الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: تحرير العبادة من سلطان الكهنوت:
أ- ذلك أن الأديان السابقة للإسلام بعد تحريفها اتخذ رجالها وسائل ومراسيم كثيرة لم يرد بها شرع الله مما مكنهم من التسلط على رقاب العباد والتأثير على ضمائرهم باحتكار العبادة مما جعل العباد لا يستطيعون الاستقلال في صلاتهم بالله تعالى إلا عبر تلك الوسائط والمراسيم التي تصب في جيوب رجال الدين لذا جاء الإسلام بكل ما يصلح ذلك أو يمنعه ومن ذلك أنه حرر الضمير من كل سلطان غير سلطان الله تعالى فالعلاقة بالله تعالى في الإسلام مفتوحة لكل مؤمن بدون وسائط بل عد اتخاذ هؤلاء الوسائط من الشرك ولو كان الوسيط من الرسل الكرام عليهم السلام. وقد فتح الله تعالى باب دعائه وأمر المؤمنين بذلك فقال {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} وقال تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} أما العلماء فإنما يكون دورهم الشرح والبيان لأحكام الإسلام وشرائعه كما قال الله تعالى {
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} .
ب- أنه حرر العبادة ذاتها من قيود المكان والزمان: فتح المكان كله للعبادة كما فتح الطريق بين العبد وربه قال الله تعالى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل» . وهذه القاعدة عامة لا يخرج عنها إلا الحج الذي خص بالبيت الحرام إحياء لذكرى إبراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام جميعا أما الزمان فقد جعل الله تعالى لبعض العبادات مثل الصلوات الخمس ميقاتا قال الله تعالى {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} وقال في الحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أما ما سوى ذلك كله فكله زمان للطاعات المطلقة.