المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دافع الفطرة في النفوس - القصص القرآني - ياسر برهامي - جـ ١

[ياسر برهامي]

الفصل: ‌دافع الفطرة في النفوس

‌دافع الفطرة في النفوس

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فبعث إليه غلاماً يعلمه، وانتقى غلاماً حاذقاً وأرسله ليعلمه، فكان في طريقه راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر ضربه)، قدر الله لهذا الغلام شيئاً عجيباً، وهو أن يتلقى تعليماً مزدوجاً، تعليماً من الراهب الذي أعجبه كلامه، وتعليماً من الساحر الذي يعلمه الأذى والزور والباطل، ويعلمه السحر وأن الملك هو الرب، والراهب يعلمه أن الله سبحانه وتعالى لا إله غيره ولا رب سواه، وهناك رصيد كبير للساحر فيما يبدو؛ لأنه بتوجيه الملك، وهناك إعداد لأن يكون هذا ساحر الملك الذي يحتاج إليه الملك، يعني: وظيفة كبرى مهيأة لمستقبل هذا الغلام، فالملك في حاجة إلى هذا الساحر، وسبحان الله! كان الرصيد الأعظم في حق الراهب صاحب الصوت المنفرد الضعيف المختبئ في دير أو في كهف أو في طريق غير مشهور ولا معلوم لم يعد يسمعه الملك ولا جنود الملك، وكان صوته ضعيفاً لكنه يركز على الفطرة، ويصل إلى الفطرة الإنسانية المستقر فيها توحيد الله عز وجل، لذا أعجبه ذلك، ولذلك نقول لمن يقولون: ما تبنونه أنتم في سنة سوف يهدمه الباطل في شهر أو في ساعة؛ لأن الباطل بوقه عال، نقول: نعم، عنده أصوات عالية، لكن الحق له رصيد عظيم في النفوس، هو رصيد الفطرة الإنسانية السوية، فكل إنسان يميل إلى الحق؛ ولذلك نجد أنه كلما ازداد الباطل طغياناً وظلماً انصرفت قلوب العباد إلى الطاعة، وإلى الهدى، وإلى دين الله سبحانه وتعالى، وهذا معلوم عبر تاريخ الأمة، فكل المحن يعقبها فترات التزام، ويعقبها فترات إقبال على طاعة الله عز وجل حتى تتغير الموازين بإذن الله تبارك وتعالى.

ص: 13