الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (46)
سُورَة الْأَحْقَاف
مَكِّيَّة وآياتها خمس وَثَلَاثُونَ
مُقَدّمَة سُورَة الْأَحْقَاف أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة {حم} الْأَحْقَاف
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
الْآيَات 1 - 3
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُورَة من آل {حم} وَهِي
الْأَحْقَاف
قَالَ: وَكَانَت السُّورَة إِذا كَانَت أَكثر من ثَلَاثِينَ آيَة سميت ثَلَاثِينَ
وَأخرج ابْن الضريس وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُورَة الْأَحْقَاف وأقرأها آخر فَخَالف قِرَاءَته فَقلت: من أقرأكها قَالَ: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فَقلت: وَالله لقد أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غير ذَا
فأتينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقلت يَا رَسُول الله: ألم تقرئني كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى فَقَالَ الآخر: ألم تقرئني كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى
فتمعر (تمعر وَجهه: تغير) وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ليقْرَأ كل واحدٍ مِنْكُمَا مَا سمع فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالإختلاف
الْآيَات 4 - 8
أخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {أَو أثارة من علم} قَالَ: الْخط
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب من طَرِيق أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} قَالَ: هَذَا الْخط
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْخط فَقَالَ: علمه نَبِي وَمن كَانَ وَافقه علم
قَالَ: صَفْوَان: فَحدثت بِهِ أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: {أَو أثارة من علم}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كَانَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء يخط فَمن صَادف مثل خطه علم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: حسن خطّ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} قَالَ: جودة الْخط
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: خطّ كَانَ تخطه الْعَرَب فِي الأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: أَو خَاصَّة من علم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} يَقُول: بَيِّنَة من الْأَمر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: أحد يأثر علما وَفِي قَوْله {هُوَ أعلم بِمَا تفيضون فِيهِ} قَالَ: تَقولُونَ
الْآيَة 9
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} يَقُول لست بأوّل الرُّسُل {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} فَأنْزل الله بعد هَذَا (ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر)(الْفَتْح الْآيَة 2) وَقَوله {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات} الْفَتْح الْآيَة 3 الْآيَة فَأعْلم الله سُبْحَانَهُ نبيه مَا يفعل بِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} قَالَ: مَا كنت بأوّلهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} قَالَ: يَقُول: قد كَانَت الرُّسُل قبله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: هَل يتْرك بِمَكَّة أَو يخرج مِنْهَا
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: نسختها هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفَتْح
فَخرج إِلَى النَّاس فبشرهم بِالَّذِي غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر
فَقَالَ رجل من الْمُؤمنِينَ: هَنِيئًا لَك يَا نَبِي الله قد علمنَا الْآن مَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا فَأنْزل الله فِي سُورَة الْأَحْزَاب (وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا)(الْأَحْزَاب الْآيَة 47) وَقَالَ (ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَيكفر عَنْهُم سيئاتهم وَكَانَ ذَلِك عِنْد الله فوزاً عَظِيما)(الْفَتْح الْآيَة 5) فَبين الله مَا بِهِ يفعل وبهم
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن مثله
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم الْعَلَاء رضي الله عنها وَكَانَت بَايَعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَت: لما مَاتَ عُثْمَان بن مَظْعُون رضي الله عنه قلت: رَحْمَة الله عَلَيْك أَبَا السَّائِب شهادتي عَلَيْك لقد أكرمك الله
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَمَا يدْريك أَن الله أكْرمه أما هُوَ فقد جَاءَهُ الْيَقِين من ربه وَإِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْر وَالله مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله مَا يفعل بِي وَلَا بكم
قَالَت أم الْعَلَاء: فو الله مَا أزكي بعده أحدا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لما مَاتَ عُثْمَان بن مَظْعُون رضي الله عنه قَالَت: امْرَأَته أَو امْرَأَة: هَنِيئًا لَك ابْن مَظْعُون الْجنَّة
فَنظر إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نظر مغضب وَقَالَ: وَمَا يدْريك وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَمَا أَدْرِي مَا يفعل الله بِي
قَالَ: وَذَلِكَ قبل أَن ينزل (ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر)(الْفَتْح الْآيَة 1 - 2) فَقَالَت يَا رَسُول الله صَاحبك وفارسك وَأَنت أعلم فَقَالَ: أَرْجُو لَهُ رَحْمَة ربه وأخاف عَلَيْهِ ذَنبه
وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن ثَابت رضي الله عنه أَن عُثْمَان بن مَظْعُون رضي الله عنه لما قبض قَالَت أم الْعَلَاء: طبت أَبَا السَّائِب نفسا إِنَّك فِي الْجنَّة
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: وَمَا يدْريك قَالَت: يَا رَسُول الله عُثْمَان بن مَظْعُون قَالَ: أجل مَا رَأينَا إِلَّا خيرا وَالله مَا أَدْرِي مَا يصنع بِي
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} عمل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْخَوْف زَمَانا فَلَمَّا نزلت (إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر)(الْفَتْح الْآيَة 1 - 2) اجْتهد
فَقيل لَهُ: تجهد نَفسك وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر
قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: ثمَّ درى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم بعد ذَلِك مَا يفعل بِهِ بقوله (إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر)
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: أما فِي الْآخِرَة فمعاذ الله قد علم أَنه فِي الْجنَّة حِين أَخذ ميثاقه فِي الرُّسُل وَلَكِن {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} فِي الدُّنْيَا أخرج كَمَا أخرجت الْأَنْبِيَاء من قبلي أم أقتل كَمَا قتلت الْأَنْبِيَاء من قبلي {وَلَا بكم} أمتِي المكذبة أم أمتِي المصدقة أم أمتِي المرمية بِالْحِجَارَةِ من السَّمَاء قذفا أم يخسف بهَا خسفاً ثمَّ أُوحِي إِلَيْهِ (وَإِذ قُلْنَا لَك أَن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ)(الْإِسْرَاء الْآيَة 60) يَقُول: أحطت لَك بالعرب أَن لَا يَقْتُلُوك فَعرف أَنه لَا يقتل ثمَّ أنزل الله (هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَكفى بِاللَّه شَهِيدا)(التَّوْبَة الْآيَة 33) يَقُول: أشهد لَك على نَفسه أَنه سَيظْهر دينك على الْأَدْيَان ثمَّ قَالَ لَهُ فِي أمته (وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ)(الرَّعْد الْآيَة 43) فَأخْبر الله مَا صنع بِهِ وَمَا يصنع بأمته
الْآيَة 10
أخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ بِسَنَد صَحِيح عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ رضي الله عنه قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنا مَعَه حَتَّى دَخَلنَا على كَنِيسَة الْيَهُود يَوْم عيدهم فكرهوا دخولنا عَلَيْهِم فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أروني اثْنَي عشر رجلا مِنْكُم يشْهدُونَ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله يحبط الله عَن كل يَهُودِيّ تَحت أَدِيم السَّمَاء الْغَضَب الَّذِي عَلَيْهِ
فَسَكَتُوا فَمَا أَجَابَهُ مِنْهُم أحد ثمَّ رد عَلَيْهِ فَلم يجبهُ أحد فثلث فَلم يجبهُ أحد فَقَالَ: أَبَيْتُم فو الله لأَنا الحاشر وَأَنا
العاقب وَأَنا المقفي آمنتم أَو كَذبْتُمْ
ثمَّ انْصَرف وَأَنا مَعَه حَتَّى كدنا أَن نخرج فَإِذا رجل من خَلفه فَقَالَ: كَمَا أَنْت يَا مُحَمَّد فَأقبل فَقَالَ ذَلِك الرجل أَي رجل تعلموني فِيكُم يَا معشر الْيَهُود فَقَالُوا: وَالله مَا نعلم فِينَا رجلا أعلم بِكِتَاب الله وَلَا أفقه مِنْك وَلَا من أَبِيك وَلَا من جدك
قَالَ: فَإِنِّي أشهد بِاللَّه أَنه النَّبِي الَّذِي تجدونه فِي التَّوْرَاة والإِنجيل
قَالُوا: كذبت ثمَّ ردوا عَلَيْهِ وَقَالُوا شرا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كَذبْتُمْ لن يقبل مِنْكُم قَوْلكُم
فخرجنا وَنحن ثَلَاث: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا وَابْن سَلام
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قَالَ: مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لأحد يمشي على وَجه الأَرْض إِنَّه من أهل الْجنَّة إِلَّا لعبد الله بن سَلام وَفِيه نزلت {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله}
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن سَلام رضي الله عنه قَالَ: نزلت فِي آيَات من كتاب الله نزلت فيّ {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} وَنزل فيَّ (قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب)(الْأَحْقَاف الْآيَة 16)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل} قَالَ: عبد الله بن سَلام
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك مثله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم وَقَتَادَة مثله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل} قَالَ: عبد الله بن سَلام
وَأخرج الْحسن بن مُسلم رضي الله عنه نزلت هَذِه الْآيَة بِمَكَّة وَعبد الله بن سَلام بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: نزلت {حم} وَعبد الله بِالْمَدِينَةِ مُسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي عبد الله بن سَلام {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: وَالسورَة مَكِّيَّة وَالْآيَة مَدَنِيَّة
قَالَ: وَكَانَت الْآيَة تنزل فَيُؤْمَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن يَضَعهَا بَين آيتي كَذَا وَكَذَا فِي سُورَة كَذَا يرَوْنَ أَن هَذِه مِنْهُنَّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: لَيْسَ بِعَبْد الله بن سَلام هَذِه الْآيَة مَكِّيَّة فَيَقُول: من آمن من بني إِسْرَائِيل فَهُوَ كمن آمن بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رضي الله عنه قَالَ: مَا نزل فِي عبد الله بن سَلام رضي الله عنه شَيْء من الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق رضي الله عنه فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: وَالله مَا نزلت فِي عبد الله بن سَلام مَا نزلت إِلَّا بِمَكَّة وَإِنَّمَا كَانَ إِسْلَام ابْن سَلام بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا كَانَت خُصُومَة خَاصم بهَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: لما أَرَادَ عبد الله بن سَلام الإِسلام دخل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله أرسلك بِالْهدى وَدين الْحق وَإِن الْيَهُود تَجِد ذَلِك عِنْدهم فِي التَّوْرَاة منعوتاً
ثمَّ قَالَ لَهُ: أرسل إِلَى نفر من الْيَهُود فسلهم عني وَعَن وَالِدي فَإِنَّهُم سيخبرونك وَإِنِّي سأخرج عَلَيْهِم فَأشْهد أَنَّك رَسُول الله لَعَلَّهُم يسلمُونَ
فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّفر فَدَعَاهُمْ وخبأهم فِي بَيته فَقَالَ لَهُم مَا عبد الله بن سَلام فِيكُم وَمَا كَانَ وَالِده قَالُوا: سيدنَا وَابْن سيدنَا وعالمنا وَابْن عالمنا
قَالَ: أَرَأَيْتُم إِن أسلم أتسلمون قَالُوا: إِنَّه لَا يسلم
فَخرج عَلَيْهِم فَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله وَإِنَّهُم ليعلمون مِنْك مثل مَا أعلم
فَخَرجُوا من عِنْده وَأنزل الله فِي ذَلِك {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله} الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن جُنْدُب قَالَ: جَاءَ عبد الله بن سَلام حَتَّى أَخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أَي قوم أتعلمون أَنِّي الَّذِي أنزلت فِيهِ {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} الْآيَة قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ مَيْمُون بن يَامِين إِلَى النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ رَأس الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ قد أسلم وَقَالَ: يَا رَسُول الله ابْعَثْ إِلَيْهِم فَاجْعَلْ بَيْنك وَبينهمْ حكما من أنفسهم فَإِنَّهُم سيرضوني فَبعث إِلَيْهِم وَأدْخلهُ الدَّاخِل فَأتوهُ فخاطبوه مليّاً فَقَالَ لَهُم: اخْتَارُوا رجلا من أَنفسكُم يكون حكما بيني وَبَيْنكُم قَالُوا: فَإنَّا قد رَضِينَا بميمون بن يَامِين فَأخْرجهُ إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُم مَيْمُون أشهد أَنه رَسُول الله وَأَنه على الْحق فَأَبَوا أَن يصدقوه فَأنْزل الله فِيهِ {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله} الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رضي الله عنه فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: مُوسَى مثل مُحَمَّد والتوراة مثل الْقُرْآن فَآمن هَذَا بكتابه وَنبيه وكفرتم أَنْتُم يَا أهل مَكَّة
الْآيَات 11 - 14
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ نَاس من الْمُشْركين: نَحن أعز وَنحن وَنحن فَلَو كَانَ خيرا مَا سبقنَا إِلَيْهِ فلَان وَفُلَان فَنزل {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا مَا سبقُونَا إِلَيْهِ}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عون بن أبي شَدَّاد قَالَ: كَانَت لعمر بن الْخطاب رضي الله عنه أمة أسلمت قبله يُقَال لَهَا زنيرة فَكَانَ عمر رضي الله عنه يضْربهَا على اسلامها وَكَانَ كفار قُرَيْش يَقُولُونَ: لَو كَانَ خيرا مَا سبقتنا إِلَيْهِ زنيرة فَأنْزل الله فِي شَأْنهَا {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا} الْآيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَنو غفار وَأسلم كَانُوا الْكثير من النَّاس فتْنَة يَقُولُونَ لَو كَانَ خيرا مَا جعلهم الله أول النَّاس فِيهِ يَقُولُونَ لَو كَانَ خيرا ماجعلهم الله أول النَّاس فِيهِ
الْآيَات 15 - 16
أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت فِي أبي بكر الصّديق رضي الله عنه {وَوَصينَا الإِنسان بِوَالِديهِ إحساناً} إِلَى قَوْله: {وعد الصدْق الَّذِي كَانُوا يوعدون}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حَملته أمه كرها} قَالَ: مشقة عَلَيْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَالَ: وَحمله وفصله بِغَيْر ألف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن بعجة بن عبد الله الْجُهَنِيّ قَالَ: تزوّج رجل منا امْرَأَة من جُهَيْنَة فَولدت لَهُ تَمامًا لسِتَّة أشهر فَانْطَلق زَوجهَا إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان فَأمر برجمها فَبلغ ذَلِك عليا رضي الله عنه فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا تصنع قَالَ: ولدت تَمامًا لسِتَّة أشهر وَهل يكون ذَلِك قَالَ عَليّ رضي الله عنه: أما سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ: (حَوْلَيْنِ كَامِلين)(الْبَقَرَة الْآيَة 233) فكم تَجدهُ بَقِي إِلَّا سِتَّة أشهر فَقَالَ عُثْمَان رضي الله عنه: وَالله مَا فطنت لهَذَا عَليّ بِالْمَرْأَةِ فوجدوها قد فرغ مِنْهَا
وَكَانَ من قَوْلهَا لاختها: يَا أَخِيه لَا تحزني فو الله مَا كشف فَرجي أحد قطّ غَيره
قَالَ: فشب الْغُلَام بعدُ فاعترف الرجل بِهِ وَكَانَ أشبه النَّاس بِهِ
قَالَ: فَرَأَيْت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فرَاشه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي حَرْب ابْن أبي الْأسود الدؤَلِي قَالَ: رفع إِلَى عمر رضي الله عنه امْرَأَة ولدت لسِتَّة أشهر
فَسَأَلَ عَنْهَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ عَليّ رضي الله عنه: لَا رجم عَلَيْهَا أَلا ترى أَنه يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ: (وفصاله فِي عَاميْنِ)(لُقْمَان 14) وَكَانَ الْحمل هَهُنَا سِتَّة أشهر
فَتَركهَا عمر رضي الله عنه
قَالَ: ثمَّ بلغنَا أَنَّهَا ولدت آخر لسِتَّة أشهر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن نَافِع بن جُبَير أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ قَالَ: إِنِّي لصَاحب الْمَرْأَة الَّتِي أُتِي بهَا عمر وضعت لسِتَّة أشهر فَأنْكر النَّاس ذَلِك فَقلت لعمر: لَا تظلم
قَالَ: كَيفَ قلت: اقْرَأ {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} الْبَقَرَة الْآيَة 233 كم الْحول قَالَ: سنة
قلت: كم السّنة قَالَ: اثْنَا عشر شهرا
قلت: فَأَرْبَعَة وَعشْرين شهرا حولان كاملان وَيُؤَخر الله من الْحمل مَا شَاءَ وَيقدم
قَالَ: فاستراح عمر رضي الله عنه إِلَى قولي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: رفعت امْرَأَة إِلَى عُثْمَان رضي الله عنه ولدت لسِتَّة أشهر فَقَالَ عُثْمَان: إِنَّهَا قد رفعت إِلَيّ امْرَأَة مَا أَرَاهَا إِلَّا جَاءَت بشرّ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِذا كملت الرضَاعَة كَانَ الْحمل سِتَّة أشهر وَقَرَأَ (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا)
فدرأ عُثْمَان عَنْهَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه كَانَ يَقُول: إِذا ولدت الْمَرْأَة لتسعة أشهر كفاها من الرَّضَاع أحد وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرَّضَاع ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا وضعت لسِتَّة أشهر فحولين كَامِلين لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قلت لمسروق رضي الله عنه: مَتى يُؤْخَذ الرجل بذنوبه قَالَ: إِذا بلغت الْأَرْبَعين فَخذ حذرك
وَأخرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الحدائق بِسَنَد ضَعِيف عَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل عليه السلام إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن الله أَمر الحافظين فَقَالَ لَهما رفقا بعبدي فِي حداثته فَإِذا بلغ الْأَرْبَعين فاحفظا وحققا
وَأخرج أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مَرْفُوعا من أَتَى عَلَيْهِ الْأَرْبَعُونَ سنة فَلم يغلب خَيره شَره فليتجهز إِلَى النَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن مغول قَالَ شكا أَبُو معشر ابْنه إِلَى طَلْحَة بن مصرف فَقَالَ طَلْحَة رضي الله عنه: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة {رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك} الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي بكر الصّديق رضي الله عنه {حَتَّى إِذا بلغ أشده وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة قَالَ رب أوزعني} الْآيَة فَاسْتَجَاب الله لَهُ فَأسلم والداه جَمِيعًا وإخوانه وَولده كلهم وَنزلت فِيهِ أَيْضا {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} الْآيَة (اللَّيْل الْآيَة 5) إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {وَأصْلح لي فِي ذريتي} قَالَ: اجعلهم لي صالحين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الرّوح الْأمين قَالَ: يُؤْتى بحسنات العَبْد وسيئاته فيقتص بَعْضهَا من بعض فَإِن بقيت لَهُ حَسَنَة وسع الله لَهُ بهَا إِلَى الْجنَّة قَالَ: فَدخلت على يَزْدَان فَحدثت مثل هَذَا الحَدِيث قلت: فَإِن ذهبت الْحَسَنَة
قَالَ {أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا} الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ دَعَا أَبُو بكر عمر رضي الله عنهما فَقَالَ لَهُ: إِنِّي مُوصِيك بِوَصِيَّة أَن تحفظها إِن لله فِي اللَّيْل حَقًا لَا يقبله بِالنَّهَارِ وَحقا بِالنَّهَارِ لَا يقبله بِاللَّيْلِ إنّه لَيْسَ لأحد نَافِلَة حَتَّى يُؤَدِّي الْفَرِيضَة إِنَّه إِنَّمَا ثقلت مَوَازِين من ثقلت مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة باتبَاعهمْ الْحق فِي الدُّنْيَا وَثقل ذَلِك عَلَيْهِم وَحقّ لِمِيزَانٍ لَا يوضع فِيهِ إِلَّا الْحق أَن يثقل وَخفت مَوَازِين من خفت مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة لاتباعهم الْبَاطِل فِي الدُّنْيَا وَخِفته عَلَيْهِم وَحقّ لِمِيزَانٍ لَا يوضع فِيهِ إِلَّا الْبَاطِل أَن يخف
ألم ترَ أَن الله ذكر أهل الْجنَّة بِأَحْسَن أَعْمَالهم فَيَقُول: أَيْن يبلغ عَمَلك من عمل هَؤُلَاءِ وَذكر أهل النَّار بِأَسْوَأ أَعْمَالهم حَتَّى يَقُول الْقَائِل أَنا خير من عمل هَؤُلَاءِ وَذَلِكَ بِأَن الله تَعَالَى رد عَلَيْهِم أحسن أَعْمَالهم ألم تَرَ أَن الله أنزل آيَة الشدَّة عِنْد آيَة الرخَاء وَآيَة الرخَاء عِنْد آيَة الشدَّة ليَكُون الْمُؤمن رَاغِبًا رَاهِبًا لِئَلَّا يلقى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة وَلَا يتَمَنَّى على الله أُمْنِية يتَمَنَّى على الله فِيهَا غير الْحق
الْآيَات 17 - 19
أخرج البُخَارِيّ عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: كَانَ مَرْوَان على الْحجاز اسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان فَخَطب فَجعل يذكر يزِيد بن مُعَاوِيَة لكَي يُبَايع لَهُ بعد أَبِيه فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رضي الله عنه شَيْئا فَقَالَ: خذوه
فَدخل بَيت عَائِشَة رضي الله عنها فَلم يقدروا عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْوَان: إِن هَذَا أنزل فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا} فَقَالَت عَائِشَة رضي الله عنها من وَرَاء الْحجاب: مَا أنزل الله فِينَا شَيْئا من الْقُرْآن إِلَّا أَن الله أنزل عُذْري
وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ: لما بَايع مُعَاوِيَة لِابْنِهِ قَالَ مَرْوَان: سنة أبي بكر وَعمر فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: سنة هِرقل وَقَيْصَر
فَقَالَ مَرْوَان: هَذَا الَّذِي أنزل الله فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا} الْآيَة فَبلغ ذَلِك عَائِشَة رضي الله عنها فَقَالَت: كذب مَرْوَان كذب مَرْوَان وَالله مَا هُوَ بِهِ وَلَو شِئْت أَن أسمي الَّذِي أنزلت فِيهِ لَسَمَّيْته وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعن أَبَا مَرْوَان فِي صلبه فمروان فضفض (فضفض: سَعَة) من لعنة الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله قَالَ: إِنِّي لفي الْمَسْجِد حِين خطب مَرْوَان فَقَالَ: إِن الله قد أرى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي يزِيد رَأيا حسنا وَإِن يستخلفه فقد اسْتخْلف أَبُو بكر وَعمر
فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رضي الله عنه: أهرقلية أَن أَبَا بكر رضي الله عنه وَالله مَا جعلهَا فِي أحد من وَلَده وَلَا أحد من أهل بَيته وَلَا جعلهَا مُعَاوِيَة إِلَّا رَحْمَة وكرامة لوَلَده فَقَالَ مَرْوَان: أَلَسْت الَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: أَلَسْت ابْن اللعين الَّذِي لعن أَبَاك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَسمعتهَا
عَائِشَة فَقَالَت: يَا مَرْوَان أَنْت الْقَائِل لعبد الرَّحْمَن كَذَا وَكَذَا كذبت وَالله مَا فِيهِ نزلت نزلت فِي فلَان بن فلَان
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا} الْآيَة قَالَ: هَذَا ابْن لأبي بكر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا} فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قَالَ لوَالِديهِ وَكَانَا قد أسلما وأبى هُوَ أَن يسلم فَكَانَا يأمرانه بالإِسلام وَيرد عَلَيْهِمَا ويكذبهما فَيَقُول فَأَيْنَ فلَان وَأَيْنَ فلَان يَعْنِي مَشَايِخ قُرَيْش مِمَّن قد مَاتَ
ثمَّ أسلم بعد فَحسن إِسْلَامه فَنزلت تَوْبَته فِي هَذِه الْآيَة {وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ميناء أَنه سمع عَائِشَة رضي الله عنها تنكر أَن تكون الْآيَة نزلت فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رضي الله عنه وَقَالَت: إِنَّمَا نزلت فِي فلَان بن فلَان سمت رجلا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه {أتعدانني أَن أخرج} قَالَ: يَعْنِي الْبَعْث بعد الْمَوْت
الْآيَة 20
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حَفْص بن أبي العَاصِي قَالَ: كُنَّا نتغدى مَعَ عمر رضي الله عنه فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: قَالَ الله فِي كِتَابه {وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ} الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن عمر رضي الله عنه رأى فِي يَد جَابر بن عبد الله درهما فَقَالَ: مَا هَذَا الدِّرْهَم قَالَ: أُرِيد أَن أَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا لأهلي قرموا (قرموا إِلَيْهِ: اشتهوه) إِلَيْهِ
فَقَالَ: أفكلما اشتهيتم شَيْئا اشتريتموه أَيْن تذْهب عَنْكُم هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا}
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْأَعْمَش قَالَ: مر جَابر بن عبد الله وَهُوَ مُتَعَلق لَحْمًا على عمر رضي الله عنه فَقَالَ مَا هَذَا يَا جَابر قَالَ: هَذَا لحم اشتهيته اشْتَرَيْته
قَالَ: وَكلما اشْتهيت شَيْئا اشْتَرَيْته أما تخشى أَن تكون من أهل هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا}
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سَالم بن عبد الله بن عمر أَن عمر كَانَ يَقُول: وَالله مَا يَعْنِي بلذات الْعَيْش أَن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا ونأمر بلباب الْحِنْطَة فتخبز لنا ونأمر بالزبيب فينبذ لنا فِي الأسعان (الأسعان: جمع سعنة: الْقرْبَة) حَتَّى إِذا صَار مثل عين اليعقوب أكلنَا هَذَا وشربنا هَذَا وَلَكنَّا نُرِيد أَن نستبقي طيباتنا لأَنا سمعنَا الله يَقُول: {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} الْآيَة
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رضي الله عنه قَالَ: قدم على عمر رضي الله عنه ناسٌ من الْعرَاق فَرَأى كَأَنَّهُمْ يَأْكُلُون هديرا (الهدير: العشب طَال وَعظم) فَقَالَ يَا أهل الْعرَاق لَو شِئْت أَن يدهمق لي كَمَا يدهمق لكم لفَعَلت وَلَكنَّا نستبقي من رَبنَا مَا نجده فِي آخرتنا أما سَمِعْتُمْ الله يَقُول لقوم {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} قَالَ: تعلمُوا أَن أَقْوَامًا يسترطون حسناتهم فِي الدُّنْيَا استبقى رجل طيباته إِن اسْتَطَاعَ وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ: وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه كَانَ يَقُول: لَو شِئْت لَكُنْت أطيبكُم طَعَاما وألينكم لباساً وَلَكِنِّي أستبقي طَيِّبَاتِي وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه لما قدم الشَّام صنع لَهُ طَعَام لم ير قبله مثله قَالَ: هَذَا لنا فَمَا لفقراء الْمُسلمين الَّذين مَاتُوا وهم لَا يشبعون من خبز الشّعير فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد رضي الله عنه: لَهُم الْجنَّة
فاغرورقت عينا عمر رضي الله عنه فَقَالَ: لَئِن كَانَ حظنا من هَذَا الحطام وذهبوا بِالْجنَّةِ لقد باينونا بوناً بَعيدا
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز رضي الله عنه قَالَ: ليطلبن نَاس حَسَنَات عملوها فَيُقَال لَهُم {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: أُتِي عمر رضي الله عنه بِشَربَة عسل فَقَالَ: وَالله لَا أتحمل فَضلهَا اسقوها فلَانا
وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: رَآنِي عمر رضي الله عنه وَأَنا مُتَعَلق لَحْمًا فَقَالَ يَا جَابر مَا هَذَا قلت: لحم اشْتَرَيْته بدرهم لنسوة عِنْدِي قرمن إِلَيْهِ فَقَالَ أما يَشْتَهِي أحدكُم شَيْئا إِلَّا صنعه أما يجد أحدكُم أَن يطوي بَطْنه لجاره وَابْن عَمه أَيْن تذْهب هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} قَالَ فَمَا انفلتّ مِنْهُ حَتَّى كدت أَن لَا أنفلت
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن حميد بن هِلَال قَالَ: كَانَ حَفْص رضي الله عنه يكثر غشيان أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رضي الله عنه وَكَانَ إِذا قرب طَعَامه اتَّقَاهُ فَقَالَ لَهُ عمر رضي الله عنه: مَا لَك ولطعامنا فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أَهلِي يصنعون لي طَعَاما هُوَ أبين من طَعَامك فَاخْتَارَ طعامهم على طَعَامك فَقَالَ: ثكلتك أمك أما تراني لَو شِئْت أمرت بِشَاة فتية سَمِينَة فألقي عَنْهَا شعرهَا ثمَّ أمرت بدقيق فنخل فِي خرقَة فَجعل خبْزًا مرققاً وَأمرت بِصَاع من زبيب فَجعل فِي سمن حَتَّى يكون كَدم الغزال فَقَالَ حَفْص: إِنِّي أَرَاك تعرف لين الطَّعَام
فَقَالَ عمر رضي الله عنه: ثكلتك أمك وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا كَرَاهِيَة أَن ينقص من حسناتي يَوْم الْقِيَامَة لأشركتكم فِي لين طَعَامكُمْ
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْحسن قَالَ: قدم وَفد أهل الْبَصْرَة على عمر مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَكَانَ لَهُ فِي كل يَوْم خبز يلت فَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِزَيْت وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِسمن وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِلَبن وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا القدائد الْيَابِسَة قد دقَّتْ ثمَّ أغلي لَهَا وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا اللَّحْم الْغَرِيض وَهُوَ قَلِيل
قَالَ وَقَالَ لنا عمر رضي الله عنه: إِنِّي وَالله لقد أرى تقديركم وَكَرَاهِيَتُكُمْ طَعَامي أما وَالله لَو شِئْت لَكُنْت أطيبكُم طَعَاما وَأَرَقِّكُمْ عَيْشًا أما وَالله مَا أَجْهَل عَن كراكر وَأَسْنِمَة وَعَن صلى وَصِنَاب وسلائق وَلَكِنِّي وجدت الله عير قوما بِأَمْر فَعَلُوهُ فَقَالَ {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا}
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا سَافر كَانَ آخر عَهده بِإِنْسَان من أَهله فَاطِمَة وأوّل من يدْخل عَلَيْهِ إِذا قدم فَاطِمَة فَقدم من غزَاة فَأَتَاهَا فَإِذا بمسح على بَابهَا وَرَأى على الْحسن وَالْحُسَيْن قلبين من فضَّة فَرجع وَلم يدْخل عَلَيْهَا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك فَاطِمَة ظنت أَنه لم يدْخل من أجل مَا رأى فهتكت السّتْر ونزعت القلبين من الصَّبِيَّيْنِ فقطعتهما فَبكى الصّبيان فقسمته بَينهمَا فَانْطَلقَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهما يَبْكِيَانِ فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْهُمَا فَقَالَ: يَا ثَوْبَان اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى بني فلَان أهل بَيت بِالْمَدِينَةِ واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فَإِن هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي وَلَا أحب أَن يَأْكُلُوا طَيِّبَاتهمْ فِي حياتهم الدُّنْيَا وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَات 21 - 23
أخرج ابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمنَا الله وأخا عَاد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: خير واديين فِي النَّاس وَادي مَكَّة ووادي أرم بِأَرْض الْهِنْد وشرّ واديين فِي النَّاس وَادي الْأَحْقَاف وواد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فِيهِ أَرْوَاح الْكفَّار وَخير بِئْر فِي النَّاس زَمْزَم وَشر بِئْر فِي النَّاس برهوت وَهِي فِي ذَاك الْوَادي الَّذِي بحضرموت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: الْأَحْقَاف جبل بِالشَّام
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْأَحْقَاف جبل بِالشَّام يُسمى الْأَحْقَاف
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: الْأَحْقَاف الأَرْض
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: الْأَحْقَاف جساق من جسمي
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: ذكر لنا أَن عاداً كَانُوا أَحيَاء بِالْيمن أهل رمل مشرفين على الْبَحْر بِأَرْض يُقَال لَهَا الشحر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله بالأحقاف قَالَ: تلال من أَرض الْيمن
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {وَقد خلت النّذر من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه أَلا تعبدوا إِلَّا الله} قَالَ: لم يبْعَث الله رَسُولا إِلَّا بِأَن يعبد الله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {لتأفكنا} قَالَ لتزيلنا وَقَرَأَ إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا قَالَ: يضلنا ويزيلنا ويأفكنا وَاحِد
الْآيَات 24 - 25
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} قَالَ: هُوَ السَّحَاب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضَاحِكا حَتَّى أرى مِنْهُ لهواته إِنَّمَا كَانَ يتبسم وَكَانَ إِذا رأى غيماً أَو ريحًا عرف ذَلِك فِي وَجهه
قلت يَا رَسُول الله إِن النَّاس إِذا رَأَوْا الْغَيْم فرحوا رَجَاء أَن يكون فِيهِ الْمَطَر وَإِذا رَأَيْته عرف فِي وَجهك الْكَرَاهِيَة
قَالَ يَا عَائِشَة وَمَا يؤمنني أَن يكون فِيهِ عَذَاب قد عذب قوم بِالرِّيحِ وَقد رأى قوم الْعَذَاب فَقَالُوا {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا}
وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا عصفت الرّيح قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ
فَإِذا تخليت السَّمَاء تغير لَونه وَخرج وَدخل وَأَقْبل وَأدبر فَإِذا أمْطرت سري عَنهُ فَسَأَلته فَقَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّه كَمَا قَالَ قوم عَاد {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب السَّحَاب وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضاً مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ} قَالَ غيم فِيهِ مطر فَأول مَا عرفُوا أَنه عَذَاب رَأَوْا مَا كَانَ خَارِجا من رحالهم ومواشيهم يطير بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مثل الريش دخلُوا بُيُوتهم وَأَغْلقُوا أَبْوَابهم فَجَاءَت الرّيح ففتحت أَبْوَابهم ومالت عَلَيْهِم بالرمل فَكَانُوا تَحت الرمل سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوماً لَهُم أَنِين ثمَّ أَمر الرّيح فكشف عَنْهُم الرمل وطرحتهم فِي الْبَحْر فَهُوَ قَوْله {فَأَصْبحُوا لَا يرى إِلَّا مساكنهم}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا فتح الله على عَاد من الرّيح الَّتِي هَلَكُوا فِيهَا إِلَّا مثل الْخَاتم فمرت بِأَهْل الْبَادِيَة فحملتهم وَأَمْوَالهمْ فجعلتهم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلَمَّا رأى ذَلِك أهل الْحَاضِرَة من عَاد الرّيح وَمَا فِيهَا {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} فَأَلْقَت أهل الْبَادِيَة ومواشيهم على أهل الحاضره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا فتح الله على عَاد من الرّيح إِلَّا مَوضِع الْخَاتم أرْسلت عَلَيْهِم فَحملت البدو إِلَى الْحَضَر فَلَمَّا رَآهَا أهل الْحَضَر {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} مُسْتَقْبل أوديتنا وَكَانَ أهل الْبَوَادِي فِيهَا فألقي أهل الْبَادِيَة على أهل الْحَاضِرَة حَتَّى هَلَكُوا قَالَ: عَتَتْ على خزَّانِها حَتَّى خرجت من خلال الْأَبْوَاب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون رضي الله عنه قَالَ: كَانَ هود قَاعِدا فِي قومه فجَاء سَحَاب مكفهر فَقَالُوا {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} فَقَالَ هود {بل هُوَ مَا استعجلتم بِهِ ريح فِيهَا عَذَاب أَلِيم} فَجعلت تلقي الْفسْطَاط وتجيء بِالرجلِ الْغَائِب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: مَا أرسل الله على عَاد من الرّيح إِلَّا قدر خَاتمِي هَذَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون رضي الله عنه أَنه قَرَأَ لَا ترى إِلَّا مساكنهم بِالتَّاءِ وَالنّصب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ {لَا يرى إِلَّا مساكنهم} بِالْيَاءِ وَرفع النُّون
الْآيَات 26 - 28
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَقَد مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} يَقُول: لم نمكنكم فِيهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَقَد مكناهم} الْآيَة قَالَ: عَاد مكنوا فِي الأَرْض أفضل مِمَّا مكنت فِيهِ هَذِه الْأمة وَكَانُوا أَشد قُوَّة وَأكْثر أَوْلَادًا وأطول أعماراً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَقَد أهلكنا مَا حَوْلكُمْ من الْقرى} هَهُنَا وَهَهُنَا شَيْئا بِالْيمن واليمامة وَالشَّام
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن الزبير رضي الله عنه أَنه قَرَأَ وَتلك إفكهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقْرَأها وَذَلِكَ أفكهم يَعْنِي بِفَتْح الْألف وَالْكَاف وَقَالَ: أصلهم
الْآيَات 29 - 34
أخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن} قَالَ: بنخلة قَالَ: وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعشَاء الْآخِرَة كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: هَبَطُوا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن بِبَطن نَخْلَة فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصتُوا قَالُوا: صه وَكَانُوا تِسْعَة أحدهم زَوْبَعَة فَأنْزل الله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} إِلَى قَوْله {ضلال مُبين}
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن} الْآيَة قَالَ: كَانُوا تِسْعَة عشر من أهل نَصِيبين فجعلهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رسلًا إِلَى قَومهمْ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: صُرِفَتِ الْجِنّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مرَّتَيْنِ وَكَانَ أَشْرَاف الْجِنّ بنصيبين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا من أهل نَصِيبين أَتَوْهُ بِبَطن نَخْلَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: بت اللَّيْلَة أَقرَأ على الْجِنّ []- رفقا بالحجون
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ: سَأَلت ابْن مَسْعُود من آذن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بالجن لَيْلَة اسْتَمعُوا الْقُرْآن قَالَ: آذنته بهم شَجَرَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَنه سُئِلَ أَيْن قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْجِنّ فَقَالَ: قَرَأَ عَلَيْهِم بشعب يُقَال لَهُ الْحجُون
وَأخرج عبد بن حميد وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَلْقَمَة قَالَ: قلت لِابْنِ مَسْعُود رضي الله عنه: هَل صحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْجِنّ مِنْكُم أحد قَالَ: مَا صَحبه منا أحد وَلَكنَّا فقدناه ذَات لَيْلَة فَقُلْنَا اغتيل استطير مَا فعل قَالَ: فبتنا بشر لَيْلَة بَات بهَا قوم فَلَمَّا كَانَ فِي وَجه الصُّبْح إِذا نَحن بِهِ يَجِيء من قبل حرا فَأَخْبَرنَاهُ فَقَالَ: إِنَّه أَتَانِي دَاعِي الْجِنّ فأتيتهم فَقَرَأت عَلَيْهِم الْقُرْآن فَانْطَلق فأرانا آثَارهم وآثار نيرانهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: هم اثْنَا عشر ألفا من جَزِيرَة الْموصل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا سَبْعَة ثَلَاثَة من أهل حران وَأَرْبَعَة من نَصِيبين وَكَانَ أَسمَاؤُهُم حسى ومسى وشاصر وماصر والأرد وإينان والأحقم وسرق
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفْوَان بن الْمُعَطل قَالَ: خرجنَا حجاجاً فَلَمَّا كُنَّا بالعرج إِذا نَحن بحية تضطرب فَمَا لبث أَن مَاتَت فلفها رجل فِي خرقَة ودفنها ثمَّ قدمنَا مَكَّة فَإنَّا لبالمسجد الْحَرَام إِذْ وقف علينا شخص فَقَالَ: أَيّكُم صَاحب عَمْرو قُلْنَا: مَا نَعْرِف عمرا
قَالَ: أَيّكُم صَاحب الجان قَالُوا: هَذَا
قَالَ: أما أَنه آخر التِّسْعَة موتا الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُون الْقُرْآن
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والواقدي عَن أبي جَعْفَر رضي الله عنه قَالَ: قدم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْجِنّ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة من النُّبُوَّة
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن كَعْب الْأَحْبَار رضي الله عنه قَالَ: لما انْصَرف النَّفر التِّسْعَة من أهل نَصِيبين من بطن نَخْلَة وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان والأرد واينان والأحقب جاؤوا قَومهمْ منذرين فَخَرجُوا بعد وافدين إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهم ثلثمِائة فَانْتَهوا إِلَى الْحجُون فجَاء الأحقب فَسلم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن قَومنَا قد حَضَرُوا الْحجُون يلقونك فواعده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لساعة من اللَّيْل بالحجون وَالله أعلم
الْآيَة 35
أخرج ابْن أبي حَاتِم والديلمي عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: ظلّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَائِما ثمَّ طوى ثمَّ ظلّ صَائِما ثمَّ طوى ثمَّ ظلّ صَائِما قَالَ: يَا عَائِشَة إِن الدُّنْيَا لَا تنبغي لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد
يَا عَائِشَة إِن الله لم يرض من أولي الْعَزْم من الرُّسُل إِلَّا بِالصبرِ على مكروهها وَالصَّبْر عَن محبوبها ثمَّ لم يرض مني إِلَّا أَن يكلفني مَا كلفهم فَقَالَ: {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} وَإِنِّي وَالله لأصبرنَّ كَمَا صَبَرُوا جهدي وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أولو الْعَزْم من الرُّسُل النَّبِي صلى الله عليه وسلم ونوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الْعَالِيَة {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} قَالَ: نوح وَهود وَإِبْرَاهِيم فَأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يصبر كَمَا صَبَرُوا وَكَانُوا ثَلَاثَة وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم رابعهم قَالَ نوح: يَا قوم إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي وتذكيري بآيَات الله) (يُونُس الْآيَة 71) إِلَى آخرهَا فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة وَقَالَ هود حِين (قَالُوا: إِن نقُول الا اعتراك بعض آلِهَتنَا بِسوء قَالَ إِنِّي أشهد الله واشهدوا أَنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون من دونه)(تعود الْآيَة 53) فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة قَالَ لإِبراهيم (لقد كَانَ لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم)(الممتحنة الْآيَة 4) إِلَى آخر الْآيَة فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة قَالَ يَا مُحَمَّد: (قل إِنِّي نهيت أَن أعبد الَّذين تدعون من دون الله)(الْأَنْعَام الْآيَة 56) فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد الْكَعْبَة فقرأها على الْمُشْركين فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أولُوا الْعَزْم} قَالَ: هم نوح وَهود وَإِبْرَاهِيم وَشُعَيْب ومُوسَى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ {أولُوا الْعَزْم} إِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب وَأَيوب وَلَيْسَ آدم مِنْهُم وَلَا يُونُس وَلَا سُلَيْمَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: {أولُوا الْعَزْم} نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} قَالَ: هم الَّذين أمروا بِالْقِتَالِ حَتَّى مضوا على ذَلِك نوح وَهود وَصَالح ومُوسَى وَدَاوُد وَسليمَان
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: بَلغنِي أَن أولي الْعَزْم من الرُّسُل كَانُوا ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ} قَالَ: تعلمُوا وَالله مَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك مُشْرك ولى الإِسلام ظَهره أَو مُنَافِق صدق بِلِسَانِهِ وَخَالف بِقَلْبِه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذا طلبت وأحببت أَن تنجح فَقل: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْعلي الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَرب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين كَأَنَّهُمْ يَوْم يرونها لم يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضحاها كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار بَلَاغ فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إِثْم وَالْغنيمَة من كل بر والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار اللَّهُمَّ لَا تدع لي ذَنبا إِلَّا غفرته وَلَا همّاً إِلَّا فرجته وَلَا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (47)
سُورَة مُحَمَّد
مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان وَثَلَاثُونَ
مُقَدّمَة سُورَة مُحَمَّد أخرج ابْن ضريس عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أنزلت سُورَة الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ وَأخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت سُورَة مُحَمَّد بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة {الَّذين كفرُوا}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: سُورَة مُحَمَّد آيَة فِينَا وَآيَة فِي بني أُميَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ بهم فِي الْمغرب {الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله}
الْآيَات 1 - 3
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله أضلّ أَعْمَالهم} قَالَ: هم أهل مَكَّة قُرَيْش نزلت فيهم {وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: هم أهل الْمَدِينَة الْأَنْصَار {وَأصْلح بالهم} قَالَ: أَمرهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أضلّ أَعْمَالهم} قَالَ: كَانَت لَهُم أَعمال فاضلة لَا يقبل الله مَعَ الْكفْر عملا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَأصْلح بالهم} قَالَ: أصلح حَالهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأصْلح بالهم} قَالَ: شَأْنهمْ
وَفِي قَوْله {ذَلِك بِأَن الَّذين كفرُوا اتبعُوا الْبَاطِل} قَالَ: الشَّيْطَان
الْآيَات 4 - 6
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} قَالَ: مُشْركي الْعَرَب يَقُول {فَضرب الرّقاب} قَالَ: حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق} قَالَ: لَا تأسروهم وَلَا تفادوهم حَتَّى تثخنوهم بِالسَّيْفِ
وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: فَجعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤمنِينَ بِالْخِيَارِ فِي الأسرى إِن شاؤوا قتلوهم وَإِن شاؤوا استعبدوهم وَإِن شاؤوا فادوهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: هَذَا مَنْسُوخ نسختها (فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين)(التَّوْبَة الْآيَة 5)
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: فَرخص لَهُم أَن يمنوا على من شاؤوا مِنْهُم نسخ الله ذَلِك بعد فِي بَرَاءَة فَقَالَ: (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)(التَّوْبَة الْآيَة 5)
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ إِذا لقوا الْمُشْركين قاتلوهم فَإِذا أَسرُّوا مِنْهُم أَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُم إِلَّا أَن يفادوه أَو يمنوا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ ذَلِك بعد (فإمَّا تثقفنهم فِي الْحَرْب فشرد بهم من خَلفهم)(الْأَنْفَال 57)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك وَمُجاهد فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَا: نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَادى رجلَيْنِ من أَصْحَابه برجلَيْن من الْمُشْركين أَسرُّوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن أَشْعَث قَالَ: سَأَلت الْحسن وَعَطَاء عَن قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: أَحدهمَا يمن عَلَيْهِ أَو لَا يفادى وَقَالَ الآخر: يصنع كَمَا صنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يمن عَلَيْهِ أَو لَا يفادى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: أَتَى الْحجَّاج بِأسَارَى فَدفع إِلَى ابْن عمر رضي الله عنهما رجلا يقْتله فَقَالَ ابْن عمر: لَيست بِهَذَا أمرنَا إِنَّمَا قَالَ الله {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن نَافِع أَن ابْن عمر رضي الله عنهما أعتق ولد زنية وَقَالَ: قد أمرنَا الله وَرَسُوله أَن نمنَّ على من هُوَ شَرّ مِنْهُ قَالَ الله {فإمَّا منَّا بعدُ وَإِمَّا فدَاء}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن لَيْث رضي الله عنه قَالَ: قلت لمجاهد: بلغنى أَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لَا يحل قتل الْأُسَارَى لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فإمَّا منَّا بعدُ وَإِمَّا فدَاء} فَقَالَ مُجَاهِد: لَا تعبأ بِهَذَا شَيْئا أدْركْت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكلهمْ يُنكر هَذَا وَيَقُول: هَذِه مَنْسُوخَة إِنَّمَا كَانَت
فِي الْهُدْنَة الَّتِي كَانَت بَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَبَين الْمُشْركين فَأَما الْيَوْم فَلَا يَقُول الله (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وَيَقُول {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} فَإِن كَانُوا من مُشْركي الْعَرَب لم يقبل مِنْهُم شَيْء إِلَّا الإِسلام فَإِن لم يسلمُوا فالقتل وَأما من سواهُم فَإِنَّهُم إِذا أَسرُّوا فالمسلمون فيهم بِالْخِيَارِ إِن شاؤوا قتلوهم وَإِن شاؤوا استحيوهم وَإِن شاؤوا فادوهم إِذا لم يتحوّلوا عَن دينهم فَإِن أظهرُوا الإِسلام لم يفادوا وَنهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن قتل الصَّغِير وَالْمَرْأَة وَالشَّيْخ الفاني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: نسخت (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)(النِّسَاء 89) مَا كَانَ قبل ذَلِك من فدَاء أَو مَنّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَطاء رضي الله عنه أَنه كَانَ يكره قتل أهل الشّرك صبرا وَيَتْلُو {فشدوا الوثاق فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} ثمَّ نسختها {فخذوهم واقتلوهم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَنزلت زَعَمُوا فِي الْعَرَب خَاصَّة وَقتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عقبَة بن أبي معيط [] يَوْم بدر صبرا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أَيُّوب رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نهى عَن قتل الوصفاء والعسفاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رضي الله عنه قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن قتل النِّسَاء والولدان إِلَّا من عدا مِنْهُم بِالسَّيْفِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه قَالَ: بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّة فطلبوا رجلا فَصَعدَ شَجَرَة فأحرقوها بالنَّار فَلَمَّا قدمُوا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَخْبرُوهُ بذلك فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: إِنِّي لم أبْعث أعذب بِعَذَاب الله إِنَّمَا بعثت بِضَرْب الرّقاب وَشد الوثاق
أما قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى لَا يكون شرك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رضي الله عنه {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى يعبد الله وَلَا يُشْرك بِهِ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن
مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى يخرج عِيسَى بن مَرْيَم عليه السلام فَيسلم كل يَهُودِيّ وَنَصْرَانِي وَصَاحب مِلَّة وتأمن الشَّاة من الذِّئْب وَلَا تقْرض فَأْرَة جراباً وَتذهب الْعَدَاوَة من النَّاس كلهَا ذَلِك ظُهُور الإِسلام على الدّين كُله وينعم الرجل الْمُسلم حَتَّى تقطر رجله دَمًا إِذا وَضعهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يُوشك من عَاشَ مِنْكُم أَن يلقى عِيسَى بن مَرْيَم إِمَامًا مهدياً وَحكما عدلا فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وتوضع الْجِزْيَة وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم عليه السلام
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن نفَيْل رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا أَنا جَالس عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِن الْخَيل قد سُيبت وَوُضِعَ السلاحُ وَزعم أَقوام أَن لَا قتال وأنْ قد وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كذبُوا فَالْآن جَاءَ الْقِتَال وَلَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله لَا يضرهم من خالفهم يزِيغ الله قُلُوب قوم ليرزقهم مِنْهُم ويقاتلون حَتَّى تقوم السَّاعَة وَلَا تزَال الْخَيل معقوداً فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر حَتَّى تقوم السَّاعَة وَلَا تضع الْحَرْب أَوزَارهَا حَتَّى يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رضي الله عنه قَالَ: فتح لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فتح فَقلت يَا رَسُول الله الْيَوْم ألْقى الإِسلام بجرانه وَوضعت الْحَرْب أَوزَارهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن دون أَن تضع الْحَرْب أَوزَارهَا خلالاً سِتا أولهنَّ موتِي ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس ثمَّ فئتان من أمتِي دَعوَاهُم وَاحِدَة يقتل بَعضهم بَعْضًا وَيفِيض المَال حَتَّى يُعْطي الرجل الْمِائَة دِينَار فيتسخط وَمَوْت يكون كقعاص الْغنم وَغُلَام من بني الْأَصْفَر ينْبت فِي الْيَوْم كنبات الشَّهْر وَفِي الشَّهْر كنبات السّنة فيرغب فِيهِ قومه فيملكونه يَقُولُونَ نرجو أَن ير بك علينا ملكنا فَيجمع جمعا عَظِيما ثمَّ يسير حَتَّى يكون فِيمَا بَين الْعَريش وأنطاكية وأميركم يَوْمئِذٍ نعم الْأَمِير فَيَقُول لأَصْحَابه: مَا ترَوْنَ فَيَقُولُونَ نقاتلهم حَتَّى يحكم الله بَيْننَا وَبينهمْ فَيَقُول لَا أرى ذَلِك نحرز ذرارينا وعيالنا ونخلي بَينهم وَبَين الأَرْض ثمَّ نغزوهم وَقد أحرزنا ذرارينا فيسيرون فيخلون بَينهم وَبَين أَرضهم حَتَّى يَأْتُوا مدينتي هَذِه فيستهدون أهل الإِسلام فيهدونهم ثمَّ يَقُول لَا ينتدبن
معي إِلَّا من يهب نَفسه لله حَتَّى نلقاهم فنقاتل حَتَّى يحكم الله بيني وَبينهمْ فينتدب مَعَه سَبْعُونَ ألفا وَيزِيدُونَ على ذَلِك فَيَقُول حسبي سَبْعُونَ ألفا لَا تحملهم الأَرْض وَفِيهِمْ عين لعدوّهم فيأتيهم فيخبرهم بِالَّذِي كَانَ فيسيرون إِلَيْهِم حَتَّى إِذا الْتَقَوْا سَأَلُوا أَن يخلي بَينهم وَبَين من كَانَ بَينهم وَبَينه نسب فيدعونهم فَيَقُولُونَ مَا ترَوْنَ فِيمَا يَقُولُونَ فَيَقُول: مَا أَنْتُم بِأَحَق بقتالهم وَلَا أبعد مِنْهُم فَيَقُول: فعندكم فأكسروا أغمادكم فيسل الله سَيْفه عَلَيْهِم فَيقْتل مِنْهُم الثُّلُثَانِ ويقر فِي السفن الثُّلُث وصاحبهم فيهم حَتَّى إِذا تراءت لَهُم جبالهم بعث الله عَلَيْهِم ريحًا فردتهم إِلَى مراسيهم من الشَّام فأخِذوا فَذُبِحوا عِنْد أرجل سفنهم عِنْد السَّاحِل فَيَوْمئِذٍ تضع الْحَرْب أَوزَارهَا
أما قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم}
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {ذَلِك وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم} قَالَ: أَي وَالله بجُنُوده الْكَثِيرَة كل خلقه لَهُ جند فَلَو سلط أَضْعَف خلقه لَكَانَ لَهُ جنداً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله ذَلِك {وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم} قَالَ: لأرسل عَلَيْهِم ملكا فدمر عَلَيْهِم وَفِي قَوْله {وَالَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله فَلَنْ يضل أَعْمَالهم} قَالَ: نزلت فِيمَن قتل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم أُحد
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ وَالَّذين قَاتلُوا بِالْألف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَالَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله فَلَنْ يضل أَعْمَالهم} الْآيَة
قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي يَوْم أحد وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الشّعب وَقد فَشَتْ فيهم الْجِرَاحَات وَالْقَتْل وَقد نَادَى الْمُشْركُونَ يَوْمئِذٍ: أعلُ هُبَل ونادى الْمُسلمُونَ الله أَعلَى وَأجل ففادى الْمُشْركُونَ يَوْم بِيَوْم بدر وَإِن الْحَرْب سِجَال لنا عُزّى وَلَا عُزّى لكم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قُولُوا الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم إِن الْقَتْلَى مُخْتَلفَة أما قَتْلَانَا فأحياء يرْزقُونَ وَأما قَتْلَاكُمْ فَفِي النَّار يُعَذبُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم} قَالَ: يهدي أَهلهَا إِلَى بُيُوتهم ومساكنهم وَحَيْثُ قسم الله لَهُم مِنْهَا لَا يخطئون كَأَنَّهُمْ ساكنوها مُنْذُ خلقُوا لَا يستدلون عَلَيْهَا أحدا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {عرفهَا لَهُم} قَالَ: عرفهم مَنَازِلهمْ فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رضي الله عنه فِي قَوْله {ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم} قَالَ: بلغنَا أَن الْملك الَّذِي كَانَ وُكّلَ بِحِفْظ عمله فِي الدُّنْيَا يمشي بَين يَدَيْهِ فِي الْجنَّة ويتبعه ابْن آدم حَتَّى يَأْتِي أقْصَى منزل هُوَ لَهُ فيعرفه كل شَيْء أعطَاهُ الله فِي الْجنَّة فَإِذا انْتهى إِلَى أقْصَى منزله فِي الْجنَّة دخل إِلَى منزله وأزواجه وَانْصَرف الْملك عَنهُ
الْآيَات 7 - 11
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن تنصرُوا الله ينصركم وَيثبت أقدامكم} قَالَ: على نَصره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {إِن تنصرُوا الله ينصركم} قَالَ: حق على الله أَن يُعْطي من سَأَلَهُ وَأَن ينصر من نَصره {وَالَّذين كفرُوا فتعساً لَهُم وأضل أَعْمَالهم ذَلِك بِأَنَّهُم كَرهُوا مَا أنزل الله فأحبط أَعْمَالهم} قَالَ: أما الأولى فَفِي الْكفَّار الَّذين قتل الله يَوْم بدر وَأما الْأُخْرَى فَفِي الْكفَّار عَامَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن مَيْمُون رضي الله عنه: {ذَلِك بِأَنَّهُم كَرهُوا مَا أنزل الله} قَالَ: كَرهُوا الْفَرَائِض
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم دمر الله عَلَيْهِم} قَالَ: أهلكهم الله بألوان الْعَذَاب بِأَن يتفكر متفكر ويتذكر متذكر وَيرجع رَاجع فَضرب الْأَمْثَال وَبعث الرُّسُل ليعقلوا عَن الله أمره
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وللكافرين أَمْثَالهَا} قَالَ: لكفار قَوْمك يَا مُحَمَّد مثل مَا دمرت بِهِ الْقرى فأهلكوا بِالسَّيْفِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وللكافرين أَمْثَالهَا} قَالَ: مثل مَا دمرت بِهِ الْقُرُون الأولى وَعِيد من الله تَعَالَى لَهُم وَفِي قَوْله {ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا} قَالَ: وليهم الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله: {ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا} قَالَ: لَيْسَ لَهُم مولى غَيره
الْآيَات 12 - 14
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله: {وَالَّذين كفرُوا يتمتعون ويأكلون كَمَا تَأْكُل الْأَنْعَام} قَالَ: لَا يلْتَفت إِلَى آخرته
قَوْله تَعَالَى: {وكأين من قَرْيَة} الْآيَتَيْنِ
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مَكَّة إِلَى الْغَار الْتفت إِلَى مَكَّة وَقَالَ: أَنْت أحب بِلَاد الله إِلَى الله وَأَنت أحب بِلَاد الله إِلَيّ وَلَوْلَا أَن أهلك أَخْرجُونِي مِنْك لم أخرج مِنْك فأعتى الْأَعْدَاء من عدا على الله فِي حرمه أَو قتل غير قَاتله أَو قتل بذحول أهل الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله تَعَالَى {وكأين من قَرْيَة هِيَ أَشد قوّة من قريتك الَّتِي أخرجتك أهلكناهم فَلَا نَاصِر لَهُم}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وكأين من قَرْيَة هِيَ أَشد قوّة من قريتك} قَالَ: قريته مَكَّة وَفِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {كمن زين لَهُ سوء عمله} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه قَالَ: كلُّ هوى ضَلَالَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوس قَالَ: مَا ذكر الله هوى فِي الْقُرْآن إِلَّا ذمه
الْآيَة 15
أخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {أَنهَار من مَاء غير آسن} قَالَ: غير متغير
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {من مَاء غير آسن} قَالَ: غير منتن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه {وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: لم يحلب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه} قَالَ: لم يخرج من بَين فرث وَدم {وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين} قَالَ: لم تدنسه الرِّجَال بأرجلهم {وأنهار من عسل مصفى} قَالَ: لم يخرج من بطُون النَّحْل
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن مُعَاوِيَة بن حيدة رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول فِي الْجنَّة بَحر اللَّبن وبحر المَاء وبحر الْعَسَل وبحر الْخمر ثمَّ تشقق الْأَنْهَار مِنْهَا بعد
وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: نهر النّيل نهر الْعَسَل فِي الْجنَّة ونهر دجلة نهر اللَّبن فِي الْجنَّة ونهر الْفُرَات نهر الْخمر فِي الْجنَّة
ونهر سيحان نهر المَاء فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ رضي الله عنه فِي قَوْله: {مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون فِيهَا أَنهَار من مَاء غير آسن} الْآيَة قَالَ: حَدثنِي أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لما أسرِي بِي فَانْطَلق بِي الْملك فَانْتهى بِي إِلَى نهر الْخمر فَإِذا عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام فَقلت للْملك: أَي نهر هَذَا فَقَالَ: هَذَا نهر دجلة
فَقلت لَهُ: إِنَّه مَاء قَالَ هُوَ فِي مَاء فِي الدُّنْيَا يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء وَهُوَ فِي الْآخِرَة خمر لأهل الْجنَّة
قَالَ: ثمَّ انْطَلَقت مَعَ الْملك إِلَى نهر الرب فَقلت للْملك: أَي نهر هَذَا قَالَ: هُوَ جيحون وَهُوَ المَاء غير آسن وَهُوَ فِي الدُّنْيَا مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء وَهُوَ فِي الْآخِرَة مَاء غير آسن ثمَّ انْطلق بِي فأبلغني نهر اللَّبن الَّذِي يَلِي الْقبْلَة فَقلت للْملك: أيّ نهر هَذَا قَالَ: هَذَا نهر الْفُرَات فَقلت: هُوَ مَاء
قَالَ: هُوَ مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء فِي الدُّنْيَا وَهُوَ لبن فِي الْآخِرَة لذرية الْمُؤمنِينَ الَّذين رضي الله عنهم وَعَن آبَائِهِم ثمَّ انْطلق بِي فأبلغني نهر الْعَسَل الَّذِي يخرج من جَانب الْمَدِينَة فَقلت للْملك الَّذِي أرسل معي: أيّ نهر هَذَا قَالَ: هَذَا نهر مصر
قلت: هُوَ مَاء
قَالَ: هُوَ مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء فِي الدُّنْيَا وَهُوَ فِي الْآخِرَة عسلٌ لأهل الْجنَّة {وَلَهُم فِيهَا من كل الثمرات} يَقُول: فِي الْجنَّة {ومغفرة من رَبهم} يَقُول: لذنوبهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي وَائِل رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رجل يُقَال لَهُ نهيك بن سِنَان ألى ابْن مَسْعُود رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن كَيفَ تقْرَأ هَذَا الْحَرْف أياء تَجدهُ أم الْفَا من مَاء غير ياسن أَو من مَاء غير آسن فَقَالَ لَهُ عبد الله رضي الله عنه: وكل الْقُرْآن أحصيت غير هَذَا فَقَالَ أَنِّي لأقرأ الْمفصل فِي رَكْعَة
قَالَ: هَذَا كَهَذا الشّعْر إِن قوما يقرأون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم وَلَكِن الْقُرْآن إِذا وَقع فِي الْقلب فَرسَخ نفع إِنِّي لأعرف النَّظَائِر الَّتِي كَانَ يقْرَأ بِهن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن جرير عَن سعد بن طريف رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت أَبَا إِسْحَق رضي الله عنه عَن {مَاء غير آسن} قَالَ: سَأَلت عَنْهَا الْحَارِث فَحَدثني أَن المَاء الَّذِي غير آسن تسنيم قَالَ: بَلغنِي أَنه لَا تمسه يَد وَأَنه يَجِيء المَاء هَكَذَا حَتَّى يدْخل فَمه وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَات 16 - 19
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ والمنافقون يَجْتَمعُونَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيستمع الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُ مَا يَقُول ويعونه ويسمعه المُنَافِقُونَ فَلَا يعونه فَإِذا اخْرُجُوا سَأَلُوا الْمُؤمنِينَ مَاذَا قَالَ آنِفا فَنزلت {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا يدْخلُونَ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا خَرجُوا من عِنْده قَالُوا لِابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما: مَاذَا قَالَ آنِفا فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا
وَكَانَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما من الَّذين أُوتُوا الْعلم
وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {حَتَّى إِذا خَرجُوا من عنْدك قَالُوا للَّذين أُوتُوا الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا} قَالَ: أَنا مِنْهُم وَلَقَد سُئِلت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ دخل رجلَانِ فَرجل عقل عَن الله وانتفع بِمَا يسمع وَرجل لم يعقل عَن الله وَلم يعه وَلم ينْتَفع بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن بُرَيْدَة رضي الله عنه {قَالُوا للَّذين أُوتُوا الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا} قَالَ: هُوَ عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: هُوَ عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه
قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين اهتدوا} الْآيَة
أخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه أَن نَاسا من أهل الْكتاب آمنُوا برسلهم وصدقوهم وآمنوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم قبل أَن يبْعَث فَلَمَّا بعث كفرُوا بِهِ فَذَلِك قَوْله {فَأَما الَّذين اسودّت وُجُوههم أكفرتم بعد إيمَانكُمْ} وَكَانَ قوم
من أهل الْكتاب آمنُوا برسلهم وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قبل أَن يبْعَث فَلَمَّا بعث آمنُوا بِهِ فَذَلِك قَوْله {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} قَالَ: لما أنزل الْقُرْآن آمنُوا بِهِ فَكَانَ هدى فَلَمَّا تبين النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ زادهم هدى
أما قَوْله تَعَالَى: {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَن تأتيهم بَغْتَة فقد جَاءَ أشراطها}
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: دنت السَّاعَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: أول السَّاعَات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رضي الله عنه فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من أشراطها
وَأخرج البُخَارِيّ عَن سهل بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا بعثت أَنا والساعة كهاتين
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت أَنا والساعة كهاتين وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن أبي عرُوبَة رضي الله عنه فِي قَوْله {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَن تأتيهم بَغْتَة فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: كَانَ قَتَادَة رضي الله عنه يَقُول: قد دنت السَّاعَة ودنا مِنْكُم فدَاء ودنا من الله فرَاغ للعباد قَالَ قَتَادَة رضي الله عنه وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم خطب أَصْحَابه بعد الْعَصْر حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا أَسف أَي شَيْء قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا مثل مَا مضى من الدُّنْيَا فِيمَا بَقِي مِنْهَا إِلَّا مثل مَا مضى من يومكم هَذَا فِيمَا بَقِي مِنْهُ وَمَا بَقِي مِنْهُ إِلَّا الْيَسِير
وَأخرج أَحْمد عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: بعثت أَنا والساعة جَمِيعًا إِن كَادَت تسبقني
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت أَنا والساعة كهاتين
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جبيرَة بن الضَّحَّاك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت فِي سم السَّاعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم وَيظْهر الْجَهْل وَيشْرب الْخمر وَيظْهر الزِّنَا ويقل الرِّجَال وَيكثر النِّسَاء حَتَّى يكون على خمسين امْرَأَة قيم وَاحِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بارزاً للنَّاس فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة فَقَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وَلَكِن سأحدثك عَن أشراطها إِذا ولدت الْأمة ربتها فَذَاك من أشراطها وَإِذا كَانَت الحفاة العراة رعاء الشَّاء رُؤُوس النَّاس فَذَاك من أشراطها وَإِذا تطاول رعاء الْغنم فِي الْبُنيان فَذَاك من أشراطها
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن أَعْرَابِيًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَتى السَّاعَة فَقَالَ: إِذا ضيعت الْأَمَانَة فانتظر السَّاعَة
قَالَ يَا رَسُول الله وَكَيف إضاعتها قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله فانتظر السَّاعَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة قَالَ: مَا السَّائِل بِأَعْلَم من المسؤول
قَالَ: فَلَو علمتنا أشراطها
قَالَ: تقَارب الْأَسْوَاق
قلت: وَمَا تقَارب الْأَسْوَاق قَالَ: أَن يشكو النَّاس بَعضهم إِلَى بعض قلَّة إصابتهم وَيكثر ولد الْبَغي وتفشوا الْغَيْبَة ويعظم رب المَال وترتفع أصوات الْفُسَّاق فِي الْمَسَاجِد وَيظْهر أهل الْمُنكر وَيظْهر الْبغاء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أَشْرَاط السَّاعَة سوء الْجوَار وَقَطِيعَة الْأَرْحَام وَأَن يعطل السَّيْف من الْجِهَاد وَأَن ينتحل الدُّنْيَا بِالدّينِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يكون أسعد النَّاس بالدنيا لكع بن لكع
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لن تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تصير للكع بن لكع
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن تغلب رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر وَإِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا قوما عراض الْوُجُوه كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة
وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن تغلب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يقبض الْعلم ويفشو المَال وتفشو التِّجَارَة وَيظْهر الْقَلَم قَالَ عَمْرو فَإِن كَانَ هَذَا الرجل ليبيع البيع فَيَقُول حَتَّى استأمر تَاجر بني فلَان ويلتمس فِي الحواء الْعَظِيم الْكَاتِب فَلَا يُوجد
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يكون بَين يَدي السَّاعَة أَيَّام فيرفع فِيهَا الْعلم وَينزل فِيهَا الْجَهْل وَيكثر فِيهَا الْهَرج
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن ربيب الجندي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا الْوَلِيد يَا عبَادَة بن الصَّامِت إِذا رَأَيْت الصَّدَقَة كتمت وغلت واستؤجر فِي الْغَزْو وَعمر الخراب وَخرب العامر وَالرجل يتمرس بأمانته كَمَا يتمرس الْبَعِير بِالشَّجَرَةِ فَإنَّك والساعة كهاتين وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السبابَة وَالَّتِي تَلِيهَا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتباهى النَّاس فِي الْمَسَاجِد
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتقارب الزَّمَان فَيكون السّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَالْيَوْم كالساعة والساعة كالضرمة بالنَّار)
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتقارب الزَّمَان فَتكون السّنة كالشهر وَيكون الشَّهْر كَالْجُمُعَةِ وَتَكون الْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَيكون الْيَوْم كالساعة وَتَكون السَّاعَة كاحتراق السعفة
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجاً وأنهاراً
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يقتل فئتان عظيمتان يكون بَينهم مقتلة عَظِيمَة دعواهما وَاحِدَة
وَحَتَّى يبْعَث دجالون كذابون قريب من ثَلَاثِينَ كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله وَحَتَّى يقبض الْعلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزَّمَان وَتظهر الْفِتَن وَيكثر الْهَرج وَهُوَ الْقَتْل وَحَتَّى يكثر فِيكُم المَال فيفيض حَتَّى يهم رب المَال من يقبل صدقته وَحَتَّى يعرضه فَيَقُول الَّذِي يعرضه عَلَيْهِ لَا أرب لي بِهِ وَحَتَّى يَتَطَاوَل النَّاس فِي الْبُنيان وَحَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول يَا لَيْتَني مَكَانَهُ وَحَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا فَإِذا طلعت وَرَآهَا النَّاس آمنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِين لَا ينفع إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا
وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبا بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا يطعمهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي بِهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفعت أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله لَا يحب الْفَاحِش وَلَا الْمُتَفَحِّش وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْجوَار وَقَطِيعَة الْأَرْحَام وَحَتَّى يخون الْأمين ويؤتمن الخائن
ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا مثل الْمُؤمن مثل النَّخْلَة وَقعت فَأكلت طيبا وَلم تفْسد وَلم تكسر وَمثل الْمُؤمن كَمثل الْقطعَة الذَّهَب الْأَحْمَر أدخلت النَّار فَنفخ عَلَيْهَا وَلم تَتَغَيَّر ووزنت فَلم تنقص
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمطر النَّاس مَطَرا عامّاً وَلَا تنْبت الأَرْض شَيْئا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن جَابر رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: بَين يَدي السَّاعَة كذابون مِنْهُم صَاحب الْيَمَامَة وَصَاحب صنعاء الْعَنسِي وَمِنْهُم صَاحب حمير وَمِنْهُم الدَّجَّال وَهُوَ أعظمهم فتْنَة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَين يَدي السَّاعَة قريب من ثَلَاثِينَ دجالين كلهم يَقُول أَنا نَبِي أَنا نَبِي
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَيكون فِي أمتِي دجالون كذّابون يأتونكم ببدع من الحَدِيث بِمَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم فإياكم وإياهم لَا يفتنونكم
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَيَكُونن قبل يَوْم الْقِيَامَة الْمَسِيح الدَّجَّال وكذابون ثَلَاثُونَ أَو أَكثر
وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن فِي أمتِي لنيفاً وَسبعين دَاعيا كلهم دَاع إِلَى النَّار لَو أَشَاء لأنبأتكم بِأَسْمَائِهِمْ وقبائلهم
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي الْجلاس قَالَ: سَمِعت عليا رضي الله عنه يَقُول لعبد الله السبائي لقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن بَين يَدي السَّاعَة ثَلَاثِينَ كذابا وَإنَّك لأَحَدهم
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يكون قبل خُرُوج الدَّجَّال ينيف على سبعين دجالًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رضي الله عنه أَن بَين يَدي السَّاعَة لستاً وَسبعين دجالًا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تمطر السَّمَاء مَطَرا لَا يكن مِنْهُ بيُوت الْمدر وَلَا يكن مِنْهُ إِلَّا بيُوت الشّعْر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن الْحسن قَالَ: قَالَ [] عليّ خرجت فِي طلب الْعلم فَقدمت الْكُوفَة فَإِذا أَنا بِعَبْد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه فَقلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن: هَل للساعة من علم تعرب بِهِ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك فَقَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يكون الْوَلَد غيظاً والمطر قيظاً وَتفِيض الأشرار فيضاً وَيصدق الْكَاذِب ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين ويسود كل قَبيلَة وكل سوق فجارهم وتزخرف المحاريب وتخرب الْقُلُوب ويكتفي الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء وَيخرب عمرَان الدُّنْيَا ويعمر خرابها وَتظهر الْفِتْنَة وَأكل الرِّبَا وَتظهر المعازف والكنوز وَشرب الْخمر وَيكثر الشَّرْط والغمازون والهمازون
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتراب السَّاعَة اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ خصْلَة إِذْ رَأَيْتُمْ النَّاس أماتوا الصَّلَاة وأضاعوا الْأَمَانَة وأكلوا الرِّبَا وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِب واستخفوا بالدماء واستعلوا الْبناء وَبَاعُوا الدّين بالدنيا وتقطعت الْأَرْحَام وَيكون الحكم ضعفا وَالْكذب صدقا وَالْحَرِير لباساً وَظهر الْجور وَكَثْرَة الطَّلَاق وَمَوْت الْفُجَاءَة وائتمن الخائن وخوّن الْأمين
وَصدق الْكَاذِب وَكذب الصَّادِق وَكثر الْقَذْف وَكَانَ الْمَطَر قيظاً وَالْولد غيظاً وفاض اللئام فيضاً وغاض الْكِرَام غيضاً وَكَانَ الْأُمَرَاء والوزراء كذبة والأمناء خونة والعرفاء ظَلَمَة والقراء فَسَقَة إِذا لبسوا مسوك الضَّأْن قُلُوبهم أنتن من الْجِيَف وأمرّ من الصَّبْر يغشيهم الله تَعَالَى فتْنَة يتهاركون (يتهاركون: يَمْشُونَ باختيال وبطىء) فِيهَا تهارك الْيَهُود الظلمَة وَتظهر الصَّفْرَاء يَعْنِي الدَّنَانِير وتطلب الْبَيْضَاء وتكثر الْخَطَايَا ويقل الْأَمْن وحليت الْمَصَاحِف وصورت الْمَسَاجِد وطوّلت المنائر وخرّبت الْقُلُوب وشربت الْخُمُور وعطلت الْحُدُود وَولدت الْأمة ربتها وَترى الحفاة العراة قد صَارُوا ملوكاً وشاركت الْمَرْأَة زَوجهَا فِي التِّجَارَة وتشبه الرِّجَال بِالنسَاء وَالنِّسَاء بِالرِّجَالِ وَحلف بِغَيْر الله وَشهد الْمُؤمن من غير أَن يستشهد وَسلم للمعرفة وتفقه لغير دين الله وَطلب الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة وَاتخذ الْمغنم دولاً وَالْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً وَكَانَ زعيم الْقَوْم أرذلهم وعق الرجل أَبَاهُ وجفا أمه وضر صديقه وأطاع امْرَأَته وعلت أصوات الفسقة فِي الْمَسَاجِد وَاتخذ الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف وشربت الْخُمُور فِي الطّرق وَاتخذ الظُّلم فخراً وَبيع الحكم وَكَثُرت الشَّرْط وَاتخذ الْقُرْآن مَزَامِير وجلود السبَاع خفافاً وَلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا فليرتقبوا عِنْد ذَلِك ريحًا حَمْرَاء وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رضي الله عنه أَنهم سَأَلُوا مَتى السَّاعَة فَقَالَ: لقد سَأَلْتُمُونِي عَن أَمر مَا يُعلمهُ جِبْرِيل وَلَا مِيكَائِيل وَلَكِن إِن شِئْتُم أنبأتكم بأَشْيَاء إِذا كَانَت لم يكن للساعة كثير لبث إِذا كَانَت الألسن لينَة والقلوب جنادل وَرغب النَّاس فِي الدُّنْيَا وَظهر الْبناء على وَجه الأَرْض وَاخْتلف الإِخوان فَصَارَ هواهما شَتَّى وَبيع حكم الله بيعا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان الْفَارِسِي رضي الله عنه قَالَ: إِن من اقتراب السَّاعَة أَن يظْهر الْبناء على وَجه الأَرْض وَأَن تقطع الْأَرْحَام وَأَن يُؤْذِي الْجَار جَاره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: إِن من أَشْرَاط
السَّاعَة أَن يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْخلق وَسُوء الْجوَار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر بن الْعَاصِ قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يظْهر القَوْل ويخزن الْعَمَل ويرتفع الأشرار وَيُوضَع الأخيار وَيقْرَأ المثاني عَلَيْهِم فَلَا يعيها أحد مِنْهُم
قلت: مَا المثاني قَالَ: كل كتاب سوى كتاب الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن رَجَاء بن حَيْوَة قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا تحمل النَّخْلَة إِلَّا تَمْرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقوم رَأس الْبَقَرَة بالأوقية
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الوداك قَالَ: من اقتراب السَّاعَة انتفاخ الإِهلّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا فَيُقَال ابْن لَيْلَتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا فَيُقَال ابْن لَيْلَتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: إِن بَين يَدي السَّاعَة أَيَّامًا ينزل فِيهَا الْجَهْل وَيرْفَع الْعلم حَتَّى يقوم الرجل إِلَى أمه فيكربها بِالسَّيْفِ من الْجَهْل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يَجْتَمعُونَ وَيصلونَ فِي الْمَسَاجِد وَلَيْسَ فيهم مُؤمن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يصير الْعلم جهلا وَالْجهل علما
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يجد النسْوَة نعلا ملقى على الطَّرِيق فَيَقُول بَعضهنَّ لبَعض قد كَانَت هَذِه النعلة مرّة لرجل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: قيل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَتى السَّاعَة فزبره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذا صلى الْفجْر رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: تبَارك خَالِقهَا ورافعها ومبدلها وطاويها كطي السّجل للْكتاب ثمَّ تطلع إِلَى الأَرْض فَقَالَ تبَارك خَالِقهَا وواضعها ومبدلها وطاويها كطي السّجل للْكتاب ثمَّ قَالَ: أَيْن السَّائِل عَن السَّاعَة فَجَثَا رجل من آخر الْقَوْم على رُكْبَتَيْهِ فَإِذا هُوَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عِنْد حيف الْأَئِمَّة وَتَكْذيب بِالْقدرِ وإيمان بالنجوم وَقوم يتخذون الْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً والفاحشة زِيَارَة فَسَأَلته عَن الْفَاحِشَة زِيَارَة فَقَالَ: الرّجلَانِ من أهل الْفسق يصنع أَحدهمَا طَعَاما وَشَرَابًا
ويأتيه بِالْمَرْأَةِ فَيَقُول اصنعي لي كَمَا صنعت فيتزاورون على ذَلِك قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِك هَلَكت أمتِي يَا ابْن الْخطاب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون السَّلَام على الْمعرفَة وَحَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً لَا يسْجد لله فِيهَا حَتَّى يُجَاوز وَحَتَّى يبْعَث الْغُلَام بالشيخ بريداً بَين الأفقين وَحَتَّى ينْطَلق الْفَاجِر إِلَى الأَرْض النامية فَلَا يجد فضلاًّ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: حج النَّبِي صلى الله عليه وسلم حجَّة الْوَدَاع ثمَّ أَخذ بِحَلقَة بَاب الْكَعْبَة قَالَ: أَيهَا النَّاس أَلا أخْبركُم بأشراط السَّاعَة فَقَامَ إِلَيْهِ سلمَان رضي الله عنه فَقَالَ: أخبرنَا فدَاك أبي وَأمي يَا رَسُول الله
قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة إِضَاعَة الصَّلَاة والميل مَعَ الْهوى وتعظيم رب المَال
فَقَالَ سلمَان: وَيكون هَذَا يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ فَعِنْدَ ذَلِك يَا سلمَان تكون الزَّكَاة مغرماً والفيء مغنماً وَيصدق الْكَاذِب ويكذب الصَّادِق ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين وَيتَكَلَّم الرويبضة
قَالَ: وَمَا الرويبضة قَالَ: يتَكَلَّم فِي النَّاس من لم يتَكَلَّم وينكر الْحق تِسْعَة أعشارهم وَيذْهب الإِسلام فَلَا يبْقى إِلَّا اسْمه وَيذْهب الْقُرْآن فَلَا يبْقى إِلَّا رسمه وتحلى الْمَصَاحِف بِالذَّهَب وتتسمن ذُكُور أمتِي وَتَكون المشورة للإِماء ويخطب على المنابر الصّبيان وَتَكون المخاطبة للنِّسَاء فَعِنْدَ ذَلِك تزخرف الْمَسَاجِد كَمَا تزخرف الْكَنَائِس وَالْبيع وتطول المنائر وتكثر الصُّفُوف مَعَ قُلُوب متباغضة وألسن مُخْتَلفَة وَأَهْوَاء جمة
قَالَ سلمَان: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يكون الْمُؤمن فيهم أذلّ من الْأمة يذوب قلبه فِي جَوْفه كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء مِمَّا يرى من الْمُنكر فَلَا يَسْتَطِيع أَن يُغَيِّرهُ ويكتفي الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء ويغار على الغلمان كَمَا يغار على الْجَارِيَة الْبكر فَعِنْدَ ذَلِك يَا سلمَان يكون أُمَرَاء فسقة ووزراء فجرة وأمناء خونة يضيعون الصَّلَوَات ويتبعون الشَّهَوَات فَإِن أدركتموهم فصلوا صَلَاتكُمْ لوَقْتهَا
عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يجي سبي من الْمشرق وَسبي من الْمغرب جثاؤهم جثاء النَّاس وَقُلُوبهمْ قُلُوب الشَّيَاطِين لَا يرحمون صَغِيرا وَلَا يوقرون كَبِيرا
عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يحجّ النَّاس إِلَى هَذَا الْبَيْت الْحَرَام تحج مُلُوكهمْ لهواً وتنزهاً وأغنياؤهم للتِّجَارَة ومساكينهم للمسألة وقراؤهم رِيَاء وَسُمْعَة
قَالَ: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يفشوا الْكَذِب وَيظْهر الْكَوْكَب لَهُ الذَّنب وتشارك الْمَرْأَة زَوجهَا فِي التِّجَارَة وتتقارب الْأَسْوَاق
قَالَ: وَمَا تقاربها قَالَ: كسادها وَقلة أرباحها عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يبْعَث الله ريحًا فِيهَا حيات صفر فتلتقط رُؤَسَاء الْعلمَاء لما رَأَوْا الْمُنكر فَلم يغيروه قَالَ: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: وَالله لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَلِي عَلَيْكُم من لَا يزن عشر بعوضة يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَلامَة بنت الْحر قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يَأْتِي على النَّاس زمَان يقومُونَ سَاعَة لَا يَجدونَ إِمَامًا يُصَلِّي بهم
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أَيَّام الدَّجَّال سِنِين خداعة يكذب فِيهَا الصَّادِق وَيصدق فِيهَا الْكَاذِب ويخون فِيهَا الْأمين ويؤتمن فِيهَا الخائن وَيتَكَلَّم فِيهَا الرويبضة
قيل: وَمَا الرويبضة قَالَ: الْفَاسِق يتَكَلَّم فِي أَمر الْعَامَّة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قبل السَّاعَة سنُون خداعة يكذب فِيهَا الصَّادِق وَيصدق فِيهَا الْكَاذِب ويخون فِيهَا الْأمين ويؤتمن فِيهَا الخائن وينطق بهَا الرويبضة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء عَن بُرَيْدَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن أمتِي يَسُوقهَا قوم اعراض الْوُجُوه صغَار الْأَعْين كَأَن وُجُوههم الحجف ثَلَاث مرار حَتَّى يلحوقهم بِجَزِيرَة الْعَرَب
أما السَّابِقَة الأولى فينجو من هرب مِنْهُم وَإِمَّا الثَّانِيَة فَيهْلك بعض وينجو بعض وَأما الثَّالِثَة فيصطلمون كلهم من بَقِي مِنْهُم
قَالُوا يَا رَسُول الله: من هم قَالَ: هم التّرْك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتسافد النَّاس فِي الطّرق تسافد الْحمر وَفِي لفظ: حَتَّى يتهارجون فِي الطّرق تهارج الْحمر فيأتيهم إِبْلِيس فيصرفهم إِلَى عبَادَة الْأَوْثَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما صغَار الْأَعْين ذلف الْأنف كَأَن وُجُوههم المجانّ الْمُطَرَّقَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: إِن النَّاس كَانُوا يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ كَيْمَا أعرفهُ فأتقيه قلت يَا رَسُول الله: أَرَأَيْت هَذَا الْخَيْر الَّذِي أَعْطَانَا الله يكون بعده شَرّ قَالَ: نعم قلت: فَمَا الْعِصْمَة من ذَلِك قَالَ: السَّيْف
قلت: وَهل للسيف من بَقِيَّة قَالَ: نعم
قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: ثمَّ على دخن جمَاعَة على فِرْيَة فَإِن كَانَ يَوْمئِذٍ لله خَليفَة ضرب ظهرك وَأخذ مَالك فاسمع وأطع وَإِلَّا فمت عاضّاً بجذل شَجَرَة قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: يخرج الدَّجَّال وَمَعَهُ نهر ونار فَمن وَقع فِي ناره وَقع وَحط وزره وَمن وَقع فِي نهره وَجب وزره وَحط أجره
قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: ثمَّ إِنَّمَا هِيَ قيام السَّاعَة
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله وَحَتَّى تمر الْمَرْأَة بِقِطْعَة النَّعْل فَتَقول: قد كَانَ لهَذِهِ رجل مرّة وَحَتَّى يكون الرجل قيم خمسين امْرَأَة وَحَتَّى تمطر السَّمَاء وَلَا تنْبت الأَرْض
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رضي الله عنه مَرْفُوعا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة على رجل يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد لله فِيهِ حَاجَة وَحَتَّى تُؤْخَذ الْمَرْأَة نَهَارا جهاراً تُنْكحُ وسط الطَّرِيق لَا يُنكر ذَلِك أحد فَيكون أمثلهم الَّذِي يَقُول: لَو نحيتها عَن الطَّرِيق قَلِيلا فَذَاك فيهم مثل أبي بكر وَعمر فِيكُم
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن علْبَاء السّلمِيّ مَرْفُوعا: لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على حثالة النَّاس
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ لَا يدركني زمَان لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس
وَأخرج أَحْمد عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ لَا يدركني زمَان وَلَا تدركون زَمَانا لَا يتبع فِيهِ الْعَلِيم وَلَا يستحيا من الْحَلِيم قُلُوبهم قُلُوب الْأَعَاجِم وألسنتهم أَلْسِنَة الْعَرَب
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب اليات نسَاء دوس على ذِي الخلصة وَذُو الخلصة طاغية دوس الَّتِي كَانُوا يعْبدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب اليات نسَاء حول الْأَصْنَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تعزب الْعُقُول وتنقص الأحلام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال من اقتراب السَّاعَة موت الْفجأَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: من أَشْرَاط السَّاعَة موت البدار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كُنَّا نتحدث أَنه سَيَأْتِي على النَّاس زمَان خير أَهله الَّذِي يرى الْخَيْر فيجانبه قَرِيبا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن طَلْحَة بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة هَلَاك الْعَرَب
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً وَحَتَّى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وَحَتَّى تتجر الْمَرْأَة وَزوجهَا وَحَتَّى تغلو الْخَيل وَالنِّسَاء ثمَّ ترخص فَلَا تغلو إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَين يَدي السَّاعَة تَسْلِيم الْخَاصَّة وفشو التِّجَارَة حَتَّى تعين الْمَرْأَة زَوجهَا على التِّجَارَة وَقطع الْأَرْحَام وفشو الْقَلَم وَظُهُور الشَّهَادَة بالزور وكتمان شَهَادَة الْحق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود: سَمِعت رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يمر الرجل فِي الْمَسْجِد لَا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَأَن لَا يسلم الرجل إِلَّا على من يعرفهُ وَأَن يبرد الصَّبِي الشَّيْخ لفقره وَأَن تتطاول الحفاة العراة رُعَاة الشَّاء فِي الْبُنيان
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَأْخُذ الله شريطته من أهل الأَرْض فَيبقى مِنْهَا عجاج لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن طَالَتْ بك مُدَّة يُوشك أَن ترى قوما يَغْدُونَ فِي سخط الله وَيَرُوحُونَ فِي لعنته فِي أَيْديهم مثل أَذْنَاب الْبَقر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما مَرْفُوعا يكون فِي آخر هَذِه الْأمة رجال يركبون على المياثر حَتَّى يَأْتُوا أَبْوَاب الْمَسَاجِد نِسَاؤُهُم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت الْعِجَاف العنوهن فَإِنَّهُنَّ ملعونات لَو كَانَت وراءكم أمة من الْأُمَم لخدمتهم كَمَا خدمكم نسَاء الْأُمَم قبلكُمْ فَقلت لأبي: وَمَا المياثر قَالَ: سروجٌ عِظَام
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا: يخرج فِي هَذِه الْأمة فِي آخر الزَّمَان رجال مَعَهم سياط كَأَنَّهَا أَذْنَاب الْبَقر يَغْدُونَ فِي سخط الله وَيَرُوحُونَ فِي لعنته
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَا تَنْقَضِي هَذِه الدُّنْيَا حَتَّى يَقع بهم الْخَسْف وَالْمَسْخ وَالْقَذْف
قَالُوا: وَمَتى ذَاك يَا نَبِي الله قَالَ: إِذا رَأَيْت النِّسَاء ركبن السُّرُوج وَكَثُرت الْقَيْنَات وَشهد شَهَادَات الزُّور وَشرب المصلون فِي آنِية أهل الشّرك الذَّهَب وَالْفِضَّة وَاسْتغْنى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء فاستبدروا واستعدوا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا يزْدَاد الْأَمر إِلَّا شدَّة وَلَا المَال إِلَّا إفَاضَة وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار خلقه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَجعْنَا تعجل نَاس فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَسَأَلَ عَنْهُم
النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأخْبر أَنهم تعجلوا الْمَدِينَة فَقَالَ: يُوشك أَن يدعوها أحسن مَا كَانَت لَيْت شعري مَتى تخرج نَار من جبل الْوراق يضيء لَهَا أَعْنَاق البخت ببصرى يروها كضوء النَّهَار
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن رَافع بن بشر السّلمِيّ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: تخرج نَار من حبس سيل تسير بِطيبَة تكمن بِاللَّيْلِ وتسير بِالنَّهَارِ تَغْدُو وَتَروح يُقَال غَدَتْ النَّار أَيهَا النَّاس فاغدوا قَالَت النَّار أَيهَا النَّاس فقيلوا راحت النَّار فروحوا من أَدْرَكته أَكلته
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي البداح بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه بِسَنَد ضَعِيف قَالَ: سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حدثان مَا قدم فَقَالَ: أَيْن حبس سيل قُلْنَا: لَا نَدْرِي فَمر بِي رجل من بني سليم فَقلت: من أَيْن جِئْت قَالَ: من حبس سيل
فَأتيت فَقلت يَا رَسُول الله: إِن هَذَا الرجل يخبر أَن أَهله بِحَبْس سيل فَسَأَلَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: أخر أهلك فَإِنَّهُ يُوشك ان تخرج مِنْهُ نَار تضيء أَعْنَاق الإِبل ببصرى
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نَار بِأَرْض الْحجاز تضيء مِنْهَا أَعْنَاق الإِبل ببصرى
وَأخرج أَحْمد وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تزَال الْأمة على شَرِيعَة مَا لم يظْهر فيهم ثَلَاث: مَا لم يقبض مِنْهُم الْعلم وَيكثر ولد الْخبث وَيظْهر فيهم السقارون
قَالُوا: وَمَا السقارون قَالَ: بشر يكونُونَ فِي آخر الزَّمَان تكون تحيتهم بَينهم إِذا تلاقوا التلاعن
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: تكْثر الصَّوَاعِق عِنْد اقتراب السَّاعَة فَيُصْبِح الْقَوْم فَيَقُولُونَ: من صعق البارحة فَيَقُولُونَ: صعق فلَان وَفُلَان
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُحج الْبَيْت
وَأخرج الْحَاكِم صَححهُ عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يكون فِي أمتِي خَليفَة يحثي المَال حثا لَا يعده عدا ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليعودن الْأَمر كَمَا بَدَأَ ليعودن كل إِيمَان إِلَى الْمَدِينَة كَمَا بَدَأَ بهَا حَتَّى يكون كل إِيمَان بِالْمَدِينَةِ
ثمَّ قَالَ: لَا يخرج رجل من الْمَدِينَة رَغْبَة عَنْهَا إِلَّا أبدلها الله خيرا مِنْهُ
وليسمعن نَاس برخص من أسعار وزيف فيتبعونه وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لتركبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ شبْرًا بشبر وذراعاً بِذِرَاع حَتَّى لَو أَن أحدهم دخل حجر ضبّ لدخلتم وَحَتَّى لَو أَن أحدهم جَامع امْرَأَته بِالطَّرِيقِ لفعلتموه
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سَيَأْتِي على أمتِي زمَان يكثر فِيهِ الْقُرَّاء وتقل الْفُقَهَاء ويقل الْعلم وَيكثر الْهَرج
قَالُوا وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله قَالَ: الْقَتْل بَيْنكُم
ثمَّ يَأْتِي بعد ذَلِك زمَان يقْرَأ الْقُرْآن رجال لَا يُجَاوز تراقيهم
ثمَّ يَأْتِي بعد ذَلِك زمَان يحاول الْمُنَافِق الْكَافِر الْمُشرك بِاللَّه الْمُؤمن بِمثل مَا يَقُول)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الإِنسان وَحَتَّى تكلم الرجل عذبة سَوْطه وشراك نَعله ويخبره فَخذه بِمَا أحدث أَهله من بعده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رضي الله عنه قَالَ: يكون فتْنَة فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون الْخَامِسَة وَهِي مُجَللَة تَنْشَق فِي الأَرْض كَمَا ينشق المَاء
وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رضي الله عنه قَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم النَّاس بِكُل فتْنَة كائنة فِيمَا بيني وَبَين السَّاعَة وَمَا بِي أَن لَا يكون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أسر إِلَيّ فِي ذَلِك شَيْئا لم يحدثه غَيْرِي وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ يحدث مَجْلِسا أَنا فِيهِ عَن الْفِتَن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يعد الْفِتَن: مِنْهُنَّ ثَلَاث لَا يكدن يذرن شَيْئا ومنهن فتن كرياح الصَّيف مِنْهَا صغَار وَمِنْهَا كبار قَالَ حُذَيْفَة رضي الله عنه: فَذهب أُولَئِكَ الرَّهْط غَيْرِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يكون فِي هَذِه الْأمة أَربع فتن آخرهَا الْغناء
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَ: كُنَّا قعُودا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكر الْفِتَن فَأكْثر فِي ذكرهَا حَتَّى ذكر فتْنَة الأحلاس فَقَالَ قَائِل يَا رَسُول الله: وَمَا فتْنَة الأحلاس قَالَ: هِيَ فتْنَة حَرْب وهرب ثمَّ فتْنَة السَّرَّاء دخنها من تَحت قدمي رجل من أهل بَيْتِي يزْعم أَنه نَبِي وَلَيْسَ مني إِنَّمَا أوليائي المتقون ثمَّ يصطلح النَّاس على رجل كورك على ضلع ثمَّ فتْنَة الدهيماء لَا تدع أحدا من هَذِه الْأمة إِلَّا لطمته حَتَّى إِذا قيل انْقَضتْ عَادَتْ يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا حَتَّى يصير النَّاس إِلَى فسطاطين فسطاط إِيمَان لَا نفاق فِيهِ وفسطاط نفاق لَا إِيمَان فِيهِ فَإِذا كَانَ ذاكم فانظروا الدَّجَّال من يَوْمه أَو من غده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سفر فنزلنا منزلا فمنا من يضْرب خباءه وَمنا من ينتضل إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الصَّلَاة جَامِعَة
فانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ يخْطب النَّاس وَيَقُول: أَيهَا النَّاس إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن يدل أمته على مَا يُعلمهُ خيرا لَهُم وَيُنْذرهُمْ مَا يُعلمهُ شرا لَهُم الا وان عَافِيَة هَذِه الْأمة فِي أَولهَا وسيصيب آخرهَا بلَاء وَفتن يرفق بَعْضهَا بَعْضًا تَجِيء الْفِتْنَة فَيَقُول الْمُؤمن هَذِه تهلكني ثمَّ تنكشف ثمَّ تَجِيء فَيَقُول هَذِه وَهَذِه ثمَّ تَجِيء فَيَقُول هَذِه وَهَذِه ثمَّ تنكشف
فَمن أحب أَن يزحزح عَن النَّار وَيدخل الْجنَّة فلتدركه منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَيَأْتِي إِلَى النَّاس مَا يحب أَن يُؤْتى إِلَيْهِ وَمن بَايع إِمَامًا فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَده وَثَمَرَة قلبه فليطعه مَا اسْتَطَاعَ
وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم عَن العداء بن خَالِد رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذْ قَامَ قومة لَهُ كَأَنَّهُ مفزع ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أحذركم الدجالين الثَّلَاث فَقَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أخبرتنا عَن الدَّجَّال الْأَعْوَر وَعَن أكذب الْكَذَّابين فَمن الثَّالِث قَالَ: رجل يخرج فِي قوم أَوَّلهمْ مثبور وَآخرهمْ مثبور عَلَيْهِم اللَّعْنَة دائبة فِي فتْنَة الجارفة وَهُوَ الدَّجَّال الأكيس يَأْكُل عباد الله قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ أبعد النَّاس من سنَنه قَالَ الذَّهَبِيّ: الحَدِيث مُنكر بِمرَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سَمُرَة مَرْفُوعا ليفتحن لكم كنوز كسْرَى
الْأَبْيَض أَو الَّذِي فِي الْأَبْيَض عِصَابَة من الْمُسلمين
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه مَرْفُوعا تكون هدة فِي شهر
رَمَضَان توقظ النَّائِم وتفزع الْيَقظَان ثمَّ تظهر عِصَابَة فِي شَوَّال ثمَّ مقمعَة فِي ذِي الْحجَّة تنتهك الْمَحَارِم ثمَّ يكون موت فِي صفر ثمَّ تتنازل الْقَبَائِل فِي ربيع ثمَّ الْعجب كل الْعجب بَين جُمَادَى وَرَجَب ثمَّ فِي الْمحرم نَاقَة مقتبة خير من دسكرة تقل مائَة ألف قَالَ الْحَاكِم: غَرِيب الْمَتْن وَقَالَ الذَّهَبِيّ: مَوْضُوع
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: شَيْطَان الردهة يحتدره رجل من بجيلة يُقَال لَهُ الْأَشْهب أَو ابْن الْأَشْهب راعي الْخَيل غُلَامه فِي الْقَوْم الظلمَة قَالَ الذَّهَبِيّ مَا أبعده من الصِّحَّة وَأنْكرهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أَرقم بن يَعْقُوب قَالَ: سَمِعت عبد الله رضي الله عنه يَقُول: كَيفَ أَنْتُم إِذا أخرجتم من أَرْضكُم هَذِه إِلَى جَزِيرَة الْعَرَب ومنابت الشيح قلت: من يخرجنا قَالَ: عَدو الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: كَأَنِّي أَرَاهُم [] مسر آذان خيلهم وأبطيها بحافتي الْفُرَات
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معيقيب ونعيم بن حَمَّاد عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه مَرْفُوعا لن تفنى أمتِي حَتَّى يظْهر فيهم التمايز والتمايل والمقامع
قلت يَا رَسُول الله: مَا التمايز قَالَ: عصبية يظهرها النَّاس بعدِي فِي الإِسلام
قلت: فَمَا التمايل قَالَ: تميل الْقَبِيلَة على الْقَبِيلَة فتستحل حرمتهَا
قلت: فَمَا المقامع قَالَ: تسير الْأَحْبَار بَعْضهَا إِلَى بعض تخْتَلف أعناقها فِي الْحَرْب
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذا وَقعت الْمَلَاحِم خرج بعث من الموَالِي من دمشق هم أكْرم الْعَرَب فرسا وأجودهم سِلَاحا يُؤَيّد الله بهم هَذَا الدّين
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه: سَتَكُون فتْنَة تحصل النَّاس مِنْهَا كَمَا يحصل الذَّهَب فِي الْمَعْدن فَلَا تسبوا أهل الشَّام وَسبوا ظَلَمَتَهُمْ فَإِن فيهم الأبدال وسيرسل الله سيباً من السَّمَاء فيغرقهم حَتَّى لَو قَاتلهم الثعالب غلبتهم ثمَّ يبْعَث الله عِنْد ذَلِك رجلا من عترة الرَّسُول عليه الصلاة والسلام فِي إثني عشر ألفا إِن قلوا أَو خَمْسَة عشر ألفا إِن كَثُرُوا أمارتهم أَن علامتهم أمت أمت على ثَلَاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات لَيْسَ من صَاحب راية إِلَّا وَهُوَ
يطْمع فِي الْملك فيقتلون ويهزمون ثمَّ يظْهر الْهَاشِمِي فيردّ الله على النَّاس إلفتهم ونعمتهم فيكونون على ذَلِك حَتَّى يخرج الدَّجَّال
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن جُبَير بن نفير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لتستصعبن الأَرْض بِأَهْلِهَا حَتَّى لَا يكون على ظهرهَا أهل بَيت مَدَر وَلَا وبر وليبتلين آخر هَذِه الْأمة بالرجف فَإِن تَابُوا تَابَ عَلَيْهِم وَإِن عَادوا عَاد الله عَلَيْهِم بالرجف وَالْقَذْف وَالْمَسْخ وَالصَّوَاعِق
وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أبشركم بالمهدي يَبْعَثهُ الله فِي أمتِي على اخْتِلَاف من الزَّمَان وزلازل فَيمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت جوراً وظلماً ويرضى عَنهُ ساكنو السَّمَاء وساكنو الأَرْض يقسم الأَرْض ضحاحاً
فَقَالَ لَهُ رجل: مَا ضحاحا قَالَ: بِالسَّوِيَّةِ بَين النَّاس ويملأ قُلُوب أمة مُحَمَّد غنى ويسعهم عدله حَتَّى يَأْمر مُنَاد يُنَادي يَقُول: من كَانَت لَهُ فِي مَال حَاجَة فَمَا يقوم من الْمُسلمين إِلَّا رجلٌ وَاحِد فَيَقُول: ائْتِ السادن يَعْنِي الخازن فَقل لَهُ: إِن المهديّ يَأْمُرك أَن تُعْطِينِي مَالا فَيَقُول لَهُ: أحث حَتَّى إِذا جعله فِي حجره وأبرزه نَدم فَيَقُول: كنت أجشع أمة مُحَمَّد نفسا إِذْ عجز عني مَا وسعهم قَالَ: فَيرد فَلَا يقبل مِنْهُ فَيُقَال لَهُ: إِنَّا لَا نَأْخُذ شَيْئا أعطيناه فَيكون كَذَلِك سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين أَو تسع سِنِين ثمَّ لَا خير فِي الْعَيْش بعده قَالَ: ثمَّ لَا خير فِي الْحَيَاة بعده
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يملك الأَرْض رجل من أهل بَيْتِي أَجلي أقنى وَلَفظ أبي دَاوُد: الْمهْدي مني أجلى الْجَبْهَة أقنى الْأنف يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت قبله ظلما وجوراً يكون سبع سِنِين
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يخرج الْمهْدي فِي أمتِي خمْسا أَو سبعا - شكّ أَبُو الْجُورِي - قُلْنَا: أَي شَيْء قَالَ: سِنِين ثمَّ ترسل السَّمَاء عَلَيْهِم مدراراً وَلَا تدخر الأَرْض من نباتها شَيْئا وَيكون المَال كردساً يَجِيء الرجل إِلَيْهِ فَيَقُول يَا مهْدي أَعْطِنِي أَعْطِنِي فيحثي لَهُ فِي ثَوْبه مَا اسْتَطَاعَ أَن يحمل
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم: يكون فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يقسم المَال وَلَا يعده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يخرج فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يُعْطي الْحق بِغَيْر عدد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل من أهل بَيْتِي عِنْد انْقِطَاع من الزَّمَان وَظُهُور من الْفِتَن يكون عطاؤه حثياً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لبعث الله رجلا منا يملؤها عدلا كَمَا ملئت جوراً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْمهْدي منا أهل الْبَيْت يصلحه الله فِي لَيْلَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي إِسْحَق قَالَ: قَالَ عَليّ وَنظر إِلَى ابْنه الْحسن فَقَالَ: إِن ابْني هَذَا سيد كَمَا سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسيخرج من صلبه رجل يُسمى باسم نَبِيكُم يُشبههُ فِي الْخلق وَلَا يُشبههُ فِي الْخلق يمْلَأ الأَرْض عدلا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطوّل الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يبْعَث فِيهِ رجل مني أَو من أهل بَيْتِي وَفِي لفظ لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك الْعَرَب رجل من أهل بَيْتِي يواطىء اسْمه اسْمِي وَاسم أَبِيه اسْم أبي يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت ظلما وجوراً
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطوّل الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يَلِي رجل من أهل بَيْتِي يواطئ اسْمه اسْمِي
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ام سَلمَة رضي الله عنها: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: الْمهْدي من عِتْرَتِي من ولد فَاطِمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن ام سَلمَة رضي الله عنها عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يكون اخْتِلَاف عِنْد موت خَليفَة فَيخرج رجل من أهل الْمَدِينَة هَارِبا إِلَى مَكَّة فيأتيه نَاس من أهل الْمَدِينَة فيخرجونه وَهُوَ كَارِه فيبايعونه بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَيبْعَث إِلَيْهِ بعث من الشَّام فيخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة
فَإِذا رأى النَّاس ذَلِك أَتَاهُ إِبْدَال الشَّام وعصائب أهل الْعرَاق فيبايعونه ثمَّ ينشأ رجل من قُرَيْش اخواله كلب فيبعث إِلَيْهِم بعثاً فيظهرون عَلَيْهِم فَذَلِك بعث كلب والخيبة لمن لم يشْهد غنيمَة كلب فَيقسم المَال وَيعْمل فِي النَّاس سنة نَبِيّهم ويلقى الْإِسْلَام بجرانه إِلَى الأَرْض فيلبث سِنِين ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ أقبل فتية من بني هَاشم فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اغرورقت عَيناهُ وَتغَير لَونه فَقلت: مَا تزَال ترى فِي وَجهك شَيْئا نكرهه فَقَالَ: إِنَّا أهل بَيت اخْتَار لنا الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَإِن أهل بَيْتِي سيلقون بعدِي بلَاء وتشريداً وتطريداً حَتَّى يَأْتِي قوم من قبل الْمشرق مَعَهم رايات سود فَيسْأَلُونَ الْخَيْر فَلَا يُعْطونَهُ فيقاتلون فَيُنْصَرون فيعطون مَا سَأَلُوا فَلَا يقبلونه حَتَّى يدفعوها إِلَى رجل من أهل بَيْتِي فيملؤوها قسطا كَمَا ملؤوها جوراً فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فليأتهم وَلَو حبواً على الثَّلج
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يقتتل عِنْد كنزكم ثَلَاثَة كلهم ابْن خَليفَة ثمَّ لَا يصير إِلَى وَاحِد مِنْهُم ثمَّ تطلع الرَّايَات السود من قبل الْمشرق فيقاتلونكم قتالاً لم يقاتله قوم ثمَّ ذكر شَيْئا لَا أحفظه قَالَ: فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فتابعوه وَلَو حَبْواً على الثَّلج فَإِنَّهُ خَليفَة الله الْمهْدي
وَأخرج التِّرْمِذِيّ ونعيم بن حَمَّاد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل بأمتي فِي آخر الزَّمَان بلَاء شَدِيد من سلطانهم حَتَّى تضيق عَلَيْهِم الأَرْض فيبعث الله رجلا من عِتْرَتِي فَيمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت ظلما وجوراً يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض لَا تدخر الأَرْض من بذرها شَيْئا إِلَّا أخرجته وَلَا السَّمَاء شَيْئا من قطرها إِلَّا صبته يعِيش فيهم سبع سِنِين أَو ثَمَان أَو تسع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رضي الله عنه قَالَ: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن الْمهْدي لَا يخرج حَتَّى يقتل النَّفس الزكية فَإِذا قتلت النَّفس الزكية غضب عَلَيْهِم من فِي السَّمَاء وَمن فِي الأَرْض فَأتى النَّاس الْمهْدي فزفوه كَمَا تزف الْعَرُوس إِلَى زَوجهَا لَيْلَة عرسها وَهُوَ يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً وَتخرج الأَرْض نباتها وتمطر السَّمَاء مطرها وتنعم أمتِي فِي ولَايَته نعْمَة لَا تنعمها قطّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْجلد قَالَ: تكون فتْنَة بعْدهَا فتْنَة أَلا وَفِي الْآخِرَة كثمرة السَّوْط يتبعهَا ذُبَاب السَّيْف ثمَّ يكون بعد ذَلِك فتْنَة تُسْتَحَلُّ فِيهَا
الْمَحَارِم كلهَا ثمَّ يَأْتِي الْخلَافَة خير أهل الأَرْض وَهُوَ قَاعد فِي بَيته هَهُنَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَاصِم بن عمر والبجيلي رضي الله عنه قَالَ: لَيُنادَيَنَّ باسم رجل من السَّمَاء لَا يُنكره الذَّلِيل وَلَا يمْتَنع مِنْهُ الدَّلِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق ثَابت بن عَطِيَّة عَن عبد الله قَالَ: الزموا هَذِه الطَّاعَة وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُ حَبل الله الَّذِي أَمر بِهِ وَإِن مَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَة خير مِمَّا تحبون فِي الْفرْقَة إِن الله لم يخلق شَيْئا إِلَّا جعل لَهُ مُنْتَهى وَإِن هَذَا الدّين قد تمّ وَإنَّهُ صائر إِلَى نُقْصَان وَإِن أَمارَة ذَلِك أَن تقطع الْأَرْحَام وَيُؤْخَذ المَال بِغَيْر حَقه ويسفك الدِّمَاء ويشتكي ذُو الْقَرَابَة قرَابَته لَا يعود عَلَيْهِ شَيْء وَيَطوف السَّائِل لَا يوضع فِي يَده شَيْء فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ خارت الأَرْض خور الْبَقَرَة يحْسب كل إِنْسَان أَنَّهَا خارت من قبلهم فَبَيْنَمَا النَّاس كَذَلِك قذفت الأَرْض بأفلاذ كَبِدهَا من الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا ينفع بعد شَيْء مِنْهُ ذهب وَلَا فضَّة
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: دخلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يتَوَضَّأ فَرفع رَأسه فَنظر إليّ فَقَالَ: سِتّ فِيكُم أيتها الْأمة موت نَبِيكُم فَكَأَنَّمَا انتزع قلبِي من مَكَانَهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَاحِدَة قَالَ: وَيفِيض المَال فِيكُم حَتَّى إِن الرجل ليُعْطى عشرَة آلَاف فيظل يسخطها
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ قَالَ: وفتنة تدخل بَيت كل رجل مِنْكُم
قَالَ رَسُول صلى الله عليه وسلم ثَلَاث
قَالَ: وَمَوْت كقعاص الْغنم
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَربع وهدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فَيجْمَعُونَ لكم تِسْعَة أشهر بِقدر حمل الْمَرْأَة ثمَّ يكونُونَ أولى بالغدر مِنْكُم
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: خمس وَفتح مَدِينَة
قلت يَا رَسُول الله: أَي مَدِينَة قَالَ: قسطنطينية
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ فِي قبَّة أَدَم فَقَالَ: أعدد ستّاً بَين يَدي السَّاعَة: موتِي ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس ثمَّ موتان يأخذكم كقعاص الْغنم ثمَّ استفاضة المَال حَتَّى يعْطى الرجل مائَة دِينَار فيظل ساخطاً ثمَّ فتْنَة لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته ثمَّ هدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ راية تَحت كل راية اثْنَا عشر ألفا زَاد أَحْمد فسطاط الْمُسلمين يَوْمئِذٍ فِي أَرض يُقَال لَهَا الغوطة فِي مَدِينَة يُقَال لَهَا دمشق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سِتّ من أَشْرَاط السَّاعَة: موتِي وَفتح بَيت الْمُقَدّس وَمَوْت يَأْخُذ فِي النَّاس كقعاص الْغنم وفتنة يدْخل حرهَا بَيت كل مُسلم وَأَن يعْطى الرجل ألف دِينَار فيسخطها وَأَن يغدر الرّوم فيسيرون بِثَمَانِينَ بنداً تَحت كل بند اثْنَا عشر ألفا
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن فسطاط الْمُسلمين يَوْم الملحمة الْكُبْرَى بالغوطة إِلَى جَانب مَدِينَة يُقَال لَهَا دمشق من خير مَدَائِن دمشق
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رضي الله عنه قَالَ: إِذا رَأَيْت [] بيدة بيد رجل وَأهل بَيته فَعِنْدَ ذَلِك فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَل سَمِعْتُمْ بِمَدِينَة جَانب مِنْهَا فِي الْبر وجانب مِنْهَا فِي الْبَحْر فَقَالُوا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يغزوها سَبْعُونَ ألفا من بني إِسْحَق حَتَّى إِذا جاؤوها نزلُوا فَلم يقاتلوا بسلاح وَلم يرموا بِسَهْم فَيَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط أحد جانبيها ثمَّ يَقُولُونَ الثَّانِيَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط جَانبهَا الآخر ثمَّ يَقُولُونَ الثَّالِثَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فيفرج لَهُم فيدخلونها فيغنمون فَبَيْنَمَا هم يقتسمون الْغَنَائِم إِذْ جَاءَهُم الصَّرِيخ أَن الدَّجَّال قد خرج فيتركون كل شَيْء ويرجعون
قَالَ الْحَاكِم: يُقَال إِن هَذِه الْمَدِينَة هِيَ الْقُسْطَنْطِينِيَّة صَحَّ أَن فتحهَا مَعَ قيام السَّاعَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء والمقدسي فِي المختارة عَن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَين الملحمة وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة سِنِين وَيخرج الدَّجَّال فِي السَّابِعَة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة مَعَ قيام السَّاعَة
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تنزل الرّوم بالأعماق فَيخرج إِلَيْهِم جلب من الْمَدِينَة من خِيَار أهل الأَرْض يَوْمئِذٍ فَإِذا تصافوا قَالَت الرّوم: خلوا بَيْننَا وَبَين الَّذين سبوا منا نقاتلهم فَيُقَاتل الْمُسلمُونَ لَا وَالله فيقاتلونهم فينهزم ثلث لَا يَتُوب الله عَلَيْهِم أبدا
وَيقتل ثلثهم أفضل الشُّهَدَاء عِنْد الله وَيُصْبِح ثلث لَا يفتنون أبدا فيبلغون الْقُسْطَنْطِينِيَّة فيفتتحون فَبَيْنَمَا هم يقتسمون غنائمهم وَقد عَلقُوا سِلَاحهمْ بالزيتون إِذْ صَاح الشَّيْطَان
أَن الْمَسِيح قد خلفكم فِي أهليكم وَذَاكَ بَاطِل فَإِذا جاؤوا الشَّام خرج فَبَيْنَمَا هم يعدون لِلْقِتَالِ ويسوون الصُّفُوف إِذْ أُقِيمَت الصَّلَاة صَلَاة الصُّبْح فَينزل عِيسَى بن مَرْيَم فَأمهمْ فَإِذا رَآهُ عَدو الله ذاب كَمَا يذوب الْملح فَلَو تَركه لذاب حَتَّى يهْلك وَلَكِن الله يقْتله بِيَدِهِ فيريهم دَمه فِي حربته
وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن كثير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تقاتلوا بني الْأَصْفَر يخرج إِلَيْهِم روقة الْمُؤمنِينَ أهل الْحجاز الَّذين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا تأخذهم فِي الله لومة لائم حَتَّى يفتح الله عَلَيْهِم قسطنطينية ورومية بالتسبيح وَالتَّكْبِير فينهدم حصنها فيصيبون نيلاً عَظِيما لم يُصِيبُوا مثله قطّ حَتَّى إِنَّهُم يقتسمون بالترس ثمَّ يصْرخ صارخ بِأَهْل الإِسلام قد خرج الدَّجَّال فِي بِلَادكُمْ وذراريكم فينفضّ النَّاس حَتَّى عَن المَال مِنْهُم الْآخِذ وَمِنْهُم التارك فالآخذ نادم والتارك نادم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عمرَان بَيت الْمُقَدّس خراب يثرب وخراب يثرب حُضُور الملحمة وَحُضُور الملحمة فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة خُرُوج الدَّجَّال ثمَّ ضرب معَاذ على منْكب عمر بن الْخطاب وَقَالَ وَالله إِن ذَلِك لحق كَمَا أَنَّك جَالس
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الملحمة الْعُظْمَى وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَخُرُوج الدَّجَّال فِي سَبْعَة أشهر
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ذِي مخمر بن أخي النَّجَاشِيّ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: ستصالحكم الرّوم صلحا آمنا حَتَّى تغزون أَنْتُم وهم عدوا من ورائهم فتنصرون وتغنمون وتنصرفون تنزلوا بمرج ذِي تلال فَيَقُول قَائِل من الرّوم: غلب الصَّلِيب وَيَقُول قَائِل من الْمُسلمين: بل الله غلب فيتداولانها بَينهم فيثور الْمُسلم إِلَى صليبهم وهم مِنْهُم غير بعيد فيدقه وتثور الرّوم إِلَى كاسر صليبهم فيقتلونه ويثور الْمُسلمُونَ إِلَى أسلحتهم فيقتتلون فيكرم الله تِلْكَ
الْعِصَابَة من الْمُسلمين بِالشَّهَادَةِ فَتَقول الرّوم لصَاحب الرّوم كَفَيْنَاك حد الْعَرَب فيندرون فَيجْمَعُونَ الملحمة فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ غَايَة تَحت كل غَايَة اثْنَا عشر ألفا
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن بشر الغنوي حَدثنِي أبي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لتفتحن الْقُسْطَنْطِينِيَّة ولنعم الْأَمِير أميرها ولنعم الْجَيْش ذَلِك الْجَيْش
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي قبيل قَالَ: تَذَاكر فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة والرومية أَيهمَا تفتح أَولا فَدَعَا عبد الله بن عمر بصندوق ففتحه فَأخْرج مِنْهُ كتابا قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نكتب فَقيل: أَي المدينتين تفتح أوّلاً يَا رَسُول الله قسطنطينية أَو رُومِية فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَدِينَة هِرقل تفتح أوّلاً يُرِيد الْقُسْطَنْطِينِيَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَوْف بن مَالك رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج عَلَيْهِم واقناء معلقَة وقنو مِنْهَا حشف وَمَعَهُ عَصا فطعن فِي القنو وَقَالَ: لَو شَاءَ رب هَذِه الصَّدَقَة تصدق بأطيب مِنْهَا
إِن صَاحب هَذِه الصَّدَقَة يَأْكُل الحشف يَوْم الْقِيَامَة أما وَالله يَا أهل الْمَدِينَة لتدعنها مذللة أَرْبَعِينَ عَاما للعوافي
قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا العوافي قَالُوا لَا
قَالَ: الطير وَالسِّبَاع
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه مَرْفُوعا لتتركن الْمَدِينَة على خير مَا كَانَت تأكلها الطير وَالسِّبَاع
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن محجن بن الأدرع أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وصعدت مَعَه فَأقبل بِوَجْهِهِ نَحْو الْمَدِينَة فَقَالَ لَهَا قولا ثمَّ قَالَ: ويل أمك أَو يح أمهَا قَرْيَة يَدعهَا أَهلهَا أينع مَا تكون يأكلها عَافِيَة الطير وَالسِّبَاع وَلَا يدخلهَا الدَّجَّال إِن شَاءَ الله كلما أَرَادَ دُخُولهَا يلقاه: بِكُل نقب من أنقابها ملك مصلت يمنعهُ عَنْهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون عشر آيَات خسف بالمشرق وَخسف بالمغرب وَخسف فِي جَزِيرَة الْعَرَب والدجال ونزول يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَالدَّابَّة وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ونار تخرج من قَعْر عدن تَسوق النَّاس إِلَى الْمَحْشَر تحْشر الذَّر والنمل
وَأخرج أَبُو يعلي وَالرُّويَانِيّ وَابْن قَانِع وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن لله ريحًا يبعثها على رَأس مائَة سنة تقبض روح كل مُؤمن
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَيَّاش بن أبي ربيعَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: تَجِيء ريح بَين يَدي السَّاعَة تقبض فِيهَا روح كل مُؤمن
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله يبْعَث ريحًا من الْيمن أَلين من الْحَرِير فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان إِلَّا قَبضته
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة رضي الله عنها سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تعبد اللات والعزى وَيبْعَث الله ريحًا طيبَة فتتوفى من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من خير فَيبقى من لَا خير فِيهِ فيرجعون إِلَى دين آبَائِهِم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تزَال عِصَابَة من أمتِي يُقَاتلُون على أَمر الله ظَاهِرين على العدوّ لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى تأتيهم السَّاعَة وهم على ذَلِك فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو أجل وَيبْعَث الله ريحًا رِيحهَا الْمسك ومسها مس الْحَرِير فَلَا تتْرك نفسا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من الإِيمان إِلَّا قَبضته ثمَّ يبْقى شرار النَّاس عَلَيْهِم تقوم السَّاعَة
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يبْعَث الله ريحًا لَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال ذرة من تقى أَو نهي إِلَّا قَبضته وَيلْحق كل قوم بِمَا كَانَ يعبد آباؤهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَيبقى عجاج من النَّاس لَا يأمرون بِمَعْرُوف وَلَا ينهون عَن مُنكر يتناكحون فِي الطّرق فَإِذا كَانَ ذَلِك اشْتَدَّ غضب الله على أهل الأَرْض فَأَقَامَ السَّاعَة
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يحسر الْفُرَات عَن جبل من ذهب فيقتتل النَّاس عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ وَيَقُول كل رجل مِنْهُم: لعَلي أكون الَّذِي أنجو
وَأخرج مُسلم عَن أبي كَعْب رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يُوشك الْفُرَات أَن يحسر عَن جبل من ذهب فَإِذا سمع بِهِ النَّاس سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُول من عِنْده: لَئِن تركنَا النَّاس يَأْخُذُونَ مِنْهُ ليذهبن بِهِ كُله
قَالَ: فيقتتلون عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: تخرج معادن مُخْتَلفَة مَعْدن فِيهَا قريب من الْحجاز يَأْتِيهِ شرار النَّاس يُقَال لَهُ فِرْعَوْن فَبَيْنَمَا هم يعْملُونَ فِيهِ إِذْ حسر عَن الذَّهَب فَأَعْجَبَهُمْ معتمله إِذْ خسف بِهِ وبهم
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يكون فِي أمتِي خسف وَقذف ومسخ
وَأخرج أَحْمد وَالْبَغوِيّ وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن صحار الْعَبْدي عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخسف بقبائل من الْعَرَب فَيُقَال من بني فلَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: ليخسفن بِالدَّار إِلَى جنب الدَّار وبالدار إِلَى جنب الدَّار حَيْثُ تكون الْمَظَالِم
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي عَاصِم الْغَطَفَانِي قَالَ: كَانَ حُذَيْفَة رضي الله عنه لَا يزَال يحدث الحَدِيث يستفظعونه فَقيل لَهُ يُوشك أَن تحدثنا أَنه سَيكون فِينَا مسخ قَالَ: نعم لَيَكُونن فِيكُم مسخ قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن فرقد السبخي قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة الَّتِي جَاءَ بهَا جِبْرِيل إِلَى مُوسَى عليه السلام: لَيَكُونن مسخ وَقذف وَخسف فِي أمة مُحَمَّد فِي أهل الْقبْلَة
قيل يَا أَبَا يَعْقُوب: مَا أَعْمَالهم قَالَ: باتخاذهم الْقَيْنَات وضربهم بِالدُّفُوفِ ولباسهم الْحَرِير وَالذَّهَب وَلنْ تغيب حَتَّى ترى أعمالاً أزلية فاستيقن واستعد وَاحْذَرْ
قيل: مَا هِيَ قَالَ: تكافأ الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء ورغبت الْعَرَب فِي آنِية الْعَجم فَعِنْدَ ذَلِك
