المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من كان يسأل الله تعالى أن يرزقه حبه - المحبة لله لأبي إسحاق الختلي

[الختلي، إبراهيم بن عبد الله]

الفصل: ‌باب من كان يسأل الله تعالى أن يرزقه حبه

71 -

ويقال: المحبة أن تؤثر الله تعالى على جميع الأشياء، وعليك بالاهتمام بما يرضي الله عز وجل والحفظ لكل جارحة مما يسخط الله عز وجل.

ص: 37

72 -

ويقال: العزم إياس النفس من خلاف الطاعة، والصدق والعزم على أداء حقوق الله تعالى، والوفاء بها عند مواقع الأعمال، والحياء من الله تعالى، وحسن المراقبة في السر والعلانية.

ص: 37

73 -

حدثني يحيى بن سليمان الجعفي نبأني عبد الله بن وهب نبأني حرملة بن عمران أنه سمع كعب بن علقمة يقول: إن موسى عليه السلام لما أن هرب من فرعون قال: رب أوصني، قال أوصيك أن لا تعدل بي شيئاً إلا اخترتني عليه فإني لا أرحم ولا أزكي من لم يكن كذلك.

ص: 37

‌باب من كان يسأل الله تعالى أن يرزقه حبه

74 -

نبأني محمد بن يوسف ثنا عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي يحيى عن أبي يزيد عن أبي سالم الجيشاني الأسود أنه

⦗ص: 38⦘

سمع ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحباً يبلغني حبك)).

ص: 37

75 -

نبأني الحسين بن علي العجلي ثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي عن محمد بن سعد الأنصاري عند عبد الله بن يزيد الدمشقي ثنا عائذ الله أبو إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال داود: رب أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك. رب اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود وحدث عنه قال: كان أعبد البشر)).

ص: 38

76 -

نبأني سعيد بن الحكم بن أبي مريم حدثني عبد الله بن وهب حدثني عمرو بن الحارث أن أبا يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة حدثه عن أبي هريرة قال: كان داود النبي عليه السلام كثير الصلاة لا يفتر.

ص: 38

77 -

ثنا عبد السلام بن مطهر ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشبع من الصلاة.

ص: 38

78 -

ثنا محمد بن عبد الله الخزاعي أننا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن يزيد الخطمي أنه كان يقول: اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رزقتني مما أحب فأجعله لي قوة فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله لي فراغاً فيما تحب.

ص: 39

79 -

نبأني محفوظ بن الفضل نبأني كثير بن هشام ثنا جعفر بن برقان ثنا صالح بن مسمار قال: بلغنا أن الله عز وجل أرسل إلى سليمان بن داود بعد موت أبيه داود ملكاً من الملائكة. فقال له الملك: إن ربي أرسلني إليك لتسأله حاجتك. قال سليمان: فإني أسأل ربي عز وجل أن يجعل قلبي يحبه كما كان أبي داود عليه السلام يحبه، وأسأل الله تعالى أن يجعل قلبي يخشاه كما كان قلب أبي داود يخشاه. فقال الرب عز وجل: أرسلت إلى عبدي ليسألني حاجته، وكانت حاجته إلي أن أجعل قلبه يحبني وأجعل قلبه يخشاني. وعزتي لأكرمنه.

⦗ص: 40⦘

فوهب له ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده. ثم قال: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب. وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب} .

ص: 39

80 -

ثنا محمد بن حميد ثنا مهران عن سفيان عن أبيه عن عن عكرمة: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} : ليس عليه حساب.

ص: 40

81 -

ثنا محمد بن حميد الرازي ثنا مهران عن سفيان عن زياد أبي عثمان عن الحسن قال: ما أنعم الله عز وجل على عبد نعمة إلا عليه فيها تبعة غير سليمان، قال عز وجل:{هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} .

ص: 40

82 -

ثنا محمد بن عبد الله الخزاعي أننا موسى بن خلف العمي ثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن أبي عبد الرحمن السكسكي عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال: احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة الغداة حتى كادت تطلع

⦗ص: 41⦘

الشمس. فلما خرج صلى بنا الغداة وقال: ((إني صليت الليلة ما قضي لي، فوضعت جنبي في المسجد، فأتاني ربي عز وجل في أحسن صورة فقال: يا محمد هل تدري فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا أي رب، قال: يا محمد، قالها ثلاث مرار، قال: قلت: لا أي رب. قال: فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فتجلى لي كل شيء وعرفته. فقلت: في الدرجات والكفارات. قال: فما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة والناس نيام. قال: صدقت. قال: فما الكفارات؟ قال: قلت: إسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات. قال: صدقت. فقال: سل يا محمد. قال: قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بين عبادك فتنة فاقبضني إليك وأنا غير مفتون، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعلموهن وادرسوهن فإنهن حق)).

ص: 40

83 -

نبأني زياد بن أيوب نبأني أحمد بن أبي الحواري ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان بعض التابعين يقول: اللهم أمت قلبي بخوفك وخشيتك وأحيه بحبك وذكرك.

قال جعفر: وكان من دعاء مريم أم عيسى عليهما السلام: اللهم املأ قلبي لك خوفاً، وغش وجهي منك حياءً.

ص: 42

84 -

نبأني محمد بن الحسين نبأني الوليد بن صالح نبأني يونس بن بكير الشيباني عن مرثد أبي عامر عن الحسن بن الحسن بن علي أنه كان يقول في دعائه: اللهم ارزقني محبة لك تقطع عني محبات الدنيا ولذاتها، وارزقني محبة لك تجمع لي بها خير الدنيا ونعيمها، اللهم اجعل محبتك آثر الأشياء عندي وأقرها لعيني، واجعلني أحبك حب الراغبين في محبتك، حباً لا يخالطه حب هو أعلى منه في صدري ولا أكبر منه في نفسي، حتى تشغل قلبي به عن السرور بغيره، حتى يكمل لي به عندك الثواب غداً في أعلى منازل المحبين لك يا كريم.

قال: وكان من خيار أهل البيت. وكان يدعو بهذا الدعاء في آخر كلامه ويبكي.

ص: 42

85 -

ونبأني محمد بن الحسين ثنا عبيد الله بن محمد التيمي عن عقبة بن فضالة قال: كان أبو عبيدة الخواص يقول في دعائه بعد ما كبر: اللهم ارزقني حباً لك وحباً لطاعتك وحباً لمطيعك وحباً لأوليائك وحباً لآل محبتك خدامك. اللهم ارزقني حباً ترفعني به عندك في أعلى درجات العلى من منازل المحبين لك. قال: وكان يبكي حتى يكاد يهمد. وكان قد كبر جداً.

ص: 43

86 -

نبأني عمر بن شبة النميري ثنا موسى بن إسماعيل المنقري ثنا سلام بن مسكين قال: سمعت الحسن يقول: اللهم املأ قلوبنا إيماناً بك ويقيناً بك ومعرفة لك وتصديقاً لك وحباً لك وشوقاً إلى لقائك.

ص: 43

87 -

نبأني محمد بن الحسين ثنا داود بن محبر [حدثني] عبد الله بن رشيد قال: سمعت عبد الواحد بن زيد يقول في دعائه: أسألك اللهم أركاناً قوية على عبادتك، وأسألك جوارح مسارعة إلى طاعتك وأسألك همماً متعلقة بمحبتك.

ص: 43

88 -

ثنا سعيد بن سليمان ومحمد بن مقاتل قالا: ثنا عبد الله بن المبارك نبأني عمر بن عبد الرحمن بن مهرب قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال حكيم من الحكماء: إني لأستحي من ربي عز وجل أن أعبده رجاء ثواب الجنة، أي قط، فأكون كالأجير إن أعطي الأجر عمل وإن لم يعط لم يعمل، وإني لأستحيي من ربي أن أعبده مخافة النار، أي قط، فأكون كعبد السوء إن رهب عمل وإن لم يرهب لم يعمل، ولكن أبعده بما هو أهله، وإنه ليستخرج مني حبه ما لا يستخرج مني غيره.

