الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: سورة المبعثرة
ورد هذه التسمية عند أبي حيان، ولم يعلل سبب تسميتها بـ «المبعثرة» ، ودون ذكر سنده في ذلك (3).
ثالثا: -سورة المائة وعشرون آية
جاءت تسميتها بذلك في مصحفين، احدها نسخت سنة (1258 هـ)(4)، والآخر في القرن الثالث عشر الهجري (5)، ولم أقف على هذا الاسم عند السادة المفسرين، كما انه من الغريب تسمية السورة بعدد آياتها- والله أعلم-.
ننستنتج مما سبق بأن اسم السورة التوفيقي، هو: سورة «المائدة» ، وأما الأسماء الاخرى، فجميعها من إجتهاد العلماء ولم يرد فيها حديث من النبي-صلى الله عليه وسلم، أو اثر من صحابته-رضوان الله تعالى عليهم-.
مكان نزول السورة:
في مكان نزول السورة أقوال:
القول الاول: أنها مدنية. وهذا قول ابن عباس (6)، والضحاك (7)، وقتادة (8)، وجمهور العلماء (9)، وذلك بناء على سببين:
أحدهما: القول الذي رجحه العلماء من أن القرآن المدني هو الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة ولو كان نزوله في غير المدينة.
قال ابن عطية: " هذه السورة مدنية بإجماع
…
ومن هذه السورة ما نزل في حجة الوداع، ومنها ما نزل عام الفتح، وهو قوله تعالى:{ولا يجرمنكم شنآن قوم} [المائدة: 2] الآية، وكل ما نزل من القرآن بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مدني سواء ما نزل بالمدينة أو في سفر من الأسفار أو بمكة، وإنما يرسم بالمكي ما نزل قبل الهجرة" (10).
قال القرطبي: " وهي مدنية بإجماع
…
وكل ما أنزل من القرآن بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مدني، سواء نزل بالمدينة أو في سفر من الأسفار. وإنما يرسم بالمكي ما نزل قبل الهجرة" (11).
والثاني: أن السورة بدأت بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 1]، وهذه الخصلة لاتكون غلا في السور المدنية.
قال ابن العربي: " قال علماؤنا: قال علقمة: إذا سمعت: {يا أيها الذين آمنوا} [المائدة: 1] فهي مدنية، وإذا سمعت: {يا أيها الناس} [النساء: 1] فهي مكية؛ وهذا ربما خرج على الأكثر"(12).
(1) انظر: كنايات الأدباء، أحمد الجرجاني:121.
(2)
التحرير والتنوير: 6/ 69.
(3)
انظر: البحر المحيط: 4/ 156.
(4)
والمصحف بجامعة الإمام بالرياض برقم (1842).
(5)
والمصحف بجامعة الإمام برقم (671).
(6)
انظر: زاد المسير: 1/ 505.
(7)
انظر: زاد المسير: 1/ 505.
(8)
انظر: تفسير الطبري (11110): ص 9/ 531.
(9)
انظر: المحرر الوجيز: 2/ 143، وتفسير القرطبي: 6/ 30، وغيرها.
(10)
المحرر الوجيز: 2/ 143.
(11)
تفسير القرطبي: 6/ 30.
(12)
أحكام القرآن: 2/ 3.
وقد أورد الإمام السيوطي كثيرا من الأحاديث والآثار تدل صريحا على أنها آخر ما نزل من القرآن (1).
والقول الثاني: أنها مدنية كلها إلا قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [الآية: 3]، فإنها نزلت بـ «عرفات» . وهذا قول مقاتل بن حيان (2)، وشهاب الخفاجي (3).
قال أبو سليمان الدمشقي: "فيها من المكي: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [الآية: 3] "(4).
قال ابن الجوزي: "والصحيح أن قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، نزلت بعرفة يوم عرفة، فلهذا نسبت إلى «مكة» "(5).
واعترض القاسمي على القول الثاني، من خلال نظرين (6):
الأول: - إن هذا بناء على أن المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة. والمدني ما نزل بالمدينة، وهو اصطلاح لبعض السلف. ولكن الأشهر كما في "الإتقان" أن المكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعدها، سواء نزل بمكة أم بالمدينة، عام الفتح أو عام حجة الوداع، أم بسفر من الأسفار (7).
الثاني: - بقي عليه، لو مشي على ذاك الاصطلاح، آيات آخر.
القول الثالث: أنها مدنية كلها إلا قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [الآية: 3]، وهذا قول أبي سليمان الدمشقي (8).
قال السدي: " عن السدي قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات"(9).
القول الرابع: أنها نزلت عند منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية.
ذكر النقاش عن أبي سلمة أنه قال: "لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية قال: «يا علي أشعرت أنه نزلت علي سورة المائدة ونعمت الفائدة» "(10).
قال ابن عطية: "وهذا عندي لا يشبه كلام النبي صلى الله عليه وسلم "(11).
قال ابن العربي: "هذا حديث موضوع، لا يحل لمسلم اعتقاده، أما أنا نقول: سورة المائدة نعمت الفائدة فلا نؤثره عن أحد، ولكنه كلام حسن"(12).
القول الخامس: أنها نزلت في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة. وهذا قول محمد القرظي (13).
وأخرج الطبري عن الربيع بن أنس قال: "نزلت «سورة المائدة» على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسير في حجة الوداع، وهو راكب راحلته، فبركت به راحلته من ثقلها"(14).
والراجح-والله أعلم- انهما مدنية، وهذا قول الجمهور، باعتبار أن السور المدنية هي ما نزلت بعد الهجرة، وهذه السورة نزلت بعد سورة «الفتح» ، وكان نزول سورة «الفتح» بعد
(1) انظر: الدر المنثور: 3|4 ..
(2)
انظر: تفسير مقاتل بن سليمان: 1/ 447.
(3)
انظر: محاسن التأويل: 4/ 3.
(4)
زاد المسير: 1/ 505.
(5)
زاد المسير: 1/ 505.
(6)
انظر: محاسن التأويل: 4/ 3.
(7)
انظر: الإتقان: 1/ 73.
(8)
انظر: زاد المسير: 1/ 505.
(9)
أخرجه الطبري (11080): ص 9/ 518.
(10)
ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز: 2/ 143، والقرطبي في تفسيره: 6/ 30، وأبو حفص سراج الدين، في اللباب في علوم الكتاب: 7/ 160.
(11)
المحرر الوجيز: 2/ 143.
(12)
أحكام القرآن: 2/ 3.
(13)
انظر: الدر المنثور: 3/ 3 - 4.
(14)
تفسير الطبري (11112): ص 9/ 531.