الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* باب الاستنجاء: معنى الاستنجاء لغةً، واصطلاحًا.
* الشروع في المستحبات عند دخول الخلاء بقوله: يستحب عند دخول الخلاء قول: بسم الله".
* قوله: "واعتماده على رجله اليسرى" لدليل، وتعليل، والصحيح في هذه المسألة.
* قوله: "وبعده في فضاء واستتاره"، والحكمة من ذلك.
* قوله: "وارتياده لبوله مكانًا رخوًا" هذا الأدب محل وفاق عند أهل العلم.
* شروعه في ذكر ما يكره بقوله: "ويكره دخوله بشيء فيه ذكر الله"، والصحيح في المسالة.
* هل يكره الكلام في الخلاء؟
* شروعه في محرمات الخلاء بقوله: "ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان".
* قوله: "وبوله في شق ونحوه".
* قوله: "وبوله في طريق وظل نافع، وتحت شجرة عليها ثمرة".
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فنبدأ بالشرح الميسر على الزاد قد وقفنا على قول المصنف رحمه الله تعالى (باب الاستنجاء) عندما أنهى بتعريف الطهارة وأحكام المياه ثنى بباب الآنية لما ذكر الماء ذكر ظرفه لما كانت الطهارة على نوعين طهارة صغرى وهي الوضوء وطهارة كبرى وهي الغسل من الجنابة ونحوها من الحدث الأكبر شرع في بيان ما يتقدم الطهارة الصغرى وهو أحكام الطهارة الصغرى وهو أحكام الاستنجاء والاستجمار وكما سيأتي قول المصنف (ولا يصح قبله وضوء ولا تيمم) إذاً قبل الشروع في مفسدات أو نواقض الوضوء وصفة الطهارة الصغرى حينئذٍ لابد من بيان ما يتعلق بالشرط المقدم على صحة الوضوء ولا شك أن العلم بالشرط مقدم على العلم بالمشروط وقال رحمه الله تعالى (باب الاستنجاء) ويذكر في هذا الباب جملة من الآداب - الآداب جمع أدب - ولا يشترط في الآداب أن تكون مستحبة مسنونة وقد يكون الأدب فعلاً وقد يكون تركاً حينئذٍ إذا كان فعلاً قد يكون مطلوباً طلباً جازماً وقد لا يكون كذلك فانتظم تحت هذا النوعين الواجب والمندوب وقد يكون طلب ترك وهذا قد يكون جازماً وقد يكون غير جازم فندرج في هذا النوع المحرم والمكروه حينئذٍ قد يكون الأدب واجباً وقد يكون مستحباً وقد يكون مكروهاً وقد يكون محرماً سيذكرها المصنف على هذا النحو، (باب الاستنجاء) الاستنجاء استفعال من النجو الأصل فيه من قوله نجوة الشجرة أي قطعتها فكأنه قطع الأذى عنه باستعمال الماء والحجر قطعت الشجرة نجوة الشجرة أي قطعتها فكأن الذي أراد أن يستنجي ويزيل النجاسة عنه قال كأنه قطع الأذى عنه باستعمال الماء والحجر وهذا مشهور عند أهل اللغة كما أنه مشهور عند الفقهاء ولذلك قال في القاموس واستطاب استنجاء فأطاب لأن الاستنجاء والاستطابة بمعنى واحد ولذلك بعضهم يعنون بالاستنجاء وبعضهم بآداب التخلي وبعضهم بالاستطابة والحدث والعناوين مختلفة والفرق بينها من جهة المعنى اللغوي وأما المعنى الشرعي فهو واحد إذاً الاستنجاء استفعال من النجو واستنجاء طلب نجوه أي قطعه وأما في الروض هنا عرفه بقوله (إزالت خارج من سبيل بماء أو إزالت حكمه بحجر ونحوه) وهذا بناء منه على أن الاستجمار لا يعد من المطهرات ثَمَّ خلاف بين أهل العلم هل الاستجمار مطهر أو لا؟ المذهب لا يطهر لأنه كما سبق (لا ويرفع الحدث ولا يزيل النجس الطارئ غيره) يعني غير الماء الطهور فكل مائع غير الماء الطهور لا يعتبر مزيل للنجاسة حينئذٍ إذا خرج البول منه هذا نجاسة وإذا خرج الغائط منه هذا نجاسة فإذا أزالها بالحجر فقد أزالها بغير الماء حينئذٍ يكون هذا من باب الرخص ويحكم على المحل بأنه نجس في الأصل لذلك قال (أو إزالت حكمه) يعني حكم الخارج من السبيل بهذا الحجر أو نحوه حينئذٍ يحكم على المحل بكونه نجس من حيث البقاء الأثر وأما من كون ما يترتب عليه من الأحكام الشرعية كالصلاة نحوها حينئذٍ يرخص له بفعل هذا الاستجمار والصحيح أنه مطهر ولذلك الأولى أن يعبر بأنه (إزالت خارج من سبيل بماء أو حجر) ولا نقول إزالت حكمه بل إزالت
خارج من سبيل بماء أو حجر فينوع بين النوعين الماء والحجر وهنا قلنا الحجر مطهر لأنه جاء في السنة ما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الروث والعظم (إنهما لا يطهران)(إنهما - أي الروث والعظم - لا يطهران) مفهومه أن غير الروث والعظم يطهران فدل على أنه مطهر ويحكم على المحل بكونه طاهر وبان الأثر الباقي بعد إزالت شيء من النجاسة الذي لا يزيله إلا الماء كما سيأتي حينئذٍ نحكم عليه بأنه طاهر مطلقاً ينبني على الخلاف هل ومطهر أو لا؟ لو عرق المحل ثم سال العرق فأصاب الثوب ماذا نحكم على الثوب وقد رأيت لون العذرة مثلاً؟ من قال أنه لا يطهر حكم عليه بأنه نجس لأنه إنما حكم عليه بطهارته في محله فإذا تعدى المحل رجعنا إلى الأصل ومن قال مطهر حكمنا على هذا الثوب بأنه طاهر وهذا الصحيح الذي دلت عليه السنة ودائماً نقول إذا جاءت أصول وأصلنها حينئذٍ إذا جاء ما يخالفها حينئذٍ نقول هذا مستثنى ولا نجعله معارضاً للأصل ونقول الأصل أن النجاسة لا تزال إلا بالماء الطهور وأما الماء الطاهر والنجس فلا يزيل كل منهما النجاسة فإذا جاء ما يدل على زوال النجاسة وإزالتها والحكم بالطهارة من السنة أو القرآن حكمنا عليه في موضعه ولا نجعل هذا تعارض يتعارض مع ذاك نقول هذا الأصل وهذا خارج عنه بدليل وما خرج عنه بدليل يعتبر مستثنى وإذا كان كذلك حينئذٍ غيره عليه لا ينقاس كما يقول بعض الأصوليين إذاً (إزالت خارج) إزالت هذا لا مفهوم له يعني لو قال زوال أو إزالت لا يشترط فعل وفاعل (إزالت الخارج) الخارج أطلقه المصنف هنا بناء على المذهب فيشمل النادر والمعتاد والرطب واليابس والطاهر والنجس كل خارج ولذلك سيأتي (ويجب الاستنجاء لكل خارج إلا الريح) فلا يستثنى إلا الريح هذا الصحيح في المذهب وإن كان المرجح بأن الطاهر لا يجب الاستنجاء أو الاستجمار منه وأما النجس الغير ملوث فهذا محل نزاع بين أهل العلم وأما قوله هنا - من أجل نشرح المذهب - (إزالت الخارج) هذا عام يشمل النادر والمعتاد، المعتاد كالبول والغائط والنادر كالحصى والدود والشعر لو خرج من الدبر هل يجب الاستجمار له أو الاستنجاء هذا محل خلاف بين أهل العلم والصحيح أن الأدلة عامة فتشمل ما كان معتاداً وما كان نادراً فالأصل المعتاد أنه يخرج منه بول أو غائط إذا خرج دود حينئذٍ نقول الأصل أن الأدلة عامة فتبقى على عمومها (الخارج من سبيل) المراد به هنا الطريق يذكر ويؤنث والمراد به طريق البول والغائط يعني القبل أو الدبر (من سبيل) أي من قبل أو من دبر لأن الاستنجاء والاستجمار إنما ورد في هذا الموضع حينئذٍ يشترط في هذا السبيل أن يكون أصلياً بمعنى القبل المعروف والدبر المعروف حينئذٍ لو فتح له فتحة في غير الموضع وخرج منه بول أو الغائط لا يأخذ حكم القبل والدبر لماذا؟ لأن الاستنجاء والاستجمار إنما ورد فهذين الموضعين فحسب وما عداهما في فتحة فوق السرة أو دونها حينئذٍ نقول هذا يعتبر من باب إزالت النجاسة ولذلك إذا مس الذكر مباشرة وهو متوضأ نقول بطلت طهارتك على الصحيح حينئذٍ لو مس هذه الفتحة التي فتحت ولم تكن ثَمَّ قبلاً أو دبراً حكمنا على الوضوء بأنه صحيح والفرق بينهما أن النص جاء في القبل