ص: 44

89 -

قال إبراهيم بن الجنيد: فأهل محبة الله قوامون بأمر الله عز وجل، قطعوا محبتهم بمعرفة ربهم، وتركوا الدنيا لطاعة مليكهم. فهم يلهمون الحق، ويوفقون للتوفيق، وينظرون بنور الله عز وجل، ويدعون ربهم بالاستكانة، ويتلون القرآن بفهم وفكرة، طابت قلوبهم وطهرت من الأدناس والأقذار، لا تشبه قلوب أهل الحرص والطمع والشره والهوى والآمال.

ص: 44

90 -

ثنا عبد العزيز بن الخطاب قال: حدثتنا نائلة الأودية مولاة آل أبي العيزار عن أم عاصم عن السوداء قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه، قال: اختضبي فاختضبت. ثم جئت فبايعته.

ص: 45

91 -

قال لنا عبد العزيز: خرجت علينا نائلة وعليها فروٌ كبلٌ وقد غيرت أطرافها، فقالت: أنا أحب ربي وأنا أفرق من النار.

ص: 45

92 -

قال إبراهيم: ومما قرأت من كلام [أبي] سليمان: قال أحمد بن أبي الحواري وقال محمود لأبي سليمان: ما أقرب ما تقرب به إليه؟ فبكى، ثم قال: مثلي أنا يسأل عن هذا؟ أقرب ما تقرب به إليه أن يطلع من قلبك أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو.

ص: 45

93 -

قال أحمد بن أبي الحواري وسمعت النباجي قال: قال رجل للفضيل بن عياض: يا أبا علي، متى يبلغ العبد الحب لله

⦗ص: 46⦘

عز وجل؟ قال: إذا كان منعه إياك وعطاؤه عندك سواء فقد بلغت غاية من حبه.

ص: 45

94 -

قال إبراهيم: يقال من علامة الحب لله عز وجل القيام للمحبوب بالطاعة، وإيثاره على النفس فيما أمكنت فيه القدرة.

ص: 46

95 -

قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت عواماً قال لأبي سليمان: تحب ابنك إسماعيل؟ قال: ما على ظهر الأرض أحد أجد له في قلبي حباً ولكني أرحمه.

ص: 46

96 -

وحدثني أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض عن أبي إسحاق إبراهيم بن الأشعث البخاري قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول في مرضه الذي مات فيه: ارحمني بحبي إياك فليس شيء أحب إلي منك.

قال: وسمعت الفضيل يقول: الحب أفضل من الخوف، ألا ترى إذا كان لك عبدان أحدهما يحبك والآخر يخافك، فالذي يحبك منهما ينصحك شاهداً كنت أو غائباً لحبه إياك، والذي يخافك عسى أن ينصحك إذا شهدت لما يخاف ويغشك إذا غبت ولم ينصحك؟ ثم ذكر

⦗ص: 47⦘

حديث حكيم من الحكماء إني لأستحيي من ربي عز وجل أن أعبده مخافة النار، أي قط، الحديث ..

ص: 46

97 -

قال إبراهيم: يقال: المتولي لله عز وجل هو المحب الناصر له، الموالي فيه والمعادي فيه، فمن كانت هذه حاله توحش من أكثر الناس واعتزلهم. فإذا أوذي في الله عز وجل شكر ورجا نصرته واعتز به، وسهل على قلبه ما يخوفه به الناس والشيطان.

ص: 47

98 -

نبأني عثمان بن محمد بن أبي شيبة ثنا يحيى بن آدم ثنا قطبة بن عبد العزيز عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب قال: أخذت معاذ بن جبل قرحة في حلقه فقال: اخنقني خنقك فوعزتك إني لأحبك.

