الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ هَوَاتِفِ الْجِنِّ
73 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، أَخُو إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، فِيمَا أَعْلَمُ قَالَ: " لَمَّا أُذِنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِجْرَةِ فَخَرَجَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْغَارِ لَمْ تَدْرِ قُرَيْشٌ بِمَخْرَجِهِ حَتَّى سَمِعُوا مُتَكَلِّمًا يُنْشِدُ أَبْيَاتًا وَهُوَ لَا يُرَى فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى صَوْتِهِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ حَتَّى جَاءَ أَسْفَلَهَا يَقُولُ:
[البحر الطويل]
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ
…
رَفِيقَيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلَا بِالْبِرِّ وَارْتَحَلَا بِهِ
…
فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ
…
وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ
74 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى الْعُكْلِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَبَّارٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُصَبِّحٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: خَرَجَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ مِنْ حَائِطٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ قُرَّانُ
⦗ص: 72⦘
يُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَسْحَاءِ الْتَفَّتْ عَلَيْهِ عَجَاجَتَانِ ثُمَّ انْجَلَتَا عَنْ حَيَّةِ لَيِّنِ الْجَوَارِنِ يَعْنِي الْجِلْدَ فَنَزَلَ فَفَحَصَ لَهُ بِسِيَةِ قَوْسِهِ ثُمَّ وَارَاهُ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ:
[البحر البسيط]
يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَهُ
…
أَرْبِعْ عَلَيْكَ سَلَامُ الْوَاحِدِ الصَّمَدِ
وَارَيْتَ عَمْرًا وَقَدْ أَلْقَى كَلَاكِلَهُ
…
دُونَ الْعَشِيرَةِ كَالضِّرْغَامَةِ الْأَسَدِ
وَأَشْجَعٌ خَادِرٌ فِي الْخِيسِ مَنْزِلُهُ
…
وَفِي الْحَيَاءِ مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي الْخُرُدِ
فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «ذَاكَ عَمْرُو بْنُ الْحِرْمَازِ وَافِدُ نَصِيبِينَ لَقِيَهُ مِحْصَنُ بْنُ جَوْشَنٍ النَّصْرَانِيُّ فَقَتَلَهُ أَمَا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُهَا يَعْنِي نَصِيبِينَ فَرَفَعَهَا إِلَيَّ جِبْرِيلُ عليه السلام فَسَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل أَنْ يَعْذُبَ نَهْرُهَا وَيَطِيبَ وَيَكْثُرَ ثَمَرُهَا»
75 -
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عِيسَى بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «سَمِعَتْ قُرَيْشٌ صَائِحًا يَصِيحُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ:
[البحر الطويل]
فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ
…
بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ مُخَالِفِ
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَشْرَافُ قُرَيْشٍ: مَنِ السُّعُودُ؟ سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ زَيْدِ مَنَاةَ، وَسَعْدُ بْنُ قُضَاعَةَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ سَمِعُوا صَوْتَهُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ:
أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا
…
وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجَيْنِ الْغَطَارِفِ
أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا
…
عَلَى اللَّهِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ
فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى
…
جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ
قَالَ: فَقَالُوا: هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ»
76 -
وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي عَبْسٍ، قَالَ:
⦗ص: 74⦘
سُمِعَ بِالْمَدِينَةِ، فِي بَعْضِ اللَّيْلِ هَاتِفٌ يَقُولُ:
خَيْرُ كَهْلَيْنِ فِي بَنِي الْخَزْرَجِ الْغُـ
…
ـرِّ بَشِيرٌ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَهْ
الْمُجِيبَانِ إِذَا دَعَا أَحْمَدُ الْخَيْـ
…
ـرِ فَنَالَتْهُمَا هُنَاكَ السَّعَادَهْ
ثُمَّ عَاشَا مُهَذَّبَيْنِ جَمِيعًا
…
ثُمَّ لَقَّاهُمَا الْمَلِيكُ الشَّهَادَهْ
77 -
حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ اللَّيْثِ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: " لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَتَفَ الْجِنُّ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَعَلَى الْجَبَلِ الَّذِي بِالْحَجُونِ الَّذِي بِأَصْلِهِ الْمَقْبَرَةُ وَكَانَتْ تَئِدُ فِيهِ قُرَيْشٌ بَنَاتِهَا، فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ:
فَأُقْسِمُ لَا أُنْثَى مِنَ النَّاسِ أَنْجَبَتْ
…
وَلَا وَلَدَتْ أُنْثَى مِنَ النَّاسِ وَاحِدهْ
كَمَا وَلَدَتْ زُهْرِيَّةٌ ذَاتُ مَفْخَرٍ
…
مُجَنَّبَةٌ لُؤْمَ الْقَبَائِلِ مَاجِدَهْ
فَقَدْ وَلَدَتْ خَيْرَ الْقَبَائِلِ أَحْمَدَا
…
فَأَكْرِمْ بِمَوْلُودٍ وَأَكْرِمْ بِوَالِدِهْ
وَقَالَ الَّذِي عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ:
يَا سَاكِنِي الْبَطْحَاءِ لَا تَغْلَطُوا
…
وَمَيِّزُوا الْأَمْرَ بِعَقْلٍ مَضِي
إِنَّ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ سِرِّكُمْ
…
فِي غَابِرِ الدَّهْرِ وَعِنْدَ الْبَدِي
وَاحِدَةٌ مِنْكُمْ فَهَاتُوا لَنَا
…
فِيمَنْ مَضَى فِي النَّاسِ أَوْ مَنْ بَقِي
⦗ص: 75⦘
وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِكُمْ مِثْلَهَا
…
جَنِينُهَا مِثْلُ النَّبِيِّ التَّقِي
78 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسِ، حَدَّثَنَا قَيْسُ، حَدَّثَنَا نُعْمَانُ بْنُ سَهْلٍ الْحَرَّانِيِّ، قَالَ: «بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا إِلَى الْبَادِيَةِ فَرَأَى ظَبْيَةً مَصْرُورَةً فَطَارَدَهَا حَتَّى أَخَذَهَا فَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
يَا صَاحِبِ الْكِنَانَةِ الْمَكْسُورَهْ
خَلِّ سَبِيلَ الظَّبْيَةِ الْمَصْرُورَهْ
فَإِنَّهَا لِصِبْيَةٍ مَضْرُورَهْ
غَابَ أَبُوهُمْ غِيبَةً مَذْكُورَهْ
فِي كُورَةٍ لَا بُورِكَتْ مِنْ كُورَهْ»
79 -
وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خُوطٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الظِّبَاءَ مَاشِيَةُ الْجِنِّ فَأَقْبَلَ غُلَامٌ وَمَعَهُ قَوْسٌ وَنَبْلٌ فَاسْتَتَرَ بَأَرْطَاةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ قَطِيعٌ مِنَ الظِّبَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْمِيَ بَعْضَهُ فَهَتَفَ هَاتِفٌ لَا يُرَى:
[البحر الرجز]
⦗ص: 76⦘
إِنَّ غُلَامًا ثَقِفَ الْيَدَيْنِ
…
يَسْعَى بِكِبْدٍ أَوْ بِلَهْذَمَيْنِ
مُتَّخِذَ الْأَرْطَاةَ جُنَّتَيْنِ
…
لِيَقْتُلَ التَّيْسَ مَعَ الْعَنْزَيْنِ
فَلَمَّا سَمِعَتِ الظِّبَاءُ ذَلِكَ تَفَرَّقَتْ»
80 -
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " قُتِلَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبَى طَالِبٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَسَمِعُوا نَائِحَةً وَهِيَ تَقُولُ:
أَلَا فَاسْأَلُوا الْعَمْرَيْنِ عَنْ صَاحِبِ الْجَمَلْ
…
فَتًى غَيْرُ مِسْهَامٍ وَلَا خَائِفٍ نَكِلْ
يَكُرُّ الرِّكَابَ فِي الْمَكَارِهِ كُلِّهَا
…
وَيَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ مُنْقَطِعُ الْأَمَلْ
81 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَمِّي خَلِيفَةُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ يَحْسُنَ الْمَجْلِسُ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهُ إِنَّا لَوُقُوفٌ بِالْمُحَصَّبِ إِذْ أَقْبَلَ رَاكِبٌ حَتَّى إِذَا كَانَ قَدْرَ مَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ قَالَ:
[البحر الطويل]
أَبَعْدَ قَتِيلٍ بِالْمَدِينَةِ أَشْرَقَتْ
…
لَهُ الْأَرْضُ وَاهْتَزَّ الْعِضَاةُ بِأَسْوُقِ
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ إِمَامٍ وَبَارَكَتْ
…
يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكِ الْأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا
…
بَوَائِجَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
وَكُنْتَ نَشَرْتَ الْعَدْلَ بِالْبِرِّ وَالتُّقَى
…
وَحُكْمُ صَلِيبِ الدِّينِ غَيْرُ مُزَوَّقِ
⦗ص: 77⦘
فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ
…
لَيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالْأَمْسِ يُسْبَقِ
أَمِينُ النَّبِيِّ حِبُّهُ وَصَفِيُّهُ
…
كَسَاهُ الْمَلِيكُ جُبَّةً لَمْ تَمَزَّقِ
مِنَ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى
…
وَبَابُكَ عَنْ كُلِّ الْفَوَاحِشِ مُغْلَقُ
تَرَى الْفُقَرَاءَ حَوْلَهُ فِي مَفَازَةٍ
…
شِبَاعًا رُوَاءً لَيْلُهُمْ لَمْ يُؤَرَّقِ
قَالَتْ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ نَرَ شَيْئًا فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا مُزَرِّدٌ ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْخَبِيثُ فَقَتَلَهُ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمُسَجًّى بَيْنَنَا إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ لَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ يَجِيءُ:
[البحر الطويل]
لِيَبْكِ عَلَى الْإِسْلَامِ مَنْ كَانَ بَاكِيًا
…
فَقَدْ أَوْشَكُوا هَلْكَى وَمَا قَدُمَ الْعَهْدُ
وَأَدْبَرْتِ الدُّنْيَا وَأَدْبَرَ خَيْرُهَا
…
وَقَدْ مَلَّهَا مَنْ كَانَ يُوقِنُ بِالْوَعْدِ
فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ لَقِيَ مِزَرَّدًا فَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ الْأَبْيَاتِ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا قُلْتَهُنَّ قَالَ: فَيَرَوْنَ أَنَّ بَعْضَ الْجِنِّ رَثَاهُ»
82 -
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنِ الْأَعْشَى بْنِ النَّبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيِّ، حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ قَالَ: «خَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ نُرِيدُ الشَّامَ فَنَزَلْنَا بِوَادٍ يُقَالُ
⦗ص: 78⦘
لَهُ وَادِي غَوْلٍ فَعَرَّسْنَا بِهِ فَاسْتَيْقَظْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَإِذَا بِقَائِلٍ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
أَلَا هَلَكَ النَّسَّاكُ غَيْثُ بَنِي فِهْرِ
…
وَذُو الْبَاعِ وَالْمَجْدِ التَّلِيدِ وَذُو الْفَخْرِ
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ لَأُجِيبَنَّهُ فَقُلْتُ:
[البحر الطويل]
أَلَا أَيُّهَا النَّاعِي أَخَا الْجُودِ وَالْفَخْرِ
…
مَنِ الْمَرْءُ تَنْعَاهُ لَنَا مِنْ بَنِي فِهْرِ
فَقَالَ:
نَعَيْتُ ابْنَ جُدْعَانَ بْنَ عَمْرٍو أَخَا النَّدَى
…
وَذَا الْحَسَبِ الْقُدْمُوسِ وَالْمَنْصِبِ الْقَهْرِ
فَقُلْتُ:
لَعَمْرِي لَقَدْ نُوَّهْتَ بِالسَّيِّدِ الَّذِي
…
لَهُ الْفَضْلُ مَعْرُوفًا عَلَى وَلَدِ النَّضْرِ
فَقَالَ:
مَرَرْتُ بِنِسْوَانٍ يُخَمِّشْنَ أَوْجُهًا
…
صِيَاحًا عَلَيْهِ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْحِجْرِ
فَقُلْتُ:
مَتَى إِنَّمَا عَهْدِيَ بِهِ مُذْ عَرُوبَةٍ
…
وَتِسْعَةِ أَيَّامٍ لِغُرَّةِ ذَا الشَّهْرِ
فَقَالَ:
ثَوَى مُنْذُ أَيَّامٍ ثَلَاثٍ كَوَامِلٍ
…
مَعَ اللَّيْلِ أَوِ فِي اللَّيْلِ أَوْ وَضَحِ الْفَجْرِ
فَاسْتَيْقَظَتِ الرُّفْقَةُ فَقَالُوا: مَنْ تُخَاطِبُ؟ فَقُلْتُ: هَذَا هَاتِفٌ يَنْعِي ابْنَ جُدْعَانَ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ بَقِيَ أَحَدٌ بِشَرَفٍ أَوْ
⦗ص: 79⦘
عِزٍّ أَوْ كَثْرَةِ مَالٍ لَبَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ فَقَالَ ذَلِكَ الْهَاتِفُ:
أَرَى الْأَيَّامَ لَا تُبْقِي عَزِيزًا
…
لِعِزَّتِهِ وَلَا تُبْقِي ذَلِيلًا
قَالَ: فَقُلْتُ:
وَلَا تُبْقِي مِنَ الثَّقَلَيْنِ شَغْرًا
…
وَلَا تُبْقِي الْحُزُونَ وَلَا السُّهُولَا
قَالَ: فَنَظَرْنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَرَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدْنَاهُ مَاتَ كَمَا قَالَ لَنَا»
83 -
حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَهْلُ الْحَرَّةِ هَتَفَ هَاتِفٌ بِمَكَّةَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ مَسَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ جَالِسٌ فِي الْحِجْرِ يَسْمَعُ ذَلِكَ:
قُتِلَ الْخِيَارُ بَنُو الْخِيَا
…
رِ ذَوُو الْمَهَابَةِ وَالسَّمَاحِ
الصَّائِمُونَ الْقَائِمُو
…
نَ الْقَانِتُونَ أُولُو الصَّلَاحِ
الْمُهْتَدُونَ الْمُتَّقُو
…
نَ السَّابِقُونَ إِلَى الْفَلَاحِ
مَاذَا بِوَاقَمَ وَالْبَقِيـ
…
ـعِ مِنَ الْجَحَاجِحَةِ الصِّبَاحِ
وَبِقَاعُ يَثْرِبَ وَيْحَهُـ
…
ـنَّ مِنَ النَّوَائِحِ وَالصِّيَاحِ
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، لِأَصْحَابِهِ:«يَا هَؤُلَاءِ قَدْ قُتِلَ أَصْحَابُكُمْ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»
84 -
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى بَابِ دَارٍ خَرِبٍ فَنَظَرَ فَإِذَا فِيهِ
[البحر البسيط]
لَنْ يَرْحَلَ الْمَيْتُ عَنْ دَارٍ يَحِلُّ بِهَا
…
حَتَّى يُرَحَّلَ عَنْهَا صَاحِبُ الدَّارِ
قَالَ: فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ:
[البحر البسيط]
الْمَوْتُ كَأْسٌ وَكُلُّ النَّاسِ شَارِبُهُ
…
شُرْبًا حَثِيثًا لَهُ وِرْدٌ وَإِصْدَارُ
لَا تَرْكَنَنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا
…
كُلٌّ يَزُولُ فَإِنَّ الْمَوْتَ مِقْدَار
ُ
85 -
وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى بَابِ قَصْرٍ خَرِبٍ عَادٍ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ
[البحر المتقارب]
أَتَى الدَّهْرُ مِنَّا عَلَى مُطْعِمٍ. . . . . .
