المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌باب حد الشرب

وقال أبو يوسف ومحمد: هو كالزنا، ومن وطئ بهيمةً فلا حد عليه، ومن زنى في دار الحرب أو دار البغي ثم خرج إلينا لم نقم عليه الحد.

‌باب حد الشرب

- ومن شرب الخمر فأخذ وريحها موجودٌ

ــ

ويودع في السجن اهـ، لأنه ليس بزنا، لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في موجبه من الإحراق بالنار، وهدم الجدار، والتنكبس من مكان مرتفع، وإتباع الأحجار وغير ذلك، ولا هو في معنى الزنا، لأنه ليس فيه إضاعة الولد واشتباه الأنساب، إلا أنه يعزر، لأنه أمر منكر ليس فيه شيء مقدر (وقال أبو يوسف ومحمد: هو كالزنا) لأنه في معنى الزنا، قال جمال الإسلام في شرحه: الصحيح قول أبي حنيفة وعليه مشى المحبوبي والنسفي وغيرهما، تصحيح.

(ومن وطئ بهيمة) له أو غيره (فلا حد عليه) ، لأنه ليس في معنى الزنا إلا أنه يعزر، لأنه منكر كما مر، قال في الهداية: والذي يروي أنها تذبح وتحرق فذلك لقطع التحدث، وليس بواجب، اهـ.

(ومن زنى في دار الحرب أو دار البغي ثم خرج إلينا لم نقم عليه الحد) ، لأن المقصود هو الانزجار، وولاية الإمام منقطعة فيها فيعرى عن الفائدة، ولا تقام بعدما خرج لأنها لم تنعقد موجبة فلا تنقلب موجبة، ولو غزا من له ولاية الإقامة بنفسه كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره، لأنه تحت أمره، بخلاف أمير العسكر والسرية، لأنه لم يفوض إليهم الإقامة كما في الهداية.

باب حد الشرب المحرم

(ومن شرب الخمر) طوعا، ولو قطرة (فأخذ وريحها موجود) أو جاءوا به سكران

ص: 192

فشهد الشهود بذلك عليه أو أقر فعليه الحد، وإن أقر بعد ذهاب رائحتها لم يحد، ومن سكر من النبيذ حد، ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها، ولا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعاً

ــ

(فشهد الشهود بذلك عليه أو أقر) به (فعليه الحد) سواء سكر أم لا، لأن جناية الشرب قد ظهرت، ولم يتقادم العهد (وإن أقر) بذلك (بعد ذهاب ريحها لم يحد) عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: يحد، وكذلك إذا شهدوا عليه بعدما ذهب ريحها، إلا أن يتقادم الزمان كما في الزنا، فالتقادم يمنع قبول الشهادة بالاتفاق، غير أنه مقدر بالزمان عنده اعتبارا بحد الزنا، وعندهما بزوال الرائحة. وأما الإقرار فالتقادم لا يبطله عنده كما في حد الزنا، وعندهما لا يقام إلا عند قيام الرائحة، قال الإسبيجاني والصحيح قولهما، واعتمده المحبوبي والنسفي، تصحيح. وإن أخذه الشهود وريحها يوجد منه أو سكران فذهبوا به من مصر إلى مصر فيه الإمام فانقطع ذلك قبل أن ينتهوا به حد في قولهم جميعاً، لأن هذا عذر كبعد المسافة في حد الزنا، هداية.

(ومن سكر من النبيذ) أي نبيذ كان (حد) قيد بالسكر من النبيذ لأنه لا يحد بشربه إذا لم يسكر اتفاقا، وإن اختلف في الحل والحرمة في شرب دون المسكر إذا كان كثيره يسكر، للشبهة. والسكران عند أبي حنيفة: من لا يعرف الرجل من المرأة والأرض من السماء، وقالا: هو الذي يخلط كلامه ويهذي، لأنه هو المتعارف بين الناس، وهو اختيار أكثر المشايخ كما في الاختيار، وقال قاضيخان: والفتوى على قولهما، اهـ.

(ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها) ، لأن الرائحة محتملة، وكذا الشرب قد يقع عن إكراه واضطرار (ولا يحد السكران) بمجرد وجدانه سكران بل (حتى يعلم أنه سكر من النبيذ) أو الخمر (وشربه طوعا) لاحتمال سكره

ص: 193

ولا يحد حتى يزول عنه السكر.

وحد الخمر والسكر، في الحر ثمانون سوطاً، يفرق على بدنه كما ذكرنا في الزنا، وإن كان عبداً فحده أربعون سوطاً.

ومن أقر بشرب الخمر أو السكر ثم رجع لم يحد.

ويثبت الشرب بشهادة شاهدين، وبإقراره مرةً واحدةً، ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال.

ــ

بما لا يوجب الحد كالبنج ولبن الرماك (الرماك: جمع رمكة - بوزن قصبة - وهي الفرس أو البرذرنة تتخذ للنسل) والشرب مكرهاً أو مضطراً.

(ولا يحد) السكران حال سكره؛ بل (حتى يزول عنه السكر) ، تحصيلا للمقصود - وهو الانزجار - بوجدان الألم، والسكران زائل العقل كالمجنون لا يعقل الألم] .

(وحد الخمر والسكر في الحر ثمانون سوطاً) : لإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم (يفرق) ذلك (على بدنه كما ذكرنا في) حد (الزنا، وإن كان) الشارب (عبداً فحده أربعون سوطاً) ، لأن الرق منصف على ما عرف.

(ومن أقر) على نفسه (بشرب الخمر أو السكر ثم رجع لم يحد) لأنه خالص حق الله تعالى، فيقبل فيه الرجوع، كما مر في حد الزنا.

(ويثبت الشرب بشهادة شاهدين) كسائر الحدود سوى الزنا لثبوته بالنص (وبإقراره مرة واحدة) قال الإسبيجاني: هو قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف وزفر: يشترط الإقرار مرتين، والصحيح قول الإمام، واعتمده المحبوبي والنسفي وغيرهما، تصحيح (ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال) لأنه حد، ولا مدخل لشهادة النساء في الحدود، جوهرة

ص: 194