الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* قوله: "وإن نوى بتيممه أحداثًا".
* صفة التراب المشترط للتيمم.
* هل يصح أن يتيمم عن نجاسة على البدن، والبقعة؟
* قوله: "وتجب النية لما يتيمم له من حدث وغيره".
* مسائل في النية فيما يتعلق بالتيمم.
* مبطلات التيمم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
شرعنا في باب التيمم ذكرنا ما يتعلق به من مسائل أولية من حيث الحد والشرط فهو تحقيق شرطين التيمم وهما دخول الوقت كذلك عدم الماء لابد من تحقيق هذين الشرطين، وتوقفنا عند قول المصنف رحمه الله تعالى (وإن نوى بتيممه أحداثاً أو نجاسة على بدنه تضره إزالتها أو عدم ما يزيلها أو خاف برد أو حبس في مصر فتيمم أو عدم الماء والتراب صلى ولم يعد) هذا ما يتعلق ببعض المسائل التي يشرع فيها التيمم على جهة التفصيل ثَمَّ مسائل مشهورات يحتاجها من أراد التيمم لأنه بدل عن طهارة الماء كما سبق بيانه (وإن نوى بتيممه أحداثاً) بمعنى أنه الشأن هنا كالشأن في الوضوء فالوضوء رفع الحدث إنما يكون باستعمال الماء في الأعضاء الأربعة ثم ماذا ينوي؟ ينوي رفع الحدث عن هذه الأسباب كلها فلو بال وخرج منه ريح ونام هذه أسباب يترتب عليها الحدث، الحدث قائم بالبدن - حينئذٍ - يتوضأ وينوي رفع بوضوئه رفع هذه الأحداث كلها هل الشأن في التيمم كالشأن في الوضوء؟ الجواب نعم ولذلك قال (وإن نوى بتيممه أحداثاً) (نوى) أي قصد بتيممه أحداثاً أي أسباب الأحداث لأن الأحداث جمع حدث والحدث كما مر معنا أنه لا يتبعض لأنه وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة - حينئذٍ - هو وصف شيء واحد ولذلك لا يتبعض ولا يتجزأ إما أن يوجد كله وإما أن يرتفع كله وأما رفع البعض مع وجود البعض هذا لا نظير له في الشرع (وإن نوى بتيممه أحداثاً) أي أسباب الحدث هذه الأحداث متنوعة ولذلك جمعها المصنف هنا يعني ليس المراد حدث واحد أخرج بولاً ثم بال ثم بال لا المراد أنه تنوعت الأحداث بال وتغوط ونام وخرج منه ريح هذه أسباب أحداث موجبة للحدث - حينئذٍ - (نوى بتيممه أحداثاً) متنوعة هذه الأحداث قد توجب وضوء وهي نواقض الوضوء أو توجب غسلاً وهي موجبات الغسل لأن التيمم محل اتفاق أنه يكون عن الحدث الأصغر ويكون عن الحدث الأكبر الحدث الأصغر بنص القرآن والحدث الأكبر وقع نزاع في أول الأمر عن الصحابة ثم حصل الإجماع على أنه يكون عنه كذلك ولذلك قال [توجب وضوء أو غسلاً] أجزأه عن الجميع أما الحدث الأكبر فلقوله (أو لامستم) الملامسة الجماع كما هو في تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنه ولحديث عمران بن حصين في الرجل الذي انعزل (فقال: أصابتني جنابة ولا ماء) (أصابتني جنابة - إذاً حدث أكبر - ولا ماء؛ فقال: عليك بالصعيد فإن يكفيك) إذاً هذه طهارة عن الحدث الأكبر والحائض إذا انقطع دمها فهي كالجنب - حينئذٍ - أخذت حكمه وأما الأصغر فبالإجماع لقوله جل وعلا (أو جاء أحد منكم من الغائط) وكذلك حديث (الصعيد الطيب وضوء المسلم) إذاً الخلاصة أن التيمم يكون عن الحدث الأصغر هذا محل إجماع ونص وارد فيه في آية المائدة كذلك الحدث الأكبر وهو محل إجماع وإن وقع نزاع في أول الأمر لكن أجمعت الأمة بعد ذلك على أنه مشروع لهما إذاً إذا نوى بتيممه أحداثاً أجزأه ولذلك جاء النص النبوي مبيناً للقاعدة العامة (إنما الأعمال بالنيات) والتيمم عمل فدخل في منطوق هذا
النص (إنما الأعمال بالنيات) - حينئذٍ - إذا نوى بتيممه كل الأحداث - حينئذٍ - يترتب عليه ما يترتب على الوضوء وكذا لو نوى أحدها - حينئذٍ - يرتفع الباقي يعني لو نوى بتيممه ما يترتب على خروج الريح ولم يتعرض لخروج البول مثلاً أجزأه لأنه لا يشترط أن ينوي كل الأسباب لكن لو نوى كل الأسباب أجزأه لو نوى سبب واحداً بشرط عدم نية أن لا يريد الثاني - حينئذٍ - ارتفع وأعبر هنا بارتفاع بناء على الأغلب والمراد به الاستباحة لأن التيمم على الصحيح لا يرفع الحدث أو نوى بتيممه الحدثين جمع بينهما - حينئذٍ - نقول يجزئ على الصحيح وإن ثَمَّ خلاف بين أهل العلم ولا يكفي أحدهما عن الآخر لو نوى بتيممه الحدث الأصغر وعليه الحدث الأكبر ولم ينوي الحدث الأكبر قال المصنف الشارح [لا يجزئه] أو نوى الحدث الأكبر ولم ينوي الأحدث الأصغر قالوا لا يجزئه؛ لماذا؟ لقول صلى الله عليه وسلم (وإنما لكل امرئ ما نوى) هذا نوى الحدث الأصغر ولم ينوي الأكبر فلا يتحقق له إلا الأصغر والعكس بالعكس وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه يجزئه لو نوى أحد الحدثين ولم ينوي الآخر فإن قيل بأنه لو نوى الأكبر دخل فيه الأصغر على القاعدة السابقة أجزأ وأما إذا نوى الأصغر ولم ينوي الأكبر فهذا محل نظر لعموم حديث (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا لم ينوي الحدث الأكبر - حينئذٍ - نقول هو طهارة مستقلة والحدث الأصغر كذلك طهارة مستقلة كل منهما عبادة مستقلة فالوضوء عبادة مستقلة والغسل من الجنابة عبادة مستقلة إن نوى بغسله رفع الحدث الأصغر أجزأ وهذا محل وفاق حكينا فيه إجماع وإن كان فيه خلاف عند بعض المتأخرين يعني اغتسل للجنابة ولم يتوضأ هل يجزئ أو لا يجزئ؟ هل يشترط أن يتوضأ بعد غسله؟ الصحيح لا لكن بشرط أن لا يأتي بناقض ولو أثناء غسله كأن لا يمس ذكره أو دبره فإن مس انتقض وضوؤه وأما إذا بقي منذ أن ابتدأ غسله إلى أن انتهى ولم يمس عضوه - حينئذٍ - هذا يجزئ ويصلي مباشرة ولا يحتاج إلى وضوء ولو لم يتوضأ يأتي بالسنة في أول الغسل لأن السنة أن يتوضأ أولاً ثم بعد ذلك يعمم بدنه سواء توضأ أو لا نقول هذا الغسل رافع للحدث الأصغر لماذا؟ لأنه إذا نوى النوعين فهو واضح وإن لم ينوي نقول الله عز وجل إنما بين بقوله (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) إلى قوله (وإن كنتم جنباً فاطهروا) والكلام هنا في القائم إلى الصلاة؛ القائم إلى الصلاة الذي يريد أن يصلي إما أن يكون محدث حدثاً أصغر وإما أن يكون محدثاً أكبر؛ أوجب عليه إن كان محدثاً حدثاً أصغر بأول الآية الوضوء وأوجب عليه إن كان محدثاً حدثاً أكبر بقوله (فاطهروا) يعني اغتسلوا ولم يوجب عليه الوضوء لأن مرحلتان هنا عندنا حدث حدث أصغر وحدث أكبر فأوجب عليه الطهارة الكبرى ولم يوجب عليه الوضوء لأنه قال (وإن وكنتم جنباً) يعني لستم محدثين حدثاً أصغر وإنما كنتم على جنابة (فاطهروا) أي اغتسلوا ولم يوجب عليه الوضوء فدل ذلك على أن من كان محدثاً حدثاً أكبر إنما يجب عليه الغسل فحسب ولم يوجب عليه الرب جل وعلا الوضوء الكلام في التيمم الأصل أنه يأخذ حكمه - حينئذٍ - إذا نوى بتيممه الحدث الأكبر
