المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

السابعة: يشفع في رفع درجات أقوام وزيادة نعيمهم، كما في - إثبات الشفاعة للذهبي

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: السابعة: يشفع في رفع درجات أقوام وزيادة نعيمهم، كما في

السابعة: يشفع في رفع درجات أقوام وزيادة نعيمهم، كما في حديث أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم دعا لأبي سلمة لما قبض، فقال:((اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين)) ، وذكر الحديث.

أخرجه مسلم.

‌فصل

قال أبو الحسن الأشعري: الحق أن نبينا صلى الله عليه وسلم مخصوص من بين الأنبياء بالشفاعة في المذنبين من أمته، الذين ماتوا بلا توبة. فشفاعته للمذنبين بالتجاوز عن ذنوبهم، وللتائبين بقبول توبتهم، وللمحسنين بالزيادة في نعيمهم.

فأما المعتزلة، فعندهم أن شفاعته إنما هي رفع الدرجات وزيادة الثواب فقط، قال في أصولهم الفاسدة: القول بإنفاذ الوعيد وبإحباط أعمال أهل الكبائر وبتخليدهم في النار. نعوذ بالله من البدع ومن رد النصوص المتواترة في الشفاعة.

فأما الأحاديث التي لا تنحصر كثرة، فمنها:

ص: 22

‌أحاديث أنس

1-

فروى هشام عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجمع المؤمنون، فيهتمون لذلك اليوم، ويقولون: لو استشفعنا إلى ربنا

⦗ص: 23⦘

حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم)) . وذكر الحديث بطوله، إلى أن قال:((فيأتوني فأنطلق معهم، فأستأذن على ربي، ويؤذن لي عليه، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع. فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أحد لهم حداً فأدخلهم الجنة، ثم أرجع الثانية، فأستأذن على ربي، فأقع له ساجداً، ثم يقول: سل تعطه، فأحد لهم حداً ثانياً، فأدخلهم الجنة ثم أرجع الثالثة. فكذلك حتى أرجع، فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من وجب عليه الخلود)) .

متفق عليه.

ص: 22

2-

أبو عوانة: عن قتادة، عن أنس مرفوعاً:((يجمع الناس يوم القيامة، فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعتا على ربنا عز وجل. فيأتون آدم، فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته)) .

وذكر الحديث نحو حديث هشام بن أبي عبد الله، وفيه:((فيحد لي حداً، فأدخلهم الجنة)) . وزاد فيه: ((فيخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرة من الخير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه ذرةٌ من خير)) .

متفق عليه أيضاً.

ص: 23

3-

حماد بن زيد: حدثنا معبد بن هلال، قال: اجتمع ناس من أهل البصرة، فذهبنا إلى أنس بن مالك ومعنا ثابتٌ البناني نسأله عن حديث الشفاعة، فأتيناه في قصره، فوافقناه يصلي الضحى، فأستاذنا عليه، فأذن لنا، فأقعد ثابتاً معه على فراشه، فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا كان يوم

⦗ص: 24⦘

القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم عليه السلام، فيقولون: اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن عز وجل، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى؛ فإنه كليم الرحمن، فيأتون موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى؛ فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأنطلق فأستأذن على ربي، فيؤذن لي عليه، فيلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي. فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرةٍ -أو قال: خردلةٍ- من إيمان، فأنطلق وأفعل، ثم أرجع فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعط، وقل تسمع، واشفع تشفع. فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردلة من إيمان، فأخرجهم من النار)) .

فلما خرجنا من عند أنس، قلت لبعض أصحابنا: لو زرنا الحسن -وهو يومئذٍ متوارٍ- فأتيناه، فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أنس، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة! قال: هيه، فحدثناه الحديث، فقال: لقد حدثنيه منذ عشرين سنة وهو جميعٌ، فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا؟ قلنا: يا أبا سعيد، حدثنا. فضحك وقال: خلق الإنسان عجولاً! إني لم أخبركم إلا وأنا أريد أن أحدثكم. حدثني كما حدثكم، ثم قال:((أعود في الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله. فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي، لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)) .

متفق عليه.

⦗ص: 25⦘

هكذا أخرجاه. وفيه نوع اختصار -كما ترى- وانتقال من ذكر شفاعة الموقف إلى الشفاعة في عصاة المسلمين.

