مُحَمَّد عَن بَنَات عمنَا ويتزوج نِسَاءَنَا من بَعدنَا لَئِن حدث بِهِ حدث لنتزوجن نِسَاءَهُ من بعده
فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ طَلْحَة بن عبيد الله: لَو قبض النَّبِي صلى الله عليه وسلم تزوجت عَائِشَة رضي الله عنها
فَنزلت {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله}
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فِي قَوْله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} قَالَ: نزلت فِي طَلْحَة بن عبيد الله لِأَنَّهُ قَالَ: إِذا توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عَائِشَة رضي الله عنها
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لَو قد مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عَائِشَة
أَو أم سَلمَة
فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله}
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رجلا أَتَى بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فكلمها وَهُوَ ابْن عَمها
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لَا تقومن هَذَا الْمقَام بعد يَوْمك هَذَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّهَا ابْنة عمي وَالله مَا قلت لَهَا مُنْكرا وَلَا قَالَت لي قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: قد عرفت ذَلِك أَنه لَيْسَ أحد أغير من الله وَأَنه لَيْسَ أحد أغير مني فَمضى ثمَّ قَالَ: يَمْنعنِي من كَلَام ابْنة عمي لأَتَزَوَّجَنَّها من بعده فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فاعتق ذَلِك الرجل رَقَبَة وَحمل على عشرَة ابعرة فِي سَبِيل الله وَحج مَاشِيا فِي كَلمته
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس رضي الله عنها قَالَت: خطبني عَليّ رضي الله عنه فَبلغ ذَلِك فَاطِمَة رضي الله عنها فَاتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِن أَسمَاء متزوجة عليا فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ لَهَا أَن تؤذي الله وَرَسُوله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه أَنه قَالَ لامْرَأَته: إِن سرك أَن تَكُونِي زَوْجَتي فِي الْجنَّة فَلَا تتزوجي بعدِي فَإِن الْمَرْأَة فِي الْجنَّة لآخر أزواجها فِي الدُّنْيَا فَلذَلِك حرم أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن ينكحن بعده لِأَنَّهُنَّ أَزوَاجه فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف فِي قَوْله {إِن تبدوا شَيْئا أَو تُخْفُوهُ} قَالَ: ان تتكلموا بِهِ فتقولن: نتزوج فُلَانَة لبَعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو تخفوا ذَلِك فِي أَنفسكُم فَلَا تنطقوا بِهِ يُعلمهُ الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن شهَاب رضي الله عنه قَالَ: بلغنَا أَن الْعَالِيَة بنت ظبْيَان طَلقهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل أَن يحرم نساؤه على النَّاس فنكحت ابْن عَم لَهَا وَولدت فيهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن تبدوا شَيْئا} قَالَ:
مِمَّا يكرههُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم {أَو تُخْفُوهُ فِي أَنفسكُم فَإِن الله كَانَ بِكُل شَيْء عليماً} يَقُول: فَإِن الله يُعلمهُ
- قَوْله تَعَالَى: لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن وَلَا أبنائهن وَلَا إخوانهن وَلَا أَبنَاء إخوانهن وَلَا أَبنَاء أخواتهن وَلَا نسائهن وَلَا مَا ملكت أيمانهن واتقين الله إِن الله كَانَ على كل شَيْء شَهِيدا
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن} حَتَّى بلغ {وَلَا نسائهن} قَالَ: أنزلت هَذِه اآلآية فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة وَقَوله {نسائهن} يَعْنِي نسَاء المسلمات {أَو مَا ملكت أيمانهن} من المماليك والاماء وَرخّص لَهُنَّ أَن يروهن بعد مَا ضرب عَلَيْهِنَّ الْحجاب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن} وَمن ذكر مَعَهُنَّ أَن يروهن يَعْنِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ رضي الله عنه أَنه قيل لَهُ: من كَانَ يدْخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: كل ذِي رحم محرم من نسب أَو رضَاع قيل: فسائر النَّاس قَالَ: كن يحتجبن مِنْهُ حَتَّى إنَّهُنَّ ليكلمنه من وَرَاء حجاب وَرُبمَا كَانَ سترا وَاحِدًا إِلَّا المملوكين والمكاتبين فَإِنَّهُنَّ كن لَا يحتجبن مِنْهُم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ
أَن الْحسن وَالْحُسَيْن رضي الله عنهما كَانَ لَا يريان أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: أَن رُؤْيَتهمَا لَهُنَّ لحل
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: بلغ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما ان عَائِشَة رضي الله عنها احْتَجَبت من الْحسن رضي الله عنه فَقَالَ: إِن رُؤْيَته لَهَا لتحل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ} الْآيَة
قَالَ: لم يذكر الْعم وَالْخَال لانهما ينعتانها لابنائهما
- قَوْله تَعَالَى: إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {يصلونَ} يتبركون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رضي الله عنه قَالَ: صَلَاة الله عَلَيْهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْد الْمَلَائِكَة وَصَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ: الدُّعَاء لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
أَن بني إِسْرَائِيل قَالُوا لمُوسَى عليه السلام: هَل يُصَلِّي رَبك فناداه ربه يَا مُوسَى إِن سألوك هَل يُصَلِّي رَبك فَقل: نعم
أَنا أُصَلِّي وملائكتي على أنبيائي ورسلي فَأنْزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِن الله وَمَلَائِكَته} الْآيَة
قَالَ: لما نزلت جعل النَّاس يهنؤنه بِهَذِهِ الْآيَة وَقَالَ أبي بن كَعْب: مَا أنزل فِيك خيرا إِلَّا خلطنا بِهِ مَعَك إِلَّا هَذِه الْآيَة
فَنزلت {وَبشر الْمُؤمنِينَ} التَّوْبَة الْآيَة 112
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي الْآيَة قَالَ: صَلَاة الله على النَّبِي هِيَ مغفرته
إِن الله لَا يُصَلِّي وَلَكِن يغْفر وَأما صَلَاة النَّاس على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَهِيَ الاسْتِغْفَار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (صلوا عَلَيْهِ كَمَا صلّى عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عجْرَة رضي الله عنه قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} قُلْنَا: يَا رَسُول الله قد علمنَا السَّلَام عَلَيْك فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن جرير عَن يُونُس بن خباب قَالَ: خَطَبنَا بِفَارِس فَقَالَ {إِن الله وَمَلَائِكَته}
الْآيَة
قَالَ: انبأني من سمع ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما يَقُول: هَكَذَا انْزِلْ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله قد علمنَا السَّلَام عَلَيْك فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل ابرهيم إِنَّك حميد مجيد وَارْحَمْ مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا رحمت آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن الله وَمَلَائِكَته} قَالُوا: يَا رَسُول الله هَذَا السَّلَام قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك وَأهل بَيته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل بَيته كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي كثير بن أبي مَسْعُود الانصاري رضي الله عنه قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قَالُوا: يَا رَسُول الله هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك وَقد غفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق من طَرِيق أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ على مُحَمَّد وعَلى أهل بَيته وعَلى أَزوَاجه وَذريته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى أهل بَيته وأزواجه وَذريته كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عجْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله أما السَّلَام عَلَيْك فقد علمناه فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى إِذا صلى علينا أهل الْبَيْت فَلْيقل: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي وأزواجه وَذريته وَأهل بَيته كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن عدي عَن عَليّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى إِذا صلى علينا أهل الْبَيْت فَلْيقل اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك ورحمتك على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته وَأُمَّهَات الْمُؤمنِينَ كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج الدَّارقطني فِي الْأَفْرَاد وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رجل فَسلم فَرد النَّبِي صلى الله عليه وسلم واطلق وَجهه وَأَجْلسهُ إِلَى جنبه فَلَمَّا قضى الرجل حَاجته نَهَضَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا بكر هَذَا رجل يرفع لَهُ كل يَوْم كعمل أهل الأَرْض قلت: وَلم ذَاك قَالَ: إِنَّه كلما أصبح صلى عَليّ عشر مَرَّات كَصَلَاة الْخلق أجمع قلت: وَمَا ذَاك قَالَ: يَقُول: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي عدد من صلى عَلَيْهِ من خلقك وصل على مُحَمَّد النَّبِي كَمَا يَنْبَغِي لنا أَن نصلي عَلَيْهِ وصل على مُحَمَّد النَّبِي كَمَا أمرتنا أَن نصلي عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي عَاصِم والهيثم بن كُلَيْب الشَّاشِي وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ: قلت يَا رَسُول الله كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد
وَأخرج ابْن جرير عَن طَلْحَة بن عبيد الله رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: سَمِعت الله يَقُول {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب بن عجْرَة رضي الله عنه قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي}
قُمْت إِلَيْهِ فَقلت: السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ
فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك يَا رَسُول الله قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيدوبارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد علمناه فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم
وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه
انهم سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَيفَ نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت وباركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد
وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه
أَن بشير بن سعد قَالَ: يَا رَسُول الله أمرنَا الله أَن نصلي عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك فَسكت حَتَّى تمنينا أَنا لم نَسْأَلهُ ثمَّ قَالَ قُولُوا الله صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد
وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم
وَأخرج مَالك وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ رضي الله عنه
أَنهم قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله قد علمنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك وبركاتك على آل مُحَمَّد كَمَا جَعلتهَا على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: إِذا قَالَ الرجل فِي الصَّلَاة {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي}
فَليصل عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو
أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أما السَّلَام عَلَيْك فقد عَرفْنَاهُ فَكيف نصلي عَلَيْك إِذا نَحن صلينَا عَلَيْك فِي صَلَاتنَا فَصمت النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَالَ إِذا أَنْتُم صليتم عليَّ فَقولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: يتَشَهَّد الرجل ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ يَدْعُو لنَفسِهِ
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيّمَا رجل مُسلم لم يكن عِنْده صَدَقَة فَلْيقل فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك وصل على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُسْلِمين وَالْمُسلمَات فَإِنَّهَا لَهُ زَكَاة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم وترحم على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا ترحمت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم
شهِدت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِالشَّهَادَةِ وشفعت لَهُ
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أنس وَمَالك بن أَوْس بن الْحدثَان
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن جِبْرِيل عليه السلام جَاءَنِي فَقَالَ: من صلى عَلَيْك وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أنس بن مَالك رَضِي الله
عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من صلى عليَّ صَلَاة وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشر صلوَات وَحط عَنهُ عشر خطيآت
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من صل عليَّ صَلَاة وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رقي الْمِنْبَر فَلَمَّا رقي الدرجَة الأولى قَالَ آمين ثمَّ رقي الثَّانِيَة فَقَالَ: آمين ثمَّ رقي الثَّالِثَة فَقَالَ: آمين
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله سمعناك تَقول آمين ثَلَاث مَرَّات قَالَ: لما رقيت الدرجَة الأولى جَاءَنِي جِبْرِيل فَقَالَ شقي عبد أدْرك رَمَضَان فانسلخ مِنْهُ وَلم يغْفر لَهُ فَقلت آمين
ثمَّ قَالَ: شقي عبد أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فَلم يدْخلَاهُ الْجنَّة فَقلت آمين
ثمَّ قَالَ: شقي عبد ذكرت عِنْده وَلم يصل عَلَيْك فَقلت آمين
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أبي خَارِجَة رضي الله عنه قَالَ: قلت يَا رَسُول الله قد علمنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك فَقَالَ صلوا عليَّ واجتهدوا ثمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه
أَن رهطاً من الْأَنْصَار قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم
فَقَالَ فَتى من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله من آل مُحَمَّد قَالَ: كل مُؤمن
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله قد علمنَا كَيفَ نسلم عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَل
صلواتك ورحمتك وبركاتك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا جَعلتهَا على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّكُم تعرضون عليَّ بأسمائكم ومسماكم فاحسنوا الصَّلَاة عليَّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد عَن أبي طَلْحَة رضي الله عنه قَالَ: دخلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَوَجَدته مَسْرُورا فَقلت: يَا رَسُول الله مَا أَدْرِي مَتى رَأَيْتُك أحسن بشرا وَأطيب نفسا من الْيَوْم قَالَ وَمَا يَمْنعنِي وَجِبْرِيل خرج من عِنْدِي السَّاعَة فبشرني أَن لكل عبد صلّى عليَّ صَلَاة يكْتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات ويمحى عَنهُ عشر سيئات وَيرْفَع لَهُ بهَا عشر دَرَجَات ويعرض عَليّ كَمَا قَالَهَا وَيرد عَلَيْهِ بِمثل مَا دَعَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ: أَخْبرنِي يَعْقُوب بن زيد التَّيْمِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ: لَا يُصَلِّي عَلَيْك عبد صَلَاة إِلَّا صلّى عَلَيْهِ عشرا
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَلا أجعَل نصف دعائي لَك قَالَ: إِن شِئْت قَالَ: أَلا أجعَل كل دعائي لَك قَالَ: إِذن يَكْفِيك الله هم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن الْحسن بن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله أَرَأَيْت قَول الله {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قَالَ إِن هَذَا لمن المكتوم وَلَوْلَا أَنكُمْ سَأَلْتُمُونِي عَنهُ مَا أَخْبَرتكُم إِن الله وكل بِي ملكَيْنِ لَا أذكر عِنْد عبد مُسلم فَيصَلي عليَّ إِلَّا قَالَ ذَانك الْملكَانِ: غفر الله لَك وَقَالَ الله وَمَلَائِكَته جَوَابا لِذَيْنِك الْملكَيْنِ: آمين
وَلَا أذكر عِنْد عبد مُسلم فَلَا يُصَلِّي عليّ إِلَّا قَالَ: ذَلِك الْملكَانِ لَا غفر الله لَك وَقَالَ الله وَمَلَائِكَته لِذَيْنِك الْملكَيْنِ: آمين
وَأخرج مُسلم وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صلّى عليَّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عليَّ صَلَاة
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عليَّ صَلَاة
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَخِيل من ذكرت عِنْده فَلم يصل عليَّ
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من نسي الصَّلَاة عليَّ اخطأ طَرِيق الْجنَّة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة فَإِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا اجْتمع قوم ثمَّ تفَرقُوا عَن غير ذكر الله وَصَلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَامُوا عَن أنتن جيفة
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي عَاصِم وَأَبُو بكر فِي الغيلانيات وَالْبَغوِيّ فِي الجعديات وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والضياء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يجلس قوم مَجْلِسا لَا يصلونَ فِيهِ على النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم حسرة وَإِن دخلُوا الْجنَّة لما يرَوْنَ من الثَّوَاب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: رغم أنف امرىء ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك
وَأخرج القَاضِي اسمعيل عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كفى بِهِ شحا أَن يذكرنِي قوم فَلَا يصلونَ عليَّ
وَأخرج الْأَصْفَهَانِي فِي التَّرْغِيب والديلمي عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن أنجاكم يَوْم الْقِيَامَة من أهوالها ومواطنها أَكْثَرَكُم عليَّ فِي دَار الدُّنْيَا صَلَاة إِنَّه قد كَانَ فِي الله وَمَلَائِكَته كِفَايَة وَلَكِن خص الْمُؤمنِينَ بذلك ليثيبهم عَلَيْهِ
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه والأصفهاني عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمحق للخطايا من المَاء الْبَارِد وَالسَّلَام على النَّبِي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرّقاب وَحب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أفضل من مهج الْأَنْفس أَو قَالَ من ضرب السَّيْف فِي سَبِيل الله
وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر رضي الله عنهما وَأبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلوا عليَّ صلى الله عَلَيْكُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبيّ بن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله أَرَأَيْت ان جعلت صَلَاتي كلهَا عَلَيْك قَالَ إِذا يَكْفِيك الله مَا أهمك من دنياك وآخرتك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي طَلْحَة الانصاري رضي الله عنه قَالَ: أصبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا طيب النَّفس يرى فِي وَجهه الْبشر قَالُوا: يَا رَسُول الله أَصبَحت الْيَوْم طيبا يرى فِي وَجهك الْبشر قَالَ أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ: من صلى عَلَيْك من أمتك صَلَاة كتب الله لَهُ بهَا عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيآت وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات ورد عَلَيْهِ مثلهَا
وَفِي لفظ فَقَالَ: أَتَانِي الْملك فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أما يرضيك أَن رَبك يَقُول: إِنَّه لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا وَلَا يسلم عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا سلمت عَلَيْهِ عشرا قَالَ: بلَى
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر وَابْن الْمُنْذر فِي تَارِيخه عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن أقربكم مني يَوْم الْقِيَامَة فِي كل موطن أَكْثَرَكُم عليَّ صَلَاة فِي الدُّنْيَا من صلّى عليَّ يَوْم الْجُمُعَة وَلَيْلَة الْجُمُعَة مائَة مرّة قضى الله لَهُ مائَة حَاجَة سبعين من حوائج الْآخِرَة وَثَلَاثِينَ من حوائج الدُّنْيَا ثمَّ يُوكل الله بذلك ملكا يدْخلهُ فِي قَبْرِي كَمَا يدْخل عَلَيْكُم الْهَدَايَا يُخْبِرنِي بِمن صلّى عليَّ باسمه وَنسبه إِلَى عشرَة فأثبته عِنْدِي فِي صحيفَة بَيْضَاء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صلّى عليَّ عِنْد قَبْرِي سمعته وَمن صلّى عليَّ نَائِيا كفى أَمر دُنْيَاهُ وآخرته وَكنت لَهُ شَهِيدا وشفيعاً يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكْثرُوا الصَّلَاة عليَّ يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهَا معروضة عليّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى عَن عَامر بن ربيعَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صلّى عليَّ صَلَاة صلّى الله عَلَيْهِ عشرا فَأَكْثرُوا أَو أقلوا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
أَنه كَانَ إِذا صلى على النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ تقبل شَفَاعَة مُحَمَّد الْكُبْرَى وارفع دَرَجَته الْعليا وأعطه سؤله فِي الْآخِرَة وَالْأولَى كَمَا آتيت إِبْرَاهِيم ومُوسَى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: إِذا صليتم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأحْسنُوا الصَّلَاة عَلَيْهِ فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِك يعرض عَلَيْهِ
قَالُوا: فَعلمنَا
قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد الْمُرْسلين وَإِمَام الْمُتَّقِينَ وَخَاتم النَّبِيين مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك إِمَام الْخَيْر وقائد الْخَيْر وَرَسُول الرَّحْمَة اللَّهُمَّ ابعثه مقَاما مَحْمُودًا يغبطه بِهِ الأوّلون وَالْآخرُونَ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله قد عرفنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأبلغه دَرَجَة الْوَسِيلَة من الْجنَّة اللَّهُمَّ اجْعَل فِي المصطفين محبته وَفِي المقربين مودته وَفِي عليين ذكره وداره وَالسَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: زَينُوا مجالسكم بِالصَّلَاةِ على النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن زيد بن وهب قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: يَا زيد بن وهب لَا تدع إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة أَن تصلي على النَّبِي ألف مرّة تَقول: اللَّهُمَّ صل على النَّبِي الْأُمِّي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْقَاضِي اسمعيل وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ صلوا على أَنْبيَاء الله وَرُسُله فَإِن الله بَعثهمْ كَمَا بَعَثَنِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْقَاضِي اسمعيل وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لَا تصلح الصَّلَاة على أحد إِلَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَكِن يدعى للْمُسلمين وَالْمُسلمَات بالاستغفار
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن حميدة قَالَت: أوصت لنا عَائِشَة رضي الله عنها بمتاعها فَكَانَ فِي مصحفها {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} وَالَّذين يصفونَ الصُّفُوف الأول
- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأعد لَهُم عذَابا مهينا
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي الَّذين طعنوا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين أَخذ صَفِيَّة بنت حَيّ رضي الله عنها
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أنزلت فِي عبد الله بن أبي وناس مَعَه قذفوا عَائِشَة رضي الله عنها فَخَطب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ من يعذرني فِي رجل يُؤْذِينِي وَيجمع فِي بَيته من يُؤْذِينِي فَنزلت
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: جَاءَ رجل من أهل الشَّام فسب عليا رضي الله عنه عِنْد ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فَحَصَبه ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَقَالَ: يَا عدوّ الله آذيت رَسُول الله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} لَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَيا لآذيته
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} قَالَ: آذوا الله فِيمَا يدعونَ مَعَه وآذوا رَسُول الله قَالُوا: إِنَّه سَاحر مَجْنُون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله} قَالَ: أَصْحَاب التصاوير
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول فِيمَا يروي عَن ربه عز وجل شَتَمَنِي ابْن آدم وَلم يَنْبغ لَهُ أَن يَشْتمنِي وَكَذبَنِي وَلم يَنْبغ لَهُ أَن يكذبنِي فَأَما شَتمه إيَّايَ فَقَوله {اتخذ الله ولدا} الْبَقَرَة الْآيَة 116 وَأَنا الْأَحَد الصَّمد وَأما تَكْذِيبه إيَّايَ فَقَوله: لن يُعِيدنِي كَمَا بَدَأَنِي
قَالَ قَتَادَة: إِن كَعْبًا رضي الله عنه كَانَ يَقُول: يخرج يَوْم الْقِيَامَة عنق من النَّار فَيَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي وكلت مِنْكُم بِثَلَاث بِكُل عَزِيز كريم وَبِكُل جَبَّار عنيد وبمن دَعَا مَعَ الله إِلَهًا آخر فيلتقطهم كَمَا يلتقط الطير الْحبّ من الأَرْض فتنطوي عَلَيْهِم فَتدخل النَّار فَتخرج عنق أُخْرَى فَتَقول: يَا أَيهَا النَّاس أَنِّي وكلت مِنْكُم بِثَلَاثَة
بِمن كذب الله وَكذب على الله وآذى الله فَأَما من كذب الله فَمن زعم أَن الله لَا يَبْعَثهُ بعد الْمَوْت وَأما من كذب على الله فَمن زعم أَن الله يتَّخذ ولدا وَأما من آذَى الله: فَالَّذِينَ يصورون وَلَا يحيون
فتلقطهم كَمَا تلقط الطير الْحبّ من الأَرْض فتنطوي عَلَيْهِم فَتدخل النَّار
- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثما مُبينًا
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ: يقعون {بِغَيْر مَا اكتسبوا} يَقُول: بِغَيْر مَا علمُوا {فقد احتملوا بهتاناً} قَالَ: إِثْمًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: يلقى الجرب على أهل النَّار فيحكون حَتَّى تبدو الْعِظَام فَيَقُولُونَ: رَبنَا بِمَ أَصَابَنَا هَذَا فَيُقَال: بأذاكم الْمُسلمين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي
الْآيَة قَالَ: إيَّاكُمْ وأذى الْمُؤمنِينَ فَإِن الله يحوطهم ويغضب لَهُم وَقد زَعَمُوا أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَهَا ذَات يَوْم فأفزعه ذَلِك حَتَّى ذهب إِلَى أُبي بن كَعْب رضي الله عنه فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذر إِنِّي قَرَأت آيَة من كتاب الله تَعَالَى فَوَقَعت مني كل موقع {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَالله إِنِّي لأعاقبهم وأضربهم فَقَالَ لَهُ: إِنَّك لست مِنْهُم إِنَّمَا أَنْت معلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ: إِنِّي لأبغض فلَانا فَقيل للرجل: مَا شَأْن عمر رضي الله عنه يبغضك فَلَمَّا أَكثر الْقَوْم فِي الذّكر جَاءَ فَقَالَ: يَا عمر أفتقت فِي الإِسلام فتقاً قَالَ: لَا
قَالَ: فجنيت جِنَايَة قَالَ: لَا
قَالَ: أحدثت حَدثا قَالَ: لَا
قَالَ: فعلام تبغضني وَقد قَالَ الله {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مُبينًا} فقد آذيتني فَلَا غفرها الله لَك
فَقَالَ عمر رضي الله عنه: صدق وَالله مَا فتق فتقاً وَلَا وَلَا فاغفرها لي فَلم يزل بِهِ حَتَّى غفرها لَهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عمر رضي الله عنهما {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} إِلَى قَوْله {وإثماً مُبينًا} قَالَ: فَكيف بِمن أحسن إِلَيْهِم يُضَاعف لَهُم الْأجر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن يسر رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ منَّا ذُو حسد وَلَا نميمة وَلَا خِيَانَة وَلَا إهانة ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه أَي الرِّبَا أربى عِنْد الله قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أربى الرِّبَا عِنْد الله استحلال عرض امرىء مُسلم ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا}
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما
أخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: خرجت سَوْدَة رضي الله عنها بعد مَا ضرب الْحجاب لحاجتها وَكَانَت امْرَأَة جسيمة لَا تخفى على من يعرفهَا فرآها عمر رضي الله عنه فَقَالَ: يَا سَوْدَة إِنَّك وَالله مَا تخفين علينا فانظري كَيفَ تخرجين فَانْكَفَأت رَاجِعَة وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي وَإنَّهُ ليتعشى وَفِي يَده عِرْقٌ فَدخلت وَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنِّي خرجت لبَعض حَاجَتي فَقَالَ لي عمر رضي الله عنه: كَذَا
كَذَا
فَأُوحي إِلَيْهِ ثمَّ رفع عَنهُ وان العِرْقَ فِي يَده فَقَالَ: إِنَّه قد أذن لَكِن ان تخرجن لحاجتكن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَ نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخْرجن بِاللَّيْلِ لحاجتهن وَكَانَ نَاس من الْمُنَافِقين يتعرضون لَهُنَّ فيؤذين فَقيل: ذَلِك لِلْمُنَافِقين فَقَالُوا: إِنَّمَا نفعله بالإِماء
فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين} فَأمر بذلك حَتَّى عرفُوا من الأماء
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح رضي الله عنه قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة على غير منزل فَكَانَ نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم وغيرهن إِذا كَانَ اللَّيْل خرجن يقضين حوائجهن وَكَانَ رجال يَجْلِسُونَ على الطَّرِيق للغزل فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك}
يَعْنِي بالجلباب حَتَّى تعرف الْأمة من الْحرَّة
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رجل من الْمُنَافِقين يتَعَرَّض لِنسَاء الْمُؤمنِينَ يؤذيهن فَإِذا قيل لَهُ قَالَ: كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تَعَالَى أَن يخالفن زِيّ الأماء ويدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن تخمر وَجههَا إِلَّا إِحْدَى عينيها {ذَلِك أدنى أَن يعرفن} يَقُول: ذَلِك أَحْرَى أَن يعرفن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: أَمر الله نسَاء الْمُؤمنِينَ إِذا خرجن من بُيُوتهنَّ فِي حَاجَة أَن يغطين وجوههن من فَوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا وَاحِدَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ام سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: لما نزلت هَذِه الْآيَة {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} خرج نسَاء الْأَنْصَار كَأَن على رؤوسهن الْغرْبَان من أكسيه سود يلبسنها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه لَا يدع فِي خِلَافَته أمة تقنع وَيَقُول: إِنَّمَا القناع للحرائر لكيلا يؤذين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: رأى عمر رضي الله عنه جَارِيَة مقنعة فضربها بدرته وَقَالَ: القي القناع لَا تشبهين بالحرائر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: رحم الله نسَاء الْأَنْصَار لما نزلت {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ}
شققْنَ مُرُوطهنَّ
فاعتجرن بهَا فصلين خلف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّمَا على رؤوسهن الْغرْبَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن شهَاب رضي الله عنه أَنه قيل لَهُ: الْأمة تزوج فتخمر قَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} فَنهى الله الاماء أَن يتشبهن بالحرائر
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة رضي الله عنه عَن هَذِه الْآيَة {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} فَرفع ملحفة كَانَت عَلَيْهِ فقنع بهَا وغطى رَأسه كُله حَتَّى بلغ الحاجبين وغطى وَجهه وَأخرج عينه الْيُسْرَى من شقّ وَجهه الْأَيْسَر مِمَّا يَلِي الْعين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: أَخذ الله عَلَيْهِنَّ إِذا خرجن أَن يعدنها على الحواجب {ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين} قَالَ: قد كَانَت الْمَمْلُوكَة يتناولونها فَنهى الله الْحَرَائِر يتشبهن بالاماء
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: كن النِّسَاء يخْرجن إِلَى الجبابين لقَضَاء حوائجهن فَكَانَ الْفُسَّاق يتعرضون لَهُنَّ فيؤذونهن فأمرهن الله أَن يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن حَتَّى تعلم الْحرَّة من الْأمة
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة ان دعارا من دعار أهل الْمَدِينَة كَانُوا يخرجُون بِاللَّيْلِ فَيَنْظُرُونَ النِّسَاء ويغمزونهن وَكَانُوا لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك بالحرائر إِنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِك بالإِماء فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي الْآيَة قَالَ:
كَانَت الْحرَّة تلبس لِبَاس الْأمة فَأمر الله نسَاء الْمُؤمنِينَ أَن يدنين عَلَيْهِم من جلابيبهن وَأدنى الجلباب: أَن تقنع وتشده على جبينها
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين} قَالَ: أماؤكن بِالْمَدِينَةِ يتَعَرَّض لَهُنَّ السُّفَهَاء فيؤذين فَكَانَت الْحرَّة تخرج فيحسب أَنَّهَا أمة فتؤذى فأمرهن الله أَن يدنين عَلَيْهِم من جلابيبهن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أنَاس من فساق أهل الْمَدِينَة بِاللَّيْلِ حِين يخْتَلط الظلام يأْتونَ إِلَى طرق الْمَدِينَة فيتعرضون للنِّسَاء وَكَانَت مسَاكِن أهل الْمَدِينَة ضيقَة فَإِذا كَانَ اللَّيْل خرج النِّسَاء إِلَى الطّرق فيقضين حاجتهن فَكَانَ أُولَئِكَ الْفُسَّاق يتبعُون ذَلِك مِنْهُنَّ فَإِذا رَأَوْا امْرَأَة عَلَيْهَا جِلْبَاب قَالُوا: هَذِه حرَّة فكفوا عَنْهَا وَإِذا رَأَوْا الْمَرْأَة لَيْسَ عَلَيْهَا جِلْبَاب قَالُوا: هَذِه أمة فَوَثَبُوا عَلَيْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: يسدلن عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن
وَهُوَ القناع فَوق الْخمار وَلَا يحل لمسلمة أَن يَرَاهَا غَرِيب إِلَّا أَن يكون عَلَيْهَا القناع فَوق الْخمار وَقد شدت بِهِ رَأسهَا ونحرها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: تدني الجلباب حَتَّى لَا يرى ثغرة نحرها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه فِي قَوْله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: هُوَ الرِّدَاء
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: يتجلببن بهَا فيعلمن أَنَّهُنَّ حرائر فَلَا يعرض لَهُنَّ فَاسق بأذى من قَول وَلَا ريبه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت عبيدا السَّلمَانِي رضي الله عنه عَن قَوْله الله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} فتقنع بملحفة فَغطّى رَأسه وَوَجهه وَأخرج احدى عَيْنَيْهِ
- قَوْله تَعَالَى: لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة لنغرينك بهم ثمَّ لَا يجاورونك فِيهَا إِلَّا قَلِيلا ملعونين أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وقتِّلوا تقتيلا سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلاً
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: إِن أُنَاسًا من الْمُنَافِقين أَرَادوا أَن يظهروا نفاقهم فَنزلت فيهم {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة لنغرينك بهم} لنحرشنك بهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ (الارجاف) الْكَذِب الَّذِي كَانَ يذيعه أهل النِّفَاق وَيَقُولُونَ: قد أَتَاكُم عدد وعدة
وَذكر لنا: إِن الْمُنَافِقين أَرَادوا أَن يظهروا مَا فِي قُلُوبهم من النِّفَاق فأوعدهم الله بِهَذِهِ الْآيَة {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} إِلَى قَوْله {لنغرينك بهم} أَي لنحملك عَلَيْهِم ولنحرشنك بهم فَلَمَّا أوعدهم الله بِهَذِهِ الْآيَة كتموا ذَلِك وأسروه {ثمَّ لَا يجاورونك فِيهَا إِلَّا قَلِيلا} أَي بِالْمَدِينَةِ {ملعونين} قَالَ: على كل حَال {أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وَقتلُوا تقتيلاً} قَالَ: إِذا هم أظهرُوا النِّفَاق {سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} يَقُول: هَكَذَا سنة الله فيهم إِذا أظهرُوا النِّفَاق
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رضي الله عنه فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: يَعْنِي الْمُنَافِقين بأعيانهم {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} شكّ
يَعْنِي الْمُنَافِقين أَيْضا
وَأخرج ابْن سعد عَن عبيد بن حنين رضي الله عنه فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: عرف الْمُنَافِقين بأعيانهم {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة} هم المُنَافِقُونَ جَمِيعًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوس رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي بعض أُمُور النِّسَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة رضي الله عنه عَن قَول الله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: أَصْحَاب الْفَوَاحِش
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رضي الله عنه فِي قَوْله {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: أَصْحَاب الْفَوَاحِش
