الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفقه بِالشَّام على القَاضِي أبي سعد عبد اله بن أبي عصرونَ ورحل إِلَى بَغْدَاد وتفقه بالنظامية وَعَاد إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَولي تدريس الْمدرسَة الحافظية وَكَانَ من الْعلمَاء المتقنين
وروى بالثغر عَن أبي الْفرج عبد الرَّحْمَن بن الْجَوْزِيّ وَأبي الثَّنَاء مَحْمُود بن نصر بن الشعار الْحَرَّانِي وَأبي أَحْمد بن سُكَينة وبورة قَرْيَة من أَعمال دمياط وَتُوفِّي فِي سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بِالْقَاهِرَةِ
هبة الله بن وَزِير
هُوَ أَبُو المكارم الشَّاعِر الْمصْرِيّ
تقدّم فِي حرف الْمِيم على أَن اسمَه مَكَارِم وَالصَّحِيح هبة الله [431]
71 -
وَزِير الْمهْدي يَعْقُوب بن دَاوُد بن عمر بن عُثْمَان بن طهْمَان السّلمِيّ بِالْوَلَاءِ مولى أبي صَالح عبد الله بن حَازِم السّلمِيّ وَالِي خُرَاسَان
كَانَ يَعْقُوب كَاتب إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَ أَبوهُ دَاوُد وَإِخْوَته كتابا لنصر بن سيار عَامل خُرَاسَان وَلما مَاتَ دَاوُد نَشأ ولداه عَليّ وَيَعْقُوب على أدب وَفضل وافتنان فِي صنوف الْعُلُوم وَلما ظهر الْمَنْصُور على إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور ظفر بِيَعْقُوب فحبسه فِي المطبق وَكَانَ يَعْقُوب سَمحا جوادا كثير الْبر وَالصَّدَََقَة واصطناع الْمَعْرُوف وَكَانَ مَقْصُودا ممدحا مدحه أَعْيَان الشُّعَرَاء مثل أبي الشيص وَسلم الخاسر وَغَيرهمَا
وَلما مَاتَ الْمَنْصُور وَقَامَ من بعده الْمهْدي جعل يتَقرَّب إِلَيْهِ حَتَّى أدناه وَاعْتمد عَلَيْهِ وعلت مَنْزِلَته عِنْده وَعظم شَأْنه حَتَّى خرج كِتَابه من الدَّوَاوِين إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ قد آخى يَعْقُوب بن دَاوُد فَقَالَ فِي ذَلِك سلم الخاسر
(قل للْإِمَام الَّذِي جَاءَت خِلَافَته
…
تهدى إِلَيْهِ بِحَق غير مَرْدُود)
(نعم القرين على التَّقْوَى استعنت بِهِ
…
أَخُوك فِي الله يَعْقُوب بن دَاوُد)
وَحج الْمهْدي فِي سنة سِتّ وَمِائَة وَيَعْقُوب مَعَه وَلم يكن ينفذ شَيْء من كتب الْمهْدي حَتَّى يرد كتاب من يَعْقُوب إِلَى أَمِينه بإنفاذه
وَكَانَ الْمَنْصُور قد خلف فِي بيُوت المَال تسع مئة ألف ألف دِرْهَم وَسِتِّينَ ألف ألف دِرْهَم
وَكَانَ الْوَزير أَبُو عبيد الله يُشِير على الْمهْدي بالاقتصار من الْإِنْفَاق
وَحفظ الْأَمْوَال فَلَمَّا عَزله وَولى يَعْقُوب زين لَهُ هَوَاهُ فأنفق الْأَمْوَال وانكب على اللَّذَّات وَالشرب وَسَمَاع الْغناء واستقل يَعْقُوب بِالتَّدْبِيرِ
فَفِي ذَلِك يَقُول بشار بن برد [432]
(بَنو أُميَّة هبوا طَال نومكم
…
إِن الْخَلِيفَة يَعْقُوب بن دَاوُد)
(ضَاعَت خلافتكم يَا قُم فالتمسوا
…
خَليفَة الله بَين الناي وَالْعود)
ثمَّ إِن الْمهْدي أَرَادَ أَن يمتجنه فِي ميله إِلَى العلوية فَدَعَا بِهِ يَوْمًا وَهُوَ فِي مجْلِس فرشه موردة وَعَلِيهِ ثِيَاب موردة وعَلى رَأسه جَارِيَة عَلَيْهَا ثِيَاب موردة وَهُوَ مشرف على بُسْتَان فِيهِ صنوف من الْورْد
فَقَالَ لَهُ يَا يَعْقُوب كَيفَ ترى مَجْلِسنَا
قَالَ فِي غَايَة الْحسن متع الله أَمِير الْمُؤمنِينَ بِهِ
فَقَالَ لَهُ جَمِيع مَا فِيهِ هُوَ لَك وَهَذِه الْجَارِيَة لَك ليتم سرورك وَقد أمرت لَهُ بمئة ألف دِرْهَم
فَدَعَا لَهُ
فَقَالَ لَهُ الْمهْدي لي إِلَيْك حَاجَة
فَقَامَ قَائِما وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا هَذَا القَوْل إِلَّا لموجدة وَأَنا أستعيذ بِاللَّه من سخطك
فَقَالَ أحب أَن تضمن لي قضاءها
فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة
فَقَالَ لَهُ وَالله
فَقَالَ وَالله ثَلَاثًا
فَقَالَ ضع يدك على رَأْسِي واحلف بِهِ
فَفعل
فَلَمَّا استوثق مِنْهُ قَالَ هَذَا فلَان بن فلَان بن العلوية أحب أَن تكفيني مُؤْنَته وتريحني مِنْهُ فَخذه إِلَيْك فحوله وحول الْجَارِيَة وَمَا كَانَ فِي الْمجْلس فلشدة سروره بالجارة جعلهَا فِي مجْلِس بِقرب مِنْهُ ليصل إِلَيْهَا وَوَجهه فأحضر الْعلوِي فَوَجَدَهُ لبيبا فهما فَقَالَ لَهُ وَيحك يَا يَعْقُوب تلقى الله تَعَالَى بدمي وَأَنا رجل من ولد فَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ لَهُ يَعْقُوب يَا هَذَا فِيك خير
فَقَالَ إِن فعلت خيرا معي شكرت ودعوت لَك
فَقَالَ لَهُ خُذ هَذَا المَال وَخذ أَي طَرِيق شِئْت
فَقَالَ طَرِيق كَذَا وَكَذَا آمن لي
فَقَالَ امْضِ مصاحبا
وَسمعت الْجَارِيَة الْكَلَام كُله فوجهت مَعَ بعض خدمها إِلَى الْمهْدي وَقَالَت هَذَا الَّذِي آثَرته على نَفسك فعل هَذَا وَكَانَ هَذَا جزاؤك مِنْهُ فَوجه الْمهْدي فَأمْسك الطَّرِيق [433] حَتَّى ظفر بالعلوي وَالْمَال ثمَّ وَجه إِلَى
يَعْقُوب فَأحْضرهُ فَقَالَ لَهُ مَا حَال الرجل
قَالَ قد أراحك الله مِنْهُ
قَالَ مَاتَ
قَالَ نعم
قَالَ وَالله
قَالَ وَالله
قَالَ فضع يدك على رَأْسِي
فَوضع يَده على رَأسه وَحلف بِهِ
فَقَالَ يَا غُلَام اخْرُج إِلَيْنَا
فَفتح الْبَاب عَن الْعلوِي وَالْمَال بِعَيْنِه فَبَقيَ متحيرا وَامْتنع الْكَلَام
فَقَالَ لَهُ الْمهْدي لقد حل دمك وَلَو شِئْت لأرقته وَلَكِن احْبِسُوهُ فِي المطبق فحبسوه وَأمر أَن يطوى خَبره عَنهُ وَعَن كل أحد
قَالَ عبد الله بن يَعْقُوب أَخْبرنِي أبي أَن الْمهْدي حَبسه فِي بِئْر وَبنى عَلَيْهِ قبَّة فَقَالَ فَكنت فِيهَا خمس عشرَة سنة وَكَانَ يدلى لي كل يَوْم رغيف وكوز مَاء أُوذِنَ بأوقات الصَّلَاة فَلَمَّا كَانَ فِي رَأس ثَلَاث عشرَة أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ
(حَنى على يُوسُف رب فَأخْرجهُ
…
من قَعْر جب وَبَيت حوله غمم)
قَالَ فجهزت لله تَعَالَى وَقلت أَتَانِي الْفرج ثمَّ مكثت حولا لَا أرى شَيْئا ثمَّ أَتَانِي ذَلِك الْآتِي فأنشدني
(عَسى فرج يَأْتِي بِهِ الله أَنه
…
لَهُ كل يَوْم فِي خليقته أَمر)
قَالَ ثمَّ أَقمت حولا آخر لَا أرى شَيْئا ثمَّ أَتَانِي ذَلِك الْآتِي بعد حول وَقَالَ
(عَسى الكرب الَّذِي أمسيت فِيهِ
…
يكون وَرَاءه فرج قريب)
(فَيَأْمَن خَائِف ويفك عان
…
وَيَأْتِي أَهله النائى الْغَرِيب)
فَلَمَّا أَصبَحت نوديت فَظَنَنْت أَنِّي أُوذِنَ بِالصَّلَاةِ فدلي لي حَبل أسود وَقيل اشدده بتكك فَفعلت
فَلَمَّا أَخْرجُونِي وقابلت الضَّوْء عشي بَصرِي فَانْطَلقُوا بِي فأدخلت على [434] الرشيد فَقيل لي سلم على أَمِير الْمُؤمنِينَ
فَقلت السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته الْمهْدي
فَقَالَ لست بِهِ
فَقلت السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته الْهَادِي
فَقَالَ لست بِهِ
فَقلت السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته الرشيد
فَقَالَ يَا يَعْقُوب بن دَاوُد وَالله مَا شفع فِيك أحد عِنْدِي غير أَنِّي حملت اللَّيْلَة صبية لي على عنقِي فَذكرت حملك إيَّايَ على عُنُقك فرثيت لَك من الْمحل الَّذِي أَنْت فِيهِ
ثمَّ إِنَّه رد مَاله إِلَيْهِ وخيره الْمقَام حَيْثُ يُرِيد فَاخْتَارَ مَكَّة فَأذن لَهُ فَأَقَامَ بِهِ حَتَّى مَاتَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَقيل سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
وَلما أطلق سَأَلَ عَن جمَاعَة من إخوانه فأخبروه بموتهم فَقَالَ
(لكل أنَاس مقبر بفنائهم
…
فهم ينقصُونَ والقبور تزيد)
(هم جيرة الْأَحْيَاء أما محلهم
…
فدان وَأما الْمُلْتَقى فبعيد)
وَلما عَزله الْمهْدي عَن الوزارة ولاها الْفَيْض بن شيرويه وَقد تقدم ذكره فِي حرف الْفَاء فِي مَكَانَهُ [435]
72 -
الْحَافِظ يَعْقُوب بن شيبَة بن الصَّلْت بن عُصْفُور الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو يُوسُف السدُوسِي الْبَصْرِيّ نزيل بَغْدَاد وثقة الْخَطِيب وَغَيره
وصنف مُسْندًا كَبِيرا إِلَى الْغَايَة القصوى وَلم يتمه وَلَو تمّ لجاء فِي مِائَتي مُجَلد كَانَ فِي منزله أَرْبَعُونَ لحافا لمن يبت عِنْده من الوراقين الَّذين يبيضون الْمسند وَلَزِمَه على مَا خرج مِنْهُ عشرَة آلَاف دِينَار وَقيل إِن نُسْخَة بِمُسْنَد أبي هُرَيْرَة مِنْهُ بِمصْر شوهدت فَكَانَت مِائَتي جُزْء وَالَّذِي جهز لَهُ من الْمسند مُسْند الْعشْرَة وَابْن مَسْعُود وعمار وَعتبَة بن غَزوَان وَالْعَبَّاس وَبَعض الموَالِي
