الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوَى ذَلِكَ الْأَثْرَمُ، وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى1: إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ2 قَبْلَ الْقَبْضِ. وَمَنْ سَأَلَ فَأَعْطَى فَقَبَضَهُ فَسَخِطَهُ لَمْ يُعْطِ لِغَيْرِهِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ رضي الله عنهم، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ، فَإِنْ صَحَّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَهُ عُقُوبَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ سُخْطَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ تَمَلُّكَهُ، فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ عَلَى أَصْلِنَا، كَبَيْعِ التَّلْجِئَةِ، وَيُتَوَجَّهُ فِي الْأَظْهَرِ أَنَّ أَخْذَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَأَنَّ أَخْذَهَا سِرًّا أَوْلَى، وَفِيهِمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَظُنُّ عُلَمَاءَ الصُّوفِيَّةِ وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى كَافِرٍ وَغَنِيٍّ وَغَيْرِهِمَا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 7/396.
2 بعدها في "س": "له".
فَصْلٌ: وَالصَّدَقَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ
أَفْضَلُ من العتق، نَقَلَهُ حَرْبٌ، لِقَوْلِهِ عليه السلام لِمَيْمُونَةَ وَقَدْ عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ:"لَوْ1 كُنْت أَعْطَيْتهَا أَخْوَالَك كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِك". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَالْعِتْقُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَجَانِبِ إلَّا زَمَنَ الْغَلَاءِ وَالْحَاجَةِ، نَقَلَهُ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو دَاوُد، وَيَأْتِي كلام الحلواني أول العتق3. وَهَلْ حَجُّ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؟ سَأَلَ حَرْبٌ لِأَحْمَدَ أَيَحُجُّ نَفْلًا أَمْ يَصِلُ قَرَابَتَهُ؟ قَالَ: إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ يَصِلُهُمْ أَحَبُّ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
11 بعدها في "ب" و"ط": "كنت".
2 البخاري "2592"، ومسلم "999""44".
3 8/97.
إلَيَّ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَرَابَةً؟ قَالَ: الْحَجُّ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَا أَعْدِلُ بِالْمُشَاهَدِ شَيْئًا. وَتَرْجَمَ أَبُو بَكْرٍ: فَضْلَ صِلَةِ الْقَرَابَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَإِنْ قَرَابَتُهُ فُقَرَاءُ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: يَضَعُهَا فِي أَكْبَادِ جَائِعَةٍ أَحَبُّ إلَيَّ. فَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ، وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، فَظَهَرَ مِنْ هَذَا هَلْ الْحَجُّ أَفْضَلُ؟ أَمْ الصَّدَقَةُ مَعَ الْحَاجَةِ؟ أَمْ مَعَ الْحَاجَةِ عَلَى الْقَرِيبِ؟ أَمْ عَلَى الْقَرِيبِ مُطْلَقًا؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ أَرْبَعٌ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَصِيَّتُهُ بِالصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ بِلَا حاجة "م 1". وليس المراد الضرورة؛ لأن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ حَجُّ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ مُطْلَقًا؟ أَمْ الصَّدَقَةُ مَعَ الْحَاجَةِ؟ أَمْ مَعَ الْحَاجَةِ عَلَى الْقَرِيبِ؟ أَمْ عَلَى الْقَرِيبِ مُطْلَقًا؟ رِوَايَاتٌ أَرْبَعٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَصِيَّتُهُ بِالصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أن الصدقة أفضل بلا حاجة.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَإِنَّهُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الصُّفْوَةِ: الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَمِنْ الْجِهَادِ، انْتَهَى قُلْت الصَّوَابُ: أَنَّ الصَّدَقَةَ زَمَنُ الْمَجَاعَةِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ أَفْضَلُ، لَا سِيَّمَا الْجَارُ خُصُوصًا صَاحِبُ الْعَائِلَةِ، وَأَخُصُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَرَابَةَ، فَهَذَا فِيمَا يَظْهَرُ لَا يُعَدُّ لَهُ الْحَجُّ التَّطَوُّعُ، بَلْ النَّفْسُ تَقْطَعُ بِهَذَا، وَهَذَا نَفْعٌ عَامٌّ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَهُوَ قَاصِرٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الصَّدَقَةُ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى الْقَرِيبِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ فَالْحَجُّ التَّطَوُّعُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ حَكَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ1، قَوْلًا: إن الحج أفضل
1 2/348.