المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌باب خيار الرؤية

فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذهى بجميع الثمن، وإن شاء ترك،

‌باب خيار الرؤية

.

- ومن اشترى شيئاً لم يره فالبيع جائزٌ، وله الخيار إذا رآه: إن شاء أخذه، وإن شاء رده،

ــ

معه أدنى ما يطلق عليه اسم الكاتب والخباز، فتح (فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذه بجميع الثمن) ، لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن لكونها تابعة في العقد (وإن شاء ترك) ، لفوات الوصف المرغوب فيه المستحق في العقد بالشرط، وفواته يوجب التخيير، لأنه ما رضى به بدونه، وهذا بخلاف شرائه شاة على أنها حامل، أو تحلب كذا رطلا، أو يخبز كذا صاعاً، أو يكتب كذا قدراً، فإنه يفسد البيع، لأنه شرط زيادة مجهولة لعدم العلم بها، فتح. أي: والسابق وصف مرغوب فيه كوصف السلامة، ولذا لو شرط أنها حلوب أو لبون جاز.

باب خيار الرؤية

قدمنا وجه تقديمه على خيار العيب، وهو من إضافة المسبب إلى السبب. (ومن اشترى شيئاً لم يره فالبيع جائز) لكن بشرط الإشارة إليه، أو إلى مكانه، فلو لم يشر لذلك لم يجز بالإجماع، كما في المبسوط، وما في حاشية أخي زاده من أن الأصح لجواز مبنى على ما فهم من إطلاق الكتاب، قال في الفتح: والظاهر أن المراد بالإطلاق ما ذكره شمس الأئمة السرخسي وغيره كصاحب الأسرار والذخيرة من أن الإشارة إليه أو إلى مكانه شرط الجواز، حتى لو لم يشر إليه ولا إلى مكانه لا يجوز بالإجماع (1) اهـ. (وله الخيار إذا رآه) وكذا قبل الرؤية في الأصح، بحر، لعدم لزوم البيع (إن شاء أخذه، وإن شاء رده) وإن قال رضيت قبلها، لأن الرضى بالشيء قبل العلم بأوصافه لا يتحقق، وهو غير مؤقت، بل يبقى إلى أن يوجد ما يبطله، ويشترط لفسخه علم البائع

(1) ومذهب الشافعي أنه لا يجوز فيما لم يسم جنسه قولا واحد وأما فما سمى جنسه وصفته على ما نقل في شرع الوجيز والحلية أنه يجوز على قوله القديم وعلى قوله الجديد لا يجوز وعن مالك وأحمد مثل قول الحنفية واختاره كثير من أصحاب الشافعية وهو قول عثمان بن عفان وطلحة واحتج المانعون بأنه بيع المجهول وهو منهي عنه وكذلك بيع الفرد والمجيزون يقولون أنه لا عذر في ذلك لأن الفرز أن تفشه بإظهار ما ليس في الواقع وما هنا ليس كذلك وكذلك يقال في المجهول أي أنه منهي عنه للضرر وما ينتهي إليه من النزاع وهذا لو لم يثبت له الخيار إذا رأى المبيع وأما إذا ثبت ذلك فلا وفي ذلك يسر على العباد فمن عقد صفقة على غائب غير موجود لحاجته إليه جاز وكان بالخيار إذا رآه وذلك أشبه بمشروعية الأحكام لمصالح العباد ولا سيما المعاملات التي تبنى على المنقولات مالم تخالف النص فكيف إذا كان على مقتضى النص وهو حديث البيهقي عن مكحول يرفعه إلى النبي ص: من اشترى شيئاً لم يره فله الخيار إذا رآه إن شاء أخذه؛ وإن شاء تركه وهو مرسل والمرسل حجة عند أكثر أهل العلم والحديث مروي عن الحسن البصري وابن سيرين وغيرهما وهو مذهب ابن سيرين وقد روى مرفوعا رواه أبو حنيفة عن الهيثم عن محمد بن سيرين عن أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في طريقه إلى أبي حنيفة عمر الكردي وهو منهم

ص: 15

ومن باع مالم يره فلا خيار له، ومن نظر إلى وجه الصبرة أو إلى ظاهر الثوب مطوياً أو إلى وجه الجارية أو إلى وجه الدابة وكفلها، فلا خيار

ــ

(ومن باع مالم يره فلا خيار له) لأنه معلق بالشراء بالنص فلا يثبت لغيره (وإن نظر) قبل الشراء (إلى وجه الصبرة أو إلى ظاهر الثوب مطويا) وكان مما يستدل بظاهره على باطنه، بخلاف ما إذا كان في طيه ما يكون مقصودا كموضع العلم (أو إلى وجه الجارية) لأنه المقصود في الآدمي (أو إلى وجه الدابة وكفلها) لأنهما المقصود في الدواب (فلا خيار له) والأصل في هذا أن رؤية جميع المبيع غير مشروط لتعذره؛ فيكتفي برؤية ما يدل على العلم بالمقصود، ولو دخل في المبيع أشياء: فإن كان لا تتفاوت آحاده كالمكيل والموزون - وعلامته: أن يعرض بالنموذج - يكتفى برؤية واحد منها إلا إذا كان الباقي أردأ مما رأى؛ فحينئذ يكون له الخيار. أي خيار العيب، لا خيار الرؤية، وإن كان تتفاوت آحاده كالثياب والدواب فلا بد من رؤية كل واحد. هداية. قال شيخنا: وبقي شيء لم آر من نبه عليه. وهو ما لو كان المبيع أثوابا متعددة وهي من نمط واحد لا يختلف عادة بحيث يباع كل واحد منها بثمن متحد، ويظهر لي أنه يكفي رؤية ثوب منها، إلا إذا ظهر الباقي أردأ وذلك لأنها تباع بالنموذج في عادة التجار؛ فإذا كانت ألوانا مختلفة ينظرون من كل لون إلى ثوب. اهـ. وهذا إذات كان في وعاء واحد، وأما إذا كان

ص: 16

له. وإن رأى صحن الدار فلا خيار له وإن لم يشاهد بيوتها،

وبيع الأعمى وشراؤه جائزٌ، وله الخيار إذا اشترى، ويسقط خياره بأن يجس المبيع إذا كان يعرف بالجس، أو يشمه إذا كان يعرف بالشم، أو يذوقه إذا كان يعرف بالذوق، ولا يسقط خياره في العقار حتى يوصف له،

ــ

في وعاءين أو أكثر ورأى أحدها فمشايخ العراق على أنها كرؤية الكل ومشايخ بلخ على أنه لا بد من رؤية الكل، والصحيح أنه يبطل برؤية البعض كما في الفيض والفتح والبحر وغيرها (وإن رأى صحن الدار) : أي ساحتها (فلا خيار له وإن لم يشاهد بيوتها) . أي داخلها عند أبي حنيفة؛ لأن رؤية ساحتها وظاهر بيوتها يوقع العلم بالداخل؛ لعدم تفاوت البيوت بالمنفعة، وعند زفر لابد من رؤية داخل البيوت، قال أبو نصر الأقطع؛ وهو الصحيح، وفي الجوهرة: وعليه الفتوى: وفي الهداية، والأصح أن جواب الكتاب على وفق عادتهم في الأبنية فإن دورهم لم تكن متفاوتة يومئذ فأما اليوم فلابد من الدخول في داخل الدار للتفاوت والنظر إلى الظاهر لا يوقع العلم بالداخل اهـ ومثله في الفتح وغيره، ونظر وكيله بالقبض والشراء كنظره، بخلاف رسوله. (وبيع الأعمى وشراؤه) ولو لغيره (جائز) لأنه مكلف محتاج (وله الخيار إذا اشترى) ، لأنه اشترى ما لم يره (ويسقط خياره) بما يفيد العلم بالمقصود، وذلك (بأن يجس المبيع إذا كان يعرف بالجس، أو يشمه إذا كان يعرف بالشم، أو يذوقه إذا كان يعرف بالذوق) لأن هذه الأشياء تفيد العلم بالمقصود، فكانت في حقه بمنزلة الرؤية (ولا يسقط خياره في العقار) ونحوه مما لا يدرك بالحواس المذكورة (حتى يوصف له) لأن الوصف يقام مقام الرؤية كما في السلم، قال في التحفة: هذا هو الأصح من الروايات، وقال أبو نصر الأقطع: هذا هو الصحيح من المذهب، تصحيح، وعن أبي يوسف: إذا وقف في مكان لو كان بصيراً لرآه فقال " قد رضيت"

ص: 17

ومن باع ملك غيره بغير أمره فالمالك بالخيار: إن شاء أجاز البيع، وإن شاء فسخ، وله الإجازة إذا كان المعقود عليه باقياً والمتعاقدان بحالهما، ومن رأى أحد ثوبين فاشتراهما ثم رأى الآخر جاز له أن يردهما،

ــ

يسقط خياره؛ وقال الحسن؛ يوكل وكيلا بقبضه وهو يراه، وهذا أشبه بقول أبي حنيفة، لأن رؤية الوكيل كرؤية الموكل على ما مر آنفا. هداية.

(ومن باع ملك غيره) بغير أمره (فالمالك بالخيار: إن شاء أجاز البيع؛ وإن شاء فسخ؛ و) لكن إنما (له الإجازة إذا كان المعقود عليه باقياً) وكذا المالك والمتعاقدان بحالهما) فإذا حصلت الإجازة مع قيام الأربعة جاز البيع؛ وتكون الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة؛ ويكون البائع كالوكيل، والثمن للمجيز إن كان قائما، وإن ملك في يد البائع ملك أمانة؛ ولكل من المشتري والفضولي أن يفسخ العقد قبل أن يجيز المالك، وإن مات المالك قبل الإجازة تفسخ البيع؛ ولا يجوز بإجازة ورثته. جوهرة.

(ومن رأى أحد ثوبين فاشتراهما ثم رأى الآخر جاز له أن يردهما) معا، لأن رؤية أحدهما لا تكون رؤية الآخر للتفاوت في الثياب، فيبقى الخيار له فيما لم يره، فله رده بحكم الخيار، ولا يتمكن من رده وحده، فيردهما إن شاء كيلا يكون تفريغاً للصفقة على البائع قبل التمام، وهذا لأن الصفقة لا تتم مع خيار الرؤية قبل القبض وبعده كخيار الشرط، بدليل أن له أن يفسخه بغير قضاء ولا رضاء. فتح

ص: 18