الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بماذا أدعو
؟
تدعو بما تعرف من العلم، وكذلك عن طريق توزيع الكتب والأشرطة، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن قال له: «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة
…
».
عرفه النبي صلى الله عليه وسلم بحال المدعو حتى يتهيأ لأسئلته ونقاشه ويعرف مدخله ومخرجه ثم أعلمه إلى ماذا يدعو؟ فبدأ بالتوحيد ثم الصلاة وهكذا.
والحكمة مطلوبة في الدعوة، فالمؤمن كيس فطن أذكر موقفًا: لو كان لدينا مجموعة من المصاحف وهي مصاحف مراجعة إملائيًا وطباعيًا من الإفتاء ومن جهة إشرافية أوكلت لهما مهمة المراجعة، ومطبوع في مجمع الملك فهد بالمدينة، وفيه تصريح وأمر بالطبع من أعلى سلطة هنا، لو وقفنا في الشارع وبدأنا نوزع
…
اجتمع واحد وثلاثة وعشرة وكثر الزحام وارتفعت الأصوات واختلط الحابل بالنابل، جاء رجل المرور لأننا أعقنا حركة السير، ثم جاء
…
! تحول الأمر إلى مشكلة هل أخطأنا أم لا؟ نعم، أخطأنا في آلية التوزيع وليس من الحكمة التوزيع هكذا.
قد ينتج عن هذا التصرف رد فعل قوي من الإدارة فتوقف مثلاً توزيع المصحف، فنكون بذلك من أسباب قطع هذا الخير.
لابد من مراعاة الآداب الشرعية والأخلاق المرعية حتى لا يقع الإنسان في حرج وحتى لا يفسد عليه هذا الطريق.
من أدعو؟
أولاً: تدعوا نفسك التي بين جنبيك قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: 1 - 7] وهذه في تربية النفس.
وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9].
قال ابن القيم رحمه الله: «جماع ذلك أن يحاسب الإنسان نفسه أولاً على الفرائض، فإن تذكر فيها نقصًا تداركه، إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسب نفسه على المنهيات، فإن عرف أنه وقع في شيء منها تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله -تعالى-.
وليس معنى؛ أن يدعو نفسه ويتوقف عن دعوة الآخرين، بل هنا وهناك.
ثانيًا: أن تدعو من حولك من الأقارب والوالدين وامتثالاً لأمر الله عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، من الوالدين والزوجة والأبناء والإخوة والأخوات، وهؤلاء إن استجابوا للداعي كانوا أعوانًا وأنصارًا له في دعوته، ثم تأتي إلى المجال الأوسع والأرحب أماكن العلم الدائمة، أماكن الزيارات والأمر واسع جدًا ولعلك تسد ثغرة في أسرتك، بل لعلك تفعل
أقاربك وتدفعهم إلى الأعمال الدعوية، وأعظم به من أجر.
ولكل ميسر لما خلق له، فكل إنسان في مجاله أرأيت العالم المشهور كيف هي دعوته؟ ثم أرأيت المعلم بين طلابه؟ أرأيت العامل في عمله؟ لكل سهم من سهام الدعوة والناس في ذلك ما بين مقل ومستكثر.
وأذكر قصة طريفة لكنها من الناحية الدعوية مهمة، موظف صغير الرتبة يعمل في قسم المواعيد في أحد المستشفيات، يحيل الرجال إلى الطبيب والنساء إلى الطبيبة، فانظر إلى عمله الدعوي البسيط في أعين بعض الناس وهو عظيم في حفظ حرمات المسلمين.
وهنا أمر هام: ألا وهو الهمة في الدعوة إذا وجدت الهمة والحرص تيسر ما بعدها، لأنه سوف يسأل ويبحث ويفكر وسوف يصل بإذن الله إلى ما يريد.
والإنسان يدعو حسب الوسائل المتيسرة، يوسف عليه السلام دعا في السجن مع عدم توفر الوسائل المعينة، موسى عليه السلام عنده ضعف في الكلام كما ذكر الله عنه، ومع ذلك بعث رسولاً نبيًا، وفي هذا حجة على من كان لديه نقص في إيصال المعلومة مثلاً، يستعين بالوسائل التي توصل المعلومة وينتهي ذلك العذر!