المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جامع ذكر القبور - القبور لابن أبي الدنيا

[ابن أبي الدنيا]

الفصل: ‌جامع ذكر القبور

‌جامع ذكر القبور

82-

حدثنا عمار بن نصر ثنا بقية بن الوليد حدثني خالد بن أبي بكر عن الحسن إن شابا مر به وعليه بزة له حسنة فدعاه فقال له ابن آدم معجب بشبابه معجب بجماله كأن القبر قد وارى بدنك وكأنك قد لاقيت ويحك داوي قلبك فإن حاجة الله إلى عبادهم صلاح قلوبهم.

ص: 88

83-

حدثني محمد بن الحسين ثنا حماد بن الوليد الخطل قال سمعت عمر بن ذر يذكر إنه بلغه عن ميمون بن مهران إنه قال دخلت على عمر بن عبد العزيز وعنده سابق البربري الشاعر وهو ينشده شعرا فانتهى في شعره إلى هذه الأبيات

فكم من صحيح بات للموت آمنا

أتته المنايا بغتة بعد ما هجع

فلم يستطيع إذا جاءه الموت بغتة

فرارا ولا منه بقوته امتنع

فأصبح يبكيه النساء مقنعا

ولا يسمع الداعي وإن صوته رفع

وقرب من لحد فصار مقيله

وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع

فلا يترك الموت الغني لماله

ولا معدما في المال ذا حاجة يدع

⦗ص: 89⦘

فلم يزل عمر يضطرب ويبكي حتى غشي عليه قال فقمنا وانصرفنا عنه.

ص: 88

84-

حدثنا أبو زيد النميري ثنا ابن عائشة قال أنشدني عتيبة بن هارون لابن أبي عمرة وهو عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة وثنا ابن الحسين ثنا ابن عائشة عن ابن أبي عمرة قال

⦗ص: 90⦘

يا أيها الذي قد غره الأمل

ودون ما يأمل التنغيص والأجل

ألا ترى إنما الدنيا وزينتها

كمتولي الركب دارا ثم ارتحل

حتوفها رصد وعيشها نكد

وصفوها ريق وملكها دول

يظل يفزع بالروعات ساكنها

ما أن.. . لين ولا له جزل

كأنه للمنايا والردى عرض

تظل فيه بنات الدهر تنتقل

والمرء يشقى بما يسعى لوارثه

والقبر وارثه ما يسعى له الرجل.

ص: 89

85-

قال وحدثني أبو مالك البجلي عن أبي معاوية قال قل ما لقيني مالك بن مغول إلا قال لي لا تغرنك الحياة واقدم واحذر القبر إن للقبر شأنا.

ص: 90

86-

قال وأنشدني ابن أبي العتاهية قوله

لربما عوقص ذو شرة

أصح ما كان ولم يسقم

يا واضع الميت في قبره

خاطبك القبر فلم تفهم.

ص: 90

87-

قال وأنشدني أبي

إني سألت الثرى ما فعلت بعدي

وجوه فيك منعفرة

⦗ص: 91⦘

فأجابني صيرت ريحهم

يؤذيك بعد روائح عطرة

وأكلت أجسادا منعمة

كان النعيم يهزها نضرة

فما بقي غير جماجم عز منه

بيض تلوح وأعظم نخرة.

ص: 90

88-

قال وأنشدني محمد بن قدامة الجويري

المنايا رحى علينا تدور

كلنا جاهل بها مغرور

رحم الله من بكى للخطايا

كل لذنبه معذور

ليت شعري وكيف أنت إذا

ما ضل في الأرض قبرك المقبور

ليت شعري فكيف أنت إذا

ما ذر في حر وجهك الكافور

ص: 91

89-

قال وأنشدني عبيد الله بن عبد الله بن عون اليشكري

ماذا تقول وليس عندك حجة

لو قد أتاك منغص اللذات

ماذا تقول إذا دعيت فلم تجب

وإذا سئلت وأنت في غمرات

ماذا تقول وليس حكمك جائزا

فيما تخلفه من التركات

ماذا تقول إذا حللت محلة

ليس الثقات لأهله بثقات

قال فأنشد هذه الأبيات رجل لبعض القضاة فجعل يبكي ويقول ماذا تراه يقول.

ص: 91

90-

حدثني محمد بن العباس ثنا أبو عبد الرحمن بن عائشة ثنا الليثي قالت امرأة هشام الدستوائي كان إذا طفئ السراج غشيه من ذلك أمر عظيم فقلت له إنه ليغشاك عند هذا المصباح إذا طفئ قال إني أذكر ظلمة القبر ثم قال لو كان سبقني إلى هذا أحد من السلف لأوصيت إذا مت أن أجعل في ناحية من داري قال فما مكث إلا يسيراً حتى مات قال فمر بعض إخوانه بقبره فقال يا أبا بكر صرت والله إلى المحذور.

ص: 92

91-

حدثني أزهر بن مروان الرقاشي عن جعفر بن سليمان قال

⦗ص: 93⦘

شهدت رجلا ميتا يدلى في حفرته فقال إن الذي سهل على الجنين في بطن أمه قادر على أن يسهل عليك.

ص: 92

92-

حدثنا أبي ثنا هشيم ثنا مجالد عن الشعبي إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني مررت ببدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض فيضربه رجل بمقمعة معه حتى يغيب في الأرض ثم يخرج فيفعل به مثل ذلك مرارا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك أبو جهل بن هشام يعذب إلى يوم القيامة.

ص: 93

93-

حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار قهرمان آل زبير عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال بينما أنا أسير بين مكة والمدينة على راحلة وأنا

⦗ص: 95⦘

محقب إداوة إذ مررت بمقبرة فإذا رجل خرج من قبره يلتهب نارا في عنقه سلسلة يجرها فقال يا عبد الله انضح يا عبد الله انضح فوالله ما أدري عرفني باسمي أو كما يدعو الناس قال وخرج آخر فقال يا عبد الله لا تنضح يا عبد الله لا تنضح ثم اجتذب السلسة فأعاده إلى قبره.

ص: 94

94-

حدثنا أزهر بن مروان قال كان لبشر بن منصور غرفة إذا صلى العصر دخلها وفتح بابها إلى الجبان ينظر إلى القبور.

ص: 96

95-

حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال بينما راكب يسير بين مكة والمدينة إذ مر بمقبرة فإذا رجل قد خرج من قبره يلتهب نارا مصفدا بالحديد فقال يا عبد الله انضح يا عبد الله انضح قال وخرج آخر يتلوه فقال يا عبد الله لا تنضح يا عبد الله لا تنضح قال وغشي على الراكب وعدلت به راحلته إلى الموج قال وأصبح وقد ابيض شعره حتى صار كأنه نعامة قال فأخبر عثمان بذلك فنهى أن يسافر الرجل وحده.

ص: 96

96-

حدثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا سفيان ثنا داود بن شابور عن أبي قزعة رجل من أهل البصرة عنه أو عن رجل قال مررنا في بعض المياه التي بيننا وبين البصرة إذ سمعنا نهيق حمار فقلنا ما هذا النهيق قال هذا رجل كان عندنا فكانت أمه تكلمه بالشيء فيقول لها انهقي نهيقك فلما مات سمع هذا النهيق عند قبره كل ليلة.

ص: 97

97-

حدثنا سويد بن سعيد ثنا الحكم بن سنان عن عمرو بن دينار قال كان رجل من أهل المدينة وكانت له أخت في ناحية المدينة فاشتكت وكان يأتيها يعودها ثم ماتت فجهزها وحملها إلى قبرها فلما دفنت ورجع إلى أهله وذكر أنه نسي كيسا كان معه في القبر فاستعان برجل من أصحابه فأتيا القبر فنبشاه فوجدا الكيس فقال الرجل تنح حتى أنظر على أي حال أختي فرفع بعض ما على

⦗ص: 99⦘

اللحد من اللبن فإذا القبر يشتعل نارا فرده وسوى القبر ورجع إلى أمه فقال أخبريني ما كان حال أختي فقالت ما تسأل عن أختك وقد هلكت قال لتخبريني قالت كانت تؤخر الصلاة ولا تصلي فيما أظن بوضوء وتأتي أبواب الجيران إذا ناموا فتلقم أذنها أبوابهم فتخرج حديثهم.