وَكُنَّا مِنَ الدَّهْرِ فِي مَوْعِدٍ
…
فَأَجْلَى لَنَا الدَّهْرُ عَمَّا زَعَمَ
وَإِذَا هَاتِفٌ يَقُولُ:
[البحر المتقارب]
يُشِيبُ الصَّغِيرَ وَيُفْنِي الْكَبِيرَ
…
وَيُبْلِي الشَّبَابَ وَيُفْنِي الْهَرِمْ
فَيَوْمٌ رَجَاءٌ وَيَوْمٌ بَلَاءٌ
…
وَيَوْمٌ يَسَارٌ وَيَوْمٌ عَدَمْ
86 -
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَ النَّخَعِ، يَذْكُرُونَ قَالُوا: لَمَّا أُصِيبَ النَّخَعُ بِالْقَادِسِيَّةِ سَمِعُوا نُوَاحَ الْجِنِّ فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْيَمَنِ وَهُمْ يَقُولُونَ:
[البحر الطويل]
أَلَا فَاسْلَمِي يَا عِكْرِمُ ابْنَةَ خَالِدٍ
…
وَمَا خَيْرُ زَادٍ بِالْقَلِيلِ الْمُصَرَّدِ
⦗ص: 81⦘
فَحَيَّتْكِ عَنِّي الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا
…
وَحَيَّاكِ عَنِّي كُلُّ رَكْبٍ مُفَرِّدِ
وَحَيَّتْكِ عَنِّي عَصَبَةٌ نَخَعِيَّةٌ
…
حِسَانُ الْوجُوهِ آمَنُوا بِمُحَمَّدِ
أَقَامُوا لِكِسْرَى يَضْرِبُونَ جُنُودَهُ
…
بِكُلِّ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ
إِذَا ثَوَّبَ الدَّاعِي أَقَامُوا بِكَلْكَلٍ
…
مِنَ الْمَوْتِ مُغْبَرِّ الْقَسَاطِلِ أَسْوَدِ
قَالَ: فَجَاءَهُمْ مَا أَصَابَ النَّخَعَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ مِنَ الْقَتْلِ "
87 -
وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، مَوْلَى النَّخَعِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ قَالَ: لَمَّا أَبْطَأَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَبَرُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَانُوا بِقُسِّ النَّاطِفِ اشْتَدَّ هَمُّهُ وَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ خَبَرِهِمْ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ فَحَدَّثَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا بِوَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ سَهْرُ سُمَارٍ فَسَمِعُوا نَائِحَةً يَحْسَبُونَ أَنَّهَا بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ وَسَمِعُوا نِسَاءً يَنُحْنَ وَيَقُلْنَ:
مُتْ عَلَى الْخَيْرَاتِ مِيتَةَ جَلْدٍ
…
وَإِذَا مَا صَبَرْتَ يَوْمَ اللِّقَاءِ
قَدَّسَ اللَّهُ مَعْرَكًا شَهِدُوهُ
…
وَالْمَلَاءُ الْأَبْرَارُ خَيْرُ مَلَاءِ
مَعْرَكًا فِيهِ ظَلَّتِ الْجِنُّ تَبْكِي
…
مَبْسِمَاتِ الْأَبْكَارِ بِيضُ الْمُلَاءِ
⦗ص: 82⦘
كَمْ كَرِيمٍ مُجَدَّلٍ غَادَرُوهُ
…
مُؤْمِنِ الْقَلْبِ مُسْتَجَابَ الدُّعَاءِ
يَقْطَعُ اللَّيْلَ لَا يَنَامُ صَلَاةً
…
وَجُؤَارًا يَمُدُّهُ بِبُكَاءِ
ثُمَّ يَقُلْنَ: يَا أَبَا عُبَيْدَاهْ يَا سَلِيطَاهُ، قَالَ الطَّائِفِيُّ: فَجَعَلْنَا نَتْبَعُ الصَّوْتَ وَنَسْمَعُ الْأَبْيَاتَ وَمَا يَقُلْنَ بَعْدَهَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي الْبُعْدِ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ فَقَدِمَ الطَّائِفِيُّ عَلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ فَكَتَبَ عُمَرُ الْيَوْمَ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ فَوَجَدُوا أَبَا عُبَيْدٍ وَأَصْحَابَهُ قُتِلُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَلِيطُ بْنُ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ كَانَ عَلَى النَّاسِ هُوَ وَأَبُو عُبَيْدٍ "
88 -
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: " مَرَّ قَوْمٌ بِأَبْرَقِ الْعَزَّافِ فَسَمِعُوا هَاتِفًا يَقُولُ:
[البحر الطويل]
وَإِنَّ امْرَأً دُنْيَاهُ أَكْبَرُ هَمِّهِ
…
لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْهَا بِحَبْلٍ غَرُورِ
89 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ نَائِمًا فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: أَخْبِرِ النَّاسَ:
[البحر الكامل]
⦗ص: 83⦘
إِنَّ النُّفُوسَ رَهَائِنٌ بِكُسُوبِهَا
…
فَاعْمَلْ فَإِنَّ فِكَاكَهُنَّ الدَّأْبُ "
90 -
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ مَالِكٍ الْغَسَّانِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ قَالَ: سَمِعَ رَجُلٌ فِي الْحَيِّ قَائِلًا يَقُولُ عَلَى سُوَرِ دِمَشْقَ:
[البحر الطويل]
أَلَا يَالَقَوْمِي لِلسَّفَاهَةِ وَالْوَهْنِ
…
وَلِلْعَاجِزِ الْمَوْهُونِ وَالرَّأْيِ ذِي الْأَفْنِ
وَلَابْنِ سَعِيدٍ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ
…
عَلَى قَدَمَيْهِ خَرَّ لِلْوَجْهِ وَالْبَطْنِ
رَأَى الْحِصْنَ مَنْجَاةً مِنَ الْمَوْتِ فَالْتَجَا
…
إِلَيْهِ فَزَارَتْهُ الْمَنِيَّةُ فِي الْحِصْنِ
فَأَتَى عَبْدَ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ سَمِعَهَا مِنْكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ضَعْهَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ ثُمَّ طَلَبَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ "
91 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «إِنِّي لَأَسِيرُ بِتُسْتَرَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِهَا زَمَنَ فُتِحَتْ إِذْ قُلْتُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ: فَسَمِعَنِي هَرْبَذٌ مِنْ
⦗ص: 84⦘
أُولَئِكَ الْهَرَابِذَةِ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ أَحَدٍ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا أَفِدُ عَلَى الْمُلُوكِ أَفِدُ عَلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ فَوَفَدْتُ عَامًا كِسْرَى فَخَلَفَنِي فِي أَهْلِي شَيْطَانٌ تَصَوَّرَ عَلَى صُورَتِي فَلَمَّا قَدِمْتُ لَمْ يَهَشَّ إِلَيَّ أَهْلِي كَمَا يَهَشُّ أَهْلُ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبِهِمْ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقَالُوا: إِنَّكَ لَمْ تَغِبْ قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَظَهَرَ لِي فَقَالَ: اخْتَرْ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنْهَا يَوْمٌ وَلِي يَوْمٌ وَإِلَّا أَهْلَكْتُكَ فَاخْتَرْتُ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمٌ وَلِي يَوْمٌ قَالَ فَأَتَانِي يَوْمًا فَقَالَ: إِنَّهُ مِمَّنْ يَسْتَرِقُ السَّمْعَ وَإِنَّ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ بَيْنَنَا نُوَبٌ وَإِنَّ نَوْبَتِي اللَّيْلَةَ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَجِيءَ مَعَنَا قُلْتُ: نَعَمْ فَلَمَّا أَمْسَى أَتَانِي فَحَمَلَنِي عَلَى ظَهْرِهِ فَإِذَا لَهُ مَعْرَفَةٌ كَمَعْرَفَةِ الْخِنْزِيرِ فَقَالَ لِي: اسْتَمْسِكْ فَإِنَّكَ تَرَى أُمُورًا وَأَهْوَالًا فَلَا تُفَارِقْنِي فَتَهْلِكَ قَالَ: ثُمَّ عَرَجُوا حَتَّى لَصِقُوا بِالسَّمَاءِ قَالَ: فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَا يَكُونُ، قَالَ: فَلُبِجَ بِهِمْ فَوَقَعُوا مِنْ وَرَاءِ الْغَمَرَاتِ فِي غِيَاضٍ وَشَجَرٍ قَالَ: وَحَفِظْتُ الْكَلِمَاتِ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ أَهْلِي فَكَانَ إِذَا
⦗ص: 85⦘
جَاءَ قُلْتُهُنَّ فَيَضْطَرِبُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ كُوَّةِ الْبَيْتِ فَلَمْ أَزَلْ أَقُولُهُنَّ حَتَّى انْقَطَعَ»
92 -
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرٍ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيُّ، قَالَ: «كَانَ عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ وَأَصْحَابٌ لَهُ فِي سَفَرٍ فَمَرُّوا بِحَيَّةٍ وَهِيَ تَتَقَلَّبُ فِي الرَّمْضَاءِ فَهَمَّ بَعْضُهُمْ بِقَتْلِهَا فَقَالَ عَبِيدٌ: هِيَ إِلَى مَنْ يَصُبُّ عَلَيْهَا نُقَطَةً مِنَ الْمَاءِ أَحْوَجُ قَالَ: فَنَزَلَ فَصَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُمْ مَضَوْا فَأَصَابَهُمْ ضَلَالٌ شَدِيدٌ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُمُ الطَّرِيقُ قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِهِمْ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ الْمُضِلُّ مَذْهَبُهْ
…
دُونَكَ هَذَا الْبِكْرَ مِنَّا فَارْكَبُهْ
حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ تَوَلَّى مَغْرِبُهْ
…
وَسَطَعَ الْفَجْرُ وَلَاحَ كَوْكَبُهْ
فَخَلِّ عَنْهُ رَحْلَهُ وَسَيِّبُهْ
قَالَ: فَسَارَ بِهِ اللَّيْلَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مَسِيرَةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهِنَّ فَقَالَ عَبِيدٌ:
[البحر البسيط]
يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ قَدْ أُنْجِيتَ مِنْ غَمَرٍ
…
وَمِنْ فَيَافٍ تُضِلُّ الرَّاكِبَ الْهَادِي
هَلَّا تُخَبِّرُنَا بِالْحَقِّ نَعْرِفُهُ
…
مَنِ الَّذِي جَادَ بِالنَّعْمَاءِ فِي الْوَادِي؟
فَقَالَ:
[البحر البسيط]
أَنَا الشُّجَاعُ الَّذِي أَبْصَرْتَهُ رَمِضًا
…
فِي صَحْصَحٍ نَازِحٍ يَسْرِي بِهِ صَادِي
⦗ص: 86⦘
فَجُدْتَ بِالْمَاءِ لَمَّا ضَنَّ شَارِبُهُ
…
رَوِيتَ مِنْهُ وَلَمْ تَبْخَلْ بِإِنْجَادِ
الْخَيْرُ يَبْقَى وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ
…
وَالشَّرُّ أَخْبَثُ مَا أَوْعَيْتَ مِنْ زَادِ»
93 -
حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: " أَخَّرَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ صَلَاةَ الْعَصْرِ بِمِنًى حَتَّى صَارَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ كَالْغَمَامِ فَسَمِعَ صَائِحًا مِنَ الْجِبَالِ: صَلِّ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ. صَلِّ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ
94 -
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِبْرِيقٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ يَوْمًا لِمَنْ حَضَرَ مِنْ جُلَسَائِهِ: اذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ الْجِنِّ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، خَرَجْتُ وَصَاحِبَانِ لِي نُرِيدُ الشَّامَ فَأَصَبْنَا ظَبْيَةً عَضْبَاءَ فَأَدْرَكَنَا رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِنَا وَكُنَّا أَرْبَعَةً فَقَالَ: خَلِّ سَبِيلَهَا فَقُلْتُ: لَا لَعَمْرُكَ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهَا قَالَ: فَوَاللَّهِ لَرُبَّمَا رَأَيْتُنَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَنَحْنُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ فَيَخْطَفُ بَعْضُنَا بَعْضًا فَأَذْهَلَنِي مَا كَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَزَلْنَا دَيْرًا يُقَالُ لَهُ دَيْرُ الْعِنِّينِ فَارْتَحَلْنَا وَهِيَ مَعَنَا فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ السِّرَاعُ الْأَرْبَعَهْ
…
خَلُّوا سَبِيلَ النَّافِرِ الْمُرَوَّعَهْ
⦗ص: 87⦘
مَهْلًا عَنِ الْعَضْبَا فَفِي الْأَرْضِ سَعَهْ
…
وَلَا أَقُولُ قَوْلَ كَذُوبٍ إِمَّعَهْ.