دخل فيه الأصغر وأما العكس شيخ الإسلام ابن تيمية نسب إلى الجمهور أنه جائز وهذا محل إشكال بالنسبة للقاعدة السابقة، (أو نجاسة على بدنه تضره إزالتها أو عدم ما يزيلها) النجاسة، الطهارة إما أن تكون طهارة حدث وإما أن تكون طهارة خبث يعني إزالت النجاسة وكل منهما لا يرتفع الحدث ولا تزال النجاسة إلا بالماء الحدث محل وفاق الطهارة الصغرى والكبرى لا يرتفع الحدث إلا بالماء ولا يرفع الحدث إلا الماء الطهور وإزالت النجاسة هذه محل نزاع كما سبق في أول الكتاب هل تزال النجاسة بغير الماء أم لا؟ أما بالماء هذا محل وفاق لكن بغير الماء من المائعات سواء كان الماء طاهراً أو مائعاً من المائعات كالخل ونحوه الصحيح أنه لا ترفع لا تزال النجاسة إلا بالماء هنا قال (أو نجاسة على بدنه) لا شك أن النجاسة قد تكون على البدن وقد تكون على الثوب وقد تكون على البقعة المكان وهنا التيمم لأي شيء؟ للصلاة كما أن الوضوء والغسل إنما المراد بها الأحكام لبيان ما يتعلق بالصلاة لأن كتاب الطهارة كله إنما هو مقدمة للصلاة ولذلك قال بعض الفقهاء انظر عظم شأن الصلاة أن جعل ما يقارب خمس مئة حديث كله لبيان ما يشرع للمرء قبل الدخول في الصلاة شيء عظيم فكل الذي يدرس ومن الأحاديث أو ما يتعلق من المتون الفقيه مسائل عديدة جداً مراده في الغاية العامة هو ما يتلبس به المرء قبل الشروع في الصلاة هذا يدل على عظم الصلاة في الشريعة وأن الله عز وجل عظم شأنها بأنه لا يدخل المرء عليه إلا وهو طاهر ومتطهر ظاهراً وباطناً - حينئذٍ - النجاسة إنما تزال في الأصل لمن أراد الصلاة فيشترط في صحة الصلاة اجتناب النجاسات في البدن وفي الثوب وفي البقعة - حينئذٍ - إذا كانت النجاسة على المكان على البقعة قولاً واحداً أنه لا يتيمم عنها قولاً واحداً باتفاق وإذا كانت النجاسة على الثوب فيه خلاف والمذهب أنه لا يتيمم عنها كذلك بقي النوع الثالث وهو النجاسة على البدن قالوا لابد أن يكون طاهراً من الحدث ومن النجس فطهارة الحدث الأصل فيها الماء فإذا لم يوجد الماء انتقل إلى التيمم كذلك الخبث إذا كان على البدن لابد من إزالت هذه النجاسة فالأصل فيها أن الماء فإذا لم يوجد الماء عدلنا إلى البدل الذي هو التيمم قياساً على رفع الحدث كما أنه يرفع الحدث من أجل الدخول في الصلاة بالتيمم إذا لم يوجد الماء كذلك إذا وجدت النجاسة على البدن الأصل إزالتها بالماء فإذا لم يوجد الماء - حينئذٍ - عدلنا إلى التيمم إذاً من باب القياس ولذلك قال (أو نجاسة) يعني (أو) نوى بتيممه (نجاسة) نجاسة هذه معطوف على قوله (أحداثاً)(نوى بتيممه أحداثاً)(أو نجاسة على بدنه)(على بدنه) جار ومجرور متعلق بقوله (نجاسة) كيف تعلق به لأنه مصدر والمصدر من متعلقات الجار والمجرور كذلك الظرف، إذاً نوى نجاسة على بدنه لا تقل على بدنه وتعلق قوله نوى ما يصح هذا نوى على بدنه ما يصح إن كان نوى على بدنه وإنما نوى ماذا؟ (نجاسة) يعني نوى بتيممه رفع أو استباح ما يترتب على النجاسة من المنع (على بدنه) متعلق بنجاسة مفهومه مفهوم المخالفة ما هو؟ ما هو مفهوم المخالفة؟ ما هو مفهوم المخالفة؟ - لا إله إلا الله - قدمته مقدمة أولاً
مفهومه على المذهب أنه لا يتيمم عن نجاسة على بقعة ولا على ثوب إذاً قوله على بدنه مفهومه أنه لا ينوي نجاسة على بقعته وهذا قولاً واحداً وكذلك على ثوبه وإنما خص المذهب مذهب الحنابلة النجاسة التي تكون على البدن وحفظ أن هذه المسألة من المفردات يعني التي انفرد بها مذهب الحنابلة عن سائر الأئمة الثلاثة يعني لا يرى ذلك أبا حنيفة ولا مالك ولا الشافعي وهذه من المفردات إذاً يجوز التيمم للنجاسة على بدنه متى قال (تضره إزالتها) يعني لو أراد إزالت هذه النجاسة لضره يعني وجد الماء؛ الماء موجود لكن لا يستطيع أن يزيل هذه النجاسة؛ لماذا؟ لأنه يترتب عليه الضرر وذلك إذا وقعت النجاسة على جرح مثلاً عليه جرح مكشوف وجاءت إليه قطرة بول كيف يزيلها إن غسلها بالماء تضرر جرحه ماذا يصنع؟ يتيمم عنها هنا وجد الماء لكنه عجز عن استعماله - حينئذٍ - يكون فاقداً للماء حكماً لأنه إذا كانت فيه جروح ووقعت عليه نجاسة وضره إزالت هذه النجاسة عدل إلى التيمم أو عدم ما يزيلها ليس عند ماء - حينئذٍ - كما أن ليس عنده ماء لرفع الحدث يعدل إلى التراب كذلك إذا لم يكن عنده ماء في إزالت النجاسة يعدل إلى التراب، إذاً يجوز التيمم على المذهب وهي المفردات يجوز التيمم للنجاسة على بدنه إذا عجز عن غسلها لخوف الضرر يتضرر الجرح مثلاً أو عدم الماء قال أحمد هو بمنزلة الجنب يتيمم روي نحو ذلك عن الحسن وأدلة المذهب دليل المذهب قوله صلى الله عليه وسلم (الصعيد الطيب طهور المسلم) وهذا عام وسبق معنا تقرير قاعدة وهي أنه متى ما أطلق أولاً قاعدة وهي أننا عرفنا الطهارة في الشرع وهي ارتفاع الحدث وما في معناه وزال الخبث هذه الجملة تعريف للطهارة هل هذا التعريف اصطلاحي أو شرعي؟ هل اصطلاح عليه الفقهاء أم الشرع الذي أطلق لفظ الطهارة وأراد به رفع الحدث وإزالت النجاسة؟ الشرع؛ إذاً حقيقة شرعية والقاعدة الأصولية أن اللفظ يحمل على حقيقته الشرعية متى ما وجد،
واللفظ محمول على الشرعي
…
إن لم يكن فمطلق العرفي
فاللغوي على الجلي
- حينئذٍ - نقدم الحقائق الشرعية فإذا جاء لفظ الطهور والطهارة في أي نص قرآني أو نبوي نفسره بالنوعين طهارة الحدث وطهارة الخبث هذه هي القاعدة إلا لقرينة أو دليل بالاستثناء - وحينئذٍ - يكون كالعام فيستثنى منه - حينئذٍ - المذهب قالوا جاء قوله صلى الله عليه وسلم (الصعيد الطيب طهور المسلم)(طهور المسلم) إذاً يتطهر بماذا؟ برفع حدث أو إزالت نجاسة إذاً النص عام، وحديث (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) ولأنها طهارة في البدن تراد للصلاة فجاز لها التيمم قياساً على الحدث وأما قول من رد هذه المسألة بأن لم يرد بها الشرع قالوا النصوص عامة والأخبار عامة - حينئذٍ - دخلت في النص، فأما إن كانت النجاسة على ثوب لا على بدن لا يتيمم لها لأن التيمم طهارة في البدن فلا تنوب عن غير البدن كالغسل وأما المكان فقولاً واحداً لا خلاف بين أهل العلم أنه لا يتيمم عن النجاسة التي تكون في المكان لأنه منفصلة عنه، وقال أكثر الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية أنه لا يتيمم للنجاسة عن البدن وهذا هو الصحيح لأن الشرع لم يرد إلا بطهارة الحدث فحسب كما في آية المائدة لأن الشرع إنما ورد بالتيمم للحدث سواء كان حدثاً أصغراً أو حدثاً أكبراً وغسل النجاسة ليس في معناه وإنما يكون في محل النجاسة ولأن المقصود من غسل النجاسة إزالت النجاسة هذا المقصود فهي معللة حكماً هي معللة من حيث الحكم لكن غير معللة من حيث ما تزال به واضح معللة الحكم يعني لماذا أمر الشارع بإزالت النجاسة؟ لأن المقصود أنه خبث - حينئذٍ - لابد من إزالتها لكن الذي تزال بها هذا غير معقول المعنى فلا يقاس عليه غيره كما بينته في الشرح المطول فليرجع إليه، إذاً الصواب أنه لا يتيمم عن النجاسة لعدم ورود ذلك فإن قيل بأن النصوص عامة القاعدة صحيحة القاعدة بأنه إذا أطلق لفظ الطهارة انصرف إلى النوعين طهارة الحدث وطهارة الخبث صحيحة فإذا جاء لفظ فسر بهذا المعنى لكن لابد من فهم الصحابة ولابد أن ينقل شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الخلفاء أو عن كبار الصحابة فلما لم ينقل حرف واحد بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تيمم عن النجاسة أو أن أحد من أصحابه علمنا أن هذا الفرد غير مراد من اللفظ العام وهذا مخصص عند أهل العلم وهو قول قوي أن اللفظ العام إذا وجد سبب بعض أفراده في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أنه اعتبره نجعل ذلك مخصصاً نجعله مخصصاً - حينئذٍ - إذا أطلق لفظ عام أو مطلق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو تكلم الرب جل وعلا بذلك والنبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أن فرد من أفراده قد عمل به بعض الصحابة مع وجود المقتضي لأن النجاسة موجودة سافر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يصيبه جرح في القتال والمعركة ونحو ذلك ولم ينقل حرف واحد إذاً السبب موجود معارك وحاجة الناس في ذلك الزمان وكانوا يخرجون مع النبي صلى الله عليه وسلم بالأسابيع والأشهر من أجل المعارك - حينئذٍ - كونه لم يأمره بالتيمم عن النجاسة مع وجود السبب والمقتضي وهذا أمر ظاهر واضح بين عدم أمره دل على أنه لا يتيمم واللفظ العام هذا يكون مخصوصاً بهذه الحال واضح - حينئذٍ - إذا جاء التيمم حمل لفظ
