المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل وصايا وأقوال أئمة أهل السنة في الاتباع والنهي عن الابتداع] - الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة - جـ ٢

[عبد الله بن عبد الحميد الأثري]

الفصل: ‌[فصل وصايا وأقوال أئمة أهل السنة في الاتباع والنهي عن الابتداع]

[فصل وصايا وأقوال أئمّة أهل السنة في الاتباع والنهي عن الابتداع]

فصل

وصايا وأقوال أئمّة أهل السنة

في

الاتباع والنهي عن الابتداع

ص: 201

1 -

قال مُعاذ بن جبل رضي الله عنه:

(أَيها النَّاس عَليكُم بالعِلْم قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، أَلا وإِن رَفْعَهُ ذهابُ أَهْلِه، وَإياكُمْ وَالبِدَع والتبَدع والتنطع، وَعَليكُم بأَمْرِكُم العَتيق)(1) .

2 -

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه:

(كلّ عبادة لم يَتَعبدْ بها أَصْحابُ رَسُولِ اللهِ- صلى الله عليه وآله وسلم فلَا تَتَعبَّدوا بها؛ فإِن الأَوَّلَ لَمْ يَدع للآخِر مَقالا؛ فاتَّقوا اللهَ يا مَعْشَر القرَّاء، خُذوا طَريقَ مَنْ كان قَبلكُم)(2) .

(1)" البدع والنهي عنها " لابن وضاح.

(2)

رواه ابن بطة في: " الإبانة ".

ص: 203

3 -

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

(مَنْ كان مُسْتنّا فَلْيَسْتن بمَنْ قَدْ مَاتَ أولئكَ أَصْحابُ مُحمد صلى الله عليه وسلم كانوا خَيرَ هذه الأمَّة، وأَبَرها قُلوبا، وأَعْمقَها عِلْما، وأَقَلّها تَكلفا، قَوم اخْتارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَة نَبيه صلى الله عليه وسلم ونَقلِ دينه فَتَشبَّهوا بأَخْلاقِهِم وطَرائِقِهم؛ فَهُمْ كانوا عَلَى الهَدْي المُستقِيم)(1) .

وقال رضي الله تعالى عنه:

(اتَبعوا ولا تَبْتَدعوا فَقَدْ كُفيتُم؛ عَلَيْكُم بالأَمرِ العَتيق)(2) .

4 -

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

(لَا يَزالُ النَّاسُ عَلَى الطَّريقِ؛ ما اتبَعوا الأَثَرَ)(3) وقال: (كل بِدْعَة ضَلالَة؛ وإِنْ رآها الناس حَسَنَة)(4) .

5 -

قال الصحابي الجليل أَبو الدرداء رضي الله عنه:

(لَنْ تضل مَا أَخَذْتَ بالأَثَر)(5) .

6 -

قال أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

(لَو كانَ الدِّينُ بالرأْي، لَكانَ باطنُ الخُفين أَحَقَّ بالمَسْحِ منْ ظاهِرهِما وَلَكِنْ رأَيتُ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظاهِرهِما)(6) .

(1) أخرجه البغوي في: " شرح السنة ".

(2)

أخرجه الدارمي في: " سننه ".

(3)

رواهما اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ".

(4)

رواهما اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ".

(5)

رواه ابن بطة في: " الإبانة ".

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في: " المصنف ".

ص: 204

7 -

قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:

(مَا ابْتُدِعَتْ بدْعَةٌ؛ إِلا ازْدادَتْ مضيا، وَلَا نُزِعَت سنةٌ؛ إِلَّا ازْدادَت هَرَبا)(1) .

8 -

وعن عابس بن ربيعة، قال: رأَيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُقبِّلُ الحجرَ- يعني الأسود- ويقول: (إِنِّي لأَعْلَمُ أَنكَ حَجَرٌ لَا تضر ولا تَنفع، وَلولَا أَنِّي رأَيْتُ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -يُقبلكَ ما قبلتُك)(2) .

9 -

قال الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:

(قِفْ حَيْثُ وَقَفَ القوم، فَإِنَّهُم عَنْ عِلْم وَقَفوا، وببَصر نافذ كفوا، وهُم عَلَى كَشْفِها كانوا أقْوَى، وبالفضْلِ لَو كان فيها أَحْرى، فلئِن قُلتم: حَدَثَ بَعدَهُم؛ فما أَحْدَثهُ إِلا مَنْ خالفَ هَدْيَهُم، ورَغِبَ عَنْ سُنتِهم، وَلَقَدْ وصفوا منه ما يشفي، وتَكلَّموا منهُ بما يَكْفي، فما فوقهُم مُحَسر وما دُونهُم مُقصر، لقد قصرَ عَنْهُم قَومٌ فَجفَوْا وتجَاوزهُم آخرون فَغلَوْا، وَإنهم فيما بين ذلك لَعَلى هُدى مُستقَيم)(3) .

(1) رواه ابن بطة في: " الإبانة ".

(2)

رواه البخاري ومسلم.

(3)

أورده ابن قدامة في: " لُمْعَة الاعتِقَاد الهادي إِلى سبيل الرشاد ".

ص: 205

10 -

قال الإِمام الأَوزاعي رحمه الله تعالى:

(عَلَيْكَ بآثارِ مَنْ سَلف وإِنْ رَفَضَكَ الناس، وإِيَّاك وآراءَ الرجال وإِنْ زَخْرَفُوها لكَ بالقَول؛ فإِنَ الأمْرَ يَنْجلي وأَنتَ عَلى طريقٍ مُستقيم)(1) .

11 -

قال أَيوب السِّخْتياني رحمه الله تعالى:

(مَا ازْدَادَ صَاحِبُ بِدْعة اجْتِهادا إِلا ازْدادَ مِن اللهِ بُعْدا)(2) .

12 -

قال حسان بن عطية رحمه الله تعالى:

(مَا ابْتدَعَ قومٌ بِدْعةَ في دينهم إِلا نُزِعَ مِنْ سُنتِهِم مثلُها)(3) .

13 -

قال محمد بن سيرين رحمه الله تعالى:

(كانوا يَقولون: ما دامَ عَلَى الأَثَر؛ فَهُوَ عَلَى الطَريقِ)(4) .

14 -

قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى:

(البِدْعَةُ أَحَب إِلى إِبْليسَ مِن المعصيَة، المعصيَةُ يُتَابُ منها، والبِدْعَةُ لا يتُابُ منها)(5) .

15 -

قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: (لِيَكُنِ الذي تَعْتَمدُ عَليه الأَثَر، وَخُذْ مِن الرَّأْيِ مَا يُفسّر لكَ الحديث)(6) .

(1) أخرجه الخطيب في: " شرف أصحاب الحديث ".

(2)

" البدع والنهي عنها " لابن وضاح.

(3)

رواهما اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ".

(4)

رواهما اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ".

(5)

أخرجه البغوي في: " شرح السنة ".

(6)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى ".

ص: 206

16 -

قال الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى:

(كلُّ مَسْأَلَة تَكلّمْتُ فيها بخلافِ السنة؛ فَأنا راجعٌ عنها؛ في حَياتي وبَعْدَ ممَاتي)(1) .

وعن الربيع بن سليمان، قال: روى الشافعي يوما حديثا، فقال له رجلٌ: أتأخذ بهذا يا أبا عبد الله؛ فقال: (مَتى ما رَوَيتُ عَن رَسُولِ اللهِ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حَديثا صحيحا؛ فَلم آخذْ بهِ؛ فأشهْدكُم أَن عَقلي قَدْ ذهَب)(2) .

17 -

عن نوح الجامع، قال: قلت لأبي حنيفة رحمه الله: ما تقول فيما أَحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؛ فقال: (مقالاتُ الفَلاسفة، عَليكَ بالأَثرِ وطريقةِ السلفِ، وإِياكَ وكل محدثة؛ فإِنها بدعة)(3) .

18 -

قال الإِمام مالك بن أَنس رحمه الله تعالى: (السنَّة سَفينةُ نوح مَن رَكبَها نجَا ومَن تَخَلّفَ عنَها غَرِقَ)(4) .

وقال: " لو كان الكَلامُ علما لَتَكلّم فيه الصَّحابةُ والتابعُون كما تَكلموا في الأَحكامِ؛ ولكنهُ باطل يَدُل عَلَى باطِل) (5) .

وعن ابن الماجشون، قال: سمعت مالكا يقول:

(1) أخرجهما الخطيب في " الفقيه والمتفقه ".

(2)

رواه ابن بطة في " الإبانة ".

(3)

أخرجهما الخطيب في " الفقيه والمتفقه ".

(4)

" مفتاح الجنة في الاعتصام بالسنة " للسيوطي.

(5)

البغوي في " شرح السنة ".

ص: 207

(مَن ابْتَدَعَ في الإِسلام بدعة يَراها حَسَنة؛ فَقَدْ زَعَمَ أَن مُحمّدا - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خانَ الرّسالةَ؛ لأَن اللهَ يقولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] فما لَم يَكُنْ يَوْمَئذ دينا فَلا يكُونُ اليَوْمَ دينا)(1) .

19 -

قال الإِمام أَحمد بن حنبل؛ إِمام أَهل السُّنَّة رحمه الله: (أصولُ السنَّة عنْدَنا: التمسك بما كان عَليه أَصْحاب رَسُول الله- صلى الله علَيه وعلى آله وسلَّم- والاقْتداءُ بهم، وتَرك البدَع، وكل بدعة فهيَ ضَلالة)(2) .

20 -

وعن الحسن البصري - رحمه الله تعالى- قال: (لو أَن رجُلا أَدركَ السلفَ الأَولَ ثم بُعثَ اليومَ ما عَرَفَ من الإِسلام شيئا- قال: ووضع يده على خدِّه ثم قال: - إِلّا هذه الصلاة- ثم قال: - أَما والله ما ذلكَ لمن عاشَ في هذه النكراء ولم يدرك هذا السلف الصالحَ؛ فرأى مبتدعا يدعو إِلى بدعته، ورأى صاحبَ دنيا يدعو إِلى دنياه؛ فعصمهُ الله من ذلكَ، وجعلَ قلبهُ يحنّ إِلى ذلك السَّلف الصالح يَسْأَلُ عن سبيلهم، ويقتص آثارهُم، ويَتّبعُ سبيلهُم، ليعوض أَجرا عَظيما؛ فكذلك فكونوا إِن شاء الله)(3) .

(1)" الاعتصام " للإِمام الشاطبي.

(2)

رواه اللالكائي في: " شرح أصول أهل السنة ".

(3)

" البدع والنهي عنها " لابن وضاح.

ص: 208

21 -

وما أَجمل قول العالم العامل الفضيل بن عياض - رحمه الله تعالى- حيث قال: (اتبعْ طُرقَ الهُدى ولا يَضرك قلَّةُ السالكينَ، وإِياكَ وطُرُقَ الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين)(1) .

22 -

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لمن سأله عن مسألةٍ، وقال له: إِن أَباك نهى عنها: (أأَمْرُ رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم- أَحَق أَنْ يتبعَ، أَو أَمرُ أَبي؟!)(2) .

فكان- رضي الله عنه من أَشد الصحابة؛ إِنكارا للبدع، واتباعا للسنة؛ فقد سمع رجلا عطس، فقال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، فقال له ابن عمر:(ما هَكذا علمنا رَسولُ اللهِ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بل قال: «إِذا عَطَسَ أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَحْمد اللهَ» ولم يَقلْ: وليُصل عَلَى رَسُولِ اللهِ)(3) .

23 -

وقال ابن عباس رضي الله عنهما لمن عارض السنة؛ بقول أَبي بكر وعمر رضي الله عنهما: (يُوشكُ أَنْ تَنزلَ عَليكُم حِجارة من السماءِ؛ أَقولُ لَكُم:

(1)" الاعتصام " للإِمام الشاطبي.

(2)

" زاد المعاد " لابن القيم.

(3)

أخرجه الترمذي في: " سننه "، بسند حسن.

ص: 209

قالَ رسولُ الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلمَّ- وتقُولونَ: قالَ أَبو بكر وعُمر) (1) .

وصدق ابن عباس رضي الله عنهما في وصفه لأَهل السنة، حيث قال:(النظرُ إِلى الرَّجُلِ من أَهْل السُّنة؛ يَدْعو إِلى السنة، ويَنهَى عن البدعةِ)(2) .

