المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استعمال كلمة (الدين) في القرآن - المصطلحات الأربعة في القرآن

[أبو الأعلى المودودي]

الفصل: ‌استعمال كلمة (الدين) في القرآن

(4)

الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب. فمن أمثال العرب (كما تدين تدان) أي كما تصنع يصنع بك. وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أي هل نحن مجزيون محاسبون؟ وفي حديث ابن عمر رضي عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا السلاطين، فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون) أي افعل بهم كما يفعلون بنا. ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعنى القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن علي كرم الله وجهه فقال: (إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها) أي كان أكبر قضاتها بعده.

‌استعمال كلمة (الدين) في القرآن

فيتبين مما تقدم أن كلمة (الدين) قائم بنيانها على معان أربعة، أو بعبارة أخرى هي تمثل الذهن العربي تصورات أربعة أساسية.

أولها: القهر والغلبة من ذي سلطة عليا.

والثاني: الإطاعة والتعبد والعبدية من قبل خاضع لذي السلطة.

والثالث: الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع.

والرابع: المحاسبة والقضاء والجزاء والعقاب.

وكانت العرب تستعمل هذه الكلمة قبل الإسلام بهذا المعنى تارة أخرى حسب لغاتهم المختلفة؛ إلا أنهم لما لم تكن تصوراتهم لتلك الأمور الأربعة واضحة جلية ولا كان لها من السمو والبعد نصيب، كان استعمال كلمة (الدين) مشوباً بشوائب اللبس والغموض، ولذلك لم يتح لها أن تكون مصطلحاً من مصطلحات نظام فكر متين، حتى نزل القرآن فوجد هذه الكلمة ملائمة لأغراضه؛ فاقتناها واستعملها لمعانيه الواضحة المتعينة، واصطنعها مصطلحاً له مخصوصاً. فأنت ترى أن كلمة (الدين) في القرآن تقوم مقام نظام بأكلمه، يتركب من أجزاء أربعة هي:

الحاكمية والسلطة العليا.

الإطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة.

النظام الفكري والعملي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية.

المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على اتباع ذلك النظام والإخلاص له أو على التمرد عليه والعصيان له.

ص: 73

ويطلق القرآن كلمة (الدين) على معنيها الأول والثاني تارة، وعلى المعنى الثالث أخرى وعلى الرابع ثالثة، وطوراً يستعمل كلمة (الدين) ويريد بها ذلك النظام الكامل بأجزائه الأربعة في آن واحد. ولإيضاح ذلك يجمل بنا النظر فيما يأتي من الآيات الكريمة:

الدين بالمعنيين الأول والثاني:

(الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين)(غافر: 64-65)

(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين) .. (قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه)

(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) .. (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص)(الزمر: 11-12 و 17، و 2-3)

(وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون)(النحل: 52)

(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون)(آل عمران: 82)

(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)(البينة: 5)

ص: 74

في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها. (1)

الدين بالمعنى الثالث

(قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين)(يونس: 104-105)

(إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم)(يوسف: 40)

(وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) ..

(1) معناه أن تكون إطاعة المرء لغير الله – أياً كان هو – تابعة لإطاعة الله تعالى ومتضمنة فيما قد رسم لها من الحدود. فالطاعة الولد لوالده وإطاعة المرأة لزوجها، وإطاعة العبد أو الخادم لسيده وما شاكلها من الإطاعات، إن كانت بأمر من الله ومتضمنة فيما قد وضع لها من الحدود فإنها عين إطاعة الله. وأما إذا كانت خارجة عن تلك الحدود أو مستقلة بذاتها، فإنها البغي والعصيان.

وقل مثل ذلك في الحكومة، فهي إن كانت مبنية على القانون المنزل من عند الله تعالى قائمة بإنفاذ حكم الله في أرضه فإن إطاعتها واجبة أما إذا لم تكن كذلك، بل كان أساسها القوانين الوضعية، فإن إطاعتها جريمة.

