المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يوم الأحزاب وما فيه من أحداث - السيرة النبوية - راغب السرجاني - جـ ٢٨

[راغب السرجاني]

الفصل: ‌يوم الأحزاب وما فيه من أحداث

‌يوم الأحزاب وما فيه من أحداث

جاءت الأحزاب في شوال سنة (5هـ) بعدد قوامه (10000) مقاتل من مشركي قريش وغطفان وبني سليم وغيرهم، ولم يكتف الرسول عليه الصلاة والسلام بحفر الخندق، بل جمع الصحابة الثلاثة آلاف الذين اشتركوا في الحفر، ونظّم نقط حراسة للخندق وفرق قتال وكتائب مقاومة؛ ليمنع المشركين من تخطي الخندق تحت أي ظرف، وتفاجأت الأحزاب بالخندق أمامهم، فقد وضعوا في حسبانهم كل شيء إلا هذا الخندق، قالوا: هذه مكيدة ما عرفتها العرب، وصدقوا، ولكنهم نسوا أن المسلمين ليسوا عرباً فقط، وبدأ المسلمون في رمي المشركين بالنبال؛ ليمنعوهم من عبور الخندق أو ردمه، وحاول المشركون بكل ضراوة أن يقتحموا الخندق، ونجحوا فعلاً في العبور من مكان ضيق في الخندق بفرقة على رأسها أحد أبطالهم، وكان اسمه عمرو بن عبد ود، ومعه عكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وغيرهم من فرسان قريش، لكن تصدى لهم المسلمون، وحدثت مبارزة رهيبة بين عمرو بن عبد ود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومنّ الله عز وجل على البطل الإسلامي العظيم علي بن أبي طالب بقتل الفارس القرشي الكبير عمرو بن عبد ود، وهرب بقية القوم الذين كانوا معه، وتكررت محاولات المشركين مرات، وتصدى أسيد بن حضير بكتيبة من مائتي مسلم لفرقة فرسان بقيادة خالد بن الوليد، واستطاع أن يردهم منهزمين، وأحياناً كان يدور الصراع حول الخندق لفترات طويلة، حتى إنه في أحد الأيام ظل المسلمون يدافعون عن الخندق قبل صلاة العصر حتى بعد صلاة المغرب، وضاعت عليهم صلاة العصر، والحدث هذا فريد في السيرة، ونادر جداً أن يضيع فرض على المسلمين، وهز هذا الأمر المسلمين، كيف يمكن أن تضيع منهم صلاة؟ حتى قال صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري:(ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس)، بل إن في مسند أحمد بن حنبل والشافعي رحمهما الله: أن الكفار أضاعوا على المسلمين في أحد الأيام صلاة الظهر والعصر والمغرب، فصلوها جميعاً مع العشاء.

إذاً: المقاومة فعلاً كانت شرسة، وأُصيب فيها الكثير من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، وطال الحصار شهراً كاملاً، والموضوع كما هو صعب على المسلمين كذلك كان صعباً على الكفار:{إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} [النساء:104]، وقد سبق الكلام على ذلك في غزوة أحد، ولم يستطع الكفار أن يتصرفوا، حتى جاء الحل من قبل اليهود، فاليهود هم الذين جمعوا هذه الأعداد بكاملها، وما زالوا يريدون استئصال المسلمين، فما هو الحل؟

ص: 10