ص: 98

98-

حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر القرشي عن مالك ابن إسماعيل ثنا حصين الأسدي قال حدثنا مرثد بن حوشب قال كنت جالسا عند يوسف بن عمرو وإلى جنبه رجل كأن شقة وجهه صفحة من حديد فقال له يوسف حدث مرثدا بما رأيت قال كنت شابا قد أتيت هذه الفواحش فلما وقع الطاعون قلت أخرج إلى ثغر من هذه الثغور ثم رأيت أن أحفر القبور فإذا بي بليلة بين المغرب والعشاء قد حفرت قبرا وأنا متكئ على تراب قبر آخر فأقبل

⦗ص: 100⦘

بجنازة رجل حتى دفن في ذلك القبر وسووا عليه فأقبل طائران أبيضان من المغرب مثل البعيرين حتى سقط أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ثم أثاراه ثم تدلى أحدهما في القبر والآخر على شفيره فجئت حتى جلست على شفير القبر وكنت رجلا لا يملأ جوفي شيء قال فضرب بيده إلى حقوه فسمعته يقول ألست الزائر أصهارك في ثوبين ممصرين تسحبهما كبرا مشي الخيلاء فقال أنا أضعف من ذلك قال فضربه ضربة امتلأ القبر حتى فاض ماء ودهنا قال ثم عاد وأعاد عليه مثل القول حتى ضربه ثلاث ضربات كل ذلك يقول له ويذكر أن القبر يفيض ماء ودهنا قال ثم رفع رأسه فنظر إلي فقال انظر أين هو جالس نكسه الله قال ثم ضرب جانب وجهي فسقطت بقية ليلتي حتى أصبحت قال ثم أخذت أنظر إلى القبر على حاله وأذكر جلوسي قال وذكر نحو هذا أو مثله.

ص: 99

99-

حدثني أبو عبد الله بن بحير حدثني الحسن بن فرات شيخ من أهل الثغر ذكر من فضله أنه شهد الفزاري يعني أبا إسحاق ذات يوم وأتاه رجل فسأله عن توبة النباش هل له من توبة قال نعم إن صحت نيته وعلم الله الصدق منه فقال الرجل كنت أنبش القبور وكنت أجد قوما وجوههم لغير القبلة فلم يكن عند الفزاري في ذلك شيء فكتب إلى الأوزاعي يخبره بأمر النباش فكتب الأوزاعي تقبل توبته إذا صحت نيته وعلم الله الصدق من قوله وأما قوله إنه كان يجد قوما وجوههم لغير القبلة فأولئك قوم ماتوا على غير السنة.

ص: 101

100-

حدثني عبد المؤمن بن عبد الله بن عيسى القيسي قال قيل لنباش كان تاب ما أعجب ما رأيت قال نبشت رجلا فإذا هو مسمر بالمسامير في سائر جسده ومسمار كبير في رأسه وآخر في رجليه

⦗ص: 102⦘

قال قيل لنباش آخر ما كان سبب توبتك قال كان عامة من كنت أنبش كنت أراه محول الوجه عن القبلة.

ص: 101

101-

حدثا عبد الله.. . ثنا موسى بن سليمان.. . حدثني أبي عن بعض أشياخ الحي أحسبه سماك بن حرب قال مر أبو الدرداء بين القبور فقال ما أسكن ظواهرك وفي دواخلك الدواهي.

ص: 102

102-

حدثنا ابن محمد بن عبيد القرشي حدثني أبي عن أبي الجريش عن أمه قالت لما حفر أبو جعفر خندق الكوفة حول الناس موتاهم فرؤي شاب عاضا على يده.

ص: 102

103-

حدثني المفضل بن غسان عن شيخ له قال كان فضل الرقاشي إذ ذكر زهد في الدنيا يقول مررت بالمقابر فناديت يا أهل الشرف والغنى والمباهي ويا أهل اللباس والنجدة والأحزان والدخول ويا أهل المسكنة والحاجة والفاقة ويا أهل النسك والإخبات والإنابة والاجتهاد فما ردت على فرقة منهم ولعمري إن لم يكونوا أجابوا جوابا لقد أجابوا اعتبارا.

ص: 103

104-

حدثني المفضل بن غسان حدثني روح بن أسلم ثنا عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني حدثني عبيد الله بن العيزار قال لابن آدم بيتان بيت على ظهر الأرض وبيت في بطن الأرض فعمد إلى الذي على ظهر الأرض فزخرفه وزينه وجعل فيه أبوابا للشمال وأبوابا للجنوب ووضع فيه ما يصلح لشتائه وصيفه ثم عمد إلى الذي في بطن الأرض فأخربه فأتى عليه آت فقال هذا الذي أراك قد أصلحته كم تقيم فيه قال لا أدري قال الذي أخربته كم تقيم فيه قال فيه مقامي قال تقر بهذا على نفسك وأنت رجل تعقل.

ص: 103

105-

حدثني محمد بن العباس حدثني محمد بن عبد الله بن راشد ثنا الموك عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص كان في جنازة فجلس إلى قبر خاسف فمر رجل من أهله فيه بعض الإعراض فقال يقال يا فلان فلما جاء قال اطلع إلى بيتك قال أراه بيتا ضيقا يابسا مظلما ليس فيه طعام ولا شراب ولا زوجة وقد تركت بيتا فيه طعام وشراب وزوجة قال فإن هذا والله بيتك قال صدقت أما والله لو قد رجعت نقلت من هذا إلى هذا.

ص: 104

106-

حدثنا محمد بن إدريس ثنا أبو عمر بن النحاس ثنا ضمرة ابن شوذب قال اطلعت امرأة في قبر فرأت اللحد فقالت لامرأة

⦗ص: 105⦘

معها ما هذا يعني اللحد قالت كندوج العمل قال فكانت تعطيها الشيء فتقول اذهبي فضعي هذا في كندوج العمل.

ص: 104

107-

حدثنا الحسن بن سليمان ثنا روح بن عبد المؤمن المقرئ حدثني إبراهيم بن عبد الله النميري عن بقية الزهراني قال سمعت ثابت البناني وهو يقول بينا أنا أمشي في المقابر إذا هاتف يهتف من ورائي وهو يقول يا ثابت لا يغرنك سكونها فكم من مغموم فيها قال فالتفت فلم أر أحدا.

ص: 105

108-

حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي عن يزيد بن هارون عن هشيم قال مر الحسن على مقبرة فقال يا لهم من عسكر ما أسكتهم فكم فيها من مكروب.

ص: 106

109-

حدثني محمد بن عباد بن موسى العكلي قال حدثني أبي ثنا سفيان بن حسين قال ماتت النوار بنت أعين بن ضبيعة النجاشي امرأة الفرزدق فخرج الحسن في جنازتها فلما سوي عليها التراب قام الفرزدق فأنشأ يقول

أخاف وراء القبر إن لم تعافني

أشد من القبر التهابا وأضيقا

إذا جاءني يوم القيامة قائد عنيف

وسواق يسوق الفرزدقا

لقد خاب من أولاد آدم من مشى

إلى النار مغلول القيادة أزرقا

⦗ص: 107⦘

قال وكان والله يبكي الناس يومئذ قال فقال الحسن ما يقول الناس قال يقولون أنت خير الناس وأنا شر الناس قال لست بخير الناس ولا أنت بشر الناس قال ما اعتددت لذلك اليوم قال شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة قال الحسن خذها من غير فقيه.

ص: 106

110-

حدثنا أزهر بن مروان الرقاشي ثنا شملة بن هزال قال سمعت الحسن في جنازة فيها الفرزدق والقوم حافين بالقبر يتذاكرون الموت فقال الحسن يا أبا فراس ما أعددت لذلك اليوم قال شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة فقال الحسن اثبت عليها وأبشر قال أبو محمد وزاد بعض أصحابنا إن الفرزدق قال فذكر الثلاثة أبيات قال فبكى الحسن.

ص: 107

111-

حدثنا أزهر بن مروان ثنا بكار بن سقير قال شهدت جنازة أبي رجاء العطاردي قال فدنوت من القبر مع أبي والحسن أمامنا على شفير القبر والفرزدق قبالته فرأيته يومئ ممدودا على القبر.