ص: 75

(ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم)

(بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم)

(فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها (1) لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28، 29، 30)

(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله)(النور: 2)

(إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرمٌن ذلك الدين القيم)(التوبة: 36)

(كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك)(يوسف: 76)

(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم (2) ليردوهم وليلبسوا (3) عليهم دينهم) (الأنعام: 137)

(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)(الشورى: 21)

(لكم دينكم ولي دين)(الكافرون: 6)

(1) أي أن القطرة التي قد فطر الله عليها الإنسان هي أن لا شريك لله تعالى في خلق الإنسان وإبلاغه الرزق وتولي الربوبية له، ولا إله لبني آدم ولا مالك ولا مطاع حقيقياً غير الله تعالى. فالطريق الصحيح الطبيعي للإنسان أن يخص عبديته لله تعالى وحده ولا يكون عبداً لغيره.

(2)

أي الذين اتخذوهم مع الله شركاء في الإلهية، والحكم والأمر، والتشريع.

(3)

المراد بلبس الدين عليهم هو أن هؤلاء الشارعين الكذابين يزينون لهم ذلك الإثم تزيناً بوهمهم أن فعلتهم تلك جزء من الدين الذي توارثوه قديماً عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.

ص: 76

المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود والشرع والطريقة والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله عز وجل، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم. وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة أو جماهير الأمة، فالمرء لا جرم في دين هؤلاء. وموجز القول أن من يتخذ المرء سنده أعلى الأسناد وحكمه منتهى الأحكام ثم يتبع طريقاً بعينه بموجب ذلك، فإنه –لا شك- بدينه يدين.

الدين بالمعنى الرابع:

(إنَّ ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع)(الذاريات: 5-6)

(أرايت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين)(الماعون 1-3)

(وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله)(الانفطار: 17-19)

قد وردت كلمة (الدين) في هذه الآيات بمعنى المحاسبة والقضاء والمكافأة.

الدين: المصطلح الجامع الشامل

ص: 77

إلى هذا المقام قد استعمل القرآن كلمة (الدين) فيما يقرب من معانيها الرائجة في كلام العرب الأول. ولكننا نرى بعد ذلك أنه يستعمل هذه الكلمة مصطلحاً جامعاً شاملاً يريد به نظاماً للحياة يدعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما، ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات وحسن الجزاء، ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب. ولعله لا يوجد في لغة من لغات العالم مصطلح يبلغ من الشمول والجامعية أن يحيط بكل هذا المفهوم. وقد كادت كلمة (State) تبلغ قريباً من ذلك المفهوم ولكنها تفتقر إلى مزيد من الاتساع لأجل إحاطتها بحدود معاني كلمة (الدين) . وفي الآيات التالية قد استعمل (الدين) بصفة هذا المصطلح الجامع:

(الأول والثاني)

...

(الرابع)

...

(الثالث)

(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون)(التوبة: 29)

(الدين الحق) في هذه الآية كلمة اصطلاحية قد شرح معانيها واضح الاصطلاح نفسه عز وجل، في الجمل الثلاث الأولى، وقد أوضحنا بوضع العلامات على متن الآية أنه قد ذكر الله تعالى فيها جميع معاني كلمة (الدين) الأربعة، ثم عبر عن مجموعها بكلمة (الدين الحق) .

(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربّه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد)(غافر: 26)

ص: 78

وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى عليه السلام وفرعون، لا يبقى من شك أن كلمة (الدين) لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً. فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى عليه السلام في دعوته، فإن الدولة ستدول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله. ثم إما أن يقوم مقامه نظام آخر على أسس مختلفة جداً، وإما ألا يقوم بعده أي نظام. بل يعم كل المملكة الفوضى والاختلال.

(إن الدين عند الله الإسلام)(آل عمران: 16)

(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه)(آل عمران: 85)

(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(التوبة: 33)

(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)(الأنفال: 39)

(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً)(سورة النصر)

المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو نظام الحياة الكامل الشامل لنواحيها من الاعتقادية والفكرية والخلقية والعملية.

فقد قال الله تعالى في الآيتين الأولين إن نظام الحياة الصحيح المرضي عند الله هو النظام المبني على إطاعة الله وعبديته. وأما ما سواه من النظم المبنية على إطاعة السلطة المفروضة من دون الله، فإنه مردود عند، ولم يكن بحكم الطبيعة ليكون مرضياً لديه، ذلك بأن الذي ليس الإنسان إلا مخلوقه ومملوكه، ولا يعيش في ملكوته إلا عيشة الرعية، لم يكن ليرضى بأن يكون للإنسان الحق في أن يحيا حياته على إطاعة غير سلطة الله وعبديتها، أو على اتباع أحد من دون الله.

وقال في الآية الثالثة أنه قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك النظام الحق الصحيح للحياة الإنسانية -أي الإسلام- وغاية رسالته أن يظهره على سائر النظم للحياة.

ص: 79

وفي الرابعة قد أمر الله المؤمنين بدين الإسلام أن يقاتلوا من في الأرض ولا يكفوا عن ذلك حتى تمحي الفتنة، وبعبارة أخرى حتى يمحي جميع النظم القائمة على أساس البغي على الله، وحتى يخلص لله تعالى نظام الإطاعة والعبدية كله.

وفي الآية الأخيرة الخامسة قد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حين الانقلاب الإسلامي بعد الجهد والكفاح المستمر مدة ثلاث وعشرين سنة، وقام الإسلام بالفعل بجميع أجزائه وتفاصيله نظاماً للعقيد والفكر والخلق والتعليم والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وجعلت وفود العرب تتابع من نواحي القطر وندخل في حظيرة هذا النظام، فإذا ذاك - وقد أدى النبي رسالته التي بعث لأجلها - يقول له الله تعالى: إياك أن تظن أن هذا العمل الجليل الذي قد تم على يديك من كسبك ومن سعيك، فيدركك العجب به، وإنما المنزه عن النقص والعيب والمنفرد بصفة الكمال هو ربك وحده، فسبح بحمده واشكره على توفيقه إياك للقيام بتلك المهمة الخطيرة وأسأله: الله اغفر لي ما عسى أن يكون قد صدر مني من التقصير والتفريط في واجيي خلال الثلاث والعشرين سنة التي قد قمت بخدمتك فيها:

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ص: 80

ملحق بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب (1)

1-

ص 33 حديث عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما

تخريج الحديث:

(1) قام بوضع هذا الملحق الأستاذ الشيخ (ناصر الدين الألباني) كبير رجال الحديث في ديار الشام، وكنا شرعنا بوضع هذا التخريج في حواشي الصفحات التي وردت فيها الأحاديث، ثم رأينا أفراده بهذا الملحق، مع الإشارة إلى الموضع الذي ورد فيه الحديث. رقم (5414) طبعة أحمد محمد شاكر وأسناده صحيح ولفظه في موضع آخر من المسند (رقم 5608) : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية وهو على المنبر (والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) قال: يقول الله: (أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك، أنا المتعال الخ) . وقد أخرجه مسلم (8/126) من وجه آخر عن ابن عمر، ولفظه أقرب إلى لفظ الكتاب وهو:"يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرض بشماله، ثم يقول: أنا الملك! أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ".

ورواه البخاري (13/337 فتح الباري) عن طريق ثالث عن ابن عمر مختصراً، ورواه أبو داود (2/278) بتمامه إلا أنه قال (بيده الأخرى) بدل (بشماله) وهو الموافق للأحاديث القائلة:(وكلتا يديه يمين) ولذلك أشار البهيقي – كما نقله الحافظ – إلى أن هذه اللفظة (بشماله) شاذة؛ والله أعلم.

2-

ص96، ورد في باب (التحقيق اللغوي) – وهو مختصر عما ورد في (لسان العرب) .

"وقد جاء في الحديث الشريف: ثلاثة أنا خصمهم: رجل اعتبد محرراً":

تخريج الحديث

لم أره بهذا اللفظ، بل هو ملفق من حديثين، أحدهما صحيح والآخر ضعيف.

الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، رجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره". أخرجه البخاري (4/331، 353، 354) ابن ماجه، والطحاوي في (مشكل الآثار) .

والثاني: عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دباراً – والدبار أن يأتيها بعد أن تفوته -، ورجل اعتبد محرره، - وفي رواية: محرراً".

ص: 81

أخرجه أبو داوود (1/97) وابن ماجه (1/307) والبهيقي (3/128) وسنده ضعيف فيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن شيخه عمران بن عبد المعافري، وكلاهما ضعيف، وذلك قال النووي:"أنه حديث ضعيف" وسبقه إلى ذلك البهيقي، لكن القضية الأولى منه صحت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى وردت بأسانيد صحيحة في سنن أبي داود. وأما الرواية الأخرى "أعبد محرراً" فلم اقف عليها (1) .

