المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم الراية في خيبر لعلي رضي الله عنه - السيرة النبوية - راغب السرجاني - جـ ٣٤

[راغب السرجاني]

فهرس الكتاب

- ‌فتح خيبر

- ‌أسباب فتح خيبر

- ‌أهداف سرعة خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر

- ‌سبب عدم قبول الرسول صلى الله عليه وسلم خروج المنافقين معه إلى خيبر

- ‌قرارات الرسول صلى الله عليه وسلم في تأمين عملية اجتياح خيبر

- ‌عوامل ومقومات النصر في جيش الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر

- ‌إعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم الراية في خيبر لعلي رضي الله عنه

- ‌بدء تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تجاه حصون خيبر بعد إصرار اليهود على الحرب

- ‌فتح الرسول صلى الله عليه وسلم لحصون خيبر واحداً تلو الآخر

- ‌فتح الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لحصن ناعم بعد قتل مرحب وأخيه ياسر

- ‌فتح الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لحصن الصعب بن معاذ

- ‌فتح الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لحصن قلعة الزبير

- ‌فتح الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته لحصني أبي والنزار من الشق

- ‌حصار الرسول صلى الله عليه وسلم لحصن القموص وتسليم حصني الوطيح والسلالم

- ‌وقفة مع قتال الرسول صلى الله عليه وسلم لليهود بخيبر ومقارنة ذلك بقتال غير المسلمين

- ‌مصالحة الرسول صلى الله عليه وسلم ليهود خيبر

- ‌الحكمة من زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌مؤامرات اليهود ضد المسلمين بعد غزوة خيبر

- ‌الآثار المترتبة على غزوة خيبر

الفصل: ‌إعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم الراية في خيبر لعلي رضي الله عنه

‌إعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم الراية في خيبر لعلي رضي الله عنه

بعد أن استقر الجيش الإسلامي في مكانه الجديد، قام صلى الله عليه وسلم وخطب في الناس وقال لهم:(لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه).

واضح جداً من هذا الوصف أن من يفتح الله عز وجل على يديه البلاد، ويمكن له في الأرض وينصره على أعدائه لا بد لهذه الشخصية أن تكون محبة لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن تكون محل حب الله عز وجل وحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، هذه الصفة لا تأتي إلا بموافقة تامة للشرع وبصدق كامل في النية، والله عز وجل مطلع على القلوب، ولا يعطي نصره إلا لمن أحب سبحانه وتعالى.

وهذا الأمر ينطبق على كل مراحل التمكين في حياة الأمة الإسلامية، وعلى كل انتصارات الأمة الإسلامية، فأنت إذا رأيت الله عز وجل نصر خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، أو نصر عمرو بن العاص، أو نصر صلاح الدين الأيوبي، أو سيف الدين قطز، أو يوسف بن تاشفين أو أي إنسان مكن له في الأرض ونصر، فاعلم أن هذه علامة من علامات حب الله عز وجل للعبد.

فالرسول صلى الله عليه وسلم لما قال هذه الكلمات وأصبح في اليوم الثاني جاء الناس جميعاً متشوفين لحمل هذه الراية، فقال صلى الله عليه وسلم:(أين علي بن أبي طالب؟ فقال الناس: يا رسول الله! هو يشتكي عينيه، فأرسل إليه) فسيدنا علي بن أبي طالب كان عنده رمد في عينيه، وكان لا يرى إلا بصعوبة، فهم قالوا: يا رسول الله! إنه مريض به رمد في عينيه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أصر على الإتيان بـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فلما جاء بصق صلى الله عليه وسلم في عينيه فبرئ علي بن أبي طالب كأن لم يكن به أي مرض، وأعطاه صلى الله عليه وسلم الراية، وكان الجميع يرى أن ظروف علي بن أبي طالب لا تسمح له بالقيادة، ولكن رب العالمين سبحانه وتعالى يسر له ذلك الأمر، فإن كنت صادقاً فسيفتح الله لك أبواب العمل، وأبواب التوفيق إلى عمل، حتى وإن كانت الظروف صعبة والمعوقات كثيرة، قال الله عز وجل في كتابه الكريم:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

فأخذ سيدنا علي الراية وقال: (يا رسول الله! أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟) فقال صلى الله عليه وسلم موضحاً الغاية من الحرب في الإسلام: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيهم، فوالله! لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم).

يبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن إسلام هؤلاء أحب إليه من أموالهم ومن ديارهم ومن سلطانهم ومن كل شيء، فمع كل التاريخ الأسود لليهود، ومع كل المحاولات المضنية التي بذلوها لاستئصال المسلمين في المدينة المنورة، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما زال إلى هذه اللحظة حريصاً تمام الحرص على إسلامهم وهدايتهم إلى رب العالمين سبحانه وتعالى.

ص: 7