ثمَّ قَالَ: وَالله ليقذفن رجال من السَّمَاء بِالْحِجَارَةِ يشدخون بهَا فِي طرقهم وقبائلهم كَمَا فعل بِقوم لوط وليمسخن آخَرُونَ قردة وَخَنَازِير كَمَا فعل ببني إِسْرَائِيل وليخسف بِقوم كَمَا خسف بقارون
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سَالم بن أبي الْجَعْد رضي الله عنه قَالَ: ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يَجْتَمعُونَ فِيهِ على بَاب رجل مِنْهُم ينتظرون أَن يخرج إِلَيْهِم فيطلبون إِلَيْهِ الْحَاجة فَيخرج إِلَيْهِم وَقد مسخ قرداً أَو خنزيراً وليمرنَّ الرجل على الرجل فِي حانوته يَبِيع فَيرجع عَلَيْهِ وَقد مسخ قرداً أَو خنزيراً
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الزَّاهِرِيَّة رضي الله عنه قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمشي الرّجلَانِ إِلَى الْأَمر يعملانه فيمسخ أَحدهمَا قرداً أَو خنزيراً فَلَا يمْنَع الَّذِي
نجا مِنْهُمَا مَا رأى بِصَاحِبِهِ أَن يمشي إِلَى شَأْنه ذَلِك حَتَّى يقْضِي شَهْوَته وَحَتَّى يمشي الرّجلَانِ إِلَى الْأَمر يعملانه فيخسف بِأَحَدِهِمَا فَلَا يمْنَع الَّذِي نجا مِنْهُمَا مَا رأى بِصَاحِبِهِ أَن يمْضِي إِلَى شَأْنه ذَلِك حَتَّى يقْضِي شَهْوَته مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ: يُوشك أَن تقعد أمتان على رحى فتطحنان فتمسخ إِحْدَاهمَا وَالْأُخْرَى تنظر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن غنم قَالَ: سَيكون خباءان متجاوران فينشق بَينهمَا نهر فيسقيان مِنْهُ بِسَهْم وَاحِد يقبس بَعضهم من بعض فيصبحان يَوْمًا من الْأَيَّام قد خسف بِأَحَدِهِمَا وَالْآخر حيّ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: بَلغنِي أَن ريحًا تكون فِي آخر الزَّمَان وظلمة فَيفزع النَّاس إِلَى عُلَمَائهمْ فيجدونهم قد مسخوا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يكون فِي أمتِي فزعة فَيصير النَّاس إِلَى عُلَمَائهمْ فَإِذا هم قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة أَنه قَالَ: لتعملن عمل بني إِسْرَائِيل فَلَا يكون فيهم شَيْء إِلَّا كَانَ فِيكُم مثله
فَقَالَ رجل: يكون منا قردة وَخَنَازِير قَالَ: وَمَا يبرئك من ذَلِك لَا أم لَك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: كَيفَ أَنْتُم إِذا أَتَاكُم زمَان يخرج أحدهم من حجلته إِلَى حشه فَيرجع وَقد مسخ قرداً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن عبد الله بن سَلام قَالَ يَا رَسُول الله: مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة قَالَ: نَار تحْشر النَّاس من الْمشرق إِلَى الْمغرب
وَأخرج الدَّارقطني فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تبْعَث نَار على أهل الْمشرق فتحشرهم إِلَى الْمغرب تبيت مَعَهم حَيْثُ باتوا وتقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا يكون لَهَا مَا سقط مِنْهُم وتخلف تسوقهم سوق الْجمل الكسير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حسن صَحِيح عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ستخرج نَار قبل يَوْم الْقِيَامَة من بَحر حَضرمَوْت تحْشر النَّاس قَالُوا يَا رَسُول الله: فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام
أما قَوْله تَعَالَى: {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم}
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} يَقُول: إِذا جَاءَت السَّاعَة أَنى لَهُم الذكرى
وخ عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} قَالَ: إِذا جَاءَتْهُم السَّاعَة فَأنى لَهُم أَن يذكرُوا ويتوبوا ويعملوا وَالله أعلم
أما قَوْله تَعَالَى: {فَأعْلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله}
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الدُّعَاء الاسْتِغْفَار ثمَّ قَرَأَ {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: عَلَيْكُم بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَأَكْثرُوا مِنْهُمَا فَإِن إِبْلِيس قَالَ: أهلكت النَّاس بِالذنُوبِ وأهلكوني بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك اهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أَنهم مهتدون
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَمُوت عبد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله يرجع ذَلِك إِلَى قلب موقن إِلَّا دخل الْجنَّة وَفِي لفظ: إِلَّا غفر الله لَهُ
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مِفْتَاح الْجنَّة شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ شَيْء إِلَّا بَينه وَبَين الله حجاب إِلَّا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَدُعَاء الْوَالِد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا قَالَ عبد لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء حَتَّى تُفْضِي إِلَى الْعَرْش
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِمعَاذ بن جبل: اعْلَم أَنه من مَاتَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن
عتْبَان بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لن يوافي عبد يَوْم الْقِيَامَة يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله إِلَّا حرم على النَّار
وَأخرج أَحْمد عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَلَنْ تطعمه النَّار
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن سُهَيْل بن الْبَيْضَاء رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحن فِي سفر مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا رديفه فَقَالَ: يَا سُهَيْل بن بَيْضَاء وَرفع صَوته فَاجْتمع النَّاس فَقَالَ: إِنَّه من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله حرمه الله على النَّار وَأوجب لَهُ الْجنَّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن يحيى بن طلحه بن عبيد الله رضي الله عنه قَالَ: رُؤِيَ طَلْحَة حَزينًا فَقيل لَهُ: مَا لَك قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا عبد عِنْد مَوته إِلَّا نفَّسَ الله عَنهُ كربته وأشرق لَونه وَرَأى مَا يسره وَمَا مَنَعَنِي أَن أسأله عَنْهَا إِلَّا الْقُدْرَة عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ عمر: إِنِّي لأعلمها فَقَالَ: فَمَا هِيَ قَالَ: لَا نعلم كلمة هِيَ أعظم من كلمة أَمر بهَا عَمه
لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: فَهِيَ وَالله هِيَ
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من مَاتَ وَهُوَ يعلم أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا ذَر بشّر النَّاس أَنه من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله أنجته يَوْمًا من الدَّهْر أَصَابَهُ قبلهَا مَا أَصَابَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله طلست مَا فِي صَحِيفَته من السَّيِّئَات حَتَّى يعود إِلَى مثلهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من ختم لَهُ بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله صَادِقا دخل الْجنَّة وَمن ختم لَهُ بِصَوْم يَوْم يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله دخل الْجنَّة وَمن ختم لَهُ عِنْد الْمَوْت بإطعام مِسْكين يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله دخل الْجنَّة
قَوْله تَعَالَى: {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} الْآيَة
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه فِي قَوْله {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم سبعين مرّة
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأكلت مَعَه من طَعَام فَقلت: غفر الله لَك يَا رَسُول الله
قَالَ: وَلَك
فَقيل: أسْتَغْفر لَك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَلكم وَقَرَأَ {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد بن الْمُغيرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت حُذَيْفَة رضي الله عنه تَلا قَوْله تَعَالَى {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك} قَالَ: كنت ذرب اللِّسَان على أَهلِي فَقلت يَا رَسُول الله: إِنِّي أخْشَى أَن يُدخلني لساني النَّار
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فَأَيْنَ أَنْت عَن الإِستغفار أَنِّي لأستغفر الله فِي كل يَوْم مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا أَصبَحت غَدَاة قطّ إِلَّا استغفرت الله فِيهَا مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من الْمُهَاجِرين يُقَال لَهُ الْأَغَر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس اسْتَغْفرُوا الله وتوبوا إِلَيْهِ فَإِنِّي اسْتغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي كل يَوْم مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّه ليغان على قلبِي وَأَنِّي لأستغفر الله كل يَوْم مائَة مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّا كُنَّا لنعد لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمجْلس يَقُول: رب اغْفِر لي وَتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم مائَة مرّة وَفِي لفظ التواب والغفور
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم مائَة مرّة
أما قَوْله تَعَالَى: {وَالله يعلم متقلبكم ومثواكم}
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَالله يعلم متقلبكم} فِي الدُّنْيَا {ومثواكم} فِي الْآخِرَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه {وَالله يعلم متقلبكم ومثواكم} قَالَ: متقلب كل دَابَّة بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار
الْآيَات 20 - 24
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {وَيَقُول الَّذين آمنُوا لَوْلَا نزلت سُورَة فَإِذا أنزلت سُورَة محكمَة} الْآيَة قَالَ: كل سُورَة أنزل فِيهَا الْجِهَاد فَهِيَ محكمَة وَهِي أَشد الْقُرْآن على الْمُنَافِقين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {وَيَقُول الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يشتاقون إِلَى كتاب الله تَعَالَى وَإِلَى بَيَان مَا ينزل عَلَيْهِم فِيهِ فَإِذا أنزلت السُّورَة يذكر فِيهَا الْقِتَال رَأَيْت يَا مُحَمَّد الْمُنَافِقين {ينظرُونَ إِلَيْك نظر المغشي عَلَيْهِ من الْمَوْت فَأولى لَهُم} قَالَ: وَعِيد من الله لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَأولى لَهُم} قَالَ: هَذِه وَعِيد ثمَّ انْقَطع الْكَلَام فَقَالَ {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} يَقُول: طَاعَة الله وَرَسُوله وَقَول بِالْمَعْرُوفِ عِنْد حقائق الْأُمُور خير لَهُم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} قَالَ: أَمر الله عز وجل بذلك الْمُنَافِقين فَإِذا عزم الْأَمر قَالَ: جد الْأَمر
أخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن مُغفل رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقْرَأ {فَهَل عسيتم إِن توليتم}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {فَهَل عسيتم إِن توليتم} الْآيَة قَالَ: كَيفَ رَأَيْتُمْ الْقَوْم حِين توَلّوا عَن كتاب الله ألم يسفكوا الدَّم الْحَرَام وَقَطعُوا الْأَرْحَام وعصوا الرَّحْمَن
وَأخرج عبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ فِي قَوْله {فَهَل عسيتم إِن توليتم} الْآيَة قَالَ: مَا أَرَاهَا نزلت إِلَّا فِي الحرورية
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد عمر رضي الله عنه إِذْ سمع صائحاً فَقَالَ يَا يرفا أنظر مَا هَذَا الصَّوْت فَنظر ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: جَارِيَة من قُرَيْش تبَاع أمهَا
فَقَالَ عمر رضي الله عنه: ادْع لي الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَلم يمْكث إِلَّا سَاعَة حَتَّى امْتَلَأت الدَّار والحجرة فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد فَهَل تعلمونه كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم القطيعة قَالُوا: لَا
قَالَ: فَإِنَّهَا قد أَصبَحت فِيكُم فَاشِية
ثمَّ قَرَأَ {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} ثمَّ قَالَ: وَأي قطيعة أقطع من أَن تبَاع أم امرىء فِيكُم وَقد أوسع الله لكم قَالُوا: فأصنع مَا بدا لَك فَكتب فِي الْآفَاق أَن لَا تبَاع أمُّ حر فَإِنَّهَا قطيعة رحم وَأَنه لَا يحل
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والحكيم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله خلق الْخلق حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُم قَامَت الرَّحِم فَأخذت بحقو الرَّحْمَن فَقَالَ: مَه فَقَالَت: هَذَا مقَام العائذ بك من القطيعة قَالَ: نعم أما ترضي أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك قَالَت: بلَى قَالَ: فَذَاك لَك ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤا إِن شِئْتُم {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الرَّحِم معلقَة بالعرش تَقول من وصلني وَصله الله وَمن قطعني قطعه الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن للرحم لِسَانا يَوْم الْقِيَامَة تَحت الْعَرْش فَتَقول يَا رب قطعت يَا رب ظلمت يَا رب أُسِيء إليّ فيجيبها رَبهَا أَلا ترْضينَ أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن للرحم لِسَانا ذلقاً يَوْم الْقِيَامَة ربِّ صل من وصلني واقطع من قطعني
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن للرحم شُعْبَة من الرَّحْمَن تَجِيء يَوْم الْقِيَامَة لَهَا جلبة تَحت الْعَرْش تكلم بِلِسَان ذلق فَمن أشارت إِلَيْهِ بوصل وَصله الله وَمن أشارت إِلَيْهِ بِقطع قطعه الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الرَّحِم معلقَة بالعرش لَهَا لِسَان ذلق تَقول اللَّهُمَّ صِلْ من وصلني واقطع من قطعني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: قَالَ الله أَنا الرَّحْمَن خلقت الرَّحِم وشققت لَهَا اسْما من اسْمِي فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته وَمن بتها بتته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَشِيَّة عَرَفَة فِي حَلقَة فَقَالَ: إِنَّا لَا نحل لرجل أَمْسَى قَاطع رحم إِلَّا قَامَ عَنَّا فَلم يقم إِلَّا فَتى كَانَ فِي أقْصَى الْحلقَة فَأتى خَالَة لَهُ فَقَالَت: مَا جَاءَ بك فَأَخْبرهَا بِمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي مَجْلِسه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا لي لَا أرى أحدا قَامَ من الْحلقَة غَيْرك فَأخْبرهُ بِمَا قَالَ لخالته وَمَا قَالَت لَهُ فَقَالَ: اجْلِسْ فقد أَحْسَنت أَلا أَنَّهَا لَا تنزل الرَّحْمَة على قوم فيهم قَاطع رحم
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أَعمال بني آدم تعرض عَشِيَّة كل خَمِيس فَلَا يقبل عمل قَاطع رحم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم أول مَا بعث وَهُوَ بِمَكَّة فَقلت: مَا أَنْت قَالَ: نَبِي
قلت: بِمَ أرْسلت قَالَ: بِأَن تعبد الله وتكسر الْأَصْنَام وَتصل الْأَرْحَام بِالْبرِّ والصلة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ الله أَنا الرَّحْمَن وَهِي الرَّحِم فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن زيد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه الله
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرَّحِم شجنة من الله فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن ارحموا أهل الأَرْض يَرْحَمكُمْ أهل السَّمَاء الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله وَمن قطعهَا قطعه
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي قبَّة من أَدَم حَمْرَاء فِي نَحْو من أَرْبَعِينَ رجلا فَقَالَ: إِنَّه مَفْتُوح لكم وَإِنَّكُمْ منصورون ومصيبون فَمن أدْرك مِنْكُم ذَلِك فليتق الله وليأمر بِالْمَعْرُوفِ وَلينه عَن الْمُنكر وَليصل رَحمَه وَمثل الَّذِي يعين قومه على غير الْحق كَمثل الْبَعِير يتردى فَهُوَ يتردى بِذَنبِهِ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: أوصني قَالَ: أقِم الصَّلَاة وأدِ الزَّكَاة وصم رَمَضَان وَحج الْبَيْت وَاعْتمر وبر والديك وصل رَحِمك واقرِ الضَّيْف وأمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْهَ عَن الْمُنكر وَزُلْ مَعَ الْحق حَيْثُ زَالَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: افشوا السَّلَام وأطعموا الطَّعَام وصلوا الْأَرْحَام وصلوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام تدْخلُوا الْجنَّة بِسَلام
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن نصر فِي
الصَّلَاة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: إِذا رَأَيْتُك طابت نَفسِي وقرت عَيْني فأنبئني عَن كل شَيْء قَالَ: كل شَيْء خلق من مَاء
قلت انبئني عَن أَمر إِذا عملت بِهِ دخلت الْجنَّة
قَالَ: إفْشِ السَّلَام وَأطْعم الطَّعَام وصل الْأَرْحَام وقم بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام ثمَّ أَدخل الْجنَّة بِسَلام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله ليعمر بالقوم ويُكثر لَهُم الْأَمْوَال وَمَا نظر إِلَيْهِم مُنْذُ خلقهمْ بغضاً لَهُم
قَالُوا: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: بصلتهم أرحامهم
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إعرفوا أنسابكم تصلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ لَا قرب لرحم إِذا قطعت وَإِن كَانَت قريبَة وَلَا بعد لَهَا إِذا وصلت وَإِن كَانَت بعيدَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: تَجِيء الرَّحِم يَوْم الْقِيَامَة كحجنة المغزل فتتكلم بِلِسَان ذلق طلق فتصل من وَصلهَا وتقطع من قطعهَا
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ثَوْبَان رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاث معلقات بالعرش: الرَّحِم تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أقطع وَالْأَمَانَة تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أخان وَالنعْمَة تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أكفر
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاث تَحت الْعَرْش الْقُرْآن لَهُ ظهر وبطن يحاج الْعباد وَالرحم تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني وَالْأَمَانَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: الرَّحِم معلقَة بالعرش فَإِذا أَتَاهَا الْوَاصِل بشرت بِهِ وكلمته وَإِذا أَتَاهَا الْقَاطِع احْتَجَبت مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الرَّحِم شجنة معلقَة بالعرش
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الرَّحِم شجنة آخذة بحجزة الرَّحْمَن تناشده حَقّهَا فَيَقُول: أَلا ترْضينَ أَن
أصل من وصلك وأقطع من قَطعك من وصلك فقد وصلني وَمن قَطعك فقد قطعني
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة مدمن الْخمر وَلَا العاقّ وَلَا المنّان قَالَ ابْن عَبَّاس: شقّ ذَلِك على الْمُؤمنِينَ يصيبون ذنوباً حَتَّى وجدت ذَلِك فِي كتاب الله فِي العاقّ {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} و (لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى)(الْبَقَرَة الْآيَة 264) وَقَالَ (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر)(الْمَائِدَة الْآيَة 90)
قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله} الْآيَة
أخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان مَوْقُوفا وَالْحسن بن سُفْيَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن سلمَان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا ظهر القَوْل وخزن الْعَمَل وائتلفت الألسن وَاخْتلفت الْقُلُوب وَقطع كل ذِي رحم رَحمَه فَعِنْدَ ذَلِك {لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعلم عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا النَّاس أظهرُوا الْعلم وضيعوا الْعَمَل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا فِي الْأَرْحَام لعنهم الله عِنْد ذَلِك {فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم}
أما قَوْله تَعَالَى: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها}
أخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة رضي الله عنه قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} فَقَالَ شَاب من أهل الْيمن بل عَلَيْهَا أقفالها حَتَّى يكون الله يفتحها أَو يفرجها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: صدقت فَمَا زَالَ الشَّاب فِي نفس عمر رضي الله عنه حَتَّى ولي فاستعان بِهِ
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} فَقَالَ شَاب عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم: بل وَالله عَلَيْهَا أقفالها حَتَّى يكون الله هُوَ الَّذِي يفكها
فَلَمَّا ولى عمر سَأَلَ عَن ذَلِك الشَّاب ليستعمله فَقيل: قد مَاتَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن} قَالَ: إِذا وَالله فِي الْقُرْآن زاجر عَن مَعْصِيّة الله قَالَ: لم يتدبره الْقَوْم ويعقلوه وَلَكنهُمْ أخذُوا بمتشابهه فهلكوا عِنْد ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن خَالِد بن معدان رضي الله عنه قَالَ: مَا من عبد إِلَّا لَهُ أَربع أعين عينان فِي وَجهه يبصر بهما دُنْيَاهُ وَمَا يصلحه من معيشته وعينان فِي قلبه يبصر بهما دينه وَمَا وعد الله بِالْغَيْبِ فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فتح عَيْنَيْهِ اللَّذين فِي قلبه فأبصر بهما مَا وعد بِالْغَيْبِ وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد سوء ترك الْقلب على مَا فِيهِ وَقَرَأَ {أم على قُلُوب أقفالها} وَمَا من عبد إِلَّا وَله شَيْطَان متبطن فقار ظَهره لاوٍ عُنُقه على عُنُقه فاغر فَاه على قلبه
وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن خَالِد بن معدان عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه مَرْفُوعا إِلَى قَوْله: وَقَرَأَ {أم على قُلُوب أقفالها}
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَأْتِي على النَّاس زمَان يخلق الْقُرْآن فِي قُلُوبهم يتهافتون تهافتاً قيل يَا رَسُول الله: وَمَا تهافتهم قَالَ: يقْرَأ أحدهم فَلَا يجد حلاوة وَلَا لَذَّة يبْدَأ أحدهم بالسورة وَإِنَّمَا مَعَه آخرهَا فَإِن عمِلُوا قَالُوا رَبنَا اغْفِر لنا وَإِن تركُوا الْفَرَائِض قَالُوا: لَا يعذبنا الله وَنحن لَا نشْرك بِهِ شَيْئا أَمرهم رَجَاء وَلَا خوف فيهم {أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها}
الْآيَات 25 - 28
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله: {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم من بعد مَا تبين لَهُم الْهدى} قَالَ: هم
أَعدَاء الله أهل الْكتاب يعْرفُونَ نعت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه عِنْدهم ويجدونه مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة والإِنجيل ثمَّ يكفرون بِهِ {الشَّيْطَان سوّل لَهُم} قَالَ: زين لَهُم {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا نزل الله} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله: {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم من بعد مَا تبين لَهُم الْهدى} قَالَ: الْيَهُود ارْتَدُّوا عَن الْهدى بعد أَن عرفُوا أَن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم نَبِي {الشَّيْطَان سوّل لَهُم وأملى لَهُم} قَالَ: أمْلى الله لَهُم ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا نزل الله قَالَ: يهود تَقول لِلْمُنَافِقين من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانُوا يسرون إِلَيْهِم إِنَّا {سنطيعكم فِي بعض الْأَمر} وَكَانَ بعض الْأَمر أَنهم يعلمُونَ أَن مُحَمَّدًا نَبِي وَقَالُوا: الْيَهُودِيَّة الدّين فَكَانَ المُنَافِقُونَ يطيعون الْيَهُود بِمَا أَمرتهم {وَالله يعلم إسرارهم} قَالَ: ذَلِك سر القَوْل {فَكيف إِذا توفتهم الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} قَالَ: عِنْد الْمَوْت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم}
إِلَى {إسرارهم} هم أهل النِّفَاق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله: {يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} قَالَ: يضْربُونَ وُجُوههم وأستاهم وَلَكِن الله كريم يكني
الْآيَات 29 - 32
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله: {أم حسب الَّذين فِي قُلُوبهم مرض أَن لن يخرج الله أضغانهم} قَالَ: أَعْمَالهم
خبثهمْ والحسد الَّذِي فِي قُلُوبهم ثمَّ دلّ الله النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعد على الْمُنَافِقين فَكَانَ يَدْعُو باسم الرجل من أهل النِّفَاق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه فِي قَوْله {ولتعرفنهم فِي لحن القَوْل} قَالَ: ببغضهم عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِف الْمُنَافِقين على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا ببغضهم عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رضي الله عنه أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {ولنبلونكم حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين} الْآيَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ عافنا واسترنا وَلَا تبل أخبارنا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ أَو ليبلونكم بِالْيَاءِ حَتَّى يعلم بِالْيَاءِ ويبلو بِالْيَاءِ وَنصب الْوَاو وَالله أعلم
الْآيَات 33 - 38
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن لَا يبطل عملا صَالحا بِعَمَل سوء فَلْيفْعَل وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه فَإِن الْخَيْر ينْسَخ الشَّرّ فَإِنَّمَا ملاك الْأَعْمَال خواتيمها
وَأخرج عبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرَوْنَ أَنه لَا يضر مَعَ لَا إِلَه إِلَّا الله ذَنْب كَمَا لَا ينفع مَعَ الشّرك عمل حَتَّى نزلت {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم}
فخافوا أَن يبطل الذَّنب الْعَمَل وَلَفظ عبد بن حميد: فخافوا الْكَبَائِر أَن تحبط أَعمالكُم
وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا معشر أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نرى أَنه لَيْسَ شَيْء من الْحَسَنَات إِلَّا مَقْبُولًا حَتَّى نزلت {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة قُلْنَا: مَا هَذَا الَّذِي يبطل أَعمالنَا فَقَالَ: الْكَبَائِر الموجبات وَالْفَوَاحِش فَكُنَّا إِذا رَأينَا من أصَاب شَيْئا مِنْهَا قُلْنَا: هلك حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء)(سُورَة النِّسَاء الْآيَة 48) فَلَمَّا نزلت كففنا عَن القَوْل فِي ذَلِك وَكُنَّا إِذا رَأينَا أحدا أصَاب مِنْهَا شَيْئا خفنا عَلَيْهِ وَإِن لم يصب مِنْهَا شَيْئا رجونا لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم وَأَنْتُم الأعلون} يَقُول: وَلَا تَكُونُوا أول الطَّائِفَتَيْنِ صرعت صاحبتها ودعتها إِلَى الْمُوَادَعَة وَأَنْتُم أولى بِاللَّه مِنْهُم {وَلنْ يتركم أَعمالكُم} يَقُول: لن يظلمكم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {فَلَا تهنوا} قَالَ: لَا تضعفوا {وَأَنْتُم الأعلون} قَالَ: الغالبون {وَلنْ يتركم} قَالَ: لن ينقصكم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يتركم} قَالَ: يظلمكم
وَأخرج الْخَطِيب عَن النُّعْمَان بن بشير رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم} قَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر: منتصبة السِّين
وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقْرَأ هَؤُلَاءِ الأحرف (ادخُلُوا فِي السّلم)(سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 208)(وَإِن جنحوا للسلم)(سُورَة الْأَنْفَال الْآيَة 61){وَتَدعُوا إِلَى السّلم} بِنصب السِّين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله: {إِن يسألكموها} قَالَ: علم الله فِي مَسْأَلَة الْأَمْوَال خُرُوج الأضغان
قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا} الْآيَة
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: لما نزلت {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ} قيل: من هَؤُلَاءِ وسلمان رضي الله عنه إِلَى جنب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هم الْفرس وَهَذَا وَقَومه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالكم} فَقَالُوا يَا رَسُول الله: من هَؤُلَاءِ الَّذين إِن تولينا استبدلوا بِنَا ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالنا فَضرب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على منْكب سلمَان ثمَّ قَالَ: هَذَا وَقَومه وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو كَانَ الإِيمان مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من فَارس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَلا هَذِه الْآيَة {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ} الْآيَة فَسئلَ من هم قَالَ: فَارس لَو كَانَ الدّين بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من فَارس
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله: {ويستبدل قوما غَيْركُمْ} قَالَ: من شَاءَ
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (48)
سُورَة الْفَتْح
مَدَنِيَّة وآياتها تسع وَعِشْرُونَ
مُقَدّمَة سُورَة الْفَتْح أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نزلت سُورَة الْفَتْح بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رضي الله عنهما مثله
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان قَالَا: نزلت سُورَة الْفَتْح بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فِي شَأْن الْحُدَيْبِيَة من أَولهَا إِلَى آخرهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن مُغفل رضى الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام الْفَتْح فِي مسيره سُورَة الْفَتْح على رَاحِلَته فَرجع فِيهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أبي بردة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الصُّبْح {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا}
الْآيَات 1 - 3
أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سفر فَسَأَلته عَن شَيْء ثَلَاث مَرَّات فَلم يرد عليَّ فَقلت فِي نَفسِي: ثكلتك أمك يَا ابْن الْخطاب نزرت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثَلَاث مَرَّات فَلم يردّ عَلَيْك فحركت بَعِيري ثمَّ تقدّمت أَمَام النَّاس وخشيت
أَن ينزل فيَّ الْقُرْآن فَمَا نشبت أَن سَمِعت صَارِخًا يصْرخ بِي فَرَجَعت وَأَنا أَظن أَنه نزل فيَّ شَيْء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لقد أنزلت عَليّ اللَّيْلَة سُورَة أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مجمع بن جَارِيَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: شَهِدنَا الْحُدَيْبِيَة فَلَمَّا انصرفنا عَنْهَا إِلَى كرَاع الغميم إِذا النَّاس يوجفون الأباعر فَقَالَ النَّاس بَعضهم لبَعض: مَا للنَّاس قَالُوا: أُوحِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا مَعَ النَّاس نوجف فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على رَاحِلَته على كرَاع الغميم فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِم: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله: أوفتح هُوَ قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّه لفتح فقسمت خَيْبَر على أهل الْحُدَيْبِيَة لم يدْخل مَعَهم فِيهَا أحد إِلَّا من شهد الْحُدَيْبِيَة فَقَسمهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَة عشر سَهْما وَكَانَ الْجَيْش ألفا وَخَمْسمِائة مِنْهُم ثلثمِائة فَارس فَأعْطى الْفَارِس سَهْمَيْنِ وَأعْطى الراجل سَهْما
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: أَقبلنَا من الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبينا نَحن نسير إِذْ أَتَاهُ الْوَحْي وَكَانَ إِذا أَتَاهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ فسرّي عَنهُ وَبِه من السرُور مَا شَاءَ الله فَأخْبرنَا أَنه أنزل عَلَيْهِ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رضي الله عنه فِي قَوْله: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: الْحُدَيْبِيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه فِي قَوْله: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: فتح خَيْبَر
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء رضي الله عنه قَالَ: تَعدونَ أَنْتُم الْفَتْح فتح مَكَّة وَقد كَانَ فتح مَكَّة فتحا وَنحن نعد الْفَتْح بيعَة الرضْوَان يَوْم الْحُدَيْبِيَة
كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَربع عشرَة مائَة وَالْحُدَيْبِيَة بِئْر فنزحناها فَلم نَتْرُك فِيهَا قَطْرَة فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهَا فَجَلَسَ على شفيرها ثمَّ دَعَا بِإِنَاء
من مَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ تمضمض ودعا ثمَّ صبه فِيهَا تركناها غير بعيد ثمَّ إِنَّهَا أصدرتنا مَا شِئْنَا نَحن وركابنا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة رضي الله عنه قَالَ: أقبل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْحُدَيْبِيَة رَاجعا فَقَالَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَالله مَا هَذَا بِفَتْح لقد صُدِدْنَا عَن الْبَيْت وصدَّ هدينَا وَعَكَفَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِية ورد رجلَيْنِ من الْمُسلمين خرجا فَبلغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَول رجال من أَصْحَابه: إنّ هَذَا لَيْسَ بِفَتْح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الْكَلَام هَذَا أعظم الْفَتْح لقد رَضِي الْمُشْركُونَ أَن يَدْفَعُوكُمْ بِالرَّاحِ عَن بِلَادهمْ وَيَسْأَلُوكُمْ الْقَضِيَّة ويرغبون إِلَيْكُم فِي الإِياب وَقد كَرهُوا مِنْكُم مَا كَرهُوا وَقد أَظْفَرَكُم الله عَلَيْهِم وردكم سَالِمين غَانِمِينَ مَأْجُورِينَ فَهَذَا أعظم الْفَتْح
أنسيتم يَوْم أحد إِذْ تصعدون وَلَا تلوون على أحد وَأَنا أدعوكم فِي أخراكم أنسيتم يَوْم الْأَحْزَاب إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم وَإِذ زاغت الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتظنون بِاللَّه الظنونا قَالَ الْمُسلمُونَ: صدق الله وَرَسُوله هُوَ أعظم الْفتُوح وَالله يَا نَبِي الله مَا فكرنا فِيمَا فَكرت فِيهِ ولأنت أعلم بِاللَّه وبالأمور منا
فَأنْزل الله سُورَة الْفَتْح
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث فِي قَوْله {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: نزلت فِي الْحُدَيْبِيَة وَأصَاب فِي تِلْكَ الْغَزْوَة مَا لم يصب فِي غَزْوَة أصَاب أَن بُويِعَ بيعَة الرضْوَان فتح الْحُدَيْبِيَة وَغفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَبَايَعُوا بيعَة الرضْوَان وأطعموا نخيل خَيْبَر وَبلغ الْهَدْي مَحَله وَظَهَرت الرّوم على فَارس وَفَرح الْمُؤْمِنُونَ بِتَصْدِيق كتاب الله وَظُهُور أهل الْكتاب على الْمَجُوس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمسور ومروان فِي قصَّة الْحُدَيْبِيَة قَالَا: ثمَّ انْصَرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَاجعا فَلَمَّا كَانَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة نزلت سُورَة الْفَتْح من أَولهَا إِلَى آخرهَا فَلَمَّا أَمن النَّاس وتفاوضوا لم يكلم أحدا بالإِسلام إِلَّا دخل فِيهِ فَلَقَد دخل فِي تِلْكَ السنين فِي الإِسلام أَكثر مِمَّا كَانَ فِيهِ قبل ذَلِك فَكَانَ صلح الْحُدَيْبِيَة فتحا عَظِيما
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: إِنَّا قضينا لَك قَضَاء بَينا نزلت عَام الْحُدَيْبِيَة للنحر الَّذِي بِالْحُدَيْبِية وحلقة رَأسه
وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: قضينا لَك قَضَاء بَيَّنا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ رضي الله عنه أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة: أفتح هَذَا قَالَ: وأنزلت عَلَيْهِ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: نعم عَظِيم قَالَ: وَكَانَ فصل مَا بَين الهجرتين فتح الْحُدَيْبِيَة قَالَ: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل)(الْحَدِيد 10) الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: فتح مَكَّة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي خَالِد الوَاسِطِيّ عَن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْفجْر ذَات يَوْم بِغَلَس وَكَانَ يغلس ويسفر وَيَقُول: مَا بَين هذَيْن وَقت لكيلا يخْتَلف الْمُؤْمِنُونَ
فصلّى بِنَا ذَات يَوْم بِغَلَس فَلَمَّا قضى الصَّلَاة الْتفت إِلَيْنَا كَأَن وَجهه ورقة مصحف فَقَالَ: أفيكم من رأى اللَّيْلَة شَيْئا قُلْنَا: لَا يارسول الله
قَالَ: لكني رَأَيْت ملكَيْنِ أتياني اللَّيْلَة فأخذا بضبعي فَانْطَلقَا بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فمررت بِملك وأمامه آدَمِيّ وَبِيَدِهِ صَخْرَة فَيضْرب بهامة الْآدَمِيّ فَيَقَع دماغه جانباً وَتَقَع الصَّخْرَة جانباً
قلت: مَا هَذَا قَالَا لي: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بِملك وأمامه آدَمِيّ وبيد الْملك كَلوب من حَدِيد فيضعه فِي شدقه الْأَيْمن فيشقه حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أُذُنه ثمَّ يَأْخُذ فِي الْأَيْسَر فيلتئم الْأَيْمن قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بنهر من دم يمور كمور الْمرجل على فِيهِ قوم عُرَاة على حافة النَّهر مَلَائِكَة بِأَيْدِيهِم مدرتان كلما طلع طالع قَذَفُوهُ بمدرة فَيَقَع فِي فِيهِ ويسيل إِلَى أَسْفَل ذَلِك النَّهر قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بِبَيْت أَسْفَله أضيق من أَعْلَاهُ فِيهِ قوم عُرَاة توقد من تَحْتهم النَّار أَمْسَكت على أنفي من نَتن مَا أجد من ريحهم قلت: من هَؤُلَاءِ قَالَا: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بتل أسود عَلَيْهِ قوم مخبلون تنفخ النَّار فِي أدبارهم فَتخرج من أَفْوَاههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بِنَار مطبقة مُوكل بهَا ملك لَا يخرج مِنْهَا شَيْء إِلَّا أتبعه حَتَّى يُعِيدهُ فِيهَا قلت: مَا هَذَا قَالَا لي: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بروضة وَإِذا فِيهَا شيخ
جميل لَا أجمل مِنْهُ وَإِذا حوله الْولدَان وَإِذا شَجَرَة وَرقهَا كآذان الفيلة
فَصَعدت مَا شَاءَ الله من تِلْكَ الشَّجَرَة وَإِذا أَنا بمنازل لَا أحسن مِنْهَا من زمردة جوفاء وزبر جدة خضراء وياقوته حَمْرَاء
قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بنهر عَلَيْهِ جسران من ذهب وَفِضة على حافتي النَّهر منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من درة جوفاء وياقوته حَمْرَاء وَفِيه قدحان وأباريق تطرد قلت: مَا هَذَا قَالَا لي: أنزل فَنزلت فَضربت بيَدي إِلَى إِنَاء مِنْهَا فغرفت ثمَّ شربت فَإِذا أحلى من عسل وَأَشد بَيَاضًا من اللين وألين من الزّبد
فَقَالَا لي: أما صَاحب الصَّخْرَة الَّتِي رَأَيْت يضْرب بهَا هامته فَيَقَع دماغه جانباً وَتَقَع الصَّخْرَة جانباً فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا ينامون عَن صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة وَيصلونَ الصَّلَاة لغير مواقيتها يضْربُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما صَاحب الكلوب الَّذِي رَأَيْت ملكا موكلاً بِيَدِهِ كَلوب من حَدِيد يشق شدقه الْأَيْمن حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أُذُنه ثمَّ يَأْخُذ فِي الْأَيْسَر فيلتئم الْأَيْمن فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا يَمْشُونَ بَين الْمُؤمنِينَ بالنميمة فيفسدون بَينهم فهم يُعَذبُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما مَلَائِكَة بِأَيْدِيهِم مدرتان من النَّار كلما طلع طالع قَذَفُوهُ بمدرة فَتَقَع فِي فِيهِ فينفتل إِلَى أَسْفَل ذَلِك النَّهر فَأُولَئِك أَكلَة الرِّبَا يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما الْبَيْت الَّذِي رَأَيْت أَسْفَله أضيق من أَعْلَاهُ فِيهِ قوم عُرَاة تتوقد من تَحْتهم النَّار أَمْسَكت على أَنْفك من نَتن مَا وجدت من ريحهم فَأُولَئِك الزناة وَذَلِكَ نَتن فروجهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما التل الْأسود الَّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ قوما مخبلين تنفخ النَّار فِي أدبارهم فَتخرج من أَفْوَاههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فَأُولَئِك الَّذين يعْملُونَ عمل قوم لوط الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما النَّار المطبقة الَّتِي رَأَيْت ملكا موكلاً بهَا كلما خرج مِنْهَا شَيْء أتبعه حَتَّى يُعِيدهُ فِيهَا فَتلك جَهَنَّم تفرق بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار
وَأما الرَّوْضَة الَّتِي رَأَيْت فَتلك جنَّة المأوى
وَأما الشَّيْخ الَّذِي رَأَيْت وَمن حوله من الْولدَان فَهُوَ إِبْرَاهِيم وهم بنوه
وَأما الشَّجَرَة الَّتِي رَأَيْت فطلعت إِلَيْهَا فِيهَا منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حَمْرَاء فَتلك منَازِل أهل عليين من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا
وَأما النَّهر فَهُوَ نهرك الَّذِي أَعْطَاك الله: الْكَوْثَر وَهَذِه منازلك وَأهل بَيْتك
قَالَ: فنوديت من فَوقِي: يَا مُحَمَّد سل تُعْطه
فارتعدت فرائصي ورجف فُؤَادِي واضطرب كل عُضْو مني وَلم أستطع أَن أُجِيب شَيْئا
فَأخذ أحد الْملكَيْنِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فوضعها فِي يَدي وَالْآخر
يَده الْيُمْنَى فوضعها بَين كَتِفي فسكن ذَلِك مني ثمَّ نوديت من فَوقِي: يَا مُحَمَّد سل تعط
قَالَ: قلت: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن تثبت شَفَاعَتِي وَأَن تلْحق بِي أهل بَيْتِي وَأَن أَلْقَاك وَلَا ذَنْب لي