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَبَلغنِي أَن مُسْنده رضي الله عنه فِي خمس مجلدات وَكَانَ يقف فِي الْقُرْآن أَخذه عَن شَيْخه أَحْمد بن المعذل توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ [436]
73 -
الْكِنْدِيّ الفيلسوف يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن الصَّباح بن عمرَان بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث بن قيس أَبُو يُوسُف الْكِنْدِيّ الْكُوفِي الفيلسوف
كَانَ وَالِده شَاعِرًا وَكَانَ يَعْقُوب وَاحِد عصره فِي الْمنطق والهندسة والطب والنجوم وَعلم الْأَوَائِل لَا مدافع لَهُ عَن تقدمه ورياسته فِي ذَلِك وَهُوَ مَعْدُود فِي فلاسفة الْإِسْلَام وَقد تقدم ذكرهم فِي تَرْجَمَة الرئيس أبي عَليّ الْحُسَيْن بن سينا
وَله مصنفات كَثِيرَة وتلاميذ وَله معرفَة بالأدب وَشعر حسن وَكَانَ مفرط الْبُخْل كَانَ يَأْكُل التَّمْر ثمَّ يدْفع النَّوَى إِلَى داية لَهُ وَيَقُول لَهَا تجزي بِمَا بَقِي عَلَيْهِ من حلاوة التَّمْر
وَجَاءَت إِلَيْهِ يَوْمًا جَارِيَة سَوْدَاء من عِنْد أمه وَمَعَهَا كوز فَقَالَ لَهُ أمك تطلب مِنْك مَاء بَارِدًا فَقَالَ ارجعي فأملي الْكوز من عِنْدهَا وجيئي بِهِ فَلَمَّا جَاءَت بِهِ قَالَ فرغبة عندنَا وأعطيها ملأَهُ من المزملة فَلَمَّا مَضَت قَالَ أَخذنَا مِنْهَا جوهرا بِلَا كَيْفيَّة وأعطيناها جوهرا بكيفية لتنتفع بِهِ
قَالَ محب الدّين ابْن النجار قَرَأت فِي كتاب أبي عبد الله بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الْجراح الْكَاتِب قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن شَيبَان عَن أبي عَليّ عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن خافان مَا رَأَيْته حَيا قطّ يَعْنِي يَعْقُوب الْكِنْدِيّ فرأيته فِي الْمَنَام بنعته وَصفته فَسَأَلته مَا فعل الله بك
فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا أَن رَآنِي فَقَالَ انْطَلقُوا إِلَى مَا كُنْتُم بِهِ تكذبون نَعُوذ من غَضَبه
وَذكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة قَالَ أَصْحَاب الْكِنْدِيّ للكندي اعْمَلْ لنا مثل الْقُرْآن
نعم أَو بعضه
فَغَاب دهرا طَويلا ثمَّ خرج إِلَيْهِم فَقَالَ وَالله لَا يقدر عَلَيْهِ وَلَا على بعضه [437] فَإِنِّي فتحت الْمُصحف فَخرج الْمِائَة فَنَظَرت أَولهَا فَإِذا هُوَ بَعْدَمَا نبه ونادى وحض تَعْظِيمًا للْإيمَان بِهِ أَمر بِالْوَفَاءِ وَنهى عَن النكث والغدر وحلل تحليلا عَاما ثمَّ اسْتثْنى من الْجَمِيع بَعْضًا وبعضا شُرُوطًا فِيهِ لموجب ثمَّ أخبر عَن قدرته وحكمته فِي سطر وَنصف وَهَذَا مِمَّا لَا يَتَأَتَّى لأحد من المخلوقين
وَمن شعر الْكِنْدِيّ
(أَنا الذبابى على الأرؤس
…
فغمض جفونك أَو نكس)
(وضايل سوادك واقبض يَديك
…
وَفِي قَعْر بَيْتك فاستجلس)
(وَعند مليكك فابغ الْعُلُوّ
…
وبالوحدة الْيَوْم فاستأنس)
(فَإِن الْغنى فِي قُلُوب الرِّجَال
…
وَإِن التعزز للأنفس)
(وكائن ترى من أخي عسرة
…
غنى وَذي ثروة مُفلس)
(وَمن قَائِم شخصه ميت
…
على أَنه بعد لم يرمس)
وَله من الْكتب كتاب الفلسفة الأولى فِيمَا دون الطبيعي والتوحيد كتاب الفلسفة الدَّاخِلَة رِسَالَة فِي أَنه لَا تنَال الفلسفة إِلَّا بالرياضيات كتاب الْحَث على تعلم الفلسفة رِسَالَة فِي كمية كتب أرسطو رِسَالَة فِي قصد أرسطو فِي المقولات رسَالَته الْكُبْرَى فِي مقياسه العلمي كتاب أَقسَام الْعلم الْإِنْسِي كتاب مَاهِيَّة الْعلم وأقسامه كتاب فِي أَفعَال الْبَارِي عز وجل كلهَا عدل كتاب فِي مَاهِيَّة الشَّيْء الَّذِي لَا نِهَايَة لَهُ كتاب فِي أَنه لَا يُمكن أَن يكون جرم الْعَالم بِلَا نِهَايَة كتاب فِي الْفَاعِل والمتفعل كتاب فِي جَوَامِع الْفِكر كتاب سُؤَالَات كتاب فِي الْأَشْيَاء الطبيعية تتفعل فعلا وَاحِدًا بأبحاث الْخلقَة رِسَالَة فِي رسم الرّقاع إِلَى الخلافاء والوزراء رِسَالَة فِي قسْمَة القانون رِسَالَة فِي مَاهِيَّة الْعقل رِسَالَة فِي الْحق الأول رِسَالَة لفر فوريوس [438] رِسَالَة فِي الأبخرة الْمصلحَة للجو من الأوباء رِسَالَة فِي الْأَدْوِيَة المشفية من الروائح المؤذية رِسَالَة فِي إسهال الْأَدْوِيَة رِسَالَة فِي عِلّة نفث الدَّم رِسَالَة فِي تَدْبِير الأصحاء رِسَالَة فِي أشفية السمُوم رِسَالَة فِي عِلّة البحارين للأمراض الحادة رِسَالَة فِي الْعُضْو الرئيس رِسَالَة فِي الدِّمَاغ رِسَالَة فِي الجذام رِسَالَة فِي عضة الْكَلْب الْكَلْب رِسَالَة فِي الْمَوْت فَجْأَة وأعراض البلغم رِسَالَة فِي النقرس رِسَالَة إِلَى رجل شكا لَهُ عِلّة فِي بَطْنه وَيَده فِي أَقسَام الحميات رِسَالَة فِي علاج الطحال الجانبي رِسَالَة فِي فَسَاد أجساد الْحَيَوَان رِسَالَة فِي تَدْبِير الْأَطْعِمَة رِسَالَة فِي عمل أَطْعِمَة من غير عناصرها رِسَالَة فِي الْحَيَاة كتاب الْأَدْوِيَة الممتحنة كتاب الأنقراباذين رِسَالَة فِي الْجُنُون رِسَالَة فِي الفراسة رِسَالَة فِي السمائم القاتلة رِسَالَة فِي الْحِيلَة لدفع الأحزان جَوَامِع الْأَدْوِيَة المفردة لِجَالِينُوسَ رِسَالَة فِي نفع الطِّبّ إِذا كَانَت النجابة مقروفة بدلائها رِسَالَة فِي اللثغة رِسَالَة فِي الِاسْتِدْلَال بالأشخاص الْعَالِيَة رِسَالَة فِي مدْخل الْأَحْكَام على الْمسَائِل رِسَالَة فِي كمية ملك الْعَرَب إِذا اقْترن النحسان فِي السرطان رِسَالَة
فِي مَنْفَعَة الاختيارات رِسَالَة فِي مَنْفَعَة المنجم رِسَالَة فِي حُدُود المواليد رِسَالَة فِي تَحْويل سني المواليد رِسَالَة فِي الِاسْتِدْلَال على الْحَوَادِث بالكسوفات رِسَالَة فِي الرَّد على المانوية رِسَالَة فِي الرَّد على الثنوية رِسَالَة فِي نقض مسَائِل الْمَلَاحِدَة رِسَالَة فِي ثُبُوت الرُّسُل رِسَالَة فِي الِاسْتِطَاعَة رِسَالَة فِي الرَّد على من زعم أَن الأجرام فِي الجو توقفات رِسَالَة فِي الْحَرَكَة والسكون رِسَالَة فِي أَن الْجِسْم أول حَاله لَا سَاكن وَلَا متحرك رِسَالَة فِي التَّوْحِيد رِسَالَة فِي إبِْطَال الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ رِسَالَة فِي جَوَاهِر الْأَجْسَام رِسَالَة فِي أَوَائِل الْجِسْم رِسَالَة فِي أفراق الْملَل رِسَالَة فِي المتجسد رِسَالَة فِي الرِّهَان كَلَام لَهُ مَعَ ابْن الراوندي كَلَام فِي الرَّد على بعض الْمُتَكَلِّمين مقَالَة فِي أَن لَا نِهَايَة رِسَالَة إِلَى مُحَمَّد بن الجهم فِي التَّوْحِيد [439] الْحسن رِسَالَة فِي اجْتِمَاع الفلاسفة على الْأُمُور العشقية رِسَالَة فِي النّوم والرؤيا رِسَالَة فِي لعرب بالإنسان إِلَيْهِ حَاجَة قبل الْحَظْر مُبَاح لَهُ رسَالَته الْكُبْرَى فِي السياسة رِسَالَة فِي تسهيل سبل الْفَضَائِل رِسَالَة فِي سياسة الْعَامَّة رِسَالَة فِي الْأَخْلَاق رِسَالَة فِي الْبَيِّنَة على الْفَضَائِل رِسَالَة فِي نَوَادِر الفلاسفة رِسَالَة فِي خبر فَضِيلَة سقراط رِسَالَة فِي أَلْفَاظ سقراط رِسَالَة فِيمَا جرى بَين سقراط والجرانيين رِسَالَة فِي خبر الْعقل رِسَالَة فِي الْعلَّة الفاعلة رِسَالَة فِي العناصر واستحالة بَعْضهَا إِلَى بعض رِسَالَة فِي اخْتِلَاف الْأَزْمِنَة رِسَالَة فِي اخْتِلَاف السّنة رِسَالَة فِي النَّهَار والدهر والحين وَالْوَقْت رِسَالَة فِي برد الجو وسخونة مَا قرب من الأَرْض رِسَالَة فِي كَوْكَب ظهر ورصده إِلَى أَن اضمحل رِسَالَة فِي الْكَوْكَب بالذوابة رِسَالَة فِي برد أَيَّام الْعَجُوز رِسَالَة فِي الضباب رِسَالَة فِيمَا يحدث سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ رِسَالَة فِي الْآثَار العلوية رِسَالَة إِلَى ابْنه أَحْمد فِي المساكن رِسَالَة فِي الزلازل والخسوف رِسَالَة فِي اخْتِلَاف الزَّمَان رِسَالَة فِي الْفُصُول الْأَرْبَعَة كَلَام فِي عمل السمت رِسَالَة فِي أبعاد مسافات الأقاليم رسَالَته الْكُبْرَى فِي الرّبع المسكون رِسَالَة فِي أبعاد الأجرام