ص: 47

99 -

نبأني إسحاق بن إبراهيم ختن ابن الصباح قال: قرأت في بعض كتب الحكماء: همة المحبين اتصال المحبة ولقاء المحبوب، وهمة أهل الشوق سرعة الموت. والذي يبدي المحبة في القلوب على قدر ما رسخ في القلوب من العلم بكرم الله وبره ولطفه ووده ورأفته ورحمته وكثرة إحسانه إلى خلقه مع إساءة الخلق.

ص: 47

100 -

ثنا داود بن رشيد ثنا أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي ثنا صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بسر اليحصبي عن أبي أمامة الباهلي قال: حببوا الله إلى الناس يحببكم الله.

ص: 48

101 -

ثنا محمد بن سابق ثنا مسعر بن كدام عن إبراهيم السكسكي قال: حدثني أصحابنا عن أبي الدرداء قال: إن أحب عباد الله إلى الله عز وجل الذين يحبون الله ويحببون الله إلى الناس، والذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله عز وجل.

ص: 48

102 -

ثنا يحيى بن سليمان الجعفي ثنا عبد الله بن وهب حدثني واقد بن سلامة عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا أخبركم عن أقوام ليسوا أنبياء ولا شهداء يغبطهم يوم

⦗ص: 49⦘

القيامة الأنبياء والشهداء بمنازلهم من الله عز وجل على منابر من نور يعرفون عليها. قالوا: من هم؟ قال: هم الذين يحببون عباد الله إلى الله، ويحببون الله تعالى إلى عباده، ويمشون لله في الأرض نصحاً. فقلنا: هذا حببوا الله تعالى إلى عباده، فكيف يحببون عباد الله إلى الله؟ قال: يأمرونهم بما يحب الله وينهونهم عما يكره الله، فإذا أطاعوهم أحبهم الله بعد)).

ص: 48

103 -

حدثني محمد بن الحسين حدثني أبو الوليد عياش بن عاصم حدثني [سعيد بن] صدقة أبو مهلهل قال: أتاني آتٍ في منامي فقال: أتحب الله عز وجل؟ قلت: إي والذي لا إله غيره إني لأحبه وأحب طاعته، قال: أفلا تناديه نداء أوليائه؟ قلت: وما هو؟ قال: قل: نبهني إلهي للخطر العظيم من محبتك يا بارئ النسم.

ص: 49

104 -

حدثني علي بن عيسى المروذي حدثني محمد بن عبيدة ثنا الحسين بن الربيع حدثني سعيد بن عبد الغفار قال: كتب محمد بن

⦗ص: 50⦘

العلاء بن المسيب من البصرة إلى محمد بن يوسف الأصبهاني: يا أخي من أحب الله بصدق أحب أن لا يعرفه الناس.

ص: 49

105 -

قال إبراهيم: قال بعض العباد: سبحانك، ولهت قلوب الذاكرين بك فاستنارت بنورك، فسكنت السماوات بأبصارها، وعمرت الملكوت بمناجاتها، فأجسادها منها معطلة، وهي بمحبتك متصلة. فأي لذة تطعم إلا في الأنس بك، يا من أشرقت لنوره السموات، وأنارت لوجهه الظلمات، وحجب جلاله عن العيون، ووصل به معارف العقول، فأنابت إليه أبصار القلوب.

ص: 50

106 -

ثنا إسحاق بن موسى الخطمي حدثني عباد بن كليب أبو غسان ثنا محمد بن النضر الحارثي قال: قال محمد بن كعب القرظي: وجدت في بعض كتب الحكمة: أيها الصديقون، أفرحوا بي وتنعموا بذكري.

ص: 50

107 -

قال إبراهيم: قال بعض العباد:

هام قلبي بسرور مسه

بسرور لسرور متصل

ص: 50

108 -

وقال أيضاً:

محب يحب الله حتى كأنه

يراه بعيني قلبه حين ينظر

ص: 50

109 -

وقال أيضاً:

قلب المحب عليل

قد أسبل الدمع حدراً

من حب رباً يراه

في جوف ليلٍ يميل

قد أسبل الدمع حدراً

على الخدود يسيل

ص: 51

110 -

حدثني أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي حدثني عبد الله بن وهب قال: سمعت حيي بن عبد الله المعافري يحدث عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: من أحب الله تعالى ورسوله صادقاً غير كاذب والمؤمنين غائبهم وحاضرهم فقد ذاق طعم الإيمان.

ص: 51

111 -

ثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم ثنا بقية بن الوليد عن عبد الحميد بن إبراهيم عن عثمان بن سعيد القرشي عن محمد بن عبد العزيز الزهري قال: لما حضرت العباس بن عبد المطلب الوفاة بعث إلى ابنه عبد الله بن عباس، فقال: يا بني إني والله ما مت موتاً. ولكني فنيت فناءً، يا بني أحب الله وطاعته حتى لا يكون شيء أحب إليك منه ومن طاعته، وخف الله ومعصيته حتى لا يكون شيء أخوف عندك منه ومن معصيته، فإنك إذا أحببت الله وطاعته نفعت كل أحد، وإذا خفت الله ومعصيته لم تضر أحداً. أستودعك الله تعالى.

ص: 51

112 -

قال إبراهيم: قرأت في بعض الكتب: إن الله تعالى يقول: معشر المتوجهين إلي بحبي ما ضركم ما فاتكم من الدنيا إذا كنت لكم حظاً، وما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سلماً.

ص: 52

113 -

قال: وأوحى الله تعالى إلى موسى: إياك والتضرع إلى أبناء الدنيا، إذاً أعرض عنك، ولا تجد بدينك لدنياهم، إذاً آمر بأبواب جنتي تغلق دونك.

ص: 52

114 -

ثنا بشر بن آدم ثنا قزعة بن سويد ثنا عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا أسألكم على ما آتيتكم من البينات والهدى أجراً إلا أن توادوا الله عز وجل وتتقربوا إليه بطاعته)).

ص: 52

115 -

ثنا محمد بن حميد الرازي ثنا حكام بن سلم عن عنبسة بن سعيد الأسدي عن ابن أبي ليلى عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في قوله عز وجل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً} ، قال: يحبهم ويحببهم إلى خلقه.

ص: 52

116 -

قال حكام ثنا أو سنان عن الأعمش قال: محبة في الدنيا.

ص: 53

117 -

ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني عبد الله بن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً} قال: حباً.

ص: 53

118 -

ثنا محمد بن حميد الرازي ثنا مهران بن أبي عمر عن سفيان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس قال: {سيجعل لهم الرحمن وداً} قال: المحبة.

ص: 53

119 -

ثنا يحيى بن عبد الحميد عن شريك عن عبيد الكاتب عن مجاهد: {سيجعل لهم الرحمن وداً} قال: محبة في صدور المؤمنين.

ص: 53

120 -

حدثني يحيى بن عبد الحميد ثنا حبان بن علي عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس {سيجعل لهم الرحمن وداً} قال: محبة في صدور المؤمنين.

ص: 53

121 -

وثنا يحيى ثني وكيع عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: يحبهم ويحببهم.

ص: 54

122 -

قال: وثنا يحيى ثنا أبو معاوية عن جويبر عن الضحاك {سيجعل لهم الرحمن وداً} قال: محبة في صدور المؤمنين.

ص: 54

123 -

ثنا داود بن رشيد ثنا أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي ثنا صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بسر اليحصبي عن أبي أمامة أنه كان يقول: حببوا الله إلى الناس يحببكم الله عز وجل.