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رضي الله عنه فِي قَوْله {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: كَانُوا مُؤمنين وَكَانَ فِي أنفسهم أَن يزنوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: كَانَ النِّفَاق على ثَلَاثَة وُجُوه
نفاق مثل نفاق عبد الله بن أُبي بن سلول
ونفاق مثل نفاق عبد الله بن نَبْتَل وَمَالك بن داعس فَكَانَ هَؤُلَاءِ وُجُوهًا من وُجُوه الْأَنْصَار فَكَانُوا يستحبون أَن يَأْتُوا الزِّنَا يصونون بذلك أنفسهم {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: الزِّنَا إِن وجدوه عملوه وَإِن لم يجدوه لم يبتغوه
ونفاق يكابرون النِّسَاء مُكَابَرَة وهم هَؤُلَاءِ الَّذين كَانُوا يكابرون النِّسَاء {لَنُغْرِيَنَّكَ بهم} يَقُول: لَنُعلِّمَنَّك بهم ثمَّ قَالَ {ملعونين} ثمَّ فَصله فِي الْآيَة {أَيْنَمَا ثقفوا} يعْملُونَ هَذَا الْعَمَل مُكَابَرَة النِّسَاء {أخذُوا وَقتلُوا تقتيلاً} قَالَ: السّديّ رضي الله عنه: هَذَا حكم فِي الْقُرْآن لَيْسَ يعْمل بِهِ
لَو أَن رجلا أَو أَكثر من ذَلِك اقتصوا أثر امْرَأَة فغلبوها على نَفسهَا فَفَجَرُوا بهَا كَانَ الحكم فيهم غير الْجلد وَالرَّجم
ان يؤخذوا فَتضْرب أَعْنَاقهم {سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} كَذَلِك كَانَ يفعل بِمن مضى من الْأُمَم {وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلاً} قَالَ: فَمن كَابر امْرَأَة على نَفسهَا فغلبها فَقتل فَلَيْسَ على قَاتله دِيَة لِأَنَّهُ مكابر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لنغرينك بهم} قَالَ: لنسلطنك عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رضي الله عنه فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: لَا أعلم أغري بهم حَتَّى مَاتَ
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ
لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {لنغرينك بهم} قَالَ: لنولعنك قَالَ الْحَارِث بن حلزة: لَا تخلنا على غرائك انا قَلما قد رشى بِنَا الْأَعْدَاء
- قَوْله تَعَالَى: يَسْأَلك النَّاس عَن السَّاعَة قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد الله وَمَا يدْريك لَعَلَّ السَّاعَة تكون قَرِيبا إِن الله لعن الْكَافرين وَأعد لَهُم سعيرا خَالِدين فِيهَا أبدا لَا يَجدونَ وليا وَلَا نَصِيرًا يَوْم تقلب وُجُوههم فِي النَّار يَقُولُونَ ياليتنا أَطعْنَا الله وأطعنل الرسولا
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رضي الله عنه قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وَمَا يدْريك} فَلم يُخبرهُ بِهِ وَمَا كَانَ {مَا أَدْرَاك} فقد أخبرهُ
- قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا رَبنَا إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا رَبنَا آتهم ضعفين من الْعَذَاب والعنهم لعنا كَبِيرا
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {رَبنَا إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا} أَي رؤوسنا فِي الشَّرّ والشرك {رَبنَا آتهم ضعفين من الْعَذَاب} يَعْنِي بذلك جَهَنَّم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {سادتنا وكبراءنا} قَالَ: مِنْهُم أَبُو جهل بن هِشَام
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرف عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن مُوسَى عليه السلام كَانَ رجلا حيياً ستيراً لَا يرى من جلده شَيْء استحياء مِنْهُ فأذاه من أَذَاهُ من بني إِسْرَائِيل وَقَالُوا مَا يسْتَتر هَذَا السّتْر إِلَّا من عيب بجلده
إِمَّا برص وَإِمَّا أدرة وَإِمَّا آفَة وَإِن الله أَرَادَ أَن يُبرئهُ مِمَّا قَالُوا وان مُوسَى عليه السلام خلا يَوْمًا وَحده فَوضع ثِيَابه على حجر ثمَّ اغْتسل فَلَمَّا فرغ أقبل إِلَى ثِيَابه ليأخذها وَإِن الْحجر عدا بِثَوْبِهِ فَأخذ مُوسَى عليه السلام عَصَاهُ وَطلب الْحجر فَجعل يَقُول: ثوبي حجر ثوبي حجر حَتَّى انْتهى إِلَى مَلأ من بني إِسْرَائِيل فرأوه عُريَانا أحسن مَا خلق الله وأبرأه مِمَّا يَقُولُونَ وَقَامَ الْحجر فَأخذ ثَوْبه فلبسه وطفق بِالْحجرِ ضربا بعصاه فوَاللَّه إِن بِالْحجرِ لندباً من أثر ضربه
ثَلَاثًا
أَو أَرْبعا أَو خمْسا
فَذَلِك قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا}
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وة عَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ مُوسَى رجلا حيياً وَإنَّهُ أَتَى ليغتسل فَوضع ثِيَابه على صَخْرَة وَكَانَ لَا يكَاد تبدو عَوْرَته فَقَالَت بَنو إِسْرَائِيل: إِن مُوسَى عليه السلام آدر بِهِ آفَة - يعنون أَنه لَا يضع ثِيَابه - فاحتملت الصَّخْرَة ثِيَابه حَتَّى صَارَت بحذاء مجَالِس بني إِسْرَائِيل فنظروا إِلَى مُوسَى عليه السلام كأحسن الرِّجَال فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً}
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن مُوسَى بن عمرَان كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يدْخل المَاء لم يلق ثَوْبه حَتَّى يواري عَوْرَته فِي المَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى} قَالَ: قَالَ لَهُ قومه: إِنَّه آدر
فَخرج ذَات يَوْم يغْتَسل فَوضع ثِيَابه على صَخْرَة فَخرجت الصَّخْرَة تشتد بثيابه فَخرج مُوسَى عليه السلام يتبعهَا عُريَانا حَتَّى انْتَهَت بِهِ إِلَى مجَالِس بني إِسْرَائِيل فرأوه وَلَيْسَ بآدر فَذَلِك قَوْله {فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً}
وَأخرج ابْن منيع وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فِي قَوْله {لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى} قَالَ: صعد مُوسَى وَهَارُون الْجَبَل فَمَاتَ هَارُون عليه السلام فَقَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى عليه السلام: أَنْت قتلته كَانَ أَشد حبا لنا مِنْك وألين فآذوه من ذَلِك فَأمر الله الْمَلَائِكَة عليهم السلام فَحَملته فَمروا بِهِ على مجَالِس بني إِسْرَائِيل وتكلمت الْمَلَائِكَة عليهم السلام بِمَوْتِهِ فبرأه الله من ذَلِك فَانْطَلقُوا بِهِ فدفنوه وَلم يعرف قَبره إِلَّا الرخم وان الله جعل أَصمّ أبكم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق السّديّ رضي الله عنه عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَعَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه وناس من الصَّحَابَة
أَن الله أوحى إِلَى مُوسَى عليه السلام: إِنِّي متوفِ هَارُون فَائت بِهِ جبل كَذَا وَكَذَا
فَانْطَلقَا نَحْو الْجَبَل فَإِذا هم بشجرة وَبَيت فِيهِ سَرِير عَلَيْهِ فرش وريح طيب فَلَمَّا نظر هَارُون عليه السلام إِلَى ذَلِك الْجَبَل وَالْبَيْت وَمَا فِيهِ أعجبه قَالَ: يَا مُوسَى إِنِّي أحب أَن أَنَام على هَذَا السرير قَالَ: نم عَلَيْهِ قَالَ: نم معي
فَلَمَّا نَامَا أَخذ هَارُون عليه السلام الْمَوْت فَلَمَّا قبض رفع ذَلِك الْبَيْت وَذَهَبت تِلْكَ الشَّجَرَة وَرفع السرير إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى عليه السلام إِلَى بني إِسْرَائِيل قَالُوا: قتل هَارُون عليه السلام وحسده حب بني إِسْرَائِيل لَهُ وَكَانَ هَارُون عليه السلام أكف عَنْهُم وألين لَهُم وَكَانَ مُوسَى عليه السلام فِيهِ بعض الغلظة عَلَيْهِم فَلَمَّا بلغه ذَلِك قَالَ: وَيحكم انه كَانَ أخي أفتروني أَقتلهُ فَلَمَّا أَكْثرُوا عَلَيْهِ قَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا الله فَنزلت الْمَلَائِكَة بالسرير حَتَّى نظرُوا إِلَيْهِ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فصدقوه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا} قَالَ: لَا تُؤْذُوا مُحَمَّدًا كَمَا آذَى قوم مُوسَى
مُوسَى
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: قسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قسما فَقَالَ رجل: إِن هَذِه لقسمة مَا أُرِيد بهَا وَجه الله فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فاحمر وَجهه ثمَّ قَالَ رَحْمَة الله على مُوسَى لقد أوذي بِأَكْثَرَ من هَذَا فَصَبر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً} قَالَ: مستجاب الدعْوَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سِنَان عَمَّن حَدثهُ فِي قَوْله {وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً} قَالَ: مَا سَأَلَ مُوسَى عليه السلام ربه شَيْئا قطّ إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه إِلَّا النّظر
- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة الظّهْر ثمَّ قَالَ على مَكَانكُمْ اثبتوا ثمَّ أَتَى الرِّجَال فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن آمركُم أَن تتقوا الله وَأَن تَقولُوا قولا سديداً ثمَّ أَتَى النِّسَاء فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن آمركن أَن تتقين الله وَأَن تقلن قولا سديداً
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن عُرْوَة رضي الله عنه قَالَ: أَكثر مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَر يَقُول {اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: مَا قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَر إِلَّا سمعته يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً}
وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا خطب النَّاس أَو علمهمْ لَا يدع هَذِه الْآيَة أَن يتلوها {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً} إِلَى قَوْله {فقد فَازَ فوزاً عَظِيما}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رضي الله عنه قَالَ: مَا جلس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على هَذَا الْمِنْبَر قطّ إِلَّا تَلا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً}
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {قولا سديداً} قَالَ: قولا عدلا حَقًا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول حَمْزَة بن عبد الْمطلب:
أَمِين على مَا استودع الله قلبه فَإِن قَالَ قولا كَانَ فِيهِ مُسَددًا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَقُولُوا قولا سديداً} قَالَ: صدقا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {قولا سديداً} قَالَ: عدلا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {قولا سديداً} قَالَ: سداداً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَقُولُوا قولا سديداً} قَالَ: قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَقُولُوا قولا سديداً} قَالَ: قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله
- قَوْله تَعَالَى: إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا وَحملهَا الإِنسان إِنَّه كَانَ ظلوماً جهولا ليعذب الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات وَيَتُوب الله على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} الْآيَة
قَالَ: الامانة الْفَرَائِض عرضهَا الله على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال إِن أدُّوها أثابهم وَإِن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذَلِك واشفقوا من غير مَعْصِيّة وَلَكِن تَعْظِيمًا لدين الله أَن لَا يقومُوا بهَا ثمَّ عرضهَا على آدم فقبلها بِمَا فِيهَا
وَهُوَ قَوْله {وَحملهَا الإِنسان إِنَّه كَانَ ظلوماً جهولاً} يَعْنِي غراً بِأَمْر الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: الْأَمَانَة: مَا أمروا بِهِ
ونهوا عَنهُ
وَفِي قَوْله {وَحملهَا الإِنسان} قَالَ: آدم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم قَالَ: إِن الله عرض الْأَمَانَة على السَّمَاء الدُّنْيَا فَأَبت ثمَّ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى فرغ مِنْهَا ثمَّ الأَرْض ثمَّ الْجبَال ثمَّ عرضهَا على آدم عليه السلام فَقَالَ: نعم
بَين أُذُنِي وعاتقي قَالَ الله فَثَلَاث آمُرك بِهن فَإِنَّهُنَّ لَك عون
إِنِّي جعلت لَك بصراً وَجعلت لَك شفرتين ففضهما عَن كل شَيْء نهيتك عَنهُ وَجعلت لَك لِسَانا بَين لحيين فكفه عَن كل شَيْء نهيتك عَنهُ وَجعلت لَك فرجا وواريته فَلَا تكشفه إِلَى مَا حرمت عَلَيْك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَن الله تَعَالَى لما خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال قَالَ إِنِّي فارض فَرِيضَة وخالق جنَّة وَنَارًا وثواباً لمن أَطَاعَنِي وعقاباً لمن عَصَانِي فَقَالَت السَّمَاء: خلقتني فسخرت فيَّ الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والسحاب وَالرِّيح والغيوب فانا مسخرة على مَا خلقتني لَا أتحمل فَرِيضَة وَلَا أبغي ثَوابًا وَلَا عقَابا وَقَالَت الأَرْض خلقتني وسخرتني فجرت فيَّ الْأَنْهَار فأخرجت مني الثِّمَار وخلقتني لما شِئْت فَأَنا مسخرة على مَا خلقتني لَا أتحمل فَرِيضَة وَلَا أبغي ثَوابًا وَلَا عقَابا وَقَالَت الْجبَال: خلقتني رواسي الأَرْض فَأَنا على مَا خلقتني لَا أتحمل فَرِيضَة وَلَا أبغي ثَوابًا وَلَا عقَابا فَلَمَّا خلق الله آدم عرض عَلَيْهِ فَحَمله {إِنَّه كَانَ ظلوماً} ظلمه نَفسه فِي خطيئته {جهولاً} بعاقبة مَا تحمل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: لما خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال عرض الْأَمَانَة عَلَيْهِنَّ فَلم يقبلوها فَلَمَّا خلق آدم عليه السلام عرضهَا عَلَيْهِ قَالَ: يَا رب وَمَا هِيَ قَالَ: هِيَ إِن أَحْسَنت أجرتك وَإِن أَسَأْت عَذَّبْتُك قَالَ: فقد تحملت يَا رب قَالَ: فَمَا كَانَ بَين أَن تحملهَا إِلَى أَن أخرج إِلَّا قدر مَا بَين الظّهْر وَالْعصر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} قَالَ: عرضت على آدم عليه السلام فَقيل: خُذْهَا بِمَا فِيهَا فَإِن أَطَعْت غفرت لَك وَإِن عصيت عَذَّبْتُك قَالَ:
قبلتها بِمَا فِيهَا فَمَا كَانَ إِلَّا قدر مَا بَين الظّهْر إِلَى اللَّيْل من ذَلِك الْيَوْم حَتَّى أصَاب الذَّنب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أَشوع فِي الْآيَة قَالَ عرض عَلَيْهِنَّ الْعَمَل وَجعل لَهُنَّ الثَّوَاب فضججن إِلَى الله ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن فَقُلْنَ: رَبنَا لَا طَاقَة لنا بِالْعَمَلِ وَلَا نُرِيد الثَّوَاب
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن الآزواعي أَن عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه عرض الْعَمَل على مُحَمَّد بن كَعْب فَأبى فَقَالَ لَهُ عمر رضي الله عنه: أتعصي فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي عَن الله تَعَالَى حِين عرض {الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا} هَل كَانَ ذَلِك مِنْهَا مَعْصِيّة قَالَ: لَا
فَتَركه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: إِن الله قَالَ لآدَم عليه السلام إِنِّي عرضت الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَلم تطقها فَهَل أَنْت حاملها بِمَا فِيهَا قَالَ: أَي رب وَمَا فِيهَا قَالَ: إِن حملتها أجرت وَإِن ضيعتها عذبت قَالَ: قد حملتها بِمَا فِيهَا قَالَ: فَمَا عبر فِي الْجنَّة إِلَّا قدر مَا بَين الأولى وَالْعصر حَتَّى أخرجه إِبْلِيس من الْجنَّة قيل للضحاك: وَمَا الْأَمَانَة قَالَ: هِيَ الْفَرَائِض وَحقّ على كل مُؤمن أَن لَا يَغُشَّ مُؤمنا وَلَا معاهداً فِي شَيْء قَلِيل وَلَا كثير فَمن فعل فقد خَان أَمَانَته وَمن انْتقصَ من الْفَرَائِض شَيْئا فقد خَان أَمَانَته
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال} قَالَ: يَعْنِي بِهِ الدّين والفرائض وَالْحُدُود {فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا} قيل لَهُنَّ: أَن تحملنها وتؤدين حَقّهَا
فَقُلْنَا: لَا نطيق ذَلِك {وَحملهَا الإِنسان} قيل لَهُ: أتحملها قَالَ: نعم
قيل: أتؤدي حَقّهَا فَقَالَ: أُطِيق ذَلِك قَالَ الله {إِنَّه كَانَ ظلوماً جهولاً} أَي ظلوماً بهَا جهولاً عَن حَقّهَا {ليعذب الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات} قَالَ: هَذَا اللَّذَان خاناها {وَيَتُوب الله على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ: هَذَا اللَّذَان أدياها {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} قَالَ: الْفَرَائِض
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} قَالَ: الدّين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن زيد بن أسلم رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْأَمَانَة ثَلَاث
الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْغسْل من الْجَنَابَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: من الْأَمَانَة أَن ائتمنت الْمَرْأَة على فرجهَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْوَرع والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أول مَا خلق الله من الإِنسان فرجه ثمَّ قَالَ: هَذِه أمانتي عنْدك فَلَا تضيعها إِلَّا فِي حَقّهَا
فالفرج أَمَانَة والسمع أَمَانَة وَالْبَصَر أَمَانَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَمْرو رضي الله عنه قَالَ: من تَضْييع الْأَمَانَة: النّظر فِي الحجرات والدور
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الا وَمن الْأَمَانَة الا وَمن الْخِيَانَة أَن يحدث الرجل أَخَاهُ بِالْحَدِيثِ فَيَقُول: اكتم عني
فيفشيه
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن من أعظم الْأَمَانَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الرجل يُفْضِي إِلَى امْرَأَته وتفضي إِلَيْهِ ثمَّ ينشر سرها
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ والضياء عَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا حدث الرجل بِالْحَدِيثِ ثمَّ الْتفت فَهِيَ أَمَانَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {ليعذب الله الْمُنَافِقين} قَالَ: هما اللَّذَان ظلماها واللذان خاناها: الْمُنَافِق والمشرك
وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد ضَعِيف عَن الحكم بن عُمَيْر وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن الْأَمَانَة وَالْوَفَاء نزلا على ابْن آدم مَعَ الْأَنْبِيَاء فأرسلوا بِهِ فَمنهمْ رَسُول الله وَمِنْهُم نَبِي وَمِنْهُم نَبِي رَسُول الله وَنزل الْقُرْآن وَهُوَ كَلَام الله وَنزلت الْعَرَبيَّة والعجمية فَعَلمُوا أَمر الْقُرْآن وَعَلمُوا أَمر السّنَن بألسنتهم وَلنْ يدع الله شئيا من أمره مِمَّا يأْتونَ وَمِمَّا يجتنبون وَهِي الْحجَج عَلَيْهِم إِلَّا بيّنت لَهُم فَلَيْسَ أهل لِسَان إِلَّا وهم يعْرفُونَ الْحسن من الْقَبِيح ثمَّ الْأَمَانَة أول شَيْء يرفع وَيبقى أَثَرهَا فِي جذور قُلُوب النَّاس ثمَّ يرفع الْوَفَاء والعهد والذمم وَتبقى الْكتب لعالم يعلمهَا وجاهل يعرفهَا وينكرها وَلَا يحملهَا حَتَّى وصل إليّ وَإِلَى أمتِي فَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك وَلَا يغفله إِلَّا تَارِك والحذر أَيهَا النَّاس وَإِيَّاكُم والوسواس الخناس فَإِنَّمَا يبلوكم أَيّكُم أحسن عملا وَالله أعلم