ص: 23

4-

الليث بن سعد: عن ابن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأول الناس تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأنا أول من يدخل الجنة ولا فخر. آتي باب الجنة، فآخذ بحلقها، فيقولون: من هذا؟ فأقول: محمد، فيفتحوه لي، فأدخل فإذا الجبار عز وجل مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، واشفع تشفع. فأقول: أمتي أمتي، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبةٍ من شعيرة من إيمان فأدخله الجنة. فأقبل، فمن وجدت في قلبه ذلك فأدخلهم الجنة، فإذا الجبار مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد. فأقول أمتي أمتي يا رب، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه نصف شعيرة من الإيمان فأدخلهم الجنة، فأذهب فمن وجدت في قبله مثقال ذلك فأدخلتهم الجنة، فإذا الجبار مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وقيل يسمع منك، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي أمتي، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبة خردلٍ من الإيمان، فأدخله الجنة، فأذهب فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك، أدخلتهم الجنة. وفرغ ربك من حساب الناس، وأدخل من بقي من أمتي النار مع أهل النار، فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله لا تشركون به شيئاً، فيقول الجبار: فبعزتي لأعتقنهم من النار، فيرسل إليهم، فيخرجون وقد امتحشوا،

⦗ص: 26⦘

فيدخلون في نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في غثاء السيل، ويكتب بين أعينهم: هؤلاء عتقاء الله عز وجل. فيذهب بهم، فيدخلون الجنة، فيقول لهم أهل الجنة: هؤلاء الجهنميون. فيقول الجبار عز وجل: هؤلاء عتقاء الجبار)) .

هذا الحديث صحيح غريب، أخرجه أحمد في ((مسنده)) عن اثنين، عن ليث.

ص: 25

5-

معتمر بن سليمان عن أبيه: عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كل نبي قد سأل سؤالا)) -أو قال-: ((لكل نبي دعوةٌ قد دعا بها [فاستجيب] ، واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة)) .

أخرجه مسلم، والبخاري تعليقاً، فقال: قال معتمر.

ص: 26

6-

شعبة: عن قتادة، سمع قال (1) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل نبي

⦗ص: 27⦘

دعوة تستجاب له في أمته، وإني ذخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة)) .

أخرجه مسلم.

(1)[[هكذا في المطبوع، ولعل الصواب: سمع انساً، أو: عن أنس قال]] .

ص: 26

7-

همام: حدثنا قتادة عن أنس مرفوعاً، قال:((يخرج قوم من النار عندما يصيبهم منها سفعٌ فيدخلون الجنة، فيسميهم أهل الجنة الجهنميين)) .

أخرجه البخاري.

ص: 27

8-

حرب بن ميمون: حدثنا النضر بن أنس، عن أنس، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: خويدمك أنس، اشفع له يوم القيامة. قال:((أنا فاعلٌ)) . قال: فأين أطلبك؟ قال: ((اطلبني أول ما تطلبني عند الصراط، فإن وجدتني وإلا فأنا عند الميزان، فإن وجدتني، وإلا فأنا عند حوضي، لا أخطئ هذه الثلاث مواطن)) .

حرب: هو أبو الخطاب. كذا كناه في هذا الحديث بدل بن المحبر ورواه أيضاً حرمي عن ابن حفص، وهو صدوق خرج له مسلم. والحديث إسناده جيد.

ص: 27

9-

أنس بن عياض: حدثني يوسف بن أبي ذرة الأنصاري، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما من معمر [يعمر] في الإسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه [ثلاثة أنواع من البلاء] : الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين [سنة] ، لين الله عليه الحساب، فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب، فإذا بلغ السبعين أحبه الله وأحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين تقبل الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ويسمى أسير الله في الأرض ويشفع في أهل بيته)) .

أخبرناه محمد بن حسين القرشي، حدثنا محمد بن عماد، حدثنا ابن رفاعة، حدثنا الخلعي، حدثنا عبد الرحمن بن عمر البزاز إملاءً، حدثنا أبو الطيب الحسن بن محمد بن إبراهيم البرمكي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض، فذكر الحديث.

أخرجه أحمد في ((مسنده)) .

⦗ص: 29⦘

ويوسف، قال يحيى: لا شيء، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال.

ص: 28