قَالَ: ثمَّ ولي بِي
وَنزلت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته عَلَيْك ويهديك صراطاً مُسْتَقِيمًا}
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَكَمَا أَعْطَيْت هَذِه كَذَلِك أعطانيها إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات من طَرِيق يزِيد بن هَارُون رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت المَسْعُودِيّ رضي الله عنه يَقُول: بَلغنِي أَن من قَرَأَ أول لَيْلَة من رَمَضَان {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فِي التَّطَوُّع حفظ ذَلِك الْعَام
قَوْله تَعَالَى: {ليغفر لَك الله مَا تقدم} الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَامر وَأبي جَعْفَر رضي الله عنه فِي قَوْله {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك} قَالَ: فِي الْجَاهِلِيَّة {وَمَا تَأَخّر} قَالَ: فِي الإِسلام
وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان رضي الله عنه قَالَ: بلغنَا فِي قَوْله الله {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} قَالَ: مَا تقدم مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَا تَأَخّر: مَا كَانَ فِي الإِسلام مَا لم يَفْعَله بعد
وَأخرج ابْن سعد عَن مجمع بن جَارِيَة رضي الله عنه قَالَ: لما كُنَّا بضجنان رَأَيْت النَّاس يركضون وَإِذا هم يَقُولُونَ: أنزل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فركضت مَعَ النَّاس حَتَّى توافينا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا هُوَ يقْرَأ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَلَمَّا نزل بهَا جِبْرِيل عليه السلام قَالَ: لِيَهنك يَا رَسُول الله فَلَمَّا هنأه جِبْرِيل عليه السلام هنأه الْمُسلمُونَ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: لما أنزل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَة اجْتهد فِي الْعِبَادَة فَقيل: يَا رَسُول الله مَا هَذَا الإِجتهاد وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما نزلت {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} صَامَ وصلّى حَتَّى انتفخت قدماه وَتعبد حَتَّى صَار كالشن
الْبَالِي فَقيل لَهُ: أتفعل هَذَا بِنَفْسِك وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَأْخُذهُ الْعِبَادَة حَتَّى يخرج على النَّاس كالشن الْبَالِي فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي جُحَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقوم حَتَّى تفطر قدماه فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَامَ يُصَلِّي حَتَّى تورمت قدماه فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن النُّعْمَان بن بشير رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي حَتَّى ترم قدماه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي حَتَّى ترم قدماه فَقيل لَهُ: أتفعل هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي حَتَّى ترم قدماه قلت يَا رَسُول الله: أتفعل هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبادا شكُورًا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أَحْمد بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم بن نبيط بن شريط الشجعي رضي الله عنه قَالَ: حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلّى حَتَّى تورمت قدماه فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله: أتفعل هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبادا شكُورًا
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: تعبد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَار كالشن الْبَالِي فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا يحملك على هَذَا الإِجتهاد كُله وَقد غفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي اللَّيْل أَربع رَكْعَات ثمَّ يتروح فطال حَتَّى رَحمته فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا
أما قَوْله تَعَالَى: {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا}
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله: {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا} قَالَ: يُرِيد بذلك فتح مَكَّة وخيبر والطائف
الْآيَة 4
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله: {هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ} قَالَ: السكينَة هِيَ الرَّحْمَة فِي قَوْله {ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم} قَالَ: إِن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَمَا صدق بهَا الْمُؤْمِنُونَ زادهم الصَّلَاة فَلَمَّا صدقُوا بهَا زادهم الزَّكَاة فَلَمَّا صدقُوا بهَا زادهم الصّيام فَلَمَّا صدقُوا بِهِ زادهم الْحَج فَلَمَّا صدقُوا بِهِ زادهم الْجِهَاد ثمَّ أكمل لَهُم دينهم فَقَالَ: (الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا)(الْمَائِدَة الْآيَة 3) قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: فأوثق إِيمَان أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض وأصدقه وأكمله شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه {ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم} قَالَ: تَصْدِيقًا مَعَ تصديقهم
الْآيَات 5 - 7
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: أنزلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} مرجعه من الْحُدَيْبِيَة فَقَالَ: لقد أنزلت عليَّ آيَة هِيَ أحب إِلَيّ مِمَّا على الأَرْض ثمَّ قَرَأَهَا عَلَيْهِم فَقَالُوا: هَنِيئًا مريئاً يَا رَسُول الله قد بَين الله لَك مَاذَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا فَنزلت عَلَيْهِ {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} حَتَّى بلغ {فوزاً عَظِيما}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: لما رَجعْنَا من الْحُدَيْبِيَة وَأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قد خالطوا الْحزن والكآبة حَيْثُ ذَبَحُوا هديهم فِي أمكنتهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلت عليَّ ضحى آيَة هِيَ أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا ثَلَاثًا قُلْنَا: مَا هِيَ يَا رَسُول الله فَقَرَأَ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَتَيْنِ قُلْنَا: هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله فَمَا لنا فَقَرَأَ {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} الْآيَة فَلَمَّا أَتَيْنَا خَيْبَر فَأَبْصرُوا خَمِيس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْنِي جَيْشه أدبروا هاربين إِلَى الْحصن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: خربَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَة قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَنِيئًا لَك مَا أَعْطَاك رَبك هَذَا لَك فَمَا لنا فَأنْزل الله {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} إِلَى آخر الْآيَة
الْآيَات 8 - 9
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا} قَالَ: شَاهدا على أمته وَشَاهدا على الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنهم قد بلّغوا {وَمُبشرا} يبشر بِالْجنَّةِ من أطَاع الله {وَنَذِيرا} ينذر النَّاس من عَصَاهُ {لتؤمنوا بِاللَّه وَرَسُوله} قَالَ: بوعده وبالحساب وبالبعث بعد الْمَوْت {وتعزروه} قَالَ: تنصروه {وتوقروه} قَالَ: أَمر الله بتسويده وتفخيمه وتشريفه وتعظيمه قَالَ: وَكَانَ فِي بعض الْقِرَاءَة ويسبحوا الله بكرَة وَأَصِيلا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه: ويعزروه قَالَ: لينصروه ويوقروه أَي ليعظموه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وتعزروه} يَعْنِي الإِجلال {وتوقروه} يَعْنِي التَّعْظِيم يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وتعزروه} قَالَ: تضربوا بَين يَدَيْهِ بِالسَّيْفِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه فِي قَوْله {وتعزروه} قَالَ: تقاتلوا مَعَه بِالسَّيْفِ
وَأخرج ابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: لما نزلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة {وتعزروه} قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه: مَا ذَاك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: {لتنصروه}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ هَذِه الْآيَة {لتؤمنوا بِاللَّه وَرَسُوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرَة وَأَصِيلا} قَالَ: فَكَانَ يَقُول: إِذا أشكل يَاء أَو تَاء فاجعلوها على يَاء فَإِن الْقُرْآن كُله على يَاء
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله / ويسبحوه / قَالَ: يسبحوا الله رَجَعَ إِلَى نَفسه
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون رضي الله عنه قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ويسبحوا الله بكرَة وَأَصِيلا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه أَنه كَانَ يقْرَأ ويسبحوا الله بكرَة وَأَصِيلا
الْآيَة 10
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {إِن الَّذين يُبَايعُونَك} قَالَ: يَوْم الْحُدَيْبِيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {إِن الَّذين يُبَايعُونَك} قَالَ: هم الَّذين بَايعُوهُ زمن الْحُدَيْبِيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيه عَن جده رضي الله عنه قَالَ: كَانَت بيعَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين أنزل عَلَيْهِ {إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله} الْآيَة فَكَانَت بيعَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّتِي بَايع عَلَيْهَا النَّاس الْبيعَة لله وَالطَّاعَة للحق
وَكَانَت بيعَة أبي بكر رضي الله عنه: بايعوني مَا أَطَعْت الله فَإِذا عصيته فَلَا طَاعَة لي عَلَيْكُم
وَكَانَت بيعَة عمر بن الْخطاب رضي الله عنه: الْبيعَة لله وَالطَّاعَة للحق
وَكَانَت بيعَة عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه: الْبيعَة لله وَالطَّاعَة للحق
وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم بن الْأَعْرَج رضي الله عنه {يَد الله فَوق أَيْديهم} قَالَ: أَن لَا يَفروا
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه قَالَ: بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على السّمع وَالطَّاعَة فِي النشاط والكسل وعَلى النَّفَقَة فِي الْعسر واليسر وعَلى الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وعَلى أَن نقُول فِي الله لَا تأخذنا فِي الله لومة لائم وعَلى أَن ننصره إِذا قدم علينا يثرب فنمنعه مِمَّا نمْنَع مِنْهُ أَنْفُسنَا وَأَزْوَاجنَا وَأَبْنَاءَنَا وَلنَا الْجنَّة فَمن وفى وفى الله لَهُ وَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه
الْآيَة 11
أخرج عبد بن حميد عَن جُوَيْبِر رضي الله عنه فِي قَوْله {سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب شَغَلَتْنَا أَمْوَالنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفر لنا} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين انْصَرف من الْحُدَيْبِيَة وَسَار إِلَى خَيْبَر تخلف عَنهُ أنَاس من الْأَعْرَاب فَلَحقُوا بِأَهَالِيِهِمْ فَلَمَّا بَلغهُمْ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد افْتتح خَيْبَر سَارُوا إِلَيْهِ وَقد كَانَ أمره أَن لَا يُعْطي أحدا تخلف عَنهُ من مغنم خَيْبَر وَيقسم مغنمها من شهد الْفَتْح وَذَلِكَ قَوْله: {يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} يَعْنِي مَا أَمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إِن لَا يُعْطي أحدا تخلف عَنهُ من مغنم خَيْبَر شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب} قَالَ: أَعْرَاب الْمَدِينَة جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة استنفرهم لِخُرُوجِهِ إِلَى مَكَّة فَقَالُوا: نَذْهَب مَعَه إِلَى قوم جاؤه فَقتلُوا أَصْحَابه فَنُقَاتِلهُمْ فِي دِيَارهمْ فَاعْتَلُّوا لَهُ بِالشغلِ فَأقبل مُعْتَمِرًا فَأخذ أَصْحَابه أُنَاسًا من أهل الْحرم غافلين فأرسلهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذَلِك الْأَظْفَار بِبَطن مَكَّة وَرجع مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فوعد مَغَانِم كَثِيرَة فَجعلت لَهُ خَيْبَر فَقَالَ الْمُخَلفُونَ: {ذرونا نتبعكم} وَهِي الْمَغَانِم الَّتِي قَالَ الله {إِذا انطلقتم إِلَى مَغَانِم لتأخذوها} وَعرض عَلَيْهِم قتال قوم أولي بَأْس شَدِيد فهم فَارس والمغانم الْكَثِيرَة الَّتِي وعدوا مَا يَأْخُذُونَ حَتَّى الْيَوْم
الْآيَات 12 - 15
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول والمؤمنون إِلَى أَهْليهمْ أبدا وزين ذَلِك فِي قُلُوبكُمْ وظننتم ظن السوء} قَالَ: ظنُّوا بِنَبِي الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه أَنهم لن يرجِعوا من وجههم ذَلِك وَأَنَّهُمْ سيهلكون فَذَلِك الَّذِي خَلفهم عَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم وهم كاذبون بِمَا يَقُولُونَ {سَيَقُولُ الْمُخَلفُونَ إِذا انطلقتم إِلَى مَغَانِم لتأخذوها} قَالَ: هم الَّذين تخلفوا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم زمن الْحُدَيْبِيَة كذلكم قَالَ الله من قبل قَالَ: إِنَّمَا جعلت الْغَنِيمَة لأجل الْجِهَاد إِنَّمَا كَانَت غنيمَة خَيْبَر لمن شهد الْحُدَيْبِيَة لَيْسَ لغَيرهم فِيهَا نصيب {قل للمخلفين من الْأَعْرَاب ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: فدعوا يَوْم حنين إِلَى هوَازن وَثَقِيف فَمنهمْ من أحسن الإِجابة وَرغب فِي الْجِهَاد ثمَّ عذر الله أهل الْعذر من النَّاس فَقَالَ: (لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج)(النُّور 61)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه {بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول} قَالَ: نَافق الْقَوْم {وظننتم ظن السوء} أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه {يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} قَالَ: كتاب الله كَانُوا يبطئون الْمُسلمين عَن الْجِهَاد ويأمرونهم أَن يَفروا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {أولي بَأْس شَدِيد} يَقُول: فَارس
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: هم فَارس وَالروم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه فِي قَوْله {أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: هم البآرز يَعْنِي الأكراد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: أَعْرَاب فَارس وأكراد الْعَجم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن الزُّهْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: هم بَنو حنيفَة
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: لم يأتِ أُولَئِكَ بعد
الْآيَة 16
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه فِي قَوْله {قل للمخلفين من الْأَعْرَاب ستدعون إِلَى قوم} قَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه: دَعَا أَعْرَاب الْمَدِينَة جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة الَّذين كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم دعاهم إِلَى خُرُوجه إِلَى مَكَّة دعاهم عمر بن الْخطاب رضي الله عنه إِلَى قتال فَارس قَالَ: فَإِن تطيعوا إِذا دعَاكُمْ عمر تكن تَوْبَة لتخلفكم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُؤْتكُم الله أجرا حسنا وَإِن تَتَوَلَّوْا إِذا دعَاكُمْ عمر كَمَا توليتم من قبل إِذْ دعَاكُمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يعذبكم عذَابا أَلِيمًا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: فَارس وَالروم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: أهل الْأَوْثَان
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: هوَازن وَبني حنيفَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: هوَازن يَوْم حنين
الْآيَات 17 - 23
أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن زيد بن ثَابت رضي الله عنه قَالَ: كنت أكتب لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي لواضع الْقَلَم على أُذُنِي إِذْ أَمر بِالْقِتَالِ إِذْ جَاءَ أعمى فَقَالَ: كَيفَ بِي وَأَنا ذَاهِب الْبَصَر فَنزلت {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الْجِهَاد لَيْسَ عَلَيْهِم من جِهَاد إِذا لم يطيقوا
أما قَوْله تَعَالَى: {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ}
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رضي الله عنه قَالَ: بَينا نَحن قَائِلُونَ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَيهَا النَّاس الْبيعَة الْبيعَة نزل روح الْقُدس فثرنا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ تَحت شَجَرَة سَمُرَة فَبَايَعْنَاهُ فَذَلِك قَول الله تَعَالَى: {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} فَبَايع لعُثْمَان رضي الله عنه إِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى فَقَالَ النَّاس: هَنِيئًا لِابْنِ عَفَّان رضي الله عنه يطوف بِالْبَيْتِ وَنحن هَهُنَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو مكث كَذَا وَكَذَا سنة مَا طَاف حَتَّى أَطُوف
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَارق بن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه قَالَ: انْطَلَقت حَاجا فمررت بِقوم يصلونَ فَقلت: مَا هَذَا الْمَسْجِد قَالُوا: هَذِه الشَّجَرَة حَيْثُ بَايع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بيعَة الرضْوَان
فَأتيت سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه فَأَخْبَرته فَقَالَ سعيد: حَدثنِي أبي أَنه كَانَ فِيمَن بَايع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَحت الشَّجَرَة فَلَمَّا
خرجنَا من الْعَام الْمقبل نسيناها فَلم نقدر عَلَيْهَا فَقَالَ سعيد رضي الله عنه: أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أَنْتُم فَأنْتم أعلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن نَافِع رضي الله عنه قَالَ: بلغ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَن نَاسا يأْتونَ الشَّجَرَة الَّتِي بُويِعَ تحتهَا فَأمر بهَا فَقطعت
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: قلت لسَعِيد بن الْمسيب: كم كَانَ الَّذين شهدُوا بيعَة الرضْوَان قَالَ: خمس عشرَة مائَة قلت: فَإِن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا أَربع عشرَة مائَة
قَالَ: يرحمه الله وهم هُوَ حَدثنِي أَنهم كَانُوا خمس عشرَة مائَة
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الشَّجَرَة ألفا وثلثمائة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَنْتُم خير أهل الأَرْض
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَنْتُم خير أهل الأَرْض
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أَبِيه رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَحت الشَّجَرَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رضي الله عنه قَالَ: بَايَعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَحت الشَّجَرَة قيل: على أَي شَيْء كُنْتُم تُبَايِعُونَ قَالَ: على الْمَوْت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة رضي الله عنه قَالَ: لما نزل النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْحُدَيْبِيَة فزعت قُرَيْش لنزوله عَلَيْهِم فَأحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يبْعَث إِلَيْهِم رجلا من أَصْحَابه فَدَعَا عمر بن الْخطاب رضي الله عنه ليَبْعَثهُ إِلَيْهِم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لَا آمن وَلَيْسَ بِمَكَّة أحد من بني كَعْب يغْضب لي إِن أوذيت فَأرْسل عُثْمَان بن عَفَّان فَإِن عشيرته بهَا وَإنَّهُ يبلغ لَك مَا أردْت
فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عُثْمَان رضي الله عنه فَأرْسلهُ إِلَى قُرَيْش وَقَالَ: أخْبرهُم أَنا لم نأتِ لقِتَال وَإِنَّمَا جِئْنَا عماراً وادعهم إِلَى الإِسلام وَأمره أَن يَأْتِي رجَالًا بِمَكَّة مُؤمنين وَنسَاء مؤمنات فَيدْخل عَلَيْهِم ويبشرهم بِالْفَتْح
ويخبرهم أَن الله وشيك أَن يظْهر دينه بِمَكَّة حَتَّى لَا يستخفى فِيهَا بالإِيمان فَانْطَلق عُثْمَان رضي الله عنه إِلَى قُرَيْش فَأخْبرهُم فارتهنه الْمُشْركُونَ ودعا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبيعَة ونادى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَلا إِن روح الْقُدس قد نزل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأمره بالبيعة فأخرجوا على اسْم الله فَبَايعُوهُ فثار الْمُسلمُونَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ تَحت الشَّجَرَة فَبَايعُوهُ على أَن لَا يَفروا أبدا فرعبهم الله فأرسلوا من كَانُوا ارتهنوا من الْمُسلمين ودعوا إِلَى الْمُوَادَعَة وَالصُّلْح
وَأخرج مُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَبَايَعْنَاهُ وَعمر رضي الله عنه آخذ بِيَدِهِ تَحت الشَّجَرَة وَهِي سَمُرَة وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ على أَن لَا نفر وَلم نُبَايِعهُ على الْمَوْت
وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن معقل بن يسَار رضي الله عنه قَالَ: لقد رَأَيْتنِي يَوْم الشَّجَرَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُبَايع النَّاس وَأَنا رَافع غصناً من أَغْصَانهَا عَن رَأسه وَنحن أَربع عشرَة مائَة وَلم نُبَايِعهُ على الْمَوْت وَلَكِن بَايَعْنَاهُ على أَن لَا نفر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما دَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم النَّاس إِلَى الْبيعَة كَانَ أول من انْتهى إِلَيْهِ أَبُو سِنَان الْأَسدي فَقَالَ: أبسط يدك أُبَايِعك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: علام تبايعني قَالَ: على مَا فِي نَفسك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: لما أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضْوَان كَانَ عُثْمَان بن عَفَّان رَسُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل مَكَّة فَبَايع النَّاس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِن عُثْمَان فِي حَاجَة الله وحاجة رَسُوله فَضرب بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى فَكَانَت يَد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعُثْمَان خيرا من أَيْديهم لأَنْفُسِهِمْ
وَأخرج أَحْمد عَن جَابر وَمُسلم عَن أم بشر عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يدْخل النَّار أحد مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَعلم مَا فِي قُلُوبهم فَأنْزل السكينَة عَلَيْهِم} قَالَ: إِنَّمَا أنزلت السكينَة على من علم مِنْهُ الْوَفَاء
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي أوفى فِي قَوْله {وأثابهم فتحا قَرِيبا} قَالَ: خَيْبَر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقسم لغَائِب فِي مقسم لم يشهده إِلَّا يَوْم خَيْبَر قسم لغيب أهل الْحُدَيْبِيَة من أجل أَن الله كَانَ أعْطى أهل خَيْبَر الْمُسلمين من أهل الْحُدَيْبِيَة فَقَالَ {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} وَكَانَت لأهل الْحُدَيْبِيَة من شهد مِنْهُم وَمن غَابَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة فَعلم مَا فِي قُلُوبهم فَأنْزل السكينَة عَلَيْهِم} قَالَ: الْوَقار وَالصَّبْر وهم الَّذين بَايعُوا زمَان الْحُدَيْبِيَة وَكَانَت الشَّجَرَة فِيمَا ذكر لنا سَمُرَة بَايع النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَصْحَابه تحتهَا وَكَانُوا يَوْمئِذٍ خمس عشرَة مائَة فَبَايعُوهُ على أَن لَا يَفروا وَلم يبايعوه على الْمَوْت {وأثابهم فتحا قَرِيبا ومغانم كَثِيرَة} قَالَ: هِيَ مَغَانِم خَيْبَر وَكَانَت عقارا ومالاً فَقَسمهَا نَبِي الله بَين أَصْحَابه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انْصَرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْحُدَيْبِيَة إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كَانَ بَين الْمَدِينَة وَمَكَّة نزلت عَلَيْهِ سُورَة الْفَتْح فَقَالَ: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} إِلَى قَوْله {عَزِيزًا} ثمَّ ذكر الله الْأَعْرَاب ومخالفتهم للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: {سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب} إِلَى قَوْله {خَبِيرا} ثمَّ قَالَ للأعراب {بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول والمؤمنون} إِلَى قَوْله {سعيراً} ثمَّ ذكر الْبيعَة فَقَالَ: {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ} إِلَى قَوْله {وأثابهم فتحا قَرِيبا} لفتح الْحُدَيْبِيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ} قَالَ: كَانَ أهل الْبيعَة تَحت الشَّجَرَة ألفا وَخَمْسمِائة وخمساً وَعشْرين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: لما نزلت {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} قَالَ: يَا أَبَا أُمَامَة أَنْت مني وَأَنا مِنْك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وأثابهم فتحا قَرِيبا} قَالَ: خَيْبَر حَيْثُ رجعُوا من صلح الْحُدَيْبِيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ {وأثابهم فتحا قَرِيبا} قَالَ: فتح خَيْبَر
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها} قَالَ:
الْمَغَانِم الْكَثِيرَة الَّتِي وعدوا مَا يَأْخُذُونَ حَتَّى الْيَوْم {فَعجل لكم هَذِه} قَالَ: عجلت لَهُم خَيْبَر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} يَعْنِي الْفَتْح
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} يَعْنِي خَيْبَر {وكف أَيدي النَّاس عَنْكُم} يَعْنِي أهل مَكَّة أَن يستحلوا مَا حرم الله أَو يسْتَحل بكم وَأَنْتُم حرم {ولتكون آيَة للْمُؤْمِنين} قَالَ: سنة لمن بعدكم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مَرْوَان والمسور بن مخرمَة قَالَا: انْصَرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام الْحُدَيْبِيَة فَنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْفَتْح فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فَأعْطَاهُ الله فِيهَا خَيْبَر {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} خَيْبَر فَقدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة فِي ذِي الْحجَّة فَقَامَ بهَا حَتَّى سَار إِلَى خَيْبَر فِي الْمحرم فَنزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالرجيع وادٍ بَين غطفان وخيبر فتخوّف أَن تمدهم غطفان فَبَاتَ بِهِ حَتَّى أصبح فغدا عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَعجل لكم هَذِه} قَالَ: خَيْبَر {وكف أَيدي النَّاس عَنْكُم} قَالَ: عَن بيضتهم وَعَن عِيَالهمْ بِالْمَدِينَةِ حِين سَارُوا عَن الْمَدِينَة إِلَى خَيْبَر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة {فَعجل لكم هَذِه} قَالَ: فتح خَيْبَر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وكف أَيدي النَّاس عَنْكُم} قَالَ: الحليفان أَسد وغَطَفَان عَلَيْهِم عُيَيْنَة بن حصن مَعَه مَالك بن عَوْف النصري أَبُو النَّضر وَأهل خَيْبَر على بِئْر مَعُونَة فَألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب فَانْهَزَمُوا وَلم يلْقوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَفِي قَوْله {وَلَو قاتلكم الَّذين كفرُوا} هم أَسد وغَطَفَان {لولوا الأدبار} حَتَّى {وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلاً} يَقُول سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل أَنه لن يُقَاتل أحد نبيه إِلَّا خذله الله فَقتله أَو رعبه فَانْهَزَمَ وَلنْ يسمع بِهِ عَدو إِلَّا انْهَزمُوا واستسلموا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: هَذِه الْفتُوح الَّتِي تفتح إِلَى الْيَوْم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {قد أحَاط الله بهَا} أَنَّهَا سَتَكُون لكم بِمَنْزِلَة قَوْله أحَاط الله بهَا علما أَنَّهَا لكم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْأسود الديلمي أَن الزبير بن الْعَوام لما قدم الْبَصْرَة دخل بَيت المَال فَإِذا هُوَ بصفراء وبيضاء فَقَالَ: يَقُول الله {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا قد أحَاط الله بهَا} فَقَالَ: هَذَا لنا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة} فتوح من لدن خَيْبَر {تأخذونها} تلونها وتغنمون مَا فِيهَا {فَعجل لكم} من ذَلِك خَيْبَر {وكف أَيدي النَّاس} قُريْشًا {عَنْكُم} بِالصُّلْحِ يَوْم الْحُدَيْبِيَة {ولتكون آيَة للْمُؤْمِنين} شَاهدا على مَا بعْدهَا ودليلاً على إنجازها {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} [] على علم وفيهَا أقسمها بَيْنكُم فَارس وَالروم {قد أحَاط الله بهَا} قضى الله بهَا أَنَّهَا لكم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: فَارس وَالروم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: فتح فَارس
وَأخرج عبد بن حميد عَن جُوَيْبِر {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: يَزْعمُونَ أَنَّهَا قرى عَرَبِيَّة وَيَزْعُم آخَرُونَ أَنَّهَا فَارس وَالروم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: بلغنَا أَنَّهَا مَكَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: يَوْم حنين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: هِيَ خَيْبَر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَو قاتلكم الَّذين كفرُوا لولوا الأدبار} يَعْنِي أهل مَكَّة وَالله أعلم
الْآيَات 24 - 25
أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ: لما كَانَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة هَبَط على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه ثَمَانُون رجلا من أهل مَكَّة فِي السِّلَاح من قبل جبل التَّنْعِيم يُرِيدُونَ غرَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَدَعَا عَلَيْهِم فَأخذُوا فَعَفَا عَنْهُم فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة من بعد أَن أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة} قَالَ: بطن مَكَّة الْحُدَيْبِيَة ذكر لنا أَن رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُقَال لَهُ زنيم أطلع الثَّنية زمَان الْحُدَيْبِيَة فَرَمَاهُ الْمُشْركُونَ فَقَتَلُوهُ فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خيلا فَأتوا بأثني عشر فَارِسًا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَل لكم عهد أَو ذمَّة قَالُوا لَا
فأرسلهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قَالَا: خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زمن الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة قلد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْهَدْي وَأَشْعرهُ وَأحرم بِالْعُمْرَةِ وَبعث بَين يَدَيْهِ عينا لَهُ من خُزَاعَة يُخبرهُ عَن
قُرَيْش وَسَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذا كَانَ بغدير الأشطاط قَرِيبا من عسفان أَتَاهُ عينه الْخُزَاعِيّ فَقَالَ: إِنِّي قد تركت كَعْب بن لؤَي وعامر بن لؤَي قد جمعُوا لَك الْأَحَابِيش وجمعوا لَك جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عَن الْبَيْت
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَشِيرُوا عَليّ أَتَرَوْنَ أَن نَمِيل إِلَى ذَرَارِي هَؤُلَاءِ الَّذين أَعَانُوهُم فَنصِيبهُمْ فَإِن قعدوا قعدوا موثورين محزونين وَإِن لحوا تكن عنقًا قطعهَا الله أم ترَوْنَ أَن نَؤُم الْبَيْت فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ أَبُو بكر: الله وَرَسُوله أعلم يَا رَسُول اللهن إِنَّمَا جِئْنَا معتمرين وَلم نجيء لقِتَال أحد وَلَكِن من حَال بَيْننَا وَبَين الْبَيْت قَاتَلْنَاهُ
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فروحوا إِذن
فراحوا حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن خَالِد بن الْوَلِيد بالغميم فِي خيل لقريش طَلِيعَة فَخُذُوا ذَات الْيَمين
فوَاللَّه مَا شعر بهم خَالِد حَتَّى إِذا هُوَ بقترة الْجَيْش فَانْطَلق يرْكض نذيرا لقريش
وَسَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذا كَانَ بالثنية الَّتِي يهْبط عَلَيْهِم مِنْهَا بَركت بِهِ رَاحِلَته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: حل حل فألحت فَقَالُوا: خلأت الْقَصْوَاء
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَا خلأت الْقَصْوَاء وَمَا ذَاك لَهَا بِخلق وَلَكِن حَبسهَا حَابِس الْفِيل
ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا
ثمَّ زجرها فَوَثَبت فَعدل بهم حَتَّى نزل بأقصى الْحُدَيْبِيَة على ثَمد قَلِيل المَاء إِنَّمَا يتربضه النَّاس تربضا فَلم يلبث النَّاس أَن نَزَحُوهُ فشكي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْعَطش فَانْتزع سَهْما من كِنَانَته ثمَّ أَمرهم أَن يَجْعَلُوهُ فِيهِ
قَالَ: فو الله مَا زَالَ يَجِيش لَهُم بِالريِّ حَتَّى صدرُوا عَنهُ
فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ جَاءَ بديل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ فِي نفر من قومه من خُزَاعَة وَكَانُوا عَيْبَة نصح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهَامَة فَقَالَ: إِنِّي قد تركت كَعْب بن لؤَي وعامر بن لؤَي نزلُوا أعداد مياه الْحُدَيْبِيَة مَعَهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عَن البيتز فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لم نجيء لقِتَال أحد وَلَكِن جِئْنَا معتمرين وَإِن قُريْشًا قد نهكتهم الْحَرْب وأضرت بهم فَإِن شاؤوا ماددتهم مُدَّة ويخلوا بيني وَبَين النَّاس فَإِن أظهر فَإِن شاؤوا أَن يدخلُوا فِيمَا دخل فِيهِ النَّاس فعلوا وَإِلَّا فقد جموا وَإِن هم أَبَوا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لأقاتلهم على أَمْرِي هَذَا حَتَّى تنفرد سالفتي أَو لينفذن الله أمره
فَقَالَ بديل سأبلغهم مَا تَقول
فَانْطَلق حَتَّى أَتَى قُريْشًا فَقَالَ: إِنَّا قد جئناكم من عِنْد الرجل وسمعناه يَقُول قولا فَإِن شِئْتُم نعرضه عَلَيْكُم فعلنَا
فَقَالَ سفهاؤهم: لَا حَاجَة لنا فِي أَن تحدثنا عَنهُ بِشَيْء
وَقَالَ ذُو الرَّأْي مِنْهُم هَات مَا سمعته يَقُول
قَالَ: سمعته يَقُول:
كَذَا وَكَذَا فَحَدثهُمْ بِمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فَقَامَ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ فَقَالَ: أَي قوم ألستم بِالْوَلَدِ قَالُوا: بلَى
قَالَ: أَلَسْت بالوالد قَالُوا: بلَى
قَالَ: فَهَل تتهموني قَالُوا: لَا
قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَنِّي استنفرت أهل عكاظ فَلَمَّا بلحوا عَليّ جِئتُكُمْ بأهلي وَوَلَدي وَمن أَطَاعَنِي قَالُوا: بلَى
قَالَ: فَإِن هَذَا قد عرض عَلَيْكُم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته
قَالُوا: ائته []
فَأَتَاهُ فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم نَحوا من قَوْله لبديلز فَقَالَ عُرْوَة عِنْد ذَلِك: أَي مُحَمَّد أَرَأَيْت إِن استأصلت قَوْمك هَل سَمِعت أحدا من الْعَرَب اجتاح أَهله قبلك وَإِن تكن الْأُخْرَى فوَاللَّه إِنِّي لأرى وُجُوهًا وَأرى أوباشا من النَّاس خليقا أَن يَفروا ويدعوك
فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: أمصص بظر اللات أَنَحْنُ نفر عَنهُ وندعه فَقَالَ: من ذَا قَالَ: أَبُو بكر
قَالَ: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَد كَانَت لَك عِنْدِي لم أجزك بهَا لأجبتك
قَالَ: وَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَكلما كَلمه أَخذ بلحيته والمغيرة بن شُعْبَة قَائِم على رَأس النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ السَّيْف وَعَلِيهِ المغفر فَكلما أَهْوى عُرْوَة بِيَدِهِ إِلَى لحية النَّبِي صلى الله عليه وسلم ضرب الْمُغيرَة يَده بنعل السَّيْف وَقَالَ: أخر يدك عَن لحية رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فَرفع عُرْوَة رَأسه فَقَالَ: من هَذَا قَالُوا: الْمُغيرَة بن شُعْبَة
قَالَ: أَي غدر أَلَسْت أسعى فِي غدرتك وَكَانَ الْمُغيرَة صحب قوما فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَتلهُمْ وَأخذ أَمْوَالهم ثمَّ جَاءَ فَأسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أما الْإِسْلَام فَأقبل وَأما المَال فلست مِنْهُ فِي شَيْء
ثمَّ إِن عُرْوَة جعل يرمق أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِعَيْنيهِ
قَالَ: فوَاللَّه مَا تنخم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إِلَّا وَقعت فِي كف وَاحِد مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا لَهُ
فَرجع عُرْوَة إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: أَي قوم وَالله لقد وفدت على الْمُلُوك وفدت على قَيْصر وكسرى وَالنَّجَاشِي وَالله إِن رَأَيْت ملكا يعظمه أَصْحَابه مَا يعظم أَصْحَاب مُحَمَّد مُحَمَّدًا وَالله إِن يتنخم نخامة إِلَّا وَقعت فِي كف وَاحِد مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا لَهُ وَإنَّهُ عرض عَلَيْكُم خطة رشد فاقبلوها
فَقَالَ رجل من بني كنَانَة: دَعونِي آته
فَقَالُوا: ائته []
فَلَمَّا أشرف على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَذَا فلَان وَهُوَ من قوم يعظمون الْبدن فابعثوها لَهُ فَبعثت لَهُ واستقبله الْقَوْم يلبون فَلَمَّا رأى ذَلِك قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا يَنْبَغِي لهَؤُلَاء أَن
يصدوا عَن الْبَيْت
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابه قَالَ: رَأَيْت الْبدن قد قلدت وأشعرت فَمَا أرى أَن يصدوا عَن الْبَيْت
فَقَامَ رجل يُقَال لَهُ مكرز بن حَفْص فَقَالَ: دَعونِي آته فَقَالُوا: ائته []
فَلَمَّا أشرف عَلَيْهِم قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: هَذَا مكرز وَهُوَ رجل فَاجر
فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَمَا هُوَ يكلمهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْل بن عَمْرو فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: قد سهل لكم من أَمركُم
فجَاء سُهَيْل فَقَالَ هَات أكتب بَيْننَا وَبَيْنك كتابا
فَدَعَا الْكَاتِب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
قَالَ سُهَيْل: أما الرَّحْمَن فوَاللَّه مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِن اكْتُبْ بِاسْمِك اللَّهُمَّ كَمَا كنت تكْتب
فَقَالَ الْمُسلمُونَ: وَالله مَا نكتبها إِلَّا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اكْتُبْ بِاسْمِك اللَّهُمَّ
ثمَّ قَالَ: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله
فَقَالَ سُهَيْل: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت وَلَا قَاتَلْنَاك وَلَكِن اكْتُبْ: مُحَمَّد بن عبد الله
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَإِن كذبتموني اكْتُبْ: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله
قَالَ الزُّهْرِيّ وَذَلِكَ لقَوْله: لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: على أَن تخلوا بَيْننَا وَبَين الْبَيْت فنطوف بِهِ
قَالَ سُهَيْل: وَالله لَا تَتَحَدَّث الْعَرَب أَنا أَخذنَا ضفطة [] وَلَكِن لَك من الْعَام الْمقبل فَكتب
فَقَالَ سُهَيْل: وعَلى أَنه لَا يَأْتِيك منا رجل وَإِن كَانَ على دينك إِلَّا رَددته إِلَيْنَا
فَقَالَ الْمُسلمُونَ: سُبْحَانَ الله كَيفَ يرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جَاءَ مُسلما فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ جَاءَ أَبُو جندل بن سُهَيْل بن عمر ويرسف فِي قيوده وَقد خرج من أَسْفَل مَكَّة حَتَّى رمى بِنَفسِهِ بَين أظهر الْمُسلمين فَقَالَ سُهَيْل: هَذَا يَا مُحَمَّد أول من أقاضيك عَلَيْهِ أَن ترد إِلَيّ
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لم نقض الْكتاب بعد
قَالَ: فوَاللَّه لَا أصالحك على شَيْء أبدا
قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي
قَالَ: مَا أَنا بمجيزه
قَالَ: بلَى فافعل
قَالَ: مَا أَنا بفاعل
فَقَالَ أَبُو جندل: أَي معشر الْمُسلمين أرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جِئْت مُسلما أَلا ترَوْنَ مَا لقِيت فِي الله وَكَانَ قد عذب عذَابا شَدِيدا فِي الله
فَقَالَ عمر بن الْخطاب: وَالله مَا شَككت مُنْذُ أسلمت إِلَّا يَوْمئِذٍ فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقلت: أَلَسْت نَبِي الله قَالَ: بلَى
فَقلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل قَالَ: بلَى
قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذن قَالَ: إِنِّي رَسُول الله وَلست أعصيه وَهُوَ ناصري
قلت: أَو لَيْسَ كنت تحدثنا أَنا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ قَالَ: بلَى
أفأخبرتك أَنَّك تَأتيه الْعَام قلت: لَا
قَالَ: فَإنَّك آتيه ومطوف بِهِ
فَأتيت أَبَا بكر فَقلت يَا أَبَا بكر: أَلَيْسَ هَذَا نَبِي الله حَقًا قَالَ: بلَى
قلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل قَالَ: بلَى
قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذن قَالَ: أَيهَا الرجل إِنَّه رَسُول الله وَلَيْسَ يَعْصِي ربه وَهُوَ ناصره فَاسْتَمْسك بغرزه تفز حَتَّى تَمُوت فو الله إِنَّه لعلى الْحق
قلت: أوليس كَانَ يحدثنا إِنَّا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ قَالَ: بلَى أفأخبرك أَنَّك تَأتيه الْعَام قلت: لَا
قَالَ: فَإنَّك آتيه ومطوف بِهِ
قَالَ عمر: فَعمِلت لذَلِك أعمالا
فَلَمَّا فرغ من قَضِيَّة الْكتاب قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه: قومُوا فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا
فوَاللَّه مَا قَامَ رجل مِنْهُم حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا لم يقم مِنْهُم أحد قَامَ فَدخل على أم سَلمَة فَذكر لَهَا مَا لَقِي من النَّاس فَقَالَت أم سَلمَة: يَا نَبِي الله أَتُحِبُّ ذَلِك قَالَ: نعم
قَالَت: فَاخْرُج ثمَّ لَا تكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى تنحر بدنك وَتَدْعُو حالقك فيحلقك
فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَخرج فَلم يكلم أحدا مِنْهُم كلمة حَتَّى فعل ذَلِك: نحر بدنه ودعا بحالقه فحلقه
فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا فنحروا وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا حَتَّى كَاد بَعضهم يقتل بَعْضًا غما
ثمَّ جَاءَهُ نسْوَة مؤمنات فَأنْزل الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات)(الممتحنة 10) حَتَّى بلغ (بعصم الكوافر) فَطلق عمر رضي الله عنه يَوْمئِذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشّرك فَتزَوج إِحْدَاهمَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَالْأُخْرَى صَفْوَان بن أُميَّة
ثمَّ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة فَجَاءَهُ أَبُو بَصِير رجل من قُرَيْش وَهُوَ مُسلم فأرسلوا فِي طلبه رجلَيْنِ فَقَالُوا: الْعَهْد الَّذِي جعلته لنا فَدفعهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الرجلَيْن فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بلغا بِهِ ذَا الحليفة فنزلوا يَأْكُلُون من تمر لَهُم فَقَالَ أَبُو بَصِير لأحد الرجلَيْن: وَالله إِنِّي لأرى سَيْفك هَذَا يَا فلَان جيدا
فاستله الآخر وَقَالَ: أجل وَالله إِنَّه لجيد لقد جربت بِهِ وجربت
فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِير: أَرِنِي أنظر إِلَيْهِ
فأمكنه مِنْهُ فَضَربهُ حَتَّى برد وفر الآخر حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة فَدخل الْمَسْجِد يعدو فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين رَآهُ: لقد رأى هَذَا ذعرا
فَلَمَّا انْتهى إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: قد قتل وَالله صَاحِبي وَإِنِّي لمقتول فجَاء أَبُو بَصِير فَقَالَ يَا نَبِي الله: قد أوفى الله بذمتك قد رددتني إِلَيْهِم ثمَّ أنجاني الله مِنْهُم
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: ويل أمه مسعر حَرْب لَو كَانَ لَهُ أحد فَلَمَّا سمع ذَلِك عرف أَنه سيرده إِلَيْهِم فَخرج حَتَّى أَتَى سيف الْبَحْر
قَالَ: وينفلت مِنْهُم أَبُو جندل
فلحق بِأبي بَصِير فَجعل لَا يخرج رجل من قُرَيْش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بِأبي بَصِير حَتَّى اجْتمعت مِنْهُم عِصَابَة
قَالَ: فوَاللَّه مَا يسمعُونَ بعير لقريش خرجت إِلَى الشَّام إِلَّا اعْترضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ وَأخذُوا أَمْوَالهم
فَأرْسلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحمن لما أرسل إِلَيْهِم فَمن أَتَاهُ مِنْهُم فَهُوَ آمنز فَأرْسل إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم} حَتَّى بلغ {حمية الْجَاهِلِيَّة} وَكَانَت حميتهم أَنهم لم يقرُّوا أَنه نَبِي وَلم يقرُّوا بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وحالوا بَينه وَبَين الْبَيْت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَاتب الْكتاب يَوْم الْحُدَيْبِيَة عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: قدمنَا الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنحن أَربع عشرَة مائَة ثمَّ إِن الْمُشْركين من أهل مَكَّة راسلونا فِي الصُّلْح فَلَمَّا اصطلحنا وَاخْتَلَطَ بَعْضنَا بِبَعْض أتيت شَجَرَة فاضطجعت فِي ظلها فَأَتَانِي أَرْبَعَة من مُشْركي أهل مَكَّة فَجعلُوا يقعون فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأمعضتهم وتحوّلت إِلَى شَجَرَة أُخْرَى فعلقوا سِلَاحهمْ واضطجعوا فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ نَادَى منادٍ من أَسْفَل الْوَادي: يَا للمهاجرين قتل ابْن زنيم فاخترطت سَيفي فاشتددت على أُولَئِكَ الْأَرْبَعَة وهم رقود فَأخذت سِلَاحهمْ وَجَعَلته فِي يَدي ثمَّ قلتُ: وَالَّذِي أكْرم وَجه مُحَمَّد لَا يرفع أحد مِنْكُم رَأسه إِلَّا ضربت الَّذِي فِيهِ عَيناهُ ثمَّ جِئْت بهم أسوقهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجَاء عمي عَامر بِرَجُل من العبلات يُقَال لَهُ مكرز من الْمُشْركين يَقُودهُ حَتَّى وقفنا بهم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سبعين من الْمُشْركين فَنظر إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: دعوهم يكون لَهُم بَدْء الْفُجُور ومنتهاه فَعَفَا عَنْهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأنزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة من بعد أَن أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم}
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أصل الشَّجَرَة الَّتِي قَالَ الله فِي الْقُرْآن وَكَانَ يَقع من أَغْصَان تِلْكَ الشَّجَرَة على ظهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعلي بن أبي طَالب وَسُهيْل بن عَمْرو بَين يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعَلي: اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَأخذ سُهَيْل بِيَدِهِ قَالَ: مَا نَعْرِف الرَّحْمَن وَلَا الرَّحِيم
أكتب فِي قَضِيَّتنَا مَا نَعْرِف
قَالَ: أكتب: بِاسْمِك اللَّهُمَّ
وَكتب: هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله أهل مَكَّة فَأمْسك سُهَيْل بِيَدِهِ وَقَالَ: لقد ظَلَمْنَاك إِن كنت رَسُوله أكتب فِي قَضِيَّتنَا مَا نَعْرِف فَقَالَ: أكتب هَذَا مَا صَالح مُحَمَّد بن عبد الله فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ خرج علينا ثَلَاثُونَ شَابًّا عَلَيْهِم السِّلَاح فثاروا فِي وُجُوهنَا فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخذ الله بأسماعهم
وَلَفظ الْحَاكِم: بِأَبْصَارِهِمْ
فقمنا إِلَيْهِم فأخذناهم فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَل جئْتُمْ فِي عهد أحد أَو هَل جعل لكم أحد أَمَانًا فَقَالُوا: لَا
فخلى سبيلهم فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم}
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أَبْزَى قَالَ: لما خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْهَدْي وانْتهى إِلَى ذِي الحليفة قَالَ لَهُ عمر: يَا نَبِي الله تدخل على قوم لَك حَرْب بِغَيْر سلَاح وَلَا كرَاع فَبعث إِلَى الْمَدِينَة فَلم يدع فِيهَا سِلَاحا وَلَا كُرَاعًا إِلَّا حمله فَلَمَّا دنا من مَكَّة منعُوهُ أَن يدْخل فَسَار حَتَّى أَتَى منى فَنزل بمنى فَأَتَاهُ عُيَيْنَة بن عِكْرِمَة بن أبي جهل قد خرج عَلَيْهِ فِي خَمْسمِائَة فَقَالَ لخَالِد بن الْوَلِيد: يَا خَالِد هَذَا ابْن عمك قد أَتَاك فِي الْخَيل فَقَالَ خَالِد: أَنا سيف الله وَسيف رَسُوله فَيَوْمئِذٍ سمي سيف الله يَا رَسُول الله إرمِ بِي أَيْن شِئْت فَبَعثه على خيل فَلَقِيَهُ عِكْرِمَة فِي الشّعب فَهَزَمَهُ حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة ثمَّ عَاد فِي الثَّانِيَة حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة ثمَّ عَاد فِي الثَّالِثَة فَهَزَمَهُ حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة
قَالَ: فَكف الله النَّبِي عَنْهُم من بعد أَن أظفره عَلَيْهِم لِبَقَايَا من الْمُسلمين كَانُوا بقوا فِيهَا كَرَاهِيَة أَن تَطَأهُمْ الْخَيل
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك وَسَعِيد بن جُبَير {وَالْهَدْي معكوفاً} قَالَ: مَحْبُوسًا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: نحرُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة سبعين بَدَنَة فَلَمَّا صدت عَن الْبَيْت حنت كَمَا تحن إِلَى أَوْلَادهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مَالك بن ربيعَة السَّلُولي رضي الله عنه أَنه شهد مَعَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الشَّجَرَة وَيَوْم رد الْهَدْي معكوفاً قبل أَن يبلغ مَحَله وَأَن رجلا من الْمُشْركين قَالَ يَا مُحَمَّد: مَا يحملك على أَن تدخل هَؤُلَاءِ علينا وَنحن كَارِهُون فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خير مِنْك وَمن أجدادك يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد رضي الله عنهم
قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ} الْآيَة
أخرج الْحسن بن سُفْيَان وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن قَانِع والباوردي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم بِسَنَد جيد عَن أبي جُمُعَة حنيبذ بن سبيع قَالَ: قَاتَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم أول النَّهَار كَافِرًا وقاتلت مَعَه آخر النَّهَار مُسلما وَفينَا نزلت {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ وَنسَاء مؤمنات} وَكُنَّا تِسْعَة نفر سَبْعَة رجال وَامْرَأَتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ وَنسَاء مؤمنات لم تعلموهم} قَالَ: حِين ردوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم {أَن تطؤوهم} بِقَتْلِهِم إيَّاهُم {لَو تزيلوا لعذبنا الَّذين كفرُوا مِنْهُم عذَابا أَلِيمًا} يَقُول لَو تزيل الْكفَّار من الْمُؤمنِينَ لعذبهم الله عذَابا أَلِيمًا بِقَتْلِهِم إيَّاهُم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ} قَالَ: دفع الله عَن الْمُشْركين يَوْم الْحُدَيْبِيَة بأناس من الْمُؤمنِينَ كَانُوا بَين أظهرهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: هم أنَاس كَانُوا بِمَكَّة تكلمُوا بالإِسلام كره الله أَن يؤذوا وَأَن يوطأوا حِين رد مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه يَوْم الْحُدَيْبِيَة فتصيب الْمُسلمين مِنْهُم معرة يَقُول ذَنْب بِغَيْر علم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {فتصيبكم مِنْهُم معرة بِغَيْر علم} قَالَ: إِثْم {لَو تزيلوا} قَالَ: لَو تفَرقُوا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {لَو تزيلوا لعذبنا الَّذين كفرُوا مِنْهُم عذَابا أَلِيمًا} قَالَ: هُوَ الْقَتْل والسبي
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه {لَو تزيلوا لعذبنا الَّذين كفرُوا مِنْهُم عذَابا أَلِيمًا} قَالَ: إِن الله عز وجل يدْفع بِالْمُؤْمِنِينَ عَن الْكفَّار
الْآيَة 26
أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سهل بن حنيف أَنه قَالَ يَوْم صفّين: اتهموا أَنفسكُم فَلَقَد رَأَيْتنَا يَوْم الْحُدَيْبِيَة نرجىء الصُّلْح الَّذِي كَانَ بَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَين الْمُشْركين وَلَو نرى قتالاً لقاتلنا فجَاء عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله: أَلسنا على الْحق وهم على الْبَاطِل قَالَ: بلَى
قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وقتلاهم فِي النَّار قَالَ: بلَى
قَالَ فَفِيمَ نعطي الدنية فِي ديننَا وَنَرْجِع لما يحكم الله بَيْننَا وَبينهمْ فَقَالَ يَا ابْن الْخطاب: إِنِّي رَسُول الله وَلنْ يضيعني الله أبدا
فَرجع متغيظاً لم يصبر حَتَّى جَاءَ أَبَا بكر فَقَالَ يَا أَبَا بكر: أَلسنا على الْحق وهم على الْبَاطِل قَالَ: بلَى
قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وقتلاهم فِي النَّار قَالَ: بلَى
قَالَ: فلمَ نعطي الدنية فِي ديننَا قَالَ: يَا ابْن الْخطاب إِنَّه رَسُول الله وَلنْ يضيعه الله أبدا
فَنزلت سُورَة الْفَتْح فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى عمر رضي الله عنه فَأَقْرَأهُ إِيَّاهَا
قَالَ يَا رَسُول الله: أَو فتح هُوَ قَالَ: نعم
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق أبي إِدْرِيس عَن أبي كَعْب رضي الله عنه أَنه كَانَ يقْرَأ [إِذْ جعل الَّذين كفرُوا فِي قُلُوبهم الحمية حمية الْجَاهِلِيَّة وَلَو حميتم كَمَا حموا لفسد الْمَسْجِد الْحرم فَأنْزل الله سكينته على رَسُوله] فَبلغ ذَلِك عمر فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَبعث إِلَيْهِ فَدخل عَلَيْهِ فَدَعَا نَاسا من أَصْحَابه فيهم زيد بن ثَابت فَقَالَ: من يقْرَأ مِنْكُم سُورَة الْفَتْح فَقَرَأَ زيد على قراءتنا الْيَوْم فغلظ لَهُ عمر فَقَالَ أبيّ أأتكلم قَالَ: تكلم
فَقَالَ: لقد علمت أَنِّي كنت أَدخل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ويقرئني وَأَنت بِالْبَابِ فَإِن أَحْبَبْت أَن أقرىء النَّاس على مَا أَقْرَأَنِي أَقرَأت وَإِلَّا لم أقرىء حرفا مَا حييت
قَالَ: بل أقرىء النَّاس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {حمية الْجَاهِلِيَّة} قَالَ: حميت قُرَيْش أَن يدْخل عَلَيْهِم مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: لَا يدخلهَا عليناا أبدا فَوضع الله الحمية عَن مُحَمَّد وَأَصْحَابه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَجْلَح قَالَ: كَانَ حَمْزَة بن عبد الْمطلب رجلا حسن الشّعْر حسن الْهَيْئَة صَاحب صيد وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر على أبي جهل فولع بِهِ وآذاه فَرجع حَمْزَة من الصَّيْد وَامْرَأَتَانِ تمشيان خَلفه فَقَالَت إِحْدَاهمَا لَو علم ذَا مَا صنع بِابْن أَخِيه أقصر عَن مشيته فَالْتَفت إِلَيْهِمَا فَقَالَ: وَمَا ذَاك قَالَت: أَبُو جهل فعل بِمُحَمد كَذَا وَكَذَا فدخلته الحمية فجَاء حَتَّى دخل الْمَسْجِد وَفِيه أَبُو جهل فعلا رَأسه بقوسه ثمَّ قَالَ: ديني دين مُحَمَّد إِن كُنْتُم صَادِقين فامنعوني فَقَامَتْ إِلَيْهِ قُرَيْش فَقَالُوا يَا أَبَا يعلى فَأنْزل الله {إِذْ جعل الَّذين كفرُوا فِي قُلُوبهم الحمية} إِلَى قَوْله {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: حَمْزَة بن عبد الْمطلب
أما قَوْله تَعَالَى: {وألزمهم كلمة التَّقْوَى}
أخرج التِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَالدَّارقطني فِي الإِفراد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الْحُسَيْن بن مَرْوَان فِي فَوَائده عَن عَليّ رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَا: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر
وَأخرج أَحْمد عَن حمْرَان مولى عُثْمَان بن عَفَّان رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا عبد حقّاً من قلبه إِلَّا حرمه الله على النَّار فَقَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَنا أحدثكُم مَا هِيَ كلمة الإِخلاص الَّتِي ألزمها الله مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه وَهِي كلمة التَّقْوَى الَّتِي حض عَلَيْهَا نَبِي الله عَمه أَبَا طَالب عِنْد الْمَوْت شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء
وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: شَهَادَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَهِي رَأس كل تقوى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ الْأَزْدِيّ قَالَ: كنت مَعَ ابْن عمر رضي الله عنه بَين مَكَّة وَمنى فَسمع النَّاس يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَقَالَ: هِيَ هِيَ فَقلت: مَا هِيَ هِيَ قَالَ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد وَعَطَاء فِي قَوْله {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ أَحدهمَا: الاخلاص وَقَالَ الآخر: كلمة التَّقْوَى لَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: كلمة الاخلاص
وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَالْحسن وَقَتَادَة وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَسَعِيد بن جُبَير مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {وَكَانُوا أَحَق بهَا وَأَهْلهَا} وَكَانَ الْمُسلمُونَ أَحَق بهَا وَكَانُوا أَهلهَا وَالله أعلم
الْآيَات 27 - 28
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْحُدَيْبِية أَنه يدْخل مَكَّة هُوَ وَأَصْحَابه آمِنين مُحَلِّقِينَ رؤوسهم وَمُقَصِّرِينَ فَلَمَّا نحر الْهَدْي بِالْحُدَيْبِية قَالَ لَهُ أَصْحَابه: أَيْن رُؤْيَاك يَا رَسُول الله فَأنْزل الله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْله {فَجعل من دون ذَلِك فتحا قَرِيبا} فَرَجَعُوا ففتحوا خَيْبَر ثمَّ اعْتَمر بعد ذَلِك فَكَانَ تَصْدِيق رُؤْيَاهُ فِي السّنة الْمُقبلَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: كَانَ تَأْوِيل رُؤْيَاهُ فِي عمْرَة الْقَضَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: هُوَ دُخُول مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم الْبَيْت وَالْمُؤمنِينَ مُحَلِّقِينَ رؤوسهم وَمُقَصِّرِينَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه يطوف بِالْبَيْتِ وَأَصْحَابه فَصدق الله رُؤْيَاهُ بِالْحَقِّ
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: رأى فِي الْمَنَام أَنهم يدْخلُونَ الْمَسْجِد الْحَرَام وَأَنَّهُمْ آمنون مُحَلِّقِينَ رؤوسهم وَمُقَصِّرِينَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رضي الله عنه فِي قَوْله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى آخر الْآيَة
قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَهُم: إِنِّي قد رَأَيْت أَنكُمْ سَتَدْخُلُونَ الْمَسْجِد الْحَرَام مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ فَلَمَّا نزلت بِالْحُدَيْبِية وَلم يدْخل ذَلِك الْعَام طعن المُنَافِقُونَ فِي ذَلِك فَقَالَ الله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْله {لَا تخافون} أَي لم أره أَنه يدْخلهُ هَذَا الْعَام وليكونن ذَلِك {فَعلم مَا لم تعلمُوا} قَالَ: رده لمَكَان من بَين أظهرهم من الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وأخره
ليدْخل الله فِي رَحمته من يَشَاء مِمَّن يُرِيد الله أَن يهديه {فَجعل من دون ذَلِك فتحا قَرِيبا} قَالَ: خَيْبَر حِين رجعُوا من الْحُدَيْبِيَة فتحهَا الله عَلَيْهِم فَقَسمهَا على أهل الْحُدَيْبِيَة كلهم إِلَّا رجلا وَاحِدًا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو دُجَانَة سماك بن خَرشَة كَانَ قد شهد الْحُدَيْبِيَة وَغَابَ عَن خَيْبَر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقعدَة مَعَه الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار حَتَّى أَتَى الْحُدَيْبِيَة فَخرجت إِلَيْهِ قُرَيْش فَردُّوهُ عَن الْبَيْت حَتَّى كَانَ بَينهم كَلَام وتنازع حَتَّى كَاد يكون بَينهم قتال فَبَايع النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَصْحَابه وعدتهم ألف وَخَمْسمِائة تَحت الشَّجَرَة وَذَلِكَ يَوْم بيعَة الرضْوَان فقاضاهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت قُرَيْش: نقاضيك على أَن تنحر الْهَدْي مَكَانَهُ وتحلق وَترجع حَتَّى إِذا كَانَ الْعَام الْمقبل نخلي لَك مَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام فَفعل فَخَرجُوا إِلَى عكاظ فأقاموا فِيهَا ثَلَاثَة أَيَّام واشترطوا عَلَيْهِ أَن لَا يدخلهَا بسلاح إِلَّا بِالسَّيْفِ وَلَا يخرج بِأحد من أهل مَكَّة إِن خرج مَعَه فَنحر الْهَدْي مَكَانَهُ وَحلق وَرجع حَتَّى إِذا كَانَ فِي قَابل من تِلْكَ الْأَيَّام دخل مَكَّة وَجَاء بِالْبدنِ مَعَه وَجَاء النَّاس مَعَه فَدخل الْمَسْجِد الْحَرَام فَأنْزل الله عَلَيْهِ {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله آمِنين مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ} وَأنزل عَلَيْهِ (الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص)(الْبَقَرَة الْآيَة 194) الْآيَة
أما قَوْله تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ}
أخرج مَالك وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: رحم الله المحلقين قَالُوا: والمقصرين يَا رَسُول الله قَالَ: رحم الله المحلقين قَالُوا: والمقصرين يَا رَسُول الله قَالَ: والمقصرين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين ثَلَاثًا قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ والمقصرين
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَأَبُو يعلى عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه حَلقُوا رؤوسهم يَوْم الْحُدَيْبِيَة إِلَّا عُثْمَان بن عَفَّان وَأَبا قَتَادَة فَاسْتَغْفر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبشِي بن جُنَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للمقصرين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن أبي مَرْيَم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين ثَلَاثًا قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ والمقصرين وَكنت يَوْمئِذٍ محلوق الرَّأْس فَمَا يسرني بحلق رَأْسِي حمر النعم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن يحيى بن أبي الْحصين عَن جدته أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم دَعَا للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة فِي حجَّة الْوَدَاع
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن ربيعَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين ثَلَاثًا قَالَ رجل: والمقصرين فَقَالَ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة وللمقصرين
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قيل لَهُ لم ظَاهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة فَقَالَ: إِنَّهُم لم يشكوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا بَال المحلقين ظَاهَرت لَهُم الترحم قَالَ: إِنَّهُم لم يشكوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يستحبون للرجل أول مَا يحجّ أَن يحلق وَأول مَا يعْتَمر أَن يحلق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول للحلاق إِذا حلق فِي الْحَج وَالْعمْرَة أبلغ للعظمين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: السّنة أَن يبلغ بِالْحلقِ إِلَى العظمين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس أَنه رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ للحلاق هَكَذَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِب الْأَيْمن
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ على النِّسَاء حلق إِنَّمَا على النِّسَاء التَّقْصِير
الْآيَة 29
أخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: {وَالَّذين مَعَه} {مثلهم فِي التَّوْرَاة} إِلَى قَوْله {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ مَالك: نزل فِي الإِنجيل نعت النَّبِي وَأَصْحَابه
وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما مَاتَ سعد بن معَاذ حضر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر وَعمر فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنِّي لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وَأَنا فِي حُجْرَتي وَكَانُوا كَمَا قَالَ الله {رحماء بَينهم} قيل فَكيف كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فَقَالَت: كَانَت عينه لَا تَدْمَع على أحد وَلكنه كَانَ إِذا وجد فَإِنَّمَا هُوَ آخذ بلحيته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن جرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يرحم الله من لَا يرحم النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو يرويهِ قَالَ: من لم يرحم صَغِيرنَا وَيعرف حق كَبِيرنَا فَلَيْسَ منا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تنْزع الرَّحْمَة إِلَّا من شقي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: أما إِنَّه لَيْسَ بالذين ترَوْنَ وَلكنه سِيمَا الإِسلام وسحنته وسمته وخشوعه
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم
وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ السمت الْحسن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أبي بن كَعْب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: النُّور يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن نصر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: بَيَاض يغشى وُجُوههم يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير عَن الْحسن رضي الله عنه مثله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ رضي الله عنه قَالَ: مَوضِع السُّجُود أَشد وُجُوههم بَيَاضًا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْأَنْبِيَاء عليهم السلام يتباهون أَيهمْ أَكثر أصحاباً من أمته فأرجو أَن أكون يَوْمئِذٍ أَكْثَرهم كلهم وَارِدَة وَإِن كل رجل مِنْهُم يَوْمئِذٍ قَائِم على حَوْض ملآن مَعَه عَصا يَدْعُو من عرف من أمته وَلكُل أمة سِيمَا يعرفهُمْ بهَا نَبِيّهم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كنت عِنْد السَّائِب بن يزِيد إِذْ جَاءَ رجل فِي وَجهه أثر السُّجُود فَقَالَ: لقد أفسد هَذَا وَجهه أما وَالله مَا هِيَ السيما الَّتِي سمّى الله وَلَقَد صليت على وَجْهي مُنْذُ ثَمَانِينَ سنة مَا أثّر السُّجُود بَين عينيّ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: لَيْسَ الْأَثر فِي الْوَجْه وَلَكِن الْخُشُوع
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر عَن مُجَاهِد {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: لَيْسَ الْأَثر فِي الْوَجْه وَلَكِن الْخُشُوع
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر عَن مُجَاهِد {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: الْخُشُوع والتواضع
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: ندى الطّهُور وثرى الأَرْض
وَأخرج ابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ السهر إِذا سهر الرجل من اللَّيْل أصبح مصفرّاً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: السهر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: إِن جِبْرِيل قَالَ: إِذا نظرت إِلَى الرجل من أمتك عرفت أَنه من أهل الصَّلَاة بأثر الْوضُوء وَإِذا أَصبَحت عرفت أَنه قد صلى من اللَّيْل وَهُوَ يَا مُحَمَّد العفاف فِي الدّين وَالْحيَاء وَحسن السمت
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كتب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى يهود خَيْبَر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله صَاحب مُوسَى وأخيه الْمُصدق لما جَاءَ بِهِ مُوسَى أَلا إِن الله قد قَالَ لكم يَا معشر أهل التَّوْرَاة وَإِنَّكُمْ تَجِدُونَ ذَلِك فِي كتابكُمْ {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم} إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة} يَعْنِي مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة والإِنجيل قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض
وَأخرج أَبُو عبيد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن الْمُنْذر عَن عمار مولى بني هَاشم قَالَ: سَأَلت أَبَا هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن الْقدر قَالَ: إكتف مِنْهُ بآخر سُورَة الْفَتْح {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه} إِلَى آخر السُّورَة يَعْنِي أَن الله نعتهم قبل أَن يخلقهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {رحماء بَينهم} قَالَ: جعل الله فِي قُلُوبهم الرَّحْمَة بَعضهم لبَعض {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: علامتهم الصَّلَاة {ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة} قَالَ: هَذَا الْمثل فِي التَّوْرَاة {وَمثلهمْ فِي الإِنجيل} قَالَ: هَذَا مثل آخر {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: هَذَا نعت أَصْحَاب مُحَمَّد فِي الإِنجيل
قيل لَهُ: أَنه سيخرج قوم يَنْبُتُونَ نَبَات الزَّرْع يخرج مِنْهُم قوم يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: صلَاتهم تبدو فِي وُجُوههم يَوْم الْقِيَامَة {ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه} قَالَ: سنبله حِين يبلغ نَبَاته عَن حباته {فآزره} يَقُول: نَبَاته مَعَ التفافه حِين يسنبل فَهَذَا مثل ضربه الله لأهل
الْكتاب إِذا خرج قوم يَنْبُتُونَ كَمَا ينْبت الزَّرْع فيهم رجال يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ثمَّ يغلظ فيهم الَّذين كَانُوا مَعَهم وَهُوَ مثل ضربه لمُحَمد يَقُول: يبْعَث الله النَّبِي وَحده ثمَّ يجْتَمع إِلَيْهِ نَاس قَلِيل يُؤمنُونَ بِهِ ثمَّ يكون الْقَلِيل كثيرا وسيغلظون ويغيظ الله بهم الْكفَّار يعجب الزراع من كثرته وَحسن نَبَاته
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: يَقُول حب بر مُتَفَرقًا فأنبتت كل حَبَّة وَاحِدَة ثمَّ أنبتت من حولهَا مثلهَا حَتَّى استغلظ واستوى على سوقه يَقُول: كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَلِيلا ثمَّ كَثُرُوا واستغلظوا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {كزرعٍ} قَالَ: أصل الزَّرْع عبد الْمطلب أخرج شطأه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فآزره بِأبي بكر فاستغلظ بعمر فَاسْتَوَى بعثمان على سوقه بعلي ليغيظ بهم الْكفَّار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والقلظي وَأحمد بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ فِي فَضَائِل الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة والشيرازي فِي الألقاب عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه} أَبُو بكر {أشداء على الْكفَّار} عمر {رحماء بَينهم} عُثْمَان {تراهم ركعا سجدا} عَليّ {يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضواناً} طَلْحَة وَالزُّبَيْر {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح {وَمثلهمْ فِي الإِنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره} بِأبي بكر {فاستغلظ} بعمر {فَاسْتَوَى على سوقه} بعثمان {يعجب الزراع ليغيظ بهم الْكفَّار} بعلي {وعد الله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} جَمِيع أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رضي الله عنه {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: نَبَاته
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس رضي الله عنه {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: نَبَاته فروخه
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: حِين تخرج مِنْهُ الطَّاقَة {فآزره} قواه {فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه} قَالَ: على مثل الْمُسلمين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: مَا يخرج بِجنب كِتَابه الجعلة فَيتم وينمو
{فآزره} قَالَ: فشده وأعانه {على سوقه} قَالَ: على أُصُوله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن خَيْثَمَة قَالَ: قَرَأَ رجل على عبد الله سُورَة الْفَتْح فَلَمَّا بلغ {كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الْكفَّار} قَالَ: ليغيظ الله بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ الْكفَّار ثمَّ قَالَ: أَنْتُم الزَّرْع وَقد دنا حَصَاده
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة فِي قَوْله {ليغيظ بهم الْكفَّار} قَالَت: أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمروا بالاستغفار لَهُم فسبوهم
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (49)
سُورَة الحجرات
مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَانِي عشرَة
مُقَدّمَة سُورَة الحجرات أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَت: نزلت سُورَة الحجرات بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
الْآيَة 1
أخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: قدم ركب من بني تَمِيم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بكر: أَمر الْقَعْقَاع بن معبد وَقَالَ عمر: بل أَمر الْأَقْرَع بن حَابِس فَقَالَ أَبُو بكر مَا أردْت إِلَّا خلافي فَقَالَ عمر: مَا أردْت خِلافك فتماريا حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} حَتَّى انْقَضتْ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: لَا تَقولُوا خلاف الْكتاب وَالسّنة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَاسا كَانُوا يَقُولُونَ: لَو أنزل فِي كَذَا وَكَذَا الْوَضع كَذَا وَكَذَا فكره الله ذَلِك وَقدم فِيهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: نهوا أَن يتكلموا بَين يَدي كَلَامه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رضي الله عنه أَن نَاسا ذَبَحُوا قبل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم النَّحْر فَأَمرهمْ أَن يُعِيدُوا ذبحا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله}
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَضَاحِي عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: ذبح رجل قبل الصَّلَاة فَنزلت
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: لَا تَصُومُوا قبل أَن يَصُوم نَبِيكُم
وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: كَانَ أنَاس يتقدمون بَين يَدي رَمَضَان بصيام يَعْنِي يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله}
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن نَاسا كَانُوا يتقدمون الشَّهْر فيصومون قبل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ {لَا تقدمُوا}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: لَا تفتاتوا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِشَيْء حَتَّى يقْضِي الله على لِسَانه
قَالَ الْحفاظ: هَذَا التَّفْسِير على قِرَاءَة تقدمُوا بِفَتْح التَّاء وَالدَّال
الْآيَات 2 - 3
أخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: كَاد الخيران أَن يهلكا أَبُو بكر وَعمر رفعا أصواتهما عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين قدم عَلَيْهِ ركب بني تَمِيم فَأَشَارَ
أَحدهمَا بالأقرع بن حَابِس وَأَشَارَ الآخر بِرَجُل آخر فَقَالَ أَبُو بكر لعمر: مَا أردْت إِلَّا خلافي قَالَ: مَا أردْت خِلافك فارتفعت أصواتهما فِي ذَلِك فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة
قَالَ ابْن الزبير: فَمَا كَانَ عمر يسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد هَذِه الْآيَة حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق ابْن أبي مليكَة قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن الزبير بِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق ابْن أبي مليكَة عَن عبد الله بن الزبير أَن الْأَقْرَع بن حَابِس قدم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله اسْتَعْملهُ على قومه فَقَالَ عمر: لَا تستعمله يَا رَسُول الله
فتكلما عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما فَقَالَ أَبُو بكر لعمر: مَا أردْت إِلَّا خلافي قَالَ: مَا أردْت خِلافك فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} فَكَانَ عمر بعد ذَلِك إِذا تكلم عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يسمع كَلَامه حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} قلت يَا رَسُول الله: وَالله لَا أُكَلِّمك إِلَّا كَأَخِي السرَار
وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله} قَالَ أَبُو بكر: وَالَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب يَا رَسُول الله لَا أُكَلِّمك إِلَّا كَأَخِي السرَار حَتَّى ألْقى الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانُوا يجهرون لَهُ بالْكلَام ويرفعون أَصْوَاتهم فَأنْزل الله {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل} الْآيَة قَالَ: لَا تنادوه نِدَاء وَلَكِن قُولُوا قولا لينًا يَا رَسُول الله
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو يعلى وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} إِلَى قَوْله {وَأَنْتُم لَا تشعرون} وَكَانَ ثَابت بن قيس بن شماس رفيع الصَّوْت فَقَالَ: أَنا الَّذِي كنت أرفع صوتي على رَسُول
الله صلى الله عليه وسلم حَبط عَمَلي أَنا من أهل النَّار وَجلسَ فِي بَيته حَزينًا فَفَقدهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَانْطَلق بعض الْقَوْم إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ: فقدك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا لَك قَالَ: أَنا الَّذِي أرفع صوتي فَوق صَوت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأجهر لَهُ بالْقَوْل حَبط عَمَلي أَنا من أهل النَّار فَأتوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك فَقَالَ: لَا بل هُوَ من أهل الْجنَّة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة قتل
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل} قعد ثَابت رضي الله عنه فِي الطَّرِيق يبكي فمرّ بِهِ عَاصِم بن عدي بن العجلان فَقَالَ: مَا يبكيك يَا ثَابت قَالَ: هَذِه الْآيَة أَتَخَوَّف أَن تكون نزلت فيَّ وَأَنا صيّت رفيع الصَّوْت فَمضى عَاصِم بن عدي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ خَبره فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَدَعُهُ لي فجَاء فَقَالَ: مَا يبكيك يَا ثَابت فَقَالَ: أَنا صيّت وأتخوّف أَن تكون هَذِه الْآيَة نزلت فيّ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترْضى أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة قَالَ: رضيت وَلَا أرفع صوتي أبدا على صَوت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ: وَأنزل الله تَعَالَى {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله} الْآيَة
وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن إِسْمَعِيل بن مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس بن شماس الْأنْصَارِيّ أَن ثَابت بن قيس قَالَ: يَا رَسُول الله: لقد خشيت أَن أكون قد هَلَكت
قَالَ: لمَ قَالَ: يمْنَع الله الْمَرْء أَن يحمد بِمَا لم يفعل وأجدني أحب الْحَمد وَينْهى عَن الْخُيَلَاء وأجدني أحب الْجمال وَينْهى أَن نرفع أصواتنا فَوق صَوْتك وَأَنا جهير الصَّوْت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا ثَابت أما ترْضى أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي الْأَطْرَاف: هَكَذَا أخرجه ابْن حبَان بِهَذَا السِّيَاق وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَن إِسْمَعِيل سَمعه من ثَابت فَهُوَ مُنْقَطع وَرَوَاهُ مَالك رضي الله عنه فِي الْمُوَطَّأ عَن ابْن شهَاب عَن إِسْمَعِيل عَن ثَابت أَنه قَالَ فَذكره وَلم يذكرهُ من رُوَاة الْمُوَطَّأ أحد إِلَّا سعيد بن عفير وَحده وَقَالَ: قَالَ مَالك: قتل ثَابت بن قيس يَوْم الْيَمَامَة
قَالَ ابْن حجر رضي الله عنه: فَلم يُدْرِكهُ إِسْمَعِيل فَهُوَ مُنْقَطع قطعا إنتهى
وَأخرج ابْن جرير عَن شمر بن عَطِيَّة رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ ثَابت بن قيس بن
شماس إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ محزون فَقَالَ: يَا ثَابت مَا الَّذِي أرى بك قَالَ: آيَة قرأتها اللَّيْلَة فأخشى أَن يكون قد حَبط عَمَلي {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} وَكَانَ فِي أُذُنه صمم فَقَالَ: أخْشَى أَن أكون قد رفعت صوتي وجهرت لَك بالْقَوْل وَأَن أكون قد حَبط عَمَلي وَأَنا لَا أشعر
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إمشِ على الأَرْض نشيطاً فَإنَّك من أهل الْجنَّة
وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة عَن مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس بن شماس عَن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} قعدت فِي بَيْتِي فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا فَقتل يَوْم الْيَمَامَة
وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فَلَقِيت رجلا من الْأَنْصَار
قلت: حَدثنِي حَدِيث ثَابت بن قيس بن شماس
قَالَ: قُم معي
فَانْطَلَقت مَعَه حَتَّى دخلت على امْرَأَة
فَقَالَ الرجل: هَذِه ابْنة ثَابت بن قيس بن شماس فاسألها عَمَّا بدا لَك
فَقلت: حدثيني
قَالَت: سَمِعت أبي يَقُول: لما أنزل الله على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة دخل [أَي ثَابت] بَيته وأغلق عَلَيْهِ بَابه وطفق يبكي فَفَقدهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا شَأْن ثَابت فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا نَدْرِي مَا شَأْنه غير أَنه قد أغلق عَلَيْهِ بَاب بَيته فَهُوَ يبكي فِيهِ
فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ: مَا شَأْنك قَالَ: يَا رَسُول الله: أنزل الله عَلَيْك هَذِه الْآيَة وَأَنا شَدِيد الصَّوْت فَأَخَاف أَن أكون قد حَبط عَمَلي
فَقَالَ: لست مِنْهُم بل تعيش بِخَير وَتَمُوت بِخَير
قَالَت: ثمَّ أنزل الله على نبيه (إِن الله لَا يحب كل مختالٍ فخور) فأغلق عَلَيْهِ بَابه وطفق يبكي فِيهِ فافتقده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: ثَابت مَا شَأْنه قَالُوا: يَا رَسُول الله وَالله مَا نَدْرِي مَا شَأْنه غير أَنه قد أغلق عَلَيْهِ بَابه وطفق يبكي
فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا شَأْنك قَالَ: يَا رَسُول الله: أنزل الله عَلَيْك (إِن الله لَا يحب كل مختالٍ فخورٍ) وَالله إِنِّي لأحب الْجمال وَأحب أَن أسود قومِي
قَالَ: لست مِنْهُم بل تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَيُدْخِلك الله الْجنَّة بِسَلام
قَالَت: فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة خرج مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى مُسَيْلمَة الْكذَّاب فَلَمَّا لَقِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد انكشفوا فَقَالَ ثَابت لسالم مولى أبي حُذَيْفَة: مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِل مَعَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حفر كل مِنْهُمَا لنَفسِهِ حُفْرَة وَحمل عَلَيْهِم الْقَوْم فثبتا حَتَّى قتلا
وَكَانَت على ثَابت يَوْمئِذٍ درع لَهُ نفيسة فَمر بِهِ رجل من الْمُسلمين فَأَخذهَا فَبينا رجل من الْمُسلمين نَائِم إِذْ أَتَاهُ ثَابت بن قيس فِي مَنَامه فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أوصيك بِوَصِيَّة إياك أَن تَقول هَذَا حلم فتضيعه: إِنِّي لما قتلت أمس مر بِي رجل من الْمُسلمين فَأخذ دِرْعِي ومنزله فِي أقْصَى الْعَسْكَر وَعند خبائه فرس يستن فِي طوله وَقد كفا على الدرْع برمة وَجعل فَوق البرمة رحلاً
