المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من هتف من المقبرة بموعظة - القبور لابن أبي الدنيا

[ابن أبي الدنيا]

الفصل: ‌من هتف من المقبرة بموعظة

‌من هتف من المقبرة بموعظة

12-

حدثني محمد بن الحسين ثنا داود بن المحبر ثنا كثير بن كثير بن هاشم السلمي عن أبيه قال أعرس رجل من الحي على ابنة قال فاتخذ لذلك لهوا قال وكانت منازلهم إلى جانب المقابر قال فوالله إنهم لفي لهوهم ذلك ليلا إذ سمعوا صوتا منكرا أفزعهم قال فأصغوا مطرقين فإذا هاتف من بين القبور

ياأهل لذة لهو لا تدوم لهم

إن المنايا تبيد اللهو واللعبا

كم قد رأيناه مسرورا بلذته

أمسى فريدا من الأهلين مغتربا

قال فوالله إن لبث بعد ذلك إلا ثلاثا حتى مات الفتى المتزوج.

ص: 51

13-

حدثنا محمد بن الحسين ثنا حكيم بن جعفر قال سمعت صالح المري يقول دخلت المقابر يوما في شدة الحر فنظرت إلى القبور خامدة كأنهم قوم صموت فقلت سبحان الله من يجمع بين أرواحكم وأجسامكم بعد افتراقها ثم يحييكم ثم ينشركم من بعد طول البلى قال فنادى منادي من بين تلك الحفر يا صالح ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون قال فسقطت والله لوجهي فزعا من ذلك الصوت.

ص: 52

14-

حدثني أبو أيوب مولى بني هاشم قال بينا ثابت البناني في مقبرة يحدث نفسه فهتف هاتف إن تراهم ساكتين فكم فيهم من مغموم.

ص: 53

15-

حدثنا سلمة بن شبيب ثنا سهل بن عاصم ثنا وداع بن مرجى بن وداع قال سمعت بشر بن منصور يقول قال لي عطاء الأزرق إذا حضرت المقابر فليكن قلبك فيمن أنت بين ظهريه فإني

⦗ص: 54⦘

بينا أنا نائم ذات ليلة في المقابر إذ تذكرت في شيء فإذا أنا بصوت إليك يا غافل إنما أنت بين ناعم في نعيمه مدلل أو معذب في سكراته مغلل.

ص: 53

16-

حدثنا يحيى بن سعيد القرشي قال سمعت أبي عن شرقي بن قطامي قال كان رجلان بينهما إخاء ومودة فتصارما فمات أحدهما على صرامه فذكر الحديث.

ص: 54

17-

حدثنا أبو عبد الرحمن القرشي ثنا العلاء بن أبي الصهباء التيمي عن سوار بن مصعب الهمداني عن أبيه عن أخوين جارين له وكان كل واحد منهما يجد بصاحبه وجدا لا يرى مثله فخرج الأكبر إلى أصبهان فقدم وقد مات الأصغر فاختلف إلى قبره تسعة أشهر فلما حضره أجله إذا هاتف يهتف من خلفه يقول

⦗ص: 56⦘

يا أيها الباكي على غيره

نفسك أصلحها ولا تبكه

إن الذي تبكي على إثره

يوشك يوشك يوشك أن تسلك في سلكه

قال فالتفت فلم يرى خلفه أحدا فاقشعر وحم فرجع إلى أهله فلم يلبث إلا ثلاثا حتى مات فدفن إلى جنبه فكانت كل واحدة من قوله يوشك يوما.

ص: 55

18-

حدثنا عمار بن نصر المروزي ثنا بقية ثنا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن يزيد بن شريح أنه سمع صوتا من قبر إن ترون اليوم أمثالنا فقد كنا أمثالكم وكنا أقرانا في الحياة كشكلكم فتلك البيداء تسفي رياحها ونحن في مقصورة لا ننالكم ومن يكن منا فليس براجع فتلك ديارنا فهي مصيركم.

ص: 56

19-

حدثني محمد السمسار قال أخبرنا أبو اليمان قال أخبرنا صفوان بن عمرو عن سليمان بن يسار الحضرمي قال كان ناس يسيرون بالمقابر إذ سمعوا من قبر قائلا يقول

يا أيها الركب سيروا

من قبل أن لا تسيروا

فهذه الدار حقا

فيها إلينا المصير

كم منعم في نعيم

وتسلبنه الدهور

وآخر في عذاب

لبئس ذلك المصير

فكما كنتم كنا فغيرنا ريب المنون وسوف كما كنا تكونون.

ص: 57

20-

قال وحدثت عن سعيد بن محمد الجرمي ثنا أبو نميلة ثنا يزيد بن عمرو التيمي ثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي قال كان صفوان بن أمية في بعض المقابر فإذا شعل نيران قد أقبلت ومعها جنازة فلما دنوا من المقبرة قالوا انظر قبر كذا وكذا قال فسمع رجل صوتا من القبر حزينا موجعا يقول

أنعم الله بالظعينة عينا

وبمسراك ياأمين إلينا

جزعا ما جزعت من ظلمة القبر

ومن مسك التراب أمينا

قال فأخبر القوم بما سمع فبكوا حتى أخضبوا لحاهم ثم قال هل تدري من أمينة قلت لا قالوا صاحبة السرير وهذه أختها ماتت عام أول فقال صفوان قد علمنا إن الميت لا يتكلم فمن أين هذا الصوت.

ص: 58

21-

حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي حدثني سحيم بن ميمون وكان من جلساء الليث عن الليث بن سعد قال كان رجل نائم في مقبرة فسمع هاتف يهتف

أنعم الله بالخليلين عينا

وبمسراك يا أميم إلينا

فأجابها مجيب قال وما ينفعها وأبي عليها ساخط فلما أصبح الرجل إذا بقبر يحفر ورجل هناك فسأله عن القبر وأخبره بما سمع فقال هذان قبرا بنتي وهذه أميمة أمهما وقد كنت ساخطا عليها أما إني لأقرن اليوم أعينهما بالرضا عنها قال فرضي عنها وولي أمرها حتى وارها.

ص: 59

22-

حدثنا الحسن بن عبد العزيز ثنا عمرو بن أبي سلمة عن عمر بن سليمان قال مات رجل من اليهود وعنده وديعة لمسلم وكان لليهودي ابن مسلم فلم يعرف موضع الوديعة فأخبر شعيبا الجبائي فقال إإت برهوت فإن دونه عين تسبت فإذا جفت في يوم السبت

⦗ص: 60⦘

فامش عليها حتى تأتي عينا هناك فادع أباك فإنه سيجيبك فاسأله عما تريد ففعل ذلك الرجل ومضى حتى أتى العين فدعا أباه مرتين أو ثلاثا فأجابه فقال أين وديعة فلان قال تحت أسكفة الباب فادفعها إليه والزم ما أنت عليه.

ص: 59

23-

حدثنا عبيد الله بن جرير العتكي ثنا محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد ثنا محمد بن مروان عن يونس بن أبي الفرات قال حفر رجل قبرا فقعد ليستظل فيه من الشمس فجاءت ريح باردة فأصاب ظهره فنظر فإذا ثقب صغير فوسعه بإصبعه فإذا قبر ينظر فيه مد البصر وإذا شيخ مخضوب وكأنما رفعت المواشط أيديها عنه وقد بقي من أكفانه على صدره شيء.

ص: 60

24-

حدثني مروان بن محمد القرشي ثنا الوليد بن مسلم حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر إن شيخا من شيوخ الجاهلية العتاة قال يا محمد ثلاث بلغني أنك تقولهن لا ينبغي لذي عقل أن

⦗ص: 61⦘

يصدقك بهن بلغني أنك تقول إن العرب تاركة ما كانت تعبد هي وآباؤها وأنك ظهرت على كنوز كسرى وقيصر وإنا سنبعث من بعد أن نموت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لتتركن العرب ما كانت تعبد هي وآباؤها ولتظهرن على كنوز كسرى وقيصر ولتموتن ولتبعثن ولآخذن بيدك يوم القيامة فلأذكرنك مقالتك هذه قال ولا تضلني في الموت ولا تنساني قال ولا أضلك في الموتى ولا أنساك فبقي الشيخ حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى ظهور المسلمين على كنوز كسرى وقيصر فأسلم فحسن إسلامه وكان عمر بن الخطاب كثيرا ما يسمع نحيبه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لإعطائه ما كان.. . رسول الله عليه السلام فكان عمر ربما يأتيه فيسكن هينة فيقول قد أسلمت ووعدك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بيدك ولا يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أحد يوم القيامة إلا أفلح وسعد.

ص: 60