المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) رسالة في تفسير سورة الفاتحة - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - مقدمة ٧

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌(2) رسالة في تفسير سورة الفاتحة

قصة صلح الحديبية من قول سهيل بن عمرو: "وأما الرحمن فوالله ما أدري ما هي"، ورجَّح أنَّ سهيلًا لم ينكر كلمة "الرحمن"، وإنما أنكر تصديرَ الكتب بالبسملة بدلًا من "باسمك اللهم".

وفي الفصل الثاني بيَّن المقصود من اختصاص اسم "الرحمن" بالله تبارك وتعالى.

والفصل الثالث في تفسير أهل اللغة وأصحاب الكلام لكلمة "الرحمة"، وتأويلهم إياها إذا جاءت صفةً لله عز وجل.

وفي الفصل الأخير ناقش ما احتج به الذين لا يرون البسملة آية من سورة الفاتحة، من جهة النظم فقط.

ولما كانت هذه الفصول الممتعة لم يتطرق الكلام إلى معناها في المبيضة ألحقناها بها في آخرها.

(2) رسالة في تفسير سورة الفاتحة

أصل هذه الرسالة بخط المصنف رحمه الله، محفوظ في مكتبة الحرم المكي الشريف بعنوان "رسالة في المواريث"، ورقمها 4701. والمصورة الرقمية التي بين أيدينا تشتمل على 77 لوحة، واللوحات (52 ــ 65) في تفسير آية البسملة وسورة الفاتحة، وبلفظ أصح: في تفسير سورة الفاتحة، وضمنها آية البسملة، فإن المؤلف رحمه الله لم يفصل بينهما ــ كما سبق ــ ولا وضع عنوانًا للرسالة.

واللوحات (2، 3، 4/أ، 6/أ) أيضًا جزء من هذه الرسالة، ويبدو أنه قد حصل اضطراب في ترتيب الأوراق عند التصوير.

ص: 11

وهي مسودة ناقصة. وقد بيَّض فيما بعد تفسير البسملة في رسالة مستقلة وتوسَّع في الكلام ورتَّبه على فصول. فاعتمدنا عليها في نشرها في الرسالة السابقة، وضممنا إليها الفصول الجديدة التي وجدناها في هذه المسودة للفائدة، كما سبق.

أما تفسير سورة الفاتحة بعد آية البسملة، فهو كامل من جهة، وناقص من جهة أخرى. أما كماله، فإنَّ المصنف رحمه الله فسَّر الآيات كلها، وتكلم على قراءاتها ومعانيها وإعرابها.

وأما نقصه، فإنه أحال فيه لبسط بعض الموضوعات على ما سمَّاه "الفرائد" فقال في موقع: "

حتى الفواحش التي يبغضها الله عز وجل ويعذِّب عليها، لولا أن الحكمة اقتضت أن تقع لَما وقعَتْ. وقد أوضحت هذا في (الفرائد) " (ص 10).

وفي موضع آخر لما فسَّر الصراط المستقيم قال: "وتمام الكلام على هذا يطول، فله موضع آخر، وعسى أن أبسطه في الفرائد إن شاء الله تعالى"(ص 39).

و"الفرائد" هذه لم أجد لها أثرًا في المخطوطة.

وهناك إحالات أخرى، كقوله في ذكر الحمد الحالي:"وقد قيل: إن هذا معنى قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]. وسيأتي تمام هذا إن شاء الله"(ص 4).

ومنها قوله بعد ما ختم كلامه على "رب العالمين" بأن التصرُّف الغيبِيَّ كلَّه بيد الله: "وسيأتي لهذا مزيد إن شاء الله تعالى"(ص 13/ 5).

ص: 12

ومنها قوله في مسألة الإضلال من الله: "وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك"(ص 48).

يظهر من أسلوب المؤلف في هذه الإحالات أنه سيأتي الكلام على

الموضوعات المذكورة في تفسير سورة الفاتحة نفسه، ولكن لم نجده في مخطوطة التفسير.

وثمة إحالات يشير فيها إلى رسائل أخرى له دون تسميتها، ولعله ينوي تأليفها. وقد يكون في نيته تفسير سور أخرى كاملة أو بعض آياتها ويريد أن يفصل القول هناك.

وذلك كقوله بعد تفسير معنى العبادة: "وقد ذُكر هنا ما تيسَّر، وإذا أذِن الله فسترى كثيرًا من ذلك في مواضعه"(ص 29).

وفي موضع آخر ذكر وجهين فيما أخبر الله تعالى عن المشركين بأنهم يعبدون الشيطان. فذكر الوجه الأول. وأما الوجه الثاني فقال فيه: "قد بينته في رسالة العبادة، ولعله يأتي في موضع آخر إن شاء الله تعالى"(ص 25).

وقال بعد تحقيق معنى العبادة: "وقد أقمت بحمد الله تبارك وتعالى البراهينَ على هذا التفصيل في رسالة العبادة. وإذا يسَّر الله تبارك وتعالى فسيأتيك كثير منه في مواضعه".

وقد أحال المصنف رحمه الله في هذا التفسير على "رسالة العبادة" له مرة بعد مرة. ويدل كلامه في موضع على أنه لما سوَّد تفسير الفاتحة هذا لم تكن رسالة العبادة قد بلغت مرحلة التمام. وذلك قوله بعد تفسير معنى

ص: 13

العبادة: "وقد استوعبت أكثر ذلك في رسالة العبادة، أسأل الله تعالى من فضله تيسيرَ إتمامها ونشرها"(ص 29).