الطهور على أحد نوعي الطهارة ولا تعمم - حينئذٍ - إذا قيل هذا لفظ عام نقول ثَمَّ مخصص ما هو؟ عدم عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من صحابته بهذا الفرد فدل على أنه غير مراد من اللفظ العام انتبه، إذاً (أو نوى بتيممه نجاسة على بدنه تضره إزالتها) كما لو وقعت على جرح (أو عدم ما يزيلها) يعني عدم الماء - حينئذٍ - يعدل إلى التيمم على المذهب والصواب أنه لا يعدل إليه فإن قيل كيف يصلي بنجاسة؟ نقول الواجب إزالتها بالماء فإن وجد الماء وجب إزالتها وإذا لم يوجد الماء - حينئذٍ - نقول هذا الشرط معجوز عنه ولا واجب مع العجز إذا لم يوجد الماء سقط وجوب إزالته النجاسة؛ لماذا؟ لأنه واجب وعندنا قاعدة وهي؛ ما هي؟ لا واجب مع العجز وهنا عجز عن غسل النجاسة لأن المطلوب إزالتها بالماء ليس عنده ماء - حينئذٍ - نقول سقط ولا إشكال في ذلك ولذلك قال ابن تيمية [إذا عجز عن إزالت النجاسة سقط وجوب إزالتها وجازت الصلاة معها بدون تيمم] وهذا واضح بين، (أو خاف برد) يعني عندهم ولو كان حاضراً في بلده وخاف من البرد لكن بشرط مع عدم وجود ما يسخن به الماء أما إذا وجد ماء يسخن به الماء لا يعدل إلى التيمم (أو خاف برد) يعني ضرر برد يعدل إلى التيمم فيتيمم ويصلي ولا إعادة عليه لعموم (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) ولقوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) ولحديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قال (احتلمت في ليلة باردة شديد البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم فصليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لذلك له - أنه تيمم عن جنابة - فقال: يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب؟) قلنا هذا دليل على ماذا؟ على أن التيمم لا يرفع الحدث وهو صحيح التيمم لا يرفع الحدث لأنهم لما اشتكوا عمرو أنه صلى بتيمم عن جنابة إذاً صلى بتيمم عن جنابة؛ كيف يجتمعان؟ إذا كان التيمم رافع للحدث لا يتحد الوصف فكان الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم ينكر عليهم سؤالهم لكنه أقرهم (فقال: يا عمرو أصليت بأصحابك - صليت التاء فاعل - وأنت جنب؟) الواو واو الحال (وأنت جنب؟) صليت جنبا كيف صليت جنب وهو قد تيمم لو قيل بأنه رافع للحدث ما صح الكلام هذا فكيف يقال بأنه تيمم وارتفع حدثه (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقلت: ذكرت قول الله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً) لفظ أحمد وأخرجه أهل السنن والبخاري تعليقاً ولم يعد فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة ولم ينكر وصفه بكونه جنب أقره النبي صلى الله عليه وسلم الوصف واضح هذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم وصف عمرو وهو جنب مع كونه قد تيمم إذ لو كان هذا التيمم رافع للحدث لما صح السؤال ولتعين الإنكار لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم سؤالهم وإنكارهم لأنهم أنكروا شيئاً مشروعاً فإذا كان كذلك كان الأصل تصويب السؤال من أصله بل أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم ووجه السؤال نفسه إلى عمرو فأجاب بالآية ثم ضحك النبي صلى الله عليه وسلم فدل على ما ذكر هذا واضح بين، إذاً يتيمم خوف البرد إذا أشفق على نفسه وخشي الهلاك لكن بشرط أن لا يوجد عنده ما
يسخن به الماء فإن وجد تعين عليه استعماله، (أو حبس في مِصرٍ) في مصرٍ أو في مصرَ؟ مصرٍ أو مصرَ؟ مصرٍ؛ لماذا؟ لأنه ليس علم وإنما المراد به بلد نعم لو قلت أو حبس في مصرَ يعني في بلد مصر وإن حبس في غيره الحكم يختلف (أو حبس في مصرٍ) يعني في بلد فلم يصل الماء إليه حبس الشخص في مصر يعني في بلد والمصر واحد الأمصار يعني حبس الماء عنه (حبس في مصر) هو الذي حبس عن الماء أو حبس الماء عنه هذا أو ذاك - حينئذٍ - يتيمم ولا إعادة عليه؛ لماذا؟ لأن الطهارة شرط من شروط صحت الصلاة وهو هنا لم يتمكن من الأصل وهو الماء - حينئذٍ - سقط عنه وعدل إلى البدل وهو التيمم (فاتقوا الله ما استطعتم)(أو حبس في مصر) فلم يصل الماء تيمم - حينئذٍ - وأجزأه ولا إعادة عليه أو حبس عنه الماء فتيمم أجزأه يعني هذه الأسباب الثلاثة (أو عدم الماء والتراب) عرفنا لآن إذا حبس عن الماء أو حبس عنه الماء تيمم؛ لماذا؟ لأنه يصدق عليه أنه غير واجد للماء (فلم تجدوا ماء فتيمموا) وهذا لم يجد الماء سواء حبس عنه أو حبس هو عن الماء - حينئذٍ - انتقل إلى التيمم (أو عدم الماء والتراب) وهذا ما يسمى بفاقد الطهورين يعني لا يوجد عنده ماء وكذلك حبس عن التراب ليس عنده تراب يعني محبوس في سجن مكتوف اليدين ماذا يصنع؟ يدخل وقت الصلاة ويخرج هذا لا تراب ولا ماء ماذا يصنع؟ نقول صلى بحاله ويسقط عنه الطهارتان طهارة الماء وكذلك طهارة التراب؛ لماذا؟ لأنه عاجز ولا واجب مع العجز لقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) ولقوله صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا عاجز عن التراب والماء - حينئذٍ - صلى ولا إعادة عليه على الصحيح يصلي وبعضهم يرى أنه لا يصلي بل يستحب له الصلاة والصحيح أنه يصلي والصلاة واجبة عليه لأن قوله (أقيموا الصلاة) باقي من حيث دلالته فكل مكلف فهو مخاطب بهذا النص (أقيموا الصلاة) - حينئذٍ - يتعين عليه أن يصلي بماء أو ببدله وهو التراب فإن عجز عن أحدهما أو عنهما سقط ذلك الشرط وبقي الأصل وهو الوجوب وجوب فعل الصلاة واضح - حينئذٍ - نقول واجبة على الصحيح وهو مخاطب بها ولو كان عاجز عن استعمال الماء وكذلك عاجز عن البدل وهو التراب فالوجوب باقي وإنما سقط تحقيق الشرط لأن وجوب الصلاة حكم ووجوب وإحدى الطهارتين حكم آخر فإذا سقط الثاني أو عجز عنه لا يلزم منه أن يستصحب سقوط الأول إذاً وجوب الصلاة حكم مستقل وكذلك وجوب الطهارة بالماء أو التراب حكم مستقل فعجز عن الثاني فلا يلزم منه إسقاط الأول (أو عدم الماء أو التراب) كمن حبس في محل لا ماء به ولا تراب وكذا منه به قروح لا يستطيع معها لمس البشرة بماء ولا تراب يعني بعضهم قد يصيبه حروق في وجهه ويديه ويعجز عن استعمال الماء والتراب - حينئذٍ - نقول صلي بحالك وتكون الطهارتان ساقطتين ووجوب الصلاة لا يسقط بعجزك عن استعمال الماء أو عجزك عن استعمال التراب (صلى ولم يعد) يعني في المسائل كلها السابقة أو خاف برد وما قبله أو حبس في مصر فتيمم - حينئذٍ - (صلى ولم يعد)(صلى) الشارح قيدها وهو المذهب صلى الفرض فقط ولا يصلي نوافل، نعم صلى الفرض فقط دون النوافل على حسب حاله لأن الطهارة الشرط فلم
