المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمين على تجارة خديجة: - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد

[خالد الحمودي]

الفصل: ‌الأمين على تجارة خديجة:

ردته بأدب ولباقة .. عازفة عن الزواج: لأنها قد مرت من قبل بتجربتين مريرتين.

لقد عملت خديجة رضي الله عنها في ميدان التجارة واستطاعت أن تؤسس في مكة بيتًا ضخمًا أصبح من بعد علمًا عليها، يعرف بها ورحلت قوافلها تمضي مصعدة إلى الشام أو هابطة نحو اليمن .. تغزو الأسواق تحمل منها ما يدر عليها الربح الوفير والمال الكثير.

‌الطاهرة (سيدة قريش):

لكن شهرتها رضي الله عنها لم تقف عند حد المال والجمال .. بل تعدت ذلك إلى سيرتها التي كانت نبراسًا لكل فتاة ولكل أم، فعُرفت بين القاصي والداني بلقبي (الطاهرة) و (سيدة قريش) وكانت يد العناية الإلهية هي التي تحرك وتصرف.

وتعد خديجة لأن تكون بعد زمن يسير المسلمة الأولى .. وأم المؤمنين الأولى .. وسيدة نساء العالمين .. والزوجة المجاهدة الصابرة.

‌الأمين على تجارة خديجة:

كان الأمين صلى الله عليه وسلم حديث الناس في مكة بللا استثناء صفاته وأخلاقه ويحترمون أمانته وورعه، ويكبرون صدقه وصواب رأيه.

ولقد ترك كل ذلك في نفوس القرشيين عمومًا والمكيين خصوصًا انطباعًا في تقديره واحترامه صلى الله عليه وسلم.

وكانت خديجة بنت خويلد ممن يسمعون أخباره وأنباءه ويصغون إليها بإعجاب مشوق بلهفة، وكثيرًا ما حدثها بذلك

ص: 7

خزيمة ابن عمها صديق (محمد) ورفيقه، وتحركت في أعماق نفسها مشاعرها وأحاسيسها.

فوجدت ذاتها يومًا ترسل رسولاً إلى أبي طالب تعرض عليه عرضًا سخيًا مقابل أن يتولى محمد الأمين أمر تجارتها وقوافلها المحملة بمختلف البضائع والعروض .. ورضي محمد بذلك واستبشر خيرًا بأفق جديد ينفتح في آفاق الحياة الرحبة وتهيأ للرحيل لكن (أبا طالب) كان شديد القلق على ابن أخيه الذي وصاه به خيرًا الراهب بحيرا فأتى إلى ميسرة غلام (خديجة) يحذره ويوصيه بمحمد وإزاء ذلك تركز اهتمام ميسرة على محمد صلى الله عليه وسلم يراقبه ويرعاه، تنفيذًا لوصية أبي طالب ولقد رأى ميسرة من أمر محمد العجب العجاب.

شخصية خارقة، وخلق دمث، وكلمة متزنة، ومشية كلها وقار، وحديث كله عذوبة وأمانة ما بعدها، وصدق بالغ وحنكة ودراية يعجز عنها فحول التجار، ورأى ما لا يمكن أن يستهان به، أو يمر به مرور الكرام.

رأى السماء تظله بظلالها حين يشتد لهيب الشمس وغمامة تتبعه في تنقلاته وتحركاته لتحميه من القيظ الشديد، وعندما آوى مرة إلى شجرة ليستريح في بعض ظلها أورقت .. واخضرت وزهت. لقد كان ما يراه ميسرة من أمر محمد صلى الله عليه وسلم غير مألوف بالنسبة إلى الناس فازداد حرصه الشديد عليه ورعايته له في الحل والترحال.

ص: 8