المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب التحاكم بالكتاب والسنة - العلمانية - الليبرالية - الديمقراطية - الدولة المدنية في ميزان الإسلام

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌وجوب التحاكم بالكتاب والسنة

‌وجوب التحاكم بالكتاب والسنة

لم يقرر القرآن أصلًا بعد توحيد الألوهية كما قرر هذا الأصل العظيم وجوب الاحتكام إلى الكتاب والسنة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به، مما يؤذن بخطر التهاون في هذا الشأن العظيم، كيف وقد قرر القرآن أن الإعراض عن الشريعة واتباع غيرها عبادة الطاغوت، ورحم الله العلامة ابن القيم إذ يقول:"فَطَاغُوتُ كُلِّ قَوْمٍ مِنْ يَتَحَاكَمُونَ إلَيْهِ غَيْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، أَوْ يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَوْ يَتْبَعُونَهُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ مِنْ اللَّهِ، أَوْ يُطِيعُونَهُ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ؛ فَهَذِهِ طَوَاغِيتُ الْعَالَمِ إذَا تَأَمَّلْتَهَا وَتَأَمَّلْتَ أَحْوَالَ النَّاسِ مَعَهَا رَأَيْت أَكْثَرَهُمْ (عَدَلُوا) مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ إلَى عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ " إعلام الموقعين (1/ 5).

ص: 33

وبين يديك بعض هذه الأدلة التي تدل على التحاكم بالكتاب والسنة، هذه الأدلة التي هي من كتاب ربنا في كتابه العظيم، كي تنجو الأمة من براثين الضلالة والشرك:

(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)(يوسف: 40)

(وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ)(الرعد: 41)

(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(المائدة: 50)

(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)(الملك: 14)

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(المائدة: 44)

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(المائدة: 45)

ص: 34

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(المائدة: 47)

(وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(البقرة: 216)

(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)(النساء: 65)

(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)(المائدة: 49)

(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)(الأحزاب: 36)

ص: 35

(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)(النساء:59)،

(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا)(النساء:66)،

(سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(البقرة:285)،

(أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)(الأعراف:54)،

(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور:63)،

(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)(النور:54)،

(لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ)(الحجرات:1)،

وقوله – صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله"(رواه مسلم: 1218).

ص: 36

وكذلك لا يجوز أن نأخذ بعض شرع الله ونترك البعض، فالدين لا يقبل أن يتجزأ من جهة القبول والإذعان له، قال سبحانه وتعالى:(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)(البقرة:85).

قال سبحانه: (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) (النساء: 150، 151).

وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا)(النساء:47).

وقال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ

ص: 37

كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) (النساء: 51، 52).

وقال سبحانه: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:84،85).

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(البقرة: 208).

وقال سبحانه: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)

ص: 38

قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) (طه: 124:127).

وقول الحق تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) (النساء: 60، 61).

ص: 39

محاسن الشريعة الإسلامية

إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الظلم، وعن الرحمة إلى القسوة، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم، وهداه الذي اهتدى به الأولون، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل، فالشريعة قرة العيون وحياة القلوب ولذة الأرواح، فكل خير في الوجود فإنما مستفاد منها وحاصل بها، وكل نقص في الوجود فسببه إضاعتها، ولولا شيء تبقى منها لخربت الدنيا، فبالشريعة يمسك الله السموات والأرض أن تزولا (1)

(1) بتصريف من كتاب إعلام الموقعين الجزء الثالث لابن القيم رحمه الله.

ص: 40

والأمثلة على ذلك كثيرة منها:

في الطهارة: أحلت الشريعة الغَرَّاء التيمم، أي استعمال التراب لمن لم يجد الماء أو لمن يحدث له ضرر باستعماله؛ فقال جل شأنه:(فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)(النساء: 43)، وليس على المتيمم إعادة حتى لو وجد الماء أو استطاع استعماله، وكذلك من كان على يده جبيرة لكسر أو لغيره فيمسح عليها ولا يكلف بغسل يده.

وفي الصلاة: التي هي عمود الإسلام وأهم قواعده تجد يسر الشريعة وحكمتها ورحمتها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك"(1)، وكذلك تجد هذه الرحمة والتيسير في الصلاة للمسافر فله أن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين وله أن يجمع بين الظهر والعصر أو بين

(1) رواه البخاري (597) ومسلم (684) رحمها الله.

ص: 41

المغرب والعشاء، وكذلك إذا مرض المكلف فإنه يصلي قائمًا يستطع فقاعدًا فإن عجز فعلى جنبه.

وفي الزكاة: فتشريعها كله تيسير ورحمة ومصلحة، والمساكين يأخذونها ليسددوا حاجتهم، والأغنياء يدفعونها لتطهير أموالهم وتعلمهم البذل والعطاء والمروءة، يقول تعالى:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)(التوبة: 103).

وفي الصوم: قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(البقرة: 184)، فهذا التخفيف من الشريعة على المريض بحيث يصوم في وقت آخر يستطيع أن يقضي الصيام فإن كان مرضه ملازمًا له أطعم عن كل يوم مسكينًا.

ص: 42

وفي الحج: من المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم رتب المناسك، ومع ذلك حتى لا يتعرض المسلمون للمشقة فقد خففت الشريعة على المكلفين، يقول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:"فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قد قُدِّم ولا أُخِّر، إلا قال: افعل ولا حرج "(1) وغير ذلك كثير في باب العبادات.

وكذلك في باب المعاملات:

ففي البيوع؛ يقول تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)(البقرة: 275)، أحلت الشريعة الغراء جميع البيوع وجميع العقود طالما أنه ليس فيها ظلم ولا ربا ولا غرر أي (مقامرة أو خداع)، لتفتح الشريعة المجال كاملًا لكل اقتصاد في كل بقعة في العالم محافظًا على عدم الظلم والبغض بين الناس عامة.

(1) رواه البخاري (83) ومسلم (1306) رحمهما الله.

ص: 43

وفي النكاح: اعتنت الشريعة باختيار الزوج والزوجة لدوام العشرة والمودة والرحمة، بل وأوجب على المرأة إذا طلقها زوجها أن لا تترك بيت الزوجية، وفي ذلك من المصلحة ما هو معلوم، فالغضب سوف يزول عنهما وتبقى المودة والرحمة فيراجعها، أما إذا خرجت إلى بيت أهلها ازدادت الخلافات وعظم الشقاق، يقول تعالى (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ) (الطلاق:1).

وفي الأطعمة: حرمت الشريعة أكل الميتة، ومع ذلك أحلتها بل أوجبتها إن اضطر الإنسان أن يأكلها حتى لا يموت، وكل ذلك إبقاء على حياته، يقول تعالى:(فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(المائدة: 3).

ص: 44

وفي الحدود: فالقاعدة العظيمة في الشريعة:

(ادرءوا الحدود بالشبهات)،

فلا يقام حد إلا عن يقين، ثم تجد الشريعة في إقامة الحدود تنظر إلى أمر عظيم وهو عدم فعل ما يوجب الحدود، يقول تعالى:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)(البقرة:179)، يعني لما يعلم القاتل أنه سيقتل فلن يقتل، فيبقي حينئذ على حياته وحياة المقتول، بل وأكثر من ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقطع الأيدي في الغزو"(1)، فلو سرق أحد من المسلمين في غزوة لا تقطع يده؛ لأنه قد تترتب عليه مفسدة وهي أن ينحاز إلى العدو خشية قطع يده.

وفي القضاء: منعت الشريعة الغراء القاضي أن يقضي وهو غضبان حتى لا يقضي قضاء فيه ظلم

(1) رواه الترمذي (1450) وصححه الألباني رحمهما الله.

ص: 45

لأحد المتخاصمين، وكذلك كفلت الشريعة العدل بين الخصوم عند القاضي مما لا يخطر على بال، يقول تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)(النساء:58).

وفي الحسبة: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) منعت الشريعة إنكار المنكر لو أن ذلك الإنكار يستلزم ما هو أنكر منه، فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في مكة ولم يمسوا الأصنام التي حول الكعبة بسوء خشية أن يقع منكر أعظم وهو أن يقتلهم المشركون فتتوقف دعوة الإسلام، فلما عاد إلى مكة فاتحًا أنكر المنكر وحطم الأصنام، فالقاعدة في الشريعة الغراء هي:

(المشقة تجلب التيسير)

ص: 46

وقد تأكدت محاسن الشريعة في المؤتمرات الدولية التي تصدت لدراسة الفقه الإسلامي وعرضت فيها بعض نظريات الشريعة الإسلامية فقد أعلن خبراء القانون من علماء غير المسلمين في العلم في هذه المؤتمرات أن للفقه الإسلامي قيمة تشريعية لا يمار فيها وأنه ينبغي أن يكون مصدرًا للتشريع العام؛ لأن مبادئه تحقق التقدم وتلاحق التطور وأنها أقدر من غيرها على تلبية حاجات الأمم وتحقيق مصالح الشعوب كما أشار هؤلاء الخبراء غير المسلمين إلى وجوب وضع فهرس موضوعي للفقه الإسلامي يسهل الرجوع إليه والبحث فيه والأخذ منه.

ومن أهم هذه المؤتمرات المؤتمر الدولي للقانون المقام في مدينة لاهاي بهولندا سنة 1931 ثم 1937 ومؤتمر المحامين الدولي المنعقد في لاهاي سنة 1948.

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات

ص: 47