المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

4- ‌ ‌ الدين   التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى - المصطلحات الأربعة في القرآن

[أبو الأعلى المودودي]

الفصل: 4- ‌ ‌ الدين   التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى

4-

‌ الدين

التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى وهي:

(1)

القهر والسلطة والحكم والأمر، والإكراه على الطاعة، واستخدام القوة القاهرة (Sovereignty) فوقه، وجعله عبداً، ومطيعاً، فيقولون (دان الناس) أي قهرهم على الطاعة، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا. و (دنت القوم) أي أذللتهم واستعبدتهم، و (دان الرجل) إذا عز و (دنت الرجل) حملته على ما يكره. و (دُيّن فلان) إذا حمل على مكروه. و (دنته) أي سسته وملكته. و (ديَّنته القوم) وليته سياستهم، ويقول الحطيئة يخاطب أمه:

لقد دينت أمر بنيك حتى

... تركتهم أدق من الطحين

وجاء في الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) أي قهر نفسه وذللها، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:

...

... يا سيد الناس وديان العرب

وبهذا الاعتبار يقال (مدين) للعبد والمملوك و (المدينة) للأمة فـ (ابن المدينة) معناه ابن الأمة كما يقول الأخطل:

...

... ربت وربا في حجرها ابن مدينة (4)

وجاء في التنزيل:

(فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين)

(الواقعة: 86-87)

ص: 71

(2)

الإطاعة والعبدية والخدمة والتسخر لأحد والائتمار بأمر أحد، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره. فيقولون (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، و (دنت الرجل) أي خدمته، وجاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب) أي نطيعهم ونخضع لهم. بهذا المعنى يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين في حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية)(1)

(3)

الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد، فيقولون (ما زال ذلك ديني وديدني) أي دأبي وعادتي. ويقال (دان) إذا اعتاد خيراً أو شراً. وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه) أي كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة في قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والاجتماعية.

(1) ليس معنى الحديث أن الخوارج سيخرجون من الدين بمعنى الملة. فإن عليا كرم الله وجهه لما سئل عنهم: أكفارهم؟ قال: من الكفر فروا. فسئل أفمنافقون هم؟ قال: المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً، واولئك يذكرون الله صباح مساء، فيتقرر من ذلك أن المراد بالدين في هذا الحديث هو إطاعة الإمام. وقد فسره ابن الأثير بهذا المعنى في كتابه (النهاية) فقال: أراد بالدين الطاعة، أي أنهم يخرجون من طاعة الإمام المفترض الطاعة وينسلخون منها (الجزء الثاني الصفحة 41-42) .

ص: 72