تؤخر الصلاة عند عدمه كالسترة لكن قوله دون النوافل نقول هذا محل نظر متى ما جاز له أن يتيمم صلى به فرضاً ونوافل وفعل به ما شاء من النوافل يعني له أن يصلي وله أن يقرأ وله أن يطوف إلى آخره فالأصل في التيمم من حيث ما يتيمم له من صلاة ونحوها الأصل فيه حكمه حكم الوضوء - حينئذٍ - لا فرق بين فرض ولا نوافل فالتقيد هذا محل نظر (ولم يعد) لأنه أتى بما أمر به فخرج عن عهدته بالنص الذي ذكرناه سابقاً، ثم قال رحمه الله تعالى (ويجب التيمم بتراب غير محترق له غبار) هذه صفة التراب الذي يتيمم به سبق معنا أن قوله تعالى (فتيمموا صعيداً) أن الصعيد اسم لكل ما علا من الأرض وهذا قول جماهير أهل اللغة ولا يعرف الخلاف إلا عن الفراء لأنه خصه بالتراب - حينئذٍ - قوله (فتيمموا صعيداً) كل ما على وجه الأرض يتيمم به سواء كان تراباً أو كان رملاً أو كان شجراً أو كان حجراً أو كان أرضاً ولو وضع عليها الفراش ونحوه أو جدار بل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تيمم على جدار - حينئذٍ - كل ما كان على وجه الأرض فهو محل للتيمم دون شرط أو قيد إلا أن يقال بأنه أن لا يكون نجساً فإن كان نجساً بأن يكون خلطه بول أو نجاسة - حينئذٍ - يمنع منه للأصل العام هنا قال (ويجب التيمم بتراب) تراب التراب معروف وجمعها أتربة وتربان خرج به ما عداه ولذلك قال الشارح [فلا يجوز التيمم برمل وجص ونحيت الحجارة ونحوها] ما الدليل؟ قال حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (جعلت لنا الأرض كلها مسجداً وطهوراً وتربتها) وفي رواية أخرى (تربتها طهوراً) قالوا تربتها والأرض هذا مطلق وهذا مقيد إذاً (جعلت لنا الأرض) المراد به التراب وليس المراد به كل ما على وجه الأرض لأنه جاء مقيداً - حينئذٍ - يجعل هذا النص مفسراً لقوله (فتيمموا صعيداً) الصعيد نعم محتمل أنه بكل ما على وجه الأرض لكن جاء هذا النص - حينئذٍ - يعتبر مقيداً لذلك المنطوق العام فالأرض هذه اسم جنس واسم الجنس إذا دخلت عليه أل أفاد العموم فالأرض يصدق على التراب ويصدق على الجبال ويصدق على الأشجار لأنها متصلة بها وكذلك يصدق على الحجارة ونحوها - حينئذٍ - جاء النص بقوله (وتربتها طهوراً) قالوا هذا تقيد لهذا النص واضح هذا - حينئذٍ - يجعل هذا النص النبوي موضحاً ومفسراً ومقيداً لقوله (فتيمموا صعيداً) والصحيح أن يقال بأن قوله (تربتها) مفهومه أن غير التربة لا يتيمم به هذا المفهوم لكنه مفهوم لقب
{أضعفها اللقب وهو ما أبي
…
من دونه نظم الكلام العرب}
- حينئذٍ - مفهوم اللقب عند جماهير الأصوليين غير معتبر فلا مفهوم له فقوله تربتها هنا علق الحكم على اسم جنس جامد وإذا علق الحكم على اسم جنس جامد ولو كان له مفهوم فهو غير معتبر - حينئذٍ - لا يعتبر مقيداً للنص العام فلا مفهوم له فلا يعتبر أن له مفهوماً - حينئذٍ - يبقى النص على إطلاقه (وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً) كلها والأرض هذه اسم جنس دخلت عليها أل فتعم إذاً وافق هذا النص مدلول قوله تعالى (فتيمموا صعيداً طيباً) إذاً الصحيح أن قوله (ويجب التيمم بتراب) دون غيره مما على وجه الأرض أنه قول ضعيف وأن احتجاجهم بالرواية الواردة (تربتها) أنه احتجاج ضعيف لأنه احتجاج بمفهوم اللقب وهو ضعيف
{أضعفها اللقب} يعني أضعف المفاهيم اللقب ونص على ذلك جماهير الأصوليين {أضعفها اللقب} - فحينئذٍ - لا يعتبر وهذا من مفهوم اللقب فإن قيل الأرض عام والتربة أحد أفرادها - حينئذٍ - نقول نجيب لو قيل أنه ليس من مفهوم اللقب الأرض عام والتربة أحد أفراد العام نقول علق الحكم على فرد من أفراد العام بحكم لا يخالف معلق على العام فلا يعتبر مخصصاً كما لو قال أكرم الطلاب وأكرم زيداً ما هو الحكم؟ أكرم في الموضعين؛ ما هو المحكوم عليه؟ الطلاب وزيداً - حينئذٍ - الطلاب لفظ عام دخل فيه زيد أو لا وزيد من الطلاب؟ دخل فيه زيد إذا قال أكرم الطلاب صدق على كل الطلاب؛ أكرم زيداً هو واحد منهم؛ هل يعتبر هذا النص أكرم زيداً مخرج لزيد من الطلاب أم أنه مؤكد؟ مخرج؟ لا يخرجه إذاً هو مؤكد؛ لماذا؟ لأن الحكم واحد أكرم أكرم لكن لو قال أكرم الطلاب وأهن زيداً أو لا تكرم زيداً؛ مخصص أو لا؟ مخصص؛ لماذا؟ لكونه رتب على الفرد الخاص حكم يخالف الحكم الذي رتب على اللفظ العام فهو مخصص وأما إذا اتحدا في الحكم - الحكم واحد - وجاء نص بإثبات ما أثبته للحكم العام بأحد آحاد العام لا يعتبر مخصصاً (تربتها طهوراً) تربة أحد أفراد الأرض نقول نعم ما نص عليه الشارع أولى بالاعتبار فلو وجد أمامك تراب وغير تراب - حينئذٍ - نقول لك لا تعدل عن التراب إلى غيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على التراب ففيه خروج من الخلاف أولاً وثانياً فيه أن التراب أولى من غيره إن وجد التراب وغيره؛ لماذا؟ لأن الشارع لا ينص على فرد إلا للاهتمام به لكن لا يلزم ذلك التخصيص إذاً (ويجب التيمم بتراب) قال ابن منذر [أجمع أهل العلم أن التيمم بالتراب ذي الغبار جائز إلا من شذ منهم] وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى [أجمع العلماء على أن التيمم بالتراب جائز واختلفوا فيما عداه من الأرض] والصواب أنه يجوز التيمم به (طهور) قاسوا التراب على الماء وسبق أن الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام طهور وطاهر ونجس هنا التراب قالوا كذلك طهور وطاهر ونجس فقوله (طهور) يعني لا طاهر ولا نجس - حينئذٍ - التيمم بتراب نجس لا يصح التيمم به وهذا واضح بين وذلك فيما لو وجد بولاً على تراب لا يتيمم به لو لم يوجد إلا هذا النوع من التراب وهو نجس - حينئذٍ - نقول هذا فاقد للطهورين يصلي ولا إعادة عليه أما إذا لم يجد إلا هذا النوع - حينئذٍ - نقول لا يجوز له أن يتيمم فوجود هذا التراب كعدمه وجوده وعدمه سواء - حينئذٍ - يصلي مباشرة ولا يتيمم بهذا النوع الطاهر قالوا التراب الطهور إن خالطه ذو غبار لا يجوز التيمم به يعني لو وجد تراب واختلط به شيء من الإسمنت مثلاً قالوا هذا تراب الأصل فيه أنه طهور خالطه شيء طاهر إن غيره - حينئذٍ - انتقل من كونه طهوراً إلى طاهر فصار التراب ماذا؟ صار طاهراً قالوا لا يوصف بكونه طهور لماذا؟ قياساً على الماء كما أن الماء إذا خالطه كما سبق معنا وإن تغير بشيء طبخ فيه أو ساقط فيه أو نحو ذلك - حينئذٍ - حكم على الماء بكونه طاهر غير مطهر الشأن في التراب كالشأن في الماء إذا وقع في شيء طاهر كالإسمنت والجص ونحوها - حينئذٍ - قالوا إن اختلط به وكان التغير كبير صار طاهراً غير مطهر كذلك لو
استعمال تيمم به وتساقط التراب من وجهه ويديه قالوا هذا المستعمل كالماء المستعمل هناك - حينئذٍ - يكون طاهراً غير مطهر فلا يستعمل هذا النوع في هذا النوع - حينئذٍ - نقول هذا يحتاج إلى دليل وقياس التراب على الماء قياس مع الفراق والأصل عدمه والصحيح أنه ليس عندنا إلا طهور ويقابله النجس وهذا أمر واضح بين، إذاً (طهور) فلا يجوز بتراب تيمم به لأنه صار ماذا؟ صار مستعملاً كالماء المستعمل أو خالطه غيره كالنَورة فكما إن خالطه طاهر لزوال طهوريته باستعماله والصحيح أنه لا وجود لهذا النوع ألبته وإنما هو من صنع الفقهاء (غير محترق) قال في الشرح [ويعتبر أيضاً أن يكون مباحاً فلا يصح التيمم بتراب مغصوب] هذا صحيح ثابت كما أن الماء المغصوب لا يصح الوضوء به كذلك التراب المغصوب أو المسروق لو وجد تراب في مثل هذه العلبة وسرقها هل له أن يتيمم؟ لا يصح لو تيمم لا يصح تيممه؛ لماذا؟ لأن الشرع إذا أمر بشيء أمر بشيء مباح ولا يتناول هذا (فتيمموا صعيداً طيباً)(صعيداً طيباً)(طيباً) هذا دليل على أن النجس لا يتيمم به لأن الطيب المراد به الطاهر وصعيداً المراد به كل ما على وجه الأرض لا يأذن الشارع بتوجه العبد باستعمال شيء محرم عليه واضح هذا كل أمر في الشريعة قاعدة عامة كل أمر في الشريعة إنما المراد به امتثال ما أذن به الشارع بفعله وأما ما حرم الشارع فعله هذا لا يمكن أن يدخل في النص (أقيموا الصلاة) الصلاة مأمور بها الصلاة بماذا؟ بماء طهور مباح فلا يدخل المغصوب ولا يدخل المسروق كذلك الصلاة بثوب أباحه الشارع فلا يدخل فيه الحرير إن كان على رجل ولا يدخل فيه ثوب الشهرة مثلاً وكذلك لا يدخل فيه الإسبال ونحو ذلك فكل مأمور به فلا يتناول إلا المأذون فيه فحسب فلا يستدل على صحة صلاة المسبل مثلاً لقوله (أقيموا الصلاة) ولا يستدل بصحة صلاة من توضأ بماء مغصوب لقوله (أقيموا الصلاة) لأن الشارع لا يأمر بكل صلاة على كل وجه لا؛ كذلك الصلاة في الدار المغصوبة كما سبق معنا نرى أنها باطلة لا تصح فلا صحة ولا أجر بل هو آثم وصلاته باطلة - حينئذٍ - لماذا؟ لأن قوله (أقيموا الصلاة) المراد بها الصلاة في المكان المباح المأذون به شرعاً، إذاً أن يكون مباحاً فلا يصح بتراب مغصوب كالماء المغصوب (غير محترق) فإن كان محترق فلا يصح بما دق من خزف ونحوه قد يحرق التراب ينصع به الآجر ونحو ذلك - حينئذٍ - نقول إذا فتت ذلك الشيء المحروق نقول هذا الشيء المحروق لا يسمى تراباً لا لغة ولا عرفاً - حينئذٍ - إذا تيمم به لم يكن متيمماً بتراب هذا على المذهب أنه لابد من تراب، إذاً (غير محترق) فلا يصح بما دق من خزف ونحوه كالنورة والخرف والآجر وكل ما عمل من طين وشوي بالنار لأن الطبخ أخرجه عن أن يقع عليه اسم التراب وهذا له حظ من النظر لكن إذا قيدنا الحكم بالتراب وأما إذا عممنا وصار على وجه الأرض - حينئذٍ - هو داخل في فيما هو على وجه الأرض (له غبار) لقوله تعالى (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) إذاً الصواب لا يشترط أن يكون غير محترق لأنه دخل في (صعيداً)(له غبار) غبار يعني يتعلق باليد لقوله تعالى (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) هنا وجه الاستدلال (منه) فاختلفوا في من
ما المراد بها هل هي للتبعيض أو لابتداء الغاية؟ إن قولت للتبعيض - حينئذٍ - لزم منه أن يكون في اليد بعد الضرب شيء من التراب (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) الضمير يعود إلى الصعيد الطيب إذاً لابد أن يبقى شيء منه لابد أن يبقى بعضه في اليد وإذا قيل أن من هنا لابتداء الغاية - حينئذٍ - نقول لا يشترط أن يكون له غبار واللفظ هذا يسمى عند الأصوليين (من) ماذا يسمى إذا احتمل معنيين ليس هو في أحدهما أظهر من الآخر؟ ماذا يسمى ما الاصطلاح له؟ - فقه بلا أصول كصلاة بلا طهارة صحيح لا تغضبون - يسمى مجملاً، هذه لابد أن تكون محفوظة كالفاتحة وإلا لا تضيع وقت إن لك ناصح أمين الفقه يحتاج إلى أن تكون مع كتاب مختصر في أصول الفقه تكون كالفاتحة معك لا تتردد هذا مجمل وهذا أمر وهذا نهي إذا كان الطالب يتردد هذه صيغة نهي ولا أمر إلى آخره هذا مشكل هذا طامة هذه كيف يفهم لو أردت أن تأخذ قولاً واحد دعك من الفقه المقارن ليس عندنا فقه مقارن إنما نذكر المذهب ودليله والقول الراجح فقط إذاً ليس مقارناً لا يمكن فهم المذهب بهذه الصورة إلا إذا كنت جيداً على مستوى عالي في أصول الفقه وإلا العبث العبث والوقت يذهب سدى وتمض بك السنون الشهر والسنة والسنتان والثلاث والأربع وأنت تظن أنك حصلت شيء من العلم وأنت مقلد ما خرجت عن التقليد يعني الذي يدرس المذهب ويرى وجوب التمذهب مثله ومثل الذي يدرس ويرى أنه لابد أن يتحرر ولا يجوز له التقليد إن كان هذا الكلام فيه تفصيل هما سيان في النتيجة ذاك يدعي أنه متحرر وينظر في القول الراجح لكن هو مقلد مغلف مقلد هذا التقليد المغلف الموجود الآن كل يدعي وصلاً بليلى أنه ما شاء الله وصل إلى الاجتهاد وأنه أهل أن ينظر ويرجح إلى آخره ثم هو صفر صفر في أصول الفقه وصفر بل تحت الصفر في لغة العرب - وحينئذٍ - كيف يرجح هذا، هذا يحرم عليه عند جماهير وإن لم يكن إجماعاً يحرم عليه الترجيح لأنه قول على الله بلا علم إذا قال هذا قول راجح رجحته بأي سبب؟ إما بموجب شرعي أو لا الثاني هوى وتحكم الموجب الشرعي هو التحقق والضبط لعلم أصول الفقه مع قاعدته الكبرى وهو لغة العرب فإذا كان ضعيفاً في هذين الفنين كيف يرجح فيه إشكال، على كل هذا يسمى مجملاً ولذلك الجمع بين الفنين أرى أنه مناسب لطالب العلم يقرأ كتاب في أصول الفقه وكذلك كتاب في الفقه ولو كان فك عبارة ونحو ذلك يستطيع أن يجمع بين النوعين، إذاً (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) هل يشترط التراب أو الصعيد له غبار أو لا؟ هذا الخلاف مبني على الخلاف في قوله (منه) وانظر هنا المسألة لغوية هل من هنا للابتداء ابتداء الغاية أم أنها للتبعيض فهي محتملة بأن تكون للتبعيض فيتعين في التيمم التراب الذي له غبار يعلق باليد ومحتملة بأن تكون لابتداء الغاية أي مبدأ ذلك المسح كائن من الصعيد (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد) ابتداء (من المسجد) لا يلزم أن يكون المسجد الحرام بعضه معه الصحيح وإنما منشأ وابتداء الإسراء كان من المسجد الحرام إذاً لا يلزم أن يكون شيئاً من المسجد الحرام معه كذلك لا يلزم أن يكون شيئاً من التراب قد علق به فكانت لابتداء الغاية أي مبدأ ذلك المسح كائن من
الصعيد الطيب فلا يتعين ما له غبار وبالأول الذي هو للتبعيض قال الشافعي وأحمد وبالثاني قال مالك أبو حنيفة ومذهب مالك وأبي حنيفة أرجح يعني المذهب الثاني أرجح لأن من هنا الظاهر أنها لابتداء الغاية لا للتبعيض لقوله تعالى (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) حرج نكرة في سياق النفي وزيدت قبلها من فهي نص في العموم فتدل على عمومها على نفي كل الحرج وهذا يرجح أن تكون من لابتداء الغاية لأن كثيراً من البلاد ليس فيها إلا الرمال أو الجبال فالتكليف بتراب له غبار فيه مشقة ولا يخلو من حرج كذلك جاء في حديث عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم (ضرب بيديه فنفخ فيهما) إذاً أطار ماذا؟ أطار الغبار فدل على أنه لا يشترط أن يكون في اليد غبار إذاً كون النبي صلى الله عليه وسلم يسافر مراحل كما ذهب من المدينة إلى تبوك فالغالب أنه قد سار بين رمال والرمال ليست هي تراب ولا يكون فيها غبار قد تيمم النبي صلى الله عليه وسلم من تلك البقعة - حينئذٍ - نقول من هنا لابتداء الغاية ولذلك ذكرت في آية ولم تذكر في آية أخرى يعني في موضع آخر لم تذكر في النساء قال (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) دل على أنه لا يشترط وذكرت في آية المائدة (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)، ثم قال المصنف رحمه الله تعالى (وفروضه) أي التيمم وأركانه التي لابد منها والفرض هو الواجب {والفرض والواجب ذو ترادف
…
ومال نعمان إلى التخالف} نعم مترادفان عند جمهور الأصوليين الفرض والواجب مترادفان لكن قد يطلق ويراد به الركن بمعنى أنه تزول الماهية بزوالها وليس كل واجب تزول الماهية بزواله ولذلك التشهد لو تركه نسياناً وهو واجب التشهد الأول لو تركه نسياناً وهو واجب ما زالت الصلاة بزواله ولو تركه عمداً زالت الصلاة بزواله إذا فرق بين واجب وواجب لكن لو ترك سجدة من الصلاة ناسياً تسقط؟ هاه تسقط لو نسي السجدة الأول من الركعة الأول من صلاة العصر وما تذكر إلا بعد نصف ساعة أنه ترك سجدة مثل التشهد الأول لو تركه ناسياً مع أن كل منهما واجب السجد الأول والثانية وكذلك الركوع والفاتحة كل منها واجب وكذلك التشهد الأول واجب لكن هذا يسقط بالنسيان وهذا لا يسقط بالنسيان لأنه فرض ركن وهذا ليس بركن، إذاً (فروضه) أي أركانه أربعة للحدث الأصغر وكذلك اثنان للحدث الأكبر (وفروضه) أي فروض التيمم (مسح وجهه) لا خلاف في وجوب مسح الوجه والكفين في التيمم للآية الآية واضحة بينة (فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم)(فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) إذاً نص على الوجوه والأيدي إذاً كل منهما فرض فلو مسح الوجه دون اليدين أو اليدين دون الوجه مع القدرة عليه ما صح لم يصح التيمم؛ لماذا؟ لأنه تارك لفرض لركن كما لو ترك غسل وجهه في الوضوء أو ترك مسح رأسه في الوضوء مع القدرة نقول هذا لا يصح كذلك في التيمم (وفروضه مسح وجهه) ومنه اللحية لأن الحكم هنا كالحكم فيما سبق ولذلك عند المذاهب الأربعة مذهب الأئمة الأربعة أنه يجب استيعاب الوجه والكفين لابد من الاستيعاب يعني لا يترك جزء من الوجه ولا من اليدين ولذلك قال الشارح [سوى ما تحت شعر ولو خفيفاً وداخل فم وأنف فيكره] يعني لا يضع التراب في فمه ولا في أنفه لعدم