الذكر ولم يرد في الفتحة وليس لها أحكام متعلقة ما إذا انسد المخرج المعتاد وانفتح آخر إذاً (من سبيل أصلي) خرج به غير الأصلي فيما إذا انسد المعتاد وانفتح آخر حينئذٍ لم يجزئ فيه الاستجمار إزالت النجاسة تكون بالماء على الأصل وأما استخدام الأحجار لا يجزئ لماذا؟ لأن الرخصة إنما وردت في القبل أو الدبر وغير السبيلين لا يقاس عليهما ألبته لأنه من باب الرخص (أو إزالت حكمه) أي حكم الخارج من سبيل (بحجر ونحوه) ونحو الحجر كما سيأتي بيانه، إذاً هذا هو حقيقة الاستنجاء أو الاستجمار كل منهما بمعنى واحد إلا أن الغالب أن ما استعمل فيه الماء يسمى استنجاء وما استعمل فيه الحجر ونحوه يسمى استجماراً قد يطلق على الثاني استنجاء (أو إزالت حكمه) قلنا الصحيح أنه مطهر حينئذٍ نقول (إزالت الخارج من سبيل بماء أو حجر) شرع المصنف رحمه الله تعالى في ذكر المستحبات فقال رحمه الله تعالى يعني من الآداب التي يستحب لمن أراد التخلي أن يأتي بها إما قوله أو فعله فقال رحمه الله تعالى (يستحب) والاستحباب والسنة والفضيلة والتطوع والندب كلها على الصحيح ألفاظ مترادفة (فضيلة والندب والذي استحب
…
ترادفت) هذا هو الصحيح أما التفرقة التي تحصل عند الفقهاء أو عند الأصوليين بأن السنة ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة ولم يتكرر إلى آخره كلها هذه مصطلحات محدثة يعني اصطلاحات خاصة ببعض المذاهب وليست هي مبنية على تأصيل الأحكام الشرعية حينئذٍ نقول كل ما قيل بأنه مستحب فهو مندوب فعبر المصنف هنا بقوله (يستحب) وعبر غيره كما في الإقناع والمنتهى بـ (يسن) وكل منهما بمعنى واحد وفرق بينهما بعض الفقهاء بأنه ما ثبت بتعليل يعبر عنه بالاستحباب وما ثبت بدليل يعبر عنه بالسنية وهذا التفريق لا وجه له لماذا؟ لأنه ما ثبت بتعليل نقول هل هذا التعليل دل عليه الشرع أم لا؟ إن دل عليه الشرع حينئذٍ صار دليلاً شرعياً وإذا كان دليل شرعياً فيعبر عنه بالسنة، (يستحب عند دخول الخلاء قول بسم الله)(يستحب عند دخول الخلاء)(عند دخول الخلاء) يعني عند إرادة دخول الخلاء وعند المراد به هنا إرادة الدخول لا معه ولا بعده فإن الاحتمالات ثلاثة إما أن يقول هذا الذكر قبل أن يدخل وإما أن يقوله بعد الدخول وإما أن يقوله أثناء الدخول ما المراد أن يقوله قبل أن يدخل الخلاء لا معه ولا بعده (والخلاء) بالمد الموضع المعد لقضاء الحاجة هذا في الأصل المكان الخالي نقل إلى البناء المعد لقضاء الحاجة هذا في عرف الناس سمي خلاء لأنه يخلو بنفسه خلا بالمكان خلاء إذا فرغ لأنه يخلو بنفسه لذلك سمي خلاء (يستحب عند دخول الخلاء) قول الشارح ونحوه والمراد به كصحراء ونحوها يعني هذا الذكر قول (بسم الله) لا يشترط أن يذكره فمن أراد قضاء الحاجة إذا كان مريداً أو داخلاً لما هو بناء لأن الدخول إنما يعبر بماذا؟ بما يدخل منه ويخرج وإنما هذا يكون في البناء ونحوه وأما الصحراء فكيف يقول دخلت وخرجت هذا لا يتأتى فيه نقول لا هذا مراد هنا في الشرع حينئذٍ الخلاء هو ما كان في معناه مما يقضي فيه القاضي حاجته حينئذٍ يسن له هذا الذكر ولا شك أنه إذا دخل الخلاء الدخول واضح ولكن في الصحراء ونحوها نقول متى
يدخل؟ إذا قدم رجله اليسرى في المكان الذي يريد أن يقضي فيه حاجته حينئذٍ يشرع له أن يقول بسم الله، إذا أراد هذا المحل وهو واقف هنا وأراد أن يقدم رجله اليسرى يقول بسم الله وهو هنا لم يدخل خلاء وإنما نقول الذكر عام والخلاء في الأصل استعمال اللغوي عام لكل من خلا بنفسه لقضاء حاجته وإنما نقول إلى المعنى المعروف هذا المعد لقضاء الحاجة عرفاً وأما المصطلح اللغوي عام فيبقى على أصله إذاً في أول الشرع يقول بسم الله عند أول ما يضع قدمه اليسرى في المحل الذي يريد قضاء الحاجة فيأتي بهذا الذكر (يستحب عند دخول الخلاء قول بسم الله)(قول) باللسان فلا يكفي أن ينويه بقلبه لأن القول هو اللفظ والمعنى معاً فلا يصدق على المعنى دون اللفظ ولا على اللفظ دون المعنى هذا بإجماع أهل اللغة وهو عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسألة الكلام والقول في هذا المقام سيان مترادفان حينئذٍ مسمى الكلام ومسمى القول اللفظ والمعنى معاً حينئذٍ لو نوى بقلبه البسملة عند دخول الخلاء ولم يتلفظ هل أتى بالأدب لا لم يأتي بالأدب لماذا؟ لأن القول مشترط وهو أن يأتي بالقول مع المعنى فإذا نوى بقلبه لم يأتي بهذا الذكر لحديث علي مرفوعاً (ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخلوا الكنيف أن يقول بسم الله) إذاً أتى بالقول فالقول مشترط هنا (بسم الله) ولا يزد عليها (الرحمن الرحيم) لأن المقام هنا ذكر والذكر إنما يتعبد به بنقله كما نقل إلينا فلا نزيد عليه الرحمن الرحيم ولو كانت البسملة معروفة في جهة أخرى فهنا في هذا المقام نقول بسم الله ولا نقول الرحمن الرحيم وهذا الحديث رواه ابن ماجة والترمذي وقال ليس إسناده بالقوي صححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الإرواء إذاً الحديث ثابت ولذلك قال الحافظ رحمه الله تعالى رواه العمري من طريق عبدالعزيز بن مختار عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا دخلتم الخلاء فقول بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث) قال الحافظ إسناده على شرط مسلم وفيه زيادة التسمية ولم أرها في غير هذه الرواية وهذا الأدب مستحب باتفاق أهل العلم يعني حكي الإجماع أنه يستحب لمن دخل الخلاء وهو مريد لقضاء الحاجة أو نحو الخلاء أن يقول بسم الله يتلفظ بهذا اللفظ ولا يزيد الرحمن الرحيم، (أعوذ بالله من الخُبُث أو الخُبْث والخبائث) والرواية إنما جاءت بالخُبُث بضم الباء يعني بضمتين (أعوذ) هذا أدب آخر يزيده على ما سبق إذاً الأدب الأول المستحب هو قول بسم الله الأدب الثاني (أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث)(أعوذ) يعني أعتصم وألتجئ وأستجير (بالله) أي لا بغيره (بالله) هذا مستعاذ به، والمستعاذ منه هو الذي جاء بعد قوله من (الخبث) إذاً عندنا في هذا التركيب استعاذة وعبر عنها هنا بقوله (أعوذ) عندنا مستعاذ به وهو الله جل في علاه وعندنا مستعاذ منه والخبث والخبائث قال (من الخُبْث) بإسكان الباء هكذا في المتن قاله أبو عبيدة وقال القاضي عياض هو أكثر روايات الشيوخ يعني الإسكان (أعوذ بالله من الخُبْث) وفسره بالشر يعني فسر الخُبْث بإسكان الباء بناء على أنه أصل وليس مخففاً يعني وزنه فُعْل ابتداء وليس مخففاً نم
فُعُل فسره بالشر والخبائث الشياطين فكأنه استعاذ من الشر وأهله إذاً على هذا المعنى (أعوذ بالله من الخُبْث - بإسكان الباء - والخبائث) أي من الشر وأهله، وثَمَّ قول آخر (أعوذ بالله من الخُبُث) بضم الباء يعني بضمتين على وزن فُعُل حينئذٍ لا يكون مفرداً كالخبْث وإنما يكون جمعاً مفرده خبيث وهو ذكران الشياطين والخبائث جمع خبيثة وهي إناث الشياطين حينئذٍ استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم حينئذٍ ما المرجح بين القولين؟ نقول المرجح أنه على وزن فُعُل يعني (أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث) وما جاء من أنه الخُبْث نقول هذا على باب التخفيف فالأصل فيه أنه على وزن فُعُل وفُعُل في لسان العرب سواء كان مفرداًً أو جمعاً يخفف فيقال فيه فُعْلٌ كما لو قلت كُتُب جمع كتاب فُعُل يخفف ويقال هذه كُتْبٌ على وزن فُعْل ولذلك قال في الفتح الخُبُث بضم المعجمة والموحدة كذا في الرواية وهي التي رجحها الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بأنها بالضم وأما على القول بأنها بالإسكان حينئذٍ تحمل على أنها مخففة ولذلك قال النووي رحمه الله تعالى هو جائز تخفيفاً بلا خلاف عند أهل النحو والتصريف إذاً لا خلاف بينهما فسواء قلنا خُبُب أو خُبْث المراد به جمع خبيث على هذا أو ذاك نقول جمع خبيث ما وجهه؟ نقول خبْث بالإسكان ليس مفرد وإنما هو جمع كيف جاء على وزن فُعْل؟ نقول أصله فُعُل مثل كُتُب ويخفف بإسكان عينه فيقال فُعْلٌ كما تقول كُتْبٌ إذاً لا خلاف بين القولين وإذا أختار شيخ الإسلام ابن تيمية رواية الإسكان بتعليل آخر لكن إثبات الرواية حينئذٍ هي المقدمة والله أعلم، إذاً (أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث) نقول هذا أدب مستحب وهو متفق عليه وقد جاء النص فيه وهو حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال (اللهم إني أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث) هذا الحديث متفق عليه ولمسلم (أعوذ بالله) كما أوردها المصنف هنا إذاً تأتي بهذا تارة وبهذا تارة أخرى تقول (بسم الله اللهم إني أعوذ بالله من الخبث والخبائث) بزيادة (اللهم إني) تأتي في مرة أخرى (بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث) وهذا الأصل فيما إذا جاء الذكر صيغتين مختلفتين والسنة فيهما أن تأتي بهذا تارة وبهذا تارة ولا يرجح أحد الذكر على الآخر مطلقاً وإنما يقال يفعل هذا تارة وهذا تارة ويكون من باب تنوع السنن، (وعند الخروج منه غفرانك) هذا الأدب الثالث من المستحبات أي ويستحب أن يقول من أراد التخلي قضاء الحاجة عند الخروج يقال كذلك ما قيل فيما سبق عند يحتمل أنه قبل أن يخرج أو بعده أو معه والمراد هنا بعد الخروج فالعندية هنا تفسر بالبُعد حينئذٍ نقول عند تفيد القرب بمعنى أنه إذا أراد أن يدخل قال بسم الله وأما قبله بدقائق بأنه يفصل بينه وبين الذكر نقول هذا لا يكون آتياً بالسنة كذلك لو خرج وبقي ربع ساعة ثم قال غفرانك نقول لم يأتي بالذكر إلا إذا كان نسياً حينئذٍ يكون قضاء (عند الخروج منه) يعني بعد الخروج منه أي من الخلاء (غفرانك) بالنصب أي أسألك غفرانك مفعول به لفعل محذوف فعل مقدر أو مصدر أي اغفر غفرانك (غفرانك) مأخوذ من الغَفْر بفتح الغين وهو الستر مصدر غفر يغفر
غفراً وغفراناً كشكر يشكر شكراً وشكراناً والمغفرة هي الستر مع المحو والتجاوز عن الذنوب وليس المراد به الستر فقط وإنما الستر مع المحو حينئذٍ يأتي بهذا الذكر بعد الخروج لماذا؟ ما الحكمة؟ نقول الحكمة هي امتثال ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تقول كما قال ولم يرد تعليل منه لذلك عليه الصلاة والسلام حينئذٍ نقول سمعاً وأطعنا ونفعل كما فعل صلى الله عليه وسلم لأجل أنه فعل وأما الدخول في التعليلات هذا الأصل عدمه ولكن ذكر الفقهاء بعض العلل التي هي مناسبة لهذا الذكر والأصل في المسلم أنه يمتثل دون أن يستفسر عن ذلك ولذلك قال المحشي هنا من استغفر الله عن تقصيره في شكر الله عن إخراج ذلك الخارج من بعد أن أنعم عليه - هذا يحتاج إلى نقل - فأطعمه ثم هضمه ثم سهل خروجه عليه ويقال إن مناسبة سؤال المغفرة في هذا الموضع أنه دخل ثقيلاً وخرج خفيفاً هذا أقرب ما يكون أنه تذكر بهذا الموضع ذلك الموضع دخل ثقيلاً خرج خفيفاً فذكر ثقل الذنب يوم القيامة فسأل الله المغفرة، على كل هذا أو ذاك البحث في هذا الأصل عدمه إذاً غفرانك يقول هذا الذكر لحديث أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال (غفرانك) رواه الترمذي وحسنه (قال) كذلك اللفظ والمعنى معاً فلا يجزئ فيه المعنى أن ينويه بقلبه دون أن يتلفظ بلسانه وقوله في مثل هذه الأذكار (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على الاستمرار حينئذٍ لا يفعل مرة ويترك مرات بل الأصل فيه المداومة على ذلك ولذلك إذا جاء لفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا أو يفعل كذا فالأصل فيه المداومة وملازمة هذا الذكر أو الفعل إذا خرج من الخلاء ومن نحوه كذلك يقول (غفرانك) فإذا خرج من نحو الخلاء إذا قدم رجله اليسرى عند الخروج من المكان الذي جلس فيه كالصحراء ونحوها، (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني) هذا ذكر ثالث زاده المصنف لما رواه ابن ماجه عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال:(الحمد لله الذي أذهب عني الأذى) الأذى البول والغائط (وعافاني) يعني من احتباسه وهذا كما ذكر الشارح رواه ابن ماجه وغيره كالنسائي وابن السني عن أبي ذر وقال الحافظ سنده حسن يعني حسن إسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى وقال في الزوائد فيه إسماعيل بن مسلم مجمع على تضعيفه والحديث بهذا اللفظ غير ثابت وفي المجموع إسناده ضعيف وضعفه كذلك الشيخ الألباني والحديث لا يثبت لأنه ضعيف حينئذٍ من حسنه ورأى أنه مقبول حينئذٍ يعتمده ومن رأى ضعفه فالأصل فيه الترك ولا يعتمده من أجل أنه ضعيف لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الصحيح لا يعمل به مطلقاً لا في الحلال ولا في الحرام ولا في فضائل الأعمال لأنه ضعيف فضائل الأعمال إنما تثبت بما يثبت به الحلال والحرام والتفريقة بين الحلال والحرام وبين فضائل الأعمال هذه تحتاج إلى دليل كما نص على ذلك الشوكاني رحمه الله تعالى فإن جيء بدليل يخص الأدلة الدالة على عدم قبول الحديث الضعيف في الحلال والحرام حينئذٍ على العين والرأس وإن لم يرد حينئذٍ نقول ما دل على عدم قبول الضعيف في الحلال والحرام يشمل كذلك فضائل الأعمال والتخصيص من غير
مخصص غير مقبول إذاً الحديث الضعيف فلا يعمل فيه مطلقاً، (وتقديم رجله اليسر دخولاً واليمنى خروجاً) هذا من المستحبات الفعلية تلك الثلاثة مستحبات قولية وهذا مستحب فعلي يعني ويستحب لمن أراد دخول بيت الخلاء ونحوه تقديم رجله اليسرى أن يبدأ برجله اليسرى دخولاً لما روى الحكيم الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال (من بدأ برجله اليمنى قبل يساره إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر) والحديث ضعيف ولا يثبت ولأن اليسرى للأذى واليمنى لما سواه ليس في المسألة نص وإنما ثَمَّ قاعدة عامة وهو أنه إذا اجتمع الأمران يعني ما يمكن فعله باليمنى أو اليسرى سواء كان في الرجلين أو اليدين حينئذٍ ينظر في ذاك المفعول إن كان من باب التكريم حينئذٍ تقدم اليمنى سواء كانت الرجل أو اليد وإن كان من الأذى ونحوه أو الإهانة حينئذٍ تقدم اليسرى سواء كان من اليد أو الرجل ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله تعالى (قد استقرت قواعد الشريعة على أن الأفعال التي تشترك فيها اليمنى واليسرى تقدم اليمنى فيها إذا من باب الكرامة كالوضوء وتقدم اليسرى بضد ذلك كدخول الخلاء) إذاً أدلة عامة تدل على أن الفعل إذا أمكن فعله باليدين حينئذٍ ننظر في المفعول إن كان كريماً فعلناه باليمنى وإن كان مهاناً باليسرى وكذلك الدخول إلى بيت الخلاء ليس من باب الكرامة فتقدم اليسرى (وتقديم رجله اليسرى دخولاً) أي عند دخول الخلاء ونحوه من مواضع الأذى وأما غير البنيان كالصحراء حينئذٍ يقدم اليسرى إلى موضع جلوسه كما ذكرنا سابقاً إلى موضع الجلوس الذي عينه للجلوس حينئذٍ يقدم رجله اليسرى ويمناه عند منصرفه منه من ذلك الموضع مع إتيانه بالذكر في الدخول والخروج على نحو ما قدمنا قال (عكس مسجد ونعل) يعني هذا الحكم السابق تقديم اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج عكس المسجد حينئذٍ يعني خلاف مسجد فالعكس هنا بالمعنى اللغوي (عكس مسجد) لما روى أنس رضي الله تعالى عنه أنه قال (من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجل اليمنى) وإذا قال الصحابي من السنة حينئذٍ له حكم الرفع وكذلك جاء في ما رواه البخاري ومسلم (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال فلتكن اليمنى أولهما تنعل وأخراهما تنزع) فدل هذين الحديث على أن النعل يعني الانتعال وكذلك دخول المسجد إنما يكون باليمنى دخول في المسجد أو انتعالاً واليسرى خروجاً من المسجد أو خلع النعل إذاً قوله (عكس مسجد ونعل) أراد به تبين أن دخول الخلاء يكون بعكس هذا الحكم وليس مراده بيان حكم دخول المسجد ونحوه ولذلك قال الشارح هنا (فاليسرى تقدم للأذى واليمنى لما سواه) يعني سوى الأذى وروى الطبراني في المعجم الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ باليسرى)، (واعتماده على رجله اليسرى) يعني يستحب لمن أراد التخلي سواء من أراد بولاً أو غائط (اعتماده) يعني اتكاءه (على رجله اليسرى) حال جلوسه لقضاء الحاجة يعني لا في الاستنجاء والاستجمار وإنما وقت خروج الخارج وهنا فيه دليل وتعليل وأما الدليل ما رواه الطبراني في المعجم والبيهقي عن سراقة ابن مالك (أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن نتكئ على اليسرى وأن ننصب اليمنى) والحديث ضعيف قالوا والتعليل في الاعتماد اليسرى ونصب اليمنى فيه سهولة في إخراج الخارج لأن المعدة تكون في الشق الأيمن حينئذٍ إذا اعتمد على الجهة اليسرى فكأنه ضغط على المعدة فكان أسرع في خروج الخارج هذا إن ثبت طباً لا يثبت شرعاً بمعنى أنه لا يقال يستحب فيثبت له لأنه لا استحباب إلا بدليل شرعي فإن ثبت طباً وصح ذلك فمن أراد أن يفعله فالأصل فيه الإباحة أما أن يجعل مستحباً لمن احتاجه ولم يحتج إلى ذلك نقول الأصل فيه عدم الحكم الشرعي إذاً (اعتماده على رجله اليسرى) يعني يتكأ على رجله اليسرى وينصب اليمنى بأن يرفع أصابعها على الأرض ويرفع قدمه هكذا يعتمد على الأصابع ويرفع طرف القدم (وبعده في فضاء) أي ويستحب (بعده) الضمير يعود إلى قاضي الحاجة (في فضاء) الفضاء المراد به ما يقابل الخلاء والفضاء بالمد هو ما اتسع من الأرض يقال أفضيت إذا خرجت إلى الفضاء حتى لا يراه أحد وليس المراد به أن يستر عورته لأننا في مقام ذكر المستحبات ستر العورة نقول هذا من الواجبات (وبعده في فضاء) من أجل أن لا يرى جسده كله حينئذٍ ثَمَّ أمران ستر العورة أثناء قضاء الحاجة هذا واجب ستر الجسد كله بأن لا يراه أحد نقول هذا من المستحبات هذا إنما يتأتى إذا كان في فضاء وأما إن كان في خلاء ونحوه مما أعد بناء لقضاء الحاجة الأصل فيه أن لا يرى جسمه كله (وبعده في فضاء) إذا لم يكن ما يستره به من شجر وجبل فالمراد بعده حتى لا يرى جسمه لما روى أبو داود من حديث جابر - حديث جابر فيه كلام - ولفظه (كان إذا أتى البارز أبعد حتى لا يراه أحد) رواه النسائي وأبو داود والترمذي وصححه من حديث المغيرة بلفظ (كان إذا ذهب أبعد) وفي الصحيحين (فنطلق حتى توار عني) هذا أثبت وفيه من الأدب والمروءة ما هو ظاهر إذاً يستحب (بعده) أي بعد من أراد قضاء الحاجة حتى يستر بدنه كله عن الأنظار فيما إذا كان في فضاء (واستتاره) هذا تأكيد لما سبق وإلا البعد ما ثمرته ما نتيجته هو الاستتار حينئذٍ يكون هذا العطف كالتفسير لما سبق (واستتاره) يعني يستحب استتاره عن ناظر والمراد استتار بدنه كله وأما العورة فهو واجب فيستتر بما أمكنه من حائط وشجر وتراب (واستتاره) قد يقال بأنه أعم من جهة ماذا؟ أنه قد لا يكون في فضاء فيستتر بنحو حائط بنحو شجر سيارة ونحوها نقول هذا استتر ولم يكن في فضاء فيكون أعم مما سبق وأوردوا فيه حدث أبي هريرة رضي الله عنه (من أتى غائط فليستتر) رواه أبو داود وفيه كلام لأهل العلم وحسن إسناده الحافظ رحمه الله تعالى لكن الأصول العامة تدل عليه (وارتياده لبوله مكاناً رخواً)(وارتياده) أي ويستحب لقاضي الحاجة أن يرتاد لبوله (ارتياده) أي طلبه ارتاد الشيء أي طلبه (لبوله) خص البول دون الغائط لما سيذكره (مكاناً رخواً)(مكاناً) أي محلاً (رخواً) بتثليث الراء رِخواً رَخواً رُخواً والكسر أشهر رِخواً يعني ليناً هشاً وإذا قيل ليناً هشاً حينئذٍ عرفت الحكمة من تخصيص البول دون الغائط أليس كذلك؟ (وارتياده) يعني إذا أراد قاضي الحاجة أن يبول فليطلب مكاناً رخواً ليناً بحيث إذا بال لا يرجع إليه البول لو بال على صلب
ونحوه كحجر صلب حينئذٍ سيعود عليه رشاش البول فيصيبه شيء من النجاسة والأصل وجوب الابتعاد عن النجاسة وإذا كان كذلك حينئذٍ يستحب أن يطلب لبوله دون غائطه لأنه لا يرجع إليه شيء من غائطه لبوله دون غائطه مكاناً رخواً أي هشاً ليناً بحيث يأمن على نفسه أن يصاب بالنجاسة وهذا الأدب متفق عليه بين أهل العلم قالوا إن كان صلباً لينه بأن يأخذ حجر أو عوداً فيعالجه ويثير ترابه ليصير دمثاً سهلاً إذاً (وارتياده لبوله مكاناً رخواً) قال ابن القيم في زاد المعاد (وكان إذا أراد أن يبول في عزاز من الأرض وهو الموضع الصلب أخذ عوداً فنكث به حتى يثري به ثم يبول وكان يرتاد لبوله الموضع الدمث وهو اللين الرخو) هكذا قال ابن القيم في زاد المعاد وأورد حديث وفيه ضعيف (إذا بال أحدكم فليرتد لبوله) رواه أحمد وغيره الحديث ضعيف (ومسحه بيده اليسرى إذا فرغ من بوله من أصل ذكره إلى رأسه ثلاثاً ونتره ثلاثاً) هذا الاستبراء والنتر وهما أمران لا دليل عليهما لا من كتاب ولا من سنة لكن من ابتلي بسوسة أو مرض أو نحو ذلك وكان علاجاً له فيباح له لكن لا يجعل سنة مطردة كما ذكرناه فيما سبق (ومسحه) أي يستحب له أي لقاضي الحاجة إذا بال (مسحه) يعني أن يمسح (بيده اليسرى) لماذا لا اليمنى؟ لأنه محل أذى حينئذٍ ما كان محلاً للأذى فيفعل باليسرى (بيده اليسرى) لا اليمنى (إذا فرغ) يعني انقطع من بوله فهو خاص بالبول فلا يشمل الغائط (من أصل ذكره) أي من حلقة دبره من حَلْقة بفتح الحاء وإسكان اللام فيضع أصبعه الوسطى تحت الذكر والإبهام فوقه من مجامع العروق فيمر بهما إلى رأسه يعني رأس الذكر يعني من أصله فوق الأنثيين إلى رأس الذكر يضع أصبعيه ويمر بهما على موضع خروج البول ثلاثة مرات من أجل ماذا؟ لماذا قال (ثلاثاً) من أجل ماذا؟ من أجل إبراء الموضع لأن لا يبقى فيه بلل ألبته فيطارد البول مطاردة لأن لا يبقى شيء من البلل في ذلك المحل يعني من البول وهذا من باب ماذا؟ من باب الاستبراء (ونتره ثلاثاً) نتره يعني يستحب النتر والنتر بالمثناة فوق هو الجذب بجفاف يعني أن يحرك البول أو الذكر من داخله بالنفس يسمى نتراً حينئذٍ لا يبقى شيء من البول فإذا كان ثَمَّ ما هو قدر النقطة أو النقطتين يكون قد خرج بنفسه كذلك (ثلاثاًَ) أي نتر ذكره ثلاثاً ليستخرج بقية البول منه لحديث (إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً) رواه أحمد وغيره والحديث ضعيف إذاً هاتان المسألتان لا أصل لهما من حيث الحكم الشرعي وهو الدليل وبناء حكم شرعي مطرد في جميع الناس يعني سواء كان السليم والمريض يفعل هذا قول إذا ابتلي من ابتلي ونصحه طبيب بأن هذا لا يترتب عليه شيء من حيث الوسوسة أو من حيث الإضرار به حينئذٍ لا بأس بفعله فيكون أمراً مباحاً لأنه لم يرد أمر ولا نهي وكذلك لا نقول بدعة مطلقاً إذا جعل حكماً مطرداً نقول نعم بدعة لا شك في ذلك لأنه مما أحدث في الدين لم يكن له طريق شرعي أو مستند شرعي صحيح وأما إذا فعل من باب الإباحة بأن لا يعتقد أنه حكم شرعي حينئذٍ لا إشكال فيه، (وتحوله من موضعه ليستنجي إن خاف التلوث) يعني يستحب (تحوله) قاضي الحاجة بعد أن يبول وبعد أن يتغوط (تحوله) أي انتقاله من موضعه
