الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الحدود
- الزنا يثبت بالبينة والإقرار.
فالبينة: أن تشهد أربعةٌ من الشهود على رجلٍ أو امرأةٍ بالزنا،
ــ
وإذا لم يكن للقاتل عاقلة فالدية في بيت المال في ظاهر الرواية، وعليه الفتوى، درر وبزازية، وعن أبي حنيفة رواية شاذة أن الدية في ماله، ووجهه أن الأصل أن تجب الدية على القاتل؛ لأنه بدل متلف، والإتلاف منه، إلا أن العاقلة تتحملها تحقيقاً للتخفيف على ما مر، فإذا لم تكن له عاقلة عاد الحكم إلى الأصل، هداية.
كتاب الحدود
وجه المناسبة بين الحدود والجنايات وتوابعها من القصاص وغيره ظاهر من حيث اشتمال كل منهما على المحظور والزاجر عنه.
والحدود: جمع حد، وهو لغة: المنع، ومن الحداد للبواب، وفي الشريعة هو: العقوبة المقدرة حقاً لله تعالى، حتى لا يسمى القصاص حداً، لما أنه حق للعبد، ولا التعزير لعدم التقدير. والمقصد الأصلي من شرعه الانزجار عما يتضرر به العباد، والطهرة ليست فيه أصلية، بدليل شرعه في حق الكافر كما في الهداية.
(الزنا يثبت بالبينة والإقرار) لأن البينة دليل ظاهر، وكذا الإقرار، ولاسيما فيما يتعلق بثبوته مضرة ومعرة، والوصول إلى العلم الحقيقي متعذر، فيكتفي بالظاهر، (فالبينة: أن تشهد أربعة من الشهود) لرجال الأحرار العدول في مجلس واحد (على رجل أو امرأة بالزنا) متعلق بتشهد، لأنه الدال على الفعل الحرام، دون الوطء والجماع
فيسألهم الإمام عن الزنا ما هو؟ وكيف هو؟ وأين زنى؟ وبمن زنى؟ ومتى زنى؟ فإذا بينوا ذلك وقالوا: رأيناه وطئها في فرجها كالميل في المكحلة، وسأل القاضي عنهم، فعدلوا في السر والعلانية، حكم بشهادتهم.
والإقرار: أن يقر البالغ العاقل على نفسه بالزنا، أربع مراتٍ، في أربعة مجالس من مجالس المقر، كلما أقر رده القاضي،
ــ
أو غيره، وإلا لم يحد الشاهد ولا المشهود عليه كما في النهاية (فيسألهم الإمام) بعد الشهادة (عن الزنا ما هو) فإنه قد يطلق على كل وطء حرام، وأطلقه الشارع على غير هذا الفعل نحو (العينان تزنيان)(وكيف هو) فإنه قد يطلق على مجرد تماس الفرجين وعلى ما يكون بالإكراه (وأين زنى) لاحتمال أنه في دار الحرب (وبمن زنى) ؛ لاحتمال أنها ممن تحل له؛ أو له فيها شبهة لا يعرفها الشهود (ومتى زنى) لاحتمال أن يكون متقادما، وكل ذلك يسقط الحد؛ فيستقصى ذلك احتيالا للدرء (فإذا بينوا ذلك) كله (وقالوا رأيناه وطئها) بذكره (في فرجها) بحيث صار فيه (كالميل في المكحلة) بضمتين، أو القلم في المحبرة (وسأل القاضي عنهم) : أي عن حالهم (فعدلوا في السر والعلانية) ، فلا يكتفى بظاهر العدالة هنا اتفاقاً، بخلاف سائر الحقوق كما في الهداية (حكم بشهادتهم) وجوبا لتوجه الحكم عليه، وترك الشهادة أولى مالم تتهتك فالشهادة أولى كما مر في النهر.
(والإقرار: أن يقر البالغ العاقل) ؛ لأن قول الصبي والمجنون غير معتبر (على نفسه بالزنا أربع مرات في أربعة مجالس من مجالس المقر) لأن الإقرار قائم به، فيعتبر اتحاد مجلسه دون القاضي، قال في الينابيع: وقال بعضهم: يعتبر مجلس القاضي، والأول أصح (كلما أقر) مرة (رده القاضي) وزجره عن
فإذا أتم إقراره أربع مراتٍ سأله الإمام عن الزنا: ما هو؟ وكيف هو؟ وأين زنى؟ وبمن زنى؟ فإذا بين ذلك لزمه الحد.
فإن كان الزاني محصناً رجمه بالحجارة حتى يموت، يخرجه إلى أرض فضاء، يبتدئ الشهود برجمه، ثم الإمام، ثم الناس، فإن امتنع الشهود من الابتداء سقط الحد.
ــ
إقراره، وأظهر كراهته لذلك، وأمر بتنحيته عنه وطرده بحيث لا يراه، فإن عاد ثالثاً فعل به كذلك (فإذا تم إقراره أربع مرات) على ما بينا (سأله القاضي عن الزنا: ما هو؟ وكيف هو؟ وأين زنى؟ وبمن زنى؟) كما في الشهود، للاحتمالات المارة، قال في الهداية: ولم يذكر السؤال عن الزمان وذكره في الشهادة؛ لأن تقادم العهد يمنع الشهادة دون الإقرار، وقيل: لو سأله جاز، لجواز أنه زنى في صباه، اهـ (فإذا بين ذلك) كله (لزمه الحد) لتمام الحجة.
(فإن كان الزاني محصناً رجمه) : أي أمر الإمام برجمه (بالحجارة حتى يموت) كما فعله صلى الله عليه وسلم (يخرجه إلى أرض فضاء) لأنه أمكن لرجمه؛ ولئلا يصيب بعضهم بعضاً، ولذا قالوا: يصفون لرجمه كصفوف الصلاة، وكلما رجم صف تنحوا وتقدم آخر، ولا يحفر للرجل ولا يربط، وأما المرأة فإن شاء الإمام حفر لها لأنه أستر مخافة التكشف، وإن شاء أقامها من غير حفر كالرجل؛ لأنه يتوقع منها الرجوع بالهرب كما في الجوهرة (يبتدئ الشهود برجمه) إن كان ثبوته بالبينة، امتحاناً لهم، لأن الشاهد قد يتجاسر على الأداء، ثم يستعظم المباشرة فيرجع، فكان في بدايته احتيال للدرء، (ثم الإمام) إن حضر تعظيما له، وحضوره ليس بلازم كما في الإيضاح (ثم الناس) الذين عاينوا أداء الشهادة أو أذن لهم القاضي بالرجم، وعن محمد: لا يسعهم أن يرجموه إذا لم يعاينوا أداء الشهادة، قهستاني (فإن امتنع الشهود من الابتداء) برجمه (سقط الحد) لأنه دلالة
وإن كان مقراً ابتداء الإمام ثم الناس، ويغسل ويكفن ويصلى عليه وإن لم يكن محصناً وكان حراً فحده مائة جلدةٍ، يأمر الإمام بضربه بسوطٍ لا ثمرةً له ضرباً متوسطاً تنزع عنه ثيابه ويفرق الضرب على أعضائه إلا رأسه ووجهه وفرجه.
ــ
الرجوع، وكذا إذا غابوا أو ماتوا في ظاهر الرواية؛ لفوات الشرط، هداية.
(وإن كان) الذي أريد رجمه (مقراً) على نفسه (ابتدأ الإمام ثم الناس) قال في الدر: ومقتضاه أنه لو امتنع لم يحل للقوم رجمه، وإن أمرهم، لفوت شرطه، فتح، لكن سيجئ أنه لو قال قاضٍ عدلٍ (قضيت على هذا بالرجم) وسعك رجمه وإن لم تعاين الحجة، اهـ. (ويغسل) المرجوم (ويكفن ويصلى عليه) لأنه قتل بحق، فلا يسقط الغسل كالمقتول قصاصاً، وصح أنه صلى الله عليه وسلم على الغامدية كما في الدر.