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم -
سُورَة سبأ
مَكِّيَّة وآياتها أَربع وَخَمْسُونَ
- مُقَدّمَة سُورَة سبأ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه قَالَ: نزلت سُورَة سبأ بِمَكَّة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: سُورَة سبأ مَكِّيَّة
- الْحَمد لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير يعلم مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيم الغفور وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَة قل بلَى وربي لتأتينكم عَالم الْغَيْب لَا يعزب عَنهُ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الأَرْض وَلَا أَصْغَر من ذَلِك وَلَا أكبر إِلَّا فِي كتاب مُبين ليجزي الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب من رجز أَلِيم وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم الَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك هُوَ الْحق وَيهْدِي إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الحميد وَقَالَ الَّذين كفرُوا هَل ندلكم على رجل ينبئكم إِذا مزقتم كل ممزق إِنَّكُم لفي خلق جَدِيد أفترى على الله كذبا أم بِهِ جنَّة بل الَّذين لَا يُؤمنُونَ
بِالآخِرَة فِي الْعَذَاب والضلال الْبعيد أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض أَو نسقط عَلَيْهِم كسفاً من السَّمَاء إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير} قَالَ {حَكِيم} فِي أمره {خَبِير} بخلقه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {يعلم مَا يلج فِي الأَرْض} قَالَ: من الْمَطَر {وَمَا يخرج مِنْهَا} قَالَ: من النَّبَات {وَمَا ينزل من السَّمَاء} قَالَ: الْمَلَائِكَة {وَمَا يعرج فِيهَا} قَالَ: الْمَلَائِكَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل بلَى وربي لتأتينكم عَالم الْغَيْب} قَالَ: يَقُول: بلَى وربي عَالم الْغَيْب لتأتينكم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم} قَالَ: مغْفرَة لذنوبهم {ورزق كريم} فِي الْجنَّة {وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين} قَالَ: أَي لَا يعجزون وَفِي قَوْله {أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب من رجز أَلِيم} قَالَ: الرجز هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم الموجع
وَفِي قَوْله {وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم الَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك هُوَ الْحق} قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم} قَالَ: الَّذين أُوتُوا الْحِكْمَة {من قبل} قَالَ: يَعْنِي الْمُؤمنِينَ من أهل الْكتاب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين كفرُوا هَل ندلكم على رجل ينبئكم} قَالَ: قَالَ ذَلِك مشركو قُرَيْش {إِذا مزقتم كل ممزق} يَقُول: إِذا أكلتكم الأَرْض وصرتم عظاماً ورفاتاً
وتقطعتكم السبَاع وَالطير {إِنَّكُم لفي خلق جَدِيد} إِنَّكُم ستحيون وتبعثون قَالُوا: ذَلِك تَكْذِيبًا بِهِ {أفترى على الله كذبا أم بِهِ جنَّة} قَالَ: قَالُوا: إِمَّا أَن يكون يكذب على الله واما أَن يكون مَجْنُونا {أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض}
قَالَ: إِنَّك إِن نظرت عَن يَمِينك وَعَن شمالك وَمن بَين يَديك وَمن خَلفك رَأَيْت السَّمَاء وَالْأَرْض {إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض} كَمَا خسفنا بِمن كَانَ قبلهم {أَو نسقط عَلَيْهِم كسفاً من السَّمَاء} أَي قطعا من السَّمَاء إِن يَشَأْ يعذب بسمائه فعل وان يَشَأْ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه لَهُ جند قَالَ قَتَادَة رضي الله عنه: وَكَانَ الْحسن رضي الله عنه يَقُول: إِن الزّبد لمن جنود الله {إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب} قَالَ قَتَادَة: تائب مقبل على الله عز وَجل
- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد منا فضلا يَا جبال أوّبي مَعَه وَالطير وألنا لَهُ الْحَدِيد أَن اعْمَلْ سابغات وَقدر فِي السرد وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير
أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {أوّبي مَعَه} قَالَ: سبحي مَعَه
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي ميسرَة رضي الله عنه {أوّبي مَعَه} قَالَ: سبحي مَعَه بِلِسَان الْحَبَشَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {أوّبي مَعَه} قَالَ: سبحي
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَأبي عبد الرَّحْمَن
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {يَا جبال أوّبي مَعَه وَالطير} أَيْضا يَعْنِي يسبح مَعَه الطير
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب رضي الله عنه قَالَ: أَمر الله الْجبَال وَالطير أَن تسبح مَعَ دَاوُد عليه السلام اذا سبح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب رضي الله عنه قَالَ: أَمر الله الْجبَال وَالطير أَن تسبح مَعَ دَاوُد عليه السلام إِذا سبح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (الطير) بِالنّصب بجملة قَالَ: سخرنا لَهُ الطير
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وألنَّا لَهُ الْحَدِيد} قَالَ: كالعجين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنهما فِي قَوْله {وألنَّا لَهُ الْحَدِيد} قَالَ: ليَّن الله لَهُ الْحَدِيد فَكَانَ يسرده حلقا بِيَدِهِ يعْمل بِهِ كَمَا يعْمل بالطين من غير أَن يدْخلهُ النَّار وَلَا يضْربهُ بِمِطْرَقَةٍ وَكَانَ دَاوُد عليه السلام أول من صنعها وَإِنَّمَا كَانَت قبل ذَلِك صَفَائِح من حَدِيد يتحصنون بهَا من عدوهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وألنَّا لَهُ الْحَدِيد} فَيصير فِي يَده مثل الْعَجِين فيصنع مِنْهُ الدروع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَقدر فِي السرد} قَالَ: حلق الْحَدِيد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَقدر فِي السرد} قَالَ: السرد المسامير الَّتِي فِي الْحلق
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَقدر فِي السرد} قَالَ: لَا تدق المسامير
وَتوسع الْحلق فتسلسل وَلَا تغلظ المسامير وتضيق الْحلق فتنقصم واجعله قدرا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {وَقدر فِي السرد} قَالَ: قدر المسامير وَالْحلق لَا تدق المسمار فيسلسل وَلَا تحلها فينقصم
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شَوْذَب رضي الله عنه قَالَ: كَانَ دَاوُد عليه السلام يرفع فِي كل يَوْم درعاً فيبيعها بِسِتَّة آلَاف دِرْهَم
أَلفَيْنِ لَهُ ولأهله وَأَرْبَعَة آلَاف يطعم بهَا بني إِسْرَائِيل الْخبز الْحوَاري
- قَوْله تَعَالَى: ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر وأسلنا لَهُ عين الْقطر وَمن الْجِنّ من يعْمل بَين يَدَيْهِ بِإِذن ربه وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا نذقه من عَذَاب السعير
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (ولسليمان الرّيح) رفع الْحَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر} قَالَ: تَغْدُو مسيرَة شهر وَتَروح مسيرَة شهر فِي يَوْم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: الرّيح مسيرها شَهْرَان فِي يَوْم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: إِن سُلَيْمَان عليه السلام لما شغلته الْخَيل فَأَتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر غضب لله فعقر الْخَيل فأبدله الله مَكَانهَا خيرا مِنْهَا وأسرع الرّيح تجْرِي بأَمْره كَيفَ شَاءَ فَكَانَ غُدُوُّها شهرا ورواحها شهرا وَكَانَ يَغْدُو من ايليا فيقيل بقريرا وَيروح من قريرا فيبيت بكابل
وَأخرج الْخَطِيب فِي رِوَايَة مَالك عَن سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عليه السلام يركب الرّيح من اصطخر فيتغدى بِبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ يعود فيتعشى باصطخر
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {غدوها شهر ورواحها شهر} قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عليه السلام يَغْدُو من بَيت الْمُقَدّس فيقيل باصطخر ثمَّ يروح من اصطخر فيقيل بقلعة خُرَاسَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: النّحاس
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: أعطَاهُ الله عينا من صفر تسيل كَمَا يسيل المَاء قَالَ: وَهل تعرف الْعرف ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: فَألْقى فِي مراجل من حَدِيد قدور الْقطر لَيْسَ من البرام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: عين النّحاس كَانَت باليمنوان مَا يصنع النَّاس الْيَوْم مِمَّا أخرج الله لِسُلَيْمَان عليه السلام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: أسَال الله تَعَالَى لَهُ الْقطر ثَلَاثَة أَيَّام يسيل كَمَا يسيل المَاء قيل: إِلَى أَيْن قَالَ: لَا أَدْرِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه قَالَ: سيلت لَهُ عين من نُحَاس ثَلَاثَة أَيَّام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ {الْقطر} النّحاس
لم يقدر عَلَيْهَا أحد بعد سُلَيْمَان عليه السلام وَإِنَّمَا يعْمل النَّاس بعد فِيمَا كَانَ أعْطى سُلَيْمَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {عين الْقطر} قَالَ: الصفر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: لَيْسَ كل الْجِنّ صَخْر لَهُ كَمَا تَسْمَعُونَ {وَمن الْجِنّ من يعْمل بَين يَدَيْهِ بِإِذن ربه وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا} قَالَ: يعدل عَمَّا يَأْمُرهُ سُلَيْمَان عليه السلام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا} قَالَ: من الْجِنّ
- قَوْله تَعَالَى: يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل} قَالَ: من شبه ورخام
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {من محاريب} قَالَ: بُنيان دون الْقُصُور {وتماثيل} قَالَ: من نُحَاس {وجِفَان} قَالَ: صحاف كالجوابي قَالَ: الْجَفْنَة مثل الجوبة من الأَرْض {وقدور راسيات} قَالَ: عِظَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ المحاريب الْقُصُور
والتماثيل الصُّور {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كالجوبة من الأَرْض
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {من محاريب} قَالَ: قُصُور ومساجد {وتماثيل} قَالَ: من رُخَام وَشبه {وجفان كالجواب} كالحياض {وقدور راسيات} قَالَ: ثابتات لَا يزلن عَن مكانهن كن يُرَيْنَ بِأَرْض الْيمن
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وتماثيل} قَالَ: اتخذ سُلَيْمَان عليه السلام تماثيل من نُحَاس فَقَالَ: يَا رب انفخ فِيهَا الرّوح فَإِنَّهَا أقوى على الْخدمَة فَنفخ الله فِيهَا الرّوح فَكَانَت تخدمه وَكَانَ اسفيديار من بقاياهم فَقيل لداود عليه السلام {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {من محاريب} قَالَ: الْمَسَاجِد {وتماثيل} قَالَ: الصُّور {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كحياض الإِبل الْعِظَام {وقدور راسيات} قَالَ: قدرو عِظَام كَانُوا ينحتونها من الْجبَال
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كالجوبة من الأَرْض {وقدور راسيات} قَالَ: أثافيها مِنْهَا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وجفان كالجواب} قَالَ: كالحياض الواسعة تسع الْجَفْنَة الْجَزُور
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت طرفَة بن العَبْد وَهُوَ يَقُول: كالجوابي لَا هِيَ مترعة لقرى الأضياف أَو للمحتضر وَقَالَ أَيْضا: يجْبر المجروب فِينَا مَاله بقباب وجفان وخدم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رضي الله عنه {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كالحياض {وقدور راسيات} قَالَ: الْقُدُور الْعِظَام الَّتِي لَا تحوّل من مَكَانهَا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {وقدور راسيات} قَالَ: عِظَام تفرغ افراغاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: إعملوا شكرا لله على مَا أنعم بِهِ عَلَيْكُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: قُولُوا الْحَمد لله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ثَابت الْبنانِيّ رضي الله عنه قَالَ: بلغنَا أَن دَاوُد عليه السلام جزأ الصَّلَاة على بيوته على نِسَائِهِ وَولده فَلم تكن تَأتي سَاعَة من اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا وإنسان قَائِم من آل دَاوُد يُصَلِّي فعمتهم هَذِه الْآيَة {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ دَاوُد لِسُلَيْمَان عليهما السلام: قد ذكر الله الشُّكْر فَاكْفِنِي قيام النَّهَار أكفك قيام اللَّيْل
قَالَ: لَا أَسْتَطِيع قَالَ: فَاكْفِنِي صَلَاة النَّهَار
فكفاه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه قَالَ: الشُّكْر تقوى الله وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الفضيل رضي الله عنه قَالَ: قَالَ دَاوُد عليه السلام: يَا رب كَيفَ أشكرك وَالشُّكْر نعْمَة مِنْك قَالَ: الْآن شكرتني حِين علمت أَن النعم مني
وَأخرج أَحْمد بن حَنْبَل فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمُغيرَة بن عتبَة قَالَ: قَالَ دَاوُد عليه السلام: يَا رب هَل بَات أحد من خلقك اللَّيْلَة أطول
ذكرا لَك مني فَأوحى الله إِلَيْهِ: نعم
الضفدع وَأنزل الله تَعَالَى على دَاوُد عليه السلام: يَا رب كَيفَ أُطِيق شكرك وَأَنت الَّذِي تنعم عَليّ ثمَّ ترزقني على النِّعْمَة الشُّكْر
فالنعمة مِنْك وَالشُّكْر مِنْك فَكيف أُطِيق شكرك قَالَ: يَا دَاوُد الْآن عَرفتنِي حق معرفتي
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم فِي كتاب الشُّكْر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الْجلد رضي الله عنه قَالَ: قَرَأت فِي مساءلة دَاوُد عليه السلام أَنه قَالَ: أَي رب كَيفَ لي أَن أشكرك وَأَنا لَا أصل إِلَى شكرك الا بنعمتك قَالَ: فَأَتَاهُ الْوَحْي: إِن يَا دَاوُد أَلَيْسَ تعلم أَن الَّذِي بك من النعم مني قَالَ: قَالَ دَاوُد عليه السلام: إلهي لَو أَن لكل شَعْرَة مني لسانين يسبحانك اللَّيْل وَالنَّهَار والدهر كُله مَا قضيت حق نعْمَة وَاحِدَة من نعمك عَليّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: لم يَنْفَكّ مِنْهُم مصلٍ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: لما قيل لَهُم {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} لم يَأْتِ على الْقَوْم سَاعَة إِلَّا وَمِنْهُم يُصَلِّي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن يسَار رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يخْطب النَّاس على الْمِنْبَر وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: ثَلَاث من أوتيهن فقد أُوتِيَ مَا أُوتِيَ آل دَاوُد قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: الْعدْل فِي الْغَضَب وَالرِّضَا وَالْقَصْد فِي الْفقر والغنى وَذكر الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة
وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن حَفْصَة رضي الله عنها مَرْفُوعا بِهِ وَأخرجه الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه
مَرْفُوعا بِهِ
وَأخرجه ابْن النجار فِي تَارِيخه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن أبي ذَر رضي الله عنه
مَرْفُوعا بِهِ
وَقَالَ خشيَة الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَالله أعلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} يَقُول: قَلِيل من عبَادي الْمُوَحِّدين توحيدهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رجل عِنْد عمر رضي الله عنه: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الْقَلِيل
فَقَالَ عمر رضي الله عنه: مَا هَذَا الدُّعَاء الَّذِي تَدْعُو بِهِ قَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول {وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} فَأَنا أدعوا الله أَن يَجْعَلنِي من ذَلِك الْقَلِيل فَقَالَ عمر رضي الله عنه: كل النَّاس أعلم من عمر
- قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا قضينا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عليه السلام يَخْلُو فِي بَيت الْمُقَدّس السّنة والسنتين والشهر والشهرين وَأَقل من ذَلِك وَأكْثر وَيدخل طَعَامه وَشَرَابه فَأدْخلهُ فِي الْمرة الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَكَانَ بَدْء ذَلِك أَنه لم يكن يَوْمًا يصبح فِيهِ الا نَبتَت فِي بَيت الْمُقَدّس شَجَرَة فيأتيها فيسألها مَا اسْمك فَتَقول: الشَّجَرَة اسْمِي كَذَا وَكَذَا
فَيَقُول لَهَا: لأي شَيْء نبت فَتَقول: نبت لكذا وَكَذَا
فيأمر بهَا فتقطع
فَإِن كَانَت نَبتَت لغرس غرسها وَإِن كَانَت نَبتَت دَوَاء قَالَت: نَبَتُّ دَوَاء لكذا وَكَذَا
فيجعلها لذَلِك حَتَّى نَبتَت شَجَرَة يُقَال لَهَا الخرنوبة قَالَ لَهَا: لأي شَيْء نبت قَالَت: نبت لخراب هَذَا الْمَسْجِد فَقَالَ سُلَيْمَان عليه السلام: مَا كَانَ الله ليخربه وَأَنا حَيّ أَنْت الَّذِي على وَجهك هلاكي وخراب بَيت الْمُقَدّس فنزعها فغرسها فِي حَائِط لَهُ ثمَّ دخل الْمِحْرَاب فَقَامَ يُصَلِّي مُتكئا على عَصا فَمَاتَ وَلَا تعلم بِهِ الشَّيَاطِين فِي ذَلِك وهم يعْملُونَ لَهُ مَخَافَة أَن يخرج فيعاقبهم
وَكَانَت الشَّيَاطِين حول الْمِحْرَاب يَجْتَمعُونَ وَكَانَ الْمِحْرَاب لَهُ كواً من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَكَانَ الشَّيْطَان المريد الَّذِي يُرِيد أَن يخلع يَقُول: أَلَسْت جليداً إِن دخلت فَخرجت من ذَلِك الْجَانِب فَيدْخل حَتَّى يخرج من الْجَانِب
الآخر فَدخل شَيْطَان من أُولَئِكَ فَمر وَلم يكن شَيْطَان ينظر إِلَى سُلَيْمَان الا احْتَرَقَ فَمر وَلم يسمع صَوت سُلَيْمَان ثمَّ رَجَعَ فَلم يسمع صَوته ثمَّ عَاد فَلم يسمع ثمَّ رَجَعَ فَوَقع فِي الْبَيْت وَلم يَحْتَرِق وَنظر إِلَى سُلَيْمَان قد سقط مَيتا فَخرج فَأخْبر النَّاس: أَن سُلَيْمَان قد مَاتَ ففتحوا عَنهُ فأخرجوه فوجدوا منسأته - وَهِي الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة - قد أكلتها الأرضة وَلم يعلمُوا مُنْذُ كم مَاتَ فوضعوا الأرضة على الْعَصَا فَأكلت مِنْهَا يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ حسبوا على نَحْو ذَلِك فوجدوه قد مَاتَ مُنْذُ سنة
وَهِي فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (فَمَكَثُوا يدينون لَهُ من بعد مَوته حولا كَامِلا) فأيقن النَّاس عِنْد ذَلِك أَن الْجِنّ كَانُوا يكذبُون وَلَو أَنهم علمُوا الْغَيْب لعلموا بِمَوْت سُلَيْمَان عليه السلام وَلما لَبِثُوا فِي الْعَذَاب سنة يعْملُونَ لَهُ وَلَو كنت تشربين أَتَيْنَاك بأطيب الشَّرَاب ولكننا ننقل إِلَيْك الطين وَالْمَاء فهم ينقلون إِلَيْهَا حَيْثُ كَانَت ألم تَرَ إِلَى الطين الَّذِي يكون فِي جَوف الْخشب فَهُوَ مِمَّا يَأْتِيهَا الشَّيَاطِين شكرا لَهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته} عَصَاهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لبث سُلَيْمَان عليه السلام على عَصَاهُ حولا بَعْدَمَا مَاتَ ثمَّ خر على رَأس الْحول فَأخذت الإِنس عَصا مثل عَصَاهُ ودابة مثل دَابَّته فأرسلوها عَلَيْهَا فَأَكَلتهَا فِي سنة
وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين سنة) قَالَ سُفْيَان: وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (وهم يدأبون لَهُ حولا)
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عليه السلام إِذا صلى رأى شَجَرَة نابتة بَين يَدَيْهِ فَيَقُول لَهَا: مَا اسْمك فَتَقول: كَذَا وَكَذَا
فَإِن كَانَت لغرس غرست وَإِن كَانَت لدواء نَبتَت
فصلى ذَات يَوْم فَإِذا شَجَرَة نابتة بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: لَهَا: مَا اسْمك قَالَت: الخرنوب
قَالَ: لأي شَيْء أنتِ قَالَت: لخراب هَذَا الْبَيْت فَقَالَ سُلَيْمَان عليه السلام: اللَّهُمَّ عَم عَن الْجِنّ موتِي
حَتَّى يعلم الإِنس
أَن الْجِنّ لَا يعلمُونَ الْغَيْب فَأخذ عَصا فتوكأ عَلَيْهَا وَقَبضه الله وَهُوَ متكىء فَمَكثَ حينا مَيتا وَالْجِنّ تعْمل فَأَكَلتهَا الأرضة فَسَقَطت فَعَلمُوا عِنْد ذَلِك بِمَوْتِهِ فتبينت الإِنس
أَن الْجِنّ لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا حولا فِي الْعَذَاب المهين
وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقْرَأها كَذَلِك فَشَكَرت الْجِنّ الأرضة فأينما كَانَت يأتونها بِالْمَاءِ
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
مَوْقُوفا
وَأخرج الديلمي عَن زيد بن أَرقم
مَرْفُوعا
يَقُول الله أَنِّي تفضلت على عبَادي بِثَلَاث
ألقيت الدَّابَّة على الْحبَّة وَلَوْلَا ذَلِك لكنزتها الْمُلُوك كَمَا يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة
وألقيت النتن على الْجَسَد وَلَوْلَا ذَلِك لم يدْفن حبيب حَبِيبه وأسليت الحزين وَلَوْلَا ذَلِك لذهب التسلي
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْجِنّ تخبر الإِنس أَنهم يعلمُونَ من الْغَيْب أَشْيَاء وَأَنَّهُمْ يعلمُونَ مَا فِي غَد فابتلوا بِمَوْت سُلَيْمَان عليه الصلاة والسلام فَمَاتَ فَلبث سنة على عَصَاهُ وهم لَا يَشْعُرُونَ بِمَوْتِهِ وهم مسخرون تِلْكَ السّنة ويعملون دائبين {فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ} وَفِي بعض الْقِرَاءَة (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين) وَقد لَبِثُوا يدأبون ويعملون لَهُ حولا بعد مَوته
وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق قيس بن سعد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَت الإِنس تَقول فِي زمن سُلَيْمَان عليه السلام: أَن الْجِنّ تعلم الْغَيْب فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان عليه السلام مكث قَائِما على عَصَاهُ مَيتا حولا وَالْجِنّ تعْمل بقيامه (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين) كَانَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما كَذَلِك يَقْرَأها قَالَ قيس بن سعد رضي الله عنه: وَهِي قِرَاءَة أُبيّ بن كَعْب رضي الله عنه كَذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان عليه السلام لملك الْمَوْت: إِذا أمرت بِي فاعلمني فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا سُلَيْمَان قد أمرت بك قد بقيت لَك سويعة فَدَعَا الشَّيَاطِين فبنوا عَلَيْهِ صرحاً من قَوَارِير لَيْسَ عَلَيْهِ بَاب فَقَامَ يُصَلِّي فاتكأ على عَصَاهُ فَدخل عَلَيْهِ ملك الْمَوْت عليه السلام فَقبض
روحه وَهُوَ متكىء على عَصَاهُ وَلم يصنع ذَلِك فِرَارًا من الْمَوْت قَالَ: وَالْجِنّ تعْمل بَين يَدَيْهِ وَيَنْظُرُونَ يحسبون أَنه حَيّ فَبعث الله {دَابَّة الأَرْض} دَابَّة تَأْكُل العيدان يُقَال لَهَا: القادح فَدخلت فِيهَا فَأَكَلتهَا حَتَّى إِذا أكلت جَوف الْعَصَا ضعفت وَثقل عَلَيْهَا فَخر مَيتا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك الْجِنّ انْفَضُّوا وذهبوا
فَذَلِك قَوْله {مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: لما رد الله الْخَاتم إِلَيْهِ لم يصلِّ صَلَاة الصُّبْح يَوْمًا إِلَّا نظر وَرَاءه فَإِذا هُوَ بشجرة خضراء تهتز فَيَقُول: يَا شَجَرَة أما يأكلنك جن وَلَا إنس وَلَا طير وَلَا هوَام وَلَا بهائم فَتَقول: إِنِّي لم أجعَل رزقا لشَيْء وَلَكِن دَوَاء من كَذَا
ودواء من كَذَا
فَقَامَ الإِنس وَالْجِنّ يقطعونها ويجعلونها فِي الدَّوَاء فصلى الصُّبْح ذَات يَوْم والتفت فَإِذا بشجرة وَرَاءه قَالَ: مَا أَنْت يَا شَجَرَة قَالَت: أَنا الخرنوبة قَالَ: وَالله مَا الخرنوبة إِلَّا خراب بَيت الْمُقَدّس وَالله لَا يخرب مَا كنت حَيا وَلَكِنِّي أَمُوت فَدَعَا بحنوط فتحنط وتكفن ثمَّ جلس على كرسيه ثمَّ جمع كفيه على طرف عَصَاهُ ثمَّ جعلهَا تَحت ذقنه وَمَات فَمَكثَ الْجِنّ سنة يحسبون أَنه حَيّ وَكَانَت لَا ترفع أبصارها إِلَيْهِ وَبعث الله الارضة فَأكلت طرف الْعَصَا فَخر منكباً على وَجهه فَعلمت الْجِنّ أَنه قد مَاتَ
فَذَلِك قَوْله {تبينت الْجِنّ} وَلَقَد كَانَت الْجِنّ تعلم أَنَّهَا لَا تعلم الْغَيْب وَلَكِن فِي الْقِرَاءَة الأولى (تبينت الإِنس أَن لَو كَانَت الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: بلغت نصف الْعَصَا فتركوها فِي النّصْف الْبَاقِي فَأَكَلتهَا فِي حول فَقَالُوا: مَاتَ عَام أول
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: مكث سُلَيْمَان بن دَاوُد عليه السلام حولا على عَصَاهُ مُتكئا حَتَّى أكلتها الأرضة فَخرَّ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته} قَالَ: عَصَاهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: الأرضة أكلت عَصَاهُ حَتَّى خرَّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {تَأْكُل منسأته} قَالَ: الْعَصَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه أَنه سُئِلَ عَن المنسأة قَالَ: هِيَ الْعَصَا وَأنْشد فِيهَا شعرًا قَالَه عبد الْمطلب: أَمن أجل حَبل لَا أبالك صدته بمنسأة قد جر حبلك أحبلا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رضي الله عنه قَالَ: المنسأة الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة
- قَوْله تَعَالَى: لقد كَانَ لسبإ فِي مساكنهم آيَة جنتان عَن يَمِين وشمال كلوا من رزق ربكُم واشكروا لَهُ بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور فأعرضوا فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط واثل وَشَيْء من سدر قَلِيل ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة وقدرنا فِيهَا السّير سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا وظلموا أنفسهمفجعلناهم أَحَادِيث ومزقناهم كل ممزق إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور
أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن فَرْوَة بن مسيك الْمرَادِي رضي الله عنه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقلت: يَا رَسُول الله أَلا أقَاتل من أدبر من قومِي بِمن أقبل مِنْهُم فَأذن لي فِي قِتَالهمْ وَأَمرَنِي فَلَمَّا خرجت من عِنْده أرسل فِي أثري فردني فَقَالَ ادْع الْقَوْم فَمن أسلم مِنْهُم فاقبل مِنْهُ وَمن لم يسلم فَلَا تعجل حَتَّى أحدث إِلَيْك وَأنزل فِي سبأ مَا أنزل فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا سبأ أَرض أم امْرَأَة قَالَ: لَيْسَ بِأَرْض وَلَا امْرَأَة وَلكنه رجل ولد عشرَة من الْعَرَب فَتَيَامَنَ مِنْهُم
سِتَّة وتشاءَمَ مِنْهُم أَرْبَعَة فاما الَّذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة
وَأما الَّذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وَكِنْدَة ومذحج وأنمار
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا أَنْمَار قَالَ: الَّذين مِنْهُم خثعم وبجيلة
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن سبأ أرجل هُوَ أَو امْرَأَة أم أَرض فَقَالَ: بل هُوَ رجل ولد عشرَة فسكن الْيمن مِنْهُم سِتَّة وبالشام مِنْهُم أَرْبَعَة فَأَما اليمانيون فمذحج وَكِنْدَة والأزد والأشعريون وأنمار وحِمْيَر
وَأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم}
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (لقد كَانَ لسبإ) بالخفض منوّنة مَهْمُوزَة (فِي مساكنهم) على الْجِمَاع بِالْألف
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن يحيى بن وثاب أَنه يَقْرَأها {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم}
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لسأ جنتان بَين جبلين فَكَانَت الْمَرْأَة تمر ومكتلها على رَأسهَا فتمشي بَين جبلين فتمتلىء فَاكِهَة وَمَا مسته بِيَدِهَا فَلَمَّا طغوا بعث الله عَلَيْهِم دَابَّة يُقَال لَهَا: الجرذ فَنقبَ عَلَيْهِم فغرقهم فَمَا بَقِي مِنْهُم الا أثل وَشَيْء من سدر قَلِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم}
قَالَ لم يكن يرى فِي قريتهم بعوضة قطّ وَلَا ذُبَاب وَلَا برغوث وَلَا عقرب وَلَا حَيَّة وان الركب لَيَأْتُونَ فِي ثِيَابهمْ الْقمل وَالدَّوَاب فَمَا هُوَ إِلَّا أَن ينْظرُوا إِلَى بيوتها فتموت تِلْكَ الدَّوَابّ وَإِن كَانَ الإِنسان ليدْخل الجنتين فَيمسك القفة على رأسة وَيخرج حِين يخرج وَقد امْتَلَأت تِلْكَ القفة من أَنْوَاع الْفَاكِهَة وَلم يتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئا بِيَدِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور} قَالَ: هَذِه الْبَلَد طيبَة وربكم غَفُور لذنوبكم
وَفِي قَوْله {فاعرضوا} قَالَ: بطر الْقَوْم أَمر الله وَكَفرُوا نعْمَته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أهل سبأ أعْطوا مَا لم يُعْطه أحد من أهل زمانهم فَكَانَت الْمَرْأَة تخرج على رَأسهَا المكتل فتريد حَاجَتهَا فَلَا تبلغ مَكَانهَا الَّذِي تُرِيدُ حَتَّى يمتلىء مِكْتَلُهَا من أَنْوَاع الْفَاكِهَة فَأَجْمعُوا ذَلِك فكذبوا رسلهم وَقد كَانَ السَّيْل يَأْتِيهم من مسيرَة عشرَة أَيَّام حَتَّى يسْتَقرّ فِي وَادِيهمْ فَيجمع المَاء من تِلْكَ السُّيُول وَالْجِبَال فِي ذَلِك الْوَادي وَكَانُوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وَكَانُوا يفتحون اذا شاؤا من ذَلِك المَاء فيسقون جنانهم إِذا شَاءُوا فَلَمَّا غضب الله عَلَيْهِم وَأذن فِي هلاكهم دخل رجل إِلَى جنته - وَهُوَ عَمْرو بن عَامر فِيمَا بلغنَا وَكَانَ كَاهِنًا - فَنظر إِلَى جرذة تنقل أَوْلَادهَا من بطن الْوَادي إِلَى أَعلَى الْجَبَل فَقَالَ: مَا نقلت هَذِه أَوْلَادهَا من هَهُنَا إِلَّا وَقد حضر أهل هَذِه الْبِلَاد عَذَاب وَيقدر أَنَّهَا خرقت ذَلِك العرم فنقبت نقباً فَسَالَ ذَلِك النقب مَاء إِلَى جنته فَأمر عَمْرو بن عَامر بذلك النقب فسد فَأصْبح وَقد انفجر بأعظم مَا كَانَ فَأمر بِهِ أَيْضا فسد ثمَّ انفجر بأعظم مَا كَانَ فَلَمَّا رأى ذَلِك دَعَا ابْن أَخِيه فَقَالَ: إِذا أَنا جَلَست العشية فِي نَادِي قومِي فائتني فَقل: علام تحبس عَليّ مَالِي فَإِنِّي سأقول لَيْسَ لَك عِنْدِي مَال وَلَا ترك أَبوك شَيْئا وَإنَّك لَكَاذِب
فَإِذا أَنا كذبتك فَكَذبنِي وأردد عليّ مثل مَا قلت لَك فَإِذا فعلت ذَلِك فَإِنِّي سأشتمك فاشتمني
فَإِذا أَنْت شتمتني لطمتك فَإِذا أَنا لطمتك فَقُمْ فالطمني
قَالَ: مَا كنت لاستقبلك بذلك يَا عَم قَالَ: بلَى
فافعل فَإِنِّي أُرِيد بهَا صلاحك وَصَلَاح أهل بَيْتك فَقَالَ الْفَتى فَلَطَمَهُ فَقَالَ الشَّيْخ: يَا معشر بني فلَان الطم فِيكُم لَا سكنت فِي بلد لطمني فِيهِ فلَان أبدا من يبْتَاع مني
فَلَمَّا عرف الْقَوْم مِنْهُ الْجد أَعْطوهُ فَنظر إِلَى أفضلهم عَطِيَّة فَأوجب لَهُ البيع فَدَعَا بِالْمَالِ فنقده وَتحمل هُوَ وَبَنوهُ من ليلته فَتَفَرَّقُوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ فِي سبأ كهنة وَكَانَت الشَّيَاطِين يسْتَرقونَ السّمع فَأخْبرُوا الكهنة بِشَيْء من أَخْبَار السَّمَاء وَكَانَ فيهم رجل كَاهِن شرِيف كثير المَال أَنه أخبر أَن زَوَال أَمرهم قد دنا وَأَن الْعَذَاب قد أظلهم فَلم يدر كَيفَ يصنع لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَال كثير من عقر فَقَالَ لرجل
من بنيه وَهُوَ أعزهم أخوالاً: إِذا كَانَ غَدا وأمرتك بِأَمْر فَلَا تَفْعَلهُ فَإِذا نهرتك فَانْتَهرنِي فَإِذا تناولتك فالطمني قَالَ: يَا أَبَت لَا تفعل إِن هَذَا أَمر عَظِيم وَأمر شَدِيد قَالَ: يَا بني قد حدث أَمر لَا بُد مِنْهُ فَلم يزل حَتَّى هيأه على ذَلِك فَلَمَّا أَصْبحُوا وَاجْتمعَ النَّاس قَالَ: يَا بني افْعَل كَذَا وَكَذَا
فَأبى فانتهره أَبوهُ فَأَجَابَهُ فَلم يزل ذَلِك بَينهمَا حَتَّى تنَاوله أَبوهُ فَوَثَبَ على أَبِيه فَلَطَمَهُ فَقَالَ: ابْني يلطمني عليَّ بالشفرة قَالُوا: وَمَا تصنع بالشفرة قَالَ: اذبحه قَالُوا: تذبح ابْنك الطمه واصنع مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه فأرسلوا إِلَى أَخْوَاله فاعلموهم بذلك فجَاء أَخْوَاله فَقَالُوا: خُذ منا مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه قَالُوا: فلتموتن قبل أَن تَدعُوهُ قَالَ: اشْتَروا مني دوري اشْتَروا مني أرضي فَلم يزل حَتَّى بَاعَ دوره وأرضه وعقاره
فَلَمَّا صَار الثّمن فِي يَده وأحرزه قَالَ: أَي قوم أَن الْعَذَاب قد أظلكم وَزَوَال أَمركُم قد دنا فَمن أَرَادَ مِنْكُم دَارا جَدِيدا وجملاً شَدِيدا وسفراً فليلحق بعمان وَمن أَرَادَ مِنْكُم الْخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى
وَمن أَرَادَ مِنْكُم الراسخات فِي الوحل المطعمات فِي الْمحل المقيمات فِي الضحل فليلحق بِيَثْرِب ذَات نخل فأطاعه قوم فَخرج أهل عمان إِلَى عمان وَخرجت غَسَّان إِلَى بصرى وَخرجت الْأَوْس والخزرج وَبَنُو كَعْب بن عَمْرو إِلَى يثرب فَلَمَّا كَانُوا بِبَطن نخل قَالَ بَنو كَعْب: هَذَا مَكَان صَالح لَا نبتغي بِهِ بَدَلا فأقاموا فَلذَلِك سموا خُزَاعَة لأَنهم انخزعوا عَن أَصْحَابهم وَأَقْبَلت الْأَوْس والخزرج حَتَّى نزلُوا بِيَثْرِب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {لقد كَانَ لسبإ}
قَالَ: كَانَ لَهُم مجْلِس مشيد بالمرمر فَأَتَاهُم نَاس من النَّصَارَى فَقَالُوا: أشكروا الله الَّذِي أَعْطَاكُم هَذَا قَالُوا: وَمن أعطاناه إِنَّمَا كَانَ لآبائنا فورثناه فَسمع ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام إِن لم تأت غَدا وَأَنا فِي مجْلِس قومِي فتصك وَجْهي فَفعل ذَلِك فَقَالَ: لَا أقيم بِأَرْض فعل هَذَا ابْني بِي فِيهَا إِلَّا من بيتاع مني مَالِي فَابْتَدَرَهُ النَّاس فابتاعوه
فَبعث الله جرذاً أعمى يُقَال لَهُ الْخلد من جرذان عمى فَلم يزل يحْفر السد حَتَّى خرقه فانهدم وَذهب المَاء بالجنتين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رضي الله عنه قَالَ: لقد بعث الله إِلَى سبأ ثَلَاثَة عشر نَبيا فكذبوهم وَكَانَ لَهُم سد كَانُوا قد بنوه بنياناً أبدا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يرد عَنْهُم السَّيْل إِذا جَاءَ أَن يغشى أَمْوَالهم وَكَانَ فِيمَا يَزْعمُونَ فِي علمهمْ من كهانتهم أَنه إِنَّمَا يخرب سدهم ذَلِك فارة فَلم يتْركُوا فُرْجَة بَين حجرين إِلَّا ربطو عِنْدهَا هرة فَلَمَّا جَاءَ زَمَانه وَمَا أَرَادَ الله بهم من التَّفْرِيق أَقبلت فِيمَا يذكرُونَ فَأْرَة حَمْرَاء إِلَى هرة من تِلْكَ الهرر فساورنها حَتَّى استأخرت عَنْهَا الْهِرَّة فَدخلت فِي الفرجة الَّتِي كَانَت عِنْدهَا فتغلغلت بالسد فحفرت فِيهِ حَتَّى رققته للسيل وهم لَا يَدْرُونَ فَلَمَّا أَن جَاءَ السَّيْل وجد عللاً فَدخل فِيهِ حَتَّى قلع السد وفاض على الْأَمْوَال فاحتملها فَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا مَا ذكر عَن الله تبارك وتعالى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت أَوديَة الْيمن تسيل إِلَى وَادي سبأ وَهُوَ وَاد بَين جبلين فَعمد أهل سبأ فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَتركُوا مَا شَاءُوا لجناتهم فعاشوا بذلك زَمَانا من الدَّهْر ثمَّ إِنَّهُم عتوا وَعمِلُوا بِالْمَعَاصِي فَبعث الله على ذَلِك السد جرذاً فنقبه عَلَيْهِم فَعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمَكَان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وَائِل الاثل الْقصير من الشّجر الَّذِي يصنعون مِنْهُ الأقداح
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {سيل العرم} قَالَ: الشَّديد
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رضي الله عنه {سيل العرم} قَالَ: المنساة بلحن الْيمن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {سيل العرم} قَالَ: {العرم} بِالْحَبَشَةِ وَهِي المنساة الَّتِي يجْتَمع فِيهَا المَاء ثمَّ ينشف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رضي الله عنه قَالَ {العرم} اسْم الْوَادي
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {سيل العرم} قَالَ: وادٍ كَانَ بِالْيمن كَانَ يسيل إِلَى مَكَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه قَالَ: وَادي سبأ يدعى {العرم}
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {سيل العرم} السد مَاء أَحْمَر أرْسلهُ الله فِي السد فشقه وهمه وحفر الْوَادي عَن الجنتين فارتفعا وغار عَنْهُمَا المَاء فيبستا وَلم يكن المَاء الْأَحْمَر من السد كَانَ شَيْئا أرْسلهُ الله عَلَيْهِم
وَفِي قَوْله {أكل خمط} قَالَ: الخمط الْأَرَاك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أرْسلهُ الله عَلَيْهِم
وَفِي قَوْله (أكل خمط) قَالَ: (الخمط) الْأَرَاك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {أكل خمط} قَالَ: الْأَرَاك {وأثل} قَالَ: الطرفاء
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {أكل خمط} قَالَ: الْأَرَاك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: مَا معول فود تراعى بِعَينهَا أغن غضيض الطّرف من خلل الخمط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رضي الله عنه فِي قَوْله {وأثل} قَالَ الاثل شجر لَا يأكلها شَيْء وَإِنَّمَا هِيَ حطب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم}
قَالَ: قوم أَعْطَاهُم الله نعْمَة وَأمرهمْ بِطَاعَتِهِ ونهاهم عَن مَعْصِيَته قَالَ الله {فأعرضوا} قَالَ: ترك الْقَوْم أَمر الله {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم} ذكر لنا {العرم} وَادي سبأ كَانَت تَجْتَمِع إِلَيْهِ مسايل من أَوديَة شَتَّى فعمدوا فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَجعلُوا عَلَيْهِ أبواباً وَكَانُوا يَأْخُذُونَ من مائَة مَا احتاجوا إِلَيْهِ ويسدون عَنْهُم مَا لم يعبؤا بِهِ من مَائه فَلَمَّا تركُوا أَمر الله بعث الله عَلَيْهِم جرذاً فنقبه من أَسْفَله فاتسع حَتَّى غَرَّقَ الله بِهِ حروثَهم وخَرَّبَ بِهِ أراضيهم عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}
