المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌باب خيار الشرط

فإذا دفع قيل للبائع: سلم المبيع، ومن باع سلعةً بسلعةٍ أو ثمنٍ قيل لهما: سلما معاً.

‌باب خيار الشرط

.

- خيار الشرط جائزٌ في البيع للبائع والمشتري (1) ، ولهما الخيار ثلاثة أيامٍ فما دونها،

ولا يجوز أكثر من ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله،

ــ

غائبة أو مشغولة لا يؤمر بدفع الثمن حتى يحضر السلعة أو يفرغها كما في الفيض، وقيد الثمن بالحال لأنه إذا كان مؤجلا لا يملك البائع منع السلعة لقبضه، لأن ابتداء الأجل من قبض السلعة كما مر (فإذا دفع) المشتري (الثمن قيل للبائع: سلم المبيع) لأنه ملك الثمن بالقبض، فلزمه تسليم المبيع. وإن سلم البائع المبيع قبل قبض الثمن ليس له أن يسترده (ومن باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن قيل لهما: سلما معاً) ، لاستوائهما في التعيين، ثم التسليم يكون بالتخلية على وجه يتمكن من القبض بلا مانع ولا حائل لأن، التخلية قبض حكما لو مع القدرة عليه بلا كلفة، وتمامه في حاشية شيخنا.

باب خيار الشرط

قدمه على باقي الخيارات لأنه يمنع ابتداء الحكم، وعقبه بخيار الرؤية لأنه يمنع تمامه، وأخر خيار العيب لأنه يمنع اللزوم؛ وتمام الكلام عليه مبين في الدور.

(خيار الشرط جائز) في صلب العقد أو بعده ولو بأيام بحر أما قبله فلا يثبت، تتارخانية (في البيع) أي المبيع كله أو بعضه (للبائع) وحده (والمشتري) وحده (ولهما) معاً، ولغيرهما (والخيار) مدته (ثلاثة أيام فما دونها) وفسد عنه إطلاق أو تأييد، وفي جامع الفتاوى: ولو قال بعت إن رضى فلان جاز إن بين وقت الرضا. اهـ. وبه ظهر جواب حادثة الفتوى، وهي: باع إن رضي شفيعها من غير بيان وقت (ولا يجوز) الخيار (أكثر من ذلك عند أبي حنيفة) لأنه ثبت على خلاف القياس

(1) والأصل فيه أن ما روى أن حيان ابن منقذ بن عمرو الأنصاري كان رجلا ضعيفا. وكان قد أصابته في رأسه ما سدمه فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيار إلى ثلاثة أيام فيما اشتراه. وكان قد ثقل لسانه فقال النبي صلى الله عليه وسلم بع وقل لا حلاله وكان يشتري الشيء فيجئ به إلى أهله فيقولون له: هذا غال فيقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خيرني في بيعي وسكت عليه رواه الحاكم في المستدرك ورواه الشافعي ثم قال والأصل فيه الفساد ولكن لما جعل النبي صلى الله عليه وسلم لحيان بن منقذ خيار ثلاث فيما ابتاع انتهينا إلى ما قال والحديث يروى في عدة كتب من الصحاح وبروايات مختلفة كلها تتفق على الجواز

ص: 12

وقال أبو يوسف ومحمدٌ رحمهما الله: يجوز إذا سمى مدةً معلومةً.

وخيار البائع يمنع خروج المبيع من ملكه، فإن قبضه المشتري فهلك في يده ضمنه بالقيمة، وخيار المشتري لا يمنع خروج المبيع من ملك البائع، إلا أن المشتري لا يملكه عند أبي حنيفة، وعندهما يملكه، فإن هلك في يده هلك بالثمن وكذلك إذا دخله عيبٌ،

ــ

بالنص؛ فيبقى الباقي على الأصل (وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز إذا سمى مدة معلومة) ؛ لأنه شرع للحاجة للتروي ليندفع به الثمن وقد تمس الحاجة إلى الأكثر؛ فصار كالتأجيل في الثمن. قال في التحفة: والصحيح قول أبي حنيفة، ومشى عليه المحبوبي وصدر الشريعة والنسفي وأبو الفضل الموصلي، ورجحوا دليله، وأجابوا عما يتمسك به لهما. تصح.

(وخيار البائع) ولو مع خيار المشتري (يمنع خروج المبيع من ملكه) اتفاقا (فإن قبضه المشتري فهلك في يده) في مدة الخيار (ضمنه بالقيمة) لو قيميا، وبالمثل لو مثليا؛ لأن البيع ينفسخ بالهلاك لأنه كان موقوفا، ولا نفاذ بدون المحل؛ فبقي مقبوضاً في يده على سوم الشراء، وفيه القيمة في القيمى والمثل في المثلى. فتح. ولو هلك في يد البائع انفسخ البيع، ولا شيء على المشتري اعتباراً بالمطلق. هداية (وخيار المشتري لا يمنع خروج المبيع من ملك البائع) بالإجماع. جوهرة. إلا أن المشتري لا يملكه عند أبي حنيفة، وقالا: يملكه) ؛ لأنه لما خرج من ملك البائع فلو لم يدخل في ملك المشتري يكون زائلا لا إلى مالك، ولا عهد لنا به في الشرع، ولأبي حنيفة أنه لما لم يخرج الثمن عن ملكه فلة قلنا بأنه يدخل في المبيع في ملكه لاجتمع البدلان في ملك رجل واحد حكما للمعاوضة، ولا أصل له في الشرع؛ لأن المعاوضة تقتضي المساواة. هداية. قال في التحفة: والصحيح قول أبي حنيفة، واعتمده برهان الشريعة وصدر الشريعة والنسفي والموصلي. تصحيح (فإن هلك في يده هلك بالثمن) المسمى، لأنه عجز عن رده فلزمه ثمنه (وكذلك إن دخله عيب) لازم؛ سواء كان بفعل المشتري أو أجنبي أو آفة سماوية أو فعل المبيع،

ص: 13

ومن شرط له الخيار فله أن يفسخ في مدة الخيار، وله أن يجيزه، فإن أجازه بغير حضرة صاحبه جاز، وإن فسخ لم يجز، إلا أن يكون الآخر حاضراً، وإذا مات من له الخيار بطل خياره، ولم ينتقل إلى ورثته، ومن باع عبداً على أنه خبازٌ أو كاتبٌ فكان بخلاف ذلك

ــ

وأما العيب الغير اللازم كمرض: فإن زال في المدة فهو على خياره، وإلا لزمه العقد، لتعذر الرد. ابن كمال. ولا يخرج شيء من مبيع وثمن عن ملك مالكه إذا كان الخيار لهما اتفاقا، وأيهما فسخ في المدة انفسخ البيع، وأيهما أجاز بطل خياره فقط (ومن شرط له الخيار) من بائع أو مشتر أو أجنبي (فله أن يفسخ في مدة الخيار، وله أن يجيزه) ، لأن هذا فائدة الخيار (فإن أجازه بغير حضرة صاحبه جاز) إجماعاً، لأنه إسقاط لحقه، فلا يتوقف على حضور الآخر، كالطلاق والعتاق، إلا إذا كان الخيار لهما وفسخ أحدهما فليس للآخر الإجازة، لأن المفسوخ لا تلحقه الأجازة (وإن فسخ لم يجز إلا أن يكون الآخر حاضراً) والشرط العلم، وكنى بالحضرة عنه لأنها سببه، حتى لو كان حاضراً ولم يعلم لم يجز، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: يجوز وإن لم يكن الآخر حاضراً، قال في التصحيح: ومشى على قولهما النسفي وبرهان الشريعة وصدر الشريعة. اهـ. ولو شرط المشتري أو البائع الخيار لأجنبي صح وثبت للأصيل مع التائب، فإن أجاز أحدهما أو فسخ صح، وإن أجاز أحدهما وعكس الآخر اعتبر الأسبق، لثبوت حكمه قبل المتأخر فلم يعارضه، ولو صدرا معا أو لم يعلم السابق فالفسخ أحق. زيلعي.

(وإذا مات مات من له الخيار بطل خياره) وتم البيع من جهته (ولم ينتقل إلى ورثته) ، لأنه ليس له إلا مشيئة وإرادة، فلا يتصور انتقاله، والإرث فيما يقبل الانتقال، بخلاف خيار العيب، لأن المورث استحق المبيع سليما، فكذا الوارث. فأما نفس الخيار فلا يورث. هداية.

(ومن باع عبداً على أنه خباز أو كاتب فكان بخلاف ذلك) بأن لم يوجد

ص: 14