رِسَالَة فِي بعد مَرْكَز الْقَمَر من الأَرْض رِسَالَة فِي اسْتِخْرَاج آلَة لاستخراج أبعاد الأجرام رِسَالَة فِي آلَة يعرف بهَا بعد المعاينات رِسَالَة فِي معرفَة أبعاد قلل الْجبَال رِسَالَة إِلَى أَحْمد بن مُحَمَّد الْخُرَاسَانِي رِسَالَة فِيمَا بعد الطبيعة رِسَالَة أسرار تقدمة الْمعرفَة رِسَالَة فِي الأخلاط رِسَالَة فِي تقدمة الْخبز رِسَالَة فِي تقدمة الْأَخْبَار رِسَالَة فِي الِاسْتِدْلَال بالأشخاص السماوية رِسَالَة أَنْوَاع الْجَوَاهِر والأشياء رِسَالَة فِي الْجَوَاهِر ومعادنها رِسَالَة فِي تلويح رِسَالَة فِيمَا يصْبغ فَيعْطى لونا رِسَالَة فِي أَنْوَاع الْحَدِيد رِسَالَة إِلَى أَحْمد بن المعتصم فِي [440] فِيمَا يطْرَح على السيوف فَلَا تنكل وتسلم ورسالة الطَّائِر الْإِنْسِي رِسَالَة فِي تمويح الْحمام رِسَالَة فِي الطرح على الْبيض رِسَالَة فِي أَنْوَاع النّخل وكرائمه رِسَالَة فِي عمل القمقم الصياح رِسَالَة فِي الْعطر وأنواعه رِسَالَة فِي كيمياء الْعطر رِسَالَة فِي الأسماه المعماة رِسَالَة فِي خدع الكيمائيين رِسَالَة فِي الأثرين المحسوسين فِي المَاء رِسَالَة فِي الْمَدّ والجزر رِسَالَة فِي أَرْكَان الْحِيَل رسَالَته الْكُبْرَى فِي الأجرام الفائصة فِي المَاء رِسَالَة فِي الأجرام الهابطة رسائل فِي عمل المرايا المحرقة رِسَالَة فِي شعار الْمَرْأَة رِسَالَة فِي اللَّفْظ وَهِي ثَلَاثَة أَجزَاء رِسَالَة فِي الحشرات بصور عطاردي رِسَالَة فِي جَوَاب أَرْبَعَة عشر مَسْأَلَة طبيعية رِسَالَة جَوَاب ثَلَاث مسَائِل رِسَالَة فِي فَضِيلَة المتفلسف بِالسُّكُوتِ رِسَالَة فِي عِلّة الرَّعْد والبرق وَالصَّوَاعِق والثلج وَالْبرد والمطر رِسَالَة فِي بطلَان عمل الذَّهَب والفضلة الخدائع الَّتِي فيهمَا رِسَالَة فِي الْإِبَانَة أَن الِاخْتِلَاف الَّذِي فِي الْأَشْخَاص لَيْسَ عِلّة الكيفيات الأول كَمَا هِيَ عِلّة ذَلِك فِي الَّتِي تَحت الْكَوْن وَالْفساد وَلنْ عِلّة ذَلِك حِكْمَة مبدع الْكل رِسَالَة فِي قلع الْآثَار من الثِّيَاب رِسَالَة إِلَى يوحنا بن ماسويه فِي النَّفس وأفعالها رِسَالَة فِي ذَات التسعين رِسَالَة فِي علم الْحَواس رِسَالَة فِي وصف البلاغة رِسَالَة [441] فِي قدر الْمَنْفَعَة بِأَحْكَام النُّجُوم كَلَام فِي الْمُبْدع الأول رِسَالَة فِي الْأَحْبَار وإبليق رِسَالَة رموز الفلاسفة فِي المجسمات رِسَالَة فِي عناصر
الْأَحْيَاء كتاب فِي الْجَوَاهِر الْخَمْسَة رِسَالَة إِلَى أَحْمد بن المعتصم فِي تَحْرِير إِجَابَة الدُّعَاء رِسَالَة فِي الْفلك والنجوم وَلم قسمت دَائِرَة ملك البروج اثْنَي عشر قسما وَفِي تَسْمِيَة السُّعُود والنخوس وبيوتها وإشرافها وحدودها بالبرهان الهندسي الظَّاهِر [442] رِسَالَة إِلَى الْمَأْمُون فِي الْعلَّة والمعلول اخْتِصَار كتاب الساغوجي مسَائِل كَثِيرَة فِي الْمنطق وحدود الفلسفة كتاب فِي الْمدْخل المنطقي بِاسْتِيفَاء القَوْل فِيهِ كتاب الْمدْخل المنطقي مُخْتَصر رِسَالَة فِي المقولات الْعشْر رِسَالَة فِي الْأَيَّام عَن قَول بطليموس أَو كتاب المجسطي عَن قَول أرسطو فِي أنالوطيقا رِسَالَة فِي الاحتراس من خدع السوفسطائية رِسَالَة الْبُرْهَان المنطقي رِسَالَة فِي سمع الكيان رِسَالَة فِي عمل آلَة مخرجة الْجَوَامِع رِسَالَة فِي الْمدْخل الأرثماطيقي رِسَالَة إِلَى أَحْمد بن المعتصم فِي كَيْفيَّة اسْتِعْمَال الْحساب الْهِنْدِيّ رِسَالَة الْإِبَانَة عَن الْأَعْدَاد الَّتِي ذكرهَا أفلاطون رِسَالَة فِي تأليف الْأَعْدَاد رِسَالَة فِي التَّوْحِيد رِسَالَة فِي اسْتِخْرَاج الخبأ وَالضَّمِير رِسَالَة فِي الزّجر والفأل رِسَالَة فِي الخطوط وَالضَّرْب رِسَالَة فِي الكمية المضافة رِسَالَة فِي الْخلق بِالنّسَبِ والزمامة رِسَالَة فِي الْحِيَل العددية رِسَالَة فِي أَن الْعَالم وكل مَا فِيهِ كري الشكل رِسَالَة فِي أَنه لَيْسَ شَرّ من العناصر الأولى والجرم الْأَقْصَى غير كري رِسَالَة فِي أَن الكرة أعظم الأشكال الجرمية والدائرة أعظم من جَمِيع الأشكال رِسَالَة فِي الكريات رِسَالَة فِي عمل السمت على كرة رِسَالَة فِي أَن سطح المَاء الْبَحْر كري رِسَالَة فِي تسطح الكرة رِسَالَة فِي عمل الحلولك رسَالَته الْكُبْرَى فِي التَّأْلِيف رسَالَته فِي تَرْتِيب النغم رِسَالَة فِي الْمدْخل إِلَى الموسيقى رِسَالَة فِي الْإِيقَاع رِسَالَة فِي خبر صناعَة الشُّعَرَاء رِسَالَة فِي الْأَخْبَار عَن صناعَة الموسيقى مُخْتَصر الموسيقى رِسَالَة فِي أَجزَاء الموسيقى رِسَالَة أَن رُؤْيَة الْهلَال لَا تضبط بل هِيَ بالتقريب رِسَالَة فِي أَحْوَال الْكَوَاكِب رِسَالَة فِي أجوبة أبي معشر رِسَالَة فِي الْفَصْلَيْنِ رِسَالَة فِيمَا ينْسب إِلَيْهِ كل بلد رِسَالَة
فِي صور المواليد رِسَالَة فِي أَعمار النَّاس رِسَالَة فِي تَصْحِيح عمل نمو ذرات المواليد رِسَالَة فِي عِلّة رُجُوع الْكَوَاكِب رِسَالَة فِي الشعاعات رِسَالَة فِي علل الأوضاع النجومية [443] رِسَالَة فِي علل أَحْدَاث الجو رِسَالَة فِي كَون بعض الْأَمَاكِن لَا تمطر رِسَالَة إِلَى زرنب تِلْمِيذه فِي أسرار النجامية رِسَالَة فِي حالات الشَّمْس وَالْقَمَر رِسَالَة فِي الِاعْتِذَار عَن كَامِل السن الطبيعي رِسَالَة فِي الخمرات رِسَالَة فِي النُّجُوم رِسَالَة فِي أغراض كتاب إقليدس رِسَالَة فِي إصْلَاح إقليدس رِسَالَة فِي اخْتِلَاف المناظر رِسَالَة فِي شكل المتوسطين رِسَالَة فِي تقريب وتر الدائرة رِسَالَة فِي تقريب وتر التسع رِسَالَة فِي تَقْسِيم المثلث والمربع رِسَالَة فِي عمل دَائِرَة مُسَاوِيَة لسطح الأسطوانه رِسَالَة فِي شروق الْكَوَاكِب وغروبها فِي الهندسة رِسَالَة فِي قسْمَة الدائرة ثَلَاثَة أَقسَام رِسَالَة فِي إصْلَاح الرَّابِعَة عشر وَالْخَامِسَة عشر من إقليدس رِسَالَة الْبَرَاهِين المساحية رِسَالَة فِي تَصْحِيح قَول استقلاوس فِي الْمطَالع رِسَالَة فِي اخْتِلَاف مناظر الْمرْآة رِسَالَة فِي صَنْعَة إسطرلاب بالهندسة رِسَالَة فِي اسْتِخْرَاج خطّ نصف النَّهَار رِسَالَة فِي عمل الرخامة بالهندسة رِسَالَة فِي عمل السَّاعَات رِسَالَة فِي اسْتِخْرَاج السَّاعَات رِسَالَة فِي السوانح مسَائِل فِي مساحات الْأَنْهَار رِسَالَة فِي النّسَب الزمانية رِسَالَة فِي كَلَام فِي المرايا المحرقة رِسَالَة فِي امْتنَاع وجود مساحة الْفلك الْأَقْصَى رِسَالَة فِي طبيعة الْفلك مُخَالفَة للعناصر رِسَالَة فِي ظاهريات الْفلك رِسَالَة فِي الْعلم الْأَقْصَى رِسَالَة فِي سُجُود الْحرم الْأَقْصَى لبارئه رسائل فِي مَوْضُوعَات الْفلك رِسَالَة فِي الصُّور رِسَالَة فِي أَنه لَا يُمكن أَن يكون جرم الْعَالم بِلَا نِهَايَة رِسَالَة فِي المناظر الفلكية رِسَالَة فِي صناعَة بطليموس رِسَالَة فِي تناهي جرم الْعَالم رِسَالَة فِي كَون الْفلك واللون اللاذوردي اللَّازِم لَهُ رِسَالَة فِي مَاهِيَّة الجرم الْحَامِل بطباعة الألوان من العناصر وَسَائِل الأضواء والظلام رِسَالَة فِي تركيب الأفلاك رِسَالَة فِي
الأجرام الهابطة فِي الْعُلُوّ وَسبق بَعْضهَا لبَعض رِسَالَة فِي الْعَمَل بالآلة الجامعة رِسَالَة فِي الطِّبّ البقراطي رِسَالَة فِي الْغذَاء والدواء المهلك [344]
74 -
ابْن القف يَعْقُوب بن إِسْحَاق الْحَكِيم أَمِين الدولة أَبُو الْفرج ابْن القف من نَصَارَى الكرك ولد بالكرك سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
لَازم ابْن أبي أصيبعة الطَّبِيب لِأَن وَالِده الْمُوفق إِسْحَاق كَانَ صَاحبه فِي أَيَّام النَّاصِر صَاحب الشَّام لما كَانَ كَاتبا بصرخد وَحفظ عَلَيْهِ الْكتب الأولى مسَائِل حنين والفصول وتقدمة الْمعرفَة ثمَّ إِن أَبَاهُ انْتقل بِهِ إِلَى دمشق
وَقَرَأَ يَعْقُوب على الشَّيْخ شمس الدّين الخسروشاهي وعَلى عَلَاء الدّين حسن الضَّرِير وعَلى نجم الدّين ابْن المنفاخ وعَلى الْمُوفق يَعْقُوب السامري وَقَرَأَ إقليدس على الْمُؤَيد العرضي
وخدم يَعْقُوب الْمَذْكُور فِي عجلون طَبِيبا وَأقَام بقلعتها سِنِين ثمَّ عَاد إِلَى دمشق قلعة دمشق
وَله من الْكتب الشافي فِي الطِّبّ أَربع مجلدات شرح الكليات فِي سِتّ مجلدات شرح الْفُصُول لأبقراط مجلدان جَامع الْعرض حَوَاشِي على بالب القانون شرح الإشارات مسودة وَلم يتم المباحث المغربية مسودة لم يتم مقَالَة فِي حفظ الصِّحَّة كتاب الْعُمْدَة فِي صناعَة الْجراح عشرُون مقَالَة عشرَة علم وَعشرَة عمل جمع فِيهِ جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الجرايحي بِحَيْثُ أَنه لَا ينظر مَعَه فِي غَيره من الْكتب
وَلما مَاتَ رثاه الْحَكِيم سيف الدّين أَبُو بكر المنجم بقصيدة أَولهَا
(يَا مأتما قد أَتَى بِالْوَيْلِ وَالْحَرب
…
رميت ركن الحجى وَالْمجد والعطب)
(شلت يداك لقد أصميت أَي فَتى
…
رحب الذراعين ريانا من الْأَدَب)
[445]
(أيتمت طلاب علم الطِّبّ قاطبة
…
وعوضوا عَنْك بالأفعال والتعب)
(حق علينا بِأَن نفديك أَنْفُسنَا
…
لَو كَانَ ذَاك لبادرناك بِالطَّلَبِ)
(أبعد درسك يَا ابْن القف تنفعنا
…
أَقْوَال قوم عَن التَّحْقِيق فِي حجب)
75 -
الْوَزير بن كلس يَعْقُوب بن كلس بِكَسْر الْكَاف وَتَشْديد اللَّام وَبعدهَا سين مُهْملَة
وَزِير الْعَزِيز نزار بن الْمعز وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي حرف النُّون
وَأما يَعْقُوب هَذَا فَهُوَ الْوَزير يَعْقُوب بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن هَارُون بن دَاوُد بن كلس
كَانَ يَعْقُوب أَولا يَهُودِيّا يزْعم أَنه من ولد هَارُون بن عمرَان
وَقيل كَانَ يزْعم أَنه من ولد السموءل بن عادياء الْيَهُودِيّ
وَكَانَ قد ولد بِبَغْدَاد وَنَشَأ بهَا وَتعلم الْكِتَابَة والحساب وسافر بِهِ أَبوهُ بعد ذَاك إِلَى الشَّام وأنفذه إِلَى مصر سنة إِحْدَى وثلاثمائة فَانْقَطع إِلَى بعض خَواص كافور الإخشيدي فَجعله كافور على عمان من ثمَّ لَازم بَاب دَاره فَرَأى مِنْهُ كافور نجابة وشهامة وصيانة ونزاهة وَحسن إِدْرَاك عَلَيْهِ فاستحضه وَأَجْلسهُ فِي ديوانه الْخَاص وَكَانَ يقف بَين يَدَيْهِ ويخدم ويستوفي أَعمال والحسبانات وَيدخل يَده فِي كل شَيْء وَلم يزل أمره يزِيد إِلَى أَن صَار الْحجاب والأشراف يقومُونَ وَأرْسل لَهُ كافور شَيْئا فَرده إِلَيْهِ وَأخذ مِنْهُ الْقُوت خَاصَّة وَتقدم كافور إِلَى سَائِر الدَّوَاوِين وَلَا يمْضِي دِينَار وَلَا دِرْهَم إِلَّا بتوقيعه وَكَانَ بير النَّاس وَيعلم من الْقَلِيل الَّذِي يَأْخُذهُ كل وَهُوَ على دينه
ثمَّ إِنَّه أسلم يَوْم الِاثْنَيْنِ لثماني عشرَة لَيْلَة حلت من شعْبَان سنة سِتّ وَخمسين وثلاثمائة وَلزِمَ الصَّلَاة ودراسة الْقُرْآن ورتب لنَفسِهِ شَيخا عَارِفًا بِالْقُرْآنِ والنحو حَافِظًا السيرافي وَكَانَ يبيت عِنْده وَيُصلي بِهِ وَيقْرَأ
عَلَيْهِ وَلم يزل حَاله يُسمى عِنْد كافور إِلَى أَن توفّي كافور وَكَانَ الْوَزير أَبُو الْفضل جَعْفَر بن الْفُرَات يحسده ويعاديه فَلَمَّا مَاتَ كافور قبض ابْن الْفُرَات على [447] جَمِيع الْكتاب وَأَصْحَاب الدَّوَاوِين وَقبض على ابْن كلس فَلم يزل ابْن كلس يبْذل الْأَمْوَال إِلَى أَن أفرج عَنهُ
ثمَّ إِنَّه اقْترض من أَخِيه وَغَيره مَالا وتجمل بِهِ وَصَارَ إِلَى الغرب مستخفيا فلقي الْقَائِد جَوْهَر فَرجع مَعَه إِلَى مصر وَلم يزل يترقى إِلَى أَن ولي الوزارة للعزيز مُرَاد بن الْمعز وعظمت رتبته عِنْده وَأَقْبَلت الدُّنْيَا عَلَيْهِ ولازم النَّاس بَابه ومهد قَوَاعِد الدولة وساس أمورها أحسن سياسة وَلم يبْق لأحد مَعَه كَلَام
وَكَانَ فِي أَيَّام الْمعز يتَصَرَّف فِي الديوانية وَتَوَلَّى وزارة الْعَزِيز يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشر شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَهُوَ أول من وزر بِمصْر للدولة الفاطمية
وَكَانَ قد رتب لنَفسِهِ مَجْلِسا فِي كل وَيقْرَأ فِيهِ بِنَفسِهِ مصنفاته على النَّاس ويحضره الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء والنحاة وَجَمِيع أهل الْفَضَائِل وأعيان الْعُدُول وَغَيرهم من أَعْيَان الدولة ووجوهها وَأَصْحَاب الحَدِيث وَإِذا فرغ من مَجْلِسه قَامَ الشُّعَرَاء ينشدون المدائح
وَكَانَ فِي دَاره قوم يَكْتُبُونَ الْقُرْآن وَقوم يَكْتُبُونَ الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأَدب حَتَّى الطِّبّ ويعارضون ويكتبون الْمَصَاحِف وينقطونها وَكَانَ من جملَة جُلَسَائِهِ الْحُسَيْن بن عبد الرَّحِيم الزلاف مُصَنف كتاب الأسجاع ورتب فِي دَاره الْقُرَّاء وَالْأَئِمَّة يصلونَ فِي مَسْجِد بداره فِي دَاره المطابخ لنَفسِهِ ولجلسائه ومطابخ لِغِلْمَانِهِ وحاشيته وَكَانَ ينصب كل يَوْم خوانًا لخاصيته من أهل الْعلم وَالْكتاب وخواص أَتْبَاعه مِمَّن يستدعيه وَينصب [448] هُوَ يَأْكُل عَلَيْهَا الْحجاب وَبَقِيَّة الْكتاب والحاشية وَوضع فِي دَاره ميضأة للطهور وَفِيه بيُوت
تخْتَص بِمن يدْخل دَاره من الغرباء وَكَانَ يجلس كل يَوْم عقيب صَلَاة الصُّبْح وَيدخل إِلَيْهِ النَّاس فِي الْحَوَائِج والظلامات وَقرر عِنْد الْعَزِيز جمَاعَة جعلهم قوادا يركبون بالمواكب وَالْعَبِيد وَلَا يُخَاطب وَاحِد مِنْهُم إِلَّا بالقائد وَمن جُمْلَتهمْ الْقَائِد أَبُو الْفتُوح فضل بن صَالح الَّذِي تنْسب لَهُ منية الْقَائِد فضل ثمَّ إِنَّه شرع فِي تحصين دَاره ودور غلمانه دروب والحرس وَالسِّلَاح وَالْعدَد وعمرت ناحيته بالأسواق وأصناف مَا يُبَاع من الْأَمْتِعَة والمطعم والمشروب
وَيُقَال إِن دَاره كَانَت بِالْقَاهِرَةِ فِي مَوضِع مدرسة الْوَزير صفي الدّين بن شكر وَإِن الحارة الْمَعْرُوفَة بالوزيرية منسوبة إِلَى أَصْحَابه
وَكَانَ الْوَزير ابْن الْفُرَات يَغْدُو إِلَيْهِ وَيروح ويعرض عَلَيْهِ محاسبات الْقَوْم الَّذين يحاسبهم ويعول علهم وَيجْلس مَعَه وَرُبمَا حَبسه لمواكلته فيأكل مَعَه وَقد جرى مِنْهُ عَلَيْهِ مَا جرى
وَكَانَت هيبته وافرة وجوده كثيرا وَأكْثر الشُّعَرَاء من مدائحه وَأكْثر أمداح الشَّاعِر أَحْمد بن مُحَمَّد الْأَنْطَاكِي الْمَعْرُوف بِأبي الرقعمق فِيهِ
وصنف الْوَزير كتابا فِي الْفِقْه مِمَّا سَمعه من الْمعز وَولده الْعَزِيز
وَجلسَ فِي شهر رَمَضَان سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة مَجْلِسا حَضَره الْخَاص وَالْعَام وَقَرَأَ الْكتاب فِيهِ وَحضر الْوَزير ابْن الْفُرَات وَجلسَ للجامع الْعَتِيق جمَاعَة يفتون النَّاس فِي هَذَا الْكتاب [449]
وَكَانَت لَهُ طيور فائقة من الْحمام يسابق بهَا ولمخدومه الْعَزِيز أَيْضا طيور فائقة فتسابقا يَوْمًا فسبقت طيور الْوَزير فعز ذَلِك عَلَيْهِ وَوجد الحساد لَهُ مطعنا عَلَيْهِ فَقَالُوا للعزيز إِنَّه قد اخْتَار من كل صنف أجوده وَأَعلاهُ وَلم يبْق مِنْهُ إِلَّا أدناه فاتصل ذَلِك بالوزير فَكتب إِلَى الْعَزِيز
(قل لأمير الْمُؤمنِينَ الَّذِي
…
لَهُ العلى وَالنّسب الثاقب)
(طائرك السَّابِق لكنه
…
جاؤوا فِي خدمته حَاجِب)
فأعجبه ذَلِك وسرى عَنهُ
وَقيل إِن هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لوَلِيّ الدولة أَحْمد بن عَليّ بن خير الدّين الْكَاتِب الْمصْرِيّ
وَقيل إِن سَبَب حظوة ابْن كلس عِنْد كافور أَن يَهُودِيّا قَالَ لَهُ إِن فِي دَار أبي الْبكْرِيّ بالرملة ثَلَاثِينَ ألف دِينَار فَكتب ابْن كلس إِلَى كافور يَقُول لَهُ إِن فِي دَار ابْن الْبكْرِيّ عشْرين ألف دِينَار مدفونة فِي مَوضِع أعرفهُ وَأَنا أخرج أحملها إِلَيْك فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وأنفذ مَعَه البغال لحملها
وَورد الْخَبَر بِمَوْت بكير بن هاروان التَّاجِر فَجعل إِلَيْهِ النّظر فِي تركته وَاتفقَ موت يَهُودِيّ بالغرماء وَمَعَهُ أحمال كتَّان فَأَخذهَا وَفتحهَا فَوجدَ فِيهَا عشْرين ألف دِينَار فَكتب إِلَى كافور بذلك فتبرك بِهِ فَكتب إِلَيْهِ بحملها فَبَاعَ الْكَتَّان وَحمل الْجَمِيع وَسَار إِلَى الرملة وفتحالدار الْمَذْكُورَة وَأخرج المَال وَكتب للكافور وَعرفت الْأُسْتَاذ أَنَّهَا عشرُون فَوَجَدتهَا ثَلَاثِينَ ألف دِينَار فازدادت مكانته عِنْده [450] بالثقة وَنظر فِي تَرِكَة بن هاروان واستقصى فِيهَا وَحمل مِنْهَا مَالا كثيرا فَأرْسل إِلَيْهِ كافور صلَة كَبِيرَة فَأخذ مِنْهَا ألف دِرْهَم ورد الْبَاقِي
ثمَّ إِن الْعَزِيز اعتقله فِي الْقصر سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة فَأَقَامَ فِي الْقصر معتقلا شهورا ثمَّ أطلقهُ فِي سنة أَربع وَسبعين ورده إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ
وَوجدت رقْعَة فِي دَاره فِي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة وَهِي السّنة الَّتِي توفّي
فِيهَا وفيهَا مَكْتُوب
(احْذَرُوا من حوادث الْأَزْمَان
…
وتوقوا طوارق الْحدثَان)
(قد أمنتم من الزَّمَان ونمتم
…
رب خوف مكمن فِي أَمَان)
فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ لَا حول وَلَا قوَّة إلَاّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم واجتهد على أَن يعرف كاتبها فَلم يقدر على ذَلِك
وَلما اعتل علته الَّتِي مَاتَ فِيهَا آخر السّنة ركب إِلَيْهِ الْعَزِيز عَائِدًا وَقَالَ لَهُ وددت أَنَّك تبَاع فأبتاعك بملكي أَو تفدى فأفديك بولدي فَهَل من حَاجَة توصي بهَا يَا يَعْقُوب
فَبكى وَقبل يَده فَقَالَ أما فِي مَا يخصني فَأَنت أرعى لحقي من أَن استرعيك إِيَّاه أَو أوصيك على مَا أخلفه وَلَكِنِّي أنصح لَك فِيمَا يتَعَلَّق بدولتك سَالم الرّوم أَو سالموك واقنع من الحمدانية بالدعوة وَالسِّكَّة وَلَا تبْق على مفرح بن دَغْفَل بن جراح إِن عرضت عَلَيْك فِيهِ فرْصَة
وَمَات فَأمر الْعَزِيز أَن يدْفن بداره الْمَعْرُوفَة بدار الوزارة بِالْقَاهِرَةِ دَاخل بَاب [451] النَّصْر فِي قبَّة كَانَ بناها وَصلى عَلَيْهِ وألحده بِيَدِهِ فِي قَبره وَانْصَرف حَزينًا لفقده وَأمر بغلق الدَّوَاوِين أَيَّامًا بعده
وَكَانَ إقطاعه من الْعَزِيز فِي كل سنة مائَة ألف دِرْهَم وَوجد لَهُ من العبيد والمماليك أَرْبَعَة آلَاف غُلَام وَوجد لَهُ جَوَاهِر بأَرْبعَة آلَاف ألف دِينَار وبز من كل صنف بِخمْس مائَة ألف دِينَار وَكَانَ عَلَيْهِ للتجار سِتَّة عشر ألف دِينَار فقضاها عَنهُ الْعَزِيز من بَيت المَال وَفرقت على قَبره
وَتُوفِّي فِي صباح الِاثْنَيْنِ لخمس خلون من ذِي الْحجَّة سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة وَلما عَاد الْعَزِيز من قَبره ركب البغلة بِغَيْر مظلة وَقيل إِنَّه كَفنه وحنطه بِمَا مبلغه عشرَة آلَاف دِينَار وَغدا الشُّعَرَاء على قَبره ورثاه مائَة
شَاعِر وَأخذت قصائدهم وأجيزوا ومولده سنة ثَمَان عشرَة وثلاثمائة بِبَغْدَاد [452]
76 -
الْمدنِي يَعْقُوب بن عتبَة بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس بن شريق الْمدنِي الثَّقَفِيّ روى عَن عُرْوَة بن الزبير وَسليمَان بن سيار وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَعِكْرِمَة وَالزهْرِيّ وثقة ابْن سعد
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة
روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه [453] 77 - الْقَارِي يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي الْمدنِي الزُّهْرِيّ حليفهم
وَهُوَ ثِقَة عَالم توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ [454]
78 -
الصاحب ابْن الزبير يَعْقُوب بن عبد الرفيع بن زيد بن مَالك الصاحب زين الدّين الْأَسدي الزبيرِي من ولد عبد الله بن الزبير ولد سنة بضع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
كَانَ إِمَامًا فَاضلا ممدحا كثير الرِّئَاسَة وزر للمظفر قطز ثمَّ للْملك الظَّاهِر أول دولته ثمَّ إِنَّه عزل بِابْن جني فَلَزِمَ بَيته
قيل إِن المظفر قطز لما تولى الْملك قيل لَهُ يَنْبَغِي أَن يكون وزيرك يعرف اللُّغَة التركية ليفهم عَنْك مرادك فولى الصاحب زين الدّين هَذَا وَلما ولي الْملك الظَّاهِر قيل لَهُ مَا نبغي أَن يكون الْوَزير يعرف بِاللِّسَانِ التركي لِئَلَّا يفهم مَا تخاطب بِهِ مماليكك وخواصك فعزل ابْن الزبير وَولى ابْن جني الْمَذْكُور
كتب إِلَيْهِ يَوْمًا أَخُوهُ القَاضِي فَخر الدّين إِسْمَاعِيل يلومه على الْإِسْرَاف فِي مَاله أبياتا وَهِي
(أرى المَال محبوبا إِلَى النَّاس كلهم
…
وَمَا كَانَ محبوبا فَكيف نفارقه)
(هُوَ الصاحب المرجو فِي كل أزمة
…
إِذا مَا الْفَتى اشتدت عَلَيْهِ ضوائقه)
(وَفِي الْقَصْد رفق بالفتى لَو أَرَادَهُ
…
وَلكنهَا تأبى عَلَيْهِ خلائقه)
فَأجَاب الصاحب زين الدّين بديها
(أَلا إِنَّمَا المَال المحبب للورى
…
كزورة طيف عاود الطّرف طارقه)
(فَمَا أظلمت يَوْمًا بِمَا أَنْت منفق
…
مغاربه إِلَّا أَضَاءَت مشارقه)
[455]
وَهِي
لِابْنِ زهر المغربي
(هَل ينفع الوجد أَو يُفِيد
…
أَو هَل على من بَكَى جنَاح)
(يَا شقة الْقلب غبت عني
…
فالليل عِنْدِي بِلَا صباح)
[456]
79 -
الْمُقْرِئ يَعْقُوب بن يُوسُف بن عمر بن الْحُسَيْن بن المعمر أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ
كَانَ من أَعْيَان الْقُرَّاء المجودين الضابطين وَكَانَ الله تَعَالَى قد يسر عَلَيْهِ التِّلَاوَة حَتَّى إِنَّه كَانَ إِذا ركع رَكْعَتي تَحِيَّة الْمَسْجِد قَرَأَ فيهمَا سبعا من الْقُرْآن أسْرع من قِرَاءَة غَيره جُزْءا وَاحِدًا
قَرَأَ بالروايات على الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الدباس وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن المزروقي وَمُحَمّد بن خضر خطيب المحدل وَغَيرهم
وَسمع الْكثير من ابْن الْحصين وَابْن كادش وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْفراء وَأحمد بن عَليّ بن المجلي وَغَيرهم
وَحدث بالكثير وأقرأ كثيرا من النَّاس قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَكَانَ صَدُوقًا تغير وَاخْتَلَطَ فِي سنة سِتّ وثماني وَخَمْسمِائة
وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة رَحمَه الله تَعَالَى [457]
80 -
الجندي يَعْقُوب بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو يُوسُف الْبَلْخِي الجندي
كَانَ أَبوهُ يلقب بشيرين لفصاحته وحلاوة منْطقَة توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
قَالَ بعض المؤرخين فِيهِ
خرج من دياره جندي الْقَبَائِل ثمَّ عَاد إِلَيْهَا نجدي الْفَضَائِل كَانَ لَهُ نظم ونثر وَمن شعره يمدح بهَا الْملك خوارزم شاه
(فدونكها نجدية ثقفية تأنق
…
فِي تنقيفها فطنة الجندي)
(وَمَا ضرني أَن كَانَ فِي نجد مولدِي
…
فعظمي من جند ونظمي من نجد)
[458]
81 -
الْحَافِظ الْفَسَوِي يَعْقُوب بن سُفْيَان بن جوان الْحَافِظ الْكَبِير الْفَسَوِي الْفَارِسِي صَاحب التَّارِيخ والمشيخة طوف الأقاليم وَسمع مَا لَا يُوصف كَثْرَة روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ لَا بَأْس بِهِ
وَكَانَ يتشيع وَيتَكَلَّم فِي عُثْمَان
قَالَ كنت أَكثر النّسخ فِي اللَّيْل وَقلت نفقتي فَجعلت أستعجل فنسخت لَيْلَة حَتَّى تصرم اللَّيْل فَنزل المَاء فِي عَيْني فَلم أبْصر السراج فَبَكَيْت على انقطاعي وعَلى مَا يفوتني من طلب الْعلم فَاشْتَدَّ بُكَائِي فَنمت فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي النّوم فناداني يَا يَعْقُوب بن سُفْيَان لم بَكَيْت فَقلت يَا رَسُول الله ذهب بَصرِي فتحسرت على مَا فَاتَنِي من كتب سنتك وعَلى الِانْقِطَاع عَن بلدي
فَقَالَ ادن مني
فدنوت مِنْهُ فَأمر يَده على عَيْني كَأَنَّهُ يقْرَأ عَلَيْهِمَا ثمَّ استيقظت فَأَبْصَرت وَأخذت بنسخي وَقَعَدت أكتب فِي السراج
وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
الطَّبِيب النَّصْرَانِي الْمَقْدِسِي بالقدس فِي الحطيئة [459]
82 -
الخازن الشَّافِعِي يَعْقُوب بن سُلَيْمَان بن دَاوُد أَبُو يُوسُف الخازن الإسفرائيني الْعرَاق وَالشَّام وَسكن بَغْدَاد وتفقه على القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَسمع مِنْهُ وَمن أبي طَالب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن
غيلَان الْبَزَّاز وَعلي بن أَحْمد بن عَليّ بن الْأَزْرَق السُّوسِي وَعبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأَزجيّ
وَحدث بِكِتَاب السّنَن لأبي عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ عَن القَاضِي أبي نصر أَحْمد بن الْحُسَيْن بن الكسار وَبِغَيْرِهِ
وَكَانَ خَازِن الْكتب بالنظامية وَهُوَ فَقِيه فَاضل حسن الْمعرفَة بالأصول على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَله معرفَة بالأدب وَكَانَ يكْتب خطا جيدا
وصنف كتاب المستظهري فِي الْإِمَامَة وشرائط الْخلَافَة وَبَعض السّير العادلة وَأورد فِيهِ أَشْيَاء من الْفِقْه وَالْأُصُول وسير الْخُلَفَاء وَكتاب محَاسِن الْآدَاب فِي بَدَائِع الْأَخْبَار وروائع الْأَشْعَار
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَمن شعره
(إِن الَّذِي قسم الْمَعيشَة فِي الورى
…
قد خصني بالسير فِي الْآفَاق)
(مُتَرَدّد لَا أستريح من العنا
…
فِي كل يَوْم أبتلى بِفِرَاق)
وَمِنْه
(ألم بِنَا وَهنا فَقَالَ سَلام
…
خيال لسلمى والرفاق نيام)
(ألم وَفِي أجفان عَيْني وصارمي
…
غراران نوم غَالب وحسام)
(أجيراننا بالخيف سقاكم الحيا
…
مراضع در مَا لَهُنَّ فطام)
(ظعنتم فسلمتم إِلَى الوجد مهجتي
…
كَأَن قُلُوب الظاعنين سَلام)
[460]
83 -
الْمَنْصُور المراكشي يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ
الملقب بالمنصور أَمِير الْمُؤمنِينَ
أَبُو يُوسُف الْقَيْسِي المراكشي
سُلْطَان الْمغرب أمه أم ولد ملك وعمره اثْنَان وَثَلَاثُونَ سنة عمر بمراكش بيمارستان غَرِيبا أجْرى فِيهِ مياها كَثِيرَة وغرس فِيهِ من جَمِيع الْأَشْجَار وزخرفه وَأمر لَهُ فِي كل يَوْم ثَلَاثِينَ دِينَارا للأدوية وَكَانَ يعود المرضى فِيهِ فِي كل جُمُعَة وَكتب إِلَيْهِ صَلَاح الدّين بن أَيُّوب يستنجده على الفرنج وخاطبه بأمير الْمُسلمين وَلم يخاطبه بأمير الْمُؤمنِينَ فَلم يجبهُ إِلَى مَا طلب وَوَقع بَين الْمَنْصُور هَذَا وَبَين الأدفونش ملحمة هائلة قل أَن وَقع مثلهَا قتل فِيهَا من الفرنج مئة ألف وَسِتَّة وَأَرْبَعُونَ ألف نفس وَقتل من الْمُسلمين نَحْو من عشْرين ألف نفس وَحمل من دروعهم لبيت المَال سِتُّونَ
ألف درع وَأما الدَّوَابّ فَلم يحص عَددهَا
وَكَانَ قد أَمر أَن لَا يُفْتى بِفُرُوع الْفِقْه وَأَن لَا يُفْتى إِلَّا بِالْكتاب وَالسّنة وَأَن تجتهد الْفُقَهَاء على طَريقَة أهل الظَّاهِر وَإِلَيْهِ تنْسب الدَّنَانِير اليعقوبية وَأمر بِقِرَاءَة الْبَسْمَلَة فِي أول الْفَاتِحَة فِي الصَّلَوَات وَأرْسل بذلك إِلَى سَائِر بِلَاد الْمُسلمين فَأجَاب قوم وَامْتنع آخَرُونَ وَكَانَ يشدد على الرّعية بِإِقَامَة الصَّلَوَات الْخمس ويعاقب على تَركهَا وَيَأْمُر بالنداء فِي الْأَسْوَاق بالمبادرة إِلَيْهَا فَمن غفل عَنْهَا أَو اشْتغل عَنْهَا بمعيشة عزره تعزيرا بليغا وَقتل فِي بعض الأحيان على شرب الْخمر وَقتل الْعمَّال الَّذين تَشْكُو الرّعية مِنْهُم
وَقَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى وصل إِلَيْنَا جمَاعَة من مَشَايِخ الْمغرب وهم على تِلْكَ الطَّرِيق مثل أبي الْخطاب ابْن دحْيَة وأخيه أبي عَمْرو ومحيي الدّين ابْن الْعَرَبِيّ نزيل دمشق [463]
وَكَانَ محبا للْعُلَمَاء محسنا إِلَيْهِم مقربا لَهُم وللأدباء مصغيا إِلَى المديح مثيبا عَلَيْهِ
وَله ألف أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد السَّلَام الجراوي صفوة الْأَدَب وديوان الْعَرَب فِي مُخْتَار الشّعْر
وَمن شعراء دولته أَبُو بكر يحيى بن عبد الْجَلِيل بن مجير الأندلسي وَقد تقدم ذكره فِي مَكَانَهُ
وَدخل عَلَيْهِ الأديب أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الكاغي الْأسود الشَّاعِر فأنشده
(أَزَال حجابه عني ودعيني
…
ترَاهُ من المهابة فِي حجاب)
(وقربني بِفضل مِنْهُ لَكِن
…
بَعدت مهابة عِنْد اقترابي)
وَكَانَ يَعْقُوب هَذَا صافي السمرَة جدا إِلَى الطول هُوَ جميل الْوَجْه أعين شَدِيد الْكحل ضخم الْأَعْضَاء جَهورِي الصَّوْت جذل الْأَلْفَاظ أصدق النَّاس لهجة وَأَحْسَنهمْ حَدِيثا وَأَكْثَرهم إِصَابَة بِالظَّنِّ مجربا للأمور
ولي وزارة أَبِيه فبحث عَن الْأَحْوَال بحثا شافيا وطالع مَقَاصِد الْعمَّال والولاة وَغَيرهم مطالعة أفادته معرفَة بجزئيات الْأُمُور
وَلما مَاتَ أَبوهُ اجْتمع رَأْي أَشْيَاخ الْمُوَحِّدين وَبني عبد الْمُؤمن على تقدمته فَبَايعُوهُ وعقدوا لَهُ الْبيعَة وَدعوهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ كأبيه وجد ولقبوه الْمَنْصُور فَقَامَ بِالْأَمر أحسن قيام وَهُوَ الَّذِي أظهر أبهة ملكهم وَرفع راية الْجِهَاد وَنصب ميزانالعدل وَأقَام الْحُدُود حَتَّى على أَهله وعشيرته [464]
وَخرج عَلَيْهِ عَليّ بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن عَليّ بن غانة الملثم من جَزِيرَة ميورقة فِي شبعان سنة ثَمَانِينَ وَملك بجاية وَمَا حولهَا فَجهز إِلَيْهِ الْمَنْصُور يَعْقُوب عشْرين ألف فَارس وأسطولا فِي النَّهر ثمَّ خرج بِنَفسِهِ فِي أول ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فاستعاد مَا أَخذ من الْبِلَاد ثمَّ عَاد إِلَى مراكش سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بلغه أَن الفرنج ملكوا مَدِينَة شلب وَهِي فِي غرب جَزِيرَة الأندلس فتجهز إِلَيْهَا بِنَفسِهِ وحاصرها وَأَخذهَا وأنفذ فِي الْوَقْت جَيْشًا من الْمُوَحِّدين وَمَعَهُمْ جمَاعَة من الْعَرَب ففتحوا أَربع مدن من بِلَاد الفرنج كَانُوا قد أخذوها من الْمُسلمين قبل ذَلِك بِأَرْبَعِينَ سنة
وخافه صَاحب طليطلة وَصَالَحَهُ خمس سِنِين وَعَاد إِلَى مراكش وَلما انْقَضتْ الْهُدْنَة وَلم يبْق مِنْهَا إِلَى الْقَلِيل خرجت طَائِفَة من الفرنج فِي جَيش كثيف إِلَى بِلَاد الْمُسلمين فنهبوا وَسبوا وعاثوا عيثا فظيعا فَتوجه لقصدهم وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَجمع جيوشه من أَطْرَاف الْبِلَاد واحتفل احتفالا عَظِيما وَخرج إِلَى مَدِينَة سلا ليَكُون اجْتِمَاع العساكر بظاهرها فاتفق أَنه مرض مَرضا شَدِيدا إِلَى أَن يئس أطباؤه فتوقف الْحَال عَن تَدْبِير الجيوش فَحمل إِلَى مراكش فطمع
المجاورون لَهُ من الْعَرَب وَغَيرهم وعاثوا فِي الْبِلَاد وأغاروا على النواحي وَكَذَلِكَ فعل الأدفونش فِيمَا يَلِيهِ من بِلَاد الأندلس وتفرق الجيوش شرقا وغربا
وَزَاد طمع الأدفونش وَبعث رَسُولا إِلَى الْأَمِير يَعْقُوب يتهدده ويتوعده وَيطْلب بعض الْحُصُون المتاخمة لَهُ وَكتب إِلَيْهِ رِسَالَة من إنْشَاء وَزِير [465] لَهُ يعرف بِابْن الفخار وَهِي
بِاسْمِك اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض وصل الله على السَّيِّد الْمَسِيح روح الله وكلمته الرَّسُول الفصيح أما بعد
فَلَا يخفى على ذِي ذهن ثاقب وَلَا ذِي عقل لازب أَنَّك أَمِير الْملَّة الحنيفية كَمَا أَنِّي أَمِير الْملَّة النَّصْرَانِيَّة وَقد علمت مَا عَلَيْهِ رُؤَسَاء الأندلس من التخاذل والتواكل وإهمال الرّعية وإخلادهم إِلَى الرَّاحَة وَأَنا أسومهم بِحكم الْقَهْر وخلاء الديار وَسبي الذَّرَارِي وأمثل بِالرِّجَالِ وَلَا عذر لَك فِي التَّخَلُّف عَن نصرتهم إِذا أمكنتك يَد الْقُدْرَة وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أَن الله فرض عَلَيْكُم قتال عشرَة منا بِوَاحِد مِنْكُم والآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا وَنحن الْآن نُقَاتِل عشرَة مِنْكُم بِوَاحِد منا لَا تَسْتَطِيعُونَ دفاعا وَلَا تَمْلِكُونَ امتناعا وَقد حُكيَ لي عَنْك أَنَّك أخذت فِي الاحتفال وأشرفت على ربوة الْقِتَال وَأَنت تماطل نَفسك عَاما بعد عَام وَتقدم رجلا وتوخر أُخْرَى فَلَا أَدْرِي أَكَانَ الْجُبْن أَبْطَأَ بك أم التَّكْذِيب بِمَا وَعدك رَبك ثمَّ قيل لي إِنَّك لَا تَجِد إِلَى جَوَاز الْبَحْر سَبِيلا لعِلَّة لَا يجوز لَك التقحم مَعهَا وَهَا أَنا أَقُول لَك مَا فِيهِ الرَّاحَة لَك وأعتذر لَك وعنك على أَن تفي بالعهد والمواثيق والاستكثار من الدَّهْر وَترسل لي جمَاعَة من عبيدك بالمراكب والشواني والطرائد والمسطحات وأجوز بحملتي إِلَيْك وأقاتلك فِي أعز الْأَمَاكِن إِلَيْك فَإِن كَانَت لَك فغنيمة كَبِيرَة جلبت إِلَيْك وهدية عَظِيمَة مثلت بَين يدك وَإِن
كَانَت لي كَانَت [466] الْعليا عَلَيْك واستحقيت إِمَارَة الملتين وَالْحكم على البرين وَالله موفق السَّعَادَة يسهل الْإِرَادَة لَا رب غَيره وَلَا خير إِلَّا خَيره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فَلَمَّا وصل كِتَابه إِلَى الْأَمِير يَعْقُوب مزقه وَكتب على ظهر قِطْعَة مِنْهُ {ارْجع إِلَيْهِم فلنأتينهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا ولنخرجنهم مِنْهَا أَذِلَّة وهم صاغرون} النَّمْل 37 الْجَواب مَا ترى لَا مَا تسمع
(وَلَا كتب إِلَّا المشرفية عِنْده
…
وَلَا رسل إِلَّا الْخَمِيس العرموم)
ثمَّ استدعى الجيوش من الْأَمْصَار وَضرب السرادقات بِظَاهِر الْبَلَد من يَوْمه وَجمع العساكر وَسَار إِلَى الْبَحْر الْمَعْرُوف بزقاق سبتة فَعبر فِيهِ إِلَى الأندلس وَدخل بِلَاد الفرنج وَقد اعتدوا واحتشدوا وتأهبوا فكسرهم كسرة شنيعة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَلم ينج مِنْهُم ملكهم إِلَّا فِي نفر قَلِيل
وَكَانَ مَا ذكرته فِي أول هَذِه التَّرْجَمَة وأخلى الفرنج قلعة رَبَاح لما داخلهم من الرعب فملكها الْأَمِير يَعْقُوب وَجعل فِيهَا واليا وجيشا ولكثرة مَا حصل لَهُ من الْغَنَائِم لم يُمكنهُ الدُّخُول إِلَى بِلَاد الفرنج فَعَاد إِلَى طليطلة وحاصرها وَقطع أشجارها وَأخذ من أَعمالهَا حصونا كَثِيرَة وَقتل رجالها وسبى حريمها وَهدم مبانيها وَترك الفرنج فِي أَسْوَأ حَال
ثمَّ رَجَعَ إِلَى أشبيلية وَأقَام بهَا إِلَى أثْنَاء سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
وَعَاد إِلَى بِلَاد الفرنج مرّة ثَالِثَة وَفعل كَفِعْلِهِ الْمُتَقَدّم فَلم يبْق للفرنج قدرَة على لِقَائِه [467] وسألوا مِنْهُ الصُّلْح فأجابهم وصالحهم لمُدَّة خمس سِنِين
وَعَاد إِلَى مراكش وَلما وصل إِلَيْهَا أَمر باتخاذ الأحواض والروايا وآلات السّفر إِلَى بِلَاد أفريقية فَاجْتمع إِلَيْهِ مَشَايِخ الْمُوَحِّدين وَقَالُوا قد طَالَتْ غيبتنا بالأندلس فمنا من لَهُ خمس سِنِين وَمن لَهُ ثَلَاث سِنِين فأنعم علينا بالمهلة هَذَا الْعَام وَتَكون الْحَرَكَة أول سنة خمس وَتِسْعين فأجابهم
وانتقل إِلَى مَدِينَة سلا وَشَاهد فِيهَا من المتنزهات الْمعدة لَهَا وَكَانَ قد بنى بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة قَرِيبا مِنْهَا مَدِينَة سَمَّاهَا رِبَاط الْفَتْح عمل هَيْئَة الْإسْكَنْدَريَّة وبناها على الْبَحْر الْمُحِيط وَهِي على نهر سلا مُقَابلَة من الْبر القبلي وتنزه فِيهَا وَعَاد إِلَى مراكش
ثمَّ إِن النَّاس اخْتلفُوا فِي أمره من هُنَا فَقَالُوا إِنَّه ترك مَا كَانَ فِيهِ وتجرد وساح فِي الأَرْض وانْتهى إِلَى بِلَاد الشرق وَهُوَ مستخف لَا يعرف
وَمَات خاملا وَيُقَال إِن قَبره بِالْقربِ من المجدل قَرْيَة من الْبِقَاع العزيزي عِنْد قَرْيَة يُقَال لَهَا حمارة وَإِلَى جَانبهَا مشْهد يعرف بِقَبْر الْأَمِير يَعْقُوب ملك الغرب كل أهل تِلْكَ النواحي متفقون على ذَلِك
وَقَالُوا مَاتَ بِمَدِينَة سلا فِي غرَّة جُمَادَى الأولى وَقيل شهر ربيع الآخر فِي سَابِع عشرَة وَقيل فِي غرَّة صفر سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بمراكش
ومولده سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَأمر أَن يدْفن على قَارِعَة الطَّرِيق لترحم النَّاس عَلَيْهِ
وَبَايع النَّاس وَلَده أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوب وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين [468]
وَمن حكايات الْأَمِير الْمَنْصُور يَعْقُوب أَن رجلا من المشارقة وَمثل إِلَيْهِ فِي زِيّ رَسُول وَزعم أَنه من الْهِنْد يذكر أَن ذَلِك الْملك رأى فِي كتاب ملحمة عِنْده أَن أَبَا يُوسُف هَذَا يصل بجيوشه من الْمغرب وَيملك بِلَاد الْمشرق ثمَّ يفتح الْهِنْد وَمَا أشبه ذَلِك وَطلب الِاجْتِمَاع بِهِ فَقَالَ الْمَنْصُور الْعَاقِل الْحَكِيم ينخدع فِي مَاله وَلَا ينخدع فِي عقله وَأمر بإنزاله وإجراء الضِّيَافَة عَلَيْهِ حَتَّى ينْفَصل وَأما الِاجْتِمَاع بِهِ فَلَا سَبِيل إِلَيْهِ
وَرفع إِلَيْهِ صَاحب شرطته أَن رجلا من الْعَامَّة مِمَّن ابتلاه الله بحب الْخمر اشتاق إِلَى عَادَته فَقَالَت لَهُ زَوجته قد علمت أَن الْخَلِيفَة يقتل على الشّرْب وَأَنت فِيك عربدة وَقلة صمت إِذا شربت فَقَالَ أَنا أحسم الْمَادَّة فقيد نَفسه بِقَيْد حَدِيد ثمَّ اشْتغل بشرابه وأغلق بَابه فنم بِهِ أحد أنذال جِيرَانه إِلَى صَاحب الشرطة فَأمر الْمَنْصُور أَن يضْرب السَّكْرَان الْحَد الْخَفِيف وَيُؤْخَذ الْقَيْد من رجله وَيُوضَع فِي رجل الغماز بعد أَن يضْرب على نجسه ويودع السجْن حَتَّى يستريح النَّاس مِنْهُ
وَاحْتَاجَ لأحد أَوْلَاده عَالما وأمينا فطلبهما من القَاضِي فَاخْتَارَ لَهُ القَاضِي رجلَيْنِ وصف أَحدهمَا فِي رقعته أَنه عَالم بَحر وَالْآخر أَنه أَمِين بر فاستنطقهما الْمَنْصُور فَعلم أَنَّهُمَا يكذبان [469] فَوَقع فِي الرقعة ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر
واشتهر لَهُ من قَوْله شعر أفسد بِهِ الْعَرَب على قراقوش أحد مماليك صَلَاح الدّين وَكَانَ قد استولى على طرابلس وَقَابِس وَعظم أمره بالغرب
(يَا أَيهَا الرَّاكِب الساري لظبيته
…
على غدافره تشقى بهَا الأكم)
(بلغ سُلَيْمَان على بعد الديار بهَا
…
بيني وَبَيْنكُم الرحمان وَالرحم)
(يَا قَومنَا لَا تشبوا الْحَرْب إِن خمدت
…
واستمسكوا بعرى الْإِيمَان واعتصموا)
(حاشى الأعاريب أَن ترْضى بمنقصه
…
يَا لَيْت شعري هَل ألبابهم عدموا)
(يقودهم أرمني لَا خلاق لَهُ
…
كَأَنَّهُ بَينهم من جَهله علم)
(الله يعلم أَنِّي مَا دعوتكم
…
دُعَاء ذِي ترة يَوْمًا فينتقم)
(وَلَا التجأت لأمر يستعان بِهِ
…
من الْأُمُور وَهَذَا الْخلق قد علمُوا)
(لَكِن لأجزي رَسُول الله عَن رحم
…
تنمى إِلَيْهِ وترعى تلكم الذمم)
(فَإِن أبيتهم فحبل الْوَصْل مُتَّصِل
…
وَإِن أَبَيْتُم فَعِنْدَ السَّيْف نحتكم)
فَلَمَّا وقفُوا على الشّعْر مالوا إِلَى الْمَنْصُور وانحرفوا عَن قراقوش
وَله موشحات حَسَنَة عَملهَا فِي جَارِيَة لَهُ كَانَ يهواها تسمى سَاحر وَقيل إِن هَذِه [470]
84 -
تَقِيّ الدّين الجرايدي يَعْقُوب بن بدران بن مَنْصُور بن بدران
الإِمَام الْمُقْرِئ المجود تَقِيّ الدّين
أَبُو يُوسُف القاهري ثمَّ الدِّمَشْقِي الجرايدي
شيخ الإقراء بِالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّة وَغَيرهَا بِالْقَاهِرَةِ
كَانَ مبرزا فِي علم الْقرَاءَات أَخذ الْقرَاءَات عَن السخاوي وَابْن ماسويه ورحل إِلَى أبي الْقَاسِم بن عِيسَى وَقَرَأَ عَلَيْهِ وعَلى غَيره
وَحدث عَن ابْن الزبيدِيّ وَابْن اللتي وانتفع بِهِ الطّلبَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْنه الْعِمَاد مُحَمَّد وَالشَّيْخ نور الدّين الشطنوفي وَغير وَاحِد
وَعمل قصيدة فِي الْقرَاءَات حل فِيهَا رموز الشاطبية وَصرح بهم وَأثبت الأبيات عوض كل بَيت فِيهِ رمز وَأقر سَائِر القصيدة على حَاله
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
وَقد تقدم ذكر وَلَده عماد الدّين مُحَمَّد فِي المحمدين [471]
85 -
نجم الدّين المنجنيقي يَعْقُوب بن صابر بن أبي البركات بن عباد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن حوثرت
أَبُو يُوسُف الْقرشِي
نجم الدّين المنجنيقي الْحَرَّانِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ
الشَّاعِر لَهُ ديوَان كَانَ من فحول الشُّعَرَاء بالعراق سمع شَيْئا من الحَدِيث من أبي المظفر هبة الله بن عبد الله بن أَحْمد بن عمر السَّمرقَنْدِي
قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبنَا عَنهُ فِي حَدِيثه وَمن شعره
وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق لطيف الْعشْرَة ظريفا وَله سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة انْتهى
وَمَا زَالَ مغرى بآداب السَّيْف والقلم وصناعة السِّلَاح اشْتهر بذلك
فَلم يلْحقهُ أحد فِي عصره وصنف كتابا سَمَّاهُ عدَّة المسالك فِي سياسة الممالك يتَضَمَّن أَحْوَال الحروب وَفتح الثغور
وَكَانَ ذَا منزلَة عَظِيمَة عِنْد الإِمَام النَّاصِر
وَمن شعره
(كَيفَ يسخو لعاشق بوصال
…
باخل فِي الْكرَى بطيف خيال)
(علق القرط حِين بلبل صدغيه
…
بداج من فَرعه كالليالي)
(فَرَأَيْنَا الدجا وَقد سحب الْبَدْر
…
إِلَيْهِ من قرطه بِهِلَال)
وَمِنْه
(قد نفى جودك الْكِرَام فَلَا
…
نبئت فِي النَّاس محسنا إلاكا)
(فَكَمَا قيل لَا إِلَه سوى الله
…
كَذَا قيل لَا كريم سواكا)
[472]
وَمِنْه
(أدر المدام فسقينها واشربا
…
رَاحا ذكت أرجا وَطَابَتْ مشربا)
(رقت وراق مساغها فتصرمت
…
صرفا وعاف مزاجها أَن مشربا)
(عجب السقاة لَهَا وَقَالُوا جذوة
…
تزداد بِالْمَاءِ الزلَال تلهبا)
(إِن شعشعت فِي الكأس أبرزها السنا
…
أَو خدرت فِي الدن ضَاعَ بهَا مشربا)
(سبت الْعُقُول تبرجا وتأرجا
…
فلذاك قيل لمن شرى الْخمر اشربا)
(فاستجل مِنْهَا بنت كرم عنست
…
فِي الخدر حينا لاهداء وَلَا سبا)
(من كف أهيف شادن حُلْو اللمى
…
عذب الثنايا مَا انثنى إِلَّا اشربا)
(يسْعَى إِلَيْك بكأسه فتخاله
…
قمرا يزف إِلَيْك مِنْهَا كوكبا)
(قمر إِذا مَا حل عقرب صُدْغه
…
ألفيته قمرا يحل العقربا)
وَمِنْه
(سقاني المدامة حَتَّى الصَّباح
…
وألثمني مبسما كالأقاحي)
(وزودني سحر طرف سليم
…
سقيم من الغنج سَكرَان صَاح)
(فرحت تجاذبني نشوتان
…
نشوة رَاح وسكر ارتياح)
(غزال شماثله كالشمول
…
سهل الْخَلَائق حُلْو المزاج)
(إِذا ارتشف الراح ذَات الْحباب
…
كمبسمه فِي سنا واتضاح)
(أذاق المدامة طعم المدام
…
وقايضها كأس رَاح براح)
وَمِنْه
(شَكَوْت مِنْهُ إِلَيْهِ جوده فَبكى
…
واحمر من خجل واصفر من وَجل)
(الْورْد والياسمين الغض منغمس
…
فِي الظل بَين البكا والعذر والغزل)
وَمِنْه
(قبلت وجنته فألفت جيده
…
خجلا وَمَال بعطفه المياس)
(فانهل من خديه فرق عذاره
…
عرق يحاكي الطل فَوق الآس)
(فكأنني استقطرت ورد خدوده
…
بتصاعد الزفرات من أنفاسي)
[473]
وَكتب إِلَيّ شيخ الرِّبَاط
(مولَايَ يَا شيخ الرِّبَاط الَّذِي
…
أبان عَن فضل وعلياء)
(إِلَيْك أَشْكُو جور صوفية
…
باتوا ضيوفي وأووا دَاري)
(أتيتهم بالخبز مستأثرا
…
وَبت تَشْكُو الْجُوع أعضائي)
(مَشوا على الْخبز وَمن عَادَة
…
الزهاد أَن يمشوا على المَاء)
وَقَالَ
(تعلمت علم المنجنيق ورميه
…
لهدم الصَّيَاصِي وافتتاح المرابط)
(وعدت إِلَى نظم القريض لشقوتي
…
فَلم أخل فِي الْحَالين من قصد حَائِط)
قلت وَهَذَا يشبه قَول مظفر الذَّهَبِيّ
(كلفت بتصوير الدمى فِي شبيبتي
…
وأتقنتها إتقان حبر مهذب)
(فَلم أخل من تزويق زور مكذب)
وَمن شعر نجم الدّين
(لَا تكن واثقا بِمن كظم الغيظ
…
اغتيالا وخف غرار الْغرُور)
(فالظبي المرهفات أقتل مَا كَانَت
…
إِذا غاض مَاؤُهَا فِي الصُّدُور)
وَمِنْه فِي جَارِيَة حبشية كَانَ يهواها
(وَجَارِيَة من بَنَات الحبوش
…
بِذَات جفون صِحَاح مراض)
(تعشقتها للتصابي فشبت
…
غرما وَلم أك بالشيب رَاض)
(وَكنت أعيرها بِالسَّوَادِ
…
فَصَارَت تعيرني بالبياض)
(جَارِيَة عبرت للطَّواف
…
وعبرتها حذرا تَدْمَع)
(فَقلت ادخلي الْبَيْت لَا تجزعي
…
فَفِيهِ الْأمان لمن يجزع)
(سدانته لبني شيبَة
…
فَقَالَت وَمن شيبَة أفزع)
قلت وأكمل من هَذَا قَول الآخر وَهُوَ مواليا
(لقيتها قلت ستي أَيْن ذِي الْغَيْبَة
…
قَالَت ولي شبت قلت الشيب لي هَيْبَة)
(موري بِنَا الْبَيْت قَالَت مستك خيبة
…
أَنا أبْغض الْبَيْت من بغضي بني شيبَة)
[474]
وَكتب نجم الدّين ابْن صابر إِلَى الإِمَام النَّاصِر يعرض بالوزير القمي وَكَانَ يَدعِي أَنه شرِيف علوي
(خليلي قولا للخليفة أَحْمد
…
توق وقيت الشَّرّ مَا أَنْت صانع)
(وزيرك هَذَا بَين أَمريْن فيهمَا
…
صنيعك يَا خير الْبَريَّة ضائع)
(فَإِن كَانَ حَقًا من سلالة أَحْمد
…
فَهَذَا وَزِير فِي الْخلَافَة طامع)
(وَإِن كَانَ فِيمَا يَدعِي غير صَادِق
…
فأضيع مَا كَانَت لَدَيْهِ الودائع)
وَكَانَت هَذِه الأبيات سَببا لتغير الْخَلِيفَة عَلَيْهِ
وَخرج إِلَى الْوَزير مملوكان مسرعان فهجما على الْوَزير فِي دَاره وضرباه على رَأسه بالدواة وَحمل إِلَى المطبق فَكتب إِلَى الْخَلِيفَة
(القني فِي لظى فَإِن عيرتين
…
فتيقن أَن لست بالياقوت)
(عرف النسج كل من حاك لَكِن
…
لَيْسَ دَاوُد فِيهِ كالعنكبوت)
فَكتب الْخَلِيفَة إِلَيْهِ الْجَواب
(نسج دَاوُد لم يفد صَاحب
…
الْغَار وَكَانَ الفخار للعنكبوت)
(وَبَقَاء السمند فِي لَهب النَّار
…
مزيل فَضِيلَة الْيَاقُوت)
اخترناك فعرفناك واختبرناك فصرفناك وَالسَّلَام [475]
وَكَانَ بِبَغْدَاد شخص يُقَال لَهُ ابْن بَشرَان وَكَانَ كثير الأراجيف فَقعدَ على الطَّرِيق ينجم فَقَالَ فِيهِ ابْن صابر
(إِن ابْن بَشرَان على علاته
…
من خيفة السُّلْطَان صَار منجما)
(طبع المشوم على الفضول فَلم يطق
…
فِي الأَرْض إرجافا فَأَرْجَفَ فِي السما)
وَمن شعره مَا كتبه لبَعض الرؤساء بِبَغْدَاد
(مَا جِئْت أَسأَلك الْمَوَاهِب مادحا
…
إِنِّي لما أوليتني لشكور)
(لَكِن أتيت عَن الْمَعَالِي مخبرا
…
لَك أَن سعيك عِنْدهَا مشكور)
وَمن شعره
(قَالُوا بَيَاض الشيب نور سَاطِع
…
يكسو الْوُجُوه مهابة وضياء)
(حَتَّى سرت وخطاته فِي مفرقي
…
فوددت أَن لَا أفقد الظلماء)
(وَعدلت أستبقي الشَّبَاب تعللا
…
بخصابها فصبغتها سَوْدَاء)
(لَو أَن لحية من تشيب صحيفَة
…
لمعاده مَا اخْتَارَهَا بَيْضَاء)
قلت وَمن هُنَا أَخذ شهَاب الدّين التلعفري قَوْله
(لَا تعجلن فوالذي جعل الدجى
…
من ليل طرتي البهيم ضِيَاء)
(لَو أَنَّهَا يَوْم الْمعَاد صحيفتي
…
مَا سر قلبِي كَونهَا بَيْضَاء)
وَمن شعر نجم الدّين أَن صابر وَقد كبر وَصَارَ يحمل عَصا [476]
(ألقيت عَن يَدي الْعَصَا
…
زمن الشبيبة للنزول)
(وحملتها لما دَعَا دَاعِي
…
المشيب إِلَى الرحيل)
وَمِنْه فِي ذمّ الصُّوفِيَّة
(قد لبس الصُّوف لترك الصَّفَا
…
مَشَايِخ الْعَصْر وَشرب الْعصير)
(الرقص وَالشَّاهِد من شَأْنهمْ
…
شَرّ طَوِيل تَحت ذيل قصير)
وَمِنْه
(قَالُوا نرَاهُ يسل شعر عذاره
…
وسباله مستهترا بزواله)
(فتسل عَنهُ وَخذ حبيبا غَيره
…
فأجبتهم لَا زلت عبد وصاله)
(هَل يحسن السلوان عَن حب يرى
…
أَن لَا يفارقني بنتف سباله)
وَقَالَ فِي مليح يسبح فِي دجلة بتبان أَزْرَق وَشد بوسطيه شكوة منفوخة
(يَا للرِّجَال سكايتي من شكوة
…
أضحت تعانق من أحب وأعشق)
(جمعت هوى كهواي إِلَّا أَنَّهَا
…
تطفو ويثقلني الغرام فأغرق)
(ويغيرني التبَّان عِنْد عناقه
…
أردافه فَهُوَ الْعَدو الْأَزْرَق)
86 -
الْمعز بن صَلَاح الدّين يَعْقُوب بن يُوسُف الْملك الْمعز
وَيُقَال الْأَعَز
شرف الدّين أَبُو يُوسُف بن السُّلْطَان صَلَاح الدّين النَّاصِر بن أَيُّوب
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة
وَسمع من عبد الله بن بري وَابْن أسعد الجواني
وَقَرَأَ الْقُرْآن على الأرتاجي
وَكَانَ متواضعا كثير التِّلَاوَة دينا حدث بالحرمين ودمشق كَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي بحلب رَحمَه الله تَعَالَى [478]
87 -
ابْن الدقاق يَعْقُوب بن الدقاق أَبُو يُوسُف
كَانَ مستملي أبي نصر صَاحب قَالَ كُنَّا يَوْم جُمُعَة بقبة الشُّعَرَاء فِي رحبة مَسْجِد الْمَنْصُور فتناشدوا صَوتا إِذا صَاح فِي صائح من ورائي يَا منتوف
فتغافلت كَأَنِّي لم أسمع
فَقَالَ وَيلك يَا أعمى يَا أعمى لم لَا تَتَكَلَّم
فَقلت من هَذَا
فَقَالُوا أَبُو دانق الموسوس
فَالْتَفت إِلَيْهِ فَقَالَ لي وَيلك هَل تعرف أحسن من هَذَا الْبَيْت أَو أشعر من قَائِله
فَقلت كالمحاجر لَهُ لَا
فَقَالَ لَا أم لَك هلا قلت نعم قَوْله
(يزيدك وَجههَا حسنا
…
إِذا مَا زِدْته نظرا)
ثمَّ وثب وثبة فَجَلَسَ إِلَى جَانِبي وَأَقْبل عَليّ وَقَالَ لي يَا عمي صف لي صُورَتك على البديهة وَإِلَّا أخرجتك من بزتك
ثمَّ أقبل على من كَانَ حَاضرا فَقَالَ ظلمته هُوَ ضَرِير لم ير وَجهه فَمن أحسن منا أَن يصفه فليصفه وَكَانَ على أقبح النَّاس وَجها وَكَانَ يحلق شعر رَأسه وَشعر لحيته وَشعر حاجبيه قَالَ فَلم يتَكَلَّم أحد
فَقَالَ اكتبوا صفته فِي رَأسه وَأنْشد
(أنسبه راسه لَوْلَا وجار
…
لعينيه ونضنضة اللِّسَان)
[479]
(بأضخم قرعَة عظمت وتمت
…
فَلَيْسَ لَهَا لَدَى التَّمْيِيز ثَان)
(إِذا عليت أَسْفَلهَا أمالت
…
دعائم رَأسهَا نَحْو اللِّسَان)
(وَكَانَ لنا مَكَان الْجيد مِنْهَا
…
إِذا اتَّصَلت بممسكه الجران)
(لَهَا فِي كل شارقة وبيص
…
كَأَن بريقها لمع الدهان)
(فَلَا سلمت من حذري وخوفي
…
مَتى سلمت صفاتك من بناني)
ثمَّ وثب إِلَيّ فحالت الْأَيْدِي بيني وَبَينه
88 -
الجبان أَبُو يَعْقُوب الجبان
قَالَ ياقوت لم يَقع إِلَيّ اسْمه وَوَجَدته مَذْكُورا فِي كتاب أَصْبَهَان وَلَا شكّ فِي كَونه من أَصْبَهَان
قَالَ حَمْزَة بن الْحسن فِي كتاب أَصْبَهَان أَبُو يَعْقُوب الجبان مؤدب المكتفي قَالَ
(إِذا المشكلات تصدين لي
…
كشفت حقائقها بِالنّظرِ)
(وَإِن برقتْ فِي مخيل الصَّوَاب
…
عمياء لَا يجتليها الْبَصَر)
(مقنعة بظلام الغيوب
…
سللت عَلَيْهَا حسام الْفِكر)
(وَلست بإمعة فِي الرِّجَال
…
أسائل هَذَا وَذَا مَا الْخَبَر)
(ولكنني وافر الأصغرين
…
أَقيس على مَا مضى مَا حضر)
[480]
وَقَالَ أَيْضا
(لقد سَاءَ أَقْوَامًا بقائي لعلمهم
…
بعلمي بآباء لَهُم سلفوا قبلي)
(وسر بقائي آخَرين لعلمهم
…
بِأَن لَيْسَ عَن أحسابهم ذائد مثلي)
وَقَالَ أَيْضا
(دنيا دنت من جَاهِل وَتَبَاعَدَتْ
…
عَن كل ذِي لب لَهُ)
(سلحت على أَرْبَابهَا حَتَّى إِذا
…
صَارَت إِلَيّ أَصَابَهَا) [481]
89 -
نَاظر حلب يَعْقُوب بن عبد الْحَكِيم
الرئيس الصاحب شرف الدّين
نَاظر حلب وطرابلس وَكَانَ مباشرا نظر الْجَيْش بحلب قبل عود السُّلْطَان الْملك النَّاصِر من الْكَرم ثمَّ إِنَّه توجه إِلَى طرابلس نَاظر المَال سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة