المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترجمة الشيخ السوركتي - تحقيق الكلام في المسائل الثلاث - ضمن «آثار المعلمي» - مقدمة ٤

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌ترجمة الشيخ السوركتي

‌ترجمة الشيخ السوركتي

(1)

تقدم في أول المقدمة أن سبب تأليف هذا الكتاب سؤال وجهه بعضهم إلى المؤلف عن كتاب المسائل الثلاث للشيخ أحمد السوركتي، فناسب أن نلقي الضوء على طرف من ترجمته فنقول:

هو: الشيخ أحمد بن محمد السوركتي الأنصاري.

ونسبة السوركتي: لقب لأحد أجداده، وهي من لغة أهالي تلك البلاد، ومعناها: كثير الكتب، والسبب: أن جدّه رحل إلى مصر لطلب العلم، وعاد من سفره بكتب كثيرة فلقب بهذا اللقب؛ لأن «سور» عندهم الكتاب، و «كتي» للمبالغة في الكثرة.

ولد الشيخ أحمد في جزيرة أَرْقُو بالولاية الشمالية في السودان عام 1876 م=1294 من أسرة مشهود لها بالورع والصلاح والعلم، حفظ القرآن بخلاوي منطقة دُنْقُلا، ودرس مبادئ الفقه على والده.

ثم رحل إلى الحجاز عام 1897 م في سبيل العلم والمعارف ورغبة في أداء الفريضة. وبعد أداء فريضة الحج أقام في المدينة المنورة أربع سنوات ونصف، درس في هذه المدة علوم القرآن والحديث والفقه واللغة العربية

(1)

من مصادر ترجمته: «حضرموت وعدن وإمارات الجنوب الغربي» (ص 236 - 261)، و «تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد وشيخ الإرشاديين أحمد محمد السوركتي في إندونيسيا» للدكتور أحمد إبراهيم أبو شوك. و «جهود الشيخ أحمد بن محمد السوركتي الأنصاري في الدعوة إلى الله في إندونيسيا» للطالب شفيق ريزا حسن، رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية نوقشت سنة 1428 هـ.

ص: 32

على علماء المدينة، أمثال المحدث عمر بن حمدان المغربي، والفقيه المالكي أحمد بن الحاج علي المجذوب، والعالم اللغوي الشيخ أحمد البرزنجي.

ثم رحل إلى مكة المكرمة وجاور لمدة عشر سنوات حيث واصل طلب العلوم والمعارف النقلية والعقلية على كبار مشايخ الحرم المكي أمثال العلامة أسعد بن عبد الرحمن الدهان، والشيخ محمد بن يوسف الخياط، والشيخ شعيب بن موسى المغربي.

وبعد هذه الأربعة عشرة عامًا ونصف من السياحة في حلقات العلم والمعرفة بالحرمين الشريفين حصل المترجم له على الإجازة العالمية من علماء الحجاز، وقيد اسمه في سجل علماء أم القرى، ثم صودق له بالتدريس في الحرم المكي. وافتتح مدرسة أهلية في مكة وصار لها إقبال منقطع النظير.

وفي سنة 1329 هـ طلبته جمعية خير في جاكرتا لإدارة التعليم في مدرستها، وكان الواسطة لذلك العلامة الشيخ محمد بن يوسف الخياط والعلامة الشيخ حسين بن محمد الحبشي، فسافر السوركتي إلى إندونيسيا وبصحبته معلمون ومندوب جمعية خير: السيد عبد الله بن عبد المعبود الموصلي، ووصل إلى مدينة جاكرتا بصحبة الشيخين محمد الطيب المغربي ومحمد عبد الحميد السوداني في شهر ربيع الأول عام 1329 هـ ثم نزل ثلاثتهم ضيوفا على السادة العلويين الذين رحبوا بمقدمهم باعتبارهم أول هيئة علماء تصل من الأراضي المقدسة للعمل في مدارس جمعية خير.

ص: 33

وفور وصولهم عُين الأستاذ السوركتي مديرًا لمدرسة باكوجان ومفتشًا للتعليم، والشيخ محمد الطيب معلمًا بمدرسة كروكت، والشيخ محمد عبد الحميد بمدرسة بوقور.

لما وصلوا جاكرتا قابلهم السادة العلويون وغيرهم من العرب بكل إجلال واحترام، واحتفلوا بهم احتفالًا بالغًا ..

إلا أن ذلك لم يدم طويلًا ففي السنة الثانية وقعت خلافات بين الشيخ السوركتي وبعض السادة العلويين، واشتد النزاع وطال، وقد دفع هذا النزاع الشيخ السوركتي إلى تقديم استقالته في السادس من سبتمبر سنة 1914 م إلى إدارة جمعية خير.

ويبدو من هذه الاستقالة أن السوركتي كان عازمًا على العودة إلى مكة المكرمة دون الدخول في صراع مكشوف مع السادة العلويين، إلا أن بعض وجهاء الحضارمة غير العلويين ثَنَوه عن هذا المسعى وشجعوه على إتمام المشوار التعليمي والإصلاحي الذي وضع لبناته في إندونيسيا. واستجابة لنداء هؤلاء عدَل السوركتي عن رأيه وفتح مدرسة خاصة في أحد بيوت نقيب العرب عمر بن يوسف منقوش بحارة جاتى، سماها مدرسة الإرشاد الإسلامية.

وهذا هو أول نشوء لجمعية الإصلاح والإرشاد التي كان لها دور كبير بعد ذلك في نشر العلم والأخلاق والعقيدة، وافتُتح لها فروع كثيرة في كافة أرجاء إندونيسيا، وكثر انتفاع الناس بها، ومن أبرز مبادئ هذه الجمعية التي صاغها الأستاذ السوركتي ومن معه ما يلي:

ص: 34

- توحيد الله توحيدًا خالصًا بعيدًا عن مظان الشرك الظاهر والخفي في الاعتقاد والأفعال والأقوال.

- المحافظة على الأخلاق الإسلامية التي جماعها: أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك وتحافظ على عزة النفس وشرف العمل وعدم الخنوع لغير الله.

- المحافظة على العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها وعدم التهاون فيها.

- إحياء السنة الصحيحة وترك البدع وعدم المشايعة لها.

- التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان.

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.

- نشر العلوم الدينية والعصرية واللغة العربية.

وقد أثنى عليها العلامة رشيد رضا في مجلته المنار بقوله: إن جمعية الإصلاح والإرشاد «غرضها إنشاء المدارس ونشر التعليم الديني والمدني الذي تقتضيه حالة العصر من الاستقلال وإحياء هدي الكتاب والسنة ومقاومة الخرافات الفاشية من طرق الابتداع في الدين» .

وقد كان للشيخ السوركتي تأثير بالغ في الحياة العلمية والدينية في إندونيسيا في العصر الحديث، فقد ذكر البروفيسور يوسف الخليفة في مقابلة صحفية أن «أثر الشيخ أحمد سوركتي في إندونيسيا معروف هنالك فهو الذي أيقظ العلماء، حتى طرده الاستعمارُ الهولنديُّ الذي كان يستعمر إندونيسيا.

ص: 35

ويذكر الشيخ محمد عبد الرحيم المؤرخ الذي كان مراسل الشيخ أحمد السوركتي أن الرئيس سوكارنو عندما خرج من السجن وقبل أن يكون رئيسًا لإندونيسيا، زار الشيخ أحمد السوركتي وكان قد فقد بصره فقال له الرئيس سوكارنو:«يؤسفني أن أزورك وقد فقدت بصرك ولكنك فتحت بصائرنا» .

ومن آثاره نجد عددًا من الرسائل العلمية «الماجستير والدكتوراه» قدِّم بعضها إلى الجامعات الغربية وبعضها إلى إندونيسيا.

أهم رسائل السوركتي وفتاويه هي:

1 -

«صورة الجواب» وهو رد على بعض من كتب من السادة العلويين في مسألة الكفاءة في النكاح يقرر فيها الكفاءة الدينية.

2 -

«المسائل الثلاث» وهو الكتاب الذي أيّده وعلق عليه الشيخ المعلمي في كتابنا هذا.

3 -

«أمهات الأخلاق» .

4 -

«الآداب القرآنية» .

وفاته:

توفي الشيخ أحمد السوركتي سنة 1363 هـ في إندونيسيا. رحمه الله وغفر له.

ص: 36