الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28](1) و {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: 44](2) .
[القاعدة الثالثة ظهور النبي صلى الله عليه وسلم في أناس متفرقين في عبادتهم]
القاعدة الثالثة أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر في أناس متفرقين في عبادتهم، منهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ومنهم من يعبد الشمس والقمر. وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] (3) ودليل الشمس والقمر [أي دليل أن عبادة الشمس والقمر وسائر الكواكب واعتقاد أن لها تأثيراً وتصرفات في حوادث العالم السفلي شرك](4) قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37](5) ودليل الملائكة [أي ودليل أن عبادة الملائكة شرك](6) قوله تعالى:
(1) سورة الأنبياء الآية 28.
(2)
سورة الزمر الآية 44.
(3)
سورة الأنفال آية: 39.
(4)
من زيادة الناشر السابق.
(5)
سورة فصلت آية: 37.
(6)
من زيادة الناشر السابق.
{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} [آل عمران: 80](1) ودليل الأنبياء [أي ودليل أن عبادة الأنبياء ودعاءهم شرك](2) قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 116](3) ودليل الصالحين [أي ودليل أن عبادة الأولياء والصالحين بدعائهم والاستغاثة بهم والتوسل بهم شرك بالله تعالى سبحان الله وتعالى عما يشركون](4) قوله تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57](5) ودليل الأشجار والأحجار [أي
(1) سورة آل عمران آية: 80. قال الحافظ ابن كثر في تفسيره أي ولا يأمركم بعبادة أحد غير الله لا نبي مرسل ولا ملك مقرب أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون أي لا يفعل ذلك إلا من دعا إلى عبادة غير الله، ومن دعا إلى عبادة غير الله، فقد دعا إلى الكفر، والأنبياء إنما يأمرون بالإيمان وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) وقوله أرباباً أي آلهة من دون الله، والله أعلم.
(2)
من زيادة الناشر السابق.
(3)
سورة المائدة آية: 116.
(4)
من زيادة الناشر السابق.
(5)
سورة الإسراء آية: 57. روى البخاري بسنده عن عبد الله في قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ) الآية، قال ناس من الجن كانوا يعبَدُون فأسلموا وعنه أيضَاَ قال: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن فأسلم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، فنزلت هذه الآية، والله أعلم. علقه الشيخ محمد منير الدمشقي.
ودليل أن التبرك بالأشجار والأحجار وبقبور الأولياء والنذر والذبح لها لقضاء الحاجات وتفريج الكربات والتبرك بالعكوف والتعبد عندها والتبرك بأستارها وأترابها شرك] (1) قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19 - 20](2) .
(1) من زيادة الناشر السابق.
(2)
سورة النجم آية: 19.
يقول الله تعالى ذلك مقرعا المشركين في عبادتهم الأصنام والأوثان والأنداد واتخاذهم لها البيوت مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن عليه السلام، وكانت اللات صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطائف له أستار وخدمة وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش، والعزى كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة وهي بين مكة والطائف وكانت قريش تعظمها، ولذلك قال أبو سفيان يوم وقعه أحد: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:" قولوا الله مولانا ولا مولى لكم "، ومناة كانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أناسا من الصحابة رضي الله عنهم إلى هدمها، فأرسل خالد بن الوليد سيف الله على المشركين إلى العزى فهدمها وجعل يقول:
يا عز كفرانك لا سبحانك
…
إني رأيت الله قد أهانك
وأرسل المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صخر بن حرب إلى اللات فهدماها، وجعلا مكانها مسجداً بالطائف، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مناة أبا سفيان صخر بن حرب فهدمها، ويقال هدمها علي بن أبي طالب. فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالدين الحق، وإخلاص العبودية، وإفراد المعبود بالحق، وإبطال العادات القبيحة، وكل ما يشوبه شيء من الشرك، وجرى على ذلك أصحابه العظام وتابعوه الكرام من بعده إلى أن اختلط الحابل بالنابل واستحوذ الشيطان وغواة الباطل على عقول كثير من المسلمين، فجددوا عبادة الأوثان لا سيما في عصرنا الحاضر عصر الجهل المركب والصور المزخرفة، فلقد طم البلاء وعم، والعلماء ساكتون إلا من شاء الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون. علقه الشيخ محمد منير الدمشقى.
وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: