الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقليل معدل الادخار للفرد، وهذا مؤذن بعدم الاستقرار، باشغال الذمة بالديون.
زيادة حجم الديون علي الفرد كلما تأخر عن التسديد، لتضاعف غرامة التأخير:" الفوائد الربوية " للبنك مصدر البطاقة.
استغلال بعض أصحاب المتاجر للبطاقة، بتحميلها مبالغ لم يتم شراؤها.
من أعظم مخاطرها: احتمال سرقتها، ثم سوء استغلالها من لاقطها.
ومن أشد هذه المضار علي الدول النامية، كدول العالم الإسلامي، وهي دول استهلاكية، أن استخدام البطاقة الائتمانية، يجر علي مستخدميها سيلاً من الديون، لقاء الغرامات:" فوائد التأخير " المتضاعفة بتضاعف التأخير: "الربا المركب ". ففي وقت يسير يصبح العميل " حامل البطاقة " مثقلاً بالديون المتراكمة للبنوك، لانتهاء مديونية هذه البطاقة للبنك المصدر لها، وتضاعف غرامات التأخير عليه.
وأخيرا فهذا الاتجاه يستنفذ دعائم الاقتصاد الوطني، والقطاعات المنتجة فيه، مما ينعكس سلباً علي مستوي حياة الأفراد، والحياة الاقتصادية.
المبحث التاسع: حكمها
(1)
قبل الدخول في بيان حكمها لابد من بيان الآتي:
أولاً: قبل بيان الحكم تفصيلاً ينبغي أن يصدر حكم إجمالي من واقع التصور لها، حلا أو حرمة، حسب مواصفات البطاقة العامة، وشروطها وجوداً أو عدماً.
ثانياً: ينبغي أن يصدر علي كل بطاقة حكم يخصها حسب شروط ومواصفات إصدارها بكليتها، ومجموعها.
ثالثاً: يلاحظ أن بعض الباحثين يفكك العقد إلي مراحل وإلي جزئيات، ويخرج في الآخر إلي تسليكه في المباح.
والمتعين إخراج الحكم علي هذه العملية: " بطاقة الائتمان " بجميع شروطها، ومواصفاتها، ومراحلها، وأنها مترابطة ترابط الروح بالبدن.
رابعاً: على الفقيه أن يأخذ في الاعتبار أموراً:
(1) - مجلة المجمع: 7/365، 392- 395، 408-410، 659، 8/649، 652، 659.
أ – أن " القرض الحسن " ليس من خلق البنوك التجارية الربوية، والمتعين علي من نور الله بصيرته أن يكف نفسه عن المغالطة حتى لا تجره إلي الغلط في الحكم.
ب – وأن البنوك التجارية الربوية، إنما قامت علي تسمين مواردها بالتعامل بالربا تحت شعار:" الفوائد، الغرامات، الرسوم " وأن البطاقة الائتمانية ولدتها البنوك، كوسيلة مغرية لفتح موارد ربوية جديدة تصب في جيب البنك.
ج – ليس المراد من بحث الفقيه لهذه النازلة، أن يبحث لها عن وجوه الاعتذار، ويخرجها علي الإباحة من أطراف الخلاف وإن كان شاذاً، فإن هذا أقرب إلى مواطن الإثم من الثواب، وإنما المراد أن ينزلها علي ما يصح فهمه من الشرع المطهر.
خامساً: لا يغيب عن نظر الفقيه: أن الأصل الشرعي هو: الحل في المعاملات والشروط. وهذا من محاسن الشريعة، وسعتها، ويسرها لعباد الله.
سادساً: أن أي معاملة أو شرط فيها لا تنتقل من هذا الأصل: " الحل " إلا إذا كان فيها ظلم للطرفين أو مضرة، أو لأحدهما، باشتمالها علي محرم شرعاً، أكلا لأموال الناس بالباطل، وأن كل معاملة تنقل عن هذا الأصل، وتحوله إلي قالب التحريم، لابد وأن تعود إلي واحدة من قواعد التحريم الثلاث، وهي:
تحريم الربا. ومنه: كل قرض جر نفعاً فهو رباً.
تحريم التغرير. ومنه النهي عن تلقي الركبان، والنجش، وبيع المصراة، والمعيب، والتدليس.
تحريم الغرر، إما بالعجز عن تسليمه، كالشارد، والآبق، أو لعدمه حين العقد كحبل الحبلة، أو لجهالته كلياً، أو جهالة جنس، أو جهالة مقدار. ومن عقود الغرر: التأمين التجاري بضروبه وأشكاله.
الحكم الكلي:
وهو في قواعد.
القاعدة الحكمية الأولي:
أن كل بطاقة لها غطاء كامل من مال حاملها فلا تسمح بالسحب الفوري، ولا التحويل الآلي إلا على حسابه، ورصيده لدى مصدرها، فهي بهذا الوصف جارية علي الأصل الشرعي: الحل والجواز.
وهذا حكم النوع الأول من: " البطاقات ": " بطاقة الصرف الآلي " وهذا النوع من البطاقات بهذا الوصف، ليس محل بحث هنا، لعدم وجود أي شائبهة تعتري الأصل وهو " الحل " ما لم يحصل لها شرط، أو وصف إضافي ينقلها من الحل إلي المنع، ويحولها إليه، وقد تقدم بيانه مع التنبيه المتقدم في معرفة تأثير: أن البنك يستثمر الرصيد، ويستفيد منه الفوائد الربوية؟؟.
القاعدة الحكمية الثانية:
أن بطاقة الائتمان بوضعها العام المعروف عالمياً والمحتوية علي شروط ومواصفات قطعية التحريم، مثل: غرامات التأخير، والخصم الذي يقتصه البنك - المصدر لها - من فاتورة التاجر الموقعة من العميل، وتوفير قدر من المنافع لحاملها كالتخفيض، والخدمات الأخري، هذه " البطاقة الائتمانية ". محرمة شرعاً، لا يمكن قبولها، ولا تسويغها بالنظر الشرعي (1) .
وحقيقتها: وعد بعقد بيع مركب من ثلاثة أطراف فيه معني الإدغال يتضمن بيع دراهم بفوائد معجلة وفوائد حال التبادل، وفوائد أخرى للتأخير متضاعفة كلما تضاعف الأجل، فهو عقد ربوي منتهاه: السير علي السياسة المالية التي قامت عليها البنوك الربوية: " الإقراض بفوائد " ولا يسوغ فكه إلي عقدين، ولا تكييفه بوكالة، أو حوالة، أو كفالة، أو جعالة، إذ لا ينطبق عليه أي واحد من حدود هذه العقود.
القاعدة الحكمية الثالثة:
في حكم المدفوعات المالية في هذا العقد (2) .
وهي أحد عشر نوعاً، منها تصب في جيب البنك – المصدر للبطاقة – وواحد من البنك لوكيله- المؤسسة الوسيطة- في ترويج البطاقة، وإجراء عقدها مع العملاء.
(1) مجلة المجمع: 7/670- 671. قول الشيخ / مصطفي الزرقاء: " لا شك أن بطاقة الائتمان بوضعها العام المعروف عالمياً، لا يمكن قبولها، وتسويغها بالنظر الشرعي في كل أحكامها المعروفة 000".
(2)
- مجلة المجمع:/ 7/ 365-368، 389-394.
وهذه المدفوعات العشرة إلي البنك، منها ثمانية من حاملها، وهي: خمسة رسوم: رسوم إصدار، وتجديد بعد انتهاء المدة، وتجديد قبل انتهائها، واستبدال، وتكاليف تحصيل الشيكات المسدد بها.
والسادس: فوائد، وهي غرامة التأخير عن التسديد لمدة شهر مثلاً، ثم هي متضاعفة كلما تضاعف التأخير.
والسابع: تحقيق دخل آخر من خدمات مساندة لحاملي هذه البطاقة.
والثامن: فروق سعر العملات عند التسديد بالعملة المحلية عن العملة المسجلة.
ودفعان اثنان من التاجر إلى البنك، وهما: حسم نسبة من ثمن فواتير الشراء للبنك، ورسم اشتراك يدفعه التاجر للبنك لقاء تسجيلة في دليل خدمة عملاء البطاقة.
وإذا عرف مجمل المدفوعات هذه، وأن البنوك التجارية إنما قامت علي " القرض الربوي ":" القرض بفائدة " وأن البنوك التجارية، ليس من طبيعتها " القرض الحسن "، وأنه يستحيل أن تنصر أموالها على ملايين البشري مسخرة مجموعة من الأقسام الوظيفية، ومئات من أجهزة الصرف، والتحويل، ليحوز الواحد بطاقة ائتمان " ولا رصيد له " ويسحب بها من أموال البنوك، قاصداً مصلحة حاملها، مغفلاً نجاحاً في تدفق السيولة إليها، وأن حقيقة هذه البطاقة إنما هي:" عملية امتصاص " لما في جيب حاملها، بل وسيلة إغراء لسحب أمواله، وإثقال ذمته بديون مستقبليه تقضي علي مدخراته لسنين مقبله، ولهذا تجد التنبيه يتلوه التنبيه من اندفاع حاملها بالسحب، لا سيما في بلاد الغربة، إذا عرف هذا فاعلم أن " فوائد التأخير " هي محرمه من ربا الجاهليه:" إما أن تقضي وإما أن تربي " وهذا محل إجماع لا يجوز فيه الخلاف.
وأن " فوائد الحسم من فاتورة التاجر لصالح البنك مصدر الطاقة " هي في حقيقتها: " فوائد ربوية معجلة " مقابل إقراض البنك لحامل البطاقة، مأخوذة من التاجر، فهو:" إقراض ربوي مستتر ".
فعادت العملية إلي العنصر الذي قامت عليه البنوك: " القرض بفائدة " لكنها بطريقة ذكية، فيها قلب وإبدال، وإغراء، ومكر، وخداع، ولعب بعقول الأفراد حتى المفلسين، واستحواذ علي السوق، وتحيل الناس إلي أبواب البنوك مأسورين بالديون، وتتابع التسديد والبنك يضاعف غرامة التأخير، وإذا تحقق لدي الناظر أن حقيقة هذه البطاقة " وعد بقرض بفائدة " معجلة وفوائد تأخير متعاقبة، عرفت أنه لا وجه لتكييفها لدي بعض الباحثين بأنها عقد وكالة، أو ضمان، أو كفالة أو حوالة 000 وإنما هي:" وعد بقرض " فكلما اقترض اقتصت الفائدة منه عن طريق التاجر، فلسان حال البنك يقول: لا تكن أيها التاجر شريكاً في البيع علي حاملي البطاقة إلا بشرط أن تدفع عنه فائدة القرض، ولسان حال حاملها يقول للتاجر: أنا أشتري منك وأحيلك بالثمن علي البنك، بشرط أن تدفع فائدة القرض للبنك فاتضحت الصورة تماماً أنه لا يقع " ريال واحد " في يد حاملها إلا بفائدته في يد البنك، فهذا:" القرض بفائدة " وحالاً في يد البنك، " القرض بفائدة " وهو عين الربا.
حينئذ صار حاملها في قبضة البنك، لينفذ فيه الوعيد بالغرامة، إذا تأخر عن التسديد، ثم مضاعفتها كلما تأخر عن التسديد. ثم سحبه إلي دائرة الحقوق للتنفيذ، فإن سدد، وإلا فإلى مأوي الغارمين.
عندئذ يظهر جلياً أن: " الرسم الخفيف ": " 400 ريال " لإصدار البطاقة، و " الرسم الخفيف " بنحوه عند تجديدها إلي آخر الرسوم الخمسة، جميعاً رسوم للتغرير، والأغراء بهذه البطاقة، التي في حقيقتها تحمل تحويلاً إلي:"المعاملات المحرمة": " القرض بفائدة " ثم إلى تراكم مديونيته للبنك.
ثم فيها: " غرر وجهالة " إذ في حال عدم استعمالها يفوت عليه هذا المبلغ بدون جدوى.
وعليه: فلا وجه لتكييف هذه الرسوم والبحث عن تخريجها، بأنها مقابل التكاليف الإدارية.
المنافع الأخري،،
أما المنافع الأخري فهي:
" التأمين علي الحياة " لحامل البطاقة. وقد صدرت القرارات الفقهية بتحريمه؛ لبنائه علي الغرر والمخاطرة، والجهالة، والمقامرة.
- " الجوائز والهدابا " وقاعدة الشريعة: كل قرض جر نفعاً فهو رباً.
- " المنافع والتسهيلات المعنوية " وهي داخلة في قاعدة الشريعة المذكورة، إذ هي شاملة لكل نفع مادي، أو معنوي، فكل قرض جر إليها فهو رباً محرم شرعا ً.
والخلاصة عندي:
أن: " بطاقة الائتمان " بأنواعها: فيزا، أمريكان إكسبريس، ماستركارد، أو غيرها، جميعاً في حقيقتها عقد ربوي، مبني علي الاستتار بالبطاقة التي اتفقت أطرافها الثلاثة أو الأربعة على:(التعاون علي الإثم والعدوان وأكل الربا) . والله سبحانه يقول: (وأن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل) وهنا خانوه من قبل بالقرض بالفائدة علناً دون تغليفها: " ببطاقة ائتمان " ثم غلفوه بما يسمي: "بطاقة الائتمان" وكلاهما تحايل علي انتهاك محارم الله، وقد صب الله غضبه ولعنته علي من استحل محارمه بالحيل من اليهود فقال سبحانه:(فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع علي خائنة منهم) . الآية.
وإذا كان الحال كذلك، وأن نظام منظمات الخدمات المصرفية لا تعارض البنك العضو فيها من إصدار البطاقة الائتمانية، بما لا يتعارض مع نظامه الداخلي، فإن الفرصة مفتوحة للمصارف الإسلامية في إصدار " بطاقة ائتمان " تتفق عليها جميعاً بفتوي علماء الشريعة الموثوق بعلمهم، ودينهم، وخبرتهم، وبصيرتهم، وفي هذا أجر عظيم وخير كثير في تصحيح معاملات المسلمين، وحمايتهم من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولينابذوا بطاقة الائتمان الربوية النكداء:
ألق الصحيفة يا فزردق لا تكن
…
...
…
... نكداء مثل " صحيفة المتلمس "
والحمد لله رب العالمين.
…
...
…
...
…