(وإن لم يكن) الزاني (محصناً، وكان حراً فحده مائة جلدة)، لقوله تعالى:{الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} إلا أنه انتسخ في حق المحصن، فبقي في حق غير معمولا به، هداية (يأمر الإمام بضربه بسوط لا ثمرة له) أي لا عقد في طرفه كما في الصحاح (ضرباً متوسطاً) بين المبرح وغير المؤلم، لإفضاء الأول إلى الهلاك، وخلو الثاني عن المقصود وهو الانزجار، و (تنزع عنه ثيابه) دون الإزار لستر عورته (ويفرق الضرب على أعضائه) ، لأن الجمع في عضو واحد قد يفضي إلى التلف (إلا رأسه) لأنه مجمع الحواس (ووجهه) لأنه مجمع المحاسن فلا يشوه (وفرجه) لأنه مقتل، قال في الهداية: ويضرب في الحدود كلها قائماً غير ممدود، لأن مبنى إقامة الحد على التشهير، والقيام أبلغ فيه، ثم قوله (غير ممدود) فقد قيل: المد أن يلقى على الأرض ويمد كما يفعل في زماننا، وقيل: أن يمد السوط فيرفعه الضارب فوق رأسه،
وإن كان عبداً جلده خمسين كذلك.
فإن رجع المقر عن إقراره قبل إقامة الحد عليه، أو في وسطه، قبل رجوعه وخلى سبيله.
ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع، ويقول له: لعلك لمست أو قبلت.
والرجل والمرأة في ذلك سواءٌ، غير أن المرأة لا تنزع عنها ثيابها إلا الفرو والحشو.
ــ
وقيل: أن يمده بعد الضرب، وذلك كله لا يفعل؛ لأنه زيادة على المستحق. اهـ.
(وإن كان عبداً جلده خمسين) جلدة (كذلك) أي كما مر في جلد الحر؛ لأن الرق منصف للنعمة ومنقص للعقوبة.
(فإن رجع المقر عن إقراره قبل إقامة الحد عليه أو في وسطه قبل رجوعه وخلى سبيله) ؛ لأن الرجوع خبر محتمل للصدق كإقرار، وليس أحد يكذبه، فتتحقق الشبهة في الإقرار، بخلاف ما فيه حق العبد كالقصاص وحد القذف، لوجود من يكذبه، ولا كذلك خالص حق الشرع، هداية.
(ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع) عن إقراره (ويقول له: لعلك لمست أو قبلت) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لماعز: (لعلك لمستها، أو قبلتها) قال في الأصل: وينبغي أن يقول له الإمام: لعلك تزوجتها، أو وطئتها بشبهة، وهذا قريب من الأول، هداية.
(والرجل والمرأة في ذلك سواء) ، لأن النصوص تشملهما (غير أن المرأة لا تنزع عنها ثيابها) تحرزاً عن كشف العورة لأنها عورة (إلا الفرو والحشو)
وإن حفر لها في الرجم جاز.
ولا يقيم المولى الحد على عبده إلا بإذن الإمام.
وإذا رجع أحد الشهود بعد الحكم وقبل الرجم ضربوا الحد وسقط الرجم، فإن رجع بعد الرجم حد الراجع وحده وضمن ربع الدية، وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا.
ــ
لأنهما يمنعان وصول الألم إلى المضروب، والستر حاصل بدونهما، وتضرب الحد جالسة لأنه أستر لها.
(وإن حفر لها في الرجم جاز) وهو أحسن، لأنه أستر لها، وإن تركه لا يضر، لأنها مستورة بثيابها كما في الهداية.
(ولا يقيم المولى الحد على عبده إلا بإذن الإمام) ، لأن الحد حق الله تعالى، لأن المقصد منه إخلاء العالم عن الفساد، ولهذا لا يسقط بإسقاط العبد، فيستوفيه من هو نائب عن الشرع، وهو الإمام أو نائبه كما في الهداية.
