الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فساد للارواح والقلوب والنفوس والاذهان لانه صوت احمق فاجر ملعون في الدنيا والآخرة وهو صوت الشيطان وقرآنه ورقية الزنا ومنبت النفاق في القلوب وجالب الشياطين ومبعد الملائكة وصنو الخمر في الصد عن ذكر الله وعن الصلاة. الى غير ذلك من صفاته الذميمة وما كان كذلك فهو شر محض.
(فصل)
واما قوله وهو بعد متعة مشروعة لا يأباها الدين ولا تنكرها الشريعة ما دام لا يكتنفه رفث ولا فسوق ولا شراب.
فجوابه من وجوه:
احدها ان ما زعمه من كون الغناء متعة مشروعة قول باطل معلوم البطلان بالضرورة من الدين. وكيف يكون الغناء متعة مشروعة والله تبارك وتعالى قد ذمه في مواضع من كتابه وتوعد من اختاره بالعذاب المهين. وكذلك قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه الصوت الاحمق الفاجر واخبر انه صوت ملعون في الدنيا والآخرة.
الوجه الثاني ان يقال انما يتمتع بالغناء الفساق الذين لا يبالون بارتكاب المحرمات. وقد تقدم قول مالك وابراهيم بن المنذر الحزامي في ذلك.
والذي شرع هذه المتعة للفساق هو ابليس وأولياؤه. وقد روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما انه ذكر عن اهل الجاهلية الاولى ان ابليس صنع مزمارا فانتابه الناس يستمعون اليه وصار ذلك سببا لتبرج النساء للرجال وظهور الفاحشة فيهم.
وذكر ابن جرير ايضا ان الذي اتخذ الملاهي رجل من ولد قابيل يقال
له ثوبال اتخذ في زمانه مهلائيل بن قينان آلات اللهو من المزامير والطبول والعيدان فانهمك ولد قابيل في اللهو وتناهى خبرهم الى من بالجبل من نسل شيث فنزل منهم قوم وفشت الفاحشة وشرب الخمر.
الوجه الثالث ان في كلام صاحب النبذة كذبا ظاهرا على الدين والشريعة المحمدية حيث زعم ان الدين لا يأبى الغناء وان الشريعة لا تنكره. وقد تقدم من الآيات والاحاديث ما يكفي في رد قوله.
وقد وردت الادلة الكثيرة من الكتاب والسنة بتحريم الغناء والمعازف. وجاء في ذلك آثار كثيرة عن الصحابة والتابعين وتابعيهم وعن الائمة الاربعة وغيرهم من العلماء. وحكى غير واحد الاجماع على ذلك وقد ذكرت ذلك مستقصى في كتابي «فصل الخطاب في الرد على ابي تراب» فليراجع هناك ففيه رد لقول صاحب النبذة ان الغناء متعة مشروعة لا يأباها الدين ولا تنكرها الشريعة. ونكتفي ههنا بايراد حديثين صحيحين في ذلك. احدهما ما رواه البخاري في صحيحه والاسماعيلي والطبراني وابن حبان والبيهقي وغيرهم عن عبد الرحمن بن غنم الاشعري رضي الله عنه قال حدثني ابو عامر او ابو مالك الاشعري رضي الله عنه والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» وهذا الحديث واضح في تحريم الغناء لان الاستحلال انما يكون للشيء المحرم. وقد قرن استحلاله باستحلال الزنا وشرب الخمر ولبس الحرير في حق الذكور وهذا يدل على غلظ تحريمه.
والمعازف جمع معزف ويقال ايضا معزفة بكسر الميم وفتح الزاي فيهما قال الجوهري المعازف الملاهي والعازف اللاعب بها والمغني وقد عزف
عزفا. وقد تقدم قول ابي زبيد:
وكان العزيف فيها غناء
…
للندامى من شارب مسمود
قال ابن حجر العسقلاني ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف.
الثاني ما رواه الامام احمد وابن ابي شيبة والبخاري في التاريخ الكبير وابن ماجه في سننه وابن حبان في صحيحه عن عبد الرحمن بن غنم الاشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليشربن ناس من امتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الارض ويجعل منهم القردة والخنازير» .
وهذا الحديث يدل على تحريم الغناء واستعمال المعازف والاستماع اليها وان ذلك من الكبائر لشدة الوعيد عليه.
الوجه الرابع ان الغناء محرم لذاته سواء اكتنفه رفث او فسوق او شراب او لم يكتنفه. واذا اكتنفه شيء مما ذكر كان اعظم لتحريمه لجمعه بين امرين محرمين.