24 -

قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى:

(إِذا بَلغكَ عن رجُلٍ بالمشرق؛ أَنه صَاحبُ سُنة فابعثْ إِليه بالسلام؛ فقد قل أَهل السنَّة)(3) .

25 -

قال أَيوب السختياني رحمه الله تعالى:

(إِنِّي لأخْبَرُ بموتِ الرجُلِ من أَهلِ السنة؛ فكأنِّي أَفقدُ بعضَ أَعضائي)(4) .

26 -

قال جعفر بن محمد، سمعت قتيبة رحمه الله يقول:(إِذا رأَيتَ الرجُلَ يُحبُّ أَهلَ الحديثِ؛ مثل يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، وأَحمد بن حنبل، وإِسحاق بن راهويه. . . وذكر قوما آخرين؛ فإِنَّهُ على السنة، ومَن خَالفَ هؤلاء فاعلَم أَنَّه مبتدع)(5) .

(1) رواه عبد الرزاق في: " المصنف " بسند صحيح.

(2)

رواها اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة ".

(3)

رواها اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة ".

(4)

رواها اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة ".

(5)

رواها اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة ".

ص: 210

27 -

قال إِبراهيم النخعي رحمه الله تعالى:

(لو أَن أَصْحابَ مُحمّدٍ مَسَحُوا عَلَى ظُفرٍ لما غَسَلته؛ التماس الفضل في اتِّباعهمْ)(1) .

28 -

عن عبد الله بن المبارك رحمه الله قال:

(اعْلَمْ- أي أَخي- أَن الموتَ اليومَ كرامة لكلِّ مسلم لقيَ اللهَ عَلى السنة، فإنا لله وإِنَّا إِليه راجعون؛ فإِلَى اللهِ نَشكو وَحْشتَنا، وذهابَ الإِخوان، وقلةَ الأعوانِ، وظهورَ البدع، وإِلى الله نَشكو عَظيمَ ما حل بهذهِ الأمةِ من ذهاب العلماء، وأَهل السنة، وظُهور البدع)(2) .

29 -

قال الفضيلُ بن عياض رحمه الله تعالى:

(إِنَ لله عبادا يُحْي بهم البلادَ؛ وهُم أَصْحابُ السنة)(3) .

30 -

وما أَصدق قول الإمام الشافعي ووصفه- رحمه الله تعالى- لأَهل السُّنَّة، وهو يقول:(إِذا رأَيتُ رَجُلا من أَصْحاب الحديث فكأَنِّي رأَيتُ رَجُلا من أَصْحاب رسُولِ الله صلَّى الله عليهَ وعلى آله سلم)(4) .

(1) رواه أبو داود في: " سننه ".

(2)

" البدع والنهي عنها " لابن وضاح.

(3)

رواه اللالكائي في: " شرح أصول اعتقاد أهل السنة ".

(4)

أخرجه الخطيب في: " شرف أصحاب الحديث ".

ص: 211

31 -

ووضع الإِمام مالك رحمه الله قاعدة عظيمة؛ تُلخص جميع ما ذكرناه من أَقوال الأَئمة، وهي قوله:(لَنْ يَصْلُحَ آخرُ هَذهِ الأمةِ إِلَاّ بما صَلُحَ بهِ أَوَّلها؛ فَمَا لَمْ يَكُنْ يوْمئذ دينا لَا يَكُونُ اليَوم دِينا)(1) .

هذه هي أَقوال بعض أَئمة السَّلف الصالح من أَهل السُّنَّة والجماعة، وهم أَنصح الخلق، وأَبرهم بأُمتهم، وأَعلمهم بما فيه صلاحهم وهدايتهم، يوصون بالاعتصام بكتاب الله تعالى، وسُنة رسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ويُحذِّرون من مُحدثات الأُمور والبدع، ويخبرون- كما علمهم النبي- صلى الله عليه وسلم بأَنَّ طريق الخلاص وسبيل النجاة؛ هو التمسك بسنة النبي وهديه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(1) انظر: " الشفا " للقاضي عياض، ج 2، ص 88.

ص: 212