يعني موضع قضاء الحاجة الذي وضع فيه البول والغائط لماذا؟ (ليستنجي) يعني بالماء في غيره في غير ذلك المحل يعني يغر محله لماذا؟ لأنه لا يأمن من رشاش الماء الذي يغسل به الموضعين أن يصيب النجاسة ثم يعود عليه هذا أمر واضح وهو متفق عليه بين أهل العلم ولذلك قيده (إن خاف تلوثاً) كما هو الشأن الآن النجاسة لا تبقى حينئذٍ نقول هذا الموضع لا وجود له ألبته لماذا؟ لأنه ثبت بتعليل وما ثبت بتعليل فحينئذٍ نقول الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً فإذا كانت الحمامات ونحوها مما لا تبقى فيه النجاسة تزول مباشرة إذا وضع الماء عليه أو بنفسها حينئذٍ لا يحتاج إلى أن ينتقل إلى موضع آخر لانتفاء العلة (وتحوله) أي ويستحب (تحوله من موضعه ليستنجي بغيره إن خاف تلوثاً) باستنجائه في مكانه حينئذٍ التحول هنا مبني على علة وهو أن لا يتنجس فإذا خاف تلوثاً استحب له وإن لم يخف حينئذٍ لا يستحب له ألبته إذاً ليس عندنا دليل من كتاب وسنة وإنما هو تعليل قاعدة عامة هذا ما يتعلق بالأقوال والأفعال المستحبة لمن أراد قضاء الحاجة ثم قال (ويكره) هذا شروع منه في الآداب المكروه ومعلوم أن المكروه ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم أو ما نهى عنه الشارع نهياً غير جازم بحيث يثاب على تركه امتثالاً ولا يعاقب على فعله يثاب على تركه امتثالاً بقيد الامتثال ولا يعاقب على تركه ثَمَّ ما يكون من الأفعال وثَمَّ ما يكون من الأقوال كذلك كما سبق في المستحبات والأصل في الأفعال والأقوال الإباحة حينئذٍ إذا قيل وجب على قاضي الحاجة ترك كذا من الأفعال أو من الأقوال طالبناه بالدليل فإن جاء دليل فعلى العين والرأس وإلا رجعنا إلى الأصل وهو الإباحة (ويكره دخوله بشيء فيه ذكر الله تعالى إلا لحاجة) وهذا وقول أكثر أهل العلم (ويكره) عرفنا الكراهة حكم شرعي دخوله أي دخول قاضي الحاجة إذا أراد أن يقضي حاجته لدخول الخلاء يكره دخوله أي دخول قاضي الحاجة الخلاء (بشيء فيه ذكر الله تعالى) والمراد (فيه ذكر الله تعالى) المراد اسم الله فضلاً عن الجمل التي تكون مركبة من هذا الاسم أو من غيره فإذا قيل لا إله إلا الله هذا كلمة التوحيد وفيها اسم الله وهل الحكم معلق بمثل هذا الألفاظ الله أكبر وسبحان الله ولا إله إلا الله أو هو أعم من ذلك؟ نقول أعم من ذلك فلو وجد معه ولو ورقة أو خاتم مكتوب فيه الله فقط نقول كره له دخوله الخلاء لأن قول (بشيء) هذا عام وقوله (فيه ذكر الله) هذا عام فيشمل ما فيه اسم الله تعالى فقط دون جملة مركبة ويشمل كذلك الجمل المعروفة إذاً المراد اسم الله تعالى والجمل المعروفة فيشمل النوعين ولذلك في المحرر قال و (لا يصحبه ما فيه اسم الله إلا من عذر) وهذا أعم وأوضح من كلام المصنف (إلا لحاجة) فإن كان لحاجة حينئذٍ لا يكره إن كان لحاجة لا يكره وهذا الحكم عام كل ما قيل فيه مكروه عند الفقهاء فالمراد به لغير حاجة فإن احتاج إليه ارتفعت كل كراهة ألبته سواء في هذا المقام أو غيره حينئذٍ يكون هذا التقيد من باب الإيضاح ومن باب زيادة التأكيد على الحكم بأن الحكم بالكراهة فيما إذا لم يحتج وأما إذا احتاج كدراهم مكتوب فيها لا إله إلا الله ولم يجد من يحفظ له هذه الدراهم
جاز دخوله الخلاء ولو بشيء فيه ذكر الله تعالى وكذلك لو كان معه ورقة وفيها شيء من الآيات فيها شيء من الأذكار الصباح والمساء ولم يجد من يحفظ له هذه الأوراق نقول هذا لحاجة إذا ً قوله (لحاجة) أي فلا يكره بمعنى أنه إذا احتاج أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله تعالى ارتفعت الكراهة فلو لم يجد من يحفظه له أو خاف ضياعه فلا بأس حيث أخفاه قال أحمد (الخاتم إذا كان فيه اسم الله تعالى يجعله في باطن كفه) يعني إما يخرجه ويمسكه هكذا وإما أن يحول الاسم إلى باطن الكف قال في الشرح (غير مصحف فيحرم) إذاً بشيء فيه ذكر يشمل المصحف وبعض المصحف كالمصحف كما قال البهوتي وحكي الإجماع إن حكي الإجماع فلا بأس حكي الإجماع على أنه لا يصح بل يحرم دخول قاضي الحاجة إلى الخلاء ونحوه بالمصحف ولذلك قال في الإنصاف (لا شك في تحريمه قطعاً ولا يتوقف ف هذا عاقل) قال البهوتي (قلت وبعض المصحف كالمصحف) إذاً يستثنى المصحف وبعض المصحف يعني إذا كان عندك القرآن مجزأ نقول هذا بعض معك جزء عم فقط وهو منفصل عن بقية القرآن نقول هذا بعض القرآن هل يحل أو يجوز دخول الخلاء بهذا المصحف أو بعض المصحف؟ الجواب لا؛ حكي الإجماع وإذا ثبت الإجماع فعلى ذلك وهل الأشرطة تأخذ حكم هذا أو السيدهات إذا فيها قرآن؟ الجواب لا؛ لا تأخذ الحكم لأنها شيء غير بارز، والمراد هنا بما فيه اسم الله بارزاً ظاهراً يقرأ وأما نحو القرآن إذا وضع فيه قرآن أو السيدهات ونحوها أو الأشرطة فيها قرآن نقول هذا لا يأخذ الحكم ألبته لأنه شيء مخفي والمراد هنا الشيء الذي يكون ظاهراً ما الدليل؟ عندهم دليل وتعليل وأما الدليل فهو حديث أنس (كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه) وخاتم الرسول صلى الله عليه وسلم كان منقوشاً عليه محمد رسول الله إذاً الله فيه لفظ الجلالة كان النبي صلى الله عليه وسلم ينزعه إذا أراد دخل الخلاء وهذا الحديث رواه الخمسة إلا أحمد وقال أبو داود حديث منكر إنما يعرف عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه وقال النسائي هذا الحديث غير محفوظ وهذا هو المشهور أن الحديث ضعيف منكر لا يثبت وإذا كان معتمد أهل العلم هذا الحديث وثَمَّ تعليل وهو تعظيم الله عزوجل عن موضع القاذورات لأن الخلاء موضع القاذورات فشرع تعظيم اسم الله تعالى وتنزهه عنه نقول هذه علة لا يمكن أن تكون في هذا المقام وهو الكراهة بحكم عاماً على جميع الخلق حينئذٍ إذا كان مبنى هذا الحكم هو الدليل والدليل ضعيف حينئذٍ إذا سقط الدليل سقط ما ترتب عليه ولذلك نقول الصواب لا يكره دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله تعالى لعدم وجود الدليل الصحيح الذي يكون مستنداً لهذا الحكم (ويكره دخوله بشيء فيه ذكر الله تعالى إلا لحاجة) والقول الآخر لا يكره ذكر الله تعالى داخل الخلاء فإذا عطس نعم هذا سيأتي معنا، ثم قال (ورفع ثوبه قبل دنوه من الأرض) هذا المكروه الثاني وهو أن يستكمل رفع ثوبه قبل أن يدنو يعني يقرب من الأرض بلا حاجة كذلك حينئذٍ إذا أراد قاضي الحاجة أن يجلس لا يكمل رفع الثوب قبل أن يجلس وإنما أثناء جلوسه يرفع شيء فشيء حتى يصل إلى الأرض ومبنى هذه المسألة كشف العورة في الخلوة هل هو يحرم أو يكره؟
على خلاف بين أهل العلم (ورفع ثوبه) يعني يكره استكمل رفع ثوبه إن بال قاعداً (قبل دنوه) أي قربه من الأرض بلا حاجة فإن كان ثَمَّ حاجة حينئذٍ نقول ارتفعت الكراهة لما روى أبو داود من طريق رجل لم يسمه عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض) رواه أبو داود والترمذي وضعفاه ولأن ذلك أستر له وكذلك مبناه على مسألة كشف العورة حينئذٍ إذا لم يثبت دليل على هذه المسألة فالأصل نقول بقاء الجواز فيبقى الأصل هو الجواز أن يستكمل ثم يجلس إذا لم يكن ثَمَّ ناظر له فإن كان ثَمَّ ناظر له أجنبي ممن لا يحل النظر له أو إليه حينئذٍ نقول الأصل فيه التحريم لأنه من باب كشف العورة وأما إذا خلا بنفسه فالأصل الإباحة ولا دليل على المنع إذاً ورفع ثوبه قبل دنوه من الأرض بلا حاجة فيرفع شيء فشيء يعني قليلاً فقليلاً قال الشارح (ولعله يجب إن كان ثَمَّ من ينظره) لا؛ يجب قطعاً ما نقول لعله؛ يجب إذا كان ثَمَّ من ينظره لماذا؟ لأنه يجب عليه ستر عورته إذا كان هذا سبباً في كشف عورته بأن يستكمل الرفع قبل جلوسه ودنوه من الأرض نقول هذا يعتبر من المحرمات، (وكلامه فيه) يعني يكره كلام قاضي الحاجة (فيه) أي في الخلاء مطلقاً أطلق المصنف ولذلك قال الشارح (ولو برد السلام) بمعنى أنه يكره كلامه مطلقاً سواء كان بذكر أو بغيره (وكلامه فيه) قال ولو برد السلام كابتدائه وإن عطس حينئذٍ يحمد بقلبه وإذا سمع مؤذناً أجاب بقلبه ولا أدري هذه من الأمور الغريبة ولعلها دخيلة وهي إذا جاء النص بترتيب الفعل على القول (إذا قال المؤذن فقول) حينئذٍ لابد من اللفظ ولا نستجيز أن نقول بأن المعنى الذي يكون القائم بالقلب يؤدي مؤدى اللفظ أليس كذلك؟ هل يستجاز بأن يقال المعنى القلبي يؤدي ما يؤديه اللفظ؟ نقول لا؛ نحتاج إلى دليل إذاً هذا تخصيص للقول بما هو باطن يعني بأحد جزئ مدلوله ومدلول القول اللفظ والمعنى معاً تخصيصه بالمعنى القلبي دون اللفظ يحتاج إلى دليل ولا دليل إذاً (وكلامه فيه) يعتبر مكروهاً يعني في الخلاء، ما الدليل؟ قالوا ثَمَّ دليلان: الدليل الأول: حديث أبي سعيد مرفوعاً (لا يخرج الرجلان إلى الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك) الحديث ضعيف أولاً ثم لا يصلح الاستدلال به على الكراهة لو صح الحديث لكان الكلام محرماً لا مكروهاً إذاً من حيث الثبوت فيه نظر ومن حيث الاستدلال فيه نظر ولكن طريقة الفقهاء باب المذاهب الأربعة أنه إذا لم يثبت الحديث وقالوا به حينئذٍ لا يقولون بظاهره إن دل على الوجوب فيه أمر لا يجعلونه واجباً بل يجعلونه مستحباً ما العلة الصارفة؟ الاختلاف في ثبوت الدليل، كذلك إذا جاء نهي فيصرفونه إلى الكراهة لماذا؟ للاختلاف في ثبوت الدليل ونحوه وهذا الذي جعلهم ماذا؟ يجعلون الحكم هنا بالكراهة ولذلك قال في النكت (دليل الأصحاب يقتضي التحريم وعن أحمد ما يدل عليه) إذاً هذا الدليل ساقط، ولمسلم عن ابن عمر قال:(مر رجل بالنبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه) يعني لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم سلامه لماذا؟ لكونه يبول ولكونه يبول إذاً ليس ثَمَّ علة
إلا هذه العلة وهو كونه قاضي حاجة ويكره له الكلام ولو برد السلام؛ لكن نقول هذا الاستدلال فيه ضعف لماذا؟ لأن السبب جاء مبيناً في رواية أخرى فعن المهاد بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلام عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال: (إني كرهت أن أذكر الله عزوجل إلا على طهر أو قال على طهارة) والكراهة هنا ليست كراهة شرعية وإنما هي كراهة نفسية فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر الله تعالى على غير طهارة وهنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الرد مطلقاً وإنما أخره ولذلك قال (إنما منعني أن أرد عليك السلام) إذاً لم يكن عدم رد النبي صلى الله عليه وسلم دليل على عدم جواز الكلام أو كراهة الكلام حال قضاء الحاجة بل النبي صلى الله عليه وسلم اعتذر بكونه كان على غير طهر فلو كانت العلة كونه يبول لقال كنت أبول وإنما قال (إني كرهت أن أذكر الله على غير طهارة) حينئذٍ كيف نجعل العلة بغير العلة التي علل بها النبي صلى الله عليه وسلم الحكم، إذاً (ويكره كلامه فيه) لهذين النصين فإذا لم يثبت الأول من جهة السند بطل الحكم وإذا ثبت الثاني وهو حديث مسلم من جهة السند لا يسلم لهم الاستدلال به ولذلك نقول الصحيح هو عدم الكراهة مطلقاً لعم النص لا تقل هذا الأمر مكروه إلا إذا دل الدليل وهنا الدليلان كما رأيت لا يصلح الاستدلال بهما على الحكم فإذا سقطا من حيث الأصل الثبوت أو من حيث الاستدلال حينئذٍ نرجع إلى الأصل وهو جواز الكلام في الخلاء ولذلك يقول القول الآخر لا يكره ذكر الله عزوجل داخل الخلاء فإذا عطس حينئذٍ فيحمد الله تعلى بلفظه الحمد لله هكذا ويجهر به وحرج في ذلك ما الذي يمنعه والنص عام جاء عاماً سواء كان لقاضي الحاجة أو غيره وليجب كذلك المؤذن وهو قول مالك ذكر الحافظ في الفتح أن مالك يرى جواز ذكر الله تعالى في الخلاء ورجحه القرطبي في تفسيره والأدلة على ذلك كثيرة عمومات القرآن بذكر الله تعالى والأمر به مطلقاً سواء كان على طهارة أو لم يكن سواء كان في بيت الخلاء أو لم يكن فهي عامة تخصيصها يحتاج إلى مخصص ولذلك جاء حديث عائشة رضي الله تعالى عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) كل أحيانه يعني أوقاته وثَمَّ أوقاته يكون قاضياً للحاجة ولم يأتي ما يخصص هذا اللفظ ونبقى على الأصل فالأصل جواز الذكر ولا يوجد نص واضح في النهي عن ذكر الله مع القواعد والأصول العامة وقد شرع الله لنا ذكره في كل حال فقال (واذكروا الله كثيراً) وكذلك حذر من نسيان ذكره فلا نترك هذه النصوص إلا لنص صريح فإن قيل ترك الذكر من باب التكريم والتعظيم يعني نصون ذكر الله عزوجل من هذه المواضع نقول ذكر الله هو التعظيم وليس ترك ذكر هو التعظيم فالعكس هو الصحيح ولذلك ترجم البخاري باباً قال:(باب التسمية على كل حال وعند الوقاع) ثم أورد حديث ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم (لو أن أحدهم إذا أراد أهل قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) الحديث قال الحافظ فيه إشارة إلى تضعيف ما ورد من كراهية ذكر الله في حالي الخلاء والوقاع؛ يعني أشار البخاري بهذه الترجمة إلى تضعيف القول بأن ذكر الله
عزوجل يكره في المحال المستقذرة ومنها الجماع وهذا قول ابن سيرين والنخعي وهو الأرجح إذاً الصواب أن قوله (يكره كلامه فيه) أن الصحيح لا يكره سواء كان بذكر الله عزوجل أو بغيره، (وبوله في شق ونحوه)(وبوله) أي بول قاضي الحاجة (في شَق) بفتح الشين وهو واحد الشقوق وهو الثقب والخرم الواقع بالشيء الصدع والموضع المشقوق (وبوله في شق) يعني مكروه وهذا محل وفاق كما قال في الإنصاف (بلا خلاف أعلمه) وهو مذهب الأئمة الأربعة حكى النووي الإجماع عليه (ونحوه) كسَرَب وهو ما يتخذه الدبيب والهوام بيتاً في الأرض والدليل على ذلك حديث قتادة (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الجحر قال قتادة يقال أنها مساكن الجن) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم بأسانيد صحيحة كأن الحديث فيه شيء من الكلام على كل القواعد العامة لا ضرر ولا ضرار إذا كان علم أن هذه الشقوق قد يخرج عليه ما يؤذيه حينئذٍ يمتنع منه لماذا؟ لأن القاعدة العامة لا ضر ولا ضرار والضرر يزال فكل ما يؤدي إلى الضرر حينئذٍ نرجع إلى هذه القاعدة سواء جاء نص واضح بين صريح أو لا، (ومس فرجه بيمينه واستنجاؤه واستجماره بها) يعني من الأمور المكروهة (مس فرجه) المس مكروه والمس إنما يكون مساً إذا باشره بيده يعني مباشرة البشرة بالبشرة فإذا كان ثَمَّ حال بينهما لا يعبر عنه بأنه مس في اللغة لابد أن يمس مباشرة فإذا وضع يده على ذكره بينهما ثوب أو نحوه لا يعبر عنه بأنه ماس لفرجه (ومس فرجه) يعني كلا الفرجين سواء كان قبلاً أو دبراً وهو مفرد مضاف فيعم وهو يطلق على القبل والدبر (بيمينه) في كل حال أطلق المصنف هنا (ومس فرجه بيمينه) لم يقل وهو يبول وإنما أطلق إذاً سواء كان بائلاً أو لم يكن بائلاً مطلقاً لا يمس فرجه القبل أو الدبر إلا بيسراه وأما اليمنى فيكره إذاً قوله (بيمينه) ولم يقيد المس هنا بحال البول دل على أن مراد المصنف في كل حال سواء كان حال البول وغيره وهو في جميع الحالات ما الدليل؟ قالوا الدليل حديث أبي قتادة عنه صلى الله عليه وسلم (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول) ما وجه الاستدلال؟ (لا يمسكن) هذا نهي والنهي في الأصل أنه يقتضي التحريم ما الصارف له؟ قال لكونه أدب من الآداب لأنه متعلق بأدب وإذا تعلق النهي بأدب جعلت هذه علة صارفة من التحريم إلى الكراهة والشأن كذلك في الأوامر إذا كان الأمر في الآداب جعل كونه أدباً قرينة صارفة للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب وهذه قاعدة فاسدة ليست بصحيحة لماذا؟ لأن القرينة دليل صارف وإذا كان كذلك حينئذٍ لابد أن يكون دليلاً شرعياً فلا يصرف الأمر من الوجوب إلى الندب إلا دليل شرعي ولا يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة إلا دليل شرعي إما نص قرآني أو نص نبوي أو إجماع أو قياس صحيح وأما مجرد كونه أدب علة نقول هذا علة عليلة لماذا؟ لأن ما دل على أن افعل دال على الوجوب عند الإطلاق عام فإذا كان كذلك فلا يخص إلا بدليل شرعي وكل دليل دل على أن لا تفعل للتحريم هذا عام بمعنى أنه عام في الآداب وغيرها فدخلت فيها الآداب كما دخلت في الأوامر فتخصيص الآداب بكونها للكراهة وما عداه للتحريم هذا تخصيص بغير مخصص حينئذٍ يكون اجتهاداً في
مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار وهو مردود على صاحبه ثم قوله (وهو يبول) قالوا هذا قيد يعني النهي مقيد هنا فإذا قيد النبي صلى الله عليه وسلم النهي بكونه في وقت يحتاج إلى المسك أو الإمساك باليمين غيره من باب أولى يعني لماذا عمموا؟ قالوا في حال البول وفي غير حال البول مطلقاً في كل وقت يكره مس الفرج باليمين مع كون النبي صلى الله عليه وسلم قال (وهو يبول) قالوا هذا دليل على أنه عام لماذا؟ لأنه إذا نهي عن وقت يحتاج فيه لليمين في غيره من باب أولى وأحرى والصحيح أن الحكم هنا للكراهة عليل لأن قول (لا يمسكن) نهي مؤكد والأصل في النهي أنه يقتضي التحريم وكونه أدباً لا يصلح صارفاً فنرجع للأصل وهو التحريم فالصحيح أن قوله (ومس فرجه) أنه من المكروهات قول مرجوح وأن الصحيح أنه يحرم ثم الصحيح أنه مقيد بقوله (وهو يبول) لأن جملة (وهو يبول) حالية والحال يعتبر وصفاً مقيداً وإذا كان كذلك حينئذٍ يختص الحكم بما ذكر وما عدا حال البول فالأصل فيه الإباحة فالصواب أن نقول بظاهر النص بأنه يحرم مس فرجه بيمينه لكن في وقت البول فقط وما عداه فيبقى على الأصل (واستنجاؤه واستجماره بها) يعني يكره هذا المذهب (استنجاؤه واستجماره بها) يعني بيمينه بغير ضرورة كما لو قطعت يده أو شلت حاجة كجراحة في يساره لا بأس الضرورة والاحتياج لا بأس أن يستنجي أو يمسك ذكره مثلاً وهو يبول لا بأس به وأما فيما عدا ذلك فالأصل على ما ذكره المصنف في المسألتين الكراهة (واستنجاؤه واستجماره بها) ما الدليل على أنه يكره؟ قوله صلى الله عليه وسلم (لا يتمسح من الخلاء بيمينه) وأطلق هنا (ولا يتمسح) نهي والنهي يقتضي التحريم وكونه أدباً قرينة صارفة من التحريم إلى الكراهة ونرجع إلى الأصل كما ذكرنا في المسألة السابقة الحديث واحد أوله وآخره ونقول الصحيح يحرم أن يستنجي ويستجمر بيمينه لماذا؟ لقوله صلى الله عليه وسلم (ولا يتمسح) وهذا نهي والنهي يقتضي التحريم، (واستقبال النيرين) يعني يكره استقبال النيرين يعني الشمس والقمر بلا حائل وأما إذا كان بحائل لا يكره استقبال النيرين يعني الشمس والقمر سمي بالنيرين يعني المنيرين لاستنارتهما من بين سائر الكواكب وهذه المسألة لا أصل لها لا من كتاب ولا من سنة حينئذٍ نقول بدعة عدم الاستقبال قصداً يعتبر من البدع ولذلك قال ابن القيم (لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك كلمة واحدة لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مرسل ولا متصل ولا مكذوب وليس في هذه المسألة أصل في الشرعي) إذاً هذه المسألة من غرائب الفقهاء، ثم شرع في بينان المحرمات فقال رحمه الله تعالى (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان) التحريم ما طلب الشارع فعله طلباً جازماً حينئذٍ يترتب الثواب على الترك قصداً والعقاب على الفعل يعاقب على هذا الفعل ويثاب على تركه امتثالاً ما الذي يحرم؟ قال (يحرم استقبال القبلة) يعني الكعبة استقبالها أن يجعلها قبالته واستدبارها أن يجعلها خلفه، متى؟ حال قضاء الحاجة (في غير بنيان) هذا استثنى بمعنى أن التحريم فيما إذا كان في فضاء وأما إذا كان في الأمكنة المعدة لقضاء الحاجة كما هو الشأن في البيوت في الحمامات ونحوها فالحكم الجواز
فإذاً عندنا حكمان حكم يتعلق بالفضاء وحكم يتعلق بالبنيان، ما تعلق بالفضاء تحريم استقبال القبلة واستدبارها والحكم المتعلق بالبنيان جواز استقبال القبلة واستدبارها في البنيان إذاً حكمان ما الدليل؟ الدليل حديث أبي أيوب مرفوعاً (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا) متفق عليه، (إذا أتيتم الغائط) أي وصلتم المكان الذي تقضى فيه الحاجة (فلا تستقبلوا) لا ناهية وتستقبلوا فعل مضارع سلط عليه لا الناهية والأصل في النهي أنه يقتضي التحريم إذاً يحرم مطابق للمدلول النص فقوله (فلا تستقبلوا) يفيد التحريم وقال المصنف (يحرم استقبال القبلة واستدبارها)(فلا تستقبلوا القبلة) المراد به الكعبة القبلة هي الكعبة - بغائط ولا بول - (ولا تستدبروها) كذلك نهي تستدبروها فعل مضارع سلط عليه النهي حينئذٍ من هذه الجملة نأخذ تحريم استدبار القبلة حال قضاء الحاجة (ولكن شرقوا أو غربوا) هذا أمر لأهل المدينة خاص بهم ليس عاماً يعني ليس هذا من الأمور التي تعتبر من الشرعيات يعني لابد أن نشرق وأن نغرب كما هو الشأن في أهل المدينة لأن الواقع هكذا لأن القبلة في الجنوب عندهم فإذا استقبلوا أو استدبروا حينئذٍ لابد أن يشرقوا أو يغربوا منعوا من الشمال والجنوب ولم يبقى عندهم إلى الشرق والغرب حينئذٍ (شرقوا أو غربوا) بحسب الواقع دل هذا النص على تحريم استقبال القبلة واستدبارها مطلقاً في الفضاء وفي البنيان لكن جاء النص من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في موضعين اثنين من حديث جابر وفيه إثبات استقبال القبلة في البنيان وجاء من حديث ابن عمر كذلك فيه استدبار القبلة في البنيان حينئذٍ جعل هذان النصان مخصصين لهذا النص حينئذٍ نجمع بين الأدلة بأن نحمل حديث أبي أيوب على الفضاء ونحمل حديث ابن عمر وحديث جابر على البنيان وهذا القول هو المرجح وهو أقوى الأقوال من حيث الجمع بين النصوص ولذلك قال الحافظ رحمه الله تعالى في هذا القول وهو أعدل الأقوال لإعماله جميع الأدلة لأن من رجح حديث أبي أيوب أهمل حديث ابن عمر فقال هذا قول وهذا فعل وثَمَّ قاعدة يقعدها الفقهاء وهي قاعدة فاسدة من أصلها وهي أنه إذا تعارض قول مع فعل للنبي صلى الله عليه وسلم إما أن يجعل الفعل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون دليل على إثبات الخصوصية وهذا باطل وإما أن يجعل تعارض بين القول والفعل فيجعل القول للأمة ثم يتوقف في الحديث الذي جاء فيه فعل للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن نقول فعل النبي صلى الله عليه وسلم من حيث التشريع مساوي لقوله لا فرق بينهما كما نثبت الأحكام الشرعية بقوله عليه الصلاة والسلام كذلك نثبت الأحكام الشرعية بفعله عليه الصلاة والسلام فإذا جاء قول عام له عليه الصلاة والسلام وجاء فعل يخالف ذلك القول فإن كان القول عاماً جعل الفعل مخصصاً وإن كان القول مطلقاً جعل الفعل وهو مخالف له مقيداً إن لم يمكن الجمع بين القول والفعل حينئذٍ نقول من حيث قوة القول مقدم على قوة الفعل بمعنى أننا نرجح القول على الفعل هذا متى؟ عند عدم إمكان الجمع بين الدليلين لأنه إذا لم يرد معارض لفعل النبي صلى الله عليه وسلم هل نثبت الأحكام أو لا؟ هل تثبت