ص: 108

112-

حدثنا أبو إسحاق الرياحي ثنا بكار بن سقير قال كنت في جنازة أبي رجاء العطاردي والفرزدق مع الحسن يمشيان فجعل الناس يقولون انظروا إلى خير الناس يعنون الحسن وانظروا إلى شر الناس يعنون الفرزدق فسمع الحسن قولهم فقال يا أبا فراس ما يقولون الناس قال يقولون إنك خير الناس وإني شر الناس قال ما أنا بخير الناس ولا أنت بشر الناس فلما أتيا القبر جلس الحسن على شفير القبر ومعه الفرزدق فقال ما أعددت لهذا اليوم فقال

⦗ص: 109⦘

شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة فقال الحسن بيده هكذا وعقد ثمانين.

ص: 108

113-

حدثنا أبو عبيدة ثنا أبي ثنا حماد بن سلمة قال شهدت الحسن وسأل الفرزدق ونحن في جنازة فقال ما أعددت لهذا اليوم قال شهادة أن لا إله إلا الله فقال فقيه والله.

ص: 109

114-

حدثنا أبو بكر المديني ثنا ابن عفير ثنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن الحويرث بن الدباب قال بينا أنا بالإنابة إذ خرج علينا إنسان من قبر يلتهب وجهه ورأسه نارا في جامعة من حديد فقال اسقني اسقني وخرج إنسان آخر في إثره يقول لا تسقي الكافر فأدركه فأخذ بطرفي سلسلة فكبه ثم خرج

⦗ص: 110⦘

حتى دخلا القبر جميعا فقال الحويرث فنفرت الناقة لا أقدر منها على شيء حتى التوت بعرق الظبية فبركت فنزلت فصليت المغرب والعشاء الآخرة ثم ركبت حتى أصبحت بالمدينة فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته فقال يا حويرث والله ما أتهمك ولقد أخبرتني خبرا شديدا فأرسل عمر إلى مشيخة من كنفي الصفرا قد أدركوا الجاهلية ثم دعى الحويرث فقال إن هذا أخبرني حديثا ولست أتهمه حدثهم يا حويرث بما حدثتني فحدثهم فقالوا قد عرفنا هذا يا أمير المؤمنين هذا رجل من بني غفار مات في الجاهلية فسألهم عمر عنه فقالوا يا أمير المؤمنين كان رجلا من رجال الجاهلية ولم يكن يرى للضيف حقا.

ص: 109

115-

حدثنا أزهر بن مروان الرقاشي ثنا تمام بن بزيع السعدي ثنا محمد بن كعب القرضي قال أتيت عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فلما دخلت عليه أدمت النظر إليه فقال يا بن أم كعب إنك لتنظر إلي نظرا ما كنت تنظر إلي بالمدينة قلت أجل يا أمير المؤمنين أعجبني ما كل من جسمك وتغير من لونك ورث من شعرك فقال كيف لو رأيتني بعد ثلاث في القبر وقد سقطت حدقتي على وجنتي وخرج الصديد والدود من منخري وفمي كنت أشد لي نكرة.

ص: 111

116-

حدثنا أبو هشام ثنا حفص بن غياث عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبر دفن حديثا فقال لركعتين خفيفتين خير مما يحفرون أو ينقلون شك أبو هشام يراهما هذا في عمله أحب إليه من نعمة دنيا كثيرة.

ص: 112

117-

حدثني محمد بن عباد بن موسى ثنا عبد العزيز بن عمران الزهري عن عبد الله بن مصعب عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما مصير أحدكم إلى أربعة أذرع في ذراع.

ص: 112

118-

حدثنا محمد بن صالح القرشي ثنا نعيم بن مورع ثنا إسماعيل المكي عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يكفي أحدكم ما قنعت به نفسه وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع في ذراع وشبر وإنما يصير الأمر إلى آخره.

ص: 113

119-

حدثنا المفضل بن غسان ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير قال بعث سليمان بن داود إلى مارد من مردة الجن كان في البحر فأتي به فلما كان عند باب داره أخذ عودا فذرعه بذراعه ثم رمى به من وراء الحائط فقال سليمان ما هذا فأخبر بالذي صنع المارد فقال تدرون ما أراد قالوا لا قال فإنه يقول اصنع ما شئت فإنما تصير إلى مثل هذا من الأرض.

ص: 114

120-

حدثنا أحمد بن إبراهيم ثنا أبو عبد الله المروزي ثنا سلمة أبو صالح حدثني كنانة بن جبلة السلمي قال قال يزيد الرقاشي انظروا إلى هذه القبور سطورا بأفناء الدور تدانوا في خططهم وقربوا في مزارهم وبعدوا في لقائهم سكنوا فأوحشوا وعمروا فأخربوا فمن سمع بساكن موحش وعامر مخرب عن أهل القبور.

ص: 114

121-

حدثني أحمد بن إبراهيم ثنا قرط بن حريث أبو سهل عن رجل من أصحاب الحسن عن الحسن قال يومان وليليتان لم تسمع الخلائق بمثلهن قط ليلة تبيت مع أهل القبور لم تبت قبلها وليلة صبيحتها يوم القيامة ويوما يأتيك البشير من الله إما بالجنة وإما بالنار ويوما تعطى كتابك إما بيمينك وإما بشمالك.

ص: 115

122-

حدثنا هارون بن سفيان ثنا محمد بن عمر عن أخيه سلمة بن عمر عن عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي عن نافع

⦗ص: 116⦘

عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة.

ص: 115

123-

حدثنا محمد بن الحسين ثنا خلف بن تميم ثنا المفضل بن يونس قال بلغنا أن عمر بن عبد العزيز قال لمسلمة بن عبد الملك يا

⦗ص: 117⦘

مسلمة من دفن أباك قال مولاي فلان قال فمن دفن الوليد قال مولاي فلان قال فأنا أحدثك ما حدثني به حدثني أنه لما دفن أباك والوليد فوضعهم في قبورهم ذهب ليخلي العقد عنهم وجد وجوههم قد حولت في أقفيتهم فانظر يا مسلمة إذا أنا مت فدفنتني فالتمس وجهي فانظر هل ترى بي مانزل بالقوم أو هل عوفيت من ذلك قال مسلمة فلما مات عمر ووضعته في قبره فلمست وجهه فإذا هو مكانه.

ص: 116

124-

حدثني أبو عبد الله عبد المؤمن بن عبد الله الموصلي حدثني رجل من أهل الرملة قال أصابتنا ريح شديدة كشفت عن القبور قال فنظرت إلى جماعة منهم قد حولوا عن القبلة قال فذكرنا شيخا عندنا كان قد مات قبل ذلك بأحد عشر يوما كان فاضلا قال فجئنا إلى قبره فإذا هو على القبلة وإذا بأنفه أثر فحمدنا الله على ذلك.

ص: 117

125-

حدثني عبد المؤمن حدثني رجل قال ماتت ابنة لي فأنزلتها القبر فذهبت لأصلح لبنة فإذا هي قد تحولت عن القبلة

⦗ص: 118⦘

فاغتممت لذلك غما شديدا فأريتها في النوم فقالت يا أبت اغتممت لما رأيتني عامة من حولي من القبور محولين عن القبلة قال فكأنها ترى الذين ماتوا وهم مصرون على الكبائر.

ص: 117

126-

حدثنا خالد بن خداش ثنا حماد بن زيد حدثني خالد بن نافع عن أبي عيينة بن المهلب قال سمعت يزيد بن المهلب يقول لما ولي سليمان بن عبد الملك فاستعملني على العراق وخراسان فودعني عمر بن عبد العزيز وقال يا يزيد اتق الله فإني حيث وضعت الوليد في كده إذا هو يرتكض في أكفانه.

ص: 118

127-

حدثني محمد بن الحسين ثنا علي بن حفص ثنا سلام الطويل عن عمرو بن ميمون قال سمعت عمر بن عبد العزيز يقول

⦗ص: 119⦘

كنت فيمن دلى الوليد بن عبد الملك في قبره فنظرت إلى ركبتيه قد جمعتا إلى عنقه فقال ابنه عاش والله أبي عاش ورب الكعبة فقلت عوجل أبوك ورب الكعبة قال فاتعظ بها عمر بعده.