ص: 54

124 -

ثنا أبو الفضل محرز بن عون ثنا خلف بن خليفة الأشجعي عن ليث عن أبي فزارة قال: بلغني أن داود عليه السلام سأل ربه فقال: رب دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: آثر هواي على هواك. قال: رب دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: اغضب لي أشد مما تغضب لنفسك. قال: يا داود حبني وأحب من يحبني، وحببني إلى خلقي. قال: يا رب، هذا أحبك وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: ذكرهم بآلائي فإنهم لا يذكرون مني إلا خيراً.

ص: 54

125 -

ثنا محمد بن كثير بن يزيد العجلي ثنا محمد بن فضيل بن غزوان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال: أوحى الله تعالى إلى داود: أحبني وأحب أحبائي وحببني إلى الناس. قال: يارب، هذا أحبك وأحب أحباءك، فكيف أحببك إلى الناس؟ قال: تذكرني فلا تذكر مني إلا حسناً.

ص: 55

126 -

حدثني زياد بن أيوب ثنا أحمد بن أبي الحواري حدثني عبد العزيز بن عمير قال: سمعت أبا سليمان الواسطي يقول: ذكر النعم يورث المحبة.

ص: 55

127 -

قال إبراهيم: يقال: معنى الشكر اعتقاد القلب أنه ليس في السماء والأرض نعمة إلا وهي لله عز وجل.

ص: 55

128 -

حدثني محمد بن الحسين حدثني سعد بن عمران بن زارة قال: سمعت كلاب بن جري يقول لرجل -من الطفاوة- وهو يوصيه بطرائق البر، فقال له فيما يقول:

وكن لربك ذا حب لتخدمه

إن المحبين للأحباب خدام

⦗ص: 56⦘

قال: فصاح الطفاوي صيحة، سقط مغشياً عليه.

ص: 55

129 -

حدثني محمد بن الحسين ثنا عبد لله بن محمد بن سعيد الأعور حدثني مطرف بن أبي بكر الهذلي قال: كانت عجوز في عبد القيس متعبدة. فكانت إذا جاء الليل تحزمت وقامت إلى المحراب، وإذا جاء النهار خرجت إلى القبور. قال: وكانت تقول: المحب لا يسأم من خدمة حبيبه، ولا ينزل في جميع أموره إلا عند هواه، ورجاء المحب تحقيق، وقربان المحب الوسائل.

ص: 56

130 -

ثنا عبد الله بن أبي بكر المقدمي ثنا جعفر بن سليمان حدثني عمر بن نبهان عن قتادة قال: وقف علينا خليد العصري ونحن في حلقة فقال: ما منكم من أحد إلا وهو يحب أن يلقى حبيبه، ألا فأحبوا ربكم وسيروا إليه سيراً جميلاً.

ص: 56

131 -

حدثني محمد بن عبد الملك ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم الخولاني أن أبا عنبة الخولاني كان يقول: سر سيراً جميلاً لا مصعداً ولا ممهلاً.

ص: 56

132 -

ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك ثنا صدقة بن خالد ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني محمد بن أبي عائشة قال: لا

⦗ص: 57⦘

تكن ذا وجهين وذا لسانين تظهر للناس أنك تحب الله ليحمدوك وقلبك فاجر

ص: 56

133 -

ثنا سلمة بن شبيب ثنا سهل بن عاصم ثنا أحمد بن عاصم الأنطاكي قال: من عرف الله اكتفى به، ومن لم يعرفه اكتفى بخلقه دونه، فطال غمه وكثرت شكاته. ومن أحب الله تعالى لم يكن في قلبه فضل يحب أحداً، ولو أراد لم يترك.

ص: 57

134 -

حدثني محمد بن الحسين حدثني حكيم بن جعفر الأعور قال: قال مسلم أبو عبد الله: من أحب الله آثر هوى الله على محبة نفسه، ومن خشي الله خرج من الدنيا بحسرات، والمؤمن من الله بمنزلة كل خير، بين خوف وشفقة وطاعة ومحبة، وما يتلذذ المتقربون بشيء في صدورهم ألذ من حب الله ومحبة أهل ذكره.