فائتِ خَالِد بن الْوَلِيد فمره أَن يبْعَث إِلَى دِرْعِي فيأخذها وَإِذا قدمت على خَليفَة رَسُول الله فَأخْبرهُ أَن عليَّ من الدّين كَذَا وَكَذَا ولي من الدّين كَذَا وَكَذَا وَفُلَان من رقيقي عَتيق وَفُلَان فإياك أَن تَقول هَذَا حلم فتضيعه
فَأتى الرجل خَالِد بن الْوَلِيد فَأخْبرهُ فَبعث إِلَى الدرْع فَنظر إِلَى خباء فِي أقْصَى الْعَسْكَر فَإِذا عِنْده فرس يستن فِي طوله فَنظر فِي الخباء فَإِذا لَيْسَ فِيهِ أحد فَدَخَلُوا فدفعوا الرجل فَإِذا تَحْتَهُ برمة ثمَّ رفعوا البرمة فَإِذا الدرْع تحتهَا فَأتوا بِهِ خَالِد بن الْوَلِيد
فَلَمَّا قدمُوا الْمَدِينَة حدّث الرجل أَبَا بكر برؤياه فَأجَاز وَصيته بعد مَوته وَلَا يعلم أحد من الْمُسلمين جوّزت وَصيته بعد مَوته غير ثَابت بن قيس بن شماس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه فِي قَوْله {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي قيس بن شماس
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفْوَان بن عَسَّال رضي الله عنه أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجعل يُنَادِيه بِصَوْت لَهُ جَهورِي: يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَقُلْنَا: وَيحك أَخفض من صَوْتك فَإنَّك قد نهيت عَن هَذَا قَالَ: لَا وَالله حَتَّى أسمعهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: هاؤم قَالَ: أَرَأَيْت رجلا يحب قوما وَلم يلْحق بهم قَالَ: الْمَرْء مَعَ من أحب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: لما أنزل الله {أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى} قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مِنْهُم ثَابت بن قيس بن شماس
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {امتحن} قَالَ: أخْلص
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي الْآيَة قَالَ: أخْلص الله قُلُوبهم فِيمَا أحب
أخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ: كتب إِلَى عمر رضي الله عنه: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رجل لَا يَشْتَهِي الْمعْصِيَة وَلَا يعْمل بهَا أفضل أم رجل يَشْتَهِي الْمعْصِيَة وَلَا يعْمل لَهَا فَكتب عمر رضي الله عنه: إِن الَّذين يشتهون الْمعْصِيَة وَلَا يعْملُونَ بهَا {أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم}
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: نفس ابْن آدم شَابة وَلَو الْتَقت ترقوتاه من الْكبر إِلَّا من امتحن الله قلبه للتقوى وَقَلِيل مَا هم
وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لَا تزَال نفس أحدكُم شَابة من حب الشَّيْء وَلَو الْتَقت ترقوتاه من الْكبر إِلَّا الَّذين امتحن الله قُلُوبهم وَقَلِيل مَا هم
الْآيَات 4 - 5
أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَأَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن الْأَقْرَع بن حَابِس أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا فَلم يجبهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن حمدي زين وَإِن ذمِّي شين
فَقَالَ: ذَاك الله فَأنْزل الله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} قَالَ ابْن منيع: لَا أعلم رُوِيَ للأقرع سَنَد غير هَذَا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء عَازِب فِي قَوْله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن حمدي زين وَإِن ذمِّي شين فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: ذَاك الله
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه ومسدد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن عَن زيد بن أَرقم قَالَ: اجْتمع نَاس من الْعَرَب فَقَالُوا: انْطَلقُوا إِلَى هَذَا الرجل فَإِن يَك نَبيا فَنحْن أسعد النَّاس بِهِ وَإِن يَك ملكا نعش بجناحه فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته بِمَا قَالُوا فجاؤوا إِلَى حجرته فَجعلُوا يُنَادُونَهُ: يَا مُحَمَّد فَأنْزل الله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ}
فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بأذني وَجعل يَقُول: لقد صدق الله قَوْلك يَا زيد لقد صدق الله قَوْلك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن مدحي زين وَإِن شتمي شين فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ذَاك هُوَ الله فَنزلت {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ}
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: أخْبرت عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه أَن تميماً ورجلاً من بني أَسد بن خُزَيْمَة إستبّا فَقَالَ الْأَسدي: {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} أَعْرَاب بني تَمِيم فَقَالَ سعيد رضي الله عنه: لَو كَانَ التَّمِيمِي فَقِيها إِن أَولهَا فِي بني تَمِيم وَآخِرهَا فِي بني أَسد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن حبيب بن أبي عمْرَة قَالَ: كَانَ بيني وَبَين رجل من بني أَسد كَلَام فَقَالَ الْأَسدي {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} بني تَمِيم {أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} فَذكرت ذَلِك لسَعِيد بن جُبَير قَالَ: أَفلا تَقول لبني أَسد قَالَ الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} فَإِن الْعَرَب لم تسلم حَتَّى قوتلت وَنحن أسلمنَا بِغَيْر قتال فَأنْزل الله هَذَا فيهم
وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق قَتَادَة عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رجل من بني أَسد لرجل من بني تَمِيم وتلا هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم} بني تَمِيم {لَا يعْقلُونَ} فَلَمَّا قَامَ التَّمِيمِي وَذهب قَالَ سعيد بن جُبَير: أما إِن التَّمِيمِي لَو يعلم مَا أنزل فِي بني أَسد لتكلم قُلْنَا: مَا أنزل فيهم قَالَ: جاؤوا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّا قد أسلمنَا طائعين وَإِن لنا حَقًا فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} قَالَ: أَعْرَاب من بني تَمِيم
وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يعلى بن الْأَشْدَق عَن سعد بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن قَوْله: {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: هم الجفاة من بني تَمِيم لَوْلَا أَنهم من أَشد النَّاس قتالاً لِلْأَعْوَرِ الدَّجَّال لَدَعَوْت الله عَلَيْهِم أَن يُهْلِكهُمْ
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قدم وَفد بني تَمِيم وهم سَبْعُونَ رجلا أَو ثَمَانُون رجلا مِنْهُم الزبْرِقَان بن بدر وَعُطَارِد بن معبد وَقيس بن عَاصِم وَقيس بن الْحَارِث وَعَمْرو بن أهتم الْمَدِينَة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَانْطَلق مَعَهم عُيينة بن حصن بن بدر الْفَزارِيّ وَكَانَ يكون فِي كل سدة حَتَّى أَتَوا منزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَنَادَوْهُ من وَرَاء الحجرات بِصَوْت جافٍ: يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد إِن مَدْحنَا زين وَإِن شَتمنَا شين نَحن أكْرم الْعَرَب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كَذبْتُمْ بل مِدْحَة الله الزين وَشَتمه الشين وَأكْرم مِنْكُم يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم فَقَالُوا: إِنَّا أَتَيْنَاك لِنُفَاخِرَك فَذكره بِطُولِهِ وَقَالَ فِي آخِره: فَقَامَ التَّمِيمِيُّونَ فَقَالُوا: وَالله إِن هَذَا الرجل لمصنوع لَهُ لقد قَامَ خَطِيبه فَكَانَ أَخطب من خَطِيبنَا وَقَالَ شاعره فَكَانَ أشعر من شَاعِرنَا قَالَ: ففيهم أنزل الله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} من بني تَمِيم {أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: هَذَا كَانَ فِي الْقِرَاءَة الأولى {وَلَو أَنهم صَبَرُوا حَتَّى تخرج إِلَيْهِم لَكَانَ خيرا لَهُم وَالله غَفُور رَحِيم}
وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: كنت أَدخل بيُوت أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي خلَافَة عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه فأتناول سقفها بيَدي
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن دَاوُد بن قيس قَالَ: رَأَيْت الحجرات من جريد النّخل مغشى من خَارج بمسوح الشّعْر وأظن عرض الْبَيْت من بَاب الْحُجْرَة إِلَى بَاب الْبَيْت نَحوا من سِتَّة أَو سَبْعَة أَذْرع واحزر الْبَيْت الدَّاخِل عشرَة أَذْرع وأظن سمكه بَين الثمان والسبع
وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: أدْركْت حجر أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من جريد النّخل على أَبْوَابهَا المسوح من شعر أسود فَحَضَرت كتاب الْوَلِيد بن عبد الْملك يقْرَأ يَأْمر بِإِدْخَال حجر أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْت يَوْمًا أَكثر باكياً من ذَلِك الْيَوْم فَسمِعت سعيد بن الْمسيب رضي الله عنه يَقُول يَوْمئِذٍ: وَالله لَوَدِدْت أَنهم تركوها على حَالهَا ينشأ نَاس من أهل الْمَدِينَة وَيقدم القادم من أهل الْأُفق فَيرى مَا اكْتفى بِهِ رَسُول الله فِي حَيَاته فَيكون ذَلِك مِمَّا يزهد النَّاس فِي التكاثر والتفاخر فِيهَا وَقَالَ يَوْمئِذٍ أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف: ليتها تركت فَلم
تهدم حَتَّى يقصر النَّاس عَن الْبناء ويرون مَا رَضِي الله لنَبيه ومفاتيح خَزَائِن الدُّنْيَا بِيَدِهِ
الْآيَات 6 - 8
أخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن الْحَارِث بن ضرار الْخُزَاعِيّ قَالَ: قدمت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إِلَى الإِسلام فَدخلت فِيهِ وأقررت بِهِ وَدَعَانِي إِلَى الزَّكَاة فأقررت بهَا قلت يَا رَسُول الله: ارْجع إِلَى قومِي فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسلام وَأَدَاء الزَّكَاة فَمن اسْتَجَابَ لي جمعت زَكَاته وَترسل إليَّ يَا رَسُول الله رَسُولا يبان كَذَا وَكَذَا ليأتيك مَا جمعت من الزَّكَاة فَلَمَّا جمع الْحَارِث الزَّكَاة مِمَّن اسْتَجَابَ لَهُ وَبلغ الابان الَّذِي أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يبْعَث إِلَيْهِ إحتبس الرَّسُول فَلم يأتِ فَظن الْحَارِث أَنه قد حدث فِيهِ سخطَة من الله وَرَسُوله فَدَعَا بِسَرَوَاتِ قومه فَقَالَ لَهُم: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ وَقت لي وقتا يُرْسل إليَّ رَسُوله ليقْبض مَا كَانَ عِنْدِي من الزَّكَاة وَلَيْسَ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْخلف وَلَا أرى حبس رَسُوله إِلَّا من سخطه فَانْطَلقُوا فنأتي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى الْحَارِث ليقْبض مَا كَانَ عِنْده مِمَّا جمع من الزَّكَاة فَلَمَّا أَن سَار الْوَلِيد حَتَّى بلغ بعض الطَّرِيق فرق فَرجع فَأتى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن الْحَارِث مَنَعَنِي الزَّكَاة وَأَرَادَ قَتْلِي فَضرب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْبَعْث إِلَى الْحَارِث فَأقبل الْحَارِث بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذا اسْتقْبل الْبَعْث وَفصل عَن الْمَدِينَة لَقِيَهُمْ الْحَارِث فَقَالُوا: هَذَا الْحَارِث فَلَمَّا غشيهم قَالَ لَهُم: إِلَى من بعثتم قَالُوا: إِلَيْك قَالَ: وَلم قَالُوا: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث إِلَيْك الْوَلِيد بن عقبَة فَزعم أَنَّك منعته الزَّكَاة وَأَرَدْت قَتله
قَالَ: لَا
وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مَا رَأَيْته وَلَا أَتَانِي فَمَا دخل الْحَارِث على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: منعت الزَّكَاة وَأَرَدْت قتل رَسُولي قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا رَأَيْته وَلَا رَآنِي وَمَا أَقبلت إِلَّا حِين احْتبسَ عَليّ رَسُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خشيت أَن تكون كَانَت سخطَة من الله وَرَسُوله فَنزل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فاسقٌ بنبإ فَتَبَيَّنُوا} إِلَى قَوْله {حَكِيم}
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَلْقَمَة بن نَاجِية قَالَ: بعث إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط يصدق أَمْوَالنَا فَسَار حَتَّى إِذا كَانَ قَرِيبا منا وَذَلِكَ بعد وقْعَة الْمُريْسِيع رَجَعَ فركبت فِي أَثَره فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أتيت قوما فِي جاهليتهم أخذُوا اللبَاس وَمنعُوا الصَّدَقَة فَلم يُغير ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أنزلت الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} فَأتى المصطلقون إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أثر الْوَلِيد بطَائفَة من صَدَقَاتهمْ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني وكيعة وَكَانَت بَينهم شَحْنَاء فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا بلغ بني وكيعة اسْتَقْبلُوهُ لينظروا مَا فِي نَفسه فخشي الْقَوْم فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن بني وكيعة أَرَادوا قَتْلِي ومنعوني الصَّدَقَة فَلَمَّا بلغ بني وكيعة الَّذِي قَالَ الْوَلِيد أَتَوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لقد كذب الْوَلِيد
قَالَ: وَأنزل الله فِي الْوَلِيد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فاسقٌ} الْآيَة
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني المصطلق يصدق أَمْوَالهم فَسمع بذلك الْقَوْم فتلقوه يعظمون أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه الشَّيْطَان أَنهم يُرِيدُونَ قَتله فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن بني المصطلق منعُوا صَدَقَاتهمْ فَبلغ الْقَوْم رُجُوعه فَأتوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من سخط الله وَسخط رَسُوله بعثت إِلَيْنَا رجلا مُصدقا فَسُرِرْنَا لذَلِك وقرت أَعيننَا ثمَّ إِنَّه رَجَعَ من بعض الطَّرِيق فَخَشِينَا أَن يكون ذَلِك غَضبا من الله وَرَسُوله وَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط إِلَى بني المصطلق
ليَأْخُذ مِنْهُم الصَّدقَات وَأَنه لما أَتَاهُم الْخَبَر فرحوا وَخَرجُوا ليتلقوا رَسُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنه لما حدث الْوَلِيد أَنهم خَرجُوا يتلقونه رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن بني المصطلق قد مَنَعُونِي الصَّدَقَة
فَغَضب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من ذَلِك غَضبا شَدِيدا فَبَيْنَمَا هُوَ يحدث نَفسه أَن يغزوهم إِذْ أَتَاهُ الْوَفْد فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا حَدثنَا أَن رَسُولك رَجَعَ من نصف الطَّرِيق وَأَنا خشينا أَن يكون إِنَّمَا رده كتاب جَاءَهُ مِنْك لغضب غضبته علينا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فاسقٌ بنبإ} الْآيَة
وَأخرج آدم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: أرسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط إِلَى بني المصطلق ليصدقهم فتلقوه بالهدنة فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن بني المصطلق جمعُوا لَك ليقاتلوك فَأنْزل {إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ فَتَبَيَّنُوا}
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني وكيعة وَكَانَت بَينهم شَحْنَاء فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا بلغ بني وكيعة اسْتَقْبلُوهُ لينظروا مَا فِي نَفسه فخشي الْقَوْم فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن بني وكيعة أَرَادوا قَتْلِي ومنعوني الصَّدَقَة
فَلَمَّا بلغ بني وكيعة الَّذِي قَالَ لَهُم الْوَلِيد عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَتَوا رَسُول الله قَالُوا: يَا رَسُول الله لقد كذب الْوَلِيد وَلَكِن كَانَت بَينه وبيننا شَحْنَاء فَخَشِينَا أَن يكافئنا بِالَّذِي كَانَ بَيْننَا فَأنْزل الله فِي الْوَلِيد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ فَتَبَيَّنُوا} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِن بني فلَان - حَيا من أَحيَاء الْعَرَب - وَكَانَ فِي نَفسه عَلَيْهِم شَيْء وَكَانُوا حَدِيثي عهد بالإِسلام قد تركُوا الصَّلَاة وَارْتَدوا وَكَفرُوا بِاللَّه
قَالَ: فَلم يعجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ودعا خَالِد بن الْوَلِيد فَبَعثه إِلَيْهِم ثمَّ قَالَ: ارمقهم عِنْد الصَّلَاة فَإِن كَانَ الْقَوْم قد تركُوا الصَّلَاة فشأنك بهم وَإِلَّا فَلَا تعجل عَلَيْهِم
قَالَ: فَدَنَا مِنْهُم عِنْد غرُوب الشَّمْس فكمن حَيْثُ يسمع الصَّلَاة فرمقهم فَإِذا هُوَ بالمؤذن قد قَامَ حِين غربت الشَّمْس فَأذن ثمَّ أَقَامَ الصَّلَاة فصلوا الْمغرب فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد: مَا أَرَاهُم إِلَّا يصلونَ فلعلهم تركُوا غير هَذِه الصَّلَاة ثمَّ كمن حَتَّى إِذا اللَّيْل وَغَابَ الشَّفق أذن مؤذنهم فصلوا
قَالَ: فلعلهم تركُوا صَلَاة أُخْرَى فكمن حَتَّى إِذا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل فَتقدم حَتَّى أظل الْخَيل بدورهم فَإِذا الْقَوْم تعلمُوا شَيْئا من الْقُرْآن فهم
يتهجدون بِهِ من اللَّيْل ويقرأونه ثمَّ أَتَاهُم عِنْد الصُّبْح فَإِذا الْمُؤَذّن حِين طلع الْفجْر قد أذن ثمَّ أَقَامَ فَقَامُوا فصلوا فَلَمَّا انصرفوا وأضاء لَهُم النَّهَار إِذا هم بنواصي الْخَيل فِي دِيَارهمْ فَقَالُوا: مَا هَذَا قَالُوا: هُنَا خَالِد بن الْوَلِيد وَكَانَ رجلا مشنعاً فَقَالُوا يَا خَالِد: مَا شَأْنك قَالَ: أَنْتُم وَالله شأني أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقيل لَهُ إِنَّكُم كَفرْتُمْ بِاللَّه وتركتم الصَّلَاة فَجعلُوا يَبْكُونَ فَقَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه أَن نكفر بِاللَّه أبدا
قَالَ: فصرف الْخَيل وردهَا عَنْهُم حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما} قَالَ الْحسن: فوَاللَّه لَئِن كَانَت نزلت فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم خَاصَّة إِنَّهَا الْمُرْسلَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَا نسخهَا شَيْء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني المصطلق يُصدقهُمْ فَلم يبلغهم وَرجع فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُم عصوا فَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن يُجهز إِلَيْهِم إِذْ جَاءَ رجل من بني المصطلق فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: سمعنَا أَنَّك أرْسلت إِلَيْنَا ففرحنا بِهِ واستبشرنا بِهِ وَإنَّهُ لم يبلغنَا رَسُولك وَكذب
فَأنْزل الله فِيهِ وَسَماهُ فَاسِقًا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} قَالَ: هُوَ ابْن أبي معيط الْوَلِيد بن عقبَة بَعثه نَبِي الله صلى الله عليه وسلم إِلَى بني المصطلق مُصدقا فَلَمَّا أبصروه أَقبلُوا نَحوه فهابهم فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ أَنهم قد ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَالِد بن الْوَلِيد وَأمره بِأَن تثبت وَلَا تعجل فَانْطَلق حَتَّى أَتَاهُم لَيْلًا فَبعث عيونه فَلَمَّا جَاءَهُم أَخْبرُوهُ أَنهم متمسكون بالإِسلام وَسمع أذانهم وصلاتهم فَلَمَّا أَصْبحُوا أَتَاهُم خَالِد فَرَأى مَا يُعجبهُ فَرجع إِلَى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم وَأخْبرهُ الْخَبَر فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن فَكَانَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: التأني من الله والعجلة من الشَّيْطَان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} الْآيَة قَالَ: إِذا جَاءَك فحدثك أَن فلَانا إِن فُلَانَة يعْملُونَ كَذَا وَكَذَا من مساوىء الْأَعْمَال فَلَا تصدقه
أما قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم}
أخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي نَضرة قَالَ: قَرَأَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم} قَالَ: هَذَا نَبِيكُم يُوحى إِلَيْهِ وَخيَار أمتكُم لَو أطاعهم فِي كثير من الْأَمر لعنتوا فَكيف بكم الْيَوْم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: لما قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنْكَرْنَا أَنْفُسنَا وَكَيف لَا ننكر أَنْفُسنَا وَالله يَقُول {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم} قَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَاب نَبِي الله صلى الله عليه وسلم لَو أطاعهم نَبِي الله فِي كثير من الْأَمر لعنتوا فَأنْتم وَالله أسخف قلباً وأطيش عقولاً
فاتّهم رجل رَأْيه وانتصح كتاب الله فَإِن كتاب الله ثِقَة لمن أَخذ بِهِ وانْتهى إِلَيْهِ وَإِن مَا سوى كتاب الله تغرير
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم} يَقُول: لأعنت بَعْضكُم بَعْضًا
أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن الله حبب إِلَيْكُم الإِيمان}
أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد وانكفأ الْمُشْركُونَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اسْتَووا حَتَّى أثني على رَبِّي فصاروا خَلفه صُفُوفا فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كُله الله لَا قَابض لما بسطت وَلَا باسط لما قبضت وَلَا هادي لما أضللت وَلَا مضل لما هديت وَلَا معطي لما منعت وَلَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا مقرب لما بَعدت وَلَا مباعد لما قربت اللَّهُمَّ ابْسُطْ علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك النَّعيم الْمُقِيم الَّذِي لَا يحول وَلَا يَزُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك النَّعيم يَوْم الْعيلَة والأمن يَوْم الْخَوْف اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذ بك من شَرّ مَا أَعطيتنَا وَشر مَا منعتنا اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الإِيمان وزينه فِي قُلُوبنَا وَكره إِلَيْنَا الْكفْر والفسوق والعصيان واجعلنا من الرَّاشِدين اللَّهُمَّ توفنا مُسلمين وأحينا مُسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا وَلَا مفتونين اللَّهُمَّ قَاتل الْكَفَرَة الَّذين يكذبُون رسلك ويصدون عَن سَبِيلك وَاجعَل عَلَيْهِم رجزك وعذابك اللَّهُمَّ قَاتل الْكَفَرَة الَّذين أُوتُوا الْكتاب يَا إِلَه الْحق
الْآيَات 9 - 10
أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: لَو أتيت عبد الله بن أُبي فَانْطَلق وَركب حمارا وَانْطَلق الْمُسلمُونَ يَمْشُونَ وَهِي أَرض سبخَة فَلَمَّا انْطلق إِلَيْهِم قَالَ: إِلَيْك عني فوَاللَّه لقد آذَانِي ريح حِمَارك فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: وَالله لحِمَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحًا مِنْك فَغَضب لعبد الله رجال من قومه فَغَضب لكل مِنْهُمَا أَصْحَابه فَكَانَ بَينهم ضرب بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنعال فَأنْزل فيهم {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك قَالَ: تلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين فَغَضب قوم هَذَا لهَذَا وَهَذَا لهَذَا فَاقْتَتلُوا بِالْأَيْدِي وَالنعال فَأنْزل الله: {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان الْأَوْس والخزرج كَانَ بَينهمَا قتال بِالسَّيْفِ وَالنعال فَأنْزل الله {وَإِن طَائِفَتَانِ} الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: كَانَت تكون الْخُصُومَة بَين الْحَيَّيْنِ فيدعوهم إِلَى الحكم فيأبون أَن يجيؤا فَأنْزل الله {وَإِن طَائِفَتَانِ} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي رجلَيْنِ من الْأَنْصَار كَانَت بَينهمَا مماراة فِي حق بَينهمَا فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر: لآخذن عنْوَة - لِكَثْرَة عشيرته - وَإِن الآخر دَعَاهُ ليحاكمه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأبى فَلم يزل الْأَمر حَتَّى تدافعوا وَحَتَّى تنَاول بَعضهم بَعْضًا بِالْأَيْدِي وَالنعال وَلم يكن قتال بِالسُّيُوفِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ عمرَان تَحْتَهُ امْرَأَة يُقَال لَهَا أم زيد وَأَنَّهَا أَرَادَت أَن تزور أَهلهَا فحبسها زَوجهَا
وَجعلهَا فِي علية لَهُ لَا يدْخل عَلَيْهَا أحد من أَهلهَا وَإِن الْمَرْأَة بعثت إِلَى أَهلهَا فجَاء قَومهَا فأنزلوها لِيَنْطَلِقُوا بهَا وَكَانَ الرجل قد خرج فاستعان أهل الرجل فجَاء بَنو عَمه ليحولوا بَين الْمَرْأَة وَبَين أَهلهَا فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} فَبعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأصْلح بَينهم وفاؤوا إِلَى أَمر الله
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: مَا وجدت فِي نَفسِي من شَيْء مَا وجدت من هَذِه الْآيَة إِنِّي لم أقَاتل هَذِه الفئة الباغية كَمَا أَمرنِي الله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن حبَان السّلمِيّ قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن قَوْله {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} وَذَلِكَ حِين دخل الْحجَّاج الْحرم فَقَالَ لي: عرفت الباغية من المبغي عَلَيْهَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو عرفت المبغية مَا سبقتني أَنْت وَلَا غَيْرك إِلَى نصرها أَفَرَأَيْت إِن كَانَت كلتاهما باغيتين فدع الْقَوْم يقتتلون على دنياهم وارجع إِلَى أهلك فَإِذا استمرت الْجَمَاعَة فَادْخُلْ فِيهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤمنِينَ إِذا اقْتتلَتْ طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ أَن يَدعُوهُم إِلَى حكم الله وينصف بَعضهم من بعض فَإِن أجابوا حكم فيهم بِكِتَاب الله حَتَّى ينصف الْمَظْلُوم من الظَّالِم فَمن أَبى مِنْهُم أَن يُجيب فَهُوَ بَاغ وَحقّ على إِمَام الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤمنِينَ أَن يقاتلوهم حَتَّى يفيئوا إِلَى أَمر الله ويقروا بِحكم الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} قَالَ: الْأَوْس والخزرج اقْتَتَلُوا بَينهم بِالْعِصِيِّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} قَالَ: الطَّائِفَة من الْوَاحِد إِلَى الْألف وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَا رجلَيْنِ اقتتلا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} قَالَ: كَانَ قِتَالهمْ بالنعال والعصي فَأَمرهمْ أَن يصلحوا بَينهمَا
أما قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يحب المقسطين}
أخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر وَعَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: المقسطون عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة على مَنَابِر من نور على يَمِين الْعَرْش الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليهم وَمَا ولوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من وَجه آخر عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن المقسطين فِي الدُّنْيَا على مَنَابِر من لُؤْلُؤ يَوْم الْقِيَامَة بَين يَدي الرَّحْمَن بِمَا أقسطوا فِي الدُّنْيَا
قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أخوة} الْآيَة
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين رضي الله عنه أَنه كَانَ يقْرَأ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة فأصلحوا بَين أخويكم} بِالْيَاءِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ {فأصلحوا بَين أخويكم} بِالْيَاءِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: مَا رَأَيْت مثل مَا رغبت عَنهُ فِي هَذِه الْآيَة {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} الْآيَة
وَأخرج أَحْمد عَن فهيد بن مطرف الْغِفَارِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ سَائل إِن عدا عَليّ عادٍ فَأمره أَن ينهاه ثَلَاث مَرَّات قَالَ: فَإِن لم ينْتَه فَأمره بقتاله قَالَ: فَكيف بِنَا قَالَ: إِن قَتلك فَأَنت فِي الْجنَّة وَإِن قتلته فَهُوَ فِي النَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} إِلَى قَوْله {فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي} قَالَ: بِالسَّيْفِ قيل: فَمَا قتلاهم قَالَ: شُهَدَاء مرزوقين قيل: فَمَا حَال الْأُخْرَى أهل الْبَغي قَالَ: من قتل مِنْهُم إِلَى النَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن عمار بن يَاسر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: سَيكون بعدِي أُمَرَاء يقتتلون على الْملك يقتل بَعضهم بَعْضًا
الْآيَة 11
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رضي الله عنه فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يسخر قوم من قوم} قَالَ: نزلت فِي قوم من بني تَمِيم استهزأوا من بِلَال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وَابْن فهَيْرَة وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {لَا يسخر قوم من قوم} قَالَ: لَا يستهزىء قوم بِقوم إِن يكن رجلا غَنِيا أَو فَقِيرا [] أَو يعقل رجل عَلَيْهِ فَلَا يستهزىء بِهِ
أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم}
أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا يطعن بَعْضكُم على بعض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا يطعن بَعْضكُم على بعض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رضي الله عنه {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا تطعنوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رضي الله عنه أَنه قَرَأَ {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} بِنصب التَّاء وَكسر الْمِيم
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الضَّحَّاك رضي الله عنه فِي قَوْله {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: اللمز الْغَيْبَة
أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ}
أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن حبَان والشيرازي فِي الألقاب وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي جبيرَة بن الضَّحَّاك رضي الله عنه قَالَ: فِينَا نزلت فِي بني سَلمَة {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة وَلَيْسَ فِينَا
رجل إِلَّا وَله إسمان أَو ثَلَاثَة فَكَانَ إِذا دَعَا أحدهم باسم من تِلْكَ الْأَسْمَاء قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّه يكره هَذَا الإسم فَأنْزل الله {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قل رجل مِنْهُم إِلَّا وَله إسمان أَو ثَلَاثَة فَرُبمَا دَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم الرجل مِنْهُم بِبَعْض تِلْكَ الْأَسْمَاء فَيُقَال يَا رَسُول الله إِنَّه يكره هَذَا الإسم فَأنْزل الله {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: إِن يُسَمِّيه بِغَيْر اسْم الإِسلام يَا خِنْزِير يَا كلب يَا حمَار
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: التَّنَابُز بِالْأَلْقَابِ أَن يكون الرجل عمل السَّيِّئَات ثمَّ تَابَ مِنْهَا وراجع الْحق فَنهى الله أَن يعير بِمَا سلف من عمله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: أَن يَقُول إِذا كَانَ الرجل يَهُودِيّا فَأسلم يَا يَهُودِيّ يَا نَصْرَانِيّ يَا مَجُوسِيّ وَيَقُول للرجل الْمُسلم يَا فَاسق
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْيَهُودِيّ يسلم فَيُقَال لَهُ يَا يَهُودِيّ فنهوا عَن ذَلِك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: لَا تقل لأخيك الْمُسلم يَا فَاسق يَا مُنَافِق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: هُوَ قَول الرجل للرجل يَا فَاسق يَا مُنَافِق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ قَول الرجل لصَاحبه يَا فَاسق يَا مُنَافِق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: يدعى الرجل بالْكفْر وَهُوَ مُسلم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان} قَالَ: أَن يَقُول الرجل لِأَخِيهِ يَا فَاسق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ {بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان}
قَالَ: الرجل يكون على دين من هَذِه الْأَدْيَان فَيسلم فيدعوه بِدِينِهِ الأول يَا يَهُودِيّ يَا نَصْرَانِيّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من قَالَ لِأَخِيهِ كَافِر فقد بَاء بهَا أَحدهمَا إِن كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رجعت عَلَيْهِ
الْآيَة 12
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اجتنبوا كثيرا من الظَّن} قَالَ: نهى الله الْمُؤمن أَن يظنّ بِالْمُؤمنِ سوءا
وَأخرج مَالك وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إيَّاكُمْ وَالظَّن فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث وَلَا تجسسوا وَلَا تنافسوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تباغضوا وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا وَلَا يخْطب الرجل على خطْبَة أَخِيه حَتَّى ينْكح أَو يتْرك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أَسَاءَ بأَخيه الظَّن فقد أَسَاءَ بربه إِن الله يَقُول {اجتنبوا كثيرا من الظَّن}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة بن عبد الله: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الظَّن يخطىء ويصيب
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يطوف بِالْكَعْبَةِ وَيَقُول: مَا أطيبك وَأطيب رِيحك مَا أعظمك وَأعظم حرمتك وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لحُرْمَة الْمُؤمن أعظم عِنْد الله حُرْمَة مِنْك مَاله وَدَمه وَأَن يظنّ بِهِ إِلَّا خيرا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ: لَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من أَخِيك سوءا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كتب إليَّ بعض إخْوَانِي من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن ضع أَمر أَخِيك على أحْسنه مَا لم يأتك مَا يَغْلِبك وَلَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من امرىء مُسلم شرا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا وَمن عرض نَفسه للتهم فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه وَمن كتم سره كَانَت الْخيرَة فِي يَده وَمَا كافأت من عصى الله فِيك بِمثل أَن تطيع الله فِيهِ وَعَلَيْك بِإِخْوَان الصدْق فَكُن فِي اكتسابهم فَإِنَّهُم زِينَة فِي الرخَاء وعدة عِنْد عَظِيم الْبلَاء وَلَا تهاون بِالْحَقِّ فيهينك الله وَلَا تسألن عَمَّا لم يكن حَتَّى يكون وَلَا تضع حَدِيثك إِلَّا عِنْد من يشتهيه وَعَلَيْك بِالصّدقِ وَإِن قَتلك الصدْق وَاعْتَزل عَدوك وَاحْذَرْ صديقك إِلَّا الْأمين وَلَا أَمِين إِلَّا من يخْشَى الله وشاور فِي أَمرك الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: من تعرض للتُّهمَةِ فَلَا يَلُومن من أَسَاءَ بِهِ الظَّن وَمن كتم سره كَانَ الْخِيَار إِلَيْهِ وَمن أفشاه كَانَ الْخِيَار عَلَيْهِ وضع أَمر أَخِيك على أحْسنه حَتَّى يَأْتِيك مِنْهُ مَا يَغْلِبك وَلَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من أَخِيك سوءا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا وَكن فِي اكْتِسَاب الاخوان فَإِنَّهُم جنَّة عِنْد الرخَاء وعدة عِنْد الْبلَاء وآخِ الإِخوان على قدر التَّقْوَى وشاور فِي أَمرك الَّذين يخَافُونَ الله
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن سلمَان قَالَ: إِنِّي لأعد الْعرَاق على خادمي مَخَافَة الظَّن
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كُنَّا نؤمر أَن نختم على الْخَادِم ونكيل ونعدها كَرَاهِيَة أَن يتعودوا خلق سوء ويظن أَحَدنَا ظن سوء
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حَارِثَة بن النُّعْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلَاث لازمات لأمتي: الطَّيرَة والحسد وَسُوء الظَّن فَقَالَ رجل مَا يذهبهن يَا رَسُول الله مِمَّن هن فِيهِ قَالَ: إِذا حسدت فَاسْتَغْفر الله وَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق وَإِذا تطيرت فامضِ
وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أَسَاءَ بأَخيه الظَّن فقد أَسَاءَ بربه عز وجل إِن الله تَعَالَى يَقُول: {اجتنبوا كثيرا من الظَّن}
أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تجسسوا}
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا تجسسوا} قَالَ: نهى الله الْمُؤمن أَن يتبع عورات أَخِيه الْمُؤمن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَا تجسسوا} قَالَ: خُذُوا مَا ظهر لكم ودعوا مَا ستر الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا التَّجَسُّس هُوَ أَن تتبع عيب أَخِيك فَتَطلع على سره
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن زُرَارَة بن مُصعب بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن الْمسور بن مخرمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه حرس مَعَ عمر بن الْخطاب لَيْلَة الْمَدِينَة فَبَيْنَمَا هم يَمْشُونَ شبّ لَهُم سراج فِي بَيت فَانْطَلقُوا يؤمونه فَلَمَّا دنوا مِنْهُ إِذا بَاب مجافٍ على قوم لَهُم فِيهِ أصوات مُرْتَفعَة ولغط فَقَالَ عمر وَأخذ بيد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: أَتَدْرِي بَيت من هَذَا قَالَ: هَذَا بَيت ربيعَة بن أُميَّة بن خلف وهم الْآن شرب فَمَا ترى قَالَ: أرى أَن قد أَتَيْنَا مَا نهى الله عَنهُ قَالَ الله: {وَلَا تجسسوا} فقد تجسسنا فَانْصَرف عَنْهُم وتركهم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَن عمر بن الْخطاب فقد رجلا من أَصْحَابه فَقَالَ لِابْنِ عَوْف: انْطلق بِنَا إِلَى منزل فلَان فَنَنْظُر فَأتيَا منزله فوجدا بَابه مَفْتُوحًا وَهُوَ جَالس وَامْرَأَته تصب لَهُ فِي إِنَاء فتناوله إِيَّاه فَقَالَ عمر لِابْنِ عَوْف: هَذَا الَّذِي شغله عَنَّا فَقَالَ ابْن عَوْف لعمر وَمَا يدْريك مَا فِي الإِناء فَقَالَ عمر: إِنَّا نَخَاف أَن يكون هَذَا التَّجَسُّس قَالَ: بل هُوَ التَّجَسُّس قَالَ: وَمَا التَّوْبَة من هَذَا قَالَ: لَا تعلمه بِمَا أطلعت عَلَيْهِ من أمره وَلَا يكونن فِي نَفسك إِلَّا خير ثمَّ انصرفا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: أَتَى عمر بن الْخطاب رجل فَقَالَ: إِن فلَانا لَا يصحوا فَدخل عَلَيْهِ عمر رضي الله عنه فَقَالَ: إِنِّي لأجد ريح شراب يَا فلَان أَنْت بِهَذَا فَقَالَ الرجل: يَا ابْن الْخطاب وَأَنت بِهَذَا ألم ينهك الله أَن تتجسس فعرفها عمر فَانْطَلق وَتَركه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن زيد بن وهب قَالَ: أُتِي ابْن مَسْعُود رَضِي الله
عَنهُ فَقيل: هَذَا فلَان تقطر لحيته خمرًا فَقَالَ عبد الله: إِنَّا قد نهينَا عَن التَّجَسُّس وَلَكِن إِن يظْهر لنا شَيْء نَأْخُذ بِهِ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يدْخل الإِيمان فِي قلبه لَا تتبعوا عورات الْمُسلمين فَإِنَّهُ من اتبع عورات الْمُسلمين فضحه الله فِي قَعْر بَيته
وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ثَوْر الْكِنْدِيّ أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه كَانَ يعس بِالْمَدِينَةِ من اللَّيْل فَسمع صَوت رجل فِي بَيت يتَغَنَّى فتسوّر عَلَيْهِ فَوجدَ عِنْده امْرَأَة وَعِنْده خمر فَقَالَ: يَا عَدو الله أظننت أَن الله يسترك وَأَنت على مَعْصِيَته فَقَالَ: وَأَنت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تعجل على أَن أكون عصيت الله وَاحِدَة فقد عصيت الله فِي ثَلَاث
قَالَ الله: {وَلَا تجسسوا} وَقد تجسست وَقَالَ (وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا)(الْبَقَرَة 189) وَقد تسوّرت عليَّ وَدخلت عليَّ بِغَيْر إِذن وَقَالَ الله (لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا)(الثور 27) قَالَ عمر رضي الله عنه: فَهَل عنْدك من خير إِن عَفَوْت عَنْك قَالَ: نعم فَعَفَا عَنهُ وَخرج وَتَركه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أسمع الْعَوَاتِق فِي الخدر يُنَادي بِأَعْلَى صَوته يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يخلص الإِيمان إِلَى قلبه لَا تَغْتَابُوا الْمُسلمين وَلَا تتبعوا عَوْرَاتهمْ فَإِنَّهُ من تتبع عَورَة أَخِيه الْمُسلم تتبع الله عَوْرَته وَمن تتبع الله عَوْرَته يَفْضَحهُ فِي جَوف بَيته
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ: صلينَا الظّهْر خلف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا انْفَتَلَ أقبل علينا غَضْبَان متنفراً يُنَادي بِصَوْت يسمع الْعَوَاتِق فِي جَوف الْخُدُور يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يدْخل الإِيمان قلبه لَا تَذُمُّوا الْمُسلمين وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتهمْ فَإِنَّهُ من يطْلب عَورَة أَخِيه الْمُسلم هتك الله ستره وَأبْدى عَوْرَته وَلَو كَانَ فِي جَوف بَيته
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يخلص الإِيمان إِلَى قلبه لَا تُؤْذُوا الْمُسلمين وَلَا تتبعوا
عَوْرَاتهمْ فَإِنَّهُ من تتبع عَورَة أَخِيه الْمُسلم تتبع الله عَوْرَته حَتَّى يخرقها عَلَيْهِ فِي بطن بَيته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من أشاد على مُسلم عَوْرَته يشينه بهَا بِغَيْر حق شانه الله بهَا فِي الْخلق يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْحَاكِم وَالتِّرْمِذِيّ عَن جُبَير بن نفير قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِالنَّاسِ صَلَاة الصُّبْح فَلَمَّا فرغ أقبل بِوَجْهِهِ على النَّاس رَافعا صَوته حَتَّى كَاد يسمع من فِي الْخُدُور وَهُوَ يَقُول: يَا معشر الَّذين أَسْلمُوا بألسنتهم وَلم يدْخل الإِيمان فِي قُلُوبهم لَا تُؤْذُوا الْمُسلمين وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تتبعوا عثراتهم فَإِنَّهُ من يتبع عَثْرَة أَخِيه الْمُسلم يتبع الله عثرته وَمن يتبع الله عثرته يَفْضَحهُ وَهُوَ فِي قَعْر بَيته فَقَالَ قَائِل يَا رَسُول الله: وَهل على الْمُسلمين من ستر فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ستور الله على الْمُؤمن أَكثر من أَن تحصى إِن الْمُؤمن ليعْمَل الذُّنُوب فتهتك عَنهُ ستوره سترا سترا حَتَّى لَا يبْقى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء فَيَقُول الله للْمَلَائكَة استروا على عَبدِي من النَّاس فَإِن النَّاس يعيرون وَلَا يغيرون فتحف بِهِ الْمَلَائِكَة بأجنحتها يسترونه من النَّاس فَإِن تَابَ قبل الله مِنْهُ ورد عَلَيْهِ ستوره وَمَعَ كل ستر تِسْعَة أَسْتَار فَإِن تتَابع فِي الذُّنُوب قَالَت الْمَلَائِكَة: رَبنَا إِنَّه قد غلبنا واعذرنا فَيَقُول الله استروا عَبدِي من النَّاس فَإِن النَّاس يعيرون وَلَا يغيرون فتحف بِهِ الْمَلَائِكَة بأجنحتها يسترونه من النَّاس فَإِن تَابَ قبل الله مِنْهُ ورد عَلَيْهِ ستوره وَمَعَ كل ستر تِسْعَة أَسْتَار فَإِن تتَابع فِي الذُّنُوب قَالَت الْمَلَائِكَة يَا رَبنَا إِنَّه قد غلبنا واعذرنا فَيَقُول الله استروا عَبدِي من النَّاس فَإِن النَّاس يعيرون وَلَا يغيرون فتحف بِهِ الْمَلَائِكَة بأجنحتها يسترونه من النَّاس فَإِن تَابَ قبل الله مِنْهُ وَإِن عَاد قَالَت الْمَلَائِكَة رَبنَا إِنَّه قد غلبنا وأعذرنا فَيَقُول الله للْمَلَائكَة: تَخْلُو عَنهُ فَلَو عمل ذَنبا فِي بَيت مظلم فِي لَيْلَة مظْلمَة فِي حجر أبدى الله عَنهُ وَعَن عَوْرَته
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي رضي الله عنه قَالَ: الْمُؤمن فِي سبعين حِجَابا من نور فَإِذا عمل خَطِيئَة ثمَّ تناساها حَتَّى يعْمل أُخْرَى هتك عَنهُ حجاب من تِلْكَ الْحجب فَلَا يزَال كلما عمل خَطِيئَة ثمَّ تناساها حَتَّى يعْمل أُخْرَى هتك عَنهُ حجاب من تِلْكَ الْحجب فَإِذا عمل كَبِيرَة من الْكَبَائِر هتك عَنهُ تِلْكَ الْحجب كلهَا إِلَّا حجاب الْحيَاء وَهُوَ أعظمها حِجَابا فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ورد تِلْكَ الْحجب كلّها فَإِن عمل خَطِيئَة بعد الْكَبَائِر ثمَّ تناساها حَتَّى يعْمل الْأُخْرَى قبل أَن يَتُوب
هتك حجاب الْحيَاء فَلم تلقه إِلَّا مقيتاً ممقتاً فَإِذا كَانَ مقيتاً ممقتاً نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة فَإِذا نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة لم تلقه إِلَّا خائناً مخوناً فَإِذا كَانَ خائناً مخوناً نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة فَإِذا نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة لم تلقه إِلَّا فظاً غليظاً فَإِذا كَانَ فظاً غليظاً نزعت مِنْهُ ربقة الإِسلام فَإِذا نزعت مِنْهُ ربقة الإِسلام لم تلقه إِلَّا لعيناً ملعناً شَيْطَانا رجيماً
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة قَالَ: حرم الله أَن يغتاب الْمُؤمن بِشَيْء كَمَا حرم الْميتَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة قَالَ: زَعَمُوا أَنَّهَا نزلت فِي سلمَان الْفَارِسِي أكل ثمَّ رقد فَنفخ فَذكر رجلَانِ أكله ورقاده فَنزلت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ أَن سلمَان الْفَارِسِي كَانَ مَعَ رجلَيْنِ فِي سفر يَخْدُمهُمَا وينال من طعامهما وَأَن سلمَان نَام يَوْمًا فَطَلَبه صَاحِبَاه فَلم يجداه فضربا الخباء وَقَالا: مَا يُرِيد سلمَان شَيْئا غير هَذَا أَن يَجِيء إِلَى طَعَام مَعْدُود وخباء مَضْرُوب فَلَمَّا جَاءَ سلمَان أَرْسلَاهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يطْلب لَهما إدَامًا فَانْطَلق فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله بَعَثَنِي أَصْحَابِي لتؤدمهم إِن كَانَ عنْدك قَالَ: مَا يصنع أَصْحَابك بِالْأدمِ قد ائتدموا فَرجع سلمَان فخبرهما فَانْطَلقَا فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أصبْنَا طَعَاما مُنْذُ نزلنَا
قَالَ: إنَّكُمَا قد ائتدمتما سلمَان بقولكما فَنزلت {أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل كَانَ يخْدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم أرسل بعض الصَّحَابَة إِلَيْهِ يطْلب مِنْهُ إدَامًا فَمنع فَقَالُوا لَهُ: إِنَّه لبخيل وخيم فَنزلت فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ: أَن يَقُول للرجل من خَلفه هُوَ كَذَا يسيء الثَّنَاء عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ: ذكر لنا أَن الْغَيْبَة أَن تذكر أَخَاك بِمَا يشينه وتعيبه بِمَا فِيهِ فَإِن أَنْت كذبت
عَلَيْهِ فَذَاك الْبُهْتَان يَقُول كَمَا أَنْت كَارِه لَو وجدت جيفة مدودة أَن تَأْكُل مِنْهَا فَكَذَلِك فأكره لَحمهَا وَهُوَ حَيّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قيل يَا رَسُول الله: مَا الْغَيْبَة قَالَ ذكرك أَخَاك بِمَا يكره قَالَ يَا رَسُول الله: أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي أخي مَا أَقُول قَالَ: إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقول فقد اغْتَبْته وَإِن لم يكن فِيهِ مَا تَقول فقد بَهته
وَأخرج عبد بن حميد والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن الْمطلب بن حنْطَب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الْغَيْبَة أَن تذكر الْمَرْء بِمَا فِيهِ فَقَالَ إِنَّمَا كُنَّا نرى أَن نذكرهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ ذَاك الْبُهْتَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن امْرَأَة دخلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ خرجت فَقَالَت عَائِشَة يَا رَسُول الله: مَا أجملها وأحسنها لَوْلَا أَن بهَا قصراً فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اغتبتيها يَا عَائِشَة فَقَالَت يَا رَسُول الله: إِنَّمَا قلت شَيْئا هُوَ بهَا
فَقَالَ يَا عَائِشَة إِذا قلت شَيْئا بهَا فَهِيَ غيبَة وَإِذا قلت مَا لَيْسَ بهَا فقد بهتها
وَأخرج عبد بن حميد عَن عون بن عبد الله قَالَ: إِذا قلت للرجل بِمَا فِيهِ فقد اغْتَبْته وَإِذا قلت مَا لَيْسَ فِيهِ فقد بَهته
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: لَو مر بك أقطع فَقلت: هَذَا الأقطع كَانَت غيبَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه ذكر عِنْده رجل فَقَالَ: ذَاك الْأسود قَالَ: أسْتَغْفر الله أَرَانِي قد اغْتَبْته
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا} قَالُوا: نكره ذَلِك
قَالَ: فَاتَّقُوا الله
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة قَالَت: لَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا فَإِنِّي كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فمرت امْرَأَة طَوِيلَة الذيل فَقلت يَا رَسُول الله: إِنَّهَا الطَّوِيلَة الذيل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: الفظي فلفظت بضعَة لحم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه لحق قوما فَقَالَ لَهُم: تخللوا فَقَالَ الْقَوْم وَالله يَا نَبِي الله مَا طعمنا الْيَوْم طَعَاما فَقَالَ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله إِنِّي لأرى لحم فلَان بَين ثناياكم وَكَانُوا قد اغتابوه
وَأخرج الضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أنس قَالَ: كَانَت الْعَرَب يخْدم بَعْضهَا بَعْضًا فِي الْأَسْفَار وَكَانَ مَعَ أبي بكر وَعمر رجل يخدمها فَنَامَا فَاسْتَيْقَظَا وَلم يهيء لَهما طَعَاما فَقَالَا إِن هَذَا لنؤوم فَأَيْقَظَاهُ فَقَالَا: إئتِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقل لَهُ: إِن أَبَا بكر وَعمر يقرئانك السَّلَام ويستأذناك فَقَالَ: إنَّهُمَا إئتدما فجاءاه فَقَالَا يَا رَسُول الله: بِأَيّ شَيْء إئتدمنا قَالَ: بِلَحْم أَخِيكُمَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرى لَحْمه بَين ثَنَايَاكُمَا فَقَالَا: إستغفر لنا يَا رَسُول الله
قَالَ: مراه فليسغفر لَكمَا
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن يحيى بن أبي كثير أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سفر وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه لَحْمًا فَقَالَ: أَو لَيْسَ قد ظللتم من اللَّحْم شباعاً قَالُوا: من أَيْن فوَاللَّه مَا لنا بِاللَّحْمِ عهد مُنْذُ أَيَّام فَقَالَ: من لحم صَاحبكُم الَّذِي ذكرْتُمْ
قَالُوا يَا نَبِي الله: إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه لضعيف مَا يعيننا على شَيْء
قَالَ: ذَلِك فَلَا تَقولُوا [] فَرجع إِلَيْهِم الرجل فَأخْبرهُم بِالَّذِي قَالَ فجَاء أَبُو بكر فَقَالَ يَا نَبِي الله طاعلى صماخي واستغفر لي فَفعل وَجَاء عمر فَقَالَ: يَا نَبِي الله طاعلى صماخي واستغفر لي فَفعل
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل لحم أَخِيه فِي الدُّنْيَا قرب لَهُ لَحْمه فِي الْآخِرَة فَيُقَال لَهُ كُله مَيتا كَمَا أَكلته حَيا فَإِنَّهُ ليأكله ويكلح ويصيح
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد مولى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن امْرَأتَيْنِ صامتا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجَلَست إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى فجعلتا يأكلان لُحُوم النَّاس فجَاء مِنْهُمَا رَسُول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِن هَهُنَا امْرَأتَيْنِ صامتا وَقد كادتا أَن تموتا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ائْتُونِي بهما فجاءتا فَدَعَا بعس أَو قدح فَقَالَ لإحداهما قيئي فقاءت من قيح وَدم وصديد حَتَّى قاءت نصف الْقدح وَقَالَ لِلْأُخْرَى قيئي فقاءت من قيح وَدم وصديد حَتَّى مَلَأت الْقدح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن هَاتين صامتا عَمَّا أحل الله لَهما وأفطرتا على مَا حرم الله عَلَيْهِمَا جَلَست إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى فجعلتا يأكلان لُحُوم النَّاس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة أَنَّهَا سَأَلت عَن الْغَيْبَة فَأخْبرت أَنَّهَا أَصبَحت يَوْم الْجُمُعَة وَغدا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاة وأتتها جَارة لَهَا من نسَاء الْأَنْصَار فاغتابتا
وضحكتا بِرِجَال وَنسَاء فَلم يبرحا على حَدِيثهمَا من الْغَيْبَة حَتَّى أقبل النَّبِي صلى الله عليه وسلم منصرفاً من الصَّلَاة فَلَمَّا سمعتا صَوته سكتتا فَلَمَّا قَامَ بِبَاب الْبَيْت ألْقى طرف رِدَائه على أَنفه ثمَّ قَالَ: أفّ أخرجَا فاستقيئا ثمَّ طهرا بِالْمَاءِ فَخرجت أم سَلمَة فقاءت لَحْمًا كثيرا قد أُحِيل فَلَمَّا رَأَتْ كَثْرَة اللَّحْم تذكرت أحدث لحم أَكلته فَوَجَدته فِي أول جمعتين مضتا فَسَأَلَهَا عَمَّا قاءت فَأَخْبَرته فَقَالَ: ذَاك لحم ظللت تأكلينه فَلَا تعودي أَنْت وَلَا صَاحبَتك فِيمَا ظللتما فِيهِ من الْغَيْبَة وأخبرتها صاحبتها أَنَّهَا قاءت مثل الَّذِي قاءت من اللَّحْم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ عَن كَعْب بن عَاصِم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْمُؤمن حرَام على الْمُؤمن لَحْمه عَلَيْهِ حرَام أَن يَأْكُلهُ ويغتابه بِالْغَيْبِ وَعرضه عَلَيْهِ حرَام أَن يخرقه وَوَجهه عَلَيْهِ حرَام أَن يلطمه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَن ماعزاً لما رجم سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجلَيْنِ يَقُول أَحدهمَا لصَاحبه: ألم تَرَ إِلَى هَذَا الَّذِي ستر الله عَلَيْهِ فَلم تَدعه نَفسه حَتَّى رجم رجم الْكَلْب فَسَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ مر بجيفة حمَار فَقَالَ: أَيْن فلَان وَفُلَان إنزلا فكلا من جيفة هَذَا الْحمار فَقَالَا: وَهل يُؤْكَل هَذَا قَالَ: فَإنَّا أكلتكما من أَخِيكُمَا آنِفا أَشد أكلا مِنْهُ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه الْآن لفي أَنهَار الْجنَّة ينغمس فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب والخرائطي عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه مر على بغل ميت وَهُوَ فِي نفر من أَصْحَابه فَقَالَ: وَالله لِأَن يَأْكُل أحدكُم من هَذَا حَتَّى يمْلَأ بَطْنه خير لَهُ من أَن يَأْكُل من لحم رجل مُسلم
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأتى على قبرين يعذب صاحباهما فَقَالَ: إنَّهُمَا لَا يعذبان فِي كَبِير وَبكى أما أَحدهمَا فَكَانَ يغتاب النَّاس وَأما الآخر فَكَانَ لَا [] يتَأَذَّى من الْبَوْل فَدَعَا بجريدة رطبَة فَكَسرهَا ثمَّ أَمر بِكُل كسرة فغرست على قبر فَقَالَ: أما إِنَّه سيهون من عذابهما مَا كَانَ رطبتين
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من اغتيب عِنْده مُؤمن فنصره جزاه الله بهَا خيرا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن اغتيب عِنْده فَلم ينصره جزاه الله بهَا فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَة شرا وَمَا الْتَقم أحد لقْمَة شرا من اغتياب مُؤمن إِن قَالَ فِيهِ مَا يعلم فقد إغتابه وَمن قَالَ فِيهِ مَا لَا يعلم فقد بَهته
وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح جيفة مُنْتِنَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَتَدْرُونَ مَا هَذِه الرّيح هَذِه ريح الَّذين يغتابون النَّاس
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا وَقع فِي الرجل وَأَنت فِي مَلأ فَكُن للرجل ناصراً وَلِلْقَوْمِ زاجراً وقم عَنْهُم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا فكرهتموه}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الرِّبَا نَيف وَسَبْعُونَ بَابا أهونهن بَابا مثل من نكح أمه فِي الإِسلام وَدِرْهَم الرِّبَا أَشد من خمس وَثَلَاثِينَ زنية وأشر الرِّبَا وأربى وأخبث الرِّبَا انتهاك عرض الْمُسلم وانتهاك حرمته
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لما عرج بِي مَرَرْت بِقوم لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون وُجُوههم وصدورهم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ويقعون فِي أعراضهم
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن الْمُسْتَوْرد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من أكل بِرَجُل مُسلم أكله فَإِن الله يطعمهُ مثلهَا من جَهَنَّم وَمن كسي بِرَجُل مُسلم ثوبا فَإِن الله يكسوه مثله من جَهَنَّم وَمن قَامَ بِرَجُل مقَام سمعة أَو رِيَاء فَإِن الله يقوم بِهِ مقَام سمعة ورياء يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَمر أَن يَصُومُوا يَوْمًا وَلَا يفطرن أحد حَتَّى آذن لَهُ فصَام النَّاس فَلَمَّا أَمْسوا جعل الرجل يَجِيء إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَيَقُول: ظللت مُنْذُ الْيَوْم صَائِما فَأذن لي فلأفطرن فَيَأْذَن لَهُ حَتَّى جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن فتاتين من أهلك ظلتا مُنْذُ الْيَوْم صائمتين فَأذن لَهما فليفطرا فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أعَاد عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا صامتا وَكَيف صَامَ من ظلّ يَأْكُل لُحُوم النَّاس اذْهَبْ فمرهما إِن كَانَتَا صائمتين أَن يستقيئا فَفَعَلَتَا فقاءت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عَلْقَمَة فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو صامتا وَبَقِي فيهمَا لأكلتهما النَّار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: لَا يتَوَضَّأ أحدكُم من الْكَلِمَة الخبيثة يَقُولهَا لِأَخِيهِ وَيتَوَضَّأ من الطَّعَام الْحَلَال
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة رضي الله عنهما قَالَا: الْحَدث حدثان حدث من فِيك وَحدث من نومك وَحدث الْفَم أَشد الْكَذِب والغيبة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: الْوضُوء من الْحَدث وأذى الْمُسلم
وَأخرج الخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رجلَيْنِ صليا صَلَاة الظّهْر أَو الْعَصْر وَكَانَا صَائِمين فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة قَالَ: أعيدا وضوءكما وصلاتكما وأمضيا فِي صومكما واقضيا يَوْمًا آخر مَكَانَهُ قَالَا: لمَ يَا رَسُول الله قَالَ: قد اغْتَبْتُمَا فلَانا
وَأخرج الخرائطي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: أَقبلت امْرَأَة قَصِيرَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جَالس قَالَت: فأشرت بإبهامي إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لقد اغتبتها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رجلا قَامَ من عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فرؤي فِي مقَامه عجز فَقَالَ بَعضهم: مَا أعجز فلَانا: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قد أكلْتُم الرجل واغتبتموه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: ذكر رجل عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: مَا أعجز فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إغتبتم الرجل قَالُوا يَا رَسُول الله: قُلْنَا مَا فِيهِ قَالَ: لَو قُلْتُمْ مَا لَيْسَ فِيهِ فقد بهتموه
وَأخرج ابْن جرير عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكر الْقَوْم رجلا فَقَالُوا: مَا يَأْكُل إِلَّا مَا أطْعم وَلَا يرحل إِلَّا مَا رَحل لَهُ وَمَا أضعفه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إغتبتم أَخَاكُم
قَالُوا يَا رَسُول الله: وغيبة بِمَا يحدث فِيهِ فَقَالَ: بحسبكم أَن تحدثُوا عَن أخيكم بِمَا فِيهِ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد والخرائطي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رضي الله عنه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من حَالَتْ شَفَاعَته دون حد من حُدُود الله فقد ضاد الله فِي أمره وَمن مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَلَيْسَ بالدينار وَالدِّرْهَم وَلكنهَا الْحَسَنَات وَمن خَاصم فِي بَاطِل وَهُوَ يُعلمهُ لم يزل فِي
سخط الله حَتَّى ينْزع وَمن قَالَ فِي مُؤمن مَا لَيْسَ فِيهِ أسْكنهُ الله ردغة الخبال حَتَّى يخرج مِمَّا قَالَ وَلَيْسَ بِخَارِج
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اذْكروا الله فَإِن العَبْد إِذا قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ كتب الله لَهُ بهَا عشرا وَمن عشر إِلَى مائَة وَمن مائَة إِلَى ألف وَمن زَاد زَاده الله وَمن اسْتغْفر غفر الله لَهُ وَمن حَالَتْ شَفَاعَته دون حد من حُدُود الله فقد ضاد الله فِي أمره وَمن أعَان على خُصُومَة بِغَيْر علم فقد بَاء بسخط من الله وَمن قذف مُؤمنا أَو مُؤمنَة حَبسه الله فِي ردغة الخبال حَتَّى يَأْتِي بالمخرج وَمن مَاتَ وَعَلِيهِ دين اقْتصّ من حَسَنَاته لَيْسَ ثمَّ دِينَار وَلَا دِرْهَم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا من رجل يَرْمِي رجلا بِكَلِمَة تشينه إِلَّا حَبسه الله يَوْم الْقِيَامَة فِي طِينَة الخبال حَتَّى يَأْتِي مِنْهَا بالمخرج
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه يُقَال للْعَبد يَوْم الْقِيَامَة: قُم فَخذ حَقك من فلَان فَيَقُول: مَا لي قبله حق فَيُقَال: بلَى ذكرك يَوْم كَذَا وَكَذَا بِكَذَا وَكَذَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد وَجَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْغَيْبَة أَشد من الزِّنَا قَالُوا يَا رَسُول الله: وَكَيف الْغَيْبَة أَشد من الزِّنَا قَالَ: إِن الرجل ليزني فيتوب فيتوب الله عَلَيْهِ وَإِن صَاحب الْغَيْبَة لَا يغْفر لَهُ حَتَّى يغفرها لَهُ صَاحبه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْغَيْبَة أَشد من الزِّنَا فَإِن صَاحب الزِّنَا يَتُوب وَصَاحب الْغَيْبَة لَيْسَ لَهُ تَوْبَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق غياث بن كَلوب الْكُوفِي عَن مطرف عَن سَمُرَة بن جُنْدُب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله يبغض الْبَيْت اللَّحْم فَسَأَلت مطرفاً مَا يَعْنِي بِاللَّحْمِ قَالَ: الَّذِي يغتاب فِيهِ النَّاس
وبإسناده عَن أَبِيه قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على رجل بَين يَدي حجام وَذَلِكَ فِي رَمَضَان وهما يغتابان رجلا فَقَالَ: أفطر الحاجم والمحجوم
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: غياث هَذَا مَجْهُول
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن أربى الرِّبَا إستطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: إِذا اغتاب رجل رجلا فَلَا يُخبرهُ بِهِ وَلَكِن يسْتَغْفر الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كَفَّارَة الْغَيْبَة أَن تستغفر لمن اغْتَبْته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن شُعْبَة قَالَ: الشكاية والتحذير ليسَا من الْغَيْبَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رضي الله عنه قَالَ: ثَلَاثَة لَيست لَهُم غيبَة الإِمام الجائر وَالْفَاسِق الْمُعْلن بِفِسْقِهِ والمبتدع الَّذِي يَدْعُو النَّاس إِلَى بدعته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: لَيْسَ لأهل الْبدع غيبَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم رضي الله عنه قَالَ: إِنَّمَا الْغَيْبَة لمن لم يعلن بِالْمَعَاصِي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أنس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من ألْقى جِلْبَاب الْحيَاء فَلَا غيبَة لَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه من طَرِيق بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَتَرْعَوْنَ عَن ذكر الْفَاجِر أذكروه بِمَا فِيهِ كي يعرفهُ النَّاس ويحذره النَّاس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: ثَلَاثَة لَيْسَ لَهُم حُرْمَة فِي الْغَيْبَة: فَاسق معلن الْفسق والأمير الجائر وَصَاحب الْبِدْعَة الْمُعْلن الْبِدْعَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يجاء بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة فتوضع حَسَنَاته فِي كفة وسيئاته فِي كفة فترجح السَّيِّئَات فتجيء بطاقة فتوضع فِي كفة الْحَسَنَات فترجح بهَا فَيَقُول يَا رب مَا هَذِه البطاقة فَمَا من عمل عملته فِي ليلِي ونهاري إِلَّا وَقد اسْتقْبلت بِهِ فَقيل: هَذَا مَا قيل فِيك وَأَنت مِنْهُ بَرِيء فينجو بذلك
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الْبُهْتَان على البريء أثقل من السَّمَوَات
الْآيَة 13
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم الْفَتْح رقي بِلَال فَأذن على الْكَعْبَة فَقَالَ بعض النَّاس: هَذَا العَبْد الْأسود يُؤذن على ظهر الْكَعْبَة وَقَالَ بَعضهم: إِن يسْخط الله هَذَا يُغَيِّرهُ فَنزلت {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بني بياضة أَن يزوّجوا أَبَا هِنْد امْرَأَة مِنْهُم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أتزوّج بناتنا موالينا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة قَالَ الزُّهْرِيّ: نزلت فِي أبي هِنْد خَاصَّة
قَالَ: وَكَانَ أَبُو هِنْد حجام النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أنكحوا أَبَا هِنْد وَانْكِحُوا إِلَيْهِ قَالَت: وَنزلت {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا خلق الله الْوَلَد إِلَّا من نُطْفَة الرجل وَالْمَرْأَة جَمِيعًا وَذَلِكَ أَن الله يَقُول: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى}
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب أَن هَذِه الْآيَة فِي الحجرات {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} هِيَ مَكِّيَّة وَهِي للْعَرَب خَاصَّة الموَالِي أَي قَبيلَة لَهُم وَأي شعاب وَقَوله {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} قَالَ: أَتْقَاكُم للشرك
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وجعلناكم شعوباً وقبائل} قَالَ: الشعوب الْقَبَائِل الْعِظَام والقبائل الْبُطُون
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشعوب الْجِمَاع والقبائل الأفخاذ الَّتِي يَتَعَارَفُونَ بهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وجعلناكم شعوباً وقبائل} قَالَ: الْقَبَائِل الأفخاذ والشعوب الْجُمْهُور مثل مُضر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وجعلناكم شعوباً وقبائل} قَالَ: الشّعب هُوَ النّسَب الْبعيد والقبائل كَمَا سمعته يَقُول فلَان من بني فلَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وجعلناكم شعوباً} قَالَ: النّسَب الْبعيد {وقبائل} قَالَ: دون ذَلِك جعلنَا هَذَا لتعرفوا فلَان بن فلَان من كَذَا وَكَذَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْقَبَائِل رُؤُوس الْقَبَائِل والشعوب الفصائل والأفخاذ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم طَاف يَوْم الْفَتْح على رَاحِلَته يسْتَلم الْأَركان بِمِحْجَنِهِ فَلَمَّا خرج لم يجد منَاخًا فَنزل على أَيدي الرِّجَال فخطبهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنْكُم عَيْبَة الْجَاهِلِيَّة وَتَكَبُّرهَا بِآبَائِهَا النَّاس رجلَانِ برٌّ تقيّ كريمٌ على الله وفاجرٌ شقيّ هّينٌ على الله وَالنَّاس بَنو آدم وَخلق الله آدم من تُرَاب
قَالَ الله {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} إِلَى قَوْله {خَبِير} ثمَّ قَالَ: أَقُول قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله لي وَلكم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي وسط أَيَّام التَّشْرِيق خطْبَة الْوَدَاع فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَلا إِن ربكُم وَاحِد أَلا إِن أَبَاكُم وَاحِد أَلا لَا فضل لعربي على أعجمي وَلَا لعجمي على عَرَبِيّ وَلَا لأسود على أَحْمَر وَلَا لأحمر على أسود إِلَّا بالتقوى إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم أَلا هَل بلغت قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله أذهب نخوة الْجَاهِلِيَّة وَتَكَبُّرهَا بِآبَائِهَا كلكُمْ لآدَم وحواء كطف الصَّاع بالصاع وَإِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم فَمن أَتَاكُم ترْضونَ دينه وأمانته فَزَوجُوهُ
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن أنسابكم هَذِه لَيست بمسيئة على أحد كلكُمْ بَنو آدم طف الصَّاع لم تملؤوه لَيْسَ لأحد على أحد فضل إِلَّا بدين وتقوى إِن الله لَا يسألكم عَن أحسابكم وَلَا عَن أنسابكم يَوْم الْقِيَامَة أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة أَمرتكُم فضيعتم مَا عهِدت إِلَيْكُم ورفعتم أنسابكم
فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أَيْن المتقون أَيْن المتقون إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: أَيهَا النَّاس إِنِّي جعلت نسبا وجعلتم نسبا فَجعلت أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم فأبيتم إِلَّا أَن تَقولُوا فلَان أكْرم من فلَان وَفُلَان أكْرم من فلَان وَإِنِّي الْيَوْم أرفع نسبي وأضع نسبكم أَلا أَن أوليائي المتقون
وَأخرج الْخَطِيب عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أوقف الْعباد بَين يَدي الله تَعَالَى غرلًا بهما فَيَقُول الله: عبَادي أَمرتكُم فضيعتم أَمْرِي ورفعتم أنسابكم فتفاخرتم بهَا الْيَوْم أَضَع أنسابكم أَنا الْملك الديّان أَيْن المتقون أَيْن المتقون إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: النَّاس كلهم بَنو آدم وآدَم خلق من التُّرَاب وَلَا فضل لعربي على عجمي وَلَا عجمي على عَرَبِيّ وَلَا أَحْمَر على أَبيض وَلَا أَبيض على أَحْمَر إِلَّا بالتقوى
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حبيب بن خرَاش القصري رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْمُسلمُونَ إخْوَة لَا فضل لأحد على أحد إِلَّا بالتقوى
وَأخرج أَحْمد عَن رجل من بني سليط قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسَمعته يَقُول: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يَظْلمه وَلَا يَخْذُلهُ التَّقْوَى هَهُنَا وَقَالَ بِيَدِهِ إِلَى صَدره وَمَا توادَّ رجلَانِ فِي الله فَيُفَرق بَينهمَا إِلَّا حدث يحدث أَحدهمَا والمحدث شَرّ والمحدث شَرّ والمحدث شَرّ
وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَي النَّاس أكْرم قَالَ: أكْرمهم عِنْد الله أَتْقَاهُم قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك قَالَ: فَأكْرم النَّاس يُوسُف نَبِي الله ابْن نَبِي الله ابْن نَبِي الله ابْن خَلِيل الله قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك
قَالَ: فَعَن معادن الْعَرَب تَسْأَلُونِي قَالُوا: نعم
قَالَ: خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الإِسلام إِذا فقهوا
وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: أنظر فَإنَّك لست بِخَير من أَحْمَر وَلَا أسود إِلَّا أَن تفضله بتقوى
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لَا أرى أحدا
يعْمل بِهَذِهِ الْآيَة {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} حَتَّى بلغ {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} فَيَقُول الرجل للرجل أَنا أكْرم مِنْك فَلَيْسَ أحد أكْرم من أحد إِلَّا بتقوى الله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: مَا تَعدونَ الْكَرم وَقد بَين الله الْكَرم وأكرمكم عِنْد الله أَتْقَاكُم وَمَا تَعدونَ الْحسب أفضلكم حسباً أحسنكم خلقا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن درة بنت أبي لَهب قَالَت: قَامَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير فَقَالَ: خير النَّاس أقرؤهم وأتقاهم لله عز وجل وَآمرهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وأنهاهم عَن الْمُنكر وأوصلهم للرحم
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْحسب المَال وَالْكَرم التَّقْوَى
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: مَا أعجب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَيْء من الدُّنْيَا وَلَا أعجبه أحد قطّ إِلَّا ذُو تقوى
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من اتَّقى الله أهاب الله مِنْهُ كل شَيْء وَمن لم يتق الله أهابه الله من كل شَيْء
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْحيَاء زِينَة والتقى كرم وَخير الْمركب الصَّبْر وانتظار الْفرج من الله عبَادَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ خيرا جعل غناهُ فِي نَفسه وتقاه فِي قلبه وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ شرا جعل فقره بَين عَيْنَيْهِ
وَأخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أوصني فَقَالَ: عَلَيْك بتقوى الله فَإِنَّهَا جماع كل خير وَعَلَيْك بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّة الْمُسلمين وَعَلَيْك بِذكر الله وتلاوة
كتاب الله فَإِنَّهُ نور لَك فِي الأَرْض وَذكر لَك فِي السَّمَاء وأخزن لسَانك إِلَّا من خير فَإنَّك بذلك تغلب الشَّيْطَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي نَضرة رضي الله عنه أَن رجلا رأى أَنه دخل الْجنَّة فَرَأى مَمْلُوكه فَوْقه مثل الْكَوْكَب فَقَالَ وَالله يَا رب إِن هَذَا لمملوكي فِي الدُّنْيَا فَمَا أنزلهُ هَذِه الْمنزلَة قَالَ: هَذَا كَانَ أحسن عملا مِنْك
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم فَإِن صلَة الرَّحِم محبَّة فِي الْأَهْل مثراة فِي المَال منسأة فِي الْأَثر
وَأخرج الْبَزَّار عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كلكُمْ بَنو آدم وآدَم خلق من تُرَاب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أَو لَيَكُونن أَهْون على الله من الْجعلَان
وَأخرج أَحْمد عَن أبي رَيْحَانَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من انتسب إِلَى تِسْعَة آبَاء كفار يُرِيد بهم عزا وكبراً فَهُوَ عاشرهم فِي النَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَربع من الْجَاهِلِيَّة لَا تتركهن أمتِي: الْفَخر بِالْأَحْسَابِ والطعن فِي الْأَنْسَاب وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم والنياحة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إثنتان فِي النَّاس هما بهما كفر: النِّيَاحَة والطعن فِي الْأَنْسَاب
الْآيَة 14
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رضي الله عنه فِي قَوْله {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا} قَالَ: أَعْرَاب بني أَسد بن خُزَيْمَة وَفِي قَوْله {وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} قَالَ: استسلمنا مَخَافَة الْقَتْل والسبي
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رضي الله عنه فِي قَوْله {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا} قَالَ: نزلت فِي بني أَسد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رضي الله عنه {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا} الْآيَة قَالَ: لم تعم هَذِه الْآيَة الْأَعْرَاب وَلكنهَا الطوائف من الْأَعْرَاب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا} قَالَ: لعمري مَا عَمت هَذِه الْآيَة الْأَعْرَاب إِن من الْأَعْرَاب لم يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَلَكِن إِنَّمَا أنزلت فِي حيّ من أَحيَاء الْعَرَب منوا بالإِسلام على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا أسلمنَا وَلم نقاتلك كَمَا قَاتلك بَنو فلَان فَقَالَ الله {لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا وَلما يدْخل الإِيمان فِي قُلُوبكُمْ}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن دَاوُد بن أبي هِنْد أَنه سُئِلَ عَن الإِيمان فَتلا هَذِه الْآيَة {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} قَالَ: الإِسلام الإِقرار والإِيمان التَّصْدِيق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: ترى أَن الإِسلام الْكَلِمَة والإِيمان الْعَمَل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص أَن نَفرا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ إِلَّا رجلا مِنْهُم فَقلت: يَا رَسُول الله: أَعطيتهم وَتركت فلَانا وَالله إِنِّي لأراه مُؤمنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَو مُسلم ذَلِك ثَلَاثًا
وَأخرج ابْن قَانِع وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قسم قسما فَأعْطى أُنَاسًا وَمنع آخَرين فَقلت يَا رَسُول الله: أَعْطَيْت فلَانا وَفُلَانًا ومنعت فلَانا وَهُوَ مُؤمن فَقَالَ: لَا تقل مُؤمن وَلَكِن قل مُسلم
وَقَالَ الزُّهْرِيّ {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا}
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الايمان معرفَة بِالْقَلْبِ وَإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَعمل بالأركان
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الإِسلام عَلَانيَة والإِيمان فِي الْقلب ثمَّ يُشِير بِيَدِهِ إِلَى صَدره ثَلَاث مَرَّات وَيَقُول: التَّقْوَى هَهُنَا التَّقْوَى هَهُنَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا} الْآيَة قَالَ: وَذَلِكَ أَنهم أَرَادوا أَن يتسموا باسم الْهِجْرَة وَلَا يتسموا بِأَسْمَائِهِمْ الَّتِي سماهم الله وَكَانَ هَذَا أول الْهِجْرَة قبل أَن تتْرك الْمَوَارِيث لَهُم
قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تطيعوا الله وَرَسُوله} الْآيَة
أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لَا يلتكم} بِغَيْر ألف وَلَا همزَة مَكْسُورَة اللَّام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن شهر رَمَضَان فرض عَلَيْكُم صِيَامه وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ بعد الْفَرِيضَة نَافِلَة لكم وَالله لَا يلتكم من أَعمالكُم شَيْئا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا يلتكم} قَالَ: لَا يظلمكم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {لَا يلتكم} لَا ينقصكم
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {لَا يلتكم} قَالَ: لَا ينقصكم بلغَة بني عبس
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الحطيئة الْعَبْسِي أبلغ سراة بني سعد مغلغلة جهد الرسَالَة لَا ألتاً وَلَا كذبا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {لَا يلتكم} لَا يظلمكم من أَعمالكُم شَيْئا {إِن الله غَفُور رَحِيم} قَالَ: غَفُور للذنب الْكَبِير رَحِيم بعباده
الْآيَات 15 - 16
أخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ فِي الدُّنْيَا على ثَلَاثَة أَجزَاء: الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله ثمَّ لم يرتابوا وَجَاهدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذِي أَمنه النَّاس على أَمْوَالهم وأنفسهم ثمَّ الَّذِي إِذا أشرف على طمع تَركه لله
الْآيَات 17 - 18
أخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن أبي أوفى أَن أُنَاسًا من الْعَرَب قَالُوا يَا رَسُول الله: أسلمنَا وَلم نقاتلك كَمَا قَاتلك بَنو فلَان فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} الْآيَة
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَت بَنو أَسد إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله: أسلمنَا وقاتلك الْعَرَب وَلم نقاتلك فَنزلت هَذِه الْآيَة {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أَتَى قوم من الْأَعْرَاب من بني أَسد إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالُوا: جئْنَاك وَلم نقاتلك فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا}
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: لما فتحت مَكَّة جَاءَ ناسٌ فَقَالُوا يَا رَسُول الله: إِنَّا قد أسلمنَا وَلم نقاتلك كَمَا قَاتلك بَنو فلَان فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا}
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قدم عشرَة رَهْط من بني أَسد على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أول سنة تسع وَفِيهِمْ حضرمي بن عَامر وَضِرَار بن الْأَزْوَر ووابصة بن معبد وَقَتَادَة بن الْقَائِف وَسَلَمَة بن حُبَيْش ونقادة بن عبد الله بن خلف وَطَلْحَة بن خويلد وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِد مَعَ أَصْحَابه فَسَلمُوا وَقَالَ متكلمهم: يَا رَسُول الله إِنَّا شَهِدنَا أَن الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَنَّك عَبده وَرَسُوله وَجِئْنَاك يَا رَسُول الله وَلم تبْعَث إِلَيْنَا بعثاً وَنحن لمن وَرَاءَنَا سلم فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} الْآيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَعْطَانِي رَبِّي السَّبع الطوَال مَكَان التَّوْرَاة والمئين مَكَان الإِنجيل وفضلت بالمفصل
وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير عَن أبي قلَابَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَعْطَيْت السَّبع مَكَان التَّوْرَاة وَأعْطيت المثاني مَكَان الإِنجيل وَأعْطيت كَذَا وَكَذَا مَكَان الزبُور وفضلت بالمفصل
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الطوَال مَكَان التَّوْرَاة والمئين كالإِنجيل والمثاني كالزبور وَسَائِر الْقُرْآن بعد فضل على الْكتب
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (50)
سُورَة ق
مَكِّيَّة وآياتها خمس وَأَرْبَعُونَ
مُقَدّمَة سُورَة ق أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة ق بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت الْمفصل بِمَكَّة فَمَكثْنَا حجَجًا نقرأوه لَا ينزل غَيره
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن عَسَاكِر عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنَّهَا لما ضربت يَده قَالَ: وَالله إِنَّهَا لأوّل يَد خطت الْمفصل
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن وَاثِلَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطوَال وَأعْطيت مَكَان الزبُور المئين وَأعْطيت مَكَان الْإِنْجِيل المثاني وفضلت بالمفصل
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن لكل شَيْء لبابا وَإِن لباب الْقُرْآن الْمفصل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أَوْس بن حُذَيْفَة قَالَ: قدمنَا فِي وَفد ثَقِيف فَسَأَلت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كَيفَ تجزئون الْقُرْآن قَالُوا: ثلث وَخمْس وَسبع وتسع وَإِحْدَى عشرَة وَثَلَاث عشرَة وحزب الْمفصل وَحده
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: مَا من الْمفصل سُورَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا وَسمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يأم بهَا النَّاس فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَمُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْفجْر {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد}
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن قُطْبَة بن مَالك قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر فِي الرَّكْعَة الأولى {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد}
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ فِي الْعِيد بقاف وإقتربت
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم هِشَام ابْنة حَارِثَة قَالَت: مَا أخذت {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} إِلَّا من فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ بهَا كل يَوْم جُمُعَة على الْمِنْبَر إِذا خطب النَّاس
وَأخرج ابْن سعد عَن أم صبية خَوْلَة بنت قيس الجهنية قَالَت: كنت أسمع خطْبَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْجُمُعَة وَأَنا فِي مُؤخر النِّسَاء فَأَسْمع قِرَاءَته {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} على الْمِنْبَر وَأَنا فِي مُؤخر الْمَسْجِد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تعلمُوا (عَم يتساءلون) وتعلموا {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} وتعلموا (والنجم إِذا هوى)(وَالسَّمَاء ذَات البروج)(وَالسَّمَاء والطارق)
الْآيَات 1 - 11