ص: 118

128-

حدثني محمد ثنا يزيد بن هارون ثنا هشام بن حسان عن واصل مولى أبي عيينة عن عمرو عن عبد الحميد بن محمود المعولي قال كنت جالسا عند ابن عباس فأتاه قوم فقالوا إنا خرجنا حجاجا ومعنا صاحب لنا حتى أتينا ذا الصفاح فمات فهيأناه ثم انطلقنا فحفرنا له قبرا ولحدنا له فلما فرغنا من لحده إذا نحن بأسود قد ملأ اللحد فتركناه وحفرنا له مكانا آخر فلما فرغنا من لحده إذا نحن بأسود قد ملأ اللحد فتركناه وأتيناك فقال ابن عباس ذلك الغل الذي تغل به انطلقوا فادفنوه في بعضها فوالذي نفسي بيده لو حفرتم الأرض كلها لوجدتموه فيها فانطلقنا فدفناه فلما رجعنا أتينا أهله بمتيع كان له معنا فقلنا لامرأته ما كان عمل زوجك فقالت كان يبيع الطعام فيأخذ كل يوم منه قوت أهله ثم يقرض القصب مثله فيلقيه فيه.

ص: 119

129-

حدثني محمد بن الحسين حدثني أبو إسحاق صاحب الشاة قال دعيت إلى ميت لأغسله فلما كشفت الثوب عن وجهه إذا بحية قد تطوقت على حلقه فذكر من عظمها قال فخرجت ولم أغلسه قال ذكروا أنه كان يشتم السلف.

ص: 120

130-

حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ثنا محمد بن نصر عن أبي غالب عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين فجعل أمة محمد عليه السلام في زمرة قبلنا أولهم آخرهم فيصافحون ويعانقون ويسلمون عليهم ويقولون هؤلاء إخواننا الذين كانوا يترحمون علينا ويستغفرون لنا في الدنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى أحد خارج من الدنيا شاتم لأحد منهم إلا سلط الله عليه دابة تقرض لحمه يجد ألمه إلى يوم القيامة.

ص: 121

131-

حدثني محمد بن الحسين ثنا خالد بن خداش ثنا حماد بن زيد حدثني رجل من الطفاوة قد سماه قال دفنا ميتا فذهبت لأعالج شيئا في قبره فلم أره في قبره.

ص: 121

132-

حدثني محمد بن الحسين حدثني خالد بن يزيد القسام ثنا الربيع بن صبيح قال لما مات ثابت البناني دخلت أنا وحميد الطويل وجسر أبو جعفر قبره فلما وضعناه في لحده وجعلنا نسوي

⦗ص: 122⦘

عليه اللبن وكان حميد مما يلي رأسه فنظر فلم يره في قبره فأومأ إلينا وأومأ إليه لا تفتن الناس وسوينا عليه التراب ورجعنا فأتى حميد سليمان بن علي فأخبره الخبر فلما كان في الليل جافى الخيل فنبش عنه فلم يجده في قبره فسوى عليه ثم انصرف فلما أصبح أتينا ابنته فسألناها عن صنيعه فقالت ما أراكم إلا وقد نفرتموه من قبره قلنا أجل وكيف ذلك قالت أحدثكم إنه مكث خمسين سنة يدعو الله في صلاته إذا كان السحر قال يا رب إن كنت أعطيت أحدا الصلاة في قبره فأعطينيها فلم يكن الله إن شاء الله ليرد ذلك الدعاء قال الربيع قال جسر أنا والله الذي لا إله إلا هو رأيته الليلة في منامي وعليه ثياب خضر فإنما يصلي في قبره.

ص: 121

133-

حدثنا محمد بن الحسن ثنا عمر بن السكن ثنا محمد ابن يزيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن طريف البجلي قال مات أخي أيام الجماجم فلما وضع وضعت رأسي على قبره فإن أذني اليسرى على القبر إذ سمعت صوت أخي أعرفه صوتا ضعيفا فسمعته يقول الله قال الآخر فما دينك قال الإسلام.

ص: 124

134-

حدثنا محمد حدثني شجاع بن الوليد أبو بدر ثنا العلاء ابن عبد الكريم قال مات رجل وكان له أخ ضعيف البصر فقال أخوه فدفناه فلما انصرف الناس وضعت رأسي على القبر فإذا أنا بصوت من داخل القبر يقول من ربك ومن نبيك فسمعت أخي وعرفته وعرفت صوته قال الله ربي ومحمد نبيي ثم ارتفع شبه سهم من داخل القبر إلى أذني فاقشعر جلدي فانصرفت.

ص: 124

135-

حدثني محمد ثنا عبيد بن إسحاق الضبي ثنا عاصم بن محمد العمري عن زيد بن أسلم عن أبيه قال بينما عمر بن الخطاب يعرض الناس إذ مر به رجل معه ابن له على عاتقه فقال عمر ما رأيت غرابا أشبه بغراب من هذا بهذا فقال أما والله يا أمير المؤمنين لقد ولدته أمه وهي ميتة فقال ويحك وكيف ذلك قال خرجت في بعث كذا وكذا وتركتها حاملا به فقلت أستودع الله ما في بطنك فلما قدمت من سفري أخبرت أنها قد ماتت فبينا أنا ذات ليلة قاعد في البقيع مع ابن عم لي إذ نظرت إلى ضوء شبه السراج في المقابر فقلت لبني عمي ما هذا قالوا لا ندري غير أنا نرى هذا الضوء كل ليلة عند قبر فلانة قال فأخذت معي فأسا ثم انطلقت نحو القبر فإذا القبر منفرج وإذا هو في حجر أمه فناداني مناد أيها المستودع ربه خذ وديعتك أما لو استودعت أمه لوجدتها قال فأخذت الصبي وانضم القبر قال أبو جعفر فسألت عثمان بن زفر التيمي عن هذا الحديث فقال قد سمعته من عاصم بن محمد.

ص: 125

136-

حدثني محمد حدثني عبد العزيز بن أبان ثنا إسماعيل بن عبد الأعلى قال كان رجل يزور قبر امرأة من أهله قال فبينما أنا ذات يوم عند قبرها إذ ذهب بي النوم فإذا هي تكلمني فقالت ترى هذه القبور ليس فيها أحداً أعظم أجراً من صاحب هذا القبر قلت أي شيء كان عمله قالت أصيب بمصائب كثيرة فصبر عليها.

ص: 126

137-

حدثني محمد حدثني سعيد بن خالد بن يزيد الأنصاري عن رجل من أهل البصرة ممن كان يحفر القبور قال

⦗ص: 127⦘

حفرت قبرا ذات يوم ووضعت رأسي قريبا منه وأتتني امرأتان في منامي فقالت إحداهما يا عبد الله نشدتك بالله إلا صرفت عنا هذه المرأة ولم تجاورناها قال فاستيقظت فزعا فإذا أنا بجنازة امرأة قد جيء بها فقلت القبر وراءكم فصرفتهم إلى غير هذا القبر فلما كان الليل إذا أنا بالمرأتين في منامي تقول إحداهما جزاك الله عنا خيرا فقد صرفت عنا شرا طويلا قلت ما بال صاحبتك لا تكلمني إذ تكلميني أنت قالت إن هذه ماتت على غير وصية وحق لمن مات على غير وصية أن لا يتكلم إلى يوم القيامة.

ص: 126

138-

حدثني أبو عثمان الأموي قال سمعت أبي يذكر عن أبي بكر بن عياش عن حفار كان في بني أسد قال فمررت بالحفار فحدثني

⦗ص: 128⦘

كما حدثني أبو بكر عنه قال كنت أنا وشريك لي نتحارس مقبرة بني أسد فإني بليلة في المقابر إذ سمعت قائلا يقول من قبر يا عبد الله قال مالك يا جابر قال تأتينا أمنا قال وما ينفعنا الأفضل أبينا إن أبي قد غضب عليها وحلف أن لا يصلي عليها قال فجعلا يكرران مرارا فجئت لشريكي فجعل يسمع الصوت ولا يفهم الكلام فلقنته إياه ثم تفهم ففهمه فلما كان من غد جاءني رجل فقال لي احفر لي هاهنا قبرا بين القبرين اللذين سمعت فيهما الكلام فقلت أو اسم هذا جابر واسم هذا عبد الله قال نعم فأخبرته بما سمعت فقال نعم قد كنت حلفت أن لا أصلي عليها لا جرم لأكفرن عن يميني ولأصلين عليها ولأترحمن عليها قال ثم مر بي بعد ذلك وبيده عكازه ومعه إداوة فقال إني أريد الحج لمكان يميني تلك.

ص: 127

139-

حدثني محمد بن موسى الصائغ ثنا عبد الله بن نافع المدني قال مات رجل من أهل المدينة فدفن بها فرآه رجل كأنه من أهل النار فاغتم لذلك ثم إن بعده سابعة أو ثامنة أري كأنه من أهل الجنة قال ألم تكن قلت إنك من أهل النار قال كان ذلك إلا أنه دفن معنا رجل من الصالحين فشفع في أربعين من جيرانه

⦗ص: 129⦘

وكنت فيهم.

ص: 128

140-

حدثني محمد بن إدريس ثنا أبو اليمان ثنا صفوان بن عمرو أنهم ذكروا النعيم فسموا أناسا فقال جابراً نعم الناس أجسادا في التراب فقد أمنت الحساب تنتظر الثواب.

ص: 129

141-

حدثني محمد بن إدريس ثنا علي بن محمد الطنافسي ثنا وكيع عن مسعر عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر قال قال مسروق ما من بيت خير للمؤمن من لحد قد استراح فيه من هموم الدنيا وأمن عذاب الله.

ص: 129

142-

حدثني محمد بن قدامة قال سمعت بشر بن الحارث يقول نعم المنزل القبر لمن أطاع الله.

ص: 130

143-

حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي ثنا محمد بن عبد الرحمن الجعفي ثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة قال سمعت أبا غطفان المري يقول قال عمر يا رسول الله لو فزعنا أحيانا لفزعنا فكيف بظلمة القبر وضيقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما يوفى العبد على ما قبض عليه.

ص: 130

144-

حدثني محمد بن إدريس ثنا علي بن صالح الرازي ثنا إبراهيم بن خالد عن عمر بن عبد الرحمن قال سمعت وهب بن منبه قال كان عيسى عليه السلام واقفا على قبر ومعه الحواريون وصاحبه يدلى فيه فذكروا القبر ووحشته وظلمته وضيقه فقال عيسى عليه السلام كنتم في أضيق منه في أرحام أمهاتكم فإذا أحب الله أن يوسع وسع.

ص: 131

145-

قال وأنشدني أبو علي.. .

هالوا عليه التراب ثم انثنوا عنه وخلوه لأعماله

لم ينقض النوح من داره إذ زال حتى اقتسموا ماله.

ص: 131

146-

قال وأنشدني الرياشي عباس بن الفرج

تهيج منازل الأموات وجدا

ويحدث عند رؤيتها اكتئاب

منازل لا تجيبك حين تدعو

وعز عليك أنك لا تجاب

ص: 132

147-

قال وأنشدني إبراهيم الأصبهاني عن الرياشي

وكيف يجيب من ندعوه ميتا

تضمنه الجنادل والتراب

ص: 132

148-

قال وأنشدني إبراهيم الأصبهاني

مقيم إلى أن يبعث الله خلقه

لقاؤك لا يرجى وأنت قريب

تزيد بلى في كل يوم وليلة

وتنسى كما تبلى وأنت حبيب

ص: 132

149-

حدثني محمد بن عباد بن موسى ثنا كثير بن هشام عن أبي المقدام قال كنت أساير الحسن ونحن راجعون من جنازة بكر بن

⦗ص: 133⦘

عبد الله فقلت أرأيت قول الله عز وجل: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} . فنظر عن يمينه وعن شماله فقال هم هؤلاء في البرزخ كما ترون يركضون عليهم هما يحيكم لا يسمعون الصوت.

ص: 132

150-

حدثني محمد بن عباد بن موسى ثنا هشام بن محمد عن عون بن أيوب البجلي قال سمعت جدي أبا زرعة بن عمرو بن جرير عن أبيه قال تدرون أي يوم يقصد في النعمان بن المنذر قلنا لا قال فإنه خرج متنزها ومتصيدا وكان النعمان يعبد الأوثان فمر بمقابر بظهر الحيرة فوقف قريبا منها فقال له عدي بن زيد أبيت اللعن تدري ما تقول هذه المقابر قال لا قال فإنها تقول

⦗ص: 134⦘

يا أيها الركب المحيون على الأرض محدون

كما أنتم كنا وكما نحن تكونون

قال أعد علي فأعاد عليه فرجع النعمان وهو رقيق ثم خرج خرجة أخرى فوقف على المقابر فقال له عدي أبيت اللعن تدري ما تقول هذه قال ما تقول قال تقول

رب ركب قد أناخوا حولنا

يشربون الخمر بالماء الزلال

ثم بادوا عصف الدهر بهم

وكذاك الدهر حال بعد حال

قال أعد فأعاد فرجع متنصرا فمات نصرانيا.

ص: 133

151-

حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني عمر بن عثمان التيمي قال سمع أبي أبياتاً من عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم ابن عمر بن الخطاب فقال له اكتبها لابن أخيك قال فكتبها لي عبيد الله ولقيني بها أبياتا لعدي بن زيد

أمم قبلنا خلت وقرون

قوم موسى منهم بنوا إسرائيل

نقبوا في البلاد من حذر الموت

وجالوا على الأرض كل مجال

ثم صاروا إلى التي خلقوا منها

فأضحوا من التراب الهال

هل تراه يبقى عليهم مسح

فايح فاه للصبا والشمال.

ص: 134

152-

حدثني المفضل بن غسان قال مر رجل بقبر محفور فقال نعم مقيل المؤمن هذا.

ص: 134

153-

حدثني القاسم بن هاشم أبو محمد ثنا الحكم بن نافع نا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن عبد الله الخزاعي قال إن ذا القرنين أتى على أمة من الأمم ليس في أيديهم شيء مما يستمتع به الناس من دنياهم قد احتفروا قبورهم فإذا أصبحوا تعاهدوا تلك القبور فكنسوها وصلوا عليها ورعوا البقل كما ترعى البهائم وقد قيض لهم في ذلك معاش من نبات الأرض فأرسل ذو القرنين إلى ملكهم فقال أجب الملك ذو القرنين فقال ما لي إليه حاجة فأقبل ذو القرنين فقال ابن.. . فأتيت بها فإذا قد جئتك قال لو كانت لي إليك حاجة لأتيتك فقال له ذو القرنين ما لي أراكم على الحال التي رأيت لم أر أحدا من الأمم عليها فقالوا وما ذلك قال ليس لكم دنيا ولا شيء أولا اتخذتم الذهب والفضة فاستمعتم بها فقالوا إنما كرهناها لأن أحدا لم يعط منها شيء إلا تاقت نفسه ورغبت إلى أفضل منه فقال ما بالكم قد احتفرتم قبورا فإذا أصبحتم تعاهدتموها فكنستموها وصليتم عندها قالوا أردنا إذا نظرنا إليها فأملنا الدنيا منعتنا قبورنا من الأمل قال وأراكم لا طعام لكم إلا البقل من الأرض أفلا اتخذتم البهائم من الأنعام فاحتلبتموها وركبتموها واستمتعتم بها فقالوا كرهنا أن نجعل بطوننا لها قبورا ورأينا أن في نبات الأرض بلاغا وإنما يكفي ابن آدم أدنى العيش من الطعام وإن ما جاوز الحد منه لم نجد له طعما ما كان من الطعام ثم بسط ملك تلك

⦗ص: 136⦘

الأمة يده خلف ذي القرنين فتناول جمجمة فقال يا ذا القرنين أتدري من هذا قال لا ومن هو قال هذا ملك من ملوك الأرض أعطاه الله سلطانا على أهل الأرض فغشم وظلم وعتى فلما رأى الله ذلك منه حسمه بالموت فصار كالحجر الملقى حتى أحصى الله عليه عمله حتى يجزيه في آخرته ثم ناوله جمجمة أخرى فقال يا ذا القرنين تدري من هذا قال لا ومن هو قال هذا ملك ملكه الله بعده وكان يرى ما يصنع الذي قبله بالناس من الغشم والظلم والفجر فتواضع لله وخشع لله وعمل بالعدل في أهل مملكته فصار كما ترى قد أحصى الله عليه عمله حتى يجزيه في آخرته ثم أهوى إلى جمجمة ذي القرنين فقال وهذه الجمجمة قد كانت كهاتين فانظر يا ذا القرنين ما أنت صانع فقال له ذو القرنين هل لك في صحبتي فأتخذك أخا أو وزيرا أو شريكا فيما يأتي الله من هذا المال قال ما أصلح أنا وأنت في مكان ولا أن نكون جميعا قال له ذو القرنين ولما قال من أجل أن الناس كلهم لك عدو ولي صديق قال وعم ذلك قال يعادونك لما في يديك من الملك والمال ولا أجد أحداً يعاديني لرفضي ذلك ولما عندي من الحاجة وقلة الشيء فانصرف عنه ذو القرنين.

ص: 135

154-

حدثنا سعيد بن سلميان ثنا خلف بن خليفة ثنا أبو هاشم الرماني قال بلغني أن ذا القرنين بلغ المشرق والمغرب مر برجل معه عصا يقلب عظام الموتى وكان إذا أتى مكانا أتاه أهل المكان فيسلمون ولم يأته فعجب ذو القرنين فأتاه فقال لما لم تأتني ولم تسلني قال لم يكن لي إليك حاجة وعلمت إنك إن يكن لك إلي حاجة ستأتيني قال فقلت ما هذا الذي تقلب قال عظام الموتى هذا عملي منذ أربعين سنة أريد أن أعرف الشريف من الوضيع فقد اشتبهوا علي فقال له ذو القرنين هل لك أن تصحبني وتكون معي قال إن ضمنت مني أمرا صحبتك قال ذو القرنين ما هو قال تمنعني من الموت إذا نزل بي قال ذو القرنين ما أستطيع ذلك قال لا حاجة لي في صحبتك.

ص: 137

155-

حدثني يعقوب بن إسماعيل ثنا حبان بن موسى أنا عبد الله بن المبارك أنا رشدين بن سعد ثنا عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أنه بلغه أن ذا القرنين في مسيره دخل مدينة فاستكف

⦗ص: 138⦘

عليه أهلها ينظرون إلى موكبه الرجال والنساء والصبيان وعند بابها شيخ على عمل له فمر به ذو القرنين فلم يلتفت إليه الشيخ فعجب ذو القرنين فأرسل إليه فقال ما شأنك استكف الناس ونظروا إلى مركبي قال فما شأنك أنت قال لم يعجبني ما أنت فيه إني رأيت ملكا مات في يوم هو ومسكين ثم اطلعتهما بعد أيام وقد تزايلت لحومهما ثم رأيتهما قد تقلصت العظام واختلطت فلم أعرف الملك من المسكين فما يعجبني ملكك فلما خرج استخلفه على المدينة.

ص: 137

156-

الحارث بن محمد التميمي عن شيخ من قريش قال مر الإسكندر بمدينة قد ملكها سبعة أملاك وبادوا فقال هل بقي من نسل الأملاك الذين ملكوا هذه الدنيا أحد قالو نعم رجل يكون في المقابر فدعى به فقال ما دعاك إلى لزوم المقابر قال أردت أن أعزل

⦗ص: 139⦘

عظام الملوك من عظام عبيدهم فوجدت عظامهم وعظام عبيدهم سواء فقال له فهل لك أن تتبعني فأحيي بك شرف آبائك إن كانت لك همة قال إن همتي لعظيمة إن كانت بغيتي عندك قال وما بغيتك قال حياة لا موت فيها وشباب لا هرم معه وغناء لا فقر منه وسرور بغير مكروه قال لا قال فامضي لشأنك ودعني أطلب ذلك ممن هو عنده ويملكه فقال الإسكندر هذا أحكم من رأيت.

ص: 138

157-

حدثني أبو.. . العبدي ثنا بقية بن الوليد ثنا الخليل ابن جميع البصري عن نعيم بن سلامة إنه كان يقول في الحثو على

⦗ص: 140⦘

الميت يقول في الأولى بسم الله وفي الثانية الملك لله وفي الثالثة لا شريك له.

ص: 139

158-

حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال سألت إسحاق بن سليمان الرازي فحدثني عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة وكان قد قرأ الكتاب قال حوسب رجل فشالت السيئات بالحسنات فنظر في ذلك فإذا هو قد حثى على قبر ثلاث حثيات فوضعت الحسنات فشالت بالسيئات.

ص: 140

159-

حدثنا الحسن بن محبوب ثنا الفيض بن إسحاق قال قال لي فضيل أرأيت لو كانت الدنيا لك فقيل لك تدعها وتوضع في قبرك أما كنت تفعل.

ص: 140

160-

حدثنا الحسن بن محبوب ثنا الفيض قال قال فضيل ويحك أليس تموت وتخرج من أهلك ومالك وتصير إلى القبر وضيقه وحدك ثم قال: {فما له من قوة ولا ناصر} . ثم قال إن كنت لا تفعل هذا فما في الأرض دابة أحمق منك.

ص: 141

161-

حدثني أحمد بن محمد الأزدي حدثني حامد بن أحمد بن أسيد قال أخذت بيد علي بن جبلة يوما فأتينا أبا العتاهية فوجدناه في الحمام فانتظرناه فلم يلبث أن جاء فدخل عليه إبراهيم بن مقاتل بن سهل وكان جميلا فتأمله أبو العتاهية وقال متمثلا

يا حسان الوجوه سوف تموتون

وتبلى الوجوه تحت التراب

قال فأقبل علي بن جبلة فقال اكتب

يا مربي شبابه للتراب سوف

تلهوا البلى بغض الشباب

يا ذوي الأوجه الحسان المصونات

وأجسامها الغضاض الرطاب

قال فقال أبو العتاهية قل يا حامد قلت معك ومع أبي الحسن قال نعم فقلت

أكثروا من نعيمها وأقلوا

سوف تهدونها لعفر التراب

قد نعتك الأيام نعيا صحيحا

بفراق الإخوان والأصحاب

نعموا الأوجه الحسان فما

صونكوها إلا لعفر التراب

ولبسوا ناعم الثياب ففي

الحفرة يعرون من جميع الثياب

قد ترون الشباب كيف يموتون

إذا استنصروا بماء الشباب

ص: 142

162-

حدثني أبو محمد النخعي قال انتفض عتام بن علي يوما وهو مع أصحابه فقال له بعضهم ما هذا الذي أصابك قال ذكرت اللحد.

ص: 143

163-

حدثني محمد بن أحمد قال قال هشام الدستوائي ربما ذكرت الميت إذا لف في أكفانه فاغص بنفسي.

ص: 143

164-

حدثني محمد بن خلف التيمي حدثني أبي قال سمعت أبا بكر النهشلي شهد جنازة فلما دفن الميت بكى أهله فجعل أبو بكر ينكت في الأرض ويقول

ترى الميت يبكيه الذي مات قبله

وموت الذي يبكي عليه قريب

ص: 143

165-

حدثني محمد بن خلف قال سمعت أبي يقول رجعنا من دفن ميت مع ابن السماك فأقبل ابن السماك يقول

⦗ص: 144⦘

تمر أقاربي جنبات قبري

كأن أقاربي لا يعرفوني

ص: 143

166-

حدثني محمد بن خلف حدثني محمد بن العلاء التيمي عن عقبة البزار قال سمعت أعرابيا وقد رأى جنازة فأقبل وهو يقول هنيئا هنيئا يا صاحبها فقلت علام تهنئه قال كيف لا أهنئ من يذهب به إلى حسن جوار كريم نزله عظيم عفوه فكأني لم أعرف ذلك القول إلا تلك الساعة.

ص: 144

167-

حدثني أبو حاتم الحنظلي ثنا مضرس بن عبد الله الغنوي ثنا أبو عياض أبان بن راشد عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال قال أبو الدرداء إن لكم في هاتين الدارين لعبرة تزورونهم ولا يزورونكم تنتقلون إليهم ولا ينتقل إليكم يوشك أن

⦗ص: 145⦘

تستفرغ هذه ما في هذه.