والخمط الْأَرَاك و {أكل} بربرة و {وأثل وَشَيْء من سدر قَلِيل} بَيْنَمَا شجر الْقَوْم من خير الشّجر إِذْ صيره الله من شَرّ الشّجر عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله {ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور} إِن الله إِذا أَرَادَ بِعَبْد كَرَامَة أَو خيرا تقبل حَسَنَاته وَإِذا أَرَادَ بِعَبْد هواناً أمسك عَلَيْهِ بِذَنبِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: الخمط هُوَ الْأَرَاك
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَأبي مَالك
مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَهل نجازي إِلَّا الكفور} قَالَ: تِلْكَ المناقشة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس {وَهل نجازي إِلَّا الكفور} قَالَ: هُوَ المناقشة فِي الْحساب وَمن نُوقِشَ الْحساب عذب وَهُوَ الْكَافِر لَا يغْفر لَهُ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَيْوَة وَكَانَ من أَصْحَاب عَليّ قَالَ: جَزَاء الْمعْصِيَة الوهن فِي الْعِبَادَة والضيق فِي الْمَعيشَة والمنغص فِي اللَّذَّة قيل: وَمَا المنغص قَالَ: لَا يُصَادف لَذَّة حَلَال إِلَّا جَاءَهُ من ينغصه إِيَّاهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: الشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: هِيَ قرى الشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة} قَالَ: كَانَ فِيمَا بَين الْيمن إِلَى الشَّام قرى متواصلة و {الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} الشَّام
كَانَ الرجل يَغْدُو فَيقبل فِي الْقرْيَة ثمَّ يروح فيبيت فِي الْقرْيَة الْأُخْرَى وَكَانَت الْمَرْأَة تخرج وزنبيلها على رَأسهَا فَمَا تبلغ حَتَّى يمتلىء من كل الثِّمَار
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي ملكية فِي قَوْله {وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة}
قَالَ: كَانَت قراهم مُتَّصِلَة ينظر بَعضهم إِلَى بعض وثمرهم متدل فبطروا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وقدرنا فِيهَا السّير} قَالَ: دانينا فِيهَا السّير
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَجَعَلنَا بَينهم} يَعْنِي بَين مساكنهم {وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} يَعْنِي الأَرْض المقدسة {قرى} فِيمَا بَين مَنَازِلهمْ مساكنهم وَبَين أَرض الشَّام {سِيرُوا فِيهَا} يَعْنِي إِذا ظعنوا من مَنَازِلهمْ إِلَى أَرض الشَّام من الأَرْض المقدسة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {ظَاهِرَة} قَالَ: قرى بِالشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين} قَالَ: لَا يخَافُونَ جوعا وَلَا ظمأ إِنَّمَا يَغْدُونَ فيقيلون فِي قَرْيَة وَيَرُوحُونَ فيبيتون فِي قَرْيَة أهل جنَّة ونهر حَتَّى ذكر لنا: أَن الْمَرْأَة كَانَت تضع مكتلها على رَأسهَا فيمتلىء قبل أَن ترجع إِلَى أَهلهَا وَكَانَ الرجل يُسَافر لَا يحمل مَعَه زاداً فبطروا النِّعْمَة {فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا} فمزقوا {كل ممزق} وَجعلُوا أَحَادِيث
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا} قَالَ: قَالُوا يَا لَيْت هَذِه الْقرى يبعد بَعْضهَا عَن بعض فنسير على نجائبنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يعمر رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة قَالَ: لم يدعوا على أنفسهم وَلَكِن شكوا مَا أَصَابَهُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة على معنى فعِّل
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن أبي الْحسن رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (بَعُدَ بَين أسفارنا) بِنصب الْبَاء وَرفع الْعين
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (رَبنَا) بِالنّصب (باعد) بِنصب الْبَاء وَكسر الْعين على الدُّعَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه فِي
قَوْله {ومزقناهم كل ممزق} قَالَ: أما غَسَّان فَلَحقُوا بِالشَّام وَأما الْأَنْصَار فَلَحقُوا بِيَثْرِب وَأما خُزَاعَة فَلَحقُوا بتهامة وَأما الأزد فَلَحقُوا بعمان
فمزقهم الله كل ممزق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} قَالَ: مطرف فِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَات} نعم العَبْد الصبار الشكُور الَّذِي إِذا أعطي شكر واذا ابْتُلِيَ صَبر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَامر رضي الله عنه قَالَ: الشُّكْر نصف الإِيمان وَالصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الله قَالَ: يَا عِيسَى بن مَرْيَم إِنِّي باعث بعْدك أمة إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا وشكروا وَإِن أَصَابَهُم مَا يكْرهُونَ احتسبوا وصبروا وَلَا حلم وَلَا علم
قَالَ: يَا رب كَيفَ يكون هَذَا لَهُم وَلَا حلم وَلَا علم قَالَ: أعطيهم من حلمي وَعلمِي
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والدارمي وَابْن حبَان عَن صُهَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر الْمُؤمن أَمر الْمُؤمن كُله خير إِن أَصَابَته سراء شكر كَانَ خيرا وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر كَانَ خيرا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عجبت لِلْمُؤمنِ أَن أعطي قَالَ الْحَمد لله فَشكر وَإِن ابْتُلِيَ قَالَ الْحَمد لله فَصَبر فالمؤمن يُؤجر على كل حَال حَتَّى اللُّقْمَة يرفعها إِلَى فِيهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَأَبُو نعيم عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ فَوْقه وَفِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ كتبه الله صَابِرًا وشاكراً وَمن نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ وَنظر فِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ فَوْقه لم يَكْتُبهُ الله صَابِرًا وَلَا شاكراً وَالله سبحانه وتعالى أعلم
- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه فَاتَّبعُوهُ إِلَّا فريق من الْمُؤمنِينَ وَمَا كَانَ لَهُم عَلَيْهِ من سُلْطَان إِلَّا لنعلم من يُؤمن بِالآخِرَة مِمَّن هُوَ مِنْهَا فِي شكّ وَرَبك على كل شَيْء حفيظ
أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} قَالَ إِبْلِيس: إِن آدم خلق من تُرَاب وَمن طين وَمن حمإ مسنون خلقا ضَعِيفا وَإِنِّي خلقت من نَار وَالنَّار تحرق كل شَيْء {لأحتنكن ذُريَّته إِلَّا قَلِيلا} الاسراء الْآيَة 62 قَالَ: فَصدق ظَنّه عَلَيْهِم فَاتَّبعُوهُ إِلَّا فريقاً من الْمُؤمنِينَ قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ كلهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه كَانَ يَقْرَأها {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} مُشَدّدَة قَالَ: ظن بهم ظنا فَصدقهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} قَالَ: على النَّاس إِلَّا من أطَاع ربه
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} ظن بهم فَوَافَقَ ظَنّه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: لما أهبط آدم عليه السلام من الْجنَّة وَمَعَهُ حوّاء عليها السلام هَبَط إِبْلِيس فَرحا بِمَا أصَاب مِنْهُمَا وَقَالَ: إِذا أصبت من الْأَبَوَيْنِ مَا أصبت فالذرية أَضْعَف وَكَانَ ذَلِك ظنا من إِبْلِيس عِنْد ذَلِك فَقَالَ: لَا أُفَارِق ابْن آدم مَا دَامَ فِيهِ الرّوح أغره وأمنيه وأخدعه فَقَالَ الله تَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا أحجب عَنهُ التَّوْبَة مَا لم يُغَرْغر بِالْمَوْتِ وَلَا يدعوني إِلَّا أَجَبْته وَلَا يسألني إِلَّا أَعْطيته وَلَا يستغفرني إِلَّا غفرت لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان} قَالَ: وَالله مَا ضَربهمْ
بعصا وَلَا سيف وَلَا سَوط وَمَا أكرههم على شَيْء وَمَا كَانَ إِلَّا غرُورًا وأماني دعاهم إِلَيْهَا فاجابوه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {إِلَّا لنعلم} قَالَ: إِنَّمَا كَانَ بلَاء ليعلم الله الْكَافِر من الْمُؤمن
- قَوْله تَعَالَى: قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لَا يملكُونَ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض وَمَا لَهُم فيهمَا من شرك وَمَا لَهُ مِنْهُم من ظهير
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَمَا لَهُم فيهمَا من شرك} يَقُول: مَا لله من شريك فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الأَرْض {وَمَا لَهُ مِنْهُم} قَالَ: من الَّذين دعوا من دونه {من ظهير} يَقُول: من عون بِشَيْء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا لَهُ مِنْهُم من ظهير} يَقُول: من عون من الْمَلَائِكَة
- قَوْله تَعَالَى: وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده إِلَّا لمن أذن لهحتى إِذا فزع عَن قلويهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير قل من يرزقكم من السَّمَاوَات وَالْأَرْض قل الله وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين قل لَا تسْأَلُون عَمَّا أجرمنا وَلَا نسْأَل عَمَّا تَعْمَلُونَ قل يجمع بَيْننَا رَبنَا ثمَّ يفتح بَيْننَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الفتاح الْعَلِيم قل أروني الَّذين ألحقتم بِهِ شُرَكَاء كلا بل هُوَ الله الْعَزِيز الْحَكِيم
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: خلى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لما أوحى الْجَبَّار إِلَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم دَعَا الرَّسُول من الْمَلَائِكَة ليَبْعَثهُ بِالْوَحْي فَسمِعت الْمَلَائِكَة عليهم السلام صَوت الْجَبَّار يتَكَلَّم بِالْوَحْي فَلَمَّا كشف عَن قُلُوبهم سئلوا عَمَّا قَالَ الله فَقَالُوا: الْحق
وَعَلمُوا أَن الله تَعَالَى لَا يَقُول إِلَّا حَقًا قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: وَصَوت الْوَحْي كصوت الْحَدِيد على الصَّفَا فَلَمَّا سمعُوا خروا سجدا فَلَمَّا رفعوا رؤوسهم {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ إِذا نزل الْوَحْي كَانَ صَوته كوقع الْحَدِيد على الصفوان فيصعق أهل السَّمَاء {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم} قَالَت الرُّسُل عليهم السلام {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: ينزل الْأَمر إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا لَهُ وَقع كوقعة السلسلة على الصَّخْرَة فَيفزع لَهُ جَمِيع أهل السَّمَوَات فَيَقُولُونَ {مَاذَا قَالَ ربكُم} ثمَّ يرجعُونَ إِلَى أنفسهم فَيَقُولُونَ {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَالِسا فِي نفر من أَصْحَابه فَرمى بِنَجْم فَاسْتَنَارَ قَالَ: مَا كُنْتُم تَقولُونَ إِذا كَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالُوا: كُنَّا نقُول يُولد عَظِيم أَو يَمُوت عَظِيم قَالَ: فَإِنَّهَا لَا ترمى لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِن رَبنَا إِذا قضى أمرا سبح حَملَة الْعَرْش ثمَّ سبح أهل السَّمَاء الَّذين يلون حَملَة الْعَرْش فَيَقُول الَّذين يلون حَملَة الْعَرْش {مَاذَا قَالَ ربكُم} فَيُخْبِرُونَهُمْ ويخبر أهل كل سَمَاء سَمَاء حَتَّى يَنْتَهِي الْخَبَر إِلَى هَذِه السَّمَاء وتخطف الْجِنّ السّمع فيرمون فَمَا جاؤا بِهِ على وَجهه فَهُوَ محق وَلَكنهُمْ يحرفونه وَيزِيدُونَ فِيهِ قَالَ معمر: قلت لِلزهْرِيِّ: أَكَانَ يَرْمِي بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ: نعم
قَالَ أَرَأَيْت {وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الْآن يجد لَهُ شهاباً رصداً} الْجِنّ الْآيَة 9 قَالَ: غلظت وشدد أمرهَا حِين بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن
ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذا قضى الله الْأَمر فِي السَّمَاء ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعاناً لقَوْله كَأَنَّهُ سلسلة على صَفْوَان يفزعهم ذَلِك {إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم} قَالُوا الَّذِي قَالَ {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} فيسمعها مسترقوا السّمع ومسترقوا السّمع هَكَذَا وَاحِد فَوق آخر
وصف سُفْيَان بِيَدِهِ وَفرج وَبَين أَصَابِعه نصبها بَعْضهَا فَوق بعض
فَيسمع الْكَلِمَة فيلقيها إِلَى من تَحْتَهُ ثمَّ يلقيها الآخر إِلَى من تَحْتَهُ يلقيها على لِسَان السَّاحر أَو الكاهن فَرُبمَا أدْركهُ الشهَاب قبل أَن يلقيها وَرُبمَا أَلْقَاهَا قبل أَن يُدْرِكهُ فيكذب مَعهَا مائَة كذبة فَيُقَال: أَلَيْسَ قد قَالَ لنا يَوْم كَذَا
وَكَذَا
وَكَذَا فَيصدق بِتِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي سَمِعت من السَّمَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن النوّاس بن سمْعَان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا أَرَادَ الله أَن يوحي بِأَمْر تكلم بِالْوَحْي فَإِذا تكلم بِالْوَحْي أخذت السَّمَاء رَجْفَة شَدِيدَة من خوف الله تَعَالَى فَإِذا سمع بذلك أهل السَّمَوَات صعقوا وخروا سجدا فَيكون أول من يرفع رَأسه جِبْرِيل عليه السلام فيكلمه الله من وحيه بِمَا أَرَادَ فيمضي بِهِ جِبْرِيل عليه السلام على الْمَلَائِكَة عليهم السلام كلما مر بسماء سَمَاء سَأَلَهُ ملائكتها: مَاذَا قَالَ رَبنَا يَا جِبْرِيل فَيَقُول {قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} فَيَقُولُونَ كلهم مثل مَا قَالَ جِبْرِيل عليه السلام فينتهي جِبْرِيل عليه السلام بِالْوَحْي حَيْثُ أمره الله من السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ (فرغ عَن قُلُوبهم) يَعْنِي بالراء والغين والمعجمة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وجل {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: كَانَ لكل قبيل من الْجِنّ مقْعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون مِنْهُ الْوَحْي وَكَانَ إِذا نزل الْوَحْي سمع لَهُ صَوت كامرار السلسلة على الصفوان فَلَا ينزل على أهل سَمَاء إِلَّا صعقوا {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَإِن كَانَ مِمَّا يكون فِي الأَرْض من أَمر
الْغَيْب أَو موت أَو شَيْء مِمَّا يكون فِي الأَرْض تكلمُوا بِهِ فَقَالُوا: يكون كَذَا
وَكَذَا
فَسَمعته الشَّيَاطِين فنزلوا بِهِ على أَوْلِيَائِهِمْ يَقُولُونَ: يكون الْعَام كَذَا وَيكون كَذَا فيسمعه الْجِنّ فيخبرون الكهنة بِهِ والكهنة تخبر بِهِ النَّاس يَقُولُونَ: يكون كَذَا وَكَذَا
فيجدونه كَذَلِك فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم دحروا بالنجوم فَقَالَت الْعَرَب حِين لم يُخْبِرهُمْ الْجِنّ بذلك: هلك من فِي السَّمَاء فَجعل صَاحب الإِبل ينْحَر كل يَوْم بَعِيرًا وَصَاحب الْبَقر ينْحَر كل يَوْم بقرة وَصَاحب الْغنم شَاة حَتَّى أَسْرعُوا فِي أَمْوَالهم فَقَالَت ثَقِيف: وَكَانَت أَعقل الْعَرَب: أَيهَا النَّاس أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم فَإِنَّهُ لم يمت من فِي السَّمَاء وان هَذَا لَيْسَ بانتشاء ألستم ترَوْنَ معالمكم من النُّجُوم كَمَا هِيَ وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَاللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ: فَقَالَ إِبْلِيس لقد حدث الْيَوْم فِي الأَرْض حدث فائتوني من تربة كل أَرض فَأتوهُ بهَا فَجعل يشمها فَلَمَّا شم تربة مَكَّة قَالَ: من هَهُنَا جَاءَ الحَدِيث منتشراً فَنقبُوا فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَاء الدُّنْيَا صلصلة كجر السلسلة على الصَّفَا فيصعقون فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل عليه السلام فَإِذا جَاءَهُم جِبْرِيل عليه السلام {فزع عَن قُلُوبهم} فَيَقُولُونَ يَا جِبْرِيل: مَاذَا قَالَ رَبنَا فَيَقُول {الْحق} فَيَقُولُونَ: الْحق
الْحق
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَوَات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل عليه السلام فَإِذا أَتَاهُم جِبْرِيل عليه السلام {فزع عَن قُلُوبهم} قَالُوا يَا جِبْرِيل: مَاذَا قَالَ رَبنَا فَيَقُول {الْحق} فينادون الْحق الْحق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لما نزل جِبْرِيل بِالْوَحْي على رَسُول الله فزع أهل السَّمَوَات لَا نحطاطه وسمعوا صَوت الْوَحْي كأشد مَا يكون من صَوت الْحَدِيد على الصَّفَا فَكلما مر بِأَهْل سَمَاء
{فزع عَن قُلُوبهم} فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيل بِمَاذَا أمرت فَيَقُول: نور الْعِزَّة الْعَظِيم كَلَام الله بِلِسَان عَرَبِيّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: يوحي الله إِلَى جِبْرِيل عليه السلام فتفزع الْمَلَائِكَة عليهم السلام من مَخَافَة أَن يكون شَيْء من أَمر السَّاعَة فَإِذا خلى عَن قُلُوبهم وَعَلمُوا أَن ذَلِك لَيْسَ من أَمر السَّاعَة {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق}
وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الابانة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: رَأَيْت جِبْرِيل عليه السلام وَزعم أَن إسْرَافيل عليه السلام يحمل الْعَرْش وَأَن قدمه فِي الأَرْض السَّابِعَة والألواح بَين عَيْنَيْهِ فَإِذا أَرَادَ ذُو الْعَرْش أمرا سَمِعت الْمَلَائِكَة كجر السلسلة على الصَّفَا فيغشى عَلَيْهِم فَإِذا قَامُوا {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم} قَالَ من شَاءَ الله {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة والكلبي رضي الله عنهما فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَا: لما كَانَت الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عليه وسلم فَنزل الْوَحْي مثل صَوت الْحَدِيد فافزع الْمَلَائِكَة عليهم السلام ذَلِك {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالُوا: إِذا جلى عَن قُلُوبهم {مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي الْآيَة قَالَ: زعم ابْن مَسْعُود أَن الْمَلَائِكَة المعقبات الَّذين يَخْتَلِفُونَ إِلَى أهل الأَرْض يَكْتُبُونَ أَعْمَالهم إِذا أرسلهم الرب تبارك وتعالى فانحدروا سمع لَهُم صَوت شَدِيد فيحسب الَّذِي أَسْفَل مِنْهُم من الْمَلَائِكَة أَنه من أَمر السَّاعَة فَيَخِرُّونَ سجدا وَهَكَذَا كلما مروا عَلَيْهِم فيفعلون ذَلِك من خوف رَبهم تبارك وتعالى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِذا قضى الله تبارك وتعالى أمرا رجفت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وخرت الْمَلَائِكَة كلهم سجدا حسبت الْجِنّ أَن أمرا يقْضى فاسترقت فَلَمَّا قضي الْأَمر رفعت الْمَلَائِكَة رؤوسهم
وَهِي هَذِه الْآيَة {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير}
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن رضي الله عنه أَنه كَانَ يقْرَأ {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم}
ثمَّ يفسره حَتَّى إِذا انجلى عَن قُلُوبهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق آخر رضي الله عنه أَنه كَانَ يقْرَأ {فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: مَا فِيهَا من الشَّك والتكذيب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: فزع الشَّيْطَان عَن قُلُوبهم ففارقهم وأمانيهم وَمَا كَانَ يضلهم {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} قَالَ: وَهَذَا فِي بني آدم عِنْد الْمَوْت أقرُّوا حِين لَا يَنْفَعهُمْ الاقرار
