المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد علم وقوع الساعة إلى الله سبحانه وتعالى - الدفاع عن الله ورسوله وشرعه - جـ ٨

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ الرد على كتاب عمر أمة الإسلام [1]

- ‌إحاطة الفتن بالمسلمين من كل جانب

- ‌مخالفة كتاب عمر أمة الإسلام لمنهج أهل السنة في تحديد وقت قيام الساعة

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في مسائل الغيب

- ‌الدلائل القرآنية على أن الغيب لا يعلمه إلا الله

- ‌الأنبياء ومعرفة علم الغيب

- ‌حرمة إتيان الكهنة

- ‌إطلاع الله تعالى بعض رسله على الغيب

- ‌بيان آجال الأمم المعلومة لله تعالى

- ‌أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد علم وقوع الساعة إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌الإخبار عن اقتراب وقوع الساعة

- ‌الإخبار بمجيء الساعة بغتة

- ‌الأدلة من السنة على كون الساعة غيباً لا يعلمه إلا الله

- ‌حديث بعثه صلى الله عليه وسلم والساعة

- ‌أحاديث قيام الساعة على المتبايعين وحالب ناقته وغيرهم

- ‌حديث جبريل في سؤاله عن الساعة

- ‌حديث الأعرابي السائل عن الساعة

- ‌حديث سؤال الأعراب عن الساعة

- ‌سبب نزول قوله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها)

- ‌حديث مفاتح الغيب الخمسة

- ‌حديث الإخبار عما لا يعلمه إلا الله من العلم

- ‌حديث الإخبار عن وقوع الساعة يوم الجمعة

الفصل: ‌أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد علم وقوع الساعة إلى الله سبحانه وتعالى

‌أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد علم وقوع الساعة إلى الله سبحانه وتعالى

قال تعالى في سورة الأعراف في الآيتين (187 - 188): {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:187 - 188].

وقد رجح الحافظ ابن كثير: أن هذه الآية نزلت في مشركي مكة، وكانوا يسألون عن وقت الساعة استبعاداً لوقوعها وتكذيباً بوجودها، كما قال تعالى:{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس:48].

وقال الله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا} [الشورى:18]، أي: يقولون: متى هي؟ فإن كنت صادقاً فائت بها، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشورى:18]، أي: خائفون وجلون موقنون بأنها قادمة لا محالة، {وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} [الشورى:18]، والذين يمارون في الساعة ويقولون بتحديد أوقاتها وأوصافها فإنما هم في ضلال بعيد.

وقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [الأعراف:187] أي: متى وقتها وآخر مدة الدنيا الذي هو أول وقت الساعة؟ {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف:187].

ولا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام هو أعلم الخلق بالله وبآياته، ومع هذا فإن الله تبارك وتعالى أمره أن يرد علم الساعة على جهة الخصوص إليه سبحانه، فهو يقول له: يا محمد! مثلك مثل بقية الخلق لا تعلم عن وقت تعيينها وتحديدها شيئاً، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف:187].

فأمره سبحانه إذا سئل عن الساعة وعن وقتها أن يرد علمها إلى الله تعالى؛ فهو سبحانه الذي يعلم أمرها ووقتها على جهة التحديد، ولا يعلم ذلك غيره، ولهذا قال:{ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعراف:187].

قال قتادة: ثقل علمها على أهل السماوات والأرض.

واختار هذا المعنى ابن جرير، ورجحه على غيره من التأويل.

وقال السدي عليه رحمة الله: خفيت في السماوات والأرض -يعني: خفيت على الملائكة كما خفيت على الرسل- فلا يعلم قيامها حين تقوم ملك مقرب ولا نبي مرسل.

ولذلك قال: {لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} [الأعراف:187]، ولفظ:((لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)) ورد في غير ما آية من كتاب الله عز وجل؛ ليدل على أن الأمر إنما يأتي فجأة، ولا يسبقها إلا أمارات وعلامات تدل عليها، وأما أن يطلع أحد أو يظن ظناً أن الساعة آتية بعد عدة أعوام فلا شك أن هذا من باب الرجم بالغيب، ((لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)) أي: فجأة، فتبغتهم بقيامها وتأتيهم على غفلة.

وقوله: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} [الأعراف:187]، أي: كأنك عالم بها من كثرة ما استحفيت من السؤال عنها، وكأنك لكثرة ما استحفيت من السؤال عنها جاءك علمها، وهذا أرجح الأقوال.

فنفى الله عز وجل أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام عنده شيء من علم الساعة، أي: من علم قيامها ووقتها وتعيينها وتحديدها، فقد أخفى الله علمها على خلقه، ولهذا قال:{قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف:187]، أي: ليس عند أحد من الخلق.

وقوله: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف:188]، أي: لا أملك لنفسي جلب خير ولا دفع ضر ولا شر إلا ما ملكني ربي وأمكنني فيه، فكيف أعرف علم وقت الساعة؟! {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [الأعراف:188]، والمعنى: لو كنت أعلم الغيب لأجبت عن كل ما أسأل عنه، ولو كنت أعلم الغيب لأخذت حذري وما مسني السوء، كما أفاده القرطبي في التفسير.

وقال تعالى في سورة يونس في الآية رقم (20) رداً على مشركي مكة في طلبهم الآيات على سبيل التعجيز لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} [يونس:20].

ص: 10