3-

ص117، ورد في باب (التحقيق اللغوي) . "وجاء في الحديث النبوي

"الكيس من دان فنسه وعمل لما بعد الموت"

تخريج الحديث

أخرجه الترمذي (3/305) وابن ماجه (2/565) والحاكم (1/57) وأحمد (4/124) عن طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن حمزة بن حبيب عن شداد بن أوس مرفوعاً. وقال الترمذي "حديث حسن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا والله، أو بكر رواه" وقد أصاحب رحمه الله.

4-

ص117، ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً بينت من أرجوزة الأعشى الحرمازي يمدح رسول الله صلى الله عليه وسم:

...

... يا سيد الناس وديان العرب

تخريج الحديث

أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد مسند أبيه، رقم (6885 و 6886) باسنادين أحدهما ضعيف، والآخر فيه رجلان تفرد بتوثيقهما ابن حبان، ومن المعلوم عند العلماء أنه متساهل في التوثيق – كما بينه الحافظ ابن حجر في مقدمة (لسان الميزان) .

(1) هذا الحديث وأمثاله مما ورد في باب (التحقيق اللغوي) – وفيها ما هو ضعيف – لم يوردها الأستاذ المودودي لبيان حكم أحكام الدين أو نظرية من نظرياته، وإنما أوردت نقلاً عن كتب اللغة لبيان معنى لفظ من الألفاظ كما استشهد به رجال اللغة فحسبن وهذا يصح في الاستئناس بما لم يبلغ الصحة من الأحاديث.

وأما سائر الأحاديث التي استشهد بها الأستاذ المودودي لبيان رأي الإسلام الموضوعات التي طرقها، فكلها من الصحيح كما ورد في هذا الملحق.

ص: 82

ومع هذا فقد صحح هذا الإسناد المعلق على المسند الأستاذ أحمد محمد شاكر على قاعدته التي جرى عليها في تعليقه هذا وفي غيره من الاعتماد على توثيق ابن حبان خلافاً للمحققين من العلماء.

5-

ص118، ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً حديث الخوارج:"يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية".

تخريج الحديث

أخرجه البخاري (12/238-254) ومسلم (3/109-117) عن طرق متعددة عن جماعة من الصحابة منهم علي بن أبي طالب، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله – رضي الله عنهم.

6-

ص118 ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً: "كانت قريش ومن دان بدينهم.. "

تخريج الحديث

هو من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان قريش دانٍ دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحُمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفة، فلما جاء الإسلام أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أني يأتي عرفات فيقف بها، ثم يفيض منها، فذلك قوله عز وجل "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس".

أخرجه البخاري (8/150) ومسلم (4/43) والبيهقي (5/113) وغيرهم.

7-

118، ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً: (وفي الحديث أنه عليه السلام كان على دين قومه".

تخريج الحديث

لم أجده بهذا اللفظ في شيء مما لدي من المراجع، وإنما أورده ابن الأثير في "النهاية" مادة "دين" دون عزو أو تخريج كما هي عادته في هذا الكتاب -.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(ج1 ق1 ص126) بسند صحيح عن السدي في قوله تعالى (ووجدك ضالاً فهدى) قال: "كان على أمر قومه أربعين عاماً" وهذا إسناد ضعيف معضل، فإن بين السدي وبينه صلى الله عليه وسلم آماداً طويلة، ثم هو منكر واضح النكارة، ولا يحتاج الأمر للإطالة، واقرب ما قيل في تفسير الآية المذكورة أنها كقوله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان، ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا

) – الآية.

ص: 83

8-

ص119، ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً: في الحديث عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا السلاطين، فإن كان لابد فقولوا: اللهم دنهم كما يدينون".

تخريج الحديث

لم أجده إلا في (النهاية في غريب الحديث) لابن الأثير، وقد أورده من حديث ابن عمرو، وأما حديث ابن عمر فقد أورده الشيخ إسماعيل العجلوني في (كشف الخفاء) 1/456، بلفظ آخر وليس فيه موضع الشاهد منه، والله أعلم.

ص: 84