قَالَ: فَخَلَّيْنَا سَبِيلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَعُرِضَ لِأَزِمَّةِ رِكَابِنَا فَأُمِيلَ بِنَا إِلَى حَيٍّ عَظِيمٍ فَأُمِيلَ عَلَيْنَا طَعَامٌ وَشَرَابٌ ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الشَّامَ وَقَضَيْنَا حَوَائِجَنَا ثُمَّ رَجَعْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْمَكَانِ الَّذِي مِيلَ بِنَا إِلَيْهِ إِذَا أَرْضٌ قَفْرٌ لَيْسَ بِهَا سَفْرٌ فَأَيْقَنْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا إِلَى الدَّيْرِ فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ:
إِيَّاكَ لَا تَعْجَلْ وَخُذْهَا عَنْ ثِقَهْ
…
أَسِيرُ سَيْرَ الْجِدِّ يَوْمَ الْحَقْحَقَهْ
قَدْ لَاحَ نَجْمٌ وَاسْتَوَى بِمَشْرِقِهْ
…
ذُو ذَنَبٍ كَالشُّعْلَةِ الْمُحَرَّقَهْ
يَخْرُجُ مِنْ ظَلْمَاءَ عُسْرٍ مُوبِقَهْ
…
إِنِّي امْرُؤٌ أَنْبَاؤُهُ مُصَدَّقَهْ
فَأَقْبَلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ، قَالَ رَجُلٌ: وَأَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي نُرِيدُ حَاجَةً لَنَا فَإِذَا شَخْصٌ رَاكِبٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَّا عَنْ مَزْجَرِ الْكَلْبِ هَتَفَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ:
يَا أَحْمَدُ يَا أَحْمَدْ
…
اللَّهُ أَعْلَى وَأَمْجَدْ
مُحَمَّدٌ أَتَانَا
…
بِمِلَّةٍ تُوَحِّدْ
يَدْعُو الْمَلَا لِخَيْرٍ
…
ثُمَّ إِلَيْهِ فَاعْمَدْ
⦗ص: 88⦘
فَرَاعَنَا ذَلِكَ فَأَجَابَهُ صَوْتٌ عَنْ يَسَارِهِ:
أَنْجَزَ مَا وَعَدَ مِنْ شَقِّ الْقَمَرْ اللَّهُ أَكْبَرُ النَّبِيُّ قَدْ ظَهَرْ. فَأَقْبَلْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا كُنْتُ عِنْدَ ذَبْحٍ لَهُمْ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ مِنْ جَوْفِهِ يَالَذُرَيْحٍ يَالَذُرَيْحٍ صَائِحٌ يَصِيحُ بِأَمْرٍ فَلِيحٍ وَرُشْدٍ نَجِيحٍ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَقْبَلْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ، وَقَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ: وَأَنَا أَضْلَلْتُ إِبِلًا لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِنَّ حَتَّى كُنْتُ بِأَبْرَقِ الْعَزَّافِ فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي ثُمَّ عَقَلْتُهَا ثُمَّ أَنْشَأْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي ثُمَّ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى جَمَلِي فَإِذَا هَاتِفٌ مِنَ اللَّيْلِ يَهْتِفُ وَيَقُولُ:
أَلَا فَعُذْ بِاللَّهِ ذِي الْجَلَالِ
…
ثُمَّ اقْرَأْ آيَاتٍ مِنَ الْأَنْفَالِ
وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلَا تُبَالِ
…
مَا هَوَّلُ الْجِنُّ مِنَ الْأَهْوَالِ
فَانْتَبَهْتُ فَزِعًا فَقُلْتُ:
[البحر الرجز]
يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُولُ
…
أَرُشْدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيلُ
فَأَجَابَنِي:
هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ذُو الْخَيْرَاتِ
…
بِيَثْرِبٍ يَدْعُو إِلَى النَّجَاةِ
⦗ص: 89⦘
وَيَزَعُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَاتِ
…
يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ وَبِالصَّلَاةِ
فَوَقَعَ قَوْلُهُ فِي قَلْبِي فَقُمْتُ إِلَى جَمَلِي فَحَلَلْتُ عِقَالَهُ ثُمَّ اسْتَوَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ:
فَأَرْشِدَنِّي رُشْدًا هُدِيتَا
…
لَا جُعْتَ مَا عِشْتَ وَلَا عَرِيتَا
بَيِّنْ لِيَ الرُّشْدَ الَّذِي أُوتِيتَا
فَأَجَابَنِي:
صَاحَبَكُ اللَّهُ وَسَلَّمَ نَفْسَكَا
…
وَعَظَّمَ الْأَجْرَ وَأَدِّ رَحْلَكَا
آمِنْ بِهِ أَفْلَحَ رَبِّي كَعْبَكَا
…
وَابْذَلْ لَهُ حَتَّى الْمَمَاتِ نَصْرَكَا
قَالَ: فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مَالِكُ بْنُ مَالِكٍ سَيِّدُ أَهْلِ نَجْدٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنْتُ بِهِ وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ وَأَرْسَلَنِي إِلَى جِنِّ نَجْدٍ أَدْعُوَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ عز وجل وَطَاعَتِهِ فَالْحَقْ بِهِمْ يَا خُرَيْمُ وَآمِنْ بِهِ فَأَمَّا إِبِلُكَ فَقَدْ كُفِيتَهَا حَتَّى تَأْتِيَكَ فِي أَهْلِكَ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَجِئْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَافَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقُلْتُ: أَنُيِخُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا صَلَّى دَخَلْتُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَلَمَّا أَنَخْتُ رَاحِلَتِي إِذَا أَبُو ذَرٍّ قَدْ خَرَجَ لِي فَقَالَ: يَا خُرَيْمُ مَرْحَبًا بِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَهُوَ يَقُولُ:» مَرْحَبًا قَدْ بَلَغَنِي إِسْلَامُكَ ادْخُلْ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ «فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ مَعَ النَّاسِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ:» قَدْ وَفَّى لَكَ صَاحِبُكَ وَقَدْ بَلَّغَ لَكَ الْإِبِلَ وَهِيَ
⦗ص: 90⦘
بِمَنْزِلِكَ "
95 -
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ طَلِيقٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ كَانَ أَجْرَأَ شَيْءٍ عَلَى اللَّيْلِ وَأَنَّهُ نَزَلَ بِأَرْضٍ مُجِنَّةٍ فَاسْتَوْحَشَ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَعَقَلَهَا وَتَوَسَّدَهَا وَقَالَ: أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ شَرِّ أَهْلِهِ فَأَجَارَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مُعَيْكِرٌ فَتًى مِنْهُمْ كَانَ أَبُوهُ سَيِّدَهُمْ، فَأَخَذَ حَرْبَةً
⦗ص: 91⦘
مَسْمُومَةً وَمَشَى بِهَا إِلَى النَّاقَةِ لِيَنْحَرَهَا فَلَقِيَهُ مُعَيْكِرٌ دُونَهُ فَقَالَ:
[البحر الطويل]
يَا مَالِكُ بْنُ مُهَلْهَلٍ لَا تَبْتَئِسْ
…
مَهْلًا فِدًى لَكَ مِحْجَرِي وَإِزَارِي
عَنْ نَاقَةِ الْإِنْسِيِّ لَا تَعْرِضْ لَهَا
…
وَاخْتَرْ إِذَا وَرَدَ الْمَهَا أَثْوَارِي
مَاذَا أَرَدْتَ إِلَى امْرِئٍ قَدْ أَجَرْتُهُ
…
وَجَعَلْتُهُ فِي ذِمَّتِي وَقَرَارِي
تَسْعَى إِلَيْهِ بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ
…
أُفٍّ لِقُرْبِكَ يَا أَبَا الْعَقَّارِ
فَأَجَابَهُ الْفَتَى:
[البحر الطويل]
أَأَرَدْتَ أَنْ تَعْلُوَ وَتَخْفِضَ ذِكْرَنَا
…
فِي غَيْرِ مَرْزَأَةٍ أَبَا الْعَيْزَارِ
مُتَنَحِّلًا شَرَفًا لِغَيْرِكَ ذِكْرُهُ
…
فَارْحَلْ فَإِنَّ الْمَجْدَ لِلْمُرَّارِ
مَنْ كَانَ مِنْكُمْ سَيِّدًا فِيمَا مَضَى
…
إِنَّ الْخِيَارَ هُمُ بَنُو الْأَخْيَارِ
فَاقْصِدْ لِقَصْدِكَ يَا مُعَيْكِرُ إِنَّمَا
…
كَانَ الْمُجِيرَ مُهَلْهَلُ بْنُ أَثَارِ
لَوْلَا الْحَيَاءُ وَأَنَّ أَهْلَكَ جِيرَةٌ
…
لَتُمَزِّقَنْكَ بِقُوَّةٍ أَظْفَارِي
فَقَالَ: دَعْهُ لَا أُنَازِعُ بِوَاحِدٍ بَعْدَهُ فَفَعَلَ وَقَدِمَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ:» إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ وَحْشَةٌ بِلَيْلٍ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ اللَّاتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ
⦗ص: 92⦘
الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6] أَيْ إِثْمًا
96 -
حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَنَسٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَنَّهُ «كَانَ فِي لِقَاحٍ لَهُ نِصْفَ النَّهَارِ إِذْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ نَعَامَةٌ بَيْضَاءُ عَلَيْهَا رَاكِبٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ فَقَالَ لِي: يَا عَبَّاسُ بْنَ مِرْدَاسٍ أَلَمْ تَرَ أَنَّ السَّمَاءَ حُفَّتْ أَحْرَاسُهَا وَأَنَّ الْجِنَّ جُرِّعَتْ أَنْفَاسُهَا وَأَنَّ الْخَيْلَ وَضَعَتْ أَحْلَاسَهَا وَأَنَّ الَّذِي نَزَلِ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ صَاحِبُ النَّاقَةِ الْقَصْوَاءِ قَالَ: فَخَرَجْتُ مَرْعُوبًا قَدْ رَاعَنِي مَا رَأَيْتُ وَسَمِعْتُ حَتَّى أَتَيْتُ وَثَنًا لَنَا يُقَالُ لَهُ الضِّمَارُ كُنَّا نَعْبُدُهُ وَنُكَلَّمُ مِنْ جَوْفِهِ فَكَنَسْتُ مَا حَوْلَهُ ثُمَّ تَمَسَّحْتُ بِهِ فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ جَوْفِهِ:
[البحر الكامل]
⦗ص: 93⦘
قُلْ لِلْقَبَائِلِ مِنْ سُلَيْمٍ كُلِّهَا
…
هَلَكَ الضِّمَارُ وَفَازَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ
هَلَكَ الضِّمَارُ وَكَانَ يُعْبَدُ مُدَّةً
…
قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
إِنَّ الَّذِي جَا بِالنُّبُوَّةِ وَالْهُدَى
…
بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِ
قَالَ: فَخَرَجْتُ مَذْعُورًا حَتَّى جِئْتُ قَوْمِي فَقَصَصْتُ عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ وَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ فَخَرَجْتُ فِي ثَلَاثِ مِائَةٍ مِنْ قَوْمِي مِنْ بَنِي الْحَارِثِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَبَسَّمَ وَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، كَيْفَ إِسْلَامُكَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ:» صَدَقْتَ «فَأَسْلَمْتُ أَنَا وَقَوْمِي»
97 -
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ نَصْرٍ الدَّالَانِيُّ، مِنْ هَمْدَانَ قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا لَنَا يَذْكُرُ قَالَ: «خَرَجَ مَالِكُ بْنُ خُرَيْمٍ الدَّالَانِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُرِيدُونَ عُكَاظًا فَاصْطَادُوا صَيْدًا وَأَصَابَهُمْ عَطَشٌ شَدِيدٌ فَانْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ أُجَيْرَةُ فَفَصَدُوا الظَّبْيَ وَجَعَلُوا يَشْرَبُونَ مِنْ دَمِهِ مِنَ الْعَطَشِ فَلَمَّا ذَهَبَ دَمُهُ ذَبَحُوهُ
⦗ص: 94⦘
وَخَرَجُوا فِي طَلَبِ الْحَطَبِ وَكَمَنَ مَالِكٌ فِي خِبَائِهِ فَأَثَارَ بَعْضُهُمْ شُجَاعًا فَأَقْبَلَ مُنْسَابًا حَتَّى دَخَلَ رَحْلَ مَالِكٍ فَلَاذَ بِهِ وَأَقْبَلَ الرَّجُلُ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ: يَا مَالِكُ اقْتُلِ الشُّجَاعَ عَنْكَ، فَاسْتَيْقَظَ مَالِكٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَلَاذَ بِهِ فَقَالَ مَالِكٌ لِلرَّجُلِ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا تَرَكْتَهُ، فَكَفَّ عَنْهُ وَانْسَابَ الشُّجَاعُ إِلَى مَأْمَنِهِ وَأَنْشَأَ مَالِكٌ يَقُولُ:
[البحر الوافر]
وَأَوْصَانِي الْخُرَيْمُ بِعِزِّ جَارِي
…
وَأَمْنَعُهُ وَلَيْسَ بِهِ امْتِنَاعُ
وَأَدْفَعُ ضَيْمَهُ وَأَذُبُّ عَنْهُ
…
وَأَمْنَعُهُ إِذَا امْتَنَعَ الْمَتَاعُ
فَذَلِكُمُ أَبِي عَنْهُ بِنَجْوٍ
…
لِشَيْءٍ مَا اسْتَجَارَنِيَ الشُّجَاعُ
وَلَا تَنْحُو إِلَى دَمِ مُسْتَجِيرٍ
…
تَضَمَّنَهُ أُجَيْرَةُ فَالتِّلَاعُ
فَإِنَّ لِمَا تَرَوْنَ غَبِيَّ أَمْرٍ
…
لَهُ مِنْ دُونِ أَعْيُنِكُمْ قِنَاعُ
فَارْتَحَلُوا وَاشْتَدَّ بِهِمُ الْعَطَشُ فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِهِمْ:
[البحر البسيط]
يَا أَيُّهَا الْقَوْمُ لَا مَاءٌ أَمَامَكُمُ
…
حَتَّى تَسُومُوا الْمَطَايَا يَوْمَهَا التَّعَبَا
ثُمَّ اعْدِلُوا شَامَةً فَالْمَاءُ عَنْ كَثَبٍ
…
عَيْنٌ رُوَاءٌ وَمَاءٌ يُذْهِبُ اللَّغَبَا
حَتَّى إِذَا مَا أَصَبْتُمْ مِنْهُ رِيَّكُمُ
…
فَاسْقُوا الْمَطَايَا وَمِنْهُ فَامْلَئُوا الْقِرَبَا
فَعَدَلُوا شَامَةً فَإِذَا هُمْ بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ فِي أَصْلِ جَبَلٍ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا إِبِلَهُمْ وَحَمَلُوا رِيَّهُمْ حَتَّى أَتَوْا عُكَاظًا ثُمَّ أَقْبَلُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَإِذَا هَاتِفٌ يَقُولُ:
⦗ص: 95⦘
يَا مَالِ عَنِّي جَزَاكَ اللَّهُ صَالِحَةً
…
هَذَا وَدَاعٌ لَكُمْ مِنِّي وَتَسْلِيمُ
لَا تَزْهَدَنْ فِي اصْطِنَاعِ الْعُرْفِ مَعْ أَحَدٍ
…
إِنَّ الَّذِي يُحْرَمُ الْمَعْرُوفَ مَحْرُومُ
مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يَعْدَمْ مَغَبَّتَهُ
…
مَا عَاشَ وَالْكُفْرُ بَعْدَ الْغَدْرِ مَذْمُومُ
أَنَا الشُّجَاعُ الَّذِي أَنْجَيْتَ مِنْ رَهَقٍ
…
شَكَرْتُ ذَلِكَ إِنَّ الشُّكْرَ مَقْسُومُ
فَطَلَبُوا الْعَيْنَ فَلَمْ يَجِدُوهَا»
98 -
وَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا فَرْوَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَفِيفِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ وَفْدٌ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالُوا: أَنْجَانَا اللَّهُ عز وجل بِبَيْتَيْنِ مِنَ الشِّعْرِ لِامْرِئِ الْقَيْسِ قَالَ: «وَكَيْفَ ذَلِكَ؟» قَالُوا: أَقْبَلْنَا نُرِيدُكَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أَخْطَأْنَا الْمَاءَ فَمَكَثْنَا ثَلَاثًا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ فَلَمَّا جَهَدْنَا تَفَرَّقْنَا إِلَى أُصُولِ طَلْحٍ وَسَمُرٍ لِيَمُوتَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فَبَيْنَا نَحْنُ بِآخِرِ رَمَقٍ إِذَا رَاكِبٌ مُقْبِلٌ عَلَى بَعِيرٍ مُتَلَثِّمٌ بِعِمَامَةٍ فَلَمَّا رَآهُ بَعْضُنَا أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
وَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الشَّرِيعَةَ هَمُّهَا
…
وَأَنَّ الْبَيَاضَ مِنْ فَرَائِصِهَا دَامِي
تَيَمَّمَتِ الْعَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضَارِجٍ
…
يَفِيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ عَرْمَضُهَا طَامِي
فَقَالَ الرَّاكِبُ: مَنْ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ؟ وَقَدْ رَأَى مَا بِنَا مِنَ الْجَهْدِ فَقُلْنَا: امْرُؤُ الْقَيْسِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَ امْرُؤُ الْقَيْسِ
⦗ص: 96⦘
وَإِنَّ هَذَا الضَّارِجَ عِنْدَكُمْ فَنَظَرْنَا فَإِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ ذِرَاعًا فَحَبَوْنَا إِلَيْهِ عَلَى الرُّكَبِ فَإِذَا هُوَ كَمَا وَصَفَ عَلَى الْعَرْمَضِ يَفِيءُ عَلَيْهِ الظِّلُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ذَاكَ رَجُلٌ مَذْكُورٌ فِي الدُّنْيَا مَنْسِيٌّ فِي الْآخِرَةِ، شَرِيفٌ فِي الدُّنْيَا خَامِلٌ فِي الْآخِرَةِ، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ يَقُودُهُمْ إِلَى النَّارِ»
99 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي قَطَرِيٌّ، عَنْ ذَكْوَانَ يَعْنِي أَبَا عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ: «خَرَجْتُ فِي الرَّكْبِ الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذْ عَرَضَ لَنَا عَارِضٌ فَأَنْشَأَ يَرْتَجِزُ بِالْآخَرِ كَلِمَةً عَلَى كَلِمَةٍ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ:
[البحر الرجز]
يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ إِلَى الْمَهْدِيِّ
…
عَلَى عَنَاجِيجَ مِنَ الْمَطِيِّ
أَعْنَاقُهَا كَخُشُبِ الْخَطِّيِّ
…
لِتَنْصُرُوا عَاقِبَةَ النَّبِيِّ
مُحَمَّدًا رَأْسَ بَنِي عَلِيِّ
…
سَمِيَّهُ وَأَيُّمَا سَمِيِّ
فَأَصْبَحْنَا فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَرَ شَيْئًا»
100 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا مُطَهَّرُ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، مَرَّ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَقَالَ:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ أَخْبَارُ مَا عِنْدَنَا أَنَّ نِسَاءَكُمْ قَدْ تَزَوَّجْنَ وَدُورَكُمْ قَدْ سُكِنَتْ وَأَمْوَالَكُمْ قَدْ فُرِّقَتْ» فَأَجَابَهُ هَاتِفٌ: يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ أَخْبَارُ مَا عِنْدَنَا أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ فَقَدْ وَجَدْنَاهُ وَمَا أَنْفَقْنَاهُ فَقَدْ رَبِحْنَاهُ وَمَا خَلَّفْنَاهُ فَقَدْ خَسِرْنَاهُ