والمؤلف رحمه الله يُعنَى دائمًا بتوضيح الغوامض وحلّ المعضلات وإزالة

الشبهات. وقد تجلَّت عنايته بذلك في تفسير البسملة كما رأينا، وفي تفسير سورة الفاتحة أيضًا. فالموضوعات التي تكلم عليها في هذه الرسالة بصورة خاصة أهمُّها:

- تفسير معنى الحمد. وقال: إنه يأتي في اللغة نفسيًّا وقوليًّا. والنفسي كقولك: جالست فلانًا فحمدته، وطعمت من عسلك فحمدتُه. وهو يفسَّر بالرضا والموافقة، وهو تقريب. والقوليُّ يفسَّر بالشكر والثناء. والنفسي والقولي مرتبطان، وهو يستلزم الحمد الفعلي والحمد الحالي.

- ولما قال ضمن تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} : "كلُّ حمدٍ يقع في العالمين فهو سبحانه المستحقُّ له" ذكر إشكالين على ذلك: الأول أنه إذا كان لا يستحق شيئًا من الحمد إلا الله عز وجل لزم أن يكون ثناء الله على بعض الخلق باطلًا. وأجاب عنه بجوابين. والإشكال الثاني: أن نفي استحقاق المخلوق للحمد الذاتي البتة إنما يتخرج على قول المجبرة. ثم زاد إشكالًا ثالثًا: أنه إذا كان كلُّ شيءٍ محمودٍ إنما يستحق الحمد عليه استحقاقًا ذاتيًّا اللهُ عز وجل، فمن أين يقع الذمُّ؟ وأجاب عن الإشكالين.

- ذكر المصنف أن في قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ردًّا على المشركين الذين يزعمون أن لمعبوداتهم تدبيرًا غيبيًّا فوضه الله تعالى إليها.

ص: 14

ثم تكلم على أنواع التصرف الغيبي التي تقع في الكون. وقد فسّر كلمة "الرب" بمعنى الملك المدبِّر التدبيرَ التامَّ.

- وذكر من فوائد صفة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} : تقرير استحقاق الرب عز

وجل للحمد واختصاصه به، وتقرير ربوبيته، وتقرير رحمته، وتقرير توحيده. وأحال لتمام الكلام على النقطة الأخيرة، على رسالة العبادة له.

- وكتب فصلًا نفيسًا بالغ الأهمية في تفسير كلمة العبادة. نقل فيه أولًا أقوال العلماء في تفسير العبادة، ثم أورد عليها إيراداته. وذكر من تعريفاتهم أن العبادة: التأليه، فمن اتخذ شيئًا إلهًا فقد عبَده. قال: وهذه أقرب عباراتهم، ولكن كلمة "إله" غير مكشوفة المعنى. وأقرب العبارات وأشهرها في تفسيرها أنه: المعبود أو المعبود بحق. ثم نقل كلامًا لبعض المشاهير من معاصريه ــ ولم يسمِّه، والظاهر أنه محمد رشيد رضا صاحب المنار ــ وأورد عليه عدة إيرادات. ثم ذكر أنه اعتنى بهذه المسألة وجمع فيها "رسالة العبادة".

ثم أورد تعريفه للعبادة، الذي توصل إليه بعد النظر في النصوص القرآنية ومقابلة بعضها ببعض، والنظر في أحوال المشركين من الأمم المختلفة، وغير ذلك. وهو أن العبادة: خضوع يُطلَب به نفعٌ غيبيٌّ. والمراد بالخضوع: ما يشمل الطاعة والتعظيم، وبالنفع الغيبي: ما هو وراء الأسباب العادية. ثم إن كان ذلك الخضوع مأذونًا فيه من الله تعالى بسلطان بيِّن وبرهان واضح، فلا يكون إلا عبادةً له سبحانه، سواء كان في الصورة له أم لغيره.

ص: 15

وبعد شرح هذا التعريف ذكر ستة أمور يجب استحضارها، أولها: أن هذا المعنى كان بيِّنًا في الجملة عند العرب الذين خوطبوا بالقرآن، إلا أن هناك دقائق قد كان يخفى على كثير منهم أنها عبادة وتأليه. وآخرها: أن العقل يستبعد بل يكاد يُحيل أن يكون هذا الأمر الذي هو أسُّ الإسلام وجوهره غفل عنه أكثر العلماء، إن لم نقل كلهم

حتى آل إلى ما نراه من الخفاء.

فصارت تفسيراتهم للإله والعبادة على ما شهدت، وصار الكلام في التفاسير وشروح الحديث وكتب الفقه على ما يعرفه من طالعها. ثم بيَّن السبب الذي أدَّى إلى تلك الغفلة.

- في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قرَّر أن الجملتين إنشائيتان. وذكر استشكال كثير من الناس ما اقتضته الآية من نفي الاستعانة بغير الله عز وجل، مع أنَّ مصالح الدنيا وكثيرًا من مصالح الدين لا تقوم إلا بتعاون الناس. وأجاب عنه بأن هذا مبني على أن الجملة خبرية، وليس الأمر كذلك، وإنما هي إنشائية لطلب المعونة، والطلب يُوجَد بنفس الجملة.

- فسَّر هداية الطريق بالإرشاد إليه. قال: ولكنها تكون على أوجه. وذكر خمسة أوجه.

- وبعد ما فسَّر قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} الآية وذكر ما فيها من الهداية والتنبيه، كتب "مسألة"، وتكلم على صفة الغضب من الله جلَّ ذكرُه.

وبهذه المسألة انتهت المسوَّدة.

ص: 16