الأحكام بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أو لا؟ نعم لا شك أن الأحكام تثبت بفعل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ثبت بفعله صار دليلاً شرعياً وخاصة مع عموم قول جل وعلا (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)(في) ظرفيه إذاً الرسول ذاته وقوله وفعله أسوة حسنة هذا الأصل فيه حينئذٍ يكون كله عليه الصلاة والسلام دليل وهو تشريع سواء تكلم أو فعل إن تكلم وفعل وظهر تعارض في أذهاننا حينئذٍ نجمع بينهما لأن كل منهما تشريع ولذلك قال ابن حجر (أعدل الأقوال لأن فيه جمع بين الأدلة) ولا شك أن إعمال الدليلين قوى من إهمال أحدهما ولذلك نقول هذا القول هو المرجح لأنه يعلق التحريم وهو مدل عليه حديث أبي أيوب بالفضاء وأما البنيان فالأصل فيه الجواز لحديث جابر (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة أو نستدبرها لبول ثم رأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها) حسنه الترمذي ومع الغرابة ونقل عن البخاري تصحيحه وصححه ابن خزيمة كذلك وابن حبان والحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي الحديث فيه عنعنة ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد فهو حسن ثابت لا شك فيه وحديث ابن عمر في الصحيحين (رَقِيتُ رَقَيتُ يوماً على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة) حديث جابر في ظاهره أنه ناسخ لأنه قال (رأيته قبل أن يقبض بعام) لكن لا نحمله على النسخ لماذا؟ لأن لا نسخ مع الاحتمال وإنما يحمل على أنه رآه في بنيان جمعاً بينه وبين حديث ابن عمر مع حديث أبي أيوب لأن جابراً رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته قبل أن يقبض بعام في بنياناً جمعاً بين الأدلة وحديث ابن عمر صريح لأنه قال (رقيت يوماً على بيت حفصة) إذاً فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو قضى حاجته إنما هو في البنيان وفرق بين حديث أبي أيوب وحديث ابن عمر من حيث البنيان وعدمه وإذا جعل الشارع هذا علة فاصلة بين الحكمين نقول سمعاً وأطعنا ولا نورد التجويزات العقلية على النصوص على مجرد ما يقع في الأذهان فما دل عليه للفظ نبقى معه ونقول سمعاً وأطعنا فدل حديث أبي أيوب على التحريم في الفضاء ودل ما نقله ابن عمر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم على الجواز في البنيان وما عدا ذلك فهو قوله لا يضطرب إما أن يقول بحديث أبي أيوب ونغفل حديث ابن عمر وهذا فيه إبطال لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو دليل تثبت به الأحكام الشرعية إذاً (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان) فيجوز يعني في البنيان يجوز ويكفي انحرافه عن جهة القبلة يعني لابد أن ينحرف لكن لابد أن يكون الانحراف كثيراً يعني إذا كان مستقبل القبلة في الفضاء متى لا يكون مستقبلاً؟ إذا انحرف عنها قال انحراف يسير أو كثير؟ المذهب أنه انحراف يسير نقول الانحراف اليسير لا يخرج المستقبل في الصلاة عن صلاته فحينئذٍ لا يكون مؤثراً في ترك التحريم هنا أو البعد عن المحرم فلابد أن يكون الانحراف كثيراً، ثم قال رحمه الله تعالى (ولبثه فوق حاجته) أي ويحرم (لُبثه لَبثه) بفتح اللام وضمها يقال لَبِثَ في المكان لَبْثاً ولُبْثاً مكث وأقام (فوق حاجته) يعني إذا انتهى من قضاء الحاجة واستبرأ لبوله ونحوه
يعني انتظر قليلاً حينئذٍ وجب عليه أن يقوم لماذا؟ لأنه إذا بقي لصار كاشفاً لعورته في حال خلوته دون حاجة أو ضرورة وهذا على المذهب يعتبر محرماً حينئذٍ لا يكون تاركاً لهذا المحرم إلا بفعل ضده حينئذٍ وجب عليه أن يقوم مباشرة إذاً بقاءه بعد قضاء الحاجة قد يستمتع يجلس يفكر إلى آخره عند أرباب المذهب أنه محرم لماذا؟ لأن يعتر كاشفاً لعورته دون حاجة أو ضرورة ومسألة كشف العورة سيأتي بحثها والصحيح أنه يجوز في حال الخلوة إذا لم يكن ثَمَّ ناظر يحرم عليه النظر نقول الأصل فيه الإباحة وما دل على الاستحياء ونحوها يدل على الاستحباب وأما التحريم فلا (ولبثه فوق حاجته) لما فيه من كشف العورة بلا حاجة هكذا قال في الشرح وهو مضر عند الأطباء إذا ثبت أنه مضر هذا شيء آخر (وبوله في طريق وظل نافع وتحت شجرة عليها ثمرة) هذه ثلاث مواضع ذكرها المصنف يحرم التخلي فيها لورود النص فيها والضابط فيها أن كل ما يضر المسلمين فالتبول أو التغوط فيه محرم وإنما ذكرت أمثلة في بعض النصوص ويستدل بها على غيرها فكل طريق مسلوك للمسلمين حينئذٍ يحرم التبول أو التغوط فيه لأن فيه أذية لهم وتحريم أذية المسلمين هذا قطعي وكل ظل نافع ينتفع به المسلمون حينئذٍ يحرم التبول أو التغوط تحته لماذا؟ لأن فيه أذية ومضرة للمسلمين والحكم القطعي في ذلك هو التحريم فالقاعدة عامة حينئذٍ يشمل كل ما استحدث مثلاً بعض الناس يسأل عن الكبري والكباري هذه مستحدثه هل يجوز التبول تحتها أو التغوط؟ إن كان مما يستظل به الناس في طرقهم وينتفع به المسلمون لا يجوز أن يتبول تحت هذه الطرق (وبوله في طريق) يعني ويحرم (بوله) وتغوطه من باب أولى (في طريق) طريق لا يكون طريقاً إلا إذا كان مسلوكاً وأما المهجور الذي لا تطرقه الأقدام هذا لا يسمى طريقاً ولذلك قال في الشرح (في طريق مسلوك) لحديث أبي هريرة مرفوعاً (اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم) رواه مسلم وغيره أي اتقوا الأمرين الجالبين للعن الباعثين الناس عليه فإنه سبب للعن من فعله في هذا الموضع فنسب إليهما بصيغة المبالغة (وظل نافع) قيده هنا الظل بكونه نافعاً للحديث لأنه قال (أو في ظلهم) أسنده للناس فدل على أنهم ينتفعون بهذا الظل فإذا لم يكن ظلاً نافعاً حينئذٍ لا يحرم التبول أو التغوط فيه (وتحت شجرة) تحت أي قريب منها لا بعيدة (تحت شجرة) قيدها (قيدها) عليها ثمرة إذا لم تكن الشجرة عليها ثمرة حينئذٍ لا يحرم التبول أو التغوط تحتها لماذا؟ لأنه مما لا ينتفع به الناس إلا إذا كانت ظلاً نافعاً (وتحت شجرة عليها ثمرة) وهي التي أثمرت أو قرب ثمرها وفي الإقناع مقصودة يعني ثمرة مقصودة سواء كانت مأكولة أو لا لأنه يقذرها يفسدها لم يأتي نص جاءت بعض النصوص ضفة النهر بول للماء ونحوها لكن فيها شيء من الضعف لكن القاعدة عامة لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال وكل ما يؤذي المسلمين فهو محرم حينئذٍ نبقى على هذه الأصول فلكل ما يؤذي المسلمين فهو محرم (وتحت شجرة عليها ثمرة) لأنها عليها ثمرة لأنه يقذرها يعني يفسدها حينئذٍ تعافها النفوس وجاء حديث رواه الطبراني وغيره من النهي عن قضاء الحاجة تحت الأشجار
المثمرة وضفة النهر الجاري لابن عمر وسنده ضعيف الحديث فيه شيء من الضعف إذاً هذه أمثلة فقط وليس المراد الاستقصاء، ثم شرع في بينان ما يتعلق ببعض الأحكام الاستجمار ونقف على هذا والله أعلم
وصلى الله سلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين