المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التوسل بذوات الأموات والأحياء فهي غير مشروعة - أهمية صلاة الاستسقاء في الإسلام والاستغاثة المشروعة

[عزيزو محمد المغربي]

الفصل: ‌ التوسل بذوات الأموات والأحياء فهي غير مشروعة

كنا نتوسل بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيُسقوْن". رواه البخاري.

قلت: قوله: "اللهم إنا كنا نستسقي بنبينا فتسقنا": أي بدعاء نبينا وهو صلى الله عليه وسلم حي يتلقى الوحي وبدليل أنه كان يدعو الله ويتضرع إليه وهو الذي شرع لنا الدعاء ولو شرع لنا غيره لما وسعنا إلاّ اتباعه لأنه أعطانا قاعدة جليلة وميزاناً منصفاً: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها.

وقوله: "وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" والعباس يومئذ حي يُرزق وقام وتوضأ ودعا. ثم في الحديث محذوف فُهِم من السياق (ودعاء نبينا، ودعاء عم نبينا) . واعلم أخي المتطلع إلى طريق الحق أن التوسل يكون بالأعمال الصالحة المشروعة وبالدعاء. وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الناصح الأمين، إيضاح ذلك في حديث الثلاثة نفر الذين آواهم المبيت إلى غار في الجبل فانحدرت صخرة من أعلى الجبل فسدت عليهم الغار إلى آخر الحديث1.

وأما الوسيلة التي يدافع عنها بعضهم ويعادي فيها _ حتى في موسم الحج وقد جاء لمغفرة الذنوب وتصحيح العقيدة في مهبط الوحي ومهد أنصار السلفية _ وهي‌

‌ التوسل بذوات الأموات والأحياء فهي غير مشروعة

من هنا نعلم أنها باطلة لا تجدي نفعاً.

وأما المشروعة هي أن تقول: اللهم إني أتوسل إليك وأتقرب إليك بإيماني بنبيك، وأنت مؤمن به، أو تقول: بمحبتي لنبيك وأنت تحبه، بأتباعي لنبيك وأنت صادق تتبعه.

1 أنظر صحيح البخاري في باب البيوع رقم 98 وانظر الفتح الجزء السادس ص367.

ص: 136

وفي الحديث1 الذي رواه المقدسي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به".

وفقني الله والمسلمين لمعرفة الحق واتباعه.

وختاماً أخي المؤمن، إن وجدت قوماً قد ساقوا إبلاً أو أبقاراً أوخرفاناً أو غيرها إلى قبر أو حجر لذبحها عنده، زعماً منهم أنهم بذلك يرضون الله ويعملون عملاًصالحاً، فانصحهم وبيّن لهم عدم مشروعية ما يصنعون، وامنعهم وردهم على أعقابهم إن استطعت إلى ذلك سبيلاً. وإياك أن تشاركهم أو تحضر معهم تكثيراً لسوادهم فإن ذلك من شهادة الزور. وعباد الرحمن _كما تعلم عن ربك في كتابه القرآن الكريم _لا يشهدون الزور.

واعلم أن الله تعالى إن أنزل الغيث في تلك الساعة أو بعدها فإنما يريد أن يبتلي إيمانهم ويُمحص قلوبهم، وليس إنزاله المطر استجابة لما قدموا من عمل الجاهلية، أو يريد أن يزيدهم ضلالاً على ضلالهم لتعلقهم بأصحاب القبور وغيرهم ولصرفهم العبادة إلى غيره، إن عَلم سبحانه وتعالى في قلوبهم إعراضاً عن توحيده وإخلاص العبادة له وحده، وإقبالاً على غيره خوفاً وطمعاً ورهبة ورجاء، فتزهق أواحهم وهم كافرون. فنعوذ بالله من الشرك بأنواعه. وربك لا يظلم أحداً، {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ} من سورة الأنفال.

الله أسأل أن يصلح أحوال المسلمين ويوفقهم للعمل بالكتاب والسنة؛ فهما النجاة

1 رواه الإمام المقدسي في كتاب الحجة على تارك المحجة بإسناد صحيح حسب ما ذكره النووي.

ص: 137