ص: 144

168-

حدثني مفضل بن غسان قال نظر رجل إلى القبور قال أصبح هؤلاء زاهدين في ما نحن فيه راغبين.

ص: 145

169-

حدثني أحمد بن إبراهيم العبدي حدثني أبو داود عن عمارة بن مهران المعولي قال قال لي محمد بن واسع ما أعجب إلي منزلك قلت وما يعجبك من منزلي وهو عند القبور قال وما عليك يقلون الأذى ويذكرونك الآخرة.

ص: 145

170-

حدثني محمد بن عباد بن موسى ثنا كثير بن هشام عن

⦗ص: 146⦘

مبارك بن فضالة عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص إنه كان في جنازة فرأى قبرا خاسفا فقال لرجل من أهله تعال إلى بيتك الذي هو بيتك قال فجاء قال ما أرى بيتا فيه طعام ولا شراب ولا ثياب قال فإنه والله بيتك قال صدقت قال فرجع فقال والله لأجعلن ما في بيتي ذلك قال الحسن هو والله التشدد والهلكة لتصبرن أو لتهلكن قال سمعته ينشد:

هل على نفس امرئ محزون موقن أنه غدا مدفون

فهو للموت مستعد لا يصون الحطام فيمن يصون

كلنا نكثر المذمة للدنيا وكل محبها مدفون

بأكثر الكنوز إن الذي يكفيك ما أكثرت منها الدون

أترى من بها جميعا كان قد علقت منها ومنك الرهون

أين آباؤنا وأين آباؤهم قبل وأين القرون أين القرون

إنا لتلك المنايا ولو أنك في شاهق من تلك الحصون

كم أناس كانوا فأتتهم الأيام حتى كأنهم لم يكونوا

إن رأيا دعا إلى طاعة الله لرأيا باذل ميمون

ص: 145

171-

حدثني أبو بكر بن الأغر ثنا خلف بن تميم قال سمعت يزيد بن مغول يقول

أين آباؤنا وأين آباء آباؤنا

...

وأين أين الجدود

وردوا منهل المنايا فبادوا

...

ولهانا قد حان ما ورد

ص: 147

172-

حدثني سليمان بن أبي سنح قال أنشدني محمد بن الحكم لأعشى همدان

فما تريد مما كان يجمعه

إلا حنوطا خرما البين مع خرق

وغير نفحة أعواد تشب له

وقل ذلك من زاد لمنطلق

لا تيأسن على شيء فكل

فتى إلى بيته يسير على عنق

وكل من ظن أن الموت يخطئه

معلل بأعاليل من الحمق

فأي.. . تعذر منيته

إلا شيخ إليها ظا.. . بسق

ص: 147

173-

ما زالت الدنيا منغشية

لم ينجو صاحبها من البلوى

دار الفجائع والهموم

ودار البنود والأحزان والشكوى

منا الفتى فيها بمنزل

إذ صار تحته جيرانها ملقى

يقفوا مساوئها محاسنها

لا شيء بين المنعى والبشرى

ص: 147

174-

أنشدني أبو العباس المكي بمكة

كأني بإخواني على حافتي قبري

يهيلونه فوقي وأعينهم تجري

عفى الله عني يوم أنزل ثاويا

أزار فلا أدري وأجفا فلا أدري

ص: 148

175-

قال أنشدني علي بن محمد بن البصري

يا ساعة القبر أين زواري

إذا تخليت بين أحجاري

يهجر ذكري ويحتمي وطني

وتنقضي مدتي وإيثاري

ص: 148

176-

قال أنشدني أبو جعفر القرشي

يا ساكن اللحد قلب حين تسكنه

عينيك فانظر لماذا يصنع الحاثي

يا داخل القبر فاسمع حين تدخله

ماذا يريثك فيه بعدك الراثي

يا عين لا تكلي دمعا علي ولا نوحا

إلى أعين يرقبن ميراثي

ص: 148

177-

قال أنشدني أبي رحمه الله قال انشدني أبو السمح الطائي

إذا أصحاب ودي ودعوني

وراحوا والأكف بها غبار

مقيم لا يجاورني صديق

بأرض لا أزور ولا أزار

فذاك النأي لا الهجران

شهرا وشهرا ثم تجتمع الديار

ص: 148

178-

قال وأنشدني الحسين بن عبد الرحمن لهدية بن الهيثم العدوي

⦗ص: 149⦘

ألا عللاني قبل نوح النوائح

وقبل اضطلاع النفس بين الجوانح

وقبل غد يا ويح نفسي من غد

إذا راح أصحابي ولست برائح

إذا راح أصحابي تفيض دموعهم

وغودرت في أرض لحد على صفائح

يقولون هل أصلحتم لأخيكم

وما القبر في أرض الفضاء بصالح

ص: 148

179-

حدثني عمر بن أبي معاذ البصري حدثني بكر بن عبد الله ابن عاصم عن مالك بن دينار قال لما مات بشر بن مروان مات رجل أسود كان قريب المنزل منا فشيعناه فدفن إلى جانب قبر بشر فلما أتت عليه ثالثة مررت بقبريهما فلم أعرف أحدهما من صاحبه فذكرت قول الشاعر

والعطيات خساس بينهم

وسوار مس مثري ومقل

ص: 149

180-

حدثني محمد بن الحسين قال قال أبو إسحاق شهدت جنازة رجل من إخواني منذ خمسين سنة فلما دفن وسوي عليه التراب وتفرق الناس جلست إلى بعض تلك القبور فتفكرت فيما كانوا فيه في الدنيا وانقطاع ذلك كله عنهم فأنشأت أقول

سلام على أهل القبور الدوارس

كأنهم لم يجلسوا في المجالس

ولم يشربوا من بارد الماء شربة

ولم يأكلوا من بين رطب ويابس

⦗ص: 150⦘

قال فغلبتني والله عيناي فقمت وأنا محزون.

ص: 149

181-

حدثني محمد حدثني داود بن مهران حدثني شعيب بن أبي حمزة قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض مدائن الشام أما بعد فكم للتراب في جسد ابن آدم من مأكل وكم للدود في جوفه من طريق مخترق وإني أحذركم ونفسي أيها الناس العرض.

ص: 150

182-

حدثني محمد حدثني محمد بن حرب المكي قال قدم علينا أبو عبد الرحمن العمري العابد واجتمعنا إليه وأتاه وجوه أهل مكة قال فرفع رأسه فلما نظر إلى القصور المحدقة بالكعبة فإذا بأعلى صوته يا أصحاب القصور المشيدة اذكروا ظلمة القبور الموحشة يا أهل التنعم والتلذذ اذكروا الدود والصديد وبلى الأجسام في التراب قال ثم غلبته عيناه فقام.

ص: 150

183-

أنشدني أحمد بن يحيى قوله

استعدي للموت يا نفس واسعي

لنجاة فالحازم المستعد

قد نبئت أنه ليس للحي

خلود ولا من الموت بد

أنت تسهين والحوادث لا

تسهوا وتلهين والمنايا تجد

إنما أنت مستعان ما سوف

تردين والعواري ترد

لا ترجي البقاء في معدن الموت

ودار حقوقها لك ورد

أي ملك في الأرض أو أي حظ

لامرئ حظه من الأرض لحد

كيف تهيني أمرا ولذاذة

أيام عليه الأنفاس فيها تعد.

ص: 151

184-

أنشدني أبو جعفر القرشي

أتعمى عن الدنيا وأنت بصير

وتجهل ما فيها وأنت خبير

وتصبح تبنيها كأنك خالد

وأنت غدا عما بنيت تسير

فلو كان فيها لي الذي أنت عارف

لقد كان فيما قد بلوت نذير

متى أبصرت عيناك شيئا فلم

يكن له مخبر أن البقاء يسير

فدونك فاصنع كلما أنت صانع

فإن بيوت الميتين قبور.

ص: 151

185-

قال وأنشدي علي بن محمد لهدبة بن محمد العدوي

⦗ص: 152⦘

ألا يا لقوم للنوائب والدهر

والمزدري نفسه وهو لا يدري

والأرض كم من صالح قد تألمت عليه

فوارته بلماعة قفر

فلا ذا جلال هنتم لجلاله

ولا ذا ضياع هن يتركن للفقر

ص: 151

186-

أنشدني أبو جعفر القرشي

تناجيك أجداث وهن سكوت

وسكانها تحت التراب خفوت

أيا جامع الدنيا لغير بلاغة

لمن تجمع الدنيا وأنت تموت

ص: 152

187-

قال وأنشدني غير أبي جعفر

ذوي الود من أهل القبور عليكم

السلام أما من دعوة تسمعونها

ولا من سؤال ترجون جوابه إلينا

ولا من حاجة تطلبونها

سكنتم ظهور الأرض حينا بشرة

فما لبثت حتى سكنتم بطونها

وخليتم اللذات فيها لأهلها

وكنتم زمانا تعبدون فتونها

وكنت أناسا قبلنا مثل ما نرى

تظنون بالدنيا وتستحسنونها

وكم صورة تحت التراب لسد

وكان حريصا جاهدا أن يصونها

وما زالت الدنيا محل ترجل

نخوش المنايا سهلها وحزونها

وقد كان للدنيا قرون كثيرة

ولكن سريب الدهر أتى قرونها

وللناس آجال قصار ستنقضي

وللناس أرزاق سيستكملونها.

ص: 152

188-

حدثني أبو عبد الله التيمي قال سمعت شريح بن مسلمة وأبي يذكران عن القاسم بن أبي وديعة قال كان رجل يقدم علينا كل سنة من الري يريد الحج ليس معه زاد ولا آلة الحج وكان ربما صحب كادح وأي طالب قال فأخبرني قال كانت لنا ظيرة مجوسية فماتت فرمي بها في الناووس فكن بناتي يبكينها فخرجت من الغم بذلك بين المغرب والعشاء وقد طلع القمر فاتكيت أنظر فيها فأنا أنظر إلى الناووس فإذا شيء قد تدلى من الناووس فلما قرب مني إذا أنا بها سوداء الوجه زرقاء العينين ثائرة الشعر حتى وقفت علي فقالت طوبى لكم يا أمة محمد كلكم في الجنة طبع المجوس في النار طبعة اسودت منها ألوانهم وازرقت منها عيونهم وثارت شعورهم ثم عادت فتدلت في الناووس وأنا أنظر إليها قال فأتيت أهلي فأخبرتهم فأمسكوا عن البكاء عليها قال أبو عبد الله وقد سمعت قاسما يذكره وهو خالي.

ص: 153

189-

حدثني أبو عبد الله حدثني محمد بن عمر التيمي وحدثني عبد الله بن نهار قالا سمعنا عبد الله بن الوليد العابد وكان صاحب سياحة وكان إذا سمع بجنازة مضى إليها حيث كانت قال فشهدت دفن ميت فلما إن حثوا عليه التراب أقبل الشيخ يقول يا معشر الناس رجل في القبر اتقوا الله أتدفنونه معه فتواثب إليه أهل بيته ومن كان معه من جيرانه فجعلوا يردونه عن كلامه فلا يرجع فلما دفن الميت قال سألتكم بالله إلا رجعتم وتركتموني قال

⦗ص: 154⦘

فمضينا ولنا مسنأة تدعى العقيق بينها وبين المقابر شبيه بنصف فرسخ فلما صرنا على المسنأة أقبلنا ننظر مع الشيخ إلى رجل معه مليا ثم أقبل إلينا الشيخ فقال هل رأيتم معي أحد يكلمني قلنا قد رأينا معك إنسانا قال فهو الذي أنكرتم من قولي خرج من القبر بعد ما مضيتم فقال لي يا هذا قد سمعت ما قال لك القوم فهل تدري من أنا قلت ومن أنت قال أنا ثواب الثلاث آيات من آخر سورة الحشر أنا مؤنس كل مؤمن في قبره فكان لي تلا فدخلت عليه فآنسته في قبره قال ثم غاب فلم أره.

ص: 153

190-

حدثني محمد بن المغيرة التميمي قال وجدت في كتاب جدي علي بن أبي طالب بن يزيد الحنفي ثنا الشمالي أن رجلا خرج بالمدينة يتنزه فإذا هو بصوت من قبر ينادي شعرا

هذا أبو ناقد أتانا زائرا

أحبب به زورا إلينا باكرا

وخير ميت ضمن المقابر

جد إلينا يا عبيد سائرا

قد وحد الله زمانا صابرا

عوض من توحيد أساور

في جنة الفردوس نزلا فاخرا

فقلت لا أبرح اليوم حتى أعلم ما هذا الصوت الذي سمعت

⦗ص: 155⦘

ومن هذا الميت فجيء بجنازة رجل فسألتهم عنهم فقيل لي هذا رجل من الأنصار من بني سلمة وهذا ابنه عبيد وهذه ابنته عبيدة فدفنوه بينهما فانصرفوا.

ص: 154

191-

حدثنا محمد بن المغيرة قال وفي كتاب جدي قال الكلبي إن رجلا مات بالمدينة فوله عليه أبوه ولها شديدا وإن أباه أري في منامه إن أتيت قبر ابنك فودعه فخرج يمشي حتى أتى قبره وهو رجل لا يقول الشعر فألقي على لسانه أن قال

يا صاحب القبر الذي قد استوى

هيجت لي حزنا على طول البلى

حزنا طويلا يا بني ما انقضى

ولم أغمض مذ دهاني ما دهى

حذار ما حدث مما قد سقى

من غصص الموت وغم قد نوى

وضغطة القبر الذي فيها الأذى

قال ثم إن الرجل انصرف فنودي من خلفه

اسمع أحدثك بائن قد أضى

بخبر أوضح من ضوء الضحى

في غصص الموت وغم قد جلا

وفرح لقيه بعد الرضى

القول بالتوحيد فينا قد خلا

أتيت من ذاك جزيلا وغنى

جنات فردوس رضى للفتى

يدعون فيها ناعما بما اشتهى

قال ثم إن الصوت خمد وانصرف الرجل فما خطر ابنه على بال حتى مات.

ص: 155

192-

حدثنا أبو حاتم ثنا سويد بن سعيد ثنا فضيل بن عياض عن هشام بن حسان قال كنا مع الحسن فوقف على قبر فقال أيها الناس القبر عيش هذا آخره فما خبره في أوله.

ص: 156

193-

حدثني أبو حاتم قال سمعت محمد بن عبد الكريم قال سمعت عائد بن شراحيل قال قال ابن المبارك

إن الذي قد زين الأباعدا

والأقربين صاعدا فصاعدا

عساك يوما تذكر الملاحدا

يامن يرجي أن يكون خالدا

شربت فاعلمه حديدا باردا

لا بد تلقى طيبا وزائدا.

ص: 156

194-

قال عائد وقال ابن المبارك

كأنك مستقل قد كسيت لفائف تعصب أكفانها

وبؤت في قفرة ملحدا يقل التزاور جيرانها

⦗ص: 157⦘

وشادك بعد الوتين الصعيد بدار يجاور سكانها

وأضحى رميما بمكروهة يفيض إلى الحي عمرانها.

ص: 156

195-

حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ثنا عبد الله بن يوسف قال سمعت صدقة بن عبد الله يتمثل كثيرا

انظر إلى الموتى متى تبعثا

فتعالى الله ماذا تنتظر.

ص: 157

196-

حدثني أبو عبد الله التميمي ثنا سيار عن جعفر عن مالك بن دينار إنه كان يتمثل

كفى واعظا بالموت إن كنت ناظرا

لنفسك فاسهر في مكانك أو نم.

ص: 157

197-

حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ثنا النضر بن إسماعيل في قوله: خذوه. قال يبتدره أكثر من ربيعة ومضر.

ص: 157

198-

حدثنا فضيل ثنا معتمر عن أبيه في قوله: خذوه. قال لا يضع يده على شيء إلا دقه فيقول أما ترحمني فيقول كيف أرحمك ولم يرحمك أرحم الراحمين.

ص: 158

199-

حدثنا فضيل ثنا غصن الرقي عن معقل اجزري عن عبد الكريم الجزري: {ليس على الأعمى حرج} . قال لا يقاتل وهي في التوراة يستتبع قائده إذا دعي إلى وليمة.

ص: 158