101 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ قَدْ رَأَى الْحَسَنَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجًا مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مُتَوَكِّئًا عَلَى عُكَّازٍ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مِشْيَةُ جِنِّيٍّ وَنَغَمَتُهُ» قَالَ: أَجَلْ قَالَ: «مِنْ أَيِّ الْجِنِّ أَنْتَ؟» قَالَ: أَنَا هَامَةُ بْنُ الْهَيْمِ بْنِ لَاقِيصَ بْنِ إِبْلِيسَ قَالَ: «لَا أَرَى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ إِلَّا أَبَوَيْنِ» قَالَ: أَجَلْ قَالَ: كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَكَلْتُ عُمُرَ الدُّنْيَا إِلَّا أَقَلَّهَا كُنْتُ لَيَالِيَ قَبْلَ قَابِيلَ وَهَابِيلَ غُلَامًا ابْنَ أَعْوَامٍ أَمْشِي بَيْنَ الْآكَامِ وَأَصْطَادُ الْهَامَ وَآمُرُ بِفَسَادِ الطَّعَامِ وَأُورِشُ بَيْنَ النَّاسِ وَأُغْرِي بَيْنَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ عَمَلُ الشَّيْخِ الْمُتَوَسِّمِ وَالْفَتَى الْمُتَلَوِّمِ» فَقَالَ: دَعْنِي مِنَ اللَّوْمِ وَالْعَذْلِ قَدْ جَرَتْ تَوْبَتِي عَلَى يَدِ نُوحٍ فَكُنْتُ مَعَهُ فِيمَنْ آمَنَ مَعَهُ
⦗ص: 98⦘
مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَاتَبْتُهُ فِي دُعَائِهِ عَلَى قَوْمِهِ فَبَكَى وَأَبْكَانِي فَقَالَ: لَا جَرَمَ أَنِّي مِنَ النَّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، وَلَقِيتَ هُودًا فَعَاتَبْتُهُ فِي دُعَائِهِ عَلَى قَوْمِهِ فَبَكَى وَأَبْكَانِي وَقَالَ: لَا جَرَمَ أَنِّي مِنَ النَّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ وَلَقِيتُ صَالِحًا فَعَاتَبْتُهُ فِي دُعَائِهِ عَلَى قَوْمِهِ فَبَكَى وَأَبْكَانِي وَقَالَ: إِنِّي مِنَ النَّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ وَلَقِيتُ شُعَيْبًا فَعَاتَبْتُهُ فِي دُعَائِهِ عَلَى قَوْمِهِ فَبَكَى وَأَبْكَانِي وَقَالَ: إِنِّي مِنَ النَّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ وَكُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ إِذْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَكُنْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْجَنِيقِ حَتَّى أَخْرَجَهُ اللَّهُ عز وجل مِنْهَا وَجَعَلَهَا عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا وَكُنْتُ مَعَ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ فِي الْجُبِّ فَسَبَقْتُهُ إِلَى وَعْرِهِ وَكُنْتُ مَعَهُ فِي مَحْبِسِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ اللَّهُ عز وجل مِنْهُ وَلَقِيتُ مُوسَى بِالْمَكَانِ الْأَثِيرِ وَكُنْتُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَقَالَ لِي عِيسَى: إِنْ لَقِيتَ مُحَمَّدًا فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَلَّغْتُكَ السَّلَامَ وَقَدْ آمَنْتُ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَعَلَى عِيسَى السَّلَامُ وَعَلَيْكَ يَا هَامَةُ، حَاجَتُكَ؟» قَالَ: إِنَّ مُوسَى عَلِّمْنِي التَّوْرَاةَ وَعِيسَى عَلِّمْنِي الْإِنْجِيلَ فَعَلِّمْنِي الْقُرْآنَ فَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَنْعِهِ إِلَيْهِ وَمَا أُرَاهُ إِلَّا حَيًّا
102 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْمَوْصِلِيُّ الْبَلَوِيُّ مَوْلًى لَهُمْ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْجُرَشِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِفَجِّ النَّاقَةِ عِنْدَ الْحِجْرِ إِذَا نَحْنُ بِصَوْتٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمَرْحُومَةِ الْمَغْفَورِ لَهَا الْمُتَابِ عَلَيْهَا الْمُسْتَجَابِ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَنَسُ انْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتَ؟» فَدَخَلْتُ الْجَبَلَ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ طُولُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ النَّبِيِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: هَذَا أَخُوكَ إِلْيَاسُ يُرِيدُ أَنْ يَلْقَاكَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ قَرِيبًا مِنْهُ تَقَدَّمَ وَتَأَخَّرْتُ فَتَحَدَّثَا طَوِيلًا فَنَزَلَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنَ السَّمَاءِ شَبِيهَ السُّفْرَةِ فَدَعَوَانِي فَأَكَلْتُ
⦗ص: 100⦘
مَعَهُمَا فَإِذَا فِيهِ كَمْأَةٌ وَرُمَّانٌ وَكَرَفْسٌ فَلَمَّا أَكَلْتُ قُمْتُ فَتَنَحَّيْتُ وَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَاحْتَمَلَتْهُ أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ثِيَابِهِ فِيهَا تَهْوِي بِهِ قِبَلَ الشَّامِ فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي أَكَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ نَزَلَ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ لِي: أَتَانِي بِهِ جِبْرِيلُ، فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أُكْلَةٌ وَفِي كُلِّ حَوْلٍ شَرْبَةً مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ عَلَى الْجُبِّ يُمْسِكُ بِالدَّلْوِ فَيَشْرَبُ وَرُبَّمَا سَقَانِي»
103 -
حَدَّثَنِي أَبِي، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: «حَجَّ قَوْمٌ فَمَاتَ صَاحِبٌ لَهُمْ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ فَطَلَبُوا الْمَاءَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ فَأَتَاهُمْ رَجُلٌ فَقَالُوا: دُلَّنَا عَلَى الْمَاءِ قَالَ: إِنْ حَلَفْتُمْ لِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ يَمِينًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَرَّافًا وَلَا مَكَّاسًا وَلَا عَرِيفًا وَلَا بَرِيدًا دَلَلْتُكُمْ عَلَى الْمَاءِ فَحَلَفُوا لَهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ يَمِينًا فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَاءِ وَكَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ بَعِيدٍ قَالُوا: عَاوِّنَّا عَلَى
⦗ص: 101⦘
غُسْلِهِ فَقَالَ: إِنَّ حَلَفْتُمْ لِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ يَمِينًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَرَّافًا وَلَا مَكَّاسًا وَلَا عَرِيفًا وَلَا بَرِيدًا أَعَنْتُكُمْ عَلَى غُسْلِهِ فَحَلَفُوا لَهُ ثَلَاثًا ثَلَاثِينَ يَمِينًا فَأَعَانَهُمْ عَلَى غُسْلِهِ ثُمَّ قَالُوا لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا إِلَّا أَنْ تَحْلِفُوا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ يَمِينًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَرَّافًا وَلَا مَكَّاسًا وَلَا عَرِيفًا وَلَا بَرِيدًا فَحَلَفُوا لَهُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ يَمِينًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَرَّافًا وَلَا مَكَّاسًا وَلَا عَرِيفًا وَلَا بَرِيدًا فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَهَبُوا يَنْظُرُونَ فَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مَلَكٌ»
104 -
حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا، عَبْدُ الْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: «خَرَجَ قَوْمٌ حُجَّاجًا فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ فَأَصَابَهُمْ عَطَشٌ فَانْتَهَوْا إِلَى مَاءٍ مَالِحٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ تَقَدَّمْتُمْ فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يُهْلِكَنَا هَذَا الْمَاءُ فَإِنَّ أَمَامَكُمُ الْمَاءَ فَسَارُوا حَتَّى أَمْسَوْا فَلَمْ يُصِيبُوا الْمَاءَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى الْمَاءِ الْمَالِحِ فَأَدْلَجُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى شُجَيْرَاتِ سَمُرٍ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ شَدِيدُ السَّوَادِ جَسِيمٌ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرَّكْبِ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحِبَّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَيَكْرَهْ لِلْمُسْلِمِينَ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ فَسِيرُوا حَتَّى تَنْتَهُوا إِلَى أَكَمَةٍ فَخُذُوا عَنْ يَسَارِهَا
⦗ص: 102⦘
فَإِذَا الْمَاءُ ثَمَّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنَرَى أَنَّهُ شَيْطَانٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا كَانَ الشَّيْطَانُ لَيَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ مَا تِكَلَّمَ بِهِ فَسَارُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَصَفْ لَهُمْ فَوَجَدُوا الْمَاءَ ثَمَّ»
105 -
وَحَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، قَالَ:«كُنْتُ مَعَ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فُضِّلَتْ نَاقَةٌ لِصَاحِبٍ لَنَا فَطَلَبْنَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا فَأَخَذْنَا نَقْتَسِمُ مَتَاعَهُ فَقُلْنَا لِزِيَادٍ: أَلَا تَقُولُ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: تَقْرَأُ حم السَّجْدَةِ، وَتَسْجُدُ وَتَدْعُو فَقُلْنَا: بَلَى فَقَرَأَ حم السَّجْدَةِ وَدَعَا فَرَفَعْنَا رَءُوسَنَا فَإِذَا رَجُلٌ مَعَهُ النَّاقَةُ الَّتِي ذَهَبَتْ فَقَالَ زِيَادٌ: أَعْطُوهُ مِنْ طَعَامِكُمْ فَلَمْ يَقْبَلْ قَالَ: أَطْعِمُوهُ قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: فَنَظَرْنَا فَلَمْ نَرَ شَيْئًا قَالَ: فَلَا أَدْرِي مَنْ كَانَ»
106 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، مِنْ أَهْلِ عَسْقَلَانَ وَكَانَ مَا عَلِمْتُهُ فَاضِلًا، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْعَابِدِينَ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُرَابِطًا بِعَسْقَلَانَ قَالَ: «
⦗ص: 103⦘
قُمْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ لِلتَّهَجُّدِ عَلَى بَعْضِ السُّطُوحِ فَإِذَا أَنَا بِهَاتِفٍ يَهْتِفُ مِنَ الْبَحْرِ: إِلَيْكُمْ مَعَاشِرَ الْعَابِدِينَ إِنَّنَا نَفَرٌ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ، قُسِمَتِ الْعِبَادَةُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَوَّلُهَا قِيَامُ اللَّيْلِ، وَثَانِيهَا صِيَامُ النَّهَارِ، وَثَالِثُهَا التَّسْبِيحُ وَهَذَا خَيْرُ الْقِسْمَةِ فَخُذُوا مِنْهُ بِالْحَظِّ الْأَوْفَرِ قَالَ: فَسَقَطْتُ وَاللَّهِ لِوَجْهِي مِمَّا دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ»
107 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، يَذْكُرُ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيَّ «كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى تَهَجُّدِهِ فِي اللَّيْلِ قَامَ مَعَهُ سُكَّانُ دَارِهِ مِنَ الْجِنِّ فَصَلُّوا بِصَلَاتِهِ وَاسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ» ، قَالَ السَّرِيُّ، فَقُلْتُ لِيَزِيدَ: وَأَنَّى عَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا قَامَ سَمِعَ لَهُمُ ضَجَّةً فَاسْتَوْحَشَ لِذَلِكَ، فَنُودِيَ لَا تَفْزَعْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّمَا نَحْنُ إِخْوَانُكَ نَقُومُ لِلتَّهَجُّدِ كَمَا تَقُومُ فَنُصَلِّي بِصَلَاتِكَ قَالَ: فَكَأَنَّهُ أَنِسَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى حَرَكَتِهِمْ
108 -
حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ بِمِنًى يَبِيعُ شَيْئًا وَيَحْلِفُ إِذْ قَامَ عَلَيْهِ شَيْخٌ فَقَالَ: يَا هَذَا بِعْ وَلَا تَحْلِفْ فَعَادَ يَحْلِفُ فَقَالَ: بِعْ وَلَا تَحْلِفْ، قَالَ: أَقْبِلْ عَلَى مَا يَعْنِيكَ فَقَالَ: هَذَا مِمَّا يَعْنِينِي
⦗ص: 104⦘
فَلَمَّا رَآهُ لَا يَكُفُّ عَنْهُ اعْتَذَرَ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: آثِرِ الصِّدْقَ عَلَى مَا يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ فِيمَا يَنْفَعُكَ وَتَكَلَّمْ فَإِذَا انْقَطَعَ عِلْمُكَ فَاسْكُتْ وَاتَّهِمِ الْكَاذِبَ فِيمَا يُحَدِّثُكَ بِهِ غَيْرُكَ قَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ: أَكْتِبْنِي هَذَا الْكَلَامَ فَقَالَ: إِنْ يُقَدَّرْ شَيْءٌ يَكُنْ ثُمَّ لَمْ يَرَهْ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الْخَضِرُ عليه السلام»
109 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ، عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ:«بَيْنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ إِذْ سَمِعَ فِي الْقَدْرِ صَوْتًا ثُمَّ ارْتَفَعَ الصَّوْتُ يَنْشِجُ كَهَيْئَةِ صَوْتِ الْبَعِيرِ ثُمَّ انْكَفَأَتِ الْقِدْرُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا وَلَمْ يَنْضُبْ مِنْهَا شَيْءٌ فَجَعَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُنَادِي يَا سَلْمَانُ انْظُرْ إِلَى الْعَجَبِ انْظُرْ إِلَى مَا لَمْ تَنْظُرْ إِلَى مِثْلِهِ أَنْتَ وَلَا أَبُوكَ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ،» أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَسَمِعْتَ مِنَ آيَاتِ اللَّهِ الْكُبْرَى " قَالَ الْأَعْمَشُ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
110 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَبَّارٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا، الْعَلَاءُ بْنُ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ حَبِيبٍ السَّرَّاجِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ
⦗ص: 105⦘
الشَّعْبِيِّ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيِّ، قَالَ: «إِنَّا كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى جَانِبِنَا غَدِيرٌ فَأَرْسَلْتُ ابْنَتِي بِصَحْفَةٍ لِتَأْتِيَنِي بِمَاءٍ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا فَطَلَبْنَاهَا فَأَعْيَتْنَا فَسَلَوْنَا عَنْهَا قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ جَالِسٌ بِفِنَاءِ مَطَلَّتِي إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ شَبَحٌ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا ابْنَتِي، قُلْتُ: ابْنَتِي؟ قَالَتِ: ابْنَتُكَ قُلْتُ: أَيْنَ كُنْتِ أَيْ بُنَيَّةُ؟ قَالَتْ: أَرَأَيْتَ لَيْلَةَ بَعَثْتَنِي إِلَى الْغَدِيرِ؟ إِنَّ جَنِيًّا اسْتَطَارَ بِي فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرِيقَيْنِ مِنَ الْجِنِّ حَرْبٌ فَأَعْطَى اللَّهَ عز وجل عَهْدًا إِنْ ظَفِرَ بِهِمْ أَنْ يَرُدَّنِي عَلَيْكَ فَظَفِرَ بِهِمْ فَرَدَّنِي عَلَيْكَ وَإِذَا هِيَ قَدْ شَحِبَ لَوْنُهَا وَتَمَرَّطَ شَعْرُهَا وَذَهَبَ لَحْمُهَا فَأَقَامَتْ عِنْدَنَا فَصَلُحَتْ فَخَطَبَهَا بَنُو عَمِّهَا فَزَوَّجْنَاهَا وَقَدْ كَانَ الْجِنِّيُّ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمَارَةً إِذَا رَابَهَا رَيْبٌ أَنْ تُدَخِّنَ لَهُ وَإِنَّ ابْنَ عَمِّهَا ذَلِكَ عَيَّبَ عَلَيْهَا فَقَالَ: جِنِّيَّةٌ شَيْطَانَةٌ مَا أَنْتِ بِإِنْسِيَّةٍ فَدَخَّنَتْ فَنَادَاهُ مُنَادٍ: مَا لَكَ وَلِهَذِهِ؟ لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ لَفَقَأْتُ عَيْنَيْكَ، رَعَيْتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِحُبِّي وَفِي الْإِسْلَامِ بِدِينِي فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَلَا تَظْهَرُ حَتَّى نَرَاكَ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ لَنَا إِنَّ أَبَانَا سَأَلَ لَنَا ثَلَاثًا أَنْ نَرَى وَلَا نُرَى وَأَنْ نَكُونَ بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى وَأَنْ يُعَمَّرَ أَحَدُنَا حَتَّى تَبْلُغَ رُكْبَتَاهُ حَنَكَهُ ثُمَّ يَعُودَ فَتًى قَالَ: فَقَالَ: يَا هَذَا أَلَا تَصِفُ لَنَا دَوَاءَ حُمَّى الرِّبْعِ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: أَمَا رَأَيْتَ تِلْكَ الدُّوَيْبَةَ عَلَى الْمَاءِ كَأَنَّهَا عَنْكَبُوَتٌ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: خُذْهَا ثُمَّ اشْدُدْ
⦗ص: 106⦘
عَلَى بَعْضِ قَوَائِمِهَا خَيْطًا مِنْ عِهْنٍ فَشُدَّهُ عَلَى عَضُدِكَ الْيُسْرَى فَفَعَلْ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا هَذَا أَلَا تَصِفُ لَنَا مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ مَا تُرِيدُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: هَلْ أَلَمَّتْ بِهِ الرِّجَالُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَوَصَفْتُ لَكَ»
111 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ، الشَّعْبِيِّ، قَالَ:«عَرَضَ جَانٌّ لِإِنْسَانٍ مَرَّةً وَكَانَ الَّذِي عُرِضَ لَهُ مُسْلِمًا، فَعُولِجَ فَتَرَكَهُ وَتَكَلَّمَ فَقَالُوا: هَلْ لَدَيْكَ عَنْ حُمَّى الرِّبْعِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَعْمِدُ إِلَى ذُبَابِ الْمَاءِ فَيُعْقَدُ فِيهِ خَيْطًا مِنْ عِهْنٍ ثُمَّ يُجْعَلُ فِي عَضُدِهِ فَهَذَا مِنْ حُمَّى الرِّبْعِ»
112 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: «كُنَّا فِي غَدِيرٍ لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَمَعَهُ ابْنَةٌ لَهُ شَابَّةٌ رَوَادٌ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ خُذِي هَذِهِ الصَّحْفَةَ فَأْتِي الْغَدِيرَ فَأْتِينِي مِنْ مَائِهِ فَوَافَاهَا عَلَيْهِ جَانٌّ فَاخْتَطَفَهَا فَذَهَبَ بِهَا فَفَقَدَهَا أَبُوهَا فَنَادَى فِي الْحَيِّ فَخَرَجْنَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ، وَسَلَكْنَا كُلَّ شِعْبٍ وَنَقْبٍ وَطَرِيقٍ
⦗ص: 107⦘
فَلَمْ نَجِدْ لَهَا أَثَرًا فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذَا هِيَ قَدْ جَاءَتْ قَدْ عَفَا شَعْرُهَا وَأَظْفَارُهَا فَقَامَ إِلَيْهَا أَبُوهَا يَلْثُمُهَا وَيَقُولُ: أَيْ بُنَيَّةُ، أَيْنَ كُنْتِ؟ وَأَيْنَ نَبَتْ بِكِ الْأَرْضُ؟ قَالَتْ: أَتَذْكُرُ لَيْلَةَ الْغَدِيرِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: وَافَانِي عَلَيْهِ جَانٌّ فَاخْتَطَفَنِي فَذَهَبَ بِي فَلَمْ أَزَلْ فِيهِمْ وَاللَّهِ مَا نَالَ مِنِّي مُحَرَّمًا حَتَّى إِذَا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ غَزْوًا قَوْمًا مُشْرِكِينَ فِيهِمْ أَوْ غَزَاهُمْ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ مِنْهُمْ فَجَعَلَ لِلَّهِ عز وجل عَلَيْهِ إِنْ هُوَ ظَفِرَ وَأَصْحَابُهُ أَنْ يَرُدَّنِي عَلَى أَهْلِي فَظَفِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَحَمَلَنِي فَأَصْبَحْتُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَجَعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَمَارَةً إِذَا أَنَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ أَنْ أُوَلْوِلَ بِصَوْتِي فَأَخَذُوا مِنْ شَعْرِهَا وَأَظْفَارِهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا أَبُوهَا شَابًّا مِنَ الْحَيِّ فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ فَقَالَ: يَا مَجْنُونَةُ، إِنَّمَا نَشَأْتِ فِي الْجِنِّ فَوَلْوَلَتْ بِصَوْتِهَا فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ: بَنِي الْحَارِثِ اجْتَمِعُوا وَكُونُوا أَحِبَّاءَ كِرَامًا قُلْنَا: يَا هَذَا نَسْمَعُ صَوْتًا وَلَا نَرَى شَيْئًا فَقَالَ: أَنَا رَبُّ فُلَانَةَ رَعَيْتَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِحُبِّي وَحَفِظْتُهَا فِي الْإِسْلَامِ بِدِينِي وَاللَّهِ مَا نِلْتُ مِنْهَا مُحَرَّمًا قَطُّ إِنِّي كُنْتُ فِي أَرْضِ بَنِي فُلَانٍ فَسَمِعْتُ نَبْأَةً مِنْ صَوْتِهَا فَتَرَكْتُ مَا كُنْتُ فِيهِ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: عَيَّرَنِي صَاحِبِي أَنِّي كُنْتُ فِيكُمْ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ لَفَقَأْتُ عَيْنَيْهِ فَتَقَدَّمُوا إِلَيْهِ: أَيْ فُلُ اظْهَرْ لَنَا نُكَافِئْكَ فَلَكَ عِنْدَنَا الْجَزَاءُ وَالْمُكَافَأَةُ
⦗ص: 108⦘
فَقَالَ: إِنَّ أَبَانَا سَأَلَ أَنْ نَرَى وَلَا نُرَى وَأَنْ لَا نَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى وَأَنْ يَعُودَ شَيْخُنَا فَتًى فَقَالَتْ لَهُ عَجُوزٌ مِنَ الْحَيِّ: أَيْ فُلُ، بُنَيَّةٌ لِي عُرَيِّسٌ أَصَابَتْهَا حُمَّى الرِّبْعِ فَهَلْ لَهَا عِنْدَكَ دَوَاءٌ؟ قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطَتِ انْظُرِي إِلَى ذُبَابِ الْمَاءِ الطَّوِيلِ الْقَوَائِمِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَفْوَاهِ الْأَنْهَارِ فَخِذِي سَبْعَةَ أَلْوَانِ عِهْنٍ مِنْ أَصْفَرِهِ وَأَحْمَرِهِ وَأَخْضَرِهِ وَأَسْوَدِهِ فَاجْعَلِيهِ فِي وَسَطِ ذَلِكَ ثُمَّ افْتُلِيهِ بَيْنَ إِصْبَعَيْكِ ثُمَّ اعْقِدِيهِ عَلَى عَضُدِهَا الْيُسْرَى فَفَعَلَتْ فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَتْ مِنْ عِقَالٍ»
113 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ مَعَ قَوْمِهِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَفُقِدَ فَانْطَلَقَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَحَدَّثَتْهُ بِذَلِكَ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَوْمَهَا فَصَدَّقُوهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ فَتَرَبَّصَتْ ثُمَّ أَتَتْ عُمَرَ فَأَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَوْمَهَا فَصَدَّقُوهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ ثُمَّ إِنَّ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ قَدِمَ فَارْتَفَعُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ:«يَغِيبُ أَحَدُكُمُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ لَا يَعْلَمُ أَهْلُهُ حَيَاتَهُ» قَالَ: إِنَّ لِي عُذْرًا قَالَ: «وَمَا عُذْرُكَ؟» قَالَ: خَرَجْتُ أُصَلِّي مَعَ قَوْمِي صَلَاةَ الْعِشَاءِ
⦗ص: 109⦘
فَسَبَتْنِي الْجِنُّ أَوْ قَالَ: أَصَابَتْنِي الْجِنُّ فَكُنْتُ فِيهِمْ زَمَانًا طَوِيلًا فَغَزَاهُمْ جِنٌّ مُؤْمِنُونَ فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا سَبَايَا فَكُنْتُ فِيمَنْ أَصَابُوا فَقَالُوا مَا دِينُكَ؟ قُلْتُ: مُسْلِمٌ قَالُوا: أَنْتَ عَلَى دِينِنَا، لَا يَحِلُّ لَنَا سِبَاؤُكَ فَخَيَّرُونِي بَيْنَ الْمُقَامِ وَبَيْنَ الْقُفُولِ فَاخْتَرْتُ الْقُفُولَ فَأَقْبَلُوا مَعِي، بِاللَّيْلِ بَشَرٌ يُحَدِّثُونَنِي، وَبِالنَّهَارِ إِعْصَارُ رِيحٍ أَتْبَعُهَا قَالَ: فَمَا كَانَ طَعَامُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: كُلُّ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: فَمَا شَرَابُكَ؟ قَالَ: الْجَدَفُ الْجَدَفُ مَا لَمْ يُخَمَّرْ مِنَ الشَّرَابِ قَالَ: فَخَيَّرَهُ عُمَرُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ
114 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، قَالَ: انْتَسَفَتِ الْجِنُّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، فَلَمْ يَدْرُوا أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ فَأَتَتِ امْرَأَتُهُ عُمَرَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ أَمَرَ وَلِيَّهُ أَنْ يُطَلِّقَ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّدَاقِ
115 -
حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ عَمَّارٍ الْكَاهِلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ، أَخْبَرَنَا الْجَصَّاصُونَ " أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ نَوْحَ الْجِنِّ عَلَى الْحُسَيْنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ:
[البحر الكامل]
مَسَحَ النَّبِيُّ جَبِينَهُ
…
فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ
أَبَوَاهُ مِنْ عُلْيَا قُرَيْشَ
…
وَجَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ
116 -
حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «مَا سَمِعْتُ نَوْحَ الْجِنِّ عَلَى أَحَدٍ مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قُبِضَ الْحُسَيْنُ فَسَمِعْتُ جِنِّيَّةً تَنُوحُ:
[البحر الوافر]
أَلَا يَا عَيْنُ فَاحْتَفِلِي بِجَهْدِ
…
وَمَنْ يَبْكِي عَلَى الشُّهَدَاءِ بَعْدِي
عَلَى رَهْطٍ تَقُودُهُمُ الْمَنَايَا
…
إِلَى مُتَجَبِّرٍ فِي الْمُلْكِ عَبْدِ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيْزُومٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: " لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ سَمِعْتُ مُنَادِيًا، يُنَادِي فِي الْجِبَالِ وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الخفيف]
أَيُّهَا الْقَوْمُ قَاتِلُونَ حُسَيْنًا
…
أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَالتَّنْكِيلِ
كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عَلَيْكُمْ
…
مِنْ نَبِيٍّ وَمَأْلَكٍ وَقَبِيلِ
⦗ص: 111⦘
قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ ابْنِ دَاوُدَ
…
وَمُوسَى وَحَامِلِ الْإِنْجِيلِ
118 -
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْيَنُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: " لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ نَاحَتِ الْجِنُّ عَلَيْهِ فَقَالُوا:
[البحر الرمل]
لَيْلَةً لِلْجِنِّ إِذْ يُرْ
…
مَوْنَ بِالصَّخْرِ الصِّلَابِ
إِذْ أَقَامُوا بُكْرَةً يَنْـ
…
ـعَوْنَ صَقْرًا كَالشِّهَابِ
زَيْنَهُمْ فِي الْحَيِّ وَالْمَجْـ
…
ـلِسِ فَكَّاكَ الرِّقَابِ.
119 -
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، قَالَ:«نَزَلَ جِنٌّ مِنَ الْمَغْرِبِ شِعْبًا مِنْ شِعَابِ الْيَمَنِ فَتَشَاحَنُوا عَلَيْهِ وَأَعَدُّوا لِلْقِتَالِ فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ: يَا هَؤُلَاءِ عَلَى رِسْلِكُمْ عَلَامَ الْقِتَالُ فِيَّ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ هَلَكَ سَبْعُونَ أَعْوَرَ كُلُّهُمُ اسْمُهُ عَمْرٌو»
120 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، قَالَ:«خَرَجْتُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَرَأَيْتُ طَائِرًا قَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَحْسَبُهُ قَالَ: أَبْيَضَ ضَخْمًا وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَلَى خَيْرٍ فَعَلَهُ فِي النَّاسِ»
121 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مَعْنٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«بَيْنَا رَجُلٌ فِي بُسْتَانٍ بِمِصْرَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَهْمُومٌ حَزِينٌ يَنْكُتُ بِشَيْءٍ مَعَهَ فِي الْأَرْضِ إِذَا شَيْخٌ لَهُ صَاحِبُ مِسْحَاةٍ فَقَالَ لَهُ: مَا لِي أَرَاكَ مَهْمُومًا حَزِينًا؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَآهُ كَأَنَّهُ ازْدَرَاهُ فَقَالَ: لَا شَيْءَ، فَقَالَ صَاحِبُ الْمِسْحَاةِ: أَلِلدُّنْيَا؟ فَإِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَالْآخِرَةُ أَجَلٌ صَادِقٌ يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ حَتَّى ذَكَرَ أَنَّهَا مَفَاصِلُ كَمَفَاصِلِ اللَّحْمِ مَنْ أَخْطَأَ شَيْئًا أَخْطَأَ الْحَقَّ قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ قَالَ: فَقَالَ: اهْتِمَامِي لِمَا فِيهِ الْمُسْلِمُونَ قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ سَيُنَجِّيكَ بِشَفَقَتِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَسَلْ فَمَنْ ذَا الَّذِي سَأَلَهُ فَلَمْ يُعْطِهِ وَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكْفِهِ أَوْ وَثِقَ بِهِ فَلَمْ يُنَجِّهِ؟ قَالَ: فَطَفِقْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مِنِّي قَالَ: فَانْجَلَتْ وَلَمْ أُصَبْ فِيهَا بِشَيْءٍ. قَالَ مِسْعَرٌ: يَرَوْنَ أَنَّهُ الْخَضِرُ عليه السلام»
122 -
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيُّ الْيَامِيُّ، قَالَ: اسْتُودِعَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَدِيعَةٌ فَاحْتَاجَ إِلَيْهَا فَأَنْفَقَهَا فَجَاءَ صَاحِبُهَا يَطْلُبُهَا فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، فَصَلَّى
⦗ص: 113⦘
وَدَعَا فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ أَنْ قَالَ: «يَا سَادَّ الْهَوَاءِ بِالسَّمَاءِ وَيَا كَابِسَ الْأَرْضِ عَلَى الْمَاءِ، وَيَا وَاحِدًا قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ كَانَ، وَيَا وَاحِدًا بَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ كَانَ، أَدِّ عَنِّي أَمَانَتِي» فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ خُذْ هَذِهِ فَأَدِّهَا عَنْ أَمَانَتِكَ وَأَقْصِرْ فِي الْخُطْبَةِ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِي
123 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ حَاتِمٍ، وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ أَبِيتُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَكَانَ قَلَّمَا يَخْلُو مِنَ الْمُتَهَجِّدِينَ قَالَ: قُمْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بَعْدَمَا قَدْ مَضَى وَقْتٌ طَوِيلٌ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ فِي الْمَسْجِدِ مُتَهَجِّدًا فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ اللَّيْلَةَ لَا أَرَى مِنْهُمْ أَحَدًا يُصَلِّي؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأُفَكِّرُ فِي ذَلِكَ فِي نَفْسِي إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْقُبَّةِ الَّتِي عَلَى الصَّخْرَةِ كَلِمَاتٍ كَادَ وَاللَّهِ أَنْ يُصْدَعَ بِهِنَّ قَلْبِي كَمَدًا وَاحْتِرَاقًا وَحُزْنًا قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، وَمَا قَالَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ:
فَوَاعَجَبًا لِلنَّاسِ لَذَّتْ عُيُونَهُمْ
…
مَطَاعِمُ غُمْضٍ بَعْدَهُ الْمَوْتُ مُنْقَضِبْ
فَطُولُ قِيَامِ اللَّيْلِ أَيْسَرُ مُؤْنَةً
…
وَأَهْوَنُ مِنْ نَارٍ تَفُورُ وَتَلْتَهِبْ
قَالَ: فَسَقَطْتُ وَاللَّهِ لِوَجْهِي وَذَهَبَ عَقْلِي فَلَمَّا أَفَقْتُ نَظَرْتُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مُتَهَجِّدٌ إِلَّا قَامَ»
124 -
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، وَكَانَ كُوفِيًّا، عَنْ عَائِذِ اللَّهِ، قَالَ:«أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ كِتَابًا فَكُنْتُ إِنْ كَتَبْتُ كَذَبْتُ وَحُبِسَ كِتَابِي وَإِنْ تَرَكْتُهُ صَدَقْتُ وَفُتِحَ كِتَابِي فَاعْتَزَمْتُ عَلَى تَرْكِهِ فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ يَقُولُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [إبراهيم: 27] »
125 -
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، قَالَ:«أَرَدْتُ الْجُمُعَةَ فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَحْيَانًا أَذْهَبُ وَأَحْيَانًا لَا أَذْهَبُ فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] »
126 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنِي الْمَرْيَمِيُّ، قَالَ: «كُنْتُ أَقْنِصُ الْحُمُرَ فَخَرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَبَنَيْتُ كُوخًا فِي
⦗ص: 115⦘
الْمَوْضِعِ الَّذِي تَرِدُهُ لِلشُّرْبِ فَلَمَّا وَرَدْتُ سَدَّدْتُ سِهَامًا فَإِذَا أَنَا بِهَاتِفٍ يَقُولُ: يَا مُنْهَلَّةُ أَحْمُرَكِ، فَنَفَرَتِ الْحُمُرُ كُلُّهَا قَالَ: فَانْصَرَفْتُ وَمَعِي جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مَرْجَانَةُ وَحِمَارَانِ فَشَدَدْتُهُمَا مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ وَفَوَّقْتُ سَهْمِي وَجَلَسْتُ أَرْقُبُهُمَا فَلَمَّا طَلَعَتِ الْحُمُرُ لَمْ أَحْتَجْ إِلَى تَلَبُّثٍ فَرَمَيْتُهَا فَصَرَعْتُ حِمَارًا مِنْهَا ثُمَّ قُلْتُ:
[البحر السريع]
قَدْ فَقَدَتْ حِمَارَهَا مُنْهَلَّهْ
…
أَتْبَعْتُهَا سِبْحَلَةً مُنْسَلَّهْ
كَذَنَبِ النَّحْلَةِ يَعْلُو الْجُلَّهْ
…
قَدْ فَقَدَتْ حِمَارَهَا مَرْجَانَهْ
أَتْبَعْتُهَا سِبْحَلَةً حَسَّانَهْ
…
مِنْ قَبْضَةٍ عَسْرَاءَ فِي شِرْيَانِهْ
فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: يَا مَوْلَايَ قَدْ مَاتَ وَاللَّهِ أَحَدُ الْحَمَارَيْنِ»
127 -
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ التَّيْمِيُّ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ قَالَ: «صِدْتَ يَوْمًا تَيْسًا مِنَ الظِّبَاءِ فَجِئْتُ بِهِ إِلَى مَنْزِلِي فَأَوْثَقْتُهُ هُنَاكَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ سَمِعْتُ هَاتِفًا يَقُولُ: أَيَا فُلَانُ، هَلْ رَأَيْتَ حَمَلَ الْيَتَامَى؟ قَالَ: نَعَمْ، أَخْبَرَنِي جِنِّيٌّ أَنَّ الْإِنْسِيَّ أَخَذَهُ قَالَ: أَمَا وَرَبِّ الْبَيْتِ لَئِنْ كَانَ أَحْدَثَ فِيهِ شَيْئًا لَأُحْدِثَنَّ فِيهِ مِثْلَهُ فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ جِئْتُ ذَلِكَ إِلَى التَّيْسِ فَأَطْلَقْتُهُ فَسَمِعْتُهُ
⦗ص: 116⦘
يَدْعُوهُ فَأَقْبَلَ نَحْوَ الصَّوْتِ وَلَهُ حَنِينٌ وَإِرْزَامٌ كَحَنِينِ الْجَمَلِ وَإِرْزَامُهُ»
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ التَّيْمِيُّ، قَالَ: صَادَ رَجُلٌ قُنْفُذًا فَكَفَأَ عَلَيْهِ بُرْمَةً فَبَيْنَا هُوَ عَلَى الْمَاءِ إِذْ نَظَرَ إِلَى رَجُلَيْنِ عُرْيَانَيْنِ وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ:
[البحر الرجز]
وَاكَبِدَا إِنْ كَانَ عَفَّارٌ ذُبِحْ
فَقَالَ الْآخَرُ:
ثَكِلْتُ بَعْلَ عَمَّتِي إِنْ لَمْ أَنُحْ
فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ جِئْتُ إِلَى الْبُرْمَةِ وَلَهُ جَلَبَةٌ تَحْتَهَا فَكَشَفْتُ عَنْهُ فَمَرَّ يَخْطِرُ "
129 -
حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:«خَرَجَ فِتْيَةٌ يَتَحَدَّثُونَ فَرَأَوْا إِبِلًا مُعْقَلَةً فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَأَنَّ هَذِهِ الْإِبِلَ لَيْسَ مَعَهَا أَرْبَابُهَا قَالَ: فَأَجَابَهُمْ تَبْعَدَ مِنْهَا إِنَّ أَرْبَابَهَا حُشِرُوا ضُحًى»
130 -
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ، قَالَ: «سَمِعْتُ هَاتِفًا فِي الْبَحْرِ لَيْلًا فَقَالَ: كَذَبَ الْمَرِيسِيُّ
⦗ص: 117⦘
عَلَى اللَّهِ عز وجل ثُمَّ هَتَفَ ثَانِيَةً فَقَالٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عَلَى ثُمَامَةَ وَالْمَرِيسِيِّ لَعَنَهُ اللَّهُ، قَالَ: وَكَانَ مَعَنَا فِي الْمَرْكَبِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ فَخَرَّ مَيْتًا»
131 -
حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ ابْنِ خَالِدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقُرَشِيِّ، قَالَ:«لَمَّا مَاتَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ اعْتَكَفَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً وَكَانَتِ امْرَأَتَهُ ضَرَبَتْ عَلَى قَبْرِهِ فُسْطَاطًا فَكَانَتْ فِيهِ فَلَمَّا مَضَتِ السَّنَةُ قَلَعُوا الْفُسْطَاطَ وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةَ فَسَمِعُوا صَوْتًا مِنْ جَانِبِ الْبَقِيعِ هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا؟ فَسُمِعَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ: بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا»
132 -
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جُمْهُورٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا بِفِنَاءِ دَارِي إِذْ جَاءَنِي رَسُولَ زَوْجَتِي فَقَالَتْ: أَجِبْ فُلَانَةَ فَاسْتَنْكَرْتُ ذَلِكَ فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَهْ فَقَالَتْ: إِنَّ هَذِهِ الْحَيَّةَ وَأَشَارَتْ إِلَيْهَا كُنْتُ أَرَاهَا بِالْبَادِيَةِ إِذَا خَلَوْتُ ثُمَّ مَكَثْتُ لَا أَرَاهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا الْآنَ وَهِيَ هِيَ أَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا قَالَ: فَخَطَبَ سَعْدٌ خِطْبَةً فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكِ قَدْ آذَيْتِنِي وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ عز وجل إِنْ
⦗ص: 118⦘
رَأَيْتُكِ بَعْدَ هَذَا لَأَقْتُلَنَّكِ» فَخَرَجَتِ الْحَيَّةُ فَانْسَابَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ ثُمَّ مِنْ بَابِ الدَّارِ وَأَرْسَلَ مَعَهَا سَعْدٌ إِنْسَانًا فَقَالَ: انْظُرْ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَتَبِعَهَا حَتَّى جَاءَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ جَاءَتْ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَقَتْ فِيهِ مُصْعِدَةً إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى غَابَتْ
133 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ:«غَزَوْنَا فَنَزَلْنَا فِي جَزِيرَةٍ فَإِذَا جِحَرَةٌ كَبِيرَةٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي أَرَى جِحَرَةً كَبِيرَةً فَلَعَلَّكُمْ تُؤْذِونَ مَنْ فِيهَا فَحَوَّلُوا نِيرَانَهُمْ فَأُتِيَ مِنَ اللَّيْلِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ دَفَعَتْ عَنْ دِيَارِنَا فَسَنُعَلِّمُكَ طِبًّا تُصِيبُ بِهِ خَيْرًا إِذَا ذَكَرَ لَكَ الْمَرِيضُ وَجَعَهُ فَمَا وَقَعَ فِي نَفْسِكَ أَنَّهُ دَوَاؤُهُ فَهُوَ دَوَاؤُهُ قَالَ: فَكَانَ يُؤْتَى فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ قَالَ: فَأَتَانِي رَجُلٌ عَظِيمُ الْبَطْنِ فَقَالَ: انْعَتْ لِي دَوَاءً فَإِنِّي كَمَا تَرَى إِنْ أَكَلْتُ وَإِنْ لَمْ آكُلْ فَقَالَ: أَلَا تَعْجَبُونَ لِهَذَا؟ يَسْأَلُنِي وَهُوَ مَيِّتٌ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ قَائِلٍ، قَالَ: فَرَجَعَ ثُمَّ أَتَاهُ عِنْدَ وَفَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالنَّاسُ عِنْدَهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا كَذَّابٌ فَقَالَ: سَلُوهُ مَا فَعَلَ وَجَعُهُ قَالَ: ذَهَبَ قَالَ: أَنَا خَوَّفْتُهُ بِذَلِكَ»
134 -
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حُسَامِ بْنِ مِصَكٍّ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، «أَنَّهُ كَرِهَ التَّبَوُّلَ فِي الْحُجَرِ وَقَالَ: هِيَ مَسَاكِنُ الْجِنِّ»
135 -
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ إِذْ سَمِعَ فِي الْقِدْرِ صَوْتًا، ثُمَّ ارْتَفَعَ الصَّوْتُ يَنْشُجُ كَهَيْئَةِ صَوْتِ الْبَعِيرِ ثُمَّ انْكَفَأَتِ الْقِدْرُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا وَلَمْ يَنْضُبْ مِنْهَا شَيْءٌ فَجَعَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُنَادِي: يَا سَلْمَانُ انْظُرْ إِلَى الْعَجَبِ انْظُرْ إِلَى مَا لَمْ تَنْظُرْ مِثْلَهُ أَنْتَ وَلَا أَبُوكَ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ، «أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَسَمِعْتَ مِنَ آيَاتِ اللَّهِ الْكُبْرَى» قَالَ الْأَعْمَشُ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
136 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ، قَالَ:«كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانُ يَأْكُلَانِ فِي صَحْفَةٍ إِنْ سَبَّحَ سَلْمَانُ سَبَّحَتِ الصَّحْفَةُ بِمَا فِيهَا قَالَ: فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَكْتُبُ إِلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُ إِيَّاهُ الصَّحْفَةَ»
137 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:«الطَّعَامُ يُسَبِّحُ»
138 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ:«كَانَ مُطَرِّفٌ» إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ فَسَبَّحَ سَبَّحَتْ مَعَهُ آنِيَةُ بَيْتِهِ "
139 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَنَّهُ «سَمِعَ نَقِيضَ بَابٍ فَقَالَ: هَذَا مِنْ تَسْبِيحٍ»
140 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جُورَانَ، قَالَ: قُلْنَا لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّا لَنَسْمَعُ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] فَعِظَامُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي فِي الْقُبُورِ هِيَ مِنَ الشَّيْءِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»
141 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْمَرْوَزِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ
⦗ص: 121⦘
الْحَسَنِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَوْسَجَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْعُبَّادِ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا فِرَاقِي الْعِبَادَةَ فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ، «جَسَدُكَ يُسَبِّحُ فِي قَبْرِكَ»
142 -
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ عز وجل {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ حَيٍّ»
143 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ جَرِيرٍ أَبِي الْخَطَّابِ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ عَلَى خِوَانٍ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: يُسَبِّحُ هَذَا الْخِوَانُ؟ قَالَ: «قَدْ كَانَ يُسَبِّحُ مَرَّةً»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ الطَّوِيلُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّ حُيَيًّا قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَسْمَعُ تَقَعْقُعًا وَنَقِيضًا قَالَ: «ذَلِكَ تَسْبِيحُ الْجُدُرِ»
145 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ،
⦗ص: 122⦘
عَنْ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ:«لَا يَعِيبَنَّ أَحَدُكُمْ ثَوْبَهُ وَلَا دَابَّتَهُ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَبِّحُ اللَّهَ عز وجل» قَالَ يَحْيَى فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحُسَيْنَ بْنَ وَاقِدٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «الشَّجَرُ تُسَبِّحُ وَالْأُسْطُوَانَةُ تُسَبِّحُ»
146 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ:«صَرِيرُ الْبَابِ تَسْبِيحٌ»
147 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ يَكْرَهُ وَسَخَ الثَّوْبِ وَيَقُولُ: «الثَّوْبُ يُسَبِّحُ»
148 -
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَنْبَأَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ أَهَلَّ الْهِلَالُ فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ
⦗ص: 123⦘
وَالْإِسْلَامِ وَالْهُدَى وَالْمَغْفِرَةِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تَرْضَى وَالْحِفْظِ مِمَّا تَسْخَطُ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ فَجَعَلَ يُرَدِّدُهُ عَلَيَّ حَتَّى حَفِظْتُهُ»
149 -
حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ أَبِي مَعْرُوفٍ، قَالَ: " لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ سُمِعَ قَائِلٌ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
لِيَبْكِ عَلَى الْإِسْلَامِ مَنْ كَانَ بَاكِيًا
…
فَقَدْ أَوْشَكُوا هَلْكَى وَمَا قَدُمَ الْعَهْدُ
وَأَدْبَرَتِ الدُّنْيَا وَأَدْبَرَ خَيْرُهَا
…
وَقَدْ مَلَّهَا مَنْ كَانَ يُوقِنُ بِالْوَعْدِ
150 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، عَنِ، الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ:«دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَقُلْتُ: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي وَضَعُفَتْ قُوَّتِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ وَإِلَى جَانِبِي شَابٌّ لَمْ أَرَ أَجْمَلَ مِنْهُ عَلَى دُوَّاجٍ أَخْضَرَ فَقَالَ لِي: مَا هَذَا الَّذِي تَقُولَ؟ قُلْتُ: فَكَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ حَسِّنِ الْعَمَلَ وَبَلِّغِ الْأَجَلَ، قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا زَنَائِيلُ الَّذِي يُسْلِي الْحُزْنَ مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا»
151 -
حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ السِّنْدِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
⦗ص: 124⦘
بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، قَالَ:«كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى بَابِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَانِي آتٍ لَمْ أَرَهْ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَقَالَ: إِنَّكَ قَدِ ابْتُلِيتَ بِهَذَا، وَفِي دُنُوِّكَ مِنْهُ الزَّيْغُ يَا رَجَاءُ، عَلَيْكَ بِالْمَعْرُوفِ وَعَوْنِ الضَّعِيفِ يَا رَجَاءُ إِنَّهُ مَنْ رَفَعَ حَاجَةً لَضَعِيفٍ إِلَى سُلْطَانٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ»
152 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْقُرَشِيُّ، أَنَّهُ عَادَ مَرِيضًا بِالْمِصِّيصَةِ فَسَمِعَهُ يَقُولُ:
[البحر الرمل]
بَادَرْتُ ذِي الدَّارُ ذَا الْمَالِ الَّذِي
…
جَمَعَ الدُّنْيَا بِحِرْصٍ مَا فَعَلْ
قَالَ: فَأَجَبْتُ:
كَانَ فِي دَارٍ سِوَاهَا سَاكِنًا
…
عَلَّلَتْهُ بِالْمُنَى ثُمَّ انْتَقِلْ
153 -
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الضَّبِّيُّ، أَنْبَأَنَا، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبَى يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ زَاذَانَ، قَالَ:«تَخَلَّفْتُ عَنِ الْجُمُعَةِ أَيَّامَ الْحَجَّاجِ جُمَعًا فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ جُمُعَةٍ تَهَيَّأْتُ لِلصَّلَاةِ فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] » الْآيَةُ
154 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي، الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي، أَبِي عَرَفَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْأَشْيَمِ الْعَبْدِيِّ وَلَقِيتُهُ بِالْمَوْصِلِ قَالَ:«خَرَجَ رَجُلٌ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الْعَرْشِ وَإِذَا حَوْلَهُ جَمْعٌ قَدْ أَحْدَقُوا بِهِ قَالَ: فَكَمَنَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ إِذْ جَاءَ شَيْءٌ حَتَّى جَلَسَ عَلَى ذَلِكَ الْعَرْشِ ثُمَّ قَالَ وَالرَّجُلُ يَسْمَعُ: كَيْفَ لِي بِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ؟ فَقَامَ شَخْصٌ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ فَقَالَ: أَنَا لَكُ بِهِ فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِ السَّاعَةَ قَالَ: فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ مَلِيًّا ثُمَّ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ لِي بِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ سَبِيلٌ فَقَالَ الَّذِي عَلَى الْعَرْشِ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَقُولُ كَلَامًا حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي فَلَيْسَ لِي إِلَيْهِ سَبِيلٌ قَالَ: فَتَفَرَّقَ ذَلِكَ الْجَمْعُ وَانْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى الْكُنَاسَةِ فَاشْتَرَى جَمَلًا ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ وَلَقِيَ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي يَقُولُهُ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي وَقَصَّ عَلَيْهِ الرَّجُلُ الْقِصَّةَ قَالَ: فَإِنِّي أَقُولُ حِينَ أُصْبِحُ وَحِينَ أُمْسِي: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبِتِ وَالطَّاغُوتِ وَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ الْوثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 126⦘
عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، حَدَّثَتْنِي عُبَيْدَةُ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبِي بِشْرٍ، عَنِ الْوَلِيدِ أَبِيهَا أَبِي بِشْرٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى شَجَرَةً أَوْ نَخْلَةً فَسَمِعَ فِيهَا حَرَكَةً فَتَكَلَّمَ فَلَمْ يُجَبْ فَقَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فَنَزَلَ إِلَيْهِ شَيْطَانٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ لَنَا مَرِيضًا فَبِمَ نَدَاوِيهِ؟ قَالَ: بِالَّذِي أَنْزَلْتَنِي بِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ»