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: كشف الغطاء عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وَالضَّحَّاك أَنَّهُمَا كَانَا يقراآن {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} يَقُولَانِ: جلى عَن قُلُوبهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سَأَلَ كَيفَ تقْرَأ هَذِه الْآيَة {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} أَو {فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ {إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: فَإِن الْحسن يَقُول بِرَأْيهِ أَشْيَاء أهاب أَن أقولها
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ حَتَّى (إِذا فزع عَن قُلُوبهم) بِالْعينِ مثقلة الزَّاي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: ثمَّ أمره الله أَن يسْأَل النَّاس فَقَالَ {قل من يرزقكم من السَّمَاوَات وَالْأَرْض}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} قَالَ {إِنَّا} نَحن لعلى هدى وانكم فِي ضلال مُبين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ} قَالَ: قد قَالَ ذَلِك أَصْحَاب مُحَمَّد للْمُشْرِكين وَالله مَا نَحن وَأَنْتُم على أَمر وَاحِد ان أحد الْفَرِيقَيْنِ مهتد
وَفِي قَوْله {قل يجمع بَيْننَا رَبنَا ثمَّ يفتح بَيْننَا} أَي يقْضِي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن
ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {الفتاح} قَالَ: القَاضِي
- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس بشيرا وَنَذِيرا وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين قل لكم ميعاد يَوْم لَا تستأخرون عَنهُ سَاعَة وَلَا تستقدمون
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} قَالَ: إِلَى النَّاس جَمِيعًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {كَافَّة للنَّاس} قَالَ: للنَّاس عَامَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} قَالَ: أرسل الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم إِلَى الْعَرَب والعجم فأكرمهم على الله أطوعهم لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي
بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة إِلَى كل أَبيض وأحمر وأطعمت أمتِي الْمغنم لم يطعم أمة قبل أمتِي ونصرت بِالرُّعْبِ بَين يَدي من مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا واعطيت الشَّفَاعَة فأدخرتها لأمتي يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي
بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة الْأَحْمَر وَالْأسود وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه ونصرت بِالرُّعْبِ يرعب مني عدوّي على مسيرَة شهر وأطعمت الْمغنم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا واعطيت الشَّفَاعَة فادخرتها لأمتي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَهِي إِن شَاءَ الله نائلة من لَا يُشْرك لبالله شَيْئا
- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ الَّذين كفرُوا لن نؤمن بِهَذَا الْقُرْآن وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ وَلَو ترى غذ الظَّالِمُونَ موقوفون عِنْد رَبهم يرجع بَعضهم إِلَى بعض القَوْل يَقُول الَّذين استضعفوا للَّذين استكبروا لَوْلَا أَنْتُم لَكنا مُؤمنين قَالَ الَّذين استكبروا للَّذين استضعفوا أَنَحْنُ صددناكم عَن الْهدى بعد إِذْ جَاءَكُم بل كُنْتُم مجرمين وَقَالَ الَّذين استضعفوا للَّذين استكبروا بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار إِذْ تأمروننا أَن نكفر بِاللَّه ونجعل لَهُ أندادا وأسروا الندامة لما رَأَوْا الْعَذَاب وَجَعَلنَا الأغلال فِي أَعْنَاق الَّذين كفرُوا هَل يجزون إِلَّا مَا كَانُوا يعْملُونَ
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لن نؤمن بِهَذَا الْقُرْآن} قَالَ: هَذَا قَول مُشْركي الْعَرَب كفرُوا بِالْقُرْآنِ {وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ} من الْكتب والأنبياء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ} قَالَ: التَّوْرَاة والإِنجيل وَفِي قَوْله {يَقُول الَّذين استضعفوا} قَالَ: هم الِاتِّبَاع {للَّذين استكبروا} قَالَ: هم القادة وَفِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} يَقُول: غركم اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} قَالَ: بل مكركم بِمَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} قَالَ: بل مكركم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} قَالَ: بل مكركم بِمَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار يَا أَيهَا العظماء والرؤساء حَتَّى أزلتمونا عَن عبَادَة الله تَعَالَى
أما قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلنَا الأغلال فِي أَعْنَاق الَّذين كفرُوا}
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: مَا فِي جَهَنَّم دَار وَلَا مغار وَلَا غل وَلَا قيد وَلَا سلسلة إِلَّا اسْم صَاحبهَا عَلَيْهَا مَكْتُوب
فَحدث بِهِ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي رضي الله عنه فَبكى ثمَّ قَالَ: فَكيف بِهِ لَو جمع هَذَا كُله عَلَيْهِ فَجعل الْقَيْد فِي رجلَيْهِ والغل فِي يَدَيْهِ والسلسلة فِي عُنُقه ثمَّ أَدخل الدَّار وَأدْخل المغار
- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون وَقَالُوا نَحن أَكثر أَمْوَالًا وأولادا وَمَا نَحن بمعذبين قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ رجلَانِ شريكان خرج أَحدهمَا إِلَى السَّاحِل وَبَقِي الآخر فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم كتب إِلَى صَاحبه يسْأَله
مَا فعل فَكتب إِلَيْهِ أَنه لم يتبعهُ أحد من قُرَيْش إِلَّا رذالة النَّاس ومساكينهم فَترك تِجَارَته وأتى صَاحبه فَقَالَ لَهُ: دلَّنِي عَلَيْهِ وَكَانَ يقْرَأ الْكتب فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إلَامَ تَدْعُو قَالَ إِلَى كَذَا وَكَذَا
قَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله قَالَ: مَا علمك بذلك قَالَ: إِنَّه لم يبْعَث نَبِي إِلَّا اتبعهُ رذالة النَّاس ومساكينهم
فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها} الْآيَات
فارسل اليه النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن الله قد أنزل تَصْدِيق مَا قلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا قَالَ مترفوها} قَالَ: هم جبابرتهم ورؤوسهم وأشرافهم وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِلَّا قَالَ مترفوها} قَالَ: جبابرتها
- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى إِلَّا من آمن وَعمل صَالحا فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف بِمَا عمِلُوا وهم فِي الغرفات آمنون وَالَّذين يسعون فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب محضرون
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {عندنَا زلفى} قَالَ: قربى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لَا تعتبروا النَّاس بِكَثْرَة المَال وَالْولد وَإِن الْكَافِر يعْطى المَال وَرُبمَا حَبسه عَن الْمُؤمن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس أَنه كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ ارزقني الإِيمان وَالْعَمَل وجنبني المَال وَالْولد فَإِنِّي سَمِعت فِيمَا أوحيت {وَمَا أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى}
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف بِمَا عمِلُوا} قَالَ: بِالْوَاحِدِ عشرا وَفِي سَبِيل الله بِالْوَاحِدِ سَبْعمِائة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: إِذا كَانَ الْمُؤمن غَنِيا تقياً آتَاهُ الله أجره مرَّتَيْنِ
وتلا هَذِه الْآيَة {وَمَا أَمْوَالكُم} إِلَى قَوْله {فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف} قَالَ: تَضْعِيف الْحَسَنَة
أما قَوْله تَعَالَى: {وهم فِي الغرفات آمنون}
أخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن فِي الْجنَّة لغرفاً يرى ظُهُورهَا من بطونها وبطونها من ظُهُورهَا
قَالُوا: لمن هِيَ قَالَ: لمن أطاب الْكَلَام وَأطْعم الطَّعَام وأدام الصّيام وَصلى بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام
- قَوْله تَعَالَى: قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء من عباده وَيقدر لَهُ وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه أَنه سَأَلَ عَن قَوْله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} النَّفَقَة فِي سَبِيل الله قَالَ: لَا
وَلَكِن نَفَقَة الرجل على نَفسه وَأَهله فَالله بخلفه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} قَالَ: فِي غير إِسْرَاف وَلَا تقتير
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا أنفقتم على اهليكم فِي غير إِسْرَاف وَلَا تقتير فَهُوَ فِي سَبِيل الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} قَالَ: من غير إِسْرَاف وَلَا تقتير
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: إِذا كَانَ لأحدكم شَيْء فليقتصد وَلَا يتأوّل هَذِه الْآيَة {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} فَإِن الرزق مقسوم يَقُول: لَعَلَّ رزقه قَلِيل وَهُوَ ينْفق نَفَقَة الموسع عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} قَالَ: مَا كَانَ من خلف فَهُوَ مِنْهُ وَرُبمَا أنْفق الإِنسان مَاله كُله فِي الْخَيْر وَلم يخلف حَتَّى يَمُوت
وَمثلهَا {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} هود الْآيَة 6 يَقُول: مَا آتَاهُم من رزق فَمِنْهُ وَرُبمَا لم يرزقها حَتَّى تَمُوت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عَن النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مَا أنْفق العَبْد نَفَقَة فعلى الله خلفهَا ضَامِنا إِلَّا نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة
وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كل مَعْرُوف صَدَقَة وَمَا أنْفق الْمَرْء على نَفسه وَأَهله كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وَمَا وقِي بِهِ عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وكل نَفَقَة أنفقها مُؤمن فعلى الله خلفهَا ضَامِن إِلَّا نَفَقَة فِي مَعْصِيّة أَو بُنيان
قيل لِابْنِ الْمُنْكَدر: وَمَا أَرَادَ بِمَا وقِي بِهِ الْمَرْء عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة قَالَ: مَا أعْطى الشَّاعِر وَذَا اللِّسَان المتقي
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا إِن بعد زمانكم هَذَا زَمَانا عَضُوضًا يعَض الْمُوسر على مَا فِي يَده حذر الانفاق قَالَ الله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه}
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ الله عز وجل: أنْفق يَا ابْن آدم أنْفق عَلَيْك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب كرّم الله وَجهه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن لكل يَوْم نحساً فادفعوا نحس ذَلِك الْيَوْم بِالصَّدَقَةِ ثمَّ قَالَ: اقرؤا مَوَاضِع الْخلف فَإِنِّي سَمِعت الله يَقُول {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} إِذا لم تنفقوا كَيفَ يخلف
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن المعونة تنزل من السَّمَاء على قدر المؤونة
وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ عَن الزبير بن الْعَوام رضي الله عنه قَالَ: جِئْت حَتَّى جَلَست بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخذ بِطرف عمامتي من ورائي
ثمَّ قَالَ: يَا زبير إِنِّي رَسُول الله إِلَيْك خَاصَّة وَإِلَى النَّاس عَامَّة أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ربكُم حِين اسْتَوَى على عَرْشه فَنظر خلقه: عبَادي أَنْتُم خلقي وَأَنا ربكُم أرزاقكم بيَدي فَلَا تتبعوا فِيمَا تكفلت لكم فَاطْلُبُوا مني أرزاقكم أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قَالَ الله تبارك وتعالى: أنْفق أنْفق عَلَيْك وأوسع أوسع عَلَيْك وَلَا تُضَيِّقَ أُضَيِّقُ عَلَيْك وَلَا تصر فأصر عَلَيْك وَلَا تحزن فأحزن
عَلَيْك إِن بَاب الرزق مَفْتُوح من فَوق سبع سموات متواصل إِلَى الْعَرْش لَا يغلق لَيْلًا وَلَا نَهَارا ينزل الله مِنْهُ الرزق على كل امْرِئ بِقدر نِيَّته وعطيته وصدقته وَنَفَقَته فَمن أَكثر أَكثر لَهُ وَمن أقل أقل لَهُ وَمن أمسك أمسك عَلَيْهِ يَا زبير فَكل واطعم وَلَا توك فيوكي عَلَيْك وَلَا تحص فيحصى عَلَيْك وَلَا تقتر فيقتر عَلَيْك وَلَا تعسر فيعسر عَلَيْك يَا زبير إِن الله يحب الانفاق وَيبغض الاقتار وَإِن السخاء من الْيَقِين وَالْبخل من الشَّك فَلَا يدْخل النارمن أَيقَن وَلَا يدْخل الْجنَّة من شكّ
يَا زبير إِن الله يحب السخاوة وَلَو بفلقة تَمْرَة والشجاعة وَلَو بقتل عقرب أَو حيه
يَا زبير إِن الله يحب الصَّبْر عِنْد زَلْزَلَة الزلازل وَالْيَقِين النَّافِذ عِنْد مَجِيء الشَّهَوَات وَالْعقل الْكَامِل عِنْد نزُول الشُّبُهَات والورع الصَّادِق عِنْد الْحَرَام والخبيثات
يَا زبير عظم الإِخوان وجلل الْأَبْرَار وَوقر الأخيار وصل الْجَار وَلَا تماشي الْفجار
من فعل ذَلِك دخل الْجنَّة بِلَا حِسَاب وَلَا عَذَاب هَذِه وَصِيَّة الله إليّ ووصيتي إِلَيْك
- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم يحشرهم جَمِيعًا ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْت ولينا من دونهم بل كَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ أَكْثَرهم بهم مُؤمنُونَ فاليوم لَا يملك بَعْضكُم لبَعض نفعا وَلَا ضرا ونقول للَّذين ظلمُوا ذوقوا عَذَاب النَّار الَّتِي كُنْتُم بهَا تكذبون وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رجل يُرِيد أَن يصدكم عَمَّا كَانَ يعبد آباؤكم وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إفْك مفترى وَقَالَ الَّذين كفرُوا للحق لما جَاءَهُم إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها وَمَا أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من نَذِير وَكذب الَّذين من قبلهم وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم فكذبوا رُسُلِي فَكيف كَانَ نَكِير
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاده رضي الله عنه فِي قَوْله {ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ} قَالَ: اسْتِفْهَام كَقَوْلِه لعيسى عليه السلام {أَأَنْت قلت للنَّاس} الْمَائِدَة الْآيَة 116
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {بل كَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ} قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها} قَالَ: لم يكن عِنْدهم كتاب يدرسونه فيعلمون أَن مَا جِئْت بِهِ حق أم بَاطِل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها} أَي يقرؤونها {وَمَا أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من نَذِير} وَقَالَ: {وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير} فاطر الآيه 24 وَلَا ينقص هَذَا هَذَا وَلَكِن كلما ذهب نَبِي فَمن بعده فِي نذارته حَتَّى يخرج النَّبِي الآخر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم} يَقُول: من الْقُدْرَة فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رضي الله عنه فِي قَوْله {وَكذب الَّذين من قبلهم} قَالَ: الْقُرُون الأولى {وَمَا بلغُوا} أَي الَّذين كفرُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم {معشار مَا آتَيْنَاهُم} من الْقُوَّة والاجلال وَالدُّنْيَا والاموال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاده رضي الله عنه فِي قَوْله {وَكذب الَّذين من قبلهم} قَالَ: كذب الَّذين قبل هَؤُلَاءِ {وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم} قَالَ: يُخْبِركُمْ أَنه اعطى الْقَوْم مَا لم يعطكم من الْقُوَّة وَغير ذَلِك {فَكيف كَانَ نَكِير} يَقُول: فقد أهلك الله أُولَئِكَ وهم أقوى وأخلد
قَوْله تَعَالَى: قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة أَن تقوموا لله مثنى وفرادى ثمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بصاحبكم من جنَّة إِن هُوَ إِلَّا نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ {قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة} قَالَ: بِطَاعَة الله {أَن تقوموا لله مثنى وفرادى} قَالَ: وَاحِد واثنين
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة} قَالَ: بِلَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رضي الله عنه فِي قَوْله {قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَفِي قَوْله {أَن تقوموا لله} قَالَ: لَيْسَ بِالْقيامِ على الأرجل كَقَوْلِه {كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ} النِّسَاء الْآيَة 135
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه فِي الآيه قَالَ: يقوم الرجل مَعَ الرجل أَو وَحده فيتفكر مَا بصاحبكم من جنَّة يَقُول: إِنَّه لَيْسَ بمجنون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي امامة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول أَعْطَيْت ثَلَاثًا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي وَلَا فَخر
أحلّت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لمن كَانَ قبلي كَانُوا يجمعُونَ غنائمهم فيحرقونها
وَبعثت إِلَى كل أَحْمَر وأسود وَكَانَ كل نَبِي يبْعَث إِلَى قومه وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا أتيمم بالصعيد وأصلي فِيهَا حَيْثُ أدركتني الصَّلَاة قَالَ الله تَعَالَى {أَن تقوموا لله مثنى وفرادى} وأعنت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر بَين يَدي
- قَوْله تَعَالَى: قل مَا سألتكم من أجر فَهُوَ لكم إِن أجري إِلَّا على الله وَهُوَ على كل شَيْء شَهِيد قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب قل جَاءَ الْحق وَمَا يبددئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد قل إِن ضللت فَإِنَّمَا أضلّ على نَفسِي وَإِن اهتديت فبمَا يوحي إِلَيّ رَبِّي إِنَّه سميع قريب
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {قل مَا سألتكم من أجر} أَي من جعل {فَهُوَ لكم} يَقُول: لم أَسأَلكُم
على الإِسلام جعلا وَفِي قَوْله {قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب قل جَاءَ الْحق وَمَا يبدئ الْبَاطِل} قَالَ: الشَّيْطَان لَا يبدئ وَلَا يُعِيد إِذا هلك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {يقذف بِالْحَقِّ} قَالَ: ينزل بِالْوَحْي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {جَاءَ الْحق} قَالَ: جَاءَ الْقُرْآن {وَمَا يبدئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد} قَالَ: مَا يخلق إِبْلِيس شَيْئا وَلَا يَبْعَثهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن سعد رضي الله عنه {قل إِن ضللت فَإِنَّمَا أضلّ على نَفسِي} قَالَ: اؤخذ بخيانتي