(وإذا رجع أحد الشهود بعد الحكم وقبل الرجم ضربوا) أي الشهود كلهم الراجع والباقي (الحد) أي حد القذف، لصيرورتهم قذفه بنقصان العدد قبل إقامة الحد كما قبل الحكم (وسقط الرجم) عن المحكوم عليه، لنقصان العدد قبل إقامة الحد، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: يحد الراجع فقط، وعلى قولهما اعتمد الأئمة، تصحيح (فإن رجع) أحدهم (بعد الرجم حد الراجع وحده) ، لأن الشهادة تأكدت بإقامة الحد، والراجع صار قاذفاً في الحال بالشهادة السابقة (وضمن ربع الدية) ، لأن ربع النفس تلف بشهادته.
(وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا) لأنهم قذفة
وشرط إحصان الرجم: أن يكون حراً، بالغاً، عاقلاً، مسلماً، قد تزوج امرأة نكاحاً صحيحاً، ودخل بها وهما على صفة الإحصان.
ولا يجمع في المحصن بين الجلد والرجم، ولا يجمع في البكر بين الجلد والنفي، إلا أن يرى الإمام ذلك مصلحةً فيغربه
ــ
(و) شرط (الإحصان: أن يكون حراً، بالغاً، عاقلاً، مسلماً، قد تزوج امرأة نكاحا صحيحاً ودخل بها وهما) أي الزوجان (على صفة الإحصان) قال في الهداية: فالعقل والبلوغ شرط لأهلية العقوبة؛ إذ لا خطاب دونهما، وماوراهما يشترط لتكامل الجناية بواسطة تكامل النعمة، إذ كفران النعمة يتغلظ عند تكثرها، وهذه الأشياء من جلائل النعم، وقد شرع الرجم بالزنا عند استجماعها فيناط به، ثم قال: والمعتبر في الدخول الإيلاج في القبل على وجه يوجب الغسل، وشرط صفة الإحصان فيهما عند الدخول حتى لو دخل بالمنكوحة الكافرة أو المملوكة أو المجنونة أو الصبية لا يكون محصنا، وكذا إذا كان الزوج موصوفا بإحدى هذه الصفات وهي حرة مسلمة عاقلة بالغة، وتمامه فيها.
(ولا يجمع في المحصن بين الجلد والرجم) ، لأن الجلد يعرى عن المقصود مع الرجم، لأن زجر غيره يحصل بالرجم، إذ هو في العقوبة أقصاها، وزجره لا يحصل بعد هلاكه (ولا يجمع في البكر بين الجلد والنفي) ، لأنه زيادة على النص، والحديث منسوخ كشطره، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:(والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة (هذا الذي ذكره الشارح هو جزء من حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن عبادة بن الصامت، وهو بتمامه: (خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام. والثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة) والمراد بالبكر غير المحصن لأن من شرط الإحصان التزوج كما عرفت، والمراد بالثيب المحصن، وقد تضمن الحديث مسألتين: أولاهما أن حد الرجل المحصن والمرأة المحصنة أن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة ثم يرجم، وقد أجمع الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في أشهر الروايات عنه أن حكم هذا الحديث في هذه المسألة منسوخ بما تظافرت رواياته من الأحاديث الناطقة بأنه صلى الله عليه وسلم لم يجمع على المحصن والمحصنة بين الجلد والرجم؛ فقد روى أهل الحديث أنه رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما، ورووا أنه عليه الصلاة والسلام أمر في العسيف - بعد أن سأله عن الإحصان ولقنه الرجوع - برجمه فقال: اذهبوا به فارجموه) ولم يزد في صاحبته عن ذلك حيث قال (اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) ولو كان الجلد واجبا لقال (فإن اعترفت فاجلدها ثم ارجمها) وذهب أهل الظاهر إلى أنه يجمع بين الجلد والرجم في الثيب وهي رواية عن أحمد بن حنبل، وهم محجوجون بما ذكرنا.