156 -
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَسْوَدُ، حَدَّثَنَا، أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا، يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ، عَنْ أَبِي الْمُنِيبِ الْحِمْصِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ وخَشَاشُ الْأَرْضِ، وَصِنْفٌ كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ عَلَيْهِمُ الْحِسَابُ وَالْعِقَابُ»
157 -
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 127⦘
أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ:«بَيْنَا صَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْبَيْتِ إِذْ أَقْبَلَتْ حَيَّةٌ مِنْ بَابِ الْعِرَاقِ حَتَّى طَافَتْ بِالْبَيْتِ سَبْعًا ثُمَّ أَتَتِ الْحِجْرَ فَاسْتَلَمَتْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ، فَقَالَ:» أَيُّهَا الْجَانُّ قَدْ قَضَيْتَ عُمْرَتَكَ وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ بَعْضَ صِبْيَانِنَا فَانْصَرِفِي فَخَرَجَتْ رَاجِعَةً مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ "
158 -
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جُمْهُورٍ، حَدَّثَنِي، ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَجَبًا؟ بَيْنَا أَنَا بِفَلَاةِ كَذَا وَكَذَا إِذَا إِعْصَارَانِ قَدْ أَقْبَلَا أَحَدُهُمَا مِنْ هَاهُنَا وَالْآخَرُ مِنْ هَاهُنَا فَالْتَقَيَا فَتَعَارَكَا ثُمَّ تَفَرَّقَا وَإِذَا أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ فَجِئْتُ مُعْتَرَكَهُمَا، فَإِذَا الْحَيَّاتُ شَيْءٌ مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ قَطُّ كَثْرَةً وَإِذَا رِيحُ الْمِسْكِ مِنْ بَعْضِهَا فَقُمْتُ قَلَّبْتُ الْحَيَّاتِ كَيْمَا أَنْظُرَ مِنْ أَيُّهَا هُوَ؟ فَإِذَا ذَلِكَ مِنْ حَيَّةٍ صَفْرَاءَ دَقِيقَةٍ فَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِخَيْرٍ فِيهَا فَلَفَفْتُهَا فِي عِمَامَتِي ثُمَّ دَفَنْتُهَا فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ وَوَجَدْتُ فَقَالَ: «إِنَّكَ قَدْ هُدِيتَ ذَانِكَ حَيَّانِ مِنَ الْجِنِّ بَنُو الشَّيْصَبَانِ وَبَنُو أُقَيْشٍ الْتَقَوْا فَاقْتَتَلُوا وَكَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ مَا قَدْ رَأَيْتَ وَاسْتُشْهِدَ الَّذِي دَفَنْتَ وَكَانَ أَحَدَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْوَحْيَ
⦗ص: 128⦘
مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
159 -
أَخْبَرَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُسْتَلِمٌ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ حَبِيبٍ، قَالَ: رَأَتْ عَائِشَةُ حَيَّةً فِي بَيْتِهَا فَأَمَرَتْ بِقَتْلِهَا فَأُتِيَتْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهَا مِنَ النَّفْرِ الَّذِينَ سَمِعُوا الْوَحْيَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْيَمَنِ فَابْتِيعَ لَهَا أَرْبَعُونَ رَأْسًا فَأَعْتَقَتْهُمْ "
160 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا، أَبُو الْحَكَمِ الْخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ:«بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي أَحَدٍ إِذْ سَمِعَ هَاتِفًا يَهْتِفُ: اتْلُوا الْآيَاتِ، فَطُلِبَ فَلَمْ يُوجَدْ»
161 -
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " نَاحَتِ الْجِنُّ عَلَى عُمَرَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِثَلَاثٍ قَالَتْ:
[البحر الطويل]
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ
…
يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
وَلِيتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا
…
بَوَائِجَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ
…
لِيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالْأَمْسِ يُسْبَقِ
⦗ص: 129⦘
وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ وَفَاتُهُ
…
بِكَفَّيْ سَبَنْتَى أَزْرَقِ الْعَيْنِ مُطْرِقِ
فَيَا لَقَتِيلٍ بِالْمَدِينَةِ أَظْلَمَتْ
…
لَهُ الْأَرْضُ وَاهْتَزَّ الْعِضَاهُ بِأَسْوُقِ
فَلَقَّاكَ رَبِّي بِالْجِنَانِ تَحِيَّةً
…
وَمِنْ كِسْوَةِ الْفِرْدَوْسِ لَمْ تَتَخَرَّقِ
162 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَاهِلَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: «كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَخَوَانِ بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ فَتَصَارَمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الصَّرْمَ فَدُفِنَ بِالدَّوْمِ فَمَرَّ الْبَاقِي بِقَبْرِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ مِنَ الْقَبْرِ:
[البحر الطويل]
أَجِدَّكَ تَطْوِي الدَّوْمَ لَيْلًا وَلَا تَرَى
…
عَلَيْكَ لِأَهْلِ الدَّوْمِ أَنْ تَتَكَلَّمَا
وَبِالدَّوْمِ ثَاوٍ لَوْ ثَوَيْتَ مَكَانَهُ
…
فَمَرَّ بِأَهْلِ الدَّوْمِ عَاجَ وَسَلَّمَا
فَأُجِيبَ:
أَعُدُّ ذَنُوبًا فِيكَ كُنْتُ اجْتَرَمْتُهَا
…
فَلَا أَنَا فِيهَا كُنْتُ أَسْوَا وَأَظْلَمَا
تَرَكْتُكَ فِي طُولِ الْحَيَاةِ وَأَبْتَغِي
…
كَلَامَكَ لَمَّا كُنْتَ رَسْمًا وَأَعْظُمَا
قَالَ: فَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ آلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ صَاحِبَهُ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُ»
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي يَاسِينَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ الْحَسَنِ قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ فَقَامَ فَانْصَرَفَ إِلَى
⦗ص: 130⦘
أَهْلِهِ وَقَعَدْنَا بَعْدَهُ نَتَحَدَّثُ فِي مَشْيَخَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: فَدَخَلَ بَدَوِيُّ مِنْ بَعْضِ أَعْرَابِ بَنِي سُلَيْمٍ الْمَسْجِدَ فَجَعَلَ يَسْأَلُ، مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ؟ فَقُلْتُ: لَهُ اقْعُدْ فَقَعَدَ فَقُلْتُ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَكَانَ لِي أَخٌ مِنْ أَشَدِّ قَوْمِهِ فَعَرَضَ لَهُ بَلَاءٌ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى شَدَدْنَاهُ فِي الْحَدِيدِ وَكُنَّا مَعَهُ فِي عَنَاءٍ فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَحَدَّثُ فِي نَادِينَا إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَا نَرَى أَحَدًا فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ إِنَّا جَاوَرْنَاكُمْ فَلَمْ نَرَ بِجَوَارِكُمْ بَأْسًا وَلَمْ نَرَ مِنْكُمْ إِلَّا خَيْرًا وَإِنَّ سَفِيهًا لَنَا تَعَرَّضَ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا فَأَرَدْنَاهُ عَلَى تَرْكِهِ فَأَبَى فَلَمَّا رَأَيْنَا ذَلِكَ أَحْبَبْنَا أَنْ نَعْتَذِرَ إِلَيْكُمْ، ثُمَّ قَالَ: يَا فُلَانُ لِأَخِيهِ: انْظُرْ إِذَا كَانَ يَوْمُ كَذَا وَكَذَا فَاجْمَعْ قَوْمَكَ ثُمَّ شُدَّهُ وَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِنْ يَفْلِتُكُمْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ أَبَدًا ثُمَّ احْمِلْهُ عَلَى بَعِيرٍ فَأْتِ بِهِ وَادِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ خُذْ مِنْ بَقْلَةِ الْوَادِي قَرْصَةً ثُمَّ أَوْجِرْهُ إِيَّاهُ وَإِيَّاكَ أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ إِنْ يَنْفَلِتْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ أَبَدًا فَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ فَمَنْ يَدُلُّنِي عَلَى هَذَا الْوَادِي وَعَلَى هَذَا الْبَقْلِ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ فَإِنَّكَ تَسْمَعُ صَوْتًا أَمَامَكَ فَاتَّبِعِ الصَّوْتَ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ جَمَعْتُ قَوْمِي فَإِذَا أَخِي لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ قُوَّةً وَشِدَّةً فَلَمْ نَزَلْ نُعَالِجُهُ حَتَّى اسْتَوْثَقْنَاهُ ثُمَّ
⦗ص: 131⦘
حَمَلْتُهُ عَلَى بَعِيرٍ فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ أَمَامِي إِلَيَّ فَلَمْ نَزَلْ نَتَّبِعُ الصَّوْتَ وَهُوَ يَقُولُ إِلَيَّ فُلَانُ اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِنْ يَنْفَلِتْ مِنْكُمْ فَلَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ أَبَدًا ثُمَّ قَالَ: اهْبِطْ هَذَا الْوَادِي، قَالَ: أَنِخْ وَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبُنَا لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ شِدَّةً وَقُوَّةً فَاسْتَوْثَقْنَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا فُلَانُ، قُمْ فَخُذْ مِنْ هَذَا الْبَقْلُ فَافْعَلْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى فَعَلْنَا مَا أَمَرَنَا وَهُوَ يَقُولُ: اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِنْ يَنْفَلِتْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ قَالَ: فَإِذَا نَحْنُ لَا نُطِيقُ صَاحِبَنَا فَجَعَلَ يُنَادِي اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ حَتَّى أَوْثَقْنَاهُ فَلَمَّا وَقَعَ فِي جَوْفِهِ جَلَّى عَنَّا وَعَنْ نَفْسِهِ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ: يَا أَخِي مَا بَلَغَ مِنْ أَمْرِي حَتَّى فَعَلْتُمْ بِي هَذَا؟ قَالَ: قُلْتَ: يَا أَخِي لَا تَسْأَلْنَا قَالَ: يَا أَخِي أَخْبِرْنِي مَا الَّذِي بَلَغَ مِنْ أَمْرِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى مَا أَرَى؟ قَالَ: يَا أَخِي لَا تَسْأَلْنَا فَقَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ وَأَطْلِقُوهُ مِنَ الْحَدِيدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ الَّذِيَ لَقِينَا مِنْهُ وَأَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَطْلِقُوهُ فَأَطْلَقْنَاهُ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ بَعْدَمَا أَطْلَقْنَاهُ فَقَالَ: يَا أَخِي مَا كَانَ أَمْرِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى مَا أَرَى؟ قُلْتُ: لَا تَسْأَلْنِي قَالَ: خَلُّوا عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَحْسَنْتَ إِلَيْنَا وَلَكِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخْبِرْنِي بِهِ قَالَ: مَا هُوَ قُلْتُ: إِنَّكَ حِينَ قُلْتَ لَنَا مَا قُلْتَ نَذَرْتُ إِنِ اللَّهُ عز وجل عَافَى أَخِي أَنْ أَحُجَّ مَاشِيًا مَزْمُومًا قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ هُنَا لَشَيْءٌ مَا
⦗ص: 132⦘
لَنَا بِهِ عِلْمٌ وَلَكِنْ أَدُلُّكَ اهْبِطْ هَذَا الْمَوْضِعَ مَوْضِعًا قَدْ سَمَّاهُ فَأْتِ الْبَصْرَةَ فَاسْأَلْ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَاسْأَلْهُ عَنْ هَذَا وَانْتَهِ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ قَالَ: فَجِئْنَا إِلَى بَابِ الْحَسَنِ فَاسْتَأْذَنْتُ فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: هَذَا أَبُو يَاسِينَ بِالْبَابِ قَالَ: قُولِي لَهُ فَلْيَدْخُلْ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ فِي غَرْفَةٍ أَظُنُّهَا مِنْ قَصَبٍ وَإِذَا فِي الْغُرْفَةِ سَرِيرٌ مَرْمُولٌ مِنْ شَرِيطٍ وَإِذَا الْحَسَنُ قَاعِدٌ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَقَالَ: يَا أَبَا يَاسِينَ إِنَّمَا عَهْدِي بِكَ مِنْ سَاعَةٍ فَمَا حَاجَتُكَ؟ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَعِي غَيْرِي فَأَذِنَ لَهُ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لِلْخَدَمِ: ائْذَنُوا لَهُ قَالَ: فَدَخَلَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ مَعَهُ فَقُلْتُ لَهُ أَعِدْ حَدِيثَكَ كَمَا حَدَّثْتَنِي فَأَخَذَ فِي أَوَّلِهِ وَالْحَسَنُ مُسْتَقْبِلُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: ائْتِهِ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَبَكَى وَاللَّهِ الْحَسَنُ، وَقَالَ:«أَمَّا الزِّمَامُ فَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فَلَا تُزِمَّ نَفْسَكَ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأَمَّا الْمَشْيُ فَامْشِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عز وجل وَأَوْفِ بِنَذْرِكَ»
164 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى حَائِطٍ لَهُ فَسَمِعَ فِيهِ جَلَبَةً فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَأَرَدْنَا أَنْ نَصِيبَ مِنْ ثِمَارِكُمْ أَفَتُطَيِّبُونَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ ثُمَّ خَرَجَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ فَسَمِعَ فِيهِ
⦗ص: 133⦘
أَيْضًا جَلَبَةً فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَأَرَدْنَا أَنْ نَصِيبَ مِنْ ثِمَارِكُمْ أَفَتُطَيِّبُونَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَلَا تُخْبِرُنِي مَا الَّذِي يُعِيذُنَا مِنْكُمْ؟ قَالَ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ "
165 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَدْرٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«أَبْطَأَ خَبَرُ عُمَرَ عَلَى أَبِي مُوسَى فَأَتَى امْرَأَةً فِي بَطْنِهَا شَيْطَانٌ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ إِلَيَّ الشَّيْطَانُ فَجَاءَ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ مُؤْتَزِرًا بِكِسَاءٍ يَهْنَأُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ وَذَاكَ لَا يَرَاهُ شَيْطَانٌ إِلَّا خَرَّ لِمِنْخَرِهِ الْمَلَكُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرُوحُ الْقُدُسِ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ»
166 -
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي الْمُؤَمَّلُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَوْصِلِيُّ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شَيْبَانَ، قَالَ: «كُنْتُ لَيْلَةَ قُتِلَ الْمُتَوَكِّلُ فِي مَنْزِلِي بِالشَّامِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا جَعْفَرٌ فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَهَاتِفٌ يَهْتِفُ فِي زَوَايَا الدَّارِ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
يَا نَائِمَ اللَّيْلِ فِي جُثْمَانِ يَقْظَانِ
…
أَفِضْ دُمَوعَكَ يَا عَمْرُو بْنَ شَيْبَانِ
فَفَزِعْتُ لِذَلِكَ ثُمَّ إِنِّي نِمْتُ فَأَعَادَ الصَّوْتُ فَمَا زَالَ
⦗ص: 134⦘
عَلَى هَذَا ثَلَاثَ مِرَارٍ كَأَنَّهُ يُفَهِّمُنِي فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: أَعْطِينِي دَوَاةً وقِرْطَاسًا فَوَضَعْتُهُ بِجَنْبِي فَانْدَفَعَ يَقُولُ:
يَا نَائِمَ اللَّيْلِ. . الْبَيْتَ
أَمَا تَرَى الْعُصْبَةَ الْأَنْجَاسَ مَا فَعَلُوا
…
بِالْهَاشِمِيِّ وَبِالْفَتْحِ بْنِ خَاقَانِ
وَافَى إِلَى اللَّهِ مَظْلُومًا فَعَجَّ لَهُ
…
أَهْلُ السَّمَاوَاتِ مِنْ مَثْنَى وَوُحْدَانِ
فَالطَّيْرُ سَاهِمَةٌ وَالْغَيْثُ مُنْحَبِسٌ
…
وَالنَّبْتُ مُنْتَقِصٌ فِي كُلِّ إِبَّانِ
وَالسِّعْرَ يَنْقُصَ وَالْأَنْهَارَ يَابِسَةٌ
…
وَالْأَرْضُ هَامِدَةٌ فِي كُلِّ أَوْطَانِ
وَسَوْفَ تَأْتِيكُمُ أُخْرَى مُسَوَّمَةً
…
تَوَقَّعُوهَا لَهَا شَأْنٌ مِنَ الشَّانِ
فَابْكُوا عَلَى جَعْفَرٍ وَارْثُوا خَلِيفَتَكُمْ
…
فَقَدْ بَكَاهُ جَمِيعُ الْإِنْسِ وَالْجَانِ»
167 -
وَحَدَّثَنِي مَيْسَرَةُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: «كُنْتُ بِسَامَرَّاءَ بَعْدَ قَتْلِ الْمُتَوَكِّلِ فَرَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ:
[البحر الهزج]
لَقَدْ خَلَّوْكَ وَانْصَدَعُوا
…
فَمَا أَلْوَوْا وَلَا رَبَعُوا
وَلَمْ يُوفُوا بِعَهْدِهِمُ
…
فَتَبًّا لِلَّذِي صَنَعُوا
أَلَا يَا مَعْشَرَ الْمَوْتَى
…
إِلَى مَنْ كُنْتُمُ تَقَعُ
لَيِطْلُبْهَا فَإِنَّ الْقَلْـ
…
ـبَ قَدْ أَوْدَى بِهِ الْوَجَعُ
وَلَمْ نَعْرِفْ لَكُمْ خَبَرًا
…
فَقَلْبِي حَشْوُهُ جَزَعُ.
فَبَكَيْتُ فِي يَوْمٍ أَشَدَّ الْبُكَاءِ فَانْتَبَهْتُ وَقَدْ حَفِظْتُ الْأَبْيَاتَ فَقَالَ لِي صَاحِبٌ كَانَ مَعِي: مَا قِصَّتُكَ مَا زِلْتَ سَائِرَ لَيْلَتِكَ تَبْكِي فِي نَوْمِكَ»
168 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجُنَيْدِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْجِنِّ يَخْطُبُ فَتَاتَنَا فَقَالَ الْحَسَنُ: لَا تُزَوِّجُوهُ وَلَا تُكْرِمُوهُ، فَأَتَى قَتَادَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْخَطَّابِ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْجِنِّ يَخْطُبُ فَتَاةً لَنَا فَقَالَ: لَا تُزَوِّجُوهُ وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ فَقُولُوا: إِنَّا نُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا لَمَا انْصَرَفْتَ عَنَّا وَلَمْ تُؤْذِنَا فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَ الْجِنِّيُّ حَتَّى قَامَ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ: أَتَيْتُمُ الْحَسَنَ فَسَأَلْتُمُوهُ فَقَالَ لَكُمْ: لَا تُزَوِّجُوهُ وَلَا تُكْرِمُوهُ، ثُمَّ أَتَيْتُمْ قَتَادَةَ فَسَأَلْتُمُوهُ فَقَالَ: لَا تُزَوِّجُوهُ وَلَكِنْ قُولُوا لَهُ: إِنَّا نُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا لَمَا انْصَرَفْتَ عَنَّا وَلَمْ تُؤْذِنَا قَالُوا: نَعَمْ فَإِنَّا نُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ رَجُلًا مُسْلِمًا لَمَا انْصَرَفْتَ عَنَّا وَلَمْ تُؤْذِنَا فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ وَلَمْ يُؤْذِهِمْ»
169 -
حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، «أَنَّهُ كَرِهَ تَزْوِيجَ الْجِنِّ»
170 -
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ عُقْبَةَ الْأَصَمِّ، سَمِعَ الْحَسَنَ، وَقَتَادَةَ «وَسُئِلَا عَنْ تَزْوِيجِ الْجِنِّ، فَكَرِهَاهُ»
171 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
⦗ص: 136⦘
خَالِدٍ، سَمِعْتُ سَهْلًا الْخُرَاسَانِيَّ، أَوْ غَيْرَهُ قَالَ:«كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَى شَابٍّ بِالشَّهَادَةِ فَجَعَلَ يَقُولُ: اسْقُونِي شَرْبَةً مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ فَسَمِعُوا صَوْتًا بَلْ نَسْقِيكَ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَمِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَمِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَمِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ»
172 -
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَخْلَدٍ، قَالَ:«قَدِمْتُ مِنْ مَكَّةَ مَعَ قَوْمٍ فَدَعَتْنِي نَفْسِي إِلَى أَمْرِ سُوءٍ فَسَمِعْتُ هَاتِفًا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ: وَيْلَكَ أَلَمْ تَحُجَّ وَيْلَكَ أَلَمْ تَحُجَّ؟ فَعَصَمَنِي اللَّهُ عز وجل إِلَى السَّاعَةِ»
173 -
وَحُدِّثْتُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بَكْرٍ الْعَابِدِ، قَالَ: " كُنْتُ بِقَزْوِينَ فَسَمِعْتُ هَاتِفًا يَهْتِفُ بِاللَّيْلِ:
[البحر الوافر]
قَسَا قَلْبِي فَيَأْبَى أَنْ يَلِينَا
…
أَنَامُ وَأَغْبِطُ الْمَتَهَجِّدِينَا
174 -
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ «كَانَ لَهُ جُرْنٌ فِيهِ تَمْرٌ وَكَانَ يَتَعَاهَدُهُ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ فَحَرَسَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِدَابَّةٍ تُشْبِهُ الْغُلَامَ الْمُحْتَلِمَ قَالَ:
⦗ص: 137⦘
فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ السَّلَامَ فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ أَجِنِّيٌّ أَمْ إِنْسِيٌّ؟ قَالَ: جِنِّيٌّ قُلْتَ: نَاوِلْنِي يَدَكَ فَنَاوَلَنِي يَدَهُ فَإِذَا يَدُ كَلْبٍ وَشَعْرُ كَلْبٍ قُلْتُ: هَكَذَا خَلْقُ الْجِنِّ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنُّ مَا فِيهِمْ أَشَدُّ مِنِّي قُلْتُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَصِيبَ مِنْ طَعَامِكَ قَالَ: فَقَالَ لَهُ أُبَيُّ: فَمَا الَّذِي يُجِيرُنَا مِنْكُمْ؟ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ فَغَدَا أُبَيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:» صَدَقَ الْخَبِيثُ "
175 -
حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ الْعُكْلِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ مِنْ أَهْلِ مَرْوٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّةِ الشَّيْطَانِ حِينَ أَخَذْتَهُ قَالَ: جَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَدَقَةِ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلْتُ التَّمْرَ فِي غَرْفَةٍ قَالَ: فَوَجَدْتُ فِيهِ نُقْصَانًا فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ: «هَذَا الشَّيْطَانُ يَأْخُذُهُ»
⦗ص: 138⦘
قَالَ: فَدَخَلْتُ الْغُرْفَةَ وَأَغْلَقْتُ الْبَابَ عَلَيَّ فَجَاءَتْ ظُلْمَةٌ عَظِيمَةٌ فَغَشِيَتِ الْبَابَ ثُمَّ تَصَوَّرَ فِي صُورَةٍ ثُمَّ تَصَوَّرَ فِي صُورَةٍ أُخْرَى فَدَخَلَ مِنْ شَقِّ الْبَابِ فَشَدَدْتُ إِزَارِي عَلَيَّ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ التَّمْرِ فَوَثَبْتُ إِلَيْهِ فَضَبَطْتُهُ فَالْتَقَتْ يَدَايَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ: خَلِّ عَنِّي فَإِنِّي كَبِيرٌ ذُو عِيَالٍ كَثِيرٍ وَأَنَا مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ وَكَانَتْ لَنَا هَذِهِ الْقَرْيَةُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثُ صَاحِبُكُمْ فَلَمَّا بُعِثَ أُخْرِجْنَا مِنْهَا خَلِّ عَنِّي فَلَنْ أَعُودَ إِلَيْكَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَجَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا كَانَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ وَنَادَى مُنَادِيهِ أَيْنَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ؟ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ» فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَعُودُ فَعُدْ» قَالَ: فَدَخَلْتُ الْغُرْفَةَ وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ الْبَابَ فَجَاءَ فَدَخَلَ مِنْ شَقِّ الْبَابِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ التَّمْرِ فَصَنَعْتُ بِهِ كَمَا صَنَعْتُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَالَ: خَلِّ عَنِّي فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ إِلَيْكَ فَقُلْتُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَلَمْ تَقُلْ: إِنَّكَ لَنْ تَعُودَ قَالَ: فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ مِنْكُمْ خَاتِمَةَ الْبَقَرَةِ فَيَدْخُلَ أَحَدٌ مِنَّا فِي بَيْتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ "
176 -
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُرَّةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: «عَاتَبَ صَاحِبُ شُرْطَةِ مُعَاوِيَةَ ابْنًا لَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ ثُمَّ قَامَ حَتَّى أَغْلَقَ الْبَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَابْنُهُ فِي الصُّفَّةِ فَأَرِقَ الْفَتَى مِنْ سَخَطِ أَبِيهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا مُنَادٍ يُنَادِي عَلَى الْبَابِ: يَا سُوَيْدُ، يَا سُوَيْدُ، فَقَالَ الْفَتَى: وَاللَّهِ مَا فِي دَارِنَا سُوَيْدٌ حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ قَالَ: فَانْخَرَطَ لَنَا سِنَّوْرٌ أَسْوَدُ مِنْ شَرْجَعٍ لَنَا فِي الصُّفَّةِ قَالَ: فَأَتَى الْبَابَ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا فُلَانٌ قَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ: فَمَا حَدَثَ فِيهَا، قَالَ: قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُطْعِمُنِيهِ فَإِنِّي غَرْثَانُ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَقَدْ خَمَّرُوا آنِيَتَهُمْ وَسَمَّوْا عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّ هَاهُنَا سُفُّودًا شَوَوْا عَلَيْهِ شَوْيَةً لَهُمْ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ فَهَلْ لَكَ فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَجَاءَ سُوَيْدٌ السِّنَّوْرَ وَالسَّفُّودُ مُسْنَدٌ فِي زَاوِيَةِ الصُّفَّةِ قَالَ: فَغَمَّضَ الْفَتَى عَيْنَيْهِ فَأَخَذَ سُوَيْدٌ السَّفُّودَ فَأَخْرَجَهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ قَالَ: فَعَرَقَهُ حَتَّى سَمِعْتُ عَرَقَهُ إِيَّاهُ قَالَ: ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَأَسْنَدَهُ فِي زَاوِيَةِ الصُّفَّةِ قَالَ: فَقَامَ الْفَتَى فَضَرَبَ عَلَى أَبِيهِ الْبَابَ حَتَّى أَيْقَظَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: فُلَانٌ، اخْرُجْ إِلَيَّ، قَالَ: لَا. قَالَ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَفَتَحَ لَهُ قَالَ: أَسْرِجْ لِي فَأَسَرَجَ لَهُ فَأَتَى بَابَ مُعَاوِيَةَ فَطَلَبَ الْإِذْنَ حَتَّى وَصَلَ إِلَيْهِ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ قَالَ: مَنْ سَمِعَ
⦗ص: 140⦘
هَذَا؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمِعَهُ ابْنُ أَخِيكَ فُلَانٌ قَالَ: وَمَعَكَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَدْخَلَهُ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ قَالَ: فَكَتَبَ تِلْكَ السَّاعَةَ وَتِلْكَ اللَّيْلَةَ فَكَانَتْ كَذَلِكَ»
177 -
حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: «كَانَ يَلْتَقِي هُوَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي الْمَوْسِمِ فِي كُلِّ عَامٍ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ وَنَامَتِ الْعُيُونُ، وَمَعَهُمَا جُلَّاسٌ لَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ إِلَيْهِمْ فَبَيْنَا هُمَا ذَاتَ يَوْمٍ يَتَحَدَّثَانِ مَعَ جُلَسَائِهِمَا إِذْ أَقْبَلَ طَائِرٌ لَهُ حَفِيفٌ حَتَّى وَقَعَ إِلَى جَانِبِ وَهْبٍ فِي الْحَلْقَةِ فَسَلَّمَ فَرَدَّ وَهْبٌ عليه السلام وَعَلِمَ أَنَّهُ مِنَ الْجِنِّ مِنْ مُسْلِمِيهِمْ. قَالَ وَهْبٌ: فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أَوَ تُنْكِرُ عَلَيْنَا أَنْ نُجَالِسَكُمْ وَنَحْمِلَ عَنْكُمُ الْعِلْمَ إِنَّ لَكُمْ فِينَا رُوَاةً كَثِيرَةً وَإِنَّا لَنَحْضُرَكُمْ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْ صَلَاةٍ وَجِهَادٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَشَهَادَةِ جَنَازَةٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَنَحْمِلُ عَنْكُمُ الْعِلْمَ وَنَسْمَعُ مِنْكُمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ: فَأَيُّ رُوَاةِ الْجِنِّ عِنْدَكُمْ أَفْضَلُ؟ قَالَ: رُوَاةُ هَذَا الشَّيْخِ وَأَشَارَ إِلَى الْحَسَنِ فَلَمَّا رَأَى الْحَسَنُ وَهْبًا قَدْ شُغِلَ عَنْهُ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَنْ تُحَدِّثُ؟ قَالَ: بَعْضُ جُلَسَائِنَا فَلَمَّا قَامَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا سَأَلَ الْحَسَنُ وَهْبًا فَأَخْبَرَهُ وَهْبٌ خَبَرَ الْجِنِّيِّ وَكَيْفَ فَضَّلَ رُوَاةَ الْحَسَنِ عَلَى غَيْرِهِمْ قَالَ الْحَسَنَ لِوَهْبٍ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ هَذَا
⦗ص: 141⦘
الْحَدِيثَ لِأَحَدٍ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يُنْزِلَهُ النَّاسُ عَلَى غَيْرِ مَا جَاءَ قَالَ وَهْبٌ: فَكُنْتُ أَلْقَى ذَلِكَ الْجِنِّيَّ فِي الْمَوْسِمِ كُلَّ عَامٍ فَيَسْأَلُنِي وَأُخْبِرُهُ وَلَقَدْ لَقِيَنِي عَامًا فِي الطَّوَافِ فَلَمَّا قَضَيْنَا طَوَافَنَا قَعَدْتُ أَنَا وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لَهُ: نَاوِلْنِي يَدَكَ فَمَدَّ إِلَيَّ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ مِثْلُ بُرْثُنِ الْهِرَّةِ وَإِذَا عَلَيْهَا وَبَرٌ ثُمَّ مَدَدْتُ يَدِي حَتَّى بَلَغْتُ مَنْكِبَهُ فَإِذَا مَرْجِعُ جَنَاحٍ قَالَ: فَأَغْمَزَ يَدَهُ غَمْزَةً ثُمَّ تَحَدَّثْنَا سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، نَاوِلْنِي يَدَكَ كَمَا نَاوَلْتُكَ يَدِي قَالَ: فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ عز وجل لَقَدْ غَمَزَ يَدِي غَمْزَةً حِينَ نَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ حَتَّى كَادَ يُصَيِّحُنِي وَضَحِكَ قَالَ وَهْبٌ: فَكُنْتُ أَلْقَى ذَلِكَ الْجِنِّيَّ فِي كُلِّ عَامٍ فِي الْمَوَاسِمِ ثُمَّ فَقَدْتُهُ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ قُتِلَ قَالَ: وَسَأَلَ وَهْبٌ الْجِنِّيَّ أَيُّ جِهَادِكُمْ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جِهَادُ بَعْضِنَا بَعْضًا»