ص: 57

135 -

وحدثني محمد بن الحسين حدثني حكيم بن جعفر عن دويد أبي سليمان عن حيان بن الأسود عن عبد الواحد بن زيد عن فرقد السبخي قال: قرأت في بعض الكتب: من أحب الله لم يكن شيء آثر عنده من هواه، ومن أحب الدنيا لم يكن شيء آثر عنده من هوى نفسه. والمحب لله تعالى أمير مؤمر على الأمراء، زمرته أول الزمر يوم القيامة ومجلسه أقرب المجالس فيما هنالك. والمحبة منتهى القربة

⦗ص: 58⦘

والاجتهاد. ولن يسأم المحبون من طول اجتهادهم لله عز وجل: يحبونه ويحبون ذكره ويحببونه إلى خلقه، يمشون بين عباده بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح. أولئك أولياء الله وأحباؤه وأهل صفوته أولئك الذين لا راحة لهم دون لقائه.

ص: 57

136 -

حدثني محمد بن يحيى الأزدي أننا سعيد بن عامر أننا محمد بن ليث عن بعض أصحابه قال: كان حكيم بن حزام عشية عرفة ومعه مائة رقبة ومائة بدنة، فإذا وقف بعرفة أعتق المماليك، وإذا نزل منى نحر البدن، وكان يطوف بالبيت ويقول: لا إله إلا الله، نعم الرب ونعم الإله، أحبه وأخشاه.

ص: 58

137 -

أخبرني محمد بن الحسين أخبرني عبيد الله بن محمد التيمي قال: سمعتهم يذكرون عن بعض أولئك الضخام أنه قال: إن العمل على المخافة قد يغيره الرجاء، والعمل على المحبة لا يدخله الفتور.

ص: 58

138 -

ثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا [مهران] بن أبي عمر عن سفيان عن عاصم الأحول عن الشعبي في قول الله عز وجل {إن الله يحب التوابين} قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا أحب [الله] عبداً لم يضره ذنبه.

ص: 59

139 -

قال إبراهيم: كان يقال: ليس لمعتب ذنب.

ص: 59

140 -

حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس وداود بن عمرو بن زهير الضبي قالا: ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيد بن سعد قال: خرج أبو أيوب الأنصاري مع غازية، فلما كان عند المدينة، قال: قلت: ما المدينة؟ قال: القسطنطينية، قال: قص قاص فقال: ليس أحد من بني آدم يعمل في الدنيا عملاً أول النهار إلا عرض على أهل معارفه من أهل الآخرة إذا أصبح. فقال أبو أيوب: أيها القائل، انظر ماذا تقول؟ قال: والله إن ذلك لكذلك. قال: فقال أبو أيوب: اللهم لا تفضحني عند سعد بن عبادة ولا عند

⦗ص: 60⦘

عبادة بن الصامت بما عملت بعدهما. قال: فقال القاص: والله الذي لا إله إلا هو ما كتب الله ولايته لعبد إلا ستر عورته وأثنى عليه بأحسن عمله.

ص: 59

141 -

حدثني محمد بن الحسين حدثني عبد الله بن أبي نوح قال: سمعت رجلاً من العباد يقول في كلامه: إذا سئم البطالون من بطالتهم لم يسأم محبوك من مناجاتك وذكرك.

ص: 60

142 -

حدثني أحمد بن خالد بن مهران ثنا إسماعيل بن علية عن غالب القطان عن بكر بن عبد الله المزني قال: ما فاق أبو بكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بصوم ولا بصلاة ولكن بشيء كان في قلبه.

ص: 60

143 -

سمعت بعض الشيوخ من المحدثين يقول: قال عبد الله بن داود الخريبي: إنما سمي أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه خلف من رسول الله.

