الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكون ملكاً لبعض الأفراد أن تصير ملكاً لجميع الأمة.
وهذا التأميم كذلك يعتبر خطوة أولى لخطوة تليها هي القضاء التام على رؤوس الأموال والملكيات الفردية مهما كان نوعها وهذه النظرية لا ترى أية حرمة لمن بيده شيء من مصادر الثروة ووسائل الإنتاج، كما لا ترى أية قيمة لما بذله الأفراد في سبيل مشروع ولو في الأصل على الأقل للحصول على ما بأيديهم من أموال.
ولسنا نجادلهم بالأدلة الدينية التي توجب مراعاة الحرم والمحافظة على حقوق ذوي الحقوق فإن الدين في نظرهم هو "أفيون الشعوب" وإنما نقول لهم:
لقد أممتم مصادر الثروة ووسائل الإنتاج، فماذا فعلتم بهذه الأموال المؤممة، وكان المفروض بناء على دعواكم الأساسية أن تصير ملكاً للمجموع يتساوون في الانتفاع بها. فهل صار في متناول كل فرد من أفراد أمتكم أن يحصل على شيء من هذه الأموال يسد بها عازته ويقضى منها وطره وحاجته؟
والواقع أن الأموال المؤممة إنما انتقلت من ملك أربابها ومكتسبيها إلى خزينة الدولة ليتصرف فيها الحكام حسب أغراضهم وأهوائهم وليبذلوا ما شاءوا في سبيل امتداد حكمهم وسلطانهم ولينغمسوا بها في الشهوات والملاذ إلى حلوقهم وأذقانهم. وقد كانت نتيجة هذا التأميم سلب أسباب الغنى من الأغنياء وإدامة الفقر والمسكنة للمساكين والفقراء.
3-
(القضاء على رأس المال) :
والمخطط الثالث من المخططات اللازمة لقيام المجتمع الشيوعي هو القضاء على (رأس المال) بدعوى أن رأس المال يشكل العمود الرئيسي للظلم الواقع على رأس (الطبقة الكادحة) .
أما كيفية هذا الظلم فيقرر الماركسيون بأن قيمة كل شيء هو العمل الإنساني الذي بذل فيه، وإذا لم يكن هناك استغلال وجب أن يأخذ العامل ثمرة العمل كلها، إلا أن أصحاب رأس المال (يستغلون) اضطرار العامل فلا يعطيه من قيمة عمله إلا جزاءً يسيراً قد لا يفي بكفايته ولا يقوم بحاجته الضرورية من القوت ثم يأخذ صاحب رأس المال الزيادة لنفسه، ويصرفها في توسيع ثروته فيزداد إمعاناً في الظلم وإغراقاً في سرقة حقوق العامل.
وهذه الزيادة بين رأس المال الأصلي وقيمة الإنتاج يسميها كارل ماركس (القيمة الفاضلة) .
وهذه القيمة الفاضلة قد ذهب أكثرها إلى صاحب رأس المال، وقد كان من حق العامل أن يستولي على هذه القيمة الفاضلةكلها، لأنها في الواقع
عند (ماركس) قيمة عملة وثمرة كده لذلك رأى ماركس من الضروري القضاء على رأس المال حتى تتحطم السلاسل والأغلال التي يكبل بها الرأسماليون العمال والكادحين، ولا بد أن يسري على الجميع بعد ذلك قانون قاطع هو:
"إن لكل حسب حاجته، ومن كل حسب طاقته" ومعنى ذلك أن الدولة تكفل لكل إنسان قدر ما يحتاجه في معاشه من مطعم وملبس ومسكن، وتكلفه في نظير ذلك أن يبذل للدولة ما يطيقه من العمل!
هذا.. ودعوى الماركسيين أن رأس المال يشكل العمود الرئيسي للظلم الواقع على رأس الطبقة الكادحة هي دعوى فاسدة بل رأس المال قد يكون سبباً في كثير من الأحيان في مد يد المساعدة والعون للطبقة الكادحة وتيسير أسباب المعايش لهم.
كما أن دعوى الماركسيين أن قيمة كل شيء هو العمل الإنساني الذي بذل فيه، وأن العدالة تقتضي أن يحصل العامل على جميع القيمة الفاضلة هي دعوى منافية للعدل والإنصاف كذلك لما فيها من إلغاء اعتبار الأدوات والآلات التي بذلها صاحب رأس المال والتي يسرت للعامل هذا العمل، كما أن أبسط قواعد الاقتصاد تبرهن على أن قيمة الشيء ليست العمل الإنساني الذي بذل فيه.
فالسلعة الواحدة قد يصنعها عامل في يوم ويصنعها عامل آخر في يومين، وقد يباع كتاب في سنة ما بدينار واحد ولا يساوي في سنه أخرى أكثر من ربع دينار، وهذا الصنف من الشراب قد يرتفع سعره في بلد وينخفض في بلد آخر في نفس الوقت مع أن العمل الإنساني الذي بذل فيه إنما هو عمل واحد.
بل قيمة الشيء غالباً تخضع لنظام (العرض والطلب) .
كما أن القانون الذي قرروا أن يكون لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته، هو قانون خيالي، لأن حاجات الناس متفاوتة كتفاوت طبائعهم، أي أن هذا العامل قد يكفيه قليل من الخبز والادام لتوليد طاقة العمل في بنيته، وقد يزامله عامل آخر في نفس العمل ولا يكفيه ضعفه من الخبز والادام لتوليد طاقة العمل لديه، كما أن بعض العمال قد يستطيع مباشرة عمله في الشتاء بلباس خفيف ولا يستطيع زميله في العمل أن يباشر إلا بلباس ثقيل قد يكلفه ضعف ما يحتاجه زميله السابق.
ومما يبين فساد هذه النظرية ومجافاتها لنظام الطبيعة والفطرة هو: عجز الشعوب التي سقطت في براثن دعاة الشيوعية عن تطبيقها، كما أنهم صاروا المثل الأسوأ في ظلم الطبقة الكادحة من الفلاحين والعمال.
فقد صار العامل في روسيا - مثلاً - يطلب منه أن يقدم أقصى ما يستطيع