وأما المسألة الثانية التي تضمنها الحديث فهي أن حد الرجل غير المحصن والمرأة غير المحصنة أن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة ويغرب عاما، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجمع بين الجلد والتغريب حدا، وذهب الشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي إلى أنه يجمع بينهما حدا، تمسكا بهذا الحديث. ولأن في بقاء الزاني والزانية ببلدهما إشاعة للفاحشة وفي تغريبهما حسما لمادة الزنا، لأن كلا منهما يغرب إلى بلد لا يعرفه فيها أحد أو يقل من يعرفه فيها، وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بالآية الكريمة: وهي قول الله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائسة جلدة} وجه الاستدلال من الآية على ما ذكرنا أنه سبحانه قد جعل كل الحد جلد كل واحد منها مائة جلدة، فلا تجوز الزيادة عليه، وأما الحديث الذي تمسك فيه الشافعي فهو منسوخ الحكم في هذه المسألة كما أنه منسوخ الحكم في المسألة الأولى بالإجماع من الطرفين، وأما استدلالهم بما ذكرنا عنهم من العلة فهو معارض بأن التغريب قد يكون فتحا لباب الزنا، وذلك لأن المرأة إذا تغربت ولا مادة لها فقد تتخذ الزنا مكسبة، وهذا أشنع وجوه الزنا، ويؤكد ذلك قول علي ابن أبي طالب:"كفى بالنفي فتنة" كما في الهداية (إلا أن يرى الإمام ذلك مصلحة فيغربه
على قدر ما يراه.
ــ
على قدر ما يراه) من المصلحة، وذلك تعزيز وسياسة، لأنه قد يفيد في بعض الأحوال، فيكون الرأي فيه للإمام، وعليه يحمل النفي المروي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، هداية
وإذا زنى المريض وحده الرجم رجم، وإن كان حده الجلد لم يجلد حتى يبرأ، وإذا زنت الحامل لم تحد حتى تضع حملها، فإن كان حدها الجلد فحتى تتعالى من نفاسها، وإذا كان حدها الرجم رجمت.
وإذا شهد الشهود بحدٍ متقادمٍ لم يقطعهم عن إقامته بعدهم عن الإمام لم تقبل شهادتهم، إلا في حد القذف خاصةً.
ــ
(وإذا زنى المريض وحده) الواجب عليه (الرجم رجم) لأن الإتلاف مستحق، فلا يمتنع بسبب المرض (وإن كان حده الجلد لم يجلد حتى يبرأ) تحرزاً عن التلف (وإذا زنت الحامل) ووجب عليها الحد (لم تحد حتى تضع حملها) تحرزاً عن إهلاك الولد، لأنه نفس محتومة (فإن كان حدها الجلد فحتى تتعالى) أي ترتفع وتخرج (من نفاسها) ؛ لأنه نوع مرض فيؤخر إلى البرء (وإن كان حدها الرجم رجمت) بمجرد وضع الحمل، لأن التأخير لأجل الولد وقد انفصل، وعن أبي حنيفة أنها تؤخر إلى أن يستغني الولد عنها إذا لم يكن أحد يقوم بتربيته، لأن في التأخير صيانة الولد عن الضياع كما في الهداية. (وإذا شهد الشهود بحد متقادم لم يقطعهم عن إقامته بعدهم عن الإمام) أو مرضهم أو خوف طريقهم (لم تقبل شهادتهم) للتهمة، لأن التأخير إن كان لاختيار الستر فالإقدام على الأداء بعد ذلك لضغينة هيجته أو لعداوة حركته فيتهم فيها وإن كان لغير الستر يصير فاسقاً آثماً فتيقنا بالمانع (إلا في حد القذف خاصة) : أي فتقبل؛ لأن فيه حق العبد، لما فيه من دفع العار عنه، والتقادم غير مانع في حقوق العباد، ولأن الدعوى فيه شرط فيحمل تأخيرهم على انعدام الدعوى فلا يوجب تفسيقهم، قال في الهداية: واختلفوا في حد التقادم، وأشار في الجامع الصغير إلى ستة أشهر، فإنه قال: بعد حين، وهكذا أشار الطحاوي، وأبو حنيفة لم يقدر في ذلك،
ومن وطئ أجنبيةً فيما دون الفرج عرر.
ولا حد على من وطئ جارية ولده وولد ولده، وإن قال "علمت أنها علي حرامٌ"، وإذا وطئ جارية أبيه أو أمه أو زوجته، أو وطئ العبد جارية مولاه، وقال "علمت أنها علي حرامٌ" حد، وإن قال "ظننت أنها تحل لي" لم يحد.
ومن وطئ جارية أخيه، أو عمه، وقال "ظننت أنها حلالٌ" حد،
ــ
وفوضه إلى رأي القاضي في كل عصر، وعن محمد أنه قدره بشهر، لأن ما دونه عاجل وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف، وهو الأصح، اهـ، وقال قاضيخان: والشهر وما فوقه متقادم فيمنع قبول الشهادة، وعليه الاعتماد، اهـ.
(ومن وطئ أجنبية فيما دون الفرج) كتفخيذ وتبطين (عزر) ، لأنه منكر ليس فيه شيء مقدر، وشمل قوله (فيما دون الفرج) الدبر، وهو قول الإمام، لأنه ليس بزنا كما يأتي قريباً.
(ولا حد على من وطئ جارية ولده وولد ولده) وإن سفل، ولو ولده حيا، فتح (وإن قال علمت أنها علي حرام) لأن الشبهة حكمية لأنها نشأت عن دليل هو قوله صلى الله عليه وسلم:(أنت ومالك لأبيك) والأبوة قائمة في حق الجد. هداية (وإذا وطئ جارية أبيه أو أمه) وإن عليا (أو زوجته أو وطئ العبد جارية مولاه وقال علمت أنهل تحل لي لم يحد) لأن بين هؤلاء انبساطا في الانتفاع، فظنه في الاستمتاع محتمل، فكان شبهة اشتباه، وكذا لو قالت الجارية (ظننت أنه يحل لي) والفحل لم يدع الحل، لأن الفعل واحد كما في الجوهرة (ومن وطئ جارية أخيه أو عمه قال ظننت أنها حلال حد) لأنه لا انبساط في المال فيما بينهما، وكذا سائر المحارم سوى
ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء "إنها زوجتك" فوطئها، فلا حد عليه، وعليه المهر.
ومن وجد امرأةً على فراشه فوطئها فعليه الحد، ومن تزوج امرأةً لا يحل له نكاحها فوطئها لم يجب عليه الحد، ومن أتى امرأةً في الموضع المكروه أو عمل عمل قوم لوطٍ فلا حد عليه عند أبي حنيفة ويعزر،
ــ
الولاد لما بينا، هداية.
(ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء إنها زوجتك فوطئها فلا حد عليه) لأنه اعتمد دليلا - وهو الإخبار - في موضع الاشتباه، إذ الإنسان لا يميز بين امرأته وبين غيرها في أول الوهلة، فصار كالمغرور (وعليه المهر) ؛ لما تقرر أن الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن عقر أو عقر، وقد سقط الحد بالشبهة فيجب المهر (ومن وجد امرأة) نائمة (على فراشه فوطئها فعليه الحد) لأنه لا اشتباه بعد طول الصحبة، فلم يكن الظن مستنداً إلى دليل، وهذا لأنه قد ينام على فراشها غيرها من المحارم التي في بيتها، وكذا إذا كان أعمى، لأنه يمكنه التمييز بالسؤال أو غيره، إلا إذا دعاها فأجابته وقالت (أنا زوجتك) لأن الإخبار دليل هداية. (ومن تزوج امر
أة لا يحل له نكاحها فوطئها لم يجب عليه الحد) ، لشبهة العقد، قال الإسبيجاني: وهذا قول أبي حنيفة وزفر، وقال أبو يوسف ومحمد: إذا تزوج محرمة وعلم أنها حرام فليس ذلك بشبهة وعليه الحد إذا وطئ، وإن كان لا يعلم فلا حد عليه، والصحيح قول أبي حنيفة وزفر، وعليه مشى النسفي والمحبوبي وغيرهما، تصحيح.
(ومن أتى امرأة في الموضع المكروه) : أي الدبر (أو عمل عمل قوم لوط) أي أتى ذكراً في دبره (فلا حد عليه عند أبي حنيفة، ويعزر) زاد في الجامع الصغير: