المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مجلس آخر من أماليه - أمالي عبد الغافر الفارسي

[عبد الغافر الفارسي]

الفصل: ‌مجلس آخر من أماليه

‌مجلس آخر من أماليه

يوم الجمعة الرابع من شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وخمس مائة

6-

أنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي أنا أبو بكر الجوزقي الحافظ أنبا مكي بن عبدان نا أبو الأزهر ثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود زريق يقال له: لبيد ابن الأعصم قالت: كان عليه السلام يخيل إليه أن يفعل الشيء وما يفعله. قالت: حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا ثم دعا ثم دعا فقال: ((يا عائشة شعرت أن الله قد أفتاني فيما سأستفتيه فيه، جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي ما وجع الرجل؟ قال: مطبوبٌ. قال: من طبه؟ قال: لبيد ابن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة. قال: وجف طلعة ذكر قال: فأين هو؟ قال في بئر ذي أروان)) . قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه ثم قال: ((يا عائشة، والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين)) ، قالت: فقلت يا رسول الله، أفلا أحرقتها؟ قال:((لا، أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شراً فأمرت بها فدفنت)) .

⦗ص: 257⦘

هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم عن أبي كريب عن عبد الله بن نمير، وأخرجه البخاري من طرق أخرى باختلاف الألفاظ.

فالمطبوب المسحور وجف الطلعة وعاءها الذي يكون فيه، والطلع الشمراخ، أول ما يخرج يروى في جب طلعة وبئر ذي أروان بفتح الهمزة، بئر معروفة بالمدينة، وقيل في هذه القصة أنزلت المعوذتان.

ص: 256

7-

كما أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسين الفقيه كتابة من مرو، وحدثني عنه والدي قال: أنا أبو العباس أحمد بن محمد الطحان أنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب أنا أبو عيسى الحافظ أنبا بندار نا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد قال: حدثني قيس وهو ابن أبي حازم عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قد أنزل علي آياتٌ لم ير مثلهن: قل أعوذ برب الناس إلى آخر السورة، وقل أعوذ برب الفلق، إلى آخر السورة)) .

⦗ص: 258⦘

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 257

8-

أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله الصوفي أنبا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى حدثني أبو بكر الطلحي أملاه علي ثنا حبيب ابن نصر بن زياد المهلبي قال: دخل أعرابي على داود بن يزيد بن المهلب فقال: يا أيها الأمير إني مادحك فاستوى جالساً فقال: فدعا بثياب فلبسها وبكرسي فجلس عليه ثم قال: هات يا أعرابي فإن كان حسناً قبلناه، وإن كان قبيحاً رددناه فأنشأ يقول:

أميت بداود جود يمينه من

الحدث المخشي والبؤس والفقر

فأصبحت إذا خشي من الدهر نبوة

ولا حدثاناً إذ شددت به ظهري

فما طلحة الطلحات داناه في الندى

ولا حاتم الطائي ولا خالد القسري

له حكم لقمان وصورة يوسف

وفهم سليمان وصدق أبي بكر

فتى تفرق الأموال من جود كفه

كما يفر الشيطان من ليلة القدر

⦗ص: 259⦘

قال: فقال له يا أعرابي أعطيك على قدرك أم على قدري؟ قال: لا بل على قدري، قال: وكم قدرك؟ قال: كذا وكذا ألفاً قال: يدفع إليه كذا وكذا فلما خرج، قال له بعض حاشية داود أنت أعرابي جاهل، لو قلت على قدرك لأغناك وأغنى عقبك قال: فإني حسبت لو قلت له على قدرك إلا بقي ما في بيوت المال بقدره. قال: فبلغ ذلك داود، فأضعف له ما أعطاه.

بلغت المجلس إملاءً وقراءة، والمشايخ باستملاء أبي منصور الشحامي عمر ابن أحمد بن منصور الصفار وابنه أبو سعد وابن المملي أحمد بن عبد الغافر في آخرين.

ص: 258