النقل وإن كان الفم والأنف داخلين في مسمى الوجه كما في سبق في فروض الوضوء - حينئذٍ - (والفم والأنف منه) أي من الوجه وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق فدل على وجوبها لكن هنا لا نقول بدخوله الفم لأنه يلوث وكذلك لا نقول بدخول الأنف لأنه مضر له كيف يستنشق التراب هذا مضر وما تحت شعر ولو خفيفاً كذلك ليس بمشروع مسح بالتراب لعدم النقل إذاً يجب استيعاب الوجه والكفين إلا ما استثني بالمسح فيمسح ما يأتي عليه الماء إلا المضمضة والاستنشاق وما تحت الشعر ولو خفيفاً وهذا قول الأئمة الأربعة لقوله (فامسحوا بوجوهكم) والباء هنا للإلصاق فصار كأنه قال فامسحوا وجوهكم وأيديكم فيجب تعميمهما كما وجب ذلك بالغسل لقوله (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) وذهب ابن حزم رحمه الله تعالى إلى أن الاستيعاب ليس بفرض وإنما المراد أن يمسح أكثر الوجه لماذا؟ قال لعدم الدليل فمسح الأكثر يقوم مقام الكل وهذه طهارة مسح وهي مبنية على الخفيف وإيجاب التعميم فيه عسر ومشقة لكن يقال بماذا هنا لأن النص عام (فامسحوا بوجوهكم)؟ نقول الأمر هنا بالمسح لا بإيصال التراب فالأصل أن يعمم وجهه وحتى لحيته لأنها داخلة في مسمى الوجه إلا ما استثني من الفم والأنف - حينئذٍ - يعمم المسح لا إيصال التراب ولذلك قال (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) - حينئذٍ - نقول يعمم المسح ولا يلزم منه أن يعمم التراب لأن التراب سينفخ فيه ويذهب منه بعضه - حينئذٍ - لا يلزم من ذلك الوقوع في الأذية أو ما نسميه بالاستقذار ونحو ذلك لأن فيه مشقة لو أريد أن أعمم بالتراب بنفسه لكان فيه نوع مشقة وقد يصيبه شيء من الأذى قد يدخل في عينيه قد يصل إلى فمه ولذلك المذهب كما نص في الحاشية [حتى على ظاهر شفيته يوصل المسح] لكن نقول الفرق هنا بين المسح وبين إيصال التراب فالمراد أو المطلوب بالآية المنصوص عليه (فامسحوا) إذاً يجب التعميم هذا ظاهر الآية وظاهر السنة والله أعلم (وفروضه مسح وجهه ويديه إلى كوعيه)(يديه إلى كوعيه) لم يطلق اليدين إنما قيدها بقوله (إلى كوعيه) احترازاً من المرفقين جاء في الحديث لكنه ضعيف ولذلك قال أحمد [من قال إن التيمم إلى المرفقين فإنما هو شيء زاده من عنده] ورد فيه حديث من صححه له حجته لكن من ضعفه لا يقول بالحديث الضعيف بمثل هذه المسائل لأن مبناها على التعبد إذاً (ويديه إلى كوعيه) هذا المذهب لقوله صلى الله عليه وسلم لعمار (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا - وضرب بكفيه - ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه) متفق عليه فدل ذلك على أن المراد باليدين إلى الكوعين وإن جاءت مطلقة في الآية (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) قيدها بالمرفقين في الوضوء (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) قيدها وأطلقها في التيمم؛ هل يحمل المطلق على المقيد؟ الجواب لا؛ لماذا؟ لاختلاف الحكم وإن كان السبب متحداً وهو طهارة حدث السبب متحد لكن لا يحمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكم ويشترط في المطلق والمقيد اتحاد الحكم وإن اختلف السبب - وإن اختلف السبب هذا لا إشكال فيه - إذاً الفرض الثاني أن يمسح يديه إلى كوعيه كذلك لابد من
التعميم والمراد بالتعميم المسح لا إيصال التراب (والترتيب والمولاة) انظر الشارح قال [وكذا الترتيب] ادخل كلمة كذا بين الواو والترتيب مع أنها معطوفة على ما سبق، قال (فروضه) يعني أربعة؛ أولاً (مسح وجهه ويديه إلى كوعيه) قال [وكذا الترتيب] لماذا أتى بالكذلكة؟ تسمى الكذلكة؟ للخلاف بمعنى أن يؤتى بالكذلكة بين متماثلين في الحكم يعني هنا قال (فروضه) إذاً مسح الوجه فرض ومسح اليدين فرض والترتيب فرض والمولاة فرض لكن لماذا قال [كذا الترتيب] عطف مختلف فيه على متفق عليه ولذلك مجمع على أن مسح الوجه واليدين فرضان من فرائض التيمم لا يتحقق التيمم إلا يهذين الفرضين لكن الترتيب هذا مختلف فيه والمرجح في المذهب أنه فرض كذلك المولاة مختلف فيها والمرجح في المذهب أنها فرض ولذلك بعض الطلاب إذا فصل بين متفق عليه وبين مختلف فيه وقد يدعى الإجماع في الثاني بالكذلكة وكذلك كذا هذه عبارة تكثر عند الفقهاء حتى عند النحاة وغيرهم ومرادهم أن الثاني كالأول من حيث الترجيح لكن لا من حيث الاختلاف الأول مجمع عليه والثاني مختلف فيه إذاً وكذا الترتيب هذا المذهب وهو مذهب الشافعية كذلك وعند المالكية سنة كذا عند الحنفية يعني الترتيب بين مسح الوجه واليدين لابد أن يقدم ماذا؟ كما قدمه الله في الآية (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) - حينئذٍ - الوجه مقدم على اليدين فلو خالف فقدم الوجه على اليدين لم يصح التيمم لأن الترتيب فرض والصحيح أنه ليس بفرض وإنما هو سنة ولذلك في الحديث السابق المتفق عليه (ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه) قدم الكفين على الوجه وإن كان التقديم الشيء في القرآن يدل على أنه هو الظاهر لكن جاء بالسنة لو لم يرد هذا النص لقلنا المعتبر هناك هو المقدم يعني أن الوجه مقدم على اليدين لكن لما جاء هذا الحديث المتفق عليه وقد النبي صلى الله عليه وسلم الكفين على الوجه دل على أنه سنة ليس بواجب (والمولاة) يعني بين مسح الوجه ومسح اليدين المولاة بينهما بأن لا يؤخر مسح اليدين بحيث يجف الوجه إذا كان مغسولاً فهما فرضان، وهما يعود إلى الترتيب والمولاة؛ المولاة هنا شرط أو فرض في التيمم قياساً على الوضوء كما أن المولاة في الوضوء فرض من فرائضه كذلك المولاة فرض من فرائض التيمم لأن مبنى التيمم على طهارة الماء ولذلك قال (والمولاة) بينهما ما ضابط المولاة؟ بأن لا يؤخر مسح اليدين بحيث يشف الوجه لو كان مغسولاً فيمسح وجهه أولاً ثم يفصل بين الوجه ومسح اليدين إن كان الفاصل بينهما لو كان الوجه مغسولاً لجف فاتت المولاة وإن كان دون ذلك - حينئذٍ - لا بأس به فالمرد إلى العرف والصحيح أن المولاة سنة وليست بواجبة والقياس هنا قياس مع الفارق لأن التيمم هنا طهارة مستقلة والوضوء هنا طهارة مستقلة لكن لابد أن يراعى أن لا يخرج التيمم عن صورته بمعنى أنه لا يمسح وجهه ثم يجلس ساعة من الزمن ثم يمسح يديه لأن هذه الصورة ليست مرتبة بين مسح ومسح وإنما المراد به أن لا يجعل هذا الضابط قيداً في فوات المولاة وهو أن يقدر لو كان الوجه مغسولاً وجب أن يكون مسح اليدين تابع لهما نقول هذا الاعتبار غير مراد لكن إذا قيل بأنه غير
مراد لا يلزم منه أن يخرج التيمم عن صورته؛ لا، بأن يتيمم يمسح وجهه ثم يبقى ساعة من الزمن وإذا رآه رائي قال هذا مسح يديه ولم يمسح وجهه ومن رآه في السابق يرى أنه مسح وجهه ولم يمسح يديه نقول هذا أخرج التيمم عن صورته، ثم قال رحمه الله تعالى نعم قال هنا (الترتيب والمولاة في حدث أصغر) يعني الشرط الثالث والرابع أو الفرض الثالث والفرض الرابع (الترتيب والمولاة في) التيمم عن (حدث أصغر) وأما الحدث الأكبر فلا يشترط فيه ترتيب ولا مولاة كما سبق ولذلك هنا في الاستدلال عن الترتيب بكونه أدخل ممسوحاً بين مغسولات فصل بين متماثلات المغسولات بإدخال ممسوح بين مغسول ومغسول فدل على أنه مراد وهذا دليل على أن الترتيب فرض وهذا لم يجعل في التيمم - حينئذٍ - الدليل الذي دل على الترتيب في طهارة الوضوء ليس موجوداً في طهارة التيمم - حينئذٍ - القياس طهارة وطهارة نقول هذا قياس مع الفارق، ثم قال (وتشترط النية لما يتيمم له من حدث أو غيره) عندنا نيتان هنا نية ما يتيمم له ونية ما يتيمم عنه ما سبق بيانه تيمم عن أحداث أو نجاسة على بدنه تضره إزالتها أو عدم ما يزيلها هذا تيمم عن نجاسة عن حدث أصغر عن حدث أكبر فهو شيء سابق الموجب للحدث، ما يتيمم له من صلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة هنا قال (وتشترط النية) يعني تعين النية (لما) يعني لشيء لعبادة يتيمم (له) الضمير يعود إلى ما كصلاة أو طواف أو غيرهما مما لا تصح إلا بطهارة طهارة مائية أو طهارة ترابية (من حدث) هذا جار ومجرور متعلق بقوله تيمم (لما يتيمم له من حدث أو غيره) ما هو غير الحدث؟ نجاسة مطلقاً؟ نجاسة على بدنه (من حدث أو غيره) كنجاسة على بدن فتجب النية لها على الصحيح في هذا الموضع ولذلك من المخالفات عندهم لأنه سبق تقرير أن النجاسة إزالت النجاسة لا يشترط لها النية هذا محل وفاق عند الأئمة إلا بعضهم أبي حنيفة وابن حزم - فحينئذٍ - إذا أراد إزالت النجاسة بطهارة مائية لا تشترط لها النية وأما في هذا الموضع التيمم خالف المذهب الأصل الذي قرره في الطهارة المائية والأصل عندهم أن طهارة التيمم محمولة على طهارة الماء - حينئذٍ - الأصل فيه إما أن يقال باشتراط النية في الموضعين أو بانتفاء النية في الموضعين واضح إما أن يقال باشتراط النية في الموضعين أنه يجب اشتراط النية تعين النية إزالت النجاسة في الطهارة المائية وكذلك هنا كما قالوا به وإما أن يقال ولا يشترط في التيمم عن النجاسة النية كما أنها لا تشترط في الطهارة المائية لأنه صرحوا في هذا الموضع أن مبنى التيمم من حيث الجملة والتفصيل مبناه على الطهارة المائية فالحكم هو الحكم وهذا مما اختلفا واضطربا فيه لكن ما السبب؟ قالوا لأن التيمم ضعيف لماذا ضعيف؟ لأنه طهارة ضرورة بمعنى أنه مقيد بعدم وجود الماء - حينئذٍ - لابد أن يضيق في بعض المسائل ومن أهم المسائل التي فرقوا بين الطهارتين طهارة الضرورة والأصلية المائية أن التيمم مبيح لا رافع وأن الطهارة المائية رافع الطهارة المائية رافعة للحدث سواء كان أصغر أو أكبر وأما التيمم ليس برافع وإنما هو مبيح نحن نقول نعم نسلم بأن التيمم لا يرفع الحدث على الصحيح وإنما هو مراد به استباحت
ما يتيمم له لكن للدليل الذي دل على أن التيمم مبيح لا رافع على ما ذكرناه سابقاً وما عدا ذلك من الأحكام فيبقى على الأصل لما أطلق الله عز وجل قال (إذا قمتم إلى الصلاة) ثم قال (فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا) ما قيد شيئاً من ذلك بما قيد به شيء من الطهارة المائية - حينئذٍ - نقول هذه طهارة مستقلة وهذه طهارة مستقلة كل منهما مشروع لشيء لعبادة تشترط له الطهارة - حينئذٍ - يبقى كل شيء على أصله ولذلك كما سيأتي أن الصحيح أنه لو تيمم في صلاة الفجر وبقي غير محدث إلى صلاة العشاء جاز له أن يصلي؛ لماذا؟ لعدم دليل يدل على أن خروج الوقت مثلاً أو أنه إذا تيمم لفرض لا يصلي به نفلاً ونحو ذلك كل هذه تقيدات اجتهادية ولا أصل لها لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (الصعيد الطيب طهور المسلم) مطلقاً نقيده بدخول الوقت أو بخروج الوقت هذا زيادة على النص، إذاً (وتشترط النية لما يتيمم له من حدث أو غيره) كنجاسة على بدن فينوي استباحة الصلاة من الجنابة نعم لا ينوي رفع الحدث لو نوى رفع الحدث ما صح تيممه لأن التيمم لا يرفع الحدث وإنما ينوي استباحة يعني يباح له أن يفعل الصلاة وهذا من حكمة الله عز وجل في الصلاة ونحوها أنه شرط الطهارة المائية فإن لم يتمكن - حينئذٍ - لابد من شيء يفعله من أجل الإقدام على الصلاة فأباح له أو أمره بضرب اليدين على التراب ومسح الوجه واليدين ثم بعد ذلك بهذا الفعل يستبيح لأن الأصل التحريم يستبيح فعل الصلاة فيجوز له وأما إذا دخل بدون طهارة مائية ولا ترابية ولم يكن فاقداً للطهورين الأصل فيه التحريم فيأثم وذهب أبو حنيفة إلى أنه كافر لأنه يعتبر مسخفاً مستهزئ بالصلاة هذا شأنه - حينئذٍ - الأصل التحريم أن يقدم على صلاة بدون إحدى الطهارتين فأذن له الشارع - حينئذٍ - ينوي استباحة الصلاة ينوي استباحة الطواف ينوي استباحة مس المصحف ونحو ذلك، استباحة الصلاة من الجنابة والحدث إن كانا أو أحدهما أو عن غسل بعض بدنه الجريح ونحوه قال في التعليل هنا في الشرح [لأنها طهارة ضرورة فلم ترفع الحدث] هذا صحيح طهارة ضرورة لكن لا يلزم أن تفهم الضرورة بالضرورة التي قعدها الأصوليون بمعنى أن الضرورة تقدر بقدرها ثم ما عدا المنوي لا يستباح فيه ألبته نقول هذه زيادة على النص طهارة ضرورة بمفهوم أخص ليس بالمفهوم العام الذي ينطبق عليه القواعد العامة في الضرورات إنما نقول ضرورة خاصة وهي نفسرها؛ نفسرها بماذا؟ (فلم تجدوا ماء) إذاً عدم الماء - حينئذٍ - عدل إلى التيمم وهذا المراد بطهارة الضرورة على ما جاءت به النصوص وهما وسعوا مفهوم الضرورة أطلق اللفظ على هذه العبادة المستقلة وهي التيمم ثم ألحقوا بالضرورة كل الأحكام المتعلق به قالوا الضرورة تقدر بقدرها - حينئذٍ - فاقد الطهورين يتيمم يصلي فرضاً فقط ولا يصلي نافلة هذا الأصل له كذلك إذا صلى قرأ الفاتحة ولا يحل له زيادة في حرف واحد من القرآن ويقول سبحان ربي العظيم ولا يأتي بثانية تسبيحه ثانية فإن جاء أثم ويقول سبحان ربي الأعلى في السجود بواحدة فقط لماذا؟ لأن التيمم ضرورة فتقدر بقدرها فيأتي بالواجب ولا يزيد عليه ألبته نقول هذا يحتاج إلى دليل ولا دليل ويبقى الأصل أن الرب
شرع التيمم ثم يفعل به ما شاء ولا ينتقض هذا التيمم إلا بمبطلات الوضوء أو وجد الماء ولو في الصلاة على الصحيح فلابد من التعين تقوية لضعفيه ولو نوى رفع الحدث لم يصح ثم قال ولو نوى رفع الحدث لا يصح، ثم قال (فإن نوى أحدها) أي أحد ما سبق ذكره من حدث أو غيره (أحدها) يعني الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر أو نجاسة على بدنه تضره إزالتها (لم يجزئه عن الآخر) إذا عين الحدث الأصغر لا يجزئه عن الحدث الأكبر إذا عين الحدث الأكبر لا يجزئه عن الحدث الأصغر إذا عين النجاسة إزالت النجاسة على بدنه تضره إزالتها لا يجزئه عن الحدث الأصغر والأكبر؛ لماذا؟ لأنه لابد من تعين النية عرفنا أن الأصل في التيمم عن النجاسة أنه ضعيف - حينئذٍ - نسقط هذه فلا نحتاجها بقي، ماذا؟ الحدث الأصغر والأكبر كما سبق، ابن تيمية رحمه الله تعالى نقل عن جماهير أهل العلم أنه لو نوى أحدها أجزأه عن الآخر لكن نية الحدث الأكبر عن الأصغر واضحة أنها داخلة فيها لأنه نوى الأعم فدخل فيه الأصغر وأما العكس فهذا محل نظر لقول صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذه الحدث الأصغر لم ينوي الحدث الأكبر هذا محل بحث، (لم يجزئه عن الآخر) يعني الذي لم ينويه لحديث (وإنما لكل امرئ ما نوى) وإن نوى جميعها جاز هذا واضح بين (إنما الأعمال) والتيمم عمل (بالنيات)(إنما الأعمال بالنيات) وهذا نوى التيمم عن حدث أصغر وأكبر وعن نجاسة أجزأ وكل واحد يدخل في العموم يكون منوي، ثم قال (وإن نوى نفلاً وأطلق لم يصلي به فرضاً) عندهم أدنى وأعلى إن نوى الأعلى صلى به الأعلى ومثله والأدنى واضح إن نوى الأعلى فرض العين صلى به مثله كالمقضية أو فرض الكفاية الأدنى والأدنى كذلك الذي هو النافلة لكن إذا نوى الأدنى لا يصلي به الأعلى وهذا يحتاج إلى دليل ولا دليل؛ لماذا؟ لأن الأصل هنا شرع التيمم ليفعل به ما اشترطت الطهارة له فإذا كان كذلك فالأصل هو المطلق فأطلقه الشارع فنبقى على إطلاقه وتقيده بهذه التفصيلات نقول نحتاج إلى دليل ولذلك لو كلف الناس العوام بهذه التفصيلات التي عند الفقهاء لصار التيمم أشق من الطهارة المائية وهو طهارة ضرورة رخصة وقيل عزيمة فهذه التفصيلات لا يدركها العوام صلي أعلى وأدنى طلاب العلم ما يميز بين أدنى وأعلى طواف فرض أو طواف فرض كفاية أيهما أعلى الطواف المندوب أو الطواف الذي يكون طواف للزيارة؟ هذا قد يقع فيه إشكال عند البعض على كل قال (وإن نوى نفلاً) يعني نوى بتيممه (نفلاً) نافلة (لم يصلي به فرضاً) لا يستباح الفرض بنية النفل لأنه ليس بمنوي ولا يستباح الأعلى بنية الأدنى وخالف طهارة الماء؛ لماذا؟ قالوا لأنها ترفع الحدث تقول نسلم بالأصل لكن لا نسلم بالتفريع نسلم بالأصل لا نسلم بالتفريع؛ لماذا؟ ليس هذا تناقض نقول نسلم بالأصل لوجود الدليل الدال عليه وهذا التيمم لا يرفع الحدث وإنما هو مبيح لما ذكرناه سابقاً لكن أصل إذا فرع وقيس عليه أشياء لم يرد فيها النص أو به النص - حينئذٍ - نمنع في كل مسألة على حده إذ لو كان كذلك لجاء النص مبيناً لكل مسألة من هذه المسائل (أو أطلق) يعني النية أطلق النية نوى الصلاة نوى بتيممه صلاة وأطلق هل هي
صلاة فرض هل هي فرض كفاية جنازة هل هي نفل أطلق؟ قالوا لا يصلي به إلا الأدنى لماذا؟ لأنها صارت مشتركة بين أعلى وأدنى وهو لم يعين فيحمل على الأدنى فلا يصلي به فرضاً ولذلك قال (أو أطلق) يعني أطلق النية يعني نوى استباحة الصلاة وأطلق لم يعين الصلاة فلم يعين فرضاً ولا نفلاً (لم يصلي به فرضاً) ولو جنازة لماذا؟ لأن الجنازة من الواجبات لكنها واجب كفائي لا واجب عيني إذاً كل منهما الواجب العيني والكفائي لا يصلي به إذا نوى إذا أطلق النية ولم يعين فانتفاء التعين - حينئذٍ - يحمل التيمم أنه تيمم عن نافلة ولا يصلي به الأعلى وهذا لا دليل عليه والصواب أنه متى ما نوى ما تشترط له الطهارة صلى به مطلقاً أدنى وأعلى ومساوي ومثله وغير ذلك، (وإن نواه) يعني نوى الفرض (صلى كل وقته) يعني وقت الفرض (فروضاً ونوافل) فله الجمع وقضاء الفوات (صلى كل وقته) يعني وقت الفرض (فروضاً) كيف صلى فروضا هو فرض واحد؟ نقول نعم قد يجمع بين فرضين ظهر وعصر مغرب وعشاء - حينئذٍ - لا يشترط أن يتيمم للظهر ثم يتيمم للعصر قد قال به بعض الفقهاء الصواب أنه يجمع بينهما بتيمم واحد وله أن يصلي نوافل كذلك، كذلك إذا تذكر ماذا؟ فائته - حينئذٍ - له أن يصلي لماذا؟ لأنها فرض وقد الفرض فصلى به فروضاً ونوافل فمن نوى شيء استباحه ومثله ودونه العوام لا يفهمون هذا الكلام فإذا قيل بهذا - - فالباب فصار فيه مشقة، ثم انتقل إلى مبطلات التيمم فقال (ويبطل التيمم بخروج الوقت) هذه مسألة اجتهادية قالوا لأن مبنى التيمم على طهارة الضرورة - حينئذٍ - تقدر بقدرها فلا يحل له أن يتيمم قبل دخول الوقت لماذا؟ لأنه غير مضطر وكذلك إذا خرج الوقت بطل التيمم لأنه إنما قيد بوقت معين وهذه مسألة اجتهادية وليس عليها دليل فالظاهر والصحيح أنه لا يبطل التيمم بخروج الوقت مطلقاً (ويبطل التيمم) قال [مطلقاً] سواء كان في صلاة وغيرها (بخروج الوقت)[وإن لم يحدث أو دخوله فلا يباح له فعل شيء من العبادات المشترط لها التيمم وظاهر كلامه أنه لو خرج الوقت في أثناء الصلاة بطل التيمم] وهو كذلك المذهب أنه لو خرج الوقت في أثناء الصلاة بطل التيمم وهذا محل إشكال إذاً بخروج وقته أو دخوله يبطل التيمم وعنه عن الإمام أحمد رواية أنه رافع فيصلي به إلى حدثه لأن الله تعالى شرع التيمم حال عدم الماء فقال (فلم تجدوا ماء فتيمموا) فتبقى الطهارة ببقائه والرسول صلى الله عليه وسلم جعل طهارة التيمم ممتدة إلى وجود الماء فقال (طهور المسلم) وقال (جعلت تربتها لنا طهوراً) وللنسائي بسند قوي (وضوء المسلم) فكان في عدم الماء كالوضوء ولأنها طهارة تبيح الصلاة فلا تتقيد بالوقت كطهارة الماء إذاً هذا الشرط أو هذا المبطل ليس بمسلم له واستثنى المذهب مسألتين صلاة الجمعة لو خرج الوقت وهو يصلي ما بطلت كذلك الجمع وكذلك يبطل التيمم عن حدث أصغر من مبطلات الوضوء قال في الإنصاف [بلا نزاع] وعن حدث بموجباته يعني لو تيمم عن حدث أصغر بطل التيمم بمبطلات الوضوء السابقة الثمانية وكذلك يبطل التيمم إذا تيمم عن حدث أكبر بموجبات الغسل السابقة في باب الغسل وهذا محل وفاق قال ابن حزم رحمه الله تعالى [وكل حدث ينقض الوضوء فإنه ينقض
التيمم وهذا مما لا خلاف فيه من أحد من أهل الإسلام] رحمه الله (وبوجود الماء ولو في الصلاة) هذه مبطل في باب التيمم يزاد على مبطلات الوضوء ويبطل التيمم أيضاً (بوجود الماء) إذا تيمم ثم وجد الماء قبل دخوله في الصلاة بطل تيممه عند عامة أهل العلم إذا تيمم ولم يصلي بعد تيمم قيل جاء الماء وصل الماء ولم يصلي بطل تيممه عند عامة أهل العلم إن وجد التيمم بعد الوقت خروج الوقت عامة أهل العلم لا تلزمه الإعادة إن وجد الماء بعد الصلاة قبل خروج الوقت فيه خلاف وجمهور أهل العلم أنه لا تلزمه الإعادة وهو الصحيح لأنه إذا أدى ما أمر به فقد خرج عن العهدة - حينئذٍ - بقي عليه إن وجد الماء قبل الصلاة هذا محل وفاق إن وجد الماء أثناء الصلاة هذا محل خلاف بين أهل العلم ولذلك قال (بوجود الماء) المقدور على استعماله بلا ضرر إن كان تيمم لعدمه وإلا فبزوال مبيح لمرض ونحوه يعني إذا وجد الماء وقدر على استعماله أما إذا تيمم لعجزه كمن به جروح ووجد الماء بعد ذلك لا يضره أليس كذلك؟ لأن الموجب لانتقاله عن الطهارة المائية إلى الطهارة الترابية ليس هو عدم الماء ولو كان بالفعل عادم للماء فلو وجده نقول السبب الموجب له المنتقل من الطهارة المائية إلى الترابية هو ماذا؟ العجز وليس عدم الماء حساً - حينئذٍ - لو جد الماء لا يضره قال (ولو في الصلاة)(ولو) هذه إشارة خلاف (في الصلاة) فرضاً كانت أو نفلاً فيتطهر ويستأنفها أي يبطل تيممه بوجود الماء وهو في الصلاة وظاهره ولو جمعة لأن طهارة انتهت بانتهاء وقتها وهذا مذهب أبي حنيفة قال ابن رشد [وهما أحفظ للأصل لأنه أمر غير مناسب للشرع أن يوجد شيء واحد لا يبطل الطهارة في الصلاة وينقضها في غير الصلاة]- حينئذٍ - لو جد الماء قبل الصلاة انتقضت الطهارة إذا وجد الماء أثناء الصلاة قالوا لا ينتقض قل لا ينتقض لأن الشيء الواحد إذا اعتبر ناقضاً في قبل الصلاة كذلك هو ناقض أثناء الصلاة كالريح مثلاً خروج الريح ناقض للوضوء قبل الدخول في الصلاة لو وجد في أثناء الصلاة فهو كذلك والتفريق بين متماثلين هذا لا أساس به في الشرع إذاً لا يصدق عليه أنه غير واجد للماء إذا وجد الماء أثناء الصلاة (فلم نجدوا ماء فتيمموا) ثم يصلي به ولا يتحقق عدم وجود الماء إلا إذا انتهى من صلاته فإن وجده أثناء الصلاة لزمه الإعادة (لا بعدها) يعني لا إن وجد ذلك (بعدها) يعني بعد الصلاة سواء خرج الوقت أو لا قال ابن المنذر [أجمع أهل العلم على أنه من تيمم صعيداً طيباً كما أمر الله وصلى ثم وجد الماء بعد خروج وقت الصلاة لا إعادة عليه] فإن وجده قبل خروج الوقت فالجمهور لا يجب عليه أن يعيد الصلاة وقيل يستحب والصواب أنه لا يلزمه ولا يستحب لأنه فعل شيء مأموراً به فأدى ما عليه وبرئت ذمته من الصلاة وسقطت عنه الطلب (لا بعدها) يعني لا بعد الصلاة فلا تجب إعادتها، قال رحمه الله تعالى (والتيمم آخر الوقت لراجي الماء أولى وصفته) هذا يأتي معنا مع باب النجاسة ونقف على هذا
والله أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.