- قَوْله تَعَالَى: وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ: فِي الدُّنْيَا عِنْد الْمَوْت حِين عاينوا الْمَلَائِكَة وَرَأَوا بَأْس الله {وأنَّى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد} غَافِر الْآيَة 84 قَالَ: لَا سَبِيل لَهُم إِلَى الإِيمان كَقَوْلِه {فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده وكفرنا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكين} قَالَ: قد كَانُوا يدعونَ إِلَيْهِ وهم فِي دعة ورخاء فَلم يُؤمنُوا بِهِ {ويقذفون بِالْغَيْبِ} يرجعُونَ بِالظَّنِّ يَقُولُونَ إِنَّه لَا جنَّة وَلَا نَار وَلَا بعث {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: اشتهوا طَاعَة الله لَو أَنهم عمِلُوا بهَا فحيل بَينهم وَبَين ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ يَوْم الْقِيَامَة {فَلَا فَوت} فَلم يفوتوا رَبك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ فِي الْقُبُور من الصَّيْحَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ: هَذَا يَوْم بدرحين ضربت أَعْنَاقهم فعاينوا الْعَذَاب فَلم يستطيعوا فِرَارًا من الْعَذَاب وَلَا رُجُوعا إِلَى التَّوْبَة
وَأخرج عبد بن حميد وَالضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: هُوَ يَوْم بدر
وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن أسلم مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رضي الله عنه {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: هم قَتْلَى الْمُشْركين من أهل بدر نزلت فيهم هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب} قَالَ: هُوَ جَيش السفياني قَالَ: من أَيْن أَخذ قَالَ: من تَحت أَقْدَامهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ: قوم خسف بهم أخذُوا من تَحت أَقْدَامهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يبْعَث نَاس إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء بعث الله عَلَيْهِم جِبْرِيل عليه السلام فضربهم بِرجلِهِ ضَرْبَة فيخسف الله بهم فَذَلِك قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: هم الْجَيْش الَّذين يخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ يبْقى مِنْهُم رجل يخبر النَّاس بِمَا لَقِي أَصْحَابه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي معقل رضي الله عنه {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: أخذُوا فَلم يفوتوا
وَأخرج أَحْمد عَن نفيرة امْرَأَة الْقَعْقَاع بن أبي حدره رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذا سَمِعْتُمْ بِجَيْش قد خسف بِهِ فقد أطلت السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم عَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ رضي الله عنها سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: ليؤمنّ هَذَا الْبَيْت جَيش يغزونه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف أوساطهم فينادي أَوَّلهمْ آخِرهم فيخسف بهم خسفاً فَلَا ينجو إِلَّا الشريد الَّذِي يخبر عَنْهُم وَأخرج أَحْمد عَن حَفْصه رضي الله عنها قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول:
يَأْتِي جَيش من قبل الْمشرق يُرِيدُونَ رجلا من أهل مَكَّة حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم فَيرجع من كَانَ أمامهم لينْظر مَا فعل الْقَوْم فيصيبهم مَا أَصَابَهُم
قلت: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن كَانَ مستكرهاً قَالَ: يصيبهم كلهم ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله كل امْرِئ على نِيَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن صَفِيَّة أم الْمُؤمنِينَ رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يَنْتَهِي النَّاس عَن غَزْو هَذَا الْبَيْت حَتَّى يغزوه جَيش حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بأولهم وَآخرهمْ وَلم ينج أوسطهم قلت: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الْمُكْره قَالَ: يَبْعَثهُم الله على مَا فِي أنفسهم
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عائشه رضي الله عنها قَالَت: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم [] وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ام سَلمَة رضي الله عنها سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول يعوذ عَائِذ بِالْحرم فيبعث إِلَيْهِ بعث فَإِذا كَانَ ببيداء من الأَرْض خسف بهم قلت: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن يخرج كَارِهًا قَالَ: يخسف بِهِ مَعَهم وَلكنه يبْعَث على نِيَّته يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي سيبه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُبَايع الرجل من أمتِي بَين الرُّكْن وَالْمقَام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب الْعرَاق وابدال الشَّام فيأتيهم جَيش من الشَّام حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم ثمَّ يسير إِلَيْهِ رجل من قُرَيْش اخواله كلب فيهزمهم الله قَالَ: وَكَانَ يُقَال إِن الخائب يَوْمئِذٍ من خَابَ من غنيمَة كلب
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم المحروم من حرم غنيمَة كلب وَلَو عقَالًا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتُبَاعَنَّ نِسَاؤُهُم على درج دمشق حَتَّى ترد الْمَرْأَة من كسر بساقها
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تَنْتَهِ الْبعُوث عَن غَزْو بَيت الله حَتَّى يخسف بِجَيْش مِنْهُم وَأخرج الْحَاكِم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقعدَة تحارب الْقَبَائِل وعامئذ ينهب الْحَاج وَتَكون
ملحمة بمنى حَتَّى يهرب صَاحبهمْ فيبايع بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَهُوَ كَارِه يبايعه مثل عدَّة أهل بدر يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل يُقَال لَهُ السفياني فِي عمق دمشق وَعَامة من يتبعهُ من كلب فَيقْتل حَتَّى يبقر بطُون النِّسَاء وَيقتل الصّبيان فَيجمع لَهُم قيس فيقتلها حَتَّى لَا يمْنَع ذَنْب تلعة وَيخرج رجل من أهل بَيْتِي فَيبلغ السفياني فيبعث إِلَيْهِ جنداً من جنده فيهزمه فيسير إِلَيْهِ السفياني بِمن مَعَه حَتَّى إِذا صَار ببيداء من الأَرْض خسف بهم فَلَا ينجو مِنْهُم إِلَّا الْمخبر عَنْهُم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أحذركم سبع فتن فتْنَة تقبل من الْمَدِينَة وفتنة بِمَكَّة وفتنة بِالْيمن وفتنة تقبل من الشَّام وفتنة تقبل من الْمشرق وفتنة تقبل من الْمغرب وفتنه من بطن الشَّام وَهِي السفياني
فَقَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: مِنْكُم من يدْرك أولهاومن هَذِه الْأمة من يدْرك آخرهَا قَالَ الْوَلِيد بن عَيَّاش رضي الله عنه: فَكَانَت فتْنَة الْمَدِينَة من قبل طَلْحَة وَالزُّبَيْر وفتنة مَكَّة فتْنَة ابْن الزبير وفتنة الشَّام من قبل بني أُمِّيّه وفتنة الْمشرق من قبل هَؤُلَاءِ
- قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا آمنا بِهِ وأنَّى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد وَقد كفرُوا بِهِ من قبل ويقذفون بِالْغَيْبِ من مَكَان بعيد
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَقَالُوا آمنا بِهِ} قَالَ: الله {وأَنى لَهُم التناوش} قَالَ: التَّنَاوُل كَذَلِك {من مَكَان بعيد} قَالَ: مَا كَانَ بَين الْآخِرَة وَالدُّنْيَا {وَقد كفرُوا بِهِ من قبل} قَالَ: كفرُوا بِاللَّه فِي الدُّنْيَا {ويقذفون بِالْغَيْبِ من مَكَان بعيد} قَالَ: فِي الدُّنْيَا قَوْلهم هُوَ سَاحر بل هُوَ كَاهِن بل هُوَ شَاعِر بل هُوَ كَذَّاب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله
عَنهُ {وأنى لَهُم التناوش} الرَّد {من مَكَان بعيد} قَالَ: من الْآخِرَة إِلَى الدُّنْيَا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وأَنى لَهُم التناوش} قَالَ: كَيفَ لَهُم الرَّد {من مَكَان بعيد} قَالَ: يسْأَلُون الرَّد وَلَيْسَ حِين رد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن التَّيْمِيّ قَالَ: أتيت ابْن عَبَّاس قلت: مَا التناوش قَالَ: تنَاول الشَّيْء وَلَيْسَ بِحِين ذَاك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وأَنى لَهُم التناوش} قَالَ: التَّوْبَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رضي الله عنه مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ (التناؤش) ممدودة مَهْمُوزَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {ويقذفون بِالْغَيْبِ} قَالَ: يرجمون بِالظَّنِّ إِنَّهُم كَانُوا فِي الدُّنْيَا يكذبُون بِالآخِرَة وَيَقُولُونَ: لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار
- قَوْله تَعَالَى: وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون كَمَا فعل بأشياعهم من قبل إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: حيل بَينهم وَبَين الايمان
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: من مالأو ولد أَو زهرَة أَو أهل {كَمَا فعل بأشياعهم من قبل} قَالَ: كَمَا فعل بالكفار من قبلهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: التَّوْبَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: كَانَ رجل من بني إِسْرَائِيل فاتحاً أَي الله فتح لَهُ مَالا فورثه ابْن لَهُ تافه - أَي فَاسد - فَكَانَ يعْمل فِي مَال أَبِيه بمعاصي الله فَلَمَّا رأى ذَلِك إخْوَان أَبِيه أَتَوا الْفَتى فعزلوه ولاموه فضجر الْفَتى فَبَاعَ عقاره بصامت ثمَّ رَحل فَأتى عينا تجاهه فسرح فِيهَا مَاله وابتنى قصراً
فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم جَالس إِذْ شملت عَلَيْهِ ريح بِامْرَأَة من أحسن النَّاس وجهاوأطيبهم ريحًا فَقَالَت: من أَنْت يَا عبد الله قَالَ: أَنا امْرُؤ من بني إِسْرَائِيل قَالَت: فلك هَذَا الْقصر وَهَذَا المَال قَالَ: نعم
[قَالَت] فَهَل لَك من زَوْجَة قَالَ: لَا
قَالَت: فَكيف يهنيك الْعَيْش وَلَا زَوْجَة لَك قَالَ: قد كَانَ ذَاك فَهَل لكِ من بعل قَالَت: لَا
قَالَ: فَهَل لَك أَن أتزوجك قَالَت: إِنِّي امْرَأَة مِنْك على مسيرَة ميل فَإِذا كَانَ غَد فتزود زَاد يَوْم وأتني وَإِن رَأَيْت فِي طريقك هولاً قَالَ: نعم
قَالَت: إِنَّه لَا بَأْس عَلَيْك فَلَا يهولنك
فَلَمَّا كَانَ من الْغَد تزَود زَاد يَوْم وَانْطَلق إِلَى قصر فقرع بَابه فَخرج إِلَيْهِ شَاب من أحسن النَّاس وَجها وَأطيب النَّاس ريحًا فَقَالَ: من أَنْت يَا عبد الله قَالَ: أَنا الاسرائيلي قَالَ: فَمَا حَاجَتك قَالَ: دعتني صَاحِبَة هَذَا الْقصر إِلَى نَفسهَا قَالَ: صدقت فَهَل رَأَيْت فِي طريقك هولاً قَالَ: نعم وَلَوْلَا أَخْبَرتنِي أَن لَا بَأْس عليَّ لهالني الَّذِي رَأَيْت أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذْ أَنا بكلبة فَاتِحَة فاها فَفَزِعت فَوَثَبت فَإِذا أَنا من وَرَائِهَا وَإِذا جروها ينْحَر على صدرها قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون آخر الزَّمَان يقاعد الْغُلَام المشيخة فيغلبهم على مجلسهم ويأسرهم حَدِيثهمْ
ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل وَإِذا بِمِائَة اعنز حفل وَإِذا فِيهَا جدي يمصها فَإِذا أَتَى عَلَيْهَا فَظن أَنه لم يتْرك شَيْئا فتح فَاه يلْتَمس الزِّيَادَة قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان ملك يجمع صَامت النَّاس كلهم حَتَّى إِذا ظن أَنه لم يتْرك شَيْئا فتح فَاه يلْتَمس الزِّيَادَة قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بشجر فاعجبني غُصْن من شَجَرَة مِنْهَا ناضر فَأَرَدْت بِرَجُل مَعَه منجل يحصد مَا بلغ وَمَا لم يبلغ قَالَ لَهُ: لَو حصدت مَا بلغ وَتركت مَا لم يبلغ قَالَ لَهُ: امْضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا
قطعه فنادتني شَجَرَة أُخْرَى: يَا عبد الله مني فَخذ
حَتَّى ناداني الشّجر: يَا عبد الله منا فَخذ
قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان يقل الرِّجَال وَيكثر النِّسَاء حَتَّى إِن الرجل ليخطب الْمَرْأَة فتدعوه الْعشْرَة وَالْعشْرُونَ إِلَى أَنْفسهنَّ
قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى انفرج بِي السَّبِيل فَإِذا أَنا بِرَجُل قَائِم على عين يغْرف لكل انسان من المَاء فَإِذا تصدعوا عَنهُ صب المَاء فِي جرته فَلم تعلق جرته من المَاء بِشَيْء قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان القَاضِي يعلم النَّاس الْعلم ثمَّ يخالفهم إِلَى معاصي الله ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل يميح على قليب كلما أخرج دلوه صبه فِي الْحَوْض فانساب المَاء رَاجعا إِلَى القليب قَالَ: هَذَا رجل رد الله عَلَيْهِ صَالح عمله فَلم يقبله
ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل يبذر بذراً فيستحصد فَإِذا حِنْطَة طبية قَالَ: هَذَا رجل قبل الله صَالح عمله وأزكاه لَهُ
قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السبيلإذا أَنا بعنز وَإِذا قوم قد أخذُوا بقوائمها وَإِذا رجل آخذ بقرنيها وَإِذا رجل آخذ بذنبها وَإِذا رجل قد ركبهَا وَإِذا رجل يحلبها فَقَالَ: أما العنز فَهِيَ الدُّنْيَا وَالَّذين أخذُوا بقوائمها فهم يتساقطون من عليتهاوأما الَّذِي قد أَخذ بقرنيها فَهُوَ يعالج من عيشها ضيقا وَأما الَّذِي قد أَخذ بذنبها فقد أَدْبَرت عَنهُ وَأما الَّذِي ركبهَا فقد تَركهَا وَأما الَّذِي يتحلبها
فبخ
بخ ذهب ذَاك بهَا قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل مستلق على قَفاهُ فَقَالَ: يَا عبد الله أدن مني فَخذ بيَدي واقعدني فوَاللَّه مَا قعدت مُنْذُ خلقني الله فاخذت بِيَدِهِ فَقَامَ يسْعَى حَتَّى مَا أرَاهُ فَقَالَ لَهُ الْفَتى: هَذَا عمرك فقد وَأَنا ملك الْمَوْت وَأَنا الْمَرْأَة الَّتِي أَتَيْتُك أَمرنِي الله بِقَبض روحك فِي هَذَا الْمَكَان ثمَّ أصيرك إِلَى جَهَنَّم
قَالَ فَفِيهِ نزلت هَذِه الآيه {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون}
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لَا تهتكوا سترا فَإِنَّهُ كَانَ رجل فِي بني إِسْرَائِيل وَكَانَ لَهُ امْرَأَة وَكَانَت إِذا قدمت إِلَيْهِ الطَّعَام ثمَّ قَامَت على رَأسه ثمَّ تَقول: هتك الله ستر
امْرَأَة تخون زَوجهَا بِالْغَيْبِ فَبعث إِلَيْهَا يَوْمًا بِسَمَكَةٍ ثمَّ قَامَت على رَأسه فَقَالَت: هتك الله ستر امْرَأَة تخون زَوجهَا بِالْغَيْبِ فقهقهت السَّمَكَة حَتَّى سَقَطت من الْقَصعَة
فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات كل ذَلِك تقهقه السَّمَكَة وتضرب حَتَّى تسْقط من الخوان
فَأتى عَالم بني إِسْرَائِيل فَأخْبرهُ فَقَالَ: انْطلق فاذكر رَبك وكل طَعَامك واخس الشَّيْطَان عَنْك فَقَالَ لَهُ: اخف النَّاس انْطلق إِلَى ابْنه فَإِنَّهُ أعلم مِنْهُ فَانْطَلق فاخبره فَقَالَ: ائْتِنِي بِكُل من فِي دَارك مِمَّن لم تَرَ عورتهفأتاه فَنظر فِي وُجُوههم ثمَّ قَالَ: اكشف عَن هَذِه الحبشية فكشف عَنْهَا فَإِذا مثل ذِرَاع الْبكر فَقَالَ: من هَذَا أتيت
فَمَاتَ أَبُو الْفَتى الْعَالم وهتك بهتكه ذَلِك السّتْر وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاس فَأَتَاهُ بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا وَيحك
أَنْت كنت أعلمناوأميننا
فَلَمَّا أَن أَكْثرُوا عَلَيْهِ هرب مِنْهُم إِلَى أَن بلغ إِلَى أقْصَى مَوضِع بني إِسْرَائِيل من أَرض البلقاء فاتيح لَهُ امْرَأَة جميلَة تستفتيه فَقَالَ لَهَا: هَل لَك أَن تمكنيني من نَفسك واهب لَك مائَة دِينَار قَالَت: أوخير من ذَلِك تَجِيء إِلَى أَهلِي تتزوّجني وأكون لَك حَلَالا أبدا
قَالَ: فَأَيْنَ مَنْزِلك فوصفت لَهُ فطابت عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَة
فَمضى فَإِذا هُوَ بكلبة تنبح فِي بَطنهَا جراؤها قَالَ: مَا أعجب هَذَا قيل لَهُ: إمضِ
لَا تكونن مُكَلّفا فَسَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يحمل حِجَارَة كلما ثقلت عَلَيْهِ وَسَقَطت مِنْهُ زَاد عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ: أَنْت لَا تَسْتَطِيع تحمل هَذَا تزيد عَلَيْهِ قَالَ: امضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا
فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يَسْتَقِي من بِئْر ويصبه فِي حَوْض إِلَى جنب الْبِئْر وَفِي الْحَوْض ثقب فالماء يرجع إِلَى الْبِئْر قَالَ لَهُ: لَو سددت الْجُحر استمسك لَك المَاء قَالَ: امْضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بظبية وَرجل رَاكب عَلَيْهَا وَآخر يحلبها وَآخر يمسك بقرنيها وَآخَرُونَ يمسكون بقوائمها قَالَ: مَا أعجب هَذَا قَالَ لَهُ: امضِ
لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يبذر بذراً فَلَا يَقع على الأَرْض حَتَّى ينْبت ثمَّ مضى فَإِذا هُوَ
فَمضى فَإِذا هُوَ بِالْقصرِ الَّذِي وعدته وَإِذا دونه نهر وَإِذا رجل جَالس على سَرِير فَقَالَ لَهُ: كَيفَ الطَّرِيق إِلَى هَذَا الْقصر وَلَقَد رَأَيْت فِي لَيْلَتي أَعَاجِيب قَالَ: مَا هِيَ فَذكر الكلبة
قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يثب الصَّغِير على الْكَبِير والوضيع على الشريف وَالسَّفِيه على الْحَلِيم
وَذكر لَهُ الَّذِي يحمل الْحِجَارَة قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون عِنْد الرجل الأمانه فَلَا يقدر يُؤَدِّيهَا وَيزِيد عَلَيْهَا
وَذكر لَهُ الَّذِي يَسْتَقِي قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يتَزَوَّج الرجل الْمَرْأَة لَا يَتَزَوَّجهَا لدينها وَلَا حسب وَلَا جمال إِنَّمَا يُرِيد مَالهَا وَتَكون لَا تَلد فَيكون كل شَيْء مِنْهُ يرجع فِيهَا
وَذكر لَهُ الظبيه قَالَ: هِيَ الدُّنْيَا
أما الرَّاكِب عَلَيْهَا فالملك
وَأما الَّذين يحلبونها فَهُوَ أطيب النَّاس عَيْشًا
وَأما الَّذِي يمسك بقرنيها فَمن أيبس النَّاس عَيْشًا
وَأما الَّذِي يمسك ذنبها فَالَّذِي لَا يَأْتِيهِ رزقه إِلَّا قوتاً
وَالَّذين يمسكون بقوائمها فسفلة النَّاس
وَذكر لَهُ الْبذر قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يدْرِي مَتى يتزوّج الرجل وَمَتى يُولد الْمَوْلُود وَمَتى قد بلغ
وَذكر لَهُ الَّذِي يحصد فَقَالَ: ذَاك ملك الْمَوْت يحصد الصَّغِير وَالْكَبِير وَأَنا هُوَ بَعَثَنِي الله إِلَيْك لأقبض روحك على أسوء أحوالك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رضي الله عنه
أَنه شرب مَاء بَارِد فَبكى فَقيل لَهُ: مَا يبكيك فَقَالَ: ذكرت آيَة فِي كتاب الله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} فَعرفت أَن أهل النَّار لَا يشتهون إِلَّا المَاء الْبَارِد وَقد قَالَ الله {أفيضوا علينا من المَاء} الْأَعْرَاف الْآيَة 50
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب} قَالَ: إيَّاكُمْ وَالشَّكّ والريبة فَإِنَّهُ من مَاتَ على شكّ بعث عليهومن مَاتَ على يَقِين بعث عَلَيْهِ
وَالله أعلم 7