الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْخَلْطُ وَيُقَالُ: هَمَطَ النَّاسَ فُلَانٌ يَهْمِطُهُمْ إذَا ظَلَمَهُمْ حَقَّهُمْ، وَالْهَمْطُ أَيْضًا الْأَخْذُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ: وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ حُكْمُ مُعَامَلَتِهِ وَقَبُولُ صَدَقَتِهِ وَهِبَتِهِ وَإِجَابَةُ دَعَوْته وَنَحْوُ ذَلِكَ "*".
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ إذَا كَانَ الْأَكْثَرُ الْحَرَامُ يَجِبُ السُّؤَالُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ فَالْوَرَعُ التَّفْتِيشُ وَلَا يَجِبُ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَسْئُولُ وَعَلِمْت إنَّ لَهُ غَرَضًا في حضورك وقبول هَدِيَّتِهِ فَلَا ثِقَةَ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَالِ حَرَامًا فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَلَا تَحْرِيمَ بِالِاحْتِمَالِ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى لِلشَّكِّ فِيهِ، وَإِنْ قَوِيَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فَظَنَّهُ فَيُتَوَجَّهُ فِيهِ كَآنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَطَعَامِهِمْ.
ــ
فَصْلٌ: وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ إنْ عَلِمَهُ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا
أَوْ عَلِمَهُمَا فِيهِ، أَوْ شَكَّ فِي الْحَرَامِ فِيهِ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ، فَلَا يُتَّجَهُ إطْلَاقُ الْحُكْمِ فِيهِ، لَكِنْ خَرَجَ الْكَلَامُ عَلَى الْغَالِبِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ فِيهِ حَلَالًا وَحَرَامًا، وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ السَّابِقُ، فَلِهَذَا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ العمل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا حُكْمُ مُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ صَدَقَتِهِ وَإِجَابَةِ دَعَوْته وَنَحْوِ ذَلِكَ، انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ بَعْدَهُ: وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ إنْ شَكَّ فِي الْحَرَامِ فِيهِ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ، انْتَهَى، يَعْنِي بِالْحُكْمِ هَذَا الذي تكلمنا عليه، والله أعلم.
مَعَ السُّلْطَانِ وَقَبُولُ جَوَائِزِهِ، وَقَيَّدَهُ فِي التَّرْغِيبِ بِالْعَادِلِ، وَقَيَّدَهُ فِي التَّبْصِرَةِ بِمَنْ غَلَبَ عَدْلُهُ، وَأَنَّهَا تُكْرَهُ، فِي رِوَايَةٍ، وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي جَائِزَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرَهُهُمَا، وَجَائِزَتُهُ أَحَبُّ1 إلَيَّ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَقَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ، وَأُجْرَةُ التَّعْلِيمِ خَيْرٌ مِنْهُمَا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ أَيْضًا: لَيْسَ بِحَرَامٍ. وَقَالَ أَيْضًا: يَمُوتُ بِدِينِهِ وَلَا يَعْمَلُ مَعَهُمْ.
وَقَالَ بِهِجْرَانِهِ، وَيَخْرُجُهُ إنْ لَمْ يَنْتَهِ، وَهَجَرَ أَحْمَدُ أَوْلَادَهُ وَعَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ لَمَّا أَخَذُوهَا، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الْهَجْرِ بِأَخْذِ الشُّبْهَةِ، وَإِنَّمَا أَجَازَهُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم هَجَرَتْ بِمَا فِي مَعْنَاهُ، كَهَجْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ ضَحِكَ فِي جِنَازَةٍ2، وَحُذَيْفَةُ بِشَدِّ الْخَيْطِ لِلْحُمَّى3، وَعُمَرُ أَمَرَ بِهَجْرِ صَبِيغٍ بِسُؤَالِهِ عَنْ الذَّارِيَاتِ والمرسلات والنازعات4.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 بعدها في الأصل: "إلى وقال هي أحب".
2 أورده المؤلف في "الآداب الشرعية" 1/250. وقال: القاضي: وروى الْخَلَّالُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يضحك في جنازة، فقال: أتضحك مع الجنازة؟! لا أكلمك أبدا".
3 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/15 حيث دخل حذيفة على رجل يعوده، فوجد في عضده خيطا، فقال: ما هذا؟ قال: خيط رقى لي، فيه، فقطعه ثم قال: لو مت ما صليت عليك.
4 أخرجه البزار في "كشف الأستار""2259".
وقال ابن الزبير: لتنتهين عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا. فَهَجَرَتْهُ1. وَقَالَ الْخَلَّالُ: كَأَنَّ أَحْمَدَ تَوَسَّعَ عَلَى مَنْ أَخَذَهَا لِحَاجَةٍ، فَلَمَّا أَخَذُوهَا مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ هَجَرَهُمْ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ، وَهُوَ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ قَطْعِ الْمُصَارَمَةِ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ اسْتَغْنَوْا فَلَهُمْ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ.
وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: تَرَى أَنْ يُعِيدَ مَنْ حَجَّ مِنْ الدِّيوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَذَا كَرِهَ مُعَامَلَةَ الْجُنْدِيِّ وَإِجَابَةَ دَعَوْته، وَمُرَادُهُ مَنْ يَتَنَاوَلُ الْحَرَامَ الظَّالِمُ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ فُورَانَ2 عَنْ أَحْمَدَ فِي الْمَالِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَالزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ قَالَا: كُلْ، فَهَذَا عِنْدِي مِنْ مَالِ السُّلْطَانِ، كَمَا قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: بَيْتُ الْمَالِ يَدْخُلُهُ الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ فَيَصِلُ إلَى الرَّجُلِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ، فَإِمَّا حَلَالٌ وَحَرَامٌ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ أَفَادَ ذَلِكَ رَجُلٌ مَالًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ تَصَدَّقَ بِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا مُسْتَحَقَّ لَهُ مُعَيَّنٌ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ فَمِنْ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البخاري "6073" - "6075".
2 هو: عبد الله بن محمد بن المهاجر، يعرف بفوران، كان الإمام أحمد يجله، وكان يقدمه ويأنس به. "ت 256 هـ". "طبقات الحنابلة".