ص: 60

144 -

قال إبراهيم: بلغني عن ابن علية أنه قال في عقب هذا الحديث: الذي كان في قلبه الحب لله والنصيحة في خلقه.

ص: 60

145 -

حدثني محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي قال: وحدثتني أم عبد الله بنت خالد بن معدان عن أبيها: أن آدم عليه السلام قال لابن له: إني أستحيي من الله ربي أن أسأله الجنة، فانطلق فصم أربعين يوماً، ثم سل ربك: هل يعيدني في الجنة، فإن وعدك ربي أن يدخلني الجنة فجئني بأمارة منها. فانطلق ابن آدم فصام أربعين يوماً، ثم سأل ربه: إن آدم أرسلني إليك: هل تعيده في الجنة؟ فقال الرب: قل لعبدي: تؤمن بي ولا تشرك بي شيئاً ولتحبني ولتحببني، فإذا فعل ذلك فله عندي النعمة والسرور واللذة وقرة العين، وهذه ترنجة ما من الجنة فأبلغها إليه. فلما رآها آدم عرف أنها من الجنة فوضعها على عينيه.

ص: 61

146 -

ثنا محمد بن بكار ثنا فرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة الباهلي قال: كان فيما عهد الله عز وجل إلى آدم عليه السلام حين أخرجه من الجنة أن: يا آدم اعبدني ولا تشرك بي شيئاً، وحبني وحببني، واحفظ فرجك الذي بين رجليك، فإنك إذا فعلت ذلك فلك عندي النعمة والسرور واللذة وقرة العين فيما بعد الموت.

ص: 61

147 -

حدثني محمد بن الحجاج بن جعفر عن إياس بن نذير الضبي ثنا عمرو بن محمد العنقزي أننا أسباط بن نصر الهمداني عن السدي في قوله: {اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدً حيث شئتما} ، قال: الرغد: الهنيء.

ص: 62

148 -

حدثني محمد بن الحسين حدثني محمد بن معاوية الأزرق قال: قال بعض العباد: ما تداخل القلب شيء أبعث له على سبيل النجاة من سرور مزج بفكرةٍ في حب الله، فعند ذلك يهون عليه كل نصب وتعب.

ص: 62

149 -

وحدثني محمد بن الحسين حدثني مالك بن ضيغم الراسي حدثني واقد بن يزيد الصفار قال: سمعت عبد العزيز بن سليمان يقول في كلامه: أنت أيها المحب تزعم أن محبتك لله تحقيق، أما والله لو كنت كذلك لضاقت عليك الأرض برحبها حتى تصل إلى رضا حبيبك وإلى النظر إلى وجهه في دار كبريائه وعزه. قال واقد: فكان إذا أخذ في هذا النعت سمعت التصاريخ من نواحي المسجد.

ص: 62

150 -

وحدثني محمد بن الحسين حدثني عبيد الله بن محمد التيمي: أن رجلاً قال لعابد: أوصني أو عظني. فقال: أي الأعمال أغلب على قلبك؟ فقال الرجل: والله ما أجد شيئاً أغلب على قلبي من محبة الله تعالى. فقال له العابد: حسبك ما غلب على قلبك، فوالله ما رأيت شيئاً أنفع للمحب عند حبيبه من المبالغة في محبته. وهل تدري ما ذلك؟ أن لا يعلم شيئاً فيه رضاه إلا أتاه، ولا يعلم شيئاً فيه سخطه إلا اجتنبه، فعند ذلك ينزل المحبون من الله منازل المحبة. قال: وصرخ العابد والسائل وسقطا.

قال أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد: فحدثني من حضر ذلك من أصحابنا قال: فرفعا صريعين لا يعقلان.

ص: 63

151 -

كان بعضهم يقول: يا أنيس كل منفرد بذكره وجليس كل متوحد بحبه.

ص: 63

152 -

وقال آخر: إذا كنت تحبه وهو يبتليك فاعلم أنه إنما يريد أن يصافيك.

ص: 63