الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأملات في القصة
ليس الغرض من سياق هذه القصة إدخال الحزن على قلبك أيها القارئ، إنما الغرض منها تذكيرك بنعم الله عليك
…
إنك تشرب الماء متى تشاء، وبالقدر الذي تريد، لا يمنعك من ذلك الشيء .. ثم إنك تتخلص منه ولا تفكر كيف خلصك الله تعالى منه، بينما حبس خروجه من الآخرين ..
عجبت لك يا ابن آدم .. تشرب بدون حساب .. وتخرج بدون حساب .. فأين شكرك لمسدي هذه النعم؟ ! أتتمتع بكل هذه النعم، ثم تبخل أن تقابل الجميل بالعرفان؟ ! أتبخل على نفسك بالذلة والطاعة بين يديه تعالى؟ !
إن أقل حق لهذه النعمة فقط (من بين بقية النعم) أن تكون صوامًا قوامًا مطيعًا لله ..
ولكن هناك فئة من البشر أنعم الله تعالى عليها بالنعم الجزيلة .. وهي تتمرغ في أوحال الرذائل والمعاصي.
تناسوا أن أنفاسهم في هذه الحياة معدودة
…
وخطواتهم معدودة وبقاءهم في هذه الحياة بقدر معلوم، ولكل أجل كتاب.
أيها العاصي تذكر أن من أعدق عليك كل هذه النعمة قادر على سلبها منك فأدِّ حقها عليك.
إن من عبر هذه القصة: أن البلاء مهما طال ومهما عظُم فلابد للغيوم أن تنجلي، وكلما أحلولك الظلام واشتد فلابد أن
تبدأ تباشير الصباح، وهنا اهمس في أذن كل مبتلى: صبرًا في ذات الله صبرًا، إن بعد البلاء خير عظيم، إنك الآن قريب من الله تعالى، ضارع إليه تناجيه في كل حين تتلمس منه الفرج في كل لحظة لقد أصبحت لا تأنس ولا تتلذذ إلا بالخلوة بين يدي خالقك.
وقد يكون البلاء أحيانًا نذيرًا للعبد من الاستمرار في ضلاله وعصيانه، فكم من البشر من يعيش في هذه الدنيا وهو لا يعي من أمر الآخرة شيئًا؟ لهو
…
عبث
…
عصيان
…
بعد عن الله تعالى .. مثل هذه الفئة لا يجدي معها التذكير والنصح .. إنما لا بد من هزة عظيمة وحدث عظيم يعيده إلى رشده، وقد لاحظنا الكثيرين ممن عادوا إلى الله وكتابه بعد أن نزل بهم البلاء، والكرب العظيم فعلاً أنه لا ملجأ من الله إلا إليه.
قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: 21].
لقد كانت ثقتي في الله كبيرة جدًا .. فما رجوته ودعوته إلا وجدت منه مددًا وعونًا.
نعم لم يستجب لي في شفاء ابنتي في الدنيا، لكنه سبحانه لم يرد يدي صفرًا بل كان ينزل على قلبي السكينة، والأمل في أحلك الأحوال التي مرت علي، يمدني بالصبر، والتحمل، ويطمئن قلبي، ولو بالرؤية فله الحمد والمنة
…
أذكر أنني بعد وفاة ابنتي كنت أراها في المنام تأتيني في كل
شهر مرة تقريبًا فأحتضنها بين أضلاعي وألقمها ثديي، وأشعر وأنا في ذلك الوضع بالدفء والحنان، فاستيقظ من النوم وكأنها بين يدي.
وما أن حملت بأخيها حتى انقطعت رؤياها عني فسبحان الله العظيم على لطفه وكرمه.